تفسير سورة الأنفال

تفسير غريب القرآن للكواري
تفسير سورة سورة الأنفال من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري .
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿الأَنفَالِ﴾ الْغَنَائِمُ.
﴿أَصْلِحُوا ذَاتَ بِيْنِكُمْ﴾ أَيْ: حَقِيقَةَ بَيْنِكُمْ، والبينُ الوصلةُ والرابطةُ التي تَرْبِطُ بعضَكم ببعض من المودةِ والإخاءِ، قال ابن عاشور: «وَاعْلَمْ أني لم أَقِفْ عَلَى استعمالِ ذَاتِ بَيْنَ في كلامِ العربِ، فَأَحْسِبُ أنه من مُبْتَكَرَاتِ الْقُرْآنِ».
﴿وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ أي: خَافَتْ وَرَهَبَتْ، فَأَوْجَبَتْ لهم خشيةُ اللهِ تعالى الانكفافَ عن المَحَارِمِ؛ فَإِنَّ خوفَ الله أكبرُ عَلَامَاتِهِ أن يَحْجِزُ صاحبَه عن الذنوب.
﴿وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ أي: يَعْتَمِدُونَ في قلوبهم عَلَى اللهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له في جَلْبِ مَصَالِحهِمْ، وَدَفْعِ مَضَارِّهِمْ الدينيةِ والدنيويةِ، وَيَثِقُونَ بالله تعالى أنه سيفعل ذلك.
﴿إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ﴾ أي: أَوْحَى اللهُ إلى رسولِه - ﷺ - عِنْدَ خروجهم إلى بَدْرٍ أنكم سَتُنْصَرُونَ إِمَّا بِالْعِيرِ وهي قافلةُ قريشٍ الآتيةُ من الشامِ تَحْمِلُ البضائعَ والتجاراتِ، وإما طائفةِ النفيرِ وهو جيشُ قريشٍ التي جاءت من مكةَ للنجدةِ لقتالكم (وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ)، والشوكةُ السلاحُ وهي طائفةُ العيرِ؛ لأنها غنيمةٌ صافيةٌ عن كَدَرِ القتالِ.
﴿تَسْتَغِيثُونَ﴾ الاستغاثةُ: طَلَبُ الغوثِ والمعونةِ للتخلصِ مِنْ شِدَّةٍ، والمعنى: وَاذْكُرُوا أيها المؤمنونَ إذ تستغيثونَ رَبَّكُمْ وَتَطْلُبُونَ مِنْهُ النَّصْرَ.
﴿مُرْدِفِينَ﴾ مِنْ أَرْدَفَهُ: إذا أَرْكَبَهُ وَرَاءَهُ، والمرادُ أن الله عَزَّ وَجَلَّ أَرْسَلَ الملائكةَ مُتَتَابِعِينَ.
﴿أَمَنَةً مِّنْهُ﴾ أَمَانًا وَأَمْنًا وَأَمَنَةً بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
﴿رِجْزَ الشَّيْطَانِ﴾ وَسْوَسَتُهُ التي أَلْقَاهَا فِي قُلُوبِكُمْ.
﴿فَوْقَ الأَعْنَاقِ﴾ أي: أَعْلَى الأَعْنَاقِ.
﴿بَنَانٍ﴾ أي: أَطْرَافُ الأَصَابِعِ.
﴿شَآقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ أي: خَالَفُوا، وَسُمِّيَتِ العداوةُ مُشَاقَّةً؛ لأن كُلًّا مِنَ المُتَعَادِيَيْنِ يكونُ في شِقٍّ غيرِ الّذِي يكونُ فيه الآخَرُ فالمشاقةُ العداوةُ.
﴿ذَلِكُمْ﴾ أي القتلُ والخِزْيُ.
﴿فَذُوقُوهُ﴾ في الدنيا.
﴿زَحْفًا﴾ الزَّحْفُ: الدُّنُوُّ قَلِيلًا قَلِيلًا، وَأَصْلُهُ الانْدِفَاعُ عَلَى الأَلْيَةِ، ثم سُمِّيَ كُلّ مَاشٍ في الحرب إلى آخَرَ زَاحِفًا، والمعنى: إذا لَقِيتُمُ الّذِينَ كَفَرُوا في الحرب وكأنهم لكثرتهم يزحفون نحوكم زحفًا: ﴿فَلَا تُوَلّوهُمُ الْأَدْبَارَ﴾ فلا تَفِرُّوا مِنْهُمْ وَتُعْطُوهُمْ ظُهُورَكُمْ.
