ﰡ
أخبرنا سعيد بن محمد العدل، قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، قال: أخبرنا الحسن بن سفيان، قال: حدَّثنا الحسن بن حماد الوراق، قال: أخبرنا أبو يحيى الحِمَّاني، عن نصر بن الحسن [الحداد] عن عكرمة، عن ابن عباس، قال:
كان ناس من الأعراب يطوفون بالبيت، عراة حتى إن كانت المرأة لتطوف بالبيت وهي عريانة، فتعلق على سُفْلَتِهَا سُيوراً مثل هذه السيور التي تكون على وجوه الحُمُر من الذّباب، وهي تقول:
اليومَ يَبْدُو بَعْضُه أو كلُّهُ * ومَا بَدَا مِنْه فَلاَ أُحِلُّهُ
فأنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿يَابَنِيۤ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ فأمروا بلبس الثياب.
أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد العطار، قال: حدَّثنا محمد بن عبد الله الحافظ، قال: حدَّثنا محمد بن يعقوب المعقلي، قال: حدَّثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: حدَّثنا أبو داود الطَّيَالسي، قال: حدَّثنا شُعْبَة عن سَلَمَة بن كُهَيْل، قال: سمعت مُسْلِماً البَطِينِ يحدث عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال:
كانت المرأة تطوف بالبيت في الجاهلية وهي عريانة، وعلى فرجها خرقة، وهي تقول:
اليوم يبدو بعضه أو كلّهُ * وما بدا منه فلا أُحلُّهُ
فنزلت ﴿خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ ونزلت ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ﴾ الآيتان.
رواه مسلم عن بُنْدار، عن غُنْدَر، عن شُعْبَة.
أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون، قال: أخبرنا أحمد بن الحسن الحافظ، قال: حدَّثنا محمد بن يحيى، قال: حدَّثنا إسماعيل بن أبي أويس، قال: حدَّثني أخي، عن سليمان بن بلال، عن محمد بن أبي عتيق عن ابن شهاب، عن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن، قال:
كانوا إذا حجوا فأفاضوا من منى لا يصلح لأحد منهم في دينهم الذي اشترعوا أن يطوف في ثوبيه، فأيهم طاف ألقاهما حتى يقضي طوافه، وكان أتقى فأنزل الله تعالى فيهم: ﴿يَابَنِيۤ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ أنزلت في شأن الذين يطوفون بالبيت عراة.
قال الكلبي: كان أهل الجاهلية لا يأكلون من الطعام إلا قوتاً، ولا يأكلون دَسَماً في أيام حجهم، يعظمون بذلك حجَّهم، فقال المسلمون: يا رسول الله، نحن أحق بذلك، فأنزل الله تعالى: ﴿وكُلُواْ﴾ أي اللحم والدَّسَمَ ﴿وَٱشْرَبُواْ﴾.
قال ابن مسعود: نزلت في بلعم بن أبره - رجل من بني إسرائيل - وقال ابن عباس وغيره من المفسرين: هو بلعم بن باعورا.
وقال الوالبي: هو رجل من مدينة الجبارين يقال له: بَلْعَم، وكان يعلم اسم الله الأعظم، فلما نزل بهم موسى عليه السلام، أتاه بنو عمه وقومه وقالوا: إن موسى رجل حديد، ومعه جنود كثيرة، وإنه إن يَظْهَرْ علينا يهلكنا، فادع الله أن يرد عنا موسى ومن معه. قال: إني إن دعوت الله أن يرد موسى ومن معه ذهبت دنياي وآخرتي. فلم يزالوا به حتى دعا عليهم فسلخه مما كان عليه فذلك قوله ﴿فَٱنْسَلَخَ مِنْهَا﴾.
وقال عبد الله بن عَمْرو بن العاص وزيد بن أسْلَم: نزلت في أمَيّة ابن أبي الصَّلْت الثَّقفي، وكان قد قرأ الكتب، وعلم أن الله مُرْسِلٌ رسولاً في ذلك الوقت، ورجا أن يكون هو ذلك الرسول، فلما أرسل محمداً صلى الله عليه وآله وسلم. حسده وكفر به.
