مكية، وآياتها ست.
ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
مُقَدّمَة التحقيقإن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلوات الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:
فإن الحياة مع كتاب الله نعمة يدركها من أنعم الله بها عليه، وما أسعد الإنسان إذا جعل هذا الكتاب إمامه- وهذا شأن المسلم- فاهتدى بهديه بعد أن تدبر آياته! وما أسعد المجتمع الذي يجمع مثل هذا الفرد! وما أشد بؤس الذين حرموا أنفسهم من هدايته فخبطوا في حياتهم يمنة ويسرة، وانتهوا إلى ضياع أعمارهم وضياع دنياهم وآخرتهم: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا * ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا﴾
وإن أكثر الأوقات بركة تلك التي تقضي مع هذا الكتاب الكريم، إذ يعيش الإنسان مع كلام ربه عز وجل، فيحس أنه يناجيه فيرتقي مقامه، ويشعر بالعناية الإلهية تحيط به وترعاه وتأخذ بيده إلى حيث سعادته وفلاحه، سيما وهو يدرك ما فعل منزِّل هذا الكتاب به في الجيل الأول الذي تلقّاه وفي كل جيل أحْسَنَ التلقي والتزم التنفيذ. يحس عندئذ هذا الأثر العميق للقرآن في حياة الفرد والأمة متى أدركت عمن تتلقى وماذا عليها بعد التلقي. يقف على أسرار هذا الكتاب الكريم وهو يصوغ تلك النفوس صياغة جديدة جعلت منهم- أفرادًا ومجموعة- نماذج فريدة متميزة في تاريخ البشرية الطويل.
ثم يدرك من يعيش مع كتاب الله عمق الخطر في دعاوى الذين يطالبون بنشر العامية تكلمًا وكتابة، ولو حاولوا التستر وراء ما يطرحونه من صعوبة النحو العربي وإملائه، تلك الدعاوى التي تريد أن تقطع صلة الأمة بكتاب ربها عز وجل فتنسلخ عن مصدر الهداية لتُغرق في التيه والضياع.
ولعل إمامنا- البغوي- من خير من قدم خدمة لكتاب الله عز وجل في تفسيره هذا (معالم التنزيل) حيث اعتمد على المأثور في بيان معنى الاَية التي يفسرها كما سنفصل ذلك عند الكلام عن (منهجه في التفسير).
ولقد اتجهت هممنا لإخراج هذا الكتاب محققًا مستقلًا- بعد أن كان مطبوعًا طبعة حجرية قديمة، وعلى حاشية تفسير ابن كثير، وعلى حاشية تفسير الخازن- ليتم الانتفاع به على خير وجه، فعثرنا خلال البحث على مخطوطة بمكتبة الحرم المكي فعملنا على تصويرها، ثم طلبنا من الشيخ الفاضل عبد القادر الأرناؤوط أن يبعث إلينا بمخطوطة في المكتبة الظاهرية فاستجاب لذلك وشجع على الإِقدام فجزاه الله عنا خيرًا، فبدأنا ونحن ندرك أهمية هذا العمل من خلال اطلاعنا على ما في الكتاب من علم يحتاجه المسلم، ومن خلال ثناء أهل العلم على الكتاب وعلى مؤلفه، وبعد أن قطعنا مرحلة إذ بخبر يقول: إن أخوين فاضلين قاما بتحقيق هذا الكتاب، وهو في طريقه إلى المكتبات، فتوقفنا وقلنا لا حاجة إلى تضييع الجهد والوقت، ولنعمل في كتاب آخر، إلى أن وصل الكتاب بمجلداته الأربعة، فتناولناه لدراسته ومعرفة مدى تحقيق الفائدة منه بإخراجه على هذه الصورة ففوجئنا- وللحقيقة نقول ذلك- بأن الكتاب لم يخدم على الوجه الذي ينبغي وقد وجدنا فيه:
١- اعتماد المطبوع وفيه ما فيه من الأخطاء.
٢-- ترك أكثر الأحاديث بدون تخريج إلا القليل مما لم يذكره البغوي بإسناده.
٣- كثرة الأخطاء والتصحيفات والزيادة والنقص عن المخطوط.
وبعد مدارسة بعض صفحات الكتاب مع بعض أهل العلم واطلاعهم على عملنا أشاروا بمتابعة ما بدأناه ليتم الانتفاع من الكتاب الذي نال ثناء العلماء، فاستأنفنا العمل مستمدين من الله تعالى العون والتوفيق والأجر على خدمة كتابه العزيز، شاكرين لأستاذنا الفاضل الدكتور محمد أديب الصالح، الذي أفادنا بتوجيهاته، فجزاه الله خير الجزاء ومتع الأمة بأمثاله، كما نشكر كلًا من الأساتذة الأفاضل:
الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، الذي تفضل وأفادنا بالحصول على صورة من مخطوطة المكتبة الظاهرية.
والأخ الدكتور مسفر غرم الله الدميني على ما أبداه من ملاحظات وإشارات جيدة، فبارك الله به وأثابه.
والأخ المهندس محمد ياسر صفر الحلبي الذي شاركنا وقتًا طويلًا في المقابلة والمراجعة.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
إن معالم التنزيل كتاب متوسط، نقل فيه مصنفه عن مفسري الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وهو من أجلِّ الكتب وأنبلها وأسناها، حاوٍ للصحيح من الأقوال، عارٍ عن الغموض والتكلف في توضيح النص القرآني، محلى بالأحاديث النبوية والاَثار الغالب عليها الصحة.
قال العلامة ابن تيمية: (والبغوي تفسيره مختصر من الثعالبي، لكنه صان تفسيره عن الأحاديث الموضوعة، والاَراء المبتدعة) وقد سئل عن أي التفاسير أقرب إلى الكتاب والسنة؟ الزمخشري أم القرطبي، أم البغوي؟ أو غير هؤلاء؟ فأجاب: "وأما التفاسير الثلاثة المسئول عنها فأسلمها من البدعة والأحاديث الضعيفة- البغوي") (١)
وقد بين البغوي شيئًا من ذلك في مقدمته إذ يقول:
"فسألنى جماعة من أصحابي المخلصين، وعلى اقتباس العلم مقبلين: كتابًا في معالم التنزيل وتفسيره فأجبتهم إليه، معتمدًا على فضل الله وتيسيره، ممتثلًا وصية رسول الله ﷺ فيهم فيما يرويه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال: " إن رجالًا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون في الدين، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرًا" (٢) واقتداءً بالماضين من السلف في تدوين العلم، إبقاء على الخَلَف".
استجاب أجزل الله مثوبته لرغبة طلابه وأصحابه آخذًا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، مقتديًا بالسلف الصالح في كتابه العلم حيث يقول: "فجمعت- بعون الله تعالى وحسن توفيقه- فيما سألوه كتابًا متوسطًا، بين الطويل الممّل، والقصير المخل، أرجو أن يكون مفيدًا لمن أقبل على تحصيله مريدًا" (٣).
ومن خلال البحث يمكننا أن نقف على منهج الإمام البغوي فنوجزه بما يلي:
١- يتعرض لتفسير الآية الكريمة بلفظ سهل موجز، لا تكلُّف في لغته ولا تطويل، فهو يكتفي
(٢) انظر تخريجه فيما سيأتي، ص (٣٤)
(٣) انظر مقدمة المفسر ص (٣٤)
٢- يسلك السبيل القويم في بيان المعاني فيفسر القرآن بالقرآن أو بالحديث أو بأقوال الصحابة، ويستأنس بأقوال التابعين والمجتهدين، وذلك أن القرآن يفسر بعضه بعضًا فما أُجمل في موضع فُصِّل في موضع آخر، وقد تخصص آية عموم آية أخرى.
ونجده يعتمد الجمع بين الآيات ذات المعنى الواحد، ليوضح معنى كلمة في الآية، كما فعل- على سبيل المثال- عند تفسر قوله تعالى: ﴿وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ (١) إذ بّين معنى المَدِّ ثم أورد قوله تعالى: ﴿وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا﴾ (٢) ثم بين معنى الإمداد فأورد قول الله تعالى: ﴿وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ﴾ (٣).
وعند قوله تعالى: ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا﴾ (٤) يقول: لأن الآَيات كانت تنزل تترى آية بعد آية، كلما كفروا بآية ازدادوا كفرًا ونفاقًا، وذلك معنى قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ﴾ (٥).
وأما اعتماد الإمام البغوي على السنة في تفسير القرآن الكريم فهو سمة واضحة في تفسيره. كيف لا وهو محي السنة! ولذا فقد جاء تفسيره حافلًا بالأحاديث التي انتخبها فذكرها بأسانيدها، وقلَّ أن يذكر حديثًا بغير إسناد، أو يورد حديثًا ضعيفًا، وقد نجده يسوق عدة أحاديث عند الآية الواحدة كما فعل عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (٦) أو عند قوله تعالى: (والشعراء يتبعهم الغاوون) (٧)
٣- يتعرض للقراءات من غير إسراف وذلك حين يجد أن القراءة يترتب عليها تَغَيُّرُ المعنى، كما في قوله تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾ (٨) إذ يقول رحمه الله: "قرأ أهل المدينة وعاصم وقَرن بفتح القاف، وقرأ الآخرون بكسرها، فمتى فتح القاف فمعناه: أقررن أي الزمن بيوتكن من قولهم قررت بالمكان أقر قرارًا...... ومن كسر القاف فقد قيل: هو من قررت أقر معناه أقررن بكسر الراء، فحذفت
(٢) سورة مريم، الآية (٧٩).
(٣) سورة الإسراء الآية (٦).
(٤) سورة البقرة، الآية (١٠).
(٥) سورة التوبة، الآية (١٢٥).
(٦) سورة البقرة، الآية (١٧٨).
(٧) سورة الشعراء، الآية (٢٢٤).
(٨) سورة الأحزاب، الآية (٣٣).
٤- يعرض لرأي أهل السنة ولآراء مخالفيهم مع الانتصار لرأي أهل السنة مدللا عليه بالمنقول والمعقول كما ذكر عند قوله تعالى: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ (١) مثبتًا الرؤية عيانًا، مستدلًا بقوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ (٢) وقوله تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ (٣) وقوله تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ (٤) ثم بين أن النبي ﷺ فسر الزيادة بالنظر إلى وجه الله تعالى، ثم أورد حديثًا في إثبات الرؤية، وفرق بين الإدراك والرؤية.
٥- ويظهر بوضوح اهتمامه بالآراء الفقهية فكثيرًا ما نجده يبسط آراء الفقهاء ويرجِّح رأي الشافعية وهو من أبرز فقهائهم، وأحيانًا يورد الآراء بدون ترجيح والقارئ الكريم سيجد هذا المنهج من خلال قراءته لهذا التفسير.
٦- يذكر أحيانًا بعض الإسرائيليات، ونراه يمر على بعضها- وهي قليلة مقارنة بالتفاسير الموجودة بين أيدينا- دون التعقيب عليها، كما فعل عند ذكره لقصة هاروت وماروت في مسخ المرأة الجميلة إلى كوكب الزهرة؟ (الآية: ١١٢ من سورة البقرة) أو ما رواه عن الضحاك عند تفسير قوله تعالى: ﴿وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ﴾ (الآية: ٢٥١ من سورة البقرة)، وفي مواضع أخرى ستأتي الإشارة إليها في التفسير إن شاء الله.
