تفسير سورة يونس

فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن
تفسير سورة سورة يونس من كتاب فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن .
لمؤلفه زكريا الأنصاري . المتوفي سنة 926 هـ

قوله تعالى :﴿ إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا... ﴾ [ يونس : ٤ ].
قال ذلك هنا، وقال في هود :﴿ إلى الله مرجعكم ﴾ [ المائدة : ٤٢ ] لأن ما هنا خطاب للمؤمنين والكفار، بقرينة ذكرهما بعد، وما في " هود " خطاب للكفار فقط، بقرينة قوله قبله :﴿ وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير ﴾ [ هود : ٣ ].
قوله تعالى :﴿ يفصّل الآيات لقوم يعلمون ﴾ [ يونس : ٥ ].
خصّ التفصيل بالعلماء، مع أنه تعالى فصّل الآيات للجهلاء أيضا، لأن انتفاعهم بالتفصيل أكثر( ١ ).
١ - في المخطوطة المحمودية سقطت كلمة (بالتفصيل)، وما أثبتناه من مخطوطة جامعة أم القرى..
قوله تعالى :﴿ وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين ﴾ [ يونس : ١٣ ].
قاله هنا بالواو تبعا لها في قوله :﴿ وجاءتهم رسلهم بالبيّنات ﴾ [ يونس : ١٣ ]. وقاله في مواضع أخر، بالفاء للتعقيب، على أصلها.
قوله تعالى :﴿ قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به... ﴾ [ يونس : ١٦ ].
إن قلتَ : كيف قال النبيّ ذلك، مع أن الله تعالى أنكر على الكفّار احتجاجهم بمشيئته في قولهم :﴿ لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ﴾ [ الأنعام : ١٤٨ ]، ولهذا لا ينبغي لمن فعل معصيّة، أن يحتجّ( ١ ) بقوله : لو شاء الله ما فعلتها ؟   !
قلتُ : إنما قال النبي ذلك، بأمر الله تعالى له فيه( ٢ )، بقوله :﴿ قل لو شاء الله ما تلوته عليكم... ﴾ [ يونس : ١٦ ] وللعاصي أن يحتجّ بذلك إذا أمر الله به.
١ - في المخطوطة المحمودية سقطت كلمة (أن يحتجّ) وهي موجودة في مخطوطة الجامعة..
٢ - احتجاجه صلى الله عليه وسلم بمشيئة الله، لإقامة الحجة على المشركين، في أن هذا القرآن من عند الله، أوحاه إلى نبيه ليتلوه عليهم بأمر الله، فإن الكفار يعلمون أن محمدا صلى الله عليه وسلم ما طالع كتابا، ولا تتلمذ على أستاذ، ولا تعلّم من أحد ثم بعد مضيّ أربعين سنة، جاءهم بهذا الكتاب المعجز، المشتمل على نفائس العلوم والأحكام، ولطائف الأخبار والأسرار، وعجز عنه الفصحاء والبلغاء، أفليس هذا دليلا قاطعا، وبرهانا ساطعا على أنه تنزيل الحكيم العليم !!.
قوله تعالى :﴿ ويعبدون من دون الله ما لا يضرّهم ولا ينفعهم... ﴾ [ يونس : ١٨ ] الآية.
إن قلتَ : كيف نفى عن الأصنام الضُرّ والنفع هنا، وأثبتهما لها في قوله في الحج :﴿ يدعو لمَن ضرُّه أقرب من نفعه ﴾ [ الحج : ١٣ ].
قلتُ : نفيهما عنا باعتبار الذّات، إثباتهما لها باعتبار السبب.
قوله تعالى :﴿ فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحقّ... ﴾ [ يونس : ٢٣ ] الآية.
إن قلتَ : ما فائدة قوله :﴿ بغير الحقّ ﴾ بعد قوله :﴿ يبغون ﴾ مع أن البغي -وهو الفساد من قولهم : بغى الجرْحُ( ١ ) أي فسد– لا يكون إلا بغير حقّ ؟
قلتُ : قد يكون الفساد بحقّ، كاستيلاء المسلمين على أرض الكفار، وهدم دورهم، وإحراق زرعهم، وقطع أشجارهم، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ببني قريظة.
