تفسير سورة البروج

تفسير غريب القرآن للكواري
تفسير سورة سورة البروج من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري .
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ﴾ أي: مَنَازِل الشَّمْسِ والقمرِ الاثْنَيْ عَشَرَ بُرْجًا.
﴿وَالْيَوْمِ المَوْعُودِ﴾ أَي: المَوْعُودِ به وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ.
﴿وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ﴾ ذَكَرَ عُلَمَاءُ التفسيرِ في الشاهدِ والمشهودِ عِدَّةَ أقوالٍ، يَجْمَعُهَا أَنَّ اللهَ أَقْسَمَ بكلِّ شَاهِدٍ وَبِكُلِّ مَشْهُودٍ، والشهودُ كثيرون منهم مُحَمَّدٌ - ﷺ - شَهِيدٌ علينا، ومنهم هذه الأُمَّةُ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بما عَمِلَ من خَيْرٍ وَشَرٍّ، ومنهم الملائكةُ يشهدون يومَ القيامةِ، فَكُلّ مَنْ شَهِدَ بِحَقٍّ دَاخِلٌ في قوله: «وَشَاهِدٍ» أما المشهودُ فهو يومُ القيامةِ وما يَعْرِضُ فيه من الأهوالِ العظيمةِ.
﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ﴾ أي: لُعِنَ أصحابُ الأخدودِ، وهي الحُفَرُ تُحْفَرُ في الأَرْضِ.
﴿إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ﴾ أي: عَلَى حَافَّتِهَا وَشَفِيرِهَا.
﴿وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ﴾ يَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بما فَعَلُوا بالمؤمنين يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثم تَشْهَدُ عليهم أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ.
﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ﴾ أي: وَمَا عَابُوا أَيَّ شَيْءٍ عليهم سِوَى إيمانِهم باللهِ تعالى.
﴿وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ عِلْمًا وَسَمْعًا وَبَصَرًا، لا يَخْفَى عَلَيْهِ منه خافيةٌ، وفي هذا وَعِيدٌ شَدِيدٌ لأَصْحَابِ الأخدودِ، ووَعْدُ خَيْرٍ لمن عَذَّبُوهُ عَلَى دِينِهِ مِنْ أولئك المؤمنين.
﴿فَتَنُوا المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ﴾ أي: أَحْرَقُوهُمْ بالنارِ ولم يَجْعَلُوا لهم خِيَارًا في ذلك إلا أن يَكْفُرُوا باللهِ.
﴿الْفَوْزُ الْكَبِيرُ﴾ لأنه نجاةٌ مِنَ النَّارِ أَوَّلًا، وَدُخُولُ الجَنَّةِ ثَانِيًا.
﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾ أَخْذُهُ بالعذابِ الشَّدِيدِ لِلْجَبَابِرَةِ والظَلَمَةِ.
﴿يُبْدِئُ وَيُعِيدُ﴾ أي: هُوَ المُتَفَرِّدُ بإبداءِ الخَلْقِ وَإِعَادَتِهِ فلا يُشَارِكُهُ في ذلك مُشَارِكٌ.
﴿الْغَفُورُ﴾ الَّذِي يَغْفِرُ الذنوبَ جَمِيعًا لمن تَابَ وَيَعْفُو عن السيئاتِ لمن اسْتَغْفَرَ وَأَنَابَ.
﴿الْوَدُودُ﴾ مَأْخُوذَةٌ من الوُدِّ، والوُدُّ هُوَ خالصُ المحبةِ فهو جل وعلا وَدُودٌ، ومعنى وَدُودٍ مَحْبُوبٌ، وأنه حَابٌّ فهو يَشْمَلُ الوجهين جميعًا، فهو سبحانه الَّذِي يُحِبُّهُ أَحْبَابُهُ مَحَبَّةً لا يشبهها شَيْءٌ، وهو تعالى الوَدُودُ الوَادُّ لأحبابه كما قال تعالى: ﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾.
﴿ذُو الْعَرْشِ المَجِيدُ﴾ أي: صَاحِبُ العَرْشِ؛ إِذْ هُوَ خَالِقُهُ وَمَالِكُهُ، وَالمَجِيدُ: المُسْتَحِقُّ لِكَمَالِ صِفَاتِ العُلُوِّ.
﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الجُنُودِ﴾ أَيْ: قَدْ أَتَاكَ يا محمدُ خَبَرُ الجُمُوعِ الكافرةِ المُكَذِّبَةِ لأنبيائهم التي تَجْمَعُ لهم الأجنادَ لقتالهم، وحديثُهم: قِصَّةُ أَخْذِ اللهِ لهم.
﴿وَاللهُ مِنْ وَرَاءِهِمْ مُّحِيطٌ﴾ قَدْ أَحَاطَ بهم عِلْمًا وَقُدْرَةً، كقوله: ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾.
﴿قُرْآنٌ مَّجِيدٌ﴾ وَسِيعُ المعانِي عَظِيمُهَا، كثيرُ الخَيْرِ والعِلْمِ.
﴿فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ﴾ مَحْفُوظٌ مِنَ التَّغَيُّرِ والزيادةِ والنقصِ، ومحفوظٌ من الشياطينِ، وهو: اللوحُ المحفوظُ الَّذِي قد أَثْبَتَ اللهُ فيه كلَّ شَيْءٍ.
22
سُورة الطَّارِق
Icon