تفسير سورة الرّوم

معاني القرآن
تفسير سورة سورة الروم من كتاب معاني القرآن .
لمؤلفه الفراء . المتوفي سنة 207 هـ

قوله :﴿ غُلِبَتِ الرُّومُ٢ ﴾ القُراء مجتمعون على ﴿ غُلِبَت ﴾ إلاّ ابن عمر فإنه قرأها ( غَلَبَتِ الرُّومُ ) فقيل له : علاَم [ ١٤٣ ] غَلبُوا ؟ فقال : على أدنى رِيِف الشام. والتفسير يردّ قول ابن عُمَر. وذلك أن فارس ظفرت بالروم فحزِن لذلكَ المسْلمُونَ، وفرح مشركو أهلِ مَكَّة ؛ لأن أهل فارسَ يعبدونَ الأوثان ولا كتاب لهم، فأحبّهم المشركُونَ لذلك، ومال المسْلمونَ إلى الروم، لأنهم ذَوو كتابٍ ونبوّة. والدليل على ذلكَ قول الله ﴿ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ﴾ ثم قال بعد ذلكَ : ويوم يغلِبونَ يفرح المؤمنون إذا غَلَبُوا. وقد كان ذلك كلّه.
وقوله :﴿ مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ ﴾ كلامُ العرب غَلَبته غَلَبةً، فإذا أضَافوا أسْقَطُوا الهاء كما أسْقطوها في قوله ﴿ وإقام الصَّلاةِ ﴾ والكلامُ إقامة الصَّلاة.
وقوله :﴿ لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ٤ ﴾ القراءة بالرفع بغير تنوينٍ ؛ لأنهما في المعْنَى يراد بهما الإضافَة إلى شيء لا محالة. فلما أدّتا عن مَعْنى ما أُضيفتا إليه وسَمُوهما بالرفع وهما مخفوضتان ؛ ليكون الرفع دليلاً على ما سَقط مما أضفتهما إليه. وَكذلكَ ما أشبههما، كقول الشاعر :
إن تأتِ من تحتُ أجِئْها من عَلُ ***...
ومثله قول الشاعر :
إذا أنا لم أُومَن عَليكِ ولم يَكُن *** لقاؤكِ إلاَّ من ورَاء ورَاء
ترفع إذا جَعَلته غايةً ولم تذكر بعده الذي أضفته إليه فَإن نويت أن تظهره أو أظهرته قلت : لله الأمر منْ قبلِ ومن بَعْدِ : كأنكَ أظهرتَ المخفوض الذي أسْنَدْت إليه ( قَبْل ) و ( بعد ). وسمع الكسائي بعض بنى أسَدٍ يقرؤها ( لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلِ وَمِن بَعْدُ } يخفض ( قبل ) ويرفع ( بَعد ) على ما نوى وأنشدني ( هو يعنى ) الكسائي :
أكابِدها حَتى أُعَرِّسَ بَعْد ما *** يكون سُحُيْراً أو بُعَيدَ فأهْجَعَا
أراد بُعَيدَ السحَّر فأضمره. ولو لم يُرِد ضمير الإضافة لرفع فقال : بُعَيْدُ. ومثله قول الشَّاعر :
لَعَمْركَ ما أدري وإني لأَوجَلُ *** على أيِّنا تَعْدو المنيَّةُ أوّلُ
رفعت ( أوّل ) لأنه غاية ؛ ألا ترى أنها مسنَدة إلى شيء هي أوّلهُ ؛ كما تعرِف أنّ ( قبل ) لا يكون إلاَّ قبل شيء، وأنَّ ( بعد ) كذلكَ. ولو أطلقتهما بالعربيّة فنوَّنت وفيهما مَعْنى الإضَافة فخفضت في الخفض ونوَّنت في النصب والرفع لكان صَوَاباً، قد سُمع ذلكَ من العرب، وجَاء في أشعارها، فقال بعضهم :
وساغَ لي الشرابُ وكنت قبلاً *** أكاد أغَصُّ بالماء الحمِيم
فنوَّنَ وكذلكَ تقول : جئتك من قبل فرأيتكَ. وكذلك قوله :
مِكَرٍّ مِفَرٍّ مقبل مُدبرٍ معاً *** كجُلمودِ صخرٍ حطّه السيلُ من عَلِ
فهذا مخفوض. وإن شئت نوَّنت وأن شئت لم تنون على نيّتك ؟ وقال الآخر فرفع :
كَأنّ مِحَطّا في يدَي حارثيَّةٍ *** صَناعٍ علت منّى به الجِلدَ من عَلُ
المِحَطّ : منقاش تشِم به يدها.
