تفسير سورة سورة الأنعام من كتاب جامع البيان في تأويل آي القرآن
المعروف بـالطبري
.
لمؤلفه
الطبري
.
المتوفي سنة 310 هـ
ﰡ
تفسير سورة الأنعام القول في تفسير السورة التي يذكر فيها الأنعام بسم الله الرحمن الرحيم رَبِّ يسِّرْ
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"الحمد لله"، الحمدُ الكامل لله وحده لا شريك له دون جميع الأندادِ والآلهة، ودون ما سواه مما تعبده كَفَرةُ خلْقه من الأوثان والأصنام.
وهذا كلام مخرجه مَخرج الخبر يُنْحَى به نحو الأمر. يقول: أخلصوا الحمد والشكر للذي خَلَقَكم، أيها الناس، وخلق السماوات والأرض، ولا تشركوا معه في ذلك أحدًا أو شيئًا، (١) فإنه المستوجب عليكم الحمدَ بأياديه عندكم ونعمة عليكم، لا من تعبدونه من دونه، وتجعلونه له شريكًا من خَلْقه.
* * *
وقد بينا الفصل بين معنى"الحمد و"الشكر" بشواهده فيما مضى قبل. (٢)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض، وأظلم الليلَ، وأنارَ النَّهار، كما:-
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"الحمد لله"، الحمدُ الكامل لله وحده لا شريك له دون جميع الأندادِ والآلهة، ودون ما سواه مما تعبده كَفَرةُ خلْقه من الأوثان والأصنام.
وهذا كلام مخرجه مَخرج الخبر يُنْحَى به نحو الأمر. يقول: أخلصوا الحمد والشكر للذي خَلَقَكم، أيها الناس، وخلق السماوات والأرض، ولا تشركوا معه في ذلك أحدًا أو شيئًا، (١) فإنه المستوجب عليكم الحمدَ بأياديه عندكم ونعمة عليكم، لا من تعبدونه من دونه، وتجعلونه له شريكًا من خَلْقه.
* * *
وقد بينا الفصل بين معنى"الحمد و"الشكر" بشواهده فيما مضى قبل. (٢)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض، وأظلم الليلَ، وأنارَ النَّهار، كما:-
(١) في المطبوعة والمخطوطة: "أحدا شيئًا"، والسياق يقتضي ما أثبت.
(٢) انظر تفسير"الحمد" فيما سلف ١: ١٣٥ - ١٤١.
(٢) انظر تفسير"الحمد" فيما سلف ١: ١٣٥ - ١٤١.
247
١٣٠٤٠ - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وجعل الظلمات والنور"، قال: الظلمات ظلمة الليل، والنور نورُ النهار.
١٣٠٤١ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: أمّا قوله:"الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور"، فإنه خلق السَّماوات قبل الأرض، والظلمةَ قبل النور، والجنّة قَبل النار.
* * *
فإن قال قائل: فما معنى قوله إذًا:"جعل".
قيل: إن العرب تجعلها ظرفًا للخبرِ والفِعْل فتقول:"جعلت أفعل كذا"، و"جعلت أقوم وأقعد"، تدل بقولها"جعلت" على اتصال الفعل، كما تقول"علقت أفعل كذا" = لا أنها في نفسها فِعْلٌ. يدلُّ على ذلك قول القائل:"جعلت أقوم"، وأنه لا جَعْلَ هناك سوى القيام، وإنما دَلَّ بقوله:"جعلت" على اتّصال الفعل ودوامه، (١)
ومن ذلك قول الشاعر: (٢)
وَزَعَمْتَ أنَّكَ سَوْفَ تَسْلُكُ فَارِدًا... وَالمَوْتُ مُكْتَنِعٌ طَرِيقَيْ قَادِرِ
فَاجْعَلْ تَحَلَّلْ مِنْ يَمِينِكَ إنَّمَا... حِنْثٌ اليَمِينِ عَلَى الأثِيمِ الفَاجِرِ (٣)
١٣٠٤١ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: أمّا قوله:"الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور"، فإنه خلق السَّماوات قبل الأرض، والظلمةَ قبل النور، والجنّة قَبل النار.
* * *
فإن قال قائل: فما معنى قوله إذًا:"جعل".
قيل: إن العرب تجعلها ظرفًا للخبرِ والفِعْل فتقول:"جعلت أفعل كذا"، و"جعلت أقوم وأقعد"، تدل بقولها"جعلت" على اتصال الفعل، كما تقول"علقت أفعل كذا" = لا أنها في نفسها فِعْلٌ. يدلُّ على ذلك قول القائل:"جعلت أقوم"، وأنه لا جَعْلَ هناك سوى القيام، وإنما دَلَّ بقوله:"جعلت" على اتّصال الفعل ودوامه، (١)
ومن ذلك قول الشاعر: (٢)
وَزَعَمْتَ أنَّكَ سَوْفَ تَسْلُكُ فَارِدًا... وَالمَوْتُ مُكْتَنِعٌ طَرِيقَيْ قَادِرِ
فَاجْعَلْ تَحَلَّلْ مِنْ يَمِينِكَ إنَّمَا... حِنْثٌ اليَمِينِ عَلَى الأثِيمِ الفَاجِرِ (٣)
(١) انظر ما كتبته على الأثر رقم: ٨٣١٧، ج ٧: ٥٤٧، تعليق: ٦/ ثم الأثر: ١٢٨٣٤، ج: ١١: ١٢٨، تعليق: ١، في قوله: "فذهب ينزل" وقوله: "تذهب فتختلط"، وقد سميتها هناك ألفاظ الاستعانة. وقد أجاد أبو جعفر العبارة عن هذا المعنى، فقيده وحفظه.
(٢) لم أعرف قائله.
(٣) لم أجد البيتين فيما بين يدي من الكتب، وإن كنت أذكر أني قرأتهما قبل، ثم لا أدري أين؟ وكان البيت الأول في المطبوعة: وَزَعَمْتَ أَنَّكَ سَوفَ تَسْلُك قادِرًا... وَالموتُ مُتَّسِعٌ طَرِيقي قادِرِ
وهو كلام صفر من المعنى. وكان في المخطوطة هكذا. وزعمتَ أنك سوف تسلك مال را... الموت ملسع طريقي قادرِ
ورجحت قراءته كما أثبته، وكما أتوهم أني أذكر من معنى الشعر، وأظنه من كلام شاعر يقوله لأخيه أو صاحبه، أراد أن ينفرد في طريقه وحلف ليفعلن ذلك، فسخر منه، وقال له ما قال. وقوله: "فارد"، أي منفردًا منقطعًا عن رفيقك وصاحبك. وقوله: "والموت مكتنع"، أي: دان قد أشرف عليك. يقال"كنع الموت واكتنع" دنا وقرب، قال: الراجز: وَاكْتَنَعَتْ أُمُّ اللُّهَيْمِ وَاكْتَنَعْ
و"أم اللهيم"، كنية الموت، لأنه يلتهم كل شيء.
هذا اجتهادي في تصحيح الشعر، حتى يوجد في مكان غيره.
(٢) لم أعرف قائله.
(٣) لم أجد البيتين فيما بين يدي من الكتب، وإن كنت أذكر أني قرأتهما قبل، ثم لا أدري أين؟ وكان البيت الأول في المطبوعة: وَزَعَمْتَ أَنَّكَ سَوفَ تَسْلُك قادِرًا... وَالموتُ مُتَّسِعٌ طَرِيقي قادِرِ
وهو كلام صفر من المعنى. وكان في المخطوطة هكذا. وزعمتَ أنك سوف تسلك مال را... الموت ملسع طريقي قادرِ
ورجحت قراءته كما أثبته، وكما أتوهم أني أذكر من معنى الشعر، وأظنه من كلام شاعر يقوله لأخيه أو صاحبه، أراد أن ينفرد في طريقه وحلف ليفعلن ذلك، فسخر منه، وقال له ما قال. وقوله: "فارد"، أي منفردًا منقطعًا عن رفيقك وصاحبك. وقوله: "والموت مكتنع"، أي: دان قد أشرف عليك. يقال"كنع الموت واكتنع" دنا وقرب، قال: الراجز: وَاكْتَنَعَتْ أُمُّ اللُّهَيْمِ وَاكْتَنَعْ
و"أم اللهيم"، كنية الموت، لأنه يلتهم كل شيء.
هذا اجتهادي في تصحيح الشعر، حتى يوجد في مكان غيره.
250
يقول:"فاجعل تحلّل"، بمعنى: تحلل شيئًا بعد شيء = لا أن هناك جَعْلا من غير التحليل. فكذلك كل"جَعْلٍ" في الكلام، إنما هو دليل على فعلٍ له اتصال، لا أن له حظًّا في معنى الفعْل.
* * *
فقوله:"وجعل الظلمات والنور"، إنما هو: أظلم ليلَهما، وأنارَ نَهارَهُما.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره، معجِّبًا خلقَه المؤمنين من كفَرة عباده، ومحتجًّا على الكافرين: إنّ الإله الذي يجبُ عليكم، أيها الناس، حمدُه، هو الذي خلَق السماوات والأرض، الذي جعل منهما معايشَكم وأقواتكم، وأقواتَ أنعامكم التي بها حياتكم. فمن السماوات ينزل عليكم الغيثُ، وفيها تجري الشمس والقمر باعتِقابٍ واختلاف لمصالحكم. ومن الأرض ينبُتُ الحب الذي به غذاؤكم، والثمارُ التي فيها ملاذُّكم، مع غير ذلك من الأمور التي فيها مصالحكم ومنافعكم بها = والذين يجحدون نعمة الله عليهم بما أنعم به عليهم من خلق ذلك لهم ولكم،
* * *
فقوله:"وجعل الظلمات والنور"، إنما هو: أظلم ليلَهما، وأنارَ نَهارَهُما.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره، معجِّبًا خلقَه المؤمنين من كفَرة عباده، ومحتجًّا على الكافرين: إنّ الإله الذي يجبُ عليكم، أيها الناس، حمدُه، هو الذي خلَق السماوات والأرض، الذي جعل منهما معايشَكم وأقواتكم، وأقواتَ أنعامكم التي بها حياتكم. فمن السماوات ينزل عليكم الغيثُ، وفيها تجري الشمس والقمر باعتِقابٍ واختلاف لمصالحكم. ومن الأرض ينبُتُ الحب الذي به غذاؤكم، والثمارُ التي فيها ملاذُّكم، مع غير ذلك من الأمور التي فيها مصالحكم ومنافعكم بها = والذين يجحدون نعمة الله عليهم بما أنعم به عليهم من خلق ذلك لهم ولكم،
251
أيها الناس ="بربهم"، الذي فعل ذلك وأحدثه ="يعدلون"، يجعلون له شريكًا في عبادتهم إياه، فيعبدون معه الآلهة والأنداد والأصنام والأوثانَ، وليس منها شيء شرِكه في خلق شيءٍ من ذلك، ولا في إنعامه عليهم بما أنعم به عليهم، بل هو المنفرد بذلك كله، وهم يشركون في عبادتهم إيّاه غيره. فسبحان الله ما أبلغها من حجة، وأوجزها من عظة، لمن فكَّر فيها بعقل، وتدبرها بفهم!
* * *
ولقد قيل: إنها فاتحة التوراة.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٠٤٢ - حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العَمّي، عن أبي عمران الجوني، عن عبد الله بن رباح، عن كعب قال: فاتحة التوراة فاتحة"الأنعام":"الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجَعَل الظلمات والنور ثم الذين كَفَروا بربِّهم يعدلون". (١)
١٣٠٤٣ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا زيد بن حباب، عن جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجوني، عن عبد الله بن رباح، عن كعب، مثله = وزاد فيه: وخاتمة التوراة خاتمة"هود".
* * *
يقالُ من مساواة الشيء بالشيء:"عدلتُ هذا بهذا"، إذا ساويته به،"عَدْلا". وأما في الحكم إذا أنصفت فيه، فإنك تقول:"عَدَلت فيه أعدلُ عَدْلا". (٢)
* * *
ولقد قيل: إنها فاتحة التوراة.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٠٤٢ - حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العَمّي، عن أبي عمران الجوني، عن عبد الله بن رباح، عن كعب قال: فاتحة التوراة فاتحة"الأنعام":"الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجَعَل الظلمات والنور ثم الذين كَفَروا بربِّهم يعدلون". (١)
١٣٠٤٣ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا زيد بن حباب، عن جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجوني، عن عبد الله بن رباح، عن كعب، مثله = وزاد فيه: وخاتمة التوراة خاتمة"هود".