وروى عِكْرِمَة عن ابن عباس في هذه الآية، قال:
هو رجل أعطى ثلاث دعوات يستجاب له فيها، وكانت له امرأة يقال لها: البَسُوسُ، وكان له منها ولد، وكانت له مُحِبَّة، فقالت: اجعل لي منها دعوة واحدة، قال: لك واحدة، فماذا تأمرين؟ قالت: ادع الله أن يجعلني أجمل امرأة في بني إسرائيل. فلما علمت أن ليس فيهم مثلها رغبت عنه، وأرادت شيئاً آخر، فدعا الله عليها أن يجعلها كلبه نَبَّاحه، فذهبت فيها دعوتان، وجاء بنوها فقالوا: ليس لنا على هذا قرار، قد صارت أمنا كلبة نباحة يعيرنا بها الناس، فادع الله أن يردها إلى الحال التي كانت عليها. فدعا الله، فعادت كما كانت، وذهبت الدعوات الثلاث. وهي البسوس، وبها يضرب المثل في الشؤم فيقال: "اشأم من البسوس".
قال ابن عباس: قال جَبَل بن أبي قُشير وشَمْوال بن زيد - وهما من اليهود - يا محمد أخبرنا متى الساعة إن كنت نبياً، فإنا نعلم متى هي؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال قتادة: قالت قريش لمحمد: إن بيننا وبينك قرابة، فأسِرَّ إلينا متى تكون الساعة؟ فأنزل الله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ﴾.
أخبرنا أبو سعيد بن أبي بكر الورّاق، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن حمدان، قال: حدَّثنا أبو يَعْلَى، قال: حدَّثنا عُقْبَة بن مكرم، قال: حدَّثنا يونس، قال: حدَّثنا عبد الغفار بن القاسم، عن أبان بن لقيط، عن قرظة بن حسان، قال: سمعت أبا موسى في يوم جمعة على منبر البصرة يقول: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة وأنا شاهد، فقال: لا يعلمها إلا الله لا يُجَلِّيها لوقتها إلا هو؛ ولكن سأحدثكم بأَشْرَاطِها وما بين يديها، إن بين يديها ردماً من الفتن وهَرْجاً، فقيل: وما الهَرْج يا رسول الله؟ قال: هو بلسان الحبشة: القتل، وأن تجف قلوب الناس، وأن تلقى بينهم المناكرة فلا يكاد أحد يعرف أحداً، ويرفع ذوو الحجى، وتبقى رَجَاجَة من الناس لا تعرف معروفاً ولا تُنْكِرُ منكراً.
قال الكلبي: إن أهل مكة قالوا: يا محمد، ألا يخبرك ربك بالسعر الرخيص قبل أن يغلو فتشتري فتربح؟ وبالأرض التي يريد أن تجدب فترحل عنها إلى ما قد أخصب؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قال مجاهد: كان لا يعيش لآدم وامرأته ولد، فقال لهما الشيطان: إذا ولد لكما ولد فسمياه عبد الحارث، وكان اسم الشيطان قبل ذلك الحارث، ففعلا فذلك قوله تعالى: ﴿فَلَمَّآ آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَآءَ...﴾ الآية.
أخبرنا أبو منصور المَنْصُورِي [قال: حدَّثنا علي بن عمر الحافظ، حدَّثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث، حدَّثنا العباس بن الوليد بن مزيد، أخبرني أبي، حدَّثنا الأَوْزَاعِي]، قال: أخبرنا عبد الله بن عامر، قال: حدَّثني زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي هريرة في هذه الآية: ﴿وَإِذَا قُرِىءَ ٱلْقُرْآنُ﴾ قال:
نزلت في رفع الأصوات وهم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الصلاة.
وقال قتادة: كانوا يتكلمون في صلاتهم في أول ما فُرِضت، كان الرجل يجيء فيقول لصاحبه: كم صليتم؟ فيقول كذا وكذا. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال الزُّهْرِي: نزلت في فتى من الأنصار كان رسول الله عليه السلام كلما قرأ شيئاً قرأ هو، فنزلت هذه الآية.
وقال ابن عباس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة المكتوبة، وقرأ أصحابه وراءه رافعين أصواتهم، فخلطوا عليه. فنزلت هذه الآية.
وقال سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وعمرو بن دينار وجماعة: نزلت في الإنْصَات لإمام في الخطبة يوم الجمعة.