تفسير سورة الأنفال

أحكام القرآن
تفسير سورة سورة الأنفال من كتاب أحكام القرآن .
لمؤلفه البيهقي . المتوفي سنة 458 هـ

(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: نَا أَبُو الْعَبَّاسِ (هُوَ: الْأَصَمُّ)، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «١» :«قَالَ اللَّهُ عز وَجل: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ: الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) [إلَى «٢» ] :(إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ: ٨- ١) فَكَانَتْ غَنَائِمُ بَدْرٍ، لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : يَضَعُهَا حَيْثُ شَاءَ. «٣» »
«وَإِنَّمَا نَزَلَتْ: (وَاعْلَمُوا: أَنَّما غَنِمْتُمْ: مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ، وَلِذِي الْقُرْبى: ٨- ٤١) بَعْدَ «٤» بَدْرٍ.»
«وَقَسَمَ «٥» رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كُلَّ غَنِيمَةٍ «٦» بَعْدَ بَدْرٍ-
(١) كَمَا فى سير الأوزاعى الملحق بِالْأُمِّ (ج ٧ ص ٣٠٨- ٣٠٩) : يرد على أَبى يُوسُف، فِيمَا ذهب إِلَيْهِ: من أَن الْغَنِيمَة لَا تقسم فى دَار الْحَرْب. إِلَّا أَن أول كَلَامه قد ذكر فى خلال رده عَلَيْهِ فى مسئلة أُخْرَى، هى: أَنه لَا يضْرب بِسَهْم فى الْغَنِيمَة، لمن يَمُوت فى دَار الْحَرْب أَو يقتل. فَلذَلِك يحسن أَن تراجع الْمَوْضُوع من بدايته (ص ٣٠٣- ٣٠٥ و٣٠٧- ٣٠٩) : لتقف على تَمام حَقِيقَته. وَانْظُر الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ١٨٣- ١٨٤). [.....]
(٢) زِيَادَة متعينة. وَقد ذكر فى الْأُم إِلَى قَوْله: (بَيْنكُم).
(٣) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٦ ص ٢٩١- ٢٩٣) : مَا روى فى مصرف الْغَنِيمَة فى ابْتِدَاء الْإِسْلَام فَهُوَ مُفِيد فى الْمقَام.
(٤) فى الْأُم (ص ٣٠٥) زِيَادَة: «غنيمَة».
(٥) هَذَا إِلَى قَوْله: بعد بدر لَيْسَ بِالْأُمِّ، ونرجح أَنه سقط من النَّاسِخ أَو الطابع
(٦) رَاجع مَا ذكره النَّوَوِيّ فى تَهْذِيب اللُّغَات (ج ٢ ص ٦٤) عَن حَقِيقَة الْغَنِيمَة وَالْفرق بَينهَا وَبَين الْفَيْء. فَهُوَ جيد مُفِيد.
36
عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ: يَرْفَعُ «١» خُمُسَهَا، ثُمَّ يَقْسِمُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهَا: وَافِرًا «٢» عَلَى مَنْ حَضَرَ الْحَرْبَ: مِنْ الْمُسْلِمِينَ «٣»
«إلَّا: السَّلَبَ فَإِنَّهُ سُنَّ «٤» : لِلْقَاتِلِ [فِي الْإِقْبَالِ «٥» ]. فَكَانَ «٦» السَّلَبُ خَارِجًا مِنْهُ.»
«وَإِلَّا: الصّفىّ «٧» فَإِنَّهُ قد اُخْتُلِفَ فِيهِ: فَقِيلَ: كَانَ «٨» رَسُولُ اللَّهِ
(١) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «بِرَفْع» وَهُوَ تَصْحِيف.
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «واقرأ» وَهُوَ تَصْحِيف.
(٣) رَاجع فى هَذَا الْمقَام: الْفَتْح (ج ٦ ص ١١٠ و١٣٨ و١٥٢)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٦ ص ٣٠٥ وَج ٩ ص ٥٠- ٥١ و٥٤- ٥٨). وَتَأمل مَا ذكره صَاحب الْجَوْهَر النقي.
(٤) أَي: شرع وجوب إِعْطَائِهِ إِيَّاه وَقد ثَبت ذَلِك بِالسنةِ. وَفِي الْأُم زِيَادَة: «أَنه» أَي: سنّ النَّبِي ذَلِك.
(٥) زِيَادَة جَيِّدَة، عَن الْأُم. أَي: فى حَالَة هجوم الْعَدو وإقدامه، دون فراره وإدباره. وراجع الْكَلَام عَن ذَلِك وَمَا يدل عَلَيْهِ وَالْكَلَام عَن حَقِيقَة السَّلب، وَالْخلاف فى عدم تخميسه-: فى الْأُم (ج ٤ ص ٦٦- ٦٨ و٧٥). وراجع الرسَالَة (ص ٧٠- ٧١)، والمختصر (ص ١٨٣). ثمَّ رَاجع السّنَن الْكُبْرَى (ج ٦ ص ٣٠٥- ٣١٢ وَج ٩ ص ٥٠)، وَالْفَتْح (ج ٦ ص ١٥٤- ١٥٦).
(٦) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «وَكَانَ». وَلكَون التَّفْرِيع بِالْفَاءِ أغلب، وفى مثل هَذَا الْمقَام أظهر-: أثبتنا عبارَة الْأُم.
(٧) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «صفى» وَالنَّقْص من النَّاسِخ. والصفي والصفية- فى أصل اللُّغَة-: مَا يصطفيه الرئيس لنَفسِهِ: من الْغَنِيمَة قبل الْقِسْمَة. انْظُر الْمِصْبَاح وراجع فِيهِ مَا نَقله عَن ابْن السّكيت وأبى عُبَيْدَة: لفائدته. وَقد ذكر الشَّافِعِي: «أَنه لم يخْتَلف أحد من أهل الْعلم: فى أَن لَيْسَ لأحد مَا كَانَ لرَسُول الله: من صفى الْغَنِيمَة.».
انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج ٦ ص ٣٠٥) وراجع فِيهَا (ص ٣٠٣- ٣٠٥ وَج ٧ ص ٥٨) :
مَا ورد فى ذَلِك من السّنة.
(٨) هَذَا إِلَى قَوْله: وَقيل غير مَوْجُود بِالْأُمِّ. ونرجح أَنه سقط مِنْهَا.
37
(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَأْخُذُهُ: خَارِجًا مِنْ الْغَنِيمَةِ. وَقِيلَ: كَانَ يَأْخُذُهُ: مِنْ سَهْمِهِ مِنْ الْخُمُسِ.»
«وَإِلَّا: الْبَالِغِينَ «١» مِنْ السَّبْيِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) سَنَّ فِيهِمْ سُنَنًا: فَقَتَلَ بَعْضَهُمْ، وَفَادَى بِبَعْضِهِمْ «٢» أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ «٣» ».
«قَالَ الشَّافِعِيُّ «٤» :«فَأَمَّا «٥» وَقْعَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ، وَابْنِ الْحَضْرَمِيِّ-: فَذَلِكَ: قَبْلَ بَدْرٍ، وَقَبْلَ «٦» نُزُولِ الْآيَةِ (يَعْنِي «٧» فِي الْغَنِيمَةِ). وَكَانَتْ وَقْعَتُهُمْ: فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ الْحَرَامِ فَتَوَقَّفُوا «٨» فِيمَا صَنَعُوا: [حَتَّى
(١) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «الْبَاء لغير» وَهُوَ تَحْرِيف. [.....]
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «بَعضهم» وَالنَّقْص من النَّاسِخ.
(٣) قَالَ فى الْأُم، بعد ذَلِك: «فالإمام فى الْبَالِغين: من السَّبي مُخَيّر فِيمَا حكيت: أَن النَّبِي سنه فيهم فَإِن أَخذ من أحد مِنْهُم فديَة: فسبيلها سَبِيل الْغَنِيمَة وَإِن اسْترق مِنْهُم أحدا:
فسبيل المرقوق سَبِيل الْغَنِيمَة، وَإِن أقاد بهم بقتل، أَو فَادى بهم أَسِيرًا مُسلما: فقد خَرجُوا من الْغَنِيمَة.»
. وَقد ذكره فى الْأُم (ج ٤ ص ١٥٦) بأوسع من ذَلِك وأفيد وَنقل بعضه فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٩ ص ٦٣) : فَرَاجعه، وراجع فِيهَا (ص ٦٣- ٦٨) مَا يُؤَيّدهُ. وراجع الْمُخْتَصر (ص ١٨٤- ١٨٥)، وَالأُم (ج ٤ ص ١٦٩- ١٧٠)، وَالْفَتْح (ج ٦ ص ٩٣ وَج ٨ ص ٦٣- ٦٤). ثمَّ انْظُر مَا تقدم (ج ١ ص ١٥٨- ١٥٩).
(٤) كَمَا فى الْأُم (ج ٧ ص ٣٠٥)، والمختصر (ج ٥ ص ١٨٤). وَقد ذكر فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٩ ص ٥٨).
(٥) عبارَة غير الأَصْل: «وَأما مَا احْتج بِهِ من» إِلَخ. وَعبارَة الأَصْل: «فَأَما مَا».
وَقد تكون «مَا» زَائِدَة، أَو تكون الْعبارَة نَاقِصَة. وَالظَّاهِر الأول.
(٦) عبارَة الْمُخْتَصر: «وَلذَلِك كَانَت وقعتهم فى آخر الشَّهْر» إِلَخ.
(٧) هَذَا من كَلَام الْبَيْهَقِيّ.
(٨) فى الْأُم: «فوقفوا».
38
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادٍ آخَرَ «١» عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «مَنْ فَرَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ: فَلَمْ يَفِرَّ وَمَنْ فَرَّ مِنْ اثْنَيْنِ: فَقَدْ فَرَّ «٢»
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٣» :«قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا: إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً: فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ وَمَنْ «٤» يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ، أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ-: فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ: ٨- ١٥- ١٦).».
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٥» (رَحِمَهُ اللَّهُ) :«فَإِذَا فَرَّ الْوَاحِدُ مِنْ اثْنَيْنِ فَأَقَلَّ «٦» :
مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ «٧» يَمِينًا، وَشِمَالًا، وَمُدْبِرًا: وَنِيَّتُهُ الْعَوْدَةُ لِلْقِتَالِ أَوْ:
(١) من طَرِيق سُفْيَان عَن أَبى نجيح عَنهُ كَمَا فى الْأُم (ج ٤ ص ١٦٠). وَقد ذكره بِدُونِ إِسْنَاد، فى الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ١٨٥). وَقد أخرجه فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٩ ص ٧٦) بِلَفْظ مُخْتَلف، عَن سُفْيَان من غير طَرِيق الشَّافِعِي.
(٢) يعْنى: الْفِرَار الْمنْهِي عَنهُ.
(٣) كَمَا فى الْأُم (ج ٤ ص ١٦٠) : قبل آيَة التحريض على الْقِتَال، وَمَا روى عَن ابْن عَبَّاس.
(٤) فى الْأُم: «الْآيَة». [.....]
(٥) كَمَا فى الْأُم: بعد أثر ابْن عَبَّاس بِقَلِيل. وَقد ذكر فى الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ١٨٥) :
بِاخْتِصَار.
(٦) فى الأَصْل: «فَأقبل» وَهُوَ خطأ وتحريف. والتصحيح من عبارَة الْأُم والمختصر:
«فَأَقل إِلَّا». وَزِيَادَة «إِلَّا» غير متعينة هُنَا إِلَّا إِذا كَانَ جَوَاب الشَّرْط هُوَ قَوْله الْآتِي:
فَإِن كَانَ إِلَخ.
(٧) بعد ذَلِك فى الْأُم: «أَو متحيزا والمتحرف لَهُ» إِلَخ. وَقَوله: يَمِينا إِلَى:
لِلْقِتَالِ لَيْسَ بالمختصر.
41
مُتَحَيِّزًا»
إلَى فِئَةٍ: [مِنْ الْمُسْلِمِينَ] «٢» : قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ، كَانَتْ بِحَضْرَتِهِ أَوْ مَبِينَةً «٣» عَنْهُ-: فَسَوَاءٌ «٤» إنَّمَا يَصِيرُ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ إلَى نِيَّةِ الْمُتَحَرِّفِ «٥»، أَوْ الْمُتَحَيِّزِ «٦» : فَإِنْ [كَانَ «٧» ] اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) يَعْلَمُ: أَنَّهُ إنَّمَا تَحَرَّفَ: لِيَعُودَ لِلْقِتَالِ، أَوْ «٨» تَحَيَّزَ لِذَلِكَ-: فَهُوَ الَّذِي اسْتَثْنَى اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) : فَأَخْرَجَهُ مِنْ سَخَطِهِ فِي «٩» التَّحَرُّفِ وَالتَّحَيُّزِ.»
«وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ «١٠» هَذَا الْمَعْنَى: فَقَدْ «١١» خِفْتُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ قَدْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنْ اللَّهِ إلَّا أَنْ يَعْفُوَ اللَّهُ [عَنْهُ «١٢» ].».
(١) عبارَة الْأُم: «والفار متحيزا».
(٢) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم والمختصر. وراجع السّنَن الْكُبْرَى (ج ٩ ص ٧٦- ٧٧).
(٣) كَذَا بالمختصر. وفى الأَصْل: «مِنْهُ» وَهُوَ مصحف عَنهُ. وفى الْأُم:
«أَو منتئية».
(٤) هَذَا جَوَاب الشَّرْط فَتَأمل وَقد ورد فِي الأَصْل بِدُونِ الْفَاء وَالنَّقْص من النَّاسِخ، والتصحيح من عبارَة الْمُخْتَصر: «فَسَوَاء وَنِيَّته فى التحرف والتحيز: ليعود لِلْقِتَالِ الْمُسْتَثْنى الْمخْرج من سخط الله فَإِن كَانَ هربه على غير هَذَا الْمَعْنى خفت عَلَيْهِ- إِلَّا أَن يعْفُو الله- أَن يكون» إِلَخ. وَإِن كَانَ جَوَاب الشَّرْط بِالنّظرِ لَهَا قَوْله: فَإِن كَانَ إِلَخ. وفى الْأُم:
«سَوَاء»، وَهُوَ خبر قَوْله فِيهَا: «والمتحرف... والفار».
(٥) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «المحترف» وَهُوَ تَصْحِيف.
(٦) فى الْأُم: «والمتحيز».
(٧) زِيَادَة متعينة، عَن الْأُم.
(٨) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «إِن» وَهُوَ خطأ وتصحيف.
(٩) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «والتحرف» وَهُوَ خطأ وتصحيف.
(١٠) كَذَا بِالْأُمِّ وَهُوَ الظَّاهِر. وفى الأَصْل: «بِغَيْر» وَلَعَلَّه مصحف.
(١١) هَذَا لَيْسَ بِالْأُمِّ. [.....]
(١٢) زِيَادَة حَسَنَة، عَن عبارَة الْأُم الَّتِي وَردت على نسق عبارَة الْمُخْتَصر. وراجع مَا ذكره بعد ذَلِك خُصُوصا مَا يتَعَلَّق بالمبارزة: فَهُوَ عَظِيم الْفَائِدَة.
42
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَطَعَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَتَرَكَ، وَقَطَعَ نَخْلَ غَيْرِهِمْ وَتَرَكَ وَمِمَّنْ غَزَا: مَنْ لَمْ يَقْطَعْ نَخْلَهُ «١».».
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «٢» - فِي الْحَرْبِيِّ: إذَا أَسْلَمَ: وَكَانَ قَدْ نَالَ مُسْلِمًا، أَوْ مُعَاهَدًا، [أَوْ مُسْتَأْمَنًا «٣» ] : بِقَتْلٍ، أَوْ جَرْحٍ، أَوْ مَالٍ.-: «لَمْ يَضْمَنْ «٤» مِنْهُ شَيْئًا إلَّا: أَنْ يُوجَدَ عِنْدَهُ مَالُ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ «٥» » وَاحْتَجَّ: بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا: إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ: ٨- ٣٨) »
قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَمَا «٧» سَلَفَ: مَا «٨» تَقَضَّى «٩»
(١) ثمَّ ذكر حديثى عَمْرو ابْن شهَاب فى ذَلِك، وَقَالَ: «فَإِن قَالَ قَائِل: وَلَعَلَّ النَّبِي حرق مَال بنى النَّضِير، ثمَّ ترك. قيل: على معنى مَا أنزل الله وَقد قطع وَحرق بِخَيْبَر- وهى بعد بنى النَّضِير- وَحرق بِالطَّائِف: وهى اخر غزَاة قَاتل بهَا وَأمر أُسَامَة بن زيد: أَن يحرق على أهل أبنى.». ثمَّ ذكر حَدِيث أُسَامَة: فَرَاجعه وراجع كَلَامه فى الْأُم (ج ٤ ص ٦٦ و١٦١ و١٩٧ و١٩٩ وَج ٧ ص ٢١٢- ٢١٣ و٣٢٣- ٣٢٤)، والمختصر (ج ٥ ص ١٨٥ و١٨٧). ثمَّ رَاجع السّنَن الْكُبْرَى (ج ٩ ص ٨٥- ٨٦)، وقصة ذى الخلصة فى الْفَتْح (ج ٦ ص ٩٤ وَج ٨ ص ٥١- ٥٣). فَإنَّك ستقف على فَوَائِد جمة، وعَلى بعض الْمذَاهب الْمُخَالفَة، وَمَا يدل لَهَا.
(٢) كَمَا فى الْأُم (ج ٦ ص ٣١). وَمَا فى الأَصْل مُخْتَصر مِنْهُ.
(٣) زِيَادَة مفيدة تضمنها كَلَام الْأُم
(٤) عبارَة الْأُم: «يضمنوا» وهى ملائمة لما فِيهَا.
(٥) فِي الأَصْل: «يُعينهُ» وَهُوَ مصحف. والتصحيح من عبارَة الْأُم، وهى:
«إِلَّا مَا وصفت من أَن يُوجد فَيُؤْخَذ مِنْهُ».
(٦) وَبِحَدِيث: «الْإِيمَان يجب مَا قبله». وراجع الْأُم (ج ٤ ص ١٠٨- ١٠٩)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٩ ص ٩٧- ٩٩).
(٧) فى الْأُم زِيَادَة: «قد» وهى أحسن
(٨) هَذَا لَيْسَ بِالْأُمِّ، وزيادته أحسن.
(٩) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «يقتضى» وَهُوَ تَصْحِيف.
«مَا يُؤْثَرُ عَنْهُ فِي قَسْمِ الْفَيْءِ» «وَالْغَنِيمَةِ، وَالصَّدَقَاتِ»
(أَنْبَأَنِي) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ (إجَازَةً) : أَنَّ [أَبَا] الْعَبَّاسِ حَدَّثَهُمْ:
أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: « [قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ «١» ] :(وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ، فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ، وَلِذِي الْقُرْبى، وَالْيَتامى، وَالْمَساكِينِ، وَابْنِ السَّبِيلِ: ٨- ٤١) وَقَالَ: (وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ: فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ «٢» مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) «٣» إلَى قَوْله تَعَالَى «٤» :(مَا أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ، مِنْ أَهْلِ الْقُرى -: فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ، وَلِذِي الْقُرْبى، وَالْيَتامى، وَالْمَساكِينِ، وَابْنِ السَّبِيلِ: ٥٩- ٦- ٧).»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَالْفَيْءُ وَالْغَنِيمَةُ يَجْتَمِعَانِ: فِي أَنَّ فِيهِمَا [مَعًا «٥» ] الْخُمُسُ «٦» مِنْ جَمِيعِهِمَا «٧»، لِمَنْ سَمَّاهُ اللَّهُ لَهُ. وَمَنْ سَمَّاهُ اللَّهُ [لَهُ «٨» ]- فِي الْآيَتَيْنِ مَعًا-
(١) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ٤ ص ٦٤).
(٢) أَي: أعملتم وأجريتم على تَحْصِيله من الوجيف، وَهُوَ: سرعَة السّير.
(٣) تَمام الْمَتْرُوك: (وَلكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
(٤) هَذَا فى الْأُم مقدم على الْآيَة السَّابِقَة وَمَا فى الأَصْل أنسب كَمَا لَا يخفى. [.....]
(٥) الزِّيَادَة عَن الْمُخْتَصر (ج ٣ ص ١٧٩).
(٦) انْظُر مَا كتبه على ذَلِك صَاحب الْجَوْهَر النقي (ج ٦ ص ٢٩٤) ثمَّ تَأمل مَا ذكره الشَّافِعِي فى آخر كَلَامه هُنَا.
(٧) ذكر فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٦ ص ٢٩٤) أَن الشَّافِعِي قَالَ فى الْقَدِيم: «إِنَّمَا يُخَمّس مَا أوجف عَلَيْهِ».
(٨) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ٤ ص ٦٤).
153
سَوَاءٌ مُجْتَمَعِينَ غَيْرُ مُفْتَرِقِينَ «١»
«ثُمَّ يَفْتَرِقُ «٢» الحكم فى الْأَرْبَعَة الْأَخْمَاسِ: بِمَا بَيَّنَ اللَّهُ (تَبَارَكَ وَتَعَالَى) عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وَفِي فِعْلِهِ.»
«فَإِنَّهُ قَسَمَ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْغَنِيمَةِ «٣» - وَالْغَنِيمَةُ هِيَ: الْمُوجَفُ عَلَيْهَا بِالْخَيْلِ وَالرِّكَاب.-: لِمَنْ حَضَرَ: مِنْ غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ.»
«وَالْفَيْءُ هُوَ: مَا لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ. فَكَانَتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) - فِي قُرَى: «عُرَيْنَةَ» «٤» الَّتِي أَفَاءَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ.-: أَنَّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهَا لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) خَاصَّةً- دُونَ الْمُسْلِمِينَ-: يَضَعُهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : حَيْثُ أَرَاهُ اللَّهُ تَعَالَى.».
وَذكر الشَّافِعِي هَاهُنَا حَدِيثَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) : أَنَّهُ قَالَ [حَيْثُ اخْتَصَمَ إلَيْهِ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) فِي أَمْوَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «٥» ] :«كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ: مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى
(١) كَذَا بِالْأُمِّ وفى الأَصْل: «مُتَفَرّقين» وَلَعَلَّ مَا فِي الْأُم هُوَ الصَّحِيح الْمُنَاسب.
(٢) كَذَا بِالْأَصْلِ وفى الْأُم: «يتعرف». وَمَا فى الأَصْل هُوَ الظَّاهِر، وَيُؤَيِّدهُ عبارَة الْمُخْتَصر: «ثمَّ تفترق الْأَحْكَام».
(٣) فى الْمُخْتَصر (ج ٣ ص ١٨٠) زِيَادَة: «على مَا وصفت من قسم الْغَنِيمَة».
(٤) فى الأَصْل: «غرنيه» وَهُوَ تَحْرِيف. والتصحيح عَن مُعْجم ياقوت.
و «عرينة» : مَوضِع بِبِلَاد فَزَارَة أَو قرى بِالْمَدِينَةِ وقبيلة من الْعَرَب. وفى الْمُخْتَصر:
«عرتية» (بِفَتْح التَّاء). وَعَلَيْهَا اقْتصر الْبكْرِيّ فى مُعْجَمه.
(٥) الزِّيَادَة للايضاح. عَن الْمُخْتَصر.
154
رَسُولِهِ: مِمَّا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ «١» الْمُسْلِمُونَ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ «٢». فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) خَالِصًا «٣»، دُونَ الْمُسْلِمِينَ. وَكَانَ «٤» رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : يُنْفِقُ مِنْهَا عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ فَمَا فَضَلَ جَعَلَهُ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ: عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ «٥»
قَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) :«هَذَا: كَلَامٌ عَرَبِيٌّ «٦» إنَّمَا يَعْنِي عُمَرَ «٧» (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) -[بِقَوْلِهِ «٨» ] :«لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) خَالِصًا «٩» ».-: مَا كَانَ يَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ الْمُوجِفِينَ وَذَلِكَ: أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ.»
(١) كَذَا بِالْأَصْلِ والمختصر وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٦ ص ٢٩٦ وفى الْأُم: «عَلَيْهَا» وَلَا خلاف فى الْمَعْنى.
(٢) قَالَ فى الْأُم (ج ٧ ص ٣٢١) - ضمن كَلَام يتَعَلَّق بِهَذَا، وَيرد بِهِ على أَبى يُوسُف-:
«وَالْأَرْبَعَة الْأَخْمَاس الَّتِي تكون لجَماعَة الْمُسلمين- لَو أوجفوا الْخَيل والركاب-: لرَسُول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) خَالِصا، يَضَعهَا حَيْثُ يضع مَاله. ثمَّ أجمع أَئِمَّة الْمُسلمين: على أَن مَا كَانَ لرَسُول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) - من ذَلِك- فَهُوَ لجَماعَة الْمُسلمين: لِأَن أحدا لَا يقوم بعده مقَامه.».
(٣) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى وفى الْمُخْتَصر (ج ٣ ص ١٨١) :
«خَاصَّة» وَلَا فرق بَينهمَا.
(٤) فى الْأُم والمختصر وَالسّنَن الْكُبْرَى: «فَكَانَ».
(٥) انْظُر بَقِيَّة الحَدِيث، فى الْأُم (ج ٤ ص ٦٤) والمختصر (ج ٣ ص ١٨١) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٦ ص ٢٩٦ وَج ٧ ص ٥٩). [.....]
(٦) فى الأَصْل: «عَن لى» وَهُوَ تَحْرِيف خطير. والتصحيح عَن الْأُم (ج ٤ ص ٧٧).
(٧) هَذَا وَالدُّعَاء غير موجودين بِالْأُمِّ.
(٨) زِيَادَة مفيدة مُوضحَة، غير مَوْجُودَة بِالْأُمِّ، وَيدل عَلَيْهَا قَوْله- على مَا فى السّنَن الْكُبْرَى-: «وَمعنى قَول عمر: لرَسُول الله خَاصَّة يُرِيد» إِلَخ.
(٩) كَذَا بِالْأُمِّ وفى الأَصْل. «خَاصّا».
155
«فَاسْتَدْلَلْت بِخَبَرِ عُمَرَ: عَلَى أَنَّ الْكُلَّ لَيْسَ لِأَهْلِ الْخُمْسِ: [مِمَّا أُوجِفَ عَلَيْهِ «١» ].»
«وَاسْتَدْلَلْت «٢» : بِقَوْلِ اللَّهِ (تَبَارَكَ وَتَعَالَى) فِي الْحَشْرِ: (فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ، وَلِذِي الْقُرْبى، وَالْيَتامى، وَالْمَساكِينِ، وَابْنِ السَّبِيلِ) عَلَى: أَنَّ لَهُمْ الْخُمُسَ فَإِنَّ «٣» الْخُمُسَ إذَا كَانَ لَهُمْ، فَلَا «٤» يُشَكُّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) سَلَّمَهُ لَهُمْ.»
«وَاسْتَدْلَلْنَا «٥» -: إذْ «٦» كَانَ حُكْمُ اللَّهِ فِي الْأَنْفَالِ: (وَاعْلَمُوا: أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ، وَلِلرَّسُولِ، وَلِذِي الْقُرْبى، وَالْيَتامى، وَالْمَساكِينِ، وَابْنِ السَّبِيلِ) فَاتَّفَقَ الْحَكَمَانِ، فِي سُورَةِ الْحَشْرِ وَسُورَةِ الْأَنْفَالِ، لِقَوْمٍ «٧» مَوْصُوفِينَ.-: أَنَّ مَا لَهُمْ «٨» مِنْ ذَلِكَ:
(١) زِيَادَة مفيدة، عَن الْأُم.
(٢) قَالَ فِي الْأُم- أثْنَاء مناقشته لبض الْمُخَالفين-: «لما احْتمل قَول عمر: أَن يكون الْكل لرَسُول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) و: أَن تكون الْأَرْبَعَة الْأَخْمَاس الَّتِي كَانَت تكون للْمُسلمين فِيمَا أوجف عَلَيْهِ، لرَسُول الله دون الْخمس.- فَكَانَ النَّبِي يقوم فِيهَا مقَام الْمُسلمين-:
استدللنا»
إِلَى آخر مَا هُنَا، مَعَ اخْتِلَاف فى بعض الْأَلْفَاظ ستعرفه.
(٣) فى الْأُم (ج ٤ ص ٧٨) :«وَأَن».
(٤) فى الْأُم: «وَلَا».
(٥) فى الْأُم: «فاستدللنا».
(٦) كَذَا بِالْأُمِّ، وفى الأَصْل: «إِذا»، وَمَا فى الْأُم أحسن.
(٧) هَذَا متنازع فِيهِ لكل من «كَانَ» و «وَاتفقَ». فَتنبه لكى تفهم الْكَلَام حق الْفَهم.
(٨) فى الْأُم: «وأنما لَهُم». وَالصَّحِيح وَأَن مَا لَهُم.
156
الْخُمُسُ لَا غَيْرُهُ «١».». وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِهِ «٢» قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَوَجَدْتُ اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ) حَكَمَ فِي الْخُمُسِ»
: بِأَنَّهُ عَلَى خَمْسَةٍ لِأَنَّ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (لِلَّهِ) مِفْتَاحُ كَلَامٍ: لِلَّهِ «٤» كُلُّ شَيْءٍ، وَلَهُ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ، وَمِنْ بَعْدُ «٥».».
قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَقَدْ مَضَى مَنْ كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) :[مِنْ أَزْوَاجِهِ، وَغَيْرِهِنَّ لَوْ كَانَ مَعَهُنَّ «٦» ].»
«فَلَمْ أَعْلَمْ: أَنَّ «٧» أَحَدًا-: مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.- قَالَ: لِوَرَثَتِهِمْ تِلْكَ النَّفَقَةُ:
[الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ «٨» ] وَلَا خَالَفَ «٩» : فِي أَنْ تُجْعَلَ «١٠» تِلْكَ النَّفَقَاتُ: حَيْثُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، يَجْعَلُ فُضُولَ غَلَّاتِ تِلْكَ الْأَمْوَالِ-:
مِمَّا «١١» فِيهِ صَلَاحُ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ «١٢».». وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ «١٣».
(١) فى الأَصْل: «وَغَيره» وَهُوَ خطأ وتحريف. والتصحيح عَن الْأُم.
(٢) انْظُر الْأُم (ج ٤ ص ٧٨). [.....]
(٣) أَي: خمس الْغَنِيمَة كَمَا عبر بِهِ فى الْأُم (ج ٤ ص ٧٧)
(٤) هَذَا القَوْل غير مَوْجُود بِالْأُمِّ وَقد سقط من النَّاسِخ أَو الطابع: إِذْ الْكَلَام يتَوَقَّف عَلَيْهِ.
(٥) انْظُر فِي السّنَن الْكُبْرَى (ج ٦ ص ٣٣٨- ٣٣٩) : مَا روى عَن الْحسن بن مُحَمَّد، وَمُجاهد، وَقَتَادَة، وَعَطَاء، وَغَيرهم.
(٦) زِيَادَة مفيدة، عَن الْأُم (ج ٤ ص ٦٥)
(٧) هَذَا غير مَوْجُود بِالْأُمِّ.
(٨) زِيَادَة مفيدة، عَن الْأُم (ج ٤ ص ٦٥)
(٩) فى الْأُم: «خلاف» وَمَا فى الأَصْل أظهر وأنسب.
(١٠) كَذَا بِالْأُمِّ، وفى الأَصْل: «يَجْعَل».
(١١) هَذَا بَيَان لقَوْله: حَيْثُ وفى الْأُم: «فِيمَا»، على الْبَدَل.
(١٢) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٦ ص ٣٣٩) كَلَام الشَّافِعِي فى سهم الرَّسُول.
(١٣) انْظُر الْأُم (ج ٤ ص ٦٥).
157
الْحُدَيْبِيَةِ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدْخُلْ رَدُّهُنَّ فِي الصُّلْحِ: لَمْ «١» يُعْطَ أَزْوَاجُهُنَّ فِيهِنَّ عِوَضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ «٢».».
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «٣» :«قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً: فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخائِنِينَ: ٨- ٥٨). نَزَلَتْ فِي أَهْلِ هُدْنَةٍ «٤» :
بَلَغَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) عَنْهُمْ، شَيْءٌ: اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى خِيَانَتِهِمْ.»
«فَإِذَا جَاءَتْ دَلَالَةٌ «٥» : عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُوفِ أَهْلُ الْهُدْنَةِ «٦»، بِجَمِيعِ مَا عَاهَدَهُمْ «٧» عَلَيْهِ-: فَلَهُ أَنْ يَنْبِذَ إلَيْهِمْ. وَمَنْ قُلْتَ: لَهُ أَنْ يَنْبِذَ إلَيْهِ فَعَلَيْهِ: أَنْ يُلْحِقَهُ بِمَأْمَنِهِ ثُمَّ لَهُ: أَنْ يُحَارِبَهُ كَمَا يُحَارِبُ مَنْ لَا هُدْنَةَ لَهُ «٨».».
(١) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «وَلم» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(٢) رَاجع مَا ذكره بعد ذَلِك (ص ١١٣- ١١٤) : فَفِيهِ تَقْوِيَة لما هُنَا، وَفَائِدَة فى بعض مَا سبق.
(٣) كَمَا فى الْأُم (ج ٤ ص ١٠٧).
(٤) رَاجع كَلَامه (ص ١٠٨).
(٥) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «دلَالَته» وَهُوَ تَحْرِيف.
(٦) فى الْأُم: «هدنة».
(٧) فى الْأُم: «هادنهم». وَهُوَ أحسن.
(٨) رَاجع كَلَامه بعد ذَلِك، وَكَلَامه (ص ١٠٩) : لفائدته. وراجع الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ٢٠٣).
نزلت «١» ] :(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ: قِتالٍ فِيهِ «٢» قُلْ: قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) الْآيَةَ: (٢- ٢١٧).».
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ «٣» :«أَنَا سُفْيَانُ «٤»، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ «٥» :
لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ «٦» الْآيَةُ: (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ: يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ: ٨- ٦٥) فَكُتِبَ «٧» عَلَيْهِمْ: أَنْ لَا يَفِرَّ الْعِشْرُونَ مِنْ الْمِائَتَيْنِ
(١) زِيَادَة متعينة، عَن الْأُم والمختصر وَالسّنَن الْكُبْرَى.
(٢) ذكر إِلَى هُنَا: فى الْأُم والمختصر. وَذكر فى السّنَن الْكُبْرَى إِلَى: (كَبِير).
وراجع فِيهَا (ص ٦٨- ٦٩) هَذِه الْوَقْعَة.
(٣) كَمَا فى الْأُم (ج ٤ ص ٩٢ و١٦٠)، والرسالة (ص ١٢٧- ١٢٨)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٩ ص ٧٦). وَهَذَا الحَدِيث قد أخرجه البُخَارِيّ من طَرِيق على بن الْمَدِينِيّ عَن سُفْيَان، بِلَفْظ مُخْتَلف. وَحكى سُفْيَان فى آخِره، عَن ابْن شبْرمَة: أَنه قَاس الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ والنهى عَن الْمُنكر، على الْجِهَاد فى الحكم. أَي: بِجَامِع إعلاء كلمة الْحق، وإخماد كلمة الْبَاطِل. وَأخرجه أَيْضا- باخْتلَاف وَزِيَادَة- من طَرِيق يحيي السلمى بِسَنَدِهِ عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس. انْظُر الْفَتْح (ج ٨ ص ٢١٥- ٢١٧)، وَالسّنَن الْكُبْرَى.
(٤) فى الْأُم: «ابْن عُيَيْنَة».
(٥) هَذَا إِلَى آخر الحَدِيث، قد سقط من الْأُم (ص ١٦٠).
(٦) قَوْله: هَذِه الْآيَة لَيْسَ فى رِوَايَة الْأُم وَالْبُخَارِيّ.
(٧) فى الرسَالَة: «كتب» وَهُوَ أحسن. [.....]
39
فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ: يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ: ٨- ٦٦) فَخَفَّفَ «١» عَنْهُمْ، وَكَتَبَ: أَنْ لَا يَفِرَّ مِائَةٌ مِنْ مِائَتَيْنِ.»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: هَذَا «٢» : كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ مُسْتَغْنًى «٣» فِيهِ: بِالتَّنْزِيلِ، عَنْ التَّأْوِيلِ. لَمَّا «٤» كَتَبَ اللَّهُ: أَنْ «٥» لَا يَفِرَّ الْعِشْرُونَ مِنْ الْمِائَتَيْنِ فَكَانَ هَكَذَا «٦» : الْوَاحِدُ مِنْ الْعَشَرَةِ «٧». ثُمَّ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ:
فَصَيَّرَ الْأَمْرَ: إلَى أَنْ لَا يَفِرَّ «٨» الْمِائَةُ مِنْ الْمِائَتَيْنِ. وَذَلِكَ «٩». أَنْ لَا يَفِرَّ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلَيْنِ «١٠» ».
(١) فى الرسَالَة: «فَكتب أَن لَا يفر الْمِائَة من الْمِائَتَيْنِ».
(٢) فى الرسَالَة وَالأُم (ص ١٦٠) : بِالْوَاو.
(٣) عبارَة الرسَالَة: «وَقد بَين الله هَذَا فى الْآيَة وَلَيْسَت تحْتَاج إِلَى تَفْسِير».
وَعبارَة الْأُم (ص ١٦٠) :«ومستغن بالتنزيل» إِلَخ.
(٤) هَذَا إِلَى آخر الْكَلَام، غير مَوْجُود بِالْأُمِّ (ص ٩٢).
(٥) فى الْأُم: «من أَن لَا». وَهُوَ بَيَان لما، وَاللَّام للتَّعْلِيل. وَمَا فى الأَصْل يَصح أَن يكون كَذَلِك: على تَقْدِير «من». وَلَكِن الظَّاهِر: أَنه مفعول لكتب و «لما» حينية.
وَإِن كَانَ المُرَاد يتَحَقَّق بِكُل مِنْهُمَا. وَهُوَ بَيَان: أَن حكم الْفَرد لَازم لحكم الْجَمَاعَة.
(٦) كَذَا بِالْأَصْلِ، وَهُوَ ظَاهر. وفى الْأُم: «هَذَا». أَي: فَكَانَ هَذَا حكم الْوَاحِد أَي: يستلزمه. فَهُوَ اسْم «كَانَ».
(٧) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «الْوَاحِد» وَهُوَ تَحْرِيف.
(٨) فى الْأُم: «تَفِر».
(٩) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالأُم. أَي: وَذَلِكَ يسْتَلْزم.
(١٠) رَاجع كَلَام الْحَافِظ فى الْفَتْح، الْمُتَعَلّق بذلك: فَهُوَ فى غَايَة التَّحْرِير والجودة.
40
قَالَ: «وَزَادَ بَعْضُهُمْ، فَقَالَ: يَكُونُ لَهُمْ مِنْ صُلْبِهِ، أَوْ مَا «١» أُنْتِجَ مِمَّا «٢» خَرَجَ مِنْ صُلْبِهِ-: عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ فَيُقَالُ: قَدْ حَمَى هَذَا ظَهْرَهُ «٣».».
وَقَالَ فِي السَّائِبَةِ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ «٤» [ثُمَّ قَالَ «٥» ] :«وَكَانُوا يَرْجُونَ [بِأَدَائِهِ «٦» ] الْبَرَكَةَ فِي أَمْوَالِهِمْ وَيَنَالُونَ بِهِ عِنْدَهُمْ: مَكْرُمَةً فِي الْأَخْلَاقِ «٧»، مَعَ التَّبَرُّرِ «٨» بِمَا صَنَعُوا فِيهِ.» وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِهِ «٩» وَهُوَ مَنْقُولٌ فِي كِتَابِ الْوُلَاةِ، مِنْ الْمَبْسُوطِ
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ
(١) فى الْأُم «وَمَا».
(٢) فى الأَصْل «فَمَا»، والتصحيح عَن الْأُم
(٣) رَاجع كَلَامه فى الْأُم (ج ٤ ص ٩).
(٤) أَي: مَا يُوَافقهُ فى الْمَعْنى وَهُوَ كَمَا فى الْأُم (ج ٧ ص ١٨١) :«والسائبة: العَبْد يعتقهُ الرجل عِنْد الْحَادِث-: مثل الْبُرْء من الْمَرَض، أَو غَيره: من وُجُوه الشُّكْر.- أَو أَن يبتدىء عتقه فَيَقُول: قد أَعتَقتك سائبة (يعْنى: سيبتك.) فَلَا تعود إِلَى، وَلَا لى الِانْتِفَاع بولائك: كَمَا لَا يعود إِلَى الِانْتِفَاع بملكك. وَزَاد بَعضهم، فَقَالَ: السائبة وَجْهَان، هَذَا أَحدهمَا والسائبة (أَيْضا) يكون من وَجه آخر، وَهُوَ: الْبَعِير ينجح عَلَيْهِ صَاحبه الْحَاجة، أَو يبتدىء الْحَاجة-: أَن يسيبه، فَلَا يكون عَلَيْهِ سَبِيل.». [.....]
(٥) الزِّيَادَة للتّنْبِيه والإيضاح.
(٦) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٧) قَوْله: فى الْأَخْلَاق غير مَوْجُود بِالْأُمِّ.
(٨) فى الأَصْل: «السرن» وَهُوَ تَحْرِيف. والتصحيح عَن الْأُم.
(٩) ارْجع إِلَيْهِ فى الْأُم (ج ٦ ص ١٨١- ١٨٣) فَهُوَ مُفِيد.
Icon