* * *
يقالُ من مساواة الشيء بالشيء:"عدلتُ هذا بهذا"، إذا ساويته به،"عَدْلا". وأما في الحكم إذا أنصفت فيه، فإنك تقول:"عَدَلت فيه أعدلُ عَدْلا". (٢)
(١) الأثر: ١٣٠٤٢ -"عبد العزيز بن عبد الصمد العمي"، "أبو عبد الصمد"، ثقة حافظ، من شيوخ أحمد، روى له أصحاب الكتب الستة. مترجم في التهذيب.
و"أبو عمران الجوني" هو"عبد الملك بن حبيب الأزدي"، ثقة، مضى برقم: ٨٠.
و"عبد الله بن رباح الأنصاري"، ثقة، مضى برقم: ٤٨١٠.
و"كعب"، هو كعب الأحبار المشهور بأخباره الإسرائيلية.
(٢) انظر تفسير"العدل فيما سلف ٢: ٣٥/١١: ٤٣، ٤٤.
و"أبو عمران الجوني" هو"عبد الملك بن حبيب الأزدي"، ثقة، مضى برقم: ٨٠.
و"عبد الله بن رباح الأنصاري"، ثقة، مضى برقم: ٤٨١٠.
و"كعب"، هو كعب الأحبار المشهور بأخباره الإسرائيلية.
(٢) انظر تفسير"العدل فيما سلف ٢: ٣٥/١١: ٤٣، ٤٤.
252
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله:"يعدلون"، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٠٤٤ - حدثني ابن محمد عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"يعدلون"، قال: يشركون.
* * *
ثم اختلف أهل التأويل فيمن عُني بذلك:
فقال بعضهم: عُني به أهل الكتاب.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٠٤٥ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن ابن أبزى قال: جاءه رجل من الخوارج يقرأ عليه هذه الآية:"الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربِّهم يعدِلون"، قال له: أليس الذين كفروا بربِّهم يعدلون؟ قال: بلى! قال: وانصرف عنه الرجل، فقال له رجل من القوم: يا ابن أبزى، إن هذا قد أراد تفسيرَ هذه غير هذا! إنه رجلٌ من الخوارج! فقال: ردّوه عليّ. فلما جاءه قال: هل تدري فيمن نزلت هذه الآية؟ قال: لا! قال: إنها نزلت في أهل الكتاب، اذهبْ، ولا تضعها على غير حدِّها. (١)
* ذكر من قال ذلك:
١٣٠٤٤ - حدثني ابن محمد عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"يعدلون"، قال: يشركون.
* * *
ثم اختلف أهل التأويل فيمن عُني بذلك:
فقال بعضهم: عُني به أهل الكتاب.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٠٤٥ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن ابن أبزى قال: جاءه رجل من الخوارج يقرأ عليه هذه الآية:"الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربِّهم يعدِلون"، قال له: أليس الذين كفروا بربِّهم يعدلون؟ قال: بلى! قال: وانصرف عنه الرجل، فقال له رجل من القوم: يا ابن أبزى، إن هذا قد أراد تفسيرَ هذه غير هذا! إنه رجلٌ من الخوارج! فقال: ردّوه عليّ. فلما جاءه قال: هل تدري فيمن نزلت هذه الآية؟ قال: لا! قال: إنها نزلت في أهل الكتاب، اذهبْ، ولا تضعها على غير حدِّها. (١)
(١) الأثر: ١٣٠٤٥ -"يعقوب القمي"، هو"يعقوب بن عبد الله الأشعري القمي"، ثقة، مضى برقم: ٦١٧، ٧٢٦٩، ٨١٥٨.
و"جعفر بن أبي المغيرة الخزاعي القمي"، ثقة، مضى برقم: ٨٧، ٦١٧، ٤٣٤٧، ٧٢٦٩.
و"ابن أبزى" هو: "سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى الخزاعي"، ثقة، مضى برقم: ٩٦٥٦، ٩٦٥٧، ٩٦٧٢.
وأراد السائل من الخوارج بسؤاله، الاستدلال بالآية على تكفير أهل القبلة، في أمر تحكيم علي بن أبي طالب. وذلك هو رأي الخوارج.
و"جعفر بن أبي المغيرة الخزاعي القمي"، ثقة، مضى برقم: ٨٧، ٦١٧، ٤٣٤٧، ٧٢٦٩.
و"ابن أبزى" هو: "سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى الخزاعي"، ثقة، مضى برقم: ٩٦٥٦، ٩٦٥٧، ٩٦٧٢.
وأراد السائل من الخوارج بسؤاله، الاستدلال بالآية على تكفير أهل القبلة، في أمر تحكيم علي بن أبي طالب. وذلك هو رأي الخوارج.
253
وقال آخرون: بل عُنى بها المشركون من عبدةِ الأوثان.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٠٤٦ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"ثم الذين كفروا بربهم يعدلون"، قال: [هؤلاء: أهل صراحيه]. (١)
١٣٠٤٧- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ثم الذين كفروا بربهم يعدلون"، قال: هم المشركون.
١٣٠٤٨ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"ثم الذين كفروا بربهم يعدلون"، قال: الآلهة التي عبَدوها، عدلوها بالله. قال: وليس لله عِدْلٌ ولا نِدٌ، وليس معه آلهة، ولا اتخذ صاحبةً ولا ولدًا.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي أن يقال: إنّ الله تعالى ذكره أخبر أنّ الذين كفروا بربهم يعدلون، فعمّ بذلك جميع الكفّار، ولم يخصص منهم بعضًا دون بعض. فجميعهم داخلون في ذلك: يهودهم، ونصاراهم، ومجوسهم، وعبدة الأوثان منهم ومن غيرهم من سائر أصناف الكفر.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"هو الذي خلقكم من طين"، أن الله الذي خلق السماوات والأرض، وأظلم ليلهما وأنَار نهارهما، ثم كفر به مع
* ذكر من قال ذلك:
١٣٠٤٦ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"ثم الذين كفروا بربهم يعدلون"، قال: [هؤلاء: أهل صراحيه]. (١)
١٣٠٤٧- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ثم الذين كفروا بربهم يعدلون"، قال: هم المشركون.
١٣٠٤٨ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"ثم الذين كفروا بربهم يعدلون"، قال: الآلهة التي عبَدوها، عدلوها بالله. قال: وليس لله عِدْلٌ ولا نِدٌ، وليس معه آلهة، ولا اتخذ صاحبةً ولا ولدًا.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي أن يقال: إنّ الله تعالى ذكره أخبر أنّ الذين كفروا بربهم يعدلون، فعمّ بذلك جميع الكفّار، ولم يخصص منهم بعضًا دون بعض. فجميعهم داخلون في ذلك: يهودهم، ونصاراهم، ومجوسهم، وعبدة الأوثان منهم ومن غيرهم من سائر أصناف الكفر.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"هو الذي خلقكم من طين"، أن الله الذي خلق السماوات والأرض، وأظلم ليلهما وأنَار نهارهما، ثم كفر به مع
(١) في المطبوعة: "هؤلاء أهل صراحة"، وهو كلام لا معنى له، وفي المخطوطة ما أثبته بين القوسين، لم أستطع أن أحل رموزه، فلعله يوجد بعد في كتاب غير الكتب التي في أيدينا، فتبين صحته.
254
إنعامه عليهم الكافرون، (١) وعدلوا به من لا ينفعهم ولا يضرُّهم. هو الذي خلقكم، أيها الناس، من طين. وإنما يعني بذلك تعالى ذكره: أنَّ الناس وَلدُ مَنْ خلقه من طين، فأخرج ذلك مخرج الخطاب لهم، إذ كانوا وَلَده.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٠٤٩- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"هو الذي خلقكم من طين"، بدءُ الخلق، خلقَ الله آدم من طين.
١٣٠٥٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"هو الذي خلقكم من طين"، قال: هو آدم.
١٣٠٥١- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أمّا"خلقكم من طين"، فآدم.
١٣٠٥٢ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو تميلة، عن عبيد بن سليمان، عن الضحاك بن مزاحم قال: خلق آدم من طين، وخلق الناس من سُلالةٍ من ماءٍ مَهين.
١٣٠٥٣ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"خلقكم من طين"، قال: خلق آدم من طين، ثم خلقنا من آدم حين أخذَنا من ظهره.
* * *
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٠٤٩- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"هو الذي خلقكم من طين"، بدءُ الخلق، خلقَ الله آدم من طين.
١٣٠٥٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"هو الذي خلقكم من طين"، قال: هو آدم.
١٣٠٥١- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أمّا"خلقكم من طين"، فآدم.
١٣٠٥٢ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو تميلة، عن عبيد بن سليمان، عن الضحاك بن مزاحم قال: خلق آدم من طين، وخلق الناس من سُلالةٍ من ماءٍ مَهين.
١٣٠٥٣ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"خلقكم من طين"، قال: خلق آدم من طين، ثم خلقنا من آدم حين أخذَنا من ظهره.
* * *
(١) في المطبوعة: "فكفر به"، أما المخطوطة، ففيها الذي أثبته إلا أنه كتب"ثمكفر به" ووصل"ثم" بقوله: "كفر"، وهذا من عجب الكتابة ولطائف النساخ.
255
القول في تأويل قوله: ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: معنى قوله:"ثم قضى أجلا"، ثم قضى لكم، أيها الناس،"أجلا". وذلك ما بين أن يُخْلق إلى أن يموت ="وأجل مسمى عنده"، وذلك ما بين أن يموت إلى أن يبعث.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٠٥٤- حدثنا ابن وكيع وهناد بن السري قالا حدثنا وكيع قال، حدثنا أبي، عن أبي بكر الهذلي، عن الحسن في قوله:"قضى أجلا"، قال: ما بين أن يخلق إلى أن يموت ="وأجل مسمى عنده"، قال: ما بين أن يموت إلى أن يبعث. (١)
١٣٠٥٥ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"ثم قضى أجلا وأجلٌ مسمى عِنده"، كان يقول: أجل حياتك إلى أن تموت، وأجل موتك إلى أن تُبْعث. فأنت بين أجَلين من الله تعالى ذكره.
١٣٠٥٦ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو تميلة، عن عبيد بن سليمان، عن الضحاك بن مزاحم:"قضى أجلا وأجل مسمى عنده"، قال: قضى أجل الموت، وكل نفسٍ أجلها الموت. قال: ولن يؤخر الله نفسًا
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: معنى قوله:"ثم قضى أجلا"، ثم قضى لكم، أيها الناس،"أجلا". وذلك ما بين أن يُخْلق إلى أن يموت ="وأجل مسمى عنده"، وذلك ما بين أن يموت إلى أن يبعث.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٠٥٤- حدثنا ابن وكيع وهناد بن السري قالا حدثنا وكيع قال، حدثنا أبي، عن أبي بكر الهذلي، عن الحسن في قوله:"قضى أجلا"، قال: ما بين أن يخلق إلى أن يموت ="وأجل مسمى عنده"، قال: ما بين أن يموت إلى أن يبعث. (١)
١٣٠٥٥ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"ثم قضى أجلا وأجلٌ مسمى عِنده"، كان يقول: أجل حياتك إلى أن تموت، وأجل موتك إلى أن تُبْعث. فأنت بين أجَلين من الله تعالى ذكره.
١٣٠٥٦ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو تميلة، عن عبيد بن سليمان، عن الضحاك بن مزاحم:"قضى أجلا وأجل مسمى عنده"، قال: قضى أجل الموت، وكل نفسٍ أجلها الموت. قال: ولن يؤخر الله نفسًا
(١) الأثر: ١٣٠٥٤ -"وكيع" هو"وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي".
وأبوه: "الجراح بن مليح الرؤاسي"، مضيا في مواضع مختلفة.
و"أبو بكر الهذلي" مختلف في اسمه قيل هو: "سلمى بن عبد الله بن سلمى"، وقيل: "روح بن عبد الله". ومضى برقم: ٥٩٧، ٨٣٧٦، وهو ضعيف.
وأبوه: "الجراح بن مليح الرؤاسي"، مضيا في مواضع مختلفة.
و"أبو بكر الهذلي" مختلف في اسمه قيل هو: "سلمى بن عبد الله بن سلمى"، وقيل: "روح بن عبد الله". ومضى برقم: ٥٩٧، ٨٣٧٦، وهو ضعيف.
256
إذا جاء أجلها ="وأجل مسمى عنده"، يعني: أجل الساعة، ذهاب الدنيا، والإفضاءُ إلى الله.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ثم قضى الدنيا، وعنده الآخرة.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٠٥٧ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن آدم، عن سفيان، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قوله:"أجلا"، قال: الدنيا ="وأجل مسمى عنده"، الآخرة.