١ - في المخطوط (الحرج) وهو خطأ واضح..
قوله تعالى :﴿ إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض ﴾ [ يونس : ٢٤ ] الآية.
إن قلتَ : لم شبّه الحياة الدنيا بماء السّماء، دون ماء الأرض ؟
قلتُ : لأن ماء السّماء –وهو المطر- لا تأثير لكسب العبد فيه، بزيادة أو نقص، أو لأنه يستوي فيه جميع الخلائق، بخلاف ماء الأرض فيهما، فكان( ١ ) تشبيه الحياة به أنسب.
١ - في مخطوطة الجامعة (ولأن) وفي المحمودية (فكان) وهو الأصوب..
قوله تعالى :﴿ قل من يرزقكم من السماء والأرض ﴾ إلى قوله :﴿ فسيقولون الله ﴾ [ يونس : ٣١ ].
إن قلتَ : هذا يدلّ على أنهم معترفون بأن الله هو الخالق، الرازق، المدبّر، فكيف عبدوا الأصنام ؟   !
قلتُ : كلّهم كانوا يعتقدون ( بعبادتهم الأصنام )، عبادة الله تعالى، والتقرّب إليه، لكن بطرق مختلفة.
ففرقة قالت : ليست لنا أهليّة لعبادة الله تعالى، بلا واسطة لعظمته، فعبدناها لتقرّبنا إليه تعالى، كما قال حكاية عنهم ﴿ ما نعبدهم إلا ليقرّبونا إلى الله زلفى ﴾ [ الزمر : ٣ ].
وفرقة قالت : الملائكة ذوو جاه ومنزلة عند الله، فاتّخذنا أصناما على هيئة الملائكة، ليقرّبونا إلى الله.
وفرقة قالت : جعلنا الأصنام قبلة لنا في عبادة الله تعالى، كما أن الكعبة قبلة في عبادته.
وفرقة اعتقدت أن على كل صنم شيطانا، موكّلا بأمر الله، فمن عبد الصّنم حقّ عبادته، قضى الشيطان حوائجه بأمر الله، وإلا أصابه الشيطان بنكبة بأمر الله.
قوله تعالى :﴿ قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده... ﴾ [ يونس : ٣٤ ] الآية.
إن قلتَ : كيف قال ذلك، مع أنهم غير معترفين، بوجود الإعادة أصلا ؟   !
قلتُ : لما كانت الإعادة، ظاهرة الوجود لظهور برهانها، وهو القدرة على إعدام الخلق، والإعادة أهون بالنسبة إلينا، لزمهم الاعتراف بها، فكأنهم مسلّمون وجودها، من حيث ظهور الحجّة ووضوحُها.
قوله تعالى :﴿ فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون ﴾ [ يونس : ٤٦ ].
رتّب شهادته على فعلهم، على رجوعهم إليه في القيامة، مع أنه شهيد( ١ ) عليهم في الدنيا أيضا، لأن المراد بما ذُكر نتيجتُه، وهو العذاب والجزاء، كأنه قالك ثم الله معاقب، أو مجاز على ما يفعلونه.
١ - في مخطوطة جامعة أم القرى (شهد) وفي المحمودية (شهيدٌ) وهو الأصوب، لأنه الموافق للنصّ القرآني..
قوله تعالى :﴿ قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا... ﴾ [ يونس : ٥٠ ] الآية.
إن قلتَ : لم قال :﴿ بياتا ﴾ ولم يقل : ليلا، مع أنه أكثر استعمالا، وأظهر مطابقة مع النّهار ؟
قلتُ : لأن المعهود في الاستعمال، عند ذكر الإهلاك والتهديد، ذكر البَيَات، وإن قُرن به النهار.
قوله تعالى :﴿ ألا إن لله ما في السماوات والأرض... ﴾ [ يونس : ٥٥ ] الآية.
