ﰡ
ولم تبت يدا أبي لهب؟؛ لأن اليد [محل القوة والتكسب*]، فإسناد التب إليهما يستلزم تباب الجميع، بخلاف ما لو قيل: تب أبو لهب لاحتمل أنه تب لتوب ولده أو جاريته أو ضاع بعض ماله، ثم قال (وَتَبَّ) لأحد معنيين: إما لنفي احتمال أن يكون تب يداه فقط، وإمَّا [لتحقق*] وقوع ذلك حتى كأنه موجود في الحال.
قال الشاعر:
جزى ربُّهُ عني عديَّ بن حاتم | جزَاء الكلابِ العاويات وقد فَعَلْ |
قوله تعالى: ﴿سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (٣)﴾
هذا إما تفسير لـ (تَبَّتْ)، أو زيادة في ذمه، والنفي عليه؛ [لأنه إن كان التب أعم فيشمل*] دنياه وآخرته، وباعتبار تقديمه بالنار في الآخرة فهو تفسير؛ ولذلك أتت الجملة غير معطوفة، وإن كان التب في الدنيا أو في الآخرة على الجملة؛ فهو تأسيس، وبيان، ويكون خسرانه باعتبار ما يناله في عرصات القيامة من الأهوال.
قوله تعالى: (ذَاتَ لَهَبٍ).
قوله تعالى: (سَيَصْلَى نَارًا).
قال الزمخشري: السين للتحقيق، ابن عرفة: إنما دخلت للتحقيق، لقوله تعالى: (سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ)؛ لأن الكتب واقع في الحال، بخلاف هذا قال ابن عطية: روي أن أولاد أبي لهب اجتمعوا عند ابن عباس فتنازعوا وتدافعوا، فقام ابن عباس ليحجز بينهم فدفعه أحدهم فوقع على فراشه، وكان قد كُف بصره، فغضب وصاح أخرجوا عني هذا الكسب الخبيث، قال ابن عرفة: وكذا نقل الزمخشري، وابني أبي لهب احتكموا إليه فاقتتلوا فقام ليحجز بينهم، قال: فدفعه بعضهم فوقع وغضب، فقال: أخرجوا عني الكسب [الخبيث*]، ونقل عن القاضي أبي عبد الله محمد بن عبد السلام أنه سئل [لم*] قال (فِي جِيدِهَا... (٥).. ولم يقل: في عنقها؟، فقال: إن الجيد لما كان محلا [للعقد*]، ولا يذكر إلا للمدح تهكم بها بذكره، فقيل ذلك الموضع الرفيع [... ] من العذاب بحبل من المسد الأصل وأقلها المسد.
* * *