ﰡ
والتَّبَاتُ : الْخُسَرانُ الذي يؤدِّي إلى الهلاكِ، والمعنى : خَسِرَتْ يداهُ من كلِّ خيرٍ. وأضافَهُ إلى اليَدَين ؛ لأنَّ العملَ أكثرُ ما يجرِي على اليدَين.
ومعنى قولهِ ﴿ وَتَبَّ ﴾ أي وخَسِرَ هو بنفسهِ خُسراناً لا يفلِحُ بعدَهُ أبداً، واختلفُوا في المعنى الذي ذكرَهُ اللهُ بالكُنيَةِ، قال بعضُهم : إنما ذكرَهُ بها ؛ لأنه كان اسمهُ عبدُ العُزَّى فلذلك ذُكِرَ بالكُنيَةِ. وقال بعضُهم كان مشهوراً بهذه الكُنيَة. وقال بعضهم : كانت وَجنَتاهُ حمراوَينِ.
وقال الضحَّاك :((كَانَتْ تَأْتِي بالشَّوْكِ وَالْفَضَلاَتِ، فَتَطْرَحُهَا باللَّيْلِ فِي طَرِيقِ النَّبِيِّ ﷺ وَأصْحَابهِ لِتَعْقِرُهُمْ، وَكَانَتْ تُعَيِّرُ رَسُولَ اللهِ ﷺ بالْفَقْرِ، فَعَيَّرَهَا اللهُ تَعَالَى بالاحْتِطَاب)).
وهو ما تحمله من الشوكِ. قراءةُ العامَّة (حَمَّالَةُ) بالرفع، على أنه خبر لمبتدأ، ويجوز أن يكون نعتاً وخبرُ المبتدأ (فِي جِيدِهَا)، ومن نصبَ (حَمَّالَةَ) فعلى الذمِّ والشتمِ، كقوله تعالى ﴿ مَّلْعُونِينَ ﴾ [الأحزاب : ٦١] والمعنى : أعنِي حَمَّالَةَ الحطب، وفي قراءةِ عبدِ الله (وَمَرِيَّتُهُ حَمَّالة الْحَطَب)، وقراءة أبي قلابة (وَامْرَأتُهُ حَامِلَةَ الْحَطَبِ) على وزن فاعلة.
ويقال : إنَّها اختنَقت في الدُّنيا بحبلٍ من ليفٍ خنَقَها اللهُ به فأهلَكها، ويجعلُ في الآخرةِ في عنُقها جبلٌ من نارِ تُساق به إلى النار.
والْمَسَدُ في اللغة : الْفَتْلُ، والممسُود : المفتولُ. وَقِيْلَ : المسَدُ : الحديدةُ التي تدورُ عليها البكَرَةُ تجعلُ في عنقِِها سلسلةً، وتُجعَلُ السلسلةُ في تلك الحديدةِ، فهي تُجتَذبُ بها في النار وتختلفُ بها في النار، كما تختلفُ بالدَّلوِ في البئرِ على البكَرةِ، يُشْهِرُها الله بهذه العلامةِ في جهنَّم، تُرفَعُ مرَّة، وتُخفَضُ أخرى مع سائرِ أنواع العقوباتِ.