قاله هنا بلفظ " ما " ولم يكرّره، وقاله بعدُ بلفظ " مَنْ " وكرّره( ١ ) لأن " ما " لغير العقلاء، وهو في الأول المال، المأخوذ من قوله تعالى :﴿ لافتدت به ﴾، ولم يكرّر " ما " اكتفاء بقوله قبله :﴿ ولو أنّ لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به ﴾ [ يونس : ٥٤ ].
و " مَنْ " للعقلاء، وهم في الثاني قوم آذوا النبي صلى الله عليه وسلم، فنزل فيهم ﴿ ولا يحزنك قولهم ﴾ [ يونس : ٦٥ ] وكرّر : " مَنْ " لأن المراد مَنْ في الأرض، وهم القوم المذكورون، وإنما قدّم عليهم «من في السماء » لعلوّها، ولموافقة( ٢ ) سائر الآيات، سوى ما قدّمته في " آل عمران "، وذكر( ٣ ) قوله بعد :﴿ له ما في السموات وما في الأرض ﴾ [ يونس : ٦٨ ] بلفظ " ما " وكرّر لأن بعض الكفار قالوا :﴿ اتخذ الله ولدا ﴾ [ يونس : ٦٨ ] فقال تعالى :﴿ له ما في السموات وما في الأرض ﴾ ( أي اتخاذ الولد إنما يكون لدفع أذى، أو جلب منفعة، والله مالك ما في السموات والأرض ) ( ٤ ) فكان المحلّ محلّ " ما " ومحلّ التكرار، للتعميم والتوكيد.
فإن قلتَ : لم خصّ ﴿ ما في السموات وما في الأرض ﴾ بالذكر، مع أنه تعالى مالك أيضا للسموات والأرض وما وراءهما ؟
قلتُ : لأن في السموات والأرض ؛ الأنبياء، والملائكة، والعلماء، والأولياء، ومن يعقل فيهم أحقّ بالذكر، مع أن غيرهم مفهوم بالأولى.
١ - أشار إلى قوله تعالى: ﴿ألا إن لله من في السموات ومن في الأرض وما يتّبع الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتْبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون﴾..
٢ - في المحمودية (ولموافقته) وكلّ صحيح..
٣ - في المحمودية (وأكّد) وهو خطأ..
٤ - ما بين القوسين ساقط من النسخة المحمودية..
قوله تعالى :﴿ وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة... ﴾ [ يونس : ٦٠ ].
إن قلتَ : هذا تهديد، فكيف ناسبَه قوله بعدُ ﴿ إن الله لذو فضل على الناس ﴾ [ يونس : ٦٠ ] ؟
قلتُ : هو مناسب لأن معناه : إن الله لذو فضل على الناس، حيث أنعم عليهم بالعقل، وإرسال الرّسل، وتأخير العذاب، وفتح باب التوبة، أي كيف تفترون على الله الكذب مع تضافر نِعمه عليكم ؟   !
قوله تعالى :﴿ وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل... ﴾ [ يونس : ٦١ ] الآية.
إن قلتَ : كيف جمع الضمير ﴿ ولا تعملون من عمل ﴾ مع أنه أفرد قبلُ في قوله :﴿ وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ﴾ والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ؟   !
قلتُ : جمع ليدلّ على أن الأمة، داخلون مع النبي صلى الله عليه وسلم فيما خُوطب به قبلُ، أو جمعَ تعظيما للنبي صلى الله عليه وسلم كما في قوله تعالى :﴿ يا أيها الرسل كلوا من الطيّبات واعملوا صالحا ﴾ [ المؤمنون : ٥١ ].
قوله تعالى :﴿ ولا يحزُنك قولهم... ﴾ [ يونس : ٦٥ ].
أي قولهم لك : لستَ مرسلا، فالمقول محذوف كنظيره في " يس " ( ١ )، والوقف على " قولُهُم " فيهما( ٢ ) لازم، ويمتنع الوصل، لأنه صلى الله عليه وسلم منزّه عن أن يخاطب بذلك.