١٣٠٥٨ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو عاصم، عن زكريا بن إسحاق، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"قضى أجلا"، قال: الآخرة عنده ="وأجل مسمى"، الدنيا.
١٣٠٥٩- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"أجلا"، قال: الآخرة عنده ="وأجل مسمًّى"، قال: الدنيا.
١٣٠٦٠- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"أجلا"، قال: الآخرة عنده ="وأجل مسمى"، قال: الدنيا.
١٣٠٦١- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة والحسن:"ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده"، قالا قضى أجل الدنيا، من حين خلقك إلى أن تموت ="وأجل مسمى عنده"، يوم القيامة.
١٣٠٦٢ - حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر،
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ثم قضى الدنيا، وعنده الآخرة.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٠٥٧ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن آدم، عن سفيان، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قوله:"أجلا"، قال: الدنيا ="وأجل مسمى عنده"، الآخرة.
١٣٠٥٨ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو عاصم، عن زكريا بن إسحاق، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"قضى أجلا"، قال: الآخرة عنده ="وأجل مسمى"، الدنيا.
١٣٠٥٩- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"أجلا"، قال: الآخرة عنده ="وأجل مسمًّى"، قال: الدنيا.
١٣٠٦٠- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"أجلا"، قال: الآخرة عنده ="وأجل مسمى"، قال: الدنيا.
١٣٠٦١- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة والحسن:"ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده"، قالا قضى أجل الدنيا، من حين خلقك إلى أن تموت ="وأجل مسمى عنده"، يوم القيامة.
١٣٠٦٢ - حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر،
257
عن مجاهد وعكرمة:"ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده"، قال: قَضَى أجل الدنيا ="وأجل مسمى عنده"، قال: هو أجل البعث.
١٣٠٦٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن مجاهد وعكرمة:"ثم قضى أجلا"، قال: الموت ="وأجل مسمى عنده"، الآخرة.
١٣٠٦٤- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة والحسن في قوله:"قضى أجلا وأجل مسمى عنده"، قالا قضى أجل الدنيا، منذ يوم خلقت إلى أن تموت ="وأجل مسمى عنده"، يوم القيامة.
١٣٠٦٥- حدثنا ابن وكيع وابن حميد قالا حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد:"قضى أجلا"، قال: أجل الدنيا ="وأجل مسمى عنده"، قال: البعث.
١٣٠٦٦- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"ثم قضى أجلا وأجلٌ مسمى عنده"، يعني: أجل الموت ="والأجل المسمى"، أجلُ الساعة والوقوفِ عند الله.
١٣٠٦٧ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"قضى أجلا"، قال: أمّا"قضى أجلا"، فأجل الموت ="وأجل مسمى عنده"، يوم القيامة.
* * *
وقال آخرون في ذلك بما:-
١٣٠٦٨ - حدثني به محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله:"ثم قضى أجلا وأجل
١٣٠٦٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن مجاهد وعكرمة:"ثم قضى أجلا"، قال: الموت ="وأجل مسمى عنده"، الآخرة.
١٣٠٦٤- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة والحسن في قوله:"قضى أجلا وأجل مسمى عنده"، قالا قضى أجل الدنيا، منذ يوم خلقت إلى أن تموت ="وأجل مسمى عنده"، يوم القيامة.
١٣٠٦٥- حدثنا ابن وكيع وابن حميد قالا حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد:"قضى أجلا"، قال: أجل الدنيا ="وأجل مسمى عنده"، قال: البعث.
١٣٠٦٦- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"ثم قضى أجلا وأجلٌ مسمى عنده"، يعني: أجل الموت ="والأجل المسمى"، أجلُ الساعة والوقوفِ عند الله.
١٣٠٦٧ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"قضى أجلا"، قال: أمّا"قضى أجلا"، فأجل الموت ="وأجل مسمى عنده"، يوم القيامة.
* * *
وقال آخرون في ذلك بما:-
١٣٠٦٨ - حدثني به محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله:"ثم قضى أجلا وأجل
258
مسمى عنده"، قال: أمّا قوله:"قضى أجلا"، فهو النومُ، تُقْبض فيه الروح، ثم ترجع إلى صاحبها حين اليقظة ="وأجل مسمى عنده"، هو أجل موت الإنسان.
* * *
وقال آخرون بما:-
١٣٠٦٩ - حدثني به يونس قال، أخبرنا ابن وهب في قوله:"هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون"، قال: خلق آدم من طين، ثم خلقنا من آدم، أخذنا من ظهره، ثم أخذ الأجل والمِيثاق في أجلٍ واحد مسمًّى في هذه الحياة الدنيا.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب، قولُ من قال: معناه: ثم قضى أجلَ الحياة الدنيا ="وأجلٌ مسمى عنده"، وهو أجل البَعْث عنده.
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب، لأنه تعالى ذكره نبَّه خلقَه على موضع حُجَّته عليهم من أنفسهم فقال لهم: أيها الناس، إن الذي يعدِلُ به كفارُكم الآلهةَ والأندادَ، هو الذي خلقكم فابتدأكم وأنشأكم من طين، فجعلكم صورًا أجساًما أحياءً، بعد إذ كنتم طينًا جمادًا، ثم قضى آجال حياتكم لفنائكم ومماتكم، ليعيدكم ترابًا وطينًا كالذي كنتم قبل أن ينشئكم ويخلقكم = وأجل مسمى عندَه لإعادتكم أحياءً وأجسامًا كالذي كنتم قبل مماتكم. (١) وذلك نظير قوله: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، [سورة البقرة: ٢٨].
* * *
* * *
وقال آخرون بما:-
١٣٠٦٩ - حدثني به يونس قال، أخبرنا ابن وهب في قوله:"هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون"، قال: خلق آدم من طين، ثم خلقنا من آدم، أخذنا من ظهره، ثم أخذ الأجل والمِيثاق في أجلٍ واحد مسمًّى في هذه الحياة الدنيا.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب، قولُ من قال: معناه: ثم قضى أجلَ الحياة الدنيا ="وأجلٌ مسمى عنده"، وهو أجل البَعْث عنده.
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب، لأنه تعالى ذكره نبَّه خلقَه على موضع حُجَّته عليهم من أنفسهم فقال لهم: أيها الناس، إن الذي يعدِلُ به كفارُكم الآلهةَ والأندادَ، هو الذي خلقكم فابتدأكم وأنشأكم من طين، فجعلكم صورًا أجساًما أحياءً، بعد إذ كنتم طينًا جمادًا، ثم قضى آجال حياتكم لفنائكم ومماتكم، ليعيدكم ترابًا وطينًا كالذي كنتم قبل أن ينشئكم ويخلقكم = وأجل مسمى عندَه لإعادتكم أحياءً وأجسامًا كالذي كنتم قبل مماتكم. (١) وذلك نظير قوله: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، [سورة البقرة: ٢٨].
* * *
(١) انظر تفسير"الأجل" فيما سلف ٥: ٧/٦: ٤٣، ٧٦/٨: ٥٤٨.
= وتفسير"مسمى" فيما سلف ٦: ٤٣.
= وتفسير"مسمى" فيما سلف ٦: ٤٣.
259
القول في تأويل قوله: ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (٢) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ثم أنتم تَشكُّون في قدرة من قَدَر على خلق السماوات والأرض، وإظلام الليل وإنارة النهار، وخلقكم من طين حتى صيَّركم بالهيئة التي أنتم بها = على إنشائه إياكم من بعد مماتكم وفنائكم، (١) وإيجاده إيّاكم بعد عدمكم.
* * *
و"المرية" في كلام العرب، هي الشك. وقد بيّنت ذلك بشواهده في غير هذا الموضع فيما مضى قبل، بما أغنى عن إعادته. (٢)
* * *
وقد:-
١٣٠٧٠ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد:"ثم أنتم تمترون"، قال: الشك. قال: وقرأ قول الله: فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ [سورة هود: ١٧]، قال: في شكٍّ منه.
١٣٠٧١ - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ثم أنتم تمترون"، بمثله.
* * *
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ثم أنتم تَشكُّون في قدرة من قَدَر على خلق السماوات والأرض، وإظلام الليل وإنارة النهار، وخلقكم من طين حتى صيَّركم بالهيئة التي أنتم بها = على إنشائه إياكم من بعد مماتكم وفنائكم، (١) وإيجاده إيّاكم بعد عدمكم.
* * *
و"المرية" في كلام العرب، هي الشك. وقد بيّنت ذلك بشواهده في غير هذا الموضع فيما مضى قبل، بما أغنى عن إعادته. (٢)
* * *
وقد:-
١٣٠٧٠ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد:"ثم أنتم تمترون"، قال: الشك. قال: وقرأ قول الله: فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ [سورة هود: ١٧]، قال: في شكٍّ منه.
١٣٠٧١ - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ثم أنتم تمترون"، بمثله.
* * *
(١) في المطبوعة: "وعلى إنشائه" بزيادة الواو، وهي مفسدة وهي خطأ صرف، لم يفهم سياق أبي جعفر، فإن قوله: "على إنشائه إياكم" متعلق بقوله: "ثم أنتم تشكون في قدرة من قدر..."، أي: تشكون في قدرة من فعل ذلك، على إنشائه إياكم.
(٢) انظر تفسير"الامتراء" فيما سلف ٣: ١٩٠، ١٩١/٦: ٤٧٢.
(٢) انظر تفسير"الامتراء" فيما سلف ٣: ١٩٠، ١٩١/٦: ٤٧٢.
260
القول في تأويل قوله: ﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ (٣) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إن الذي له الألوهةُ التي لا تنبغي لغيره، المستحقَّ عليكم إخلاصَ الحمد له بآلائه عندكم، أيها الناس، الذي يعدل به كفاركم مَن سواه، هو الله الذي هو في السماوات وفي الأرض يعلم سِرَّكم وجَهْركم، فلا يخفى عليه شيء. يقول: فربكم الذي يستحقُّ عليكم الحمدَ، ويجب عليكم إخلاصُ العبادة له، هو هذا الذي صفته = لا من لا يقدر لكم على ضرّ ولا نفع، ولا يعمل شيئًا، ولا يدفع عن نفسه سُوءًا أريد بها.
* * *
وأما قوله:"ويعلم ما تكسبون"، يقول: ويعلم ما تَعمَلون وتجرَحُون، فيحصي ذلك عليكم ليجازيكم به عند معادكم إليه. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (٤) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وما تأتي هؤلاء الكفار الذين بربهم يعدِلون أوثانَهم وآلهتهم ="آية من آيات ربهم"، يقول: حجّة وعلامة ودلالة من حُجج ربهم ودلالاته وأعلامه على وحدانيته، وحقيقة نبوتك، يا محمد، وصدق ما أتيتهم به من عندي (٢) ="إلا كانوا عنها معرضين"، يقول: إلا
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إن الذي له الألوهةُ التي لا تنبغي لغيره، المستحقَّ عليكم إخلاصَ الحمد له بآلائه عندكم، أيها الناس، الذي يعدل به كفاركم مَن سواه، هو الله الذي هو في السماوات وفي الأرض يعلم سِرَّكم وجَهْركم، فلا يخفى عليه شيء. يقول: فربكم الذي يستحقُّ عليكم الحمدَ، ويجب عليكم إخلاصُ العبادة له، هو هذا الذي صفته = لا من لا يقدر لكم على ضرّ ولا نفع، ولا يعمل شيئًا، ولا يدفع عن نفسه سُوءًا أريد بها.
* * *
وأما قوله:"ويعلم ما تكسبون"، يقول: ويعلم ما تَعمَلون وتجرَحُون، فيحصي ذلك عليكم ليجازيكم به عند معادكم إليه. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (٤) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وما تأتي هؤلاء الكفار الذين بربهم يعدِلون أوثانَهم وآلهتهم ="آية من آيات ربهم"، يقول: حجّة وعلامة ودلالة من حُجج ربهم ودلالاته وأعلامه على وحدانيته، وحقيقة نبوتك، يا محمد، وصدق ما أتيتهم به من عندي (٢) ="إلا كانوا عنها معرضين"، يقول: إلا
(١) انظر تفسير"كسب" فيما سلف ١٠: ٢٩٧، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير"الآية" فيما سلف من فهارس اللغة (أيي).
(٢) انظر تفسير"الآية" فيما سلف من فهارس اللغة (أيي).
