تفسير سورة قريش

صفوة البيان لمعاني القرآن
تفسير سورة سورة قريش من كتاب صفوة البيان لمعاني القرآن .
لمؤلفه حسنين مخلوف . المتوفي سنة 1410 هـ
مكية، وآياتها أربع.
بسم الله الرحمان الرحيم
لإيلاف قريش ( ١ ) إلافهم رحلة الشتاء والصيف ( ٢ ) فليعبدوا رب هذا البيت ( ٣ ) الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ( ٤ )

﴿ لإيلاف قريش ﴾ كانت لقريش بمكة رحلتان للامتيار والاتجار كل عام : رحلة في الشتاء إلى اليمن، ورحلة في الصيف إلى بصرى بالشام. وكانوا فيهما آمنين ؛ إذ كانوا أهل حرم الله، وولاة بيته المعظم، فلا يتعرض لهم فيهما أحد بسوء، والناس بين متخطف ومنهوب. فذكرهم بهذه النعمة ليخلصوا له العبادة. ونبههم إلى أنه تعالى هو رب هذا البيت المعظم الذي يعتزون به ؛ وبسببه نالوا الشرف والرفعة والأمن والخير. وإيلاف : مصدر آلفت فلانا الشيء، إذا ألزمته إياه. وهو هنا مضاف لمفعوله، والفاعل هو الله تعالى. و " رحلة " مفعول ثان، وهي بالكسر اسم مصدر ؛ من ارتحل بمعنى الارتحال أي الانتقام. و " إيلافهم " بدل من ل " إيلاف ". واللام في " لإيلاف " للتعليل، والجار والمجرور متعلق بقوله : " فليعبدوا ". وزيدت الفاء لما في الكلام من معنى الشرط ؛ إذ المعنى الشرط ؛ إذا المعنى : أن نعم الله على قريش لا تحصى ؛ فإن لم يعبدوه لسائر نعمه فليعبدوه لأجل إيلافه إياهم الرحلتين، أي جعله تعالى لهم آلفين لهما مسترزقين بهما ؛ فإنهما أظهر نعمه تعالى عليهم. وقريش : هم ولد النضر بن كنانة على الأصح. والنضر هو الأب الثالث عشر للنبي صلى الله عليه وسلم. وقيل : هم ولد فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، واسمه قريش، وفهر لقبه، وكنيته أبو غالب.
﴿ فليعبدوا رب هذا البيت ﴾ هو الكعبة المشرفة التي حماها الله من أصحاب الفيل ؛ وشرفت قريش بها على سائر العرب.
﴿ الذي أطعمهم من جوع ﴾ شديد كانوا فيه من قبل ؛ فشبعوا بسبب تينك الرحلتين اللتين تمكنوا منهما بواسطة كونهم من جيران البيت المعظم. ﴿ وآمنهم من خوف ﴾ عظيم، وهو خوف التخطف في بلدهم بدعوة إبراهيم عليه السلام ؛ إذ قال :﴿ رب اجعل هذا بلدا آمنا ﴾١. أو في أسفارهم حيثما ارتحلوا. أو خوف أصحاب الفيل. والله أعلم.
١ آية ١٢٦ البقرة..
Icon