قوله تعالى :﴿ إن العزّة لله جميعا هو السميع العليم ﴾( ٣ ) [ يونس : ٦٥ ].
قال ذلك هنا، وقال في سورة المنافقين :﴿ ولله العزّة ولرسوله وللمؤمنين ﴾ [ المنافقون : ٨ ] لأن المراد هنا، العزّة الخاصّة بالله وهي : عزّة الإلهية، والخلقِ، والإماتة، والإحياء، والبقاء الدائم، وشبْهِها.
وهناك : العزّة المشتركة، وهي في حقّ الله تعالى : القدرة، والغلبة.
وفي حقّ رسوله صلى الله عليه وسلم : علوّ كلمته، وإظهار دينه.
وفي حقّ المؤمنين : نصرُهم على الأعداء.
١ - وهي قوله: ﴿فلا يحزنك قولُهم إنا نعلم ما يسرّون وما يعلنون﴾ آية (٧٦)..
٢ - أي في آية يونس وآية يس، وإنما كان الوقف فيهما لازما، لأن المعنى يفسد بالوصل، حيث يصبح المعنى: ولا يحزنك قولهم العزّة لله جميعا، فتصبح الجملة مقولة للقول..
٣ - في المحمودية (الخالصة بالله)، وهو خطأ..
قوله تعالى :﴿ قال موسى أتقولون للحقّ لما جاءكم أسحر هذا... ﴾ [ يونس : ٧٧ [ الآية.
إن قلتَ : كيف قال موسى إنهم قالوا : أسحر هذا ؟ بطريق الاستفهام، مع أنهم إنما قالوه بطريق الإخبار المؤكّد، في قوله تعالى :﴿ فلما جاءهم الحقّ من عندنا قالوا إنّ هذا لسحر مبين ﴾ ؟   ! [ يونس : ٧٦ ].
قلتُ : فيه إضمار تقديره : أتقولون للحقّ لما جاءكم، إن هذا لسحر مبين ؟ ثم قال لهم : أسحر هذا ؟ إنكاراً لما قالوه، فالاستفهام للإنكار، من قول " موسى " لا من قولهم.
قوله تعالى :﴿ فلما آمن موسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم... ﴾ [ يونس : ٨٣ ] قاله هنا بضمير الجمع، لعوده إلى الذّرية، أو القوم، لتقدّمهما عليه، بخلاف بقية الآيات، فإنه بضمير المفرد( ١ )، لعوده إلى فرعون.
١ - أشار إلى قوله تعالى بعد ذلك: ﴿وإن فرعون لعال في الأرض، وإنه لمن المسرفين﴾ فإنها قد جاءت بضمير المفرد لا الجمع..
قوله تعالى :﴿ وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوّءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة ﴾ [ يونس : ٨٧ ].
ثنّى ضمير المأمور فيها، لعوده إلى موسى وأخيه، للتصريح بهما.
وجمعه ثانيا، لعوده إليهما مع قومهما( ١ )، لأن كلا منهم مأمور بجعل بيته قبلة يصلّي إليها( ٢ )، خوفا من ظهورها لفرعون.
وأفرده ثالثا لعوده إلى موسى( ٣ )، لأنه الأصل المناسب تخصيصه بالبشارة لشرفها.
١ - يشير إلى قوله تعالى: ﴿واجعلوا بيوتكم قبلة﴾..
٢ - في المخطوطة المحمودية "يُصلّيها" وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه وهو في مخطوطة جامعة أم القرى..
٣ - يشير إلى قوله تعالى: ﴿وبشّر المؤمنين﴾ فقد جاءت بصيغة الإفراد..
قوله تعالى :﴿ قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما... ﴾ الآية [ يونس : ٨٩ ].
إن قلتَ : لم أضاف الدعوة إليها، مع أنها إنما صدرت من موسى عليه السلام، لآية ﴿ وقال موسى ربّنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة... ﴾ ؟ الآية [ يونس : ٨٨ ].