أعرضوا عنها، يعني عن الآية، فصدّوا عن قَبُولها والإقرار بما شهدت على حقيقته ودلّت على صحته، جهلا منهم بالله، واغترارًا بحلمه عنهم. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٥) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فقد كذب هؤلاء العادلون بالله، الحقَّ لما جاءهم، وذلك"الحق"، هو محمد ﷺ (٢) كذّبوا به، وجحدوا نبوَّته لما جاءهم. قال الله لهم متوعّدًا على تكذيبهم إياه وجحودِهم نبوَّته: سوف يأتي المكذّبين بك، يا محمد، من قومِك وغيرهم ="أنْباء ما كانوا به يستهزءون"، يقول: سوف يأتيهم أخبارُ استهزائهم بما كانوا به يستهزئون من آياتي وأدلَّتي التي آتيتهم. (٣) ثم وفى لهم بوعيده لمّا تمادَوا في غيِّهم، وعَتْوا على ربهم، فقتلتهم يوم بدرٍ بالسَّيف.
* * *
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٥) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فقد كذب هؤلاء العادلون بالله، الحقَّ لما جاءهم، وذلك"الحق"، هو محمد ﷺ (٢) كذّبوا به، وجحدوا نبوَّته لما جاءهم. قال الله لهم متوعّدًا على تكذيبهم إياه وجحودِهم نبوَّته: سوف يأتي المكذّبين بك، يا محمد، من قومِك وغيرهم ="أنْباء ما كانوا به يستهزءون"، يقول: سوف يأتيهم أخبارُ استهزائهم بما كانوا به يستهزئون من آياتي وأدلَّتي التي آتيتهم. (٣) ثم وفى لهم بوعيده لمّا تمادَوا في غيِّهم، وعَتْوا على ربهم، فقتلتهم يوم بدرٍ بالسَّيف.
* * *
(١) انظر تفسير"الإعراض" فيما سلف ٩: ٣١٠، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير"الحق" فيما سلف ١٠: ٣٧٧، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير"النبأ" فيما سلف ١٠: ٣٩١، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
= وتفسير"الاستهزاء" فيما سلف ١: ٣٠١ - ٣٠٣.
(٢) انظر تفسير"الحق" فيما سلف ١٠: ٣٧٧، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير"النبأ" فيما سلف ١٠: ٣٩١، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
= وتفسير"الاستهزاء" فيما سلف ١: ٣٠١ - ٣٠٣.
القول في تأويل قوله: ﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الأنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (٦) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمدٍ صلى الله عليه وسلم: ألم يرَ هؤلاء المكذبون بآياتي، الجاحدون نبوّتك، كثرةَ من أهلكت من قبلهم من القُرون = وهم الأمم = الذين وطَّأت لهم البلادَ والأرض توطئة لم أوطِّئها لهم، (١) وأعطيتهم فيها ما لم أعطهم؟ كما:-
١٣٠٧٢ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم"، يقول: أعطيناهم ما لم نعطكم.
* * *
قال أبو جعفر: أمطرت فأخرجت لهم الأشجارُ ثمارها، وأعطتهم الأرض رَيْع نَباتها، وجابوا صخورَ جبالها، ودرَّت عليهم السماء بأمطارها، وتفجرت من تحتهم عيون المياه بينابيعها بإذني، فغمَطُوا نعمة ربهم، وعصوا رسولَ خالقهم، وخالفوا أمرَ بارئهم، وبغَوْا حتى حقَّ عليهم قَوْلي، فأخذتهم بما اجترحوا من ذنوبهم، وعاقبتهم بما اكتسبت أيديهم، وأهلكت بعضهم بالرَّجفة، وبعضهم بالصيحة، وغير ذلك من أنواع العذاب.
* * *
ومعنى قوله:"وأرسلنا السماء عليهم مدرارًا"، المطرَ. ويعني بقوله:"مدرارًا"، غزيرة دائمةً ="وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين"، يقول: وأحدثنا من بعد
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمدٍ صلى الله عليه وسلم: ألم يرَ هؤلاء المكذبون بآياتي، الجاحدون نبوّتك، كثرةَ من أهلكت من قبلهم من القُرون = وهم الأمم = الذين وطَّأت لهم البلادَ والأرض توطئة لم أوطِّئها لهم، (١) وأعطيتهم فيها ما لم أعطهم؟ كما:-
١٣٠٧٢ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم"، يقول: أعطيناهم ما لم نعطكم.
* * *
قال أبو جعفر: أمطرت فأخرجت لهم الأشجارُ ثمارها، وأعطتهم الأرض رَيْع نَباتها، وجابوا صخورَ جبالها، ودرَّت عليهم السماء بأمطارها، وتفجرت من تحتهم عيون المياه بينابيعها بإذني، فغمَطُوا نعمة ربهم، وعصوا رسولَ خالقهم، وخالفوا أمرَ بارئهم، وبغَوْا حتى حقَّ عليهم قَوْلي، فأخذتهم بما اجترحوا من ذنوبهم، وعاقبتهم بما اكتسبت أيديهم، وأهلكت بعضهم بالرَّجفة، وبعضهم بالصيحة، وغير ذلك من أنواع العذاب.
* * *
ومعنى قوله:"وأرسلنا السماء عليهم مدرارًا"، المطرَ. ويعني بقوله:"مدرارًا"، غزيرة دائمةً ="وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين"، يقول: وأحدثنا من بعد
(١) في المطبوعة: "وطأة لم أوطئها"، وأثبت ما في المخطوطة.
263
الذين أهلكناهم قرنًا آخرين، فابتدأنَا سِواهم.
* * *
فإن قال قائل: فما وجهُ قوله:"مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم"؟ ومن المخاطب بذلك؟ فقد ابتدأ الخبر في أول الآية عن قوم غَيَبٍ بقوله:"ألم يروا كم أهلكنا من قَبَلهم من قرن"؟
قيل: إن المخاطب بقوله:"ما لم نمكن لكم"، هو المخبر عنهم بقوله:"ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن"، ولكن في الخبر معنى القول = ومعناه: قُلْ، يا محمد، لهؤلاء القوم الذين كذبوا بالحقِّ لما جاءهم: ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قَرْن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم.
والعرب إذا أخبرت خبرًا عن غائبٍ، وأدخلت فيه"قولا"، فعلت ذلك، فوجهت الخبرَ أحيانًا إلى الخبر عن الغائب، وأحيانًا إلى الخطاب، فتقول:"قلت لعبد الله: ما أكرمه"، و"قلت لعبد الله: ما أكرمك"، وتخبر عنه أحيانًا على وجه الخبر عن الغائب، ثم تعود إلى الخطاب. وتخبر على وجه الخطاب له، ثم تعود إلى الخبر عن الغائب. وذلك في كلامها وأشعارها كثيرٌ فاشٍ. وقد ذكرنا بعض ذلك فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (١)
* * *
وقد كان بعض نحويي البصرة يقول في ذلك: كأنه أخبرَ النبي صلى الله عليه وسلم، ثم خاطبه معهم. وقال: حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ [سورة يونس: ٢٢]، فجاء بلفظ الغائب، وهو يخاطب، لأنه المخاطَب.
* * *
* * *
فإن قال قائل: فما وجهُ قوله:"مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم"؟ ومن المخاطب بذلك؟ فقد ابتدأ الخبر في أول الآية عن قوم غَيَبٍ بقوله:"ألم يروا كم أهلكنا من قَبَلهم من قرن"؟
قيل: إن المخاطب بقوله:"ما لم نمكن لكم"، هو المخبر عنهم بقوله:"ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن"، ولكن في الخبر معنى القول = ومعناه: قُلْ، يا محمد، لهؤلاء القوم الذين كذبوا بالحقِّ لما جاءهم: ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قَرْن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم.
والعرب إذا أخبرت خبرًا عن غائبٍ، وأدخلت فيه"قولا"، فعلت ذلك، فوجهت الخبرَ أحيانًا إلى الخبر عن الغائب، وأحيانًا إلى الخطاب، فتقول:"قلت لعبد الله: ما أكرمه"، و"قلت لعبد الله: ما أكرمك"، وتخبر عنه أحيانًا على وجه الخبر عن الغائب، ثم تعود إلى الخطاب. وتخبر على وجه الخطاب له، ثم تعود إلى الخبر عن الغائب. وذلك في كلامها وأشعارها كثيرٌ فاشٍ. وقد ذكرنا بعض ذلك فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (١)
* * *
وقد كان بعض نحويي البصرة يقول في ذلك: كأنه أخبرَ النبي صلى الله عليه وسلم، ثم خاطبه معهم. وقال: حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ [سورة يونس: ٢٢]، فجاء بلفظ الغائب، وهو يخاطب، لأنه المخاطَب.
* * *
(١) انظر ما سلف ١: ١٥٣ - ١٥٤/ ٢: ٢٩٣، ٢٩٤، ٣٥٧، ٣٨٨/ ٣: ١٧٠/ ٦: ٥٦٤.
264
القول في تأويل قوله: ﴿وَلَوْ نزلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧) ﴾
قال أبو جعفر: وهذا إخبار من الله تعالى ذكره نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم، عن هؤلاء القوم الذين يعدلون بربهم الأوثانَ والآلهة والأصنام. يقول تعالى ذكره: وكيف يتفقهون الآيات، أم كيف يستدِلُّون على بُطْلان ما هم عليه مُقِيمون من الكفر بالله وجحودِ نبوتك، بحجج الله وآياته وأدلته، وهم لعنادهم الحقَّ وبعدِهم من الرشد، لو أنزلت عليك، يا محمد، الوحيَ الذي أنزلته عليك مع رسولي، في قِرْطاس يعاينونه ويمسُّونه بأيديهم، (١) وينظرون إليه ويقرءونه منه، معلَّقًا بين السماء والأرض، بحقيقة ما تدعوهم إليه، وصحَّةِ ما تأتيهم به من توحيدي وتنزيلي، لقال الذين يعدلُون بي غيري فيشركون في توحيدِي سواي:"إنْ هذا إلا سحرٌ مبينٌ"، أي: ما هذا الذي جئتنا به إلا سحر سحرتَ به أعيننا، ليست له حقيقة ولا صحة (٢) ="مبين"، يقول: مبين لمن تدبّره وتأمَّله أنه سحر لا حقيقة له. (٣)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٠٧٣ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره:"كتابًا في قرطاس فلمسوه بأيديهم"، قال: فمسوه ونظروا إليه، لم يصدِّقوا به.
قال أبو جعفر: وهذا إخبار من الله تعالى ذكره نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم، عن هؤلاء القوم الذين يعدلون بربهم الأوثانَ والآلهة والأصنام. يقول تعالى ذكره: وكيف يتفقهون الآيات، أم كيف يستدِلُّون على بُطْلان ما هم عليه مُقِيمون من الكفر بالله وجحودِ نبوتك، بحجج الله وآياته وأدلته، وهم لعنادهم الحقَّ وبعدِهم من الرشد، لو أنزلت عليك، يا محمد، الوحيَ الذي أنزلته عليك مع رسولي، في قِرْطاس يعاينونه ويمسُّونه بأيديهم، (١) وينظرون إليه ويقرءونه منه، معلَّقًا بين السماء والأرض، بحقيقة ما تدعوهم إليه، وصحَّةِ ما تأتيهم به من توحيدي وتنزيلي، لقال الذين يعدلُون بي غيري فيشركون في توحيدِي سواي:"إنْ هذا إلا سحرٌ مبينٌ"، أي: ما هذا الذي جئتنا به إلا سحر سحرتَ به أعيننا، ليست له حقيقة ولا صحة (٢) ="مبين"، يقول: مبين لمن تدبّره وتأمَّله أنه سحر لا حقيقة له. (٣)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٠٧٣ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره:"كتابًا في قرطاس فلمسوه بأيديهم"، قال: فمسوه ونظروا إليه، لم يصدِّقوا به.
(١) انظر تفسير"لمس" فيما سلف ٨: ٣٩٩/ ١٠: ٨٣.
(٢) انظر تفسير"السحر" فيما سلف ٢: ٤٣٦ - ٤٤٢.
(٣) انظر تفسير"مبين" فيما سلف ١٠: ٥٧٥، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير"السحر" فيما سلف ٢: ٤٣٦ - ٤٤٢.
(٣) انظر تفسير"مبين" فيما سلف ١٠: ٥٧٥، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
١٣٠٧٤ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"ولو نزلنا عليك كتابًا في قرطاس فلمسوه بأيديهم"، يقول: فعاينوه معاينة ="لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحرٌ مبين".
١٣٠٧٥ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"ولو نزلنا عليك كتابًا في قرطاس فلمسوه بأيديهم"، يقول: لو نزلنا من السماء صُحُفًا فيها كتاب فلمسوه بأيديهم، لزادهم ذلك تكذيبًا.
