ﰡ
قوله: ﴿ وَإِيَّاكُمْ ﴾ عطف على ﴿ ٱلرَّسُولَ ﴾ وقدم عليهم لأنه المقصود، فلذلك عدل على اتصال الضمير إلى انفصاله، لأنه لو قال: يخرجونكم والرسول لفات هذا المعنى. قوله: (أي لأجل أن آمنتم) الخ، أشار بذلك إلى أن ﴿ تُؤْمِنُواْ ﴾ في محل نصب مفعول له. والمعنى: يخرجنكم من أجل إيمانكم بالله. قوله: ﴿ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ ﴾ أي من مكة. قوله: (للجهاد) أشار به إلى أن جهاداً وما بعده منصوب على المفعول له. قوله: ﴿ تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ ﴾ بدل من تلقون، بدل بعض من كل أو مستأنف، ومفعول ﴿ تُسِرُّونَ ﴾ محذوف قدره بقوله: (إسرار خبر النبي) والباء في ﴿ بِٱلْمَوَدَّةِ ﴾ للسببية نظير ما تقدم. قوله: ﴿ وَأَنَاْ أَعْلَمُ ﴾ الجملة حالية من فاعل ﴿ تُلْقُونَ ﴾ و ﴿ تُسِرُّونَ ﴾.
قوله: (طريق الهدى) أشار بذلك إلى أن ﴿ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ ﴾ مفعول ﴿ ضَلَّ ﴾.
قوله: ﴿ إِن يَثْقَفُوكُمْ ﴾ الخ، كلام مستأنف مبين لوجه العداوة. قوله: ﴿ يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَآءً ﴾ أي يظهروا العداوة لكم. قوله: ﴿ وَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ ﴾ عطف على جملة الشرط، والجزاء فقد أخبر عنهم بخبرين: عداوتهم ومودتهم كفر المؤمنين. قوله: ﴿ لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ ﴾ هذا تخطئة لحاطب في رأيه كأنه قال: لا تحملكم قراباتكم وأولادكم الذين بمكة على خيانة رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، وترك مناصحتهم، ونقل أخبارهم، وموالاة أعدائهم، فإنه لا تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم الذي عصيتم الله لأجلهم. قوله: (من العذاب) متعلق بقوله: ﴿ لَن تَنفَعَكُمْ ﴾.
قوله: ﴿ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ ﴾ إما متعلق بما قبله فيوقف عليه ويبتدأ بيفصل بينكم، أو متعلق بما بعده فيوقف على أولادكم ويبتدأ بيوم القيامة. قوله: (بالبناء للمفعول) أي مع التخفيف والتشديد، وقوله: (والفاعل) أي معهما أيضاً، فالقراءات أربع سبيعات. قوله: (وبينهم) أي الأرحام والأولاد. قوله: (فتكون في الجنة) أي فلا ينبغي موالاة الكفار، لأنه لا اجتماع بينكم وبينهم في الآخرة.
قوله: ﴿ فِي ٱلدِّينِ ﴾ أي لأجل دينكم. قوله: (بدل اشتمال) أي فالمعنى: لا ينهاكم الله عن أن تبروهم، والبر هو الإحسان. قوله: (تفضوا) إنما فسر ﴿ تُقْسِطُوۤاْ ﴾ بمعنى (تفضوا) ليصح تعديته بإلى. قوله: (أي بالعدل) هذا لا يخص هؤلاء فقط، بل العدل واجب مع كل أحد ولو قاتل، فالأولى تفسيره بالإعطاء، أي تعطوهم قسطاً من أموالكم، فعطف القسط على البر، من عطف الخاص على العام. قوله: (وهذا قبل الأمر بجهادهم) يشير بذلك إلى أن الآية منسوخة وقد علمت ما فيه. قوله: (العادلين) أي على تفسير القسط بالعدل، وعلى تفسير القسط بالإعطاء، فالمراد بالمقسطين المحسنون. قوله: ﴿ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ ﴾ أي وهم أهل مكة. قوله: (بدل اشتمال) أي إنما ينهاكم الله عن أن توالوهم. قوله: ﴿ ٱلظَّالِمُونَ ﴾ فيه مراعاة معنى من بعد مراعاة لفظها.