قلتُ : أضافهما إليهما لأن " هارون " كان يؤمّن على دعاء موسى، والتأمين دعاء في المعنى، أو لأن هارون دعا أيضا مع موسى، إلا أنه تعالى خصّ موسى بالذّكر، لأنه كان أسبق بالدعوة، أو أحرص عليها.
قوله تعالى :﴿ فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك... ﴾ [ يونس : ٩٤ ].
إن قلتَ : " إنْ " للشكّ، والشكّ في القرآن منتف عنه صلى الله عليه وسلم قطعا، فكيف قال الله ذلك له ؟   !
قلتُ : لم يقل له، بل لمن كان شاكّا في القرآن، وفي نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم، ولا ينافيه قوله ﴿ مما أنزلنا إليك ﴾ [ يونس : ٩٤ ] لوروده في قوله ﴿ وأنزلنا إليكم نورا مبينا ﴾ [ النساء : ١٧٤ [ وقوله :﴿ يحذر المنافقون أن تنزّل عليهم سورة ﴾ [ التوبة : ٦٤ ].
وقيل : الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد غيره، كما في قوله تعالى :﴿ يا أيها النبي اتّق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين ﴾ [ الأحزاب : ١ ].
أو المراد إلزام الحجّة على الشاكّين الكافرين، كما يقول لعيسى عليه السلام ﴿ أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ﴾ ؟ [ المائدة : ١١٦ ] وهو عالم بانتفاء هذا القول منه، لإلزام الحجّة على النصارى.
قوله تعالى :﴿ ولو شاء ربّك لآمن من في الأرض كلّهم جميعا... ﴾ الآية [ يونس : ٩٩ ].
فائدة ذكر " جميعا " بعد " كلّهم " – مع أن كلا منهما يفيد الإحاطة والشمول – الدّلالة على وجود الإيمان منهم، بصفة الاجتماع الذي لا يدلّ عليه( ١ ) " كلهم " كقولك : جاء القوم جميعا أي مجتمعين، ونظيره قوله تعالى :﴿ فسجد الملائكة كلّهم أجمعون ﴾ [ الحجر : ٣٠ ].
١ - في مخطوطة الجامعة: (يدلّ عليهم) وهو خطأ، والصواب: لا يدلّ عليه، كما في المخطوطة المحمودية..
قوله تعالى :﴿ وأمرت أن أكون من المؤمنين ﴾ [ يونس : ١٠٤ ].
قال ذلك هنا، موافقة لقوله قبل :﴿ وكذلك ننجي المؤمنين ﴾ [ الأنبياء : ٨٨ ].
وقال في النمل :﴿ وأمرت أن أكون من المسلمين ﴾ [ النمل : ٩١ ] موافقة لقوله قبل :﴿ فهم مسلمون ﴾( ١ ) [ النمل : ٨١ ].
١ - أشار إلى الآية الكريمة: ﴿إن تُسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون﴾ النمل: ٨١..
قوله تعالى :﴿ وإن يمسسك الله بضرّ فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا رادّ لفضله... ﴾ الآية [ يونس : ١٠٧ ].
إن قلتَ : لم ذكر المسّ في الضرّ، والإرادة في الخير ؟   !
قلتُ : لاستعمال كل من المسّ، والإرادة، في كل من الضرّ والخير( ١ )، وأنه لا مزيل لما يصيب به منهما، ولا رادّ لما يريده فيهما، فأوجز الكلام بأن ذكر المسّ في أحدهما، والإرادة في الآخر، ليدلّ بما ذكر على ما لم يُذْكر، مع أنه قد ذكر المسّ فيهما في سورة الأنعام( ٢ ).
١ - المسّ: يدلّ على أدنى شيء من المكروه، أي ولو كان قليلا، وأما الإرادة والإصابة فتدلّ على الإحاطة التي تشمل الإنسان..
٢ - أشار إلى قوله تعالى: ﴿وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير﴾ الأنعام: ١٧..
Icon