تفسير سورة الأعلى

تفسير ابن أبي زمنين
تفسير سورة سورة الأعلى من كتاب تفسير القرآن العزيز المعروف بـتفسير ابن أبي زمنين .
لمؤلفه ابن أبي زَمَنِين . المتوفي سنة 399 هـ
تفسير سورة سبح اسم ربك الأعلى وهي مكية كلها.

قَوْلُهُ: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى﴾ صَلِّ لِرَبِّكَ الْأَعْلَى ﴿الَّذِي خَلَقَ فسوى﴾
﴿وَالَّذِي قدر فهدى﴾ أَيْ: قَدَّرَهُ فِي خَلْقِهِ نُطْفَةً، ثمَّ علقَة، ثمَّ مُضْغَة، ثمَّ عَظْمًا، ثُمَّ لَحْمًا، ثُمَّ شَعْرًا، ثُمَّ نَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ، قَالَ: ﴿فهدى﴾ بَيَّنَ لَهُ السَّبِيلَ: سَبِيلَ الْهُدَى، وَسَبِيلَ الضَّلالَةِ، فِي تَفْسِيرِ الْحَسَنِ
﴿وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى فَجَعَلَهُ غُثَاءً أحوى﴾ فِيهَا تَقْدِيمٌ: فَجَعَلَهُ أَحْوَى غُثَاءً، وَالْأَحْوَى عِنْدَ الْحَسَنِ: الْأَسْوَدُ مِنْ شِدَّةِ الْخُضْرَةِ، وَالْغُثَاءُ: الْهَشِيمُ الْيَابِسُ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ: ﴿فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاح﴾ أَيْ: فَصَارَ هَشِيمًا بَعْدَ إِذْ كَانَ خَضِرًا
120
قَالَ مُحَمَّدٌ: الْحُوَّةُ: السَّوادُ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلشَّدِيدِ الْخُضْرَةِ: أَحْوَى، لِأَنَّهُ يُضْرَبُ إِلَى الْحُوَّةِ. وَالْغُثَاءِ فِي كَلامِ الْعَرَبِ: الَّذِي تَرَاهُ فَوْقَ مَاء السَّيْل، يُقَال مِنْهُ: غثى الْوَادي يغثي إِذا جمع غثاءه، وَوَاحِد الغثاء: غثاءة.
121
﴿ فجعله غثاء أحوى( ٥ ) ﴾ فيها تقديم : فجعله أحوى غثاء، والأحوى عند الحسن : الأسود من شدة الخضرة، والغثاء : الهشيم اليابس، وهو كقوله :﴿ فأصبح هشيما تذروه الرياح ﴾[ الكهف : ٤٥ ] أي : فصار هشيما بعد إذ كان خضرا.
قال محمد : الحوة : السواد ؛ ولذلك قيل للشديد الخضرة : أحوى ؛ لأنه يضرب إلى الحوة١ والغثاء في كلام العرب : الذي تراه فوق ماء السيل، يقال منه : غثى الوادي يغثي إذا جمع غثاءه، وواحد الغثاء : غثاءة.
١ انظر: الدر المصون (٦/٥٠٩، ٥١٠)..
قَوْلُهُ: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى إِلا مَا شَاءَ الله﴾ وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم] كَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ يَجْعَلُ يَقْرَأُ وَيُدْئِبُ فِيهِ نَفْسَهُ مَخَافَةَ أَنْ يَنْسَى، وَقَوْلُهُ: ﴿إِلا مَا شَاءَ الله﴾ هُوَ كَقَوْلِهِ: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَة أَو ننسها﴾ يُنْسِيهَا اللَّهُ نَبِيَّهُ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: ﴿فَلَا تنسى﴾ الْمَعْنَى: فَأَنْتَ لَا تَنْسَى لَمْ يُرِدِ الْأَمْرَ.
قَوْلُهُ: ﴿إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْر﴾ الْعَلَانِيَة ﴿وَمَا يخفى﴾ السِّرّ
وقوله :﴿ إلا ما شاء الله ﴾ هو كقوله ﴿ ما ننسخ من آية أو ننسها ﴾[ البقرة : ١٠٦ ] ينسيها الله نبيه.
قوله :﴿ إنه يعلم الجهر ﴾ العلانية ﴿ وما يخفى( ٧ ) ﴾ السر.
﴿ونيسرك لليسرى﴾ لعمل الْجنَّة
﴿فَذكر﴾ أَيْ: بِالْقُرْآنِ ﴿إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى﴾ أَيْ: إِنَّمَا يَنْتَفِعُ بِالتَّذْكِرَةِ مَنْ يقبلهَا
﴿سَيذكرُ من يخْشَى﴾ الله
﴿ويتجنبها﴾ يتَجَنَّب التَّذْكِرَة ﴿الأشقى﴾ يَعْنِي: الْمُشرك
﴿الَّذِي يصلى النَّار الْكُبْرَى﴾ وَهِيَ نَارُ جَهَنَّمَ، وَالصُّغْرَى: نَارُ الدُّنْيَا
﴿ثمَّ لَا يَمُوت فِيهَا﴾ فيستريح ﴿وَلَا يحيى﴾ حَيَاةً تَنْفَعُهُ. ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تزكّى﴾
﴿وَذكر اسْم ربه فصلى﴾ وَكَانَتِ الصَّلاةُ يَوْمَئِذٍ رَكْعَتَيْنِ غُدْوةً، وَرَكْعَتَيْنِ عَشِيَّة
﴿بل تؤثرون الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ يَقُولُهُ لِلْمُشْرِكِينَ، أَيْ: يَزْعُمُونَ أَنَّ الدُّنْيَا بَاقِيَةٌ، وَأَنَّ الْآخِرَةَ لَا تكون
﴿وَالْآخِرَة خير﴾ من الدُّنْيَا
121
﴿وَأبقى﴾ أَيْ: وَأَنَّ الدُّنْيَا لَا تَبْقَى، وَأَنَّ الْآخِرَةَ بَاقِيَةٌ، يَعْنِي: بِهَذَا الْجنَّة
122
﴿إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى صحف إِبْرَاهِيم ومُوسَى﴾ تَفْسِيرُ بَعْضِهِمْ: يَقُولُ فِيهَا: إِنَّ الْآخِرَةَ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَأَبْقَى.
122
تَفْسِيرُ سُورَةِ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ وَهِيَ مَكِّيَّةٌ كُلُّهَا

بِسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

تَفْسِير سُورَة الغاشية من آيَة ١ - ١٦
123
Icon