قوله: ﴿ وَآتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْ ﴾ أي ما دفعوا لهن من المهور، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك مع زوج سبيعة. قوله: (بشرطه) أي وهو انقضاء عدتها في الإسلام، إن كان مدخولاً بها، والولي والشاهدان وبقية شروط الصحة في المدخول بها وغيرها. قوله: (بالتشديد والتخفيف) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: ﴿ بِعِصَمِ ٱلْكَوَافِرِ ﴾ جمع عصمة وهي هنا عقد النكاح، والكوافر جمع كافرة، كضوارب جمع ضاربة، وقوله: (زوجاتكم) أي المتأصلات في الكفر اللاتي أسلمتم عنهن، وهذا النعت المقدر هو المعطوف عليه قوله: (واللاحقات) الخ، وصورة المسألة: أن الزوج أسلم عن زوجته الكافرة، فهذا نهي للمؤمنين عن بقائهم على عصم المشركات الباقيات على الكفر، بخلاف إسلامهم عن الكتابيات فلا ينفسخ بكاحهم، فإن النكاح بهن يجوز للمسلم ابتداء، فلا يمنع من البقاء عليهن بعد الإسلام. قوله: (لقطع إسلامكم لها بشروطه) أي شرط القطع، وهو أن لا يجمعهما الإسلام في العدة، فإن أسلم وأسلمت بعده بشهر ونحوه، وأسمت قبله وأسلم بعدها في العدة، والموضوع أنه مدخول بها، أقر عليها في الصورتين. قوله: (أو اللاحقات) معطوف على النعت المقدر بعد (زوجاتكم) وصورتها: مسلمات أصالة تحت أزواج مسلمين، فوقعت منهم الردة والتحقن بالمشركين في ذلك. قوله: (بشرطه) أي وهو دوام الردة إلى وفاء العدة، فإن رجعت للإسلام قبل وفاء العدة، ترجع له من غير عقد، هكذا مذهب الإمام الشافعي في المدخول بها، وأما غيرها فتبين بمجرد الردة، وأما مذهب مالك فلا ترجع له إلا بعقد مطلقاً، سواء رجعت قبل العدة أو بعدها، فكلام المفسر على قاعدة مذهب الإمام الشافعي. قوله: ﴿ وَاسْأَلُواْ مَآ أَنفَقْتُمْ ﴾ الخ، قال المفسرون: كان من ذهب من المسلمات مرتداً إلى الكفار المعاهدين، يقال للكفار هاتوا مهرها، ويقال للمسلمين إذا جاء أحد من الكافرات مسلمة مهاجرة، ردوا إلى الكفار مهرها، وكان ذلك نصفاً وعدلاً بين الحالين، ثم نسخ ذلك الأمر، فمن ارتدت لا تقر، ومن جاءتنا منهم مسلمة مهاجرة لا يأخذون لها مهراً. قوله: ﴿ ذَلِكُمْ حُكْمُ ٱللَّهِ ﴾ أي المذكورة في هذه الآية، وقوله: ﴿ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ﴾ استئناف أو حال بتقدير الرابط، وقد جرى على المفسر قوله: ﴿ فَاتَكُمْ ﴾ الخ، هذه الآية أيضاً من تتمة قوله: ﴿ وَاسْأَلُواْ مَآ أَنفَقْتُمْ ﴾ فهو بمعناه ومحصله: إنه إن فر شيء أي امرأة أو أكثر إلى الكفار فغنمتم، فأعطوا الذين فرت أزواجهم من الغنيمة قبل قسمها قدر مهرها، فكأنه دين على الكفار، قال ابن عباس: لحق بالمشركين من نساء المؤمنين المهاجرين ست نسوة مرتدات، فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم أواجهن مهور نسائهم من الغنيمة. قوله: (مرتدات) حال من أزواج. قوله: (فغزوتم) فسر العقوبة بالغزو لحصولها به. قوله: ﴿ فَآتُواْ ﴾ بمد الهمزة أي أعطوا، روي أنه لما نزل قوله تعالى: ﴿ وَاسْأَلُواْ مَآ أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُواْ مَآ أَنفَقُواْ ﴾ أدى المؤمنون مهور المؤمنات المهاجرات إلى أزواجهن المشركين، وأبى المشركون أن يؤدوا شيئاً من مهور المرتدات إلى أزواجهن المسلمين، فأنزل الله ﴿ وَإِن فَاتَكُمْ ﴾ الخ. قوله: (ثم ارتفع هذا الحكم) أي نسخ حكمه فصار الآن، إذا ارتدت امرأة ولحقت بالمشركين، لا نأخذ لها مهراً بل ننتظرها، فمتى قدرنا عليها استتبناها، فإن تابت وإلا قتلت، كما أن من فرت من الكفار مسلمة، لا ندفع لها مهراً.