ويجدر بنا أن نشير إلى أن الإسرائيليات تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
أ- ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق فذاك صحيح.
ب- قسم يخالف شرعنا ويناقضه، وهو مردود ولا تصح روايته.
ت- قسم نتوقف فيه، فلا هو من القسم الأول، ولا من الثاني وهذا لا حرج من روايته إن كان موضوعه بعيدًا عن العقيدة والأحكام.
فقد روى البخاري في تفسير سورة البقرة: باب قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا، وفي الاعتصام: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان أهل الكتاب يقرؤون
(٢) سورة القيامة، الآية (٢٢).
(٣) سورة المطففين، الآية (١٥).
(٤) سورة يونس، الآية (٢٦).
والخير للمفسر أن يقلع عن هذه الإسرائيليات- أي القسمين الأخيرين - وأن يعرض عما لا طائل منه ويعد صارفًا وشاغلًا عن الأصول المعتمدة في شرعنا وهذا أحكم وأسلم.
٧- ويلاحظ أنه رحمه الله أكثر الرواية عن الكلبي: وهو أبو النضر محمد بن السائب بن بشر بن عمرو بن عبد الحارث الكلبي، الكوفي، مات بالكوفة سنة ست وأربعين ومائة. قال معتمر بن سليمان عن أبيه: كان بالكوفة كذابان، أحدهما الكلبي (١).
والحق أن البغوي، وهو من أهل الحديث وتحرير الروايات، لم يجعل ما ينقله عن الكلبي مناط الجزم في معنى الآية ولكنَّ التوسع في النقل أحيانًا ليعلم الناس ما قيل في مفهوم الآية جعله يستشهد بأقوال الكلبي، علمًا أنه قد يقول كلامًا جيدًا في التفسير موافقًا لما ورد في المأثور. والكلبي معروفة رواياته، وموقف العلماء منها.
وقال: حدثنا علي، حدثنا يحيى، عن سفيان، قال: قال الكلبي: قال لي أبو صالح: كل شيء حدثتك فهو كذب.
قال ابن عدي: وقد حدث عن الكلبي سفيان وشعبة وجماعة، ورضوه في التفسير، وأما في الحديث فعنده مناكير، وخاصة إذا روى عن أبي صالح عن ابن عباس.
وقال ابن حبان: كان الكلبي سبئيًا، من أولئك الذين يقولون: إن عليًا لم يمت، وإنه راجع إلى الدنيا، ويملؤها عدلًا كما ملئت جَوْرًا، وإن رأوا سحابة قالوا: أمير المؤمنين فيها.
وقال أحمد بن زهير: قلت لأحمد بن حنبل: يحلُ النظر في التفسير الكلبي؟ قال: لا.
قال ابن حبان: يروي عن أبي صالح عن ابن عباس - التفسير، وأبو صالح لم يرَ ابن عباس، ولا سمع الكلبي من أبي صالح إلا الحرف بعد الحرف، فلما احتيج إليه أخرجت له الأرض أفلاذ كبدها. لا يحل ذكره في الكتب، فكيف الاحتجاج به!
انظر: الضعفاء الصغير للإمام البخاري، ومعه كتاب الضعفاء والمتروكين للنسائي، ص (١٥٨، ٢٠٣) طبقات ابن سعد:
٦ / ٣٥٨ - ٣٥٩. تهذيب التهذيب: ٩ / ١٥٧ - ١٥٩ - تقريب التهذيب ٢ / ١٦٣. ميزان الاعتدال: ٣ / ٥٥٦ - ٥٥٩.
المغني في الضعفاء للذهبي ٢ / ٢٠٠.
يتلخص منهجنا في إخراج هذا التفسير الجليل في الخطوات التالية:
ا- إخراج نص التفسير على ما يغلب على الظن أنه نص المؤلف، وذلك باعتماد إحدى النسخ أصلًا في التحقيق، لاعتبارات تذكر في حينها، ومقارنتها مع نسخة (ب) بحيث يعتمد نص الأصل، وإذا تيقنا من أن الصواب في غير الأصل لعبارة أو كلمة أثبتنا الصواب، وأشرنا في الحاشية عند الحاجة إلى ذلك، إذ كثيرًا ما نجد فروقًا طفيفة في بعض الكلمات أو الحروف مما لا يؤثر على المعنى، فقد نجد في نسخةٍ العطف بالفاء وفي بعضها بالواو مثلًا، فلم نجد حاجة للإشارة إلى ذلك لئلا نثقل الكتاب بكثرة الهوامش التي لا ضرورة لها، ولئلا يتضخم حجم الكتاب.
٢- عزو الآيات القرآنية الكريمة التي يستشهد بها المؤلف في التفسير، وتمييزها عن الآيات المفسرة بأقواس مختلفة.
٣- تخريج الأحاديث النبوية بكاملها تخريجًا تفصيليًا بالعزو إلى الكتاب والباب والجزء والصفحة والرقم في بعض الكتب، تسهيلًا للفائدة وتسهيلًا للرجوع إلى كل الطبعات عند اختلافها.
فإن كان الحديث في الصحيحين، أو في أحدهما، اقتصرنا في العزو إليهما، لأن العزو إليهما مُعْلِمٌ بالصحة لأن الأمة قد تلقتهما بالقبول، وأما إن لم يُخَرَّج الحديث فيهما فنخرجه من سائر الكتب الأخرى. كالسنن، والمسانيد، والمصنفات، وننقل حكم العلماء والنقاد والمحدثين على الحديث، كالحافظ ابن حجر، والمنذري والهيثمي، والبوصيري، وغيرهم، والأحاديث الضعيفة أو الموضوعة- وهي قليلة- ننقل الحكم عليها وسبب علتها بالتفصيل.
وسواء أكان الحديث في الصحيحين أم في غيرهما، وقد أخرجه المصنف في كتابه "شرح السنة" فإننا نشير إلى موضعه، وقد أفدنا من ذلك في تصحيح كثير من التصحيفات في رجال السند بخاصة، كما أن العزو إليه يسهل معرفة رأي البغوي في الحديث ومعناه.
٤- عزو أسباب النزول والروايات المختلفة في نزول الآيات إلى مظانها من كتب الحديث وكتب أسباب النزول، أو كتب التفسير الأخرى، كالدر المنثور، والطبري، وابن كثير.
٥- قد تدعو الحاجة إلى تعليق أو تعقيب على بعض المواطن في التفسير لبيان رأي مرجوح، أو
٦- إعادة توزيع النص وإخراجه بشكل يعين القارئ، ويسهل عليه المراجعة والقراءة، مع العناية بعلامات الترقيم، لما لذلك من أهمية في فهم المعنى بيسر وسهولة.
٧- وتيسيرًا للاستفادة من الكتاب بصورة أفضل، وتوفيرًا للوقت على القارئ عند البحث عن تفسير آية معينة، فقد أثبتنا في أعلى كل صفحة اسم السورة ورقم الجزء.
هذا ولا ندَّعي أن عملنا هذا قد أوفى على الغاية، فلعلنا نعيد النظر فيه مرة ومرات، إن هيأ الله تعالى لنا الأسباب، ولنا- بعد عون الله تعالى- من ملاحظات الإخوة الباحثين والقراء خير ما يسعف في تصويب وتجويد عملنا هذا، في طبعات قادمة، أو في الأجزاء التي تلي الجزء الأول من هذا الكتاب إن شاء الله.
"فنسأل الله المبتدئ لنا بِنعَمِه قَبْلَ استحقاقها، المديمَها عَلَيْنَا مع تقصيرنا في الإتيان على ما أوجب به من شكره بها، الجَاعِلَنَا في خير أمة أخرجت للناس: أن يرزقنا فهمًا في كتابه، ثم سنَّةِ نبيه، وقولًا وعملًا يؤدى به عنا حقه ويوجب لنا نافلة مزيده" (١).
وأن يقبل منا عملنا هذا ويجعله خالصًا لوجهه الكريم، ويثيبنا عليه بما يثيب به عباده المخلصين.
والحمد لله رب العالمين، ، الطائف في ١/١٤٠٨ "المحققون"
١٥
هو الإمام الحافظ، الفقيه المجتهد: محي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد الفرَّاء البغوي الشافعي ويلقب بركن الدين.
أحد العلماء الذين خدموا الكتاب العزيز، والسنة النبوية، بالعكوف على دراستهما، وتدريسهما، وكشف كنوزهما، وأسرارهما، والتأليف فيهما.
والفراء: نسبة إلى عمل الفراء وبيعها.
(١) معجم البلدان.
(٢) الاستدراك لابن نقطه مخطوط الظاهرية.
(٣) مرآة الجنان: ٣/٢١٣.
(٤) وفيات الأعيان: ٢/١٣٦.
(٥) سير أعلام النبلاء ١٩/٤٣٩.
(٦) العبر للذهبي: ٢/٤٠٦.
(٧) تذكرة الحافظ: ٤/١٢٥٧-١٢٥٩.
(٨) الإعلام بوفيات الأعلام للذهبي مخطوط الظاهرية.
(٩) طبقات الشافعية للسبكي: ٧/٧٥-٨٠.
(١٠) البداية والنهاية: ١٢/١٩٣.
(١١) مناقب الشافعي وأصحابه لابن قاضي شهبة مخطوط الظاهرية.
(١٢) النجوم الزاهرة لابن تغري بردي.
(١٣) طبقات الحفاظ ص ٤٥٧.
(١٤) طبقات المفسرين ص ٣٨-٣٩.
(١٥) طبقات المفسرين للداووي مخطوط عارف حكمت.
(١٦) مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده.
(١٧) كشف الظنون ١٩٥- ٥١٧- ١٦٩٨.
(١٨) أسماء الرجال الناقلين عن الشافعي والمنسوبين له لابن هداية مخطوط الظاهرية.
(١٩) شذرات الذهب: ٤/٤٨ - ٤٩.
(٢٠) الأعلام للزركلي ٢/٢٥٩.
(٢١) معجم المؤلفين ٤/٦١.
(٢٢) التفسير والمفسرون للذهبي ١/٢٣٤.
مولده:
إن معظم المصادر التي ترجمت له لم تشر إلى السنة التي ولد فيها، غير أن ياقوت الحموي قال في معجم البلدان: إنه ولد سنة (٤٣٣ هـ) أما الزركلي فأشار في الأعلام إلى أنه ولد سنة (٤٣٦ هـ).
شيوخه:
سمع الإمام البغوي من عدد كثير من العلماء في التفسير، والحديث، والفقه نذكر بعضًا منهم:
أ- فقيه الشافعية وشيخهم القاضي حسين بن محمد المرَوْزي، فقيه خراسان، وصاحب "التعليقة" المتوفى سنة (٤٦٢) هـ (١).
٢- عبد الواحد بن أحمد بن أبي القاسم المليحي، الهروي، راوي الصحيح عن النعيمي، وكان صالحًا، أكثر عنه الرواية، توفى سنة (٤٦٣) هـ (٢).
