تفسير سورة سورة النساء من كتاب جامع البيان في تأويل آي القرآن
المعروف بـالطبري
.
لمؤلفه
الطبري
.
المتوفي سنة 310 هـ
ﰡ
﴿القول في تفسير السورة التي يذكر فيها النساء﴾
* * *
القول في تأويل قوله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله تعالى ذكره:"يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة"، احذروا، أيها الناس، ربكم في أن تخالفوه فيما أمركم وفيما نهاكم، فيحلّ بكم من عقوبته ما لا قِبَل لكم به.
ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحِّد بخلق جميع الأنام من شخص واحد، مُعَرِّفًا عباده كيف كان مُبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة، (١) ومنبِّهَهم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة= وأن بعضهم من بعض، وأن حق بعضهم على بعض واجبٌ وجوبَ حق الأخ على أخيه، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة= وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض، وإن بَعُدَ التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب
بسم الله الرحمن الرحيم
رَبِّ يسِّرْ* * *
القول في تأويل قوله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله تعالى ذكره:"يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة"، احذروا، أيها الناس، ربكم في أن تخالفوه فيما أمركم وفيما نهاكم، فيحلّ بكم من عقوبته ما لا قِبَل لكم به.
ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحِّد بخلق جميع الأنام من شخص واحد، مُعَرِّفًا عباده كيف كان مُبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة، (١) ومنبِّهَهم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة= وأن بعضهم من بعض، وأن حق بعضهم على بعض واجبٌ وجوبَ حق الأخ على أخيه، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة= وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض، وإن بَعُدَ التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب
(١) في المطبوعة والمخطوطة وعرف عباده... "، واستظهرت من نهج أبي جعفر في بيانه، ومن قوله بعد: "ومنبههم" ثم قوله: "وعاطفًا"، على أن الصواب"ومعرفًا"، وهو مقتضى سياق الكلام بعد ذلك كله.
512
الأدنى= (١) وعاطفًا بذلك بعضهم على بعض، ليتناصفوا ولا يتظالموا، وليبذُل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له، فقال:"الذي خلقكم من نفس واحدة"، يعني: من آدم، كما:-
٨٤٠٠ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أمّا"خلقكم من نفس واحدة"، فمن آدم عليه السلام. (٢)
٨٤٠١ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة"، يعني آدم صلى الله عليه. (٣)
٨٤٠٢ - حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن رجل، عن مجاهد:"خلقكم من نفس واحدة"، قال: آدم.
* * *
ونظير قوله:"من نفس واحدة"، والمعنيُّ به رجل، قول الشاعر.
فقال،"ولدته أخرى"، وهو يريد"الرجل"، فأنّث للفظ"الخليفة". وقال تعالى ذكره:"من نفس واحدة" لتأنيث"النفس"، والمعنى: من رجل واحد. ولو قيل:"من نفس واحد"، وأخرج اللفظ على التذكير للمعنى، كان صوابًا. (٥)
* * *
٨٤٠٠ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أمّا"خلقكم من نفس واحدة"، فمن آدم عليه السلام. (٢)
٨٤٠١ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة"، يعني آدم صلى الله عليه. (٣)
٨٤٠٢ - حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن رجل، عن مجاهد:"خلقكم من نفس واحدة"، قال: آدم.
* * *
ونظير قوله:"من نفس واحدة"، والمعنيُّ به رجل، قول الشاعر.
أَبُوكَ خَلِيفَةٌ وَلدَتْهُ أُخْرَى | وَأَنْتَ خَلِيفَةٌ، ذَاكَ الكَمَالُ (٤) |
* * *
(١) قوله: "وعاطفًا"، عطف على قوله: "معرفًا عباده... ومنبههم... ".
(٢) في المطبوعة: "صلى الله عليه وسلم"، وأثبت ما فيه المخطوطة.
(٣) في المطبوعة: "صلى الله عليه وسلم"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٤) سلف البيت وتخريجه في ٦: ٣٦٢.
(٥) هذه مقالة الفراء في معاني القرآن ١: ٢٥٢.
(٢) في المطبوعة: "صلى الله عليه وسلم"، وأثبت ما فيه المخطوطة.
(٣) في المطبوعة: "صلى الله عليه وسلم"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٤) سلف البيت وتخريجه في ٦: ٣٦٢.
(٥) هذه مقالة الفراء في معاني القرآن ١: ٢٥٢.
514
القول في تأويل قوله جل ثناؤه: ﴿وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"وخلق منها زوجها"، وخلق من النفس الواحدة زوجها= يعني بـ"الزوج"، الثاني لها. (١) وهو فيما قال أهل التأويل، امرأتها حواء.
* ذكر من قال ذلك:
٨٤٠٣ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"وخلق منها زوجها"، قال: حواء، من قُصَيري آدم وهو نائم، (٢) فاستيقظ فقال:"أثا"= بالنبطية، امرأة.
٨٤٠٤ - حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
٨٤٠٥ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"وخلق منها زوجها"، يعني حواء، خلقت من آدم، من ضِلَع من أضلاعه.
٨٤٠٦ - حدثني موسى بن هارون قال، أخبرنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: أسكن آدمَ الجنة، فكان يمشي فيها وَحْشًا ليس له زوج يسكن إليها. (٣) فنام نومةً، فاستيقظ، فإذا عند رأسه امرأة قاعدة، خلقها
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"وخلق منها زوجها"، وخلق من النفس الواحدة زوجها= يعني بـ"الزوج"، الثاني لها. (١) وهو فيما قال أهل التأويل، امرأتها حواء.
* ذكر من قال ذلك:
٨٤٠٣ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"وخلق منها زوجها"، قال: حواء، من قُصَيري آدم وهو نائم، (٢) فاستيقظ فقال:"أثا"= بالنبطية، امرأة.
٨٤٠٤ - حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
٨٤٠٥ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"وخلق منها زوجها"، يعني حواء، خلقت من آدم، من ضِلَع من أضلاعه.
٨٤٠٦ - حدثني موسى بن هارون قال، أخبرنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: أسكن آدمَ الجنة، فكان يمشي فيها وَحْشًا ليس له زوج يسكن إليها. (٣) فنام نومةً، فاستيقظ، فإذا عند رأسه امرأة قاعدة، خلقها
(١) انظر تفسير"الزوج" فيما سلف ١: ٥١٤ / ٢: ٤٤٦، وأراد بقوله في تفسير"الزوج""الثاني لها"، أن"الزوج" هو"الفرد الذي له قرين"، فكل واحد من القرينين، يقال له: "زوج"، ثم قيل لامرأة الرجل، وللرجل صاحب المرأة: "زوج".
(٢) القصرى (بضم القاف وسكون الصاد وفتح الراء) والقصيري (بضم القاف وفتح الصاد، على التصغير) : أسفل الأضلاع، أو هي الضلع التي تلي الشاكلة، بين الجنب والبطن.
(٣) قوله: "وحشا"، أي وحده ليس معه غيره.
(٢) القصرى (بضم القاف وسكون الصاد وفتح الراء) والقصيري (بضم القاف وفتح الصاد، على التصغير) : أسفل الأضلاع، أو هي الضلع التي تلي الشاكلة، بين الجنب والبطن.
(٣) قوله: "وحشا"، أي وحده ليس معه غيره.
515
الله من ضلعه، فسألها ما أنت؟ قالت: امرأة. قال: ولم خلقت؟ قالت: لتسكن إليّ. (١)
٨٤٠٧ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: ألقي على آدم ﷺ السَّنة -فيما بلغنا عن أهل الكتاب من أهل التوراة وغيرهم من أهل العلم، عن عبد الله بن العباس وغيره- ثم أخذ ضِلَعًا من أضلاعه، من شِقٍّه الأيسر، ولأم مكانه، (٢) وآدم نائمٌ لم يهبَّ من نومته، حتى خلق الله تبارك وتعالى من ضِلَعه تلك زوجته حواء، فسوَّاها امرأة ليسكن إليها، فلما كُشِفت عنه السِّنة وهبَّ من نومته، رآها إلى جنبه، فقال -فيما يزعمون، والله أعلم-: لحمي ودمي وزوجتي! فسكن إليها. (٣)
٨٤٠٨ - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وخلق منها زوجها". جعل من آدم حواء.
* * *
وأما قوله:"وبثَّ منهما رجالا كثيرًا ونساء"، فإنه يعني: ونشر منهما، يعني من آدم وحواء="رجالا كثيرًا ونساء"، قد رآهم، كما قال جل ثناؤه: (كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ) [سورة القارعة: ٤]. (٤)
* * *
يقال منه:"بثَّ الله الخلق، وأبثهم". (٥)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
٨٤٠٧ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: ألقي على آدم ﷺ السَّنة -فيما بلغنا عن أهل الكتاب من أهل التوراة وغيرهم من أهل العلم، عن عبد الله بن العباس وغيره- ثم أخذ ضِلَعًا من أضلاعه، من شِقٍّه الأيسر، ولأم مكانه، (٢) وآدم نائمٌ لم يهبَّ من نومته، حتى خلق الله تبارك وتعالى من ضِلَعه تلك زوجته حواء، فسوَّاها امرأة ليسكن إليها، فلما كُشِفت عنه السِّنة وهبَّ من نومته، رآها إلى جنبه، فقال -فيما يزعمون، والله أعلم-: لحمي ودمي وزوجتي! فسكن إليها. (٣)
٨٤٠٨ - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وخلق منها زوجها". جعل من آدم حواء.
* * *
وأما قوله:"وبثَّ منهما رجالا كثيرًا ونساء"، فإنه يعني: ونشر منهما، يعني من آدم وحواء="رجالا كثيرًا ونساء"، قد رآهم، كما قال جل ثناؤه: (كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ) [سورة القارعة: ٤]. (٤)
* * *
يقال منه:"بثَّ الله الخلق، وأبثهم". (٥)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
(١) الأثر: ٤٨٠٦- مضى هذا الأثر مطولا برقم: ٧١٠، وكان في المطبوعة هنا: "لتسكن إلي" باللام في أولها، وأثبت نص المخطوطة، وما سلف في الأثر: ٧١٠.
(٢) لأم الشيء لأمًا، ولاءمه، فالتأم: أصلحه حتى اجتمع وذهب ما كان فيه من الصدع. وفي روايته في الأثر رقم: ٧١١: "ولأم مكانه لحما".
(٣) الأثر: ٨٤٠٧- مضى هذا الأثر برقم: ٧١١، وتخريجه هناك.
(٤) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٥٢.
(٥) انظر تفسير"بث" فيما سلف ٣: ٢٧٥.
(٢) لأم الشيء لأمًا، ولاءمه، فالتأم: أصلحه حتى اجتمع وذهب ما كان فيه من الصدع. وفي روايته في الأثر رقم: ٧١١: "ولأم مكانه لحما".
(٣) الأثر: ٨٤٠٧- مضى هذا الأثر برقم: ٧١١، وتخريجه هناك.
(٤) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٥٢.
(٥) انظر تفسير"بث" فيما سلف ٣: ٢٧٥.
516
* ذكر من قال ذلك:
٨٤٠٩ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل، قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وبث منهما رجالا كثيرًا ونساء"، وبثَّ، خلق.
* * *
القول في تأويل قوله جل ثناؤه: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ﴾
قال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأه عامة قرأة أهل المدينة والبصرة:"تَسَّاءَلونَ" بالتشديد، بمعنى: تتساءلون، ثم أدغم إحدى"التاءين" في"السين"، فجعلهما"سينًا" مشددة.
* * *
وقرأه بعض قرأة الكوفة:"تَسَاءَلُونَ"، بالتخفيف، على مثال"تفاعلون"،
* * *
وهما قراءتان معروفتان، ولغتان فصيحتان= أعني التخفيف والتشديد في قوله:"تساءلون به"= وبأيِّ ذلك قرأ القارئ أصابَ الصواب فيه. لأن معنى ذلك، بأيّ وجهيه قرئ، غير مختلف.
* * *
وأما تأويله: واتقوا الله، أيها الناس، الذي إذا سأل بعضكم بعضًا سأل به، فقال السائل للمسئول:"أسألك بالله، وأنشدك بالله، وأعزِم عليك بالله"، وما أشبه ذلك. يقول تعالى ذكره: فكما تعظّمون، أيها الناس، رّبكم بألسنتكم حتى تروا أنّ من أعطاكم عهده فأخفركموه، (١) فقد أتى عظيمًا. فكذلك فعظّموه بطاعتكم إياه فيما أمركم،
٨٤٠٩ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل، قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وبث منهما رجالا كثيرًا ونساء"، وبثَّ، خلق.
* * *
القول في تأويل قوله جل ثناؤه: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ﴾
قال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأه عامة قرأة أهل المدينة والبصرة:"تَسَّاءَلونَ" بالتشديد، بمعنى: تتساءلون، ثم أدغم إحدى"التاءين" في"السين"، فجعلهما"سينًا" مشددة.
* * *
وقرأه بعض قرأة الكوفة:"تَسَاءَلُونَ"، بالتخفيف، على مثال"تفاعلون"،
* * *
وهما قراءتان معروفتان، ولغتان فصيحتان= أعني التخفيف والتشديد في قوله:"تساءلون به"= وبأيِّ ذلك قرأ القارئ أصابَ الصواب فيه. لأن معنى ذلك، بأيّ وجهيه قرئ، غير مختلف.
* * *
وأما تأويله: واتقوا الله، أيها الناس، الذي إذا سأل بعضكم بعضًا سأل به، فقال السائل للمسئول:"أسألك بالله، وأنشدك بالله، وأعزِم عليك بالله"، وما أشبه ذلك. يقول تعالى ذكره: فكما تعظّمون، أيها الناس، رّبكم بألسنتكم حتى تروا أنّ من أعطاكم عهده فأخفركموه، (١) فقد أتى عظيمًا. فكذلك فعظّموه بطاعتكم إياه فيما أمركم،
(١) أخفر الذمة والعهد: نقضه وغدره وخاس به، ولم يف بعهده.
517
واجتنابكم ما نهاكم عنه، واحذروا عقابه من مخالفتكم إياه فيما أمركم به أو نهاكم عنه، كما:-
٨٤١٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك في قوله:"واتقوا الله الذي تساءلون به"، قال يقول: اتقوا الله الذي تعاقدون وتعاهدون به.
٨٤١١ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع:"واتقوا الله الذي تساءلون به"، يقول: اتقوا الله الذي به تعاقدون وتعاهدون.
٨٤١٢ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس مثله.
٨٤١٣ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، أخبرنا حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس:"تساءلون به"، قال: تعاطفون به.
* * *
وأما قوله:"والأرحام"، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله. فقال بعضهم: معناه: واتقوا الله الذي إذا سألتم بينكم قال السائل للمسئول:"أسألك به وبالرّحِم"
ذكر من قال ذلك:
٨٤١٤ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن إبراهيم:"اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، يقول: اتقوا الله الذي تعاطفون به والأرحام. يقول: الرجل يسأل بالله وبالرَّحم.
٨٤١٥ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: هو كقول الرجل:"أسألك بالله، أسألك بالرحم"، يعني قوله:"واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام".
٨٤١٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك في قوله:"واتقوا الله الذي تساءلون به"، قال يقول: اتقوا الله الذي تعاقدون وتعاهدون به.
٨٤١١ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع:"واتقوا الله الذي تساءلون به"، يقول: اتقوا الله الذي به تعاقدون وتعاهدون.
٨٤١٢ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس مثله.
٨٤١٣ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، أخبرنا حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس:"تساءلون به"، قال: تعاطفون به.
* * *
وأما قوله:"والأرحام"، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله. فقال بعضهم: معناه: واتقوا الله الذي إذا سألتم بينكم قال السائل للمسئول:"أسألك به وبالرّحِم"
ذكر من قال ذلك:
٨٤١٤ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن إبراهيم:"اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، يقول: اتقوا الله الذي تعاطفون به والأرحام. يقول: الرجل يسأل بالله وبالرَّحم.
٨٤١٥ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: هو كقول الرجل:"أسألك بالله، أسألك بالرحم"، يعني قوله:"واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام".
518
٨٤١٦ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم:"اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، قال يقول:"أسألك بالله وبالرحم".
٨٤١٧ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم: هو كقول الرجل:"أسألك بالرحم".
٨٤١٨ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:" اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، قال يقول:"أسألك بالله وبالرحم".
٨٤١٩ - حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك، عن منصور -أو مغيرة- عن إبراهيم في قوله:"واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، قال: هو قول الرجل:"أسألك بالله والرحم".
٨٤٢٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن معمر، عن الحسن قال: هو قول الرجل:"أنشدك بالله والرحم".
* * *
قال محمد: (١) وعلى هذا التأويل قول بعض من قرأ قوله:"وَالأرْحَامِ" بالخفض عطفًا بـ"الأرحام"، على"الهاء" التي في قوله:"به"، كأنه أراد: واتقوا الله الذي تساءلون به وبالأرحام= فعطف بظاهر على مكنيّ مخفوض. وذلك غير فصيح من الكلام عند العرب، لأنها لا تَنسُق بظاهر على مكني في الخفض، (٢)
٨٤١٧ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم: هو كقول الرجل:"أسألك بالرحم".
٨٤١٨ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:" اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، قال يقول:"أسألك بالله وبالرحم".
٨٤١٩ - حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك، عن منصور -أو مغيرة- عن إبراهيم في قوله:"واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، قال: هو قول الرجل:"أسألك بالله والرحم".
٨٤٢٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن معمر، عن الحسن قال: هو قول الرجل:"أنشدك بالله والرحم".
* * *
قال محمد: (١) وعلى هذا التأويل قول بعض من قرأ قوله:"وَالأرْحَامِ" بالخفض عطفًا بـ"الأرحام"، على"الهاء" التي في قوله:"به"، كأنه أراد: واتقوا الله الذي تساءلون به وبالأرحام= فعطف بظاهر على مكنيّ مخفوض. وذلك غير فصيح من الكلام عند العرب، لأنها لا تَنسُق بظاهر على مكني في الخفض، (٢)
(١) قوله: "قال محمد"، يعني محمد بن جرير الطبري، أبا جعفر صاحب التفسير. وهذه أول مرة يكتب فيها الطبري، أو أحد تلامذته، أو بعض ناسخي تفسيره"قال محمد"، دون كنيته قال"أبو جعفر". وانظر ما سيأتي ص: ٥٦٩، تعليق: ٢.
(٢) قوله: "تنسق"، أي تعطف. و"النسق" العطف، انظر فهارس المصطلحات في هذه الأجزاء من التفسير، و"المكني" الضمير، انظر فهارس المصطلحات.
(٢) قوله: "تنسق"، أي تعطف. و"النسق" العطف، انظر فهارس المصطلحات في هذه الأجزاء من التفسير، و"المكني" الضمير، انظر فهارس المصطلحات.
519
إلا في ضرورة شعر، وذلك لضيق الشعر. (١) وأما الكلام، فلا شيء يضطر المتكلم إلى اختيار المكروه من المنطق، والرديء في الإعراب منه. ومما جاء في الشعر من ردّ ظاهر على مكنيّ في حال الخفض، قول الشاعر: (٢)
فعطف بـ"الكعب" وهو ظاهر، على"الهاء والألف" في قوله:"بينها" وهي مكنية.
* * *
وقال آخرون: تأويل ذلك:"واتقوا الله الذي تساءلون به، واتقوا الأرحام أن تقطعوها.
نُعَلِّقُ فِي مِثْلِ السَّوَارِي سُيُوفَنَا | وَمَا بَيْنَهَا والكَعْبِ غُوطٌ نَفَانِفُ (٣) |
* * *
وقال آخرون: تأويل ذلك:"واتقوا الله الذي تساءلون به، واتقوا الأرحام أن تقطعوها.
(١) هذه مقالة الفراء في معاني القرآن ١: ٢٥٢، ٢٥٣، وقد ذكر هذه القراءة بإسنادها إلى إبراهيم بن يزيد النخعي، وهي قراءة حمزة وغيره.
(٢) هو مسكين الدارمي.
(٣) معاني القرآن للفراء ١: ٢٥٣، الحيوان ٦: ٤٩٣، ٤٩٤، الإنصاف: ١٩٣، الخزانة، ٢: ٣٣٨، العيني (بهامش الخزانة) ٤: ١٦٤، وهو من أبيات ذكرها الجاحظ، وأتمها العيني، يمجد نفسه وقومه، قال:
في أبيات أخر، ورواية الحيوان: "والكعب منا تنائف"، وفي الطبري ومعاني القرآن والخزانة"نعلق" بالنون، وكلتاهما صواب. و"السواري" جمع سارية، وهي الأسطوانة. و"الغوط" جمع غائط، وهو المطمئن من الأرض. و"النفانف" جمع نفنف: وهو الهواء بين شيئين، وكل شيء بينه وبين الأرض مهوي بعيد فهو نفنف.
(٢) هو مسكين الدارمي.
(٣) معاني القرآن للفراء ١: ٢٥٣، الحيوان ٦: ٤٩٣، ٤٩٤، الإنصاف: ١٩٣، الخزانة، ٢: ٣٣٨، العيني (بهامش الخزانة) ٤: ١٦٤، وهو من أبيات ذكرها الجاحظ، وأتمها العيني، يمجد نفسه وقومه، قال:
لَقَدْ عَلِمَتْ قَيْسٌ وَخِنْدِفُ أنَّني | بِثَغْرِهِمُ مِنْ عَارِمِ النَّاسِ وَاقِفُ |
وَقَدْ عَلِمُوا أَنْ لَنْ يُبقَّى عَدُوُّهُمْ | إِذَا قَذَفَتْه في يَدَيّ القَوَاذِفُ |
وأنَّ أبَانَا بِكرُ آدَمَ، فَاعْلَمُوا، | وَحَوَّاءَ، قَرْمٌ ذُو عَثَانينَ شَارِفُ |
كَأَنَّ عَلَى خُرْطُومِهِ مُتَهافِتًا | مِنَ القُطْنِ هَاجَتْهُ الأكُفُ النَّوَادِفُ |
وَللَصَّدَأُ المُسْوَدُّ أَطْيبُ عِنْدَنَا | مِنَ المِسْكِ، دَافَتْهُ الأَكُفُّ الدَّوَائِفُ |
تُعَلَّقُ في مِثْلِ السَّوَارِي سُيُوفُنَا | وما بَيْنَها والكَعْبِ غُوطٌ نفانِفُ |
وَتَضْحَكُ عِرْفَانَ الدرُوع جُلُودُنَا | إِذَا جَاء يَوْمٌ مُظْلِمُ اللَّوْن كاسِفُ |
520
* ذكر من قال ذلك:
٨٤٢١ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي في قوله:"واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، يقول: اتقوا الله، واتقوا الأرحام لا تقطعوها.
٨٤٢٢ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد عن قتادة:"واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إنّ الله كان عليكم رقيبًا"، ذكر لنا أن نبي الله ﷺ كان يقول: اتقوا الله، وصلُوا الأرحام، فإنه أبقى لكم في الدنيا، وخير لكم في الآخرة.
٨٤٢٣ - حدثني علي بن داود قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قول الله:"واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، يقول: اتقوا الله الذي تساءلون به، واتقوا الله في الأرحام فصِلُوها.
٨٤٢٤ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا هشيم، عن منصور، عن الحسن في قوله:"واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، قال: اتقوا الذي تساءلون به، واتقوه في الأرحام.
٨٤٢٥ - حدثنا سفيان قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن خصيف، عن عكرمة في قول الله:"الذي تساءلون به والأرحام"، قال: اتقوا الأرحام أن تقطعوها.
٨٤٢٦ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحسن في قوله:"واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، قال: هو قول الرجل:"أنشدك بالله والرَّحم".
٨٤٢٧ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة أنّ النبي ﷺ قال: اتقوا الله، وصلوا الأرحام.
٨٤٢١ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي في قوله:"واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، يقول: اتقوا الله، واتقوا الأرحام لا تقطعوها.
٨٤٢٢ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد عن قتادة:"واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إنّ الله كان عليكم رقيبًا"، ذكر لنا أن نبي الله ﷺ كان يقول: اتقوا الله، وصلُوا الأرحام، فإنه أبقى لكم في الدنيا، وخير لكم في الآخرة.
٨٤٢٣ - حدثني علي بن داود قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قول الله:"واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، يقول: اتقوا الله الذي تساءلون به، واتقوا الله في الأرحام فصِلُوها.
٨٤٢٤ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا هشيم، عن منصور، عن الحسن في قوله:"واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، قال: اتقوا الذي تساءلون به، واتقوه في الأرحام.
٨٤٢٥ - حدثنا سفيان قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن خصيف، عن عكرمة في قول الله:"الذي تساءلون به والأرحام"، قال: اتقوا الأرحام أن تقطعوها.
٨٤٢٦ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحسن في قوله:"واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، قال: هو قول الرجل:"أنشدك بالله والرَّحم".
٨٤٢٧ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة أنّ النبي ﷺ قال: اتقوا الله، وصلوا الأرحام.
521
٨٤٢٨ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"الذي تساءلون به والأرحام"، قال: اتقوا الأرحام أن تقطعوها.
٨٤٢٩ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثني أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك في قوله:"الذي تساءلون به والأرحام"، قال يقول: اتقوا الله في الأرحام فصلوها.
٨٤٣٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع:"واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، قال يقول: واتقوا الله في الأرحام فصلوها.
٨٤٣١ - حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق، عن عبد الرحمن بن أبي حماد، وأخبرنا أبو جعفر الخزاز، عن جويبر، عن الضحاك: أن ابن عباس كان يقرأ:"والأرحام"، يقول: اتقوا الله لا تقطعوها.
٨٤٣٢ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: اتقوا الأرحام.
٨٤٣٣ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قال،"واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، أن تقطعوها.
٨٤٣٤ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"واتقوا الله الذي تساءلون به"، واتقوا الأرحام أن تقطعوها= وقرأ: (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) [سورة الرعد: ٢١].
* * *
قال أبو جعفر: وعلى هذا التأويل قرأ ذلك من قرأه نصبًا بمعنى: واتقوا الله الذي تساءلون به، واتقوا الأرحام أن تقطعوها= عطفًا بـ"الأرحام"، في إعرابها بالنصب
٨٤٢٩ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثني أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك في قوله:"الذي تساءلون به والأرحام"، قال يقول: اتقوا الله في الأرحام فصلوها.
٨٤٣٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع:"واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، قال يقول: واتقوا الله في الأرحام فصلوها.
٨٤٣١ - حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق، عن عبد الرحمن بن أبي حماد، وأخبرنا أبو جعفر الخزاز، عن جويبر، عن الضحاك: أن ابن عباس كان يقرأ:"والأرحام"، يقول: اتقوا الله لا تقطعوها.
٨٤٣٢ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: اتقوا الأرحام.
٨٤٣٣ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قال،"واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، أن تقطعوها.
٨٤٣٤ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"واتقوا الله الذي تساءلون به"، واتقوا الأرحام أن تقطعوها= وقرأ: (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) [سورة الرعد: ٢١].
* * *
قال أبو جعفر: وعلى هذا التأويل قرأ ذلك من قرأه نصبًا بمعنى: واتقوا الله الذي تساءلون به، واتقوا الأرحام أن تقطعوها= عطفًا بـ"الأرحام"، في إعرابها بالنصب
522
على اسم الله تعالى ذكره.
قال: والقراءة التي لا نستجيز لقارئٍ أن يقرأ غيرها في ذلك، (١) النصب: (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ)، بمعنى: واتقوا الأرحام أن تقطعوها، لما قد بينا أن العرب لا تعطف بظاهرٍ من الأسماء على مكنيّ في حال الخفض، إلا في ضرورة شعر، على ما قد وصفت قبل. (٢)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (١) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: إنّ الله لم يزل عليكم رقيبًا.
* * *
ويعني بقوله:"عليكم"، على الناس الذين قال لهم جل ثناؤه:"يا أيها الناس اتقوا ربكم"، والمخاطب والغائب إذا اجتمعا في الخبر، فإن العرب تخرج الكلام على الخطاب، فتقول: إذا خاطبتْ رجلا واحدًا أو جماعة فعلتْ هي وآخرون غُيَّبٌ معهم فعلا"فعلتم كذا، وصنعتم كذا".
ويعني بقوله:"رقيبًا"، حفيظًا، مُحصيًا عليكم أعمالكم، متفقدًا رعايتكم حرمةَ أرحامكم وصلتكم إياها، وقطعكموها وتضييعكم حرمتها، كما:-
٨٤٣٥ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"إن الله كان عليكم رقيبًا"، حفيظًا.
٨٤٣٥م - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعت ابن زيد في قوله:"إن الله كان عليكم رقيبًا"، على أعمالكم، يعلمها ويعرفها.
ومنه قول أبي دُؤاد الإيادِيّ:
قال: والقراءة التي لا نستجيز لقارئٍ أن يقرأ غيرها في ذلك، (١) النصب: (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ)، بمعنى: واتقوا الأرحام أن تقطعوها، لما قد بينا أن العرب لا تعطف بظاهرٍ من الأسماء على مكنيّ في حال الخفض، إلا في ضرورة شعر، على ما قد وصفت قبل. (٢)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (١) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: إنّ الله لم يزل عليكم رقيبًا.
* * *
ويعني بقوله:"عليكم"، على الناس الذين قال لهم جل ثناؤه:"يا أيها الناس اتقوا ربكم"، والمخاطب والغائب إذا اجتمعا في الخبر، فإن العرب تخرج الكلام على الخطاب، فتقول: إذا خاطبتْ رجلا واحدًا أو جماعة فعلتْ هي وآخرون غُيَّبٌ معهم فعلا"فعلتم كذا، وصنعتم كذا".
ويعني بقوله:"رقيبًا"، حفيظًا، مُحصيًا عليكم أعمالكم، متفقدًا رعايتكم حرمةَ أرحامكم وصلتكم إياها، وقطعكموها وتضييعكم حرمتها، كما:-
٨٤٣٥ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"إن الله كان عليكم رقيبًا"، حفيظًا.
٨٤٣٥م - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعت ابن زيد في قوله:"إن الله كان عليكم رقيبًا"، على أعمالكم، يعلمها ويعرفها.
ومنه قول أبي دُؤاد الإيادِيّ:
(١) في المخطوطة والمطبوعة: "لا نستجيز القارئ أن يقرأ" بتعريف"القارئ"، وهو خطأ صوابه ما أثبت.
(٢) انظر ما سلف قريبا ص: ٥١٩، ٥٢٠.
(٢) انظر ما سلف قريبا ص: ٥١٩، ٥٢٠.
523
كَمَقَاعِدِ الرُّقَبَاءِ لِلضُّرَبَاءِ أَيْدِيهمْ نَوَاهِدْ (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره أوصياءَ اليتامى. يقول لهم: وأعطوا يا معشر أوصياء اليتامى: [اليتامى] أموالهم إذا هم بلغوا الحلم، (٢) وأونس منهم الرشد (٣)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره أوصياءَ اليتامى. يقول لهم: وأعطوا يا معشر أوصياء اليتامى: [اليتامى] أموالهم إذا هم بلغوا الحلم، (٢) وأونس منهم الرشد (٣)
(١) تهذيب الألفاظ: ٤٧٥، المعاني الكبير: ١١٤٨، مجاز القرآن ١: ١١٣، الميسر والقداح: ١٣٣، وغيرها، وهو من أبيات جياد في نعت الثور الأبيض، لم أجدها مجتمعة، منها:
يصف قوائم هذا الثور، "خذف" جمع خذوف، وهي السريعة السير والعدو، تخذف الحصى بقوائمها. أي تقذفه. و"الزمع" جمع زمعة، وهي هنة زائدة ناتئة فوق ظلف الشاة والثور، مدلاة فيها شعر. ثم وصف هذه الزمع الناتئة خلف أظلاف الثور، وشبه إشرافها على الأظلاف بالرقباء المشرفين على الضرباء، وقد مدوا أيديهم. وهذا وصف في غاية البراعة والحسن. و"الرقباء" جمع رقيب، وهو أمين أصحاب الميسر، يحفظ ضربهم بالقداح ويرقبهم. و"الضرباء" جمع ضريب، وهو الضارب بالقداح. وزعم ابن قتيبة أن قوله: "أيديهم" أي: أيدي الضرباء، وأخطأ، إنما عنى أيدي الرقباء لا الضرباء. وقوله: "لهق" هو البياض، يعني بياض الثور، فشبه بياضه بياض النار على رأس رابية مشرقة، تذكي لهيبها العبيد. ثم وصف الثور عند الارتياع، فقال إنه يصيخ -أي ينصت مميلا رأسه ناحية من الفزع- و"المضل" الذي أضاع شيئًا فهو يترقب أن يجده."والناشد"، هو الذي ينشد ضالة، أي يعرفها ويصفها. فهو يصغي لصوت المنشد المعرف إصغاء من يرجو أن تكون هي ضالته. وهذا من جيد الشعر وبارعه.
(٢) في المخطوطة والمطبوعة، أسقط ما وضعته بين القوسين، ولكن السياق يقتضي إثباتها، وكأن الناسخ غره التكرار، فأسقط إحداهما، فأساء.
(٣) انظر تفسير"آتى" في فهارس اللغة، وتفسير"اليتامى" فيما سلف ٢: ٢٩٢ / ٣: ٣٤٥ / ٤: ٢٩٥.
وَقَوَائِمٌ خُذُفٌ، لَهَا مِنْ | خَلْفِهَا زَمَعٌ زَوَائِدْ |
كَمقَاعِدِ الرُّقَبَاءِ لِلضُّرَ | بَاءِ أَيْدِيهِمْ نَوَاهِدْ |
لَهَقٌ كَنَارِ الرَّأْسِ بِالـ | عَلْيَاءِ تُذْكِيهَا الأَعَابِدْ |
وَيُصِيخُ أَحْيَانًا كَمَا اسْـ | ـتَمَعَ المُضِلُّ لِصَوْتِ نَاشِدْ |
(٢) في المخطوطة والمطبوعة، أسقط ما وضعته بين القوسين، ولكن السياق يقتضي إثباتها، وكأن الناسخ غره التكرار، فأسقط إحداهما، فأساء.
(٣) انظر تفسير"آتى" في فهارس اللغة، وتفسير"اليتامى" فيما سلف ٢: ٢٩٢ / ٣: ٣٤٥ / ٤: ٢٩٥.
524
= "ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب"، يقول: ولا تستبدلوا الحرام عليكم من أموالهم بأموالكم الحلال لكم، كما:-
٨٤٣٦ - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى:"ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب"، قال: الحلال بالحرام.
٨٤٣٧ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
٨٤٣٨ - حدثني سفيان قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله:"ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب"، قال: الحرام مكان الحلال.
* * *
قال أبو جعفر: ثم اختلف أهل التأويل في صفة تبديلهم الخبيث كان بالطيب، الذي نهوا عنه، ومعناه. (١)
فقال بعضهم: كان أوصياء اليتامى يأخذون الجيِّد من ماله والرفيعَ منه، ويجعلون مكانه لليتيم الرديء والخسيس، فذلك تبديلهم الذي نهاهم الله تعالى عنه.
* ذكر من قال ذلك:
٨٤٣٩ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم:"ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب"، قال: لا تعط زيفًا وتأخذ جيِّدًا.
٨٤٤٠ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن السدي= وعن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب= ومعمر عن الزهري، قالوا: يعطي مهزولا ويأخذ سمينًا.
٨٤٤١ - وبه عن سفيان، عن رجل، عن الضحاك قال: لا تعط فاسدًا، وتأخذ جيدًا.
٨٤٣٦ - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى:"ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب"، قال: الحلال بالحرام.
٨٤٣٧ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
٨٤٣٨ - حدثني سفيان قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله:"ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب"، قال: الحرام مكان الحلال.
* * *
قال أبو جعفر: ثم اختلف أهل التأويل في صفة تبديلهم الخبيث كان بالطيب، الذي نهوا عنه، ومعناه. (١)
فقال بعضهم: كان أوصياء اليتامى يأخذون الجيِّد من ماله والرفيعَ منه، ويجعلون مكانه لليتيم الرديء والخسيس، فذلك تبديلهم الذي نهاهم الله تعالى عنه.
* ذكر من قال ذلك:
٨٤٣٩ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم:"ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب"، قال: لا تعط زيفًا وتأخذ جيِّدًا.
٨٤٤٠ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن السدي= وعن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب= ومعمر عن الزهري، قالوا: يعطي مهزولا ويأخذ سمينًا.
٨٤٤١ - وبه عن سفيان، عن رجل، عن الضحاك قال: لا تعط فاسدًا، وتأخذ جيدًا.
(١) في المطبوعة: "في صفة تبديلهم الخبيث بالطيب"، أسقط الناشر"كان" لأن عربيته أنكرت عربية أبي جعفر!! وهي الصواب المحض، فأثبتها.
525
٨٤٤٢ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب"، كان أحدهم يأخذ الشاة السمينة من غنم اليتيم ويجعل مكانها الشاة المهزولة، ويقول:"شاة بشاة"! ويأخذ الدرهم الجيد ويطرح مكانه الزيف، ويقول:"درهم بدرهم"!!
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: لا تستعجل الرزق الحرام فتأكله قبل أن يأتيك الذي قُدِّر لك من الحلال.
* ذكر من قال ذلك:
٨٤٤٣ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب"، قال: لا تعجِّل بالرزق الحرام قبل أن يأتيك الحلال الذي قدِّر لك.
٨٤٤٤ - وبه عن سفيان، عن إسماعيل، عن أبي صالح مثله.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك، كالذي:-
٨٤٤٥ - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب"، قال: كان أهل الجاهلية لا يورِّثون النساءَ ولا يورِّثون الصغار، يأخذه الأكبر= وقرأ (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ) قال: إذا لم يكن لهم شيء: (وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ) [سورة النساء: ١٢٧]، لا يورثونهم. (١) قال: فنصيبه من الميراث طيِّب، وهذا الذي أخذه خبيث.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية، قول من قال: تأويل ذلك: ولا تتبدلوا أموال أيتامكم -أيها الأوصياء- الحرامَ عليكم الخبيثَ لكم،
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: لا تستعجل الرزق الحرام فتأكله قبل أن يأتيك الذي قُدِّر لك من الحلال.
* ذكر من قال ذلك:
٨٤٤٣ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب"، قال: لا تعجِّل بالرزق الحرام قبل أن يأتيك الحلال الذي قدِّر لك.
٨٤٤٤ - وبه عن سفيان، عن إسماعيل، عن أبي صالح مثله.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك، كالذي:-
٨٤٤٥ - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب"، قال: كان أهل الجاهلية لا يورِّثون النساءَ ولا يورِّثون الصغار، يأخذه الأكبر= وقرأ (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ) قال: إذا لم يكن لهم شيء: (وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ) [سورة النساء: ١٢٧]، لا يورثونهم. (١) قال: فنصيبه من الميراث طيِّب، وهذا الذي أخذه خبيث.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية، قول من قال: تأويل ذلك: ولا تتبدلوا أموال أيتامكم -أيها الأوصياء- الحرامَ عليكم الخبيثَ لكم،
(١) في المطبوعة والمخطوطة: "لا يورثوهم"، والصواب ما أثبت.
526
فتأخذوا رفائعها وخيارَها وجيادَها. بالطيب الحلال لكم من أموالكم= [أي لا تأخذوا] الرديء الخسيس بدلا منه. (١)
وذلك أنّ"تبدل الشيء بالشيء" في كلام العرب: أخذ شيء مكان آخر غيره، يعطيه المأخوذ منه أو يجعله مكان الذي أخذ. (٢)
* * *
فإذْ كان ذلك معنى"التبدل" و"الاستبدال"، (٣) فمعلوم أنّ الذي قاله ابن زيد= من أن معنى ذلك: هو أخذ أكبرِ ولد الميت جميع مال ميِّته ووالده، دون صغارهم، إلى ماله- قولٌ لا معنى له. لأنه إذا أخذ الأكبر من ولده جميع ماله دون الأصاغر منهم، فلم يستبدل مما أخذ شيئًا. فما"التبدل" الذي قال جل ثناؤه:"ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب"، ولم يتبدَّل الآخذ مكان المأخوذ بدلا؟
* * *
وأما الذي قاله مجاهد وأبو صالح من أن معنى ذلك: لا تتعجل الرزق الحرام قبل مجيء الحلال= فإنهما أيضًا، إن لم يكونا أرادا بذلك نحو القول الذي روي عن ابن مسعود أنه قال:"إن الرجل ليحرم الرزق بالمعصية يأتيها"، ففساده نظير فساد قول ابن زيد. لأن من استعجل الحرام فأكله، ثم آتاه الله رزقه الحلال، فلم يبدِّل شيئًا مكان شيء. وإن كانا قد أرادا بذلك، (٤) أن الله جل ثناؤه نهى عباده أن يستعجلوا الحرام فيأكلوه قبل مجيء الحلال، فيكون أكلُهم ذلك
وذلك أنّ"تبدل الشيء بالشيء" في كلام العرب: أخذ شيء مكان آخر غيره، يعطيه المأخوذ منه أو يجعله مكان الذي أخذ. (٢)
* * *
فإذْ كان ذلك معنى"التبدل" و"الاستبدال"، (٣) فمعلوم أنّ الذي قاله ابن زيد= من أن معنى ذلك: هو أخذ أكبرِ ولد الميت جميع مال ميِّته ووالده، دون صغارهم، إلى ماله- قولٌ لا معنى له. لأنه إذا أخذ الأكبر من ولده جميع ماله دون الأصاغر منهم، فلم يستبدل مما أخذ شيئًا. فما"التبدل" الذي قال جل ثناؤه:"ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب"، ولم يتبدَّل الآخذ مكان المأخوذ بدلا؟
* * *
وأما الذي قاله مجاهد وأبو صالح من أن معنى ذلك: لا تتعجل الرزق الحرام قبل مجيء الحلال= فإنهما أيضًا، إن لم يكونا أرادا بذلك نحو القول الذي روي عن ابن مسعود أنه قال:"إن الرجل ليحرم الرزق بالمعصية يأتيها"، ففساده نظير فساد قول ابن زيد. لأن من استعجل الحرام فأكله، ثم آتاه الله رزقه الحلال، فلم يبدِّل شيئًا مكان شيء. وإن كانا قد أرادا بذلك، (٤) أن الله جل ثناؤه نهى عباده أن يستعجلوا الحرام فيأكلوه قبل مجيء الحلال، فيكون أكلُهم ذلك
(١) هذا الذي زدته بين القوسين، استظهار من تأويله الآتي. والجملة بغير هذه الزيادة لا تكاد تستقيم.
ثم انظر تفسير"الخبيث" فيما سلف ٥: ٥٥٩ / ٧: ٤٢٤ = وتفسير"الطيب" فيما سلف ٣: ٣٠١ / ٥: ٥٥٥ / ٦: ٣٦١ / ٧: ٤٢٤.
(٢) انظر تفسير"تبدل" و"استبدل" فيما سلف ٢: ١١٢، ١٣٠، ٤٩٤.
(٣) في المطبوعة: "التبديل"، وأثبت الصواب من المخطوطة.
(٤) في المطبوعة: "وإن كانا أراد بذلك" بحذف"قد" وفي المخطوطة: "وإن كان قال أراد بذلك" وهو فساد من عجلة الناسخ، ولكن صواب قراءتها ما أثبت.
ثم انظر تفسير"الخبيث" فيما سلف ٥: ٥٥٩ / ٧: ٤٢٤ = وتفسير"الطيب" فيما سلف ٣: ٣٠١ / ٥: ٥٥٥ / ٦: ٣٦١ / ٧: ٤٢٤.
(٢) انظر تفسير"تبدل" و"استبدل" فيما سلف ٢: ١١٢، ١٣٠، ٤٩٤.
(٣) في المطبوعة: "التبديل"، وأثبت الصواب من المخطوطة.
(٤) في المطبوعة: "وإن كانا أراد بذلك" بحذف"قد" وفي المخطوطة: "وإن كان قال أراد بذلك" وهو فساد من عجلة الناسخ، ولكن صواب قراءتها ما أثبت.
527
سببًا لحرمان الطيِّب منه فذلك وجه معروف، ومذهب معقول. يحتمله التأويل. غير أن أشبه [القولين] في ذلك بتأويل الآية، ما قلنا؛ (١) لأن ذلك هو الأظهر من معانيه، لأن الله جل ثناؤه إنما ذكر ذلك في قصة أموال اليتامى وأحكامها، فلأن يكون ذلك من جنس حُكمِ أول الآية وآ خرها، [أولى] من أن يكون من غير جنسه. (٢)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: ولا تخلِطوا أموالهم -يعني: أموال اليتامى بأموالكم- فتأكلوها مع أموالكم، (٣) كما:-
٨٤٤٦ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم"، يقول: لا تأكلوا أموالكم وأموالهم، تخلطوها فتأكلوها جميعًا.
٨٤٤٧ - حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن مبارك، عن الحسن قال: لما نزلت هذه الآية في أموال اليتامى، كرهوا أن يخالطوهم، وجعل وليُّ اليتيم يعزل مالَ اليتيم عن ماله، فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم،
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: ولا تخلِطوا أموالهم -يعني: أموال اليتامى بأموالكم- فتأكلوها مع أموالكم، (٣) كما:-
٨٤٤٦ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم"، يقول: لا تأكلوا أموالكم وأموالهم، تخلطوها فتأكلوها جميعًا.
٨٤٤٧ - حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن مبارك، عن الحسن قال: لما نزلت هذه الآية في أموال اليتامى، كرهوا أن يخالطوهم، وجعل وليُّ اليتيم يعزل مالَ اليتيم عن ماله، فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم،
(١) في المطبوعة: "غير أن الأشبه في ذلك بتأويل الآية ما قلنا"، وهو غير جيد، وفي المخطوطة: "غير أن أشبه في ذلك بتأويل الآية ما قلنا"، وبين أن الناسخ عاد فسها، فأسقط"القولين" وهو ما أثبته ما بين القوسين.
(٢) في المطبوعة: "فلا يكون ذلك من جنس حكم أول الآية، فأخرجها من أن يكون من غير جنسه" جعل"وآخرها"، "فأخرجها"، فأنزل الكلام منزلة من الفساد لا مخرج منها. وأما المخطوطة فكان سياقها: "فلا يكون ذلك من جنس حكم أول الآية وآخرها من أن يكون من غير جنسه"، وهو سهو من الناسخ وعجلته أفسد الجملة، صواب"فلا يكون""فلأن يكون"، والصواب أيضًا زيادة"أولى" التي وضعتها بين القوسين.
(٣) انظر تفسير"أكل الأموال" فيما سلف ٣: ٥٤٨، ٥٤٩ = وتفسير"إلى" بمعنى"مع" فيما سلف ١: ٢٩٩ / ٦: ٤٤٣، ٤٤٤.
(٢) في المطبوعة: "فلا يكون ذلك من جنس حكم أول الآية، فأخرجها من أن يكون من غير جنسه" جعل"وآخرها"، "فأخرجها"، فأنزل الكلام منزلة من الفساد لا مخرج منها. وأما المخطوطة فكان سياقها: "فلا يكون ذلك من جنس حكم أول الآية وآخرها من أن يكون من غير جنسه"، وهو سهو من الناسخ وعجلته أفسد الجملة، صواب"فلا يكون""فلأن يكون"، والصواب أيضًا زيادة"أولى" التي وضعتها بين القوسين.
(٣) انظر تفسير"أكل الأموال" فيما سلف ٣: ٥٤٨، ٥٤٩ = وتفسير"إلى" بمعنى"مع" فيما سلف ١: ٢٩٩ / ٦: ٤٤٣، ٤٤٤.
528
فأنزل الله: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ) [سورة البقرة: ٢٢٠] قال: فخالطوهم واتقوا. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (٢) ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره [بقوله] :(٢) "إنه كان حوبًا كبيرًا"، إن أكلكم أموال أيتامكم، حوبٌ كبير.
* * *
و"الهاء" في قوله:"إنه" دالة على اسم الفعل، أعني"الأكل".
* * *
وأما"الحوب"، فإنه الإثم، يقال منه:"حاب الرجل يَحُوب حَوبًا وحُوبًا وحِيَابة"، ويقال منه:"قد تحوَّب الرجل من كذا"، إذا تأثم منه، ومنه قول أمية بن الأسكر الليثي: (٣)
ومنه قيل:"نزلنا بحَوبة من الأرض، وبحِيبَةٍ من الأرض"، إذا نزلوا بموضع سَوْءٍ منها.
* * *
و"الكبير" العظيم. (٥)
* * *
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (٢) ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره [بقوله] :(٢) "إنه كان حوبًا كبيرًا"، إن أكلكم أموال أيتامكم، حوبٌ كبير.
* * *
و"الهاء" في قوله:"إنه" دالة على اسم الفعل، أعني"الأكل".
* * *
وأما"الحوب"، فإنه الإثم، يقال منه:"حاب الرجل يَحُوب حَوبًا وحُوبًا وحِيَابة"، ويقال منه:"قد تحوَّب الرجل من كذا"، إذا تأثم منه، ومنه قول أمية بن الأسكر الليثي: (٣)
وَإنَّ مُهَاجِرَيْنِ تَكنَّفَاهُ | غَدَاتَئِذٍ لقَدْ خَطَئَا وحَابَا (٤) |
* * *
و"الكبير" العظيم. (٥)
* * *
(١) الأثر: ٨٤٤٧- هذا الأثر لم يروه أبو جعفر في تفسير آية سورة البقرة ٤: ٣٤٩- ٣٥٥، وهو من الدلائل على اختصاره تفسيره هذا.
(٢) الذي بين القوسين زيادة لا يستقيم الكلام بغيرها.
(٣) في المطبوعة والمخطوطة: "بن الأسكن"، وهو خطأ صرف.
(٤) مضى البيت وتخريجه في ٢: ١١٠، وسيأتي في ١٣: ٣٧ (بولاق)، وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٣، ولم أثبتت هناك، مواضع تكراره في التفسير، فليقيد هناك، وروايته هناك: "لعمر الله قد خطئا وخابا" بالخاء، وأرجح أن أجود الروايتين، روايته في هذا الموضع، بالحاء المهملة؛ وإن كانت أكثر الكتب قد أثبتها بالخاء المعجمة، وأرجح أيضًا أنه تصحيف قديم، ومعنى رواية أبي جعفر أشبه بسياق الشعر إن شاء الله.
(٥) انظر تفسير"كبير" فيما سلف ٢: ١٥ / ٣: ١٦٦ / ٤: ٣٠٠.
(٢) الذي بين القوسين زيادة لا يستقيم الكلام بغيرها.
(٣) في المطبوعة والمخطوطة: "بن الأسكن"، وهو خطأ صرف.
(٤) مضى البيت وتخريجه في ٢: ١١٠، وسيأتي في ١٣: ٣٧ (بولاق)، وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٣، ولم أثبتت هناك، مواضع تكراره في التفسير، فليقيد هناك، وروايته هناك: "لعمر الله قد خطئا وخابا" بالخاء، وأرجح أن أجود الروايتين، روايته في هذا الموضع، بالحاء المهملة؛ وإن كانت أكثر الكتب قد أثبتها بالخاء المعجمة، وأرجح أيضًا أنه تصحيف قديم، ومعنى رواية أبي جعفر أشبه بسياق الشعر إن شاء الله.
(٥) انظر تفسير"كبير" فيما سلف ٢: ١٥ / ٣: ١٦٦ / ٤: ٣٠٠.
529
فمعنى ذلك: إنّ أكلكم أموال اليتامى مع أموالكم، إثم عند الله عظيم.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
٨٤٤٨ - حدثني محمد بن عمرو وعمرو بن علي قالا حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"حوبًا كبيرًا" قال: إثمًا.
٨٤٤٩ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
٨٤٥٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"إنه كان حوبًا كبيرًا"، قال: إثمًا عظيما.
٨٤٥١ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"كان حوبًا" أما"حوبا" فإثمًا.
٨٤٥٢ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله:"حوبًا"، قال: إثمًا.
٨٤٥٣ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"إنه كان حوبًا كبيرًا" يقول: ظلمًا كبيرًا.
٨٤٥٤ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعت ابن زيد يقول في قوله:"إنه كان حوبًا كبيرًا" قال: ذنبا كبيرًا= وهي لأهل الإسلام.
٨٤٥٥ - حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا يحيى بن سعيد قال، حدثنا قرة بن خالد قال، سمعت الحسن يقول:"حوبًا كبيرًا"، قال: إثمًا والله عظيمًا.
* * *
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
٨٤٤٨ - حدثني محمد بن عمرو وعمرو بن علي قالا حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"حوبًا كبيرًا" قال: إثمًا.
٨٤٤٩ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
٨٤٥٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"إنه كان حوبًا كبيرًا"، قال: إثمًا عظيما.
٨٤٥١ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"كان حوبًا" أما"حوبا" فإثمًا.
٨٤٥٢ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله:"حوبًا"، قال: إثمًا.
٨٤٥٣ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"إنه كان حوبًا كبيرًا" يقول: ظلمًا كبيرًا.
٨٤٥٤ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعت ابن زيد يقول في قوله:"إنه كان حوبًا كبيرًا" قال: ذنبا كبيرًا= وهي لأهل الإسلام.
٨٤٥٥ - حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا يحيى بن سعيد قال، حدثنا قرة بن خالد قال، سمعت الحسن يقول:"حوبًا كبيرًا"، قال: إثمًا والله عظيمًا.
* * *
530
القول في تأويل قوله: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: معنى ذلك: وإن خفتم، يا معشر أولياء اليتامى، أن لا تقسطوا في صداقهن فتعدلوا فيه، وتبلغوا بصداقهنَّ صدقات أمثالهنّ، فلا تنكحوهن، ولكن انكحوا غيرَهن من الغرائب اللواتي أحلّهن الله لكم وطيبهن، من واحدة إلى أربع، وإن خفتم أن تجوروا= إذا نكحتم من الغرائب أكثر من واحدة= فلا تعدلوا، فانكحوا منهن واحدة، أو ما ملكت أيمانكم.
* ذكر من قال ذلك:
٨٤٥٦ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا ابن المبارك، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة:"وإن خفتم ألا تُقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طابَ لكم من النساء"، فقالت: يا ابن أختي، هي اليتيمة تكون في حِجر ولِّيها، فيرغب في مالها وجمالها، ويريد أن ينكحها بأدنى من سُنة صداقها، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن في إكمال الصداق، وأمروا أن ينكحوا ما سواهُنَّ من النساء. (١)
٨٤٥٧ - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب قال، أخبرني عروة بن الزبير: أنه سأل عائشة
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: معنى ذلك: وإن خفتم، يا معشر أولياء اليتامى، أن لا تقسطوا في صداقهن فتعدلوا فيه، وتبلغوا بصداقهنَّ صدقات أمثالهنّ، فلا تنكحوهن، ولكن انكحوا غيرَهن من الغرائب اللواتي أحلّهن الله لكم وطيبهن، من واحدة إلى أربع، وإن خفتم أن تجوروا= إذا نكحتم من الغرائب أكثر من واحدة= فلا تعدلوا، فانكحوا منهن واحدة، أو ما ملكت أيمانكم.
* ذكر من قال ذلك:
٨٤٥٦ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا ابن المبارك، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة:"وإن خفتم ألا تُقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طابَ لكم من النساء"، فقالت: يا ابن أختي، هي اليتيمة تكون في حِجر ولِّيها، فيرغب في مالها وجمالها، ويريد أن ينكحها بأدنى من سُنة صداقها، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن في إكمال الصداق، وأمروا أن ينكحوا ما سواهُنَّ من النساء. (١)
٨٤٥٧ - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب قال، أخبرني عروة بن الزبير: أنه سأل عائشة
(١) الحديث: ٨٤٥٦- روى الطبري هذا الحديث- مطولا ومختصرًا- بسبعة أسانيد: ٨٤٥٦- ٨٤٦١، ٨٤٧٧. وهو ثابت صحيح، في الصحيحين وغيرهما.
وهذا الإسناد: هو من رواية عبد الله بن المبارك، عن معمر، عن الزهري. وسيأتي: ٨٤٦٠، من رواية عبد الرزاق، عن معمر، دون ذكر لفظه، إحالة على هذه الرواية.
وقد رواه البخاري في صحيحه اثنتي عشرة مرة، سنشير إليها، إن شاء الله.
ورواه البيهقي في السنن الكبرى ٧: ١٤١- ١٤٢، بأسانيد، من أوجه متعددة.
وهذا الإسناد: هو من رواية عبد الله بن المبارك، عن معمر، عن الزهري. وسيأتي: ٨٤٦٠، من رواية عبد الرزاق، عن معمر، دون ذكر لفظه، إحالة على هذه الرواية.
وقد رواه البخاري في صحيحه اثنتي عشرة مرة، سنشير إليها، إن شاء الله.
ورواه البيهقي في السنن الكبرى ٧: ١٤١- ١٤٢، بأسانيد، من أوجه متعددة.
531
زوج النبي ﷺ عن قول الله تبارك وتعالى:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طابَ لكم من النساء"، قالت: يا ابن أختي، هذه اليتيمة، تكون في حجر ولِّيها تُشاركه في ماله، فيعجبه مالها وجمالها. فيريد وليها أن يتزوَّجها بغير أن يُقسِط في صداقها، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن، ويبلغوا بهن أعلى سُنتَّهن في الصداق، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن= قال يونس بن يزيد قال ربيعة في قول الله:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى"، قال يقول: اتركوهنّ، فقد أحللت لكم أربعًا. (١)
٨٤٥٨ - حدثنا الحسن بن الجنيد وأخبرنا سعيد بن مسلمة قالا. أنبأنا إسماعيل بن أمية، عن ابن شهاب، عن عروة قال: سألت عائشة أم المؤمنين فقلت: يا أم المؤمنين، أرأيت قول الله:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء"؟ قالت: يا ابن أختي، هي اليتيمة تكون في حجر وليها، فيرغب في جمالها ومالها، ويريد أن يتزوجها بأدنى من سنة صداق نسائها، فنهوا عن ذلك: أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا فيكمِّلوا لهن الصداق، ثم أمروا أن ينكحوا سواهن من النساء إن لم يكملوا لهن الصداق. (٢)
٨٤٥٨ - حدثنا الحسن بن الجنيد وأخبرنا سعيد بن مسلمة قالا. أنبأنا إسماعيل بن أمية، عن ابن شهاب، عن عروة قال: سألت عائشة أم المؤمنين فقلت: يا أم المؤمنين، أرأيت قول الله:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء"؟ قالت: يا ابن أختي، هي اليتيمة تكون في حجر وليها، فيرغب في جمالها ومالها، ويريد أن يتزوجها بأدنى من سنة صداق نسائها، فنهوا عن ذلك: أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا فيكمِّلوا لهن الصداق، ثم أمروا أن ينكحوا سواهن من النساء إن لم يكملوا لهن الصداق. (٢)
(١) الحديث: ٨٤٥٧- وهذا من رواية ابن وهب، عن يونس بن يزيد، عن الزهري.
وسيأتي: ٨٤٥٩، من رواية الليث بن سعد، عن يونس، عن الزهري، دون ذكر لفظه، إحالة على هذه الرواية. ورواه البخاري ٥: ٩٤- ٩٥ (فتح)، من طريق الليث، عن يونس، عن الزهري.
وقد رواه مسلم ٢: ٣٩٨- ٣٩٩، من طريق ابن وهب، عن يونس- أطول مما هنا. لكن ليس فيه ما ذكر في آخره هنا، من كلام ربيعة الذي رواه عنه يونس. وليس هذا من صلب الحديث.
ورواه البخاري ٩: ٩١ (فتح)، من رواية حسان بن إبراهيم، عن يونس، عن الزهري- بنحو مما هنا، مع اختصار قليل. وليس فيه كلمة ربيعة.
وقوله: "أعلى سنتهن في الصداق"- هذا هو الثابت في صحيح مسلم أيضًا. وفي المخطوطة"سبيلهن" بدل"سنتهن". والظاهر أنه تصحيف من الناسخ.
(٢) الحديث: ٨٤٥٨- الحسن بن الجنيد بن أبي جعفر البزار البغدادي: ثقة. أخرج عنه ابن خزيمة في صحيحه. وترجمه ابن أبي حاتم ١ / ٢ / ٤، فلم يذكر فيه جرحًا والخطيب ٧: ٢٩٢، كلاهما في ترجمة"الحسن". وترجمه الحافظ المزي في التهذيب الكبير باسم"الحسين". وتبعه الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب، تبعًا لترتيب الكتاب، ولكنه صرح بأنه"بفتح الحاء والسين"، يعني"الحسن"، وهو الصواب. سعيد بن مسلمة بن هشام بن عبد الملك بن مروان: ضعيف. قال البخاري في الكبير ٢ / ١ / ٤٧٣: "فيه نظر". وذكر أن عنده"مناكير". وقال في الضعفاء، ص١٥: "منكر". وقال ابن معين: "ليس بشيء". وقال أبو حاتم: "هو ضعيف الحديث، منكر الحديث"- ابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٦٧.
ووقع في المطبوعة هنا: "الحسن بن جنيد وأبو سعيد بن مسلمة"، وهو خطأ، كتب"وأبو" بدل"وأنا" اختصار"وأخبرنا".
إسماعيل بن أمية الأموي: مضت ترجمته في: ٢٦١٥. وضعف هذا الإسناد، من أجل سعيد بن مسلمة، لا يمنع صحة الحديث في ذاته من أوجه أخر، كما مضى، وكما سيأتي.
وسيأتي: ٨٤٥٩، من رواية الليث بن سعد، عن يونس، عن الزهري، دون ذكر لفظه، إحالة على هذه الرواية. ورواه البخاري ٥: ٩٤- ٩٥ (فتح)، من طريق الليث، عن يونس، عن الزهري.
وقد رواه مسلم ٢: ٣٩٨- ٣٩٩، من طريق ابن وهب، عن يونس- أطول مما هنا. لكن ليس فيه ما ذكر في آخره هنا، من كلام ربيعة الذي رواه عنه يونس. وليس هذا من صلب الحديث.
ورواه البخاري ٩: ٩١ (فتح)، من رواية حسان بن إبراهيم، عن يونس، عن الزهري- بنحو مما هنا، مع اختصار قليل. وليس فيه كلمة ربيعة.
وقوله: "أعلى سنتهن في الصداق"- هذا هو الثابت في صحيح مسلم أيضًا. وفي المخطوطة"سبيلهن" بدل"سنتهن". والظاهر أنه تصحيف من الناسخ.
(٢) الحديث: ٨٤٥٨- الحسن بن الجنيد بن أبي جعفر البزار البغدادي: ثقة. أخرج عنه ابن خزيمة في صحيحه. وترجمه ابن أبي حاتم ١ / ٢ / ٤، فلم يذكر فيه جرحًا والخطيب ٧: ٢٩٢، كلاهما في ترجمة"الحسن". وترجمه الحافظ المزي في التهذيب الكبير باسم"الحسين". وتبعه الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب، تبعًا لترتيب الكتاب، ولكنه صرح بأنه"بفتح الحاء والسين"، يعني"الحسن"، وهو الصواب. سعيد بن مسلمة بن هشام بن عبد الملك بن مروان: ضعيف. قال البخاري في الكبير ٢ / ١ / ٤٧٣: "فيه نظر". وذكر أن عنده"مناكير". وقال في الضعفاء، ص١٥: "منكر". وقال ابن معين: "ليس بشيء". وقال أبو حاتم: "هو ضعيف الحديث، منكر الحديث"- ابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٦٧.
ووقع في المطبوعة هنا: "الحسن بن جنيد وأبو سعيد بن مسلمة"، وهو خطأ، كتب"وأبو" بدل"وأنا" اختصار"وأخبرنا".
إسماعيل بن أمية الأموي: مضت ترجمته في: ٢٦١٥. وضعف هذا الإسناد، من أجل سعيد بن مسلمة، لا يمنع صحة الحديث في ذاته من أوجه أخر، كما مضى، وكما سيأتي.
532
٨٤٥٩ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني الليث قال، حدثني يونس، عن ابن شهاب قال، حدثني عروة بن الزبير: أنه سأل عائشة زوجَ النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر مثل حديث يونس، عن ابن وهب.
٨٤٦٠ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الزهري عن عروة، عن عائشة، مثل حديث ابن حميد، عن ابن المبارك. (١)
٨٤٦١ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: نزل= تعني قوله:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى"، الآية= في اليتيمة تكون عند الرجل، وهي ذات مال، فلعله ينكحها لمالها، وهي لا تعجبه، ثم يضربها، ويسيء صحبتها، فوُعظ في ذلك. (٢)
* * *
٨٤٦٠ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الزهري عن عروة، عن عائشة، مثل حديث ابن حميد، عن ابن المبارك. (١)
٨٤٦١ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: نزل= تعني قوله:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى"، الآية= في اليتيمة تكون عند الرجل، وهي ذات مال، فلعله ينكحها لمالها، وهي لا تعجبه، ثم يضربها، ويسيء صحبتها، فوُعظ في ذلك. (٢)
* * *
(١) الحديثان: ٨٤٥٩، ٨٤٦٠- هما تكرار للحديثين: ٨٤٥٧، ٨٤٥٦. وقد أشرنا إلى كل منهما في موضعه.
(٢) الحديث: ٨٤٦١- القاسم: هو ابن الحسن. و"الحسين": هو ابن داود الملقب"سنيد". انظر ما مضى في الإسناد: ٨٣٩٨.
حجاج: هو ابن محمد المصيصي الأعور. مضت ترجمته في: ١٦٩١. وترجم له أخي السيد محمود، في ج٦ ص٥٤٨، تعليق: ٣.
والحديث -من هذا الوجه- رواه البخاري ٨: ١٧٩ (فتح). من طريق هشام بن يوسف، عن ابن جريج، به، نحوه. ولكن سياقه يوهم أنها نزلت في شخص معين. فقال الحافظ: "والمعروف عن هشام بن عروة التعميم. وكذلك أخرجه الإسماعيلي، من طريق حجاج بن محمد عن ابن جريج. ولفظه: أنزلت في الرجل يكون عنده اليتيمة، إلخ".
أقول: ورواية حجاج، هي هذه التي في الطبري أيضًا.
ورواه البخاري أيضًا ٨: ١٩٩ (فتح)، من طريق أبي أسامة، عن هشام بن عروة، على الصواب.
وكذلك رواه مسلم، بنحوه ٢: ٣٩٩، من طريق أبي أسامة، عن هشام.
ورواه البخاري أيضًا، بنحوه ٩: ١١٩، من طريق عبدة، وهو ابن سليمان، عن هشام ابن عروة.
وسيأتي: ٨٤٧٧، من رواية وكيع، عن هشام. ونخرجه هناك، إن شاء الله.
ونحن ذاكرون هنا باقي طرقه في الصحيحين -عدا رواية وكيع تتمة للفائدة:
فرواه البخاري ٥: ٩٤- ٩٥ (فتح)، ومسلم ٢: ٣٩٩ = كلاهما من طريق صالح، عن الزهري، عن عروة.
ورواه البخاري ٥: ٢٩٢ (فتح)، و ٩: ١٦٩- ١٧٠ و ١٢: ٢٩٨ = من طريق شعيب، عن الزهري.
ورواه أيضًا ٩: ١١٧، ١٦٩- ١٧٠= من طريق عقيل، عن الزهري.
ورواه أيضًا ٩: ١٦٢، من طريق أبي معاوية، عن هشام بن عروة، مختصرًا.
وابن كثير ذكر حديث عائشة ٢: ٣٤٢- ٣٤٣، من روايتين من روايات البخاري. ولم يزد في تخريجه شيئا.
والسيوطي ذكره بثلاثة ألفاظ، مطولا ومختصرًا ٢: ١١٨. وزاد نسبته لعبد بن حميد، والنسائي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(٢) الحديث: ٨٤٦١- القاسم: هو ابن الحسن. و"الحسين": هو ابن داود الملقب"سنيد". انظر ما مضى في الإسناد: ٨٣٩٨.
حجاج: هو ابن محمد المصيصي الأعور. مضت ترجمته في: ١٦٩١. وترجم له أخي السيد محمود، في ج٦ ص٥٤٨، تعليق: ٣.
والحديث -من هذا الوجه- رواه البخاري ٨: ١٧٩ (فتح). من طريق هشام بن يوسف، عن ابن جريج، به، نحوه. ولكن سياقه يوهم أنها نزلت في شخص معين. فقال الحافظ: "والمعروف عن هشام بن عروة التعميم. وكذلك أخرجه الإسماعيلي، من طريق حجاج بن محمد عن ابن جريج. ولفظه: أنزلت في الرجل يكون عنده اليتيمة، إلخ".
أقول: ورواية حجاج، هي هذه التي في الطبري أيضًا.
ورواه البخاري أيضًا ٨: ١٩٩ (فتح)، من طريق أبي أسامة، عن هشام بن عروة، على الصواب.
وكذلك رواه مسلم، بنحوه ٢: ٣٩٩، من طريق أبي أسامة، عن هشام.
ورواه البخاري أيضًا، بنحوه ٩: ١١٩، من طريق عبدة، وهو ابن سليمان، عن هشام ابن عروة.
وسيأتي: ٨٤٧٧، من رواية وكيع، عن هشام. ونخرجه هناك، إن شاء الله.
ونحن ذاكرون هنا باقي طرقه في الصحيحين -عدا رواية وكيع تتمة للفائدة:
فرواه البخاري ٥: ٩٤- ٩٥ (فتح)، ومسلم ٢: ٣٩٩ = كلاهما من طريق صالح، عن الزهري، عن عروة.
ورواه البخاري ٥: ٢٩٢ (فتح)، و ٩: ١٦٩- ١٧٠ و ١٢: ٢٩٨ = من طريق شعيب، عن الزهري.
ورواه أيضًا ٩: ١١٧، ١٦٩- ١٧٠= من طريق عقيل، عن الزهري.
ورواه أيضًا ٩: ١٦٢، من طريق أبي معاوية، عن هشام بن عروة، مختصرًا.
وابن كثير ذكر حديث عائشة ٢: ٣٤٢- ٣٤٣، من روايتين من روايات البخاري. ولم يزد في تخريجه شيئا.
والسيوطي ذكره بثلاثة ألفاظ، مطولا ومختصرًا ٢: ١١٨. وزاد نسبته لعبد بن حميد، والنسائي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
533
قال أبو جعفر: فعلى هذا التأويل، جواب قوله:"وإن خفتم ألا تقسطوا"، قوله:"فانكحوا".
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: النهي عن نكاح ما فوق الأربع، حِذارًا على أموال اليتامى أن يتلفها أولياؤهم. (١) وذلك أن قريشًا كان الرجل منهم يتزوج العشر من النساء والأكثر والأقل، فإذا صار معدمًا، مال على مال يتيمه الذي في حجره فأنفقه أو تزوج به. فنهوا عن ذلك، وقيل لهم: إن أنتم خفتم على أموال أيتامكم أن تنفقوها= فلا تعدلوا فيها، من أجل حاجتكم إليها لما يلزمكم من مُؤن نسائكم،
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: النهي عن نكاح ما فوق الأربع، حِذارًا على أموال اليتامى أن يتلفها أولياؤهم. (١) وذلك أن قريشًا كان الرجل منهم يتزوج العشر من النساء والأكثر والأقل، فإذا صار معدمًا، مال على مال يتيمه الذي في حجره فأنفقه أو تزوج به. فنهوا عن ذلك، وقيل لهم: إن أنتم خفتم على أموال أيتامكم أن تنفقوها= فلا تعدلوا فيها، من أجل حاجتكم إليها لما يلزمكم من مُؤن نسائكم،
(١) في المطبوعة: "حذرًا على أموال اليتامى"، وأثبت ما في المخطوطة.
534
فلا تجاوزوا فيما تنكحون من عدد النساء على أربعٍ= وإن خفتم أيضًا من الأربع أن لا تعدلوا في أموالهم، فاقتصروا على الواحدة، أو على ما ملكت أيمانكم.
ذكر من قال ذلك:
٨٤٦٢ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن سماك قال، سمعت عكرمة يقول في هذه الآية:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى"، قال: كان الرجل من قريش يكون عنده النِّسوة، ويكون عنده الأيتام، فيذهب ماله، فيميل على مال الأيتام، قال: فنزلت هذه الآية:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء".
٨٤٦٣ - حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة في قوله:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم"، قال: كان الرجل يتزوج الأربع والخمس والستَّ والعشر، فيقول الرجل:"ما يمنعني أن أتزوج كما تزوج فلان"؟ فيأخذ مال يتيمه فيتزوج به، فنهوا أن يتزوجوا فوق الأربع.
٨٤٦٤ - حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن طاوس، عن ابن عباس قال: قصر الرجال على أربعٍ من أجل أموال اليتامى.
٨٤٦٥ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى"، فإن الرجل كان يتزوج بمال اليتيم ما شاء الله تعالى، فنهى الله عن ذلك.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أن القوم كانوا يتحوّبون في أموال اليتامى أن لا يعدلوا فيها، ولا يتحوبون في النساء أن لا يعدِلوا فيهن، فقيل لهم: كما خفتم أن
ذكر من قال ذلك:
٨٤٦٢ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن سماك قال، سمعت عكرمة يقول في هذه الآية:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى"، قال: كان الرجل من قريش يكون عنده النِّسوة، ويكون عنده الأيتام، فيذهب ماله، فيميل على مال الأيتام، قال: فنزلت هذه الآية:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء".
٨٤٦٣ - حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة في قوله:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم"، قال: كان الرجل يتزوج الأربع والخمس والستَّ والعشر، فيقول الرجل:"ما يمنعني أن أتزوج كما تزوج فلان"؟ فيأخذ مال يتيمه فيتزوج به، فنهوا أن يتزوجوا فوق الأربع.
٨٤٦٤ - حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن طاوس، عن ابن عباس قال: قصر الرجال على أربعٍ من أجل أموال اليتامى.
٨٤٦٥ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى"، فإن الرجل كان يتزوج بمال اليتيم ما شاء الله تعالى، فنهى الله عن ذلك.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أن القوم كانوا يتحوّبون في أموال اليتامى أن لا يعدلوا فيها، ولا يتحوبون في النساء أن لا يعدِلوا فيهن، فقيل لهم: كما خفتم أن
535
لا تعدلوا في اليتامى، فكذلك فخافوا في النساء أن لا تعدلوا فيهن، ولا تنكحوا منهن إلا من واحدة إلى الأربع، ولا تزيدوا على ذلك. وإن خفتم أن لا تعدلوا أيضًا في الزيادة على الواحدة، فلا تنكحوا إلا ما لا تخافون أن تجوروا فيهن من واحدة أو ما ملكت أيمانكم.
* ذكر من قال ذلك:
٨٤٦٦ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن سعيد بن جبير قال، كان الناس على جاهليتهم، إلا أن يؤمروا بشيء أو يُنهوا عنه، قال: فذكروا اليتامى، فنزلت:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم"، قال: فكما خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى، فكذلك فخافوا أن لا تقسطوا في النساء.
٨٤٦٧ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى) إلى:"أيمانكم"، كانوا يشددون في اليتامى، ولا يشددون في النساء، ينكح أحدُهم النسوة، فلا يعدل بينهن، فقال الله تبارك وتعالى: كما تخافون أن لا تعدلوا بين اليتامى، فخافوا في النساء، فانكحوا واحدة إلى الأربع. فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم.
٨٤٦٨ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء" حتى بلغ"أدنى ألا تعولوا"، يقول: كما خفتم الجور في اليتامى وهمَّكم ذلك، فكذلك فخافوا في جمع النساء، (١) وكان الرجل في الجاهلية يتزوج العشرة
* ذكر من قال ذلك:
٨٤٦٦ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن سعيد بن جبير قال، كان الناس على جاهليتهم، إلا أن يؤمروا بشيء أو يُنهوا عنه، قال: فذكروا اليتامى، فنزلت:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم"، قال: فكما خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى، فكذلك فخافوا أن لا تقسطوا في النساء.
٨٤٦٧ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى) إلى:"أيمانكم"، كانوا يشددون في اليتامى، ولا يشددون في النساء، ينكح أحدُهم النسوة، فلا يعدل بينهن، فقال الله تبارك وتعالى: كما تخافون أن لا تعدلوا بين اليتامى، فخافوا في النساء، فانكحوا واحدة إلى الأربع. فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم.
٨٤٦٨ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء" حتى بلغ"أدنى ألا تعولوا"، يقول: كما خفتم الجور في اليتامى وهمَّكم ذلك، فكذلك فخافوا في جمع النساء، (١) وكان الرجل في الجاهلية يتزوج العشرة
(١) في المخطوطة: "جميع النساء"، والصواب ما في المطبوعة.
536
فما دون ذلك، فأحل الله جل ثناؤه أربعًا، ثم صيَّرهن إلى أربع قوله: (١) "مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة"، يقول، إن خفت أن لا تعدل في أربع فثلاث، وإلا فثنتين، وإلا فواحدة. وإن خفت أن لا تعدل في واحدة، فما ملكت يمينك.
٨٤٦٩ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن سعيد بن جبير قوله:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء"، يقول: ما أحل لكم من النساء="مثنى وثلاث ورباع"، فخافوا في النساء مثل الذي خفتم في اليتامى: أن لا تقسطوا فيهنَّ.
٨٤٧٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا حماد، عن أيوب، عن سعيد بن جبير قال: جاء الإسلام والناس على جاهليتهم، إلا أن يؤمروا بشيء فيتّبعوه، أو ينهوا عن شيء فيجتنبوه، حتى سألوا عن اليتامى، فأنزل الله تبارك وتعالى:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع".
٨٤٧١ - حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو النعمان عارم قال، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن سعيد بن جبير قال، بعث الله تبارك وتعالى محمدًا ﷺ والناس على أمر جاهليتهم، إلا أن يؤمروا بشيء أو ينهوا عنه، وكانوا يسألونه عن اليتامى فأنزل الله تبارك وتعالى:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع"، قال: فكما تخافون أن لا تقسطوا في اليتامى، فخافوا أن لا تقسطوا وتعدِلوا في النساء.
٨٤٧٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى"، قال: كانوا في الجاهلية ينكحون عشرًا من النساء الأيامى، وكانوا
٨٤٦٩ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن سعيد بن جبير قوله:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء"، يقول: ما أحل لكم من النساء="مثنى وثلاث ورباع"، فخافوا في النساء مثل الذي خفتم في اليتامى: أن لا تقسطوا فيهنَّ.
٨٤٧٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا حماد، عن أيوب، عن سعيد بن جبير قال: جاء الإسلام والناس على جاهليتهم، إلا أن يؤمروا بشيء فيتّبعوه، أو ينهوا عن شيء فيجتنبوه، حتى سألوا عن اليتامى، فأنزل الله تبارك وتعالى:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع".
٨٤٧١ - حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو النعمان عارم قال، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن سعيد بن جبير قال، بعث الله تبارك وتعالى محمدًا ﷺ والناس على أمر جاهليتهم، إلا أن يؤمروا بشيء أو ينهوا عنه، وكانوا يسألونه عن اليتامى فأنزل الله تبارك وتعالى:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع"، قال: فكما تخافون أن لا تقسطوا في اليتامى، فخافوا أن لا تقسطوا وتعدِلوا في النساء.
٨٤٧٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى"، قال: كانوا في الجاهلية ينكحون عشرًا من النساء الأيامى، وكانوا
(١) في المطبوعة: "ثم الذي صيرهن إلى أربع"، زاد"الذي"، وما في المخطوطة صواب جيد.
537
يعظمون شأن اليتيم، فتفقدوا من دينهم شأن اليتيم، وتركوا ما كانوا ينكحون في الجاهلية، فقال:"وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع"، ونهاهم عما كانوا ينكحون في الجاهلية. (١)
٨٤٧٣ - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء"، كانوا في جاهليتهم لا يرزأون من مال اليتيم شيئا، وهم ينكحون عشرًا من النساء، وينكحون نساء آبائهم، فتفقدوا من دينهم شأن النساء، فوعظهم الله في اليتامى وفي النساء، فقال في اليتامى: (وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ) إلى (إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا) ووعظهم في شأن النساء فقال:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء" الآية، وقال: (وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ) [سورة النساء: ٢٢].
٨٤٧٤ - حدثت عن عمار عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى" إلى"ما ملكت أيمانكم"، يقول: فإن خفتم الجور في اليتامى وغمَّكم ذلك، فكذلك فخافوا في جمع النساء، (٢) قال:
٨٤٧٣ - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء"، كانوا في جاهليتهم لا يرزأون من مال اليتيم شيئا، وهم ينكحون عشرًا من النساء، وينكحون نساء آبائهم، فتفقدوا من دينهم شأن النساء، فوعظهم الله في اليتامى وفي النساء، فقال في اليتامى: (وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ) إلى (إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا) ووعظهم في شأن النساء فقال:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء" الآية، وقال: (وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ) [سورة النساء: ٢٢].
٨٤٧٤ - حدثت عن عمار عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى" إلى"ما ملكت أيمانكم"، يقول: فإن خفتم الجور في اليتامى وغمَّكم ذلك، فكذلك فخافوا في جمع النساء، (٢) قال:
(١) الحديث: ٨٤٧٢- عبد الله بن صالح، كاتب الليث بن سعد: مضت ترجمته وتوثيقه في: ١٨٦.
معاوية بن صالح الحضرمي: سبق توثيقه في: ١٨٦. وهو مترجم في التهذيب، والكبير للبخاري ٤ / ١ / ٣٣٥، والصغير، ص: ١٩٣، وابن سعد ٧ / ٢ / ٢٠٧، وابن أبي حاتم ٤ / ١ / ٣٨٢- ٣٨٣. وتاريخ قضاة قرطبة، ص: ٣٠- ٤٠، وقضاة الأندلس للنباهي، ص: ٤٣.
علي بن أبي طلحة: قد بينا في: ١٨٣٣ أنه لم يسمع من ابن عباس. فيكون هذا الإسناد منقطعًا، ضعيف الإسناد لانقطاعه.
والحديث رواه البيهقي في السنن الكبرى ٧: ١٥٠، من طريق عثمان بن سعيد، عن عبد الله بن صالح، بهذا الإسناد.
وأشار إليه الحافظ في الفتح ٨: ١٧٩- ١٨٠؛ في شرح حديث عائشة؛ قال: "تأويل عائشة هذا؛ جاء عن ابن عباس مثله. أخرجه الطبري".
وذكره السيوطي ٢: ١١٨، ونسبه لابن جرير، وابن أبي حاتم، فقط.
(٢) في المخطوطة والمطبوعة هنا"في جميع النساء"، والصواب ما أثبت، وانظر التعليق السالف ص: ٥٣٦، تعليق: ١.
معاوية بن صالح الحضرمي: سبق توثيقه في: ١٨٦. وهو مترجم في التهذيب، والكبير للبخاري ٤ / ١ / ٣٣٥، والصغير، ص: ١٩٣، وابن سعد ٧ / ٢ / ٢٠٧، وابن أبي حاتم ٤ / ١ / ٣٨٢- ٣٨٣. وتاريخ قضاة قرطبة، ص: ٣٠- ٤٠، وقضاة الأندلس للنباهي، ص: ٤٣.
علي بن أبي طلحة: قد بينا في: ١٨٣٣ أنه لم يسمع من ابن عباس. فيكون هذا الإسناد منقطعًا، ضعيف الإسناد لانقطاعه.
والحديث رواه البيهقي في السنن الكبرى ٧: ١٥٠، من طريق عثمان بن سعيد، عن عبد الله بن صالح، بهذا الإسناد.
وأشار إليه الحافظ في الفتح ٨: ١٧٩- ١٨٠؛ في شرح حديث عائشة؛ قال: "تأويل عائشة هذا؛ جاء عن ابن عباس مثله. أخرجه الطبري".
وذكره السيوطي ٢: ١١٨، ونسبه لابن جرير، وابن أبي حاتم، فقط.
(٢) في المخطوطة والمطبوعة هنا"في جميع النساء"، والصواب ما أثبت، وانظر التعليق السالف ص: ٥٣٦، تعليق: ١.
538
وكان الرجل يتزوج العشر في الجاهلية فما دون ذلك، وأحل الله أربعًا، وصيَّرهم إلى أربع، يقول:"فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة"، وإن خفت أن لا تعدل في واحدة، فما ملكت يمينك.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: فكما خفتم في اليتامى، فكذلك فتخوفوا في النساء أن تَزْنُوا بهن، ولكن انكحوا ما طاب لكم من النساء.
* ذكر من قال ذلك:
٨٤٧٥ - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، أخبرنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى"، يقول: إن تحرَّجتم في ولاية اليتامى وأكل أموالهم إيمانًا وتصديقًا، فكذلك فتحرّجوا من الزّنا، وانكحوا النساء نكاحًا طيبًا="مثنى وثلاث ورباع، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم".
٨٤٧٦ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى اللاتي أنتم وُلاتهن، فلا تنكحوهن، وانكحوا أنتم ما حل لكم منهن.
* ذكر من قال ذلك:
٨٤٧٧ - حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى"، قال: نزلت في اليتيمة تكون عند الرجل، هو وليها، ليس لها ولي غيره، وليس أحد ينازعه فيها، ولا ينكحها لمالها، فيضربها، ويسيء صحبَتها. (١)
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: فكما خفتم في اليتامى، فكذلك فتخوفوا في النساء أن تَزْنُوا بهن، ولكن انكحوا ما طاب لكم من النساء.
* ذكر من قال ذلك:
٨٤٧٥ - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، أخبرنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى"، يقول: إن تحرَّجتم في ولاية اليتامى وأكل أموالهم إيمانًا وتصديقًا، فكذلك فتحرّجوا من الزّنا، وانكحوا النساء نكاحًا طيبًا="مثنى وثلاث ورباع، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم".
٨٤٧٦ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى اللاتي أنتم وُلاتهن، فلا تنكحوهن، وانكحوا أنتم ما حل لكم منهن.
* ذكر من قال ذلك:
٨٤٧٧ - حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى"، قال: نزلت في اليتيمة تكون عند الرجل، هو وليها، ليس لها ولي غيره، وليس أحد ينازعه فيها، ولا ينكحها لمالها، فيضربها، ويسيء صحبَتها. (١)
(١) الحديث: ٨٤٧٧- هذا إسناد ضعيف، لضعف سفيان بن وكيع، وقد بينا ضعفه مرارًا، أولها في: ١٤٢، ١٤٣.
ولكن الحديث في ذاته صحيح، كما مضى في: ٨٤٥٦- ٨٤٦١، وفي الروايات التي خرجناها من الصحيحين.
ثم هو ثابت صحيح من رواية وكيع، من غير رواية ابنه سفيان عنه.
فرواه البخاري ٩: ١٦٠ (فتح)، بأطول مما هنا= عن يحيى، عن وكيع، بهذا الإسناد.
ويحيى -شيخ البخاري في هذا الإسناد- قال الحافظ في الفتح: "هو ابن موسى، أو ابن جعفر. كما بينته في المقدمة". والذي في مقدمة الفتح، ص: ٢٣٦، أن ابن السكن نسبه"يحيى بن موسى".
ولكن الحديث في ذاته صحيح، كما مضى في: ٨٤٥٦- ٨٤٦١، وفي الروايات التي خرجناها من الصحيحين.
ثم هو ثابت صحيح من رواية وكيع، من غير رواية ابنه سفيان عنه.
فرواه البخاري ٩: ١٦٠ (فتح)، بأطول مما هنا= عن يحيى، عن وكيع، بهذا الإسناد.
ويحيى -شيخ البخاري في هذا الإسناد- قال الحافظ في الفتح: "هو ابن موسى، أو ابن جعفر. كما بينته في المقدمة". والذي في مقدمة الفتح، ص: ٢٣٦، أن ابن السكن نسبه"يحيى بن موسى".
539
٨٤٧٨ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا يونس، عن الحسن في هذه الآية:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم" أي: ما حَلّ لكم من يتاماكم من قراباتكم="مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم".
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال التي ذكرناها في ذلك بتأويل الآية، قول من قال: تأويلها:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى، فكذلك فخافوا في النساء، فلا تنكحوا منهن إلا ما لا تخافون أن تجورُوا فيه منهن، من واحدة إلى الأربع، فإن خفتم الجورَ في الواحدة أيضًا، فلا تنكحوها، ولكن عليكم بما ملكت أيمانكم، فإنه أحرى أن لا تجوروا عليهن".
وإنما قلنا إنّ ذلك أولى بتأويل الآية، لأن الله جل ثناؤه افتتح الآية التي قبلها بالنهي عن أكل أموال اليتامى بغير حقها وخَلطها بغيرها من الأموال، فقال تعالى ذكره: (وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا). ثم أعلمهم أنهم إن اتقوا الله في ذلك فتحرّجوا فيه، فالواجب عليهم من اتقاء الله والتحرّج في أمر النساء، مثل الذي عليهم من التحرج في أمر اليتامى، وأعلمهم كيف التخلص لهم من الجور فيهن، (١) كما عرّفهم المخلص من الجور في أموال اليتامى، فقال: انكحوا إن أمنتم الجور في النساء على أنفسكم، ما أبحت لكم منهن وحلّلته، مثنى وثُلاث ورباع، فإن خفتم أيضًا الجور على أنفسكم في أمر الواحدة، بأن لا تقدروا على إنصافها، فلا تنكحوها،
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال التي ذكرناها في ذلك بتأويل الآية، قول من قال: تأويلها:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى، فكذلك فخافوا في النساء، فلا تنكحوا منهن إلا ما لا تخافون أن تجورُوا فيه منهن، من واحدة إلى الأربع، فإن خفتم الجورَ في الواحدة أيضًا، فلا تنكحوها، ولكن عليكم بما ملكت أيمانكم، فإنه أحرى أن لا تجوروا عليهن".
وإنما قلنا إنّ ذلك أولى بتأويل الآية، لأن الله جل ثناؤه افتتح الآية التي قبلها بالنهي عن أكل أموال اليتامى بغير حقها وخَلطها بغيرها من الأموال، فقال تعالى ذكره: (وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا). ثم أعلمهم أنهم إن اتقوا الله في ذلك فتحرّجوا فيه، فالواجب عليهم من اتقاء الله والتحرّج في أمر النساء، مثل الذي عليهم من التحرج في أمر اليتامى، وأعلمهم كيف التخلص لهم من الجور فيهن، (١) كما عرّفهم المخلص من الجور في أموال اليتامى، فقال: انكحوا إن أمنتم الجور في النساء على أنفسكم، ما أبحت لكم منهن وحلّلته، مثنى وثُلاث ورباع، فإن خفتم أيضًا الجور على أنفسكم في أمر الواحدة، بأن لا تقدروا على إنصافها، فلا تنكحوها،
(١) لعل الأجود أن يقول: "وأعلمهم كيف المخلص لهم"، كالتي تليها.
540
ولكن تسرَّوا من المماليك، فإنكم أحرى أن لا تجوروا عليهن، لأنهن أملاككم وأموالكم، ولا يلزمكم لهن من الحقوق كالذي يلزمكم للحرائر، فيكون ذلك أقرب لكم إلى السلامة من الإثم والجور.
ففي الكلام -إذ كان المعنى ما قلنا- متروك استغنى بدلالة ما ظهر من الكلام عن ذكره. وذلك أن معنى الكلام: وإن خفتم أن لا تقسطوا في أموال اليتامى فتعدلوا فيها، فكذلك فخافوا أن لا تقسطوا في حقوق النساء التي أوجبها الله عليكم، فلا تتزوجوا منهنّ إلا ما أمنتم معه الجور مثنى وثلاث ورباع، وإن خفتم أيضًا في ذلك فواحدة. وإن خفتم في الواحدة، فما ملكت أيمانكم= فترك ذكر قوله:"فكذلك فخافوا أن لا تقسطوا في حقوق النساء"، بدلالة ما ظهر من قوله تعالى:"فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم".
* * *
فإن قال قائل: فأين جواب قوله:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى"؟
قيل: قوله"فانكحوا ما طاب لكم"، غير أن المعنى الذي يدل على أن المراد بذلك ما قلنا قوله:"فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا".
* * *
وقد بينا فيما مضى قبلُ أن معنى"الإقساط" في كلام العرب: العدل والإنصاف= وأن"القسط": الجور والحيف، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (١)
* * *
وأما"اليتامى"، فإنها جمع لذكران الأيتام وإناثهم في هذا الموضع. (٢)
* * *
ففي الكلام -إذ كان المعنى ما قلنا- متروك استغنى بدلالة ما ظهر من الكلام عن ذكره. وذلك أن معنى الكلام: وإن خفتم أن لا تقسطوا في أموال اليتامى فتعدلوا فيها، فكذلك فخافوا أن لا تقسطوا في حقوق النساء التي أوجبها الله عليكم، فلا تتزوجوا منهنّ إلا ما أمنتم معه الجور مثنى وثلاث ورباع، وإن خفتم أيضًا في ذلك فواحدة. وإن خفتم في الواحدة، فما ملكت أيمانكم= فترك ذكر قوله:"فكذلك فخافوا أن لا تقسطوا في حقوق النساء"، بدلالة ما ظهر من قوله تعالى:"فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم".
* * *
فإن قال قائل: فأين جواب قوله:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى"؟
قيل: قوله"فانكحوا ما طاب لكم"، غير أن المعنى الذي يدل على أن المراد بذلك ما قلنا قوله:"فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا".
* * *
وقد بينا فيما مضى قبلُ أن معنى"الإقساط" في كلام العرب: العدل والإنصاف= وأن"القسط": الجور والحيف، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (١)
* * *
وأما"اليتامى"، فإنها جمع لذكران الأيتام وإناثهم في هذا الموضع. (٢)
* * *
(١) انظر ما سلف ٦: ٧٧، ٢٧٠.
(٢) انظر تفسير"اليتامى" فيما سلف قريبًا ص: ٥٢٤، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير"اليتامى" فيما سلف قريبًا ص: ٥٢٤، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
541
وأما قوله:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء"، فإنه يعني: فانكحوا ما حلَّ لكم منهن، دون ما حُرِّم عليكم منهنّ، كما:-
٨٤٧٩ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا ابن المبارك، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي مالك قوله:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء"، ما حلّ لكم.
٨٤٨٠ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن سعيد بن جبير في قوله:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء"، يقول: ما حلَّ لكم.
* * *
فإن قال قائل: وكيف قيل:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء"، ولم يقل:"فانكحوا مَنْ طاب لكم"؟ وإنما يقال:"ما" في غير الناس.
قيل: معنى ذلك على غير الوجه الذي ذهبتَ إليه، وإنما معناه: فانكحوا نكاحًا طيبًا، كما:-
٨٤٨١ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء"، فانكحوا النساء نكاحًا طيبًا.
٨٤٨١م - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
* * *
فالمعنيّ بقوله:"ما طاب لكم"، الفعل، دون أعيان النساء وأشخاصهنَّ، فلذلك قيل"ما" ولم يقل"من"، كما يقال:"خذ من رقيقي ما أردت"، إذا عنيت: خذ منهم إرادتك. ولو أردت: خذ الذي تريد منهم، لقلت:"خذ من رقيقي من أردت منهم". (١) وكذلك قوله:"أو ما ملكت أيمانكم"، بمعنى: أو ملك أيمانكم.
* * *
٨٤٧٩ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا ابن المبارك، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي مالك قوله:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء"، ما حلّ لكم.
٨٤٨٠ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن سعيد بن جبير في قوله:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء"، يقول: ما حلَّ لكم.
* * *
فإن قال قائل: وكيف قيل:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء"، ولم يقل:"فانكحوا مَنْ طاب لكم"؟ وإنما يقال:"ما" في غير الناس.
قيل: معنى ذلك على غير الوجه الذي ذهبتَ إليه، وإنما معناه: فانكحوا نكاحًا طيبًا، كما:-
٨٤٨١ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء"، فانكحوا النساء نكاحًا طيبًا.
٨٤٨١م - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
* * *
فالمعنيّ بقوله:"ما طاب لكم"، الفعل، دون أعيان النساء وأشخاصهنَّ، فلذلك قيل"ما" ولم يقل"من"، كما يقال:"خذ من رقيقي ما أردت"، إذا عنيت: خذ منهم إرادتك. ولو أردت: خذ الذي تريد منهم، لقلت:"خذ من رقيقي من أردت منهم". (١) وكذلك قوله:"أو ما ملكت أيمانكم"، بمعنى: أو ملك أيمانكم.
* * *
(١) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٥٣، ٢٥٤.
542
وإنما معنى قوله:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع"، فلينكح كل واحد منكم مثنى وثلاث ورباع، كما قيل: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً) [سورة النور: ٤].
* * *
وأما قوله:"مثنى وثلاث ورباع"، فإنما تُرك إجراؤهن، لأنهن معدولات عن"اثنين" و"ثلاث" و"أربع"، كما عدل"عمر" عن"عامر"، و"زُفرَ" عن"زافِر" فترك إجراؤه، وكذلك،"أحاد" و"ثناء" و"مَوْحد" و"مثنى" و"مَثْلث" و"مَرْبع"، لا يجري ذلك كله للعلة التي ذكرت من العدول عن وجوهه. ومما يدلّ على أن ذلك كذلك، وأن الذكر والأنثى فيه سواء، ما قيل في هذه السورة و"سورة فاطر"، [١] :"مثنى وثلاث ورباع" يراد به"الجناح"، و"الجناح" ذكر= وأنه أيضًا لا يضاف إلى ما يضاف إليه"الثلاثة" و"الثلاث" وأن"الألف واللام" لا تدخله= فكان في ذلك دليل على أنه اسم للعدد معرفة، ولو كان نكرة لدخله"الألف واللام"، وأضيف كما يضاف"الثلاثة" و"الأربعة". (١) ومما يبين في ذلك قول تميم بن أبيّ بن مقبل:
* * *
وأما قوله:"مثنى وثلاث ورباع"، فإنما تُرك إجراؤهن، لأنهن معدولات عن"اثنين" و"ثلاث" و"أربع"، كما عدل"عمر" عن"عامر"، و"زُفرَ" عن"زافِر" فترك إجراؤه، وكذلك،"أحاد" و"ثناء" و"مَوْحد" و"مثنى" و"مَثْلث" و"مَرْبع"، لا يجري ذلك كله للعلة التي ذكرت من العدول عن وجوهه. ومما يدلّ على أن ذلك كذلك، وأن الذكر والأنثى فيه سواء، ما قيل في هذه السورة و"سورة فاطر"، [١] :"مثنى وثلاث ورباع" يراد به"الجناح"، و"الجناح" ذكر= وأنه أيضًا لا يضاف إلى ما يضاف إليه"الثلاثة" و"الثلاث" وأن"الألف واللام" لا تدخله= فكان في ذلك دليل على أنه اسم للعدد معرفة، ولو كان نكرة لدخله"الألف واللام"، وأضيف كما يضاف"الثلاثة" و"الأربعة". (١) ومما يبين في ذلك قول تميم بن أبيّ بن مقبل:
تَرَى النُّعَرَاتِ الزُّرْقَ تَحْتَ لَبَانِهِ | أُحَادَ وَمَثْنَى أَصْعَقَتْهَا صَوَاهِلُهْ (٢) |
(١) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٥٤، ٢٥٥.
(٢) من قصيدة له طويلة نقلتها قديمًا، ومعاني القرآن للفراء ١: ٢٥٥، ٣٤٥ والحيوان ٧: ٢٣٣. واللسان (نعر) (فرد) (صعق) (ثنى)، وغيرها، وسيأتي في التفسير ٧:
ويروى البيت: "النعرات الخضر"، و"أحاد ومثنى" و"فراد ومثنى". والنعرات جمع نعرة (بضم النون وفتح العين والراء) : وهو ذباب ضخم، أزرق العين، أخضر، له إبرة في طرف ذنبه يلسع بها ذوات الحافر فيؤذيها، وربما دخل أنف الحمار فيركب رأسه، فلا يرده شيء.
و"اللبان": الصدر من ذي الحافر: و"أصعقتها": قتلتها. و"صواهله" جمع صاهلة، وهو مصدر على"فاعلة"، بمعنى"الصهيل"، كما يقال، "رواغي الإبل"، أي رغاءها. وقوله في البيت الثاني: "فريسًا"، أي قتيلا، قد افترسه ودقه وأهلكه، و"الخيوطة" جمع خيط، كالفحولة والبعولة، جمع فحل وبعل."والماري": الثوب الخلق. يصف الذباب المغشى عليه، كأنه من لينه في تهالكه، خيوط لواه لاو من ثوب خلق.
(٢) من قصيدة له طويلة نقلتها قديمًا، ومعاني القرآن للفراء ١: ٢٥٥، ٣٤٥ والحيوان ٧: ٢٣٣. واللسان (نعر) (فرد) (صعق) (ثنى)، وغيرها، وسيأتي في التفسير ٧:
١٨٤ (بولاق). يصف فرسه، وبعد البيت. فَرِيسًا ومَغْشِيًّا عَلَيْه، كأَنَّه | خُيُوطَةُ مَارِيٍّ لَوَاهُنَّ فَاتِلُهْ |
و"اللبان": الصدر من ذي الحافر: و"أصعقتها": قتلتها. و"صواهله" جمع صاهلة، وهو مصدر على"فاعلة"، بمعنى"الصهيل"، كما يقال، "رواغي الإبل"، أي رغاءها. وقوله في البيت الثاني: "فريسًا"، أي قتيلا، قد افترسه ودقه وأهلكه، و"الخيوطة" جمع خيط، كالفحولة والبعولة، جمع فحل وبعل."والماري": الثوب الخلق. يصف الذباب المغشى عليه، كأنه من لينه في تهالكه، خيوط لواه لاو من ثوب خلق.
543
فرد"أحاد ومثنى"، على"النعرات" وهي معرفة. وقد تجعلها العرب نكرة فتجريها، كما قال الشاعر: (١)
وَإنَّ الغُلامَ المُسْتَهَامَ بذِكْرِهِ... قَتَلْنَا بِهِ مِنْ بين مَثْنًى وَمَوْحَدِ (٢) بِأَرْبَعَةٍ مِنْكُمْ وَآخَرَ خَامِسٍ... وَسَادٍ مَعَ الإظْلامِ فِي رُمْح مَعْبَدِ
ومما يبين أن"ثناء" و"أحاد" غير جاريةٍ، قول الشاعر: (٣)
وَإنَّ الغُلامَ المُسْتَهَامَ بذِكْرِهِ... قَتَلْنَا بِهِ مِنْ بين مَثْنًى وَمَوْحَدِ (٢) بِأَرْبَعَةٍ مِنْكُمْ وَآخَرَ خَامِسٍ... وَسَادٍ مَعَ الإظْلامِ فِي رُمْح مَعْبَدِ
ومما يبين أن"ثناء" و"أحاد" غير جاريةٍ، قول الشاعر: (٣)
وَلَقَدْ قَتَلْتُكُمُ ثُنَاءَ وَمَوْحَدًا | وَتَرَكْتُ مُرَّةَ مِثْلَ أَمْسِ المُدْبِرِ (٤) |
(١) لم أعرف قائلهما.
(٢) معاني القرآن للفراء ١: ٢٥٤، وقد كان البيت في المطبوعة والمخطوطة:
وهو كما ترى ملفق من البيتين اللذين أثبتهما من معاني القرآن، والذي قاله الطبري هنا، هو نص مقالة الفراء في معاني القرآن. وقوله: "وساد" أي: سادس، يقولون: "جاء سادسًا وساديًا وساتًا".
(٣) هو صخر بن عمرو السلمي، أخو الخنساء.
(٤) مجاز القرآن ١: ١١٥، والأغاني ١٣: ١٣٩، والمخصص ٧: ١٢٤، وشرح أدب الكاتب للجواليقي: ٣٩٤، والبطليوسي: ٤٦٦، والخزانة ٤: ٤٧٤. وسيأتي في التفسير ٢٢: ٧٦ (بولاق) وغيرها، إلا أن ابن قتيبة في أدب الكاتب رواه"كأمس الدابر" وتابعه ناشر التفسير في هذا الموضع فكتب"كأمس الدابر"، ولكنه في المخطوطة، وفي الموضع الآخر من التفسير، قد جاء على الصواب. وهما بيتان قالهما في قتله دريد بن حرملة المري، في خبر مذكور، وبعده:
والطعنة النجلاء: الواسعة. و"أزغلت" الطعنة بالدم: دفعته زغلة زغلة، أي دفعة دفعة. وعط الثوب عطًا: شقه. والمنحر: هو نحر البعير، أي أعلى صدره، حيث ينحر، أي: يطعن في نحره، فيتفجر منه الدم.
وأما رواية"كأمس الدابر" فقد ذكر الجواليقي أبياتًا ليزيد بن عمرو الصعق الكلابي هي:
(٢) معاني القرآن للفراء ١: ٢٥٤، وقد كان البيت في المطبوعة والمخطوطة:
قتلنا بِه مِنْ بين مَثْنًى وموْحَدٍ | بأربعةٍ مِنْكُمْ وآخر خامِسِ |
(٣) هو صخر بن عمرو السلمي، أخو الخنساء.
(٤) مجاز القرآن ١: ١١٥، والأغاني ١٣: ١٣٩، والمخصص ٧: ١٢٤، وشرح أدب الكاتب للجواليقي: ٣٩٤، والبطليوسي: ٤٦٦، والخزانة ٤: ٤٧٤. وسيأتي في التفسير ٢٢: ٧٦ (بولاق) وغيرها، إلا أن ابن قتيبة في أدب الكاتب رواه"كأمس الدابر" وتابعه ناشر التفسير في هذا الموضع فكتب"كأمس الدابر"، ولكنه في المخطوطة، وفي الموضع الآخر من التفسير، قد جاء على الصواب. وهما بيتان قالهما في قتله دريد بن حرملة المري، في خبر مذكور، وبعده:
وَلقَدْ دَفَعْتُ إلى دُرَيْدٍ طَعْنَةً | نَجْلاءَ تُزْغُلُ مِثْلَ عَطَّ المَنْحَرِ |
وأما رواية"كأمس الدابر" فقد ذكر الجواليقي أبياتًا ليزيد بن عمرو الصعق الكلابي هي:
أَعَقَرْتُمُ جَمَلِي برَحْلِيَ قائمًا | ورَمَيْتُمُ جَارِي بِسَهْمٍ نَاقِرِ |
فإِذا ركبتُمْ فَالْبَسُوا أَدْرَاعَكُمْ | إنَ الرِّمَاحَ بَصِيرَةٌ بالحَاسِرِ |
إِذْ تَظْلِمُون وتأكُلُونَ صَدِيقَكُمْ | فالظُّلْمُ تَارِككُمْ بجَاثٍ عَاثِرِ |
إِنّي سَأقتلكُمُ ثُنَاءَ ومَوْحَدًا | وَتَركتُ نَاصِرَكُمْ كَأمْسِ الدَّابِرِ |
مَنَتْ لَكَ أنْ تُلاقِيَني المَنَايَا | أُحَادَ أُحَادَ فِي شَهْرٍ حَلالِ (٢) |
فَلَمْ يَسْتَرِيثُوكَ حَتَّى رَمَيْ | تَ فَوْقَ الرِّجَالِ خِصَالا عُشَارَا (٤) |
(١) هو عمرو ذي الكلب، أخو بني كاهل، وكان جارًا لهذيل. ونسبه أبو عبيدة في مجاز القرآن لصخر الغي الهذلي، وهو خطأ.
(٢) ديوان الهذليين ٣: ١١٧، مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١١٥، والمعاني الكبير: ٢٨٤٠ المخصص ١٧: ١٢٤، الأغاني ١٣: ١٣٩. ورواية الديوان"في الشهر الحلال"، وأخطأ صاحب الأغاني فنسب البيت لصخر بن عمرو، ورواه"في الشهر الحرام". قوله: "منت لك"، أي: قدرت لك منيتك أن تلقاني في شهر حلال، خلوين، وحدي ووحدك، فأصرعك لا محالة. وذلك أنه كان قد لقيه قبل ذلك في شهر حرام، فلم يستطع أن يرفع إليه سلاحًا. ويقول بعده:
أي: لا يلبث القتال بيني وبينك إلا بمقدار ما ترد يمين إلى شمال.
(٣) في المطبوعة: "في بيت الكميت"، والصواب من المخطوطة.
(٤) مجازا القرآن لأبي عبيدة ١: ١١٦، والأغاني ٣: ١٣٩، واللسان (عشر)، والمخصص ١٧: ١٢٥، والجواليقي ٢٩٢، ٢٩٣، والبطليوسي: ٤٦٧، والخزانة ١: ٨٢، ٨٣، من قصيدة للكميت، يمدح بها أبان بن الوليد بن عبد الملك، وقبله:
وقوله: "ولا نبت فيك اتغارا" أي: لم تخلف سنًا بعد سن، فتنبت أسنانك: اتغر الصبي: سقطت أسنانه وأخلف غيرها. وقوله: "خسا أو زكا"، أي فردا، وزوجًا. قوله: "فبقوك" من قولهم: "بقيت فلانًا بقيًا" انتظرته ورصدته. و"استراثه": استبطأه. يقول: تبينوا فيك السؤود لسنة أو سنتين من مولدك، فرجوا أن تكون سيدًا مطاعًا رفيع الذكر، فلم تكد تبلغ العشر حتى جازت خصالك خصال السادة من الرجال. وأما قول أبي جعفر"يريد: عشرًا عشرًا"، فكأنه يعني كثرة الخصال التي فاق بها الرجال.
(٢) ديوان الهذليين ٣: ١١٧، مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١١٥، والمعاني الكبير: ٢٨٤٠ المخصص ١٧: ١٢٤، الأغاني ١٣: ١٣٩. ورواية الديوان"في الشهر الحلال"، وأخطأ صاحب الأغاني فنسب البيت لصخر بن عمرو، ورواه"في الشهر الحرام". قوله: "منت لك"، أي: قدرت لك منيتك أن تلقاني في شهر حلال، خلوين، وحدي ووحدك، فأصرعك لا محالة. وذلك أنه كان قد لقيه قبل ذلك في شهر حرام، فلم يستطع أن يرفع إليه سلاحًا. ويقول بعده:
وَمَا لَبْثُ القِتَالِ إذَا الْتقَيْنَا | سِوَى لَفْتِ اليَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ |
(٣) في المطبوعة: "في بيت الكميت"، والصواب من المخطوطة.
(٤) مجازا القرآن لأبي عبيدة ١: ١١٦، والأغاني ٣: ١٣٩، واللسان (عشر)، والمخصص ١٧: ١٢٥، والجواليقي ٢٩٢، ٢٩٣، والبطليوسي: ٤٦٧، والخزانة ١: ٨٢، ٨٣، من قصيدة للكميت، يمدح بها أبان بن الوليد بن عبد الملك، وقبله:
رَجَوْكَ وَلَم تتكامَلْ سِنُوكَ | عَشْرًا، ولا نَبْتَ فِيكَ اتِّغَارَا |
لأَدْنَى خَسًا أَوْ زَكًا مِنْ سِنِيكَ | ألى أَرْبَعٍ، فَبَقَوْكَ انْتظارَا |
545
يريد:"عشرًا، عشرًا"، يقال: إنه لم يسمع غير ذلك. (١)
* * *
= وأما قوله:"فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة"، فإن نصب"واحدة"، بمعنى: فإن خفتم أن لا تعدلوا= فيما يلزمكم من العدل ما زاد على الواحدة من النساء عندكم بنكاح، (٢) فيما أوجبه الله لهن عليكم= فانكحوا واحدة منهن.
ولو كانت القراءة جاءت في ذلك بالرفع، كان جائزًا، بمعنى: فواحدة كافية، أو: فواحدة مجزئة، كما قال جل ثناؤه: (فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) (٣) [سورة البقرة: ٢٨٢].
* * *
وإن قال لنا قائل: قد علمت أن الحلال لكم من جميع النساء الحرائر، نكاحُ أربع، فكيف قيل:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع"، وذلك في العدد تسع؟ (٤)
قيل: إن تأويل ذلك: فانكحوا ما طاب لكم من النساء، إما مثنى إن أمنتم الجور من أنفسكم فيما يجب لهما عليكم= وإما ثلاث، إن لم تخافوا ذلك= وإما أربع، إن أمنتم ذلك فيهن.
يدل على صحة ذلك قوله:"فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة"، لأن المعنى:
* * *
= وأما قوله:"فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة"، فإن نصب"واحدة"، بمعنى: فإن خفتم أن لا تعدلوا= فيما يلزمكم من العدل ما زاد على الواحدة من النساء عندكم بنكاح، (٢) فيما أوجبه الله لهن عليكم= فانكحوا واحدة منهن.
ولو كانت القراءة جاءت في ذلك بالرفع، كان جائزًا، بمعنى: فواحدة كافية، أو: فواحدة مجزئة، كما قال جل ثناؤه: (فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) (٣) [سورة البقرة: ٢٨٢].
* * *
وإن قال لنا قائل: قد علمت أن الحلال لكم من جميع النساء الحرائر، نكاحُ أربع، فكيف قيل:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع"، وذلك في العدد تسع؟ (٤)
قيل: إن تأويل ذلك: فانكحوا ما طاب لكم من النساء، إما مثنى إن أمنتم الجور من أنفسكم فيما يجب لهما عليكم= وإما ثلاث، إن لم تخافوا ذلك= وإما أربع، إن أمنتم ذلك فيهن.
يدل على صحة ذلك قوله:"فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة"، لأن المعنى:
(١) انظر هذا الفصل كله في معاني القرآن للفراء ١: ٢٥٤، ٢٥٥، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١١٤- ١١٦.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة:
(٣) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٥٥.
(٤) انظر الناسخ والمنسوخ، لأبي جعفر النحاس: ٩٢.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة:
"فيما يلزمكم من العدل ما زاد على الواحدة | "، وهو لا يستقيم، صوابه"فيما زاد" كما أثبتها. |
(٤) انظر الناسخ والمنسوخ، لأبي جعفر النحاس: ٩٢.
546
فإن خفتم في الثنتين فانكحوا واحدة. ثم قال: وإن خفتم أن لا تعدلوا أيضًا في الواحدة، فما ملكت أيمانكم.
* * *
فإن قال قائل: فإن أمر الله ونهيه على الإيجاب والإلزام حتى تقوم حجة بأن ذلك على التأديب والإرشاد والإعلام، وقد قال تعالى ذكره:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء"، وذلك أمر، فهل من دليل على أنه من الأمر الذي هو على غير وجه الإلزام والإيجاب؟
قيل: نعم، والدليل على ذلك قوله:"فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة". فكان معلومًا بذلك أن قوله:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء"، وإن كان مخرجه مخرج الأمر، فإنه بمعنى الدلالة على النهي عن نكاح ما خاف الناكح الجورَ فيه من عدد النساء، لا بمعنى الأمر بالنكاح، فإن المعنيّ به: وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى، فتحرجتم فيهن، فكذلك فتحرّجوا في النساء، فلا تنكحوا إلا ما أمنتم الجورَ فيه منهن، ما أحللته لكم من الواحدة إلى الأربع.
وقد بينا في غير هذا الموضع أن العرب تُخرِج الكلام بلفظ الأمر ومعناها فيه النهي أو التهديد والوعيد، كما قال جل ثناؤه: (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) [سورة الكهف: ٢٩]، وكما قال: (لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) [سورة النحل: ٥٥ سورة الروم: ٣٤]، فخرج ذلك مخرج الأمر، والمقصود به التهديد والوعيدُ والزجر والنهي، (١) فكذلك قوله:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء"، بمعنى النهي: فلا تنكحوا إلا ما طاب لكم من النساء.
* * *
وعلى النحو الذي قلنا في معنى قوله:"أو ما ملكت أيمانكم" قال أهل التأويل.
* * *
فإن قال قائل: فإن أمر الله ونهيه على الإيجاب والإلزام حتى تقوم حجة بأن ذلك على التأديب والإرشاد والإعلام، وقد قال تعالى ذكره:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء"، وذلك أمر، فهل من دليل على أنه من الأمر الذي هو على غير وجه الإلزام والإيجاب؟
قيل: نعم، والدليل على ذلك قوله:"فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة". فكان معلومًا بذلك أن قوله:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء"، وإن كان مخرجه مخرج الأمر، فإنه بمعنى الدلالة على النهي عن نكاح ما خاف الناكح الجورَ فيه من عدد النساء، لا بمعنى الأمر بالنكاح، فإن المعنيّ به: وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى، فتحرجتم فيهن، فكذلك فتحرّجوا في النساء، فلا تنكحوا إلا ما أمنتم الجورَ فيه منهن، ما أحللته لكم من الواحدة إلى الأربع.
وقد بينا في غير هذا الموضع أن العرب تُخرِج الكلام بلفظ الأمر ومعناها فيه النهي أو التهديد والوعيد، كما قال جل ثناؤه: (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) [سورة الكهف: ٢٩]، وكما قال: (لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) [سورة النحل: ٥٥ سورة الروم: ٣٤]، فخرج ذلك مخرج الأمر، والمقصود به التهديد والوعيدُ والزجر والنهي، (١) فكذلك قوله:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء"، بمعنى النهي: فلا تنكحوا إلا ما طاب لكم من النساء.
* * *
وعلى النحو الذي قلنا في معنى قوله:"أو ما ملكت أيمانكم" قال أهل التأويل.
(١) انظر ما سلف ٢: ٢٩٣، ٢٩٤.
547
ذكر من قال ذلك:
٨٤٨٢ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم"، يقول: فإن خفت أن لا تعدل في واحدة، فما ملكت يمينك.
٨٤٨٣ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"أو ما ملكت أيمانكم"، السراري.
٨٤٨٤ - حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع:"فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم"، فإن خفت أن لا تعدل في واحدة، فما ملكت يمينك.
٨٤٨٥ - حدثني يحيى بن أبي طالب قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا جويبر، عن الضحاك، قوله:"فإن خفتم ألا تعدلوا"، قال: في المجامعة والحب.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا (٣) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره (١) وإن خفتم أن لا تعدلوا في مثنى أو ثلاث أو رباعَ فنكحتم واحدة، أو خفتم أن لا تعدلوا في الواحدة فتسررتم ملك أيمانكم، فهو"أدنى" يعني: أقرب، (٢) ="ألا تعولوا"، يقول: أن لا تجوروا ولا تميلوا.
* * *
يقال منه:"عال الرجل فهو يعول عَوْلا وعيالة"، إذا مال وجار. ومنه:"عَوْل الفرائض"، لأن سهامها إذا زادت دخلها النقص.
٨٤٨٢ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم"، يقول: فإن خفت أن لا تعدل في واحدة، فما ملكت يمينك.
٨٤٨٣ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"أو ما ملكت أيمانكم"، السراري.
٨٤٨٤ - حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع:"فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم"، فإن خفت أن لا تعدل في واحدة، فما ملكت يمينك.
٨٤٨٥ - حدثني يحيى بن أبي طالب قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا جويبر، عن الضحاك، قوله:"فإن خفتم ألا تعدلوا"، قال: في المجامعة والحب.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا (٣) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره (١) وإن خفتم أن لا تعدلوا في مثنى أو ثلاث أو رباعَ فنكحتم واحدة، أو خفتم أن لا تعدلوا في الواحدة فتسررتم ملك أيمانكم، فهو"أدنى" يعني: أقرب، (٢) ="ألا تعولوا"، يقول: أن لا تجوروا ولا تميلوا.
* * *
يقال منه:"عال الرجل فهو يعول عَوْلا وعيالة"، إذا مال وجار. ومنه:"عَوْل الفرائض"، لأن سهامها إذا زادت دخلها النقص.
(١) في المطبوعة والمخطوطة: "يعني بقوله تعالى ذكره"، والسياق يقتضي ما أثبت.
(٢) انظر تفسير"أدنى" فيما سلف ٦: ٧٨.
(٢) انظر تفسير"أدنى" فيما سلف ٦: ٧٨.
548
وأما من الحاجة، فإنما يقال:"عال الرجل عَيْلة"، وذلك إذا احتاج، كما قال الشاعر: (١)
بمعنى: يفتقر.
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
٨٤٨٦ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا يونس، عن الحسن:"ذلك أدنى ألا تعولوا"، قال: العوْل الميل في النساء.
٨٤٨٧ - حدثنا ابن حميد قال، حدثني حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد في قوله:"ذلك أدنى ألا تعولوا"، يقول: لا تميلوا.
٨٤٨٨ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"ذلك أدنى ألا تعولوا"، أن لا تميلوا.
٨٤٨٩ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
٨٤٩٠ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا أبو النعمان محمد بن الفضل
وَمَا يَدْرِي الفَقِيرُ مَتَى غِنَاهُ | وَمَا يَدْرِي الغَنُّي مَتَى يَعِيل (٢) |
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
٨٤٨٦ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا يونس، عن الحسن:"ذلك أدنى ألا تعولوا"، قال: العوْل الميل في النساء.
٨٤٨٧ - حدثنا ابن حميد قال، حدثني حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد في قوله:"ذلك أدنى ألا تعولوا"، يقول: لا تميلوا.
٨٤٨٨ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"ذلك أدنى ألا تعولوا"، أن لا تميلوا.
٨٤٨٩ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
٨٤٩٠ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا أبو النعمان محمد بن الفضل
(١) هو أحيحة بن الجلاح.
(٢) جمهرة أشعار العرب: ١٢٥، ومعاني القرآن للفراء ١: ٢٥٥، الجمهرة لابن دريد ٢: ١٩٣، وتاريخ ابن الأثير ١: ٢٧٨، اللسان (عيل)، وسيأتي في التفسير ١٠: ٧٥ / ٣٠: ١٤٩ (بولاق)، من قصيدته التي قالها في حرب بين قومه من الأوس وبني النجار من الخزرج، قتل فيها أخوه، وكانت عنده امرأته سلمى بنت عمرو بن زيد النجارية، فحذرت قومها مجيء أحيحة وقومه من الأوس، فضربها حتى كسر يدها وطلقها. وبعد البيت آخر قرين له:
وكان في المخطوطة: "لما يدرى الفقير"، وهو خطأ من الناسخ، وكأن صوابها"فما يدري".
(٢) جمهرة أشعار العرب: ١٢٥، ومعاني القرآن للفراء ١: ٢٥٥، الجمهرة لابن دريد ٢: ١٩٣، وتاريخ ابن الأثير ١: ٢٧٨، اللسان (عيل)، وسيأتي في التفسير ١٠: ٧٥ / ٣٠: ١٤٩ (بولاق)، من قصيدته التي قالها في حرب بين قومه من الأوس وبني النجار من الخزرج، قتل فيها أخوه، وكانت عنده امرأته سلمى بنت عمرو بن زيد النجارية، فحذرت قومها مجيء أحيحة وقومه من الأوس، فضربها حتى كسر يدها وطلقها. وبعد البيت آخر قرين له:
وَمَا تَدْرِي، إذَا أَجْمَعْتَ أَمْرًا | بِأَيِّ الأَرْضِ يُدْرِكُكَ المَقِيلُ |
549
قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا داود بن أبي هند، عن عكرمة:"ألا تعولوا" قال: أن لا تميلوا= ثم قال: أما سمعت إلى قول أبي طالب:
بِمِيزان قِسْطٍ وَزْنُهُ غَيْرُ عَائِلِ (١)
٨٤٩١ - حدثني المثنى قال، حدثنا حجاج قال، حدثنا حماد بن زيد، عن الزبير، عن حريث، عن عكرمة في هذه الآية:"ألا تعولوا"، قال: أن لا تميلوا= قال: وأنشد بيتًا من شعر زعم أن أبا طالب قاله:
* * *
قال أبو جعفر ويروي هذا البيت على غير هذه الرواية:
* * *
٨٤٩٢ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم في قوله:"ألا تعولوا"، قال: أن لا تميلوا.
بِمِيزان قِسْطٍ وَزْنُهُ غَيْرُ عَائِلِ (١)
٨٤٩١ - حدثني المثنى قال، حدثنا حجاج قال، حدثنا حماد بن زيد، عن الزبير، عن حريث، عن عكرمة في هذه الآية:"ألا تعولوا"، قال: أن لا تميلوا= قال: وأنشد بيتًا من شعر زعم أن أبا طالب قاله:
بِميزَانِ قِسْطٍ لا يُخِسُّ شَعِيرَةً | وَوَازِنِ صِدْقٍ وَزْنُهُ غَيْرُ عَائِلِ (٢) |
قال أبو جعفر ويروي هذا البيت على غير هذه الرواية:
بِمِيزَانِ صِدْقٍ لا يُغلُّ شَعِيرَةً | لَهُ شَاهِدٌ مِنْ نَفْسِهِ غَيْرُ عَائِلِ (٣) |
٨٤٩٢ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم في قوله:"ألا تعولوا"، قال: أن لا تميلوا.
(١) سيرة ابن هشام ١: ٢٩٦، وغيرها كثير. من القصيدة التي زعموا أن أبا طالب قالها وواجه بها قريشًا في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال فيها إنه غير مسلم رسول الله ﷺ ولا تاركه لشيء أبدًا حتى يهلك دونه. يقول قبل البيت:
ويروى البيت بهذه الرواية التي ذكرها أبو جعفر، ويروى أيضًا: "لا يحص شعيرة" من حص الشعر إذا أذهبه، و"شعيرة" في هذه الرواية تصغير"شعرة"، وأما في سائر الروايات فهي"شعيرة" بفتح الشين، وكسر العين، وهي واحدة"الشعير"، وهو الحب المعروف، وهو أقل موازين الذهب والفضة، وهو حبة من شعير متوسطة لم تقشر، وقد قطع من طرفيها ما امتد، ويسمونه أيضًا"حبة"، وانظر ما سلف ٤: ٥٨٦، تعليق: ٢، في تفسير"الحبة"، وهذا معنى لم تقيده كتب اللغة، فقيده هناك. وقوله: "لا تخس شعيرة"، أي لا تنقص مقدار شعيرة. وقوله: "تغل" من قولهم: "غل يغل غلولا"، إذا خان أو سرق.
(٢) سيرة ابن هشام ١: ٢٩٦، وغيرها كثير. من القصيدة التي زعموا أن أبا طالب قالها وواجه بها قريشًا في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال فيها إنه غير مسلم رسول الله ﷺ ولا تاركه لشيء أبدًا حتى يهلك دونه. يقول قبل البيت:
ويروى البيت بهذه الرواية التي ذكرها أبو جعفر، ويروى أيضًا: "لا يحص شعيرة" من حص الشعر إذا أذهبه، و"شعيرة" في هذه الرواية تصغير"شعرة"، وأما في سائر الروايات فهي"شعيرة" بفتح الشين، وكسر العين، وهي واحدة"الشعير"، وهو الحب المعروف، وهو أقل موازين الذهب والفضة، وهو حبة من شعير متوسطة لم تقشر، وقد قطع من طرفيها ما امتد، ويسمونه أيضًا"حبة"، وانظر ما سلف ٤: ٥٨٦، تعليق: ٢، في تفسير"الحبة"، وهذا معنى لم تقيده كتب اللغة، فقيده هناك. وقوله: "لا تخس شعيرة"، أي لا تنقص مقدار شعيرة. وقوله: "تغل" من قولهم: "غل يغل غلولا"، إذا خان أو سرق.
(٣) سيرة ابن هشام ١: ٢٩٦، وغيرها كثير. من القصيدة التي زعموا أن أبا طالب قالها وواجه بها قريشًا في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال فيها إنه غير مسلم رسول الله ﷺ ولا تاركه لشيء أبدًا حتى يهلك دونه. يقول قبل البيت:
ويروى البيت بهذه الرواية التي ذكرها أبو جعفر، ويروى أيضًا: "لا يحص شعيرة" من حص الشعر إذا أذهبه، و"شعيرة" في هذه الرواية تصغير"شعرة"، وأما في سائر الروايات فهي"شعيرة" بفتح الشين، وكسر العين، وهي واحدة"الشعير"، وهو الحب المعروف، وهو أقل موازين الذهب والفضة، وهو حبة من شعير متوسطة لم تقشر، وقد قطع من طرفيها ما امتد، ويسمونه أيضًا"حبة"، وانظر ما سلف ٤: ٥٨٦، تعليق: ٢، في تفسير"الحبة"، وهذا معنى لم تقيده كتب اللغة، فقيده هناك. وقوله: "لا تخس شعيرة"، أي لا تنقص مقدار شعيرة. وقوله: "تغل" من قولهم: "غل يغل غلولا"، إذا خان أو سرق.
جَزَى اللهُ عَنَّا عَبْدَ شَمْسٍ ونَوْفَلا | عُقُوبَةَ شَرّ عَاجِلا غَيْرَ آجِلِ |
(٢) سيرة ابن هشام ١: ٢٩٦، وغيرها كثير. من القصيدة التي زعموا أن أبا طالب قالها وواجه بها قريشًا في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال فيها إنه غير مسلم رسول الله ﷺ ولا تاركه لشيء أبدًا حتى يهلك دونه. يقول قبل البيت:
جَزَى اللهُ عَنَّا عَبْدَ شَمْسٍ ونَوْفَلا | عُقُوبَةَ شَرّ عَاجِلا غَيْرَ آجِلِ |
(٣) سيرة ابن هشام ١: ٢٩٦، وغيرها كثير. من القصيدة التي زعموا أن أبا طالب قالها وواجه بها قريشًا في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال فيها إنه غير مسلم رسول الله ﷺ ولا تاركه لشيء أبدًا حتى يهلك دونه. يقول قبل البيت:
جَزَى اللهُ عَنَّا عَبْدَ شَمْسٍ ونَوْفَلا | عُقُوبَةَ شَرّ عَاجِلا غَيْرَ آجِلِ |
550
٨٤٩٣ - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم مثله.
٨٤٩٤ - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن أبي إسحاق الكوفي قال: كتب عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى أهل الكوفة في شيء عاتبوه عليه فيه:"إنِّي لست بميزان لا أعول".
٨٤٩٥ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثّام بن علي قال، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي مالك في قوله:"أدنى ألا تعولوا"، قال: لا تميلوا. (١)
٨٤٩٦ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"ذلك أدنى ألا تعولوا"، أدنى أن لا تميلوا.
٨٤٩٧ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"ألا تعولوا"، قال: تميلوا.
٨٤٩٨ - حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع:"ذلك أدنى ألا تعولوا"، يقول: أن لا تميلوا.
٨٤٩٩ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ذلك أدنى ألا تعولوا"، يقول: تميلوا.
٨٥٠٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثنا معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"أدنى ألا تعولوا"، يعني: أن لا تميلوا.
٨٥٠١ - حدثنا محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"ذلك أدنى ألا تعولوا"، يقول: ذلك أدنى أن لا تميلوا.
٨٤٩٤ - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن أبي إسحاق الكوفي قال: كتب عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى أهل الكوفة في شيء عاتبوه عليه فيه:"إنِّي لست بميزان لا أعول".
٨٤٩٥ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثّام بن علي قال، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي مالك في قوله:"أدنى ألا تعولوا"، قال: لا تميلوا. (١)
٨٤٩٦ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"ذلك أدنى ألا تعولوا"، أدنى أن لا تميلوا.
٨٤٩٧ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"ألا تعولوا"، قال: تميلوا.
٨٤٩٨ - حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع:"ذلك أدنى ألا تعولوا"، يقول: أن لا تميلوا.
٨٤٩٩ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ذلك أدنى ألا تعولوا"، يقول: تميلوا.
٨٥٠٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثنا معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"أدنى ألا تعولوا"، يعني: أن لا تميلوا.
٨٥٠١ - حدثنا محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"ذلك أدنى ألا تعولوا"، يقول: ذلك أدنى أن لا تميلوا.
(١) الأثر: ٨٤٩٥- في المطبوعة: "عباد بن علي"، وكان كاتب المخطوطة قد كتب"عباد" ثم جعل الدال ميما، ولم ينقط الكلمة، فاشتبه الأمر على الناشر، والصواب"عثام" وهو"عثام بن علي العامري" شيخ أبي كريب، وقد مضى مئات من المرات، ومضت ترجمته في رقم: ٣٣٧.
551
٨٥٠٢ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حصين، عن أبي مالك في قوله:"ذلك أدنى ألا تعولوا"، قال: أن لا تجوروا.
٨٥٠٣ - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون، وعارم أبو النعمان قالا حدثنا هشيم، عن حصين، عن أبي مالك مثله.
٨٥٠٤ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن يونس، عن أبي إسحاق، عن مجاهد:"ذلك أدنى ألا تعولوا" قال: تميلوا. (١)
٨٥٠٥ - حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد:"ذلك أدنى ألا تعولوا"، ذلك أقل لنفقتك، الواحدة أقل من ثنتين= وثلاث وأربع، وجاريتُك أهون نفقة من حُرة="أن لا تعولوا"، أهون عليك في العيال. (٢)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: وأعطوا النساء مهورهن عطيّة واجبة، (٣) وفريضة لازمة.
* * *
يقال منه:"نَحَل فلان فلانًا كذا فهو يَنْحَله نِحْلة ونُحْلا"، (٤) كما:-
٨٥٠٦ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا
٨٥٠٣ - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون، وعارم أبو النعمان قالا حدثنا هشيم، عن حصين، عن أبي مالك مثله.
٨٥٠٤ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن يونس، عن أبي إسحاق، عن مجاهد:"ذلك أدنى ألا تعولوا" قال: تميلوا. (١)
٨٥٠٥ - حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد:"ذلك أدنى ألا تعولوا"، ذلك أقل لنفقتك، الواحدة أقل من ثنتين= وثلاث وأربع، وجاريتُك أهون نفقة من حُرة="أن لا تعولوا"، أهون عليك في العيال. (٢)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: وأعطوا النساء مهورهن عطيّة واجبة، (٣) وفريضة لازمة.
* * *
يقال منه:"نَحَل فلان فلانًا كذا فهو يَنْحَله نِحْلة ونُحْلا"، (٤) كما:-
٨٥٠٦ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا
(١) الأثر: ٨٥٠٤- في المخطوطة والمطبوعة"عن ابن إسحاق، عن مجاهد"، وهو خطأ ظاهر، والصواب"عن أبي إسحاق"، وهو أبو إسحاق السبيعي، وقد مضت روايته عن مجاهد في هذا التفسير مئات من المرات.
(٢) في المخطوطة: "أهون عليك في القتال"، والصواب ما في المطبوعة.
(٣) في المخطوطة: "عليه واجبة"، ووضع على"عليه" حرف"ط"، دلالة على الخطأ. والصواب ما كان في المطبوعة.
(٤) "نحلة" (بكسر النون وسكون الحاء) مصدر مثل"حكمة". و"نحلا" (بضم النون وسكون الحاء) مصدر أيضًا مثل"حكم" (بضم الحاء).
(٢) في المخطوطة: "أهون عليك في القتال"، والصواب ما في المطبوعة.
(٣) في المخطوطة: "عليه واجبة"، ووضع على"عليه" حرف"ط"، دلالة على الخطأ. والصواب ما كان في المطبوعة.
(٤) "نحلة" (بكسر النون وسكون الحاء) مصدر مثل"حكمة". و"نحلا" (بضم النون وسكون الحاء) مصدر أيضًا مثل"حكم" (بضم الحاء).
552
سعيد، عن قتادة قوله:"وآتوا النساء صدقاتهن نحلة"، يقول: فريضة.
٨٥٠٧ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، أخبرني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"وآتوا النساء صدقاتهن نحلة"، يعني بـ"النحلة"، المهر.
٨٥٠٨ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله:"وآتوا النساء صدقاتهن نحلة"، قال: فريضة مسماة.
٨٥٠٩ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعت ابن زيد يقول في قوله:"وآتوا النساء صدقاتهن نحلة"، قال:"النحلة" في كلام العرب، الواجب= يقول: لا ينكحها إلا بشيء واجب لها، صدقة يسميها لها واجبة، وليس ينبغي لأحد أن ينكح امرأة، بعد النبي ﷺ إلا بصداقٍ واجب، ولا ينبغي أن يكون تسمية الصداق كذبًا بغير حق.
* * *
وقال آخرون: بل عنى بقوله:"وآتوا النساء صدقاتهن نحلة"، أولياء النساء، وذلك أنهم كانوا يأخذون صَدقاتهن.
* ذكر من قال ذلك:
٨٥١٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم، عن سيار، عن أبي صالح قال، كان الرجل إذا زوج أيِّمه أخذ صداقها دونها، (١) فنهاهم الله تبارك وتعالى عن ذلك، ونزلت:"وآتوا النساء صدقاتهن نحلة".
* * *
وقال آخرون: بل كان ذلك من أولياء النساء، بأن يعطى الرجل أخته لرجل، على أن يعطيه الآخر أخته، على أن لا كثير مهر بينهما، فنهوا عن ذلك. (٢)
٨٥٠٧ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، أخبرني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"وآتوا النساء صدقاتهن نحلة"، يعني بـ"النحلة"، المهر.
٨٥٠٨ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله:"وآتوا النساء صدقاتهن نحلة"، قال: فريضة مسماة.
٨٥٠٩ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعت ابن زيد يقول في قوله:"وآتوا النساء صدقاتهن نحلة"، قال:"النحلة" في كلام العرب، الواجب= يقول: لا ينكحها إلا بشيء واجب لها، صدقة يسميها لها واجبة، وليس ينبغي لأحد أن ينكح امرأة، بعد النبي ﷺ إلا بصداقٍ واجب، ولا ينبغي أن يكون تسمية الصداق كذبًا بغير حق.
* * *
وقال آخرون: بل عنى بقوله:"وآتوا النساء صدقاتهن نحلة"، أولياء النساء، وذلك أنهم كانوا يأخذون صَدقاتهن.
* ذكر من قال ذلك:
٨٥١٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم، عن سيار، عن أبي صالح قال، كان الرجل إذا زوج أيِّمه أخذ صداقها دونها، (١) فنهاهم الله تبارك وتعالى عن ذلك، ونزلت:"وآتوا النساء صدقاتهن نحلة".
* * *
وقال آخرون: بل كان ذلك من أولياء النساء، بأن يعطى الرجل أخته لرجل، على أن يعطيه الآخر أخته، على أن لا كثير مهر بينهما، فنهوا عن ذلك. (٢)
(١) في المطبوعة: "إذا زوج أيمة" بالتاء في آخره، وهو خطأ. يقال، "امرأة أيم، ورجل أيم: ". وهي من النساء التي لا زوج لها، بكرًا كانت أو ثيبًا= ومن الرجال، الذي لا امرأة له.
(٢) وذلك هو"الشغار" شغار المتناكحين بغير مهر، إلا بضع وليته أو أيمه. وكان ذلك من نكاح الجاهلية، فنهى رسول الله ﷺ عنه.
(٢) وذلك هو"الشغار" شغار المتناكحين بغير مهر، إلا بضع وليته أو أيمه. وكان ذلك من نكاح الجاهلية، فنهى رسول الله ﷺ عنه.
553
* ذكر من قال ذلك:
٨٥١١ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه قال: زعم حضرميٌّ أن أناسًا كانوا يعطي هذا الرجل أخته، ويأخذ أخت الرجل، ولا يأخذون كثير مهر، فقال الله تبارك وتعالى:"وآتوا النساء صدقاتهن نحلة".
* * *
قال أبو جعفر: وأولى التأويلات التي ذكرناها في ذلك، التأويل الذي قلناه. وذلك أن الله تبارك وتعالى ابتدأ ذكر هذه الآية بخطاب الناكحين النساءَ، ونهاهم عن ظلمهنّ والجور عليهن، وعرّفهم سبيلَ النجاة من ظلمهنّ. ولا دلالة في الآية على أن الخطاب قد صُرِف عنهم إلى غيرهم. فإذْ كان ذلك كذلك، فمعلوم أن الذين قيل لهم:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع"، هم الذين قيل لهم:"وآتوا النساء صدقاتهن"= وأن معناه: وآتوا من نكحتم من النساء صدقاتهن نحلة، لأنه قال في أوّل [الآية] :(١) "فانكحوا ما طاب لكم من النساء"، ولم يقل:"فأنكحوا"، فيكون قوله:"وآتوا النساء صدقاتهن"، مصروفًا إلى أنه معنيّ به أولياء النساء دون أزواجهن.
وهذا أمرٌ من الله أزواجَ النساء المدخول بهن والمسمَّى لهن الصداق، أن يؤتوهن صدُقاتهن، دون المطلقات قبل الدخول ممن لم يسمّ لها في عقد النكاح صداق.
* * *
٨٥١١ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه قال: زعم حضرميٌّ أن أناسًا كانوا يعطي هذا الرجل أخته، ويأخذ أخت الرجل، ولا يأخذون كثير مهر، فقال الله تبارك وتعالى:"وآتوا النساء صدقاتهن نحلة".
* * *
قال أبو جعفر: وأولى التأويلات التي ذكرناها في ذلك، التأويل الذي قلناه. وذلك أن الله تبارك وتعالى ابتدأ ذكر هذه الآية بخطاب الناكحين النساءَ، ونهاهم عن ظلمهنّ والجور عليهن، وعرّفهم سبيلَ النجاة من ظلمهنّ. ولا دلالة في الآية على أن الخطاب قد صُرِف عنهم إلى غيرهم. فإذْ كان ذلك كذلك، فمعلوم أن الذين قيل لهم:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع"، هم الذين قيل لهم:"وآتوا النساء صدقاتهن"= وأن معناه: وآتوا من نكحتم من النساء صدقاتهن نحلة، لأنه قال في أوّل [الآية] :(١) "فانكحوا ما طاب لكم من النساء"، ولم يقل:"فأنكحوا"، فيكون قوله:"وآتوا النساء صدقاتهن"، مصروفًا إلى أنه معنيّ به أولياء النساء دون أزواجهن.
وهذا أمرٌ من الله أزواجَ النساء المدخول بهن والمسمَّى لهن الصداق، أن يؤتوهن صدُقاتهن، دون المطلقات قبل الدخول ممن لم يسمّ لها في عقد النكاح صداق.
* * *
(١) في المخطوطة، أسقط ذكر"الآية" التي وضعتها بين القوسين، وفي المطبوعة جعلها"في الأول"، والسياق يقتضي الزيادة كما أثبتها.
554
القول في تأويل قوله: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (٤) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: فإن وهب لكم، أيها الرجال، نساؤكم شيئًا من صدقاتهن، طيبة بذلك أنفسهن، فكلوه هنيئًا مريئًا، كما:-
٨٥١٢ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا عمارة، عن عكرمة:"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا"، قال: المهر.
٨٥١٣ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثني حَرَميّ بن عمارة قال، حدثنا شعبة، عن عمارة، عن عكرمة، [عن عمارة] في قوله الله تبارك وتعالى:"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا"، قال: الصدقات. (١)
٨٥١٤ - حدثني المثنى قال، حدثني الحماني قال، حدثنا شريك، عن سالم، عن سعيد:"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا" قال: الأزواج.
٨٥١٥ - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن عبيدة قال، قال لي إبراهيم: أكلتَ من الهنيء المريء! قلت: ما ذاك؟ قال: امرأتك أعطتك من صَداقها.
٨٥١٦ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم قال: دخل رجل على علقمة وهو يأكل من طعام بين يديه، من شيء أعطته امرأته من صداقها أو غيره، فقال له علقمة: ادْنُ فكل من الهنيء المريء!
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: فإن وهب لكم، أيها الرجال، نساؤكم شيئًا من صدقاتهن، طيبة بذلك أنفسهن، فكلوه هنيئًا مريئًا، كما:-
٨٥١٢ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا عمارة، عن عكرمة:"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا"، قال: المهر.
٨٥١٣ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثني حَرَميّ بن عمارة قال، حدثنا شعبة، عن عمارة، عن عكرمة، [عن عمارة] في قوله الله تبارك وتعالى:"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا"، قال: الصدقات. (١)
٨٥١٤ - حدثني المثنى قال، حدثني الحماني قال، حدثنا شريك، عن سالم، عن سعيد:"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا" قال: الأزواج.
٨٥١٥ - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن عبيدة قال، قال لي إبراهيم: أكلتَ من الهنيء المريء! قلت: ما ذاك؟ قال: امرأتك أعطتك من صَداقها.
٨٥١٦ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم قال: دخل رجل على علقمة وهو يأكل من طعام بين يديه، من شيء أعطته امرأته من صداقها أو غيره، فقال له علقمة: ادْنُ فكل من الهنيء المريء!
(١) الأثر: ٨٥١٣-"حرمي بن عمارة بن أبي حفصة العتكي". أبو روح، روى عن شعبة. قال أحمد: "صدوق، كانت فيه غفلة"، مترجم في التهذيب. و"عمارة" الراوي عن عكرمة، هو أبو"حرمي بن عمارة" هذا، وهو"عمارة بن أبي حفصة العتكي". ثقة. مترجم في التهذيب.
أما قوله"عكرمة، عن عمارة" فلم أعرف فيمن روى عنه عكرمة من يسمى"عمارة" وظني أنه خطأ من الناسخ، إما أن يكون كرر"عمارة"، أو يكون صوابه"عن ابن عباس"، فسها وكتب"عن عمارة". ولذلك وضعتها بين قوسين.
أما قوله"عكرمة، عن عمارة" فلم أعرف فيمن روى عنه عكرمة من يسمى"عمارة" وظني أنه خطأ من الناسخ، إما أن يكون كرر"عمارة"، أو يكون صوابه"عن ابن عباس"، فسها وكتب"عن عمارة". ولذلك وضعتها بين قوسين.
555
٨٥١٧ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا فكلوه هنيئًا مريئًا"، يقول: إذا كان غيرَ إضرار ولا خديعة، فهو هنيء مريء، كما قال الله جل ثناؤه.
٨٥١٨ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا"، قال: الصداق،"فكلوه هنيئًا مريئًا".
٨٥١٩ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعت ابن زيد يقول في قوله:"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا" بعد أن توجبوه لهنّ وتُحُّلوه، ="فكلوه هنيئًا مريئًا". (١).
٨٥٢٠ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر، عن أبيه قال: زعم حضرميٌّ أن أناسًا كانوا يتأثمون أن يُراجع أحدهم في شيء مما ساق إلى امرأته، (٢) فقال الله تبارك وتعالى:"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا فكلوه هنيئًا مريئًا".
٨٥٢١ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا فكلوه هنيئًا مريئًا"، يقول: ما طابت به نفسًا في غير كَرْه أو هوان، (٣) فقد أحلّ الله لك ذلك أن تأكله هنيئًا مريئًا.
* * *
وقال آخرون: بل عنى بهذا القول أولياء النساء، فقيل لهم: إن طابت أنفس النساء اللواتي إليكم عصمة نكاحهن، بصدقاتهن نفسًا، فكلوه هنيئًا مريئًا.
* ذكر من قال ذلك:
٨٥٢٢ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، حدثنا سيار، عن أبي صالح في قوله:"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا"، قال: كان الرجل
٨٥١٨ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا"، قال: الصداق،"فكلوه هنيئًا مريئًا".
٨٥١٩ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعت ابن زيد يقول في قوله:"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا" بعد أن توجبوه لهنّ وتُحُّلوه، ="فكلوه هنيئًا مريئًا". (١).
٨٥٢٠ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر، عن أبيه قال: زعم حضرميٌّ أن أناسًا كانوا يتأثمون أن يُراجع أحدهم في شيء مما ساق إلى امرأته، (٢) فقال الله تبارك وتعالى:"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا فكلوه هنيئًا مريئًا".
٨٥٢١ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا فكلوه هنيئًا مريئًا"، يقول: ما طابت به نفسًا في غير كَرْه أو هوان، (٣) فقد أحلّ الله لك ذلك أن تأكله هنيئًا مريئًا.
* * *
وقال آخرون: بل عنى بهذا القول أولياء النساء، فقيل لهم: إن طابت أنفس النساء اللواتي إليكم عصمة نكاحهن، بصدقاتهن نفسًا، فكلوه هنيئًا مريئًا.
* ذكر من قال ذلك:
٨٥٢٢ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، حدثنا سيار، عن أبي صالح في قوله:"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا"، قال: كان الرجل
(١) في المطبوعة: "سمعت ابن زيد يقول في قوله: فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا فكلوه هنيئًا مريئًا"، وهو كلام غير تام، لم يذكر إلا نص الآية، وأثبت ما في المخطوطة، وإن كان سقط من الناسخ"فكلوه"، فأثبتها.
(٢) في المطبوعة: "أن يرجع أحدهم"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٣) في المخطوطة: "في غير ذكره أو هوان"، والصواب ما في المطبوعة.
(٢) في المطبوعة: "أن يرجع أحدهم"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٣) في المخطوطة: "في غير ذكره أو هوان"، والصواب ما في المطبوعة.
556
إذا زوّج ابنته، عمد إلى صداقها فأخذه، قال: فنزلت هذه الآية في الأولياء:"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا فكلوه هنيئًا مريئًا".
* * *
قال أبو جعفر وأولى التأويلين في ذلك بالصواب، التأويلُ الذي قلنا= وأن الآية مخاطب بها الأزواج. لأن افتتاح الآية مبتدأ بذكرهم، وقوله:"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا" في سياقه.
* * *
وإن قال قائل: فكيف قيل:"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا"، وقد علمت أنّ معنى الكلام: فإن طابت لكم أنفسهن بشيء؟ وكيف وُحِّدت"النفس"، والمعنى للجميع؟ وذلك أنه تعالى ذكره قال:"وآتوا النساء صَدُقاتهن نحلة".
قيل: أما نقل فعل النفوس إلى أصحاب النفوس، فإن ذلك المستفيض في كلام العرب. من كلامها المعروف:"ضِقت بهذا الأمر ذراعًا وذرعًا"="وقررت بهذا الأمر عينًا"، والمعنى! ضاق به ذرعي، وقرّت به عيني، كما قال الشاعر: (١)
إِذَا التَيَّازُ ذُو العَضَلاتِ قُلْنَا:... إلَيْكَ إلَيْكَ"! ضَاقَ بِها ذِرَاعَا (٢)
* * *
قال أبو جعفر وأولى التأويلين في ذلك بالصواب، التأويلُ الذي قلنا= وأن الآية مخاطب بها الأزواج. لأن افتتاح الآية مبتدأ بذكرهم، وقوله:"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا" في سياقه.
* * *
وإن قال قائل: فكيف قيل:"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا"، وقد علمت أنّ معنى الكلام: فإن طابت لكم أنفسهن بشيء؟ وكيف وُحِّدت"النفس"، والمعنى للجميع؟ وذلك أنه تعالى ذكره قال:"وآتوا النساء صَدُقاتهن نحلة".
قيل: أما نقل فعل النفوس إلى أصحاب النفوس، فإن ذلك المستفيض في كلام العرب. من كلامها المعروف:"ضِقت بهذا الأمر ذراعًا وذرعًا"="وقررت بهذا الأمر عينًا"، والمعنى! ضاق به ذرعي، وقرّت به عيني، كما قال الشاعر: (١)
إِذَا التَيَّازُ ذُو العَضَلاتِ قُلْنَا:... إلَيْكَ إلَيْكَ"! ضَاقَ بِها ذِرَاعَا (٢)
(١) هو القطامي.
(٢) ديوانه: ٤٤، معاني القرآن للفراء ١: ٢٥٦، واللسان (تيز)، ثم ج ٢٠: ٣١٩، وقد استشهدت به فيما سلف ١: ٤٤٦، تعليق: ٦، فانظره، من قصيدته التي مجد فيها زفر بن الحارث، وهذا البيت في صفة ناقته التي أحسن القيام عليها حتى اشتدت وسمنت وامتلأت نشاطًا، وقبله: فَلَمَّا أن جَرَى سِمَنٌ عَلَيْهَا... كما بَطَّنْتَ بالفَدَن السَّيَاعَا
أَمَرْتُ بِهَا الرِّجَالَ ليأخُذُوهَا... وَنَحْنُ نَظُنُّ أَنْ لَنْ تُسْتَطَاعَا
"السياع" الطين، و"الفدن" القصر. وقلب الكلام، وأصله: كما بطنت الفدن بالسياع، فصار أملس. يصف سمنها حتى امتلأت واشتدت كأنها قصر مشيد. و"التياز": الكثير اللحم الغليظ الشديد. وقوله: "إليك، إليك"، أي خذها. يقول له: خذها واضبطها، ولكنه لم يقو عليها، وضاق بها ذراعًا. وقد رد ابن بري تفسير"إليك إليك" بمعنى: خذها لتركبها وتروضها، وقال، "هذا فيه إشكال، لأن سيبويه وجميع البصريين ذهبوا إلى أن"إليك" بمعنى: تنح، وأنها غير متعدية إلى مفعول، وعلى ما فسروه في البيت، يقتضي أنها متعدية، لأنهم جعلوها بمعنى: خذها. ورواه أبو عمرو الشيباني: "لديك لديك"، عوضًا من"إليك إليك". قال: وهذا أشبه بكلام العرب وقول النحويين، لأن"لديك" بمعنى"عندك" و"عندك" في الإغراء تكون متعدية".
وعندي أن شرح الشراح في"إليك" صواب جيد، وقد استدرك ابن بري اجتهاده، ولم يصب فيما استدرك.
(٢) ديوانه: ٤٤، معاني القرآن للفراء ١: ٢٥٦، واللسان (تيز)، ثم ج ٢٠: ٣١٩، وقد استشهدت به فيما سلف ١: ٤٤٦، تعليق: ٦، فانظره، من قصيدته التي مجد فيها زفر بن الحارث، وهذا البيت في صفة ناقته التي أحسن القيام عليها حتى اشتدت وسمنت وامتلأت نشاطًا، وقبله: فَلَمَّا أن جَرَى سِمَنٌ عَلَيْهَا... كما بَطَّنْتَ بالفَدَن السَّيَاعَا
أَمَرْتُ بِهَا الرِّجَالَ ليأخُذُوهَا... وَنَحْنُ نَظُنُّ أَنْ لَنْ تُسْتَطَاعَا
"السياع" الطين، و"الفدن" القصر. وقلب الكلام، وأصله: كما بطنت الفدن بالسياع، فصار أملس. يصف سمنها حتى امتلأت واشتدت كأنها قصر مشيد. و"التياز": الكثير اللحم الغليظ الشديد. وقوله: "إليك، إليك"، أي خذها. يقول له: خذها واضبطها، ولكنه لم يقو عليها، وضاق بها ذراعًا. وقد رد ابن بري تفسير"إليك إليك" بمعنى: خذها لتركبها وتروضها، وقال، "هذا فيه إشكال، لأن سيبويه وجميع البصريين ذهبوا إلى أن"إليك" بمعنى: تنح، وأنها غير متعدية إلى مفعول، وعلى ما فسروه في البيت، يقتضي أنها متعدية، لأنهم جعلوها بمعنى: خذها. ورواه أبو عمرو الشيباني: "لديك لديك"، عوضًا من"إليك إليك". قال: وهذا أشبه بكلام العرب وقول النحويين، لأن"لديك" بمعنى"عندك" و"عندك" في الإغراء تكون متعدية".
وعندي أن شرح الشراح في"إليك" صواب جيد، وقد استدرك ابن بري اجتهاده، ولم يصب فيما استدرك.
557
فنقل صفة"الذراع" إلى"رب الذراع"، ثم أخرج"الذراع" مفسِّرة لموقع الفعل.
وكذلك وحد"النفس" في قوله:"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا" إذ كانت"النفس" مفسِّرة لموقع الخبر. (١)
* * *
وأما توحيد"النفس" من النفوس، لأنه إنما أراد"الهوى"، و"الهوى" يكون جماعة، كما قال الشاعر: (٢)
وكما قال الآخر: (٤)
فِي حَلْقِكُمْ عَظْمٌ وَقَدْ شَجِينَا (٥)
* * *
وكذلك وحد"النفس" في قوله:"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا" إذ كانت"النفس" مفسِّرة لموقع الخبر. (١)
* * *
وأما توحيد"النفس" من النفوس، لأنه إنما أراد"الهوى"، و"الهوى" يكون جماعة، كما قال الشاعر: (٢)
بهَا جِيَفُ الحَسْرَى، فَأَمَّا عِظَامُهَا | فَبِيضٌ، وأمّا جِلْدُهَا فَصَلِيب (٣) |
فِي حَلْقِكُمْ عَظْمٌ وَقَدْ شَجِينَا (٥)
* * *
(١) "التفسير، والمفسر": التمييز والمميز، اصلاح الكوفيين، انظر ما سلف في فهرس المصطلحات. وانظر مقالة الفراء في معاني القرآن ١: ٢٥٦.
(٢) هو علقمة بن عبدة (علقمة الفحل).
(٣) ديوانه: ٢٧، وشرح المفضليات: ٧٧٧، وسيبويه ١: ١٠٧ وسيأتي في التفسير ١٧: ١٠ (بولاق)، من قصيدته في الحارث بن جبلة بن أبي شمر الغساني، حين أسر أخاه شأسًا، فرحل إليه علقمة يطلب فكه. وقوله: "بها جيف الحسري"، الضمير عائد إلى"العلوب" في البيت السابق، وهي آثار الطريق في متان الأرض، و"الحسري" المعيية، يتركها أصحابها فتموت، و"الصليب": الودك الذي يسيل من جلودها إذا مضى على موتها زمن، وهي تحت الشمس ووقدتها. يقول: ماتت وتقادم بها العهد، فابيضت عظامها، وتفانى جلدها فلم يبق منه على أرض الطريق سوى آثار الودك الذي سال من جلودها. والسياق: وأما جلدها، فلا جلد، إنما هو الصليب وحده.
والشاهد في البيت"جلدها" وقد أراد"جلودها".
(٤) هو المسيب بن زيد مناة الغنوي.
(٥) سيبويه ١: ١٠٧، وشرح المفضليات: ٧٧٨، واللسان (شجا)، وقبله: لا تُنْكِرُوا القَتْل وَقَدْ سُبِينَا
يذكر قومًا سبوا من قومه، فجاء قومه فقتلوا منهم، فقال لهم: لا تنكروا قتلنا لكم، وقد وقع علينا السباء؛ فإن نكن قتلنا منكم حتى صار القتل في حلوقكم كالعظم اعترض في مجراها، ففي حلوقنا نحن أيضًا شجا قد اعترض، هو سباؤكم من سبيتم منا. يقول: هذه بهذه.
والشاهد قوله: "في حلقكم"، وقد أراد"حلوقكم".
(٢) هو علقمة بن عبدة (علقمة الفحل).
(٣) ديوانه: ٢٧، وشرح المفضليات: ٧٧٧، وسيبويه ١: ١٠٧ وسيأتي في التفسير ١٧: ١٠ (بولاق)، من قصيدته في الحارث بن جبلة بن أبي شمر الغساني، حين أسر أخاه شأسًا، فرحل إليه علقمة يطلب فكه. وقوله: "بها جيف الحسري"، الضمير عائد إلى"العلوب" في البيت السابق، وهي آثار الطريق في متان الأرض، و"الحسري" المعيية، يتركها أصحابها فتموت، و"الصليب": الودك الذي يسيل من جلودها إذا مضى على موتها زمن، وهي تحت الشمس ووقدتها. يقول: ماتت وتقادم بها العهد، فابيضت عظامها، وتفانى جلدها فلم يبق منه على أرض الطريق سوى آثار الودك الذي سال من جلودها. والسياق: وأما جلدها، فلا جلد، إنما هو الصليب وحده.
والشاهد في البيت"جلدها" وقد أراد"جلودها".
(٤) هو المسيب بن زيد مناة الغنوي.
(٥) سيبويه ١: ١٠٧، وشرح المفضليات: ٧٧٨، واللسان (شجا)، وقبله: لا تُنْكِرُوا القَتْل وَقَدْ سُبِينَا
يذكر قومًا سبوا من قومه، فجاء قومه فقتلوا منهم، فقال لهم: لا تنكروا قتلنا لكم، وقد وقع علينا السباء؛ فإن نكن قتلنا منكم حتى صار القتل في حلوقكم كالعظم اعترض في مجراها، ففي حلوقنا نحن أيضًا شجا قد اعترض، هو سباؤكم من سبيتم منا. يقول: هذه بهذه.
والشاهد قوله: "في حلقكم"، وقد أراد"حلوقكم".
558
وقال بعض نحويي الكوفة: جائز في"النفس" في هذا الموضع الجمع والتوحيد،"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا" و"أنفسًا"، و"ضقت به ذراعًا" و"ذَرْعًا" و"أذْرُعًا"، لأنه منسوب إليك وإلى من تخبر عنه، فاكتفى بالواحد عن الجمع لذلك، ولم يذهب الوهم إلى أنه ليس بمعنى جمع، لأن قبله جمعًا.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا، أن"النفس" وقع موقع الأسماء التي تأتي بلفظ الواحد، مؤدِّيةً معناه إذا ذكر بلفظ الواحد، وأنه بمعنى الجمع عن الجميع.
* * *
وأما قوله:"هنيئًا"، فإنه مأخوذ من:"هنأت البعير بالقَطِران"، إذا جَرِب فعُولج به، كما قال الشاعر: (١)
* * *
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا، أن"النفس" وقع موقع الأسماء التي تأتي بلفظ الواحد، مؤدِّيةً معناه إذا ذكر بلفظ الواحد، وأنه بمعنى الجمع عن الجميع.
* * *
وأما قوله:"هنيئًا"، فإنه مأخوذ من:"هنأت البعير بالقَطِران"، إذا جَرِب فعُولج به، كما قال الشاعر: (١)
مُتَبَذِّلا تَبْدُو مَحَاسِنُهُ | يَضَعُ الهِنَاء مَوَاضِعَ النُّقْبِ (٢) |
(١) هو دريد بن الصمة.
(٢) الشعر والشعراء ٣٠٢، والأغاني ١٠: ٢٢، واللسان (نقب)، وغيرها، من أبياته التي قالها حين مر بالخنساء بنت عمرو بن الشريد، وهي تهنأ بعيرًا لها، وقد تبذلت حتى فرغت منه، ثم نضت عنها ثيابها فاغتسلت، ودريد يراها وهي لا تشعر به، فأعجبته، فانصرف إلى رحله يقول:
ثم خطبها إلى أبيها فردته، فهجاها، وزعم أنها ردته لأنه شيخ كبير، فقيل للخنساء: ألا تجيبينه؟ فقالت: لا أجمع عليه أن أرده وأهجوه. و"النقب": (بضم النون وسكون القاف) و"النقب" (بضم ففتح) جمع نقبة: أول الجرب حين يبدو.
(٢) الشعر والشعراء ٣٠٢، والأغاني ١٠: ٢٢، واللسان (نقب)، وغيرها، من أبياته التي قالها حين مر بالخنساء بنت عمرو بن الشريد، وهي تهنأ بعيرًا لها، وقد تبذلت حتى فرغت منه، ثم نضت عنها ثيابها فاغتسلت، ودريد يراها وهي لا تشعر به، فأعجبته، فانصرف إلى رحله يقول:
حَيُّوا تُمَاضِرَ وَارْبعُوا صَحْبى | وَقِفُوا، فَإِنَّ وُقُوفَكُمْ حَسْبى |
أَخُنَاسَ، قَدْ هَامَ الفُؤَادُ بكُمْ | وأصابَهُ تَبْلٌ مِنَ الحُبِّ |
مَا إِنْ رَأَيْتُ وَلا سَمِعْتُ بِه | كاليَوْمَ طَالِيَ أَيْنقٍ جُرْبِ |
مُتَحَسِّرًا نَضَحَ الهِنَاءُ بِه | نَضْحَ العَبِيرِ برَيْطَةِ العَصْبِ |
559
فكأنّ معنى قوله:"فكلوه هنيئًا مريئًا"، فكلوه دواء شافيًا.
* * *
يقال منه:"هنأني الطعام ومرَأني"، أي صار لي دواء وعلاجًا شافيًا،"وهنِئني ومرِئني" بالكسر، وهي قليلة. والذين يقولون هذا القول، يقولون:"يهنَأني ويمرَأني"، والذين يقولون:"هَنَأني" يقولون:"يَهْنِيني وَيمْريني". فإذا أفردوا قالوا:"قد أمرأني هذا الطعام إمراء". ويقال:"هَنَأت القوم" إذا عُلتهم، سمع من العرب من يقول:"إنما سميت هانئًا لتهنأ"، بمعنى: لتعول وتكفي.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ﴾ (١)
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في"السفهاء" الذين نهى الله جل ثناؤه عباده أن يؤتوهم أموالهم. (٢)
فقال بعضهم: هم النساء والصبيان.
* ذكر من قال ذلك:
٨٥٢٣ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا إسرائيل، عن عبد الكريم، عن سعيد بن جبير قال: اليتامى والنساء.
* * *
يقال منه:"هنأني الطعام ومرَأني"، أي صار لي دواء وعلاجًا شافيًا،"وهنِئني ومرِئني" بالكسر، وهي قليلة. والذين يقولون هذا القول، يقولون:"يهنَأني ويمرَأني"، والذين يقولون:"هَنَأني" يقولون:"يَهْنِيني وَيمْريني". فإذا أفردوا قالوا:"قد أمرأني هذا الطعام إمراء". ويقال:"هَنَأت القوم" إذا عُلتهم، سمع من العرب من يقول:"إنما سميت هانئًا لتهنأ"، بمعنى: لتعول وتكفي.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ﴾ (١)
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في"السفهاء" الذين نهى الله جل ثناؤه عباده أن يؤتوهم أموالهم. (٢)
فقال بعضهم: هم النساء والصبيان.
* ذكر من قال ذلك:
٨٥٢٣ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا إسرائيل، عن عبد الكريم، عن سعيد بن جبير قال: اليتامى والنساء.
(١) كان في المطبوعة والمخطوطة سياق الآية إلى "قيامًا". ولكن تفسير أبي جعفر شمل بقية الآية"وارزقوهم فيها واكسوهم، " كما سيأتي في ص: ٥٧١، فأتممتها.
(٢) انظر تفسير"السفه" و"السفهاء" فيما سلف ١ / ٢٩٣- ٢٩٥ / ٣: ٩٠، ١٢٩ / ٦ ٥٧- ٦٠.
(٢) انظر تفسير"السفه" و"السفهاء" فيما سلف ١ / ٢٩٣- ٢٩٥ / ٣: ٩٠، ١٢٩ / ٦ ٥٧- ٦٠.
560
٨٥٢٤ - حدثنا المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم، عن يونس، عن الحسن في قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، قال: لا تعطوا الصغار والنساء.
٨٥٢٥ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا يزيد بن زريع، عن يونس، عن الحسن قال: المرأة والصبيّ.
٨٥٢٦ - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن شريك، عن أبي حمزة، عن الحسن قال: النساء والصغار، والنساء أسفه السفهاء.
٨٥٢٧ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، حدثنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحسن في قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، قال:"السفهاء" ابنك السفيه، وامرأتك السفيهة. وقد ذكر أن رسول الله ﷺ قال:"اتقوا الله في الضعيفين، اليتيم والمرأة".
٨٥٢٨ - حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا حميد، عن عبد الرحمن الرؤاسي، عن السدي= قال: يردّه إلى عبد الله= قال: النساء والصبيان.
٨٥٢٩ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، أما"السفهاء"، فالولد والمرأة.
٨٥٣٠ - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان، عن الضحاك قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، يعني بذلك: ولد الرجل وامرأته، وهي أسفه السفهاء.
٨٥٣١ - حدثني يحيى بن أبي طالب قال، حدثنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، قال:"السفهاء" الولد،
٨٥٢٥ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا يزيد بن زريع، عن يونس، عن الحسن قال: المرأة والصبيّ.
٨٥٢٦ - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن شريك، عن أبي حمزة، عن الحسن قال: النساء والصغار، والنساء أسفه السفهاء.
٨٥٢٧ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، حدثنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحسن في قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، قال:"السفهاء" ابنك السفيه، وامرأتك السفيهة. وقد ذكر أن رسول الله ﷺ قال:"اتقوا الله في الضعيفين، اليتيم والمرأة".
٨٥٢٨ - حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا حميد، عن عبد الرحمن الرؤاسي، عن السدي= قال: يردّه إلى عبد الله= قال: النساء والصبيان.
٨٥٢٩ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، أما"السفهاء"، فالولد والمرأة.
٨٥٣٠ - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان، عن الضحاك قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، يعني بذلك: ولد الرجل وامرأته، وهي أسفه السفهاء.
٨٥٣١ - حدثني يحيى بن أبي طالب قال، حدثنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، قال:"السفهاء" الولد،
561
والنساء أسفه السفهاء، فيكونوا عليكم أربابًا.
٨٥٣٢ - حدثنا أحمد بن حازم الغفاري قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان، عن سلمة بن نبيط، عن الضحاك، قال: أولادكم ونساؤكم.
٨٥٣٣ - حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا أبي، عن سلمة، عن الضحاك قال: النساء والصبيان.
٨٥٣٤ - حدثنا أحمد بن حازم قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان، عن حميد الأعرج، عن مجاهد:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، قال: النساء والولدان.
٨٥٣٥ - حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا ابن أبي غَنِيّة، عن الحكم:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، قال: النساء والولدان. (١)
٨٥٣٦ - حدثنا بشر بن معاذ: قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا"، أمر الله بهذا المال أن يخزن فتُحسن خِزانته، ولا يملكه المرأة السفيهة والغلامُ السفيه.
٨٥٣٧ - حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا ابن المبارك، عن إسماعيل، عن أبي مالك قال: النساء والصبيان.
٨٥٣٨ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، قال: امرأتك
٨٥٣٢ - حدثنا أحمد بن حازم الغفاري قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان، عن سلمة بن نبيط، عن الضحاك، قال: أولادكم ونساؤكم.
٨٥٣٣ - حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا أبي، عن سلمة، عن الضحاك قال: النساء والصبيان.
٨٥٣٤ - حدثنا أحمد بن حازم قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان، عن حميد الأعرج، عن مجاهد:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، قال: النساء والولدان.
٨٥٣٥ - حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا ابن أبي غَنِيّة، عن الحكم:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، قال: النساء والولدان. (١)
٨٥٣٦ - حدثنا بشر بن معاذ: قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا"، أمر الله بهذا المال أن يخزن فتُحسن خِزانته، ولا يملكه المرأة السفيهة والغلامُ السفيه.
٨٥٣٧ - حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا ابن المبارك، عن إسماعيل، عن أبي مالك قال: النساء والصبيان.
٨٥٣٨ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، قال: امرأتك
(١) الأثر: ٨٥٣٥-"أبو نعيم"، هو"الفضل بن دكين". مضت ترجمته برقم: ٢٥٥٤، ٣٠٣٥. و"ابن أبي غنية" (بفتح الغين وكسر النون وياء مشددة مفتوحة) هو: "عبد الملك بن حميد بن أبي غنية، الخزاعي"، روى عن أبيه، وأبي إسحاق السبيعي، وأبي إسحاق الشيباني، والحكم بن عتيبة. وروى عنه الثوري، وهو من أقرانه، ووكيع، ويحيى بن أبي زائدة، وعمارة بن بشر، وأبو نعيم وآخرون. وهو ثقة. وكان في المطبوعة: "ابن أبي عنبسة"، أما في المخطوطة، فإن الناسخ لم يحسن كتابة ما كتب فصارت كأنها"ابن أبي عنية"، والصواب ما أثبت.
و"الحكم"، هو"الحكم بن عتيبة الكندي"، مضى مرارًا، في رقم: ٣٢٩٧.
و"الحكم"، هو"الحكم بن عتيبة الكندي"، مضى مرارًا، في رقم: ٣٢٩٧.
562
وبنيك= وقال:"السفهاء"، الولدان، والنساء أسفه السفهاء.
* * *
وقال آخرون: بل"السفهاء"، الصبيان خاصة.
* ذكر من قال ذلك:
٨٥٣٩ - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن شريك، عن سالم، عن سعيد بن جبير في قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، قال: هم اليتامى.
٨٥٤٠ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثني أبي، عن شريك، عن سالم، عن سعيد قال:"السفهاء"، اليتامى.
٨٥٤١ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا يونس، عن الحسن في قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، يقول: لا تَنْحَلوا الصغار.
* * *
وقال آخرون: بل عنى بذلك: السفهاء من ولد الرجل.
* ذكر من قال ذلك:
٨٥٤٢ - حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال، أخبرنا ابن المبارك، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي مالك قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، قال: لا تعط ولدك السفيه مالك فيفسده، الذي هو قوامك بعد الله تعالى.
٨٥٤٣ - حدثنا محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، يقول: لا تسلط السفيه من ولدك= فكان ابن عباس يقول: نزل ذلك في السفهاء، وليس اليتامى من ذلك في شيء. (١)
* * *
وقال آخرون: بل"السفهاء"، الصبيان خاصة.
* ذكر من قال ذلك:
٨٥٣٩ - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن شريك، عن سالم، عن سعيد بن جبير في قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، قال: هم اليتامى.
٨٥٤٠ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثني أبي، عن شريك، عن سالم، عن سعيد قال:"السفهاء"، اليتامى.
٨٥٤١ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا يونس، عن الحسن في قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، يقول: لا تَنْحَلوا الصغار.
* * *
وقال آخرون: بل عنى بذلك: السفهاء من ولد الرجل.
* ذكر من قال ذلك:
٨٥٤٢ - حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال، أخبرنا ابن المبارك، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي مالك قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، قال: لا تعط ولدك السفيه مالك فيفسده، الذي هو قوامك بعد الله تعالى.
٨٥٤٣ - حدثنا محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، يقول: لا تسلط السفيه من ولدك= فكان ابن عباس يقول: نزل ذلك في السفهاء، وليس اليتامى من ذلك في شيء. (١)
(١) في المطبوعة والمخطوطة: "وليسوا اليتامى"، وهي لغة رديئة، أخشى أن يكون ذلك من سهو الناسخ.
563
٨٥٤٤ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن فراس، عن الشعبي، عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعري أنه قال: ثلاثة يدعون الله فلا يستجيب لهم: رجل كانت له امرأة سيئة الخلق فلم يطلِّقْها، ورجل أعطى ماله سفيهًا وقد قال الله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، ورجل كان له على رجل دين فلم يُشهد عليه. (١)
٨٥٤٥ - حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعت ابن زيد:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم" الآية، قال: لا تعط السفيه من ولدك رأسًا ولا حائطًا، ولا شيئًا هو لك قيمًا من مالك.
* * *
وقال آخرون: بل"السفهاء" في هذا الموضع، النساء خاصة دون غيره.
* ذكر من قال ذلك:
٨٥٤٦ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه قال: زعم حضرميٌّ أن رجلا عمد فدفع ماله إلى امرأته، فوضعته في غير الحق، فقال الله تبارك وتعالى:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم".
٨٥٤٧ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن حميد، عن مجاهد:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، قال: النساء.
٨٥٤٨ - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثنا سفيان، عن الثوري، عن حميد، عن قيس، عن مجاهد في قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، قال: هنّ النساء.
٨٥٤٥ - حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعت ابن زيد:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم" الآية، قال: لا تعط السفيه من ولدك رأسًا ولا حائطًا، ولا شيئًا هو لك قيمًا من مالك.
* * *
وقال آخرون: بل"السفهاء" في هذا الموضع، النساء خاصة دون غيره.
* ذكر من قال ذلك:
٨٥٤٦ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه قال: زعم حضرميٌّ أن رجلا عمد فدفع ماله إلى امرأته، فوضعته في غير الحق، فقال الله تبارك وتعالى:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم".
٨٥٤٧ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن حميد، عن مجاهد:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، قال: النساء.
٨٥٤٨ - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثنا سفيان، عن الثوري، عن حميد، عن قيس، عن مجاهد في قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، قال: هنّ النساء.
(١) الأثر: ٨٥٤٤- أخرجه الحاكم في المستدرك ٢: ٢٠٣ من طريق أبي المثنى معاذ بن معاذ العنبري. عن أبيه، عن شعبة، مرفوعا، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، لتوقيف أصحاب شعبة هذا الحديث على أبي موسى، وإنما أجمعوا على سند حديث شعبة بهذا الإسناد: "ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين" وقد اتفقا جميعًا على إخراجه" وقال الذهبي: "ولم يخرجاه، لأن الجمهور رووه عن شعبة موقوفًا، ورفعه معاذ بن معاذ عنه".
564
٨٥٤٩ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تبارك وتعالى:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا"، قال: نهى الرجال أن يعطوا النساء أموالهم، وهنّ سفهاء مَنْ كُنَّ أزواجًا أو أمهاتٍ أو بنات.
٨٥٥٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
٨٥٥١ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا هشام، عن الحسن قال: المرأة.
٨٥٥٢ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك قال: النساء مِنْ أسفه السفهاء.
٨٥٥٣ - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن أبي عوانة، عن عاصم، عن مورّق قال: مرت امرأة بعبد الله بن عمر لها شارَة وهيْئة، فقال لها ابن عمر:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا".
* * *
وقال أبو جعفر: والصواب من القول في تأويل ذلك عندنا، أن الله جل ثناؤه عم بقوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، فلم يخصص سفيهًا دون سفيه. فغير جائز لأحد أن يؤتي سفيهًا ماله، صبيًا صغيرًا كان أو رجلا كبيرًا، ذكرًا كان أو أنثى.
و"السفيه" الذي لا يجوز لوليه أن يؤتِّيه ماله، هو المستحقُّ الحجرَ بتضييعه مالَه وفسادِه وإفسادِه وسوء تدبيره ذلك.
وإنما قلنا ما قلنا، من أن المعنيَّ بقوله:"ولا تؤتوا السفهاء" هو من وصفنا دون غيره، لأن الله جل ثناؤه قال في الآية التي تتلوها:"وابْتَلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدًا فادفعوا إليهم أموالهم"، فأمر أولياء اليتامى بدفع أموالهم إليهم إذا
٨٥٥٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
٨٥٥١ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا هشام، عن الحسن قال: المرأة.
٨٥٥٢ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك قال: النساء مِنْ أسفه السفهاء.
٨٥٥٣ - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن أبي عوانة، عن عاصم، عن مورّق قال: مرت امرأة بعبد الله بن عمر لها شارَة وهيْئة، فقال لها ابن عمر:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا".
* * *
وقال أبو جعفر: والصواب من القول في تأويل ذلك عندنا، أن الله جل ثناؤه عم بقوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، فلم يخصص سفيهًا دون سفيه. فغير جائز لأحد أن يؤتي سفيهًا ماله، صبيًا صغيرًا كان أو رجلا كبيرًا، ذكرًا كان أو أنثى.
و"السفيه" الذي لا يجوز لوليه أن يؤتِّيه ماله، هو المستحقُّ الحجرَ بتضييعه مالَه وفسادِه وإفسادِه وسوء تدبيره ذلك.
وإنما قلنا ما قلنا، من أن المعنيَّ بقوله:"ولا تؤتوا السفهاء" هو من وصفنا دون غيره، لأن الله جل ثناؤه قال في الآية التي تتلوها:"وابْتَلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدًا فادفعوا إليهم أموالهم"، فأمر أولياء اليتامى بدفع أموالهم إليهم إذا
565
بلغوا النكاح وأونس منهم الرشد، وقد يدخل في"اليتامى" الذكور والإناث، فلم يخصص بالأمر بدفع ما لَهُم من الأموال، الذكورَ دون الإناث، ولا الإناث دون الذكور.
وإذْ كان ذلك كذلك، فمعلومٌ أن الذين أمر أولياؤهم بدفعهم أموالهم، إليهم، وأجيز للمسلمين مبايعتهم ومعاملتهم، غير الذين أمر أولياؤهم بمنعهم أموالهم، وحُظِر على المسلمين مداينتهم ومعاملتهم.
فإذْ كان ذلك كذلك، فبيِّنٌ أن"السفهاء" الذين نهى الله المؤمنين أن يؤتوهم أموالهم، هم المستحقون الحجرَ والمستوجبون أن يُولى عليهم أموالهم، وهم من وصفنا صفتهم قبل، وأن من عدا ذلك فغير سفيه، لأن الحجر لا يستحقه من قد بلغ وأونس رشده.
* * *
وأما قول من قال:"عنى بالسفهاء النساء خاصة"، فإنه جعل اللغة على غير وجهها. وذلك أن العرب لا تكاد تجمع"فعيلا" على"فُعَلاء" إلا في جمع الذكور، أو الذكور والإناث. وأما إذا أرادوا جمع الإناث خاصة لا ذكران معهم، جمعوه على:"فعائل" و"فعيلات"، مثل:"غريبة"، تجمع"غرائب" و"غريبات"، فأما"الغُرَباء"، فجمع"غريب". (١)
* * *
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا وارْزُقوهم فيها واكسوهم"،
فقال بعضهم: عنى بذلك: لا تؤتوا السفهاء من النساء والصبيان= على
وإذْ كان ذلك كذلك، فمعلومٌ أن الذين أمر أولياؤهم بدفعهم أموالهم، إليهم، وأجيز للمسلمين مبايعتهم ومعاملتهم، غير الذين أمر أولياؤهم بمنعهم أموالهم، وحُظِر على المسلمين مداينتهم ومعاملتهم.
فإذْ كان ذلك كذلك، فبيِّنٌ أن"السفهاء" الذين نهى الله المؤمنين أن يؤتوهم أموالهم، هم المستحقون الحجرَ والمستوجبون أن يُولى عليهم أموالهم، وهم من وصفنا صفتهم قبل، وأن من عدا ذلك فغير سفيه، لأن الحجر لا يستحقه من قد بلغ وأونس رشده.
* * *
وأما قول من قال:"عنى بالسفهاء النساء خاصة"، فإنه جعل اللغة على غير وجهها. وذلك أن العرب لا تكاد تجمع"فعيلا" على"فُعَلاء" إلا في جمع الذكور، أو الذكور والإناث. وأما إذا أرادوا جمع الإناث خاصة لا ذكران معهم، جمعوه على:"فعائل" و"فعيلات"، مثل:"غريبة"، تجمع"غرائب" و"غريبات"، فأما"الغُرَباء"، فجمع"غريب". (١)
* * *
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا وارْزُقوهم فيها واكسوهم"،
فقال بعضهم: عنى بذلك: لا تؤتوا السفهاء من النساء والصبيان= على
(١) هذه الحجة من حسن النظر في العربية ومعاني أبنيتها. والذي استنكره أبو جعفر من جعل اللغة على غير وجهها، وتحميل العربية ما لا سيبل إليه في بنائها وتركيبها، وتأويل كتاب الله خاصة بالانتزاع الشديد والجرأة على اللغة، كأنه قد أصبح في زماننا هذا، هو القاعدة التي يركب فسادها كل مبتدع في الدين برأيه، وكل متورك في طلب الصوت في الناس بما يقول في دين ربه الذي ائتمن عليه من أنزل إليهم كتابه، ليعلمهم ويهديهم، فخالفوا طريق العلم، وجاروا عن سنن الهداية.
566
ما ذكرنا من اختلاف من حكينا قوله قبل= أيها الرشداء، أموالكم التي تملكونها، فتسلِّطوهم عليها فيفسدوها ويضيعوها، ولكن ارزقوهم أنتم منها إن كانوا ممن تلزمكم نفقته، واكسوهم، وقولوا لهم قولا معروفًا.
وقد ذكرنا الرواية عن جماعة ممن قال ذلك، منهم: أبو موسى الأشعري، وابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة، وحضرمي، وسنذكر قول الآخرين الذين لم يذكر قولهم فيما مضى قبل.
٨٥٥٤ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا وارزقوهم فيها"، يقول: لا تعط امرأتك وولدك مالك، فيكونوا هم الذين يقومون عليك، وأطعمهم من مالك واكسُهم.
٨٥٥٥ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفًا"، يقول: لا تسلط السفيه من ولدك على مالك، وأمرَه أن يرزقه منه ويكسوه.
٨٥٥٦ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، قال: لا تعط السفيه من مالك شيئًا هو لك.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك:"ولا تؤتوا السفهاء أموالهم"، ولكنه أضيف إلى الولاة، لأنهم قُوَّامها ومدبِّروها.
* * *
* ذكر من قال ذلك:
٨٥٥٧ - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، حدثنا ابن المبارك، عن شريك، عن سالم، عن سعيد بن جبير في قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"،
وقد ذكرنا الرواية عن جماعة ممن قال ذلك، منهم: أبو موسى الأشعري، وابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة، وحضرمي، وسنذكر قول الآخرين الذين لم يذكر قولهم فيما مضى قبل.
٨٥٥٤ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا وارزقوهم فيها"، يقول: لا تعط امرأتك وولدك مالك، فيكونوا هم الذين يقومون عليك، وأطعمهم من مالك واكسُهم.
٨٥٥٥ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفًا"، يقول: لا تسلط السفيه من ولدك على مالك، وأمرَه أن يرزقه منه ويكسوه.
٨٥٥٦ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، قال: لا تعط السفيه من مالك شيئًا هو لك.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك:"ولا تؤتوا السفهاء أموالهم"، ولكنه أضيف إلى الولاة، لأنهم قُوَّامها ومدبِّروها.
* * *
* ذكر من قال ذلك:
٨٥٥٧ - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، حدثنا ابن المبارك، عن شريك، عن سالم، عن سعيد بن جبير في قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"،
567
[هو مال اليتيم يكون عندك، يقول: لا تؤته إياه، وأنفقه عليه حتى يبلغ. وإنّما أضاف إلى الأولياء فقال:"أموالكم"، لأنهم قوّامها ومدبروها]. (١)
* * *
قال أبو جعفر: وقد يدخل في قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، أموالُ المنهيِّين عن أن يؤتوهم ذلك، وأموال"السفهاء". لأن قوله:"أموالكم" غير مخصوص منها بعض الأموال دون بعض. ولا تمنع العرب أن تخاطب قومًا خِطابًا، فيخرج الكلام بعضه خبر عنهم، وبعضه عن غُيَّب، وذلك نحو أن يقولوا:"أكلتم يا فلان أموالكم بالباطل"، فيخاطب الواحد خطاب الجمع، بمعنى: أنك وأصحابك أو وقومك أكلتم أموالكم. فكذلك قوله:"ولا تؤتوا السفهاء"، معناه: لا تؤتوا أيها الناس، سفهاءكم أموالكم التي بعضها لكم وبعضها لهم، فيضيعوها.
وإذ كان ذلك كذلك، وكان الله تعالى ذكره قد عم بالنهي عن إيتاء السفهاء الأموال كلَّها، ولم يخصص منها شيئا دون شيء، كان بيِّنًا بذلك أن معنى قوله:"التي جعل الله لكم قيامًا"، إنما هو التي جعل الله لكم ولهم قيامًا، ولكن السفهاء دخل ذكرهم في ذكر المخاطبين بقوله:"لكم".
* * *
وأما قوله:"التي جعل الله لكم قيامًا"، فإن"قيامًا" و"قِيَمًا" و"قِوَامًا" في
* * *
قال أبو جعفر: وقد يدخل في قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، أموالُ المنهيِّين عن أن يؤتوهم ذلك، وأموال"السفهاء". لأن قوله:"أموالكم" غير مخصوص منها بعض الأموال دون بعض. ولا تمنع العرب أن تخاطب قومًا خِطابًا، فيخرج الكلام بعضه خبر عنهم، وبعضه عن غُيَّب، وذلك نحو أن يقولوا:"أكلتم يا فلان أموالكم بالباطل"، فيخاطب الواحد خطاب الجمع، بمعنى: أنك وأصحابك أو وقومك أكلتم أموالكم. فكذلك قوله:"ولا تؤتوا السفهاء"، معناه: لا تؤتوا أيها الناس، سفهاءكم أموالكم التي بعضها لكم وبعضها لهم، فيضيعوها.
وإذ كان ذلك كذلك، وكان الله تعالى ذكره قد عم بالنهي عن إيتاء السفهاء الأموال كلَّها، ولم يخصص منها شيئا دون شيء، كان بيِّنًا بذلك أن معنى قوله:"التي جعل الله لكم قيامًا"، إنما هو التي جعل الله لكم ولهم قيامًا، ولكن السفهاء دخل ذكرهم في ذكر المخاطبين بقوله:"لكم".
* * *
وأما قوله:"التي جعل الله لكم قيامًا"، فإن"قيامًا" و"قِيَمًا" و"قِوَامًا" في
(١) الأثر: ٨٥٥٧- هذا الذي بين القوسين زيادة ليست في المطبوعة ولا المخطوطة، زدتها من تفسير البغوي (بهامش ابن كثير) ٢: ٣٤٩. وهي أشبه بنص الطبري في ترجمة هذا القول. وقد نسب البغوي هذا القول الذي نقلته، ورجحت أنها سقطت من ناسخ تفسير الطبري= إلى سعيد بن جبير وعكرمة. والظاهر أن السيوطي أيضًا وقف على نسخة من تفسير الطبري فيها هذا السقط، فأغفل مقالة سعيد بن جبير التي نقلها البغوي، ونقل عن ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ما نصه:
"عن سعيد بن جبير في قوله: (وَلا تؤتوا السفهاء)، قال: اليتامى- (أموالكم) قال: أموالهم، بمنزلة قوله: (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ)
وبين أن نص البغوي، أقرب إلى ما ذكر أبو جعفر، من نص السيوطي في الدر المنثور ٢: ١٢٠ فلذلك أثبته. وأرجو أن لا يكون سقط من كلام أبي جعفر الآتي شيء.
"عن سعيد بن جبير في قوله: (وَلا تؤتوا السفهاء)، قال: اليتامى- (أموالكم) قال: أموالهم، بمنزلة قوله: (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ)
وبين أن نص البغوي، أقرب إلى ما ذكر أبو جعفر، من نص السيوطي في الدر المنثور ٢: ١٢٠ فلذلك أثبته. وأرجو أن لا يكون سقط من كلام أبي جعفر الآتي شيء.
568
معنى واحد. وإنما"القيام" أصله"القوام"، غير أن"القاف" التي قبل"الواو" لما كانت مكسورة، جعلت"الواو""ياء" لكسرة ما قبلها، كما يقال:"صُمْت صيامًا"،"وصُلْت صِيالا"، (١) ويقال منه:"فلان قوام أهل بيته" و"قيام أهل بيته".
* * *
واختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأ بعضهم: (التي جعل الله لكم قِيَمًا) بكسر"القاف" وفتح"الياء" بغير"ألف".
وقرأه آخرون:"قِيَامًا" بألف.
* * *
قال محمد: (٢) والقراءة التي نختارها:"قِيَامًا" بالألف، لأنها القراءة المعروفة في قراءة أمصار الإسلام، وإن كانت الأخرى غير خطأ ولا فاسد. وإنما اخترنا ما اخترنا من ذلك، لأن القراآت إذا اختلفت في الألفاظ واتفقت في المعاني، فأعجبها إلينا ما كان أظهر وأشهر في قَرَأة أمصار الإسلام.
* * *
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله:"قيامًا" قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
٨٥٥٨ - حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال، حدثنا ابن المبارك، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي مالك:"أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا"، التي هي قوامك بعد الله. (٣)
٨٥٥٩ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا"، فإن المال هو
* * *
واختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأ بعضهم: (التي جعل الله لكم قِيَمًا) بكسر"القاف" وفتح"الياء" بغير"ألف".
وقرأه آخرون:"قِيَامًا" بألف.
* * *
قال محمد: (٢) والقراءة التي نختارها:"قِيَامًا" بالألف، لأنها القراءة المعروفة في قراءة أمصار الإسلام، وإن كانت الأخرى غير خطأ ولا فاسد. وإنما اخترنا ما اخترنا من ذلك، لأن القراآت إذا اختلفت في الألفاظ واتفقت في المعاني، فأعجبها إلينا ما كان أظهر وأشهر في قَرَأة أمصار الإسلام.
* * *
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله:"قيامًا" قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
٨٥٥٨ - حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال، حدثنا ابن المبارك، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي مالك:"أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا"، التي هي قوامك بعد الله. (٣)
٨٥٥٩ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا"، فإن المال هو
(١) في المطبوعة والمخطوطة: "حلت حيالا" بالحاء، وكأن الصواب ما أثبت.
(٢) هذه هي المرة الثانية التي كتب فيها"قال محمد"- يعني محمد بن جرير الطبري أبا جعفر- مكان: "قال أبو جعفر، وانظر ٥١٩ تعليق: ١، فيما سلف قريبًا.
(٣) الأثر: ٨٥٥٨- هو مختصر الأثر السالف رقم: ٨٥٤٢.
(٢) هذه هي المرة الثانية التي كتب فيها"قال محمد"- يعني محمد بن جرير الطبري أبا جعفر- مكان: "قال أبو جعفر، وانظر ٥١٩ تعليق: ١، فيما سلف قريبًا.
(٣) الأثر: ٨٥٥٨- هو مختصر الأثر السالف رقم: ٨٥٤٢.
569
قيام الناس، قِوَام معايشهم. يقول: كن أنت قيم أهلك، فلا تعط امرأتك [وولدك] مالك، فيكونوا هم الذين يقومون عليك. (١)
٨٥٦٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا" يقول الله سبحانه: لا تعمد إلى مالك وما خوَّلك الله وجعله لك معيشة، فتعطيه امرأتك أو بَنيك، ثم تنظر إلى ما في أيديهم. ولكن أمسك مالك وأصلحه، وكن أنتَ الذي تنفق عليهم في كسوتهم ورزقهم ومؤونتهم. قال: وقوله:"قيامًا"، بمعنى: قوامكم في معايشكم.
٨٥٦١ - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحسن قوله:"قيامًا" قال: قيام عيشك.
٨٥٦٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا بكر بن شرود، عن مجاهد أنه قرأ:"التي جعل الله لكم قيامًا"، بالألف، يقول: قيام عيشك. (٢)
٨٥٦٣ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:
٨٥٦٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا" يقول الله سبحانه: لا تعمد إلى مالك وما خوَّلك الله وجعله لك معيشة، فتعطيه امرأتك أو بَنيك، ثم تنظر إلى ما في أيديهم. ولكن أمسك مالك وأصلحه، وكن أنتَ الذي تنفق عليهم في كسوتهم ورزقهم ومؤونتهم. قال: وقوله:"قيامًا"، بمعنى: قوامكم في معايشكم.
٨٥٦١ - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحسن قوله:"قيامًا" قال: قيام عيشك.
٨٥٦٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا بكر بن شرود، عن مجاهد أنه قرأ:"التي جعل الله لكم قيامًا"، بالألف، يقول: قيام عيشك. (٢)
٨٥٦٣ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:
(١) الأثر: ٨٥٥٩- هو مختصر الأثر السالف رقم: ٨٥٥٤، والزيادة بين القوسين منه وبغيرها لا تستقيم الضمائر. وفي المخطوطة والمطبوعة: "كنت أنت" والصواب"كن أنت" كما أثبتها.
(٢) الأثر: ٨٥٦٢-"إسحاق" في هذا الأثر، هو"إسحاق بن الضيف"، ويقال: "إسحاق ابن إبراهيم بن الضيف، الباهلي"، ثقة. مترجم في التهذيب. وأما "بكر بن شرود" فقد ترجم له البخاري في الكبير ٢ / ١ / ٩٠، وقال: "صنعاني، قال ابن معين: رأيته، ليس بثقة". أما ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ١ / ١ / ٣٣٨، فقد ترجم له باسم: "بكر بن عبد الله بن شروس= ويقال: ابن شرود، الصنعاني"، قال، "روى عن معمر. روى عنه إسحاق بن إبراهيم بن الضيف. سمعت أبي يقول: هو ضعيف الحديث". أما الحافظ ابن حجر، فقد ترجم له في لسان الميزان ٢: ٥٢- ٥٤، وروى عن ابن معين أنه قال: "كذاب، ليس بشيء"، واستوفى الكلام فيه. وأما "مجاهد" فهو"مجاهد" ابن جبر التابعي الإمام المشهور. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "عن ابن مجاهد"، وزيادة"ابن" خطأ لا شك فيه. كأن الناسخ ظنه"ابن مجاهد" القارئ، شيخ الصنعة، أول من سبع القراءات السبعة، وهو متأخر الميلاد. ولد سنة ٢٤٥، وهو"أبو بكر بن مجاهد" ="أحمد بن موسى بن العباس ابن مجاهد التميمي".
(٢) الأثر: ٨٥٦٢-"إسحاق" في هذا الأثر، هو"إسحاق بن الضيف"، ويقال: "إسحاق ابن إبراهيم بن الضيف، الباهلي"، ثقة. مترجم في التهذيب. وأما "بكر بن شرود" فقد ترجم له البخاري في الكبير ٢ / ١ / ٩٠، وقال: "صنعاني، قال ابن معين: رأيته، ليس بثقة". أما ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ١ / ١ / ٣٣٨، فقد ترجم له باسم: "بكر بن عبد الله بن شروس= ويقال: ابن شرود، الصنعاني"، قال، "روى عن معمر. روى عنه إسحاق بن إبراهيم بن الضيف. سمعت أبي يقول: هو ضعيف الحديث". أما الحافظ ابن حجر، فقد ترجم له في لسان الميزان ٢: ٥٢- ٥٤، وروى عن ابن معين أنه قال: "كذاب، ليس بشيء"، واستوفى الكلام فيه. وأما "مجاهد" فهو"مجاهد" ابن جبر التابعي الإمام المشهور. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "عن ابن مجاهد"، وزيادة"ابن" خطأ لا شك فيه. كأن الناسخ ظنه"ابن مجاهد" القارئ، شيخ الصنعة، أول من سبع القراءات السبعة، وهو متأخر الميلاد. ولد سنة ٢٤٥، وهو"أبو بكر بن مجاهد" ="أحمد بن موسى بن العباس ابن مجاهد التميمي".
570
"أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا"، قال: لا تعط السفيه من ولدك شيئًا، هو لك قيِّم من مالك. (١)
* * *
وأما قوله:"وارزقوهم فيها واكسوهم"، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله.
فأما الذين قالوا: إنما عنى الله جل ثناؤه بقوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، [أموالَ] أولياء السفهاء، لا أموال السفهاء، (٢) = فإنهم قالوا:"معنى ذلك: وارزقوا، أيها الناس، سفهاءكم من نسائكم وأولادكم، من أموالكم طعامهم، وما لا بد لهم منه من مُؤَنهم وكسوتهم".
وقد ذكرنا بعض قائلي ذلك فيما مضى، وسنذكر من لم يُذكر من قائليه.
٨٥٦٤ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: أمروا أن يرزقوا سفهاءهم- من أزواجهم وأمهاتهم وبناتهم- من أموالهم.
٨٥٦٥ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
٨٥٦٦ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج عن ابن جريج قال، قال ابن عباس قوله:"وارزقوهم"، قال، يقول: أنفقوا عليهم.
٨٥٦٧ - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وارزقوهم فيها واكسوهم"، يقول: أطعمهم من مالك واكسهم.
* * *
وأما الذين قالوا:"إنما عنى بقوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، أموالَ السفهاء أن لا يؤتيهموها أولياؤهم"، فإنهم قالوا:"معنى قوله:"وارزقوهم فيها
* * *
وأما قوله:"وارزقوهم فيها واكسوهم"، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله.
فأما الذين قالوا: إنما عنى الله جل ثناؤه بقوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، [أموالَ] أولياء السفهاء، لا أموال السفهاء، (٢) = فإنهم قالوا:"معنى ذلك: وارزقوا، أيها الناس، سفهاءكم من نسائكم وأولادكم، من أموالكم طعامهم، وما لا بد لهم منه من مُؤَنهم وكسوتهم".
وقد ذكرنا بعض قائلي ذلك فيما مضى، وسنذكر من لم يُذكر من قائليه.
٨٥٦٤ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: أمروا أن يرزقوا سفهاءهم- من أزواجهم وأمهاتهم وبناتهم- من أموالهم.
٨٥٦٥ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
٨٥٦٦ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج عن ابن جريج قال، قال ابن عباس قوله:"وارزقوهم"، قال، يقول: أنفقوا عليهم.
٨٥٦٧ - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وارزقوهم فيها واكسوهم"، يقول: أطعمهم من مالك واكسهم.
* * *
وأما الذين قالوا:"إنما عنى بقوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"، أموالَ السفهاء أن لا يؤتيهموها أولياؤهم"، فإنهم قالوا:"معنى قوله:"وارزقوهم فيها
(١) الأثر: ٨٥٦٣- انظر الأثر السالف رقم: ٨٥٤٥، اختلف لفظاهما مع اتفاق إسنادهما.
(٢) هذه الزيادة بين القوسين، استظهرتها من السياق، وأثبتها للبيان. وكأن ذلك هو الصواب.
(٢) هذه الزيادة بين القوسين، استظهرتها من السياق، وأثبتها للبيان. وكأن ذلك هو الصواب.
571
واكسوهم"، وارزقوا، أيها الولاة ولاةَ أموال السفهاء، سفهاءكم من أموالهم، طعامهم وما لا بد لهم من مؤنهم وكسوتهم. وقد مضى ذكر ذلك. (١)
* * *
قال أبو جعفر: وأما الذي نراه صوابًا في قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم" من التأويل، فقد ذكرناه، ودللنا على صحة ما قلنا في ذلك بما أغنى عن إعادته.
* * *
فتأويل قوله:"وارزقوهم فيها واكسوهم"، على التأويل الذي قلنا في قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"= وأنفقوا على سفهائكم من أولادكم ونسائكم الذين تجب عليكم نفقتهم من طعامهم وكسوتهم في أموالكم، ولا تسلِّطوهم على أموالكم فيهلكوها= وعلى سفهائكم منهم، ممن لا تجب عليكم نفقته، ومن غيرهم الذين تَلُون أنتم أمورهم، من أموالهم فيما لا بد لهم من مؤنهم في طعامهم وشرابهم وكسوتهم. (٢) لأن ذلك هو الواجب من الحكم في قول جميع الحجة، لا خلاف بينهم في ذلك، مع دلالة ظاهر التنزيل على ما قلنا في ذلك.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفًا (٥) ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك:
فقال بعضهم: معنى ذلك: عِدْهم عِدَة جميلة من البرِّ والصلة.
* ذكر من قال ذلك:
٨٥٦٨ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى،
* * *
قال أبو جعفر: وأما الذي نراه صوابًا في قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم" من التأويل، فقد ذكرناه، ودللنا على صحة ما قلنا في ذلك بما أغنى عن إعادته.
* * *
فتأويل قوله:"وارزقوهم فيها واكسوهم"، على التأويل الذي قلنا في قوله:"ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"= وأنفقوا على سفهائكم من أولادكم ونسائكم الذين تجب عليكم نفقتهم من طعامهم وكسوتهم في أموالكم، ولا تسلِّطوهم على أموالكم فيهلكوها= وعلى سفهائكم منهم، ممن لا تجب عليكم نفقته، ومن غيرهم الذين تَلُون أنتم أمورهم، من أموالهم فيما لا بد لهم من مؤنهم في طعامهم وشرابهم وكسوتهم. (٢) لأن ذلك هو الواجب من الحكم في قول جميع الحجة، لا خلاف بينهم في ذلك، مع دلالة ظاهر التنزيل على ما قلنا في ذلك.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفًا (٥) ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك:
فقال بعضهم: معنى ذلك: عِدْهم عِدَة جميلة من البرِّ والصلة.
* ذكر من قال ذلك:
٨٥٦٨ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى،
(١) انظر الأثر: رقم: ٨٥٥٧.
(٢) انظر تفسير"الرزق" فيما سلف ٤: ٢٧٤ / ٥: ٤٤ / ٦: ٣١١ = وتفسير"الكسوة" فيما سلف ٥: ٤٤، ٤٨٠.
(٢) انظر تفسير"الرزق" فيما سلف ٤: ٢٧٤ / ٥: ٤٤ / ٦: ٣١١ = وتفسير"الكسوة" فيما سلف ٥: ٤٤، ٤٨٠.
572
عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"وقولوا لهم قولا معروفًا"، قال: أمروا أن يقولوا لهم قولا معروفًا في البر والصلة= يعني النساء، وهن السفهاء عنده.
٨٥٦٩ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد:"وقولوا لهم قولا معروفًا"، قال: عِدَةً تَعِدُهم. (١)
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ادعوا لهم.
* ذكر من قال ذلك:
٨٥٧٠ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"وقولوا لهم قولا معروفًا"، إن كان ليس من ولدك ولا ممن يجب عليك أن تنفق عليه، فقل لهم قولا معروفًا، قل لهم:"عافانا الله وإياك"،"وبارك الله فيك".
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال في ذلك بالصحة، ما قاله ابن جريج. وهو أن معنى قوله:"وقولوا لهم قولا معروفًا"، أي: قولوا، يا معشر ولاة السفهاء، قولا معروفًا للسفهاء:"إن صَلحتم ورشدتم سلَّمنا إليكم أموالكم، وخلَّينا بينكم وبينها، فاتقوا الله في أنفسكم وأموالكم"، وما أشبه ذلك من القول الذي فيه حث على طاعة الله، ونهي عن معصيته. (٢)
* * *
٨٥٦٩ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد:"وقولوا لهم قولا معروفًا"، قال: عِدَةً تَعِدُهم. (١)
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ادعوا لهم.
* ذكر من قال ذلك:
٨٥٧٠ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"وقولوا لهم قولا معروفًا"، إن كان ليس من ولدك ولا ممن يجب عليك أن تنفق عليه، فقل لهم قولا معروفًا، قل لهم:"عافانا الله وإياك"،"وبارك الله فيك".
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال في ذلك بالصحة، ما قاله ابن جريج. وهو أن معنى قوله:"وقولوا لهم قولا معروفًا"، أي: قولوا، يا معشر ولاة السفهاء، قولا معروفًا للسفهاء:"إن صَلحتم ورشدتم سلَّمنا إليكم أموالكم، وخلَّينا بينكم وبينها، فاتقوا الله في أنفسكم وأموالكم"، وما أشبه ذلك من القول الذي فيه حث على طاعة الله، ونهي عن معصيته. (٢)
* * *
(١) في المطبوعة: "تعدوهم"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) انظر تفسير"المعروف" فيما سلف ٣: ٣٧١ / ٤: ٥٤٧ / ٥: ٧، ٤٤، ٧٦، ٩٣ ١٣٧ / ٧: ٩١، ١٠٥، ١٣٠= وتفسير"قول معروف" فيما سلف ٥: ٥٢٠.
(٢) انظر تفسير"المعروف" فيما سلف ٣: ٣٧١ / ٤: ٥٤٧ / ٥: ٧، ٤٤، ٧٦، ٩٣ ١٣٧ / ٧: ٩١، ١٠٥، ١٣٠= وتفسير"قول معروف" فيما سلف ٥: ٥٢٠.
573
القول في تأويل قوله جل ثناؤه: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"وابتلوا اليتامى"، واختبروا عقول يتاماكم في أفهامهم، وصلاحهم في أديانهم، وإصلاحهم أموالهم، كما:-
٨٥٧١ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة والحسن في قوله:"وابتلوا اليتامى"، قالا يقول: اختبروا اليتامى.
٨٥٧٢ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أما"ابتلوا اليتامى"، فجرِّبوا عقولهم.
٨٥٧٣ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"وابتلوا اليتامى"، قال: عقولهم.
٨٥٧٤ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"وابتلوا اليتامى"، قال: اختبروهم.
٨٥٧٥ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح"، قال: اختبروه في رأيه وفي عقله كيف هو. إذا عُرِف أنه قد أُنِس منه رُشد، دفع ليه ماله. قال: وذلك بعد الاحتلام.
* * *
قال أبو جعفر: وقد دللنا فيما مضى قبل على أن معنى"الابتلاء" الاختبار، بما فيه الكفاية عن إعادته. (١)
* * *
وأمّا قوله:"إذا بلغوا النكاح"، فإنه يعني: إذا بلغوا الحلم: كما:-
٨٥٧٦ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"وابتلوا اليتامى"، واختبروا عقول يتاماكم في أفهامهم، وصلاحهم في أديانهم، وإصلاحهم أموالهم، كما:-
٨٥٧١ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة والحسن في قوله:"وابتلوا اليتامى"، قالا يقول: اختبروا اليتامى.
٨٥٧٢ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أما"ابتلوا اليتامى"، فجرِّبوا عقولهم.
٨٥٧٣ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"وابتلوا اليتامى"، قال: عقولهم.
٨٥٧٤ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"وابتلوا اليتامى"، قال: اختبروهم.
٨٥٧٥ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح"، قال: اختبروه في رأيه وفي عقله كيف هو. إذا عُرِف أنه قد أُنِس منه رُشد، دفع ليه ماله. قال: وذلك بعد الاحتلام.
* * *
قال أبو جعفر: وقد دللنا فيما مضى قبل على أن معنى"الابتلاء" الاختبار، بما فيه الكفاية عن إعادته. (١)
* * *
وأمّا قوله:"إذا بلغوا النكاح"، فإنه يعني: إذا بلغوا الحلم: كما:-
٨٥٧٦ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن
(١) انظر تفسير"الابتلاء" فيما سلف ٢: ٤٩ / ٣: ٧، ٢٢٠ / ٥: ٣٣٩ / ٧: ٢٩٧، ٣٢٥، ٤٥٤.
574
ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"حتى إذا بلغوا النكاح"، حتى إذا احتلموا.
٨٥٧٧ - حدثني علي بن داود قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"حتى إذا بلغوا النكاح"، قال: عند الحلم.
٨٥٧٨ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"حتى إذا بلغوا النكاح"، قال: الحلم.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا﴾
قال أبو جعفر: يعني قوله:"فإن آنستم منهم رُشدًا"، فإن وجدتم منهم وعرفتم، كما:-
٨٥٧٩ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"فإن آنستم منهم رشدًا"، قال: عرفتم منهم.
* * *
يقال:"آنست من فلان خيرًا- وبِرًا"= (١) بمد الألف="إيناسًا"، و"أنست به آنَسُ أُنْسًا"، بقصر ألفها، إذا ألِفه.
* * *
وقد ذكر أنها في قراءة عبد الله: (فإن أحسيتم منهم رشدا)، (٢) بمعنى: أحسستم، أي: وجدتم.
* * *
٨٥٧٧ - حدثني علي بن داود قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"حتى إذا بلغوا النكاح"، قال: عند الحلم.
٨٥٧٨ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"حتى إذا بلغوا النكاح"، قال: الحلم.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا﴾
قال أبو جعفر: يعني قوله:"فإن آنستم منهم رُشدًا"، فإن وجدتم منهم وعرفتم، كما:-
٨٥٧٩ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"فإن آنستم منهم رشدًا"، قال: عرفتم منهم.
* * *
يقال:"آنست من فلان خيرًا- وبِرًا"= (١) بمد الألف="إيناسًا"، و"أنست به آنَسُ أُنْسًا"، بقصر ألفها، إذا ألِفه.
* * *
وقد ذكر أنها في قراءة عبد الله: (فإن أحسيتم منهم رشدا)، (٢) بمعنى: أحسستم، أي: وجدتم.
* * *
(١) في المطبوعة: "آنست من فلان خيرًا وقرئ بمد الألف"، لم يحسن قراءة"وبرًا" في المخطوطة، فأفسد الكلام إفسادًا.
(٢) في معاني القرآن للفراء ١: ٢٥٧: "فإن أحستم" بسين واحدة ساكنة، وفي بعض نسخه كما في تفسير الطبري، أما في المخطوطة فقد كتب في الموضعين: "أحسستم" بسينين، وهو خطأ، والصواب ما في المطبوعة، وما في معاني القرآن للفراء.
(٢) في معاني القرآن للفراء ١: ٢٥٧: "فإن أحستم" بسين واحدة ساكنة، وفي بعض نسخه كما في تفسير الطبري، أما في المخطوطة فقد كتب في الموضعين: "أحسستم" بسينين، وهو خطأ، والصواب ما في المطبوعة، وما في معاني القرآن للفراء.
575
واختلف أهل التأويل في معنى:"الرشد" الذي ذكره الله في هذه الآية. (١)
فقال بعضهم: معنى"الرشد" في هذا الموضع، العقل والصلاح في الدين.
* ذكر من قال ذلك:
٨٥٨٠ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"فإن آنستم منهم رشدًا"، عقولا وصلاحًا.
٨٥٨١ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"فإن آنستم منهم رشدًا"، يقول: صلاحًا في عقله ودينه.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: صلاحًا في دينهم، وإصلاحًا لأموالهم.
* ذكر من قال ذلك:
٨٥٨٢ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثني أبي، عن مبارك، عن الحسن قال: رشدًا في الدين، وصلاحًا، وحفظًا للمال.
٨٥٨٣ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"فإن آنستم منهم رشدًا"، في حالهم، والإصلاحَ في أموالهم.
* * *
وقال آخرون: بل ذلك العقلُ، خاصة.
* ذكر من قال ذلك:
٨٥٨٤ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد قال: لا ندفع إلى اليتيم ماله وإن أخذ بلحيته، (٢) وإن كان شيخًا، حتى يؤنس منه رشده، العقل.
فقال بعضهم: معنى"الرشد" في هذا الموضع، العقل والصلاح في الدين.
* ذكر من قال ذلك:
٨٥٨٠ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"فإن آنستم منهم رشدًا"، عقولا وصلاحًا.
٨٥٨١ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"فإن آنستم منهم رشدًا"، يقول: صلاحًا في عقله ودينه.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: صلاحًا في دينهم، وإصلاحًا لأموالهم.
* ذكر من قال ذلك:
٨٥٨٢ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثني أبي، عن مبارك، عن الحسن قال: رشدًا في الدين، وصلاحًا، وحفظًا للمال.
٨٥٨٣ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"فإن آنستم منهم رشدًا"، في حالهم، والإصلاحَ في أموالهم.
* * *
وقال آخرون: بل ذلك العقلُ، خاصة.
* ذكر من قال ذلك:
٨٥٨٤ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد قال: لا ندفع إلى اليتيم ماله وإن أخذ بلحيته، (٢) وإن كان شيخًا، حتى يؤنس منه رشده، العقل.
(١) انظر تفسير"الرشد" فيما سلف ٣: ٤٨٢ / ٥: ٤١٦.
(٢) قوله: "أخذ بلحيته" يعني: الشيب أخذ بلحيته، وانظر الأثر التالي: ٨٥٨٦.
(٢) قوله: "أخذ بلحيته" يعني: الشيب أخذ بلحيته، وانظر الأثر التالي: ٨٥٨٦.
576
٨٥٨٥ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد:"آنستم منهم رشدًا"، قال: العقل.
٨٥٨٦ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا أبو شبرمة، عن الشعبي قال: سمعته يقول: إن الرجل ليأخُذُ بلحيته وما بلغ رُشده. (١)
* * *
وقال آخرون: بل هو الصلاح والعلم بما يصلحه.
* ذكر من قال ذلك:
٨٥٨٧ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:"فإن آنستم منهم رشدًا"، قال: صلاحًا وعلمًا بما يصلحه.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال عندي بمعنى"الرشد" في هذا الموضع، العقل وإصلاح المال (٢) = لإجماع الجميع على أنه إذا كان كذلك، لم يكن ممن يستحق الحجرَ عليه في ماله، وحَوْزَ ما في يده عنه، وإن كان فاجرًا في دينه. وإذْ كان ذلك إجماعًا من الجميع، فكذلك حكمه إذا بلغ وله مال في يَدي وصيِّ أبيه، أو في يد حاكم قد وَلي ماله لطفولته= واجبٌ عليه تسليم ماله إليه، إذا كان عاقلا بالغًا، مصلحًا لماله= غير مفسد، لأن المعنى الذي به يستحق أن يولَّى على ماله الذي هو في يده، هو المعنى الذي به يستحق أن يمنع يده من ماله الذي هو في يد وليّ، (٣) فإنه لا فرق بين ذلك.
وفي إجماعهم على أنه غير جائز حيازة ما في يده في حال صحة عقله وإصلاح
٨٥٨٦ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا أبو شبرمة، عن الشعبي قال: سمعته يقول: إن الرجل ليأخُذُ بلحيته وما بلغ رُشده. (١)
* * *
وقال آخرون: بل هو الصلاح والعلم بما يصلحه.
* ذكر من قال ذلك:
٨٥٨٧ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:"فإن آنستم منهم رشدًا"، قال: صلاحًا وعلمًا بما يصلحه.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال عندي بمعنى"الرشد" في هذا الموضع، العقل وإصلاح المال (٢) = لإجماع الجميع على أنه إذا كان كذلك، لم يكن ممن يستحق الحجرَ عليه في ماله، وحَوْزَ ما في يده عنه، وإن كان فاجرًا في دينه. وإذْ كان ذلك إجماعًا من الجميع، فكذلك حكمه إذا بلغ وله مال في يَدي وصيِّ أبيه، أو في يد حاكم قد وَلي ماله لطفولته= واجبٌ عليه تسليم ماله إليه، إذا كان عاقلا بالغًا، مصلحًا لماله= غير مفسد، لأن المعنى الذي به يستحق أن يولَّى على ماله الذي هو في يده، هو المعنى الذي به يستحق أن يمنع يده من ماله الذي هو في يد وليّ، (٣) فإنه لا فرق بين ذلك.
وفي إجماعهم على أنه غير جائز حيازة ما في يده في حال صحة عقله وإصلاح
(١) الأثر: ٨٥٨٦-"أبو شبرمة" كنية"ابن شبرمة"، وهو القاضي الفقيه المفتي"عبد الله بن شبرمة بن حسان الضبي". وكان عفيفًا حازمًا عاقلا فقيها، يشبه النساك، ثقة في الحديث، شاعرًا، حسن الخلق، جوادا.. هكذا وصفوه رحمه الله.
(٢) انظر التعليق السالف ص: ٥٧٦، تعليق: ١، في مراجع تفسير"الرشد".
(٣) في المخطوطة والمطبوعة: "في يد ولي"، والصواب حذف هذه الهاء، فإنه مفسدة للكلام ولو قرئت: "في يد وليه" لكانت جيدة.
(٢) انظر التعليق السالف ص: ٥٧٦، تعليق: ١، في مراجع تفسير"الرشد".
(٣) في المخطوطة والمطبوعة: "في يد ولي"، والصواب حذف هذه الهاء، فإنه مفسدة للكلام ولو قرئت: "في يد وليه" لكانت جيدة.
577
ما في يده، الدليلُ الواضح على أنه غير جائز منْع يده مما هو له في مثل ذلك الحال، وإن كان قبل ذلك في يد غيره، لا فرْق بينهما. ومن فرَّق بين ذلك، عُكِس عليه القول في ذلك، وسئل الفرق بينهما من أصل أو نظير، فلن يقول في أحدهما قولا إلا ألزم في الآخر مثله.
فإذ كان ما وصفنا من الجميع إجماعًا، (١) فبيُّنٌ أن"الرشد" الذي به يستحق اليتيم، إذا بلغ فأونس منه، دَفْعَ ماله إليه، ما قلنا من صحة عقله وإصلاح ماله.
* * *
القول في تأويل قوله جل ثناؤه: ﴿فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره ولاةَ أموال اليتامى. يقول الله لهم: فإذا بلغ أيتامكم الحلم، فآنستم منهم عقلا وإصلاحًا لأموالهم، فادفعوا إليهم أموالهم، ولا تحبسوها عنهم.
* * *
وأما قوله:"فلا تأكلوها إسرافًا"، يعني: بغير ما أباحه الله لك، (٢) كما:-
٨٥٨٨ - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة والحسن:"ولا تأكلوها إسرافًا"، يقول: لا تسرف فيها.
٨٥٨٩ - حدثنا محمد بن الحسين قال، (٣) حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا
فإذ كان ما وصفنا من الجميع إجماعًا، (١) فبيُّنٌ أن"الرشد" الذي به يستحق اليتيم، إذا بلغ فأونس منه، دَفْعَ ماله إليه، ما قلنا من صحة عقله وإصلاح ماله.
* * *
القول في تأويل قوله جل ثناؤه: ﴿فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره ولاةَ أموال اليتامى. يقول الله لهم: فإذا بلغ أيتامكم الحلم، فآنستم منهم عقلا وإصلاحًا لأموالهم، فادفعوا إليهم أموالهم، ولا تحبسوها عنهم.
* * *
وأما قوله:"فلا تأكلوها إسرافًا"، يعني: بغير ما أباحه الله لك، (٢) كما:-
٨٥٨٨ - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة والحسن:"ولا تأكلوها إسرافًا"، يقول: لا تسرف فيها.
٨٥٨٩ - حدثنا محمد بن الحسين قال، (٣) حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا
(١) في المطبوعة: "فإن كان ما وصفنا"، والصواب من المخطوطة.
(٢) في المطبوعة: "أباحه الله لكم" بالجمع، وأثبت ما في المخطوطة. وانظر تفسير "أكل المال" فيما سلف ٣: ٥٤٨- ٥٥١ / ٧: ٥٢٨.
(٣) الأثر: ٨٥٨٩-"محمد بن الحسين بن موسى بن أبي حنين الكوفي"، مضت ترجمته برقم: ٧١٢٠، وكان في المخطوطة والمطبوعة: "محمد بن الحسن"، وهو خطأ، فهذا إسناد دائر في التفسير.
(٢) في المطبوعة: "أباحه الله لكم" بالجمع، وأثبت ما في المخطوطة. وانظر تفسير "أكل المال" فيما سلف ٣: ٥٤٨- ٥٥١ / ٧: ٥٢٨.
(٣) الأثر: ٨٥٨٩-"محمد بن الحسين بن موسى بن أبي حنين الكوفي"، مضت ترجمته برقم: ٧١٢٠، وكان في المخطوطة والمطبوعة: "محمد بن الحسن"، وهو خطأ، فهذا إسناد دائر في التفسير.
578
أسباط، عن السدي:"ولا تأكلوها إسرافًا"، قال: يسرف في الأكل.
وأصل"الإسراف": تجاوز الحد المباح إلى ما لم يُبَحْ. وربما كان ذلك في الإفراط، وربما كان في التقصير. غير أنه إذا كان في الإفراط، فاللغة المستعملة فيه أن يقال:"أسْرف يُسرف إسرافًا"= وإذا كان كذلك في التقصير، فالكلام منه:"سَرِف يَسْرَفُ سَرَفًا"، يقال:"مررت بكم فسَرَفْتكم"، يراد منه: فسهوت عنكم وأخطأتكم، كما قال الشاعر: (١)
يعني بقوله:"ولا سرف"، لا خطأ فيه، يراد به: أنهم يصيبون مواضع العطاء فلا يخطئونها.
* * *
وأصل"الإسراف": تجاوز الحد المباح إلى ما لم يُبَحْ. وربما كان ذلك في الإفراط، وربما كان في التقصير. غير أنه إذا كان في الإفراط، فاللغة المستعملة فيه أن يقال:"أسْرف يُسرف إسرافًا"= وإذا كان كذلك في التقصير، فالكلام منه:"سَرِف يَسْرَفُ سَرَفًا"، يقال:"مررت بكم فسَرَفْتكم"، يراد منه: فسهوت عنكم وأخطأتكم، كما قال الشاعر: (١)
أَعْطَوْا هُنَيْدَةَ يَحْدُوهَا ثَمَانِيَةٌ | مَا فِي عَطَائِهِمُ مَنٌّ وَلا سَرَفُ (٢) |
* * *
(١) هو جرير.
(٢) ديوانه: ٣٨٩، وطبقات فحول الشعراء: ٣٥٩، والاشتقاق: ٢٤١، واللسان (هند) (سرف)، وغيرها، وسيأتي في التفسير ٨: ٤٦ / ٣٠: ١٥٩ (بولاق)، من قصيدته التي مدح بها يزيد بن عبد الملك، وهجا آل المهلب، يقول ليزيد، قبله:
وقوله: "هنيدة" اسم لكل مئة من الإبل، لا تصرف، ولا تدخلها الألف واللام، ولا تجمع، ولا واحد لها من جنسها. و"هند" مثلها في المعنى، وبه سميت المرأة فيما أرجح، تساق في مهرها مئة من الإبل، من كرامتها وعزها ورغبة الأزواج فيها لشرفها. وقوله: "ثمانية" أي ثمانية من العبيد يقومون بأمرها.
(٢) ديوانه: ٣٨٩، وطبقات فحول الشعراء: ٣٥٩، والاشتقاق: ٢٤١، واللسان (هند) (سرف)، وغيرها، وسيأتي في التفسير ٨: ٤٦ / ٣٠: ١٥٩ (بولاق)، من قصيدته التي مدح بها يزيد بن عبد الملك، وهجا آل المهلب، يقول ليزيد، قبله:
أرْجُو الفَوَاضِلَ إِنَّ الله فَضَّلَكُمْ | يَا قَبْل نَفْسِكَ لاقَى نَفْسِيَ التَّلَفُ |
مَا مَنْ جَفَانَا إذَا حَاجَاتُنَا نَزَلَتْ | كَمنْ لَنَا عِنْدَه التكْرِيمُ واللَّطَفُ |
كَمْ قَد نَزَلْتُ بِكُمْ ضَيْفًا، فَتُلْحِفُنِي | فَضْلَ اللِّحَافِ، وَنِعْمَ الفَضْلُ يُلْتَحَفُ |
579
القول في تأويل قوله: ﴿وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"وبدارًا"، ومبادرة. وهو مصدر من قول القائل:"بادرت هذا الأمر مبادرة وبِدارًا".
* * *
وإنما يعني بذلك جل ثناؤه ولاةَ أموال اليتامى. يقول لهم: لا تأكلوا أموالهم إسرافًا -يعني ما أباح الله لكم أكله- ولا مبادرة منكم بلوغَهم وإيناسَ الرشد منهم، حذرًا أن يبلغوا فيلزمكم تسليمه إليهم، كما:-
٨٥٩٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"إسرافًا وبدارًا"، يعني: أكل مال اليتيم مبادرًا أن يبلغ، فيحول بينه وبين ماله.
٨٥٩١ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة والحسن:"ولا تأكلوها إسرافًا وبدارًا"، يقول: لا تسرف فيها ولا تبادره. (١)
٨٥٩٢ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وبدارًا"، تبادرًا أن يكبروا فيأخذوا أموالهم.
٨٥٩٣ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"إسرافًا وبدارًا"، قال: هذه لولي اليتيم يأكله، جعلوا له أن يأكل معه، إذا لم يجد شيئًا يضع يده معه، فيذهب يؤخره، يقول:"لا أدفع إليه ماله"، وجعلتَ تأكله تشتهي أكله، لأنك إذا لم تدفعه إليه لك فيه نصيب، وإذا دفعته إليه فليس لك فيه نصيب. (٢)
* * *
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"وبدارًا"، ومبادرة. وهو مصدر من قول القائل:"بادرت هذا الأمر مبادرة وبِدارًا".
* * *
وإنما يعني بذلك جل ثناؤه ولاةَ أموال اليتامى. يقول لهم: لا تأكلوا أموالهم إسرافًا -يعني ما أباح الله لكم أكله- ولا مبادرة منكم بلوغَهم وإيناسَ الرشد منهم، حذرًا أن يبلغوا فيلزمكم تسليمه إليهم، كما:-
٨٥٩٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"إسرافًا وبدارًا"، يعني: أكل مال اليتيم مبادرًا أن يبلغ، فيحول بينه وبين ماله.
٨٥٩١ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة والحسن:"ولا تأكلوها إسرافًا وبدارًا"، يقول: لا تسرف فيها ولا تبادره. (١)
٨٥٩٢ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وبدارًا"، تبادرًا أن يكبروا فيأخذوا أموالهم.
٨٥٩٣ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"إسرافًا وبدارًا"، قال: هذه لولي اليتيم يأكله، جعلوا له أن يأكل معه، إذا لم يجد شيئًا يضع يده معه، فيذهب يؤخره، يقول:"لا أدفع إليه ماله"، وجعلتَ تأكله تشتهي أكله، لأنك إذا لم تدفعه إليه لك فيه نصيب، وإذا دفعته إليه فليس لك فيه نصيب. (٢)
* * *
(١) في المطبوعة: "ولا تبادر" بغير هاء في آخره، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) كانت هذه الجملة في المخطوطة هكذا فاسدة الكتابة غير منقوطة: "هذه لولى اليتيم يأكله جعلوا له أن يأكل معه إذا لم يجد سببا يضع معه يده، فذهب دوحره يقول لا أدفع إليه ماله وجعلت تأكله لسهى أكله، لأنك لم تدفعه إليه... "، وهي فاسدة. أما المطبوعة فقد صححها وكتب: "هذه لولي اليتيم خاصة وجعل له"، وأساء فيما قرأ وفيما كتب. ثم كتب"فيذهب بوجهه" مكان"يؤخره"، وقد أساء. ثم زاد"إن" في قوله: "لأنك لم تدفعه إليه"فجعلها""لأنك إن لم تدفعه إليه"، وقد أصاب، ولكني آثرت"إذا".
(٢) كانت هذه الجملة في المخطوطة هكذا فاسدة الكتابة غير منقوطة: "هذه لولى اليتيم يأكله جعلوا له أن يأكل معه إذا لم يجد سببا يضع معه يده، فذهب دوحره يقول لا أدفع إليه ماله وجعلت تأكله لسهى أكله، لأنك لم تدفعه إليه... "، وهي فاسدة. أما المطبوعة فقد صححها وكتب: "هذه لولي اليتيم خاصة وجعل له"، وأساء فيما قرأ وفيما كتب. ثم كتب"فيذهب بوجهه" مكان"يؤخره"، وقد أساء. ثم زاد"إن" في قوله: "لأنك لم تدفعه إليه"فجعلها""لأنك إن لم تدفعه إليه"، وقد أصاب، ولكني آثرت"إذا".
580
وموضع"أن" في قوله:"أن يكبروا" نصبٌ بـ"المبادرة"، لأن معنى الكلام: لا تأكلوها مبادرة كِبرهم. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"ومن كان غنيًّا"، من ولاة أموال اليتامى على أموالهم، فليستعفف بماله عن أكلها -بغير الإسراف والبدار أن يكبروا- بما أباح الله له أكلها به، كما:-
٨٥٩٤ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش =وابن أبي ليلى، عن الحكم= عن مقسم، عن ابن عباس في قوله:"ومن كان غنيًّا فليستعفف"، قال: بغناه من ماله، (٢) حتى يستغنى عن مال اليتيم.
٨٥٩٥ - وبه قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم في قوله:"ومن كان غنيًّا فليستعفف" بغناه.
٨٥٩٦ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن ليث، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس في قوله:
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"ومن كان غنيًّا"، من ولاة أموال اليتامى على أموالهم، فليستعفف بماله عن أكلها -بغير الإسراف والبدار أن يكبروا- بما أباح الله له أكلها به، كما:-
٨٥٩٤ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش =وابن أبي ليلى، عن الحكم= عن مقسم، عن ابن عباس في قوله:"ومن كان غنيًّا فليستعفف"، قال: بغناه من ماله، (٢) حتى يستغنى عن مال اليتيم.
٨٥٩٥ - وبه قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم في قوله:"ومن كان غنيًّا فليستعفف" بغناه.
٨٥٩٦ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن ليث، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس في قوله:
(١) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٥٧.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "لغناه عن ماله"، والصواب بالباء.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "لغناه عن ماله"، والصواب بالباء.
581
"ومن كان غنيًا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، قال: من مال نفسه، ومن كان فقيرًا منهم، إليها محتاجًا، فليأكل بالمعروف.
* * *
قال أبو جعفر: ثم اختلف أهل التأويل في"المعروف" الذي أذن الله جل ثناؤه لولاة أموالهم أكلها به، إذا كانوا أهل فقر وحاجة إليها. (١)
فقال بعضهم: ذلك هو القرضُ يستقرضه من ماله ثم يقضيه.
* ذكر من قال ذلك:
٨٥٩٧ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن سفيان وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مُضَرِّب قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنّي أنزلت مالَ الله تعالى مني بمنزلة مال اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف، فإذا أيسرت قضيت. (٢)
٨٥٩٨ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن عطية، عن زهير، عن العلاء بن المسيب، عن حماد، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، قال: وهو القرض.
٨٥٩٩ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر قال، سمعت يونس، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة السلماني، أنه قال في هذه الآية:"ومن كان غنيًا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، قال: الذي ينفق من مال اليتيم، يكون عليه قرضًا.
٨٦٠٠ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا سلمة بن علقمة، عن محمد بن سيرين قال، سألت عبيدة عن قوله:"ومن
* * *
قال أبو جعفر: ثم اختلف أهل التأويل في"المعروف" الذي أذن الله جل ثناؤه لولاة أموالهم أكلها به، إذا كانوا أهل فقر وحاجة إليها. (١)
فقال بعضهم: ذلك هو القرضُ يستقرضه من ماله ثم يقضيه.
* ذكر من قال ذلك:
٨٥٩٧ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن سفيان وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مُضَرِّب قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنّي أنزلت مالَ الله تعالى مني بمنزلة مال اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف، فإذا أيسرت قضيت. (٢)
٨٥٩٨ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن عطية، عن زهير، عن العلاء بن المسيب، عن حماد، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، قال: وهو القرض.
٨٥٩٩ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر قال، سمعت يونس، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة السلماني، أنه قال في هذه الآية:"ومن كان غنيًا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، قال: الذي ينفق من مال اليتيم، يكون عليه قرضًا.
٨٦٠٠ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا سلمة بن علقمة، عن محمد بن سيرين قال، سألت عبيدة عن قوله:"ومن
(١) انظر تفسير"المعروف" فيما سلف ص: ٥٧٣ تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٢) الأثر: ٨٥٩٧-"حارثة بن مضرب الكوفي"، روى عن عمر، وعلي، وروى عنه أبو إسحاق السبيعي. مترجم في التهذيب، والكبير ٢ / ١ / ٨٧، وابن أبي حاتم ١ / ٢ / ٢٥٥. وكان في المخطوطة والمطبوعة: "حارثة بن مصرف"، وهو خطأ وتصحيف.
(٢) الأثر: ٨٥٩٧-"حارثة بن مضرب الكوفي"، روى عن عمر، وعلي، وروى عنه أبو إسحاق السبيعي. مترجم في التهذيب، والكبير ٢ / ١ / ٨٧، وابن أبي حاتم ١ / ٢ / ٢٥٥. وكان في المخطوطة والمطبوعة: "حارثة بن مصرف"، وهو خطأ وتصحيف.
582
كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، قال: إنما هو قرض، ألا ترى أنه قال:"فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم"؟ قال: فظننت أنه قالها برأيه.
٨٦٠١ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا هشام، عن محمد، عن عبيدة في قوله:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، وهو عليه قرض.
٨٦٠٢ - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم، عن سلمة بن علقمة، عن ابن سيرين، عن عبيدة في قوله:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، قال: المعروف القرض، ألا ترى إلى قوله:"فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم"؟ (١)
٨٦٠٣ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، حدثنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة= مثل حديث هشام. (٢)
٨٦٠٤ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، يعني القرض.
٨٦٠٥ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، يقول: إن كان غنيًّا، فلا يحل له من مال اليتيم أن يأكل منه شيئًا، وإن كان فقيرًا فليستقرض منه، فإذا وجد مَيْسرة فليعطه ما استقرض منه، فذلك أكله بالمعروف.
٨٦٠١ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا هشام، عن محمد، عن عبيدة في قوله:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، وهو عليه قرض.
٨٦٠٢ - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم، عن سلمة بن علقمة، عن ابن سيرين، عن عبيدة في قوله:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، قال: المعروف القرض، ألا ترى إلى قوله:"فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم"؟ (١)
٨٦٠٣ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، حدثنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة= مثل حديث هشام. (٢)
٨٦٠٤ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، يعني القرض.
٨٦٠٥ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، يقول: إن كان غنيًّا، فلا يحل له من مال اليتيم أن يأكل منه شيئًا، وإن كان فقيرًا فليستقرض منه، فإذا وجد مَيْسرة فليعطه ما استقرض منه، فذلك أكله بالمعروف.
(١) الأثر: ٨٦٠٢-"سلمة بن علقمة التميمي"، روى عن محمد بن سيرين. ثقة. مترجم في التهذيب. وكان في المخطوطة والمطبوعة: "سلمة عن علقمة"، وهو خطأ، وانظر الإسناد السالف رقم: ٨٦٠٠، جاء على الصواب.
(٢) يعني رقم: ٨٦٠١.
(٢) يعني رقم: ٨٦٠١.
583
٨٦٠٦ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، سمعت أبي يذكر، عن حماد، عن سعيد بن جبير قال: يأكل قرضًا بالمعروف. (١)
٨٦٠٧ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حجاج، عن سعيد بن جبير قال: هو القرض، ما أصاب منه من شيء قضاه إذا أيسر= يعني قوله:"ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف".
٨٦٠٨ - حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن هشام الدستوائي قال، حدثنا حماد قال، سألت سعيد بن جبير عن هذه الآية:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، قال: إن أخذ من ماله قدر قوته قرضًا، فإن أيسر بعدُ قضاه، وإن حضره الموت ولم يوسر، تحلَّله من اليتيم. وإن كان صغيرًا تحلله من وليه. (٢)
٨٦٠٩ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا شعبة، عن حماد، عن سعيد بن جبير: فليأكل قرضًا. (٣)
٨٦١٠ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن حماد، عن سعيد بن جبير:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، قال: هو القرض.
٨٦١١ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عمرو بن أبي قيس، عن عطاء بن السائب، عن الشعبي:"ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، قال: لا يأكله إلا أن يضطر إليه كما يضطر إلى الميتة، فإن أكل منه شيئًا قضاه.
٨٦٠٧ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حجاج، عن سعيد بن جبير قال: هو القرض، ما أصاب منه من شيء قضاه إذا أيسر= يعني قوله:"ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف".
٨٦٠٨ - حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن هشام الدستوائي قال، حدثنا حماد قال، سألت سعيد بن جبير عن هذه الآية:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، قال: إن أخذ من ماله قدر قوته قرضًا، فإن أيسر بعدُ قضاه، وإن حضره الموت ولم يوسر، تحلَّله من اليتيم. وإن كان صغيرًا تحلله من وليه. (٢)
٨٦٠٩ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا شعبة، عن حماد، عن سعيد بن جبير: فليأكل قرضًا. (٣)
٨٦١٠ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن حماد، عن سعيد بن جبير:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، قال: هو القرض.
٨٦١١ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عمرو بن أبي قيس، عن عطاء بن السائب، عن الشعبي:"ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، قال: لا يأكله إلا أن يضطر إليه كما يضطر إلى الميتة، فإن أكل منه شيئًا قضاه.
(١) الأثر: ٨٦٠٦-"ابن إدريس" هو"عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي" شيخ أبي كريب، مضى مرارًا. وكان في المطبوعة والمخطوطة"أبو إدريس"، وهو خطأ. و"أبوه" هو"إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي"، روى عن أبيه، وأبي إسحاق السبيعي، وسماك بن حرب وغيرهم. مترجم في التهذيب. وكان في المخطوطة"سمعت أبي بكر"، والصواب ما في المطبوعة.
(٢) في المخطوطة: "حلله من وليه"، ولعلها"حلله منه وليه"، والذي في المطبوعة موافق للسياق.
(٣) في المخطوطة: "فلا يأكل قرضًا"، وهو خطأ، والصواب ما في المطبوعة.
(٢) في المخطوطة: "حلله من وليه"، ولعلها"حلله منه وليه"، والذي في المطبوعة موافق للسياق.
(٣) في المخطوطة: "فلا يأكل قرضًا"، وهو خطأ، والصواب ما في المطبوعة.
584
٨٦١٢ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا شعبة، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"فليأكل بالمعروف"، قال: قرضًا.
٨٦١٣ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
٨٦١٤ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"فليأكل بالمعروف"، قال: سَلفًا من مال يتيمه.
٨٦١٥ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد= وعن حماد، عن سعيد بن جبير="فليأكل بالمعروف"، قالا هو القرض= قال الثوري: وقاله الحكم أيضًا، ألا ترى أنه قال:"فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم"؟
٨٦١٦ - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، حدثنا حجاج، عن مجاهد قال: هو القرض، ما أصاب منه من شيء قضاه إذا أيسر= يعني:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف".
٨٦١٧ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية:"فليأكل بالمعروف"، قال: القرض، ألا ترى إلى قوله:"فإذا دفعتم إليهم أموالهم"؟
٨٦١٨ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن عاصم، عن أبي وائل قال: قرضًا.
٨٦١٩ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن الحكم، عن سعيد بن جبير قال: إذا احتاج الوليُّ أو افتقر فلم يجد شيئًا، أكل من مال
٨٦١٣ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
٨٦١٤ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"فليأكل بالمعروف"، قال: سَلفًا من مال يتيمه.
٨٦١٥ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد= وعن حماد، عن سعيد بن جبير="فليأكل بالمعروف"، قالا هو القرض= قال الثوري: وقاله الحكم أيضًا، ألا ترى أنه قال:"فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم"؟
٨٦١٦ - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، حدثنا حجاج، عن مجاهد قال: هو القرض، ما أصاب منه من شيء قضاه إذا أيسر= يعني:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف".
٨٦١٧ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية:"فليأكل بالمعروف"، قال: القرض، ألا ترى إلى قوله:"فإذا دفعتم إليهم أموالهم"؟
٨٦١٨ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن عاصم، عن أبي وائل قال: قرضًا.
٨٦١٩ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن الحكم، عن سعيد بن جبير قال: إذا احتاج الوليُّ أو افتقر فلم يجد شيئًا، أكل من مال
585
اليتيم وكَتَبه، فإن أيسر قضاه، وإن لم يوسر حتى تحضره الوفاة، دعا اليتيمَ فاستحلَّ منه ما أكل.
٨٦٢٠ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، من مال اليتيم، بغير إسراف ولا قضاءَ عليه فيما أكل منه.
* * *
واختلف قائلو هذا القول في معنى:"أكل ذلك بالمعروف". فقال بعضهم: أن يأكل من طعامه بأطراف الأصابع، ولا يلبس منه.
* ذكر من قال ذلك:
٨٦٢١ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن السدي قال، أخبرني من سمع ابن عباس يقول:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، قال: بأطراف أصابعه.
٨٦٢٢ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عبيد الله الأشجعي، عن سفيان، عن السدي، عمن سمع ابن عباس يقول، فذكر مثله. (١)
٨٦٢٣ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، يقول:"فمن كان غنيًا" مَنْ وَلِيَ مال اليتيم، فليستعفف عن أكله (٢) ="ومن كان فقيرًا"، مَنْ وَلِيَ مال اليتيم، فليأكل معه بأصابعه، لا يسرف في الأكل، ولا يلبس.
٨٦٢٠ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، من مال اليتيم، بغير إسراف ولا قضاءَ عليه فيما أكل منه.
* * *
واختلف قائلو هذا القول في معنى:"أكل ذلك بالمعروف". فقال بعضهم: أن يأكل من طعامه بأطراف الأصابع، ولا يلبس منه.
* ذكر من قال ذلك:
٨٦٢١ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن السدي قال، أخبرني من سمع ابن عباس يقول:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، قال: بأطراف أصابعه.
٨٦٢٢ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عبيد الله الأشجعي، عن سفيان، عن السدي، عمن سمع ابن عباس يقول، فذكر مثله. (١)
٨٦٢٣ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، يقول:"فمن كان غنيًا" مَنْ وَلِيَ مال اليتيم، فليستعفف عن أكله (٢) ="ومن كان فقيرًا"، مَنْ وَلِيَ مال اليتيم، فليأكل معه بأصابعه، لا يسرف في الأكل، ولا يلبس.
(١) الأثر: ٨٦٢٢-"عبيد الله الأشجعي" هو"عبيد الله بن عبيد الرحمن الأشجعي". قال ابن معين: "ما كان بالكوفة أعلم بسيفان الثوري من الأشجعي". وهو ثقة مأمون. مترجم في التهذيب. وكان في المطبوعة: "عبد الله الأشجعي"، وهو خطأ.
(٢) في المطبوعة: "فليستعفف عن ماله"، وأثبت الصواب من المخطوطة.
(٢) في المطبوعة: "فليستعفف عن ماله"، وأثبت الصواب من المخطوطة.
586
٨٦٢٤ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا حرمي بن عمارة قال، حدثنا شعبة، عن عمارة، عن عكرمة في مال اليتيم: يدُك مع أيديهم، ولا تتخذ منه قَلَنْسُوة.
٨٦٢٥ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء وعكرمة قالا تضع يدك مع يده.
* * *
وقال آخرون: بل"المعروف" في ذلك: أن يأكل ما يسدُّ جوعه، ويلبس ما وارَى العورة.
* ذكر من قال ذلك:
٨٦٢٦ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم قال: إن المعروف ليس بِلبس الكتَّان ولا الحُلَل، ولكن ما سدَّ الجوع ووارى العورة.
٨٦٢٧ - حدثنا بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: كان يقال: ليس المعروف بلبس الكتان والحلل، ولكن المعروفَ ما سد الجوع ووارى العورة.
٨٦٢٨ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن مغيرة، عن إبراهيم نحوه.
٨٦٢٩ - حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا الوليد بن مسلم قال، حدثنا أبو معبد قال: سئل مكحول عن وَالي اليتيم، ما أكله بالمعروف إذا كان فقيرًا؟ قال: يده مع يده. قيل له: فالكسوة؟ قال: يلبس من ثيابه، فأما أن يتخذ من ماله مالا لنفسه فلا.
٨٦٣٠ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا الأشجعي، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم في قوله:"فليأكل بالمعروف"، قال: ما سد الجوع ووارى
٨٦٢٥ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء وعكرمة قالا تضع يدك مع يده.
* * *
وقال آخرون: بل"المعروف" في ذلك: أن يأكل ما يسدُّ جوعه، ويلبس ما وارَى العورة.
* ذكر من قال ذلك:
٨٦٢٦ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم قال: إن المعروف ليس بِلبس الكتَّان ولا الحُلَل، ولكن ما سدَّ الجوع ووارى العورة.
٨٦٢٧ - حدثنا بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: كان يقال: ليس المعروف بلبس الكتان والحلل، ولكن المعروفَ ما سد الجوع ووارى العورة.
٨٦٢٨ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن مغيرة، عن إبراهيم نحوه.
٨٦٢٩ - حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا الوليد بن مسلم قال، حدثنا أبو معبد قال: سئل مكحول عن وَالي اليتيم، ما أكله بالمعروف إذا كان فقيرًا؟ قال: يده مع يده. قيل له: فالكسوة؟ قال: يلبس من ثيابه، فأما أن يتخذ من ماله مالا لنفسه فلا.
٨٦٣٠ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا الأشجعي، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم في قوله:"فليأكل بالمعروف"، قال: ما سد الجوع ووارى
587
العورة. أما إنه ليس لَبُوس الكتان والحلل. (١)
* * *
وقال آخرون: بل ذلك"المعروف"، أكل تمْره، وشرب رِسْل ماشيته، (٢) بقيامه على ذلك، فأما الذهب والفضة، فليس له أخذ شيء منهما إلا على وجه القرض.
* ذكر من قال ذلك:
٨٦٣١ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن القاسم بن محمد قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: إن في حجري أموالَ أيتام؟ وهو يستأذنه أن يصيب منها، فقال ابن عباس: ألست تبغي ضالتها؟ (٣) قال: بلى! قال: ألست تهنأ جَرْباها؟ (٤) قال: بلى! قال: ألست تَلُطُّ حياضها؟ (٥) قال: بلى! قال: ألست تَفْرِط عليها يوم وِرْدها؟ (٦) قال: بلى! قال: فأصِبْ من رسلها= يعني: من لبنها.
٨٦٣٢ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد قال: جاء أعرابي إلى ابن عباس فقال: إن في حجري أيتامًا، وإن لهم إبلا ولي إبل، وأنا أمنح في إبلي
* * *
وقال آخرون: بل ذلك"المعروف"، أكل تمْره، وشرب رِسْل ماشيته، (٢) بقيامه على ذلك، فأما الذهب والفضة، فليس له أخذ شيء منهما إلا على وجه القرض.
* ذكر من قال ذلك:
٨٦٣١ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن القاسم بن محمد قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: إن في حجري أموالَ أيتام؟ وهو يستأذنه أن يصيب منها، فقال ابن عباس: ألست تبغي ضالتها؟ (٣) قال: بلى! قال: ألست تهنأ جَرْباها؟ (٤) قال: بلى! قال: ألست تَلُطُّ حياضها؟ (٥) قال: بلى! قال: ألست تَفْرِط عليها يوم وِرْدها؟ (٦) قال: بلى! قال: فأصِبْ من رسلها= يعني: من لبنها.
٨٦٣٢ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد قال: جاء أعرابي إلى ابن عباس فقال: إن في حجري أيتامًا، وإن لهم إبلا ولي إبل، وأنا أمنح في إبلي
(١) الأثر: ٨٦٣٠-"الأشجعي"، هو"عبيد الله بن عبيد الرحمن الأشجعي"، مضى قريبًا في التعليق على الأثر رقم: ٨٦٢٢.
(٢) "الرسل" (بكسر الراء وسكون السين) : اللبن.
(٣) "بغى الضالة بغاء وبغية وبغاية" (كلها بضم الباء) : نشدها وطلبها.
(٤) هنأ البعير الأجرب يهنؤه، إذا طلاه بالهناء (بكسر الهاء)، وهو القطران، يعالج به من الجرب.
(٥) "لط الحوض يلطه لطًا": ألصقه بالطين حتى يسد خلله، قال ابن الأثير: "كذا جاء في الموطأ" انظر الموطأ: ٩٣٤، ويشير به إلى الرواية الأخرى"تلوط"، كما ستأتي في الأثر التالي. وكان في المطبوعة هنا"تليط". ، وهي صواب أيضًا، جاء في رواية حديث أشراط الساعة: "ولتقومن وهو يليط حوضه، " أي يطينه أيضًا. ولكنها لم تجيء في المخطوطة ولا في مكان غيره أعرفه.
(٦) "فرط يفرط فرطًا": إذ سبق الواردة الإبل إلى الماء، فهيأ لها الأرسان والدلاء، وملأ الحياض واستقى لهم. و"يوم الورد" بكسر الراء، وهو يومها الذي ترد فيه الماء. وكان في المطبوعة: "يوم ورودها"، وهي صحيحة المعنى، والذي في المخطوطة هو محض الصواب.
(٢) "الرسل" (بكسر الراء وسكون السين) : اللبن.
(٣) "بغى الضالة بغاء وبغية وبغاية" (كلها بضم الباء) : نشدها وطلبها.
(٤) هنأ البعير الأجرب يهنؤه، إذا طلاه بالهناء (بكسر الهاء)، وهو القطران، يعالج به من الجرب.
(٥) "لط الحوض يلطه لطًا": ألصقه بالطين حتى يسد خلله، قال ابن الأثير: "كذا جاء في الموطأ" انظر الموطأ: ٩٣٤، ويشير به إلى الرواية الأخرى"تلوط"، كما ستأتي في الأثر التالي. وكان في المطبوعة هنا"تليط". ، وهي صواب أيضًا، جاء في رواية حديث أشراط الساعة: "ولتقومن وهو يليط حوضه، " أي يطينه أيضًا. ولكنها لم تجيء في المخطوطة ولا في مكان غيره أعرفه.
(٦) "فرط يفرط فرطًا": إذ سبق الواردة الإبل إلى الماء، فهيأ لها الأرسان والدلاء، وملأ الحياض واستقى لهم. و"يوم الورد" بكسر الراء، وهو يومها الذي ترد فيه الماء. وكان في المطبوعة: "يوم ورودها"، وهي صحيحة المعنى، والذي في المخطوطة هو محض الصواب.
588
وأفقر، (١) فماذا يحلّ لي من ألبانها؟ قال: إن كنت تبغي ضالتها، وتهنأ جرباها، وتلوط حوضها، (٢) وتسقى عليها، (٣) فاشرب غير مُضرّ بنسل، (٤) ولا ناهكٍ في الحلب. (٥)
٨٦٣٣ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن أبي العالية في هذه الآية:"ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، قال: من فَضل الرِّسل والتمرة. (٦)
٨٦٣٤ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن أبي العالية في والي مال اليتيم قال: يأكل من رسل الماشية ومن التمرة لقيامه عليه، ولا يأكل من المال. وقال: ألا ترى أنه قال:"فإذا دفعتم إليهم أموالهم"؟
٨٦٣٥ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال سمعت داود، عن رُفيع أبي العالية قال: رُخّص لولي اليتيم أن يصيب من الرِّسل ويأكل من التمرة، وأما الذهب والفضة فلا بد أن تردّ. ثم قرأ:"فإذا دفعتم إليهم أموالهم"،
٨٦٣٣ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن أبي العالية في هذه الآية:"ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، قال: من فَضل الرِّسل والتمرة. (٦)
٨٦٣٤ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن أبي العالية في والي مال اليتيم قال: يأكل من رسل الماشية ومن التمرة لقيامه عليه، ولا يأكل من المال. وقال: ألا ترى أنه قال:"فإذا دفعتم إليهم أموالهم"؟
٨٦٣٥ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال سمعت داود، عن رُفيع أبي العالية قال: رُخّص لولي اليتيم أن يصيب من الرِّسل ويأكل من التمرة، وأما الذهب والفضة فلا بد أن تردّ. ثم قرأ:"فإذا دفعتم إليهم أموالهم"،
(١) "منح الشاة والناقة يمنحها منحًا": أعارها من لا ناقة له، يأخذ من لبنها ويرعى عليها. ثم يردها عليه. و"أفقرت فلانًا بعيرًا" إذا أعرته بعيرًا يركب ظهره في سفره ثم يرده إليك، وهو من"فقار" الظهر، أي ما انتضد من عظام الصلب من لدن الكاهل إلى العجب.
(٢) "لاطه الحوض يلوطه لوطًا": طلاه بالطين وملسه. انظر التعليق السالف ص: ٥٨٨، رقم: ٥.
(٣) في المخطوطة: "وتسعى عليها" وهو خطأ، ورواية الموطأ: "وتسقيها يوم وردها".
(٤) "نهكت الناقة حلبًا أنهكها"، إذا بالغت في حلبها ونقصها، فلم يبق في ضرعها لبن. و"الحلب" (بفتح الحاء واللام) و"الحلب" (بسكون اللام) و"الحلاب" مصدر"حلب الشاء والإبل والبقر يحلبها": إذا استخرج ما في ضرعها من اللبن.
(٥) الأثران: ٨٦٣١، ٨٦٣٢- رواه مالك في الموطأ من طريق"يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد" كرواية الأثر الثاني هنا، مع اختلاف في بعض اللفظ، وأبو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ: ٩٣، ونسبه السيوطي في الدر المنثور ١: ١٢٢، إلى مالك، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والنحاس في ناسخه.
(٦) في المطبوعة: "والثمرة" بالثاء المثلثة، وأثبت ما في المخطوطة هنا، وستأتي بالمثلثة في المخطوطة في الآثار التالية، ولكن صوابها"بالتاء"، وانظر حجتنا في ذلك في الأثر رقم: ٨٦٣٦.
(٢) "لاطه الحوض يلوطه لوطًا": طلاه بالطين وملسه. انظر التعليق السالف ص: ٥٨٨، رقم: ٥.
(٣) في المخطوطة: "وتسعى عليها" وهو خطأ، ورواية الموطأ: "وتسقيها يوم وردها".
(٤) "نهكت الناقة حلبًا أنهكها"، إذا بالغت في حلبها ونقصها، فلم يبق في ضرعها لبن. و"الحلب" (بفتح الحاء واللام) و"الحلب" (بسكون اللام) و"الحلاب" مصدر"حلب الشاء والإبل والبقر يحلبها": إذا استخرج ما في ضرعها من اللبن.
(٥) الأثران: ٨٦٣١، ٨٦٣٢- رواه مالك في الموطأ من طريق"يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد" كرواية الأثر الثاني هنا، مع اختلاف في بعض اللفظ، وأبو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ: ٩٣، ونسبه السيوطي في الدر المنثور ١: ١٢٢، إلى مالك، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والنحاس في ناسخه.
(٦) في المطبوعة: "والثمرة" بالثاء المثلثة، وأثبت ما في المخطوطة هنا، وستأتي بالمثلثة في المخطوطة في الآثار التالية، ولكن صوابها"بالتاء"، وانظر حجتنا في ذلك في الأثر رقم: ٨٦٣٦.
589
ألا ترى أنه قال:"لا بد من أن يدفع"؟ (١)
٨٦٣٦ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عوف، عن الحسن أنه قال: إنما كانت أموالهم إذْ ذاك النخل والماشية، (٢) فرخّص لهم إذا كان أحدهم محتاجًا أن يصيب من الرِّسْل.
٨٦٣٧ - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا إسماعيل بن سالم، عن الشعبي في قوله:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، قال: إذا كان فقيرًا أكل من التمر، (٣) وشرب من اللبن، وأصاب من الرسل.
٨٦٣٨ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، ذكر لنا أن عَمَّ ثابت بن رفاعة =وثابت يومئذ يتيمٌ في حجره= من الأنصار، أتى نبيّ الله ﷺ فقال: يا نبي الله، إن ابن أخي يتيمٌ في حجري، فما يحلُّ لي من ماله؟ قال: أن تأكل بالمعروف، من غير أن تقي مالك بماله، ولا تتخذ من ماله وَفْرًا. (٤) وكان اليتيم يكون له الحائط من النخل، (٥) فيقوم وليه على صلاحه وَسقيه، فيصيب من تمرته، (٦) أو تكون له الماشية، فيقوم وليه على صلاحها، أو يلي علاجها
٨٦٣٦ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عوف، عن الحسن أنه قال: إنما كانت أموالهم إذْ ذاك النخل والماشية، (٢) فرخّص لهم إذا كان أحدهم محتاجًا أن يصيب من الرِّسْل.
٨٦٣٧ - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا إسماعيل بن سالم، عن الشعبي في قوله:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، قال: إذا كان فقيرًا أكل من التمر، (٣) وشرب من اللبن، وأصاب من الرسل.
٨٦٣٨ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، ذكر لنا أن عَمَّ ثابت بن رفاعة =وثابت يومئذ يتيمٌ في حجره= من الأنصار، أتى نبيّ الله ﷺ فقال: يا نبي الله، إن ابن أخي يتيمٌ في حجري، فما يحلُّ لي من ماله؟ قال: أن تأكل بالمعروف، من غير أن تقي مالك بماله، ولا تتخذ من ماله وَفْرًا. (٤) وكان اليتيم يكون له الحائط من النخل، (٥) فيقوم وليه على صلاحه وَسقيه، فيصيب من تمرته، (٦) أو تكون له الماشية، فيقوم وليه على صلاحها، أو يلي علاجها
(١) الأثر -٨٦٣٥-"رفيع بن مهران الرياحي"، "أبو العالية" مضى برقم: ٤٤، ١٨٤ ومواضع غيرها، وكان في المخطوطة والمطبوعة هنا"رفيع عن أبي العالية" بزيادة"عن" وهو خطأ محض.
(٢) في المطبوعة: "أدخال النخل والماشية"، وفي المخطوطة: "ادحال"، ولم أجد لشيء من ذلك معنى، مع تقليبها على أكثر وجوه التصحيف، ثم هديت إلى أن أرجح أن يكون صوابها ما أثبت، وكأن الناسخ رأي"ذال": "ذاك" متصلة بألفها فظنها"حاء"، فكتب"الكاف" المتطرفة "لامًا" والذي أثبته هو حاق السياق إن شاء الله.
(٣) في المطبوعة: "من الثمر" بالثاء المثلثة، وأثبت ما في المخطوطة، وانظر التعليق السالف ص: ٥٨٩، رقم: ٦.
(٤) "وفر ماله وفرًا": حاطه حتى يكثر ويصير وافرًا، يعني: أن يتأثل مالا لنفسه ويجمعه من مال يتيمه.
(٥) "الحائط" البستان من النخل، إذا كان عليه حائط، وهو الجدار، فإذا لم يحيط فهو"ضاحية".
(٦) في المطبوعة: "ثمرته"، والصواب من المخطوطة، وانظر ص٥٨٩ تعليق: ٦ والتعليق السالف: ٣.
(٢) في المطبوعة: "أدخال النخل والماشية"، وفي المخطوطة: "ادحال"، ولم أجد لشيء من ذلك معنى، مع تقليبها على أكثر وجوه التصحيف، ثم هديت إلى أن أرجح أن يكون صوابها ما أثبت، وكأن الناسخ رأي"ذال": "ذاك" متصلة بألفها فظنها"حاء"، فكتب"الكاف" المتطرفة "لامًا" والذي أثبته هو حاق السياق إن شاء الله.
(٣) في المطبوعة: "من الثمر" بالثاء المثلثة، وأثبت ما في المخطوطة، وانظر التعليق السالف ص: ٥٨٩، رقم: ٦.
(٤) "وفر ماله وفرًا": حاطه حتى يكثر ويصير وافرًا، يعني: أن يتأثل مالا لنفسه ويجمعه من مال يتيمه.
(٥) "الحائط" البستان من النخل، إذا كان عليه حائط، وهو الجدار، فإذا لم يحيط فهو"ضاحية".
(٦) في المطبوعة: "ثمرته"، والصواب من المخطوطة، وانظر ص٥٨٩ تعليق: ٦ والتعليق السالف: ٣.
590
ومؤونتها، فيصيب من جُزَازها وَعوارضها ورِسْلها. (١) فأما رقاب المال وأصول المال، (٢) فليس له أن يستهلكه. (٣)
٨٦٣٩ - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد ابن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، يعني ركوب الدابة وخدمة الخادم. فإن أخذ من ماله قرضًا في غنى، فعليه أن يؤديه، وليس له أن يأكل من ماله شيئا.
* * *
وقال آخرون منهم: له أن يأكل من جميع المال، إذا كان يلي ذلك، وإن أتى على المال، ولا قضاء عليه.
* ذكر من قال ذلك:
٨٦٤٠ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا إسماعيل بن صبيح، عن أبي أوَيس، عن يحيى بن سعيد وربيعة جميعًا، عن القاسم بن محمد قال: سئل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عما يصلُح لوليّ اليتيم قال: إن كان غنيًّا فليستعفف، وإن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف. (٤)
٨٦٣٩ - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد ابن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، يعني ركوب الدابة وخدمة الخادم. فإن أخذ من ماله قرضًا في غنى، فعليه أن يؤديه، وليس له أن يأكل من ماله شيئا.
* * *
وقال آخرون منهم: له أن يأكل من جميع المال، إذا كان يلي ذلك، وإن أتى على المال، ولا قضاء عليه.
* ذكر من قال ذلك:
٨٦٤٠ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا إسماعيل بن صبيح، عن أبي أوَيس، عن يحيى بن سعيد وربيعة جميعًا، عن القاسم بن محمد قال: سئل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عما يصلُح لوليّ اليتيم قال: إن كان غنيًّا فليستعفف، وإن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف. (٤)
(١) الجزاز والجزازة (بضم الجيم) والجزز (بفتحتين) والجزة (بكسر الجيم وتشديد الزاي)، وجمعها جزز (بكسر ففتح) : هو ما يجزه من صوف الشاة وغيرها. ورواية اللسان والفائق للزمخشري"جززها" جمع"جزة"."والعوارض" جمع عارضة، وهي الشاة أو البعير تصيبه آفة أو كسر أو داء فيذبحونها، ومن هجائهم: "بنو فلان لا يأكلون إلا العوارض"، أي: لا ينحرون الإبل إلا من داء يصيبها."والرسل" اللبن.
(٢) "رقاب المال" يعني من الأنعام، و"أصول المال" يعني من النخيل.
(٣) الأثر: ٨٦٣٨- ذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة، في ترجمة"ثابت بن رفاعة"، ولم ينسبه لابن جرير، ونسبه لابن مندة، وابن فتحون، من طريق عبد الوهاب، عن سعيد، عن قتادة، وقال: "هذا مرسل، رجاله ثقات".
(٤) الأثر: ٨٦٤٠-"إسماعيل بن صبيح اليشكري" مضى برقم: ٢٩٩٦. و"أبو أويس" هو: "عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي"، ابن عم مالك وصهره على أخته، قال ابن معين: "صدوق، وليس بحجة". وقال أبو حاتم: "يكتب حديثه، ولا يحتج به، وليس بالقوي". مترجم في التهذيب. وكان في المطبوعة: "عن أبي إدريس"، وهو خطأ، صوابه من المخطوطة.
(٢) "رقاب المال" يعني من الأنعام، و"أصول المال" يعني من النخيل.
(٣) الأثر: ٨٦٣٨- ذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة، في ترجمة"ثابت بن رفاعة"، ولم ينسبه لابن جرير، ونسبه لابن مندة، وابن فتحون، من طريق عبد الوهاب، عن سعيد، عن قتادة، وقال: "هذا مرسل، رجاله ثقات".
(٤) الأثر: ٨٦٤٠-"إسماعيل بن صبيح اليشكري" مضى برقم: ٢٩٩٦. و"أبو أويس" هو: "عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي"، ابن عم مالك وصهره على أخته، قال ابن معين: "صدوق، وليس بحجة". وقال أبو حاتم: "يكتب حديثه، ولا يحتج به، وليس بالقوي". مترجم في التهذيب. وكان في المطبوعة: "عن أبي إدريس"، وهو خطأ، صوابه من المخطوطة.
591
٨٦٤١ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرنا يحيى بن أيوب، عن محمد بن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن أبيه: أن عمر بن الخطاب كان يقول: يحل لوليِّ الأمر ما يحلّ لولي اليتيم:" من كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف".
٨٦٤٢ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا الفضل بن عطية، عن عطاء بن أبي رباح في قوله:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، قال: إذا احتاج فليأكل بالمعروف، فإن أيسر بعد ذلك فلا قضاء عليه.
٨٦٤٣ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري قالا ذكر الله تبارك وتعالى مال اليتامى فقال:"ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، ومعروفُ ذلك: أن يتقي الله في يتيمه.
٨٦٤٤ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن إبراهيم: أنه كان لا يرى قضاءً على وليّ اليتيم إذا أكل وهو محتاجٌ.
٨٦٤٥ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن مغيرة، عن حماد، عن إبراهيم:"فليأكل بالمعروف"، في الوصي، قال: لا قضاء عليه.
٨٦٤٦ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن منصور، عن إبراهيم أنه قال في هذه الآية:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، قال: إذا عمل فيه وليُّ اليتيم أكل بالمعروف.
٨٦٤٧ - حدثنا بشر بن محمد قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: كان الحسن يقول: إذا احتاج أكل بالمعروف من المال طُعْمَةً من الله له. (١)
٨٦٤٢ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا الفضل بن عطية، عن عطاء بن أبي رباح في قوله:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، قال: إذا احتاج فليأكل بالمعروف، فإن أيسر بعد ذلك فلا قضاء عليه.
٨٦٤٣ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري قالا ذكر الله تبارك وتعالى مال اليتامى فقال:"ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، ومعروفُ ذلك: أن يتقي الله في يتيمه.
٨٦٤٤ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن إبراهيم: أنه كان لا يرى قضاءً على وليّ اليتيم إذا أكل وهو محتاجٌ.
٨٦٤٥ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن مغيرة، عن حماد، عن إبراهيم:"فليأكل بالمعروف"، في الوصي، قال: لا قضاء عليه.
٨٦٤٦ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن منصور، عن إبراهيم أنه قال في هذه الآية:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، قال: إذا عمل فيه وليُّ اليتيم أكل بالمعروف.
٨٦٤٧ - حدثنا بشر بن محمد قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: كان الحسن يقول: إذا احتاج أكل بالمعروف من المال طُعْمَةً من الله له. (١)
(١) "طعمة" (بضم فسكون) : رزق ومأكلة، يقال: "جعل السلطان ناحية كذا طعمة لفلان" أي: مأكلة يأكل منها كما يأكل من كسبه.
592
٨٦٤٨ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن الحسن البصري قال: قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن في حجري يتيمًا، أفأضربه؟ قال: فيما كنت ضاربًا منه ولدك؟ قال: أفأصيب من ماله؟ قال: بالمعروف، غير متأثِّل مالا ولا واقٍ مالك بماله. (١)
٨٦٤٩ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن الزبير بن موسى، عن الحسن البصري، مثله. (٢)
٨٦٥٠ - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء أنه قال: يضع يده مع أيديهم فيأكل معهم، كقَدْر خدمته وقَدْرِ عمله.
٨٦٥١ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: والي اليتيم، إذا كان محتاجًا، يأكل بالمعروف لقيامه بماله.
٨٦٥٢ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، وسألته عن قول الله تبارك وتعالى:"ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، قال: إن استغنى كفَّ، وإن كان فقيرًا أكل بالمعروف. قال: أكل بيده معهم، لِقيامه على أموالهم، وحفظه إياها، يأكل مما يأكلون منه. وإن استغنى كفَّ عنه ولم يأكل منه شيئًا.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال:"المعروف"
٨٦٤٩ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن الزبير بن موسى، عن الحسن البصري، مثله. (٢)
٨٦٥٠ - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء أنه قال: يضع يده مع أيديهم فيأكل معهم، كقَدْر خدمته وقَدْرِ عمله.
٨٦٥١ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: والي اليتيم، إذا كان محتاجًا، يأكل بالمعروف لقيامه بماله.
٨٦٥٢ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، وسألته عن قول الله تبارك وتعالى:"ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، قال: إن استغنى كفَّ، وإن كان فقيرًا أكل بالمعروف. قال: أكل بيده معهم، لِقيامه على أموالهم، وحفظه إياها، يأكل مما يأكلون منه. وإن استغنى كفَّ عنه ولم يأكل منه شيئًا.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال:"المعروف"
(١) "تأثل مالا": اتخذ أصل مال يجمعه ويثبته ويخزنه.
(٢) الأثر: ٨٦٤٩-"الزبير بن موسى بن ميناء المكي"، روى عن جابر، وسعيد بن جبير، وعمرو بن دينار، وعمر بن عبد العزيز، وغيرهم. روى عنه ابن جريج، والثوري، وابن أبي نجيح. مترجم في التهذيب. وأخشى أن يكون: "أخبرنا الثوري وابن أبي نجيح".
(٢) الأثر: ٨٦٤٩-"الزبير بن موسى بن ميناء المكي"، روى عن جابر، وسعيد بن جبير، وعمرو بن دينار، وعمر بن عبد العزيز، وغيرهم. روى عنه ابن جريج، والثوري، وابن أبي نجيح. مترجم في التهذيب. وأخشى أن يكون: "أخبرنا الثوري وابن أبي نجيح".
593
الذي عناه الله تبارك وتعالى في قوله:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، أكل مال اليتيم عند الضرورة والحاجة إليه، على وجه الاستقراض منه= فأما على غير ذلك الوجه، فغير جائز له أكله. (١)
وذلك أن الجميع مجمعون على أن والي اليتيم لا يملك من مال يتيمه إلا القيام بمصلحته. فلما كان إجماعًا منهم أنه غير مالكه، (٢) وكان غيرَ جائز لأحد أن يستهلك مال أحد غيره، يتيمًا كان ربُّ المال أو مدركًا رشيدًا= وكان عليه إن تعدَّى فاستهلكه بأكل أو غيره، ضمانه لمن استهلكه عليه، بإجماع من الجميع= وكان والي اليتيم سبيلُه سبيل غيره في أنه لا يملك مال يتيمه = (٣) كان كذلك حكمه فيما يلزمه من قضائه إذا أكل منه، سبيلُه سبيلُ غيره، وإن فارقه في أنّ له الاستقراضَ منه عند الحاجة إليه، كما له الاستقراض عليه عند حاجته إلى ما يستقرض عليه، إذا كان قيِّمًا بما فيه مصلحته.
* * *
ولا معنى لقول من قال:"إنما عنى بالمعروف في هذا الموضع، أكل والي اليتيم من مال اليتيم، لقيامه عليه على وجه الاعتياض على عَمله وسعيه". لأنّ لوالي اليتيم أن يؤاجر نفسه منه للقيام بأموره، إذا كان اليتيم محتاجًا إلى ذلك بأجرة معلومة، كما يستأجر له غيره من الأجَراء، وكما يشتري له مَن يعينه، (٤) غنيًّا كان الوالي أو فقيرًا.
وإذ كان ذلك كذلك= وكان الله تعالى ذكره قد دل بقوله:"ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، على أن أكل مال اليتيم إنما أذن لمن أذن له من وُلاته في حال الفقر والحاجة= وكانت الحالُ التي للولاة
وذلك أن الجميع مجمعون على أن والي اليتيم لا يملك من مال يتيمه إلا القيام بمصلحته. فلما كان إجماعًا منهم أنه غير مالكه، (٢) وكان غيرَ جائز لأحد أن يستهلك مال أحد غيره، يتيمًا كان ربُّ المال أو مدركًا رشيدًا= وكان عليه إن تعدَّى فاستهلكه بأكل أو غيره، ضمانه لمن استهلكه عليه، بإجماع من الجميع= وكان والي اليتيم سبيلُه سبيل غيره في أنه لا يملك مال يتيمه = (٣) كان كذلك حكمه فيما يلزمه من قضائه إذا أكل منه، سبيلُه سبيلُ غيره، وإن فارقه في أنّ له الاستقراضَ منه عند الحاجة إليه، كما له الاستقراض عليه عند حاجته إلى ما يستقرض عليه، إذا كان قيِّمًا بما فيه مصلحته.
* * *
ولا معنى لقول من قال:"إنما عنى بالمعروف في هذا الموضع، أكل والي اليتيم من مال اليتيم، لقيامه عليه على وجه الاعتياض على عَمله وسعيه". لأنّ لوالي اليتيم أن يؤاجر نفسه منه للقيام بأموره، إذا كان اليتيم محتاجًا إلى ذلك بأجرة معلومة، كما يستأجر له غيره من الأجَراء، وكما يشتري له مَن يعينه، (٤) غنيًّا كان الوالي أو فقيرًا.
وإذ كان ذلك كذلك= وكان الله تعالى ذكره قد دل بقوله:"ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"، على أن أكل مال اليتيم إنما أذن لمن أذن له من وُلاته في حال الفقر والحاجة= وكانت الحالُ التي للولاة
(١) في المخطوطة"له أكلها"، وهو من سهو الناسخ.
(٢) في المخطوطة: "إجماعًا منه"، وهو أيضًا من سهو الناسخ.
(٣) السياق: "فلما كان إجماعًا منهم... كان كذلك حكمه... " وما بينهما عطف وفصل.
(٤) في المطبوعة: "وكما يشتري له من نصيبه"، ولا معنى لذلك، وهي في المخطوطة غير بينة، واجتهدت قراءتها كما أثبتها، أي يشتري له رقيقًا يعينه.
(٢) في المخطوطة: "إجماعًا منه"، وهو أيضًا من سهو الناسخ.
(٣) السياق: "فلما كان إجماعًا منهم... كان كذلك حكمه... " وما بينهما عطف وفصل.
(٤) في المطبوعة: "وكما يشتري له من نصيبه"، ولا معنى لذلك، وهي في المخطوطة غير بينة، واجتهدت قراءتها كما أثبتها، أي يشتري له رقيقًا يعينه.
594
أن يُؤجروا أنفسهم من الأيتام مع حاجة الأيتام إلى الأجراء، غير مخصوص بها حال غِنًى ولا حال فقر = (١) كان معلومًا أن المعنى الذي أبيح لهم من أموال أيتامهم في كل أحوالهم، غير المعنى الذي أبيح لهم ذلك فيه في حال دون حال.
ومن أبى ما قلنا، ممن زعم أن لولي اليتيم أكل مال يتيمه عند حاجته إليه على غير وجه القرض، استدلالا بهذه الآية= قيل له: أمجمَعٌ على أن الذي قلت تأويل قوله:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"؟
فإن قال: لا!
قيل له: فما برهانك على أن ذلك تأويله، وقد علمت أنه غيرُ مالك مالَ يتيمه؟
فإن قال: لأن الله أذن له بأكله!
قيل له: أذن له بأكله مطلقًا أم بشرط؟ (٢)
فإن قال: بشرطٍ، وهو أن يأكله بالمعروف.
قيل له: وما ذلك"المعروف"؟ وقد علمت القائلين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الخالفين أن ذلك هو أكله قرضًا وسلَفًا؟
ويقال لهم أيضًا مع ذلك: أرأيت المولَّى عليهم في أموالهم من المجانين والمعاتيه، ألولاة أموالهم أن يأكلوا من أموالهم عند حاجتهم إليه على غير وجه القرض لا الاعتياض من قيامهم بها، كما قلتم ذلك في أموال اليتامى فأبحتموها لهم؟ فإن قالوا: ذلك لهم= خرجوا من قول جميع الحجة.
وإن قالوا: ليس ذلك لهم.
قيل لهم: فما الفرق بين أموالهم وأموال اليتامى، وحكمُ ولاتهم واحدٌ: في أنهم ولاة أموال غيرهم؟
ومن أبى ما قلنا، ممن زعم أن لولي اليتيم أكل مال يتيمه عند حاجته إليه على غير وجه القرض، استدلالا بهذه الآية= قيل له: أمجمَعٌ على أن الذي قلت تأويل قوله:"ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف"؟
فإن قال: لا!
قيل له: فما برهانك على أن ذلك تأويله، وقد علمت أنه غيرُ مالك مالَ يتيمه؟
فإن قال: لأن الله أذن له بأكله!
قيل له: أذن له بأكله مطلقًا أم بشرط؟ (٢)
فإن قال: بشرطٍ، وهو أن يأكله بالمعروف.
قيل له: وما ذلك"المعروف"؟ وقد علمت القائلين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الخالفين أن ذلك هو أكله قرضًا وسلَفًا؟
ويقال لهم أيضًا مع ذلك: أرأيت المولَّى عليهم في أموالهم من المجانين والمعاتيه، ألولاة أموالهم أن يأكلوا من أموالهم عند حاجتهم إليه على غير وجه القرض لا الاعتياض من قيامهم بها، كما قلتم ذلك في أموال اليتامى فأبحتموها لهم؟ فإن قالوا: ذلك لهم= خرجوا من قول جميع الحجة.
وإن قالوا: ليس ذلك لهم.
قيل لهم: فما الفرق بين أموالهم وأموال اليتامى، وحكمُ ولاتهم واحدٌ: في أنهم ولاة أموال غيرهم؟
(١) السياق: "وإذ كان ذلك كذلك... كان معلومًا... "، وما بينهما عطف وفصل.
(٢) في المخطوطة: " أذن له بأكله مطلقًا بشرط بشرط"، وهو سهو ناسخ، والصواب ما في المطبوعة.
(٢) في المخطوطة: " أذن له بأكله مطلقًا بشرط بشرط"، وهو سهو ناسخ، والصواب ما في المطبوعة.
595
فلن يقولوا في أحدهما شيئًا إلا ألزموا في الآخر مثله. (١)
ويُسألون كذلك عن المحجور عليه: هل لمن يلي ماله أن يأكل ماله عند حاجته إليه؟ نحو سؤالِنَاهُمْ عن أموال المجانين والمعاتيه.
* * *
القول في تأويل قوله عز وجل: ﴿فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وإذا دفعتم، يا معشرَ ولاة أموال اليتامى، إلى اليتامى أموالهم="فأشهدوا عليهم"، يقول: فأشهدوا على الأيتام باستيفائهم ذلك منكم، ودفعكموه إليهم، كما:-
٨٦٥٣ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم"، يقول: إذا دفع إلى اليتيم ماله، فليدفعه إليه بالشهود، كما أمره الله تعالى.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (٦) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وكفى بالله كافيًا من الشهود الذين يشهدهم والي اليتيم على دفعه مال يتيمه إليه، كما:-
٨٦٥٤ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وكفى بالله حسيبًا"، يقول: شهيدًا.
* * *
ويُسألون كذلك عن المحجور عليه: هل لمن يلي ماله أن يأكل ماله عند حاجته إليه؟ نحو سؤالِنَاهُمْ عن أموال المجانين والمعاتيه.
* * *
القول في تأويل قوله عز وجل: ﴿فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وإذا دفعتم، يا معشرَ ولاة أموال اليتامى، إلى اليتامى أموالهم="فأشهدوا عليهم"، يقول: فأشهدوا على الأيتام باستيفائهم ذلك منكم، ودفعكموه إليهم، كما:-
٨٦٥٣ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم"، يقول: إذا دفع إلى اليتيم ماله، فليدفعه إليه بالشهود، كما أمره الله تعالى.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (٦) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وكفى بالله كافيًا من الشهود الذين يشهدهم والي اليتيم على دفعه مال يتيمه إليه، كما:-
٨٦٥٤ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وكفى بالله حسيبًا"، يقول: شهيدًا.
* * *
(١) في المطبوعة والمخطوطة: "فلن يقولوا في أحدهم"، وهو خطأ، صوابه ما أثبت.
596
يقال منه:"قد أحسبني الذي عندي"، يراد به: كفاني. وسمع من العرب:"لأحْسِبَنَّكم من الأسودين"= يعني به: من الماء والتمر (١) ="والمُحْسِب" من الرجال: المرتفع الحسب،"والمُحْسَب"، المكفِيُّ. (٢)
* * *
* * *
(١) قيل في شرح هذه الكلمة: "أي: لأوسعن عليكم"، وهو بمعنى الكفاية.
(٢) وانظر تفسير"حسبه" فيما سلف ٤: ٢٤٤ / ٧: ٤٠٥.
(٢) وانظر تفسير"حسبه" فيما سلف ٤: ٢٤٤ / ٧: ٤٠٥.
597
القول في تأويل قوله: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (٧) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: للذكور من أولاد الرجل الميِّت حصة من ميراثه، وللإناث منهم حصة منه، من قليل ما خلَّف بعده وكثيره، حصة مفروضة، (١) واجبةٌ معلومة مؤقتة. (٢)
* * *
وذكر أن هذه الآية نزلت من أجل أن أهل الجاهلية كانوا يُورِّثون الذكور دون الإناث، كما:-
٨٦٥٥ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة قال: كانوا لا يورِّثون النساء، فنزلت:"وللنساء نصيبٌ مما ترك الوالدان والأقربون".
قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: للذكور من أولاد الرجل الميِّت حصة من ميراثه، وللإناث منهم حصة منه، من قليل ما خلَّف بعده وكثيره، حصة مفروضة، (١) واجبةٌ معلومة مؤقتة. (٢)
* * *
وذكر أن هذه الآية نزلت من أجل أن أهل الجاهلية كانوا يُورِّثون الذكور دون الإناث، كما:-
٨٦٥٥ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة قال: كانوا لا يورِّثون النساء، فنزلت:"وللنساء نصيبٌ مما ترك الوالدان والأقربون".
(١) انظر تفسير"الفرض" فيما سلف ٤: ١٢١ / ٥: ١٢٠.
(٢) موقتة: مقدرة محددة، وأصلها من"الوقت" ثم اتسع في استعمالها في كل محدود، ومنه حديث علي رضي الله عنه."فإن رسول الله ﷺ لم يوقت فيها شيئًا"، أي: لم يفرض في شرب الخمر مقدارًا معينًا من الجلد. ومنه أخذ النحويون قولهم في العلم الشخصي الذي يعين مسماه تعيينًا مطلقًا غير مقيد، مثل"زيد" هو: "معرفة موقتة"، وانظر شرح ذلك في ١: ١٨١، تعليق: ١.
(٢) موقتة: مقدرة محددة، وأصلها من"الوقت" ثم اتسع في استعمالها في كل محدود، ومنه حديث علي رضي الله عنه."فإن رسول الله ﷺ لم يوقت فيها شيئًا"، أي: لم يفرض في شرب الخمر مقدارًا معينًا من الجلد. ومنه أخذ النحويون قولهم في العلم الشخصي الذي يعين مسماه تعيينًا مطلقًا غير مقيد، مثل"زيد" هو: "معرفة موقتة"، وانظر شرح ذلك في ١: ١٨١، تعليق: ١.
597
٨٦٥٦ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة قال: نزلت في أم كحلة وابنة كَحْلة، وثعلبة وأوس بن سويد، وهم من الأنصار. كان أحدهم زوجها والآخر عم ولدها، فقالت: يا رسول الله، توفي زوجي وتركني وابنته، فلم نورَّث! فقال عم ولدها: يا رسول الله، لا تركب فرسًا، ولا تحمل كلا ولا تنكى عدوًّا، يكسب عليها ولا تكتسب! فنزلت:"للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قلَّ منه أو كثر نصيبًا مفروضًا". (١)
* * *
* * *
(١) الأثر: ٨٦٥٦- خرجه الحافظ ابن حجر في الإصابة في ترجمة"أم كجة"، والسيوطي في الدر المنثور ٢: ١٢٢، ونسبه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم. أما الحافظ فذكر رواية الطبري وقال فيها: "نزلت في أم كجة، وبنت أم كجة، وثعلبة، وأوس بن ثابت" فخالف نص الطبري في هذا الموضع، في"أم كجة"، و"أوس بن ثابت" كما ترى. وكانت في المطبوعة: "أم كحة" وبنت كحة بالحاء المهملة، والصواب بضم الكاف وتشديد الجيم المفتوحة، كما ضبطها الحافظ في الإصابة. وأما السيوطي فقال: "نزلت في أم كلثوم وابنة أم كحلة، أو أم كحة"، بالحاء المهملة أيضًا وهو خطأ. وأما "أم كحلة" كما جاء في المخطوطة، وكما أثبتها، فقد قال الحافظ في الإصابة أيضًا: "وأما المرأة، فلم يختلف في أنها أم كجة -بضم الكاف وتشديد الجيم- إلا ما حكى أبو موسى عن المستغفري أنه قال فيها: أم كحلة -بسكون المهملة بعدها لام، وإلا ما تقدم من أنها بنت كجة، كما في روايتي ابن جريج، فيحتمل أن تكون كنيتها وافقت اسم أبيها، فيستفاد من رواية ابن جريج أنها أم كلثوم".
وهذا كأنه ينفي أن تكون رواية الطبري: "أم كحلة"، ولكن المخطوطة أثبتت ذلك واضحًا في الموضعين، فلم أجد سبيلا إلى إغفالها أو تغييرها مع هذه الرواية التي رواها الحافظ عن المستغفري، وثبوتها أيضًا في نص السيوطي، فيما نقله عن الطبري، وابن أبي حاتم، وابن المنذر.
وسيأتي ذكر أم كجة في الأثر رقم: ٨٧٢٥ وأنها امرأة عبد الرحمن أخو حسان بن ثابت، فانظر التعليق على الأثر هناك.
وأما "أوس بن سويد" فكما رأيت، ذكره الحافظ منسوبًا إلى ابن جرير"أوس بن ثابت"، ولكن الثابت في أصول التفسير وما نقل عنه، "أوس بن سويد". وقد ترجم الحافظ لأوس بن ثابت الأنصاري وأوس بن سويد، ولثعلبة بن ثابت الأنصاري، وثعلبة بن سويد، وذكر الاختلاف في اسميهما في هذه القصة نفسها. وقد تركت نص الطبري كما هو، واكتفيت بإثبات الاختلاف الذي ذكر الحافظ ابن حجر، ومن شاء فليستوفه من هناك، ومن مظانه الأخرى.
* * * وقوله: لا تحمل كلا": أي لا تلي أمر العيال والسعي عليهم."والكل": العيال، يحتاجون إلى من يحملهم ويرزقهم، كاليتيم وغيره.
وقوله: "ولا تنكى عدوًا"، يقال منه: "نكيت العدو أنكى (بكسر الكاف) نكاية"، إذا أصاب منهم، فقتل وأكثر الجراح. ويقال فيه أيضًا: "ونكأت العدو" بالهمز، بمعناه. وكان في المطبوعة؛"ولا تنكأ" بالهمز، وأثبت ما في المخطوطة، وهما صواب جميعًا.
وهذا كأنه ينفي أن تكون رواية الطبري: "أم كحلة"، ولكن المخطوطة أثبتت ذلك واضحًا في الموضعين، فلم أجد سبيلا إلى إغفالها أو تغييرها مع هذه الرواية التي رواها الحافظ عن المستغفري، وثبوتها أيضًا في نص السيوطي، فيما نقله عن الطبري، وابن أبي حاتم، وابن المنذر.
وسيأتي ذكر أم كجة في الأثر رقم: ٨٧٢٥ وأنها امرأة عبد الرحمن أخو حسان بن ثابت، فانظر التعليق على الأثر هناك.
وأما "أوس بن سويد" فكما رأيت، ذكره الحافظ منسوبًا إلى ابن جرير"أوس بن ثابت"، ولكن الثابت في أصول التفسير وما نقل عنه، "أوس بن سويد". وقد ترجم الحافظ لأوس بن ثابت الأنصاري وأوس بن سويد، ولثعلبة بن ثابت الأنصاري، وثعلبة بن سويد، وذكر الاختلاف في اسميهما في هذه القصة نفسها. وقد تركت نص الطبري كما هو، واكتفيت بإثبات الاختلاف الذي ذكر الحافظ ابن حجر، ومن شاء فليستوفه من هناك، ومن مظانه الأخرى.
* * * وقوله: لا تحمل كلا": أي لا تلي أمر العيال والسعي عليهم."والكل": العيال، يحتاجون إلى من يحملهم ويرزقهم، كاليتيم وغيره.
وقوله: "ولا تنكى عدوًا"، يقال منه: "نكيت العدو أنكى (بكسر الكاف) نكاية"، إذا أصاب منهم، فقتل وأكثر الجراح. ويقال فيه أيضًا: "ونكأت العدو" بالهمز، بمعناه. وكان في المطبوعة؛"ولا تنكأ" بالهمز، وأثبت ما في المخطوطة، وهما صواب جميعًا.
598
٨٦٥٧ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون"، قال: كان النساء لا يورَّثن في الجاهلية من الآباء، (١) وكان الكبير يرث، ولا يرث الصغير وإن كان ذكرًا، فقال الله تبارك وتعالى:"للرجال نصيبٌ مما ترك الوالدان والأقربون" إلى قوله:"نصيبًا مفروضًا".
قال أبو جعفر: ونصب قوله:"نصيبًا مفروضًا"، وهو نعت للنكرة، لخروجه مخرجَ المصدر، كقول القائل:"لك عليّ حقّ واجبًا". ولو كان مكان قوله:"نصيبًا مفروضًا" اسم صحيح، لم يجز نصبه. لا يقال:"لك عندي حق درهمًا" فقوله:"نصيبًا مفروضًا"، كقوله: نصيبًا فريضة وفرضًا، كما يقال:"عندي درهم هبةً مقبوضة". (٢)
* * *
تم الجزء السابع من تفسير الطبري
ويليه الجزء الثامن، وأوّله
قال أبو جعفر: ونصب قوله:"نصيبًا مفروضًا"، وهو نعت للنكرة، لخروجه مخرجَ المصدر، كقول القائل:"لك عليّ حقّ واجبًا". ولو كان مكان قوله:"نصيبًا مفروضًا" اسم صحيح، لم يجز نصبه. لا يقال:"لك عندي حق درهمًا" فقوله:"نصيبًا مفروضًا"، كقوله: نصيبًا فريضة وفرضًا، كما يقال:"عندي درهم هبةً مقبوضة". (٢)
* * *
تم الجزء السابع من تفسير الطبري
ويليه الجزء الثامن، وأوّله
(١) في المطبوعة: "لا يرثن" غير ما في المخطوطة، وهو ما أثبته.
(٢) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٥٧، فهو كنص عبارته.
(٢) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٥٧، فهو كنص عبارته.
599
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفًا (٨) ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في حكم هذه الآية، هل هو محكم أو منسوخ؟
فقال بعضهم: هو محكم.
ذكر من قال ذلك:
٨٦٥٨ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن الشيباني، عن عكرمة، عن ابن عباس قال، محكمة، وليست منسوخة = يعني قوله:"وإذا حضر القسمة أولوا القربى" الآية.
٨٦٥٩ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا الأشجعي، عن سفيان، عن الشيباني، عن عكرمة، عن ابن عباس مثله. (١).
٨٦٦٠ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم والشعبي قالا هي محكمة. (٢).
٨٦٦١ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال، واجب، ما طابت به أنفس أهل الميراث.
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في حكم هذه الآية، هل هو محكم أو منسوخ؟
فقال بعضهم: هو محكم.
ذكر من قال ذلك:
٨٦٥٨ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن الشيباني، عن عكرمة، عن ابن عباس قال، محكمة، وليست منسوخة = يعني قوله:"وإذا حضر القسمة أولوا القربى" الآية.
٨٦٥٩ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا الأشجعي، عن سفيان، عن الشيباني، عن عكرمة، عن ابن عباس مثله. (١).
٨٦٦٠ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم والشعبي قالا هي محكمة. (٢).
٨٦٦١ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال، واجب، ما طابت به أنفس أهل الميراث.
(١) الأثر: ٨٦٥٩ - هذا الأثر ساقط من المطبوعة، وخلط بينه وبين الذي يليه.
(٢) الأثر ٨٦٦٠ - كان في المطبوعة: "حدثنا أبو كريب قال، حدثنا الأشجعي، عن سفيان... "، وضع"الأشجعي" من الإسناد السالف الذي أسقطه، مكان"ابن يمان" فأعدتها إلى الصواب من المخطوطة.
(٢) الأثر ٨٦٦٠ - كان في المطبوعة: "حدثنا أبو كريب قال، حدثنا الأشجعي، عن سفيان... "، وضع"الأشجعي" من الإسناد السالف الذي أسقطه، مكان"ابن يمان" فأعدتها إلى الصواب من المخطوطة.
7
٨٦٦٢ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا الأشجعي، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين"، قال، هي واجبة على أهل الميراث ما طابت به أنفسهم.
٨٦٦٣- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا الأشجعي، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم والشعبي قالا هي محكمة، ليست بمنسوخة.
٨٦٦٤ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى بن عبد الرحمن، عن سفيان = وحدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري = عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال، هي واجبة على أهل الميراث، ما طابت به أنفسهم.
٨٦٦٥ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير: أنه سئل عن قوله:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا" فقال سعيد: هذه الآية يتهاون بها الناس. قال، وهما وليَّان، أحدهما يرث، والآخر لا يرث. والذي يرث هو الذي أمر أن يرزقهم = قال، يعطيهم = قال، والذي لا يرث هو الذي أمر أن يقول لهم قولا معروفا. وهي محكمة وليست بمنسوخة.
٨٦٦٦ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم بنحو ذلك = وقال، هي محكمة وليست بمنسوخة.
٨٦٦٧ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن مطرف، عن الحسن قال، هي ثابتة، ولكن الناس بخلوا وشحوا.
٨٦٦٨ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا منصور والحسن قالا هي محكمة وليست بمنسوخة.
٨٦٦٩ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا عباد بن العوام، عن الحجاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال، هي قائمة يعمل بها.
٨٦٧٠ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى،
٨٦٦٣- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا الأشجعي، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم والشعبي قالا هي محكمة، ليست بمنسوخة.
٨٦٦٤ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى بن عبد الرحمن، عن سفيان = وحدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري = عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال، هي واجبة على أهل الميراث، ما طابت به أنفسهم.
٨٦٦٥ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير: أنه سئل عن قوله:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا" فقال سعيد: هذه الآية يتهاون بها الناس. قال، وهما وليَّان، أحدهما يرث، والآخر لا يرث. والذي يرث هو الذي أمر أن يرزقهم = قال، يعطيهم = قال، والذي لا يرث هو الذي أمر أن يقول لهم قولا معروفا. وهي محكمة وليست بمنسوخة.
٨٦٦٦ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم بنحو ذلك = وقال، هي محكمة وليست بمنسوخة.
٨٦٦٧ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن مطرف، عن الحسن قال، هي ثابتة، ولكن الناس بخلوا وشحوا.
٨٦٦٨ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا منصور والحسن قالا هي محكمة وليست بمنسوخة.
٨٦٦٩ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا عباد بن العوام، عن الحجاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال، هي قائمة يعمل بها.
٨٦٧٠ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى،
8
عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه"، ما طابت به الأنفس حقا واجبا.
٨٦٧١ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو سفيان، عن معمر، عن الحسن والزهري قالا في قوله:"وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه" قال، هي محكمة.
٨٦٧٢ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا منصور، عن قتادة، عن يحيى بن يعمر قال، ثلاث آيات محكمات مدنيات تركهن الناس: هذه الآية: وآية الاستئذان: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) [سورة النور: ٥٨]، وهذه الآية: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى) [سورة الحجرات: ١٣].
٨٦٧٣ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال، كان الحسن يقول: هي ثابتة.
* * *
وقال آخرون: منسوخة.
ذكر من قال ذلك:
٨٦٧٤ - حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى قالا حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن سعيد أنه قال في هذه الآية:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين" قال، كانت هذه الآية قسمة قبل المواريث، فلما أنزل الله المواريث لأهلها، جعلت الوصية لذوي القرابة الذين يحزنون ولا يرثون.
٨٦٧٥ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا قرة بن خالد، عن قتادة قال، سألت سعيد بن المسيب عن هذه الآية:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين" قال، هي منسوخة.
٨٦٧١ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو سفيان، عن معمر، عن الحسن والزهري قالا في قوله:"وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه" قال، هي محكمة.
٨٦٧٢ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا منصور، عن قتادة، عن يحيى بن يعمر قال، ثلاث آيات محكمات مدنيات تركهن الناس: هذه الآية: وآية الاستئذان: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) [سورة النور: ٥٨]، وهذه الآية: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى) [سورة الحجرات: ١٣].
٨٦٧٣ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال، كان الحسن يقول: هي ثابتة.
* * *
وقال آخرون: منسوخة.
ذكر من قال ذلك:
٨٦٧٤ - حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى قالا حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن سعيد أنه قال في هذه الآية:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين" قال، كانت هذه الآية قسمة قبل المواريث، فلما أنزل الله المواريث لأهلها، جعلت الوصية لذوي القرابة الذين يحزنون ولا يرثون.
٨٦٧٥ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا قرة بن خالد، عن قتادة قال، سألت سعيد بن المسيب عن هذه الآية:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين" قال، هي منسوخة.
9
٨٦٧٦ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب قال، كانت هذه قبل الفرائض وقسمة الميراث، فلما كانت الفرائض والمواريث نسخت.
٨٦٧٧ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن السدي، عن أبي مالك قال، نسختها آية الميراث.
٨٦٧٨ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا الأشجعي، عن سفيان، عن السدي، عن أبي مالك مثله.
٨٦٧٩ - حدثنا محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثنا أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى" الآية، إلى قوله:"قولا معروفًا"، وذلك قبل أن تنزل الفرائض، فأنزل الله تبارك وتعالى بعد ذلك الفرائض، فأعطى كل ذي حق حقه، فجعلت الصدقة فيما سمَّى المتوفَّي.
٨٦٨٠ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك قال، نسختها المواريث.
* * *
وقال آخرون:"هي محكمة وليست بمنسوخة، غير أن معنى ذلك:"وإذا حضر القسمة"، يعني بها قسمة الميت ماله بوصيته لمن كان يوصي له به". قالوا: وأمر بأن يجعل وصيته في ماله لمن سماه الله تعالى في هذه الآية.
ذكر من قال ذلك:
٨٦٨١ - حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال، حدثنا ابن المبارك، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن القاسم بن محمد: أن عبد الله بن عبد الرحمن قَسَم ميراث أبيه، وعائشة حية، فلم يدع في الدار أحدا إلا أعطاه، وتلا هذه الآية:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه". قال
٨٦٧٧ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن السدي، عن أبي مالك قال، نسختها آية الميراث.
٨٦٧٨ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا الأشجعي، عن سفيان، عن السدي، عن أبي مالك مثله.
٨٦٧٩ - حدثنا محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثنا أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى" الآية، إلى قوله:"قولا معروفًا"، وذلك قبل أن تنزل الفرائض، فأنزل الله تبارك وتعالى بعد ذلك الفرائض، فأعطى كل ذي حق حقه، فجعلت الصدقة فيما سمَّى المتوفَّي.
٨٦٨٠ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك قال، نسختها المواريث.
* * *
وقال آخرون:"هي محكمة وليست بمنسوخة، غير أن معنى ذلك:"وإذا حضر القسمة"، يعني بها قسمة الميت ماله بوصيته لمن كان يوصي له به". قالوا: وأمر بأن يجعل وصيته في ماله لمن سماه الله تعالى في هذه الآية.
ذكر من قال ذلك:
٨٦٨١ - حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال، حدثنا ابن المبارك، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن القاسم بن محمد: أن عبد الله بن عبد الرحمن قَسَم ميراث أبيه، وعائشة حية، فلم يدع في الدار أحدا إلا أعطاه، وتلا هذه الآية:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه". قال
10
القاسم: فذكرت ذلك لابن عباس فقال، ما أصاب، إنما هذه الوصية = يريد الميت، أن يوصي لقرابته. (١).
٨٦٨٢ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن جريج قال، أخبرني ابن أبي مليكة: أن القاسم بن محمد أخبره، أن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر قسم، فذكر نحوه.
٨٦٨٤ - حدثنا عمران بن موسى الصَّفَّار قال، حدثنا عبد الوارث بن سعيد قال، حدثنا داود، عن سعيد بن المسيب في قوله:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين" قال، أمر أن يوصي بثلثه في قرابته. (٢).
٨٦٨٤ - حدثنا ابن المبارك قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن سعيد بن المسيب قال، إنما ذلك عند الوصية في ثلثه.
٨٦٨٥ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن سعيد بن المسيب:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه"، قال، هي الوصية من الناس.
٨٦٨٦ - حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين" قال، القسمة الوصية، كان الرجل إذا أوصى قالوا:"فلان يقسم ماله". فقال،"ارزقوهم منه". يقول: أوصوا لهم. يقول للذي يوصي:"وقولوا لهم قولا معروفًا" فإن لم توصوا لهم، فقولوا لهم خيرا.
* * *
٨٦٨٢ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن جريج قال، أخبرني ابن أبي مليكة: أن القاسم بن محمد أخبره، أن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر قسم، فذكر نحوه.
٨٦٨٤ - حدثنا عمران بن موسى الصَّفَّار قال، حدثنا عبد الوارث بن سعيد قال، حدثنا داود، عن سعيد بن المسيب في قوله:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين" قال، أمر أن يوصي بثلثه في قرابته. (٢).
٨٦٨٤ - حدثنا ابن المبارك قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن سعيد بن المسيب قال، إنما ذلك عند الوصية في ثلثه.
٨٦٨٥ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن سعيد بن المسيب:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه"، قال، هي الوصية من الناس.
٨٦٨٦ - حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين" قال، القسمة الوصية، كان الرجل إذا أوصى قالوا:"فلان يقسم ماله". فقال،"ارزقوهم منه". يقول: أوصوا لهم. يقول للذي يوصي:"وقولوا لهم قولا معروفًا" فإن لم توصوا لهم، فقولوا لهم خيرا.
* * *
(١) الأثر: ٨٦٨١ -"سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي" مضت ترجمته في: ٢٢٢٥، وفي مواضع أخرى. وكان في المطبوعة: "يحيى بن سعيد الأموي"، قدم وأخر، والصواب من المخطوطة. و"عبد الله بن عبد الرحمن" هو: "عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق"، وهو ابن أخت أم سلمة، زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(٢) الأثر: ٨٦٨٣ -"عمران بن موسى الصفار"، مضت ترجمته برقم: ٢١٥٤، ولكنه موصوف في التهذيب وابن أبي حاتم"القزاز". فهذا اختلاف ينبغي أن يقيد.
(٢) الأثر: ٨٦٨٣ -"عمران بن موسى الصفار"، مضت ترجمته برقم: ٢١٥٤، ولكنه موصوف في التهذيب وابن أبي حاتم"القزاز". فهذا اختلاف ينبغي أن يقيد.
11
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصحة، قول من قال،"هذه الآية محكمة غير منسوخة، وإنما عنى بها الوصية لأولي قربى الموصي = وعنى باليتامى والمساكين: أن يقال لهم قول معروف".
وإنما قلنا ذلك أولى بالصحة من غيره، لما قد بينا في غير موضع من كتابنا هذا وغيره، (١) أن شيئا من أحكام الله تبارك وتعالى التي أثبتها في كتابه أو بيَّنها على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، غير جائز فيه أن يقال له ناسخ لحكم آخر، أو منسوخ بحكم آخر، (٢) إلا والحكمان اللذان قضى لأحدهما بأنه ناسخ والآخر بأنه منسوخ = ناف كل واحد منهما صاحبه، غيرُ جائز اجتماع الحكم بهما في وقت واحد بوجه من الوجوه، وإن كان جائزًا صرفه إلى غير النسخ = أو تقولَ بأن أحدهما ناسخ والآخر منسوخ، حجة يجب التسليم لها.
وإنما قلنا ذلك أولى بالصحة من غيره، لما قد بينا في غير موضع من كتابنا هذا وغيره، (١) أن شيئا من أحكام الله تبارك وتعالى التي أثبتها في كتابه أو بيَّنها على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، غير جائز فيه أن يقال له ناسخ لحكم آخر، أو منسوخ بحكم آخر، (٢) إلا والحكمان اللذان قضى لأحدهما بأنه ناسخ والآخر بأنه منسوخ = ناف كل واحد منهما صاحبه، غيرُ جائز اجتماع الحكم بهما في وقت واحد بوجه من الوجوه، وإن كان جائزًا صرفه إلى غير النسخ = أو تقولَ بأن أحدهما ناسخ والآخر منسوخ، حجة يجب التسليم لها.
(١) انظر ما سلف ٢: ٤٧١، ٤٧٢، ٤٨٢، ٥٣٤، ٥٣٥ / ٣: ٣٨٥، ٥٦٣ / ٤: ٥٨٢ / ٥: ٤١٤ / ٦: ٥٤، ١١٨.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "أو منسوخ لحكم" باللام، والصواب بالباء.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "أو منسوخ لحكم" باللام، والصواب بالباء.
12
وإذْ كان ذلك كذلك، لما قد دللنا في غير موضع = وكان قوله تعالى ذكره:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه"، محتملا أن يكون مرادا به: وإذا حضر قسمة مال قاسمٍ مالَه بوصيةٍ، أولو قرابته واليتامى والمساكين، فارزقوهم منه - يراد: فأوصوا لأولي قرابتكم الذين لا يرثونكم منه، وقولوا لليتامى والمساكين قولا معروفًا، كما قال في موضع آخر: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) [سورة البقرة: ١٨٠]، ولا يكون منسوخا بآية الميراث = (١) لم يكن لأحد صرفه إلى أنه منسوخ بآية الميراث، إذ كان لا دلالة على أنه منسوخ بها من كتاب أو سنة ثابتة، وهو محتمل من التأويل ما بينَّا. وإذْ كان ذلك كذلك، فتأويل قوله:"وإذا حضر القسمة"، قسمة الموصي ماله بالوصية، أولو قرابته ="واليتامى والمساكين فارزقوهم منه"، يقول: فاقسموا لهم منه بالوصية، يعني: فأوصوا لأولي القربى من أموالكم ="وقولوا لهم"، يعني الآخرين، وهم اليتامى والمساكين ="قولا معروفًا"، يعني: يدعى لهم بخير، (٢) كما قال ابن عباس وسائر من ذكرنا قوله قبلُ.
* * *
وأما الذين قالوا:"إنّ الآية منسوخة بآية المواريث"، والذين قالوا:"هي محكمة، والمأمور بها ورثة الميت" = فإنهم وَجّهوا قوله:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه"، يقول: فأعطوهم منه ="وقولوا لهم قولا معروفًا"، وقد ذكرنا بعضَ من قال ذلك، وسنذكر بقية من قال ذلك ممن لم نذكره:
٨٦٨٧ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين"، أمر الله جل ثناؤه المؤمنين عند قسمة مواريثهم أن يَصِلوا أرحامهم ويتاماهم من الوصية، إن كان أوصىَ، وإن لم تكن وصية، وصَل إليهم من مواريثهم.
٨٦٨٨ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"وإذا حضر القسمة أولو القربى" الآية، يعني: عند قسمة الميراث.
٨٦٨٩ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن هشام بن عروة: أن أباه أعطاهُ من ميراث المُصْعب، حين قسم ماله.
٨٦٩٠ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا
* * *
وأما الذين قالوا:"إنّ الآية منسوخة بآية المواريث"، والذين قالوا:"هي محكمة، والمأمور بها ورثة الميت" = فإنهم وَجّهوا قوله:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه"، يقول: فأعطوهم منه ="وقولوا لهم قولا معروفًا"، وقد ذكرنا بعضَ من قال ذلك، وسنذكر بقية من قال ذلك ممن لم نذكره:
٨٦٨٧ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين"، أمر الله جل ثناؤه المؤمنين عند قسمة مواريثهم أن يَصِلوا أرحامهم ويتاماهم من الوصية، إن كان أوصىَ، وإن لم تكن وصية، وصَل إليهم من مواريثهم.
٨٦٨٨ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"وإذا حضر القسمة أولو القربى" الآية، يعني: عند قسمة الميراث.
٨٦٨٩ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن هشام بن عروة: أن أباه أعطاهُ من ميراث المُصْعب، حين قسم ماله.
٨٦٩٠ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا
(١) السياق: "وإذ كان ذلك كذلك، لما قد دللنا في غير موضع... لم يكن لأحد... " وما بينهما عطف وفصل وبيان.
(٢) انظر تفسير"قول معروف" فيما سلف ٧: ٥٧٢، ٥٧٣ تعليق: ٢= ثم ٥٨٢، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير"قول معروف" فيما سلف ٧: ٥٧٢، ٥٧٣ تعليق: ٢= ثم ٥٨٢، تعليق: ١، والمراجع هناك.
13
عوف، عن ابن سيرين قال، كانوا يرضخون لهم عند القسمة. (١).
٨٦٩١ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن مطر، عن الحسن عن حِطَّان: أن أبا موسى أمر أن يُعْطَوا إذا حضر قسمة الميراث: أولو القربى واليتامى والمساكين والجيرانُ من الفقراء.
٨٦٩٢ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا يحيى بن سعيد وابن أبي عدي، ومحمد بن جعفر، عن شعبة، عن قتادة، عن يونس بن جبير، عن حطان بن عبد الله الرقاشي قال، قسم أبو موسى بهذه الآية:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين".
٨٦٩٣ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد ويحيى بن سعيد، عن شعبة، عن قتادة، عن يونس بن جبير، عن حطّان، عن أبي موسى في هذه الآية:"وإذا حضر القسمة" الآية قال، قضى بها أبو موسى.
٨٦٩٤ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن العلاء بن بدر في الميراث إذا قُسم قال، كانوا يعطون منه التابوت والشيء الذي يُستحيى من قسمته. (٢)
٨٦٩٥ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن الحسن وسعيد بن جبير، كانا يقولان: ذاك عند قسمة الميراث.
٨٦٩٦ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن عاصم، عن أبي العالية والحسن قالا يرضخون ويقولون قولا معروفًا، في هذه الآية:"وإذا حضر القسمة".
* * *
ثم اختلف الذين قالوا:"هذه الآية محكمة، وأن القسمة لأولي القربى
٨٦٩١ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن مطر، عن الحسن عن حِطَّان: أن أبا موسى أمر أن يُعْطَوا إذا حضر قسمة الميراث: أولو القربى واليتامى والمساكين والجيرانُ من الفقراء.
٨٦٩٢ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا يحيى بن سعيد وابن أبي عدي، ومحمد بن جعفر، عن شعبة، عن قتادة، عن يونس بن جبير، عن حطان بن عبد الله الرقاشي قال، قسم أبو موسى بهذه الآية:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين".
٨٦٩٣ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد ويحيى بن سعيد، عن شعبة، عن قتادة، عن يونس بن جبير، عن حطّان، عن أبي موسى في هذه الآية:"وإذا حضر القسمة" الآية قال، قضى بها أبو موسى.
٨٦٩٤ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن العلاء بن بدر في الميراث إذا قُسم قال، كانوا يعطون منه التابوت والشيء الذي يُستحيى من قسمته. (٢)
٨٦٩٥ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن الحسن وسعيد بن جبير، كانا يقولان: ذاك عند قسمة الميراث.
٨٦٩٦ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن عاصم، عن أبي العالية والحسن قالا يرضخون ويقولون قولا معروفًا، في هذه الآية:"وإذا حضر القسمة".
* * *
ثم اختلف الذين قالوا:"هذه الآية محكمة، وأن القسمة لأولي القربى
(١) رضخ له من ماله رضيخة: أعطاه عطية مقاربة أو قليلة.
(٢) أشكل على قوله: "والتابوت" هنا، وما أراد به.
(٢) أشكل على قوله: "والتابوت" هنا، وما أراد به.
14
واليتامى والمساكين واجبة على أهل الميراث، إن كان بعض أهل الميراث صغيرًا فقسم عليه الميراث وليُّ ماله".
فقال بعضهم: ليس لوليّ ماله أن يقسم من ماله ووصيته شيئًا، لأنه لا يملك من المال شيئا، ولكنه يقول لهم قولا معروفًا. قالوا: والذي أمرَه الله بأن يقول لهم معروفًا، هو ولي مال اليتيم إذا قسم مالَ اليتيم بينه وبين شركاء اليتيم، إلا أن يكون ولي ماله أحد الورثة، فيعطيهم من نصيبه، ويعطيهم من يجوز أمره في ماله من أنصبائهم. قالوا: فأما من مال الصغير، فالذي يولَّى عليه ماله، لا يجوز لوليّ ماله أن يعطيهم منه شيئًا.
ذكر من قال ذلك:
٨٦٩٧ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن السدي، عن أبي سعيد قال، سألت سعيد بن جبير، عن هذه الآية:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه" قال، إن كان الميت أوصى لهم بشيء، أنفذت لهم وصيتهم، وإن كان الورثة كبارا رضخوا لهم، وإن كانوا صغارًا قال وليهم: إني لست أملك هذا المال وليس لي، وإنما هو للصغار. فذلك قوله:"وقولوا لهم قولا معروفًا".
٨٦٩٨ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير في هذه الآية:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفًا" قال، هما وليان، وليٌّ يرث، وولي لا يرث. فأما الذي يرث فيعطَى، وأما الذي لا يرث فقولوا له قولا معروفًا.
٨٦٩٩ - حدثني ابن المثنى قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثني داود، عن الحسن وسعيد بن جبير كانا يقولان: ذلك عند قسمة الميراث. إن كان الميراث لمن قد أدرك، فله أن يكسو منه وأن يطعم الفقراء والمساكين. وإن كان
فقال بعضهم: ليس لوليّ ماله أن يقسم من ماله ووصيته شيئًا، لأنه لا يملك من المال شيئا، ولكنه يقول لهم قولا معروفًا. قالوا: والذي أمرَه الله بأن يقول لهم معروفًا، هو ولي مال اليتيم إذا قسم مالَ اليتيم بينه وبين شركاء اليتيم، إلا أن يكون ولي ماله أحد الورثة، فيعطيهم من نصيبه، ويعطيهم من يجوز أمره في ماله من أنصبائهم. قالوا: فأما من مال الصغير، فالذي يولَّى عليه ماله، لا يجوز لوليّ ماله أن يعطيهم منه شيئًا.
ذكر من قال ذلك:
٨٦٩٧ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن السدي، عن أبي سعيد قال، سألت سعيد بن جبير، عن هذه الآية:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه" قال، إن كان الميت أوصى لهم بشيء، أنفذت لهم وصيتهم، وإن كان الورثة كبارا رضخوا لهم، وإن كانوا صغارًا قال وليهم: إني لست أملك هذا المال وليس لي، وإنما هو للصغار. فذلك قوله:"وقولوا لهم قولا معروفًا".
٨٦٩٨ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير في هذه الآية:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفًا" قال، هما وليان، وليٌّ يرث، وولي لا يرث. فأما الذي يرث فيعطَى، وأما الذي لا يرث فقولوا له قولا معروفًا.
٨٦٩٩ - حدثني ابن المثنى قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثني داود، عن الحسن وسعيد بن جبير كانا يقولان: ذلك عند قسمة الميراث. إن كان الميراث لمن قد أدرك، فله أن يكسو منه وأن يطعم الفقراء والمساكين. وإن كان
15
الميراث ليتامى صغار، فيقول الولي:"إنه ليتامى صغار"، ويقول لهم قولا معروفًا. (١)
٨٧٠٠ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن السدي، عن أبي سعد، عن سعيد بن جبير قال، إن كانوا كبارًا رضخوا، وإن كانوا صغارًا اعتذروا إليهم. (٢)
٨٧٠١ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن سليمان الشيباني، عن عكرمة:"وإذا حضر القسمة أولو القربى" قال، كان ابن عباس يقول: إذا ولي شيئًا من ذلك، يرضخ لأقرباء الميت. وإن لم يفعل، اعتذر إليهم وقال لهم قولا معروفًا.
٨٧٠٢ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفًا"، هذه تكون على ثلاثة أوجه: أما وجْهٌ، فيوصي لهم وصية، (٣) فيحضرون ويأخذون وصيتهم= وأما الثاني، فإنهم يحضرون فيقتسمون إذا كانوا رجالا فينبغي لهم أن يعطوهم = وأما الثالث، فتكون الورثة صغارًا، فيقوم وليّهم إذا قسم بينهم، فيقول للذين حضروا:"حقكم حق، وقرابتكم قرابة، ولو كان لي في الميراث نصيب لأعطيتكم، ولكنهم صغار، فإن يكبروا فسيعرفون
٨٧٠٠ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن السدي، عن أبي سعد، عن سعيد بن جبير قال، إن كانوا كبارًا رضخوا، وإن كانوا صغارًا اعتذروا إليهم. (٢)
٨٧٠١ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن سليمان الشيباني، عن عكرمة:"وإذا حضر القسمة أولو القربى" قال، كان ابن عباس يقول: إذا ولي شيئًا من ذلك، يرضخ لأقرباء الميت. وإن لم يفعل، اعتذر إليهم وقال لهم قولا معروفًا.
٨٧٠٢ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفًا"، هذه تكون على ثلاثة أوجه: أما وجْهٌ، فيوصي لهم وصية، (٣) فيحضرون ويأخذون وصيتهم= وأما الثاني، فإنهم يحضرون فيقتسمون إذا كانوا رجالا فينبغي لهم أن يعطوهم = وأما الثالث، فتكون الورثة صغارًا، فيقوم وليّهم إذا قسم بينهم، فيقول للذين حضروا:"حقكم حق، وقرابتكم قرابة، ولو كان لي في الميراث نصيب لأعطيتكم، ولكنهم صغار، فإن يكبروا فسيعرفون
(١) الأثر: ٨٦٩٩ - في المطبوعة"حدثنا ابن داود"، وهو خطأ أوقعته فيه المخطوطة فإن كتب أولا"حدثنا" ثم ضرب على"ثنا" وكتب"ثني"، مكانها، فظنها القارئ"ابن" فكتب ما كتب. و"داوود" هو: "داود بن أبي هند"، وقد مضت ترجمته فيما سلف: ١٦٠٨، وفي غيره من المواضع.
(٢) الأثر: ٨٧٠٠ - في المطبوعة: "عن أبي سعيد، عن سعيد بن جبير" وأثبت ما في المخطوطة. و"أبو سعد"، هو: "أبو سعد الأرحبي الكوفي" قارئ الأزد، ويقال، "أبو سعيد" روى عنه إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير، مترجم في التهذيب.
(٣) في المطبوعة: "أما الأول، فيوصي لهم... "، كأنه ظن عبارة الخبر خطأ، فغيرها لتطابق قوله بعد: "وأما الثاني"، والذي في المخطوطة صواب جدًا، ولا معنى لتغييره.
(٢) الأثر: ٨٧٠٠ - في المطبوعة: "عن أبي سعيد، عن سعيد بن جبير" وأثبت ما في المخطوطة. و"أبو سعد"، هو: "أبو سعد الأرحبي الكوفي" قارئ الأزد، ويقال، "أبو سعيد" روى عنه إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير، مترجم في التهذيب.
(٣) في المطبوعة: "أما الأول، فيوصي لهم... "، كأنه ظن عبارة الخبر خطأ، فغيرها لتطابق قوله بعد: "وأما الثاني"، والذي في المخطوطة صواب جدًا، ولا معنى لتغييره.
16
حقكم"، فهذا القول المعروف. (١)
٨٧٠٣ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن رجل، عن سعيد أنه قال،"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفًا" قال، إذا كان الوارث عند القسمة، فكان الإناء والشيء الذي لا يستطاع أن يقسم، فليرضخ لهم. وإن كان الميراث لليتامى، فليقل لهم قولا معروفًا.
* * *
وقال آخرون منهم: ذلك واجب في أموال الصغار والكبار لأولي القربى واليتامى والمساكين، فإن كان الورثة كبارًا تولَّوا عند القسمة إعطاءهم ذلك، وإن كانوا صغارًا تولّى إعطاء ذلك منهم وليُّ مالهم.
ذكر من قال ذلك:
٨٧٠٤ - حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن يونس في قوله:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه"، فحدث عن محمد، عن عبيدة: أنه وَلِي وصية، فأمر بشاة فذبحت وصنع طعامًا، لأجل هذه الآية، وقال، لولا هذه الآية لكان هذا من مالي = قال، وقال الحسن: لم تنسخ، كانوا يحضرون فيعطون الشيء والثوب الخلق = قال يونس: إن محمد بن سيرين ولي وصية - أو قال، أيتاما - فأمر بشاة فذبحت، فصنع طعامًا كما صنع عبيدة.
٨٧٠٥ - حدثنا مجاهد بن موسى قال، حدثنا يزيد قال، أخبرنا هشام بن حسان، عن محمد: أن عبيدة قسم ميراث أيتام، فأمر بشاة فاشتريت من مالهم،
٨٧٠٣ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن رجل، عن سعيد أنه قال،"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفًا" قال، إذا كان الوارث عند القسمة، فكان الإناء والشيء الذي لا يستطاع أن يقسم، فليرضخ لهم. وإن كان الميراث لليتامى، فليقل لهم قولا معروفًا.
* * *
وقال آخرون منهم: ذلك واجب في أموال الصغار والكبار لأولي القربى واليتامى والمساكين، فإن كان الورثة كبارًا تولَّوا عند القسمة إعطاءهم ذلك، وإن كانوا صغارًا تولّى إعطاء ذلك منهم وليُّ مالهم.
ذكر من قال ذلك:
٨٧٠٤ - حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن يونس في قوله:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه"، فحدث عن محمد، عن عبيدة: أنه وَلِي وصية، فأمر بشاة فذبحت وصنع طعامًا، لأجل هذه الآية، وقال، لولا هذه الآية لكان هذا من مالي = قال، وقال الحسن: لم تنسخ، كانوا يحضرون فيعطون الشيء والثوب الخلق = قال يونس: إن محمد بن سيرين ولي وصية - أو قال، أيتاما - فأمر بشاة فذبحت، فصنع طعامًا كما صنع عبيدة.
٨٧٠٥ - حدثنا مجاهد بن موسى قال، حدثنا يزيد قال، أخبرنا هشام بن حسان، عن محمد: أن عبيدة قسم ميراث أيتام، فأمر بشاة فاشتريت من مالهم،
(١) الأثر: ٨٧٠٢ - في المخطوطة والمطبوعة: "حدثنا أحمد بن الحسين قال حدثنا أحمد بن مفضل"، وهو خطأ صوابه: "حدثنا محمد بن الحسين". وقد مضت ترجمته برقم: ٧١٢٠. ومضى إسناده مئات من المرات على الصواب، أقربها رقم: ٨٦٥٤.
17
وبطعام فصنع، وقال، لولا هذه الآية لأحببت أن يكون من مالي. ثم قرأ هذه الآية:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه"، الآية.
* * *
قال أبو جعفر: فكأن من ذهب من القائلين القولَ الذي ذكرناه عن ابن عباس وسعيد بن جبير، ومن قال،"يرضخ عند قسمة الميراث لأولي القربى واليتامى والمساكين"، تأول قوله:"فارزقوهم منه"، فأعطوهم منه = وكأن الذين ذهبوا إلى ما قال عبيدة وابن سيرين، تأولوا قوله:"فارزقوهم منه"، فأطعموهم منه.
* * *
واختلفوا في تأويل قوله:"وقولوا لهم قولا معروفًا".
فقال بعضهم: هو أمر من الله تعالى ذكره ولاةَ اليتامى أن يقولوا لأولي قرابتهم ولليتامى والمساكين إذا حضروا قسمتهم مالَ من وَلُوا عليه ماله من الأموال بينهم وبين شركائهم من الورثة فيها، أن يعتذروا إليهم، على نحو ما قد ذكرناه فيما مضى من الاعتذار، كما:-
٨٧٠٦ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، حدثنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير:"وقولوا لهم قولا معروفًا" قال، هو الذي لا يرث، أمر أن يقول لهم قولا معروفًا. قال يقول:"إن هذا المال لقوم غُيَّب، أو ليتامى صغار، ولكم فيه حق، ولسنا نملك أن نعطيكم منه شيئًا". قال، فهذا القول المعروف.
* * *
وقال آخرون: بل المأمور بالقول المعروف الذي أمر جل ثناؤه أن يقال له، هو الرجل الذي يوصي في ماله = و"القول المعروف"، هو الدعاء لهم بالرزق والغنى وما أشبه ذلك من قول الخير، وقد ذكرنا قائلي ذلك أيضًا فيما مضى. (١).
* * *
* * *
قال أبو جعفر: فكأن من ذهب من القائلين القولَ الذي ذكرناه عن ابن عباس وسعيد بن جبير، ومن قال،"يرضخ عند قسمة الميراث لأولي القربى واليتامى والمساكين"، تأول قوله:"فارزقوهم منه"، فأعطوهم منه = وكأن الذين ذهبوا إلى ما قال عبيدة وابن سيرين، تأولوا قوله:"فارزقوهم منه"، فأطعموهم منه.
* * *
واختلفوا في تأويل قوله:"وقولوا لهم قولا معروفًا".
فقال بعضهم: هو أمر من الله تعالى ذكره ولاةَ اليتامى أن يقولوا لأولي قرابتهم ولليتامى والمساكين إذا حضروا قسمتهم مالَ من وَلُوا عليه ماله من الأموال بينهم وبين شركائهم من الورثة فيها، أن يعتذروا إليهم، على نحو ما قد ذكرناه فيما مضى من الاعتذار، كما:-
٨٧٠٦ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، حدثنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير:"وقولوا لهم قولا معروفًا" قال، هو الذي لا يرث، أمر أن يقول لهم قولا معروفًا. قال يقول:"إن هذا المال لقوم غُيَّب، أو ليتامى صغار، ولكم فيه حق، ولسنا نملك أن نعطيكم منه شيئًا". قال، فهذا القول المعروف.
* * *
وقال آخرون: بل المأمور بالقول المعروف الذي أمر جل ثناؤه أن يقال له، هو الرجل الذي يوصي في ماله = و"القول المعروف"، هو الدعاء لهم بالرزق والغنى وما أشبه ذلك من قول الخير، وقد ذكرنا قائلي ذلك أيضًا فيما مضى. (١).
* * *
(١) في المطبوعة، زاد بعد قوله: "فيما مضى" ="بما أغنى عن إعادته"، كأنه استأنس بما أكثر أبو جعفر من تكرار مثل هذه الجملة، ولكنها ليست في المخطوطة، والكلام هنا غني عنها.
18
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا (٩) ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك: فقال بعضهم:"وليخش"، ليخف الذين يحضرون موصيًا يوصي في ماله أن يأمره بتفريق ماله وصيةً منه فيمن لا يرثه، (١) ولكن ليأمره أن يبقي ماله لولده، كما لو كان هو الموصي، يسره أن يحثَّه من يحضره على حفظ ماله لولده، وأن لا يدعهم عالة مع ضعفهم وعجزهم عن التصرف والاحتيال. (٢).
ذكر من قال ذلك:
٨٧٠٧ - حدثني علي بن داود قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم" إلى آخر الآية، فهذا في الرجل يحضره الموت فيسمعه يوصي بوصية تضر بورثته، فأمر الله سبحانه الذي سمعه أن يتقي الله ويوفقه ويسدده للصواب، ولينظر لورثته كما كان يحب أن يُصنع لورثته إذا خشي عليهم الضيَّعة.
٨٧٠٨ - حدثنا علي قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم"، يعني: الذي يحضره الموت فيقال له:"تصدق من مالك، وأعتق، وأعط منه في سبيل الله". فنهوا أن يأمروه بذلك = يعني أن من حضر
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك: فقال بعضهم:"وليخش"، ليخف الذين يحضرون موصيًا يوصي في ماله أن يأمره بتفريق ماله وصيةً منه فيمن لا يرثه، (١) ولكن ليأمره أن يبقي ماله لولده، كما لو كان هو الموصي، يسره أن يحثَّه من يحضره على حفظ ماله لولده، وأن لا يدعهم عالة مع ضعفهم وعجزهم عن التصرف والاحتيال. (٢).
ذكر من قال ذلك:
٨٧٠٧ - حدثني علي بن داود قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم" إلى آخر الآية، فهذا في الرجل يحضره الموت فيسمعه يوصي بوصية تضر بورثته، فأمر الله سبحانه الذي سمعه أن يتقي الله ويوفقه ويسدده للصواب، ولينظر لورثته كما كان يحب أن يُصنع لورثته إذا خشي عليهم الضيَّعة.
٨٧٠٨ - حدثنا علي قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم"، يعني: الذي يحضره الموت فيقال له:"تصدق من مالك، وأعتق، وأعط منه في سبيل الله". فنهوا أن يأمروه بذلك = يعني أن من حضر
(١) في المخطوطة والمطبوعة: "وصية به"، والصواب ما أثبت.
(٢) انظر تفسير"الخشية" فيما سلف ١: ٥٥٩، ٥٦٠ / ٢: ٢٣٩، ٢٤٣، تعليق: ٣ = ثم انظر"الذرية" فيما سلف ٣: ١٩، ٧٣ / ٥: ٥٤٣ / ٦: ٣٢٧، ٣٦١، ٣٦٢ = ثم تفسير"الضعفاء" و"الضعاف" ٥: ٥٤٣، ٥٥١، والأثر الآتي رقم: ٨٧٠٨.
(٢) انظر تفسير"الخشية" فيما سلف ١: ٥٥٩، ٥٦٠ / ٢: ٢٣٩، ٢٤٣، تعليق: ٣ = ثم انظر"الذرية" فيما سلف ٣: ١٩، ٧٣ / ٥: ٥٤٣ / ٦: ٣٢٧، ٣٦١، ٣٦٢ = ثم تفسير"الضعفاء" و"الضعاف" ٥: ٥٤٣، ٥٥١، والأثر الآتي رقم: ٨٧٠٨.
19
منكم مريضا عند الموت فلا يأمره أن ينفق ماله في العتق أو الصدقة أو في سبيل الله، ولكن يأمره أن يبيِّن ماله وما عليه من دين، ويوصي في ماله لذوي قرابته الذين لا يرثون، ويوصي لهم بالخمس أو الربع. يقول: أليس يكره أحدكم إذا مات وله ولد ضعاف = يعني صغار = أن يتركهم بغير مال، فيكونوا عيالا على الناس؟ فلا ينبغي أن تأمروه بما لا ترضون به لأنفسكم ولا أولادكم، ولكن قولوا الحق من ذلك.
٨٧٠٩ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا"، قال يقول: من حضر ميتًا فليأمره بالعدل والإحسان، ولينهه عن الحَيْف والجور في وصيته، وليخش على عياله ما كان خائفًا على عياله لو نزل به الموت.
٨٧١٠ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا" قال، إذا حضرتَ وصية ميت فمره بما كنت آمرًا نفسك بما تتقرَّب به إلى الله، وخَفْ في ذلك ما كنت خائفًا على ضَعَفَةٍ، لو تركتهم بعدك. (١) يقول: فاتّق الله وقل قولا سديدًا، إن هو زاغ.
٨٧١١ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدًا"، الرجل يحضره الموت، فيحضره القوم عند الوصية، فلا ينبغي لهم أن يقولوا له:"أوصِ بمالك كله، وقدم لنفسك، فإن الله سيرزق عيالك"، ولا يتركوه يوصي بماله كله، يقول للذين حضروا:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم"، فيقول: كما
٨٧٠٩ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا"، قال يقول: من حضر ميتًا فليأمره بالعدل والإحسان، ولينهه عن الحَيْف والجور في وصيته، وليخش على عياله ما كان خائفًا على عياله لو نزل به الموت.
٨٧١٠ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا" قال، إذا حضرتَ وصية ميت فمره بما كنت آمرًا نفسك بما تتقرَّب به إلى الله، وخَفْ في ذلك ما كنت خائفًا على ضَعَفَةٍ، لو تركتهم بعدك. (١) يقول: فاتّق الله وقل قولا سديدًا، إن هو زاغ.
٨٧١١ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدًا"، الرجل يحضره الموت، فيحضره القوم عند الوصية، فلا ينبغي لهم أن يقولوا له:"أوصِ بمالك كله، وقدم لنفسك، فإن الله سيرزق عيالك"، ولا يتركوه يوصي بماله كله، يقول للذين حضروا:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم"، فيقول: كما
(١) في المطبوعة: "على ضعفتك"، زاد إضافة الكاف، وما في المخطوطة صواب محض، وعنى بقوله"ضعفة": صغار.
20
يخاف أحدكم على عياله لو مات - إذ يتركهم صغارًا ضعافًا لا شيء لهم - الضيعة بعده، (١) فليخف ذلك على عيال أخيه المسلم، فيقول له القول السديد.
٨٧١٢ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن حبيب قال، ذهبت أنا والحكم بن عتيبَة إلى سعيد بن جبير، فسألناه عن قوله:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا" الآية، قال قال، الرجل يحضره الموت، فيقول له من يحضره:"اتق الله، صلهم، أعطهم، بِرَّهم"، ولو كانوا هم الذين يأمرهم بالوصية، لأحبوا أن يُبقوا لأولادهم. (٢)
٨٧١٣ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير في قوله:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا" قال، يحضرهم اليتامى فيقولون:"اتق الله، وصلهم، وأعطهم"، فلو كانوا هم، لأحبُّوا أن يبقوا لأولادهم.
٨٧١٤ - حدثني يحيى بن أبي طالب قال، أخبرنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا"، الآية، يقول: إذا حضر أحدكم من حضره الموتُ عند وصيته، فلا يقل:"أعتق من مالك، وتصدق"، فيفرِّق ماله ويدع أهله عُيَّلا (٣) ولكن مروه فليكتب ماله من دين وما عليه، ويجعل من ماله لذوي قرابته خمس ماله، ويدع سائره لورثته.
٨٧١٥ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"وليخش الذين لو تركوا
٨٧١٢ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن حبيب قال، ذهبت أنا والحكم بن عتيبَة إلى سعيد بن جبير، فسألناه عن قوله:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا" الآية، قال قال، الرجل يحضره الموت، فيقول له من يحضره:"اتق الله، صلهم، أعطهم، بِرَّهم"، ولو كانوا هم الذين يأمرهم بالوصية، لأحبوا أن يُبقوا لأولادهم. (٢)
٨٧١٣ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير في قوله:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا" قال، يحضرهم اليتامى فيقولون:"اتق الله، وصلهم، وأعطهم"، فلو كانوا هم، لأحبُّوا أن يبقوا لأولادهم.
٨٧١٤ - حدثني يحيى بن أبي طالب قال، أخبرنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا"، الآية، يقول: إذا حضر أحدكم من حضره الموتُ عند وصيته، فلا يقل:"أعتق من مالك، وتصدق"، فيفرِّق ماله ويدع أهله عُيَّلا (٣) ولكن مروه فليكتب ماله من دين وما عليه، ويجعل من ماله لذوي قرابته خمس ماله، ويدع سائره لورثته.
٨٧١٥ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"وليخش الذين لو تركوا
(١) في المخطوطة والمطبوعة: "أن يتركهم صغارًا... "، وهذا لا يستقيم، فآثرت"إذ يتركهم"، وصواب أيضًا أن تكون"إن تركهم صغارًا".
(٢) الأثر: ٨٧١٢ -"الحكم بين عتيبة الكندي"، مضت ترجمته برقم: ٣٢٩٧، وكان في المطبوعة: "بن عيينة" وهو خطأ، وفي المخطوطة غير منقوط. وانظر التعليق على الأثر: ٨٧١٦.
(٣) "عيل" (بضم العين وتشديد الياء المفتوحة) و"عالة" جمع"عائل": وهو الفقير المحتاج.
(٢) الأثر: ٨٧١٢ -"الحكم بين عتيبة الكندي"، مضت ترجمته برقم: ٣٢٩٧، وكان في المطبوعة: "بن عيينة" وهو خطأ، وفي المخطوطة غير منقوط. وانظر التعليق على الأثر: ٨٧١٦.
(٣) "عيل" (بضم العين وتشديد الياء المفتوحة) و"عالة" جمع"عائل": وهو الفقير المحتاج.
21
من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم" الآية قال، هذا يفرِّق المال حين يقسم، فيقول الذين يحضرون:"أقللت، زد فلانًا"، فيقول الله تعالى:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم"، فليخش أولئك، وليقولوا فيهم مثل ما يحب أحدهم أن يقال في ولده بالعَدل إذا أكثر:"أبق على ولدك".
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وليخش الذين يحضرون الموصي وهو يوصي = الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا فخافوا عليهم الضيعة من ضعفهم وطفولتهم = أن ينهوه عن الوصية لأقربائه، وأن يأمروه بإمساك ماله والتحفظ به لولده، وهم لو كانوا من أقرباء الموصي، لسرَّهم أن يوصي لهم.
ذكر من قال ذلك:
٨٧١٦ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن حبيب قال، ذهبت أنا والحكم بن عتيبة، فأتينا مِقْسَمًا فسألناه = يعني عن قوله:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا" الآية = فقال، ما قال سعيد بن جبير؟ فقلنا: كذا وكذا. فقال، ولكنه الرجل يحضره الموت، فيقول له من يحضره:"اتق الله وأمسك عليك مالك، فليس أحد أحقَّ بمالك من ولدك"، ولو كان الذي يوصي ذا قرابة لهم، لأحبوا أن يوصي لهم. (١)
٨٧١٧ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت قال، قال مِقسم: هم الذين يقولون:"اتق الله وأمسك عليك مالك"، فلو كان ذا قرابة لهم لأحبوا أن يوصي لهم.
٨٧١٨ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وليخش الذين يحضرون الموصي وهو يوصي = الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا فخافوا عليهم الضيعة من ضعفهم وطفولتهم = أن ينهوه عن الوصية لأقربائه، وأن يأمروه بإمساك ماله والتحفظ به لولده، وهم لو كانوا من أقرباء الموصي، لسرَّهم أن يوصي لهم.
ذكر من قال ذلك:
٨٧١٦ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن حبيب قال، ذهبت أنا والحكم بن عتيبة، فأتينا مِقْسَمًا فسألناه = يعني عن قوله:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا" الآية = فقال، ما قال سعيد بن جبير؟ فقلنا: كذا وكذا. فقال، ولكنه الرجل يحضره الموت، فيقول له من يحضره:"اتق الله وأمسك عليك مالك، فليس أحد أحقَّ بمالك من ولدك"، ولو كان الذي يوصي ذا قرابة لهم، لأحبوا أن يوصي لهم. (١)
٨٧١٧ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت قال، قال مِقسم: هم الذين يقولون:"اتق الله وأمسك عليك مالك"، فلو كان ذا قرابة لهم لأحبوا أن يوصي لهم.
٨٧١٨ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن
(١) الأثر: ٨٧١٦ -"مقسم"، هو"مقسم بن بجرة". مضت ترجمته رقم: ٤٨٠٦. وكان في هذا الموضع أيضًا من المطبوعة"الحكم بن عيينة"، والصواب كما أثبت، وانظر التعليق على الأثر: ٨٧١٢.
22
أبيه قال، زعم حضرمي وقرأ:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا"، قال قالوا: حقيقٌ أن يأمر صاحب الوصية بالوصية لأهلها، كما أن لو كانت ذرية نفسه بتلك المنزلة، لأحب أن يوصي لهم، وإن كان هو الوارث، فلا يمنعه ذلك أن يأمره بالذي يحق عليه، فإن ولده لو كانوا بتلك المنزلة أحب أن يُحَثَّ عليه، فليتق الله هو، فليأمره بالوصية، وإن كان هو الوارث، أو نحوًا من ذلك. (١).
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك، أمرٌ من الله ولاةَ اليتامى أن يلُوهم بالإحسان إليهم في أنفسهم وأموالهم، ولا يأكلوا أموالهم إسرافًا وبدارًا أن يكبروا، وأن يكونوا لهم كما يحبون أن يكون ولاة ولده الصِّغار بعدهم لهم بالإحسان إليهم، لو كانوا هم الذين ماتوا وتركوا أولادهم يتامى صغارًا.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك، أمرٌ من الله ولاةَ اليتامى أن يلُوهم بالإحسان إليهم في أنفسهم وأموالهم، ولا يأكلوا أموالهم إسرافًا وبدارًا أن يكبروا، وأن يكونوا لهم كما يحبون أن يكون ولاة ولده الصِّغار بعدهم لهم بالإحسان إليهم، لو كانوا هم الذين ماتوا وتركوا أولادهم يتامى صغارًا.
(١) في المخطوطة: "فليق الله هو قلت أمره بالوصية"، وهو كلام غير مفهوم، ولم أهتد لصحة وجهه، فتركت ما في المطبوعة على حاله، وإن كانت الجملة كلها عندي غير مرضية في المخطوطة والمطبوعة جميعًا، وأخشى أن يكون سقط منها شيء.
23
ذكر من قال ذلك:
٨٧١٩ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم"، يعني بذلك الرجلَ يموت وله أولاد صغارٌ ضعاف، يخاف عليهم العَيْلة والضيعة، ويخاف بعده أن لا يحسن إليه من يليهم، يقول: فإن ولي مثل ذريته ضعافًا يتامى، فليحسن إليهم، ولا يأكل أموالهم إسرافًا وبدارًا خشية أن يكبروا، فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدًا.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدًا"، يكفهم الله أمر ذريتهم بعدهم.
ذكر من قال ذلك:
٨٧٢٠ - حدثنا إبراهيم بن عطية بن رديح بن عطية قال، حدثني عمي محمد بن رُدَيح، عن أبيه، عن السَّيْباني قال، كنا بالقسطنطينية أيام مسلمة بن عبد الملك، وفينا ابن محيريز وابن الديلمي، وهانئ بن كلثوم قال، فجعلنا نتذاكر ما يكون في آخر الزمان. قال، فضقت ذرعًا بما سمعت. قال، فقلت لابن الدَّيلمي: يا أبا بشر، بودِّي أنه لا يولد لي ولدٌ أبدًا! قال، فضرب بيده على مَنْكبي وقال، يا ابن أخي، لا تفعل، فإنه ليست من نسمة كتب الله لها أن تخرج من صلب رجل إلا وهي خارجة إن شاء، وإن أبى. قال، ألا أدلّك على أمرٍ إنْ أنت أدركته نجاك الله منه، وإن تركت ولدك من بعدك حفظهم اللهُ فيك؟ قال، قلت: بلى! قال، فتلا عند ذلك هذه الآية:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدًا". (١).
٨٧١٩ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم"، يعني بذلك الرجلَ يموت وله أولاد صغارٌ ضعاف، يخاف عليهم العَيْلة والضيعة، ويخاف بعده أن لا يحسن إليه من يليهم، يقول: فإن ولي مثل ذريته ضعافًا يتامى، فليحسن إليهم، ولا يأكل أموالهم إسرافًا وبدارًا خشية أن يكبروا، فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدًا.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدًا"، يكفهم الله أمر ذريتهم بعدهم.
ذكر من قال ذلك:
٨٧٢٠ - حدثنا إبراهيم بن عطية بن رديح بن عطية قال، حدثني عمي محمد بن رُدَيح، عن أبيه، عن السَّيْباني قال، كنا بالقسطنطينية أيام مسلمة بن عبد الملك، وفينا ابن محيريز وابن الديلمي، وهانئ بن كلثوم قال، فجعلنا نتذاكر ما يكون في آخر الزمان. قال، فضقت ذرعًا بما سمعت. قال، فقلت لابن الدَّيلمي: يا أبا بشر، بودِّي أنه لا يولد لي ولدٌ أبدًا! قال، فضرب بيده على مَنْكبي وقال، يا ابن أخي، لا تفعل، فإنه ليست من نسمة كتب الله لها أن تخرج من صلب رجل إلا وهي خارجة إن شاء، وإن أبى. قال، ألا أدلّك على أمرٍ إنْ أنت أدركته نجاك الله منه، وإن تركت ولدك من بعدك حفظهم اللهُ فيك؟ قال، قلت: بلى! قال، فتلا عند ذلك هذه الآية:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدًا". (١).
(١) الأثر: ٨٧٢٠ -"إبراهيم بن عطية بن رديح بن عطية" لم أجد له ترجمة. و"محمد بن رديح" لم أجد له ترجمة، ولكنه مذكور في ترجمة أبيه في التهذيب أنه روى عنه ابنه"محمد". وأما "رديح بن عطية القرشي السامي"، مؤذن بيت المقدس روى عن السيباني، ثقة، مترجم في التهذيب، والكبير ٢ / ١ / ٣٠٦، وابن أبي حاتم ١ / ٢ / ٥١٨. وكان في المطبوعة"دريج" في الموضعين جميعًا وهو خطأ، والصواب من المخطوطة.
وأما "السيباني" فهو: "يحيى بن أبي عمرو السيباني" بالسين المهملة، نسبة إلى"سيبان" وهو بطن من حمير. وهو ابن عم الأوزاعي. مترجم في التهذيب. وكان في المطبوعة: "الشيباني" بالشين المعجمة، والصواب ما في المخطوطة.
وأما "ابن محيريز"، فهو: "عبد الله بن محيريز الجمحي" سكن بيت المقدس، روى عن أبي سعيد الخدري، ومعاوية وعبادة بن الصامت وغيرهم من الصحابة. وكان الأوزاعي لا يذكر خمسة من السلف إلا ذكر فيهم ابن محيريز، ورفع من ذكره وفضله. وهو تابعي ثقة من خيار المسلمين.
وأما "ابن الديلمي"، فهو"عبد الله بن فيروز الديلمي" أبو بشر، ويقال، أبو بسر، بالسين المهملة، كان يسكن بيت المقدس، روى عن جماعة من الصحابة، روى عنه يحيى بن أبي عمر السيباني. وهو تابعي ثقة. مترجم في التهذيب.
وأما "هانئ بن كلثوم بن عبد الله بن شريك الكناني" فهو من فلسطين، وكان عابدًا روى عن عمر بن الخطاب، ومعاوية وغيرهما. ذكره ابن حبان في الثقات. وكان عطاء الخراساني إذا ذكر ابن محيريز وهانئ بن كلثوم وغيرهم قال، "قد كان في هؤلاء من هو أشد اجتهادًا من هانئ بن كلثوم، لكنه كان يفضلهم بحسن الخلق". وبعث إليه عمر بن عبد العزيز يستخلفه على فلسطين، فأبى، ومات في ولايته فقال، "عند الله أحتسب صحبة هانئ الجيش".
هذا وقد كان في المطبوعة: "يودني أنه لا يولد لي ولد أبدًا"، والصواب من المخطوطة.
وأما "السيباني" فهو: "يحيى بن أبي عمرو السيباني" بالسين المهملة، نسبة إلى"سيبان" وهو بطن من حمير. وهو ابن عم الأوزاعي. مترجم في التهذيب. وكان في المطبوعة: "الشيباني" بالشين المعجمة، والصواب ما في المخطوطة.
وأما "ابن محيريز"، فهو: "عبد الله بن محيريز الجمحي" سكن بيت المقدس، روى عن أبي سعيد الخدري، ومعاوية وعبادة بن الصامت وغيرهم من الصحابة. وكان الأوزاعي لا يذكر خمسة من السلف إلا ذكر فيهم ابن محيريز، ورفع من ذكره وفضله. وهو تابعي ثقة من خيار المسلمين.
وأما "ابن الديلمي"، فهو"عبد الله بن فيروز الديلمي" أبو بشر، ويقال، أبو بسر، بالسين المهملة، كان يسكن بيت المقدس، روى عن جماعة من الصحابة، روى عنه يحيى بن أبي عمر السيباني. وهو تابعي ثقة. مترجم في التهذيب.
وأما "هانئ بن كلثوم بن عبد الله بن شريك الكناني" فهو من فلسطين، وكان عابدًا روى عن عمر بن الخطاب، ومعاوية وغيرهما. ذكره ابن حبان في الثقات. وكان عطاء الخراساني إذا ذكر ابن محيريز وهانئ بن كلثوم وغيرهم قال، "قد كان في هؤلاء من هو أشد اجتهادًا من هانئ بن كلثوم، لكنه كان يفضلهم بحسن الخلق". وبعث إليه عمر بن عبد العزيز يستخلفه على فلسطين، فأبى، ومات في ولايته فقال، "عند الله أحتسب صحبة هانئ الجيش".
هذا وقد كان في المطبوعة: "يودني أنه لا يولد لي ولد أبدًا"، والصواب من المخطوطة.
24
قال أبو جعفر: وأولى التأويلات بالآية، قول من قال، تأويل ذلك: وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم العَيْلة لو كانوا فرقوا أموالهم في حياتهم، أو قسموها وصية منهم بها لأولي قرابتهم وأهل اليُتم والمسكنة، فأبقوا أموالهم لولدهم خشية العَيْلة عليهم بعدهم، مع ضعفهم وعجزهم عن المطالب، فليأمروا من حضروه وهو يوصي لذوي قرابته - وفي اليتامى والمساكين وفي غير ذلك - بماله بالعدل = وليتقوا الله وليقولوا قولا سديدًا، وهو أن يعرّفوه ما أباح الله له من الوصية، وما اختاره للموصين من أهل الإيمان بالله وبكتابه وسنته. (١).
* * *
وإنما قلنا ذلك بتأويل الآية أولى من غيره من التأويلات، لما قد ذكرنا فيما مضى قبل: (٢) من أن معنى قوله:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فأوصوا لهم - بما قد دللنا عليه من الأدلة.
* * *
فإذا كان ذلك تأويل قوله:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين" الآية، فالواجب أن يكون قوله تعالى ذكره:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم"، تأديبًا منه عبادَه في أمر الوصية بما أذِنهم فيه، إذ كان ذلك عَقِيب الآية التي قبلها في حكم الوصية، وكان أظهرَ معانيه ما قلنا، فإلحاق حكمه بحكم ما قبله أولى، مع اشتباه معانيهما، من صرف حكمه إلى غيره بما هو له غير مشبه.
* * *
* * *
وإنما قلنا ذلك بتأويل الآية أولى من غيره من التأويلات، لما قد ذكرنا فيما مضى قبل: (٢) من أن معنى قوله:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فأوصوا لهم - بما قد دللنا عليه من الأدلة.
* * *
فإذا كان ذلك تأويل قوله:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين" الآية، فالواجب أن يكون قوله تعالى ذكره:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم"، تأديبًا منه عبادَه في أمر الوصية بما أذِنهم فيه، إذ كان ذلك عَقِيب الآية التي قبلها في حكم الوصية، وكان أظهرَ معانيه ما قلنا، فإلحاق حكمه بحكم ما قبله أولى، مع اشتباه معانيهما، من صرف حكمه إلى غيره بما هو له غير مشبه.
* * *
(١) في المطبوعة: "وما اختاره المؤمنون... " وهو اجتهاد في تصحيح ما كان في المخطوطة، وكان فيها:
(٢) انظر ما سلف: ١٢ وما بعدها.
"وما اختاره المؤمنين | "، والسياق يقتضي"للموصين" كما أثبتها، وهي قريبة في التصحيف. |
25
وبمعنى ما قلنا في تأويل قوله:"وليقولوا قولا سديدًا"، قال من ذكرنا قوله في مبتدأ تأويل هذه الآية، وبه كان ابن زيد يقول.
٨٧٢١ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدًا" قال، يقول قولا سديدًا، يذكر هذا المسكين وينفعه، ولا يجحف بهذا اليتيم وارث المؤدِّي ولا يُضِرّ به، لأنه صغير لا يدفع عن نفسه، فانظر له كما تنظر إلى ولدك لو كانوا صغارًا.
* * *
و"السديد" من الكلام، هو العدل والصواب.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (١٠) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (١) "إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا"، يقول: بغير حق، ="إنما يأكلون في بطونهم نارًا" يوم القيامة، بأكلهم أموال اليتامى ظلمًا في الدنيا، نارَ جهنم (٢) ="وسيصلون" بأكلهم ="سعيرًا"، كما: -
٨٧٢٢ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنما يأكلون في بطونهم نارًا" قال، إذا قام الرجل يأكل مال اليتيم ظلمًا، يُبعث يوم القيامة ولهبُ النار يخرج من فيه ومن مسامعه ومن أذنيه وأنفه وعينيه، يعرفه من رآه بأكل مال اليتيم. (٣)
٨٧٢١ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدًا" قال، يقول قولا سديدًا، يذكر هذا المسكين وينفعه، ولا يجحف بهذا اليتيم وارث المؤدِّي ولا يُضِرّ به، لأنه صغير لا يدفع عن نفسه، فانظر له كما تنظر إلى ولدك لو كانوا صغارًا.
* * *
و"السديد" من الكلام، هو العدل والصواب.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (١٠) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (١) "إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا"، يقول: بغير حق، ="إنما يأكلون في بطونهم نارًا" يوم القيامة، بأكلهم أموال اليتامى ظلمًا في الدنيا، نارَ جهنم (٢) ="وسيصلون" بأكلهم ="سعيرًا"، كما: -
٨٧٢٢ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنما يأكلون في بطونهم نارًا" قال، إذا قام الرجل يأكل مال اليتيم ظلمًا، يُبعث يوم القيامة ولهبُ النار يخرج من فيه ومن مسامعه ومن أذنيه وأنفه وعينيه، يعرفه من رآه بأكل مال اليتيم. (٣)
(١) في المخطوطة والمطبوعة: "يعني بذلك... " والسياق يقتضي ما أثبت.
(٢) في المخطوطة: "وإن جهنم"، وهو فاسد جدًا، والذي في المطبوعة، قريب من الصواب.
(٣) في المطبوعة: "يأكل مال اليتيم" بالياء، وفي المخطوطة غير منقوطة، وصواب قراءتها بالباء.
(٢) في المخطوطة: "وإن جهنم"، وهو فاسد جدًا، والذي في المطبوعة، قريب من الصواب.
(٣) في المطبوعة: "يأكل مال اليتيم" بالياء، وفي المخطوطة غير منقوطة، وصواب قراءتها بالباء.
26
٨٧٢٣ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر قال، أخبرني أبو هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال، حدثنا النبي ﷺ عن ليلة أسري به قال، نظرت فإذا أنا بقوم لهم مَشافر كمشافر الإبل، وقد وُكِّل بهم من يأخذ بمشافرهم، ثم يجعل في أفواههم صخرًا من نار يخرج من أسافلهم، قلت: يا جبريل، من هؤلاء؟ قال، هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنما يأكلون في بطونهم نارًا". (١).
٨٧٢٤ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرًا" قال، قال أبي: إن هذه لأهل الشرك، حين كانوا لا يورَّثونهم، ويأكلون أموالهم.
* * *
وأما قوله:"وسيصلون سعيرًا"، فإنه مأخوذ من"الصَّلا" و"الصلا" الاصطلاء بالنار، وذلك التسخن بها، كما قال الفرزدق: (٢)
٨٧٢٤ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرًا" قال، قال أبي: إن هذه لأهل الشرك، حين كانوا لا يورَّثونهم، ويأكلون أموالهم.
* * *
وأما قوله:"وسيصلون سعيرًا"، فإنه مأخوذ من"الصَّلا" و"الصلا" الاصطلاء بالنار، وذلك التسخن بها، كما قال الفرزدق: (٢)
وَقَاتَلَ كَلْبُ الْحَيِّ عَنْ نَارِ أهْلِهِ | لِيَرْبِضَ فِيهَا وَالصَّلا مُتَكنَّفُ (٣) |
(١) الأثر: ٨٧٢٣ -"أبو هارون العبدي" هو: "عمارة بن جوين". روى عن أبي سعيد الخدري وابن عمر. وهو ضعيف، وقالوا: كذاب. قال الدارقطني: "يتلون، خارجي وشيعي" وقال ابن حبان: "كان يروي عن أبي سعيد ما ليس من حديثه، لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب". مترجم في التهذيب.
والأثر أخرجه ابن كثير في تفسيره ٢: ٣٦٠، والسيوطي في الدر المنثور ٢: ١٢٤ ونسبه لابن جرير وابن أبي حاتم.
(٢) في اللسان"صلا" ١٩: ٢٠١، ٢٠٢، منسوبًا لامرئ القيس، وهو خطأ يصحح.
(٣) ديوانه: ٥٦٠، النقائض: ٥٦١، اللسان (صلا)، ومضى بيت من هذه القصيدة فيما سلف ٣: ٥٤٠. وهذا البيت من أبيات يصف فيها أيام البرد والجدب، ويمدح قومه، يقول في أولها:
و"إذا اغبر آفاق السماء"، جف الثرى، وثار غبار الأرض من المحل وقلة المطر. والحرجف: الريح الشديدة الهبوب. و"الشعرى" تطلع في أول الشتاء، و"أوقدت نارها" اشتد ضوءها، وذلك إيذان بشدة البرد. ومحول جمع محل: وهو المجدب. و"يتوسف" يتقشر. و"جلدها" يعني جلد السماء، وهو السحاب. يقول: لا سحاب فيها، وذلك أشد للبرد في ليل الصحراء. و"الصقيع" الجليد، و"النيب" مسان الإبل. و"سروات الإبل" أسنمتها. يقول: وقع الثلج على أسنمتها كأنه قطن مندوف. و"قاتل كلب الحي عن نار أهله"، يقاتلهم على النار مزاحمًا لهم من شدة البرد، يريد أن يجثم في مكان، و"الصلا" النار، و"متكنف" قد اجتمعوا عليه وقعدوا حوله. وقوله: "وجدت الثرى فينا"، يقول: من نزل بنا وجد خصبًا وكرمًا في هذا الزمان الجدب، إذ ذهبت ألبان الإبل واحترق الزرع. يقول: يجد الضيف عندنا ما يكفيه، فنحن غياث له.
والأثر أخرجه ابن كثير في تفسيره ٢: ٣٦٠، والسيوطي في الدر المنثور ٢: ١٢٤ ونسبه لابن جرير وابن أبي حاتم.
(٢) في اللسان"صلا" ١٩: ٢٠١، ٢٠٢، منسوبًا لامرئ القيس، وهو خطأ يصحح.
(٣) ديوانه: ٥٦٠، النقائض: ٥٦١، اللسان (صلا)، ومضى بيت من هذه القصيدة فيما سلف ٣: ٥٤٠. وهذا البيت من أبيات يصف فيها أيام البرد والجدب، ويمدح قومه، يقول في أولها:
إذَا اغْبَرَّ آفَاقُ السَّمَاء وَكَشَّفَتْ | كُسُورَ بُيُوتِ الْحَيِّ حَمْرَاءُ حَرْجَفُ |
وَأَوْقَدَتِ الشِّعْرَى مَعَ اللَّيْلِ نَارَهَا | وَأَمْسَتْ مُحُولا جِلْدُهَا يَتَوَسَّفُ |
وَأَصْبَحَ مَوْضُوعُ الصَّقِيع كَأَنَّهُ | عَلَى سَرَوَاتِ النِّيْبِ قُطْنٌ مٌنَدَّفُ |
وَجَدْتَ الثَّرى فِينَا، إذَا يَبِسَ الثَّرَى | وَمَنْ هُوَ يَرْجُو فَضْلَهُ الْمُتَضَيِّفُ |
27
وكما قال العجاج:
وَصَالِيَاتٌ لِلصَّلا صُلِيُّ (١)
ثم استعمل ذلك في كل من باشر بيده أمرًا من الأمور، من حرب أو قتال أو خصومة أو غير ذلك، كما قال الشاعر: (٢)
وَصَالِيَاتٌ لِلصَّلا صُلِيُّ (١)
ثم استعمل ذلك في كل من باشر بيده أمرًا من الأمور، من حرب أو قتال أو خصومة أو غير ذلك، كما قال الشاعر: (٢)
(١) ديوانه: ٦٧، من أرجوزته المشهورة، يقول في أولها:
وكان في المطبوعة: "وصاليان"، وهو خطأ. والصواب من المخطوطة والديوان. و"الصاليات" يعني: الأثافي التي توضع عليها القدور. و"الصلا" الوقود، و"صلى" (بضم الصاد وكسر اللام وتشديد الياء) جمع صال، من قولهم"صلى، واصطلى" إذا لزم موضعه، يقول: هي ثوابت خوالد قد لزمت موضعها.
(٢) هو الحارث بن عباد البكري.
بَكَيْتُ وَالْمُحْنَزِنُ البَكِيُّ | وإنِّما يَأْتِي الصِّبا الصَّبِيُّ |
................... | .................... |
مِنْ أنْ شَجَاكَ طَلَلٌ عَامِيُّ | قِدْمًا يُرى مِنْ عَهْدِه الكِرْسِيُّ |
مُحْرَنْجَمُ الجامِلِ والنُّؤِيُّ | وصَالِيات........... |
(٢) هو الحارث بن عباد البكري.
28
لَمْ أَكُنْ مِنْ جُنَاتِهَا، عَلِمَ اللهُ... وَإِنِّي بِحَرِّهَا اليَوْمَ صَالِي (١)
فجعل ما باشر من شدة الحرب وأذى القتال، (٢) بمنزلة مباشرة أذى النار وحرِّها.
* * *
واختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قرأة المدينة والعراق: (وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) بفتح"الياء" على التأويل الذي قلناه. (٣).
* * *
وقرأ ذلك بعض المكيين وبعض الكوفيين:"وَسَيُصْلَوْنَ" بضم"الياء" بمعنى: يحرقون.
= من قولهم:"شاة مَصْلية"، يعني: مشوية.
* * *
قال أبو جعفر: والفتح بذلك أولى من الضم، لإجماع جميع القرأة على فتح"الياء" في قوله: (لا يَصْلاهَا إِلا الأشْقَى) [سورة الليل: ١٥]، ولدلالة قوله: (إِلا مَنْ هُوَ صَالِي الْجَحِيمِ) [سورة الصافات: ١٦٣]، على أن الفتح بها أولى من الضم.
فجعل ما باشر من شدة الحرب وأذى القتال، (٢) بمنزلة مباشرة أذى النار وحرِّها.
* * *
واختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قرأة المدينة والعراق: (وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) بفتح"الياء" على التأويل الذي قلناه. (٣).
* * *
وقرأ ذلك بعض المكيين وبعض الكوفيين:"وَسَيُصْلَوْنَ" بضم"الياء" بمعنى: يحرقون.
= من قولهم:"شاة مَصْلية"، يعني: مشوية.
* * *
قال أبو جعفر: والفتح بذلك أولى من الضم، لإجماع جميع القرأة على فتح"الياء" في قوله: (لا يَصْلاهَا إِلا الأشْقَى) [سورة الليل: ١٥]، ولدلالة قوله: (إِلا مَنْ هُوَ صَالِي الْجَحِيمِ) [سورة الصافات: ١٦٣]، على أن الفتح بها أولى من الضم.
(١) الفاخر للمفضل بن سلمة: ٧٨، والخزانة ١: ٢٢٦، وسائر كتب التاريخ والأدب، من أبياته المشهورة في حرب البسوس، وكان اعتزلها، ثم خاضها حين أرسل ولده بجيرًا إلى مهلهل فقتله مهلهل، فقال، قَرِّبَا مَرْبِطَ النَّعَامَةِ مِنِّي... لَقِحَتْ حَرْبُ وائِلٍ عَنْ حِيَالِ
لَمْ أَكُنْ مِنْ جُناتِهَا....... لا بُجَيْرٌ أَغْنَى فَتِيلا، وَلا رَهْطُ
كُلَيْبٌ تَزَاجَرُوا عَنْ ضَلالِ......................
وكان في المطبوعة: "لحرها"، أساء قراءة ما في المخطوطة.
(٢) في المطبوعة: "وإجراء القتال"، وهو قراءة رديئة لما في المخطوطة، ولا معنى له. وفي المخطوطة: "وأحرى القتال"، ورجحت صواب قراءتها كما أثبته.
(٣) في المطبوعة: "قلنا" بحذف الهاء، وأثبت ما في المخطوطة.
لَمْ أَكُنْ مِنْ جُناتِهَا....... لا بُجَيْرٌ أَغْنَى فَتِيلا، وَلا رَهْطُ
كُلَيْبٌ تَزَاجَرُوا عَنْ ضَلالِ......................
وكان في المطبوعة: "لحرها"، أساء قراءة ما في المخطوطة.
(٢) في المطبوعة: "وإجراء القتال"، وهو قراءة رديئة لما في المخطوطة، ولا معنى له. وفي المخطوطة: "وأحرى القتال"، ورجحت صواب قراءتها كما أثبته.
(٣) في المطبوعة: "قلنا" بحذف الهاء، وأثبت ما في المخطوطة.
29
وأما"السعير": فإنه شدة حر جهنم، ومنه قيل:"استعرت الحرب" إذا اشتدت، وإنما هو"مَسعور"، ثم صرف إلى"سعير"، كما قيل: (١) "كفّ خَضِيب"، و"لِحية دهين"، وإنما هي"مخضوبة"، صرفت إلى"فعيل".
* * *
فتأويل الكلام إذًا: وسيصلون نارًا مسعَّرة، أي: موقودة مشعلة شديدًا حرُّها.
وإنما قلنا إنّ ذلك كذلك، لأن الله جل ثناؤه قال، (وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ)، [سورة التكوير: ١٢]، فوصفها بأنها مسعورة.
ثم أخبر جل ثناؤه أن أكلة أموال اليتامى يصلونها وهي كذلك. ف"السعير" إذًا في هذا الموضع، صفة للجحيم على ما وصفنا.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنْثَيَيْنِ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"يوصيكم الله"، يعهد الله إليكم، (٢) ="في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين"، يقول: يعهد إليكم ربكم إذا مات الميت منكم وخلَّف أولادًا ذكورًا وإناثًا، فلولده الذكور والإناث ميراثه أجمع بينهم، للذكر منهم مثل حظ الأنثيين، إذا لم يكن له وارث غيرهم، سواء فيه صغار ولده وكبارهم وإناثهم، (٣) في أن جميع ذلك بينهم، للذكر مثل حظ الأنثيين.
* * *
فتأويل الكلام إذًا: وسيصلون نارًا مسعَّرة، أي: موقودة مشعلة شديدًا حرُّها.
وإنما قلنا إنّ ذلك كذلك، لأن الله جل ثناؤه قال، (وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ)، [سورة التكوير: ١٢]، فوصفها بأنها مسعورة.
ثم أخبر جل ثناؤه أن أكلة أموال اليتامى يصلونها وهي كذلك. ف"السعير" إذًا في هذا الموضع، صفة للجحيم على ما وصفنا.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنْثَيَيْنِ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"يوصيكم الله"، يعهد الله إليكم، (٢) ="في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين"، يقول: يعهد إليكم ربكم إذا مات الميت منكم وخلَّف أولادًا ذكورًا وإناثًا، فلولده الذكور والإناث ميراثه أجمع بينهم، للذكر منهم مثل حظ الأنثيين، إذا لم يكن له وارث غيرهم، سواء فيه صغار ولده وكبارهم وإناثهم، (٣) في أن جميع ذلك بينهم، للذكر مثل حظ الأنثيين.
(١) في المطبوعة: "قيل"، بإسقاط"كما"، والصواب من المخطوطة، ولكن الكاتب أساء الكتابة. فحذفها الناشر الأول.
(٢) انظر تفسير"أوصى" فيما سلف ٣: ٩٤، ٤٠٥.
(٣) في المخطوطة: "وكباره"، وما في المطبوعة أجود.
(٢) انظر تفسير"أوصى" فيما سلف ٣: ٩٤، ٤٠٥.
(٣) في المخطوطة: "وكباره"، وما في المطبوعة أجود.
30
ورفع قوله:"مثل" بالصفة، (١) وهي"اللام" التي في قوله:"للذكر"، ولم ينصب بقوله:"يوصيكم الله"، لأن"الوصية" في هذا الموضع عهد وإعلامٌ بمعنى القول، و"القول" لا يقع على الأسماء المخبر عنها. (٢) فكأنه قيل: يقول الله تعالى ذكره لكم: في أولادكم للذكر منهم مثل حظ الأنثيين.
* * *
قال أبو جعفر: وقد ذكر أن هذه الآية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم، تبيينًا من الله الواجبَ من الحكم في ميراث من مات وخلّف ورثة، على ما بيَّن. لأن أهل الجاهلية كانوا لا يقسمون من ميراث الميت لأحد من ورثته بعده، ممن كان لا يلاقي العدوَّ ولا يقاتل في الحروب من صغار ولده، ولا للنساء منهم. وكانوا يخصون بذلك المقاتلة دون الذرية. فأخبر الله جل ثناؤه أن ما خلفه الميت بين من سَمَّى وفرض له ميراثًا في هذه الآية، وفي آخر هذه السورة، فقال في صغار ولد الميت وكبارهم وإناثهم: لهم ميراث أبيهم، إذا لم يكن له وارث غيرهم، للذكر مثل حظ الأنثيين.
ذكر من قال ذلك:
٨٧٢٥ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثلُ حظ الأنثيين"، كان أهل الجاهلية لا يورِّثون الجواريَ ولا الصغارَ من الغلمان، لا يرث الرجل من ولده إلا من أطاق القتال، فمات عبد الرحمن أخو حسان الشاعر، وترك امرأة يقال لها أم كجَّة، وترك خمس أخواتٍ، فجاءت الورثة يأخذون ماله، فشكت أم كجَّة ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية:
* * *
قال أبو جعفر: وقد ذكر أن هذه الآية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم، تبيينًا من الله الواجبَ من الحكم في ميراث من مات وخلّف ورثة، على ما بيَّن. لأن أهل الجاهلية كانوا لا يقسمون من ميراث الميت لأحد من ورثته بعده، ممن كان لا يلاقي العدوَّ ولا يقاتل في الحروب من صغار ولده، ولا للنساء منهم. وكانوا يخصون بذلك المقاتلة دون الذرية. فأخبر الله جل ثناؤه أن ما خلفه الميت بين من سَمَّى وفرض له ميراثًا في هذه الآية، وفي آخر هذه السورة، فقال في صغار ولد الميت وكبارهم وإناثهم: لهم ميراث أبيهم، إذا لم يكن له وارث غيرهم، للذكر مثل حظ الأنثيين.
ذكر من قال ذلك:
٨٧٢٥ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثلُ حظ الأنثيين"، كان أهل الجاهلية لا يورِّثون الجواريَ ولا الصغارَ من الغلمان، لا يرث الرجل من ولده إلا من أطاق القتال، فمات عبد الرحمن أخو حسان الشاعر، وترك امرأة يقال لها أم كجَّة، وترك خمس أخواتٍ، فجاءت الورثة يأخذون ماله، فشكت أم كجَّة ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية:
(١) "الصفة"، هي حرف الجر، وانظر ما سلف ١: ٢٩٩، تعليق: ١، وفهارس المصطلحات في الأجزاء السالفة.
(٢) "الوقوع"، هو التعدي إلى المفعول، كما سلف ٤: ٢٩٣، تعليق: ١، وفهارس المصطلحات.
(٢) "الوقوع"، هو التعدي إلى المفعول، كما سلف ٤: ٢٩٣، تعليق: ١، وفهارس المصطلحات.
31
"فإن كُنَّ نساء فوق اثنتين فلهن ثُلُثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف" = ثم قال في أم كجة:"ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن". (١)
٨٧٢٦ - حدثنا محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين"، وذلك أنه لما نزلت الفرائض التي فرض الله فيها ما فرض للولد الذكر والأنثى والأبوين، كرهها الناس أو بعضهم، وقالوا:"تعطى المرأة الربع والثمن، وتعطى الابنة النصف، ويعطى الغلام الصغير، وليس من هؤلاء أحد يقاتل القوم ولا يحوز الغنيمة!! اسكتوا عن هذا الحديث لعلّ رسول الله ﷺ ينساه، أو نقول له فيغيِّره". فقال بعضهم: يا رسول الله، أنعطي الجارية نصف ما ترك أبوها، وليست تركب الفرس ولا تقاتل القوم، ونعطي الصبيَّ الميراث وليس يغني شيئًا؟! = وكانوا يفعلون ذلك في الجاهلية، لا يعطون الميراث إلا من قاتل، يعطونه الأكبر فالأكبر. (٢)
* * *
وقال آخرون: بل نزل ذلك من أجل أنّ المال كان للولد قبل نزوله، وللوالدين الوصية، فنسخ الله تبارك وتعالى ذلك بهذه الآية.
ذكر من قال ذلك:
٨٧٢٧ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد أو عطاء، عن ابن عباس في قوله:"يوصيكم
٨٧٢٦ - حدثنا محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين"، وذلك أنه لما نزلت الفرائض التي فرض الله فيها ما فرض للولد الذكر والأنثى والأبوين، كرهها الناس أو بعضهم، وقالوا:"تعطى المرأة الربع والثمن، وتعطى الابنة النصف، ويعطى الغلام الصغير، وليس من هؤلاء أحد يقاتل القوم ولا يحوز الغنيمة!! اسكتوا عن هذا الحديث لعلّ رسول الله ﷺ ينساه، أو نقول له فيغيِّره". فقال بعضهم: يا رسول الله، أنعطي الجارية نصف ما ترك أبوها، وليست تركب الفرس ولا تقاتل القوم، ونعطي الصبيَّ الميراث وليس يغني شيئًا؟! = وكانوا يفعلون ذلك في الجاهلية، لا يعطون الميراث إلا من قاتل، يعطونه الأكبر فالأكبر. (٢)
* * *
وقال آخرون: بل نزل ذلك من أجل أنّ المال كان للولد قبل نزوله، وللوالدين الوصية، فنسخ الله تبارك وتعالى ذلك بهذه الآية.
ذكر من قال ذلك:
٨٧٢٧ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد أو عطاء، عن ابن عباس في قوله:"يوصيكم
(١) الأثر: ٨٧٢٥ -"أم كجة"، انظر ما سلف في التعليق على الأثر: ٨٦٥٦، وخبرها هناك. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "أم كحة" بالحاء. أما "عبد الرحمن أخو حسان الشاعر"، فإنه يعني: حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام الأنصاري، شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد ذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة، وساق أثر السدي، ثم قال، "قلت: ولم أره لغيره، ولا ذكر أهل النسب لحسان أخًا اسمه عبد الرحمن".
(٢) في المطبوعة: "ويعطونه الأكبر" بزيادة واو لا محل لها، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) في المطبوعة: "ويعطونه الأكبر" بزيادة واو لا محل لها، وأثبت ما في المخطوطة.
32
الله في أولادكم" قال، كان المال للولد، وكانت الوصية للوالدين والأقربين، فنسخ الله من ذلك ما أحبَّ، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس مع الولد، وللزوج الشطر والربع، وللزوجة الربع والثمن. (١)
٨٧٢٨ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين" قال، كان ابن عباس يقول: كان المال، وكانت الوصية للوالدين والأقربين، فنسح الله تبارك وتعالى من ذلك ما أحبّ، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، ثم ذكر نحوه.
٨٧٢٩ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد عن ابن عباس مثله.
وروي عن جابر بن عبد الله ما: -
* * *
٨٧٣٠- حدثنا به محمد بن المثنى قال، حدثنا وهب بن جرير قال، حدثنا شعبة، عن محمد بن المنكدر قال، سمعت جابر بن عبد الله قال، دخل عليَّ رسول الله ﷺ وأنا مريض، فتوضأ ونضَح عليّ من وَضوئه، فأفقتُ فقلت: يا رسول الله، إنما يرثني كَلالةٌ، فكيف بالميراث؟ فنزلت آية الفرائض. (٢)
٨٧٢٨ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين" قال، كان ابن عباس يقول: كان المال، وكانت الوصية للوالدين والأقربين، فنسح الله تبارك وتعالى من ذلك ما أحبّ، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، ثم ذكر نحوه.
٨٧٢٩ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد عن ابن عباس مثله.
وروي عن جابر بن عبد الله ما: -
* * *
٨٧٣٠- حدثنا به محمد بن المثنى قال، حدثنا وهب بن جرير قال، حدثنا شعبة، عن محمد بن المنكدر قال، سمعت جابر بن عبد الله قال، دخل عليَّ رسول الله ﷺ وأنا مريض، فتوضأ ونضَح عليّ من وَضوئه، فأفقتُ فقلت: يا رسول الله، إنما يرثني كَلالةٌ، فكيف بالميراث؟ فنزلت آية الفرائض. (٢)
(١) الأثر: ٨٧٢٧ - رواه البخاري من طريق محمد بن يوسف، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح عن عطاء عن ابن عباس. (الفتح ٨: ١٨٤، ١٢: ١٩).
(٢) الحديث: ٨٧٣٠ - رواه البخاري ١: ٢٦١ (فتح)، من طريق شعبة، به. وسيأتي عقب هذا ما رواية ابن جريج، عن محمد بن المنكدر، عن جابر. وكذلك رواه البخاري ٨: ١٨٢، من طريق ابن جريج، ورواه البخاري أيضًا ١٠: ٩٨، و ١٢: ٢- من رواية سفيان، عن محمد بن المنكدر.
وذكره ابن كثير ٢: ٣٦٢، من رواية البخاري - من طريق ابن جريج - ثم قال، "كذا رواه مسلم، والنسائي، من حديث حجاج بن محمد الأعور، عن ابن جريج، به. ورواه الجماعة كلهم من حديث سفيان بن عيينة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر".
وذكره السيوطي ٢: ١٢٤-١٢٥، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في سننه.
(٢) الحديث: ٨٧٣٠ - رواه البخاري ١: ٢٦١ (فتح)، من طريق شعبة، به. وسيأتي عقب هذا ما رواية ابن جريج، عن محمد بن المنكدر، عن جابر. وكذلك رواه البخاري ٨: ١٨٢، من طريق ابن جريج، ورواه البخاري أيضًا ١٠: ٩٨، و ١٢: ٢- من رواية سفيان، عن محمد بن المنكدر.
وذكره ابن كثير ٢: ٣٦٢، من رواية البخاري - من طريق ابن جريج - ثم قال، "كذا رواه مسلم، والنسائي، من حديث حجاج بن محمد الأعور، عن ابن جريج، به. ورواه الجماعة كلهم من حديث سفيان بن عيينة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر".
وذكره السيوطي ٢: ١٢٤-١٢٥، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في سننه.
33
٨٧٣١ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، حدثني محمد بن المنكدر، عن جابر قال، عادَني رسول الله ﷺ وأبو بكر رضي الله عنه في بني سَلمة يمشيان، فوجداني لا أعقِل، فدعا بماءٍ فتوضأ ثم رشَّ عليّ، فأفقتُ فقلت: يا رسول الله، كيف أصنع في مالي؟ فنزلت"يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين".... (١)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله:"فإن كن"، فإن كان المتروكات ="نساء فوق اثنتين"، ويعني بقوله:"نساءً"، بنات الميت،"فوق اثنتين"، يقول: أكثر في العدد من اثنتين ="فلهن ثلثا ما ترك"، يقول: فلبناته الثلثان مما ترك بعده من ميراثه، دون سائر ورثته، إذا لم يكن الميت خلّف ولدًا ذكرًا معهن. واختلف أهل العربية في المعنى بقوله:"فإن كنّ نساء".
* * *
فقال بعض نحوييّ البصرة بنحو الذي قلنا: فإن كان المتروكات نساء = وهو أيضًا قول بعض نحوييّ الكوفة.
* * *
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله:"فإن كن"، فإن كان المتروكات ="نساء فوق اثنتين"، ويعني بقوله:"نساءً"، بنات الميت،"فوق اثنتين"، يقول: أكثر في العدد من اثنتين ="فلهن ثلثا ما ترك"، يقول: فلبناته الثلثان مما ترك بعده من ميراثه، دون سائر ورثته، إذا لم يكن الميت خلّف ولدًا ذكرًا معهن. واختلف أهل العربية في المعنى بقوله:"فإن كنّ نساء".
* * *
فقال بعض نحوييّ البصرة بنحو الذي قلنا: فإن كان المتروكات نساء = وهو أيضًا قول بعض نحوييّ الكوفة.
* * *
(١) الحديث: ٨٧٣١ - هو مكرر الحديث قبله، كما أشرنا إليه.
وفي المطبوعة"فدعا بوضوء فتوضأ". وفي المخطوطة"فدعا فتوضأ". والذي في البخاري - من هذا الوجه -"فدعا بماء". فالراجح أنها كانت كذلك عن الطبري، وسقطت من الناسخ سهوًا كلمة"بماء"، اشتبه عليه الحرفان الأخيران من"فدعا"، بكلمة"بما" لأنهم في الأكثر لا يثبتون الهمزة = فسقطت الكلمة منه.
وفي المطبوعة لم تكمل الآية بعد"في أولادكم"، وأثبت ما في المخطوطة.
وفي المطبوعة"فدعا بوضوء فتوضأ". وفي المخطوطة"فدعا فتوضأ". والذي في البخاري - من هذا الوجه -"فدعا بماء". فالراجح أنها كانت كذلك عن الطبري، وسقطت من الناسخ سهوًا كلمة"بماء"، اشتبه عليه الحرفان الأخيران من"فدعا"، بكلمة"بما" لأنهم في الأكثر لا يثبتون الهمزة = فسقطت الكلمة منه.
وفي المطبوعة لم تكمل الآية بعد"في أولادكم"، وأثبت ما في المخطوطة.
34
وقال آخرون منهم: بل معنى ذلك، فإن كان الأولاد نساء، وقال، إنما ذكر الله الأولاد فقال،"يوصيكم الله في أولادكم"، ثم قسمَ الوصية فقال،"فإن كنّ نساء"، وإن كان الأولاد [نساءً، وإن كان الأولاد واحدة]، (١) ترجمة منه بذلك عن"الأولاد".
* * *
قال أبو جعفر: والقول الأول الذي حكيناه عمن حكيناه عنه من البصريين، أولى بالصواب في ذلك عندي. لأن قوله:"وإن كُنّ"، لو كان معنيًّا به"الأولاد" لقيل:"وإن كانوا"، لأن"الأولاد" تجمع الذكور والإناث. وإذا كان كذلك، فإنما يقال،"كانوا"، لا"كُنّ".
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله:"وإن كانت"، [وإن كانت] المتروكة ابنة واحدة (٢) ="فلها النصف"، يقول: فلتلك الواحدة نصف ما ترك الميت من ميراثه، إذا لم يكن معها غيرها من ولد الميت ذكرٌ ولا أنثى.
* * *
* * *
قال أبو جعفر: والقول الأول الذي حكيناه عمن حكيناه عنه من البصريين، أولى بالصواب في ذلك عندي. لأن قوله:"وإن كُنّ"، لو كان معنيًّا به"الأولاد" لقيل:"وإن كانوا"، لأن"الأولاد" تجمع الذكور والإناث. وإذا كان كذلك، فإنما يقال،"كانوا"، لا"كُنّ".
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله:"وإن كانت"، [وإن كانت] المتروكة ابنة واحدة (٢) ="فلها النصف"، يقول: فلتلك الواحدة نصف ما ترك الميت من ميراثه، إذا لم يكن معها غيرها من ولد الميت ذكرٌ ولا أنثى.
* * *
(١) في المطبوعة: "وإن كان الأولاد واحدة، ترجمة منه... "، وفي المخطوطة: "وإن كان الأولاد واحده"، ولم أجد لكليهما معنى، فرجحت نصها كما أثبته بين القوسين، استظهارًا من معنى هذه الآية كما ذكره آنفًا في صدر الكلام، ورجحت أن قوله: "واحدة" مجلوبة من الآية التي تليها"وإن كانت واحدة"، وفسرها كذلك، وساقها قبل مجيئها.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "وإن كانت المتروكة ابنة واحدة"، وهو لا يستقيم، فرجحت زيادة ما زدته بين القوسين، على سياقه في تفسير أخواتها.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "وإن كانت المتروكة ابنة واحدة"، وهو لا يستقيم، فرجحت زيادة ما زدته بين القوسين، على سياقه في تفسير أخواتها.
35
فإن قال قائل: فهذا فرضُ الواحدة من النساء وما فوق الاثنتين، فأين فريضة الاثنتين؟
قيل: فريضتهم بالسنة المنقولة نقل الوراثة التي لا يجوز فيها الشك. (١)
* * *
وأما قوله:"ولأبويه"، فإنه يعني: ولأبوي الميت ="لكل واحد منهما السدس"، من تَرِكته وما خلَّف من ماله، سواءٌ فيه الوالدة والوالد، لا يزداد واحد منهما على السدس ="إن كان له ولد"، ذكرًا كان الولد أو أنثى، واحدًا كان أو جماعة.
* * *
فإن قال قائل: فإن كان كذلك التأويل، (٢) فقد يجب أن لا يزاد الوالدُ مع الابنة الواحدة على السدس من ميراثه عن ولده الميت. وذلك إن قلته، قولٌ خلاف لما عليه الأمة مجمعة، (٣) من تصييرهم باقي تركة الميت = مع الابنة الواحدة بعد أخذها نصيبها منها = لوالده أجمع!
قيل: ليس الأمر في ذلك كالذي ظننتَ، وإنما لكل واحد من أبوي الميت السدس من تركته مع ولده، ذكرًا كان الولد أو أنثى، واحدًا كان أو جماعة، فريضة من الله له مسماة. فإمَّا زيد على ذلك من بقية النصف مع الابنة الواحدة
قيل: فريضتهم بالسنة المنقولة نقل الوراثة التي لا يجوز فيها الشك. (١)
* * *
وأما قوله:"ولأبويه"، فإنه يعني: ولأبوي الميت ="لكل واحد منهما السدس"، من تَرِكته وما خلَّف من ماله، سواءٌ فيه الوالدة والوالد، لا يزداد واحد منهما على السدس ="إن كان له ولد"، ذكرًا كان الولد أو أنثى، واحدًا كان أو جماعة.
* * *
فإن قال قائل: فإن كان كذلك التأويل، (٢) فقد يجب أن لا يزاد الوالدُ مع الابنة الواحدة على السدس من ميراثه عن ولده الميت. وذلك إن قلته، قولٌ خلاف لما عليه الأمة مجمعة، (٣) من تصييرهم باقي تركة الميت = مع الابنة الواحدة بعد أخذها نصيبها منها = لوالده أجمع!
قيل: ليس الأمر في ذلك كالذي ظننتَ، وإنما لكل واحد من أبوي الميت السدس من تركته مع ولده، ذكرًا كان الولد أو أنثى، واحدًا كان أو جماعة، فريضة من الله له مسماة. فإمَّا زيد على ذلك من بقية النصف مع الابنة الواحدة
(١) كأنه يعني بذلك حديث جابر بن عبد الله، في خبر موت سعد بن الربيع، وإعطاء رسول الله ﷺ بنتيه الثلثين (السنن الكبرى للبيهقي ٦: ٢٢٩)، وأخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه من طرق = وخبر زيد بن ثابت: "إذا ترك رجل وامرأة بنتًا، فلها النصف، وإن كانتا اثنتين أو أكثر، فلهن الثلثان... "، أخرجه البخاري (الفتح ١٢: ٨).
هذا، وعجيب أن يترك أبو جعفر سياق الآثار لحجته في هذا الموضع، فأخشى أن يكون قد سقط من النساخ الأوائل شيء من كتابه = أو أن يكون هو قد أراد أن يسوق الآثار، ثم غفل عنها، وبقيت النسخ بعده ناقصة من دليل احتجاجه. وهذه أول مرة يخالف فيها أبو جعفر نهجه في تأليف هذا التفسير.
(٢) في المطبوعة: "فإذ كان كذلك"، والجيد ما في المخطوطة.
(٣) في المطبوعة: "مجمعون"، وكذلك كان في المخطوطة، إلا أن الناسخ عاد فضرب على النون، وجعل الواو"تاء" مربوطة منقوطة، وتبع الناشر الأول خطأ الناسخ، وأغفل تصحيحه!! فرددته إلى الصواب.
هذا، وعجيب أن يترك أبو جعفر سياق الآثار لحجته في هذا الموضع، فأخشى أن يكون قد سقط من النساخ الأوائل شيء من كتابه = أو أن يكون هو قد أراد أن يسوق الآثار، ثم غفل عنها، وبقيت النسخ بعده ناقصة من دليل احتجاجه. وهذه أول مرة يخالف فيها أبو جعفر نهجه في تأليف هذا التفسير.
(٢) في المطبوعة: "فإذ كان كذلك"، والجيد ما في المخطوطة.
(٣) في المطبوعة: "مجمعون"، وكذلك كان في المخطوطة، إلا أن الناسخ عاد فضرب على النون، وجعل الواو"تاء" مربوطة منقوطة، وتبع الناشر الأول خطأ الناسخ، وأغفل تصحيحه!! فرددته إلى الصواب.
36
إذا لم يكن غيره وغير ابنة للميت واحدة، (١) فإنما زيدها ثانيًا بقرب عصبة الميت إليه، (٢) إذ كان حكم كل ما أبقته سهام الفرائض، فلأولي عصبَة الميت وأقربهم إليه، بحكم ذلك لها على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، (٣) وكان الأب أقرب عصبَة ابنه وأولاها به، إذا لم يكن لابنه الميت ابن.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأمِّهِ الثُّلُث﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"فإن لم يكن له"، فإن لم يكن للميت ="ولد" ذكر ولا أنثى ="وورثه أبواه"، دون غيرهما من ولد وارث ="فلأمه الثلث"، يقول: فلأمه من تركته وما خلف بعده، ثلث جميع ذلك.
* * *
فإن قال قائل: فمن الذي له الثلثان الآخران.
قيل له الأب.
فإن قال، بماذا؟ (٤)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأمِّهِ الثُّلُث﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"فإن لم يكن له"، فإن لم يكن للميت ="ولد" ذكر ولا أنثى ="وورثه أبواه"، دون غيرهما من ولد وارث ="فلأمه الثلث"، يقول: فلأمه من تركته وما خلف بعده، ثلث جميع ذلك.
* * *
فإن قال قائل: فمن الذي له الثلثان الآخران.
قيل له الأب.
فإن قال، بماذا؟ (٤)
(١) في المطبوعة: "فإن زيد على ذلك من بقية النصف"، وأثبت ما كان في المخطوطة، وهو صواب جيد.
(٢) في المطبوعة: "لقرب عصبة الميت" وفي المخطوطة"قرب"، وأجودهما ما أثبت.
(٣) يعني بذلك ما رواه الشيخان بإسنادهما إلى ابن عباس عن النبي ﷺ قال، "أًلْحِقوا الفرائضً بِأَهْلِهَا، فما بَقي فهو لأوْلَى رَجُلٍ ذكر" (الفتح ٢: ٨، ٩ / السنن الكبرى ٦: ٢٣٤)، ويروى"لأدنى رجل"، ومعناه: لأقرب رجل من العصبة. وهذا أيضًا غريب من أبي جعفر في ترك ذكر حجته من الحديث، كشأنه في جميع ما سلف، وانظر ص: ٣٦، تعليق: ١، وكأنه كان يختصر في هذا الموضع، وترك ذكر حجته؛ لأنه لا بد أن يكون قد استوفاها في موضعها من كتبه الأخرى.
(٤) في المطبوعة: "فإن قال قائل: بماذا"، و"قائل" زيادة لا شك فيها، والصواب ما في المخطوطة.
(٢) في المطبوعة: "لقرب عصبة الميت" وفي المخطوطة"قرب"، وأجودهما ما أثبت.
(٣) يعني بذلك ما رواه الشيخان بإسنادهما إلى ابن عباس عن النبي ﷺ قال، "أًلْحِقوا الفرائضً بِأَهْلِهَا، فما بَقي فهو لأوْلَى رَجُلٍ ذكر" (الفتح ٢: ٨، ٩ / السنن الكبرى ٦: ٢٣٤)، ويروى"لأدنى رجل"، ومعناه: لأقرب رجل من العصبة. وهذا أيضًا غريب من أبي جعفر في ترك ذكر حجته من الحديث، كشأنه في جميع ما سلف، وانظر ص: ٣٦، تعليق: ١، وكأنه كان يختصر في هذا الموضع، وترك ذكر حجته؛ لأنه لا بد أن يكون قد استوفاها في موضعها من كتبه الأخرى.
(٤) في المطبوعة: "فإن قال قائل: بماذا"، و"قائل" زيادة لا شك فيها، والصواب ما في المخطوطة.
37
قلت: بأنه أقرب أهل الميت إليه، (١) ولذلك ترك ذكر تسمية من له الثلثان الباقيان، إذ كان قد بيَّن على لسان رسول الله ﷺ لعباده (٢) أن كل ميِّت فأقربُ عصبته به، أولى بميراثه، بعد إعطاء ذوي السهام المفروضة سهامهم من ميراثه.
وهذه العلة، هي العلة التي من أجلها سُميّ للأمّ ما سُمىَ لها، إذا لم يكن الميت خلًف وارثًا غير أبويه، لأن الأم ليست بعصبة في حالٍ للميت. فبيّن الله جل ثناؤه لعباده ما فرض لها من ميراث ولدها الميت، وترك ذكرَ مَن له الثلثان الباقيان منه معه، إذ كان قد عرّفهم في جملة بيانه لهم مَنْ له بقاياتركة الأموال بعد أخذ أهل السهام سهامهم وفرائضهم، وكان بيانه ذلك، مغنيًا لهم على تكرير حكمه مع كل من قَسَم له حقًّا من ميراث ميت، وسمي له منه سهمًا. (٣)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأمِّهِ السُّدُسُ﴾
قال أبو جعفر: إن قال قائل: وما المعنى الذي من أجله ذكر حكم الأبوين مع الإخوة، (٤) وترك ذكر حكمهما مع الأخ الواحد؟
قلت (٥) اختلاف حكمهما مع الإخوة الجماعة والأخ الواحد، فكان في إبانة
وهذه العلة، هي العلة التي من أجلها سُميّ للأمّ ما سُمىَ لها، إذا لم يكن الميت خلًف وارثًا غير أبويه، لأن الأم ليست بعصبة في حالٍ للميت. فبيّن الله جل ثناؤه لعباده ما فرض لها من ميراث ولدها الميت، وترك ذكرَ مَن له الثلثان الباقيان منه معه، إذ كان قد عرّفهم في جملة بيانه لهم مَنْ له بقاياتركة الأموال بعد أخذ أهل السهام سهامهم وفرائضهم، وكان بيانه ذلك، مغنيًا لهم على تكرير حكمه مع كل من قَسَم له حقًّا من ميراث ميت، وسمي له منه سهمًا. (٣)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأمِّهِ السُّدُسُ﴾
قال أبو جعفر: إن قال قائل: وما المعنى الذي من أجله ذكر حكم الأبوين مع الإخوة، (٤) وترك ذكر حكمهما مع الأخ الواحد؟
قلت (٥) اختلاف حكمهما مع الإخوة الجماعة والأخ الواحد، فكان في إبانة
(١) في المخطوطة: "بأنه أقرب ولد الميت إليه"، وهو خطأ وسهو من الناسخ، والصواب، من المطبوعة.
(٢) انظر التعليق السالف ص ٣٧، تعليق: ٣.
(٣) في المطبوعة: "وكان بيانه ذلك معينًا لهم على تكرير حكمه"، وهو خطأ محض وتصريف قبيح، وفي المخطوطة: "معينا لهم عن تكرير حكمه" غير منقوطة، وصواب قراءتها ما أثبت.
(٤) في المخطوطة: "حكم أبوين من الأخوة"، والصواب ما في المطبوعة.
(٥) قوله: "قلت" ليست في المخطوطة، ولكن السياق يقتضيها، فأحسن طابع التفسير في إثباتها.
(٢) انظر التعليق السالف ص ٣٧، تعليق: ٣.
(٣) في المطبوعة: "وكان بيانه ذلك معينًا لهم على تكرير حكمه"، وهو خطأ محض وتصريف قبيح، وفي المخطوطة: "معينا لهم عن تكرير حكمه" غير منقوطة، وصواب قراءتها ما أثبت.
(٤) في المخطوطة: "حكم أبوين من الأخوة"، والصواب ما في المطبوعة.
(٥) قوله: "قلت" ليست في المخطوطة، ولكن السياق يقتضيها، فأحسن طابع التفسير في إثباتها.
38
الله جل ثناؤه لعباده حكمهما فيما يرثان من وَلدهما الميت مع إخوته، غنًّى وكفاية عن أن حكمهما فيما ورثا منه غيرَ متغيِّر عما كان لهما، ولا أخ للميت ولا وارث غيرهما. إذ كان معلومًا عندهم أن كل مستحق حقًّا بقضاء الله ذلك له، لا ينتقل حقُّه الذي قضى به له ربه جل ثناؤه عما قَضى به له إلى غيره، إلا بنقل الله ذلك عنه إلى من نقله إليه من خلقه. فكان في فرضه تعالى ذكره للأم ما فرض، إذا لم يكن لولدها الميت وارث غيرها وغير والده، ولا أخ = (١) الدلالة الواضحة للخلق أن ذلك المفروضَ - وهو ثلث مال ولدها الميت (٢) - حق لها واجب، حتى يغيِّر ذلك الفرض من فَرَض لها. فلما غيَّر تعالى ذكره ما فرض لها من ذلك مع الإخوة الجماعة، وترك تغييره مع الأخ الواحد، عُلم بذلك أن فرضها غير متغيِّر عما فرض لها إلا في الحال التي غيَّره فيها مَن لزم العبادَ طاعتُه، دون غيرها من الأحوال.
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في عدد الإخوة الذين عناهم الله تعالى ذكره بقوله:"فإن كان له إخوة".
فقال جماعة أصحاب رسول الله ﷺ والتابعين لهم بإحسان، ومن بعدهم من علماء أهل الإسلام في كل زمان: عنى الله جل ثناؤه بقوله:"فإن كان له إخوة فلأمه السدس" اثنين كان الإخوة أو أكثر منهما، أنثيين كانتا أو كن إناثًا، أو ذكرين كانا أو كانوا ذكورًا، أو كان أحدهما ذكرًا والآخر أنثى. واعتل كثيرٌ ممن قال ذلك، بأن ذلك قالته الأمة عن بيان الله جل
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في عدد الإخوة الذين عناهم الله تعالى ذكره بقوله:"فإن كان له إخوة".
فقال جماعة أصحاب رسول الله ﷺ والتابعين لهم بإحسان، ومن بعدهم من علماء أهل الإسلام في كل زمان: عنى الله جل ثناؤه بقوله:"فإن كان له إخوة فلأمه السدس" اثنين كان الإخوة أو أكثر منهما، أنثيين كانتا أو كن إناثًا، أو ذكرين كانا أو كانوا ذكورًا، أو كان أحدهما ذكرًا والآخر أنثى. واعتل كثيرٌ ممن قال ذلك، بأن ذلك قالته الأمة عن بيان الله جل
(١) في المطبوعة: "... وغير والده لوائح الدلالة الواضحة... " وهو شيء لا يكتبه أبو جعفر!! وفي المخطوطة: "وغير والده ولاح الدلالة... "، وصواب قراءتها"ولا أخ" معطوفًا على قوله"إذا لم يكن لولدها الميت وارث... ". وقوله: "الدلالة الواضحة" اسم"كان" في قوله: "وكان في فرضه تعالى ذكره... ".
(٢) في المخطوطة والمطبوعة: "هو ثلث مال ولدها الميت"، بغير "واو"، والصواب إثباتها. وإلا اختل الكلام.
(٢) في المخطوطة والمطبوعة: "هو ثلث مال ولدها الميت"، بغير "واو"، والصواب إثباتها. وإلا اختل الكلام.
39
ثناؤه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فنقلته أمة نبيه نقلا مستفيضًا قطع العذر مجيئه، ودفع الشك فيه عن قلوب الخلق وروده. (١)
* * *
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقول: بل عنى الله جل ثناؤه بقوله:"فإن كان له إخوة"، جماعة أقلها ثلاثة. وكان ينكر أن يكون الله جل ثناؤه حجَب الأم عن ثلثها مع الأب بأقل من ثلاثة إخوة. فكان يقول في أبوين وأخوين: للأم الثلث، وما بقي فللأب، كما قال أهل العلم في أبوين وأخ واحد.
ذكر الرواية عنه بذلك:
٨٧٣٢ - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثنا ابن أبي فديك قال، حدثني ابن أبي ذئب، عن شعبة مولى ابن عباس، عن ابن عباس: أنه دخل على عثمان رضي الله عنه فقال، لم صار الأخوان يردَّان الأم إلى السدس، وإنما قال الله:"فإن كان له إخوة"، والأخوان في لسان قومك وكلام قومك ليسا بإخوة؟ فقال عثمان رحمه الله (٢) هل أستطيع نقض أمر كان قبلي، وتوارثه الناس ومضى في الأمصار؟ (٣)
* * *
* * *
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقول: بل عنى الله جل ثناؤه بقوله:"فإن كان له إخوة"، جماعة أقلها ثلاثة. وكان ينكر أن يكون الله جل ثناؤه حجَب الأم عن ثلثها مع الأب بأقل من ثلاثة إخوة. فكان يقول في أبوين وأخوين: للأم الثلث، وما بقي فللأب، كما قال أهل العلم في أبوين وأخ واحد.
ذكر الرواية عنه بذلك:
٨٧٣٢ - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثنا ابن أبي فديك قال، حدثني ابن أبي ذئب، عن شعبة مولى ابن عباس، عن ابن عباس: أنه دخل على عثمان رضي الله عنه فقال، لم صار الأخوان يردَّان الأم إلى السدس، وإنما قال الله:"فإن كان له إخوة"، والأخوان في لسان قومك وكلام قومك ليسا بإخوة؟ فقال عثمان رحمه الله (٢) هل أستطيع نقض أمر كان قبلي، وتوارثه الناس ومضى في الأمصار؟ (٣)
* * *
(١) وهذا أيضًا موضع في النفس منه شيء، فإن أبا جعفر ترك سياق حجته من الآثار، كما فعل في الموضعين السالفين انظر ص: ٣٦ تعليق: ١ / وص: ٣٧، تعليق: ٣، / ثم انظر السنن الكبرى للبيهقي ٦: ٢٢٧، ٢٢٨.
(٢) في المطبوعة: "رضي الله عنه"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٣) الأثر: ٨٧٣٢ - أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٦: ٢٢٧ من طريق: إسحاق بن إبراهيم، عن شبابة، عن ابن أبي ذئب، عن شعبة مولى ابن عباس، ونقله عنه ابن كثير في تفسيره ٢: ٣٦٧. وقد عقب ابن كثير عليه بقوله: "وفي صحة هذا الأثر نظر، فإن شعبة هذا تكلم فيه مالك بن أنس. ولو كان هذا صحيحًا عن ابن عباس لذهب إليه أصحابه الأخصاء به، والمنقول عنهم خلافه. وقد روى عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد، عن أبيه أنه قال، "الأخوان، تسمى إخوة"، وقد أفردت لهذه المسألة جزءًا على حدة".
أما "شعيب مولى ابن عباس"، فهو: شعيب بن دينار الهاشمي، وهو غير الكوفي، وقد قال فيه ابن حبان: "روى عن ابن عباس ما لا أصل له، حتى كأنه ابن عباس آخر"، وانظر اختلاف قولهم فيه في التهذيب، وأكثرهم على ترك الاحتجاج به، وهو مترجم في التهذيب، والكبير للبخاري ٢ / ٢ / ٢٤٤، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٣٦٧.
(٢) في المطبوعة: "رضي الله عنه"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٣) الأثر: ٨٧٣٢ - أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٦: ٢٢٧ من طريق: إسحاق بن إبراهيم، عن شبابة، عن ابن أبي ذئب، عن شعبة مولى ابن عباس، ونقله عنه ابن كثير في تفسيره ٢: ٣٦٧. وقد عقب ابن كثير عليه بقوله: "وفي صحة هذا الأثر نظر، فإن شعبة هذا تكلم فيه مالك بن أنس. ولو كان هذا صحيحًا عن ابن عباس لذهب إليه أصحابه الأخصاء به، والمنقول عنهم خلافه. وقد روى عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد، عن أبيه أنه قال، "الأخوان، تسمى إخوة"، وقد أفردت لهذه المسألة جزءًا على حدة".
أما "شعيب مولى ابن عباس"، فهو: شعيب بن دينار الهاشمي، وهو غير الكوفي، وقد قال فيه ابن حبان: "روى عن ابن عباس ما لا أصل له، حتى كأنه ابن عباس آخر"، وانظر اختلاف قولهم فيه في التهذيب، وأكثرهم على ترك الاحتجاج به، وهو مترجم في التهذيب، والكبير للبخاري ٢ / ٢ / ٢٤٤، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٣٦٧.
40
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي، أن المعنيَّ بقوله:"فإن كان له إخوة"، اثنان من إخوة الميت فصاعدًا، على ما قاله أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، دون ما قاله ابن عباس رضي الله عنهما، لنقل الأمة وراثةً صحةَ ما قالوه من ذلك عن الحجة، وإنكارهم ما قاله ابن عباس في ذلك. (١)
* * *
فإن قال قائل: وكيف قيل في الأخوين"إخوة"، وقد علمت أن ل"الأخوين" في منطق العرب مثالا لا يشبه مثالَ"الإخوة"، في منطقها؟ (٢)
قيل: إنّ ذلك وإن كان كذلك، فإن من شأنها التأليف بين الكلامين يتقارب معنياهما، (٣) وإن اختلفا في بعض وجوههما. فلما كان ذلك كذلك، وكان مستفيضًا في منطقها منتشرًا مستعملا في كلامها:"ضربت من عبد الله وعمرو رؤوسهما، وأوجعتُ منهما ظهورهما"، وكان ذلك أشد استفاضة في منطقها من أن يقال،"أوجعت منهما ظهريهما"، وإن كان مقولا"أوجعت ظهْريهما"، (٤) كما قال الفرزدق:
بِمَا فِي فُؤَادَيْنَا مِنَ الشَّوْقِ وَالْهَوَى... فَيَبْرَأُ مُنْهَاضُ الفُؤَادِ الْمُشَعَّفُ (٥)
* * *
فإن قال قائل: وكيف قيل في الأخوين"إخوة"، وقد علمت أن ل"الأخوين" في منطق العرب مثالا لا يشبه مثالَ"الإخوة"، في منطقها؟ (٢)
قيل: إنّ ذلك وإن كان كذلك، فإن من شأنها التأليف بين الكلامين يتقارب معنياهما، (٣) وإن اختلفا في بعض وجوههما. فلما كان ذلك كذلك، وكان مستفيضًا في منطقها منتشرًا مستعملا في كلامها:"ضربت من عبد الله وعمرو رؤوسهما، وأوجعتُ منهما ظهورهما"، وكان ذلك أشد استفاضة في منطقها من أن يقال،"أوجعت منهما ظهريهما"، وإن كان مقولا"أوجعت ظهْريهما"، (٤) كما قال الفرزدق:
بِمَا فِي فُؤَادَيْنَا مِنَ الشَّوْقِ وَالْهَوَى... فَيَبْرَأُ مُنْهَاضُ الفُؤَادِ الْمُشَعَّفُ (٥)
(١) هذا أيضًا موضع كان يجب أن يسوق عنده أبو جعفر حجته، أو يحيل على حجة سالفة، ولكنه لم يفعل، وانظر التعليق السالف ص: ٤٠ تعليق: ١: والإشارة إلى المواضع السالفة هناك.
(٢) في المخطوطة والمطبوعة: "وقد علمت أن الأخوين في منطق العرب مثالا... "، وهو فاسد، والصواب"أن للأخوين"، كما أثبتها بزيادة"اللام".
(٣) في المطبوعة: "بتقارب معنييهما"، غير ما في المخطوطة، لأنه قرأ"يتقارب" فعلا، "بتقارب" اسمًا مصدرًا.
(٤) في المطبوعة: "ظهرهما" مكان"ظهريهما"، وهو خطأ، لأنه ليس شاهدًا في هذا الموضع، بل الشاهد ما جاء في المخطوطة كما أثبته، على التثنية.
(٥) ديوانه: ٥٥٤، والنقائض: ٥٥٣، وسيبويه ٢: ٢٠٢، وأمالي الشجرى ١: ١٢، وغيرها. وهو من قصيدته التي مضى بيت منها قريبًا ص: ٢٧، تعليق: ٣، يقول قبله ما لهج به من لهوه وكذبه وعبثه، ويذكرها صاحبته وأمره معها. دَعَوْتُ الَّذِي سَمَّى السَّمَوَاتِ أَيْدُهُ... وَللهُ أَدْنَى مِنْ وَرِيِدي وأَلْطَفُ
لِيَشْغَلَ عَنِّي بَعْلَهَا بِزَمَانَهٍ... تُدَلِّهُهُ عَنِّي وعَنْهَا فَنُسْعَفُ
بِمَا في فُؤَادَيْنَا...................................
فَأَرْسَلَ فِي عَيْنَيْهِ ماءً عَلاهُمَا... وَقَدْ عَلِمُوا أَنِّي أَطَبُّ وأَعْرَفُ
فَدَاوَيْتُهُ عَامَيْنِ وَهْيَ قَرِ يَبةٌ... أَرَاهَا، وتَدْنُو لِي مِرَارًا فَأرْشُفُ
يقول: دعا الله أن يبتلي زوجها بمرض مزمن، يدلهه ويحيره، فيبقى دهشا متغير العقل أو البصر، فلا يتفقدها، حتى يصل إلى ما يريد وتريد. فاستجاب دعاءه، وأنزل على عينيه ماء، فطلبوا له الأطباء والعرفاء، وزعم الفرزدق أنهم عرفوا أنه أطب الناس بهذا الداء، فأدخلوه إليه، فظل يطببه عامين، وهي قريبة منه.
وقوله: "منهاض الفؤاد" الذي هاضه الحزن والوجد، من"هاض العظم" إذا كسره، يريد شدة ما يجد من اللوعة، حتى شفه وأمرض قلبه. و"المشعف"، هو الذي شعفه الحب: إذا أحرق قلبه، مع لذة يجدها المحب، ولم يذكر أصحاب المعاجم"شعف" مشددة العين، ولكنه قياس هذه العربية. وفي المخطوطة والمطبوعة: "المشغف" بالغين المعجمة، وكأنه صواب أيضًا، من"شغفه الحب" إذا بلغ شغاف قلبه.
وأما رواية الديوان، والنقائض، فهي"المسقف"، وهي رواية رديئة، قال أبو عبيدة في شرحها: "هو الذي عليه خشب الجبائر، والجبائر: هي السقائف تشد على الكسر". وهو لا شيء، وإنما حمله على ذلك ذكر"منهاض"، وأن"المشغف" من صفته، و"المنهاض" هو العظم الذي كسر بعد الجبر. ولكن صواب المعنى والرواية، هو ما ذكرت.
(٢) في المخطوطة والمطبوعة: "وقد علمت أن الأخوين في منطق العرب مثالا... "، وهو فاسد، والصواب"أن للأخوين"، كما أثبتها بزيادة"اللام".
(٣) في المطبوعة: "بتقارب معنييهما"، غير ما في المخطوطة، لأنه قرأ"يتقارب" فعلا، "بتقارب" اسمًا مصدرًا.
(٤) في المطبوعة: "ظهرهما" مكان"ظهريهما"، وهو خطأ، لأنه ليس شاهدًا في هذا الموضع، بل الشاهد ما جاء في المخطوطة كما أثبته، على التثنية.
(٥) ديوانه: ٥٥٤، والنقائض: ٥٥٣، وسيبويه ٢: ٢٠٢، وأمالي الشجرى ١: ١٢، وغيرها. وهو من قصيدته التي مضى بيت منها قريبًا ص: ٢٧، تعليق: ٣، يقول قبله ما لهج به من لهوه وكذبه وعبثه، ويذكرها صاحبته وأمره معها. دَعَوْتُ الَّذِي سَمَّى السَّمَوَاتِ أَيْدُهُ... وَللهُ أَدْنَى مِنْ وَرِيِدي وأَلْطَفُ
لِيَشْغَلَ عَنِّي بَعْلَهَا بِزَمَانَهٍ... تُدَلِّهُهُ عَنِّي وعَنْهَا فَنُسْعَفُ
بِمَا في فُؤَادَيْنَا...................................
فَأَرْسَلَ فِي عَيْنَيْهِ ماءً عَلاهُمَا... وَقَدْ عَلِمُوا أَنِّي أَطَبُّ وأَعْرَفُ
فَدَاوَيْتُهُ عَامَيْنِ وَهْيَ قَرِ يَبةٌ... أَرَاهَا، وتَدْنُو لِي مِرَارًا فَأرْشُفُ
يقول: دعا الله أن يبتلي زوجها بمرض مزمن، يدلهه ويحيره، فيبقى دهشا متغير العقل أو البصر، فلا يتفقدها، حتى يصل إلى ما يريد وتريد. فاستجاب دعاءه، وأنزل على عينيه ماء، فطلبوا له الأطباء والعرفاء، وزعم الفرزدق أنهم عرفوا أنه أطب الناس بهذا الداء، فأدخلوه إليه، فظل يطببه عامين، وهي قريبة منه.
وقوله: "منهاض الفؤاد" الذي هاضه الحزن والوجد، من"هاض العظم" إذا كسره، يريد شدة ما يجد من اللوعة، حتى شفه وأمرض قلبه. و"المشعف"، هو الذي شعفه الحب: إذا أحرق قلبه، مع لذة يجدها المحب، ولم يذكر أصحاب المعاجم"شعف" مشددة العين، ولكنه قياس هذه العربية. وفي المخطوطة والمطبوعة: "المشغف" بالغين المعجمة، وكأنه صواب أيضًا، من"شغفه الحب" إذا بلغ شغاف قلبه.
وأما رواية الديوان، والنقائض، فهي"المسقف"، وهي رواية رديئة، قال أبو عبيدة في شرحها: "هو الذي عليه خشب الجبائر، والجبائر: هي السقائف تشد على الكسر". وهو لا شيء، وإنما حمله على ذلك ذكر"منهاض"، وأن"المشغف" من صفته، و"المنهاض" هو العظم الذي كسر بعد الجبر. ولكن صواب المعنى والرواية، هو ما ذكرت.
41
= غير أن ذلك وإن كان مقولا فأفصح منه:"بما في أفئدتنا"، كما قال جل ثناؤه: (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) [سورة التحريم: ٤].
فلما كان ما وصفت = من إخراج كل ما كان في الإنسان واحدًا إذا ضم إلى الواحد منه آخر من إنسان آخر فصارا اثنين من اثنين، بلفظ الجميع، أفصحَ في منطقها وأشهرَ في كلامها (١) = وكان"الأخوان" شخصين كل واحد منهما غير صاحبه، من نفسين مختلفين، أشبه معنياهما معنى ما كان في الإنسان من
فلما كان ما وصفت = من إخراج كل ما كان في الإنسان واحدًا إذا ضم إلى الواحد منه آخر من إنسان آخر فصارا اثنين من اثنين، بلفظ الجميع، أفصحَ في منطقها وأشهرَ في كلامها (١) = وكان"الأخوان" شخصين كل واحد منهما غير صاحبه، من نفسين مختلفين، أشبه معنياهما معنى ما كان في الإنسان من
(١) في المطبوعة: "فلفظ الجمع أفصح في منطقها"، والصواب ما أثبته من المخطوطة، وقوله: "أفصح" منصوب خبر قوله: "فلما كان ما وصفت".
42
أعضائه واحدًا لا ثاني له، (١) فأخرج اثناهما بلفظ اثنى العضوين اللذين وصفت، (٢) فقيل"إخوة" في معنى"الأخوين"، كما قيل"ظهور" في معنى"الظهرين"، و"أفواه" في معنى"فموين"، و"قلوب" في معنى"قلبين".
* * *
وقد قال بعض النحويين: إنما قيل"إخوة"، لأن أقل الجمع اثنان. وذلك أن ذلك ضم شيء إلى شيء صارا جميعًا بعد أن كانا فردين، (٣) فجمعا ليعلم أن الاثنين جمع.
* * *
قال أبو جعفر: وهذا وإن كان كذلك في المعنى، فليس بعلة تنبئ عن جواز إخراج ما قد جرى الكلام مستعملا مستفيضًا على ألسن العرب لاثنيه بمثال وصورةٍ غير مثال ثلاثة فصاعدًا منه وصورتها. لأن من قال،"أخواك قاما"، فلا شك أنه قد علم أنّ كل واحد من"الأخوين" فردٌ ضم أحدهما إلى الآخر فصارا جميعًا بعد أن كانا شتى. غير أن الأمر وإن كان كذلك، (٤) فلا تستجيز العرب في كلامها أن يقال،"أخواك قاموا"، فيخرج قولهم"قاموا"، وهو لفظ للخبر عن الجميع، خبرًا عن"الأخوين" وهما بلفظ الاثنين. لأن كل ما جرى به الكلام على ألسنتهم معروفًا عندهم بمثال وصورة، إذا غيَّر مغيِّر عما قد عرفوه فيهم،
* * *
وقد قال بعض النحويين: إنما قيل"إخوة"، لأن أقل الجمع اثنان. وذلك أن ذلك ضم شيء إلى شيء صارا جميعًا بعد أن كانا فردين، (٣) فجمعا ليعلم أن الاثنين جمع.
* * *
قال أبو جعفر: وهذا وإن كان كذلك في المعنى، فليس بعلة تنبئ عن جواز إخراج ما قد جرى الكلام مستعملا مستفيضًا على ألسن العرب لاثنيه بمثال وصورةٍ غير مثال ثلاثة فصاعدًا منه وصورتها. لأن من قال،"أخواك قاما"، فلا شك أنه قد علم أنّ كل واحد من"الأخوين" فردٌ ضم أحدهما إلى الآخر فصارا جميعًا بعد أن كانا شتى. غير أن الأمر وإن كان كذلك، (٤) فلا تستجيز العرب في كلامها أن يقال،"أخواك قاموا"، فيخرج قولهم"قاموا"، وهو لفظ للخبر عن الجميع، خبرًا عن"الأخوين" وهما بلفظ الاثنين. لأن كل ما جرى به الكلام على ألسنتهم معروفًا عندهم بمثال وصورة، إذا غيَّر مغيِّر عما قد عرفوه فيهم،
(١) في المطبوعة: "أشبه معناهما" على الإفراد، والصواب من المخطوطة مثنى. وقوله: "وكان الأخوان"، معطوف على قوله: "فلما كان ما وصفت"، يريد: "ولما كان الأخوان... ". وسياق الجملة:
(٢) في المطبوعة: "فأخرج أنثييهما بلفظ أنثى العضوين"، وهو كلام لا معنى له، والصواب من المخطوطة، فالكلام في"الاثنين" و"الجمع"، لا في"الأنثى" و"الذكر".
(٣) في المطبوعة: "وذلك أنه إذا ضم شيء إلى شيء"، غير ما كان في المخطوطة كما أثبته، وهو صواب محض لا يغير.
(٤) في المطبوعة والمخطوطة: "بعد أن كانا شتى عنوان الأمر وإن كان كذلك"، وهو كلام مستهجن لا معنى له، والناسخ عجل كما رأيت وعلمت، فكتب"غير أن الأمر"، "عنوان الأمر" ففسد الكلام، وأفسد على الناشر الأول فهمه للمعاني.
"وكان الأخوان شخصين | أشبه معنياهما معنى ما كان في الإنسان من أعضائه واحدًا". |
(٣) في المطبوعة: "وذلك أنه إذا ضم شيء إلى شيء"، غير ما كان في المخطوطة كما أثبته، وهو صواب محض لا يغير.
(٤) في المطبوعة والمخطوطة: "بعد أن كانا شتى عنوان الأمر وإن كان كذلك"، وهو كلام مستهجن لا معنى له، والناسخ عجل كما رأيت وعلمت، فكتب"غير أن الأمر"، "عنوان الأمر" ففسد الكلام، وأفسد على الناشر الأول فهمه للمعاني.
43
نَكِروه. (١) فكذلك"الأخوان" وإن كان مجموعين ضُمَّ أحدهما إلى صاحبه، فلهما مثالٌ في المنطق وصورة، غير مثال الثلاثة منهم فصاعدًا وصورتهم. فغير جائز أن يغيَّر أحدهما إلى الآخر إلا بمعنى مفهوم. وإذا كان ذلك كذلك، فلا قول أولى بالصحة مما قلنا قبل.
* * *
قال أبو جعفر: فإن قال قائل: ولم نُقصت الأم عن ثلثها بمصير إخوة الميت معها اثنين فصاعدًا؟
قيل: اختلفت العلماء في ذلك.
فقال بعضهم: نُقصت الأم عن ذلك دون الأب، لأن على الأب مُؤَنهم دون أمهم.
ذكر من قال ذلك:
٨٧٣٣ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"فإن لم يكن له ولد ورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس"، أضرُّوا بالأم ولا يرثون، (٢) ولا يحجبها الأخ الواحد من الثلث، ويحجبها ما فوق ذلك. وكان أهل العلم يرون أنهم إنما حجبوا أمهم من
* * *
قال أبو جعفر: فإن قال قائل: ولم نُقصت الأم عن ثلثها بمصير إخوة الميت معها اثنين فصاعدًا؟
قيل: اختلفت العلماء في ذلك.
فقال بعضهم: نُقصت الأم عن ذلك دون الأب، لأن على الأب مُؤَنهم دون أمهم.
ذكر من قال ذلك:
٨٧٣٣ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"فإن لم يكن له ولد ورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس"، أضرُّوا بالأم ولا يرثون، (٢) ولا يحجبها الأخ الواحد من الثلث، ويحجبها ما فوق ذلك. وكان أهل العلم يرون أنهم إنما حجبوا أمهم من
(١) في المطبوعة: "لأن لكل ما جرى به الكلام على ألسنتهم مثالا معروفًا عندهم وصورة، إذا غير مغير ما قد عرفوه فيهم أنكره"، بدل ما كان في المخطوطة تبديلا، جعل"بمثال""مثالا" وقدمها عن مكانها، وغير سائر الجملة كما رأيت. والذي أوقعه في ذلك أن الناسخ كتب"لأن لكل ما جرى" وصوابه"لأن كل ما جرى" كما أثبته.
أما "نكروه"، فقد جعلها"أنكروه" وهما صواب جميعًا، إلا أن الواجب عليه كان يقتضي إثبات ما في المخطوطة. يقال، "أنكر الشيء إنكارًا ونكره" (على وزن سمع)، قال الله تعالى في سورة هود: ٧٠: {فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً {
(٢) في المطبوعة: "أنزلوا الأم ولا يرثون"، وفي المخطوطة: "أمروا بالأمر ولا يرثون" وهو تحريف ما أثبته عن الدر المنثور وابن كثير، كما سترى في التخريج.
أما "نكروه"، فقد جعلها"أنكروه" وهما صواب جميعًا، إلا أن الواجب عليه كان يقتضي إثبات ما في المخطوطة. يقال، "أنكر الشيء إنكارًا ونكره" (على وزن سمع)، قال الله تعالى في سورة هود: ٧٠: {فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً {
(٢) في المطبوعة: "أنزلوا الأم ولا يرثون"، وفي المخطوطة: "أمروا بالأمر ولا يرثون" وهو تحريف ما أثبته عن الدر المنثور وابن كثير، كما سترى في التخريج.
44
الثلث لأن أباهم يلي نكاحهم والنفقة عليهم دون أمهم. (١)
* * *
وقال آخرون: بل نُقصت الأم السدس، وقُصِر بها على سدس واحد، معونةً لإخوة الميت بالسدس الذي حَجَبوا أمهم عنه.
ذكر من قال ذلك:
٨٧٣٤ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال، السدس الذي حجبتْه الإخوة الأمَّ لهم، إنما حجبوا أمهم عنه ليكون لهم دون أمهم.
* * *
وقد روي عن ابن عباس خلاف هذا القول، وذلك ما: -
٨٧٣٥ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمد، عن ابن عباس قال، الكلالة من لا ولد له ولا والِد.
* * *
قال أبو جعفر، وأولى ذلك بالصواب أن يقال في ذلك: إن الله تعالى ذكره فرض للأم مع الإخوة السدس، لما هو أعلم به من مصلحة خلقه = وقد يجوز أن يكون ذلك كان لما ألزم الآباء لأولادهم = وقد يجوز أن يكون ذلك لغير ذلك. وليس ذلك مما كلَّفنا علمه، وإنما أمرنا بالعمل بما علمنا.
* * *
وأما الذي روي عن طاوس عن ابن عباس، فقول لما عليه الأمة مخالف. وذلك أنه لا خلاف بين الجميع: أنْ لا ميراث لأخي ميت مع والده. فكفى إجماعهم على خلافه شاهدًا على فساده.
* * *
* * *
وقال آخرون: بل نُقصت الأم السدس، وقُصِر بها على سدس واحد، معونةً لإخوة الميت بالسدس الذي حَجَبوا أمهم عنه.
ذكر من قال ذلك:
٨٧٣٤ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال، السدس الذي حجبتْه الإخوة الأمَّ لهم، إنما حجبوا أمهم عنه ليكون لهم دون أمهم.
* * *
وقد روي عن ابن عباس خلاف هذا القول، وذلك ما: -
٨٧٣٥ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمد، عن ابن عباس قال، الكلالة من لا ولد له ولا والِد.
* * *
قال أبو جعفر، وأولى ذلك بالصواب أن يقال في ذلك: إن الله تعالى ذكره فرض للأم مع الإخوة السدس، لما هو أعلم به من مصلحة خلقه = وقد يجوز أن يكون ذلك كان لما ألزم الآباء لأولادهم = وقد يجوز أن يكون ذلك لغير ذلك. وليس ذلك مما كلَّفنا علمه، وإنما أمرنا بالعمل بما علمنا.
* * *
وأما الذي روي عن طاوس عن ابن عباس، فقول لما عليه الأمة مخالف. وذلك أنه لا خلاف بين الجميع: أنْ لا ميراث لأخي ميت مع والده. فكفى إجماعهم على خلافه شاهدًا على فساده.
* * *
(١) الأثر: ٨٧٣٣ - خرجه ابن كثير في تفسيره ٢: ٣٦٧، ٣٦٨، وقال، "هذا كلام حسن"، والسيوطي في الدر المنثور ٢: ١٢٦.
45
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"من بعد وصية يوصي بها أو دين"، أنّ الذي قسم الله تبارك وتعالى لولد الميت الذكور منهم والإناث ولأبويه من تركته من بعد وفاته، إنما يقسمه لهم على ما قسمه لهم في هذه الآية من بعد قضاء دين الميت الذي مات وهو عليه من تركته، ومن بعد تنفيذ وصيته في بابها بعد قضاء دينه كله. (١) فلم يجعل تعالى ذكره لأحد من ورثة الميت، ولا لأحد ممن أوصى له بشيء، إلا من بعد قضاء دينه من جميع تركته، وإن أحاط بجميع ذلك. ثم جعل أهل الوصايا بعد قضاء دينه شركاء ورثته فيما بقي لما أوصى لهم به، ما لم يجاوز ذلك ثلثه. فإن جاوز ذلك ثلثه، جعل الخيار في إجازة ما زاد على الثلث من ذلك أو ردِّه إلى ورثته: إن أحبوا أجازوا الزيادة على ثلث ذلك، وإن شاءوا ردوه. فأما ما كان من ذلك إلى الثلث، فهو ماضٍ عليهم.
وعلى كل ما قلنا من ذلك، الأمة مجمعة. وقد روي عن رسول الله ﷺ بذلك خبرٌ، وهو ما: -
٨٧٣٦ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، أخبرنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن الحارث الأعور، عن عليّ رضي الله عنه قال، إنكم تقرأون هذه الآية:"من بعد وصية يُوصي بها أو دين"، وإنّ رسول الله ﷺ قضى بالدين قبل الوصية. (٢)
٨٧٣٧ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، حدثنا زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي رضوان الله عليه، عن النبي ﷺ بمثله.
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"من بعد وصية يوصي بها أو دين"، أنّ الذي قسم الله تبارك وتعالى لولد الميت الذكور منهم والإناث ولأبويه من تركته من بعد وفاته، إنما يقسمه لهم على ما قسمه لهم في هذه الآية من بعد قضاء دين الميت الذي مات وهو عليه من تركته، ومن بعد تنفيذ وصيته في بابها بعد قضاء دينه كله. (١) فلم يجعل تعالى ذكره لأحد من ورثة الميت، ولا لأحد ممن أوصى له بشيء، إلا من بعد قضاء دينه من جميع تركته، وإن أحاط بجميع ذلك. ثم جعل أهل الوصايا بعد قضاء دينه شركاء ورثته فيما بقي لما أوصى لهم به، ما لم يجاوز ذلك ثلثه. فإن جاوز ذلك ثلثه، جعل الخيار في إجازة ما زاد على الثلث من ذلك أو ردِّه إلى ورثته: إن أحبوا أجازوا الزيادة على ثلث ذلك، وإن شاءوا ردوه. فأما ما كان من ذلك إلى الثلث، فهو ماضٍ عليهم.
وعلى كل ما قلنا من ذلك، الأمة مجمعة. وقد روي عن رسول الله ﷺ بذلك خبرٌ، وهو ما: -
٨٧٣٦ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، أخبرنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن الحارث الأعور، عن عليّ رضي الله عنه قال، إنكم تقرأون هذه الآية:"من بعد وصية يُوصي بها أو دين"، وإنّ رسول الله ﷺ قضى بالدين قبل الوصية. (٢)
٨٧٣٧ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، حدثنا زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي رضوان الله عليه، عن النبي ﷺ بمثله.
(١) هكذا في المطبوعة"في بابها"، وفي المخطوطة غير منقوطة، وهي لفظة غريبة هاهنا، لا أظنها مما كان يجري على ألسنة القوم يومئذ على هذا المعنى، ولو خيرت لاخترت"في أهلها"، ولكني تركتها على حالها مخافة أن يكون ظني رجما.
(٢) في المطبوعة: "أن رسول الله" بإسقاط الواو، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) في المطبوعة: "أن رسول الله" بإسقاط الواو، وأثبت ما في المخطوطة.
46
٨٧٣٨ - حدثنا أبو السائب قال، حدثنا حفص بن غياث قال، حدثنا أشعث، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، عن رسول الله ﷺ مثله. (١)
٨٧٣٩ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا هارون بن المغيرة، عن ابن مجاهد، عن أبيه:"من بعد وصية يوصي بها أو دين" قال، يبدأ بالدين قبل الوصية.
* * *
قال أبو جعفر: واختلفت القرأة في قراءة ذلك. فقرأته عامة قرأة أهل المدينة والعراق: (يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ).
* * *
وقرأه بعض أهل مكة والشأم والكوفة، (يُوصَى بِهَا)، على معنى ما لم يسمَّ فاعله.
* * *
٨٧٣٩ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا هارون بن المغيرة، عن ابن مجاهد، عن أبيه:"من بعد وصية يوصي بها أو دين" قال، يبدأ بالدين قبل الوصية.
* * *
قال أبو جعفر: واختلفت القرأة في قراءة ذلك. فقرأته عامة قرأة أهل المدينة والعراق: (يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ).
* * *
وقرأه بعض أهل مكة والشأم والكوفة، (يُوصَى بِهَا)، على معنى ما لم يسمَّ فاعله.
* * *
(١) الآثار: ٨٧٣٦، ٨٧٣٧، ٨٧٣٨ - حديث ضعيف، لضعف"الحارث الأعور"، وهو: الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني، وهو ضعيف جدًا، وقال الشعبي وغيره: "كان كذابًا". وقد مضى الكلام عنه في رقم: ١٧٤ فيما كتبه أخي السيد أحمد، وفي المسند رقم: ٥٦٥.
وأسانيده الثلاثة تدور على"الحارث الأعور"، وقد رواه أحمد في مسنده رقم: ٥٩٥، ١٠٩١، ١٢٢١ مطولا، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٦: ٢٦٧، والحاكم في المستدرك ٤: ٣٣٦، وابن كثير في تفسيره ٢: ٣٦٨، وقال، "رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وأصحاب التفاسير"، والسيوطي في الدر المنثور ٢: ١٢٦، ونسبه لأبي أبي شيبة، وأحمد، وعبد بن حميد، والترمذي، وابن ماجه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم، والبيهقي في سننه. ورواه الشافعي في الأم ٤: ٢٩، مختصرًا كما رواه الطبري، قال الشافعي: "وقد روى في تبدئة الدين قبل الوصية حديث عن النبي ﷺ لا يثبت أهل الحديث مثله". وساق الحديث عن سفيان عن أبي إسحاق.
قال البيهقي: "امتناع أهل الحديث عن إثبات هذا، لتفرد الحارث الأعور بروايته عن علي رضي الله عنه، والحارث لا يحتج بخبره لطعن الحفاظ فيه". أما الحاكم، فقد ذكر مثل هذه العلة في الحارث الأعور، وقال، "لذلك لم يخرجه الشيخان، وقد صحت هذه الفتوى عن زيد بن ثابت"، ثم ساق فتوى زيد بن ثابت بإسناده.
وقال ابن كثير: "ثم قال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث الحارث الأعور. وقد تكلم فيه بعض أهل العلم. قلت (القائل ابن كثير) : لكن كان حافظًا للفرائض معتنيًا بها وبالحساب".
وأسانيده الثلاثة تدور على"الحارث الأعور"، وقد رواه أحمد في مسنده رقم: ٥٩٥، ١٠٩١، ١٢٢١ مطولا، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٦: ٢٦٧، والحاكم في المستدرك ٤: ٣٣٦، وابن كثير في تفسيره ٢: ٣٦٨، وقال، "رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وأصحاب التفاسير"، والسيوطي في الدر المنثور ٢: ١٢٦، ونسبه لأبي أبي شيبة، وأحمد، وعبد بن حميد، والترمذي، وابن ماجه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم، والبيهقي في سننه. ورواه الشافعي في الأم ٤: ٢٩، مختصرًا كما رواه الطبري، قال الشافعي: "وقد روى في تبدئة الدين قبل الوصية حديث عن النبي ﷺ لا يثبت أهل الحديث مثله". وساق الحديث عن سفيان عن أبي إسحاق.
قال البيهقي: "امتناع أهل الحديث عن إثبات هذا، لتفرد الحارث الأعور بروايته عن علي رضي الله عنه، والحارث لا يحتج بخبره لطعن الحفاظ فيه". أما الحاكم، فقد ذكر مثل هذه العلة في الحارث الأعور، وقال، "لذلك لم يخرجه الشيخان، وقد صحت هذه الفتوى عن زيد بن ثابت"، ثم ساق فتوى زيد بن ثابت بإسناده.
وقال ابن كثير: "ثم قال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث الحارث الأعور. وقد تكلم فيه بعض أهل العلم. قلت (القائل ابن كثير) : لكن كان حافظًا للفرائض معتنيًا بها وبالحساب".
47
قال أبو جعفر: وأولى القراءتين بالصواب قراءة من قرأ ذلك: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ) على مذهب ما قد سُمِّي فاعله، لأن الآية كلها خبر عمن قد سمي فاعله. ألا ترى أنه يقول:"ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان لا ولد"؟ فكذلك الذي هو أولى بقوله:"يوصي بها أو دين"، أن يكون خبرًا عمن قد سمي فاعله، لأن تأويل الكلام: ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد = من بعد وصية يوصي بها أو دين = يُقضى عنه.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"آباؤكم وأبناؤكم"، هؤلاء الذين أوصاكم الله به فيهم - من قسمة ميراث ميِّتكم فيهم على ما سمي لكم وبيَّنه في هذه الآية - آباؤكم وأبناؤكم (١) ="لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا"، يقول: أعطوهم حقوقهم من ميراث ميتهم الذي أوصيتُكم أن تعطوهموها، فإنكم لا تعلمون أيهم أدنى وأشد نفعًا لكم في عاجل دنياكم وآجل أخراكم.
* * *
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا".
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"آباؤكم وأبناؤكم"، هؤلاء الذين أوصاكم الله به فيهم - من قسمة ميراث ميِّتكم فيهم على ما سمي لكم وبيَّنه في هذه الآية - آباؤكم وأبناؤكم (١) ="لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا"، يقول: أعطوهم حقوقهم من ميراث ميتهم الذي أوصيتُكم أن تعطوهموها، فإنكم لا تعلمون أيهم أدنى وأشد نفعًا لكم في عاجل دنياكم وآجل أخراكم.
* * *
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا".
(١) سياق هذه الجملة: "هؤلاء الذين أوصاكم الله به فيهم... آباؤكم وأبناؤكم"، يريد إعراب"آباؤكم وأبناؤكم"، وأنه خبر لمبتدأ محذوف. ولم يشر أحد من المفسرين إلى هذا الإعراب. بل قال القرطبي في تفسيره: "رفع بالابتداء، والخبر مضمر، تقديره: هم المقسوم عليهم، وهم المعطون". وقال الألوسي في تفسيره: "الخطاب للورثة، وآباؤكم مبتدأ، وأبناؤكم معطوف عليه، ولا تدرون مع ما في حيزه خبر له". وكذلك قال العكبري في إعراب القرآن ١: ٩٤. وأجود القول ما قال أبو جعفر في سياق هذه الآية.
48
فقال بعضهم: يعني بذلك أيهم أقرب لكم نفعًا في الآخرة.
ذكر من قال ذلك:
٨٧٤٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله،"آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا"، يقول: أطوعكم لله من الآباء والأبناء، أرفعكم درجة يوم القيامة، لأن الله سبحانه يشفع المؤمنين بعضهم في بعض.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك، لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا في الدنيا.
ذكر من قال ذلك:
٨٧٤١ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"أيهم أقرب لكم نفعًا"، في الدنيا.
٨٧٤٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
٨٧٤٣ - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله:"لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا"، قال بعضهم: في نفع الآخرة، وقال بعضهم: في نفع الدنيا.
* * *
وقال آخرون في ذلك بما قلنا.
ذكر من قال ذلك:
٨٧٤٤ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا"، قال: أيهم خيرٌ لكم في الدين والدنيا،
ذكر من قال ذلك:
٨٧٤٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله،"آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا"، يقول: أطوعكم لله من الآباء والأبناء، أرفعكم درجة يوم القيامة، لأن الله سبحانه يشفع المؤمنين بعضهم في بعض.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك، لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا في الدنيا.
ذكر من قال ذلك:
٨٧٤١ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"أيهم أقرب لكم نفعًا"، في الدنيا.
٨٧٤٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
٨٧٤٣ - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله:"لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا"، قال بعضهم: في نفع الآخرة، وقال بعضهم: في نفع الدنيا.
* * *
وقال آخرون في ذلك بما قلنا.
ذكر من قال ذلك:
٨٧٤٤ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا"، قال: أيهم خيرٌ لكم في الدين والدنيا،
49
الوالد أو الولدُ الذين يرثونكم، لم يدخلِ عليكم غيرهم، فرَضَ لهم المواريث، (١) لم يأت بآخرين يشركونهم في أموالكم.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (١١) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"فريضة من الله"،"وإن كان له إخوة فلأمه السدس"، فريضةً، يقول: سهامًا معلومة موقتة بيَّنها الله لهم. (٢)
* * *
ونصب قوله:"فريضة" على المصدر من قوله:"يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين" ="فريضة"، فأخرج"فريضة" من معنى الكلام، إذ كان معناه ما وصفت.
وقد يجوز أن يكون نصبه على الخروج من قوله:"فإن كان له إخوة فلأمه السدس" ="فريضة"، فتكون"الفريضة" منصوبة على الخروج من قوله: (٣) "فإن كان له إخوة فلأمه السدس"، كما تقول:"هو لك هبة، وهو لك صدقة مني عليك". (٤)
* * *
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (١١) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"فريضة من الله"،"وإن كان له إخوة فلأمه السدس"، فريضةً، يقول: سهامًا معلومة موقتة بيَّنها الله لهم. (٢)
* * *
ونصب قوله:"فريضة" على المصدر من قوله:"يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين" ="فريضة"، فأخرج"فريضة" من معنى الكلام، إذ كان معناه ما وصفت.
وقد يجوز أن يكون نصبه على الخروج من قوله:"فإن كان له إخوة فلأمه السدس" ="فريضة"، فتكون"الفريضة" منصوبة على الخروج من قوله: (٣) "فإن كان له إخوة فلأمه السدس"، كما تقول:"هو لك هبة، وهو لك صدقة مني عليك". (٤)
* * *
(١) في المطبوعة والمخطوطة: "فرضي لهم المواريث"، وهو تحريف وسوء كتابة من الناسخ، ولا معنى له، والصواب ما أثبت.
(٢) قوله: "موقتة"، أي محددة مقدرة بحد، وقد سلف شرح هذه الكلمة فيما مضى الجزء ٧: ٥٩٧، تعليق: ٣، والمراجع هناك، وفي فهرس المصطلحات.
ثم انظر تفسير"الفرض" و"الفريضة" فيما سلف ٤: ١٢١ / ٥: ١٢٠ / ٧: ٥٩٧.
(٣) "الخروج"، انظر تفسيره فيما سلف ٧: ٢٥، تعليق: ٣، كأنه يعني به خروج الحال المؤكدة.
(٤) انظر ما سلف ٧: ٥٩٩.
(٢) قوله: "موقتة"، أي محددة مقدرة بحد، وقد سلف شرح هذه الكلمة فيما مضى الجزء ٧: ٥٩٧، تعليق: ٣، والمراجع هناك، وفي فهرس المصطلحات.
ثم انظر تفسير"الفرض" و"الفريضة" فيما سلف ٤: ١٢١ / ٥: ١٢٠ / ٧: ٥٩٧.
(٣) "الخروج"، انظر تفسيره فيما سلف ٧: ٢٥، تعليق: ٣، كأنه يعني به خروج الحال المؤكدة.
(٤) انظر ما سلف ٧: ٥٩٩.
50
وأما قوله:"إن الله كان عليمًا حكيمًا"، فإنه يعني جل ثناؤه: إنّ الله لم يزل ذا علم بما يصلح خلقه، (١) أيها الناس، فانتهوا إلى ما يأمركم، يصلح لكم أموركم. ="حكيما"، يقول: لم يزل ذا حكمة في تدبيره، وهو كذلك فيما يقسم لبعضكم من ميراث بعض، وفيما يقضي بينكم من الأحكام، لا يدخل حكمه خَلَل ولا زلل، لأنه قضاء من لا تخفى عليه مواضع المصلحة في البدء والعاقبة.
* * *
* * *
(١) انظر تفسير: "كان" نظيرة ما في هذه الآية، فيما سلف: ٧: ٥٢٣.
51
القول في تأويل قوله: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه،"ولكم" أيها الناس ="نصف ما ترك أزواجكم"، بعد وفاتهن من مال وميراث ="إن لم يكن لهن ولد"، يوم يحدث بهن الموت، (١) لا ذكر ولا أنثى ="فإن كان لهن ولد"، أي: فإن كان لأزواجكم يوم يحدث لهن الموت، (٢) ولد ذكر أو أنثى ="فلكم الربع مما تركن"، من مال وميراث، ميراثًا لكم عنهن ="من بعد وصية يوصين بها أو دين"، يقول: ذلكم لكم ميراثًا عنهن، مما يبقى من تركاتهن وأموالهن، من بعد قضاء ديونهن التي يمتن وهي عليهن، ومن بعد إنفاذ وصاياهن الجائزة إن كن أوصين بها.
* * *
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه،"ولكم" أيها الناس ="نصف ما ترك أزواجكم"، بعد وفاتهن من مال وميراث ="إن لم يكن لهن ولد"، يوم يحدث بهن الموت، (١) لا ذكر ولا أنثى ="فإن كان لهن ولد"، أي: فإن كان لأزواجكم يوم يحدث لهن الموت، (٢) ولد ذكر أو أنثى ="فلكم الربع مما تركن"، من مال وميراث، ميراثًا لكم عنهن ="من بعد وصية يوصين بها أو دين"، يقول: ذلكم لكم ميراثًا عنهن، مما يبقى من تركاتهن وأموالهن، من بعد قضاء ديونهن التي يمتن وهي عليهن، ومن بعد إنفاذ وصاياهن الجائزة إن كن أوصين بها.
* * *
(١) في المطبوعة: "يحدث لهن الموت" باللام، والصواب ما في المخطوطة.
(٢) في المطبوعة: "يحدث لهن الموت" باللام، والصواب ما في المخطوطة.
(٢) في المطبوعة: "يحدث لهن الموت" باللام، والصواب ما في المخطوطة.
51
القول في تأويل قوله: ﴿وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد" ولأزواجكم، أيها الناس، ربع ما تركتم بعد وفاتكم من مال وميراث، إن حدث بأحدكم حَدَثُ الوفاة ولا ولد له ذكر ولا أنثى ="فإن كان لكم ولد"، يقول: فإن حدث بأحدكم حدث الموت وله ولد ذكر أو أنثى، واحدًا كان الولد أو جماعة ="فلهن الثمن مما تركتم"، يقول: فلأزواجكم حينئذ من أموالكم وتركتكم التي تخلفونها بعد وفاتكم، الثمن من بعد قضاء ديونكم التي حدث بكم حدث الوفاة وهي عليكم، ومن بعد إنفاذ وصاياكم الجائزة التي توصون بها.
* * *
وإنما قيل:"من بعد وصية توصون بها أو دين"، فقدم ذكر الوصية على ذكر الدين، لأن معنى الكلام: إن الذي فرضتُ لمن فرضتُ له منكم في هذه الآيات، إنما هو له من بعد إخراج أيِّ هذين كان في مال الميت منكم، (١) من وصية أو دين. فلذلك كان سواءً تقديم ذكر الوصية قبل ذكر الدين، وتقديم ذكر الدين قبل ذكر الوصية، لأنه لم يرد من معنى ذلك إخراج الشيئين:"الدين والوصية" من ماله، فيكون ذكر الدين أولى أن يُبدأ به من ذكر الوصية. (٢)
* * *
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد" ولأزواجكم، أيها الناس، ربع ما تركتم بعد وفاتكم من مال وميراث، إن حدث بأحدكم حَدَثُ الوفاة ولا ولد له ذكر ولا أنثى ="فإن كان لكم ولد"، يقول: فإن حدث بأحدكم حدث الموت وله ولد ذكر أو أنثى، واحدًا كان الولد أو جماعة ="فلهن الثمن مما تركتم"، يقول: فلأزواجكم حينئذ من أموالكم وتركتكم التي تخلفونها بعد وفاتكم، الثمن من بعد قضاء ديونكم التي حدث بكم حدث الوفاة وهي عليكم، ومن بعد إنفاذ وصاياكم الجائزة التي توصون بها.
* * *
وإنما قيل:"من بعد وصية توصون بها أو دين"، فقدم ذكر الوصية على ذكر الدين، لأن معنى الكلام: إن الذي فرضتُ لمن فرضتُ له منكم في هذه الآيات، إنما هو له من بعد إخراج أيِّ هذين كان في مال الميت منكم، (١) من وصية أو دين. فلذلك كان سواءً تقديم ذكر الوصية قبل ذكر الدين، وتقديم ذكر الدين قبل ذكر الوصية، لأنه لم يرد من معنى ذلك إخراج الشيئين:"الدين والوصية" من ماله، فيكون ذكر الدين أولى أن يُبدأ به من ذكر الوصية. (٢)
* * *
(١) في المخطوطة والمطبوعة: "الميت منكن"، والصواب"منكم" كما أثبتها.
(٢) في المطبوعة: "إخراج أحد الشيئين" بزيادة"أحد"، وهي لا معنى لها هنا، بل هي إخلال بما أراد، وبما ذكر قبل من قوله: "إنما هو له من بعد إخراج أي هذين كان في مال الميت منكم".
(٢) في المطبوعة: "إخراج أحد الشيئين" بزيادة"أحد"، وهي لا معنى لها هنا، بل هي إخلال بما أراد، وبما ذكر قبل من قوله: "إنما هو له من بعد إخراج أي هذين كان في مال الميت منكم".
52
القول في تأويل قوله: ﴿وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وإن كان رجلٌ أو امرأة يورث كلالةً.
ثم اختلفت القرأة في قراءة ذلك.
* * *
فقرأ ذلك عامة قرأة أهل الإسلام: (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً)، يعني: وإن كان رجل يورث متكلًّل النسب.
* * *
ف"الكلالة" على هذا القول، مصدر من قولهم:"تكلَّله النسب تكلُّلا وكلالة"، بمعنى: تعطف عليه النسب.
* * *
وقرأه بعضهم: (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً)، بمعنى: وإن كان رجل يورِث من يتكلَّله، بمعنى: من يتعطف عليه بنسبه من أخ أو أخت.
* * *
واختلف أهل التأويل في"الكلالة".
فقال بعضهم: هي ما خلا الوالد والولد.
* ذكر من قال ذلك:
٨٧٤٥ - حدثنا الوليد بن شجاع السَّكوني قال، حدثني علي بن مسهر، عن عاصم، عن الشعبي قال: قال أبو بكر رحمه الله عليه: إني قد رأيت في الكلالة رأيًا = فإن كان صوابًا فمن الله وحده لا شريك له، وإن يك خطأ فمني ومن الشيطان، (١) والله منه بريء =: أن الكلالة ما خلا الولد والوالد. فلما
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وإن كان رجلٌ أو امرأة يورث كلالةً.
ثم اختلفت القرأة في قراءة ذلك.
* * *
فقرأ ذلك عامة قرأة أهل الإسلام: (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً)، يعني: وإن كان رجل يورث متكلًّل النسب.
* * *
ف"الكلالة" على هذا القول، مصدر من قولهم:"تكلَّله النسب تكلُّلا وكلالة"، بمعنى: تعطف عليه النسب.
* * *
وقرأه بعضهم: (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً)، بمعنى: وإن كان رجل يورِث من يتكلَّله، بمعنى: من يتعطف عليه بنسبه من أخ أو أخت.
* * *
واختلف أهل التأويل في"الكلالة".
فقال بعضهم: هي ما خلا الوالد والولد.
* ذكر من قال ذلك:
٨٧٤٥ - حدثنا الوليد بن شجاع السَّكوني قال، حدثني علي بن مسهر، عن عاصم، عن الشعبي قال: قال أبو بكر رحمه الله عليه: إني قد رأيت في الكلالة رأيًا = فإن كان صوابًا فمن الله وحده لا شريك له، وإن يك خطأ فمني ومن الشيطان، (١) والله منه بريء =: أن الكلالة ما خلا الولد والوالد. فلما
(١) في المطبوعة: "وإن يكن خطأ"، وأثبت ما في المخطوطة. وفي المطبوعة: "أبو بكر رضي الله عنه"، وكذلك لما ذكر"عمر"، وأثبت ما في المخطوطة في هذا الموضع وفيما يليه، ولم أنبه إليه فيما يلي. وفي المخطوطة والمطبوعة: "فمني والشيطان" بإسقاط"من"، والصواب من تفسير ابن كثير والبغوي بهامشه ٢: ٣٧٠، والدر المنثور ٢: ٢٥٠.
53
استخلف عمر رحمة الله عليه قال: إني لأستحيي من الله تبارك وتعالى أن أخالف أبا بكر في رأي رآه. (١)
٨٧٤٦ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عاصم الأحول قال، حدثنا الشعبي: أن أبا بكر رحمه الله قال في الكلالة: أقول فيها برأيي، فإن كان صوابًا فمن الله: هو ما دون الولد والوالد. قال: فلما كان عمر رحمه الله قال: إني لأستحيي من الله أن أخالف أبا بكر.
٨٧٤٧ - حدثنا [يونس بن عبد الأعلى] قال، أخبرنا سفيان، عن عاصم الأحول، عن الشعبي: أن أبا بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما قالا الكلالة من لا ولد له ولا والد. (٢)
٨٧٤٨ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثني أبي، عن عمران بن حدير، عن السميط قال: كان عمر رجلا أيسر، (٣) فخرج يومًا وهو يقول بيده
٨٧٤٦ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عاصم الأحول قال، حدثنا الشعبي: أن أبا بكر رحمه الله قال في الكلالة: أقول فيها برأيي، فإن كان صوابًا فمن الله: هو ما دون الولد والوالد. قال: فلما كان عمر رحمه الله قال: إني لأستحيي من الله أن أخالف أبا بكر.
٨٧٤٧ - حدثنا [يونس بن عبد الأعلى] قال، أخبرنا سفيان، عن عاصم الأحول، عن الشعبي: أن أبا بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما قالا الكلالة من لا ولد له ولا والد. (٢)
٨٧٤٨ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثني أبي، عن عمران بن حدير، عن السميط قال: كان عمر رجلا أيسر، (٣) فخرج يومًا وهو يقول بيده
(١) الأثر: ٨٧٤٥ - أخرجه البيهقي في السنن ٦: ٢٢٣، ٢٢٤، وابن كثير والبغوي ٢: ٣٧٠، والدر المنثور ٢: ٢٥٠، ونسبه أيضًا لعبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وفي الدر والبيهقي: "فلما طعن عمر"، وفي ابن كثير: "فلما ولي عمر"، وإحدى روايتي البيهقي، ورواية البغوي كرواية الطبري: "فلما استخلف".
(٢) الأثر: ٨٧٤٧ -"يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري، شيخ الطبري، روى عنه أبو جعفر شيئًا كثيرًا في تفسيره وفي غيره من كتبه، وقد مضى برقم: ١٦٧٩. وكان في المطبوعة: "أبو بشر بن عبد الأعلى"، وليس في الرواة من كان بهذا الاسم، وخاصة في شيوخ أبي جعفر. وفي المخطوطة: "أبو بشر عبد الأعلى"، وهذا أيضًا لا يعرف، ورجح عندي أنه تصحيف وتحريف من الناسخ، وأن صوابه"يونس بن عبد الأعلى" شيخ الطبري، فأثبته كذلك بين قوسين.
(٣) جاء في هذا الأثر في صفة عمر أنه"أيسر"، والذي جاء في الآثار من صفته أنه"أعسر يسر (بفتحتين) يعمل بيديه جميعًا"، وذلك هو الذي يسمونه"الأضبط"، تكون قوة شماله، كقوة يمينه في العمل. فإذا كان يعمل بيده الشمال خاصة فهو"أعسر"، والرجل إذا كان"أعسر" وليس"يسرًا"، كانت يمينه أضعف من شماله.
هذا، وكأنه أراد هنا بقوله: "أيسر" أنه يعمل بشماله، وهو غريب عند أهل اللغة، وقد جاء أيضًا في صفة عمر"أعسر أيسر"، فقال أبو عبيد القاسم بن سلام: "هكذا روي في الحديث، وأما كلام العرب، فالصواب أنه"أعسر يسر". وقال ابن السكيت: "لا تقل أعسر أيسر". ولكن هكذا جاءت الرواية فيما بين أيدينا من تفسير أبي جعفر، فلا أدري أأخطأ ناسخها، أم هكذا كانت روايته. ولم أجد الخبر بتمامه في مكان آخر.
(٢) الأثر: ٨٧٤٧ -"يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري، شيخ الطبري، روى عنه أبو جعفر شيئًا كثيرًا في تفسيره وفي غيره من كتبه، وقد مضى برقم: ١٦٧٩. وكان في المطبوعة: "أبو بشر بن عبد الأعلى"، وليس في الرواة من كان بهذا الاسم، وخاصة في شيوخ أبي جعفر. وفي المخطوطة: "أبو بشر عبد الأعلى"، وهذا أيضًا لا يعرف، ورجح عندي أنه تصحيف وتحريف من الناسخ، وأن صوابه"يونس بن عبد الأعلى" شيخ الطبري، فأثبته كذلك بين قوسين.
(٣) جاء في هذا الأثر في صفة عمر أنه"أيسر"، والذي جاء في الآثار من صفته أنه"أعسر يسر (بفتحتين) يعمل بيديه جميعًا"، وذلك هو الذي يسمونه"الأضبط"، تكون قوة شماله، كقوة يمينه في العمل. فإذا كان يعمل بيده الشمال خاصة فهو"أعسر"، والرجل إذا كان"أعسر" وليس"يسرًا"، كانت يمينه أضعف من شماله.
هذا، وكأنه أراد هنا بقوله: "أيسر" أنه يعمل بشماله، وهو غريب عند أهل اللغة، وقد جاء أيضًا في صفة عمر"أعسر أيسر"، فقال أبو عبيد القاسم بن سلام: "هكذا روي في الحديث، وأما كلام العرب، فالصواب أنه"أعسر يسر". وقال ابن السكيت: "لا تقل أعسر أيسر". ولكن هكذا جاءت الرواية فيما بين أيدينا من تفسير أبي جعفر، فلا أدري أأخطأ ناسخها، أم هكذا كانت روايته. ولم أجد الخبر بتمامه في مكان آخر.
54
هكذا، (١) يديرها، إلا أنه قال، أتى عليّ حين ولست أدري ما الكلالة، ألا وإنّ الكلالة ما خلا الولد والوالد. (٢)
٨٧٤٩ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن جابر، عن عامر، عن أبي بكر قال: الكلالة ما خلا الولد والوالد.
٨٧٥٠ - حدثني يونس قال، أخبرنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمد، عن ابن عباس قال: الكلالة من لا ولد له ولا والد.
٨٧٥١ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعت ابن جريج يحدث، عن عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمد، عن ابن عباس قال: الكلالة من لا ولد له ولا والد.
٨٧٥٢ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمد بن الحنفية، عن ابن عباس، قال: الكلالة ما خلا الولد والوالد (٣).
٨٧٥٣ - حدثنا ابن بشار وابن وكيع قالا حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا
٨٧٤٩ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن جابر، عن عامر، عن أبي بكر قال: الكلالة ما خلا الولد والوالد.
٨٧٥٠ - حدثني يونس قال، أخبرنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمد، عن ابن عباس قال: الكلالة من لا ولد له ولا والد.
٨٧٥١ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعت ابن جريج يحدث، عن عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمد، عن ابن عباس قال: الكلالة من لا ولد له ولا والد.
٨٧٥٢ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمد بن الحنفية، عن ابن عباس، قال: الكلالة ما خلا الولد والوالد (٣).
٨٧٥٣ - حدثنا ابن بشار وابن وكيع قالا حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا
(١) قوله: "يقول بيده هكذا"، أي: يحركها ويشير بها أو يومئ. و"القول" في كلام العرب يوضع مواضع كثيرة، منها معنى الإشارة والتحريك والإيماء.
(٢) الأثر: ٨٧٤٨ - أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٦: ٢٢٤ من طريق محمد بن نصر، عن عبد الأعلى، عن حماد، عن عمران بن حدير، عن السميط بن عمير، بغير هذا اللفظ مختصرًا، وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٢: ٢٥٠-٢٥١ مختصرًا، ولم ينسبه لغير ابن أبي شيبة.
و"عمران بن حدير السدوسي" مضت ترجمته فيما سلف برقم: ٢٦٣٤.
وأما "السميط" فهو: سميط بن عمير السدوسي، ويقال: سميط بن سمير، ويقال سميط بن عمرو. مترجم في التهذيب، والكبير للبخاري: ٢ / ٢ / ٢٠٤، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٣١٧.
(٣) الآثار: ٨٧٥٠، ٨٧٥١، ٨٧٥٢ - ثلاث طرق، وأخرجه البيهقي في السنن ٦: ٢٢٥ من طريقين، من طريق أبي سعيد الأعرابي، عن سعدان بن نصر، عن سفيان = ومن طريق محمد بن نصر، عن محمد بن الصباح، عن سفيان، مطولا.
(٢) الأثر: ٨٧٤٨ - أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٦: ٢٢٤ من طريق محمد بن نصر، عن عبد الأعلى، عن حماد، عن عمران بن حدير، عن السميط بن عمير، بغير هذا اللفظ مختصرًا، وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٢: ٢٥٠-٢٥١ مختصرًا، ولم ينسبه لغير ابن أبي شيبة.
و"عمران بن حدير السدوسي" مضت ترجمته فيما سلف برقم: ٢٦٣٤.
وأما "السميط" فهو: سميط بن عمير السدوسي، ويقال: سميط بن سمير، ويقال سميط بن عمرو. مترجم في التهذيب، والكبير للبخاري: ٢ / ٢ / ٢٠٤، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٣١٧.
(٣) الآثار: ٨٧٥٠، ٨٧٥١، ٨٧٥٢ - ثلاث طرق، وأخرجه البيهقي في السنن ٦: ٢٢٥ من طريقين، من طريق أبي سعيد الأعرابي، عن سعدان بن نصر، عن سفيان = ومن طريق محمد بن نصر، عن محمد بن الصباح، عن سفيان، مطولا.
55
أبي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سليم بن عبد، عن ابن عباس بمثله. (١)
٨٧٥٤ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سليم بن عبد السلولي، عن ابن عباس قال: الكلالة ما خلا الولد والوالد.
٨٧٥٥ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة"، قال: الكلالة من لم يترك ولدًا ولا والدًا.
٨٧٥٦ - حدثني محمد بن عبيد المحاربي قال، حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن سليم بن عبد قال: ما رأيتهم إلا قد اتفقوا أن من مات ولم يدع ولدًا ولا والدًا، أنه كلالة.
٨٧٥٧ - حدثنا تميم بن المنتصر قال، حدثنا إسحاق بن يوسف، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن سليم بن عبد قال: ما رأيتهم إلا قد أجمعوا أنّ الكلالة الذي ليس له ولد ولا والد.
٨٧٥٨ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن سليم بن عبد قال: الكلالة ما خلا الولد والوالد.
٨٧٥٩ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن فضيل، عن أشعث، عن أبي
٨٧٥٤ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سليم بن عبد السلولي، عن ابن عباس قال: الكلالة ما خلا الولد والوالد.
٨٧٥٥ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة"، قال: الكلالة من لم يترك ولدًا ولا والدًا.
٨٧٥٦ - حدثني محمد بن عبيد المحاربي قال، حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن سليم بن عبد قال: ما رأيتهم إلا قد اتفقوا أن من مات ولم يدع ولدًا ولا والدًا، أنه كلالة.
٨٧٥٧ - حدثنا تميم بن المنتصر قال، حدثنا إسحاق بن يوسف، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن سليم بن عبد قال: ما رأيتهم إلا قد أجمعوا أنّ الكلالة الذي ليس له ولد ولا والد.
٨٧٥٨ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن سليم بن عبد قال: الكلالة ما خلا الولد والوالد.
٨٧٥٩ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن فضيل، عن أشعث، عن أبي
(١) الأثر: ٨٧٥٣، ثم الآثار: ٨٧٥٤، ٨٧٥٦، ٨٧٥٧، ٨٧٥٨، ٨٧٥٩ - طرق مختلفة لخبر سليم بن عبد السلولي عن ابن عباس وسيرويه أيضًا برقم: ٨٧٦٨. أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٢: ٢٢٤ من طريق أخرى، من طريق يحيى بن يحيى، عن هشيم، عن زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق. وأشار إلى رقم: ٨٧٥٣، ٨٧٥٤، طريق إسرائيل عن أبي إسحاق.
و"سليم بن عبد السلولي"، ويقال: "سليم بن عبد الله"، كوفي. مترجم في الكبير للبخاري ٢ / ٢ / ١٢٧، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٢١٢، وتعجيل المنفعة: ١٦٣، قال البخاري وأبو حاتم: "روى عن حذيفة، روى عنه أبو إسحاق السبيعي"، وزاد الحافظ في تعجيل المنفعة"فقط". وقال: "وثقه ابن حبان وقال: شهد غزوة طبرستان، وقال العجلي: كوفي ثقة، هم ثلاثة إخوة: سليم بن عبد، وعمارة بن عبد، وزيد بن عبد. ثقات، سلوليون، كوفيون".
هذا وقد أفادنا إسناد الطبري والبيهقي، أنه روى أيضًا عن غير حذيفة من الصحابة، روى عن ابن عباس أيضًا كما تسمع.
و"سليم بن عبد السلولي"، ويقال: "سليم بن عبد الله"، كوفي. مترجم في الكبير للبخاري ٢ / ٢ / ١٢٧، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٢١٢، وتعجيل المنفعة: ١٦٣، قال البخاري وأبو حاتم: "روى عن حذيفة، روى عنه أبو إسحاق السبيعي"، وزاد الحافظ في تعجيل المنفعة"فقط". وقال: "وثقه ابن حبان وقال: شهد غزوة طبرستان، وقال العجلي: كوفي ثقة، هم ثلاثة إخوة: سليم بن عبد، وعمارة بن عبد، وزيد بن عبد. ثقات، سلوليون، كوفيون".
هذا وقد أفادنا إسناد الطبري والبيهقي، أنه روى أيضًا عن غير حذيفة من الصحابة، روى عن ابن عباس أيضًا كما تسمع.
56
إسحاق، عن سليم بن عبد قال: أدركتهم وهم يقولون، إذا لم يدع الرجل ولدًا ولا والدًا، وُرِث كلالة.
٨٧٦٠ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"وإن كان رجل يورَث كلالة أو امرأة"، والكلالة الذي لا ولد له ولا والد، لا أب ولا جد، ولا ابن ولا ابنة، فهؤلاء الأخوة من الأم.
٨٧٦١ - حدثني محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن الحكم قال في الكلالة: ما دون الولد والوالد.
٨٧٦٢ - حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: الكلالة كل من لا يرثه والد ولا ولد، وكل من لا ولد له ولا والد فهو يورث كلالة، من رجالهم ونسائهم.
٨٧٦٣ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة والزهري وأبي إسحاق، قال: الكلالة من ليس له ولد ولا والد.
٨٧٦٤ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا محمد بن محمد، عن معمر، عن الزهري وقتادة وأبي إسحاق مثله.
* * *
وقال آخرون:"الكلالة ما دون الولد"، وهذا قول عن ابن عباس، وهو الخبر الذي ذكرناه قبل من رواية طاوس عنه: (١) أنه ورَّث الإخوة من الأم السدس مع الأبوين.
* * *
وقال آخرون: الكلالة ما خلا الوالد.
* ذكر من قال ذلك:
٨٧٦٥ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا سهل بن يوسف، عن شعبة، قال:
٨٧٦٠ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"وإن كان رجل يورَث كلالة أو امرأة"، والكلالة الذي لا ولد له ولا والد، لا أب ولا جد، ولا ابن ولا ابنة، فهؤلاء الأخوة من الأم.
٨٧٦١ - حدثني محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن الحكم قال في الكلالة: ما دون الولد والوالد.
٨٧٦٢ - حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: الكلالة كل من لا يرثه والد ولا ولد، وكل من لا ولد له ولا والد فهو يورث كلالة، من رجالهم ونسائهم.
٨٧٦٣ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة والزهري وأبي إسحاق، قال: الكلالة من ليس له ولد ولا والد.
٨٧٦٤ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا محمد بن محمد، عن معمر، عن الزهري وقتادة وأبي إسحاق مثله.
* * *
وقال آخرون:"الكلالة ما دون الولد"، وهذا قول عن ابن عباس، وهو الخبر الذي ذكرناه قبل من رواية طاوس عنه: (١) أنه ورَّث الإخوة من الأم السدس مع الأبوين.
* * *
وقال آخرون: الكلالة ما خلا الوالد.
* ذكر من قال ذلك:
٨٧٦٥ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا سهل بن يوسف، عن شعبة، قال:
(١) هو الأثر رقم: ٨٧٣٤، فيما سلف.
57
سألت الحكم عن الكلالة قال: فهو ما دون الأب.
* * *
واختلف أهل العربية في الناصب للكلالة.
فقال بعض البصريين: إن شئت نصبت"كلالة" على خبر"كان"، وجعلت"يورث" من صفة"الرجل". وإن شئت جعلت"كان" تستغني عن الخبر نحو"وقع"، وجعلت نصب"كلالة" على الحال، أي: يورث كلالة، (١) كما يقال:"يضرب قائمًا".
* * *
وقال بعضهم قوله:"كلالة"، خبر"كان"، لا يكون الموروث كلالة، وإنما الوارث الكلالةُ.
* * *
قال أبو جعفر والصواب من القول في ذلك عندي أن"الكلالة" منصوب على الخروج من قوله:"يورث"، وخبر"كان""يورث". و"الكلالة" وإن كانت منصوبة بالخروج من"يورث"، فليست منصوبة على الحال، ولكن على المصدر من معنى الكلام. لأن معنى الكلام: وإن كان رجل يورَث متكلِّله النسب كلالةً = ثم ترك ذكر"متكلِّله" اكتفاء بدلالة قوله:"يورث" عليه.
* * *
واختلف أهل العلم في المسمَّى"كلالة".
فقال بعضهم:"الكلالة" الموروث، وهو الميت نفسه، يسمى بذلك إذا ورثه غير والده وولده. (٢)
* ذكر من قال ذلك:
٨٧٦٦ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا
* * *
واختلف أهل العربية في الناصب للكلالة.
فقال بعض البصريين: إن شئت نصبت"كلالة" على خبر"كان"، وجعلت"يورث" من صفة"الرجل". وإن شئت جعلت"كان" تستغني عن الخبر نحو"وقع"، وجعلت نصب"كلالة" على الحال، أي: يورث كلالة، (١) كما يقال:"يضرب قائمًا".
* * *
وقال بعضهم قوله:"كلالة"، خبر"كان"، لا يكون الموروث كلالة، وإنما الوارث الكلالةُ.
* * *
قال أبو جعفر والصواب من القول في ذلك عندي أن"الكلالة" منصوب على الخروج من قوله:"يورث"، وخبر"كان""يورث". و"الكلالة" وإن كانت منصوبة بالخروج من"يورث"، فليست منصوبة على الحال، ولكن على المصدر من معنى الكلام. لأن معنى الكلام: وإن كان رجل يورَث متكلِّله النسب كلالةً = ثم ترك ذكر"متكلِّله" اكتفاء بدلالة قوله:"يورث" عليه.
* * *
واختلف أهل العلم في المسمَّى"كلالة".
فقال بعضهم:"الكلالة" الموروث، وهو الميت نفسه، يسمى بذلك إذا ورثه غير والده وولده. (٢)
* ذكر من قال ذلك:
٨٧٦٦ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا
(١) في المطبوعة: "يورث كلالة"، وفي المخطوطة يشبه أن تكون"مورث"، وتلك أجود، فأثبتها لأنها أحق بالمكان.
(٢) في المطبوعة: "سمى بذلك" وفي المخطوطة: "سمى" غير منقوطة، وصواب قراءتها ما أثبت.
(٢) في المطبوعة: "سمى بذلك" وفي المخطوطة: "سمى" غير منقوطة، وصواب قراءتها ما أثبت.
58
أسباط، عن السدي قوله في الكلالة، (١) قال: الذي لا يدع والدًا ولا ولدًا.
٨٧٦٧ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عيينة، عن سليمان الأحول، عن طاوس، عن ابن عباس قال: كنت آخر الناس عهدًا بعمر رحمه الله، (٢) فسمعته يقول: القولُ ما قلت. (٣) قلت: وما قلت؟ قال: الكلالة من لا ولد له. (٤)
٨٧٦٨ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي ويحيى بن آدم، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سليم بن عبد، عن ابن عباس قال: الكلالة من لا ولد له ولا والد. (٥)
٨٧٦٧ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عيينة، عن سليمان الأحول، عن طاوس، عن ابن عباس قال: كنت آخر الناس عهدًا بعمر رحمه الله، (٢) فسمعته يقول: القولُ ما قلت. (٣) قلت: وما قلت؟ قال: الكلالة من لا ولد له. (٤)
٨٧٦٨ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي ويحيى بن آدم، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سليم بن عبد، عن ابن عباس قال: الكلالة من لا ولد له ولا والد. (٥)
(١) في المطبوعة: "قولهم في الكلالة"، وأثبت ما في المخطوطة، وهو الصواب.
(٢) في المطبوعة: "رضي الله عنه"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٣) في المطبوعة: "فسمعته يقول ما قلت"، أسقط"القول"، وفي المخطوطة: "فسمعته يقول يقول ما قلت"، وهو عجلة من الناسخ وتحريف، والصواب ما أثبت من السنن الكبرى للبيهقي.
(٤) الأثر: ٨٧٦٧ -"سليمان الأحول" هو: سليمان بن أبي مسلم المكي الأحول، خال ابن أبي نجيح. وهو ثقة، روى عنه الستة.
وهذا الأثر أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٢: ٢٢٥ من طريق سعدان بن نصر، عن سفيان (يعني ابن عيينة)، عن سليمان الأحول. وقال البيهقي معقبًا على روايته: "كذا في هذه الرواية، والذي روينا عن عمر وابن عباس في تفسير الكلالة، أشبه بدلائل الكتاب والسنة من هذه الرواية، وأولى أن يكون صحيحًا، لانفراد هذه الرواية، وتظاهر الروايات عنهما بخلافها".
وأشار إليها ابن كثير في تفسيره ٢: ٣٧١ قال: "وقد روي عن ابن عباس ما يخالف ذلك، وهو أنه من لا ولد له، والصحيح عنه الأول، ولعل الراوي ما فهم عنه ما أراد".
هذا، ولم يغفل أبو جعفر عن ذلك، فعقب عليه هو أيضًا برواية القول المشهور في الرواية عن ابن عباس، فساق خبر سليم بن عبد السلولي عن ابن عباس، الذي سلف من رقم: ٨٧٥٣ - ٨٧٥٩، من طريق أخرى، واكتفى بذلك من التعليق على هذا القول الذي انفرد به طاوس عن ابن عباس.
(٥) الأثر: ٨٧٦٨ - هما إسنادان أحدهما"ابن وكيع عن أبيه"، وقد سلف ٨٧٥٤، والآخر: "ابن وكيع عن يحيى بن آدم"، وهو إسناد لم يذكره مع أسانيد هذا الأثر فيما سلف من رقم: ٨٧٥٣-٨٧٥٩. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "سليمان بن عبد"، وهو خطأ، بل هو"سليم بن عبد السلولي" كما سلف في أسانيد الأثر.
(٢) في المطبوعة: "رضي الله عنه"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٣) في المطبوعة: "فسمعته يقول ما قلت"، أسقط"القول"، وفي المخطوطة: "فسمعته يقول يقول ما قلت"، وهو عجلة من الناسخ وتحريف، والصواب ما أثبت من السنن الكبرى للبيهقي.
(٤) الأثر: ٨٧٦٧ -"سليمان الأحول" هو: سليمان بن أبي مسلم المكي الأحول، خال ابن أبي نجيح. وهو ثقة، روى عنه الستة.
وهذا الأثر أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٢: ٢٢٥ من طريق سعدان بن نصر، عن سفيان (يعني ابن عيينة)، عن سليمان الأحول. وقال البيهقي معقبًا على روايته: "كذا في هذه الرواية، والذي روينا عن عمر وابن عباس في تفسير الكلالة، أشبه بدلائل الكتاب والسنة من هذه الرواية، وأولى أن يكون صحيحًا، لانفراد هذه الرواية، وتظاهر الروايات عنهما بخلافها".
وأشار إليها ابن كثير في تفسيره ٢: ٣٧١ قال: "وقد روي عن ابن عباس ما يخالف ذلك، وهو أنه من لا ولد له، والصحيح عنه الأول، ولعل الراوي ما فهم عنه ما أراد".
هذا، ولم يغفل أبو جعفر عن ذلك، فعقب عليه هو أيضًا برواية القول المشهور في الرواية عن ابن عباس، فساق خبر سليم بن عبد السلولي عن ابن عباس، الذي سلف من رقم: ٨٧٥٣ - ٨٧٥٩، من طريق أخرى، واكتفى بذلك من التعليق على هذا القول الذي انفرد به طاوس عن ابن عباس.
(٥) الأثر: ٨٧٦٨ - هما إسنادان أحدهما"ابن وكيع عن أبيه"، وقد سلف ٨٧٥٤، والآخر: "ابن وكيع عن يحيى بن آدم"، وهو إسناد لم يذكره مع أسانيد هذا الأثر فيما سلف من رقم: ٨٧٥٣-٨٧٥٩. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "سليمان بن عبد"، وهو خطأ، بل هو"سليم بن عبد السلولي" كما سلف في أسانيد الأثر.
59
وقال آخرون:"الكلالة"، هي الورثة الذين يرثون الميت، إذا كانوا إخوة أو أخوات أو غيرهم، إذا لم يكونوا ولدًا ولا والدًا، على ما قد ذكرنا من اختلافهم في ذلك.
* * *
وقال آخرون: بل"الكلالة" الميت والحي جميعًا.
* ذكر من قال ذلك:
٨٧٦٩ - حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد: الكلالة الميت الذي لا ولد له ولا والد = أو الحي، كلهم"كلالة"، هذا يَرِث بالكلالة، وهذا يورَث بالكلالة (١).
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي ما قاله هؤلاء، وهو أن"الكلالة" الذين يرثون الميت، من عَدا ولده ووالده، وذلك لصحة الخبر الذي ذكرناه عن جابر بن عبد الله أنه قال: قلت يا رسول الله؟ إنما يرثني كلالة، فكيف بالميراث (٢) وبما: -
٨٧٧٠ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن ابن عون، عن عمرو بن سعيد قال، كنا مع حميد بن عبد الرحمن في سوق الرقيق، قال: فقام من عندنا ثم رجع، فقال: هذا آخر ثلاثة من بني سعد حدَّثوني هذا الحديث، قالوا: مرض سعد بمكة مرضًا شديدًا، قال: فأتاه رسول الله ﷺ يعوده. فقال: يا رسول الله، لي مال كثير، وليس لي وارثٌ إلا كلالة، فأوصي بمالي كله؟ فقال: لا. (٣)
* * *
وقال آخرون: بل"الكلالة" الميت والحي جميعًا.
* ذكر من قال ذلك:
٨٧٦٩ - حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد: الكلالة الميت الذي لا ولد له ولا والد = أو الحي، كلهم"كلالة"، هذا يَرِث بالكلالة، وهذا يورَث بالكلالة (١).
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي ما قاله هؤلاء، وهو أن"الكلالة" الذين يرثون الميت، من عَدا ولده ووالده، وذلك لصحة الخبر الذي ذكرناه عن جابر بن عبد الله أنه قال: قلت يا رسول الله؟ إنما يرثني كلالة، فكيف بالميراث (٢) وبما: -
٨٧٧٠ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن ابن عون، عن عمرو بن سعيد قال، كنا مع حميد بن عبد الرحمن في سوق الرقيق، قال: فقام من عندنا ثم رجع، فقال: هذا آخر ثلاثة من بني سعد حدَّثوني هذا الحديث، قالوا: مرض سعد بمكة مرضًا شديدًا، قال: فأتاه رسول الله ﷺ يعوده. فقال: يا رسول الله، لي مال كثير، وليس لي وارثٌ إلا كلالة، فأوصي بمالي كله؟ فقال: لا. (٣)
(١) في المخطوطة: "هذا يرث بالكلالة، وهذا يرث بالكلالة"، وهو سهو من الناسخ، صوابه ما في المطبوعة.
(٢) هو الأثر السالف رقم: ٨٧٣٠.
(٣) الأثر: ٨٧٧٠ -"عمرو بن سعيد القرشي"، روى عن سعيد بن جبير، وأبي العالية، والشعبي، وحميد بن عبد الرحمن الحميري، روى عنه أيوب، ويونس، وابن عون، وغيرهم وهو و"حميد بن عبد الرحمن الحميري"، روى له الستة، روى عن أبي بكرة وابن عمر، وأبي هريرة، وابن عباس، وثلاثة من ولد سعد بن أبي وقاص (هم المذكورون في هذا الأثر) وغيرهم. قال ابن سعد: "كان ثقة، وله أحاديث". وكلاهما مترجم في التهذيب.
وخبر سعد بن أبي وقاص في الوصية، وقوله: "إني أورث كلالة"، رواه ابن سعد في الطبقات ٣ / ١ / ١٠٣، وأحمد في مسنده ٤: ٦٠، كلاهما: عفان بن مسلم، عن وهيب، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن عمرو بن القاري، عن أبيه، عن جده عمرو بن القاري.
وأخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب: ٤٤٤، وابن الأثير في أسد الغابة ٤: ١١٩ وقال: "أخرجه الثلاثة" يعني ابن منده، وأبو نعيم، وابن عبد البر.
(٢) هو الأثر السالف رقم: ٨٧٣٠.
(٣) الأثر: ٨٧٧٠ -"عمرو بن سعيد القرشي"، روى عن سعيد بن جبير، وأبي العالية، والشعبي، وحميد بن عبد الرحمن الحميري، روى عنه أيوب، ويونس، وابن عون، وغيرهم وهو و"حميد بن عبد الرحمن الحميري"، روى له الستة، روى عن أبي بكرة وابن عمر، وأبي هريرة، وابن عباس، وثلاثة من ولد سعد بن أبي وقاص (هم المذكورون في هذا الأثر) وغيرهم. قال ابن سعد: "كان ثقة، وله أحاديث". وكلاهما مترجم في التهذيب.
وخبر سعد بن أبي وقاص في الوصية، وقوله: "إني أورث كلالة"، رواه ابن سعد في الطبقات ٣ / ١ / ١٠٣، وأحمد في مسنده ٤: ٦٠، كلاهما: عفان بن مسلم، عن وهيب، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن عمرو بن القاري، عن أبيه، عن جده عمرو بن القاري.
وأخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب: ٤٤٤، وابن الأثير في أسد الغابة ٤: ١١٩ وقال: "أخرجه الثلاثة" يعني ابن منده، وأبو نعيم، وابن عبد البر.
60
٨٧٧١ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا إسحاق بن سويد، عن العلاء بن زياد قال: جاء شيخٌ إلى عمر رضي الله عنه فقال: إنِّي شيخ، وليس لي وارث إلا كلالةُ أعراب مُتراخٍ نسبُهم، (١) أفأوصي بثلث مالي؟ قال: لا.
* * *
=فقد أنبأت هذه الأخبار عن صحة ما قلنا في معنى"الكلالة"، وأنها ورثة الميت دون الميت، ممن عدا والده وولده.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"وله أخ أو أخت"، وللرجل الذي يورث كلالة أخ أو أخت، يعني: أخًا أو أختًا من أمه، كما:-
٨٧٧٢ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن يعلى بن عطاء، عن القاسم، عن سعد أنه كان يقرأ:"وإن كان رجل
* * *
=فقد أنبأت هذه الأخبار عن صحة ما قلنا في معنى"الكلالة"، وأنها ورثة الميت دون الميت، ممن عدا والده وولده.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"وله أخ أو أخت"، وللرجل الذي يورث كلالة أخ أو أخت، يعني: أخًا أو أختًا من أمه، كما:-
٨٧٧٢ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن يعلى بن عطاء، عن القاسم، عن سعد أنه كان يقرأ:"وإن كان رجل
(١) قوله"متراخ نسبهم"، أي: بعيد نسبهم، من قولهم: "تراخى فلان عني"، أي: بعد عني، ولم يذكر أصحاب اللغة شاهدًا له، وهذا شاهده.
61
يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت" قال، سعد: لأمه.
٨٧٧٣ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا شعبة، عن يعلى بن عطاء قال: سمعت القاسم بن ربيعة يقول: قرأت على سعد:"وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت" قال، سعد: لأمه.
٨٧٧٤ - حدثني محمد بن المثنى قال، حدثنا وهب بن جرير قال، حدثنا شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن القاسم بن ربيعة بن قانف (١) قال: قرأت على سعد، فذكر نحوه.
٨٧٧٥ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، أخبرنا هشيم قال، أخبرنا يعلى بن عطاء، عن القاسم بن ربيعة قال: سمعت سعد بن أبي وقاص قرأ:"وإن كان رجل يورث كلالة وله أخ أو أخت من أمه". (٢)
٨٧٧٦ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"وله أخ أو أخت" فهؤلاء الإخوة من الأم: إن كان واحدًا فله السدس، وإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث، ذكرهم وأنثاهم فيه سواء. (٣)
٨٧٧٨ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت"،
٨٧٧٣ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا شعبة، عن يعلى بن عطاء قال: سمعت القاسم بن ربيعة يقول: قرأت على سعد:"وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت" قال، سعد: لأمه.
٨٧٧٤ - حدثني محمد بن المثنى قال، حدثنا وهب بن جرير قال، حدثنا شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن القاسم بن ربيعة بن قانف (١) قال: قرأت على سعد، فذكر نحوه.
٨٧٧٥ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، أخبرنا هشيم قال، أخبرنا يعلى بن عطاء، عن القاسم بن ربيعة قال: سمعت سعد بن أبي وقاص قرأ:"وإن كان رجل يورث كلالة وله أخ أو أخت من أمه". (٢)
٨٧٧٦ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"وله أخ أو أخت" فهؤلاء الإخوة من الأم: إن كان واحدًا فله السدس، وإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث، ذكرهم وأنثاهم فيه سواء. (٣)
٨٧٧٨ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت"،
(١) في المطبوعة: "القاسم بن ربيعة عن فاتك"، وهو خطأ محض، وفي المخطوطة كما أثبتها إلا أن الناسخ أساء كتابتها ونقطها، فغيرها الناشرون. وانظر التعليق التالي.
(٢) الآثار: ٨٧٧٢ -٨٧٧٥ -"القاسم بن ربيعة"، هو: "القاسم بن ربيعة بن قانف الثقفي" منسوبًا إلى جده، فهو: "القاسم بن عبد الله بن ربيعة بن قانف الثقفي". ثقة، لم يرو عنه سوى"يعلى بن عطاء العامري"، وقد سلفت ترجمته وإسناده فيما مضى رقم: ١٧٥٥ -١٧٥٧.
وهذا الخبر عن سعد بن أبي وقاص، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٦: ٢٢٣، والسيوطي في الدر المنثور ٢: ١٢٦، وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، والدارمي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(٣) سقط من الترقيم رقم: ٨٧٧٧.
(٢) الآثار: ٨٧٧٢ -٨٧٧٥ -"القاسم بن ربيعة"، هو: "القاسم بن ربيعة بن قانف الثقفي" منسوبًا إلى جده، فهو: "القاسم بن عبد الله بن ربيعة بن قانف الثقفي". ثقة، لم يرو عنه سوى"يعلى بن عطاء العامري"، وقد سلفت ترجمته وإسناده فيما مضى رقم: ١٧٥٥ -١٧٥٧.
وهذا الخبر عن سعد بن أبي وقاص، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٦: ٢٢٣، والسيوطي في الدر المنثور ٢: ١٢٦، وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، والدارمي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(٣) سقط من الترقيم رقم: ٨٧٧٧.
62
فهؤلاء الإخوة من الأم، فهم شركاء في الثلث، سواءٌ الذكر والأنثى.
* * *
قال أبو جعفر: وقوله:"فلكل واحد منهما السدس"، إذا انفرد الأخ وحده أو الأخت وحدها، ولم يكن أخ غيره أو غيرها من أمه، فله السدس من ميراث أخيه لأمه. فإن اجتمع أخ وأخت، أو أخوان لا ثالث معهما لأمهما، أو أختان كذلك، أو أخ وأخت ليس معهما غيرهما من أمهما = فلكل واحد منهما من ميراث أخيهما لأمهما السدس ="فإن كانوا أكثر من ذلك"، يعني: فإن كان الإخوة والأخوات لأم الميت الموروث كلالة أكثرَ من اثنين ="فهم شركاء في الثلث"، يقول: فالثُّلث الذي فرضت لاثنيهم إذا لم يكن غيرهما من أمهما ميراثًا لهما من أخيهما الميت الموروث كلالة، شركة بينهم، إذا كانوا أكثر من اثنين إلى ما بلغ عددهم على عدد رؤوسهم، لا يفضل ذكر منهم على أنثى في ذلك، ولكنه بينهم بالسويَّة.
* * *
فإن قال قائل: وكيف قيل:"وله أخ أو أخت"، ولم يُقَل:"لهما أخ أو أخت"، وقد ذكر قبل ذلك"رجل أو امرأة"، فقيل: (١) "وإن كان رجلٌ يورث كلالة أو امرأة"؟ قيل: إن من شأن العرب إذا قدمت ذكر اسمين قبل الخبر، فعطفت أحدهما على الآخر" ب"أو"، ثم أتت بالخبر، أضافت الخبر إليهما أحيانًا، وأحيانًا إلى أحدهما، وإذا أضافت إلى أحدهما، كان سواء عندها إضافة ذلك إلى أيّ الاسمين اللذين ذكرتهما إضافَته، فتقول:"من كان عنده غلام أو جارية فليحسن إليه"، يعني: فليحسن إلى الغلام - و"فليحسن إليها"، يعني: فليحسن إلى الجارية - و"فليحسن إليهما". (٢)
* * *
* * *
قال أبو جعفر: وقوله:"فلكل واحد منهما السدس"، إذا انفرد الأخ وحده أو الأخت وحدها، ولم يكن أخ غيره أو غيرها من أمه، فله السدس من ميراث أخيه لأمه. فإن اجتمع أخ وأخت، أو أخوان لا ثالث معهما لأمهما، أو أختان كذلك، أو أخ وأخت ليس معهما غيرهما من أمهما = فلكل واحد منهما من ميراث أخيهما لأمهما السدس ="فإن كانوا أكثر من ذلك"، يعني: فإن كان الإخوة والأخوات لأم الميت الموروث كلالة أكثرَ من اثنين ="فهم شركاء في الثلث"، يقول: فالثُّلث الذي فرضت لاثنيهم إذا لم يكن غيرهما من أمهما ميراثًا لهما من أخيهما الميت الموروث كلالة، شركة بينهم، إذا كانوا أكثر من اثنين إلى ما بلغ عددهم على عدد رؤوسهم، لا يفضل ذكر منهم على أنثى في ذلك، ولكنه بينهم بالسويَّة.
* * *
فإن قال قائل: وكيف قيل:"وله أخ أو أخت"، ولم يُقَل:"لهما أخ أو أخت"، وقد ذكر قبل ذلك"رجل أو امرأة"، فقيل: (١) "وإن كان رجلٌ يورث كلالة أو امرأة"؟ قيل: إن من شأن العرب إذا قدمت ذكر اسمين قبل الخبر، فعطفت أحدهما على الآخر" ب"أو"، ثم أتت بالخبر، أضافت الخبر إليهما أحيانًا، وأحيانًا إلى أحدهما، وإذا أضافت إلى أحدهما، كان سواء عندها إضافة ذلك إلى أيّ الاسمين اللذين ذكرتهما إضافَته، فتقول:"من كان عنده غلام أو جارية فليحسن إليه"، يعني: فليحسن إلى الغلام - و"فليحسن إليها"، يعني: فليحسن إلى الجارية - و"فليحسن إليهما". (٢)
* * *
(١) في المخطوطة والمطبوعة: "وقد ذكر مثل ذلك" وهو خطأ بين، وصواب السياق ما أثبت.
(٢) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٥٧، ٢٥٨.
(٢) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٥٧، ٢٥٨.
63
وأما قوله:"فلكل واحد منهما السدس"، وقد تقدم ذكر الأخ والأخت بعطف أحدهما على الآخر، والدلالة على أن المراد بمعنى الكلام أحدهما في قوله:"وله أخ أو أخت"، فإن ذلك إنما جاز، لأن معنى الكلام، فلكل واحد من المذكورين السدس. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (١٢) ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"من بعد وصيه يوصي بها"، أي: هذا الذي فرضت لأخي الميت الموروث كلالة وأخته أو إخوته وأخواته من ميراثه وتركته، إنما هو لهم من بعد قضاء دين الميت الذي كان عليه يوم حدث به حَدَثُ الموت من تركته، وبعد إنفاذ وصاياه الجائزة التي يوصي بها في حياته لمن أوصى له بها بعد وفاته، كما:-
٨٧٧٩ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"من بعد وصية يوصَي بها أو دين"، والدين أحق ما بدئ به من جميع المال، فيؤدَّي عن أمانة الميت، ثم الوصية، ثم يقسم أهل الميراث ميراثهم.
* * *
وأما قوله:"غير مضارّ"، فإنه يعني تعالى ذكره: من بعد وصية يوصي بها، غيرَ مضَارّ ورثته في ميراثهم عنه، كما:-
٨٧٨٠ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى،
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (١٢) ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"من بعد وصيه يوصي بها"، أي: هذا الذي فرضت لأخي الميت الموروث كلالة وأخته أو إخوته وأخواته من ميراثه وتركته، إنما هو لهم من بعد قضاء دين الميت الذي كان عليه يوم حدث به حَدَثُ الموت من تركته، وبعد إنفاذ وصاياه الجائزة التي يوصي بها في حياته لمن أوصى له بها بعد وفاته، كما:-
٨٧٧٩ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"من بعد وصية يوصَي بها أو دين"، والدين أحق ما بدئ به من جميع المال، فيؤدَّي عن أمانة الميت، ثم الوصية، ثم يقسم أهل الميراث ميراثهم.
* * *
وأما قوله:"غير مضارّ"، فإنه يعني تعالى ذكره: من بعد وصية يوصي بها، غيرَ مضَارّ ورثته في ميراثهم عنه، كما:-
٨٧٨٠ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى،
(١) في المطبوعة والمخطوطة: "ولكل واحد" بالواو، والسياق يقتضي ما أثبت.
64
عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"غير مضار"، قال: في ميراث أهله.
٨٧٨١ - حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله:"غير مضار"، قال: في ميراث أهله.
٨٧٨٢ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"غير مضار وصية من الله"، وإن الله تبارك وتعالى كره الضرار في الحياة وعند الموت، ونهى عنه، وقدَّم فيه، فلا تصلح مضارَّة في حياة ولا موت.
٨٧٨٣ - حدثني نصر بن عبد الرحمن الأزدي قال، حدثنا عبيدة بن حميد = وحدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية = جميعًا، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس في هذه الآية:"غير مضار وصية من الله واللهُ عليم حليم"، قال: الضرار في الوصية من الكبائر. (١)
٨٧٨٤ - حدثنا ابن أبي الشوارب قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا داود، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: الضرار في الوصية من الكبائر.
٨٧٨٥ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا داود، عن عكرمة، عن ابن عباس مثله.
٨٧٨٦ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: الحيفُ في الوصية من الكبائر.
٨٧٨٧ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي وعبد الأعلى قالا حدثنا داود، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: الضرار والحيف في الوصية من الكبائر. (٢)
٨٧٨١ - حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله:"غير مضار"، قال: في ميراث أهله.
٨٧٨٢ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"غير مضار وصية من الله"، وإن الله تبارك وتعالى كره الضرار في الحياة وعند الموت، ونهى عنه، وقدَّم فيه، فلا تصلح مضارَّة في حياة ولا موت.
٨٧٨٣ - حدثني نصر بن عبد الرحمن الأزدي قال، حدثنا عبيدة بن حميد = وحدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية = جميعًا، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس في هذه الآية:"غير مضار وصية من الله واللهُ عليم حليم"، قال: الضرار في الوصية من الكبائر. (١)
٨٧٨٤ - حدثنا ابن أبي الشوارب قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا داود، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: الضرار في الوصية من الكبائر.
٨٧٨٥ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا داود، عن عكرمة، عن ابن عباس مثله.
٨٧٨٦ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: الحيفُ في الوصية من الكبائر.
٨٧٨٧ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي وعبد الأعلى قالا حدثنا داود، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: الضرار والحيف في الوصية من الكبائر. (٢)
(١) الأثر: ٨٧٨٣ -"نصر بن عبد الرحمن الأزدي"، مضت ترجمته برقم: ٤٢٣، ٨٧٥، ٢٨٥٩، وقد وقع هنا في المخطوطة والمطبوعة، كما كان قد وقع هناك فيهما"الأودي" بالواو، وهو خطأ.
و"عبيدة بن حميد بن صهيب التيمي"، مضى برقم: ٢٧٨١.
ثم انظر التعليق في آخر هذه الآثار رقم: ٨٧٨٧، ٨٧٨٨.
(٢) الأثر ٨٧٨٧- وما قبله، أثر ابن عباس، رواه أبو جعفر بخمسة أسانيد موقوفا عليه، وسيأتي في الذي يليه مرفوعًا، وقد أخرجه البيهقي في السنن ٦: ٢٧١ من طريق سعيد بن منصور، عن هشيم، عن داود بن أبي هند، وقال: "هذا هو الصحيح، موقوف، وكذلك رواه ابن عيينة وغيره عن داود موقوفًا. وروي من وجه آخر مرفوعًا، ورفعه ضعيف"، وهو إشارة إلى الأثر التالي الذي رواه الطبري.
وخرجه ابن كثير في تفسيره ٢: ٣٧٢، ٣٧٣ قال: "رواه النسائي في سننه، عن علي بن حجر، عن علي بن مسهر، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس موقوفًا... وكذا رواه ابن أبي حاتم، عن أبي سعيد الأشج، عن عائذ بن حبيب، عن داود بن أبي هند. ورواه ابن جرير من حديث جماعة من الحفاظ، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس موقوفًا"، ثم قال: "قال ابن جرير: والصحيح الموقوف". وهذا الذي نسبه ابن كثير لابن جرير، لم أجده في تفسيره في مظنته في هذا الموضع، فلا أدري أسقط من الكتاب شيء، أم وجده ابن كثير في مكان آخر من كتب أبي جعفر، أم تعجل ابن كثير فأخطأ؟
هذا، وقد جاء في هذه الآثار في المخطوطة والمطبوعة: "الحيف في الوصية"، وفي السنن الكبرى"الجنف"، وهو مثله في المعنى، وهو الموافق لما في آية الوصية من سورة البقرة: ١٨٢"فمن خاف من موص جنفًا أو إثمًا".
و"عبيدة بن حميد بن صهيب التيمي"، مضى برقم: ٢٧٨١.
ثم انظر التعليق في آخر هذه الآثار رقم: ٨٧٨٧، ٨٧٨٨.
(٢) الأثر ٨٧٨٧- وما قبله، أثر ابن عباس، رواه أبو جعفر بخمسة أسانيد موقوفا عليه، وسيأتي في الذي يليه مرفوعًا، وقد أخرجه البيهقي في السنن ٦: ٢٧١ من طريق سعيد بن منصور، عن هشيم، عن داود بن أبي هند، وقال: "هذا هو الصحيح، موقوف، وكذلك رواه ابن عيينة وغيره عن داود موقوفًا. وروي من وجه آخر مرفوعًا، ورفعه ضعيف"، وهو إشارة إلى الأثر التالي الذي رواه الطبري.
وخرجه ابن كثير في تفسيره ٢: ٣٧٢، ٣٧٣ قال: "رواه النسائي في سننه، عن علي بن حجر، عن علي بن مسهر، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس موقوفًا... وكذا رواه ابن أبي حاتم، عن أبي سعيد الأشج، عن عائذ بن حبيب، عن داود بن أبي هند. ورواه ابن جرير من حديث جماعة من الحفاظ، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس موقوفًا"، ثم قال: "قال ابن جرير: والصحيح الموقوف". وهذا الذي نسبه ابن كثير لابن جرير، لم أجده في تفسيره في مظنته في هذا الموضع، فلا أدري أسقط من الكتاب شيء، أم وجده ابن كثير في مكان آخر من كتب أبي جعفر، أم تعجل ابن كثير فأخطأ؟
هذا، وقد جاء في هذه الآثار في المخطوطة والمطبوعة: "الحيف في الوصية"، وفي السنن الكبرى"الجنف"، وهو مثله في المعنى، وهو الموافق لما في آية الوصية من سورة البقرة: ١٨٢"فمن خاف من موص جنفًا أو إثمًا".
65
٨٧٨٨ - حدثني موسى بن سهل الرملي قال، حدثنا إسحاق بن إبراهيم أبو النضر قال، حدثنا عمر بن المغيرة قال، حدثنا داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي ﷺ قال:"الضرار في الوصية من الكبائر". (١)
(١) الأثر: ٨٧٨٨ -"إسحاق بن إبراهيم بن يزيد" أبو النضر الدمشقي الفراديسي، مولى عمر بن عبد العزيز، روى عنه البخاري، وربما نسبه إلى جده يزيد. وهو ثقة، مترجم في التهذيب.
وأما "عمر بن المغيرة" أبو حفص فهو بصري، وقع إلى المصيصة، روى عن داود بن أبي هند والجلد بن أيوب، وروى عنه بقية بن الوليد، وهشام بن عمار. قال ابن أبي حاتم: "سألت أبي عنه فقال: شيخ" وقال: "وروىعنه أبو النضر الدمشقي الفراديسي إسحاق بن إبراهيم". وقال البخاري: "عمر بن المغيرة، منكر الحديث مجهول". وقال علي بن المديني: "هو مجهول، لا أعرفه". مترجم في ابن أبي حاتم ٣ / ١ / ١٣٦، ولسان الميزان ٤: ٣٣٢.
وكان في المطبوعة والمخطوطة: "عمرو بن المغيرة"، والصواب ما أثبته.
وهذا الأثر أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٦: ٢٧١ من طريق عبد الله بن يوسف التنسي، عنه. وخرجه ابن كثير في تفسيره ٢: ٣٧٢، ونسبه لأبي بن حاتم، عن أبيه، عن أبي النضر الدمشقي، عن عمر بن المغيرة.
وقال الحافظ في ترجمة"إسحاق بن إبراهيم" في التهذيب ١: ٢٢٠ ="روى له الأزدي في الضعفاء حديثًا عن عمر بن المغيرة، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس رفعه: الضرار في الوصية من الكبائر. قال الأزدي: المحفوظ من قول ابن عباس، لا يرفعه. قلت: (القائل هو الحافظ ابن حجر) : عمر، ضعيف جدًا، فالحمل فيه عليه، وقد رواه الثوري وغيره عن داود موقوفًا".
وأما "عمر بن المغيرة" أبو حفص فهو بصري، وقع إلى المصيصة، روى عن داود بن أبي هند والجلد بن أيوب، وروى عنه بقية بن الوليد، وهشام بن عمار. قال ابن أبي حاتم: "سألت أبي عنه فقال: شيخ" وقال: "وروىعنه أبو النضر الدمشقي الفراديسي إسحاق بن إبراهيم". وقال البخاري: "عمر بن المغيرة، منكر الحديث مجهول". وقال علي بن المديني: "هو مجهول، لا أعرفه". مترجم في ابن أبي حاتم ٣ / ١ / ١٣٦، ولسان الميزان ٤: ٣٣٢.
وكان في المطبوعة والمخطوطة: "عمرو بن المغيرة"، والصواب ما أثبته.
وهذا الأثر أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٦: ٢٧١ من طريق عبد الله بن يوسف التنسي، عنه. وخرجه ابن كثير في تفسيره ٢: ٣٧٢، ونسبه لأبي بن حاتم، عن أبيه، عن أبي النضر الدمشقي، عن عمر بن المغيرة.
وقال الحافظ في ترجمة"إسحاق بن إبراهيم" في التهذيب ١: ٢٢٠ ="روى له الأزدي في الضعفاء حديثًا عن عمر بن المغيرة، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس رفعه: الضرار في الوصية من الكبائر. قال الأزدي: المحفوظ من قول ابن عباس، لا يرفعه. قلت: (القائل هو الحافظ ابن حجر) : عمر، ضعيف جدًا، فالحمل فيه عليه، وقد رواه الثوري وغيره عن داود موقوفًا".
66
٨٧٨٩ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا أبو عمرو التيمي، عن أبي الضحى قال: دخلت مع مسروق على مريض، فإذا هو يوصي قال: فقال له مسروق: أعدل لا تضلل. (١)
* * *
ونصبت"غيرَ مضارّ" على الخروج من قوله:"يوصَى بها". (٢)
* * *
وأما قوله:"وصية" فإن نصبه من قوله:"يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين"، وسائر ما أوصى به في الاثنين، ثم قال:"وصية من الله"، مصدرًا من قوله:"يوصيكم". (٣)
* * *
وقد قال بعض أهل العربية: ذلك منصوب من قوله:"فلكل واحد منهما السدس" ="وصية من الله"، وقال: هو مثل قولك:"لك درهمان نفقةً إلى أهلك". (٤)
* * *
قال أبو جعفر: والذي قلناه بالصواب أولى، لأن الله جل ثناؤه افتتح ذكر قسمةِ المواريث في هاتين الآيتين بقوله:"يوصيكم الله"، ثم ختم ذلك بقوله:"وصية من الله"، أخبر أن جميع ذلك وصية منه به عباده، فنصْبُ قوله:"وصية" على المصدر من قوله:"يوصيكم"، أولى من نصبه على التفسير من قوله: (٥) "فلكل واحد منهما السدس"، لما ذكرنا.
* * *
* * *
ونصبت"غيرَ مضارّ" على الخروج من قوله:"يوصَى بها". (٢)
* * *
وأما قوله:"وصية" فإن نصبه من قوله:"يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين"، وسائر ما أوصى به في الاثنين، ثم قال:"وصية من الله"، مصدرًا من قوله:"يوصيكم". (٣)
* * *
وقد قال بعض أهل العربية: ذلك منصوب من قوله:"فلكل واحد منهما السدس" ="وصية من الله"، وقال: هو مثل قولك:"لك درهمان نفقةً إلى أهلك". (٤)
* * *
قال أبو جعفر: والذي قلناه بالصواب أولى، لأن الله جل ثناؤه افتتح ذكر قسمةِ المواريث في هاتين الآيتين بقوله:"يوصيكم الله"، ثم ختم ذلك بقوله:"وصية من الله"، أخبر أن جميع ذلك وصية منه به عباده، فنصْبُ قوله:"وصية" على المصدر من قوله:"يوصيكم"، أولى من نصبه على التفسير من قوله: (٥) "فلكل واحد منهما السدس"، لما ذكرنا.
* * *
(١) الأثر: ٨٧٨٩ -"أبوعمرو التيمي"، لم أعرف من هو؟ وأخشى أن يكون"أبو المعتمر التيمي" وهو"سليمان بن طرخان التيمي".
(٢) "الخروج" انظر ما سلف ص: ٥٠، تعليق: ٣.
(٣) "المصدر" يعني به المفعول المطلق.
(٤) هذه مقالة الفراء في معاني القرآن ١: ٢٥٨.
(٥) "التفسير" هو التمييز، كما أسلفنا مرارًا آخرها في ٦: ٥٨٦، تعليق: ١.
(٢) "الخروج" انظر ما سلف ص: ٥٠، تعليق: ٣.
(٣) "المصدر" يعني به المفعول المطلق.
(٤) هذه مقالة الفراء في معاني القرآن ١: ٢٥٨.
(٥) "التفسير" هو التمييز، كما أسلفنا مرارًا آخرها في ٦: ٥٨٦، تعليق: ١.
67
ويعني بقوله تعالى ذكره:"وصية من الله"، عهدًا من الله إليكم فيما يجب لكم من ميراث من مات منكم = (١) "والله عليم"، يقول: والله ذو علم بمصالح خلقه ومضارِّهم، ومن يستحق أن يعطى من أقرباء من مات منكم وأنسبائه من ميراثه، ومن يحرم ذلك منهم، ومبلغ ما يستحق به كل من استحق منهم قسمًا، وغير ذلك من أمور عباده ومصالحهم ="حليم"، يقول: ذو حلم على خلقه، وذو أناة في تركه معاجلتهم بالعقوبة على ظلم بعضهم بعضًا، (٢) في إعطائهم الميراث لأهل الجلد والقوة من ولد الميت، وأهل الغناء والبأس منهم، دون أهل الضعف والعجز من صغار ولده وإناثهم.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٣) ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"تلك حدود الله". فقال بعضهم: يعني به: تلك شروط الله. (٣)
*ذكر من قال ذلك:
٨٧٩٠ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٣) ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"تلك حدود الله". فقال بعضهم: يعني به: تلك شروط الله. (٣)
*ذكر من قال ذلك:
٨٧٩٠ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا
(١) انظر تفسير"الوصية" فيما سلف ص: ٣٠، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير"عليم" و"حليم" في مادتهما من فهارس اللغة فيما سلف.
(٣) انظر تفسير"الحدود" فيما سلف ٣: ٥٤٦، ٥٤٧ / ٤: ٥٦٤، ٥٦٥، ٥٨٣ - ٥٨٥، ٥٩٩، وفي هذا الموضع تفصيل لم يسبق مثله فيما سلف، وهو تفصيل في غاية الجودة والدقة.
(٢) انظر تفسير"عليم" و"حليم" في مادتهما من فهارس اللغة فيما سلف.
(٣) انظر تفسير"الحدود" فيما سلف ٣: ٥٤٦، ٥٤٧ / ٤: ٥٦٤، ٥٦٥، ٥٨٣ - ٥٨٥، ٥٩٩، وفي هذا الموضع تفصيل لم يسبق مثله فيما سلف، وهو تفصيل في غاية الجودة والدقة.
68
أسباط، عن السدي:"تلك حدود الله"، يقول: شروط الله.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: تلك طاعة الله.
* ذكر من قال ذلك:
٨٧٩١ - حدثني المثنى قال: حدثنا أبو صالح قال، حدثنا معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"تلك حدود الله"، يعني: طاعة الله، يعني المواريث التي سمَّى الله.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: تلك سنة الله وأمره.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: تلك فرائض الله.
* * *
وقال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ما نحن مبيِّنوه، وهو أن"حدّ" كل شيء: ما فصَل بينه وبين غيره، ولذلك قيل لحدود الدار وحدود الأرضين:"حدود"، لفصلها بين ما حُدَّ بها وبين غيره. (١)
فكذلك قوله:"تلك حدود الله"، معناه: هذه القسمة التي قسمها لكم ربكم، والفرائض التي فرضها لأحيائكم من موتاكم في هذه الآية على ما فرض وبيَّن في هاتين الآيتين،"حدود الله"، يعني: فصول ما بين طاعة الله ومعصيته في قسمكم مواريث موتاكم، كما قال ابن عباس. (٢) وإنما ترك"طاعة الله"، (٣) والمعنى
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: تلك طاعة الله.
* ذكر من قال ذلك:
٨٧٩١ - حدثني المثنى قال: حدثنا أبو صالح قال، حدثنا معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"تلك حدود الله"، يعني: طاعة الله، يعني المواريث التي سمَّى الله.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: تلك سنة الله وأمره.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: تلك فرائض الله.
* * *
وقال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ما نحن مبيِّنوه، وهو أن"حدّ" كل شيء: ما فصَل بينه وبين غيره، ولذلك قيل لحدود الدار وحدود الأرضين:"حدود"، لفصلها بين ما حُدَّ بها وبين غيره. (١)
فكذلك قوله:"تلك حدود الله"، معناه: هذه القسمة التي قسمها لكم ربكم، والفرائض التي فرضها لأحيائكم من موتاكم في هذه الآية على ما فرض وبيَّن في هاتين الآيتين،"حدود الله"، يعني: فصول ما بين طاعة الله ومعصيته في قسمكم مواريث موتاكم، كما قال ابن عباس. (٢) وإنما ترك"طاعة الله"، (٣) والمعنى
(١) في المخطوطة والمطبوعة: "لفصولها بين ما حد بها وبين غيره" كأن"الفصول" مصدر"فصل بين الشيئين يفصل"، ولكن أهل اللغة لم يجعلوا ذلك مصدرًا لهذا المعنى، بل قالوا مصدره"الفصل". أما "الفصول" فهو مصدر"فصل فلان من عندي" إذا خرج. والذي قاله أصحاب اللغة هو الصواب المحض.
وأنا أرجح أن الناسخ أسقط من الكلام شيئًا، وأن أصل عبارة الطبري: "ولذلك قيل لحدود الدار وحدود الأرضين حدود - وهي فصولها، لفصلها... "، و"الفصول" هنا، وكما ستأتي في عبارته بعد، جمع"فصل" (بفتح فسكون)، وهو مثل"الحد"، وهو الحاجز بين الشيئين.
(٢) يعني في الأثر رقم: ٨٧٩١.
(٣) هكذا في المخطوطة والمطبوعة: "طاعة الله"، وإنما المتروك"طاعة" وحدها: فكنت أوثر أن يكون الكلامْ: "وإنما ترك - طاعة - والمعنى بذلك... ".
وأنا أرجح أن الناسخ أسقط من الكلام شيئًا، وأن أصل عبارة الطبري: "ولذلك قيل لحدود الدار وحدود الأرضين حدود - وهي فصولها، لفصلها... "، و"الفصول" هنا، وكما ستأتي في عبارته بعد، جمع"فصل" (بفتح فسكون)، وهو مثل"الحد"، وهو الحاجز بين الشيئين.
(٢) يعني في الأثر رقم: ٨٧٩١.
(٣) هكذا في المخطوطة والمطبوعة: "طاعة الله"، وإنما المتروك"طاعة" وحدها: فكنت أوثر أن يكون الكلامْ: "وإنما ترك - طاعة - والمعنى بذلك... ".
69
بذلك: حدود طاعة الله، اكتفاء بمعرفة المخاطبين بذلك بمعنى الكلام من ذكرها. والدليل على صحة ما قلنا في ذلك قوله:"ومن يطع الله ورسوله"، والآية التي بعدها:"ومن يعص الله ورسوله". (١)
* * *
فتأويل الآية إذًا: هذه القسمة التي قسم بينكم، أيها الناس، عليها ربكم مواريثَ موتاكم، فصولٌ فصَل بها لكم بين طاعته ومعصيته، وحدود لكم تنتهون إليها فلا تتعدَّوها، ليعلم منكم أهلَ طاعته من أهل معصيته، (٢) فيما أمركم به من قسمة مواريث موتاكم بينكم، وفيما نهاكم عنه منها.
ثم أخبر جل ثناؤه عما أعدَّ لكل فريق منهم فقال لفريق أهل طاعته في ذلك:"ومن يطع الله ورسوله" في العمل بما أمره به، والانتهاء إلى ما حدَّه له في قسمة المواريث وغيرها، ويجتنبْ ما نهاه عنه في ذلك وغيره ="يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار".
* * *
= فقوله:"يدخله جنات"، يعني: بساتين تجري من تحت غروسها وأشجارها الأنهار ="خالدين فيها"، يقول: باقين فيها أبدًا لا يموتون فيها ولا يفنون، ولا يُخْرجون منها = (٣) "وذلك الفوز العظيم".
يقول: وإدخال الله إياهم الجنانَ التي وصفها على ما وصف من ذلك =
* * *
فتأويل الآية إذًا: هذه القسمة التي قسم بينكم، أيها الناس، عليها ربكم مواريثَ موتاكم، فصولٌ فصَل بها لكم بين طاعته ومعصيته، وحدود لكم تنتهون إليها فلا تتعدَّوها، ليعلم منكم أهلَ طاعته من أهل معصيته، (٢) فيما أمركم به من قسمة مواريث موتاكم بينكم، وفيما نهاكم عنه منها.
ثم أخبر جل ثناؤه عما أعدَّ لكل فريق منهم فقال لفريق أهل طاعته في ذلك:"ومن يطع الله ورسوله" في العمل بما أمره به، والانتهاء إلى ما حدَّه له في قسمة المواريث وغيرها، ويجتنبْ ما نهاه عنه في ذلك وغيره ="يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار".
* * *
= فقوله:"يدخله جنات"، يعني: بساتين تجري من تحت غروسها وأشجارها الأنهار ="خالدين فيها"، يقول: باقين فيها أبدًا لا يموتون فيها ولا يفنون، ولا يُخْرجون منها = (٣) "وذلك الفوز العظيم".
يقول: وإدخال الله إياهم الجنانَ التي وصفها على ما وصف من ذلك =
(١) في المطبوعة والمخطوطة: "الآية التي بعدها" بإسقاط واو العطف، وهو فساد، والصواب إثباتها. وهذه حجة ظاهرة مبينة في تفسير معنى"حدود الله"، ورحم الله أبا جعفر وجزاه خيرًا عن كتابه.
(٢) في المطبوعة: "وفصل منكم أهل طاعته من أهل معصيته"، لم يحسن قراءة ما كان في المخطوطة فبدله، وكان فيها: "لسلم منكم أهل طاعته" كأنها رؤوس"سين"، وصواب قراءتها ما أثبت.
(٣) انظر تفسير"الجنات"، و"الخلود" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٢) في المطبوعة: "وفصل منكم أهل طاعته من أهل معصيته"، لم يحسن قراءة ما كان في المخطوطة فبدله، وكان فيها: "لسلم منكم أهل طاعته" كأنها رؤوس"سين"، وصواب قراءتها ما أثبت.
(٣) انظر تفسير"الجنات"، و"الخلود" فيما سلف من فهارس اللغة.
70
"الفوز العظيم"، يعني: الفَلَح العظيم. (١)
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
٨٧٩٢ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد:"تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله" الآية، قال: في شأن المواريث التي ذكر قبل.
٨٧٩٣ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"تلك حدود الله"، التي حدَّ لخلقه، وفرائضه بينهم من الميراث والقسمة، فانتهوا إليها ولا تعدَّوها إلى غيرها.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (١٤) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه:"ومن يعص الله ورسوله" في العمل بما أمراه به من قسمة المواريث على ما أمراه بقسمة ذلك بينهم وغير ذلك من فرائض الله، مخالفًا أمرهما إلى ما نهياه عنه ="ويتعدَّ حدوده"، يقول: ويتجاوز فصُول طاعته التي جعلها تعالى فاصلة بينها وبين معصيته، (٢) إلى ما نهاه عنه من قسمة تركات موتاهم بين ورثتهم وغير ذلك من حدوده (٣) ="يدخله نارًا خالدًا فيها"،
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
٨٧٩٢ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد:"تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله" الآية، قال: في شأن المواريث التي ذكر قبل.
٨٧٩٣ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"تلك حدود الله"، التي حدَّ لخلقه، وفرائضه بينهم من الميراث والقسمة، فانتهوا إليها ولا تعدَّوها إلى غيرها.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (١٤) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه:"ومن يعص الله ورسوله" في العمل بما أمراه به من قسمة المواريث على ما أمراه بقسمة ذلك بينهم وغير ذلك من فرائض الله، مخالفًا أمرهما إلى ما نهياه عنه ="ويتعدَّ حدوده"، يقول: ويتجاوز فصُول طاعته التي جعلها تعالى فاصلة بينها وبين معصيته، (٢) إلى ما نهاه عنه من قسمة تركات موتاهم بين ورثتهم وغير ذلك من حدوده (٣) ="يدخله نارًا خالدًا فيها"،
(١) انظر تفسير"الفوز" فيما سلف: ٧: ٤٥٢: ٤٧٢. وقوله"الفلح" (بفتح الفاء واللام معًا). و"الفلح": و"الفلاح": الفوز والنجاة والبقاء في النعيم والخير.
(٢) انظر تفسير"الحدود" فيما سلف قريبًا ص: ٦٨، والتعليق: ٣.
(٣) في المطبوعة: "بين ورثته" بالإفراد، والصواب من المخطوطة.
(٢) انظر تفسير"الحدود" فيما سلف قريبًا ص: ٦٨، والتعليق: ٣.
(٣) في المطبوعة: "بين ورثته" بالإفراد، والصواب من المخطوطة.
71
يقول: باقيًا فيها أبدًا لا يموت ولا يخرج منها أبدًا ="وله عذاب مهين"، يعني: وله عذاب مذِلٌّ من عُذِّب به مُخزٍ له. (١)
* * *
وبنحو ما قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
٨٧٩٤ - حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"ومن يعص الله ورسولا ويتعد حدوده"، الآية، في شأن المواريث التي ذكر قبل = قال ابن جريج:"ومن يعص الله ورسوله"، قال: من أصابَ من الذنوب ما يعذب الله عليه.
* * *
فإن قال قائل: أوَ مُخَلَّدٌ في النار من عصى الله ورسوله في قسمة المواريث؟ (٢) قيل: نعم، إذا جمع إلى معصيتهما في ذلك شكًّا في أن الله فرض عليه ما فرض على عباده في هاتين الآيتين، أو علم ذلك فحادَّ الله ورسوله في أمرهما = على ما ذكر ابن عباس من قول من قالَ حين نزل على رسول الله ﷺ قول الله تبارك وتعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنْثَيَيْنِ) إلى تمام الآيتين: أيُورَّث من لا يركب الفرس ولا يقاتل العدوَّ ولا يحوز الغنيمة، نصفَ المال أو جميع المال؟ (٣) استنكارًا منهم قسمةَ الله ما قسم لصغار ولد الميت ونسائه وإناث ولده = (٤) ممن خالف قسمةَ الله ما قسم من ميراث أهل الميراث بينهم على ما قسمه في كتابه، وخالف حكمه في ذلك وحكم رسوله، استنكارًا منه حكمهما، كما استنكره الذين ذكر أمرَهم ابن عباس ممن كان بين أظهُر أصحاب رسول الله
* * *
وبنحو ما قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
٨٧٩٤ - حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"ومن يعص الله ورسولا ويتعد حدوده"، الآية، في شأن المواريث التي ذكر قبل = قال ابن جريج:"ومن يعص الله ورسوله"، قال: من أصابَ من الذنوب ما يعذب الله عليه.
* * *
فإن قال قائل: أوَ مُخَلَّدٌ في النار من عصى الله ورسوله في قسمة المواريث؟ (٢) قيل: نعم، إذا جمع إلى معصيتهما في ذلك شكًّا في أن الله فرض عليه ما فرض على عباده في هاتين الآيتين، أو علم ذلك فحادَّ الله ورسوله في أمرهما = على ما ذكر ابن عباس من قول من قالَ حين نزل على رسول الله ﷺ قول الله تبارك وتعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنْثَيَيْنِ) إلى تمام الآيتين: أيُورَّث من لا يركب الفرس ولا يقاتل العدوَّ ولا يحوز الغنيمة، نصفَ المال أو جميع المال؟ (٣) استنكارًا منهم قسمةَ الله ما قسم لصغار ولد الميت ونسائه وإناث ولده = (٤) ممن خالف قسمةَ الله ما قسم من ميراث أهل الميراث بينهم على ما قسمه في كتابه، وخالف حكمه في ذلك وحكم رسوله، استنكارًا منه حكمهما، كما استنكره الذين ذكر أمرَهم ابن عباس ممن كان بين أظهُر أصحاب رسول الله
(١) انظر تفسير"مهين" فيما سلف ٢: ٣٤٧، ٣٤٨ / ٧: ٤٢٣. تعليق: ١.
(٢) في المطبوعة: "أو يخلد" فعلا، وأثبت الصواب من المخطوطة.
(٣) يعني خبر ابن عباس الذي سلف برقم: ٨٧٢٦، وساق معناه لا لفظه.
(٤) قوله"ممن خالف قسمة الله" صلة قوله آنفًا:
(٢) في المطبوعة: "أو يخلد" فعلا، وأثبت الصواب من المخطوطة.
(٣) يعني خبر ابن عباس الذي سلف برقم: ٨٧٢٦، وساق معناه لا لفظه.
(٤) قوله"ممن خالف قسمة الله" صلة قوله آنفًا:
"فحاد الله ورسوله في أمرهما | " والذي بينهما فصل وضعته بين الخطين. |
[بَلِينَ] بِلًى أَفْضَى إلَى [كُلِّ] كُتْبَةٍ | بَدَا سَيْرُهَا مِنْ بَاطِنٍ بَعْدَ ظَاهِرِ (٣) |
* * *
(١) في المطبوعة: "التهديد"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) لم أعرف قائله.
(٣) كان في المخطوطة والمطبوعة:
بياض في الأصل بين الكلمات، وقد زدت ما بين الأقواس اجتهادًا واستظهارًا، حتى يستقيم الشعر. و"الكتبة" (بضم فسكون)، هي الخرزة المضمومة التي ضم السير كلا وجهيها، من المزادة والسقاء والقربة. يقال: "كتب القربة": خرزها بسيرين. وهذا بيت يصف مزادًا أو قربًا، قد بليت خرزها بلى شديدًا فقطر الماء منها، فلم تعد صالحة لحمل الماء.
(٢) لم أعرف قائله.
(٣) كان في المخطوطة والمطبوعة:
بِلًى أَفْضَى إِلَى كتْبَةٍ | بَدَا سَيرُها مِنْ بَاطِنٍ بَعد ظاهِر |
125
فتأويل الكلام إذ كان ذلك معناه: وكيف تأخذون ما آتيتموهن، وقد أفضى بعضكم إلى بعض بالجماع.
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
٨٩١٤ - حدثني عبد الحميد بن بيان القَنّاد قال، حدثنا إسحاق، عن سفيان، عن عاصم، عن بكر بن عبد الله، عن ابن عباس قال: الإفضاء المباشرة، ولكنّ الله كريم يَكْني عما يشاء.
٨٩١٥ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا سفيان، عن عاصم، عن بكر، عن ابن عباس قال: الإفضاء الجماع، ولكن الله يَكني.
٨٩١٦ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن عاصم، عن بكر بن عبد الله المزني، عن ابن عباس قال: الإفضاء هو الجماع.
٨٩١٧ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"وقد أفضى بعضكم إلى بعض"، قال: مجامعة النساء.
٨٩١٨ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
٨٩١٩ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض"، يعني المجامعة.
* * *
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
٨٩١٤ - حدثني عبد الحميد بن بيان القَنّاد قال، حدثنا إسحاق، عن سفيان، عن عاصم، عن بكر بن عبد الله، عن ابن عباس قال: الإفضاء المباشرة، ولكنّ الله كريم يَكْني عما يشاء.
٨٩١٥ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا سفيان، عن عاصم، عن بكر، عن ابن عباس قال: الإفضاء الجماع، ولكن الله يَكني.
٨٩١٦ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن عاصم، عن بكر بن عبد الله المزني، عن ابن عباس قال: الإفضاء هو الجماع.
٨٩١٧ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"وقد أفضى بعضكم إلى بعض"، قال: مجامعة النساء.
٨٩١٨ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
٨٩١٩ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض"، يعني المجامعة.
* * *
126
القول في تأويل قوله: ﴿وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (٢١) ﴾
قال أبو جعفر: أيْ: ما وثَّقتم به لهنَّ على أنفسكم، (١) من عهد وإقرار منكم بما أقررتم به على أنفسكم، من إمساكهن بمعروف، أو تسريحهنّ بإحسان.
* * *
وكان في عقد المسلمين النكاحَ قديمًا فيما بلغنا - أن يقال لناكح:"آلله عليك لتمسكن بمعروف أو لتسرِّحن بإحسان"!
٨٩٢٠ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا". والميثاق الغليظ الذي أخذه للنساء على الرجال: إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. وقد كان في عقد المسلمين عند إنكاحهم:"آلله عليك لتمسكنَّ بمعروف أو لتسرحن بإحسان". (٢)
* * *
واختلف أهل التأويل في"الميثاق" الذي عنى الله جل ثناؤه بقوله:"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا".
فقال بعضهم: هو إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
*ذكر من قال ذلك:
٨٩٢١ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله:"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا"، قال: إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
٨٩٢٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك مثله.
قال أبو جعفر: أيْ: ما وثَّقتم به لهنَّ على أنفسكم، (١) من عهد وإقرار منكم بما أقررتم به على أنفسكم، من إمساكهن بمعروف، أو تسريحهنّ بإحسان.
* * *
وكان في عقد المسلمين النكاحَ قديمًا فيما بلغنا - أن يقال لناكح:"آلله عليك لتمسكن بمعروف أو لتسرِّحن بإحسان"!
٨٩٢٠ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا". والميثاق الغليظ الذي أخذه للنساء على الرجال: إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. وقد كان في عقد المسلمين عند إنكاحهم:"آلله عليك لتمسكنَّ بمعروف أو لتسرحن بإحسان". (٢)
* * *
واختلف أهل التأويل في"الميثاق" الذي عنى الله جل ثناؤه بقوله:"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا".
فقال بعضهم: هو إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
*ذكر من قال ذلك:
٨٩٢١ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله:"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا"، قال: إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
٨٩٢٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك مثله.
(١) في المخطوطة والمطبوعة: "ما وثقت به لهن على أنفسكم"، واختلاف الضمائر هنا خطأ، وصوابه ما أثبت: "وثقتم". وانظر تفسير"الميثاق" فيما سلف ١: ٤١٤ / ٢: ١٥٦، ٢٢٨، ٣٥٦ / ٦: ٥٥٠.
(٢) في المطبوعة: "وقد كان في عهد المسلمين"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) في المطبوعة: "وقد كان في عهد المسلمين"، وأثبت ما في المخطوطة.
127
٨٩٢٣ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا"، قال: هو ما أخذ الله تبارك وتعالى للنساء على الرجال، فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. قال: وقد كان ذلك يؤخذ عند عَقد النكاح.
٨٩٢٤ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أما"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا"، فهو أن ينكح المرأة فيقول وليها: أنكحناكَها بأمانة الله، على أن تمسكها بالمعروف أو تسرِّحها بإحسان.
٨٩٢٥ - حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله:"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا"، قال:"الميثاق الغليظ" الذي أخذه الله للنساء: إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، وكان في عُقْدة المسلمين عند نكاحهن:"أيْمُ الله عليك، لتمسكن بمعروف ولتسرحَنّ بإحسان".
٨٩٢٦ - حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا أبو قتيبة قال، حدثنا أبو بكر الهذلي، عن الحسن ومحمد بن سيرين في قوله:"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا"، قال: إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
* * *
وقال آخرون: هو كلمة النكاح التي استحلَّ بها الفرجَ.
*ذكر من قال ذلك:
٨٩٢٧ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا"، قال: كلمة النكاح التي استحلَّ بها فروجهن.
٨٩٢٨ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نحيح، عن مجاهد مثله.
٨٩٢٩ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا يحيى بن سعيد قال، حدثنا
٨٩٢٤ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أما"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا"، فهو أن ينكح المرأة فيقول وليها: أنكحناكَها بأمانة الله، على أن تمسكها بالمعروف أو تسرِّحها بإحسان.
٨٩٢٥ - حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله:"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا"، قال:"الميثاق الغليظ" الذي أخذه الله للنساء: إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، وكان في عُقْدة المسلمين عند نكاحهن:"أيْمُ الله عليك، لتمسكن بمعروف ولتسرحَنّ بإحسان".
٨٩٢٦ - حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا أبو قتيبة قال، حدثنا أبو بكر الهذلي، عن الحسن ومحمد بن سيرين في قوله:"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا"، قال: إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
* * *
وقال آخرون: هو كلمة النكاح التي استحلَّ بها الفرجَ.
*ذكر من قال ذلك:
٨٩٢٧ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا"، قال: كلمة النكاح التي استحلَّ بها فروجهن.
٨٩٢٨ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نحيح، عن مجاهد مثله.
٨٩٢٩ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا يحيى بن سعيد قال، حدثنا
128
سفيان، عن أبي هاشم المكي، عن مجاهد في قوله:"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا"، قال: قوله:"نكحتُ". (١)
٨٩٣٠ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام قال، حدثنا عنبسة، عن محمد بن كعب القرظي:"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا"، قال: هو قولهم:"قد ملكتَ النكاح".
٨٩٣١ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان، عن سالم الأفطس، عن مجاهد:"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا"، قال: كلمة النكاح.
٨٩٣٢ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا"، قال: الميثاق النكاح.
٨٩٣٣ - حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا يحيى بن سعيد قال، حدثنا سفيان قال، حدثني سالم الأفطس، عن مجاهد:"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا"، قال: كلمة النكاح، قوله:"نكحتُ".
* * *
وقال آخرون: بل عنى قول النبي صلى الله عليه وسلم:"أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله". (٢)
*ذكر من قال ذلك:
٨٩٣٤ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر وعكرمة:"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا"، قالا أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله.
٨٩٣٥ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر،
٨٩٣٠ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام قال، حدثنا عنبسة، عن محمد بن كعب القرظي:"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا"، قال: هو قولهم:"قد ملكتَ النكاح".
٨٩٣١ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان، عن سالم الأفطس، عن مجاهد:"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا"، قال: كلمة النكاح.
٨٩٣٢ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا"، قال: الميثاق النكاح.
٨٩٣٣ - حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا يحيى بن سعيد قال، حدثنا سفيان قال، حدثني سالم الأفطس، عن مجاهد:"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا"، قال: كلمة النكاح، قوله:"نكحتُ".
* * *
وقال آخرون: بل عنى قول النبي صلى الله عليه وسلم:"أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله". (٢)
*ذكر من قال ذلك:
٨٩٣٤ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر وعكرمة:"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا"، قالا أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله.
٨٩٣٥ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر،
(١) الأثر: ٨٩٢٩ -"أبو هاشم المكي"، هو: إسماعيل بن كثير، صاحب مجاهد. قال ابن سعد: "ثقة كثير الحديث". روى عنه سفيان الثوري، وابن جريج، ومسعر بن كدام، وغيرهم. مترجم في التهذيب.
(٢) انظر الأثرين السالفين رقم: ٨٩٠٥، ٨٩٠٦.
(٢) انظر الأثرين السالفين رقم: ٨٩٠٥، ٨٩٠٦.
129
عن أبيه، عن الربيع:"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا"، والميثاق الغليظ: أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بتأويل ذلك، قولُ من قال: الميثاق الذي عُني به في هذه الآية: هو ما أخذ للمرأة على زوجها عند عُقْدة النكاح من عهدٍ على إمساكها بمعروف أو تسريحها بإحسان، فأقرَّ به الرجل. لأن الله جل ثناؤه بذلك أوصى الرجالَ في نسائهم.
* * *
وقد بينا معنى"الميثاق" فيما مضى قبل، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (١)
* * *
واختلف في حكم هذه الآية، أمحكمٌ أم منسوخ؟
فقال بعضهم: محكم، وغير جائز للرجل أخذُ شيء مما آتاها، إذا أراد طلاقها، إلا أن تكون هي المريدةَ الطلاقَ.
* * *
وقال آخرون: هي محكمة، غير جائز له أخذ شيء مما آتاها منها بحال، كانت هي المريدةَ للطلاق أو هو. وممن حُكي عنه هذا القول، بكر بن عبد الله بن المزني.
٨٩٣٦ - حدثنا مجاهد بن موسى قال، حدثنا عبد الصمد قال، حدثنا عقبة بن أبي الصهباء. قال: سألت بكرًا عن المختلعة، أيأخذ منها شيئًا؟ قال: لا"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا". (٢)
* * *
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بتأويل ذلك، قولُ من قال: الميثاق الذي عُني به في هذه الآية: هو ما أخذ للمرأة على زوجها عند عُقْدة النكاح من عهدٍ على إمساكها بمعروف أو تسريحها بإحسان، فأقرَّ به الرجل. لأن الله جل ثناؤه بذلك أوصى الرجالَ في نسائهم.
* * *
وقد بينا معنى"الميثاق" فيما مضى قبل، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (١)
* * *
واختلف في حكم هذه الآية، أمحكمٌ أم منسوخ؟
فقال بعضهم: محكم، وغير جائز للرجل أخذُ شيء مما آتاها، إذا أراد طلاقها، إلا أن تكون هي المريدةَ الطلاقَ.
* * *
وقال آخرون: هي محكمة، غير جائز له أخذ شيء مما آتاها منها بحال، كانت هي المريدةَ للطلاق أو هو. وممن حُكي عنه هذا القول، بكر بن عبد الله بن المزني.
٨٩٣٦ - حدثنا مجاهد بن موسى قال، حدثنا عبد الصمد قال، حدثنا عقبة بن أبي الصهباء. قال: سألت بكرًا عن المختلعة، أيأخذ منها شيئًا؟ قال: لا"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا". (٢)
* * *
(١) انظر ما سلف ١: ٤١٤ / ٢: ١٥٦، ١٥٧، ٢٨٨ / ٦: ٥٥٠.
(٢) الأثر: ٨٩٣٦ - مضى هذا الأثر برقم: ٤٨٧٧، وكان فيه هنا، كما كان هناك"عقبة بن أبي المهنا"، فانظر التعليق عليه هناك، والمراجع مذكورة فيه، وقد زاد أبو جعفر هناك، إسنادًا آخر، عن عقبة بن أبي الصهباء، عن بكر بن عبد الله المزني، لهذا الأثر، وهذا أحد الدلائل على اختصار أبي جعفر لتفسيره هذا.
(٢) الأثر: ٨٩٣٦ - مضى هذا الأثر برقم: ٤٨٧٧، وكان فيه هنا، كما كان هناك"عقبة بن أبي المهنا"، فانظر التعليق عليه هناك، والمراجع مذكورة فيه، وقد زاد أبو جعفر هناك، إسنادًا آخر، عن عقبة بن أبي الصهباء، عن بكر بن عبد الله المزني، لهذا الأثر، وهذا أحد الدلائل على اختصار أبي جعفر لتفسيره هذا.
130
قال آخرون: بل هي منسوخة، نسخها قوله: (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ) [سورة البقرة: ٢٢٩].
*ذكر من قال ذلك:
٨٩٣٧ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج" إلى قوله:"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا"، قال: ثم رخص بعدُ فقال: (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) [سورة البقرة: ٢٢٩]. قال: فنسخت هذه تلك.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب في ذلك، قولُ من قال:"إنها محكمة غير منسوخة"، وغير جائز للرجل أخذ شيء مما آتاها، إذا أراد طلاقها من غير نشوز كان منها، ولا ريبة أتت بها.
وذلك أن الناسخ من الأحكام، ما نَفَى خلافه من الأحكام، على ما قد بيَّنا في سائر كتبنا. (١) وليس في قوله:"وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج"، نَفْي حكمِ قوله: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) [سورة البقرة: ٢٢٩]. لأن الذي حرَّم الله على الرجل بقوله:"وإن أَردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارًا فلا تأخذوا منه شيئًا"، أخذُ ما آتاها منها إذا كان هو المريدَ طلاقَها. وأما الذي أباح له أخذَه منها بقوله: (فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ)، فهو إذا كانت هي المريدةَ طلاقَه وهو له كاره، ببعض المعاني التي قد ذكرنا في غير هذا الموضع. (٢)
*ذكر من قال ذلك:
٨٩٣٧ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج" إلى قوله:"وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا"، قال: ثم رخص بعدُ فقال: (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) [سورة البقرة: ٢٢٩]. قال: فنسخت هذه تلك.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب في ذلك، قولُ من قال:"إنها محكمة غير منسوخة"، وغير جائز للرجل أخذ شيء مما آتاها، إذا أراد طلاقها من غير نشوز كان منها، ولا ريبة أتت بها.
وذلك أن الناسخ من الأحكام، ما نَفَى خلافه من الأحكام، على ما قد بيَّنا في سائر كتبنا. (١) وليس في قوله:"وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج"، نَفْي حكمِ قوله: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) [سورة البقرة: ٢٢٩]. لأن الذي حرَّم الله على الرجل بقوله:"وإن أَردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارًا فلا تأخذوا منه شيئًا"، أخذُ ما آتاها منها إذا كان هو المريدَ طلاقَها. وأما الذي أباح له أخذَه منها بقوله: (فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ)، فهو إذا كانت هي المريدةَ طلاقَه وهو له كاره، ببعض المعاني التي قد ذكرنا في غير هذا الموضع. (٢)
(١) انظر ما سلف، ما قاله في كتابه هذا في"النسخ" فيما سلف ٣: ٣٨٥، ٦٣٥ / ٤: ٥٨٢ / ٦: ٥٤، ١١٨.
(٢) انظر ما سلف ٤: ٥٤٩ - ٥٨٥، وانظر كلامه في الناسخ والمنسوخ من الآيتين في ص: ٥٧٩ -٥٨٣، من الجزء نفسه.
(٢) انظر ما سلف ٤: ٥٤٩ - ٥٨٥، وانظر كلامه في الناسخ والمنسوخ من الآيتين في ص: ٥٧٩ -٥٨٣، من الجزء نفسه.
131
وليس في حكم إحدى الآيتين نفي حكم الأخرى.
وإذ كان ذلك كذلك، لم يجز أن يُحكم لإحداهما بأنها ناسخة، وللأخرى بأنها منسوخة، إلا بحجة يجبُ التسليم لها.
وأما ما قاله بكر بن عبد الله المزني (١) =: من أنه ليس لزوج المختلعة أخذُ ما أعطته على فراقه إياها، إذا كانت هي الطالبةَ الفرقةَ، وهو الكاره = فليس بصواب، لصحة الخبَرِ عن رسول الله ﷺ بأنه أمرَ ثابت بن قيس بن شماس بأخذ ما كان ساق إلى زوجته وفراقِها إذ طلبت فراقه، (٢) وكان النشوز من قِبَلها. (٣)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلا (٢٢) ﴾
قال أبو جعفر: قد ذكر أن هذه الآية نزلت في قوم كانوا يَخْلُفُون على حلائل آبائهم، فجاء الإسلام وهم على ذلك، فحرّم الله تبارك وتعالى عليهم المُقام عليهن، وعفا لهم عما كان سلف منهم في جاهليتهم وشِرْكهم من فعل ذلك، لم يؤاخذهم به، إن هم اتقوا الله في إسلامهم وأطاعوه فيه.
ذكر الأخبار التي رويت في ذلك:
٨٩٣٨ - حدثني محمد بن عبد الله المخرميّ قال، حدثنا قراد قال، حدثنا
وإذ كان ذلك كذلك، لم يجز أن يُحكم لإحداهما بأنها ناسخة، وللأخرى بأنها منسوخة، إلا بحجة يجبُ التسليم لها.
وأما ما قاله بكر بن عبد الله المزني (١) =: من أنه ليس لزوج المختلعة أخذُ ما أعطته على فراقه إياها، إذا كانت هي الطالبةَ الفرقةَ، وهو الكاره = فليس بصواب، لصحة الخبَرِ عن رسول الله ﷺ بأنه أمرَ ثابت بن قيس بن شماس بأخذ ما كان ساق إلى زوجته وفراقِها إذ طلبت فراقه، (٢) وكان النشوز من قِبَلها. (٣)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلا (٢٢) ﴾
قال أبو جعفر: قد ذكر أن هذه الآية نزلت في قوم كانوا يَخْلُفُون على حلائل آبائهم، فجاء الإسلام وهم على ذلك، فحرّم الله تبارك وتعالى عليهم المُقام عليهن، وعفا لهم عما كان سلف منهم في جاهليتهم وشِرْكهم من فعل ذلك، لم يؤاخذهم به، إن هم اتقوا الله في إسلامهم وأطاعوه فيه.
ذكر الأخبار التي رويت في ذلك:
٨٩٣٨ - حدثني محمد بن عبد الله المخرميّ قال، حدثنا قراد قال، حدثنا
(١) انظر رد أبي جعفر مقاله بكر بن عبد الله المزني فيما سلف ٤: ٥٨١، ٥٨٢، وقال هناك: إنه"قول لا معنى له، فنتشاغل بالإبانة عن خطئه".
(٢) في المخطوطة والمطبوعة: "إن طلبت فراقه"، والصواب"إذ" كما أثبته.
(٣) انظر الأحاديث والآثار فيما سلف رقم: ٤٨٠٧ -٤٨١١، والتعليق عليها، وهو خبر ثابت بن قيس بن شماس.
(٢) في المخطوطة والمطبوعة: "إن طلبت فراقه"، والصواب"إذ" كما أثبته.
(٣) انظر الأحاديث والآثار فيما سلف رقم: ٤٨٠٧ -٤٨١١، والتعليق عليها، وهو خبر ثابت بن قيس بن شماس.
132
ابن عيينة وعمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كان أهل الجاهلية يحرِّمون ما يَحْرُم إلا امرأة الأب، والجمع بين الأختين. قال: فأنزل الله:"ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف" = (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأخْتَيْنِ) (١)
٨٩٣٩ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله:"ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء" الآية، قال: كان أهل الجاهلية يحرّمون ما حرَّم الله، إلا أنّ الرجل كان يخلُف على حَلِيلة أبيه، ويجمعون بين الأختين، فمن ثَمَّ قال الله:"ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف".
٨٩٤٠ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة في قوله:"ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف"، قال: نزلت في أبي قيس بن الأسلت، خلفَ على أمِّ عبيد بنت صخر، (٢) كانت تحت الأسلت أبيه = وفي الأسود بن خلف، وكان خَلَف على بنت أبي طلحة بن عبد العُزّى بن عثمان بن عبد الدار، (٣) وكانت عند أبيه خلف = وفي فاختة بنت الأسود بن المطلب بن أسَد، وكانت عند أمية بن خلف، فخلف عليها صفوان بن أمية = وفي منظور بن زبّان، (٤) وكان خلف على مُليكةِ ابنة خارجة، وكانت عند أبيه زَبَّان بن سيّار. (٥)
٨٩٣٩ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله:"ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء" الآية، قال: كان أهل الجاهلية يحرّمون ما حرَّم الله، إلا أنّ الرجل كان يخلُف على حَلِيلة أبيه، ويجمعون بين الأختين، فمن ثَمَّ قال الله:"ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف".
٨٩٤٠ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة في قوله:"ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف"، قال: نزلت في أبي قيس بن الأسلت، خلفَ على أمِّ عبيد بنت صخر، (٢) كانت تحت الأسلت أبيه = وفي الأسود بن خلف، وكان خَلَف على بنت أبي طلحة بن عبد العُزّى بن عثمان بن عبد الدار، (٣) وكانت عند أبيه خلف = وفي فاختة بنت الأسود بن المطلب بن أسَد، وكانت عند أمية بن خلف، فخلف عليها صفوان بن أمية = وفي منظور بن زبّان، (٤) وكان خلف على مُليكةِ ابنة خارجة، وكانت عند أبيه زَبَّان بن سيّار. (٥)
(١) الأثر: ٨٩٣٨ -"محمد بن عبد الله المخرمي"، سلفت ترجمته برقم: ٣٧٣٠، ٤٩٢٩، ٥٤٤٧.
و"قراد"، لقب، وهو: "عبد الرحمن بن غزوان"، سلفت ترجمته برقم: ٥٥٥.
(٢) في المخطوطة والمطبوعة: "بنت ضمرة"، والصواب من المراجع فيها تخريج الأثر. وانظر التعليق على الأثر في آخره، ففيه ذكر الاختلاف في اسمها.
(٣) اسمها"حمينة بنت أبي طلحة" تصغير"حمنة"، كما جاء في ترجمتها في المراجع.
(٤) في المطبوعة: "رباب" في الموضعين، وهي المخطوطة غير منقوطة، وصوابه من المراجع بعد، بالزاي المفتوحة، وباء مشددة.
(٥) الأثر: ٨٩٤٠ - روى ابن الأثير هذا الخبر، في ترجمة أم عبيد بنت صخر، ثم أشار إليها في تراجم أصحابها، ونسب رواية الخبر إلى أبي موسى محمد بن أبي بكر بن أبي عيسى الأصفهاني، في مستدركة على ابن منده. وأشار إليها أيضًا الحافظ ابن حجر في الإصابة، في تراجم المذكورين في هذا الخبر.
هذا، ومضى الخبر رقم: ٨٨٧٣، وفيه أن أبا قيس بن الأسلت جنح على كبيشة بنت معن بن عاصم امرأة أبيه، فأخشى أن يكون الخبر السالف وهذا الخبر، مجتمعين على أنه جنح على امرأتين من نساء أبيه، كبيشة بنت معن، وعلى أم عبيد بنت صخر. ولكن الواحدي في أسباب النزول: ١٠٩ قال إنها نزلت في حصن بن أبي قيس، تزوج امرأة أبيه كبيشة بن معن، وهو ما ذكره الثعلبي في تفسيره. ورواه الحافظ في الإصابة في ترجمة"قيس بن صيفي بن الأسلت" (٥: ٢٥٧) عن الفريابي وابن أبي حاتم من طريق عدي بن ثابت. ثم قال: "وفي سنده قيس بن الربيع، عن أشعث بن سوار، وهما ضعيفان. والخبر مع ذلك منقطع" وقال: "وقد تقدم في ترجمة حصن بن أبي قيس بن الأسلت أن القصة وقعت مع امرأة أبيه كبيشة بنت معن. هكذا سماها ابن الكلبي، وخالفه مقاتل، فجعل القصة لقيس. وعند أبي الفرج الأصفهاني (١٥: ١٥٤) ما يوهم أن قيسًا قتل في الجاهلية، فإنه ذكر أن يزيد بن مرداس السلمي قتل قيس بن أبي قيس بن الأسلت في بعض حروبهم".
وهذا أمر يحتاج إلى تحقيق طويل كما ترى، اكتفيت بهذه الإشارة إليه، وقد مضى في التعليق على اسم"أم عبيد بنت صخر"، أنه كان في المطبوعة والمخطوطة"أم عبيد بنت ضمرة"، وقد تابعت ما جاء في ترجمتها في كتب التراجم، واستأنست بتسمية أخيه: "جرول بن مالك بن عمرو بن عزيز" (جمهرة الأنساب: ٣١٥) وأم عبيد هي: (أم عبيد بنت صخر بن مالك بن عمرو بن عزيز"، و"الجرول": الحجر يكون ملء كف الرجل، فكأن أباه سماه جرولا، وسمى أخاه صخرًا، على عادة العرب في ذلك. والأنصار أيضًا، يكثر في أنسابهم"صخر"، ولم أجد منهم من تسمى"ضمرة"، فلذلك رجحت ما أثبت. ولكن ابن كثير نقل هذا الأثر في تفسيره ٢: ٣٨٨، وفيه"أم عبيد الله بنت ضمرة"، ولكن الثقة بنقل ابن كثير في مثل هذا غير صحيحة. أما الحافظ ابن حجر فقد ذكرها في ترجمة"قيس بن صيفي بن الأسلت"، فنقل عن سيف من تفسيره، وسماها"ضمرة أم عبيد الله"، ثم ترجم"ضمرة زوج أبي قيس بن الأسلت" (الإصابة ٨: ١٣٤)، وقال: "ذكرها الطبري فيمن نزلت فيه: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء"، وهذا خلط وعجب من العجب، ولم أجد من ذكر"ضمرة" هذه، ولا ذكرها الطبري كما سها الحافظ في ذكرها وإفراد ترجمتها، وأخطأ. وهو من الأدلة على عجلة الحافظ في تأليفه كتاب الإصابة، وصحة ما قيل من أنه لم يكن إلا مسودة لم يبيضها، فيمحصها.
وهذا الاختلاف محتاج إلى إطالة، اقتصرت منه على هذا القدر.
وأما "الأسود بن خلف"، فهو"الأسود بن خلف بن أسعد بن عامر بن بياضة الخزاعي"، وهو غير"الأسود بن خلف بن عبد يغوث"، كما ذكره الحافظ في الإصابة، وابن سعد ٥: ٣٣٩ فإن يكن ذلك، فهو أخو"عبد الله بن خلف بن أسعد" والد"طلحة الطلحات". ولم أجد ابن حجر قد أشار في الإصابة إلى خبر خلفه على امرأة أبيه، مع أنه ذكره في تراجم النساء المذكورات في الخبر، وفي ترجمة امرأة أبيه"حمينة بنت أبي طلحة"، وكذلك لم يذكره بتة، ابن الأثير، مع أنه ذكره في ترجمته"حمينة". وفي الإصابة وابن الأثير: "خلف بن أسد بن عاصم بن بياضة"، وهو تصحيف، بل هو"أسعد بن عامر".
وهذا أيضًا يحتاج إلى تحقيق أوفى، ليس هذا مكانه. وأما خبر"منظور بن زبان بن سيار المازني"، وفي شأن قصته اختلاف ذكره الحافظ ابن حجر في ترجمته وترجمة"مليكة"، ورجح أن هذه القصة كانت على عهد عمر بن الخطاب، وأن عمر فرق بينهما، فاشتد ذلك عليه، وكان يحبها، فقال فيها شعرًا منه:
وقصته في الأغاني ١٢: ١٩٤ (دار الكتب)
و"قراد"، لقب، وهو: "عبد الرحمن بن غزوان"، سلفت ترجمته برقم: ٥٥٥.
(٢) في المخطوطة والمطبوعة: "بنت ضمرة"، والصواب من المراجع فيها تخريج الأثر. وانظر التعليق على الأثر في آخره، ففيه ذكر الاختلاف في اسمها.
(٣) اسمها"حمينة بنت أبي طلحة" تصغير"حمنة"، كما جاء في ترجمتها في المراجع.
(٤) في المطبوعة: "رباب" في الموضعين، وهي المخطوطة غير منقوطة، وصوابه من المراجع بعد، بالزاي المفتوحة، وباء مشددة.
(٥) الأثر: ٨٩٤٠ - روى ابن الأثير هذا الخبر، في ترجمة أم عبيد بنت صخر، ثم أشار إليها في تراجم أصحابها، ونسب رواية الخبر إلى أبي موسى محمد بن أبي بكر بن أبي عيسى الأصفهاني، في مستدركة على ابن منده. وأشار إليها أيضًا الحافظ ابن حجر في الإصابة، في تراجم المذكورين في هذا الخبر.
هذا، ومضى الخبر رقم: ٨٨٧٣، وفيه أن أبا قيس بن الأسلت جنح على كبيشة بنت معن بن عاصم امرأة أبيه، فأخشى أن يكون الخبر السالف وهذا الخبر، مجتمعين على أنه جنح على امرأتين من نساء أبيه، كبيشة بنت معن، وعلى أم عبيد بنت صخر. ولكن الواحدي في أسباب النزول: ١٠٩ قال إنها نزلت في حصن بن أبي قيس، تزوج امرأة أبيه كبيشة بن معن، وهو ما ذكره الثعلبي في تفسيره. ورواه الحافظ في الإصابة في ترجمة"قيس بن صيفي بن الأسلت" (٥: ٢٥٧) عن الفريابي وابن أبي حاتم من طريق عدي بن ثابت. ثم قال: "وفي سنده قيس بن الربيع، عن أشعث بن سوار، وهما ضعيفان. والخبر مع ذلك منقطع" وقال: "وقد تقدم في ترجمة حصن بن أبي قيس بن الأسلت أن القصة وقعت مع امرأة أبيه كبيشة بنت معن. هكذا سماها ابن الكلبي، وخالفه مقاتل، فجعل القصة لقيس. وعند أبي الفرج الأصفهاني (١٥: ١٥٤) ما يوهم أن قيسًا قتل في الجاهلية، فإنه ذكر أن يزيد بن مرداس السلمي قتل قيس بن أبي قيس بن الأسلت في بعض حروبهم".
وهذا أمر يحتاج إلى تحقيق طويل كما ترى، اكتفيت بهذه الإشارة إليه، وقد مضى في التعليق على اسم"أم عبيد بنت صخر"، أنه كان في المطبوعة والمخطوطة"أم عبيد بنت ضمرة"، وقد تابعت ما جاء في ترجمتها في كتب التراجم، واستأنست بتسمية أخيه: "جرول بن مالك بن عمرو بن عزيز" (جمهرة الأنساب: ٣١٥) وأم عبيد هي: (أم عبيد بنت صخر بن مالك بن عمرو بن عزيز"، و"الجرول": الحجر يكون ملء كف الرجل، فكأن أباه سماه جرولا، وسمى أخاه صخرًا، على عادة العرب في ذلك. والأنصار أيضًا، يكثر في أنسابهم"صخر"، ولم أجد منهم من تسمى"ضمرة"، فلذلك رجحت ما أثبت. ولكن ابن كثير نقل هذا الأثر في تفسيره ٢: ٣٨٨، وفيه"أم عبيد الله بنت ضمرة"، ولكن الثقة بنقل ابن كثير في مثل هذا غير صحيحة. أما الحافظ ابن حجر فقد ذكرها في ترجمة"قيس بن صيفي بن الأسلت"، فنقل عن سيف من تفسيره، وسماها"ضمرة أم عبيد الله"، ثم ترجم"ضمرة زوج أبي قيس بن الأسلت" (الإصابة ٨: ١٣٤)، وقال: "ذكرها الطبري فيمن نزلت فيه: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء"، وهذا خلط وعجب من العجب، ولم أجد من ذكر"ضمرة" هذه، ولا ذكرها الطبري كما سها الحافظ في ذكرها وإفراد ترجمتها، وأخطأ. وهو من الأدلة على عجلة الحافظ في تأليفه كتاب الإصابة، وصحة ما قيل من أنه لم يكن إلا مسودة لم يبيضها، فيمحصها.
وهذا الاختلاف محتاج إلى إطالة، اقتصرت منه على هذا القدر.
وأما "الأسود بن خلف"، فهو"الأسود بن خلف بن أسعد بن عامر بن بياضة الخزاعي"، وهو غير"الأسود بن خلف بن عبد يغوث"، كما ذكره الحافظ في الإصابة، وابن سعد ٥: ٣٣٩ فإن يكن ذلك، فهو أخو"عبد الله بن خلف بن أسعد" والد"طلحة الطلحات". ولم أجد ابن حجر قد أشار في الإصابة إلى خبر خلفه على امرأة أبيه، مع أنه ذكره في تراجم النساء المذكورات في الخبر، وفي ترجمة امرأة أبيه"حمينة بنت أبي طلحة"، وكذلك لم يذكره بتة، ابن الأثير، مع أنه ذكره في ترجمته"حمينة". وفي الإصابة وابن الأثير: "خلف بن أسد بن عاصم بن بياضة"، وهو تصحيف، بل هو"أسعد بن عامر".
وهذا أيضًا يحتاج إلى تحقيق أوفى، ليس هذا مكانه. وأما خبر"منظور بن زبان بن سيار المازني"، وفي شأن قصته اختلاف ذكره الحافظ ابن حجر في ترجمته وترجمة"مليكة"، ورجح أن هذه القصة كانت على عهد عمر بن الخطاب، وأن عمر فرق بينهما، فاشتد ذلك عليه، وكان يحبها، فقال فيها شعرًا منه:
لَعَمْرُ أبِي دِينٍ يُفَرِّقُ بَيْننَا | وَبيْنَكِ قَسْرًا، إِنّهُ لَعَظِيمُ |
133
٨٩٤١ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: قلت لعطاء بن أبي رباح: الرجل ينكح المرأة، ثم لا يراها
134
حتى يُطلقها، أتحل لابنه؟ قال: هي مُرْسَلة، (١) قال الله تعالى:"ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء". قال: قلت لعطاء: ما قوله:"إلا ما قد سلف"؟ قال: كان الأبناء ينكحون نساء آبائهم في الجاهلية. (٢)
٨٩٤٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية
٨٩٤٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية
(١) هكذا جاءت في المخطوطة والمطبوعة هنا، وفي رقم: ٨٩٥٧ فيما يلي والدر المنثور، ٢: ١٣٤، "مرسلة"، والذي جاء في كتب اللغة"امرأة مراسل"، قالوا: هي التي فارقها زوجها بأي وجه كان، مات أو طلقها. وقيل: هي التي يموت زوجها، أو أحست منه أنه يريد تطليقها، فهي تزين لآخر. وقيل: هي التي طلقت مرات. وقيل: هي التي تراسل الخطاب. وذلك كله قريب بعضه من بعض، فإن المرأة إذا مات زوجها أو طلقها، كانت خليقة أن تراسل الخطاب وتلتمس الطريق إلى زواج. وفي الحديث: "أن رجلا من الأنصار تزوج امرأة مراسلا يعني: ثيبًا = فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فهلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك!! "، فقال أصحاب اللغة: "المراسل: التي قد أسنت وفيها بقية شباب". وكأن شرح هذا اللفظ يقتضي الجمع بين هذه الأقوال جميعًا فيقال: إنها التي قد فارقت الشباب فمات عنها زوجها أو طلقها، فهي أحوج من ذات الشباب إلى طلب الزينة ومراسلة الخطاب، لقلة رغبتهم فيها، كرغبتهم في الأبكار الجميلات الشواب.
وأما في هذا الخبر، فإن صح أن اللفظ"مرسلة" على الصواب، كان تفسيره: أنها التي أرسلها زوجها، أي أطلقها، وإنما عنى به: البكر المطلقة التي تنزل في الحكم منزلة الثيب. وإن كان الصواب"هي مراسل"، فينبغي أن يزاد في معنى"مراسل" أنها البكر التي طلقت، فهي بمنزلة الثيب. وانظر الأثر التالي.
(٢) سيأتي هذا الأثر برقم: ٨٩٥٧، مع اختلاف في لفظه، انظر التعليق عليه هناك.
وأما في هذا الخبر، فإن صح أن اللفظ"مرسلة" على الصواب، كان تفسيره: أنها التي أرسلها زوجها، أي أطلقها، وإنما عنى به: البكر المطلقة التي تنزل في الحكم منزلة الثيب. وإن كان الصواب"هي مراسل"، فينبغي أن يزاد في معنى"مراسل" أنها البكر التي طلقت، فهي بمنزلة الثيب. وانظر الأثر التالي.
(٢) سيأتي هذا الأثر برقم: ٨٩٥٧، مع اختلاف في لفظه، انظر التعليق عليه هناك.
135
بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء" الآية، يقول: كل امرأة تزوجها أبوك وابنك، دخل أو لم يدخل، فهي عليك حرام.
* * *
واختلف في معنى قوله:"إلا ما قد سلف".
فقال بعضهم: معناه: لكن ما قد سلف فدعوه. وقالوا: هو من الاستثناء المنقطع.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: ولا تنكحوا نكاح آبائكم = بمعنى: ولا تنكحوا كنكاحهم، كما نكحوا على الوجوه الفاسدة التي لا يجوز مثلها في الإسلام ="إنه كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلا"، يعني: أن نكاح آبائكم الذي كانوا ينكحونه في جاهليتهم، كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلا - إلا ما قد سلف منكم في جاهليتكم من نكاح، لا يجوز ابتداء مثله في الإسلام، فإنه معفوٌّ لكم عنه.
وقالوا: قوله:"ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء"، كقول القائل للرجل:"لا تفعل ما فعلتُ"، و"لا تأكل كما أكلت"، بمعنى: ولا تأكل كما أكلت، ولا تفعل كما فعلتُ.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء بالنكاح الجائز كان عقده بينهم، إلا ما قد سلف منهم من وجوه الزنا عندهم، فإنّ نكاحهن لكم حلال، لأنهن لم يكن لهم حلائل، وإنما كان ما كان من آبائكم ومنهن من ذلك، (١) فاحشة ومقتًا وساء سبيلا.
*ذكر من قال ذلك:
* * *
واختلف في معنى قوله:"إلا ما قد سلف".
فقال بعضهم: معناه: لكن ما قد سلف فدعوه. وقالوا: هو من الاستثناء المنقطع.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: ولا تنكحوا نكاح آبائكم = بمعنى: ولا تنكحوا كنكاحهم، كما نكحوا على الوجوه الفاسدة التي لا يجوز مثلها في الإسلام ="إنه كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلا"، يعني: أن نكاح آبائكم الذي كانوا ينكحونه في جاهليتهم، كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلا - إلا ما قد سلف منكم في جاهليتكم من نكاح، لا يجوز ابتداء مثله في الإسلام، فإنه معفوٌّ لكم عنه.
وقالوا: قوله:"ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء"، كقول القائل للرجل:"لا تفعل ما فعلتُ"، و"لا تأكل كما أكلت"، بمعنى: ولا تأكل كما أكلت، ولا تفعل كما فعلتُ.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء بالنكاح الجائز كان عقده بينهم، إلا ما قد سلف منهم من وجوه الزنا عندهم، فإنّ نكاحهن لكم حلال، لأنهن لم يكن لهم حلائل، وإنما كان ما كان من آبائكم ومنهن من ذلك، (١) فاحشة ومقتًا وساء سبيلا.
*ذكر من قال ذلك:
(١) في المطبوعة: "من آبائكم منهن" بإسقاط الواو، وهو خطأ، صوابه من المخطوطة.
136
٨٩٤٣ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف" الآية، قال: الزنا ="إنه كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلا" = فزاد ههنا"المقت". (١)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، على ما قاله أهل التأويل في تأويله، أن يكون معناه: ولا تنكحوا من النساء نكاحَ آبائكم، إلا ما قد سلف منكم فَمَضى في الجاهلية، فإنه كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلا = فيكون قوله:"من النساء" من صلة قوله:"ولا تنكحوا"، ويكون قوله:"ما نكح آباؤكم" بمعنى المصدر، ويكون قوله:"إلا ما قد سلف" بمعنى الاستثناء المنقطع، لأنه يحسن في موضعه:"لكن ما قد سلف فمضى" ="إنه كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلا".
* * *
فإن قال قائل: وكيف يكون هذا القول موافقًا قولَ من ذكرت قولَه من أهل التأويل، وقد علمتَ أن الذين ذكرتَ قولهم في ذلك، إنما قالوا: أنزلت هذه الآية في النَّهي عن نكاح حلائل الآباء، وأنت تذكر أنهم إنما نهوا أن ينكحوا نكاحَهم؟
قيل له: إنما قلنا إن ذلك هو التأويل الموافق لظاهر التنزيل، (٢) إذ كانت"ما" في كلام العرب لغير بني آدم، وأنه لو كان المقصودَ بذلك النهيُ عن حلائل الآباء، دون سائر ما كان من مَناكح آبائِهم حرامًا ابتداءُ مثله في الإسلام بِنَهْي الله
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، على ما قاله أهل التأويل في تأويله، أن يكون معناه: ولا تنكحوا من النساء نكاحَ آبائكم، إلا ما قد سلف منكم فَمَضى في الجاهلية، فإنه كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلا = فيكون قوله:"من النساء" من صلة قوله:"ولا تنكحوا"، ويكون قوله:"ما نكح آباؤكم" بمعنى المصدر، ويكون قوله:"إلا ما قد سلف" بمعنى الاستثناء المنقطع، لأنه يحسن في موضعه:"لكن ما قد سلف فمضى" ="إنه كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلا".
* * *
فإن قال قائل: وكيف يكون هذا القول موافقًا قولَ من ذكرت قولَه من أهل التأويل، وقد علمتَ أن الذين ذكرتَ قولهم في ذلك، إنما قالوا: أنزلت هذه الآية في النَّهي عن نكاح حلائل الآباء، وأنت تذكر أنهم إنما نهوا أن ينكحوا نكاحَهم؟
قيل له: إنما قلنا إن ذلك هو التأويل الموافق لظاهر التنزيل، (٢) إذ كانت"ما" في كلام العرب لغير بني آدم، وأنه لو كان المقصودَ بذلك النهيُ عن حلائل الآباء، دون سائر ما كان من مَناكح آبائِهم حرامًا ابتداءُ مثله في الإسلام بِنَهْي الله
(١) يعني بقوله: "زاد هاهنا"، زاد على ما جاء في"سورة الإسراء: ٣٢": ﴿وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا﴾.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "وإن قلنا إن ذلك هو التأويل"، وهو كلام لا يستقيم مع الذي بعده، والصواب الموافق للسياق هو ما أثبت.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "وإن قلنا إن ذلك هو التأويل"، وهو كلام لا يستقيم مع الذي بعده، والصواب الموافق للسياق هو ما أثبت.
137
جل ثناؤه عنه، (١) لقيل:"ولا تنكحوا مَنْ نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف"، لأن ذلك هو المعروف في كلام العرب، إذ كان"مَنْ" لبني آدم، و"ما" لغيرهم = ولم يُقَلْ:"ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء". (٢) [وأما قوله تعالى ذكره:"ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء"]، فإنه يدخل في"ما"، (٣) ما كان من مناكح آبائهم التي كانوا يتناكحونها في جاهليتهم. فحرَّم عليهم في الإسلام بهذه الآية، نكاحَ حلائل الآباء وكلَّ نكاح سواه نهى الله تعالى ذكره [عن] ابتداء مثله في الإسلام، (٤) مما كان أهل الجاهلية يتناكحونه في شِرْكهم.
* * *
ومعنى قوله:"إلا ما قد سلف"، إلا ما قد مضى (٥) ="إنه كان فاحشة"، يقول: إن نكاحكم الذي سلف منكم كنكاح آبائكم المحرَّم عليكم ابتداءُ مثله في الإسلام بعد تحريمي ذلك عليكم ="فاحشة"، يقول: معصية (٦) ="ومقتًا وساء سبيلا"، (٧) أي: بئس طريقًا ومنهجًا، (٨) ما كنتم تفعلون في
* * *
ومعنى قوله:"إلا ما قد سلف"، إلا ما قد مضى (٥) ="إنه كان فاحشة"، يقول: إن نكاحكم الذي سلف منكم كنكاح آبائكم المحرَّم عليكم ابتداءُ مثله في الإسلام بعد تحريمي ذلك عليكم ="فاحشة"، يقول: معصية (٦) ="ومقتًا وساء سبيلا"، (٧) أي: بئس طريقًا ومنهجًا، (٨) ما كنتم تفعلون في
(١) في المطبوعة: "... حرامًا ابتدئ مثله في الإسلام"، ولم يحسن قراءة المخطوطة"ابتدا" فبدلها إلى ما أفسد الكلام إفسادًا.
(٢) في المخطوطة والمطبوعة: "إذ كان من لبني آدم، وما لغيرهم ولا تقل: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء"، وهو كلام لا يستقيم البتة، وصواب قوله"ولا تقل""ولم يقل" (بالبناء للمجهول)، وهو معطوف على قوله آنفًا: "لقيل: ولا تنكحوا من نكح آباؤكم". واختلط على الناسخ تكرار الآية مرتين فسبق بصره، فأسقط من الكلام ما أثبته بعد بين القوسين، مما لا يتم الكلام ولا يستقيم إلا بإثباته، واجتهدت فيه استظهارًا من كلامه وحجته، كما ترى.
(٣) في المخطوطة: "فإنه يدخل فيما كان من مناكح آبائهم"، وهو سهو وخطأ من الناسخ لما اختلط عليه الكلام، والصواب هو الذي استظهره ناشر المطبوعة الأولى، كما أثبتها.
(٤) ما بين القوسين زيادة لا بد منها، ساقطة من المخطوطة والمطبوعة.
(٥) انظر تفسير"سلف" فيما سلف ٦: ١٤.
(٦) انظر تفسير"فاحشة" فيما سلف: ١١٥ تعليق: ٢ والمراجع هناك.
(٧) لم يفسر أبو جعفر هنا"المقت" في هذا الموضع، ولا في سائر المواضع التي جاء فيها ذكر"المقت"، إلا تضمينًا. و"المقت": أشد البغض، ثم سمى هذا النكاح الذي كانوا يتناكحونه في الجاهلية"نكاح المقت"، وسمي المولود عليه"المقتى" على النسبة.
(٨) انظر تفسير"السبيل" فيما سلف: ٣٧، تعليق: ٦، والمراجع هناك. وأما "ساء"، فإن أبا جعفر لم يبين معناها، ولم يذكر أن أصحاب العربية يعدونها فعلا جامدًا يجري مجرى"نعم" و"بئس"، وإن كان تفسيره قد تضمن ذلك. وهذا من الأدلة على أنه اختصر هذا التفسير في مواضع كثيرة.
(٢) في المخطوطة والمطبوعة: "إذ كان من لبني آدم، وما لغيرهم ولا تقل: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء"، وهو كلام لا يستقيم البتة، وصواب قوله"ولا تقل""ولم يقل" (بالبناء للمجهول)، وهو معطوف على قوله آنفًا: "لقيل: ولا تنكحوا من نكح آباؤكم". واختلط على الناسخ تكرار الآية مرتين فسبق بصره، فأسقط من الكلام ما أثبته بعد بين القوسين، مما لا يتم الكلام ولا يستقيم إلا بإثباته، واجتهدت فيه استظهارًا من كلامه وحجته، كما ترى.
(٣) في المخطوطة: "فإنه يدخل فيما كان من مناكح آبائهم"، وهو سهو وخطأ من الناسخ لما اختلط عليه الكلام، والصواب هو الذي استظهره ناشر المطبوعة الأولى، كما أثبتها.
(٤) ما بين القوسين زيادة لا بد منها، ساقطة من المخطوطة والمطبوعة.
(٥) انظر تفسير"سلف" فيما سلف ٦: ١٤.
(٦) انظر تفسير"فاحشة" فيما سلف: ١١٥ تعليق: ٢ والمراجع هناك.
(٧) لم يفسر أبو جعفر هنا"المقت" في هذا الموضع، ولا في سائر المواضع التي جاء فيها ذكر"المقت"، إلا تضمينًا. و"المقت": أشد البغض، ثم سمى هذا النكاح الذي كانوا يتناكحونه في الجاهلية"نكاح المقت"، وسمي المولود عليه"المقتى" على النسبة.
(٨) انظر تفسير"السبيل" فيما سلف: ٣٧، تعليق: ٦، والمراجع هناك. وأما "ساء"، فإن أبا جعفر لم يبين معناها، ولم يذكر أن أصحاب العربية يعدونها فعلا جامدًا يجري مجرى"نعم" و"بئس"، وإن كان تفسيره قد تضمن ذلك. وهذا من الأدلة على أنه اختصر هذا التفسير في مواضع كثيرة.
138
جاهليتكم من المناكح التي كنتم تناكحونها. (١)
* * *
* * *
(١) حجة أبي جعفر في هذا الموضع، حجة رجل بصير عارف بالكلام ومنازله، متمكن من أصول الاستنباط، قادر على ضبط ما ينتشر من المعاني، متابع لسياق الأحكام والأخبار في كتاب ربه، خبير بما كان عليه العرب في جاهليتهم.
وقد رد العلماء على أبي جعفر قوله، وقال بعضهم: هو قول غير وجيه. وذكروا أن"ما" تقع على أنواع من يعقل، وإن كانت لا تقع على آحاد من يعقل، عند من يذهب إلى المذهب. فجعلوا قول الطبري أن"ما" مصدرية باقية على معنى المصدر، قولا ضعيفًا. بيد أن مذهب أبي جعفر صحيح مستقيم لا ينال منه احتجاجهم عليه. وإنما ساقهم إلى ذلك، ترك أبي جعفر البيان عن حجته، وأنا قائل في ذلك ما يشفي إن شاء الله.
وذلك أن الذين ردوا مقالة أبي جعفر، أرادوا أن هذه الآية نص في تحريم نكاح حلائل الآباء وحده، وكأنهم حسبوا أن لو جعلوا"ما" مصدرية، لم يكن في الآيات نص صريح في تحريم حلائل الآباء غيرها. والصواب غير ذلك. فإن الله سبحانه وتعالى قد حرم نكاح حلائل الآباء الذي كان أهل الجاهلية يرتكبونه بقوله في الآية التاسعة عشرة من سورة النساء فيما مضى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا﴾ وقال أبو جعفر في تفسيرها: "لا يحل لكم أن ترثوا نكاح نساء أقاربكم وآبائكم كرهًا"، وساق هناك الآثار المبينة عن صورة نكاح حلائل الآباء والأقارب جميعًا. وهذا الذي ساق هناك فيه البيان عن صورة نكاح حلائل الآباء والأقارب بالوراثة، كما كان أهل الجاهلية يعرفونه. فكانت هذه الآية نصًا قاطعًا بينًا في تحريم نكاح حلائل الآباء والأقارب بالوراثة، كما عرفه أهل الجاهلية، لأنهم لم يعرفوا نكاح حلائل الآباء إلا على هذه الصورة التي بينها الله في كتابه، والتي أجمعت الأخبار على صفتها، أن يخلف الرجل على امرأة أبيه.
وأنا أرجح أن الله تبارك وتعالى إنما قال: "لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا"، فذكر وراثتهن كرهًا، ثم أتبع ذلك بالنهي عن عضل النساء عامة، وبالبيان عن مقصدهم من عضل النساء، وهو الذهاب ببعض ما أوتين من صدقاتهن = لأن أهل الجاهلية، إنما تورطوا في نكاح حلائل الآباء، لشيء واحد: هو أخذ ما آتاهن الآباء من المال، ولئلا تذهب المرأة بما عندها من مال آبائهم، فلذلك أتبعه بالنهي عن العضل عامة، لأن فعلهم بحلائل آبائهم عضل أيضًا، ومقصدهم منه هو مقصدهم من عضل نسائهم.
وأيضًا، فإن أهل الجاهلية لم يرتكبوا نكاح العمات والخالات والأخوات، كما سترى بعد، بل استنكروه، فاستنكارهم نكاح حلائل الآباء - وهن بمنزلة أمهاتهن في حياة آبائهن - كان خليقًا أن يكون من فعلهم وعادتهم، ولكن حملهم حب المال على مخالفة ذلك.
ثم أتبع الله ذلك - كما قال أبو جعفر -"بالنهي عن مناكح آبائهم التي كانوا يتناكحوها في الجاهلية، فحرم عليهم بهذه الآية نكاح حلائل الآباء وكل نكاح سواه، نهى الله عن ابتداء مثله في الإسلام، مما كان أهل الجاهلية يتناكحونه". وقد ذكرت عائشة رضي الله عنها في حديث البخاري (الفتح ٩: ١٥٨) أن نكاح الجاهلية كان على أربعة أنحاء، منها: "نكاح الناس اليوم"، ثم عددت ضروب النكاح ووصفتها، فأقر الإسلام منها نكاحًا واحدًا: يخطب الرجل إلى الرجل وليته أو ابنته، فيصدقها، ثم ينكحها.
فهذه الآية مبطلة ضروب نكاح الجاهلية جميعًا، ما كان منها نكاحًا فاسدًا، كالاستبضاع، ونكاح البغايا، ونكاح البدل، والشغار، فكل ذلك كان: فاحشة ومقتًا وساء سبيلا، كما تعرفه من صفته في حديث عائشة، ويدخل فيه، كما قال أبو جعفر، نكاح حلائل الآباء.
ثم أتبع الله سبحانه وتعالى هذه الآية التي حرمت جميع نكاح الجاهلية، آية أخرى حرمت كل نكاح كان معروفًا في الأمم الأخرى، غير العرب، أو في الملل الأخرى غير ملة الإسلام فقال: "حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم" إلى آخر الآية. والعرب لم تعرف قط نكاح الأمهات، أو البنات أو الأخوات أو العمات أو الخالات، بل كان ذلك في غيرهم كالمصريين واليهود وأشباههم، ينكح الرجل أخته أو عمته أو خالته. ومن الدليل على أن العرب لم تعرف نكاح الأخوات، ولا نكاح العمات أو الخالات، أنهم كانوا في جاهليتهم، يقسمون على طلاق نسائهم أو تحريمهن على أنفسهم، أو هجرانهن، بقولهم للزوجة: "أنت علي كظهر أختي، أو كظهر عمتي، أو كظهر خالتي"، فكان ذلك عندهم تحريمًا على أنفسهم غشيان الزوجة. وهذا باب لم أجد أحدًا وفاه حقه، فعسى أن أوفق في موضع آخر إلى استيعابه إن شاء الله. وهو باب مهم في تفسير هذه الآيات، والله المستعان.
وإذن فهذه الآية الأخيرة، غير خاصة في نكاح أهل الجاهلية، بل هي تحريم لكل نكاح كرهه الله للمؤمنين، مما كان عند الأمم قبلهم جائزًا أو مرتكبًا، أو كان بعضه عندهم قليلا غير مشهور شهرة أنكحة الجاهلية التي ذكرها الله في وراثة حلائل الآباء والأقارب، والتي ذكرتها عائشة في حديثها، والتي جاء تحريمها عامًا في قوله: "ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء" بمعنى"ما" المصدرية، كما ذهب إليه أبو جعفر. وكتبه: محمود محمد شاكر.
وقد رد العلماء على أبي جعفر قوله، وقال بعضهم: هو قول غير وجيه. وذكروا أن"ما" تقع على أنواع من يعقل، وإن كانت لا تقع على آحاد من يعقل، عند من يذهب إلى المذهب. فجعلوا قول الطبري أن"ما" مصدرية باقية على معنى المصدر، قولا ضعيفًا. بيد أن مذهب أبي جعفر صحيح مستقيم لا ينال منه احتجاجهم عليه. وإنما ساقهم إلى ذلك، ترك أبي جعفر البيان عن حجته، وأنا قائل في ذلك ما يشفي إن شاء الله.
وذلك أن الذين ردوا مقالة أبي جعفر، أرادوا أن هذه الآية نص في تحريم نكاح حلائل الآباء وحده، وكأنهم حسبوا أن لو جعلوا"ما" مصدرية، لم يكن في الآيات نص صريح في تحريم حلائل الآباء غيرها. والصواب غير ذلك. فإن الله سبحانه وتعالى قد حرم نكاح حلائل الآباء الذي كان أهل الجاهلية يرتكبونه بقوله في الآية التاسعة عشرة من سورة النساء فيما مضى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا﴾ وقال أبو جعفر في تفسيرها: "لا يحل لكم أن ترثوا نكاح نساء أقاربكم وآبائكم كرهًا"، وساق هناك الآثار المبينة عن صورة نكاح حلائل الآباء والأقارب جميعًا. وهذا الذي ساق هناك فيه البيان عن صورة نكاح حلائل الآباء والأقارب بالوراثة، كما كان أهل الجاهلية يعرفونه. فكانت هذه الآية نصًا قاطعًا بينًا في تحريم نكاح حلائل الآباء والأقارب بالوراثة، كما عرفه أهل الجاهلية، لأنهم لم يعرفوا نكاح حلائل الآباء إلا على هذه الصورة التي بينها الله في كتابه، والتي أجمعت الأخبار على صفتها، أن يخلف الرجل على امرأة أبيه.
وأنا أرجح أن الله تبارك وتعالى إنما قال: "لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا"، فذكر وراثتهن كرهًا، ثم أتبع ذلك بالنهي عن عضل النساء عامة، وبالبيان عن مقصدهم من عضل النساء، وهو الذهاب ببعض ما أوتين من صدقاتهن = لأن أهل الجاهلية، إنما تورطوا في نكاح حلائل الآباء، لشيء واحد: هو أخذ ما آتاهن الآباء من المال، ولئلا تذهب المرأة بما عندها من مال آبائهم، فلذلك أتبعه بالنهي عن العضل عامة، لأن فعلهم بحلائل آبائهم عضل أيضًا، ومقصدهم منه هو مقصدهم من عضل نسائهم.
وأيضًا، فإن أهل الجاهلية لم يرتكبوا نكاح العمات والخالات والأخوات، كما سترى بعد، بل استنكروه، فاستنكارهم نكاح حلائل الآباء - وهن بمنزلة أمهاتهن في حياة آبائهن - كان خليقًا أن يكون من فعلهم وعادتهم، ولكن حملهم حب المال على مخالفة ذلك.
ثم أتبع الله ذلك - كما قال أبو جعفر -"بالنهي عن مناكح آبائهم التي كانوا يتناكحوها في الجاهلية، فحرم عليهم بهذه الآية نكاح حلائل الآباء وكل نكاح سواه، نهى الله عن ابتداء مثله في الإسلام، مما كان أهل الجاهلية يتناكحونه". وقد ذكرت عائشة رضي الله عنها في حديث البخاري (الفتح ٩: ١٥٨) أن نكاح الجاهلية كان على أربعة أنحاء، منها: "نكاح الناس اليوم"، ثم عددت ضروب النكاح ووصفتها، فأقر الإسلام منها نكاحًا واحدًا: يخطب الرجل إلى الرجل وليته أو ابنته، فيصدقها، ثم ينكحها.
فهذه الآية مبطلة ضروب نكاح الجاهلية جميعًا، ما كان منها نكاحًا فاسدًا، كالاستبضاع، ونكاح البغايا، ونكاح البدل، والشغار، فكل ذلك كان: فاحشة ومقتًا وساء سبيلا، كما تعرفه من صفته في حديث عائشة، ويدخل فيه، كما قال أبو جعفر، نكاح حلائل الآباء.
ثم أتبع الله سبحانه وتعالى هذه الآية التي حرمت جميع نكاح الجاهلية، آية أخرى حرمت كل نكاح كان معروفًا في الأمم الأخرى، غير العرب، أو في الملل الأخرى غير ملة الإسلام فقال: "حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم" إلى آخر الآية. والعرب لم تعرف قط نكاح الأمهات، أو البنات أو الأخوات أو العمات أو الخالات، بل كان ذلك في غيرهم كالمصريين واليهود وأشباههم، ينكح الرجل أخته أو عمته أو خالته. ومن الدليل على أن العرب لم تعرف نكاح الأخوات، ولا نكاح العمات أو الخالات، أنهم كانوا في جاهليتهم، يقسمون على طلاق نسائهم أو تحريمهن على أنفسهم، أو هجرانهن، بقولهم للزوجة: "أنت علي كظهر أختي، أو كظهر عمتي، أو كظهر خالتي"، فكان ذلك عندهم تحريمًا على أنفسهم غشيان الزوجة. وهذا باب لم أجد أحدًا وفاه حقه، فعسى أن أوفق في موضع آخر إلى استيعابه إن شاء الله. وهو باب مهم في تفسير هذه الآيات، والله المستعان.
وإذن فهذه الآية الأخيرة، غير خاصة في نكاح أهل الجاهلية، بل هي تحريم لكل نكاح كرهه الله للمؤمنين، مما كان عند الأمم قبلهم جائزًا أو مرتكبًا، أو كان بعضه عندهم قليلا غير مشهور شهرة أنكحة الجاهلية التي ذكرها الله في وراثة حلائل الآباء والأقارب، والتي ذكرتها عائشة في حديثها، والتي جاء تحريمها عامًا في قوله: "ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء" بمعنى"ما" المصدرية، كما ذهب إليه أبو جعفر. وكتبه: محمود محمد شاكر.
139
القول في تأويل قوله: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأخِ وَبَنَاتُ الأخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (٢٣) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: حُرّم عليكم نكاح أمهاتكم = فترك ذكر"النكاح"، اكتفاءً بدلالة الكلام عليه.
وكان ابن عباس يقول في ذلك ما:-
٨٩٤٤ - حدثنا به أبو كريب قال، حدثنا ابن أبي زائدة، عن الثوري، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن عمير مولى ابن عباس، عن ابن عباس قال: حُرّم من النسب سبعٌ، ومن الصِّهر سبعٌ. ثم قرأ:"حُرّمت عليكم أمهاتكم" حتى بلغ:"وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف"، قال: والسابعة:"ولا تنكحوا ما نَكح آباؤكم من النساء".
٨٩٤٥ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن عمير مولى ابن عباس، عن ابن عباس قال: يحرم من النسب سبع، ومن الصهر سبع. ثم قرأ:"حُرّمت عليكم أمهاتكم" إلى قوله:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم".
٨٩٤٦ - حدثنا ابن بشار مرة أخرى قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال،
قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: حُرّم عليكم نكاح أمهاتكم = فترك ذكر"النكاح"، اكتفاءً بدلالة الكلام عليه.
وكان ابن عباس يقول في ذلك ما:-
٨٩٤٤ - حدثنا به أبو كريب قال، حدثنا ابن أبي زائدة، عن الثوري، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن عمير مولى ابن عباس، عن ابن عباس قال: حُرّم من النسب سبعٌ، ومن الصِّهر سبعٌ. ثم قرأ:"حُرّمت عليكم أمهاتكم" حتى بلغ:"وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف"، قال: والسابعة:"ولا تنكحوا ما نَكح آباؤكم من النساء".
٨٩٤٥ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن عمير مولى ابن عباس، عن ابن عباس قال: يحرم من النسب سبع، ومن الصهر سبع. ثم قرأ:"حُرّمت عليكم أمهاتكم" إلى قوله:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم".
٨٩٤٦ - حدثنا ابن بشار مرة أخرى قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال،
140
حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن عمير مولى ابن عباس، عن ابن عباس مثله. (١)
٨٩٤٧ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري بنحوه.
٨٩٤٨ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن حبيب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: حرم عليكم سبع نَسَبًا، وسبعٌ صهرًا."حُرّمت عليكم أمهاتكم" الآية. (٢)
٨٩٤٩ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن علي بن صالح، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:"حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم" قال: حَرّم الله من النسب سبعًا ومن الصهر سبعًا. ثم قرأ:"وأمهات نسائكم وربائبكم"، الآية.
٨٩٥٠ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مطرِّف، عن عمرو بن سالم مولى الأنصار قال، حُرّم من النسب سبع، ومن الصهر سبع:"حُرِّمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت" = ومن الصهر:"أمهاتكم اللاتي أرضَعْنكم، وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم
٨٩٤٧ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري بنحوه.
٨٩٤٨ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن حبيب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: حرم عليكم سبع نَسَبًا، وسبعٌ صهرًا."حُرّمت عليكم أمهاتكم" الآية. (٢)
٨٩٤٩ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن علي بن صالح، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:"حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم" قال: حَرّم الله من النسب سبعًا ومن الصهر سبعًا. ثم قرأ:"وأمهات نسائكم وربائبكم"، الآية.
٨٩٥٠ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مطرِّف، عن عمرو بن سالم مولى الأنصار قال، حُرّم من النسب سبع، ومن الصهر سبع:"حُرِّمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت" = ومن الصهر:"أمهاتكم اللاتي أرضَعْنكم، وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم
(١) الآثار: ٨٩٤٤ - ٨٩٤٦ -"إسماعيل بن رجاء بن ربيعة الزبيدي"، روى له مسلم والأربعة. ثقة، كان يجمع صبيان المكاتب ويحدثهم لكي لا ينسى حديثه!
و"عمير مولى ابن عباس" هو: عمير بن عبد الله الهلالي، مولى أم الفضل. ثقة.
وروى خبر ابن عباس، الحاكم في المستدرك ٢: ٣٠٤ من طريق: محمد بن كثير، عن سفيان، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي. وأشار إليه الحافظ في الفتح ٥: ١٣٣، ونسبه للطبراني. وابن كثير في التفسير ٢: ٣٩٠.
(٢) الأثر: ٨٩٤٨ - رواه بهذا الإسناد البخاري في صحيحه (الفتح ٥: ١٣٢) بغير هذا اللفظ، ورواه بلفظه البيهقي في السنن الكبرى ٧: ١٥٨، ولفظ البخاري: "حرم من النسب سبع، ومن الصهر سبع" كالخبر السالف، وانظر تفسير ابن كثير ٢: ٣٩٠.
و"عمير مولى ابن عباس" هو: عمير بن عبد الله الهلالي، مولى أم الفضل. ثقة.
وروى خبر ابن عباس، الحاكم في المستدرك ٢: ٣٠٤ من طريق: محمد بن كثير، عن سفيان، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي. وأشار إليه الحافظ في الفتح ٥: ١٣٣، ونسبه للطبراني. وابن كثير في التفسير ٢: ٣٩٠.
(٢) الأثر: ٨٩٤٨ - رواه بهذا الإسناد البخاري في صحيحه (الفتح ٥: ١٣٢) بغير هذا اللفظ، ورواه بلفظه البيهقي في السنن الكبرى ٧: ١٥٨، ولفظ البخاري: "حرم من النسب سبع، ومن الصهر سبع" كالخبر السالف، وانظر تفسير ابن كثير ٢: ٣٩٠.
142
وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جُناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف" = ثم قال:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم" ="ولا تنكِحوا ما نَكح آباؤكم من النساء". (١)
* * *
قال أبو جعفر: فكل هؤلاء اللواتي سَمَّاهن الله تعالى وبيَّن تحريمَهن في هذه الآية، مُحَرَّمات، غيرُ جائز نكاحُهن لمن حَرَّم الله ذلك عليه من الرجال، بإجماع جميع الأمة، لا اختلاف بينهم في ذلك: إلا في أمهات نسائِنا اللواتي لم يدخُلْ بهن أزواجُهن، فإن في نكاحهن اختلافًا بين بعض المتقدِّمين من الصحابة: إذا بانت الابنة قبلَ الدخول بها من زوجها، هل هُنّ من المُبْهمات، أم هنّ من المشروط فيهن الدخول ببناتهنّ؟
فقال جميع أهل العلم متقدمهم ومتأخرهم: من المُبهمات، (٢) وحرام على من
* * *
قال أبو جعفر: فكل هؤلاء اللواتي سَمَّاهن الله تعالى وبيَّن تحريمَهن في هذه الآية، مُحَرَّمات، غيرُ جائز نكاحُهن لمن حَرَّم الله ذلك عليه من الرجال، بإجماع جميع الأمة، لا اختلاف بينهم في ذلك: إلا في أمهات نسائِنا اللواتي لم يدخُلْ بهن أزواجُهن، فإن في نكاحهن اختلافًا بين بعض المتقدِّمين من الصحابة: إذا بانت الابنة قبلَ الدخول بها من زوجها، هل هُنّ من المُبْهمات، أم هنّ من المشروط فيهن الدخول ببناتهنّ؟
فقال جميع أهل العلم متقدمهم ومتأخرهم: من المُبهمات، (٢) وحرام على من
(١) الأثر: ٨٩٥٠ -"عمرو بن سالم"، هو: "أبو عثمان الأنصاري" قاضي مرو، مختلف فيه وفي اسم أبيه اختلاف كثير. وقيل: "اسمه كنيته"، وهو مشهور بكنيته، ولكن الطبري جاء به غير مكنى باسمه واسم أبيه.
(٢) "المبهمات" هن من المحرمات: ما لا يحل بوجه ولا سبب كتحريم الأم والأخت وما أشبهه. وقال القرطبي في تفسيره (٥: ١٠٧) :"وتحريم الأمهات عام في كل حال، لا يتخصص بوجه من الوجوه، ولهذا يسميه أهل العلم: (المبهم)، أي لا باب فيه ولا طريق إليه، لانسداد التحريم وقوته". وسأسوق لك ما قاله الأزهري في تفسيرها قال: "رأيت كثيرًا من أهل العلم يذهبون بهذا إلى إبهام الأمر واستبهامه، وهو إشكاله = وهو غلط. قال: وكثير من ذوي المعرفة لا يميزون بين المبهم وغير المبهم من ألوان الخيل الذي لا شية فيه تخالف معظم لونه.
قال: ولما سئل ابن عباس عن قوله: "وأمهات نسائكم" ولم يبين الله الدخول بهن، أجاب فقال: هذا من مبهم التحريم، الذي لا وجه فيه غير التحريم، سواء دخلتم بالنساء أو لم تدخلوا بهن. فأمهات نسائكم حرمن عليكم من جميع الجهات.
وأما قوله: "وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن"، فالربائب ههنا لسن من المبهمات، لأن لهن وجهين مبينين: أحللن في أحدهما، وحرمن في الآخر. فإذا دخل بأمهات الربائب حرمت الربائب، وإن لم يدخل بأمهات الربائب لم يحرمن"
فهذا تفسير"المبهم" الذي أراده ابن عباس فافهمه".
وعقب على هذا ابن الأثير فقال: "هذا التفسير من الأزهري، إنما هو للربائب والأمهات، لا الحلائل، وهو في أول الحديث إنما جعل سؤال ابن عباس عن الحلائل لا عن الربائب"، وهو تعقيب غير جيد.
ثم انظر"الإنصاف" للبطليوسي: ٢٨، ٢٩.
(٢) "المبهمات" هن من المحرمات: ما لا يحل بوجه ولا سبب كتحريم الأم والأخت وما أشبهه. وقال القرطبي في تفسيره (٥: ١٠٧) :"وتحريم الأمهات عام في كل حال، لا يتخصص بوجه من الوجوه، ولهذا يسميه أهل العلم: (المبهم)، أي لا باب فيه ولا طريق إليه، لانسداد التحريم وقوته". وسأسوق لك ما قاله الأزهري في تفسيرها قال: "رأيت كثيرًا من أهل العلم يذهبون بهذا إلى إبهام الأمر واستبهامه، وهو إشكاله = وهو غلط. قال: وكثير من ذوي المعرفة لا يميزون بين المبهم وغير المبهم من ألوان الخيل الذي لا شية فيه تخالف معظم لونه.
قال: ولما سئل ابن عباس عن قوله: "وأمهات نسائكم" ولم يبين الله الدخول بهن، أجاب فقال: هذا من مبهم التحريم، الذي لا وجه فيه غير التحريم، سواء دخلتم بالنساء أو لم تدخلوا بهن. فأمهات نسائكم حرمن عليكم من جميع الجهات.
وأما قوله: "وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن"، فالربائب ههنا لسن من المبهمات، لأن لهن وجهين مبينين: أحللن في أحدهما، وحرمن في الآخر. فإذا دخل بأمهات الربائب حرمت الربائب، وإن لم يدخل بأمهات الربائب لم يحرمن"
فهذا تفسير"المبهم" الذي أراده ابن عباس فافهمه".
وعقب على هذا ابن الأثير فقال: "هذا التفسير من الأزهري، إنما هو للربائب والأمهات، لا الحلائل، وهو في أول الحديث إنما جعل سؤال ابن عباس عن الحلائل لا عن الربائب"، وهو تعقيب غير جيد.
ثم انظر"الإنصاف" للبطليوسي: ٢٨، ٢٩.
143
تزوَّج امرأةً أمُّها، (١) دخل بامرأته التي نكحها أو لم يدخل بها. وقالوا: شرطُ الدخول في الرَّبيبة دون الأم، فأما أمُّ المرأة فمُطْلقة بالتحريم. قالوا: ولو جاز أن يكون شرطُ الدخول في قوله:"وربائبكم اللاتي في حُجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن"، يرجع موصولا به قوله:"وأمهات نسائكم"، (٢) جاز أن يكون الاستثناء في قوله:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم" من جميع المحرّمات بقوله:"حرّمت عليكم"، الآية. قالوا: وفي إجماع الجميع على أنّ الاستثناء في ذلك إنما هو مما وَلِيَه من قوله:"والمحصنات"، أبينُ الدِّلالة على أن الشرط في قوله:"من نسائكم اللاتي دخلتم بهن"، مما وَليه من قوله:"وربائبكم اللاتي في حجوركم من نِسَائكم اللاتي دخلتم بهن"، دون أمَّهات نسائنا.
* * *
وروي عن بعض المتقدِّمين أنه كان يقول: حلالٌ نكاح أمَّهات نسائنا اللواتي لم ندخل بهن، وأنّ حكمهن في ذلك حكم الربائب.
*ذكر من قال ذلك:
٨٩٥١ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي وعبد الأعلى، عن سعيد، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، عن علي رضي الله عنه: في رجل
* * *
وروي عن بعض المتقدِّمين أنه كان يقول: حلالٌ نكاح أمَّهات نسائنا اللواتي لم ندخل بهن، وأنّ حكمهن في ذلك حكم الربائب.
*ذكر من قال ذلك:
٨٩٥١ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي وعبد الأعلى، عن سعيد، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، عن علي رضي الله عنه: في رجل
(١) يعني: والذي تزوج امرأة فحرام عليه أمها.
(٢) في المخطوطة: "موضع موصولا به"، ولا معنى لها، وفي المطبوعة: "فوضع موصولا به" ولا معنى لها أيضًا، واستظهرت صحتها"يرجع موصولا به"، أي أن الشرط راجع إلى أمهات النساء والربائب جميعًا.
(٢) في المخطوطة: "موضع موصولا به"، ولا معنى لها، وفي المطبوعة: "فوضع موصولا به" ولا معنى لها أيضًا، واستظهرت صحتها"يرجع موصولا به"، أي أن الشرط راجع إلى أمهات النساء والربائب جميعًا.
144
تزوّج امرأة فطلّقها قبل أن يدخل بها، أيتزوَّج أمها؟ قال: هي بمنزلة الربيبة.
٨٩٥٢ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد قال، حدثنا قتادة، عن خلاس، عن علي رضي الله عنه قال: هي بمنزلة الربيبة. (١)
٨٩٥٣ - حدثنا حميد قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد قال، حدثنا قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن زيد بن ثابت: أنه كان يقول: إذا ماتت عنده وأخذَ ميراثها، كُرِه أن يخلُف على أمِّها. وإذا طلَّقها قبل أن يدخُل بها، فإن شاءَ فعل.
٨٩٥٤ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى بن سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن زيد بن ثابت قال: إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخُل بها، فلا بأس أن يتزوج أمَّها.
٨٩٥٥ - حدثنا القاسم قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، أخبرني عكرمة بن خالد: أن مجاهدًا قال له:"وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم"، أريد بهما الدُّخُول جميعًا. (٢)
* * *
قال أبو جعفر: والقول الأول أولى بالصواب، أعني قولَ من قال:"الأمّ من المبهمات". لأن الله لم يشرط معهن الدخول ببناتهن، كما شرط ذلك مع
٨٩٥٢ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد قال، حدثنا قتادة، عن خلاس، عن علي رضي الله عنه قال: هي بمنزلة الربيبة. (١)
٨٩٥٣ - حدثنا حميد قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد قال، حدثنا قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن زيد بن ثابت: أنه كان يقول: إذا ماتت عنده وأخذَ ميراثها، كُرِه أن يخلُف على أمِّها. وإذا طلَّقها قبل أن يدخُل بها، فإن شاءَ فعل.
٨٩٥٤ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى بن سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن زيد بن ثابت قال: إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخُل بها، فلا بأس أن يتزوج أمَّها.
٨٩٥٥ - حدثنا القاسم قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، أخبرني عكرمة بن خالد: أن مجاهدًا قال له:"وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم"، أريد بهما الدُّخُول جميعًا. (٢)
* * *
قال أبو جعفر: والقول الأول أولى بالصواب، أعني قولَ من قال:"الأمّ من المبهمات". لأن الله لم يشرط معهن الدخول ببناتهن، كما شرط ذلك مع
(١) الأثران: ٨٩٥١، ٨٩٥٢ -"خلاس بن عمرو الهجري" ثقة، تكلموا في سماعه من علي، وأن حديثه عنه من صحيفة كانت عنده، ونص البخاري على ذلك في التاريخ الكبير ٢ / ١ / ٢٠٨. فمن أجل ذلك قال القرطبي في هذا الأثر: "وحديث خلاس عن علي لا تقوم به حجة، ولا تصح روايته عند أهل العلم بالحديث، والصحيح عنه مثل قول الجماعة".
(٢) الأثر: ٨٩٥٥ -"عكرمة بن خالد بن العاص بن هشام المخزومي"، روى عن أبيه وأبي هريرة وابن عباس وابن عمر وغيرهم. وهو ثقة. وقال بعضهم: "منكر الحديث" وإنما خلط بينه وبين"عكرمة بن خالد بن سلمة بن العاص بن هشام المخزومي"، وهما مختلفان.
وانظر ما قاله ابن كثير في هذا الباب من تفسيره ٢: ٣٩٢-٣٩٤، وذكر هذه الآثار.
(٢) الأثر: ٨٩٥٥ -"عكرمة بن خالد بن العاص بن هشام المخزومي"، روى عن أبيه وأبي هريرة وابن عباس وابن عمر وغيرهم. وهو ثقة. وقال بعضهم: "منكر الحديث" وإنما خلط بينه وبين"عكرمة بن خالد بن سلمة بن العاص بن هشام المخزومي"، وهما مختلفان.
وانظر ما قاله ابن كثير في هذا الباب من تفسيره ٢: ٣٩٢-٣٩٤، وذكر هذه الآثار.
145
أمهات الرَّبائب، مع أن ذلك أيضًا إجماعٌ من الحجة التي لا يجوز خِلافُها فيما جاءت به متفقة عليه. وقد روي بذلك أيضًا عن النبي ﷺ خبرٌ، غيرَ أنَّ في إسناده نظرًا، وهو ما:-
٨٩٥٦ - حدثنا به المثنى قال، حدثنا حبان بن موسى قال، أخبرنا ابن المبارك قال، أخبرنا المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي ﷺ قال: إذا نكح الرجلُ المرأة، فلا يحل له أن يتزوج أمَّها، دخل بالابنة أم لم يدخل. وإذا تزوج الأمَّ فلم يدخل بها ثم طلقها، فإن شاء تزوَّج الابنة. (١)
* * *
قال أبو جعفر: وهذا خبر، وإن كان في إسناده ما فيه، فان في إجماع الحجة على صحة القول به، مستغنىً عن الاستشهاد على صِحَّته بغيره.
٨٩٥٧ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال لعطاء: الرجل ينكح المرأة لم يَرَها ولم يجامعها حتى يطلقها، (٢)
٨٩٥٦ - حدثنا به المثنى قال، حدثنا حبان بن موسى قال، أخبرنا ابن المبارك قال، أخبرنا المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي ﷺ قال: إذا نكح الرجلُ المرأة، فلا يحل له أن يتزوج أمَّها، دخل بالابنة أم لم يدخل. وإذا تزوج الأمَّ فلم يدخل بها ثم طلقها، فإن شاء تزوَّج الابنة. (١)
* * *
قال أبو جعفر: وهذا خبر، وإن كان في إسناده ما فيه، فان في إجماع الحجة على صحة القول به، مستغنىً عن الاستشهاد على صِحَّته بغيره.
٨٩٥٧ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال لعطاء: الرجل ينكح المرأة لم يَرَها ولم يجامعها حتى يطلقها، (٢)
(١) الحديث: ٨٩٥٦ - المثنى بن الصباح الأبناوي المكي: مضت له ترجمة في: ٤٦١١. ونزيد هنا أنا نرى أن حديثه حسن، لأنه اختلط أخيرًا، كما فصلنا في شرح المسند، في الحديث: ٦٨٩٣.
ومن أجل الكلام فيه ذهب الطبري إلى أن في إسناد هذا الحديث نظرًا.
وقد رواه البيهقي أيضًا في السنن الكبرى ٧: ١٦٠، من طريق ابن المبارك، عن المثنى بن الصباح. ثم قال البيهقي: "مثنى بن الصباح: غير قوي".
ولكن المثنى لم ينفرد بروايته. فقد رواه البيهقي أيضًا - عقب رواية المثنى - من طريق ابن لهيعة، عن عمر بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنحوه، فهذه متابعة قوية للمثنى، ترفع ما قد يظن من خطئه في روايته. والحديث نقله ابن كثير عن رواية الطبري هذه ٢: ٣٩٤، ضمن ما نقله من كلام الطبري في هذا الموضع.
وذكره السيوطي ٢: ١٣٥ وزاد نسبته لعبد الرزاق، وعبد بن حميد. ونص على أن البيهقي رواه من طريقين وهما اللتان ذكرناهما.
(٢) في المخطوطة والمطبوعة: "لم يرها ولا يجامعها حتى يطلقها"، وأثبت ما في الدر المنثور ٢: ١٣٥، فهو أجود، وقد مضى في الأثر رقم: ٨٩٤١، "ثم لا يراها حتى يطلقها"، وانظر تخريج الأثر.
ومن أجل الكلام فيه ذهب الطبري إلى أن في إسناد هذا الحديث نظرًا.
وقد رواه البيهقي أيضًا في السنن الكبرى ٧: ١٦٠، من طريق ابن المبارك، عن المثنى بن الصباح. ثم قال البيهقي: "مثنى بن الصباح: غير قوي".
ولكن المثنى لم ينفرد بروايته. فقد رواه البيهقي أيضًا - عقب رواية المثنى - من طريق ابن لهيعة، عن عمر بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنحوه، فهذه متابعة قوية للمثنى، ترفع ما قد يظن من خطئه في روايته. والحديث نقله ابن كثير عن رواية الطبري هذه ٢: ٣٩٤، ضمن ما نقله من كلام الطبري في هذا الموضع.
وذكره السيوطي ٢: ١٣٥ وزاد نسبته لعبد الرزاق، وعبد بن حميد. ونص على أن البيهقي رواه من طريقين وهما اللتان ذكرناهما.
(٢) في المخطوطة والمطبوعة: "لم يرها ولا يجامعها حتى يطلقها"، وأثبت ما في الدر المنثور ٢: ١٣٥، فهو أجود، وقد مضى في الأثر رقم: ٨٩٤١، "ثم لا يراها حتى يطلقها"، وانظر تخريج الأثر.
146
أيحل له أمها؟ قال: لا هي مُرسلة. قلت لعطاء: أكان ابن عباس يقرأ:"وأمهات نسائكم اللاتي دخلتم بهن"؟ قال:"لا"، تترى = (١) قال حجاج، قلت لابن جريج: ما"تترى" = (٢) ؟ قال: كأنه قال: لا! لا! (٣)
* * *
وأما"الربائب" فإنه جمع"ربيبة"، وهي ابنة امرأة الرجل. قيل لها"ربيبة" لتربيته إياها، وإنما هي"مربوبة" صرفت إلى"ربيبة"، كما يقال:"هي قتيلة" من"مقتولة". (٤) وقد يقال لزوج المرأة:"هو ربيب ابن امرأته"، يعني به:"هو رَابُّه"، كما يقال:"هو خابر، وخبير" و"شاهد، وشهيد". (٥)
* * *
واختلف أهل التأويل في معنى قوله:"من نسائكم اللاتي دخلتم بهن".
فقال بعضهم: معنى"الدخول" في هذا الموضع، الجماعُ.
*ذكر من قال ذلك:
٨٩٥٨ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية
* * *
وأما"الربائب" فإنه جمع"ربيبة"، وهي ابنة امرأة الرجل. قيل لها"ربيبة" لتربيته إياها، وإنما هي"مربوبة" صرفت إلى"ربيبة"، كما يقال:"هي قتيلة" من"مقتولة". (٤) وقد يقال لزوج المرأة:"هو ربيب ابن امرأته"، يعني به:"هو رَابُّه"، كما يقال:"هو خابر، وخبير" و"شاهد، وشهيد". (٥)
* * *
واختلف أهل التأويل في معنى قوله:"من نسائكم اللاتي دخلتم بهن".
فقال بعضهم: معنى"الدخول" في هذا الموضع، الجماعُ.
*ذكر من قال ذلك:
٨٩٥٨ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية
(١) في المطبوعة: "لا تبرأ"، ثم في الذي يليه"ما تبرأ"، وهو خطأ، لم يحسن قراءة المخطوطة، وفيها: "تترى" غير منقوطة. وصواب قراءتها ما أثبت. وقوله: "تترى"، أي: متتابعة، واحدة بعد واحدة، وقد جاء السؤال عن"تترى" أيضًا في حديث رواه ابن سعد ٢ / ٢ / ١٣١، عن قباث بن أشيم الليثي، وجاء تفسيرها فيه"متفرقين".
(٢) في المطبوعة: "لا تبرأ"، ثم في الذي يليه"ما تبرأ"، وهو خطأ، لم يحسن قراءة المخطوطة، وفيها: "تترى" غير منقوطة. وصواب قراءتها ما أثبت. وقوله: "تترى"، أي: متتابعة، واحدة بعد واحدة، وقد جاء السؤال عن"تترى" أيضًا في حديث رواه ابن سعد ٢ / ٢ / ١٣١، عن قباث بن أشيم الليثي، وجاء تفسيرها فيه"متفرقين".
(٣) الأثر: ٨٥٩٧ - مضى هذا الأثر مختصرًا بإسناده، وبغير هذا اللفظ فيما سلف قريبًا رقم: ٨٩٤١، وانظر التعليق عليه هناك.
(٤) في المطبوعة والمخطوطة: "قبيلة من مقبولة" بالباء الموحدة، وليس صوابا، بل الصواب ما أثبت، ولعل الناسخ كتب ما كتب، لأنهم قالوا: "رجل قتيل، وامرأة قتيل"، فهذا هو المشهور، ولكنه أغفل أنهم إذا تركوا ذكر المرأة قالوا: "هذه قتيلة بني فلان" وقالوا: "مررت بقتيلة"، ولم يقولوا في هذا"مررت بقتيل".
(٥) في المطبوعة: "جابر وجبير" بالجيم، وفي المخطوطة، أهمل نقط الأولى، ونقط الثانية جيما، وهو خطأ، ليس في العربية شيء من ذلك، بل الصواب ما أثبت و"الخابر والخبير": العالم بالخبر.
(٢) في المطبوعة: "لا تبرأ"، ثم في الذي يليه"ما تبرأ"، وهو خطأ، لم يحسن قراءة المخطوطة، وفيها: "تترى" غير منقوطة. وصواب قراءتها ما أثبت. وقوله: "تترى"، أي: متتابعة، واحدة بعد واحدة، وقد جاء السؤال عن"تترى" أيضًا في حديث رواه ابن سعد ٢ / ٢ / ١٣١، عن قباث بن أشيم الليثي، وجاء تفسيرها فيه"متفرقين".
(٣) الأثر: ٨٥٩٧ - مضى هذا الأثر مختصرًا بإسناده، وبغير هذا اللفظ فيما سلف قريبًا رقم: ٨٩٤١، وانظر التعليق عليه هناك.
(٤) في المطبوعة والمخطوطة: "قبيلة من مقبولة" بالباء الموحدة، وليس صوابا، بل الصواب ما أثبت، ولعل الناسخ كتب ما كتب، لأنهم قالوا: "رجل قتيل، وامرأة قتيل"، فهذا هو المشهور، ولكنه أغفل أنهم إذا تركوا ذكر المرأة قالوا: "هذه قتيلة بني فلان" وقالوا: "مررت بقتيلة"، ولم يقولوا في هذا"مررت بقتيل".
(٥) في المطبوعة: "جابر وجبير" بالجيم، وفي المخطوطة، أهمل نقط الأولى، ونقط الثانية جيما، وهو خطأ، ليس في العربية شيء من ذلك، بل الصواب ما أثبت و"الخابر والخبير": العالم بالخبر.
147
بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"من نسائكم اللاتي دخلتم بهن"، والدخول النكاح.
* * *
وقال آخرون:"الدخول" في هذا الموضع: هو التَّجريد.
*ذكر من قال ذلك:
٨٩٥٩ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، قلت لعطاء: قوله:"اللاتي دخلتم بهن"، ما"الدّخول بهن"؟ قال: أن تُهْدَى إليه فيكشف ويَعْتسَّ، ويجلس بين رجليها. (١) قلت: أرأيت إن فعل ذلك في بيتِ أهلها؟ قال: هو سواءٌ، وَحسْبُه! قد حرَّم ذلك عليه ابنتَها. قلت: تحرم الربيبة مِمَّن يصنع هذا بأمها؟ ألا يحرُم عليَّ من أمَتي إن صنعته بأمها؟ (٢) قال: نعم، سواء. قال عطاء: إذا كشف الرجل أَمته وجلس بين رجليها، أنهاه عن أمِّها وابنتها.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين عندي بالصواب في تأويل ذلك، ما قاله ابن عباس، من أنّ معنى:"الدخول" الجماع والنكاح. لأن ذلك لا يخلو معناه من أحد أمرين: إما أن يكون على الظاهر المتعارَف من معاني"الدخول" في الناس، وهو الوصول إليها بالخلوة بها = أو يكون بمعنى الجماع. وفي إجماع الجميع على أن خلوة الرجل بامرأته لا يحرِّم عليه ابنتها إذا طلِّقها قبل مَسِيسها ومُباشرتها، أو قبل النَّظر إلى فرجها بالشهوة، ما يدلُّ على أن معنى ذلك هو الوصول إليها بالجماع.
* * *
وقال آخرون:"الدخول" في هذا الموضع: هو التَّجريد.
*ذكر من قال ذلك:
٨٩٥٩ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، قلت لعطاء: قوله:"اللاتي دخلتم بهن"، ما"الدّخول بهن"؟ قال: أن تُهْدَى إليه فيكشف ويَعْتسَّ، ويجلس بين رجليها. (١) قلت: أرأيت إن فعل ذلك في بيتِ أهلها؟ قال: هو سواءٌ، وَحسْبُه! قد حرَّم ذلك عليه ابنتَها. قلت: تحرم الربيبة مِمَّن يصنع هذا بأمها؟ ألا يحرُم عليَّ من أمَتي إن صنعته بأمها؟ (٢) قال: نعم، سواء. قال عطاء: إذا كشف الرجل أَمته وجلس بين رجليها، أنهاه عن أمِّها وابنتها.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين عندي بالصواب في تأويل ذلك، ما قاله ابن عباس، من أنّ معنى:"الدخول" الجماع والنكاح. لأن ذلك لا يخلو معناه من أحد أمرين: إما أن يكون على الظاهر المتعارَف من معاني"الدخول" في الناس، وهو الوصول إليها بالخلوة بها = أو يكون بمعنى الجماع. وفي إجماع الجميع على أن خلوة الرجل بامرأته لا يحرِّم عليه ابنتها إذا طلِّقها قبل مَسِيسها ومُباشرتها، أو قبل النَّظر إلى فرجها بالشهوة، ما يدلُّ على أن معنى ذلك هو الوصول إليها بالجماع.
(١) في المطبوعة: "يعس"، وفي المخطوطة"يعيس"، وصواب قراءتها ما أثبت. يقال: "اعتس الشيء"، لمسه ورازه ليعرف خبره. وهو من الألفاظ التي لم تبين معناها كتب اللغة، ولكن معناها مفرق في أثناء كلامها.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "ألا ما يحرم علي من أمتي"، وهو غير مستقيم، وكأن الصواب المحض ما أثبته.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "ألا ما يحرم علي من أمتي"، وهو غير مستقيم، وكأن الصواب المحض ما أثبته.
148
وإذْ كان ذلك كذلك، فمعلوم أن الصحيح من التأويل في ذلك ما قلناه.
* * *
وأما قوله:"فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم"، فإنه يقول: فإن لم تكونوا، أيها الناس، دخلتم بأمهات ربائبكم اللاتي في حجوركم فجامعتموهن حتى طلقتموهن ="فلا جناح عليكم"، يقول: فلا حرج عليكم في نكاح من كان من ربائبكم كذلك. (١)
* * *
وأما قوله:"وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم"، فإنه يعني: وأزواج أبنائكم الذين من أصلابكم.
* * *
وهي جمع"حليلة" وهي امرأته. وقيل: سميت امرأة الرجل"حليلته"، لأنها تحلُّ معه في فراش واحد.
* * *
ولا خلاف بين جميع أهل العلم أن حليلة ابن الرجل، حرامٌ عليه نكاحها بعقد ابنه عليها النكاح، دخل بها أو لم يدخل بها.
* * *
فإن قال قائل: فما أنت قائلٌ في حلائل الأبناء من الرضاع، فإن الله تعالى إنما حرم حلائل أبنائِنا من أصلابنا؟
قيل: إن حلائل الأبناء من الرضاع، وحلائل الأبناء من الأصلاب، سواء في التحريم. وإنما قال:"وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم"، لأن معناه: وحلائل أبنائكم الذين ولدتموهم، دون حلائل أبنائكم الذين تبنيتموهم، كما:-
٨٩٦٠ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: قوله:"وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم"،
* * *
وأما قوله:"فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم"، فإنه يقول: فإن لم تكونوا، أيها الناس، دخلتم بأمهات ربائبكم اللاتي في حجوركم فجامعتموهن حتى طلقتموهن ="فلا جناح عليكم"، يقول: فلا حرج عليكم في نكاح من كان من ربائبكم كذلك. (١)
* * *
وأما قوله:"وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم"، فإنه يعني: وأزواج أبنائكم الذين من أصلابكم.
* * *
وهي جمع"حليلة" وهي امرأته. وقيل: سميت امرأة الرجل"حليلته"، لأنها تحلُّ معه في فراش واحد.
* * *
ولا خلاف بين جميع أهل العلم أن حليلة ابن الرجل، حرامٌ عليه نكاحها بعقد ابنه عليها النكاح، دخل بها أو لم يدخل بها.
* * *
فإن قال قائل: فما أنت قائلٌ في حلائل الأبناء من الرضاع، فإن الله تعالى إنما حرم حلائل أبنائِنا من أصلابنا؟
قيل: إن حلائل الأبناء من الرضاع، وحلائل الأبناء من الأصلاب، سواء في التحريم. وإنما قال:"وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم"، لأن معناه: وحلائل أبنائكم الذين ولدتموهم، دون حلائل أبنائكم الذين تبنيتموهم، كما:-
٨٩٦٠ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: قوله:"وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم"،
(١) انظر تفسير"الجناح" فيما سلف ٣: ٢٣٠، ٢٣١ / ٤: ١٦٢، ٥٦٦ / ٥: ٧٠، ١١٧، ١٣٨.
149
قال: كنا نُحدَّث، (١) والله أعلم، أنها نزلت في محمد صلى الله عليه وسلم. حين نكح امرأة زَيْد بن حارثة، قال المشركون في ذلك، فنزلت:"وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم"، ونزلت: (وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ) [سورة الأحزاب: ٤]، ونزلت: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ) [سورة الأحزاب: ٤٠]
* * *
وأما قوله:"وأن تجمعوا بين الأختين" فإن معناه: وحرم عليكم أن تجمعوا بين الأختين عندكم بنكاح = ف"أن" في موضع رفع، كأنه قيل: والجمع بين الأختين. (٢)
* * *
="إلا ما قد سلف" لكن ما قد مضى منكم (٣) ="إن الله كان غفورًا" (٤) لذنوب عباده إذا تابوا إليه منها ="رحيما" بهم فيما كلَّفهم من الفرائض، وخفَّف عنهم فلم يحمِّلهم فوق طاقتهم.
يخبر بذلك جل ثناؤه: أنه غفور لمن كان جمع بين الأختين بنكاح في جاهليته، وقبلَ تحريمه ذلك، إذا اتقى الله تبارك وتعالى بعدَ تحريمه ذلك عليه، فأطاعه باجتنابه = رحيمٌ به وبغيره من أهل طاعته من خَلْقِه.
* * *
* * *
وأما قوله:"وأن تجمعوا بين الأختين" فإن معناه: وحرم عليكم أن تجمعوا بين الأختين عندكم بنكاح = ف"أن" في موضع رفع، كأنه قيل: والجمع بين الأختين. (٢)
* * *
="إلا ما قد سلف" لكن ما قد مضى منكم (٣) ="إن الله كان غفورًا" (٤) لذنوب عباده إذا تابوا إليه منها ="رحيما" بهم فيما كلَّفهم من الفرائض، وخفَّف عنهم فلم يحمِّلهم فوق طاقتهم.
يخبر بذلك جل ثناؤه: أنه غفور لمن كان جمع بين الأختين بنكاح في جاهليته، وقبلَ تحريمه ذلك، إذا اتقى الله تبارك وتعالى بعدَ تحريمه ذلك عليه، فأطاعه باجتنابه = رحيمٌ به وبغيره من أهل طاعته من خَلْقِه.
* * *
(١) في المخطوطة والمطبوعة: "كنا نتحدث"، وهو خطأ، والصواب ما أثبت، لأن عطاء يروي ما سمعه من أهل العلم من شيوخه. وانظر ابن كثير ٢: ٣٩٦.
(٢) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٦٠.
(٣) انظر تفسير"إلا"، وتفسير"سلف" فيما سلف قريبًا: ١٣٧، ١٣٨، تعليق: ٥٠.
(٤) في المخطوطة والمطبوعة: "فإن الله"، فأثبتها على منهجه في التفسير، بذكر نص الآية.
(٢) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٦٠.
(٣) انظر تفسير"إلا"، وتفسير"سلف" فيما سلف قريبًا: ١٣٧، ١٣٨، تعليق: ٥٠.
(٤) في المخطوطة والمطبوعة: "فإن الله"، فأثبتها على منهجه في التفسير، بذكر نص الآية.
150
القول في تأويل قوله: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: حرمت عليكم المحصناتُ من النساءِ، إلا ما ملكت أيمانكم.
* * *
واختلف أهل التأويل في"المحصنات" التي عناهن الله في هذه الآية.
فقال بعضهم: هن ذواتُ الأزواج غير المسبيَّات منهن، و"ملكُ اليمين": السَّبايا اللواتي فرَّق بينهن وبين أزواجهن السِّبَاء، فحللن لمن صِرْن له بملك اليمين، من غير طلاق كان من زوجها الحرْبيّ لها.
*ذكر من قال ذلك:
٨٩٦١ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا إسرائيل، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كل ذات زوج، إتيانها زنًا، إلا ما سَبَيْتَ.
٨٩٦٢ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن عطيّة قال، حدثنا إسرائيل، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مثله. (١)
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: حرمت عليكم المحصناتُ من النساءِ، إلا ما ملكت أيمانكم.
* * *
واختلف أهل التأويل في"المحصنات" التي عناهن الله في هذه الآية.
فقال بعضهم: هن ذواتُ الأزواج غير المسبيَّات منهن، و"ملكُ اليمين": السَّبايا اللواتي فرَّق بينهن وبين أزواجهن السِّبَاء، فحللن لمن صِرْن له بملك اليمين، من غير طلاق كان من زوجها الحرْبيّ لها.
*ذكر من قال ذلك:
٨٩٦١ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا إسرائيل، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كل ذات زوج، إتيانها زنًا، إلا ما سَبَيْتَ.
٨٩٦٢ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن عطيّة قال، حدثنا إسرائيل، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مثله. (١)
(١) الأثران: ٨٩٦١ -٨٩٦٢ - في الإسناد الأول: "عبد الرحمن"، هو: عبد الرحمن بن مهدي، سلف مرارًا. و"إسرائيل" هو: "إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، ثقة، سلف برقم: ١٢٩١، ١٢٣٩ وغيرها. و"أبو حصين" هو: عثمان بن عاصم بن حصين الأسدي، ثقة. سلف برقم: ٦٤٢، ٦٤٣. وفي الإسناد الثاني: "ابن عطية" هو: الحسن بن عطية بن نجيح الكوفي، سلف برقم: ١٩٣٩، ٤٩٦٢.
وهذا الأثر، أخرجه الحاكم في المستدرك ٢: ٣٠٤، من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن شعبة، عن أبي حصين، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي = وأخرجه من طريقه أيضًا البيهقي في السنن الكبرى ٧: ١٦٧.
وهذا الأثر، أخرجه الحاكم في المستدرك ٢: ٣٠٤، من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن شعبة، عن أبي حصين، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي = وأخرجه من طريقه أيضًا البيهقي في السنن الكبرى ٧: ١٦٧.
151
٨٩٦٣ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم"، يقول: كل امرأة لها زوجٌ فهي عليك حرام، إلا أمةٌ ملكتها ولها زوجٌ بأرض الحربِ، فهي لك حلال إذا استبرأتَها. (١)
٨٩٦٤ - وحدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن خالد، عن أبي قلابة في قوله:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم"، قال: ما سبَيْتُم من النساء. إذا سبيتَ المرأة ولها زوج في قومها، فلا بأس أن تطأها.
٨٩٦٥ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم"، قال: كل امرأة محصنة لها زوج فهي مُحرَّمة، إلا ما ملكت يمينك من السبي وهي محصنة لها زوج، فلا تحرُم عليك به. قال: كان أبي يقول ذلك.
٨٩٦٦ - حدثني المثنى قال، حدثنا عتبة بن سعيد الحمصي قال، حدثنا سعيد، عن مكحول في قوله:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم" قال: السبايا. (٢)
* * *
واعتلّ قائلو هذه المقالة، بالأخبار التي رويت أن هذه الآية نزلت فيمن سُبي من أَوْطاس.
ذكر الرواية بذلك:
٨٩٦٧ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن
٨٩٦٤ - وحدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن خالد، عن أبي قلابة في قوله:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم"، قال: ما سبَيْتُم من النساء. إذا سبيتَ المرأة ولها زوج في قومها، فلا بأس أن تطأها.
٨٩٦٥ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم"، قال: كل امرأة محصنة لها زوج فهي مُحرَّمة، إلا ما ملكت يمينك من السبي وهي محصنة لها زوج، فلا تحرُم عليك به. قال: كان أبي يقول ذلك.
٨٩٦٦ - حدثني المثنى قال، حدثنا عتبة بن سعيد الحمصي قال، حدثنا سعيد، عن مكحول في قوله:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم" قال: السبايا. (٢)
* * *
واعتلّ قائلو هذه المقالة، بالأخبار التي رويت أن هذه الآية نزلت فيمن سُبي من أَوْطاس.
ذكر الرواية بذلك:
٨٩٦٧ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن
(١) في المخطوطة: "إذا استبريتها"، كأنه لين الهمزة.
(٢) الأثر: ٨٩٦٦ -"عتبة بن سعيد بن حبان بن الرحض السلمي الحمصي"، يقال له: "وجين". ذكره ابن حبان في الثقات.
و"سعيد" الراوي عن مكحول، كأنه"سعيد بن عبد العزيز بن أبي يحيى التنوخي"، صاحب مكحول. وقد سلفت روايته عنه برقم: ٣٩٩٧.
(٢) الأثر: ٨٩٦٦ -"عتبة بن سعيد بن حبان بن الرحض السلمي الحمصي"، يقال له: "وجين". ذكره ابن حبان في الثقات.
و"سعيد" الراوي عن مكحول، كأنه"سعيد بن عبد العزيز بن أبي يحيى التنوخي"، صاحب مكحول. وقد سلفت روايته عنه برقم: ٣٩٩٧.
152
قتادة، عن أبي الخليل، عن أبي علقمة الهاشمي، عن أبي سعيد الخدري: أن نبيَّ الله ﷺ يوم حنين بعثَ جيشًا إلى أوطاس، فلقوا عدوًّا، فأصابوا سبايَا لهن أزواجٌ من المشركين، فكان المسلمون يتأثَّمون من غشيانهن، فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم"، أي: هُنّ حلال لكم إذا ما انقضت عِدَدهن. (١)
٨٩٦٨ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن صالح أبي الخليل: أن أبا علقمة الهاشمي حدَّث، أنّ أبا سعيد الخدري حدث: أن نبيّ الله ﷺ بعث يوم حُنين سريَّة، فأصابوا حيًّا من أحياء العرب يومَ أوطاس، فهزموهم وأصابوا لهم سبايَا، فكان ناسٌ من أصحاب رسول الله ﷺ يتأثَّمون من غشيانهن من أجل أزواجهن، فأنزل الله تبارك وتعالى:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم" منهن، فحلالٌ لكم ذلك.
٨٩٦٩ - حدثني علي بن سعيد الكناني قال، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن أشعث بن سوار، عن عثمان البتي، عن أبي الخليل، عن أبي سعيد الخدري قال: لما سبىَ رسولُ الله ﷺ أهلَ أوطاس، قلنا: يا رسول الله، كيف نقَعُ على نساء قد عرفنا أنسابَهنَّ وأزواجَهن؟ قال: فنزلت هذه الآية:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم".
٨٩٧٠ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن عثمان البتي، [عن أبي الخليل]، عن أبي سعيد الخدري قال: أصبنا نساءً من سَبْي أوطاس لهنّ أزواج، فكرهنا أن نقع عليهن ولهنَّ أزواج، فسألنا النبي صلى الله
٨٩٦٨ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن صالح أبي الخليل: أن أبا علقمة الهاشمي حدَّث، أنّ أبا سعيد الخدري حدث: أن نبيّ الله ﷺ بعث يوم حُنين سريَّة، فأصابوا حيًّا من أحياء العرب يومَ أوطاس، فهزموهم وأصابوا لهم سبايَا، فكان ناسٌ من أصحاب رسول الله ﷺ يتأثَّمون من غشيانهن من أجل أزواجهن، فأنزل الله تبارك وتعالى:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم" منهن، فحلالٌ لكم ذلك.
٨٩٦٩ - حدثني علي بن سعيد الكناني قال، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن أشعث بن سوار، عن عثمان البتي، عن أبي الخليل، عن أبي سعيد الخدري قال: لما سبىَ رسولُ الله ﷺ أهلَ أوطاس، قلنا: يا رسول الله، كيف نقَعُ على نساء قد عرفنا أنسابَهنَّ وأزواجَهن؟ قال: فنزلت هذه الآية:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم".
٨٩٧٠ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن عثمان البتي، [عن أبي الخليل]، عن أبي سعيد الخدري قال: أصبنا نساءً من سَبْي أوطاس لهنّ أزواج، فكرهنا أن نقع عليهن ولهنَّ أزواج، فسألنا النبي صلى الله
(١) الأحاديث: ٨٩٦٧ - ٨٩٧١ - هذه أسانيد خمسة لحديث واحد. وأبو الخليل: هو صالح بن أبي مريم. مضى توثيقه وترجمته في: ١٨٩٩. وقد اختلف عليه فيه: بين روايته عن أبي سعيد الخدري مباشرة، وبين روايته عنه بواسطة أبي علقمة الهاشمي بينهما. بل إن الخلاف في ذلك على قتادة، لا على أبي الخليل، كما سيأتي، إن شاء الله.
وأبو علقمة الهاشمي: هو المصري مولى بني هاشم. وهو تابعي ثقة.
وسعيد - في الإسنادين الأولين: هو ابن أبي عروبة.
وعثمان البتي - في إسنادين منهما -: هو عثمان بن مسلم البصري. وهو ثقة، وثقه أحمد وابن معين، وابن سعد، وغيرهم. و"البتي" - بفتح الباء الموحدة وتشديد التاء المثناة: نسبة إلى"البت"، اسم موضع.
وقد جزم المزي في تهذيب الكمال، وتبعه الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب، بأن رواية أبي الخليل عن أبي سعيد مرسلة! هكذا دون دليل! مع أن مسلمًا روى الحديث بالوجهين. أمارة صحتهما عنده. ولذلك قال النووي في شرحه ١٠: ٣٤-٣٥ في الخلاف في إثبات"أبي علقمة" وحذفه: "ويحتمل أن يكون إثباته وحذفه كلاهما صواب، ويكون أبو الخليل سمع بالوجهين، فرواه تارة كذا، وتارة كذا". وعندي أن هذا هو الحق، ويكون من المزيد في متصل الأسانيد. والحديث رواه أحمد: ١١٧١٤ (ج٣ ص٧٢ حلبي)، عن عبد الرزاق، عن سفيان - وهو الثوري - عن عثمان البتي، عن أبي الخليل، عن أبي سعيد. كالرواية التي هنا: ٨٩٧٠.
وكذلك رواه الترمذي ٤: ٨٦، من طريق هشيم، عن عثمان البتي. وقال: "هذا حديث حسن. وهكذا روى الثوري، عن عثمان البتي، عن أبي الخليل، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي ﷺ - نحوه وليس في الحديث"عن أبي علقمة".
ورواه مسلم ١: ٤١٧، من طريق شعبة، عن قتادة، عن أبي الخليل، عن أبي سعيد مباشرة.
فهذه الروايات توافق الروايات التي هنا: ٨٩٦٩ -٨٩٧١، التي لم يذكر فيها أبو علقمة.
ورواه الطيالسي: ٢٢٣٩، عن هشام، عن قتادة، عن صالح - وهو أبو خليل - عن أبي علقمة. وكذلك رواه أحمد في المسند: ١١٨٢٠، من طريق ابن أبي عروبة. و١١٨٢١، من طريق همام - كلاهما عن قتادة، عن أبي الخليل، عن أبي علقمة (ج٣ ص٨٤ حلبي).
وكذلك رواه مسلم ١: ٤١٦ - ٤١٧، بإسنادين، من طريق ابن أبي عروبة، عن قتادة. ثم من طريق شعبة، عن قتادة - بزيادة"أبي علقمة". ومنه يظهر أن شعبة رواه عن قتادة بالوجهين: بإثبات أبي علقمة وحذفه.
وكذلك رواه أبو داود: ٢١٥٥، من طريق ابن أبي عروبة، عن قتادة.
وكذلك رواه النسائي ٢: ٨٥، من طريق ابن أبي عروبة.
وكذلك رواه البيهقي ٧: ١٦٧، من طريق ابن أبي عروبة.
ورواه الترمذي أيضًا ٤: ٨٦، من طريق همام، عن قتادة. ثم قال: "ولا أعلم أن أحدًا ذكر أبا علقمة في هذا الحديث، إلا ما ذكر همام عن قتادة". هكذا قال الترمذي. وما لم يعلمه هو علمه غيره، فقد تابع همامًا على ذلك - سعيد بن أبي عروبة، وشعبة، كما تبين من الروايات الماضية. وقد تعقب ابن كثير الترمذي بذلك، حين خرج الحديث في تفسيره ٢: ٣٩٩. وأيا ما كان، فالحديث صحيح، من الوجهين - كما قلنا - وكما خرجه مسلم في صحيحه منهما.
وقد ذكره السيوطي ٢: ١٣٧ - ١٣٨، دون بيان الخلاف في الإسناد، وزاد نسبته للفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبي يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطحاوي، وابن حبان.
تنبيه: زدنا في الإسناد: ٨٩٧٠ [عن أبي الخليل]، لأنه هو الصواب، وهو الموافق لرواية أحمد: ١١٧١٤، من طريق الثوري. فحذفه من الإسناد هنا خطأ من الناسخين.
وأبو علقمة الهاشمي: هو المصري مولى بني هاشم. وهو تابعي ثقة.
وسعيد - في الإسنادين الأولين: هو ابن أبي عروبة.
وعثمان البتي - في إسنادين منهما -: هو عثمان بن مسلم البصري. وهو ثقة، وثقه أحمد وابن معين، وابن سعد، وغيرهم. و"البتي" - بفتح الباء الموحدة وتشديد التاء المثناة: نسبة إلى"البت"، اسم موضع.
وقد جزم المزي في تهذيب الكمال، وتبعه الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب، بأن رواية أبي الخليل عن أبي سعيد مرسلة! هكذا دون دليل! مع أن مسلمًا روى الحديث بالوجهين. أمارة صحتهما عنده. ولذلك قال النووي في شرحه ١٠: ٣٤-٣٥ في الخلاف في إثبات"أبي علقمة" وحذفه: "ويحتمل أن يكون إثباته وحذفه كلاهما صواب، ويكون أبو الخليل سمع بالوجهين، فرواه تارة كذا، وتارة كذا". وعندي أن هذا هو الحق، ويكون من المزيد في متصل الأسانيد. والحديث رواه أحمد: ١١٧١٤ (ج٣ ص٧٢ حلبي)، عن عبد الرزاق، عن سفيان - وهو الثوري - عن عثمان البتي، عن أبي الخليل، عن أبي سعيد. كالرواية التي هنا: ٨٩٧٠.
وكذلك رواه الترمذي ٤: ٨٦، من طريق هشيم، عن عثمان البتي. وقال: "هذا حديث حسن. وهكذا روى الثوري، عن عثمان البتي، عن أبي الخليل، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي ﷺ - نحوه وليس في الحديث"عن أبي علقمة".
ورواه مسلم ١: ٤١٧، من طريق شعبة، عن قتادة، عن أبي الخليل، عن أبي سعيد مباشرة.
فهذه الروايات توافق الروايات التي هنا: ٨٩٦٩ -٨٩٧١، التي لم يذكر فيها أبو علقمة.
ورواه الطيالسي: ٢٢٣٩، عن هشام، عن قتادة، عن صالح - وهو أبو خليل - عن أبي علقمة. وكذلك رواه أحمد في المسند: ١١٨٢٠، من طريق ابن أبي عروبة. و١١٨٢١، من طريق همام - كلاهما عن قتادة، عن أبي الخليل، عن أبي علقمة (ج٣ ص٨٤ حلبي).
وكذلك رواه مسلم ١: ٤١٦ - ٤١٧، بإسنادين، من طريق ابن أبي عروبة، عن قتادة. ثم من طريق شعبة، عن قتادة - بزيادة"أبي علقمة". ومنه يظهر أن شعبة رواه عن قتادة بالوجهين: بإثبات أبي علقمة وحذفه.
وكذلك رواه أبو داود: ٢١٥٥، من طريق ابن أبي عروبة، عن قتادة.
وكذلك رواه النسائي ٢: ٨٥، من طريق ابن أبي عروبة.
وكذلك رواه البيهقي ٧: ١٦٧، من طريق ابن أبي عروبة.
ورواه الترمذي أيضًا ٤: ٨٦، من طريق همام، عن قتادة. ثم قال: "ولا أعلم أن أحدًا ذكر أبا علقمة في هذا الحديث، إلا ما ذكر همام عن قتادة". هكذا قال الترمذي. وما لم يعلمه هو علمه غيره، فقد تابع همامًا على ذلك - سعيد بن أبي عروبة، وشعبة، كما تبين من الروايات الماضية. وقد تعقب ابن كثير الترمذي بذلك، حين خرج الحديث في تفسيره ٢: ٣٩٩. وأيا ما كان، فالحديث صحيح، من الوجهين - كما قلنا - وكما خرجه مسلم في صحيحه منهما.
وقد ذكره السيوطي ٢: ١٣٧ - ١٣٨، دون بيان الخلاف في الإسناد، وزاد نسبته للفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبي يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطحاوي، وابن حبان.
تنبيه: زدنا في الإسناد: ٨٩٧٠ [عن أبي الخليل]، لأنه هو الصواب، وهو الموافق لرواية أحمد: ١١٧١٤، من طريق الثوري. فحذفه من الإسناد هنا خطأ من الناسخين.
153
عليه وسلم، فنزلت:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم"، فاستحللنا فروجَهنّ.
* * *
* * *
154
٨٩٧١ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، عن أبي الخليل، عن أبي سعيد قال: نزلت في يوم أوطاس. أصابَ المسلمون سبايَا لهنَّ أزواج في الشرك، فقال:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم"، يقول: إلا ما أفاء الله عليكم. قال: فاستحللنا بها فروجَهن.
وقال آخرون ممن قال:"المحصنات ذوات الأزواج في هذا الموضع": بل هُنَّ كل ذات زوج من النساء، حرامٌ على غير أزواجهن، إلا أن تكون مملوكة اشتراها مشترٍ من مولاها، فتحلُّ لمشتريها، ويُبْطِل بيعُ سيِّدها إياها النكاحَ بينها وبين زوجها.
*ذكر من قال ذلك:
٨٩٧٢ - حدثني أبو السائب سلم بن جنادة قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الله في قوله:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم"، قال: كل ذات زوج عليك حرام، إلا أن تشتريها، أو ما ملكت يمينك.
٨٩٧٣ - حدثني المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن مغيرة، عن إبراهيم: أنه سئل عن الأمة تُباع ولها زوج؟ قال: كان عبد الله يقول: بيعُها طلاقُها، ويتلو هذه الآية:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم". (١)
وقال آخرون ممن قال:"المحصنات ذوات الأزواج في هذا الموضع": بل هُنَّ كل ذات زوج من النساء، حرامٌ على غير أزواجهن، إلا أن تكون مملوكة اشتراها مشترٍ من مولاها، فتحلُّ لمشتريها، ويُبْطِل بيعُ سيِّدها إياها النكاحَ بينها وبين زوجها.
*ذكر من قال ذلك:
٨٩٧٢ - حدثني أبو السائب سلم بن جنادة قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الله في قوله:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم"، قال: كل ذات زوج عليك حرام، إلا أن تشتريها، أو ما ملكت يمينك.
٨٩٧٣ - حدثني المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن مغيرة، عن إبراهيم: أنه سئل عن الأمة تُباع ولها زوج؟ قال: كان عبد الله يقول: بيعُها طلاقُها، ويتلو هذه الآية:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم". (١)
(١) الأثر: ٨٩٧٣ - في المطبوعة: وحدثنا أحمد بن جعفر، عن شعبة"، وهو خطأ محض، والصواب من المخطوطة، و"محمد بن جعفر" المعروف بغندر، كان ربيب شعبة، وجالسه نحوًا من عشرين سنة، وروى عنه فأكثر، وقد سلف في الأسانيد مئات من المرات.
155
٨٩٧٤ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن عبد الله في قوله:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم"، قال: كل ذات زوج عليك حرام إلا ما اشتريت بمالك = وكان يقول: بيعُ الأمة طلاقُها.
٨٩٧٥ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب قوله:"والمحصنات من النساء"، قال: هنّ ذوات الأزواج، حرَّم الله نكاحهن، إلا ما ملكت يمينك، فبيعُها طلاقٌها = قال معمر: وقال الحسن مثل ذلك.
٨٩٧٦ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: عن الحسن في قوله:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم"، قال: إذا كان لها زوج، فبيعُها طلاقُها.
٨٩٧٧ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: أن أبيّ بن كعب، وجابرَ بن عبد الله، وأنسَ بن مالك قالوا: بيعُها طلاقُها.
٨٩٧٨ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: أن أبي بن كعب وجابرًا وابن عباس قالوا: بيعُها طلاقُها.
٨٩٧٩ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عمر بن عبيد، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: قال عبد الله: بيعُ الأمة طلاقُها. (١)
٨٩٨٠ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن منصور = ومغيرة والأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الله قال، بيعُ الأمة طلاقها.
٨٩٨١ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سعيد، عن
٨٩٧٥ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب قوله:"والمحصنات من النساء"، قال: هنّ ذوات الأزواج، حرَّم الله نكاحهن، إلا ما ملكت يمينك، فبيعُها طلاقٌها = قال معمر: وقال الحسن مثل ذلك.
٨٩٧٦ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: عن الحسن في قوله:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم"، قال: إذا كان لها زوج، فبيعُها طلاقُها.
٨٩٧٧ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: أن أبيّ بن كعب، وجابرَ بن عبد الله، وأنسَ بن مالك قالوا: بيعُها طلاقُها.
٨٩٧٨ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: أن أبي بن كعب وجابرًا وابن عباس قالوا: بيعُها طلاقُها.
٨٩٧٩ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عمر بن عبيد، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: قال عبد الله: بيعُ الأمة طلاقُها. (١)
٨٩٨٠ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن منصور = ومغيرة والأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الله قال، بيعُ الأمة طلاقها.
٨٩٨١ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سعيد، عن
(١) الأثر: ٨٩٧٩ -"عمر بن عبيد بن أبي أمية الطنافسي" ثقة. مترجم في التهذيب.
156
حماد، عن إبراهيم، عن عبد الله مثله.
٨٩٨٢ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن حماد، عن إبراهيم، عن عبد الله مثله.
٨٩٨٣ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: طلاق الأمة ستٌّ: بيعها طلاقُها، وعتْقُها طلاقها، وهبتُها طلاقها، وبراءتها طلاقها، وطلاق زوجها طَلاقُها. (١)
٨٩٨٤ - حدثني أحمد بن المغيرة الحمصي قال، حدثنا عثمان بن سعيد، عن عيسى ابن أبي إسحاق، عن أشعث، عن الحسن، عن أبي بن كعب أنه قال: بيع الأمة طلاقها. (٢)
٨٩٨٥ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى، عن عوف، عن الحسن قال: بيع الأمة طلاقُها، وبيعُه طلاقُها.
٨٩٨٦ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا خالد، عن أبى قلابة قال: قال عبد الله: مشتريها أحقُّ بِبُضْعها = يعني الأمة تباع ولها زوج.
٨٩٨٢ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن حماد، عن إبراهيم، عن عبد الله مثله.
٨٩٨٣ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: طلاق الأمة ستٌّ: بيعها طلاقُها، وعتْقُها طلاقها، وهبتُها طلاقها، وبراءتها طلاقها، وطلاق زوجها طَلاقُها. (١)
٨٩٨٤ - حدثني أحمد بن المغيرة الحمصي قال، حدثنا عثمان بن سعيد، عن عيسى ابن أبي إسحاق، عن أشعث، عن الحسن، عن أبي بن كعب أنه قال: بيع الأمة طلاقها. (٢)
٨٩٨٥ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى، عن عوف، عن الحسن قال: بيع الأمة طلاقُها، وبيعُه طلاقُها.
٨٩٨٦ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا خالد، عن أبى قلابة قال: قال عبد الله: مشتريها أحقُّ بِبُضْعها = يعني الأمة تباع ولها زوج.
(١) الأثر: ٨٩٨٣ - ابن كثير ٢: ٤٠٠، والدر المنثور ٢: ١٣٨. وفي ابن كثير: "خليد، عن عكرمة"، والصواب ما في التفسير، وهو خالد الحذاء: "خالد بن مهران"، وقد سلف رقم: ١٦٨٣، ٣٩١٢م، ٥٤٢٧.
وفي هذه الأصول جميعًا: "طلاق الأمة ست"، ولم يذكر غير خمس منها، وفيها جميعًا علامة استشكال وتنبيه على هذا الخرم. وقد استظهرت أن يكون سادسها"وَإرْثُهَا طَلاقُهَا"، وكأنه الصواب إن شاء الله، فإن وراثة الأمة مطلقة لها.
(٢) الأثر: ٨٩٨٤ -"أحمد بن المغيرة"، وهو: "أحمد بن محمد بن المغيرة بن سيار" ="أبو حميد الحمصي" مضت ترجمته برقم: ٥٧٥٣، ٥٧٥٤.
و"عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار القرشي الحمصي"، ثقة، كان يقال: "هو من الأبدال"، مات سنة ٢٠٩. مترجم في التهذيب.
وأما "عيسى بن أبي إسحاق" فكأنه"عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي" وقد رأى جده أبا إسحاق السبيعي المتوفى فيما اختلف فيه من سنة ١٢٦ - ١٢٩، ولم أجده روى عن"الأشعث بن سوار الكندي"، المتوفى سنة ١٣٦، ولكنه إذ كان رأى جده، فقد كان إذن خليقًا أن يروى عن الأشعث.
وفي هذه الأصول جميعًا: "طلاق الأمة ست"، ولم يذكر غير خمس منها، وفيها جميعًا علامة استشكال وتنبيه على هذا الخرم. وقد استظهرت أن يكون سادسها"وَإرْثُهَا طَلاقُهَا"، وكأنه الصواب إن شاء الله، فإن وراثة الأمة مطلقة لها.
(٢) الأثر: ٨٩٨٤ -"أحمد بن المغيرة"، وهو: "أحمد بن محمد بن المغيرة بن سيار" ="أبو حميد الحمصي" مضت ترجمته برقم: ٥٧٥٣، ٥٧٥٤.
و"عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار القرشي الحمصي"، ثقة، كان يقال: "هو من الأبدال"، مات سنة ٢٠٩. مترجم في التهذيب.
وأما "عيسى بن أبي إسحاق" فكأنه"عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي" وقد رأى جده أبا إسحاق السبيعي المتوفى فيما اختلف فيه من سنة ١٢٦ - ١٢٩، ولم أجده روى عن"الأشعث بن سوار الكندي"، المتوفى سنة ١٣٦، ولكنه إذ كان رأى جده، فقد كان إذن خليقًا أن يروى عن الأشعث.
157
٨٩٨٧ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر، عن أبيه، عن الحسن قال: طلاق الأمة بيعُها.
٨٩٨٨ - حدثنا حميد قال، حدثنا سفيان بن حبيب قال، حدثنا يونس، عن الحسن: أن أُبَيًّا قال: بيعُها طلاقُها.
٨٩٨٩ - حدثنا أحمد قال، حدثنا سفيان، عن خالد، عن أبي قلابة، عن ابن مسعود قال: إذا بيعت الأمة ولها زوج، فسيِّدها أحق ببُضْعِها.
٨٩٩٠ - حدثنا حميد قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثني سعيد، عن قتادة، عن أبي معشر، عن إبراهيم قال: بيعُها طلاقُها. قال: فقيل لإبراهيم: فبَيْعُه؟ قال: ذلك ما لا نقول فيه شيئًا.
* * *
وقال آخرون: بل معنى"المحصنات" في هذا الموضع: العفائف. قالوا: وتأويل الآية: والعفائف من النساء حرام أيضًا عليكم، إلا ما ملكت أيمانكم منهن بنكاح وصداق وسُنّة وشُهودٍ، من واحدةٍ إلى أربع. (١)
٨٩٨٨ - حدثنا حميد قال، حدثنا سفيان بن حبيب قال، حدثنا يونس، عن الحسن: أن أُبَيًّا قال: بيعُها طلاقُها.
٨٩٨٩ - حدثنا أحمد قال، حدثنا سفيان، عن خالد، عن أبي قلابة، عن ابن مسعود قال: إذا بيعت الأمة ولها زوج، فسيِّدها أحق ببُضْعِها.
٨٩٩٠ - حدثنا حميد قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثني سعيد، عن قتادة، عن أبي معشر، عن إبراهيم قال: بيعُها طلاقُها. قال: فقيل لإبراهيم: فبَيْعُه؟ قال: ذلك ما لا نقول فيه شيئًا.
* * *
وقال آخرون: بل معنى"المحصنات" في هذا الموضع: العفائف. قالوا: وتأويل الآية: والعفائف من النساء حرام أيضًا عليكم، إلا ما ملكت أيمانكم منهن بنكاح وصداق وسُنّة وشُهودٍ، من واحدةٍ إلى أربع. (١)
(١) قوله: "وسنة" هكذا جاء هنا في المخطوطة والمطبوعة، وكذلك يأتي في الأثر التالي: ٨٩٩١، وخرجه السيوطي في الدر، مثله، وفيه"وسنة" أيضًا. وأنا في شك من هذا اللفظ، ومن اللفظ الذي سيأتي في الأثرين: ٩٠٠٢، ٩٠٠٨، وهو"وبينة" ومجيئها في هذين الأثرين لا يحتمل قط أن تكون"بالسنة" أو "بسنة"، حتى أقول إن صوابه فيهما"سنة". أما "سنة" في هذا الموضع، فيحتمل السياق أن تكون: "وصداق وبينة وشهود". وأيضًا، لم أعرف ما"البينة" في النكاح، كما سترى في التعليق على الأثرين: ٩٠٠٢، ٩٠٠٨.
أما "سنة" في هذا الموضع، وفي الأثر: ٨٩٩١، فإني نظرت فلم أجد أركان النكاح، سوى الصداق والولي والشهود. وقد اختلف العلماء في"الولي" أشرط هو من شروط صحة النكاح، أم ليس بشرط = واختلفوا في أنه سنة أو فرض = واختلفوا في أنه من شروط تمام العقد، أم من شروط صحته. ورأيت سبب اختلافهم أنه لم تأت في"الولي" واشتراطه آية هي نص ظاهر. بل جاء في السنة، سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي"، وإن اختلفوا في محامل هذا الحديث، وهو اختلاف مفصل في كتب الفقه. فبدا لي أن ما جاء في لفظ أبي جعفر، من خبر أبي العالية رقم: ٨٩٩١، إنما سماه أبو العالية"سنة"، وهو يريد"الولي"، لأنه مجيئة في السنة، لا في ظاهر القرآن.
هذا ما استظهرته، فمن أصاب، وجهًا غير هذا الوجه فعلمنيه، فجزاه الله خيرًا، وشكر له ما أفاد. وانظر التعليق على الأثرين: ٩٠٠٢، ٩٠٠٨.
أما "سنة" في هذا الموضع، وفي الأثر: ٨٩٩١، فإني نظرت فلم أجد أركان النكاح، سوى الصداق والولي والشهود. وقد اختلف العلماء في"الولي" أشرط هو من شروط صحة النكاح، أم ليس بشرط = واختلفوا في أنه سنة أو فرض = واختلفوا في أنه من شروط تمام العقد، أم من شروط صحته. ورأيت سبب اختلافهم أنه لم تأت في"الولي" واشتراطه آية هي نص ظاهر. بل جاء في السنة، سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي"، وإن اختلفوا في محامل هذا الحديث، وهو اختلاف مفصل في كتب الفقه. فبدا لي أن ما جاء في لفظ أبي جعفر، من خبر أبي العالية رقم: ٨٩٩١، إنما سماه أبو العالية"سنة"، وهو يريد"الولي"، لأنه مجيئة في السنة، لا في ظاهر القرآن.
هذا ما استظهرته، فمن أصاب، وجهًا غير هذا الوجه فعلمنيه، فجزاه الله خيرًا، وشكر له ما أفاد. وانظر التعليق على الأثرين: ٩٠٠٢، ٩٠٠٨.
158
*ذكر من قال ذلك:
٨٩٩١ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي جعفر، عن أبي العالية قال، يقول:"انكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع"، ثم حرّم ما حرم من النسب والصهر، ثم قال:"والمحصناتُ من النساء إلا ما ملكت أيمانكم"، قال: فرجع إلى أول السورة، إلى أربع، فقال: هن حرامٌ أيضًا إلا بصداق وسُنَّةٍ وشهود. (١)
٨٩٩٢ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة قال: أحلّ الله لك أربعًا في أول السورة، وحرّم نكاح كلِّ محصنة بعد الأربع إلا ما ملكت يمينك = قال معمر، وأخبرني ابن طاوس، عن أبيه:"إلا ما ملكت يمينك"، قال: فزوجُك مما ملكت يمينُك، يقول: حرم الله الزنا، لا يحل لك أن تطأ امرأة إلا ما ملكت يمينُك.
٨٩٩٣ - حدثني علي بن سعيد بن مسروق الكندي قال، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين قال، سألت عبيدة عن قول الله تعالى:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم"، قال: أربع.
٨٩٩٤ - حدثني علي بن سعيد قال، حدثنا عبد الرحيم، عن أشعث بن سوار، عن ابن سيرين، عن عبيدة، عن عمر بن الخطاب مثله.
٨٩٩٥ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد بن جبير في قوله:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم"، قال: الأربع، فما بعدهنّ حرام.
٨٩٩١ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي جعفر، عن أبي العالية قال، يقول:"انكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع"، ثم حرّم ما حرم من النسب والصهر، ثم قال:"والمحصناتُ من النساء إلا ما ملكت أيمانكم"، قال: فرجع إلى أول السورة، إلى أربع، فقال: هن حرامٌ أيضًا إلا بصداق وسُنَّةٍ وشهود. (١)
٨٩٩٢ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة قال: أحلّ الله لك أربعًا في أول السورة، وحرّم نكاح كلِّ محصنة بعد الأربع إلا ما ملكت يمينك = قال معمر، وأخبرني ابن طاوس، عن أبيه:"إلا ما ملكت يمينك"، قال: فزوجُك مما ملكت يمينُك، يقول: حرم الله الزنا، لا يحل لك أن تطأ امرأة إلا ما ملكت يمينُك.
٨٩٩٣ - حدثني علي بن سعيد بن مسروق الكندي قال، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين قال، سألت عبيدة عن قول الله تعالى:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم"، قال: أربع.
٨٩٩٤ - حدثني علي بن سعيد قال، حدثنا عبد الرحيم، عن أشعث بن سوار، عن ابن سيرين، عن عبيدة، عن عمر بن الخطاب مثله.
٨٩٩٥ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد بن جبير في قوله:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم"، قال: الأربع، فما بعدهنّ حرام.
(١) الأثر: ٨٩٩١ - خرجه السيوطي في الدر المنثور ٢: ١٣٨، ونسبه لابن جرير، وعبد بن حميد، ولفظه:
"إلا لمن نكح بصداق | " وانظر التعليق السالف. |
وَإِنَّ امْرَأَ أَمْسَى يُخَبِّبُ زَوْجَتِي | كَمَاشٍ إلى أُسْدِ الشَّرَى يَسْتَبِيلُهَا |
وَمِنْ دُونِ أَبْوَالِ الأُسُودِ بَسَالَةٌ | وَبَسْطَةُ أَيْدٍ يَمْنَعُ الضَّيْمَ طُولُها |
162
وقال آخرون: بل هن نساءُ أهل الكتاب.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠٠٩ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا عيسى بن عبيد، عن أيوب بن أبي العَوْجاء، عن أبي مجلز في قوله:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم"، قال: نساء أهل الكتاب. (١).
* * *
وقال آخرون: بل هن الحرائر.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠١٠ - حدثنا ابن بشار قال، حدثني حماد بن مسعدة قال، حدثنا سليمان، عن عزرة في قوله:"والمحصنات من النساء"، قال: الحرائر. (٢)
* * *
*ذكر من قال ذلك:
٩٠٠٩ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا عيسى بن عبيد، عن أيوب بن أبي العَوْجاء، عن أبي مجلز في قوله:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم"، قال: نساء أهل الكتاب. (١).
* * *
وقال آخرون: بل هن الحرائر.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠١٠ - حدثنا ابن بشار قال، حدثني حماد بن مسعدة قال، حدثنا سليمان، عن عزرة في قوله:"والمحصنات من النساء"، قال: الحرائر. (٢)
* * *
(١) الأثر: ٩٠٠٩ -"يحيى بن واضح الأنصاري، أبو تميلة"، سلفت ترجمته مرارًا منها: ٣٩٢، ٤٦١. و"عيسى بن عبيد بن مالك المروزي - الكندي"، يروي عن أبي مجلز، ولكنه روى عنه هنا بواسطة أيوب بن أبي العوجاء. روى عنه أبي تميلة يحيى بن واضح. وذكره ابن حبان في الثقات. مترجم في التهذيب.
و"أيوب بن العوجاء القرشي"، روى عن عكرمة، وعلباء بن أحمر. روى عنه الحسين بن واقد، والمبارك بن مجاهد، وعيسى بن عبيد المروزي، وأيوب. يعد في الخراسانيين، وهو مروزي. مترجم في الكبير ١ / ١ / ٤٢١، وابن أبي حاتم ١ / ١ / ٢٥٤. وكان في المخطوطة والمطبوعة: "أيوب عن أبي العوجاء"، وهو خطأ، صوابه ما أثبت. و"أبو مجلز" هو"لاحق بن حميد" سلفت ترجمته في رقم: ٢٦٣٤.
(٢) الأثر: ٩٠١٠ -"حماد بن مسعدة البصري"، ثقة، من شيوخ أحمد. مضى برقم: ٣٠٥٦.
و"سليمان": هو: سليمان التيمي.
و"عزرة" هو: عزرة بن عبد الرحمن بن زرارة الخزاعي، مضى برقم: ٢٧٥٢، ٢٧٥٣، وفي هذه الأخيرة خطأ (عروة) والصواب"عزرة" فليصحح.
وكان في المطبوعة: "سليمان بن عرعرة"، ولا أدري من أين جاء بها الطابع، وإن كان"سليمان بن عرعرة بن البرند" مترجمًا في ابن أبي حاتم ٢ / ١ / ١٣٤، وكان في المخطوطة"سليمان بن عزرة"، وليس في الرواة"سليمان بن عزرة"، فظاهر أنه"سليمان بن عزرة" وعزرة، يروي عن سليمان التيمي وقتادة.
و"أيوب بن العوجاء القرشي"، روى عن عكرمة، وعلباء بن أحمر. روى عنه الحسين بن واقد، والمبارك بن مجاهد، وعيسى بن عبيد المروزي، وأيوب. يعد في الخراسانيين، وهو مروزي. مترجم في الكبير ١ / ١ / ٤٢١، وابن أبي حاتم ١ / ١ / ٢٥٤. وكان في المخطوطة والمطبوعة: "أيوب عن أبي العوجاء"، وهو خطأ، صوابه ما أثبت. و"أبو مجلز" هو"لاحق بن حميد" سلفت ترجمته في رقم: ٢٦٣٤.
(٢) الأثر: ٩٠١٠ -"حماد بن مسعدة البصري"، ثقة، من شيوخ أحمد. مضى برقم: ٣٠٥٦.
و"سليمان": هو: سليمان التيمي.
و"عزرة" هو: عزرة بن عبد الرحمن بن زرارة الخزاعي، مضى برقم: ٢٧٥٢، ٢٧٥٣، وفي هذه الأخيرة خطأ (عروة) والصواب"عزرة" فليصحح.
وكان في المطبوعة: "سليمان بن عرعرة"، ولا أدري من أين جاء بها الطابع، وإن كان"سليمان بن عرعرة بن البرند" مترجمًا في ابن أبي حاتم ٢ / ١ / ١٣٤، وكان في المخطوطة"سليمان بن عزرة"، وليس في الرواة"سليمان بن عزرة"، فظاهر أنه"سليمان بن عزرة" وعزرة، يروي عن سليمان التيمي وقتادة.
163
وقال آخرون:"المحصنات" هن العفائف وذوات الأزواج، وحرام كُلُّ من الصنفين إلا بنكاحٍ أو ملك يمين.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠١١ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني الليث قال، حدثني عقيل، عن ابن شهاب، وسئل عن قول الله:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم" الآية، قال: نرى أنه حرَّم في هذه الآية المحصنات من النساء ذوات الأزواج أن ينكحن مع أزواجهن = والمحصنات، العفائف = ولا يحللن إلا بنكاحٍ أو ملك يمين. والإحصان إحصانَان: إحصان تزويج، وإحصانُ عَفافٍ، في الحرائر والمملوكات. كل ذلك حرّم الله، إلا بنكاح أو ملك يمين.
* * *
وقال آخرون: نزلت هذه الآية في نساء كنَّ يهاجرن إلى رسول الله ﷺ ولهن أزواج، فيتزوّجُهن بعض المسلمين، ثم يقدم أزواجُهن مهاجرين، فنهى المسلمون عن نكاحهن.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠١٢ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، حدثني حبيب بن أبي ثابت، عن أبي سعيد الخدري قال: كان النساء يأتيننا ثم يهاجر أزواجهن، فمنعناهن = يعني قوله:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم". (١)
* * *
*ذكر من قال ذلك:
٩٠١١ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني الليث قال، حدثني عقيل، عن ابن شهاب، وسئل عن قول الله:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم" الآية، قال: نرى أنه حرَّم في هذه الآية المحصنات من النساء ذوات الأزواج أن ينكحن مع أزواجهن = والمحصنات، العفائف = ولا يحللن إلا بنكاحٍ أو ملك يمين. والإحصان إحصانَان: إحصان تزويج، وإحصانُ عَفافٍ، في الحرائر والمملوكات. كل ذلك حرّم الله، إلا بنكاح أو ملك يمين.
* * *
وقال آخرون: نزلت هذه الآية في نساء كنَّ يهاجرن إلى رسول الله ﷺ ولهن أزواج، فيتزوّجُهن بعض المسلمين، ثم يقدم أزواجُهن مهاجرين، فنهى المسلمون عن نكاحهن.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠١٢ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، حدثني حبيب بن أبي ثابت، عن أبي سعيد الخدري قال: كان النساء يأتيننا ثم يهاجر أزواجهن، فمنعناهن = يعني قوله:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم". (١)
* * *
(١) الأثر: ٩٠١٢ -"حبيب بن أبي ثابت" هو: "حبيب بن قيس بن دينار"، ويقال: "حبيب بن قيس بن هند"، ويقال"حبيب بن هند". روى عن ابن عمر، وابن عباس، وأنس بن مالك، وزيد بن أرقم، ومجاهد، وعطاء، وطاوس. وذكره أبو جعفر الطبري في طبقات الفقهاء. لم يذكر له رواية عن أبي سعيد الخدري. وهو ثقة. مترجم في التهذيب، والكبير ١ / ٢ / ٣١١، وابن أبي حاتم ١ / ٢ / ١٠٧. والأثر خرجه السيوطي في الدر المنثور ٢: ١٣٨، ولم ينسبه إلا لابن جرير.
164
وقد ذكر ابن عباس وجماعة غيره أنه كان ملتبسًا عليهم تأويل ذلك.
٩٠١٣ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة قال، قال رجل لسعيد بن جبير: أما رأيت ابن عباس حين سُئِل عن هذه الآية:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم"، فلم يقل فيها شيئًا؟ قال فقال: كان لا يعلمها.
٩٠١٤ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى، عن مجاهد قال: لو أعلم من يفسّر لي هذه الآية، لضربت إليه أكباد الإبل، قوله:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم" إلى قوله:"فما استمتعتم به منهن"، إلى آخر الآية. (١)
* * *
قال أبو جعفر: فأما"المحصنات"، فإنَّهن جمع"مُحْصَنة"، وهي التي قد مُنع فرجها بزوج. يقال منه:"أحْصَن الرجلُ امرأته فهو يُحْصنها إحصانًا"،"وحَصُنت هي فهي تَحْصُن حَصَانة"، إذا عفَّت ="وهي حاصِنٌ من النساء"، عفيفة، كما قال العجاج:
٩٠١٣ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة قال، قال رجل لسعيد بن جبير: أما رأيت ابن عباس حين سُئِل عن هذه الآية:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم"، فلم يقل فيها شيئًا؟ قال فقال: كان لا يعلمها.
٩٠١٤ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى، عن مجاهد قال: لو أعلم من يفسّر لي هذه الآية، لضربت إليه أكباد الإبل، قوله:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم" إلى قوله:"فما استمتعتم به منهن"، إلى آخر الآية. (١)
* * *
قال أبو جعفر: فأما"المحصنات"، فإنَّهن جمع"مُحْصَنة"، وهي التي قد مُنع فرجها بزوج. يقال منه:"أحْصَن الرجلُ امرأته فهو يُحْصنها إحصانًا"،"وحَصُنت هي فهي تَحْصُن حَصَانة"، إذا عفَّت ="وهي حاصِنٌ من النساء"، عفيفة، كما قال العجاج:
وَحَاصِنٍ مِنْ حَاصِنَاتٍ مُلْسٍ | عَنِ الأذَى وَعَنْ قِرَافِ الْوَقْسِ (٢) |
(١) الأثر: ٩٠١٤ -"عبد الرحمن بن يحيى"، لم أعرف من يكون؟
وهذا الأثر خرجه السيوطي في الدر المنثور ٢: ١٣٩، لم ينسبه لغير ابن جرير.
(٢) ديوانه: ٧٩، واللسان (حصن) (قنس) و (وقس). وقد سلف من هذه القصيدة أبيات في ٣: ٤٠٣، يذكر فيها أبا العباس السفاح وخلافته، وهذا الشعر في ديوانه ملفق غير متصل، فلذلك لم أستطع أن أميز الآن، من على بقوله: "وحاصن"، وكأنه عنى أم أبي العباس.
وقوله: "ملس" جمع"ملساء" وأراد بها البراءة من كل عيب يذم، كالشيء الأملس وهو البريء من الخشونة والعيوب والابن، ويقول المتلمس، وصدق العربي الحر:
ويعني بقوله: "الأذى" العيب. ويروى"من الأذى"، وهو جيد أيضًا. و"القراف" المخالطة، مصدر"قارف الشيء مقارفة وقرافًا" داناه وخالطه. فقالوا منه: "قارف الجرب البعير"، داناه شيء منه، وهو المراد هنا، أي ملابسة الداء و"الوقس"، الجرب. وضرب الجرب مثلا للفاحشة والعيب.
وهذا الأثر خرجه السيوطي في الدر المنثور ٢: ١٣٩، لم ينسبه لغير ابن جرير.
(٢) ديوانه: ٧٩، واللسان (حصن) (قنس) و (وقس). وقد سلف من هذه القصيدة أبيات في ٣: ٤٠٣، يذكر فيها أبا العباس السفاح وخلافته، وهذا الشعر في ديوانه ملفق غير متصل، فلذلك لم أستطع أن أميز الآن، من على بقوله: "وحاصن"، وكأنه عنى أم أبي العباس.
وقوله: "ملس" جمع"ملساء" وأراد بها البراءة من كل عيب يذم، كالشيء الأملس وهو البريء من الخشونة والعيوب والابن، ويقول المتلمس، وصدق العربي الحر:
فَلا تَقْبَلَنْ ضَيْمًا مَخَافَةَ مِيتَةٍ، | وَمُوتَنْ بِهَا حُرًّا وَجِلْدُكَ أَمْلَسُ |
165
ويقال أيضًا، إذا هي عَفَّت وحفِظت فرجها من الفجور:"قد أحصَنَتْ فرجها فهي مُحْصِنة"، كما قال جل ثناؤه: (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا) [سورة التحريم: ١٢]، بمعنى: حفظته من الريبة، ومنعته من الفجور. وإنما قيل لحصون المدائن والقرى:"حُصُون"، لمنعها من أرادَها وأهلَها، وحفظِها ما وراءها ممن بغاها من أعدائها. ولذلك قيل للدرع:"درع حَصِينة".
* * *
فإذا كان أصل"الإحصان" ما ذكرنا من المنع والحفظ، فبيِّنٌ أنّ معنى قوله:"والمحصنات من النساء"، والممنوعات من النساء حرام عليكم إلا ما ملكت أيمانكم.
وإذ كان ذلك معناه، وكان الإحصان قد يكون بالحرّية، كما قال جل ثناؤه: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) [سورة المائدة: ٥] = ويكون بالإسلام، كما قال تعالى ذكره: (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ) [سورة النساء: ٢٥] = ويكون بالعفة، كما قال جل ثناؤه: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ) [سورة النور: ٤] = ويكون بالزوج = (١) ولم يكن تبارك وتعالى خصّ محصَنة دون محصنة في قوله:"والمحصنات من النساء" = (٢) فواجبٌ أن تكون كلُّ مُحْصنة بأيّ معاني الإحصان كان إحصانها، حرامًا علينا سفاحًا أو نكاحًا إلا ما ملكته أيماننا منهن بشراء، كما أباحه لنا كتابُ الله جل ثناؤه، أو نكاح على ما أطلقه لنا تنزيل الله.
* * *
فإذا كان أصل"الإحصان" ما ذكرنا من المنع والحفظ، فبيِّنٌ أنّ معنى قوله:"والمحصنات من النساء"، والممنوعات من النساء حرام عليكم إلا ما ملكت أيمانكم.
وإذ كان ذلك معناه، وكان الإحصان قد يكون بالحرّية، كما قال جل ثناؤه: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) [سورة المائدة: ٥] = ويكون بالإسلام، كما قال تعالى ذكره: (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ) [سورة النساء: ٢٥] = ويكون بالعفة، كما قال جل ثناؤه: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ) [سورة النور: ٤] = ويكون بالزوج = (١) ولم يكن تبارك وتعالى خصّ محصَنة دون محصنة في قوله:"والمحصنات من النساء" = (٢) فواجبٌ أن تكون كلُّ مُحْصنة بأيّ معاني الإحصان كان إحصانها، حرامًا علينا سفاحًا أو نكاحًا إلا ما ملكته أيماننا منهن بشراء، كما أباحه لنا كتابُ الله جل ثناؤه، أو نكاح على ما أطلقه لنا تنزيل الله.
(١) هذه عطوف متتابعة، والسياق: وإذ كان ذلك معناه، وكان الإحصان قد يكون بالحرية... ويكون بالإسلام... ويكون بالعفة... ويكون بالزوج...
= ثم عطف مرة أخرى على أول الكلام فكان سياقه: وإذ كان ذلك معناه... ولم يكن تبارك وتعالى خص محصنة دون محصنة.
(٢) هذا جواب"إذ"، والسياق: وإذ كان ذلك معناه... فواجب أن تكون كل محصنة.
= ثم عطف مرة أخرى على أول الكلام فكان سياقه: وإذ كان ذلك معناه... ولم يكن تبارك وتعالى خص محصنة دون محصنة.
(٢) هذا جواب"إذ"، والسياق: وإذ كان ذلك معناه... فواجب أن تكون كل محصنة.
166
فالذي أباحه الله تبارك وتعالى لنا نكاحًا من الحرائر: الأربعُ، سوى اللَّواتي حُرِّمن علينا بالنسب والصهر = ومن الإماء: ما سبينا من العدوِّ، سوى اللواتي وافق معناهن معنى ما حُرِّم علينا من الحرائر بالنسب والصهر، فإنهن والحرائر فيما يحل ويحرُم بذلك المعنى، متفقاتُ المعاني = وسوى اللّواتي سبيناهنّ من أهل الكتابين ولهن أزواج، فإن السبِّاء يحلُّهن لمن سبَاهن بعد الاستبراء، وبعد إخراج حق الله تبارك وتعالى الذي جعله لأهل الخُمس منهنّ. فأما السِّفاح، فإن الله تبارك وتعالى حرّمه من جميعهن، فلم يحلّه من حُرّة ولا أمة، ولا مسلمة، ولا كافرةٍ مشركة.
وأما الأمة التي لها زوج، فإنها لا تحلّ لمالكها إلا بعد طلاق زوجها إياها، أو وفاته وانقضاء عدتها منه. فأمَّا بيع سيدها إياها، فغيرُ موجب بينها وبين زوجها فراقًا ولا تحليلا لمشتريها، لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (١) أنه خَيَّرَ بَرِيرة إذ أعتقتها عائشة، بين المُقام مع زوجها الذي كان سادَتُها زوَّجوها منه في حال رِقِّها، وبين فراقه = ولم يجعل ﷺ عِتْق عائشة إيّاها لها طلاقًا. ولو كان عتقُها وزوالُ مِلك عائشة إياها لها طلاقًا، لم يكن لتخيير النبيِّ ﷺ إياها بين المقام مع زوجها والفراق، معنًى = ولوجب بالعتق الفراق، (٢) وبزوال ملك عائشة عنها الطلاق. فلما خيَّرها النبي ﷺ بين الذي ذكرنا وبين المقام مع زوجها والفراق، كان معلومًا أنه لم يخير بين ذلك إلا والنكاح عقدُه ثابت كما كان قبل زوال ملك عائشة عنها. فكان نظيرًا للعتق = الذي هو زوال مِلك مالك المملوكة ذات الزوج عنها = البيعُ، الذي هو زوال ملك مالكها عنها، إذ كان أحدهما زوالا ببيع، والآخر بعتق = في أن الفُرْقة لا تجب بينها وبين زوجها بهما ولا بواحد منهما، [ولا يجب بهما ولا بواحدٍ منهما
وأما الأمة التي لها زوج، فإنها لا تحلّ لمالكها إلا بعد طلاق زوجها إياها، أو وفاته وانقضاء عدتها منه. فأمَّا بيع سيدها إياها، فغيرُ موجب بينها وبين زوجها فراقًا ولا تحليلا لمشتريها، لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (١) أنه خَيَّرَ بَرِيرة إذ أعتقتها عائشة، بين المُقام مع زوجها الذي كان سادَتُها زوَّجوها منه في حال رِقِّها، وبين فراقه = ولم يجعل ﷺ عِتْق عائشة إيّاها لها طلاقًا. ولو كان عتقُها وزوالُ مِلك عائشة إياها لها طلاقًا، لم يكن لتخيير النبيِّ ﷺ إياها بين المقام مع زوجها والفراق، معنًى = ولوجب بالعتق الفراق، (٢) وبزوال ملك عائشة عنها الطلاق. فلما خيَّرها النبي ﷺ بين الذي ذكرنا وبين المقام مع زوجها والفراق، كان معلومًا أنه لم يخير بين ذلك إلا والنكاح عقدُه ثابت كما كان قبل زوال ملك عائشة عنها. فكان نظيرًا للعتق = الذي هو زوال مِلك مالك المملوكة ذات الزوج عنها = البيعُ، الذي هو زوال ملك مالكها عنها، إذ كان أحدهما زوالا ببيع، والآخر بعتق = في أن الفُرْقة لا تجب بينها وبين زوجها بهما ولا بواحد منهما، [ولا يجب بهما ولا بواحدٍ منهما
(١) خبر بريرة، في مسلم ١٠: ١٣٩-١٤٨، وأخرجه البخاري أيضًا في مواضع من صحيحه.
(٢) في المخطوطة: "وقد وجب بالعتق الفراق"، وهو خطأ بين، والصواب ما في المطبوعة.
(٢) في المخطوطة: "وقد وجب بالعتق الفراق"، وهو خطأ بين، والصواب ما في المطبوعة.
167
طلاقٌ]، (١) وإن اختلفا في معانٍ أُخر: من أن لها في العتق الخيارُ في المقام مع زوجها والفراق، لعلة مفارقةٍ معنى البيع، وليس ذلك لها في البَيْع.
* * *
قال أبو جعفر: فإن قال قائل: وكيف يكون معنيًّا بالاستثناء من قوله:"والمحصنات من النساء"، ما وراء الأربع، من الخمس إلى ما فوقهن بالنكاح، والمنكوحات به غير مملوكات؟.
قيل له: إن الله تعالى لم يخصّ بقوله:"إلا ما ملكت أيمانكم"، المملوكات الرقابَ، دون المملوك عليها بعقد النكاح أمرُها، بل عمَّ بقوله:"إلا ما ملكت أيمانكم"، كلا المعنيين = أعني ملك الرقبة، وملك الاستمتاع بالنكاح = لأن جميع ذلك ملكته أيماننا. أما هذه فملك استمتاع، وأما هذه فملك استخدام واستمتاع وتصريف فيما أبيح لمالكها منها. ومن ادَّعى أن الله تبارك وتعالى عني بقوله:"والمحصنات من النساء" محصنة وغير محصنة سوى من ذكرنا أولا بالاستثناء بقوله:"إلا ما ملكت أيمانكم"، (٢) بعضَ أملاك أيماننا دون بعض غيرَ الذي دللنا على أنه غير معنيٍّ به = سئل البرهان على دعواه من أصل أو نظير. (٣) فلن يقول في ذلك قولا إلا أُلزم في الآخر مثله.
* * *
* * *
قال أبو جعفر: فإن قال قائل: وكيف يكون معنيًّا بالاستثناء من قوله:"والمحصنات من النساء"، ما وراء الأربع، من الخمس إلى ما فوقهن بالنكاح، والمنكوحات به غير مملوكات؟.
قيل له: إن الله تعالى لم يخصّ بقوله:"إلا ما ملكت أيمانكم"، المملوكات الرقابَ، دون المملوك عليها بعقد النكاح أمرُها، بل عمَّ بقوله:"إلا ما ملكت أيمانكم"، كلا المعنيين = أعني ملك الرقبة، وملك الاستمتاع بالنكاح = لأن جميع ذلك ملكته أيماننا. أما هذه فملك استمتاع، وأما هذه فملك استخدام واستمتاع وتصريف فيما أبيح لمالكها منها. ومن ادَّعى أن الله تبارك وتعالى عني بقوله:"والمحصنات من النساء" محصنة وغير محصنة سوى من ذكرنا أولا بالاستثناء بقوله:"إلا ما ملكت أيمانكم"، (٢) بعضَ أملاك أيماننا دون بعض غيرَ الذي دللنا على أنه غير معنيٍّ به = سئل البرهان على دعواه من أصل أو نظير. (٣) فلن يقول في ذلك قولا إلا أُلزم في الآخر مثله.
* * *
(١) في المطبوعة: "في أن الفرقة لا يجب بها بينهما وبين زوجها بهما ولا بواحد منهما طلاق" وهو كلام فاسد مختل، غير ما في المخطوطة إذ كان ما فيها خطأ، وزاد"بها" في قوله"لا يجب بها"، ولا أدري ما أراد بذلك!!
وفي المخطوطة: "في أن الفرقة لا تجب بينها وبين زوجها بهما، ولا بواحد منها وطلاق". والجملة الأولى مستقيمة، وأما "وطلاق" فإن الناسخ فيما أرجح قد اختلط عليه إعادة الجملة كما أثبتها، فكتب ما كتب. والصواب إن شاء الله هو ما أثبته بين القوسين، وهو استظهار من سياق الحجة السالفة كما ترى.
هذا، وجملة أبي جعفر من أول الفقرة، شديدة التركيب، ولذلك وضعت لها الخطوط الفواصل، لتفصل التفسير عن سياق الكلام، وسياقه كما يلي: "فكان نظيرًا للعتق... البيع... في أن الفرقة... "، يعني أن البيع نظير العتق، ثم فسر في خلال ذلك معنى"العتق" ومعنى"البيع".
(٢) قوله: "بعض" منصوب مفعول به لقوله"عنى بقوله".
(٣) السياق: "ومن ادعى... سئل البرهان".
وفي المخطوطة: "في أن الفرقة لا تجب بينها وبين زوجها بهما، ولا بواحد منها وطلاق". والجملة الأولى مستقيمة، وأما "وطلاق" فإن الناسخ فيما أرجح قد اختلط عليه إعادة الجملة كما أثبتها، فكتب ما كتب. والصواب إن شاء الله هو ما أثبته بين القوسين، وهو استظهار من سياق الحجة السالفة كما ترى.
هذا، وجملة أبي جعفر من أول الفقرة، شديدة التركيب، ولذلك وضعت لها الخطوط الفواصل، لتفصل التفسير عن سياق الكلام، وسياقه كما يلي: "فكان نظيرًا للعتق... البيع... في أن الفرقة... "، يعني أن البيع نظير العتق، ثم فسر في خلال ذلك معنى"العتق" ومعنى"البيع".
(٢) قوله: "بعض" منصوب مفعول به لقوله"عنى بقوله".
(٣) السياق: "ومن ادعى... سئل البرهان".
168
فإن اعتلّ معتلُّ منهم بحديث أبي سعيد الخدري أن هذه الآية نزلت في سبايا أوطاس =
= قيل له: إن سبايا أوْطاس لم يُوطأن بالملك والسبِّاء دون الإسلام. وذلك أنهن كن مشركاتٍ من عَبَدة الأوثان، وقد قامت الحجة بأن نساء عبدة الأوثان لا يحللن بالملك دون الإسلام، وأنهن إذا أسلمن فرَّق الإسلام بينهن وبين الأزواج، سبايا كنَّ أو مهاجرات. غير أنّهن إذا كُن سبايا، حللنَ إذا هُنَّ أسلمنَ بالاستبراء. فلا حجة لمحتجّ في أن المحصنات اللاتي عناهن بقوله:"والمحصنات من النساء"، ذوات الأزواج من السبايا دون غيرهن، بخبر أبي سعيد الخدري أنّ ذلك نزل في سبايا أوطاس. لأنه وإن كان فيهن نزل، فلم ينزل في إباحة وطئهن بالسبِّاء خاصة، دون غيره من المعاني التي ذكرنا. مع أنّ الآية تنزل في معنًى، فتعمُّ ما نزلت به فيه وغيرَه، فيلزم حكمها جميع ما عمَّته، لما قد بيَّنا من القول في العموم والخصوص في كتابنا"كتاب البيان عن أصول الأحكام".
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره: كتابًا من الله عليكم، فأخرج"الكتاب" مُصَدَّرًا من غير لفظه. (١) وإنما جاز ذلك لأن قوله تعالى:"حرِّمت عليكم أمهاتكم"، إلى قوله:"كتابَ الله عليكم"، بمعنى: كَتب الله تحريم ما حرَّم من ذلك وتحليلَ ما حلل من ذلك عليكم، كتابًا. (٢)
* * *
= قيل له: إن سبايا أوْطاس لم يُوطأن بالملك والسبِّاء دون الإسلام. وذلك أنهن كن مشركاتٍ من عَبَدة الأوثان، وقد قامت الحجة بأن نساء عبدة الأوثان لا يحللن بالملك دون الإسلام، وأنهن إذا أسلمن فرَّق الإسلام بينهن وبين الأزواج، سبايا كنَّ أو مهاجرات. غير أنّهن إذا كُن سبايا، حللنَ إذا هُنَّ أسلمنَ بالاستبراء. فلا حجة لمحتجّ في أن المحصنات اللاتي عناهن بقوله:"والمحصنات من النساء"، ذوات الأزواج من السبايا دون غيرهن، بخبر أبي سعيد الخدري أنّ ذلك نزل في سبايا أوطاس. لأنه وإن كان فيهن نزل، فلم ينزل في إباحة وطئهن بالسبِّاء خاصة، دون غيره من المعاني التي ذكرنا. مع أنّ الآية تنزل في معنًى، فتعمُّ ما نزلت به فيه وغيرَه، فيلزم حكمها جميع ما عمَّته، لما قد بيَّنا من القول في العموم والخصوص في كتابنا"كتاب البيان عن أصول الأحكام".
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره: كتابًا من الله عليكم، فأخرج"الكتاب" مُصَدَّرًا من غير لفظه. (١) وإنما جاز ذلك لأن قوله تعالى:"حرِّمت عليكم أمهاتكم"، إلى قوله:"كتابَ الله عليكم"، بمعنى: كَتب الله تحريم ما حرَّم من ذلك وتحليلَ ما حلل من ذلك عليكم، كتابًا. (٢)
* * *
(١) "المصدر" (بضم الميم وفتح الصاد ودال مشدودة مفتوحة)، أي مفعولا مطلقًا، من"التصدير" - وهو الإخراج على معنى المفعول المطلق. وانظر ما سلف ١: ١١٧، تعليق: ١ ثم ص ١٣٨، تعليق: ٢ / ٢: ٢٩٢ تعليق: ١، ص: ٥٠٠.
(٢) انظر ما سلف ٧: ٢٦١.
(٢) انظر ما سلف ٧: ٢٦١.
169
وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠١٥ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم قال:"كتاب الله عليكم"، قال: ما حرَّم عليكم.
٩٠١٦ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: سألت عطاء عنها فقال:"كتابَ الله عليكم"، قال: هو الذي كتب عليكم الأربعَ، أن لا تزيدوا.
٩٠١٧ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن ابن عون، عن محمد بن سيرين قال: قلت لعبيدة:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم"، وأشار ابن عون بأصابعه الأربع.
٩٠١٨ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا هشام، عن ابن سيرين قال: سألت عبيدة عن قوله:"كتاب الله عليكم"، قال: أربع.
٩٠١٩ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"كتاب الله عليكم"، الأربع.
٩٠٢٠ - حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"كتاب الله عليكم"، قال: هذا أمرُ الله عليكم. قال: يريد ما حرَّم عليهم من هؤلاء وما أحلَّ لهم. وقرأ:"وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم"، إلى أخر الآية. قال:"كتاب الله عليكم"، الذي كتَبه، وأمره الذي أمركم به."كتاب الله عليكم"، أمرَ الله. (١)
* * *
وقد كان بعض أهل العربية يزعم أنّ قوله:"كتاب الله عليكم"، منصوب على وجه الإغراء، بمعنى: عليكم كتابَ الله، الزموا كتابَ الله.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠١٥ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم قال:"كتاب الله عليكم"، قال: ما حرَّم عليكم.
٩٠١٦ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: سألت عطاء عنها فقال:"كتابَ الله عليكم"، قال: هو الذي كتب عليكم الأربعَ، أن لا تزيدوا.
٩٠١٧ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن ابن عون، عن محمد بن سيرين قال: قلت لعبيدة:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم"، وأشار ابن عون بأصابعه الأربع.
٩٠١٨ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا هشام، عن ابن سيرين قال: سألت عبيدة عن قوله:"كتاب الله عليكم"، قال: أربع.
٩٠١٩ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"كتاب الله عليكم"، الأربع.
٩٠٢٠ - حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"كتاب الله عليكم"، قال: هذا أمرُ الله عليكم. قال: يريد ما حرَّم عليهم من هؤلاء وما أحلَّ لهم. وقرأ:"وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم"، إلى أخر الآية. قال:"كتاب الله عليكم"، الذي كتَبه، وأمره الذي أمركم به."كتاب الله عليكم"، أمرَ الله. (١)
* * *
وقد كان بعض أهل العربية يزعم أنّ قوله:"كتاب الله عليكم"، منصوب على وجه الإغراء، بمعنى: عليكم كتابَ الله، الزموا كتابَ الله.
(١) انظر تفسير"كتاب" فيما سلف ٣: ٣٦٤، ٣٦٥، ٤٠٩، ٥٠٨ / ٤: ٢٩٧ / ٥: ٣٠٠. ومعنى"الكتاب" الفرض والحكم والقضاء.
170
= والذي قال من ذلك غير مستفيض في كلام العرب. وذلك أنها لا [تكاد] تَنصب بالحرف الذي تغرِي به، [إذا أخَّرت الإغراء، وقدمت المغرَى به]. (١) لا تكاد تقول:"أخاك عليك، وأباك دونك"، وإن كان جائزًا. (٢)
والذي هو أولى بكتاب الله: أن يكون محمولا على المعروف من لسان من نزل بلسانه. هذا، مع ما ذكرنا من تأويل أهل التأويل ذلك بمعنى ما قلنا، وخلافِ ما وجَّهه إليه من زعم أنه نُصب على وجه الإغراء.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: معنى ذلك: وأحل لكم ما دون الخمس، أن تبتغوا بأموالكم على وجه النكاح.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠٢١ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وأحل لكم ما وراء ذلكم"، ما دون الأربع ="أن تبتغوا أموالكم".
٩٠٢٢ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن هشام،
والذي هو أولى بكتاب الله: أن يكون محمولا على المعروف من لسان من نزل بلسانه. هذا، مع ما ذكرنا من تأويل أهل التأويل ذلك بمعنى ما قلنا، وخلافِ ما وجَّهه إليه من زعم أنه نُصب على وجه الإغراء.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: معنى ذلك: وأحل لكم ما دون الخمس، أن تبتغوا بأموالكم على وجه النكاح.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠٢١ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وأحل لكم ما وراء ذلكم"، ما دون الأربع ="أن تبتغوا أموالكم".
٩٠٢٢ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن هشام،
(١) هذه الجملة التي بين القوسين، لا بد منها لصحة هذا القول، وقوله: "تكاد" قبلها بين القوسين، ضرورة زيادتها أيضًا، وإلا لم يكن لقوله بعد: "وإن كان ذلك جائزًا" معنى، فإنه يكون قد نفى بمرة واحدة، أن تنصب العرب بالحرف الذي تغرى به، إذا أخرته. وهو تناقض. واستظهرت الجملة الثانية مما سلف من كلامه في ١: ١٢٠، في الإغراء أيضًا.
(٢) وانظر أيضًا معاني القرآن للفراء ١: ٢٦٠.
(٢) وانظر أيضًا معاني القرآن للفراء ١: ٢٦٠.
171
عن ابن سيرين، عن عبيدة السلماني:"وأحل لكم ما وراء ذلكم"، يعني: ما دون الأربع.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وأحل لكم ما وراء ذلكم: مَن سَمَّى لكم تحريمه من أقاربكم.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠٢٣ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال: سألت عطاء عنها فقال:"وأحل لكم ما وراء ذلكم"، قال: ما وراء ذات القرابة ="أن تبتغوا بأموالكم"، الآية.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك:"وأحل لكم ما وراء ذلكم: عددَ ما أحل لكم من المحصنات من النّساء الحرائر ومن الإماء.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠٢٤ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله:"وأحل لكم ما وراء ذلكم"، قال: ما ملكت أيمانكم.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، ما نحن مبيِّنوه. وهو أن الله جل ثناؤه بيَّن لعباده المحرَّمات بالنسب والصهر، ثم المحرمات من المحصنات من النساء، ثم أخبرهم جل ثناؤه أنه قد أحل لهم ما عدا هؤلاء المحرَّمات المبيَّنات في هاتين الآيتين، أن نَبْتغيه بأموالنا نكاحًا وملك يمين، لا سفاحًا.
* * *
فإن قال قائل: عرفنا المحلَّلات اللواتي هن وراء المحرَّمات بالأنساب والأصهار، فما المحلَّلات من المحصَنات والمحرمات منهن؟
قيل: هو ما دون الخمس من واحدة إلى أربع - على ما ذكرنا عن عبيدة
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وأحل لكم ما وراء ذلكم: مَن سَمَّى لكم تحريمه من أقاربكم.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠٢٣ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال: سألت عطاء عنها فقال:"وأحل لكم ما وراء ذلكم"، قال: ما وراء ذات القرابة ="أن تبتغوا بأموالكم"، الآية.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك:"وأحل لكم ما وراء ذلكم: عددَ ما أحل لكم من المحصنات من النّساء الحرائر ومن الإماء.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠٢٤ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله:"وأحل لكم ما وراء ذلكم"، قال: ما ملكت أيمانكم.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، ما نحن مبيِّنوه. وهو أن الله جل ثناؤه بيَّن لعباده المحرَّمات بالنسب والصهر، ثم المحرمات من المحصنات من النساء، ثم أخبرهم جل ثناؤه أنه قد أحل لهم ما عدا هؤلاء المحرَّمات المبيَّنات في هاتين الآيتين، أن نَبْتغيه بأموالنا نكاحًا وملك يمين، لا سفاحًا.
* * *
فإن قال قائل: عرفنا المحلَّلات اللواتي هن وراء المحرَّمات بالأنساب والأصهار، فما المحلَّلات من المحصَنات والمحرمات منهن؟
قيل: هو ما دون الخمس من واحدة إلى أربع - على ما ذكرنا عن عبيدة
172
والسدي - من الحرائر. فأما ما عدا ذوات الأزواج، فغير عدد محصور بملك اليمين. وإنما قلنا إنّ ذلك كذلك، لأن قوله:"وأحل لكم ما وراء ذلكم"، عامّ في كل محلَّل لنا من النساء أن نبتغيها بأموالنا. فليس توجيه معنى ذلك إلى بعض منهن بأولى من بعض، إلا أن تقوم بأن ذلك كذلك حجَّة يجب التسليم لها. ولا حُجة بأن ذلك كذلك.
* * *
واختلف القرأة في قراءة قوله:"وأحل لكم ما وراء ذلكم".
فقرأ ذلك بعضهم:"وَأَحَلَّ لَكُمْ" بفتح"الألف" من"أحل" بمعنى: كتب الله عليكم، وأحل لكم ما وراء ذلكم.
وقرأه آخرون: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ)، اعتبارًا بقوله: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ)، "وأحل لكم ما وراء ذلكم".
* * *
قال أبو جعفر: والذي نقول في ذلك، أنهما قراءتان معروفتان مستفيضتان في قرأة الإسلام، غير مختلفتي المعنى، فبأيِّ ذلك قرأ القارئ فمصيبٌ الحقَّ.
* * *
وأما معنى قوله:"ما وراء ذلكم"، فإنه يعني: ما عدا هؤلاء اللواتي حرَّمتهن عليكم ="أن تبتغوا بأموالكم" يقول: أن تطلبوا وتلتمسوا بأموالكم، (١) إما شراءً بها، وإما نكاحًا بصداق معلوم، كما قال جل ثناؤه: (وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ) [سورة البقرة: ٩١]، يعني: بما عداه وبما سواه. (٢)
* * *
* * *
واختلف القرأة في قراءة قوله:"وأحل لكم ما وراء ذلكم".
فقرأ ذلك بعضهم:"وَأَحَلَّ لَكُمْ" بفتح"الألف" من"أحل" بمعنى: كتب الله عليكم، وأحل لكم ما وراء ذلكم.
وقرأه آخرون: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ)، اعتبارًا بقوله: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ)، "وأحل لكم ما وراء ذلكم".
* * *
قال أبو جعفر: والذي نقول في ذلك، أنهما قراءتان معروفتان مستفيضتان في قرأة الإسلام، غير مختلفتي المعنى، فبأيِّ ذلك قرأ القارئ فمصيبٌ الحقَّ.
* * *
وأما معنى قوله:"ما وراء ذلكم"، فإنه يعني: ما عدا هؤلاء اللواتي حرَّمتهن عليكم ="أن تبتغوا بأموالكم" يقول: أن تطلبوا وتلتمسوا بأموالكم، (١) إما شراءً بها، وإما نكاحًا بصداق معلوم، كما قال جل ثناؤه: (وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ) [سورة البقرة: ٩١]، يعني: بما عداه وبما سواه. (٢)
* * *
(١) انظر تفسير: "ابتغى" فيما سلف ٣: ٥٠٨ / ٤: ١٦٣ / ٦: ١٩٦، ٥٦٤، ٥٧٠ / ٧: ٥٣.
(٢) انظر تفسير: "وراء" فيما سلف ٢: ٣٤٨، ٣٤٩، ومعاني القرآن للفراء ١: ٦٠، ٢٦١.
(٢) انظر تفسير: "وراء" فيما سلف ٢: ٣٤٨، ٣٤٩، ومعاني القرآن للفراء ١: ٦٠، ٢٦١.
173
وأما موضع:"أن" من قوله:"أن تبتغوا بأموالكم" فرفعٌ، ترجمةً عن"ما" التي في قوله: (١) "وأحل لكم ما وراء ذلكم" في قراءة من قرأ"وأحِلَّ" بضم"الألف" = ونصبٌ على ذلك في قراءة من قرأ ذلك:"وأحَل" بفتح"الألف".
وقد يحتمل النصب في ذلك في القراءتين، على معنى: وأحلّ لكم ما وراء ذلكم لأن تبتغوا. فلما حذفت"اللام" الخافضة، اتصلت بالفعل قبلها فنصبت. (٢) وقد يحتمل أن تكون في موضع خفض، بهذا المعنى، (٣) إذ كانت"اللام" في هذا الموضع معلومًا أن بالكلام إليها الحاجة.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"محصِنين"، أعفَّاء بابتغائكم ما وراء ما حرَّم عليكم من النساء بأموالكم (٤) ="غير مسافحين"، يقول: غير مُزَانين، كما:-
٩٠٢٥ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"محصنين"، قال: متناكحين ="غير مسافحين"، قال: زانين بكل زانية.
٩٠٢٦ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال:"محصنين" متناكحين ="غير مسافحين"، السفاحُ الزِّنا.
وقد يحتمل النصب في ذلك في القراءتين، على معنى: وأحلّ لكم ما وراء ذلكم لأن تبتغوا. فلما حذفت"اللام" الخافضة، اتصلت بالفعل قبلها فنصبت. (٢) وقد يحتمل أن تكون في موضع خفض، بهذا المعنى، (٣) إذ كانت"اللام" في هذا الموضع معلومًا أن بالكلام إليها الحاجة.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"محصِنين"، أعفَّاء بابتغائكم ما وراء ما حرَّم عليكم من النساء بأموالكم (٤) ="غير مسافحين"، يقول: غير مُزَانين، كما:-
٩٠٢٥ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"محصنين"، قال: متناكحين ="غير مسافحين"، قال: زانين بكل زانية.
٩٠٢٦ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال:"محصنين" متناكحين ="غير مسافحين"، السفاحُ الزِّنا.
(١) "الترجمة" هنا هي"التفسير"، كما ذكره الفراء في معاني القرآن ١: ٢٦١.
(٢) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٦١.
(٣) في المخطوطة والمطبوعة: "فهذا المعنى"، وهو خطأ شديد الفساد.
(٤) انظر تفسير"الإحصان" فيما سلف قريبًا: ١٦٥، ١٦٦.
(٢) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٦١.
(٣) في المخطوطة والمطبوعة: "فهذا المعنى"، وهو خطأ شديد الفساد.
(٤) انظر تفسير"الإحصان" فيما سلف قريبًا: ١٦٥، ١٦٦.
174
٩٠٢٧ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"محصنين غير مسافحين"، يقول: محصنين غير زُنَاة.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"فما استمتعتم به منهن". فقال بعضهم: معناه: فما نكحتم منهن فجامعتموهن - يعني: من النساء ="فآتوهن أجورهن فريضة" يعني: صدقاتهن، فريضة معلومة. (١)
*ذكر من قال ذلك:
٩٠٢٨ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورَهن فريضة"، يقول: إذا تزوج الرجل منكم المرأة، ثم نكحها مرة واحدة، فقد وجب صَداقها كلُّه = و"الاستمتاع" هو النكاح، وهو قوله: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) [سورة النساء: ٤].
٩٠٢٩ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحسن في قوله:"فما استمتعتم به منهن"، قال: هو النكاح.
٩٠٣٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"فما استمتعتم به منهن"، النكاح.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"فما استمتعتم به منهن". فقال بعضهم: معناه: فما نكحتم منهن فجامعتموهن - يعني: من النساء ="فآتوهن أجورهن فريضة" يعني: صدقاتهن، فريضة معلومة. (١)
*ذكر من قال ذلك:
٩٠٢٨ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورَهن فريضة"، يقول: إذا تزوج الرجل منكم المرأة، ثم نكحها مرة واحدة، فقد وجب صَداقها كلُّه = و"الاستمتاع" هو النكاح، وهو قوله: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) [سورة النساء: ٤].
٩٠٢٩ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحسن في قوله:"فما استمتعتم به منهن"، قال: هو النكاح.
٩٠٣٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"فما استمتعتم به منهن"، النكاح.
(١) انظر تفسير"الاستمتاع" في"متع"، و"الإيتاء" في"أتى" و"الفريضة" في"فرض" من فهارس اللغة، في الأجزاء السالفة.
175
٩٠٣١ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله:"فما استمتعتم به منهن"، قال: النكاحَ أراد.
٩٠٣٢ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة" الآية، قال: هذا النكاح، وما في القرآن إلا نكاحٌ. إذا أخذتَها واستمتعت بها، فأعطها أجرَها الصداقَ. فإن وضعت لك منه شيئًا، فهو لك سائغ. فرض الله عليها العدة، وفرض لها الميراث. قال: والاستمتاع هو النكاح ههنا، إذا دخل بها.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فما تمتَّعتم به منهن بأجرٍ تمتُّعَ اللذة، لا بنكاح مطلق على وجه النكاح الذي يكون بولِيٍّ وشهود ومهر.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠٣٣ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورَهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة"، (١) فهذه المتعة: الرجل ينكح المرأة بشرط إلى أجل مسمى، ويشهد شاهدين، وينكح بإذن وليها، وإذا انقضت المدة فليس له عليها سبيل، وهي منه بريَّة، وعليها أن تستبرئ ما في رحمها، وليس بينهما ميراث، ليس يرث واحد منهما صاحبه.
٩٠٣٤ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"فما استمتعتم به منهن"، قال: يعني نكاحَ المتعة.
٩٠٣٥ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يحيى بن عيسى قال، حدثنا نصير بن أبي الأشعث قال، حدثني ابن حبيب بن أبي ثابت، عن أبيه قال:
٩٠٣٢ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة" الآية، قال: هذا النكاح، وما في القرآن إلا نكاحٌ. إذا أخذتَها واستمتعت بها، فأعطها أجرَها الصداقَ. فإن وضعت لك منه شيئًا، فهو لك سائغ. فرض الله عليها العدة، وفرض لها الميراث. قال: والاستمتاع هو النكاح ههنا، إذا دخل بها.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فما تمتَّعتم به منهن بأجرٍ تمتُّعَ اللذة، لا بنكاح مطلق على وجه النكاح الذي يكون بولِيٍّ وشهود ومهر.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠٣٣ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورَهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة"، (١) فهذه المتعة: الرجل ينكح المرأة بشرط إلى أجل مسمى، ويشهد شاهدين، وينكح بإذن وليها، وإذا انقضت المدة فليس له عليها سبيل، وهي منه بريَّة، وعليها أن تستبرئ ما في رحمها، وليس بينهما ميراث، ليس يرث واحد منهما صاحبه.
٩٠٣٤ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"فما استمتعتم به منهن"، قال: يعني نكاحَ المتعة.
٩٠٣٥ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يحيى بن عيسى قال، حدثنا نصير بن أبي الأشعث قال، حدثني ابن حبيب بن أبي ثابت، عن أبيه قال:
(١) قوله في الآية"إلى أجل مسمى"، هو في هذا الأثر من سياق الآية عن السدي، وانظر الآثار التالية: ٩٠٣٥ - ٩٠٤٣، وانظر رد الطبري هذه القراءة في آخر تفسير الآية.
176
أعطاني ابن عباس مصحفًا فقال: هذا على قراءة أبيّ = قال أبو كريب (١) قال يحيى: فرأيت المصحف عند نصير، فيه: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى). (٢)
٩٠٣٦ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا داود، عن أبي نضرة قال، سألت ابن عباس عن متعة النساء. قال: أما تقرأ"سورة النساء"؟ قال قلت: بلى! قال: فما تقرأ فيها: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى) ؟ قلت: لا! لو قرأتُها هكذا ما سألتك! قال: فإنها كذا.
٩٠٣٧ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثني عبد الأعلى قال، حدثني داود، عن أبي نضرة قال: سألت ابن عباس عن المتعة، فذكر نحوه.
٩٠٣٨ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي سلمة، عن أبي نضرة قال: قرأت هذه الآية على ابن عباس:"فما استمتعتم به منهن". قال ابن عباس:"إلى أجل مسمى". قال قلت: ما أقرؤها كذلك! قال: والله لأنزلها الله كذلك! ثلاث مرات.
٩٠٣٩ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا أبو داود قال، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عمير: أن ابن عباس قرأ: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى).
٩٠٣٦ - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا داود، عن أبي نضرة قال، سألت ابن عباس عن متعة النساء. قال: أما تقرأ"سورة النساء"؟ قال قلت: بلى! قال: فما تقرأ فيها: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى) ؟ قلت: لا! لو قرأتُها هكذا ما سألتك! قال: فإنها كذا.
٩٠٣٧ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثني عبد الأعلى قال، حدثني داود، عن أبي نضرة قال: سألت ابن عباس عن المتعة، فذكر نحوه.
٩٠٣٨ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي سلمة، عن أبي نضرة قال: قرأت هذه الآية على ابن عباس:"فما استمتعتم به منهن". قال ابن عباس:"إلى أجل مسمى". قال قلت: ما أقرؤها كذلك! قال: والله لأنزلها الله كذلك! ثلاث مرات.
٩٠٣٩ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا أبو داود قال، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عمير: أن ابن عباس قرأ: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى).
(١) في المخطوطة والمطبوعة: "أبو بكر"، مكان"أبو كريب"، وهو سهو من الناسخ كما ترى.
(٢) الأثر: ٩٠٣٥ -"يحيى بن عيسى الرملي"، شيخ أبي كريب، مضت ترجمته رقم: ٦٣١٧، ثم ٧٤١٨."نصير بن أبي الأشعث"- ويقال: ابن الأشعث -العرادي الأسدي، روى عن أبي إسحاق السبيعي وغيره. مترجم في التهذيب.
و"ابن حبيب بن أبي ثابت"، لم أستطع أن أثبت أيهم هو، وهم"عبد الله بن حبيب" و"عبيد الله بن حبيب"، و"عبد السلام بن حبيب"، ذكرهم الداراقطني وقال: "بنو حبيب بن أبي ثابت وكلهم ثقات". وكان في المطبوعة: "حبيب بن أبي ثابت" أسقط"ابن"، وهي ثابتة في المخطوطة.
وأبوه: "حبيب بن أبي ثابت"، روى عن ابن عباس، سلفت ترجمته قريبا، رقم: ٩٠١٢.
(٢) الأثر: ٩٠٣٥ -"يحيى بن عيسى الرملي"، شيخ أبي كريب، مضت ترجمته رقم: ٦٣١٧، ثم ٧٤١٨."نصير بن أبي الأشعث"- ويقال: ابن الأشعث -العرادي الأسدي، روى عن أبي إسحاق السبيعي وغيره. مترجم في التهذيب.
و"ابن حبيب بن أبي ثابت"، لم أستطع أن أثبت أيهم هو، وهم"عبد الله بن حبيب" و"عبيد الله بن حبيب"، و"عبد السلام بن حبيب"، ذكرهم الداراقطني وقال: "بنو حبيب بن أبي ثابت وكلهم ثقات". وكان في المطبوعة: "حبيب بن أبي ثابت" أسقط"ابن"، وهي ثابتة في المخطوطة.
وأبوه: "حبيب بن أبي ثابت"، روى عن ابن عباس، سلفت ترجمته قريبا، رقم: ٩٠١٢.
177
٩٠٤٠ - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة = وحدثنا خلاد بن أسلم قال، أخبرنا النضر قال، أخبرنا شعبة = عن أبي إسحاق، عن ابن عباس بنحوه.
٩٠٤١ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قال: في قراءة أبيّ بن كعب: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى).
٩٠٤٢ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن الحكم قال: سألته عن هذه الآية:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم" إلى هذا الموضع:"فما استمْتَعتم به منهن"، أمنسوخة هي؟ قال: لا = قال الحكم: وقال علي رضي الله عنه: لولا أن عمر رضي الله عنه نهى عن المتعة ما زنى إلا شَقِيٌّ.
٩٠٤٣ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا عيسى بن عمر القارئ الأسدي، عن عمرو بن مرة: أنه سمع سعيد بن جبير يقرأ: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن).
* * *
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين في ذلك بالصواب، تأويل من تأوَّله: فما نكحتموه منهن فجامعتموه، فآتوهن أجورهن = لقيام الحجة بتحريم الله متعة النساء على غير وجه النكاح الصحيح أو الملك الصحيح على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
٩٠٤٤ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال، حدثني الرَّبيع بن سبرة الجهني، عن أبيه: أن النبي ﷺ قال: استمتعوا من هذه النساء = والاستمتاع عندنا يومئذ التزويج. (١)
* * *
٩٠٤١ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قال: في قراءة أبيّ بن كعب: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى).
٩٠٤٢ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن الحكم قال: سألته عن هذه الآية:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم" إلى هذا الموضع:"فما استمْتَعتم به منهن"، أمنسوخة هي؟ قال: لا = قال الحكم: وقال علي رضي الله عنه: لولا أن عمر رضي الله عنه نهى عن المتعة ما زنى إلا شَقِيٌّ.
٩٠٤٣ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا عيسى بن عمر القارئ الأسدي، عن عمرو بن مرة: أنه سمع سعيد بن جبير يقرأ: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن).
* * *
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين في ذلك بالصواب، تأويل من تأوَّله: فما نكحتموه منهن فجامعتموه، فآتوهن أجورهن = لقيام الحجة بتحريم الله متعة النساء على غير وجه النكاح الصحيح أو الملك الصحيح على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
٩٠٤٤ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال، حدثني الرَّبيع بن سبرة الجهني، عن أبيه: أن النبي ﷺ قال: استمتعوا من هذه النساء = والاستمتاع عندنا يومئذ التزويج. (١)
* * *
(١) الحديث: ٩٠٤٤ - اختصر الطبري رحمه الله، أو شيخه سفيان بن وكيع - لفظ الحديث! فأوهم شيئًا آخر غير ما يدل عليه سياقه كاملا. وابن وكيع - شيخ الطبري -: هو سفيان بن وكيع. وهو ضعيف، كما بينا فيما مضى: ١٤٢. والحديث رواه الإمام أحمد في المسند، كاملا: ١٥٤١٥ (ج٣ ص٤٠٥-٤٠٦ حلبي) وشتان بين أحمد وابن وكيع. فرواه عن وكيع، بهذا الإسناد، وفيه: "قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: استمتعوا من هذه النساء. قال: والاستمتاع عندنا يومئذ التزويج، قال: فعرضنا ذلك على النساء، فأبين إلا أن نضرب بيننا وبينهن أجلا. قال: فذكرنا ذلك للنبي ﷺ فقال: افعلوا" - ثم ذكر القصة في تمتعه بامرأة لعشرة أيام، وأنه بات عندها ليلة: "ثم أصبحت غاديًا إلى المسجد. فإذا رسول الله ﷺ بين الباب والحجر، يخطب الناس يقول: ألا أيها الناس، قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من هذه النساء، ألا وإن الله تبارك وتعالى قد حرم ذلك إلى يوم القيامة" - إلى آخر الحديث.
ورواه البيهقي ٧: ٢٠٣، بنحوه من طريق أبي نعيم، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، به.
وروى أحمد في المسند حديث سبرة بن معبد في تحريم المتعة، مطولا ومختصرًا، من أوجه كثيرة (٣: ٤٠٤-٤٠٥).
وكذلك رواه مسلم ١: ٣٩٥-٣٩٦، مطولا ومختصرًا.
وقصة سبرة بن معبد هذه كانت في حجة الوداع، أو في غزوة الفتح - على اختلاف الرواية عنه في ذلك. وقال الحافظ في الفتح ٩: ١٤٧"والرواية عنه بأنها في الفتح أصح وأشهر". وعلى كل حال فالنهي فيها هو الناسخ الأخير، وقد أفاض الحافظ في بيان النسخ مفصلا ٩: ١٤٣-١٥١.
وانظر المحلى ٩: ٥١٩-٥٢٠، والسنن الكبرى للبيهقي ٧: ٢٠٠-٢٠٧.
ورواه البيهقي ٧: ٢٠٣، بنحوه من طريق أبي نعيم، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، به.
وروى أحمد في المسند حديث سبرة بن معبد في تحريم المتعة، مطولا ومختصرًا، من أوجه كثيرة (٣: ٤٠٤-٤٠٥).
وكذلك رواه مسلم ١: ٣٩٥-٣٩٦، مطولا ومختصرًا.
وقصة سبرة بن معبد هذه كانت في حجة الوداع، أو في غزوة الفتح - على اختلاف الرواية عنه في ذلك. وقال الحافظ في الفتح ٩: ١٤٧"والرواية عنه بأنها في الفتح أصح وأشهر". وعلى كل حال فالنهي فيها هو الناسخ الأخير، وقد أفاض الحافظ في بيان النسخ مفصلا ٩: ١٤٣-١٥١.
وانظر المحلى ٩: ٥١٩-٥٢٠، والسنن الكبرى للبيهقي ٧: ٢٠٠-٢٠٧.
178
وقد دللنا على أن المتعة على غير النكاح الصحيح حرام، في غير هذا الموضع من كتبنا، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
* * *
وأما ما روي عن أبيّ بن كعب وابن عباس من قراءتهما: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى)، فقراءة بخلاف ما جاءت به مصاحف المسلمين. وغير جائز لأحد أن يلحق في كتاب الله تعالى شيئًا لم يأت به الخبرُ القاطعُ العذرَ عمن لا يجوز خلافه.
* * *
* * *
وأما ما روي عن أبيّ بن كعب وابن عباس من قراءتهما: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى)، فقراءة بخلاف ما جاءت به مصاحف المسلمين. وغير جائز لأحد أن يلحق في كتاب الله تعالى شيئًا لم يأت به الخبرُ القاطعُ العذرَ عمن لا يجوز خلافه.
* * *
179
القول في تأويل قوله: ﴿وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفرَيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (٢٤) ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: معنى ذلك لا حرَج عليكم، (١) أيها الأزواج، إن أدركتكم عُسرة بعد أن فرضتم لنسائكم أجورَهن فريضة، فيما تراضيتم به من حطٍّ وبراءة، بعد الفرض الذي سَلَف منكم لهن ما كنتم فرضتم.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠٤٥ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه قال: زعم حضرميٌّ: أن رجالا كانوا يفرضون المهر، ثم عسى أن تُدرك أحدهم العسرة، فقال الله:"ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة".
وقال آخرون: معنى ذلك: ولا جناح عليكم، أيها الناس، فيما تراضيتم أنتم والنساء اللواتي استمتعتم بهن إلى أجل مسمى، إذا انقضى الأجل الذي أجَّلتموه بينكم وبينهن في الفراق، أن يزدنكم في الأجل، وتزيدوا من الأجر والفريضة، (٢) قبل أن يستبرئن أرحامهن.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠٤٦ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة"، إن شاء أرضاها من بعد الفريضة الأولى - يعني الأجرة التي أعطاها على تمتعه بها - قبل
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: معنى ذلك لا حرَج عليكم، (١) أيها الأزواج، إن أدركتكم عُسرة بعد أن فرضتم لنسائكم أجورَهن فريضة، فيما تراضيتم به من حطٍّ وبراءة، بعد الفرض الذي سَلَف منكم لهن ما كنتم فرضتم.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠٤٥ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه قال: زعم حضرميٌّ: أن رجالا كانوا يفرضون المهر، ثم عسى أن تُدرك أحدهم العسرة، فقال الله:"ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة".
وقال آخرون: معنى ذلك: ولا جناح عليكم، أيها الناس، فيما تراضيتم أنتم والنساء اللواتي استمتعتم بهن إلى أجل مسمى، إذا انقضى الأجل الذي أجَّلتموه بينكم وبينهن في الفراق، أن يزدنكم في الأجل، وتزيدوا من الأجر والفريضة، (٢) قبل أن يستبرئن أرحامهن.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠٤٦ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة"، إن شاء أرضاها من بعد الفريضة الأولى - يعني الأجرة التي أعطاها على تمتعه بها - قبل
(١) انظر تفسير"الجناح" فيما سلف: ١٤٩، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٢) في المخطوطة: "أن يزيدوكم في الأجل، وتزيدون من الأجر"، والذي في المطبوعة أجود الكلامين.
(٢) في المخطوطة: "أن يزيدوكم في الأجل، وتزيدون من الأجر"، والذي في المطبوعة أجود الكلامين.
180
انقضاء الأجل بينهما، فقال:"أتمتع منك أيضًا بكذا وكذا"، فازداد قبل أن يستبرئ رحمها، ثم تنقضي المدة. وهو قوله:"فيما تراضيتم به من بعد الفريضة"،
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: ولا جناح عليكم، أيها الناس، فيما تراضيتم به أنتم ونساؤكم بعد أن تؤتوهن أجورهن على استمتاعكم بهنّ من مُقام وفراق.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠٤٧ - حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة"، والتراضي: أن يوفِّيها صداقها ثم يخيِّرها.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك ولا جناح عليكم فيما وضَعتْ عنكم نساؤكم من صَدُقاتهن من بعد الفريضة.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠٤٨ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله:"ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة"، قال: إن وضعتْ لك منه شيئًا فهو لك سائغٌ.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب، قولُ من قال: معنى ذلك: ولا حرج عليكم، أيها الناس، فيما تراضيتم به أنتم ونساؤكم من بعد إعطائهن أجورهن على النكاح الذي جرى بينكم وبينهن، من حطِّ ما وجب لهنَّ عليكم، أو إبراء، أو تأخير ووضع. وذلك نظير قوله جل ثناؤه: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا) [سورة النساء: ٤].
فأما الذي قاله السدي: فقولٌ لا معنى له، لفساد القول بإحلال جماع
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: ولا جناح عليكم، أيها الناس، فيما تراضيتم به أنتم ونساؤكم بعد أن تؤتوهن أجورهن على استمتاعكم بهنّ من مُقام وفراق.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠٤٧ - حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة"، والتراضي: أن يوفِّيها صداقها ثم يخيِّرها.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك ولا جناح عليكم فيما وضَعتْ عنكم نساؤكم من صَدُقاتهن من بعد الفريضة.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠٤٨ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله:"ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة"، قال: إن وضعتْ لك منه شيئًا فهو لك سائغٌ.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب، قولُ من قال: معنى ذلك: ولا حرج عليكم، أيها الناس، فيما تراضيتم به أنتم ونساؤكم من بعد إعطائهن أجورهن على النكاح الذي جرى بينكم وبينهن، من حطِّ ما وجب لهنَّ عليكم، أو إبراء، أو تأخير ووضع. وذلك نظير قوله جل ثناؤه: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا) [سورة النساء: ٤].
فأما الذي قاله السدي: فقولٌ لا معنى له، لفساد القول بإحلال جماع
181
امرأة بغير نكاح ولا ملك يمين.
* * *
وأما قوله:"إن الله كان عليمًا حكيمًا"، فإنه يعني: إن الله كان ذا علم بما يُصلحكم، أيها الناس، في مناكحكم وغيرها من أموركم وأمور سائر خلقه، ="حكيما" فيما يدبر لكم ولهم من التدبير، وفيما يأمركم وينهاكم، لا يدخل حكمته خلل ولا زلل. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى:"الطول" الذي ذكره الله تعالى في هذه الآية.
فقال بعضهم: هو الفضل والمال والسَّعة.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠٤٩- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"ومن لم يستطع منكم طولا"، قال: الغنى.
٩٠٥٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
٩٠٥١ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"ومن لم يستطع منكم طولا"، يقول: من لم يكن له سَعَة.
٩٠٥٢ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"ومن لم يستطع منكم طولا"، يقول: من لم يستطع منكم سعة.
٩٠٥٣ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال،
* * *
وأما قوله:"إن الله كان عليمًا حكيمًا"، فإنه يعني: إن الله كان ذا علم بما يُصلحكم، أيها الناس، في مناكحكم وغيرها من أموركم وأمور سائر خلقه، ="حكيما" فيما يدبر لكم ولهم من التدبير، وفيما يأمركم وينهاكم، لا يدخل حكمته خلل ولا زلل. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى:"الطول" الذي ذكره الله تعالى في هذه الآية.
فقال بعضهم: هو الفضل والمال والسَّعة.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠٤٩- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"ومن لم يستطع منكم طولا"، قال: الغنى.
٩٠٥٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
٩٠٥١ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"ومن لم يستطع منكم طولا"، يقول: من لم يكن له سَعَة.
٩٠٥٢ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"ومن لم يستطع منكم طولا"، يقول: من لم يستطع منكم سعة.
٩٠٥٣ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال،
(١) انظر تفسير"عليم" و"حكيم" في فهارس اللغة فيما سلف.
182
حدثنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير قوله:"ومن لم يستطع منكم طولا"، قال: الطول الغنى.
٩٠٥٤ - حدثني المثنى قال، حدثنا حبان بن موسى قال، أخبرنا ابن المبارك قال، أخبرنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير في قوله:"ومن لم يستطع منكم طولا"، قال: الطول السعة. (١)
٩٠٥٥ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ومن لم يستطع منكم طولا"، أما قوله:"طولا"، فسعة من المال.
٩٠٥٦ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"ومن لم يستطع منكم طولا"، الآية، قال:"طولا"، لا يجد ما ينكح به حرَّة.
* * *
وقال آخرون: معنى"الطول"، في هذا الموضع: الهَوَى.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠٥٧ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثني عبد الجبار بن عمر، عن ربيعة: أنه قال في قوله الله:"ومن لم يستطع منكم طولا" قال: الطول الهوى. قال: ينكح الأمة إذا كان هواهُ فيها. (٢)
٩٠٥٨ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: كان ربيعة يليِّن فيه بعض التليين، كان يقول: إذا خشي على نفسه إذا أحبَّها - أي الأمة - وإن كان يقدر على نكاح غيرها، فإني أرى أن ينكحها.
٩٠٥٤ - حدثني المثنى قال، حدثنا حبان بن موسى قال، أخبرنا ابن المبارك قال، أخبرنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير في قوله:"ومن لم يستطع منكم طولا"، قال: الطول السعة. (١)
٩٠٥٥ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ومن لم يستطع منكم طولا"، أما قوله:"طولا"، فسعة من المال.
٩٠٥٦ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"ومن لم يستطع منكم طولا"، الآية، قال:"طولا"، لا يجد ما ينكح به حرَّة.
* * *
وقال آخرون: معنى"الطول"، في هذا الموضع: الهَوَى.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠٥٧ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثني عبد الجبار بن عمر، عن ربيعة: أنه قال في قوله الله:"ومن لم يستطع منكم طولا" قال: الطول الهوى. قال: ينكح الأمة إذا كان هواهُ فيها. (٢)
٩٠٥٨ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: كان ربيعة يليِّن فيه بعض التليين، كان يقول: إذا خشي على نفسه إذا أحبَّها - أي الأمة - وإن كان يقدر على نكاح غيرها، فإني أرى أن ينكحها.
(١) الأثر: ٩٠٥٤ - في المطبوعة: "حدثنا ابن المثنى" بزيادة"ابن"، وليست في المخطوطة، وهو الصواب، وقد مضت رواية"المثنى" عن"حبان بن موسى"، في مئات من المواضع مثل: ٤٤٩٨، ٤٥٢٨، ٤٥٤٨، وما سيأتي قريبًا رقم: ٩٠٥٩، ٩٠٦١.
(٢) الأثر: ٩٠٥٧ -"عبد الجبار بن عمر الأيلي" مضت ترجمته برقم: ٤٠٦٨. وكان في المطبوعة: "عبد الجبار بن عمرو" وهو خطأ.
(٢) الأثر: ٩٠٥٧ -"عبد الجبار بن عمر الأيلي" مضت ترجمته برقم: ٤٠٦٨. وكان في المطبوعة: "عبد الجبار بن عمرو" وهو خطأ.
183
٩٠٥٩ - حدثني المثنى قال، حدثنا حبان بن موسى قال، أخبرنا ابن المبارك قال، أخبرنا حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن جابر: أنه سئل عن الحرِّ يتزوج الأمة، فقال: إن كان ذا طول فلا. قيل: إن وقع حبّ الأمة في نفسه؟ قال: إن خشي العَنَت فليتزوجها.
٩٠٦٠ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن عبيدة، عن الشعبي قال: لا يتزوج الحر الأمة، إلا أن لا يجد = وكان إبراهيم يقول: لا بأس به.
٩٠٦١ - حدثني المثنى قال، حدثنا حبان بن موسى قال، أخبرنا ابن المبارك قال، أخبرنا ابن جريج قال: سمعت عطاء يقول: لا نكره أن ينكح ذُو اليسار اليوم الأمة، إذا خشي أن يشقى بها. (١)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب، قولُ من قال: معنى"الطَّوْل" في هذا الموضع، السعة والغنى من المال، لإجماع الجميع على أن الله تبارك وتعالى لم يحرِّم شيئًا من الأشياء = سوى نكاح الإماء لواجد الطول إلى الحرة = فأحلَّ ما حرم من ذلك عند غلبة المحرَّم عليه له، لقضاء لذة. (٢) فإذْ كان ذلك إجماعًا من الجميع فيما عدا نكاح الإماء لواجد الطول، فمثله في التحريم نكاح الإماء لواجد الطول: لا يُحَلُّ له من أجل غلبة هوًى عنده فيها، (٣) لأن ذلك مع وجوده
٩٠٦٠ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن عبيدة، عن الشعبي قال: لا يتزوج الحر الأمة، إلا أن لا يجد = وكان إبراهيم يقول: لا بأس به.
٩٠٦١ - حدثني المثنى قال، حدثنا حبان بن موسى قال، أخبرنا ابن المبارك قال، أخبرنا ابن جريج قال: سمعت عطاء يقول: لا نكره أن ينكح ذُو اليسار اليوم الأمة، إذا خشي أن يشقى بها. (١)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب، قولُ من قال: معنى"الطَّوْل" في هذا الموضع، السعة والغنى من المال، لإجماع الجميع على أن الله تبارك وتعالى لم يحرِّم شيئًا من الأشياء = سوى نكاح الإماء لواجد الطول إلى الحرة = فأحلَّ ما حرم من ذلك عند غلبة المحرَّم عليه له، لقضاء لذة. (٢) فإذْ كان ذلك إجماعًا من الجميع فيما عدا نكاح الإماء لواجد الطول، فمثله في التحريم نكاح الإماء لواجد الطول: لا يُحَلُّ له من أجل غلبة هوًى عنده فيها، (٣) لأن ذلك مع وجوده
(١) في المطبوعة: "أن يسعى بها"، هكذا قرأ ما في المخطوطة، وصواب قراءتها ما أثبت. وعنى بذلك ما مضى في الآثار السالفة من قوله: "إن خشي العنت".
(٢) استشكل معنى هذه الجملة والتي بعدها على الناشر الأول. والمعنى، أن الله تعالى لم يحرم شيئًا، ثم أحله من أجل غلبة الهوى أو قضاء اللذة. بل أحل المحرم، للضرورة التي يخاف معها المضطر هلاك نفسه. فإذ كان ذلك إجماعًا من الجميع في كل شيء حرمه، فنكاح الإماء مثله، لا يمكن إحلاله من أجل غلبة الهوى.
(٣) في المطبوعة: "من أجل غلبة هوى سره فيها"، وفي المخطوطة: "من أجل غلبة الهوى غيره فيها"، وكأن صواب قراءتها ما أثبت. ولولا أن معنى"عنده" جائز صحيح، لآثرت أن تكون"عليه".
(٢) استشكل معنى هذه الجملة والتي بعدها على الناشر الأول. والمعنى، أن الله تعالى لم يحرم شيئًا، ثم أحله من أجل غلبة الهوى أو قضاء اللذة. بل أحل المحرم، للضرورة التي يخاف معها المضطر هلاك نفسه. فإذ كان ذلك إجماعًا من الجميع في كل شيء حرمه، فنكاح الإماء مثله، لا يمكن إحلاله من أجل غلبة الهوى.
(٣) في المطبوعة: "من أجل غلبة هوى سره فيها"، وفي المخطوطة: "من أجل غلبة الهوى غيره فيها"، وكأن صواب قراءتها ما أثبت. ولولا أن معنى"عنده" جائز صحيح، لآثرت أن تكون"عليه".
184
الطولَ إلى الحرة منه قضاء لذة وشهوة، وليس بموضع ضرورة ترفع برخصة، (١) كالميتة للمضطر الذي يخاف هلاك نفسه، فيترخص في أكلها ليحيي بها نفسَه، وما أشبه ذلك من المحرمات اللواتي رخص الله لعباده في حال الضرورة والخوف على أنفسهم الهلاكَ منه، ما حرم عليهم منها في غيرها من الأحوال. (٢) ولم يرخص الله تبارك وتعالى لعبدٍ في حرام لقضاء لذة. وفي إجماع الجميع على أن رجلا لو غلبَه هوى امرأة حرّة أو أمة، أنها لا تحل له إلا بنكاح أو شراء على ما أذن الله به، ما يوضّح فساد قول من قال:"معنى الطول، في هذا الموضع: الهوى"، وأجاز لواجد الطول لحرة نكاحَ الإماء.
* * *
فتأويل الآية = إذ كان الأمر على ما وصفنا =: ومن لم يجد منكم سعة من مالٍ لنكاح الحرائر، فلينكح مما ملكت أيمانكم.
* * *
وأصل"الطول" الإفضال: يقال منه:"طال عليه يطول طَوْلا"، في الإفضال = و"طال يطول طُولا" في الطَول الذي هو خلاف القِصَر.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك: ومن لم يستطع منكم، أيها الناس، طولا = يعني من الأحرار ="أن ينكح المحصنات"، وهن الحرائر (٣) = "المؤمنات" اللواتي قد
* * *
فتأويل الآية = إذ كان الأمر على ما وصفنا =: ومن لم يجد منكم سعة من مالٍ لنكاح الحرائر، فلينكح مما ملكت أيمانكم.
* * *
وأصل"الطول" الإفضال: يقال منه:"طال عليه يطول طَوْلا"، في الإفضال = و"طال يطول طُولا" في الطَول الذي هو خلاف القِصَر.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك: ومن لم يستطع منكم، أيها الناس، طولا = يعني من الأحرار ="أن ينكح المحصنات"، وهن الحرائر (٣) = "المؤمنات" اللواتي قد
(١) في المطبوعة: "وليس بموضع ضرورة تدفع ترخصه"، وليس صوابًا في العبارة، وفي المخطوطة: "ترفع برخصة" غير منقوطة، وصواب قراءتها ما أثبت.
(٢) جملة قوله: "ما حرم عليهم منها" مفعول لقوله: "رخص الله لعباده".
(٣) انظر تفسير"المحصنات" فيما سلف قريبًا: ١٥١-١٦٩.
(٢) جملة قوله: "ما حرم عليهم منها" مفعول لقوله: "رخص الله لعباده".
(٣) انظر تفسير"المحصنات" فيما سلف قريبًا: ١٥١-١٦٩.
185
صدَّقن بتوحيد الله وبما جاء به رسول الله ﷺ من الحق.
* * *
وبنحو ما قلنا في"المحصنات" قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠٦٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"أن ينكح المحصنات"، يقول: أن ينكح الحرائر، فلينكح من إماء المؤمنين.
٩٠٦٣ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله:"أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم" قال:"المحصنات" الحرائر، فلينكح الأمة المؤمنة.
٩٠٦٤ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
٩٠٦٥ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أما"فتياتكم"، فإماؤكم.
٩٠٦٦ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، أخبرنا هشيم قال، أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير:"أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات"، قال: أما من لم يجد ما ينكح الحرة، تزوج الأمة. (١)
٩٠٦٧ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات"، قال: لا يجد ما ينكح به حرة، (٢) فينكح هذه الأمة، فيتعفف بها، ويكفيه أهلها
* * *
وبنحو ما قلنا في"المحصنات" قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
٩٠٦٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"أن ينكح المحصنات"، يقول: أن ينكح الحرائر، فلينكح من إماء المؤمنين.
٩٠٦٣ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله:"أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم" قال:"المحصنات" الحرائر، فلينكح الأمة المؤمنة.
٩٠٦٤ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
٩٠٦٥ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أما"فتياتكم"، فإماؤكم.
٩٠٦٦ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، أخبرنا هشيم قال، أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير:"أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات"، قال: أما من لم يجد ما ينكح الحرة، تزوج الأمة. (١)
٩٠٦٧ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات"، قال: لا يجد ما ينكح به حرة، (٢) فينكح هذه الأمة، فيتعفف بها، ويكفيه أهلها
(١) في المطبوعة: "فيتزوج الأمة"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) في المطبوعة:
(٢) في المطبوعة:
"من لم يجد ما ينكح | "، وأثبت ما في المخطوطة، فهو صواب محض. |