١٣٠٧٦- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ولو نزلنا عليك كتابًا في قرطاس"، الصحف.
١٣٠٧٧- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"في قرطاس"، يقول: في صحيفة ="فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إنْ هذا إلا سحرٌ مبين".
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَقَالُوا لَوْلا أُنزلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ (٨) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال هؤلاء المكذبون بآياتي، العادلون بي الأندادَ والآلهةَ، يا محمد، لك لو دعوتهم إلى توحيدي والإقرار بربوبيتي، وإذا أتيتهم من الآيات والعبر بما أتيتهم به، واحتججت عليهم بما احتججت عليهم مما قطعتَ به عذرَهم: هَلا نزل عليك ملك من السماء في صورته، (١) يصدّقكَ على ما جئتنا به، ويشهد لك بحقيقة ما تدَّعي من أنَّ الله أرسلك إلينا!
١٣٠٧٥ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"ولو نزلنا عليك كتابًا في قرطاس فلمسوه بأيديهم"، يقول: لو نزلنا من السماء صُحُفًا فيها كتاب فلمسوه بأيديهم، لزادهم ذلك تكذيبًا.
١٣٠٧٦- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ولو نزلنا عليك كتابًا في قرطاس"، الصحف.
١٣٠٧٧- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"في قرطاس"، يقول: في صحيفة ="فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إنْ هذا إلا سحرٌ مبين".
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَقَالُوا لَوْلا أُنزلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ (٨) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال هؤلاء المكذبون بآياتي، العادلون بي الأندادَ والآلهةَ، يا محمد، لك لو دعوتهم إلى توحيدي والإقرار بربوبيتي، وإذا أتيتهم من الآيات والعبر بما أتيتهم به، واحتججت عليهم بما احتججت عليهم مما قطعتَ به عذرَهم: هَلا نزل عليك ملك من السماء في صورته، (١) يصدّقكَ على ما جئتنا به، ويشهد لك بحقيقة ما تدَّعي من أنَّ الله أرسلك إلينا!
(١) انظر تفسير"لولا" فيما سلف ٢: ٥٥٢، ٥٥٣/١٠: ٤٤٨ وما سيأتي ص: ٣٤٣.
266
كما قال تعالى ذكره مخبرًا عن المشركين في قِيلهم لنبي الله صلى الله عليه وسلم: وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأسْوَاقِ لَوْلا أُنزلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا [سورة الفرقان: ٧]، ="ولو أنزلنا مَلَكًا لقضي الأمر ثم لا ينظرون"، يقول: ولو أنزلنا ملكًا على ما سألوا، ثم كفروا ولم يؤمنوا بي وبرسولي، لجاءهم العذابُ عاجلا غيرَ آجل، (١) ولم يُنْظروا فيؤخَّروا بالعقوبة مراجعةَ التوبة، (٢) كما فعلت بمن قبلهم من الأمم التي سألت الآيات، ثم كفرت بعد مجيئها، من تعجيل النقمة، وترك الإنظار، كما:-
١٣٠٧٨ - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ولو أنزلنا ملكًا لقضي الأمر ثم لا ينظرون"، يقول: لجاءهم العذاب.
١٣٠٧٩ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"ولو أنزلنا ملكًا لقضي الأمر ثم لا ينظرون"، يقول: ولو أنهم أنزلنا إليهم ملكًا، ثم لم يؤمنوا، لم يُنْظَروا.
١٣٠٨٠ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره:"لولا أنزل عليه ملك" في صورته ="ولو أنزلنا ملكًا لقضي الأمر"، لقامت الساعة.
١٣٠٨١ - حدثنا ابن وكيع، عن أبيه قال، حدثنا أبو أسامة، عن سفيان الثوري، عن عكرمة:"لقضي الأمر"، قال: لقامت الساعة.
١٣٠٨٢- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة:"ولو أنزلنا ملكًا لقضي الأمر"، قال يقول: لو أنزل الله ملكًا
١٣٠٧٨ - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ولو أنزلنا ملكًا لقضي الأمر ثم لا ينظرون"، يقول: لجاءهم العذاب.
١٣٠٧٩ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"ولو أنزلنا ملكًا لقضي الأمر ثم لا ينظرون"، يقول: ولو أنهم أنزلنا إليهم ملكًا، ثم لم يؤمنوا، لم يُنْظَروا.
١٣٠٨٠ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره:"لولا أنزل عليه ملك" في صورته ="ولو أنزلنا ملكًا لقضي الأمر"، لقامت الساعة.
١٣٠٨١ - حدثنا ابن وكيع، عن أبيه قال، حدثنا أبو أسامة، عن سفيان الثوري، عن عكرمة:"لقضي الأمر"، قال: لقامت الساعة.
١٣٠٨٢- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة:"ولو أنزلنا ملكًا لقضي الأمر"، قال يقول: لو أنزل الله ملكًا
(١) انظر تفسير"قضى" فيما سلف ٢: ٥٤٢/٤: ١٩٥/٩: ١٦٤.
(٢) انظر تفسير"انظر" فيما سلف ٣: ٢٦٤/٦: ٥٧٧.
(٢) انظر تفسير"انظر" فيما سلف ٣: ٢٦٤/٦: ٥٧٧.
267
ثم لم يؤمنوا، لعجل لهم العذاب.
* * *
وقال آخرون في ذلك بما:-
١٣٠٨٣- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد قال، أخبرنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس قوله:"ولو أنزلنا ملكًا لقضي الأمر ثم لا ينظرون"، قالا لو آتاهم ملك في صورته لماتوا، ثم لم يؤخَّرُوا طرفةَ عينٍ.
* * *
* * *
وقال آخرون في ذلك بما:-
١٣٠٨٣- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد قال، أخبرنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس قوله:"ولو أنزلنا ملكًا لقضي الأمر ثم لا ينظرون"، قالا لو آتاهم ملك في صورته لماتوا، ثم لم يؤخَّرُوا طرفةَ عينٍ.
* * *
268
القول في تأويل قوله: ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلا﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولو جعلنا رسولنا إلى هؤلاء العادلِين بي، القائلين: لولا أنزل على محمّدٍ ملك بتصديقه- ملكًا ينزل عليهم من السماء، يشهد بتصديق محمد صلى الله عليه وسلم، ويأمرهم باتباعه ="لجعلناه رجلا"، يقول: لجعلناه في صورة رجل من البشر، لأنهم لا يقدرون أن يروا الملك في صورته. يقول: وإذا كان ذلك كذلك، فسواء أنزلت عليهم بذلك ملكًا أو بشرًا، إذ كنت إذا أنزلت عليهم ملكًا إنما أنزله بصورة إنسيّ، وحججي في كلتا الحالتين عليهم ثابتة: بأنك صادق، وأنّ ما جئتهم به حق.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٠٨٤ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد قال، حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس:"ولو جعلناه
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولو جعلنا رسولنا إلى هؤلاء العادلِين بي، القائلين: لولا أنزل على محمّدٍ ملك بتصديقه- ملكًا ينزل عليهم من السماء، يشهد بتصديق محمد صلى الله عليه وسلم، ويأمرهم باتباعه ="لجعلناه رجلا"، يقول: لجعلناه في صورة رجل من البشر، لأنهم لا يقدرون أن يروا الملك في صورته. يقول: وإذا كان ذلك كذلك، فسواء أنزلت عليهم بذلك ملكًا أو بشرًا، إذ كنت إذا أنزلت عليهم ملكًا إنما أنزله بصورة إنسيّ، وحججي في كلتا الحالتين عليهم ثابتة: بأنك صادق، وأنّ ما جئتهم به حق.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٠٨٤ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد قال، حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس:"ولو جعلناه
268
ملكًا لجعلناه رجلا"، يقول: ما آتاهم إلا في صورة رجل، لأنهم لا يستطيعون النظر إلى الملائكة.
١٣٠٨٥ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"ولو جعلناه ملكًا لجعلناه رجلا"، في صورة رجل، في خَلْق رجل.
١٣٠٨٦ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"ولو جعلناه ملكًا لجعلناه رجلا"، يقول: لو بعثنا إليهم ملكًا لجعلناه في صورة آدم. (١)
١٣٠٨٧ - حدثني محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة:"ولو جعلناه ملكًا لجعلناه رجلا"، يقول: في صورة آدمي.
١٣٠٨٨ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله.
١٣٠٨٩ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"ولو جعلناه ملكًا لجعلناه رجلا" قال: لجعلنا ذلك الملك في صورة رجل، لم نرسله في صورة الملائكة.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ (٩) ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"وللبسنا عليهم": ولو أنزلنا ملكًا من السماء مصدِّقًا لك، يا محمد، شاهدًا لك عند هؤلاء العادلين بي، الجاحدين آياتِك على حقيقة نبوّتك، فجعلناه في صورة رجل من بني آدم،
١٣٠٨٥ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"ولو جعلناه ملكًا لجعلناه رجلا"، في صورة رجل، في خَلْق رجل.
١٣٠٨٦ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"ولو جعلناه ملكًا لجعلناه رجلا"، يقول: لو بعثنا إليهم ملكًا لجعلناه في صورة آدم. (١)
١٣٠٨٧ - حدثني محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة:"ولو جعلناه ملكًا لجعلناه رجلا"، يقول: في صورة آدمي.
١٣٠٨٨ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله.
١٣٠٨٩ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"ولو جعلناه ملكًا لجعلناه رجلا" قال: لجعلنا ذلك الملك في صورة رجل، لم نرسله في صورة الملائكة.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ (٩) ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"وللبسنا عليهم": ولو أنزلنا ملكًا من السماء مصدِّقًا لك، يا محمد، شاهدًا لك عند هؤلاء العادلين بي، الجاحدين آياتِك على حقيقة نبوّتك، فجعلناه في صورة رجل من بني آدم،
(١) في المطبوعة: "آدمي"، وأثبت ما في المخطوطة.
269
إذ كانوا لا يُطيقون رؤية الملك بصورته التي خلقتُه بها= التبس عليهم أمرُه، فلم يدروا أملك هو أمْ إنسيّ! فلم يوقنوا به أنَّه ملك، ولم يصدّقوا به، وقالوا:"ليس هذا ملكًا"! وللبسنا عليهم ما يلبسونه على أنفسهم من حقيقة أمرك، وصحة برهانك وشاهدك على نبوّتك.
* * *
يقال منه:"لَبَست عليهم الأمر أَلْبِسُه لَبْسًا"، إذا خلطته عليهم ="ولبست الثوبَ ألبَسُه لُبْسًا". و"اللَّبوس"، اسم الثياب. (١)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. (٢)
١٣٠٨٩- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"وللبسنا عليهم ما يلبسون"، يقول: لشبَّهنا عليهم.
١٣٠٩٠ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"وللبسنا عليهم ما يلبسون"، يقول: ما لبَّس قوم على أنفسهم إلا لَبَّس الله عليهم. واللَّبْس إنما هو من الناس.
١٣٠٩١- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وللبسنا عليهم ما يلبسون"، يقول: شبَّهنا عليهم ما يشبِّهون على أنفسهم.
* * *
وقد روي عن ابن عباس في ذلك قول آخر، وهو ما:-
١٣٠٩٢ - حدثني به محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي
* * *
يقال منه:"لَبَست عليهم الأمر أَلْبِسُه لَبْسًا"، إذا خلطته عليهم ="ولبست الثوبَ ألبَسُه لُبْسًا". و"اللَّبوس"، اسم الثياب. (١)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. (٢)
١٣٠٨٩- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"وللبسنا عليهم ما يلبسون"، يقول: لشبَّهنا عليهم.
١٣٠٩٠ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"وللبسنا عليهم ما يلبسون"، يقول: ما لبَّس قوم على أنفسهم إلا لَبَّس الله عليهم. واللَّبْس إنما هو من الناس.
١٣٠٩١- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وللبسنا عليهم ما يلبسون"، يقول: شبَّهنا عليهم ما يشبِّهون على أنفسهم.
* * *
وقد روي عن ابن عباس في ذلك قول آخر، وهو ما:-
١٣٠٩٢ - حدثني به محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي
(١) انظر تفسير"اللبس" فيما سلف ١: ٥٦٧، ٥٦٨/٦: ٥٠٣ - ٥٠٥
= وتفسير"اللباس" فيما سلف ١: ٥٦٧، ٥٦٨/ ٣: ٤٨٩، ٤٩٠.
(٢) انظر أثرًا آخر في تفسير هذه الآية فيما سلف رقم: ٨٨٢ (ج ١: ٥٦٧)، لم يذكره في الآثار المفسرة، وهو باب من أبواب اختصاره لتفسيره.