٣- الفقيه أبو الحسن علي بن يوسف الجويني، المعروف: بشيخ الحجاز صنف كتاب "السلوة في علوم الصوفية" وكان فقيهًا فاضلًا، توفى سنة (٤٦٣) هـ (٣).
٤- أبو علي حسان بن سعيد المنيعي- نسبة إلى منيع جد- وكان حسان هذا رئيس مرو الروذ، الذي عمَّ فضله خراسان، ببره، وأفضاله، وأنشأ الجامع المنيعي، وكان يكسو في العام نحو ألف نفس، توفي سنة (٤٦٣) هـ (٤).
٥- أبو بكر محمد بن عبد الصمد الترابي المروزي، الشيخ الجليل، المعمر، مُسنِد خراسان، تفرد عن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي، مات في رمضان سنة (٤٦٣ هـ) وله ست وتسعون سنة (٥).
٦- أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن، بن عبد المالك بن طلحة النيسابوري القشيري الخراساني،
(٢) سير النبلاء ١٨/٢٥٥، شذرات الذهب ٣/٣١٤، العبر ٢/٣١٥.
(٣) اللباب في تهذيب الأنساب لابن الأثير الجزري ١/٣١٥.
(٤) شذرات الذهب: ٣/٣١٣ - ٣١٤. العبر ٢/٣١٥.
(٥) سير أعلام النبلاء: ١٨/٢٥١. اللباب: ١/٢١٠.
٧- أبو بكر يعقوب بن أحمد الصيرفي النيسابوري الشيخ الرئيس، الثقة المُسنِد توفي سنة (٤٦٦) هـ (٢).
٨- أبو صالح أحمد بن عبد الملك بن علي بن أحمد بن عبد الصمد بن بكر النيسابوري الصوفي المؤذن، الإمام، الحافظ، الزاهد، المُسند، محدث خراسان، صنف "تاريخ مرو" وخرَّج ألف حديث عن ألف شيخ له، مات سنة (٤٧٠) هـ (٣).
٩- أبو تراب عبد الباقي بن يوسف بن علي بن صالح بن عبد الملك بن هارون المراغي النَّرِيزي، الشافعي، مفتي نيسابور، الإمام الفقيه العلامة توفي سنة (٤٩٢) هـ (٤).
١٠- أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر بن محمد بن داوود بن أحمد بن معاذ الداوودي البوشنجي، الإمام، العلامة، الورع، القدوة جمال الإسلام، شيخ خراسان علمًا، وفضلًا،
وجلالة، وسندًا، راوي الصحيح، توفي سنة (٤٦٧) هـ (٥).
١١- ومنهم: عمر بن عبد العزيز الفاشاني الإمام الفاضل الفقيه. وأبو الحسن محمد بن محمد الشيرّزي، نسبة إلى شيرز قرية بسرخس، وأبو جعفر محمد بن عبد الله بن محمد المعلم الطوسي، وأبو محمد عبد الله بن عبد الصمد بن أحمد بن موسى الجوزجاني.
وأبو عبد الله محمد بن الفضل بن جعفر الخَرَقي نسبة إلى "خرق" من قرى مرو، وعدة.
تلاميذه:
لقد أقبل عليه طلاب العلم لكثرة علمه، وفضله، وسعة معرفته بعلوم كثيرة، ومنهم:
١- الشيخ أبو منصور محمد بن أسعد بن محمد حفده العطَّاري- تصحفت في شذرات الذهب
(٢) تذكرة الحفاظ: ٣/١١٦٠، العبر: ٢/٣٢١، شذرات الذهب: ٣/٣٢٥، سير أعلام النبلاء: ١٨/٢٤٥
(٣) تاريخ بغداد: ٤/٢٦٧، سير أعلام النبلاء ١٨/٤١٩، تذكرة الحفاظ: ٣/١١٦٢، العبر: ٢/٣٢٧، شذرات الذهب: ٣/٣٣٥، البداية والنهاية: ٢/١١٨، طبقات الحفاظ ص ٤٣٧
(٤) سير أعلام النبلاء: ١٩/١٧٠، البداية والنهاية: ١٢/١٥٧، العبر: ٣٦٦، شذرات الذهب: ٣/٣٩٨
(٥) سير أعلام النبلاء: ١٨/٢٢٢، شذرات الذهب: ٣/٣٢٧، البداية والنهاية: ١١٣١٢/١١٢، العبر: ٢/٣٢٢.
توفي سنة (٥٧١) هـ (١).
٢ - الواعظ المحدث أبو الفتوح محمد بن أبي جعفر محمد بن علي بن محمد الطائي الهمداني، صاحب "الأربعين في إرشاد السائرين إلى منازل اليقين " توفي سنة (٥٥٥) هـ (٢).
٣- أبو المكارم فضل الله بن المحدث العالم أبي سعيد محمد بن أحمد النوقاني الشافعي، وهو آخر من روى عنه بالإجازة، توفي سنة (٦٠٠) هـ (٣).
٤ - الحسن بن مسعود البغوي أبو علي أخو الإمام الحسين البغوي تفقه على أخيه (٤).
٥- عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن الحسين بن محمد الليثي وهو إمام ورع، حافظ لمذهب الشافعي.
٦- مثاور بن فزكوه أبو مقاتل الديلمي اليزدي، يلقب بعماد الدين، وهو من كبار تلامذته، توفي سنة (٥٤٦) هـ (٥).
٧- ومنهم محمد بن الحسين الزاغولي توفي سنة (٥٥٩ هـ).
٨- وعبد الرحمن بن علي بن أبي العباس النعيمي توفي سنة ٥٤٢ هـ وغيرهم.
عقيدته:
والإمام البغوي من أئمة السلف الصالح، الذين تقيدوا بالكتاب والسنة، في مفهوم الاعتقاد وبخاصة فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته، ولنا على ذلك بعض الأدلة منها: تعليقه على الحديث الذي رواه مسلم في القدر: باب تصريف الله تعالى القلوب كيف شاء (٤٢٦٥٤) وذلك في الجزء الأول من كتابه العظيم شرح السنة ص (١٦٨) "قال الشيخ الإمام: والإصبع المذكورة في الحديث صفة من صفات الله عز وجل، وكذلك كل ما جاء به الكتاب أو السنة من هذا القبيل في صفات الله تعالى، كالنفس، والوجه، والعين، واليد، والرجل، والإتيان، والمجي، والنزول إلى السماء الدنيا، والاستواء على العرش، والضحك والفرح - إلى أن يقول في صفحة (١٧٠) فهذه ونظائرها صفات الله تعالى، ورد بها السمع يجب الإيمان بها، وإمرارها على ظاهرها معرضًا فيها عن التأويل، مجتنبًا عن التشبيه، معتقدًا أن الباري سبحانه
(٢) سير أعلام النبلاء: ٢٠/٣٦٠، شذرات الذهب: ٤/١٧٥، العبر: ٣/٢٥، كشف الظنون: ١/٥٦.
(٣) سير أعلام النبلاء: ٢١/٤١٣. وطبقات السبكي: ٨ /٣٤٨.
(٤) طبقات الشافعية للاسنوي: ١/٢٠٧. وطبقات الشافعية للسبكي: ٤/٢١٢.
(٥) طبقات الشافعية الكبرى: ٤/٣٠٠.
وعلى هذا مضى سلف الأمة، وعلماء السنة، تلقوها جميعًا بالإيمان والقبول، وتجنبوا فيها عن التمثيل والتأويل، ووكلوا العلم فيها إلى الله عز وجل،" اهـ ثم يذكر مدلِّلا على ذلك أقوال السلف (١) وقد جاءت شهادات العلماء الذين ترجموا له تؤكد ذلك:
قال ابن شهبة في طبقات الشافعية (١٣١٠) :(وكان دينًا، عالمًا، عاملًا على طريقة السلف).
وقال طاش كبرى زاده في مفتاح السعادة (٢١٠٢) :(كان ثبتًا حجة، صحيح العقيدة في الدين).
صفاته وثناء العلماء عليه:
لقد تحلّى الإمام البغوي، رحمه الله، بصفات ومزايا كان لها أكبر الأثر في تسميته بلقب "محي السنة، والإمام" وغير ذلك من الصفات التي أثبتها له كل من ترجم له. فهو إمام في كتاب الله تعالى، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إمام في مذهبه الذي نشأ عليه، المذهب الشافعي، وذلك بحكم البيئة التي نشأ فيها، والعلماء الذين أخذ عنهم، إلا أنه لم يتعصب لإمامه، بل كان يتتبع الدليل، وينظر في أقوال العلماء وأدلتهم، وأخذ يدعو إلى الاعتصام بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله ﷺ اللذين هما أصل الدين وملاكه، ومنهما يصدر كل أمر شرعي. وهذا هو حال العلماء، الذين نهضوا بهذا الدين على بصيرة من أمرهم.
قال الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء: (كان البغوي يلقب بمحي السنة، وبركن الدين، وكان سيدًا، إمامًا، عالمًا علامة، زاهدًا، قانعًا باليسير).
وقال السيوطي في طبقات الحفاظ: (وبورك له في تصانيفه، لقصده الصالح، فإنه كان من العلماء الربانيين، ذا تعبد ونسك، وقناعة باليسير).
وقال أيضًا في طبقات المفسرين: (كان إمامًا في التفسير، إمامًا في الحديث، إمامًا في الفقه).
وقال ابن كثير في البداية والنهاية: (وكان علامة زمانه، وكان دينًا ورعًا، زاهدًا، عابدًا، صالحًا).
وقال ابن خلكان في وفيات الأعيان: (الفقيه، الشافعي، المحدث، المفسر، كان بحرًا في العلوم).
لقد ترك الإمام البغوي علومًا مفيدة وكثيرة في التفسير والحديث، والفقه، كان لها الأثر النافع، والعظيم فيمن جاء بعده، وكانت مؤلفاته تتصف بموضوعاتها القيمة، وبكلماتها السهلة، وبطريقتها المفيدة يتحرى فيها الحق، والانقياد وراء الأدلة الصحيحة، فقد وقف وقفات مع كتاب الله مبتعدًا فيها عن حشو الكلام، وآراء المتكلمين، مع تقيده بالمأثور عن رسول الله ﷺ في فهم النص القرآني، وبمنهج الصحابة الكرام في ذلك، كما أنه روى الحديث واعتنى بدراسته، وشرحه ومعرفة صحيحه من سقيمه، وقد صنف كتبًا كثيرة نذكر منها:
١- التهذيب: في فقه الإمام الشافعي، وهو كتاب مشهور متداول عند الشافعية، كما أنه تأليف مهذب مجرد من الأدلة غالبًا، لخصه من تعليقة شيخه القاضي حسين وعدَّل فيه زيادة وحذفًا، وكثيرًا ما ينقل عنه الإمام النووي رحمه الله في كتابه "روضة الطالبين". وكتاب التهذيب يقع في أربعة مجلدات ضخمام يوجد منه المجلد الرابع في المكتبة الظاهرية بدمشق تحت رقم (٢٩٢) فقه شافعي يرجع تاريخ نسخه إلى سنة ٥٩٩ هـ هذا ما أشار إليه محقق سير أعلام النبلاء ١٩٤٤٠.
