ﰡ
مكية، وهي خمس آيات
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ... (١) التباب: الهلاك، والمراد: جملته؛ لأن اليدين للإنسان كالجناحين للطائر، فمن عدمت يداه فهو والهالك سواء. وقيل: رمى رسول اللَّه - ﷺ - حجراً بيديه. روى البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: " أنِّ رسول اللَّه - ﷺ - صعد الجبل، ثم نادى واصباحاه!، فاجتمعت إليه قريش فقال: أرأيتم إن حدّثتكم أنَّ العدو مصبحكم هل أنتم مصدقي؟ قالوا: نعم ما جربنا عليك كذباً. قال: فإنّي نَذِيرٌ لَكمْ بَيْنَ يَدَي عَذابٍ شَدِيدٍ، فقال أبو لهب. تبًّا لك ألهذا جمعتنا؟! فنزلت ". واسمه عبد العزى، وإنما سمي أبا لهب لَإشراق وجهه، وكان أحول العين، وهو عمّ رسول اللَّه - ﷺ -. وقرأ ابن كثير: (أبي لَهْبٍ) بسكون الهاء (وَتَبَّ) أي: كان ذلك وحصل. فالأول دعاء، والثاني إخبار كما في قوله:جزاء الكلاب العاويات وقد فعل.
(سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (٣) تصوير للهلاك بما يظهر معه عدم إغناء المال والولد. وجمع بين طريقي التأكيد بقوله: " وتب " أولاً ماضياً للتحقق، والسين ثانياً لتأكيد الوعيد.
(وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤) اسمها أروى بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان، كانت مع زوجها في الكفر شنًّا وطبقة. عدل عن كنيتها؛ لاتصافها بالضد. عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: كانت تحمل الشوك على ظهرها فتضعه في طريق رسول اللَّه - ﷺ - إذا خرج
(فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥) المسد: الليف، أو شجر باليمن، وعن أبى عبيد: حبل مفتل من أخلاط. حقَّر شأنها بأن صوَّرها بصورة بعض الحطّابات اللاتي لا تجد حمولة فتجعل الحبل في العنق الذي هو أشرف الأعضاء. هذا وهي من الثروة وشرف النسب بمكان. أو هذا حالها في جهنم، صورها اللَّه لأهل النار بما كانت متصفة به في الدنيا، جعل الغل في عنقها وعلى ظهرها حزمة من حطب الزقوم والضريع. وكذا كل مجرم يعذب بما يماثل عمله.
* * *
تمت سورة تَبَّتْ، والحمد على نعم عمَّت، والصلاة على سيد الرسل وموضح السُّبل.
* * *