﴿إِلاَّ مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ﴾ أي: مَائِلًا من جهة إلى أخرى ليتمكن من ضَرْبِ العدوِّ وقتالِه، فَالمتَحَرِّفُ هُوَ المُنْحَرِفُ من جانبٍ إلى آخَرَ من الحَرْفِ وهو الطَّرْفُ.
﴿أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ﴾ أي: مُنْضَمًّا إلى جماعةٍ، يقال: تَحَوَّزَ وَتَحَيَّزَ وَانْحَازَ بمعنًى واحدٍ.
﴿وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ﴾ أي مُضْعِفُ كُلِّ مَكْرٍ وَكَيْدٍ يَكِيدُونَ بِهِ الإسلامَ وأهلَه، وَجَاعِلُ مَكْرِهِمْ مُحِيقًا بِهِمْ.
﴿إِن تَسْتَفْتِحُوا﴾ يُخَاطِبُ المُشْرِكِينَ: إن تَطْلُبُوا النَّصْرَ عَلَى مُحَمَّدٍ - ﷺ -، فقد جاءكم النصرُ، لَكِنْ عَلَيْكُمْ، وَهَذَا استهزاءٌ بهم.
﴿لِيُثْبِتُوكَ﴾ لِيَحْبِسُوكَ.
﴿مُكَاء﴾ الصَّفِيرُ.
﴿تَصْدِيَةً﴾ التَّصْفِيقُ، وقيل: التَّصْدِيَةُ: صَدُّهُمْ عَنِ المَسْجِدِ الحَرَامِ.
﴿فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا﴾ فَيَجْمَعُهُ وَيَضُمُّ بَعْضَهُ إلى بَعْضٍ حتى يَتَرَاكَمَ.
﴿بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا﴾ أي: بِجِهَةِ الوادِي القريبةِ، والدنيا هنا تأنيثُ الأَدْنَى.
﴿بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى﴾ أَي: الْبَعِيدَةِ، والقُصْوَى تَأْنِيثُ الأَقْصَى.
﴿وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ﴾ يَعْنِي أن ركبَ أبي سفيانَ الَّذِي فيه عِيرُ قريشٍ كانوا في مَوْضِعٍ أسفلَ من موضعِ المؤمنينَ إلى ساحلِ الْبَحْرِ.
﴿تَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ أي: قُوَّتُكُمْ.
﴿بَطَرًا﴾ البَطَرُ: الطُّغْيَانُ بِالنِّعْمَةِ وَتَرْكُ شُكْرِهَا، أو التَّقَوِّي بِنِعَمِ اللهِ عَلَى مَعَاصِيهِ.
﴿وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ﴾ أي: قال الشيطانُ: إني مُجِيرٌ لكم وَضَامِنٌ أن لا يأتيَكم أحدٌ من ورائكم بما تَكْرَهُونَ.
﴿نَكَصَ﴾ لمَّا رأى الشيطانُ الملائكةَ رَجَعَ وَوَلَّى هَارِبًا.
﴿غَرَّ﴾ خَدَعَ.
﴿تَثْقَفَنَّهُمْ﴾ ثَقِفَهُ أي: أَدْرَكَهُ وَظَفِرَ بِهِ، أي: فَإِنْ وَجَدْتَهُمْ وَظَفِرْتَ بهم في حربٍ أَيِ انْتَصَرْتَ عليهم.
﴿فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ﴾ أي: افْعَلْ بِهِمْ فِعْلًا مِنَ العُقُوبَةِ يَتَفَرَّقُ بِهِ مَنْ وَرَاءَهُمْ.
﴿فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء﴾ عَهْدَهُمْ، أي: ارْمِهِ عَلَيْهِمْ وَأَخْبِرْهُمْ أنه لا عَهْدَ بينكَ وبينهم.
﴿عَلَى سَوَاء﴾ أي حتى يستويَ عِلْمُكَ وَعِلْمُهُمْ بِذَلِكَ، ولا يَحِلُّ لكَ أن تَغْدِرَهُمْ، أو تَسْعَى في شيءٍ مما مَنَعَهُ مُوجِبُ العهدِ حتى تُخْبِرَهُمْ بذلك.
• (٥٩) ﴿سَبَقُوا﴾ أَفْلَتُوا من القتلِ أو نَجَوْا من الأَسْرِ.
﴿يُثْخِنَ﴾ يُكْثِرَ مِنَ الْقَتْلِ.
﴿مِّن وَلاَيَتِهِم﴾ الوَلايةُ، بِفَتْحِ الوَاوِ: النُّصْرَةُ، والوِلَايَةُ بِكَسْرِهَا: الإِمَارَةُ.
72
سُورة التوبَة
Icon