= وتفسير"اللباس" فيما سلف ١: ٥٦٧، ٥٦٨/ ٣: ٤٨٩، ٤٩٠.
(٢) انظر أثرًا آخر في تفسير هذه الآية فيما سلف رقم: ٨٨٢ (ج ١: ٥٦٧)، لم يذكره في الآثار المفسرة، وهو باب من أبواب اختصاره لتفسيره.
270
قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"وللبسنا عليهم ما يلبسون"، فهم أهل الكتاب، فارقوا دينهم، وكذَّبوا رسلهم، وهو تحريفُ الكلام عن مواضعه.
١٣٠٩٣ - حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك في قوله:"وللبسنا عليهم ما يلبسون"، يعني: التحريفَ، هم أهل الكتاب، فرقوا كتبهم ودينَهم، وكذَّبوا رسلهم، فلبَّس الله عليهم ما لبَّسوا على أنفسهم.
* * *
وقد بينا فيما مضى قبل أن هذه الآيات من أوّل السورة، بأن تكون في أمر المشركين من عبدة الأوثان، أشبهُ منها بأمرِ أهل الكتاب من اليهود والنصارى، بما أغنى عن إعادته. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (١٠) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم، مسليًّا عنه بوعيده المستهزئين به عقوبةَ ما يلقى منهم من أذىَ الاستهزاء به، والاستخفاف في ذات الله: هَوِّنْ عليك، يا محمد، ما أنت لاقٍ من هؤلاء المستهزئين بك، المستخفِّين بحقك فيّ وفي طاعتي، وامضِ لما أمرتك به من الدُّعاء إلى توحيدي والإقرار بي والإذعان لطاعتي، فإنهم إن تمادوا في غيِّهم، وأصَرُّوا على المقام على كفرهم، نسلك بهم سبيلَ أسلافهم من سائر الأمم من غيرهم، من تعجيل النقمة
١٣٠٩٣ - حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك في قوله:"وللبسنا عليهم ما يلبسون"، يعني: التحريفَ، هم أهل الكتاب، فرقوا كتبهم ودينَهم، وكذَّبوا رسلهم، فلبَّس الله عليهم ما لبَّسوا على أنفسهم.
* * *
وقد بينا فيما مضى قبل أن هذه الآيات من أوّل السورة، بأن تكون في أمر المشركين من عبدة الأوثان، أشبهُ منها بأمرِ أهل الكتاب من اليهود والنصارى، بما أغنى عن إعادته. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (١٠) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم، مسليًّا عنه بوعيده المستهزئين به عقوبةَ ما يلقى منهم من أذىَ الاستهزاء به، والاستخفاف في ذات الله: هَوِّنْ عليك، يا محمد، ما أنت لاقٍ من هؤلاء المستهزئين بك، المستخفِّين بحقك فيّ وفي طاعتي، وامضِ لما أمرتك به من الدُّعاء إلى توحيدي والإقرار بي والإذعان لطاعتي، فإنهم إن تمادوا في غيِّهم، وأصَرُّوا على المقام على كفرهم، نسلك بهم سبيلَ أسلافهم من سائر الأمم من غيرهم، من تعجيل النقمة
(١) انظر ما سلف ص: ٢٥٤.
لهم، وحلول المَثُلاثِ بهم. فقد استهزأت أمم من قبلك برسلٍ أرسلتهم إليهم بمثل الذي أرسلتك به إلى قومك، وفعلوا مثل ما فعل قومُك بك ="فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون"، يعني بقوله:"فحاق"، فنزل وأحاط بالذين هزئوا من رسلهم ="ما كانوا به يستهزئون"، يقول: العذابُ الذي كانوا يهزءون به، وينكرون أن يكون واقعًا بهم على ما أنذرتهم رسلهم.
* * *
يقال منه:"حاق بهم هذا الأمر يَحِيقُ بهم حَيْقًا وحُيُوقًا وحَيَقَانًا".
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٠٩٤- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"فحاق بالذين سخروا منهم"، من الرسل ="ما كانوا به يستهزئون"، يقول: وقع بهم العذاب الذي استهزءوا به.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الأرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (١١) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره:"قل"، يا محمد = لهؤلاء العادلين بيَ الأوثانَ والأندادَ، المكذِّبين بك، الجاحدين حقيقة ما جئتهم به من عندي="سيروا في الأرض"، يقول: جولوا في بلاد المكذِّبين رسلَهم، الجاحدين آياتي مِنْ قبلهم من ضُرَبائهم وأشكالهم من الناس ="ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين"، يقول: ثم انظروا كيف أعقَبَهم تكذيبهم ذلك، الهلاكَ والعطبَ وخزيَ الدنيا وعارَها، وما حَلَّ بهم من سَخَط الله عليهم، من البوار وخراب
* * *
يقال منه:"حاق بهم هذا الأمر يَحِيقُ بهم حَيْقًا وحُيُوقًا وحَيَقَانًا".
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٣٠٩٤- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"فحاق بالذين سخروا منهم"، من الرسل ="ما كانوا به يستهزئون"، يقول: وقع بهم العذاب الذي استهزءوا به.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الأرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (١١) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره:"قل"، يا محمد = لهؤلاء العادلين بيَ الأوثانَ والأندادَ، المكذِّبين بك، الجاحدين حقيقة ما جئتهم به من عندي="سيروا في الأرض"، يقول: جولوا في بلاد المكذِّبين رسلَهم، الجاحدين آياتي مِنْ قبلهم من ضُرَبائهم وأشكالهم من الناس ="ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين"، يقول: ثم انظروا كيف أعقَبَهم تكذيبهم ذلك، الهلاكَ والعطبَ وخزيَ الدنيا وعارَها، وما حَلَّ بهم من سَخَط الله عليهم، من البوار وخراب
الديار وعفوِّ الآثار. فاعتبروا به، إن لم تنهكم حُلُومكم، ولم تزجركم حُجج الله عليكم، عمَّا أنتم [عليه] مقيمون من التكذيب، (١) فاحذروا مثل مصارعهم، واتقوا أن يحلّ بكم مثلُ الذي حلّ بهم.
* * *
وكان قتادة يقول في ذلك بما:-
١٣٠٩٥- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين"، دمَّر الله عليهم وأهلكهم، ثم صيَّرهم إلى النار.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمّد صلى الله عليه وسلم:"قل"، يا محمد، لهؤلاء العادلين بربهم ="لمن ما في السماوات والأرض"، يقول: لمن ملك ما في السماوات والأرض؟ ثم أخبرهم أن ذلك لله الذي استعبدَ كل شيء، وقهر كل شيء بملكه وسلطانه = لا للأوثان والأنداد، ولا لما يعبدونه ويتخذونه إلهًا من الأصنام التي لا تملك لأنفسها نفعًا ولا تدفع عنها ضُرًّا.
وقوله:"كتب على نفسه الرحمة"، يقول: قضى أنَّه بعباده رحيم، لا يعجل عليهم بالعقوبة، ويقبل منهم الإنابة والتوبة. (٢)
وهذا من الله تعالى ذكره استعطاف للمعرضين عنه إلى الإقبال إليه بالتوبة.
* * *
وكان قتادة يقول في ذلك بما:-
١٣٠٩٥- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين"، دمَّر الله عليهم وأهلكهم، ثم صيَّرهم إلى النار.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمّد صلى الله عليه وسلم:"قل"، يا محمد، لهؤلاء العادلين بربهم ="لمن ما في السماوات والأرض"، يقول: لمن ملك ما في السماوات والأرض؟ ثم أخبرهم أن ذلك لله الذي استعبدَ كل شيء، وقهر كل شيء بملكه وسلطانه = لا للأوثان والأنداد، ولا لما يعبدونه ويتخذونه إلهًا من الأصنام التي لا تملك لأنفسها نفعًا ولا تدفع عنها ضُرًّا.
وقوله:"كتب على نفسه الرحمة"، يقول: قضى أنَّه بعباده رحيم، لا يعجل عليهم بالعقوبة، ويقبل منهم الإنابة والتوبة. (٢)
وهذا من الله تعالى ذكره استعطاف للمعرضين عنه إلى الإقبال إليه بالتوبة.
(١) الزيادة بين القوسين لا بد منها حتى يستقيم الكلام.
(٢) انظر تفسير"كتب" فيما سلف ١٠: ٣٥٩، تعليق: ١.
(٢) انظر تفسير"كتب" فيما سلف ١٠: ٣٥٩، تعليق: ١.
273
يقول تعالى ذكره: أن هؤلاء العادلين بي، الجاحدين نبوّتك، يا محمد، إن تابوا وأنابوا قبلت توبتهم، وإني قد قضيت في خَلْقي أنّ رحمتي وسعت كل شيء، كالذي:-
١٣٠٩٦ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن ذكوان، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال:"لما فرغ الله من الخلق، كتب كتابًا:"إنّ رحمتي سَبَقَتْ غضبي". (١)
١٣٠٩٧ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن أبي عثمان، عن سلمان قال: إنّ الله تعالى ذكره لما خلق السماء والأرض، خلق مئة رحمةٍ، كل رحمة ملء ما بين السماء إلى الأرض. فعنده تسع وتسعون رحمةً، وقسم رحمة بين الخلائق. فبها يتعاطفون، وبها تشرب الوَحْش والطير الماءَ. فإذا كان يوم ذلك، (٢) قصرها الله على المتقين، وزادهم تسعًا وتسعين. (٣)
١٣٠٩٨- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن داود، عن أبي عثمان، عن سلمان، نحوه = إلا أن ابن أبي عدي لم يذكر في حديثه:"وبها تشرب الوحش والطير الماء". (٤)
١٣٠٩٦ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن ذكوان، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال:"لما فرغ الله من الخلق، كتب كتابًا:"إنّ رحمتي سَبَقَتْ غضبي". (١)
١٣٠٩٧ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن أبي عثمان، عن سلمان قال: إنّ الله تعالى ذكره لما خلق السماء والأرض، خلق مئة رحمةٍ، كل رحمة ملء ما بين السماء إلى الأرض. فعنده تسع وتسعون رحمةً، وقسم رحمة بين الخلائق. فبها يتعاطفون، وبها تشرب الوَحْش والطير الماءَ. فإذا كان يوم ذلك، (٢) قصرها الله على المتقين، وزادهم تسعًا وتسعين. (٣)
١٣٠٩٨- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن داود، عن أبي عثمان، عن سلمان، نحوه = إلا أن ابن أبي عدي لم يذكر في حديثه:"وبها تشرب الوحش والطير الماء". (٤)
(١) الأثر: ١٣٠٩٦ - إسناده صحيح. وهو حديث مشهور.
"ذكوان"، هو"أبو صالح".
ورواه البخاري (الفتح ١٣: ٣٢٥) من طريق أبي حمزة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، بغير هذا اللفظ، مطولا.
وانظر تعليق أخي السيد أحمد على المسند رقم: ٧٢٩٧، ٧٤٩١، ٧٥٢٠.
(٢) في المطبوعة: "فإذا كان يوم القيامة، قصرها"، وأثبت ما في المخطوطة. وأما سائر المراجع فذكرت ما كان في المطبوعة. والذي في المخطوطة جائز، فإن"ذلك" إشارة إلى معهود معروف، وهو يوم القيامة.
(٣) الأثران: ١٣٠٩٧، ١٣٠٩٨ -"داود"، هو"داود بن أبي هند" مضى مرارًا.
و"أبو عثمان"، هو"أبو عثمان النهدي": "عبد الرحمن بن مل بن عمرو بن عدي النهدي"، تابعي ثقة، أدرك الجاهلية. مترجم في التهذيب.
(٤) الأثران: ١٣٠٩٧، ١٣٠٩٨ -"داود"، هو"داود بن أبي هند" مضى مرارًا.
و"أبو عثمان"، هو"أبو عثمان النهدي": "عبد الرحمن بن مل بن عمرو بن عدي النهدي"، تابعي ثقة، أدرك الجاهلية. مترجم في التهذيب.
"ذكوان"، هو"أبو صالح".
ورواه البخاري (الفتح ١٣: ٣٢٥) من طريق أبي حمزة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، بغير هذا اللفظ، مطولا.
وانظر تعليق أخي السيد أحمد على المسند رقم: ٧٢٩٧، ٧٤٩١، ٧٥٢٠.
(٢) في المطبوعة: "فإذا كان يوم القيامة، قصرها"، وأثبت ما في المخطوطة. وأما سائر المراجع فذكرت ما كان في المطبوعة. والذي في المخطوطة جائز، فإن"ذلك" إشارة إلى معهود معروف، وهو يوم القيامة.