٢- معالم التنزيل: والمعروف بتفسير البغوي وقد تقدم الكلام عنه في مبحث منهج البغوي في التفسير إلا أننا نشير إلى أنَّ هذا التفسير قد طبع عدة طبعات كانت الأولى عام (١٢٨٥) هـ طبعة حجرية أثبت على حاشيتها بعض التعليقات والتراجم وهي في أربعة أجزاء مجموعة في مجلد واحد.
والثانية: المطبوعة على هامش تفسير ابن كثير في تسعة مجلدات طبعت بمطبعة المنار بمصر سنة (١٣٤٣) هـ.
والثالثة: النسخة المطبوعة على هامش (تفسير الخازن) في أربعة مجلدات.
والرابعة: التي صدرت قريبًا في أربعة مجلدات بتحقيق خالد عبد الرحمن العك ومروان سوار. وجميع هذه الطبعات قد حوت من الأخطاء والتصحيفات، التي ظهرت خلال المقابلة مع النصوص المخطوطة، الشيءَ الكثير، مما حملنا على خدمة هذا التفسير العظيم.
٣- شرح السنة: قال فيه مؤلفه في الجزء الأول ص ٢ - ٤: "فهذا كتاب في شرح السنة، يتضمن إن شاء الله سبحانه وتعالى كثيرًا من علوم الأحاديث، وفوائد الأخبار المروية عن رسول الله ﷺ من حلِّ مشكلها، وتفسير غريبها، وبيان أحكامها، يترتب عليها من الفقه واختلاف العلماء جُمَلٌ لا يستغني عن معرفتها المرجوع إليه في الأحكام، المعَّول عليه في دين الإسلام.
ولم أودع هذا الكتاب من الأحاديث إلا ما اعتمده أئمة السلف الذين هم أهل الصنعة، المْسلَّم لهم الأمر من أهل عصرهم، وما أودعوه كتُبَهم. فأما ما أعرضوا عنه من المقلوب، والموضوع، والمجهول واتفقوا
لقد جمع محي السنة في كتابه هذا بين الرواية والدراية، مما جعله من الكتب القيمة، بالإضافة إلى معرفته بأقوال الصحابة والتابعين والأئمة، والمجتهدين وقد قام بخدمة هذا الكتاب كلٌ من الأستاذين شعيب الأرناؤوط وزهير الشاويش وقد صدر عن المكتب الإسلامي ببيروت في ١٦ مجلدًا مع الفهارس.
٤- مصابيح السنة: جمع فيه مؤلفه طائفة من الأحاديث، محذوفة الأسانيد، اعتمد على نقل الأئمة لها، وقسم أحاديث كل باب إلى صحاح وحسان وعنى بالصحاح ما أخرجه الشيخان، وبالحسان ما أخرجه أصحاب السنن وما كان فيها من ضعيف أو غريب أشار إليه، وأعرض عن ذكر ما كان منكرًا أو موضوعًا، وهو كتاب مشهور طبع أكثر من طبعة، واعتنى بشأنه العلماء بالقراءة والتعليق وعملوا عليه الكثير من الشروحات، من أهمها ما قام به الشيخ ولي الله أبو عبد الله محمد بن عبد الله الخطيب، حيث كمل المصابيح، وذيل أبوابه فذكر الصحابي الذي روى الحديث عنه، وذكر الكتاب الذي أخرجه منه، وزاد على كل باب من صحاحه وحسانه- إلا نادرًا- فصلًا ثالثًا وسماه "مشكاة المصابيح " فصار كتابًا كاملًا (١).
وقد طبع هذا الأخير عدة طبعات، وكان آخرها التي قام بنشرها المكتب الإسلامي بتحقيق الأستاذ ناصر الدين الألباني في ثلاثة مجلدات وطبع أيضًا مصابيح السنة في أربعة مجلدات.
٥- الأنوار في شمائل النبي المختار: أشار إلى ذلك صاحب كشف الظنون (٢) والشيخ محمد بن جعفر الكتاني في كتاب الرسالة المستطرفة. رتبه على واحد ومائة باب على طريقة المحدثين بالأسانيد (٣)
٦- الجمع بين الصحيحين: ذكره صاحب معجم المؤلفين (٤) وبعض من ترجم له.
٧- الأربعين حديثًا: ذكره ابن قاضي شهبة عن الذهبي.
٨- مجموعة من الفتاوى: حوت فتاوى شيخه من المسائل الفقهية التي سئل عنها الإمام أبو علي الحسين بن محمد المروزي " صاحب التعليقة" فتتبعها البغوي وجمعها. توجد نسخة منها في دار الكتب الظاهرية بدمشق (٥)
(٢) كشف الظنون ١/١٩٥.
(٣) الرسالة المستطرفة ص ١٠٥.
(٤) ٤/٦١.
(٥) انظر شرح السنة ١/٢٩.
توفي رحمه الله بَمرْو الرُّوذ. مدينة من حدائق خراسان في شوال سنة ستَّ عشرة وخمس مائة للهجرة. ودفن بجانب شيخه القاضي حسين، وعاش بضعًا وسبعين رحمه الله.
لقد حوت المكتبة الإسلامية الكثير من النسخ الخطية لهذا الكتاب القيم، وإن كانت تختلف في جودتها، ووضوحها، واستكمالها، وبعدها أو قربها من مؤلفها، وإليك بيانًا ببعض تلك النسخ:
١- نسخة "المكتبة الظاهرية" بدمشق حرسها الله وأعاد مجدها حصلنا عليها بواسطة الأستاذ الشيخ عبد القادر أرناؤوط، فجزاه الله خيرًا، ورمزنا لها بالحرف (أ) وجعلناها أصلًا وهي نسخة كاملة، وواضحة الخط، وعليها بعض الحواشي، والتعليقات وافق الفراغ منها بالقدس الشريف في المدرسة الصلاحية يوم الثالث عشر من شوال، من شهور سنة خمسة وعشرين وثمانمائة هجرية، وهي بخط سليمان بن أحمد بن سليمان الحدادي القرشي، الجزء الأول منها برقم خاص (٤٠) ورقم عام (٤١٣) تفسير، وعدد صفحاته (٢٢٣) ورقة من الفاتحة إلى آخر سورة الكهف، والجزء الثاني برقم خاص (٤١) ورقم عام (٤١٤) تفسير، وعدد صفحاتها (٢٠٥) ورقة من سورة مريم إلى الناس.
٢- نسخة "مكتبة الحرم المكي الشريف" برقم عام (٢٨٣) ورقم خاص (٢٥٧)، وهي نسخة واضحة ومتكاملة، ومتأخرة في النسخ عن نسخة الظاهرية ورمزنا لها بالحرف (ب) وتقع في مجلدين، وتنتهي بنهاية النصف الأول من القرآن الكريم، ولذا أكملنا النقص من نسخة أخرى في مكتبة الحرم أيضًا برقم (٧١٣) تفسير في مجلدين، والثاني منهما يقع في (٢٥٨) ورقة.
٣- وقد حوت المكتبة المركزية لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في مدينة الرياض العديد من النسخ الخطية بعضها مرمم والبعض الآخر ناقص.
فالنسخة الأولى: برقم (١٦٩٦) أولها (بسم الله الرحمن الرحيم، قال الشيخ الإمام الأجل السيد ناصر الحديث ركن الدين أبو محمد الحسين).
وجاء في نهايتها: (وقع الفراغ في تتميم هذه النسخة في غرة شهر رمضان سنة ثمان وأربعين ومائة بعد ألف).
عدد أوراقها ٥٠٤.
والثانية: برقم (٣٦٢٩) جاء في أولها: (بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر واعن يا كريم، أخبرنا الشيخ الإمام عفيف الدين أبو علي الحسن بن ملجد بن إبراهيم المريدي رحمه الله قال:-
ويوجد عليها حواش وتعليقات.
والثالثة: رقمها (٣٧٨٢) عدد أوراقها (٢٠٨) تبدأ بسورة البقرة وسورة آل عمران وسورة النساء وآخر المخطوطة كتبت هذه العبارة (آخر الجزء الأول من معالم التنزيل، وكان الفراغ من نسخه يوم السبت رابع عشر شهر ربيع الآَخر سنة ست وأربعين وسبعمائة على يد أفقر العباد وأحوجهم إلى عفو ربه).
والرابعة: برقم (٣٦٢٧) الجزء الأول فقط عدد أوراقها (٢٩٨) وفي ورقة ٢٩٧ كتب عليها: (تم الربع الأول بحمد الله وتوفيقه وكان الفراغ من كتاب (معالم التنزيل) بإذن الله الملك الجليل في يوم الجمعة قبل الظهر اثنين وعشرين يومًا خلا من شهر ربيع الأول سنة ألف ومائة وتسعة وعشرين سنة ١١٢٩ هـ.
هذا بالإضافة إلى العديد من النسخ الناقصة وقد اخترنا النسخة (أ) أصلًا، أي نسخة المكتبة الظاهرية وذلك لقربها من وفاة المؤلف ولتمامها ولوجود بعض الحواشي والتعيقات عليها واستعنا بعد عون الله تعالى وتوفيقه بالنسخة (ب) التي جعلناها في المرتبة الثانية وذلك لوضوحها وتمامها وسبب اقتصارنا على النسختين (أ، ب) وصرف النظر عن غيرهما هو التحرز من ضغط الهوامش بالاختلافات التي قد تؤدي إلى النفور والملل، لعدم فائدتها للقارئ والله الهادي إلى سواء السبيل.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
[رَبِّ يَسِّرْ وَأَعِنْ] (١)[قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ السَّيِّدُ مُحْيِي السُّنَّةِ، نَاصِرُ الْحَدِيثِ، رُكْنُ الدِّينِ، أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ ابن مَسْعُودٍ الْفَرَّاءُ رَحِمَهُ اللَّهُ] (٢).