وأما قول الآخر :
هتكت به بيوتَ بنى طَرِيفٍ *** على ما كان قبلٌ من عِتاب
فنوَّن ورَفَع فإن ذلك لضرورة الشعر، كما يُضطَرّ إليه الشاعر فينوّن في النداء المفرد فيقول : يا زيدٌ أَقْبل ؛ قَالَ :
قدَّمُوا إذْ قيل قيسٌ قدِّمُوا *** وارفعُوا المجدَ بأطرافِ الأَسَل
وأنشدني بعض بنى عُقيل :
ونحن قتلنا الأَسْدَ أَسْدَ شَنُوءَة *** فما شرِبُوا بعدٌ على لذَّة خمرَا
ولو ردّه إلى النصب إذ نوّن كان وجها ؛ كما قال :
وسَاغ لي الشراب وكنت قبلاً *** أكاد أغَصَّ بالماء الحَمِيم
وكذلك النداء لو رُدّ النصب إذا نُوَّن فيه كَانَ وَجْها ؛ كما قال :
فطِر خالداً إن كنتَ تَسْطيع طَيْرةً *** وَلا تَقَعْن إلاَّ وقلبُكَ حاذِِر
ولا تنكرنَّ أن تضيف قبل وبعدَ وأشباههما وإن لم يظهر فقد قال :
إِلاَّ بُدَاهةَ أو عُلاَلَة *** سَابحٍ نَهْدِ الجُزَاره
وقال الآخر :
يامن يرى عَرِضاً أكفكفُهُ *** بين ذِرَاعيْ وجَبْهةِ الأَسَدِ
وسمعت أبا ثَرْوَان العُكْلِيّ يقول : قطع الله الغداة يد ورجل من قاله. وإنما يجوز هَذَا في الشيئين يَصْطحبَان ؛ مثل اليد والرجل، ومثل قوله : عندي نصفُ أو ربعُ درهَمٍ، وجئتك قبلَ أو بعدَ العصرِ. ولا يجوز في الشيئين يتباعَدان ؛ مثل الدار والغلام : فلا تُجيزنّ : اشتريت دارَ أو غلام زيد ؛ ولكن عَبْدَ أَوْ أَمَةَ زَيدٍ، وعينَ أو أذُن، ويد أو رِجْلَ، وما أشبهه.
وقوله :﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا٧ ﴾ يعنى أهل مَكَّة. يقول : يَعلمونَ التجارات والمعاش، فجَعَلَ ذلك علمهم. وأما بأمْرِ الآخرة فعَمُون.
وقوله :﴿ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى٨ ﴾ يقول : ما خلقناهما ﴿ إِلاَّ بِالْحَقِّ ﴾ للثواب والعقاب والعمَل ﴿ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى ﴾ : القيامَة.
وقوله :﴿ وَأَثَارُواْ الأَرْضَ٩ ﴾ : حَرَثوها ﴿ وَعَمَرُوها أَكْثَرَ ﴾ مما كانوا يَعْمُرُونَ. يقول : كانوا يعمِّرونَ أكثر من تعمير أهْل مَكَّة فأُهلِكُوا.
وقوله :﴿ ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءواْ السُّوأى١٠ ﴾.
تنصب الْعَاقبة بكان، وتجعل مرفوع ( كان ) في ﴿ السُّوءَى ﴾. ولو رفعت الْعَاقبة ونصبت ﴿ السُّوءَى ﴾ كان صَوَاباً. و ﴿ السُّوءَى ﴾ في هَذا الموضع : العذابُ، ويقال : النار.
وقوله ﴿ أَن كَذَّبُواْ ﴾ لتكذيبهم، ولأن كذَّبُوا. فإذا ألقيتَ اللام كان نصباً.
وقوله :﴿ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ١٢ ﴾ :
ييأسون من كل خير، ويقطع كلامُهم وحججهم. وقرأ أبوُ عبد الرحمن السلميّ ( يُبْلَسُ الْمُجْرِمُونَ ) بفتح اللام. والأولى أجود. قال الشاعر :
يا صَاحِ هل تعرف رَسما مكرَساً قال نعم أعرفُه وَأبلسَا
وقوله :﴿ فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ١٧ ﴾
يقول : فصَلّوا لله ﴿ حِينَ تُمْسُونَ ﴾ وهي المغرب والعِشَاء ﴿ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ﴾ صَلاة الفجر ﴿ وَعَشِيّاً ﴾ صلاة العصر ﴿ وَحِينَ تُظْهِرُونَ ﴾ صلاة الظهر.
وقوله :﴿ لآيَاتٍ لِّلْعَالَمِينَ٢٢ ﴾ يريد العالَم من الجِنِّ والإنسِ ومن قرأها ﴿ للعَالِمينَ ﴾ فهو وجه جيّد ؛ لأنه قد قال ﴿ لآياتٍ لقومٍ يَعْقِلُونَ ﴾ و ﴿ لآياتٍ لأُولِى الأَلْبَابِ ﴾.
وقوله :﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً٢٤ ﴾
وقبل ذلك وبعده ( أنْ أنْ ) وكلٌّ صَوَاب. فمن أظهر ( أنْ ) فهي في موضع اسمٍ مرفوعٍ ؛ كما قَالَ ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيِْلِ والنَّهارِ ﴾ فإذا حَذفْت ( أنْ ) جَعَلْتَ ( مِن ) مؤدّية عن اسْمٍ متروكٍ يكون الفعل صلةً لهُ ؛ كقول الشاعِر :
وما الدهر إِلاَّ تارتان فمنهُما أمُوتُ وَأُخرى أبتغى العَيْش أكدح
١٤٤ ب / كأنه أراد : فمنها سَاعَة أموتها، وسَاعة أعيشها. وكَذلك من آياته آية للبرق وآية لكذا. وأن شئتَ : يريكم من آياته البرق فلا تضمر ( أن ) ولا غيره.
وقوله :﴿ أَن تَقُومَ السَّماء وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ٢٥ ﴾ يقول : أَن تدوما قائمتين بأمره بغير عَمَدٍ.
وقوله :﴿ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ٢٧ ﴾ حدّثنا أبو العبَّاس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفرّاء قال : حدّث الحسنُ بن عمارة عن الحَكَم عن مجاهد أَنه قال : الإنشاءة أهونُ عليه من الابتداء. قال أبو زكريّاء : ولا أشتهي ذلك والقولُ فيه أنه مَثَل ضَرَبه اللهُ فقال : أتكفرونَ بالبعث، فابتداء خَلْقكم من لاَ شيء أشدّ. فالإنشاءة من شيء عندكم بأهل الكفر ينبغي أن تكون أهْونَ عَليه. ثم قَالَ ﴿ وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعلى ﴾ فهذا شاهِدٌ أنه مَثَل ضربه الله. حدَّثنا أبو الْعَبَّاسِ، قال حدّثنا محمّد قال حدّثنا الفرّاء قال حدَّثني حِبَّانُ عن الكلبيّ عن أبى صالح عن ابن عبَاسٍ قال ﴿ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ﴾ : على المخلوق، لأنه يقول له يوم القيامَة : كن فيكون وأوَّل خَلْقه نُطْفة ثم من عَلَقة ثم من مُضْغَةٍ.
وقوله :﴿ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ ٢٩ ﴾
نصبتَ الأنفس ؛ لأن تأويل الكاف والميم في ﴿ خِيفَتِكُمْ ﴾ مرفوع. ولو نويْت به - بالكافِ والميم - أن يكون في تأويل نصبٍ رفعت ما بعدها. تقول في الكلام : عجبت مِن موافقتك كثرةُ شربِ الماء، عجبت من اشترائكَ عبداً لا تحتاج إليه. فإذا وقع مثلها في الكلام فأجرِه بالمعنى لا باللفظ. والعرب تقول : عجبت من قيامكم أجْمعونَ وأجمعين، وقيامكم كُلُّكم وكُلِّكم. فمنْ خفض أتبعه اللفظ ؛ لأنه خَفْض في الظاهِرِ ومن رفع ذهب إلى التأويل. ومثله ﴿ لإيلاَفِ قرَيْشٍ إيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء والصَّيْفِ ﴾ أوقعت الفعل من قريش على ﴿ رِحْلَة ﴾ والعرب تقول : عجبت من تساقطها بعضُها فوق بعض، وبعِضها، على مثل ذلك : هذا إذا كَنَوا. فإذا قالوا سَمْعت قرع أنيابه بعضِها بَعضاً خفضوا ( بعض ) وهو الوجه في الكلام ؛ لأن الذي قبله اسم ظاهر، فاتبعوه إيَّاه. لو رفعت ( بعضها ) كان على التأويل.
وقوله :﴿ فِطْرَتَ اللَّهِ٣٠ ﴾
يريد : دِين الله منصوب على الفعل، كقوله ﴿ صِبْغَةَ اللهِِ ﴾. وقوله ﴿ الَّتِي فَطَرَ الناسَ عَلَيْها ﴾ يقول : المولود على الفِطرة حتى يكُون أبواهُ اللذان ينصِّرانه أو يُهوِّدانِهِ. ويقال فطرة الله أن الله فطر العِبَاد على هَذا : على أنْ يعرفُوا أَنّ لهم رَبّاً ومدبِّراً.
وقوله :﴿ مُنِيبِينَ٣١ ﴾ منصوبة على الفعل، وإن شئت على القطع.
فأقِمْ وجهك ومن مَعَك مُنيبينَ مقبلين إليه.
وقوله :﴿ وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾. ﴿ مِنَ الَّذِينَ فَارَقُواْ دِينَهُمْ ﴾ فهذا وجهٌ. وإن شئت استأنفت فقلت :﴿ مِنَ الَّذِينَ فَارَقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾. كأنكَ قلت : الذينَ تفرقوا وتشايَعُوا كلُّ حِزْبٍ بما في يده فرِح.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣١:وقوله :﴿ مُنِيبِينَ٣١ ﴾ منصوبة على الفعل، وإن شئت على القطع.
فأقِمْ وجهك ومن مَعَك مُنيبينَ مقبلين إليه.
وقوله :﴿ وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾. ﴿ مِنَ الَّذِينَ فَارَقُواْ دِينَهُمْ ﴾ فهذا وجهٌ. وإن شئت استأنفت فقلت :﴿ مِنَ الَّذِينَ فَارَقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾. كأنكَ قلت : الذينَ تفرقوا وتشايَعُوا كلُّ حِزْبٍ بما في يده فرِح.

وقوله :﴿ أَنزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطَانا٣٥ ﴾ كتاباً فهو يأمرهم بعبادة الأصنام وشِرْكهم.
وقوله :﴿ لِّيَرْبُوَ٣٩ ﴾ قرأها عاصم والأعمش ويحيَى بن وَثَّابٍ باليَاء ونصْب الواو. وقرأها أهل الحجاز ﴿ لِتُرْبُوَ ﴾ أنتم. وكلّ صواب ومن قرأ ﴿ ليَرْبوَ ﴾ كان الفِعل للربا. ومن قال ﴿ لتُرْبُوا ﴾ فالفعْل للقوم الذين خُوطبُوا. دَلّ على نصبه سُقوطُ النُّون. ومعناه يقول : وما أعطيتم من شيء لتأخذوا أكثر منْهُ فَلَيسَ ذلكَ بزاكٍ عند الله ﴿ وَما آتَيْتُمْ مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ ﴾ بها ﴿ وَجْهَ اللَّهِ ﴾ فتلك تَرْبو للتضعيف.
وقوله :﴿ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ﴾ أهل للمضاعفة ؛ كما تقول العرب أصبحتم مُسْمِنينَ مُعْطِشين إذا عطِشت إليهم أو سَمنت. وسمع الكسائي العرب تقول : أصْبحتَ مُقْوياً أي إبلك قويَّة، وأصبحتَ مُضعفاً أي إبلكَ ضعاف تريد ضعيفة من الضُّعف.
وقوله :﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي الناسِ لِيُذِيقَهُمْ٤١ ﴾
يقول : أجدَبَ البَرُّ، وانقطعتْ مادَّة البحر بذنوبهم، وكان ذلك ليُذَاقوا الشدَّة بذنوبهم في العاجل.
وقوله :﴿ يَصَّدَّعُونَ٤٣ ﴾
يتفرقون. قال : وسَمعت العرب تقول : صدَعت غنمي صِدْعتين ؛ كقولك : فَرَقتها فِرقتين.
وقوله :﴿ إِلَى آثَارِ رَحْمَة اللَّهِ٥٠ ﴾ قرأها عاصم والأعمش ( آثَارِ ) وأهل الحجاز ( أَثَر ) وكلّ صواب.
وقوله :﴿ فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً٥١ ﴾ يخافونَ هلاكه بعد اخضراره، يعنى الزرع.
وقوله :﴿ بِهادِ الْعُمْي عَن ضَلاَلَتِهِمْ٥٣ ﴾ و﴿ من ضَلاَلَتِهِمْ ﴾ كلّ صَوَاب. ومن قال ﴿ عَن ضَلاَلَتِهِمْ ﴾ كَأنه قالَ : ما أنت بصَارفٍ العمي عن الضلالة. ومَن قال ( مِنْ ) قَالَ : ما أنت بمانعهم من الضلالة.
وقوله :﴿ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ٥٥ ﴾
يَحْلفون حين يخرجُون : ما لبثوا في قبورهم إلاَّ ساعةً. قال الله : كَذَبُوا في هذا كما كذبوا في الدنيا وجحدُوا. ولو كانت : ما لبثنا غير سَاعةٍ كان وجها ؛ لأنه من قولهم ؛ كقولكَ في الكلام : حلفوا ما قامُوا، وحَلفوا ما قمنا.
Icon