(٣) الأثران: ١٣٠٩٧، ١٣٠٩٨ -"داود"، هو"داود بن أبي هند" مضى مرارًا.
و"أبو عثمان"، هو"أبو عثمان النهدي": "عبد الرحمن بن مل بن عمرو بن عدي النهدي"، تابعي ثقة، أدرك الجاهلية. مترجم في التهذيب.
(٤) الأثران: ١٣٠٩٧، ١٣٠٩٨ -"داود"، هو"داود بن أبي هند" مضى مرارًا.
و"أبو عثمان"، هو"أبو عثمان النهدي": "عبد الرحمن بن مل بن عمرو بن عدي النهدي"، تابعي ثقة، أدرك الجاهلية. مترجم في التهذيب.
274
١٣٠٩٩- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن عاصم بن سليمان، عن أبي عثمان، عن سلمان قال: نجد في التوراة عطفتين: أن الله خلق السماوات والأرض، ثم خلق مئة رحمة = أو: جعل مئة رحمة = قبل أن يخلق الخلق. ثم خلق الخلق، فوضع بينهم رحمة واحدة، وأمسك عنده تسعًا وتسعين رحمة. قال: فبها يتراحمون، وبها يتباذلون، وبها يتعاطفون، وبها يتزاورون، (١) وبها تحنُّ الناقة، وبها تثُوجُ البقرة، (٢) وبها تيعر الشاة، (٣) وبها تتَّابع الطير، وبها تتَّابع الحيتان في البحر. (٤) فإذا كان يوم القيامة، جمع الله تلك الرحمة إلى ما عنده. ورحمته أفضل وأوسع.
١٣١٠٠- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن عاصم بن سليمان، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان في قوله:"كتب على نفسه الرحمة"، الآية قال: إنا نجد في التوراة عَطْفتين= ثم ذكر نحوه إلا أنه قال: (٥) "وبها تَتَابع الطير، وبها تَتَابع الحيتان في البحر". (٦)
١٣١٠٠- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن عاصم بن سليمان، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان في قوله:"كتب على نفسه الرحمة"، الآية قال: إنا نجد في التوراة عَطْفتين= ثم ذكر نحوه إلا أنه قال: (٥) "وبها تَتَابع الطير، وبها تَتَابع الحيتان في البحر". (٦)
(١) في المخطوطة، فوق"يتزاورون"، حرف (ط)، دلالة على الشك أو الخطأ. ولا أدري ما أراد بذلك، والذي في المخطوطة والمطبوعة، مثله في الدر المنثور.
(٢) في المطبوعة: "تنئج البقرة"، وفي الدر المنثور: "تنتج البقرة"، وهو خطأ.
والذي في المطبوعة، صواب في المعنى. يقال: "نأج الثور ينئج"، إذا صاح. وأما الذي في المخطوطة، فهو صواب أيضًا، ولذلك أثبته، يقال: "ثاجت البقرة تثاج وتثوج، ثوجًا وثواجًا": صوتت. قال صاحب اللسان: "وقد يهمز، وهو أعرف. إلا أن ابن دريد قال: ترك الهمز أعلى".
(٣) "يعرت الشاة تيعر يعارًا": صاحت.
(٤) أنا في شك في قوله"تتابع الطير" و"تتابع الحيتان"، ولكن هكذا هو المطبوعة والمخطوطة، وهو معنى شبيه بالاستقامة. وانظر التعليق التالي.
(٥) في المطبوعة: "إلا أنه ما قال"، زاد"ما"، لأنه استشكل عليه الكلام، فإن الذي قاله في هذا الخبر، هو الذي قاله في الخبر السالف. والظاهر والله أعلم أن الأولى كما ضبطتها هناك"تتابع" (بفتح ثم تاء مفتوحة مشددة) وأن هذه الثانية"تتابع" (بفتح التاء الثانية غير مشددة) على حذف إحدى التاءات الثلاث.
(٦) الأثران: ١٣٠٩٩، ١٣١٠٠ - خرجهما السيوطي في الدر المنثور ٣: ٦، وقال: "أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن سلمان..."، وساق الخبر.
(٢) في المطبوعة: "تنئج البقرة"، وفي الدر المنثور: "تنتج البقرة"، وهو خطأ.
والذي في المطبوعة، صواب في المعنى. يقال: "نأج الثور ينئج"، إذا صاح. وأما الذي في المخطوطة، فهو صواب أيضًا، ولذلك أثبته، يقال: "ثاجت البقرة تثاج وتثوج، ثوجًا وثواجًا": صوتت. قال صاحب اللسان: "وقد يهمز، وهو أعرف. إلا أن ابن دريد قال: ترك الهمز أعلى".
(٣) "يعرت الشاة تيعر يعارًا": صاحت.
(٤) أنا في شك في قوله"تتابع الطير" و"تتابع الحيتان"، ولكن هكذا هو المطبوعة والمخطوطة، وهو معنى شبيه بالاستقامة. وانظر التعليق التالي.
(٥) في المطبوعة: "إلا أنه ما قال"، زاد"ما"، لأنه استشكل عليه الكلام، فإن الذي قاله في هذا الخبر، هو الذي قاله في الخبر السالف. والظاهر والله أعلم أن الأولى كما ضبطتها هناك"تتابع" (بفتح ثم تاء مفتوحة مشددة) وأن هذه الثانية"تتابع" (بفتح التاء الثانية غير مشددة) على حذف إحدى التاءات الثلاث.
(٦) الأثران: ١٣٠٩٩، ١٣١٠٠ - خرجهما السيوطي في الدر المنثور ٣: ٦، وقال: "أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن سلمان..."، وساق الخبر.
275
١٣١٠١ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر قال، قال ابن طاوس، عن أبيه: إن الله تعالى ذكره لما خلق الخلق، لم يعطف شيء على شيء، حتى خلق مئة رحمة، فوضع بينهم رحمة واحدة، فعطف بعضُ الخلق على بعض.
١٣١٠٢- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، بمثله.
١٣١٠٣ - حدثنا ابن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر قال، وأخبرني الحكم بن أبان، عن عكرمة، حسبته أسنده قال: إذا فرغ الله عز وجلّ من القضاء بين خلقه، أخرج كتابًا من تحت العرش فيه:"إن رحمتي سبقت غضبي، وأنا أرحم الراحمين"، قال: فيخرج من النار مثل أهل الجنة = أو قال:"مِثلا أهل الجنة"، ولا أعلمه إلا قال:"مثلا"، وأما"مثل" فلا أشك = مكتوبًا ها هنا، وأشار الحكم إلى نحره،"عتقاء الله"، فقال رجل لعكرمة: يا أبا عبد الله، فإن الله يقول: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ [سورة المائدة: ٣٧] ؟ قال: ويلك! أولئك أهلها الذين هم أهلها.
١٣١٠٤- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، حسبت أنه أسنده قال: إذا كان يوم القيامة، أخرج الله كتابًا من تحت العرش = ثم ذكر نحوه، غير أنه قال: فقال رجل: يا أبا عبد الله، أرأيت قوله:"يريدون أن يخرجوا من النار"؟ = وسائر الحديث مثل حديث ابن عبد الأعلى.
١٣١٠٥- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن همام بن منبه قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لما
١٣١٠٢- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، بمثله.
١٣١٠٣ - حدثنا ابن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر قال، وأخبرني الحكم بن أبان، عن عكرمة، حسبته أسنده قال: إذا فرغ الله عز وجلّ من القضاء بين خلقه، أخرج كتابًا من تحت العرش فيه:"إن رحمتي سبقت غضبي، وأنا أرحم الراحمين"، قال: فيخرج من النار مثل أهل الجنة = أو قال:"مِثلا أهل الجنة"، ولا أعلمه إلا قال:"مثلا"، وأما"مثل" فلا أشك = مكتوبًا ها هنا، وأشار الحكم إلى نحره،"عتقاء الله"، فقال رجل لعكرمة: يا أبا عبد الله، فإن الله يقول: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ [سورة المائدة: ٣٧] ؟ قال: ويلك! أولئك أهلها الذين هم أهلها.
١٣١٠٤- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، حسبت أنه أسنده قال: إذا كان يوم القيامة، أخرج الله كتابًا من تحت العرش = ثم ذكر نحوه، غير أنه قال: فقال رجل: يا أبا عبد الله، أرأيت قوله:"يريدون أن يخرجوا من النار"؟ = وسائر الحديث مثل حديث ابن عبد الأعلى.
١٣١٠٥- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن همام بن منبه قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لما
276
قضى الله الخلق، كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش:"إنّ رحمتي سبقت غضبي". (١)
١٣١٠٦ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي أيوب، عن عبد الله بن عمرو: أنه كان يقول: إن لله مئة رحمة، فأهبط رحمةً إلى أهل الدنيا، يتراحم بها الجن والإنس، وطائر السماء، وحيتان الماء، ودوابّ الأرض وهوامّها. وما بين الهواء. واختزن عنده تسعًا وتسعين رحمة، حتى إذا كان يوم القيامة، اختلج الرحمةَ التي كان أهبطها إلى أهل الدنيا، (٢) فحواها إلى ما عنده، فجعلها في قلوب أهل الجنة، وعلى أهل الجنة. (٣)
١٣١٠٧ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة قال: قال عبد الله بن عمرو: إن لله مئة رحمة، أهبط منها إلى الأرض رحمة واحدة، يتراحم بها الجنّ والإنس، والطير والبهائم وهوامُّ الأرض.
١٣١٠٨ - حدثنا محمد بن عوف قال، أخبرنا أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج قال، حدثنا صفوان بن عمرو قال، حدثني أبو المخارق زهير بن سالم قال، قال عمر لكعب: ما أوَّل شيء ابتدأه الله من خلقه؟ فقال كعب: كتب الله كتابًا لم يكتبه بقلم ولا مداد، ولكنه كتب بأصبعه يتلوها الزبرجد واللؤلؤ والياقوت (٤) "أنا الله لا إله إلا أنا، سبقت رحمتي غضبي". (٥)
* * *
١٣١٠٦ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي أيوب، عن عبد الله بن عمرو: أنه كان يقول: إن لله مئة رحمة، فأهبط رحمةً إلى أهل الدنيا، يتراحم بها الجن والإنس، وطائر السماء، وحيتان الماء، ودوابّ الأرض وهوامّها. وما بين الهواء. واختزن عنده تسعًا وتسعين رحمة، حتى إذا كان يوم القيامة، اختلج الرحمةَ التي كان أهبطها إلى أهل الدنيا، (٢) فحواها إلى ما عنده، فجعلها في قلوب أهل الجنة، وعلى أهل الجنة. (٣)
١٣١٠٧ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة قال: قال عبد الله بن عمرو: إن لله مئة رحمة، أهبط منها إلى الأرض رحمة واحدة، يتراحم بها الجنّ والإنس، والطير والبهائم وهوامُّ الأرض.
١٣١٠٨ - حدثنا محمد بن عوف قال، أخبرنا أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج قال، حدثنا صفوان بن عمرو قال، حدثني أبو المخارق زهير بن سالم قال، قال عمر لكعب: ما أوَّل شيء ابتدأه الله من خلقه؟ فقال كعب: كتب الله كتابًا لم يكتبه بقلم ولا مداد، ولكنه كتب بأصبعه يتلوها الزبرجد واللؤلؤ والياقوت (٤) "أنا الله لا إله إلا أنا، سبقت رحمتي غضبي". (٥)
* * *
(١) الأثر: ١٣١٠٥ - رواه أحمد في مسنده بهذا الإسناد رقم: ٨١١٢، ولفظه: "غلبت غضبي". وانظر تعليق أخي السيد أحمد عليه هناك. وانظر التعليق على الأثر السالف رقم: ١٣٠٩٦.
(٢) "اختلج الشيء": جذبه وانتزعه.
(٣) الأثر: ١٣١٠٦ - خرجه السيوطي في الدر المنثور ٣: ٦، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وأبي الشيخ.
(٤) هكذا في المطبوعة، وفي الدر المنثور، "يتلوها"، وهي في المخطوطة كذلك، إلا أنها غير منقوطة، وأنا في ريب من أمر هذا الحرف، أخشى أن يكون محرفًا عن شيء آخر لم أتبينه، وإن كان المعنى مستقيما على ضعف فيه.
(٥) الأثر: ١٣١٠٨ -"محمد بن عوف بن سفيان الطائي"، شيخ الطبري مضى، برقم: ٥٤٤٥، ١٢١٩٤.
و"أبو المغيرة": عبد القدوس بن الحجاج الخولاني"، مضى برقم: ١٠٣٧١، ١٢١٩٤.