الْحَمْدُ لِلَّهِ ذِي الْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ، وَالْعِزَّةِ وَالْبَقَاءِ، وَالرِّفْعَةِ وَالْعَلَاءِ، وَالْمَجْدِ وَالثَّنَاءِ تَعَالَى عَنِ الْأَنْدَادِ وَالشُّرَكَاءِ، وَتَقَدَّسَ عَنِ الْأَمْثَالِ وَالنُّظَرَاءِ، وَالصَّلَاةُ عَلَى نَبِيِّهِ وَصَفِّيِهِ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ وَإِمَامِ الْأَتْقِيَاءِ، عَدَدَ ذَرَّاتِ الثَّرَى، وَنُجُومِ السَّمَاءِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَلِكِ السَّلَامِ، الْمُؤْمِنِ الْمُهَيْمِنِ الْعَلَّامِ، شَارِعِ الْأَحْكَامِ، ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ الَّذِي أَكْرَمَنَا بِدِينِ الْإِسْلَامِ وَمَنَّ عَلَيْنَا بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ التَّحِيَّةُ وَالسَّلَامُ، وَأَنْعَمَ عَلَيْنَا بِكِتَابِهِ الْمُفَرِّقِ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَالصَّلَاةُ [وَالسَّلَامُ] (٣) عَلَى حَبِيبِهِ، وَخِيرَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْأَنَامِ، عَدَدَ سَاعَاتِ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ نُجُومِ الظَّلَامِ، وَعَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ الْبَرَرَةِ الْكِرَامِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَبَشِيرًا لِلْمُؤْمِنِينَ، وَنَذِيرًا لِلْمُخَالِفِينَ، أَكْمَلَ بِهِ بُنْيَانَ النُّبُوَّةِ، وَخَتَمَ بِهِ دِيوَانَ الرِّسَالَةِ، وَأَتَمَّ بِهِ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ، وَمَحَاسِنَ الْأَفْعَالِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ بِفَضْلِهِ نُورًا هَدَى بِهِ مِنَ الضَّلَالَةِ، وَأَنْقَذَ بِهِ مِنَ الْجَهَالَةِ، وَحَكَمَ بِالْفَلَاحِ لِمَنْ تَبِعَهُ، وَبِالْخَسَارَةِ لِمَنْ أعرض عنه بعد ما سَمِعَهُ أَعْجَزَ الْخَلِيقَةَ عَنْ مُعَارَضَتِهِ وَعَنِ الْإِتْيَانِ بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ فِي مُقَابَلَتِهِ، وَسَهَّلَ عَلَى الْخَلْقِ مَعَ إِعْجَازِهِ تِلَاوَتَهُ، وَيَسَّرَ عَلَى الْأَلْسُنِ قِرَاءَتَهُ، أَمَرَ فِيهِ وَزَجَرَ، وَبَشَّرَ وَأَنْذَرَ وَذَكَرَ الْمَوَاعِظَ لِيُتَذَكَّرَ، وَقَصَّ عَنْ أَحْوَالِ الْمَاضِينَ لِيُعْتَبَرَ، وَضَرَبَ فِيهِ الْأَمْثَالَ لِيُتَدَبَّرَ، وَدَلَّ عَلَى آيَاتِ التَّوْحِيدِ لِيُتَفَكَّرَ، وَلَا حُصُولَ لِهَذِهِ الْمَقَاصِدِ فِيهِ إِلَّا بِدِرَايَةِ تَفْسِيرِهِ وَأَعْلَامِهِ، وَمَعْرِفَةِ أَسْبَابِ نُزُولِهِ وَأَحْكَامِهِ، وَالْوُقُوفِ عَلَى نَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ، وَخَاصِّهِ وَعَامِّهِ، ثُمَّ هُوَ كَلَامٌ مُعْجِزٌ وَبَحْرٌ عَمِيقٌ، لَا نِهَايَةَ لِأَسْرَارِ عُلُومِهِ، وَلَا دَرَكَ لِحَقَائِقِ مَعَانِيهِ، وَقَدْ أَلَّفَ أَئِمَّةُ السَّلَفِ فِي أَنْوَاعِ عُلُومِهِ كُتُبًا، كُلٌّ عَلَى قَدْرِ فَهْمِهِ، وَمَبْلَغِ عِلْمِهِ، (نَظَرًا لِلْخَلَفِ) (٤) فَشَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى سَعْيَهُمْ وَرَحِمَ كَافَّتَهُمْ.
(٢) زيادة من (ب).
(٣) ساقط من (أ).
(٤) ساقط من (ب).
وَاقْتِدَاءً بِالْمَاضِينَ مِنَ السَّلَفِ فِي تَدْوِينِ الْعِلْمِ إِبْقَاءً عَلَى الْخَلَفِ، وَلَيْسَ عَلَى مَا فَعَلُوهُ مَزِيدٌ وَلَكِنْ لَا بُدَّ فِي كُلِّ زَمَانٍ مِنْ تَجْدِيدِ مَا طَالَ بِهِ الْعَهْدُ، وَقَصُرَ لِلطَّالِبِينَ فِيهِ الْجِدُّ وَالْجَهْدُ تَنْبِيهًا لِلْمُتَوَقِّفِينَ وَتَحْرِيضًا لِلْمُتَثَبِّطِينَ.
فَجَمَعْتُ- بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَحَسُنِ تَوْفِيقِهِ- فِيمَا سَأَلُوا كِتَابًا وَسَطًا بَيْنَ الطويل الممل، ١/ب وَالْقَصِيرِ الْمُخِلِّ، أَرْجُو أَنْ يَكُونَ مُفِيدًا لِمَنْ أَقْبَلَ عَلَى تَحْصِيلِهِ مُرِيدًا.
وَمَا نَقَلْتُ فِيهِ مِنَ التَّفْسِيرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، حَبْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ التَّابِعِينَ، وَأَئِمَّةِ السَّلَفِ، مِثْلِ: مُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَالْكَلْبِيِّ، وَالضَّحَّاكِ، وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، وَمُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَالسُّدِّيِّ، وَغَيْرِهِمْ فَأَكْثَرُهَا مِمَّا أَخْبَرَنَا بِهِ الشَّيْخُ أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشُّرَيْحِيُّ الْخُوَارَزْمِيُّ، فِيمَا قَرَأْتُهُ عَلَيْهِ عَنِ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الثَّعْلَبِيِّ عَنْ شُيُوخِهِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ.
* أَمَّا تَفْسِيرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا تُرْجُمَانِ الْقُرْآنِ الَّذِي قَالَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ " (٢) وَقَالَ: " اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ " (٣) قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَامِدٍ أَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ الطَّرَائِفِيُّ ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ صَالِحٍ حَدَّثَهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْوَالِبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ: أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرَوَيْهِ الْمَازِنِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عطيه بْنِ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَمِّي الْحُسَيْنُ بْنُ
(٢) أخرجه البخاري: في العلم- باب قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اللهم علمه الكتاب) ١/١٦٩.
(٣) أخرجه البخاري: في الوضوء - باب: وضع الماء عند الخلاء ١/٢٤٤. ومسلم: في فضائل الصحابة - باب: فضل عبد الله بن عباس برقم (٢٤٧٧) ٤/١٩٢٧.
* وَأَمَّا تَفْسِيرُ مُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ الْمَكِّيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ الْأَصْفَهَانِيُّ قَالَ أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَطَّةَ (٢) ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا ثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ (٣) ثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ.
* وَأَمَّا تَفْسِيرُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قال: ثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَنٍ النَّيْسَابُورِيُّ ثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحْمَدُ بْنُ يَاسِينَ بْنِ الْجَرَّاحِ الطَّبَرِيُّ أَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ بَكْرِ بْنِ سَهْلٍ الدِّمْيَاطِيُّ ثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ ابن سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مُوسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّنْعَانِيِّ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ.
*وأما تَفْسِيرُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُكْتِبِ حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الصَّلْتِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ شنبوذ المقرئ ٢/أثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثَنَا الْمُسْتَهِلُّ بْنُ وَاصِلٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصَرِيِّ.
* وَأَمَّا تَفْسِيرُ قَتَادَةَ قال: أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ الْأَصْفَهَانِيُّ (٤) أَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْهَرَوِيُّ ثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مَيْمُونٍ الْحَرْبِيُّ ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ ثَنَا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّحْوِيُّ عَنْ قَتَادَةَ وَقَالَ ثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَبِيبِيُّ (٥) أَنَا أَبُو زَكَرِيَّا الْعَنْبَرِيُّ ثَنَا جَعْفَرُ ابن مُحَمَّدِ بْنِ سَوَّارٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ بْنِ دِعَامَةَ السَّدُوسِيِّ. *
وَأَمَّا تَفْسِيرُ أَبِي الْعَالِيَةِ وَاسْمُهُ رُفَيْعُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: ثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمُفَسِّرُ أَنَا أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْعَمْرَكِيُّ بِسَرَخْسَ (٦) ثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ [يَزِيدَ] (٧) [الْبَصْرِيُّ] (٨) أَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الْأَزْدِيُّ عَنْ عَمَّارِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ بَشِيرٍ الْهَمَذَانِيِّ
(٢) في نسخه (أ) أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بكر.
(٣) في نسخه (ب) الأْرموي.
(٤) في (ب) الأصبهاني.
(٥) في (أ) الحبيني.
(٦) سَرْخَس: بفتح أوله، وسكون ثانيه، وفتح الخاء المعجمة، وآخره سين مهملة، ويقال سَرَخَس، بالتحركك، والأول أكثر: مدينة قديمة من نواحي خراسان كبيرة واسعة، وهي بين نيسابور ومرو في وسط الطريق.
(٧) في ب: مزيد.
(٨) زيادة من (ب).
* وَأَمَّا تَفْسِيرُ الْقُرَظِيِّ: قَالَ: ثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْهَرَوِيُّ ثَنَا رَجَاءُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَا مَالِكُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْهَرَوِيُّ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعَّبٍ الْقُرَظِيِّ.
* وَأَمَّا تَفْسِيرُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: أَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ كَتَبَ إِلَيَّ أَحْمَدُ بْنُ كَامِلِ ابن خَلَفٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَرِيرٍ الطَّبَرِيَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ: ثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ.
* وَأَمَّا تَفْسِيرُ الْكَلْبِيِّ: فَقَدْ قَرَأْتُ بِمَرْوَ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيِّ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ قَالَ: أَنَا أَبُو مَسْعُودٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ الْخَطِيبُ الْكُشْمِيهَنِيُّ فِي مُحَرَّمٍ سَنَةَ خَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ قَالَ أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْرُوفٍ [الْهُرْمُزْفَرْهِيُّ] (١) ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَنْصَارِيُّ الْمُفَسِّرُ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ وَصَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ قَالَا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ السُّدِّيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ (٢) أَنَا بَاذَانُ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
* وَأَمَّا تَفْسِيرُ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ الْهُذَلِيِّ (٣) قَالَ: أَنَا الْأُسْتَاذُ إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ ثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّدُوسِيُّ ثَنَا أَبُو عمر أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَمْرَكِيُّ بِسَرْخَسَ ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَوَّارٍ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَمِيلٍ الْمَرْوَزِيُّ ثَنَا أَبُو مُعَاذٍ عَنْ عَبِيدِ اللَّهِ (٤) بْنِ سُلَيْمَانَ الْبَاهِلِيِّ عَنِ الضَّحَّاكِ.
* وَأَمَّا تَفْسِيرُ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ قَالَ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ الْوَزَّانِيُّ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ ثَنَا أَبُو خَالِدٍ يَزِيدُ بْنُ صَالِحٍ الْفَرَّاءُ النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا [بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ الْبَلْخِيُّ الْأَسَدِيُّ] (٥) أبو معاذ ٢/ب عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ.
* وَأَمَّا تَفْسِيرُ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِهْرَجَانِيُّ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّقْطِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَبِي رُؤْبَةَ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ يَعْقُوبَ الْمَقْرِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنِي الْهُذَيْلُ بْنُ حَبِيبٍ أَبُو صَالِحٍ [الدَّنْدَانِيُّ] (٦) عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ.
(٢) في ب: عن أبي نصر عن أبي صالح.
(٣) في ب: الهلالي.
(٤) في ب: عبيد بن سليمان.
(٥) في الأصل: بكر... الأزدي. والتصويب من التهذيب.
(٦) في الأصل، الديداني، وفي المطبوع (حاشية ابن كثير) الزيداني والتصويب من اللباب ١/٥١٠.
فَهَذِهِ أَسَانِيدُ أَكْثَرِ مَا نَقَلْتُهُ عَنْ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ وَهِيَ مَسْمُوعَةٌ مِنْ طُرُقٍ سِوَاهَا تَرَكْتُ ذِكْرَهَا حَذَرًا مِنَ الْإِطَالَةِ وَرُبَّمَا حَكَيْتُ عَنْهُمْ وَعَنْ غَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ أَوِ التَّابِعِينَ قَوْلًا سَمِعْتُهُ بِغَيْرِ هَذِهِ الْأَسَانِيدِ بَلْ أَذْكُرُ أَسَانِيدَ بَعْضِهَا فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ كَمَا أَنَّهُمْ مُتَعَبَّدُونَ بِاتِّبَاعِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَحِفْظِ حُدُودِهِ فَهُمْ مُتَعَبَّدُونَ بِتِلَاوَتِهِ، وَحِفْظِ حُرُوفِهِ عَلَى سَنَنِ خَطِّ الْمُصْحَفِ الْإِمَامِ الَّذِي اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ، وَأَنْ لَا يُجَاوِزُوا فِيمَا يُوَافِقُ الْخَطَّ عَمَّا قَرَأَ بِهِ الْقُرَّاءُ الْمَعْرُوفُونَ الَّذِينَ خَلَفُوا الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ، وَاتَّفَقَتِ الْأَئِمَّةُ عَلَى اخْتِيَارِهِمْ.
وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي الْكِتَابِ قِرَاءَاتِ مَنِ اشْتُهِرَ مِنْهُمْ بِالْقِرَاءَةِ، وَاخْتِيَارَاتِهِمْ عَلَى مَا قَرَأْتُهُ عَلَى الْإِمَامِ أَبِي نَصْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْمَرْوَزِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تِلَاوَةً وَرِوَايَةً قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ طَاهِرِ بْنِ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيِّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مِهْرَانَ بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُورِ فِي كِتَابِهِ الْمَعْرُوفِ بِكِتَابِ الْغَايَةِ (١) وَهُمْ: أَبُو جَعْفَرٍ يَزِيدُ بْنُ الْقَعْقَاعِ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ نَافِعُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَدَنِيَّانِ، وَأَبُو مَعْبَدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ الدَّارِيُّ الْمَكِّيُّ، وَأَبُو عِمْرَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الشَّامِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو زَبَّانُ بْنُ الْعَلَاءِ الْمَازِنِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ الْبَصْرِيَّانِ، وَأَبُو بَكْرٍ عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ الْأَسَدِيُّ، وَأَبُو عُمَارَةَ حَمْزَةُ بْنُ حَبِيبٍ الزَّيَّاتُ، وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ الْكِسَائِيُّ الْكُوفِيُّونَ فَأَمَّا أَبُو جَعْفَرٍ فَإِنَّهُ أَخَذَ الْقِرَاءَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِمَا وَهُمْ قرأوا عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَأَمَّا نَافِعٌ فَإِنَّهُ قَرَأَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْقَارِئِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الْأَعْرَجِ وَشَيْبَةَ بْنِ نِصَاحٍ وَغَيْرِهِمْ مِنَ التَّابِعِينَ الَّذِينَ قرأوا
وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ فَإِنَّهُ قَرَأَ عَلَى مُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى أُبَيِّ ابن كَعْبٍ، وَقَرَأَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
[وَأَمَّا أَبُو عَمْرٍو فَإِنَّهُ قَرَأَ عَلَى مُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَهُمَا قَرَآ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى أُبَيِّ ابن كَعْبٍ وَقَرَأَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (١) وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ فَإِنَّهُ قَرَأَ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شِهَابٍ الْمَخْزُومِيِّ، وَقَرَأَ الْمُغِيرَةُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ.
وَأَمَّا عَاصِمٌ فَإِنَّهُ قَرَأَ عَلَى أَبِي عَبْدٍ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ وَقَرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ عَاصِمٌ: وَكُنْتُ أَرْجِعُ مِنْ عِنْدِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَأَقْرَأُ عَلَى زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، وَكَانَ زِرٌّ قَدْ قَرَأَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ.
وَأَمَّا حَمْزَةُ فَإِنَّهُ قَرَأَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَسُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، وَحُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ وَغَيْرِهِمْ. وَقَرَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ، وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ عَلَى يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ، وَقَرَأَ يَحْيَى عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ، وَقَرَأَ حُمْرَانُ عَلَى أَبِي الأسود الدؤلي وفرأ أَبُو الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ عَلَى عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ.
وَأَمَّا الْكِسَائِيُّ فَإِنَّهُ قَرَأَ عَلَى حَمْزَةَ، وَأَمَّا يَعْقُوبُ فَإِنَّهُ قَرَأَ عَلَى أَبِي الْمُنْذِرِ سَلَّامِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْخُرَاسَانِيِّ، وَقَرَأَ سَلَّامٌ عَلَى عَاصِمٍ.
فَذَكَرْتُ قِرَاءَاتِ هَؤُلَاءِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى جَوَازِ الْقِرَاءَةِ بِهَا، وَمَا ذَكَرْتُ مِنْ أَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَثْنَاءِ الْكِتَابِ عَلَى وِفَاقِ آيَةٍ، أَوْ بَيَانِ حُكْمٍ فَإِنَّ الْكِتَابَ يُطْلَبُ بَيَانُهُ مِنَ السُّنَّةِ، وَعَلَيْهِمَا مَدَارُ الشَّرْعِ وَأُمُورُ الدِّينِ - فَهِيَ مِنَ الْكُتُبِ الْمَسْمُوعَةِ لِلْحُفَّاظِ وَأَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، وَأَعْرَضْتُ عَنْ ذِكْرِ الْمَنَاكِيرِ، وَمَا لَا يَلِيقُ بِحَالِ التَّفْسِيرِ، فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ مُبَارَكًا عَلَى مَنْ أَرَادَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا [أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ] (١) أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ أَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ
أَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الصمد الترابي ٣/أأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمُّوَيْهِ السَّرَخْسِيُّ أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُزَيْمٍ الشَّاشِيُّ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمَيْدٍ الشَّاشِيُّ ثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ حَمْزَةَ الزَّيَّاتَ عَنْ أَبِي الْمُخْتَارِ الطَّائِيِّ عَنِ ابْنِ أَخِي الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ قَالَ: " مَرَرْتُ فِي الْمَسْجِدِ فَإِذَا النَّاسُ يَخُوضُونَ فِي الْأَحَادِيثِ فَدَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّاسَ قَدْ خَاضُوا فِي الْأَحَادِيثِ؟ قَالَ: أو قد فَعَلُوهَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: أَمَا إِنِّي قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "أَلَا إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ قُلْتُ فَمَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ هُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ وَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ، وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، هُوَ الَّذِي لَا تَزِيغُ بِهِ الْأَهْوَاءُ، وَلَا تَلْتَبِسُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ وَلَا تَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ وَلَا يَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، هُوَ الَّذِي لَمْ تَنْتَهِ الْجِنُّ إِذْ سَمِعَتْهُ حَتَّى قَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ، مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" خُذْهَا إِلَيْكَ يَا أَعْوَرُ (٣). قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا (الْحَدِيثُ) لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَإِسْنَادُهُ مَجْهُولٌ، وَالْحَارِثُ فِيهِ مَقَالٌ.
أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَمْعَانَ السَّمْعَانِيُّ أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الزَّيَّاتِيُّ ثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ لَهِيعَةَ يَقُولُ: ثَنَا مِشْرَحُ بْنُ (هَاعَانَ) (٤) قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(٢) أخرجه البخاري: في فضائل القرآن - باب: خيركم من تعلم القرآن وعلمه: ٩/٧٤ وأخرجه المصنف في شرح السنة: ٤/ ٤٢٧ - ٤٢٨.
(٣) أخرجه الترمذي: في فضائل القرآن - باب ما جاء في فضل القرآن (٨/٢١٨ - ٢٢١) وقال هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث حمزة الزيات، وإسناده مجهول، وفي حديث الحارث مقال إذ كذبه الشعبي في رأيه، ورمي بالرفض وفي حديثه ضعف (التقريب)، وأخرجه الطبراني مختصرًا، قال الهيثمي: وفيه عمرو بن واقد وهو متروك. مجمع الزوائد ٧/١٦٥. وأخرجه المصنف في شرح السنة: ٤/٤٣٨. وانظر فيما سيأتي: ٢/٧٨.
(٤) في الأصل: هامان، والتصويب من التهذيب وشرح السنة، وفي سنن الدارمي: عاهان.
أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الزَّيَّاتِيُّ ثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ ثَنَا جَعْفَرُ ابن عَوْنٍ أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: " [إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مَأْدُبَةُ اللَّهِ فَتَعَلَّمُوا مِنْ مَأْدُبَتِهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ إِنَّ] (٢) هَذَا الْقُرْآنَ حَبْلُ اللَّهِ وَالنُّورُ الْمُبِينُ وَالشِّفَاءُ النَّافِعُ وَعِصْمَةٌ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ وَنَجَاةٌ لِمَنْ تَبِعَهُ لَا يَزِيغُ فَيُسْتَعْتَبُ وَلَا يَعْوَجُّ فَيُقَوَّمُ وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ وَلَا يَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ فَاتْلُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَأْجُرُكُمْ عَلَى تِلَاوَتِهِ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ وَلَكِنِ الْأَلِفُ حَرْفٌ وَاللَّامُ حَرْفٌ وَالْمِيمُ حَرْفٌ" (٣) وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا.
أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ مَتُّوَيْهِ أَنَا الشَّرِيفُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحُسَيْنِيُّ الْحَرَّانِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْآجُرِّيُّ ثَنَا أَبُو الْفَضْلِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ ابن الصَّنْدَلِيِّ ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِمَعْنَاهُ.
أَنَا الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي ثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بَامُوَيْهِ الْأَصْبِهَانِيُّ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى الْقَاضِي الزُّهْرِيُّ بِمَكَّةَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ الصَّائِغُ أَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ أَبِي الطُّفَيْلِ " أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ لَقِيَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِعُسْفَانَ- وَكَانَ عُمَرُ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى مَكَّةَ - فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَنِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي؟ قَالَ: اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمُ ابْنَ أَبْزَى قَالَ: وَمَنِ ابْنُ أَبْزَى؟ قَالَ: مَوْلًى مِنْ مَوَالِينَا قَالَ عُمَرُ: فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى؟ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ رَجُلٌ قَارِئٌ للقرآن عالم بالفوائض قَاضٍ فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرْفَعُ بِالْقُرْآنِ
وأخرجه المصنف في شرح السنة: ٤/٤٣٦.
قال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني وأبو يعلى، وفيه ابن لهيعة، وفيه خلاف: ٧/١٥٨ وعن سهل بن سعد: "لو كان القرآن في إهاب ما مسته النار" قال الهيثمي: رواه الطبراني وفيه عبد الوهاب بن الضحاك وهو متروك. ورواه أبو يعلى: ٢/٣٠٧ وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (٥٢٨٢).
وفسر بعض رواة أبي يعلى الحديث بأن من جمع القرآن ثم دخل النار فهو شر من الخنزير.
(٢) زيادة في نسخة (ب).
(٣) أخرجه الحاكم: ١/٥٥٥ وقال: تفرد به صالح بن عمر عن عبد الله بن مسعود، وهو صحيح، وتعقبه الذهبي بأن صالحًا ثقة خَرج له مسلم، لكن إبراهيم بن مسلم ضعيف. انظر: فيض القدير: ١/٥٤٦. الجرح والتعديل ٢/١٣١. تهذيب الكمال ٢/٢٠٣. الميزان ١/٦٥. التقريب. تهذيب التهذيب ١/١٦٤. الضعفاء والمتروكين ص ٤٠.
أَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ عَبْدِ الصَّمَدِ التُّرَابِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَبِي الْهَيْثَمِ أَنَا الْحَاكِمُ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَدَّادِيُّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ أَنَا أَبُو يَزِيدَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ أَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ أَنَا جَرِيرٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي لَيْسَ فِي جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ كَالْبَيْتِ الْخَرِبِ " (٢) قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الزَّيَّاتِيُّ ثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ أَنَا أَبُو أَيُّوبَ الدِّمَشْقِيُّ ثَنَا سَعْدَانُ بْنُ يَحْيَى ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي الْحَكَمِ الْمَلِيحِ الْهُذَلِيِّ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ الطِّوَالَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمِئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَثَانِيَ، وَأُعْطِيتُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَخَوَاتِيمَ الْبَقَرَةِ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ لَمْ يُعْطَهَا نَبِيٌّ قَبْلِي، وَأَعْطَانِي رَبِّي الْمُفَصَّلَ نَافِلَةً " (٣) غَرِيبٌ.
والمصنف في شرح السنة: ٤/٤٤٢.
(٢) رواه الترمذي: في فضائل القرآن- باب (رقم ١٨) ٨/٢٣١ وقال: هذا حديث حسن صحيح وأحمد: ١/٢٢٣ عن ابن عباس والدارمي: في فضائل القرآن- باب: فضل من قرأ القرآن ٢/٤٢٩ وأخرجه الحاكم: وقال: صحيح الإسناد: ١/٥٥٤ وفي سنده قابوس ابن أبي ظبيان فيه لين (التقريب) والمصنف في شرح السنة: ٤/٤٤٣.
(٣) قال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني عن واثلة بن الأْسقع بنحوه (مجمع الزوائد: ٧/١٥٨) وقال ابن كثير: هذا حديث غريب وسعيد بن بشير فيه لين وسيأتي.
وعن أبي أمامة: قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أعطاني ربي السبع الطوال مكان االتوراة" رواه الطبراني وفيه ليث بن أبي سليم ضعفه أحمد والنسائي ويحيى وقال ابن حبان: اختلط في آخر عمره (الميزان والتقريب). وبقية رجاله رجال الصحيح.
أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ أَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَثَلُ الْمَاهِرِ بِالْقُرْآنِ مَثَلُ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَؤُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ " (١) صَحِيحٌ. وَقَالَ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ قَتَادَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ: " الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ
والمصنف في شرح السنة: ٤/٤٢٩.
أَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ أَنَا أَبُو عُمَرَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَفِيدُ الْعَبَّاسِ بْنِ حَمْزَةَ ثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَجَلِيُّ ثَنَا عَفَّانُ ثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ ثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: " مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْأُتْرُجَّةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌّ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلَا رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَلَا طَعْمَ لَهَا، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا مُرٌّ وَلَا رِيحَ لَهَا " (١) صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ.
أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ ثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الزَّيَّاتِيُّ ثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ، يَعْنِي ابْنَ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ: وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا " (٢) قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ حَسَنٌ.
أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الزَّيَّاتِيُّ ثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ، ثَنَا النَّضِرُ بْنُ شُمَيْلٍ ثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَّامٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ: سَمِعْتُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " اقرؤوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شافعًا لأصحابه اقرؤوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا يَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ غَيَايَتَانِ أَوْ فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا اقْرَءُوا الْبَقَرَةَ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلَا يَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ " (٣) صَحِيحٌ.
أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الزَّيَّاتِيُّ ثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ثَنَا بَشِيرُ بْنُ مهاجر الغنوي ٣/ب ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلَا يَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ، ثُمَّ سَكَتَ
ومسلم: في صلاة المسافرين- باب: فضل الماهر بالقرآن برقم (٧٩٧) ١/٥٤٩.
والمصنف في شرح السنة: ٤/٤٣١- ٤٣٢.
(٢) رواه أبو داود: في الصلاة - باب: كيف يستحب الترتيل في القراءة ٢/١٣٦. والترمذي: في ثواب القرآن- باب: الذي ليس في جوفة قرآن: ٨/٢٣٢ وقال: هذا حديث حسن صحيح وأحمد: ٢/١٩٢ عن عبد الله بن عمر.
وابن حبان: في موارد الظمآن برقم (١٧٩٠) ص ٤٤٢/٤٤٣.
والحاكم: ١/٥٥٢ - ٥٥٣ وقال: صحيح ووافقه الذهبي، والمصنف في شرح السنة: ٤/٤٣٥.
(٣) رواه مسلم: في صلاة المسافرين - باب: فضل قراءة القرآن وسورة البقرة برقم (٨٠٤) ١/٥٥٣.
والمصنف في شرح السنة: ٤/٤٥٦ - ٤٥٧.
أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الزَّيَّاتِيُّ ثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ ثَنَا أَبُو أَيُّوبَ الدِّمَشْقِيُّ ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ثَنَا لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنِ اسْتَمَعَ إِلَى آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ مُضَاعَفَةٌ وَمَنْ قَرَأَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ " (٢).
أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي أَنَا أَبُو طَاهِرٍ (مُحَمَّدُ) (٣) بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمِشٍ الزِّيَادِيُّ أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ التَّاجِرُ ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ بُكَيْرٍ الْكُوفِيُّ أَنَا وَكِيعٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ أَنْ يَجِدَ فِيهِ ثَلَاثَ خَلِفَاتٍ (٤) عِظَامٍ سِمَانٍ؟ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ: فَثَلَاثُ آيَاتٍ يَقْرَؤُهُنَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثِ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ " (٥) صَحِيحٌ.
أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الزَّيَّاتِيُّ ثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ ثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ ثَنَا ابْنُ لهيعه عَنْ زَبَّانَ هُوَ ابْنُ فَايِدٍ عَنْ سَهْلٍ، هُوَ ابْنُ مُعَاذٍ الْجُهَنِيُّ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ
والمصنف في شرح السنة ٤/٤٥٤ وقال: هذا حديث حسن غريب. وأورده ابن كثير في التفسير ١/٣٤ وقال: وروى ابن حبان بعضه، وهذا إسناد حسن على شرط مسلم، فإن بشيرًا أخرج له مسلم ووثقه ابن معين وقال النسائي: ما به بأس، إلا أن الإمام أحمد قال: هو منكر الحديث.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد: روى ابن حبان منه طرفًا، رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح ١/١٥٩.
(٢) رواه أحمد: ٢/٣٤١ عن أبي هريرة، قال الحافظ العراقي: وفيه ضعف وانقطاع، وقال تلميذه الهيثمي: فيه عبّاد بن ميسرة، ضعفّه أحمد وغيره، ووثقه ابن معين مرة وضعفه أخرى، ووثقه ابن حبان، انظر: فيض القدير: ٦/٥٩، مجمع الزوائد: ٧/١٦٢ الضعفعاء والمتروكين للنسائي ص ١٧٣.
(٣) في ب: أحمد وهو خطأ، انظر: اللباب: ٢/٨٤.
(٤) الحوامل من الإبل إلى أن يمضي عليها نصف أمدها. ثم هي عشار، والواحدة خَلِفَة وعشراء.
(٥) رواه مسلم: صلاة المسافرين- باب فضل قراءة القرآن في الصلاة وتعلمه برقم (٨٠٢) ١/٥٥٢.
والمصنف في شرح السنة: ٤/٤٣٤.
أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ أَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْبَرْتِيُّ ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ ثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ رَجُلٍ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ يَقْرَأُ عَلَى قَوْمٍ فَلَمَّا قَرَأَ سَأَلَ فَقَالَ عِمْرَانُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلْيَسْأَلِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ فَإِنَّهُ سيجيء أقوام يقرؤون الْقُرْآنَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ بِهِ " (٢) رَوَاهُ أَبُو عِيسَى عَنْ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ هُوَ خَيْثَمَةُ الْبَصَرِيُّ الَّذِي رَوَى عَنْهُ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ وَلَيْسَ هُوَ خَيْثَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
والحاكم: ١/٥٦٧، وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، فاعترض الذهبي بقوله: "قلت: زبَّان ليس بالقوي".
وقال المنذري في مختصر السنن: سهل بن معاذ ضعيف، ورواه عنه زَبَّان بن فايد وهو ضعيف أيضًا ورواه الآجري في أخلاق أهل القرآن برقم (٢٢) ص ٨١. وانظر تعليق المحقق عليه.
(٢) رواه الترمذي في ثواب القرآن - باب رقم (٢٠) ٨/٢٣٥، وقال: هذا حديث حسن، وخيثمة شيخ بصري يكنى: أبو نصر، قد روى عن أنس بن مالك أحاديث.
وأحمد: ٤/٤٣٢، عن عمران بن حصين.
والمصنف في شرح السنة: ٤/٤٤١، ونقل تحسين الترمذي له.
أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ التُّرَابِيُّ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمُّوَيْهِ السَّرَخْسِيُّ أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُزَيْمٍ الشَّاشِيُّ ثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ " (١).
أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمُظَفَّرِيُّ أَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْفَقِيهُ أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ ثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ ثَنَا أَبُو عوانه عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ " (٢).
أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ التُّرَابِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمُّوَيْهِ أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُزَيْمٍ أَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ ثَنَا سُهَيْلٌ أَخُو حَزْمٍ الْقَطِيعِيِّ، ثَنَا أَبُو عِمْرَانَ (الْجَوْنِيُّ) (٣) عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ فَأَصَابَ فَقَدْ أَخْطَأَ " (٤) غَرِيبٌ.
وأخرجه المصنف في شرح السنة: ١/٢٥٨.
وفيه عبد الأعلى بن عامر الثعلبي، الكوفي، صدوق يهم، من السادسة. ضعفه أحمد وأبو زرعة وقال النسائي: ليس بذاك القوي.
انظر الضعفاء والمتروكين للنسائي ص ١٦٥، وميزان الاعتدال ٢/٥٣٠، الجرح والتعديل ٦/٢٥، تقريب التهذيب، تهذيب التهذيب ٦/ ٩٤ وغيرها.
(٢) أخرجه أحمد: ١/٢٦٩ عن ابن عباس.
والترمذي في التفسير - باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه: ٨/٢٧٧، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
والطبري برقم (٧٣- ٧٧) وقال الشيخ شاكر: تدور هذه الأحاديث كلها على عبد الأعلى بن عامر الثعلبي، وقد تكلموا فيه كما سبق.
وأخرجه المصنف في شرح السنة: ١/٢٥٧، وقال: هذا حديث حسن.
(٣) في الأصل الجوفي.
(٤) رواه أبو داود في العلم، باب: الكلام في كتاب الله بغير علم: ٥/٢٤٩، والترمذي في التفسير، باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه: ٨/٢٧٩، وقال: هذا حديث غريب.
وعزاه المنذري للنسائي وقال: سهيل بن أبي حزم: بصري، واسم أبي حزم مهران، وقد تكلم فيه الإمام أحمد والبخاري والنسائي وغيرهم، ورمز السيوطي في الجامع الصغير لحسنه، قال المناوي: لعله لاعتضاده، وإلا ففيه سهيل بن عبد الله... فيض القدير: ٦/١٩١. وأخرجه المصنف في شرح السنة: ١/٢٥٩.
وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا تَفْقَهُ كُلَّ الْفِقْهِ حَتَّى تَرَى لِلْقُرْآنِ وُجُوهًا كَثِيرَةً قَالَ حَمَّادٌ: قُلْتُ لِأَيُّوبَ: مَا مَعْنَى قَوْلِ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؟ فَجَعَلَ يَتَفَكَّرُ فَقُلْتُ: هُوَ أَنْ تَرَى لَهُ وُجُوهًا فَتَهَابَ الْإِقْدَامَ عَلَيْهِ فَقَالَ: هُوَ ذَاكَ، هُوَ ذَاكَ.
قَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ رَحِمَهُ اللَّهُ: قَدْ جَاءَ الْوَعِيدُ فِي حَقِّ مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ وَذَلِكَ فِيمَنْ قَالَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ. فَأَمَّا التَّأْوِيلُ- وَهُوَ صَرْفُ الْآيَةِ إِلَى مَعْنًى مُحْتَمَلٍ مُوَافِقٍ لِمَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا غَيْرِ مُخَالِفٍ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ طَرِيقِ الِاسْتِنْبَاطِ - فَقَدْ رُخِّصَ فِيهِ لِأَهْلِ الْعِلْمِ.
أَمَّا التَّفْسِيرُ: وَهُوَ الْكَلَامُ فِي أَسْبَابِ نُزُولِ الْآيَةِ وَشَأْنِهَا وَقِصَّتِهَا، فَلَا يَجُوزُ إِلَّا بِالسَّمَاعِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ مِنْ طَرِيقِ النَّقْلِ.
وَأَصْلُ التَّفْسِيرِ مِنَ التَّفْسِرَةِ وَهِيَ: الدَّلِيلُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي يَنْظُرُ فِيهِ الطَّبِيبُ فَيَكْشِفُ عَنْ عِلَّةِ الْمَرِيضِ، كَذَلِكَ الْمُفَسِّرُ يَكْشِفُ عَنْ شَأْنِ الْآيَةِ وَقِصَّتِهَا.
وَاشْتِقَاقُ التَّأْوِيلِ مِنَ الْأَوْلِ وَهُوَ الرُّجُوعُ. يُقَالُ: أَوَّلْتُهُ فَآلَ أَيْ: صَرَفَتْهُ فَانْصَرَفَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْهَيْثَمِ التُّرَابِيُّ أَنَا الْحَاكِمُ أَبُو الْفَضْلِ الْحَدَّادِيُّ أَنَا أَبُو يَزِيدَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ ثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ وَاصِلِ بْنِ حَيَّانَ عَنْ أَبِي هُذَيْلٍ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، لِكُلِّ آيَةٍ مِنْهَا ظَهْرٌ وَبَطْنٌ وَلِكُلِّ حَدٍّ مَطْلَعٌ وَيُرْوَى لِكُلِّ حَرْفٍ حَدٌّ وَلِكُلِّ حَدٍّ مَطْلَعٌ " (١) وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ، قِيلَ: الظَّهْرُ لَفْظُ الْقُرْآنِ وَالْبَطْنُ تَأْوِيلُهُ. وَقِيلَ: الظَّهْرُ مَا حَدَّثَ عَنْ أَقْوَامٍ أَنَّهُمْ عَصَوْا فَعُوقِبُوا فَهُوَ فِي الظَّاهِرِ خَبَرٌ وَبَاطِنُهُ عِظَةٌ وَتَحْذِيرٌ أَنْ يَفْعَلَ أَحَدٌ مِثْلَ مَا فَعَلُوا فَيَحِلَّ بِهِ مَا حَلَّ بِهِمْ وَقِيلَ مَعْنَى الظَّهْرِ
والفقرة الأولى منه عند البخاري في فضائل القرآن، باب أنزل القرآن على سبعة أحرف: ٩/٢٣.
ومسلم في صلاة المسافرين، باب بيان أن القرآن على سبعة أحرف برقم (٨١٨) : ١/٥٦٠.
ورواه أيضًا: ابن حبان برقم (٧٤)، قال الهيثمي: رواه البزار وأبو يعلى والطبراني في الأوسط باختصار آخره، ورجال أحدهما ثقات،
مجمع الزوائد: ٧/١٥٢. والطحاوي في شكل الآثار ٤/٤٧٢.
وَقَوْلُهُ: "لِكُلِّ حَرْفٍ حَدٌّ" أَرَادَ لَهُ حَدٌّ فِي التِّلَاوَةِ وَالتَّفْسِيرِ لَا يُجَاوَزُ، فَفِي التِّلَاوَةِ لَا يُجَاوِزُ الْمُصْحَفَ، وَفِي التَّفْسِيرِ لَا يُجَاوِزُ الْمَسْمُوعَ، وَقَوْلُهُ لِكُلِّ حَدٍّ مَطْلَعٌ أَيْ مِصْعَدٌ يُصْعَدُ إِلَيْهِ مِنْ مَعْرِفَةِ عِلْمِهِ وَيُقَالُ: الْمَطْلَعُ الْفَهْمُ. وَقَدْ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى الْمُدَبِّرِ وَالْمُتَفَكِّرِ فِي التَّأْوِيلِ وَالْمَعَانِي مَا لَا يَفْتَحُ عَلَى غَيْرِهِ، وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ.
﴿قُلْ أَعُوَذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١) مَلِكِ النَّاسِ (٢) إِلَهِ النَّاسِ (٣) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (٤) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (٦) ﴾
﴿قُلْ أَعُوَذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ﴾ يَعْنِي الشَّيْطَانَ، يَكُونُ مَصْدَرًا وَاسْمًا.
قَالَ الزَّجَّاجُ: يَعْنِي: الشَّيْطَانَ ذَا الْوَسْوَاسِ "الْخَنَّاسِ" الرَّجَّاعِ، وَهُوَ الشَّيْطَانُ جَاثِمٌ عَلَى قَلْبِ الْإِنْسَانِ، فَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ خَنَسَ وَإِذَا غُفِلَ وَسْوَسَ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: الْخَنَّاسُ لَهُ خُرْطُومٌ كَخُرْطُومِ الْكَلْبِ فِي صَدْرِ الْإِنْسَانِ فَإِذَا ذَكَرَ الْعَبْدُ رَبَّهُ خَنَسَ. وَيُقَالُ: رَأْسُهُ كَرَأْسِ الْحَيَّةِ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى ثَمَرَةِ الْقَلْبِ يُمَنِّيهِ وَيُحَدِّثُهُ، فَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ خَنَسَ وَإِذَا لَمْ يُذْكَرْ رَجَعَ فَوَضَعَ رَأْسَهُ، فَذَلِكَ: ﴿الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ﴾ بِالْكَلَامِ الْخَفِيِّ الَّذِي يَصِلُ مَفْهُومُهُ إِلَى الْقَلْبِ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ. ﴿مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾ يَعْنِي يَدْخُلُ فِي الْجِنِّيِّ كَمَا يَدْخُلُ فِي الْإِنْسِيِّ، وَيُوَسْوِسُ لِلْجِنِّيِّ كَمَا يُوَسْوِسُ لِلْإِنْسِيِّ، قَالَهُ الْكَلْبِيُّ.
وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ يُحَدِّثُ جَاءَ قَوْمٌ مِنَ الْجِنِّ فَوَقَعُوا، فَقِيلَ: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: أُنَاسٌ مِنَ الْجِنِّ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْفَرَّاءِ (١).
قَالَ بَعْضُهُمْ: أَثْبَتَ أَنَّ الْوَسْوَاسَ لِلْإِنْسَانِ مِنَ الْإِنْسَانِ كَالْوَسْوَسَةِ لِلشَّيْطَانِ، فَجَعَلَ "الْوَسْوَاسَ" مِنْ فِعْلِ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ جَمِيعًا، كَمَا قَالَ: "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ" (الْأَنْعَامِ -١١٢) كَأَنَّهُ أُمِرَ أَنْ يَسْتَعِيذَ مِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ جَمِيعًا.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ [بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ] (٢) بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ بَيَانٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتِ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ: "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ" وَ"قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ" (٣).
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشُّرَيْحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الثَّعْلَبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعَدْلُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَرْثَدٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: "أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَفْضَلِ مَا تَعَوَّذَ الْمُتَعَوِّذُونَ"؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ" وَ"قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ" (٤).
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْجَوْزَجَانِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْخُزَاعِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْهَيْثَمُ بْنُ كُلَيْبٍ الشَّاشِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ فَنَفَثَ فِيهِمَا، فَقَرَأَ فِيهِمَا: "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ" وَ"قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ" وَ"قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ" ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ. يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (٥).
(٢) ما بين القوسين ساقط من "أ".
(٣) أخرجه مسلم، في صلاة المسافرين، باب فضل قراءة المعوذتين برقم: (٨١٤) : ١ / ٥٥٨.
(٤) أخرجه الإمام أحمد في المسند: ٣ / ٤١٧. وعزاه صاحب الكنز: ١ / ٤٨٥ للطبراني.
(٥) أخرجه الترمذي في الشمائل صفحة (١٥٧) بشرح الباجوري والبخاري في فضائل القرآن، باب فضل المعوذات: ٩ / ٦٣، والمصنف في شرح السنة: ٤ / ٤٧٨.
أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي وَأَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحِيرِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَعْقِلٍ الْمَيْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يحيى، حدثنا بعد الرازق، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ" (٢).
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ يَزِيدَ، يَعْنِي ابْنَ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ به" (٣). تم (٤).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في التفسير: ٣ / ٣٦٠، والبخاري في فضائل القرآن، باب اغتباط صاحب القرآن: ٩ / ٧٣ ومسلم في صلاة المسافرين، باب فضائل من يقوم بالقرآن ويعلمه برقم: (٨١٥) : ١ / ٥٥٩، والمصنف في شرح السنة: ٤ / ٤٣٣.
(٣) أخرجه البخاري في فضائل القرآن، باب من لم يتغن بالقرآن: ٩ / ٦٨، ومسلم في صلاة المسافرين، باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن برقم: (٢٣٤) : ١ / ٥٤٦، والمصنف في شرح السنة: ٤ / ٤٨٥.
(٤) من "أ" ومن "ب" والله عز وجل سبحانه أعلم.