و"صفوان بن عمرو بن هرم السكسكي"، مضى برقم: ٧٠٠٩، ١٢٨٠٧.
و"أبو المخارق": "زهير بن سالم العنسي". ذكره ابن حبان في الثقات، "روى له أبو داود وابن ماجه حديثًا واحدًا". وقال الدارقطني: "حمصي، منكر الحديث"، مترجم في التهذيب، والكبير ٢/١/٣٩٠، وابن أبي حاتم ١/٢/٥٨٧، وميزان الاعتدال ١: ٣٥٣.
وهذا الخبر، خرجه السيوطي في الدر المنثور ٣: ٦، ولم ينسبه لغير ابن جرير. وهو خبر كما ترى، عن كعب الأحبار، مشوب بما كان من دأبه في ذكر الإسرائليات.
(٢) "اختلج الشيء": جذبه وانتزعه.
(٣) الأثر: ١٣١٠٦ - خرجه السيوطي في الدر المنثور ٣: ٦، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وأبي الشيخ.
(٤) هكذا في المطبوعة، وفي الدر المنثور، "يتلوها"، وهي في المخطوطة كذلك، إلا أنها غير منقوطة، وأنا في ريب من أمر هذا الحرف، أخشى أن يكون محرفًا عن شيء آخر لم أتبينه، وإن كان المعنى مستقيما على ضعف فيه.
(٥) الأثر: ١٣١٠٨ -"محمد بن عوف بن سفيان الطائي"، شيخ الطبري مضى، برقم: ٥٤٤٥، ١٢١٩٤.
و"أبو المغيرة": عبد القدوس بن الحجاج الخولاني"، مضى برقم: ١٠٣٧١، ١٢١٩٤.
و"صفوان بن عمرو بن هرم السكسكي"، مضى برقم: ٧٠٠٩، ١٢٨٠٧.
و"أبو المخارق": "زهير بن سالم العنسي". ذكره ابن حبان في الثقات، "روى له أبو داود وابن ماجه حديثًا واحدًا". وقال الدارقطني: "حمصي، منكر الحديث"، مترجم في التهذيب، والكبير ٢/١/٣٩٠، وابن أبي حاتم ١/٢/٥٨٧، وميزان الاعتدال ١: ٣٥٣.
وهذا الخبر، خرجه السيوطي في الدر المنثور ٣: ٦، ولم ينسبه لغير ابن جرير. وهو خبر كما ترى، عن كعب الأحبار، مشوب بما كان من دأبه في ذكر الإسرائليات.
277
القول في تأويل قوله: ﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ﴾
قال أبو جعفر: وهذه"اللام" التي في قوله:"ليجمعنكم"، لام قسم.
* * *
ثم اختلف أهل العربية في جالبها، فكان بعض نحويي الكوفة يقول: إن شئت جعلت"الرحمة" غاية كلام، ثم استأنفت بعدها:"ليجمعنكم". قال: وإن شئت جعلتَه في موضع نصب = يعني: كتب ليجمعنكم = كما قال: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ [سورة الأنعام: ٥٤]، يريد: كتب أنه من عمل منكم = قال: والعرب تقول في الحروف التي يصلح معها جوابُ كلام الأيمان ب"أن" المفتوحة وب"اللام"، (١) فيقولون:"أرسلت إليه أن يقوم"،"وأرسلت إليه ليقومن". قال: وكذلك قوله: ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ، [سورة يوسف: ٣٥]. قال: وهو في القرآن كثير. ألا ترى أنك لو قلت:"بدا لهم أن يسجنوه"، لكان صوابًا؟ (٢)
قال أبو جعفر: وهذه"اللام" التي في قوله:"ليجمعنكم"، لام قسم.
* * *
ثم اختلف أهل العربية في جالبها، فكان بعض نحويي الكوفة يقول: إن شئت جعلت"الرحمة" غاية كلام، ثم استأنفت بعدها:"ليجمعنكم". قال: وإن شئت جعلتَه في موضع نصب = يعني: كتب ليجمعنكم = كما قال: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ [سورة الأنعام: ٥٤]، يريد: كتب أنه من عمل منكم = قال: والعرب تقول في الحروف التي يصلح معها جوابُ كلام الأيمان ب"أن" المفتوحة وب"اللام"، (١) فيقولون:"أرسلت إليه أن يقوم"،"وأرسلت إليه ليقومن". قال: وكذلك قوله: ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ، [سورة يوسف: ٣٥]. قال: وهو في القرآن كثير. ألا ترى أنك لو قلت:"بدا لهم أن يسجنوه"، لكان صوابًا؟ (٢)
(١) هكذا في المطبوعة والمخطوطة، وهو في معاني القرآن"جواب الأيمان"، وهو الأجود.
(٢) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٣٢٨. وهذا نص كلامه.
(٢) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٣٢٨. وهذا نص كلامه.
278
وكان بعض نحويي البصرة يقول: نصبت"لام""ليجمعنكم"، لأن معنى:"كتب" [: فرضَ، وأوجب، وهو بمعنى القسم]، (١) كأنه قال: والله ليجمعنكم.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي، أن يكون قوله:"كتب على نفسه الرحمة"، غايةً، وأن يكون قوله:"ليجمعنكم"، خبرًا مبتدأ = ويكون معنى الكلام حينئذ: ليجمعنكم الله، أيها العادلون بالله، ليوم القيامة الذي لا ريب فيه، لينتقم منكم بكفركم به.
وإنما قلت: هذا القول أولى بالصواب من إعمال"كتب" في"ليجمعنكم"، لأن قوله:"كتب" قد عمل في الرحمة، فغير جائز، وقد عمل في"الرحمة"، أن يعمل في"ليجمعنكم"، لأنه لا يتعدَّى إلى اثنين.
* * *
فإن قال قائل: فما أنت قائل في قراءة من قرأ: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ، [سورة الأنعام: ٥٤] بفتح"أنّ"؟
قيل: إن ذلك إذ قرئ كذلك، فإن"أنّ" بيانٌ عن"الرحمة"، وترجمة عنها. لأن معنى الكلام: كتب على نفسه الرحمة أن يرحم [من تاب] من عباده بعد اقتراف السوء بجهالة ويعفو، (٢) و"الرحمة"، يترجم عنها ويبيَّن معناها بصفتها. وليس من صفة الرحمة"ليجمعنكم إلى يوم القيامة"، فيكون مبينًا به عنها. فإذ كان ذلك كذلك، فلم يبق إلا أن تنصب بنية تكرير"كتب" مرة أخرى معه، ولا ضرورة بالكلام إلى ذلك، فيوجَّه إلى ما ليس بموجود في ظاهره.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي، أن يكون قوله:"كتب على نفسه الرحمة"، غايةً، وأن يكون قوله:"ليجمعنكم"، خبرًا مبتدأ = ويكون معنى الكلام حينئذ: ليجمعنكم الله، أيها العادلون بالله، ليوم القيامة الذي لا ريب فيه، لينتقم منكم بكفركم به.
وإنما قلت: هذا القول أولى بالصواب من إعمال"كتب" في"ليجمعنكم"، لأن قوله:"كتب" قد عمل في الرحمة، فغير جائز، وقد عمل في"الرحمة"، أن يعمل في"ليجمعنكم"، لأنه لا يتعدَّى إلى اثنين.
* * *
فإن قال قائل: فما أنت قائل في قراءة من قرأ: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ، [سورة الأنعام: ٥٤] بفتح"أنّ"؟
قيل: إن ذلك إذ قرئ كذلك، فإن"أنّ" بيانٌ عن"الرحمة"، وترجمة عنها. لأن معنى الكلام: كتب على نفسه الرحمة أن يرحم [من تاب] من عباده بعد اقتراف السوء بجهالة ويعفو، (٢) و"الرحمة"، يترجم عنها ويبيَّن معناها بصفتها. وليس من صفة الرحمة"ليجمعنكم إلى يوم القيامة"، فيكون مبينًا به عنها. فإذ كان ذلك كذلك، فلم يبق إلا أن تنصب بنية تكرير"كتب" مرة أخرى معه، ولا ضرورة بالكلام إلى ذلك، فيوجَّه إلى ما ليس بموجود في ظاهره.
(١) الزيادة التي بين القوسين، استظهرتها من سياق التفسير، ليستقيم الكلام. وهي ساقطة من المخطوطة والمطبوعة.
(٢) هذه الزيادة بين القوسين لا بد منها حتى يستقيم الكلام، استظهرتها من معنى الآية. وانظر ما سيأتي في تفسيرها ص: ٣٩٢، ٣٩٣.
(٢) هذه الزيادة بين القوسين لا بد منها حتى يستقيم الكلام، استظهرتها من معنى الآية. وانظر ما سيأتي في تفسيرها ص: ٣٩٢، ٣٩٣.
279
وأما تأويل قوله:"لا ريب فيه"، فإنه لا شك فيه، (١) يقول: في أنّ الله يجمعكم إلى يوم القيامة، فيحشركم إليه جميعًا، ثم يؤتى كلَّ عامل منكم أجرَ ما عمل من حسن أو سيئ.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (١٢) ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"الذين خسروا أنفسهم"، العادلين به الأوثانَ والأصنامَ. يقول تعالى ذكره: ليجمعن الله ="الذين خسروا أنفسهم"، يقول: الذين أهلكوا أنفسهم وغبنوها بادعائهم لله الندَّ والعَدِيل، فأوبقوها بإستيجابهم سَخَط الله وأليم عقابه في المعاد. (٢)
* * *
وأصل"الخسار"، الغُبْنُ. يقال منه": خسر الرجل في البيع"، إذا غبن، كما قال الأعشى:
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (١٢) ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"الذين خسروا أنفسهم"، العادلين به الأوثانَ والأصنامَ. يقول تعالى ذكره: ليجمعن الله ="الذين خسروا أنفسهم"، يقول: الذين أهلكوا أنفسهم وغبنوها بادعائهم لله الندَّ والعَدِيل، فأوبقوها بإستيجابهم سَخَط الله وأليم عقابه في المعاد. (٢)
* * *
وأصل"الخسار"، الغُبْنُ. يقال منه": خسر الرجل في البيع"، إذا غبن، كما قال الأعشى:
لا يَأخُذُ الرِّشْوَةَ فِي حُكْمِهِ | وَلا يُبَالِي خَسَرَ الخَاسِر (٣) |
(١) انظر تفسير"الريب" فيما سلف ٨: ٥٩٢، تعليق: ٥، والمراجع هناك.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة "بإيجابهم سخط الله" وهو لا يستقيم صوابه ما أثبت.
(٣) ديوانه: ١٠٥، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٨٧. وهكذا جاء في المخطوطة والمطبوعة"خسر الخاسر"، ورواية ديوانه وغيره: "غَبَنَ الْخَاسِر" بتحريك الباء بالفتح. والذي نص عليه أصحاب اللغة أن"الغبن" بفتح وسكون، في البيع، وأن"الغبن" (بفتحتين) في الرأي، وهو ضعفه. فكأن ما جاء في رواية ديوان الأعشى، ضرورة، حركت الباء وهي ساكنة إلى الفتح. وأما رواية أبي جعفر، فهي على الصواب يقال: "خسر خسرًا (بفتح فسكون)، وخسرًا (بفتحتين)."
وهذا البيت من قصيدته في هجاء علقمة بن علاثة ومدح عامر بن الطفيل، ذكرت خبرها في أبيات سلفت منها ١: ٤٧٤/٢: ١٣١/٥: ٤٧٧، ٤٧٨. وقبل البيت:
(٢) في المطبوعة والمخطوطة "بإيجابهم سخط الله" وهو لا يستقيم صوابه ما أثبت.
(٣) ديوانه: ١٠٥، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٨٧. وهكذا جاء في المخطوطة والمطبوعة"خسر الخاسر"، ورواية ديوانه وغيره: "غَبَنَ الْخَاسِر" بتحريك الباء بالفتح. والذي نص عليه أصحاب اللغة أن"الغبن" بفتح وسكون، في البيع، وأن"الغبن" (بفتحتين) في الرأي، وهو ضعفه. فكأن ما جاء في رواية ديوان الأعشى، ضرورة، حركت الباء وهي ساكنة إلى الفتح. وأما رواية أبي جعفر، فهي على الصواب يقال: "خسر خسرًا (بفتح فسكون)، وخسرًا (بفتحتين)."
وهذا البيت من قصيدته في هجاء علقمة بن علاثة ومدح عامر بن الطفيل، ذكرت خبرها في أبيات سلفت منها ١: ٤٧٤/٢: ١٣١/٥: ٤٧٧، ٤٧٨. وقبل البيت: