ﰡ
فيه ثلاث مسائل :
[ ١ ] المسألة الأولى : عمل الحكمين تجاه الزوجين.
قال الإمام ابن حزم :( وإذا شجر٢ بين الرجل وامرأته بعث الحاكم حكما من أهله وحكما من أهلها عن حال الظالم منهما، وينهيا إلى الحاكم ما وقفا عليه من ذلك، ليأخذ الحق ممن هو قبله، ويأخذ على يدي الظالم، وليس لهما أن يفرقا بين الزوجين، لا بخلع٣، ولا بغيره.
برهان ذلك : قول الله عز وجل :﴿ وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ﴾٤ ).
[ ٢ ] المسألة الثانية : المراد بالأهل في الآية.
قال الإمام ابن حزم :( الأهل : القرابة هم من الأب والأم، والأهل أيضا : الموالي، كما روينا في حديث أبي طيبة٥ :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أهله أن يخففوا عنه من خراجه٦ )٧ )٨.
[ ٣ ] المسألة الثالثة : على ما يعود الضمير في قوله تعالى :﴿ يريدا ﴾، وقوله :﴿ بينهما ﴾ ؟.
قال الإمام ابن حزم :( قال عز وجل ﴿ إن يريدا إصلاحا يوفق بينهما ﴾ لا يخلو ضرورة الضمير الذي في ﴿ بينهما ﴾ من أن يكون راجعا إلى الزوجين، وهكذا نقول، أو يكون راجعا إلى الحكمين، فنص الآية أنه إنما يوفق الله تعالى بينهما إن أراد إصلاحا )٩.
٢ شجر: المشاجرة بين الزوجين هي: المنازعة والاختلاف والاضطراب بينهما. انظر لسان العرب ٤/٣٩٦، المعجم الوسيط ١/٤٧٣..
٣ الخلع – بضم الخاء، وسكون اللام -: هو فراق الرجل لزوجته بعوض تبذله له، بألفاظ مخصوصة، وسمي بذلك لأن المرأة تخلع نفسها من الزوج كما تخلع اللباس. انظر: روضة الطالبين ٧/٣٧٤، الإنصاف ٨/٣٨٢..
٤ المحلى ١١/١٥٢..
٥ أبو طيبة هو: نافع – على الصحيح، كما جزم بذلك ابن حجر -، أبو طيبة الحجام، مولى الأنصار من بني حارثة، ومولاه منهم محيصة بن مسعود، كان يحجم النبي صلى الله عليه وسلم عاش مائة وثلاثا وأربعين سنة.
انظر: أسد الغابة ٦/١٨٣، الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر ٧/١٩٥، فتح الباري ٤/٥٣٧..
٦ الخراج – بفتح الخاء والراء -: هو الغلة، أي: ما يحصل من غلة العين المبتاعة، عبدا كان أو أمة، أو ملكا.
انظر: النهاية في غريب الحديث ٢/١٩..
٧ الحديث أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب البيوع، باب ذكر الحجام ٤/٣٨٠، حديث رقم (٢١٠٢)، وفي كتاب الإجارة، باب من كلم موالي العبد أن يخففوا عنه من خراجه ٤/٥٣٧، حديث رقم (٢٢٨١)، وفي كتاب الطب، باب الحجامة من الداء ١٠/١٥٨، حديث رقم (٥٦٦٩)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب المساقاة، باب حل أجرة الحجامة ٧/٤٢٨٨، حديث رقم (١٥٧٧)..
٨ المحلى ١١/١٥٣..
٩ المحلى ١١/١٥٣..
[ ٤ ] مسألة : فيم عنى قوله تعالى :﴿ وما ملكت أيمانكم ﴾.
قال الإمام ابن حزم :( قوله :﴿ وما ملكت أيمانكم ﴾، يريد : وما ملكتم )٢.
٢ الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢/٤..
فيه عشرون مسألة :
[ ٥ ] المسألة الأولى : في المراد بالصلاة في الآية.
يرى الإمام ابن حزم أن المراد بالصلاة في الآية هي العبادة المعروفة نفسها.
قال – رحمه الله - :( لأنه لا يجوز أن يظن أن الله تعالى أراد أن يقول : لا تقربوا مواضع الصلاة، فيلبس علينا فيقول :﴿ لا تقربوا الصلاة ﴾.
ورُوي أن الآية في الصلاة نفسها عن علي بن أبي طالب٢، وابن عباس٣، وجماعة )٤.
[ ٦ ] المسألة الثانية : في حد الإسكار.
قال الإمام ابن حزم :( حد الإسكار الذي يحرم به الشراب، وينتقل به من التحليل إلى التحريم هو أن يبدأ فيه الغليان ولو بحبابة واحدة فأكثر، ويتولد من شربه والإكثار منه على المرء في الأغلب أن يدخل الفساد في تمييزه، ويخلط في كلاه بما يعقل وبما لا يعقل، فإذا بلغ المرء من الناس من الإكثار من الشراب إلى هذه الحال، فذلك الشراب مسكر حرام، سكر منه كل من شربه، سواء أسكر أم لم يسكر، طبخ أم لم يطبخ، ذهب الطبخ أكثره أم لم يذهب، وإذا بطلت هذه الصفة من الشراب بعد أن كانت فيه موجودة فهو حلال خل لا خمر.
برهان ذلك : قول الله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ﴾، فسمى الله تعالى من لا يدري ما يقول : سكران، وإن كان قد يفهم بعض الأمر.
ومن طريق أحمد بن شعيب، أنا سوار بن عبد الله بن سوار ابن عبد الله – هو العنبري -، نا عبد الوهاب بن عبد المجيد – هو الثقفي – عن هشام – هو ابن حسان – عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " انتبذ في سقائك وأوكه٥ واشربه حلوا " ٦.
قال أبو محمد : وهذا قولنا، لأنه إذا بدأ يغلي حدث في طعمه تغيير عن الحلاوة، وهو قول جماعة من السلف.
كما رُوينا من طريق سعيد بن منصور، نا إسماعيل بن إبراهيم، نا هشام – هو الدستوائي – عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم النخعي :( ليس بشرب العصير وبيعه بأس حتى يغلي )٧.
ومن طريق ابن المبارك عن هشام بن عائذ الأسدي قال : سألت إبراهيم النخعي عن العصير ؟. فقال :( اشربه ما لم يتغير )٨.
ومن طريق ابن المبارك عن عبد الملك عن عطاء في العصير قال :( اشربه حتى يغلي )٩.
ومن طريق سعيد بن منصور، نا إسماعيل بن إبراهيم – هو ابن علية – أخبرني محمد بن إسحاق عن يزيد بن قسيط، قال سعيد بن المسيب :( ليس بشراب العصير بأس ما لم يزبد١٠، فإذا أزبد فاجتنبوه )١١.
وهو قول أبي يوسف١٢.
ورويناه من طريق أحمد بن شعيب، أنا سويد بن نصر، نا عبد الله بن المبارك، عن أبي يعفور السلمي، عن أبي ثابت الثعلبي، أنه سمع ابن عباس يقول في العصير :( اشربه ما دام طريا١٣ )١٤.
[ ٧ ] المسألة الثالثة : ضابط السكر.
قال الإمام ابن حزم :( أما حد سكر الإنسان فإننا رويناه من طريق أحمد بن صالح١٥ أنه سئل عن السكران ؟. فقال : أنا آخذ فيه بما رواه ابن جريج عن عمرو بن دينار عن يعلى بن منيه عن أبيه، سألت عمر بن الخطاب عن حد السكران ؟. فقال :( هو الذي إذا استقرئ سورة لم يقرأها، وإذا خلطت ثوبه مع ثياب لم يخرجه )١٦.
قال أبو محمد : وهو نحو قولنا في أن لا يدري ما يقول، ولا يراعي تمييز ثوبه )١٧.
[ ٨ ] المسألة الرابعة : في حكم طلاق السكران.
قال الإمام ابن حزم :( وطلاق السكران غير لازم.
برهان ذلك قول الله تعالى :﴿ لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ﴾ فبين الله تعالى أن السكران لا يعلم ما يقول، فمن لم يعلم ما ما يقول فهو سكران، ومن علم ما يقول فليس بسكران.
ومن أخبر الله تعالى أنه لا يدري ما يقول، فلا يحل أن يلزمنا شيئا من الأحكام، لا طلاقا، ولا غيره ؛ لأنه غير مخاطب، إذ ليس من ذوي الألباب )١٨.
[ ٩ ] المسألة الخامسة : في حكم يمين، وبيع، وعتق، وقذف السكران.
يرى الإمام ابن حزم أن السكران غير مؤاخذ بأقواله وأفعاله، إلا حد الخمر فقط، فلا يمين له، ولا يجوز بيعه ولا عتقه ولا قذفه.
برهان ذلك : قول الله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ﴾، فشهد الله عز وجل بأن السكران لا يدري ما يقول، وإذا لم يدر ما يقول فلا شيء عليه.
ولقوله تعالى :﴿ وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ﴾١٩. والسكران لم يخلص لله الدين بما نطق به.
ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى " ٢٠.
وصح أن حمزة رضي الله عنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولعلي بن أبي طالب وزيد بن خالد٢١ :( هل أنتم إلا عبيد لآبائي ) – وهو سكران -، فلم يعنفه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، ولو قالها صحيحا لكفر بذلك٢٢، ٢٣.
[ ١٠ ] المسألة السادسة : في حكم من سكر حتى خرج وقت الصلاة.
يرى الإمام ابن حزم أن من سكر حتى خرج وقت الصلاة ففرض عليه أن يصليها أبدا ؛ لقول الله تعالى :﴿ لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ﴾ فلم يبح الله تعالى للسكران أن يصلي حتى يعلم ما يقول٢٤.
[ ١١ ] المسألة السابعة : في معنى قوله :﴿ عابري سبيل ﴾.
يرى الإمام ابن حزم بأن معنى قوله تعالى :﴿ عابري سبيل ﴾ أي : مسافرون ؛ لأن الجنب لم ينه عن دخول المسجد٢٥.
[ ١٢ ] المسألة الثامنة : في تقدير الآية.
قال الإمام ابن حزم :( لا خلاف بين أحد من الأمة في أن هذه الآية حذفا، كأنه قال تعالى : أو على سفر فأحدثتم ؛ لأن كون المرء مريضا، أو مسافرا لا يوجب عليه وضوءا إلا أن يحدث )٢٦.
[ ١٣ ] المسألة التاسعة : في حكم البول والغائط من أي موضع خرجا.
يرى الإمام ابن حزم أن البول والغائط من أي موضع خرجا، من الدبر والإحليل٢٧، أو من جرح في المثانة، أو البطن، أو غير ذلك من الجسد، أو من الفم ؛ انتقض الوضوء، لقوله تعالى :﴿ أو جاء أحد منكم من الغائط ﴾.
وقد يكون خروج البول والغائط من غير المخرجين، ولعموم أمره – عليه الصلاة والسلام – بالوضوء منهما٢٨، ولم يخص موضعا دون موضعا، وللإجماع المتيقن٢٩، ٣٠.
[ ١٤ ] المسألة العاشرة : في معنى اللمس في الآية.
يرى الإمام ابن حزم أن اللمس المذكور في الآية المراد به : التقاء البشرتين، سواء كان بجماع أم بغيره.
قال – رحمه الله - :( وادعى قوم أن اللمس المذكور في هذه الآية هو الجماع.
قال أبو محمد : وهذا تخصيص لا برهان عليه، ومن الباطل الممتنع أن يرد الله عز وجل لماسا من لماس فلا يبينه، نعوذ بالله من هذا )٣١.
[ ١٥ ] المسألة الحادية عشرة : في حكم لمس الرجل للمرأة.
يرى الإمام ابن حزم أن لمس الرجل للمرأة بأي عضو مسها به، إذا كان عمدا فإنه ينقض الوضوء، سواء كان بشهوة أم بغيرها.
برهان ذلك : قوله تبارك وتعالى :﴿ أو لامستم النساء ﴾٣٢.
[ ١٦ ] المسألة الثانية عشرة : في حكم لمس المرأة للرجل.
يرى الإمام ابن حزم أن لمس المرأة للرجل بأي عضو مسته، إذا كان عمدا، فإنه ينقض الوضوء، سواء كان بشهوة أم بغيرها.
برهان ذلك : قول الله تبارك وتعالى :﴿ أو لامستم النساء ﴾.
قال الإمام ابن حزم :( بيقين ندري أن الرجال والنساء مخاطبون بهذه الآية، لا خلاف بين أحد من الأمة في هذا ؛ لأن أول الآية وآخرها عموم للجميع من الذين آمنوا، فصح أن هذا الحكم لازم للرجال إذا لامسوا النساء، والنساء إذا لامسن الرجال )٣٣.
[ ١٧ ] المسألة الثالثة عشرة : في حكم اللمس من وراء حائل.
يرى الإمام ابن حزم أن لمس الرجل للمرأة، والمرأة للرجل من وراء حائل، لا ينقض الوضوء، سواء كان الحائل خفيفا أم كثيفا٣٤.
[ ١٨ ] المسألة الرابعة عشرة : في حكم لمس ذات المحرم٣٥.
يرى الإمام ابن حزم أن لمس ذات المحرم ينقض الوضوء، سواء كان بشهوة أم بغير شهوة.
برهان ذلك : قول الله تبارك وتعالى :﴿ أو لامستم النساء ﴾ فإن الله تعالى لم يخص امرأة من امرأة، ولا لذة من غير لذة، فتخصيص ذلك لا يجوز٣٦.
[ ١٩ ] المسألة الخامسة عشرة : في حكم لمس الصغيرة.
يرى الإمام ابن حزم أن لمس الصغيرة ينقض الوضوء، سواء كان بشهوة أم بغير شهوة.
برهان ذلك : قول الله تبارك وتعالى :﴿ أو لامستم النساء ﴾٣٧.
[ ٢٠ ] المسألة السادسة عشرة : في حكم لمس المرأة الكبيرة.
يرى الإمام ابن حزم أن لمس الكبيرة ينقض الوضوء، سواء كان بشهوة أم بغير شهوة.
برهان ذلك : قول الله تبارك وتعالى :﴿ أو لامستم النساء ﴾.
فصح أن هذا الحكم لازم للرجال إذا لامسوا النساء، والنساء إذا لامسن الرجال، ولم يخص الله تعالى امرأة من امرأة، ولا لذة من غير لذة، فتخصيص ذلك لا يجوز٣٨.
[ ٢١ ] المسألة السابعة عشرة : في حكم الوضوء والغُسل بالماء إذا خالطه شيء طاهر مباح.
قال الإمام ابن حزم :( كل ماء خالطه شيء طاهر مباح فظهر فيه لونه وريحه وطعمه، إلا أنه لم يزل عنه اسم الماء ؛ فالوضوء به جائز، والغُسل به للجنابة جائز ).
برهان ذلك : قوله تعالى :﴿ فلم تجدوا ماء ﴾، وهذا ماء، سواء كان الواقع فيه مسكا٣٩، أم عسلا، أم زعفرانا٤٠، أم غير ذلك.
حدثنا حُمام ثنا ابن مفرج ثنا ابن الأعرابي ثنا الدبري ثنا عبد الرزاق ثنا ابن جريح أخبرني عطاء بن أبي رباح عن أم هانئ بنت أبي طالب أنها قالت :( دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في قبة٤١ له، فوجدته قد اغتسل بماء كان في صحفة٤٢، إني لأرى فيها أثر العجين، فوجدته يصلي الضحى )٤٣.
وبه إلى عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أم هانئ قالت :( نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح بأعلى مكة، فأتيته بماء في جفنة٤٤ إني لأرى أثر العجين فيها، فستره أبو ذر٤٥، فاغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ستر – عليه الصلاة والسلام – أبا ذر فاغتسل، ثم صلى ثماني ركعات، وذلك الضحى )٤٦.
حدثنا يونس بن عبد الله ثنا أبو عيسى بن أبي عيسى ثنا أحمد بن خالد ثنا ابن وضاح ثنا أبو بكر ابن أبي شيبة عن زيد بن الحُباب العُلكي عن إبراهيم بن نافع عن ابن أبي نُجيح عن مجاهد عن أم هانئ، ( أن ميمونة٤٧ أم المؤمنين ورسول الله صلى الله عليه وسلم اغتسلا من قصعة٤٨ فيها أثر العجين )٤٩.
قال علي : وهذا قول ثابت عن ابن مسعود قال : إذا غسّل الجُنب رأسه بالخطمي٥٠ أجزأه٥١، وكذلك نصا عن ابن عباس٥٢.
ورُوي أيضا هذا عن علي بن أبي طالب٥٣.
وثبت عن سعيد بن المسيب٥٤، وابن جريج٥٥، وعن صواحب النبي صلى الله عليه وسلم من نساء الأنصار، والتابعات منهن٥٦ أن المرأة الجُنب والحائض إذا امتشطت بحناء٥٧ رقيق أن ذلك يُجزئها من غسل رأسها للحيضة والجنابة، ولا تعيد غسله.
وثبت عن إبراهيم النخعي٥٨، وعطاء بن أبي رباح٥٩، وأبي سلمة
٢ انظر: أحكام القرآن لابن العربي ١/٥٥٢، روائع البيان ١/٤٨٤..
٣ انظر: أحكام القرآن لابن العربي ١/٥٥٢، مجمع البيان ٥/١١١، اللباب للدمشقي ٦/٣٩٧..
٤ انظر: المحلى ٢/١١٦..
٥ أوكه: أي: شد رأسه بالوكاء، والوكاء: الخيط تشد به الصرة والكيس.
انظر: النهاية في غريب الحديث ٥/٢٢٢..
٦ رجال الإسناد:
أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن دينار، أبو عبد الرحمن النسائي، الحافظ، صاحب السنن، روى له مسلم، مات سنة ثلاث وثلاثمائة، وله ثمان وثمانون سنة (م). انظر: تقريب التهذيب ١/٣٦.
سوّار – بتشديد الواو وآخره راء – بن عبد الله بن سوار بن عبد الله، أبو عبد الله التميمي، العنبري، البصري، قاضي الرصافة وغيرها، ثقة، غلط من تكلم فيه، مات سنة خمس وأربعين ومائتين (د ت س). انظر: تقريب التهذيب ١/٣٢٦.
عبد الوهاب بن عبد المجيد بن الصلت الثقفي، أبو محمد البصري، ثقة، تغير قبل موته بثلاث سنين، مات سنة أربع وتسعين ومائة، عن نحو من ثمانين سنة (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٤٨٩.
هشام بن حسان الأزدي، القردوسي – بالقاف وضم الدال -، أبو عبد الله البصري، ثقة، من أثبت الناس في ابن سيرين، وفي روايته عن الحسن وعطاء مقال، لأنه قيل: كان يرسل عنهما، مات سنة سبع وأربعين ومائة، وقيل: ثمان وأربعين ومائة (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/٣٢٣.
محمد بن سيرين الأنصاري، أبو بكر بن أبي عمرة، البصري، ثقة، ثبت، عابد، كبير القدر، كان لا يرى الرواية بالمعنى، مات سنة عشر ومائة (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/١٧٨.
عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني، يكنى أبا هريرة، الصحابي الجليل، الحافظ، كان من المكثرين من رواية الحديث، مات سنة سبع وخمسين، وهو ابن ثمان وسبعين سنة (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/٤٦٤.
تخريج الحديث: أخرجه أبو داود في سننه، كتاب العلم، باب حديث وفد عبد القيس ١٠/١١٥، حديث رقم (٣٦٨٧)، والنسائي في سننه، كتاب الأشربة، باب الإذن في الانتباذ ٨/٢٢٥، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/٢٢٦، والبيهقي في السنن الكبرى ٨/٣٠٩.
درجته: صحيح، وإن كان فيه عبد الوهاب بن الصلت، وهو ثقة تغير بآخره، إلا أنه لم يحدث بعد الاختلاط، وقد صححه ابن حبان في صحيحه ٧/٣٨٥، حديث رقم (٥٣٧٧).
وورد جزء من هذا الحديث في صحيح مسلم، كتاب الأشربة، باب الدباء والحنتم والنقير ٩/٥٤٧٣، حديث رقم ١٩٩٢، وهو: "ولكن اشرب في سقائك وأوكه". انظر: الكواكب النيرات ص ٣١٧..
٧ رجال الإسناد:
سعيد بن منصور بن شعبة، أبو عثمان الخراساني، نزيل مكة، ثقة مصنف، وكان لا يرجع عما في كتابه لشدة وثوقه به، مات سنة سبع وعشرين ومائتين (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٢٩٨.
إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي مولاهم، أبو بشر البصري، المعروف بابن علية، ثقة حافظ، مات سنة ثلاث وتسعين ومائة (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٧٧.
هشام بن أبي عبد الله سنبر – بمهلمة ثم نون ثم موحدة -، أبو بكر الدستوائي – بفتح الدال وسكون السين المهملتين وفتح المثناة ثم مد -، ثقة ثبت، وقد رُمي بالقدر، مات سنة أربع وخمسين ومائة (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/٣٢٤.
حماد بن أبي سليمان مسلم الأشعري، مولاهم، أبو إسماعيل الكوفي، فقيه صدوق، له أوهام، رُمي بالأرجاء، مات سنة عشرين ومائة، أو قبلها (خت بخ م ٤). انظر تقريب التهذيب ١/١٩٥، وانظر: طبقات الحفاظ ص ٥٥.
إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي، أبو عمران الكوفي الفقيه، ثقة، إلا أنه يرسل كثيرا، مات سنة ست وتسعين ومائة، وهو ابن خمسين أو نحوها (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٦٠.
تخريج الأثر:
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ٥/٤٨٥، والنسائي في سننه، كتاب الأشربة، باب الوضوء مما مست النار ٨/٢٤١.
درجته:
حسن؛ لأن حماد بن أبي سليمان صدوق، له أوهام، وقد تابعه هشام بن عائذ الأسدي عند النسائي كما سيأتي في تخريج الأثر الذي بعده، وهو صدوق، فانتفى الوهم عن حماد..
٨ رجال الإسناد:
عبد الله بن المبارك المروزي، مولى بني حنظلة، ثقة ثبت فقيه، عالم، جواد، مجاهد، جمعت فيه خصال الخير، مات سنة إحدى وثمانين وأربعمائة، وله ثلاث وستون سنة (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٤١٨.
هشام بن عائذ بن نصيب الأسدي، صدوق، وقد أرسل عن ابن عمر، مات سنة بعد المائة (س). انظر: تقريب التهذيب ٢/٣٢٤.
إبراهيم النخعي، ثقة، تقدمت ترجمته.
تخريج الأثر:
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ٥/٤٨٥، والنسائي في سننه، كتاب الأشربة، باب الوضوء مما مست النار ٨/٢٤١.
درجته: حسن؛ لأن هشام الأسدي صدوق..
٩ رجال الإسناد:
عبد الملك بن أبي سليمان ميسرة، العرزمي – بفتح المهملة وسكون الراء، والزاي المفتوحة -، صدوق، له أوهام، مات سنة خمس وأربعين ومائتين (خت م ٤). انظر: تقريب التهذيب ١/٤٨١.
وبقية رجال الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الأثر:
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ٥/٤٨٤، والنسائي في سننه، كتاب الأشربة، باب الوضوء مما مست النار ٨/٢٤١.
درجته:
صحيح..
١٠ الزبد: الرغوة، وزبد الشيء: اشتد بياضه، يقال: هو أبيض مُزبد.
انظر: لسان العرب ٣/١٩٢، المعجم الوسيط ١/٣٨٨..
١١ رجال الإسناد :
محمد بن إسحاق بن يسار، أبو بكر المطلبي، مولاهم المدني، نزيل العراق، إمام المغازي، صدوق، يدلس، ورمي بالتشيع والقدر، مات سنة خمسين ومائة، ويقال بعدها (خت م ٤). انظر: تقريب التهذيب ٢/١٥٣.
يزيد بن عبد الله بن قسيط – بقاف ومهملتين، مصغرا – بن أسامة الليثي، أبو عبد الله المدني، الأعرج، ثقة، مات سنة اثنتين وعشرين ومائة، وله تسعون سنة (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/٣٧٦.
وبقية رجال الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الأثر:
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ٥/٤٨٤، والنسائي في سننه، كتاب الأِشربة، باب الوضوع مما مست النار ٨/٢٤١.
درجته:
صحيح؛ لأن عباد بن العوام ثقة، وقد تابع محمد بن إسحاق عند ابن أبي شيبة في مصنفه ٧/٤٩٣..
١٢ انظر: بدائع الصنائع للكاساني ٦/٤٠٦، نيل الأوطار للشوكاني ٩/٦٠، الفقه الإسلامي وأدلته للدكتور الزحيلي٦/١٥٢..
١٣ رجال الإسناد:
سُويد بن نصر بن سويد المروزي، أبو الفضل، لقبه الشاه، رواية ابن المبارك، ثقة، مات سنة أربعين ومائتين، وله تسعون سنة (ت س). انظر: تقريب التهذيب ١/٣٢٨.
أبو يعفور السلمي هو: عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس – بكسر النون وسكون السين المهملة -، مختلف في نسبته، كوفي ثقة، مات بعد المائة (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٤٥٦.
أيمن بن ثابت الثعلبي، أبو ثابت الكوفي، مولى بني ثعلبة، صدوق، مات قبل المائة (س). انظر: تقريب التهذيب ١/٩٧.
تخريج الأثر ودرحته:
أورده البخاري في صحيحه معلقا، في كتاب الأشربة، باب الباذق، ومن نهى عن كل مسكر من الأشربة ١٠/٦٤، ووصله ابن أبي شيبة في مصنفه ٥/٤٨٤، والنسائي في سننه، كتاب الأشربة، باب ما يجوز شربه من العصير وما لا يجوز ٨/٢٤٠، من طريق أبي ثابت الثعلبي، قال: (كنت عند ابن عباس، فجاءه رجل فسأله عن العصير؟ فقال: اشربه ما كان طريا)، وإسناد ابن حزم حسن؛ لأن فيه أيمن بن ثابت، وهو صدوق..
١٤ انظر: المحلى ٨/١٣٦-١٣٧..
١٥ أحمد بن صالح المصري، أبو جعفر، ويعرف بابن الطبري، كان أحد الحفاظ الثقات المبرزين، والأئمة المذكورين، كان من أعرف الناس بأحاديث ابن شهاب، مات سنة ثمان وأربعين ومائتين، وله ثمان وسبعون سنة (خ د تم). انظر: تقريب التهذيب ١/٣٦، طبقات الحفاظ ص ٢١٩..
١٦ رجال الإسناد:
عبد الملك بن عبد العزيز بن جريح الأموي مولاهم، المكي، ثقة فقيه فاضل، وكان يدلس ويرسل، مات سنة خمسين ومائة أو بعدها، وقد جاوز السبعين، وقيل: جاوز المائة، ولم يثبت (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٤٨٢.
عمرو بن دينار المكي، أبو محمد الأثرم، الجمحي، مولاهم، ثقة ثبت، مات سنة ست وعشرين ومائة (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/٧٥.
يعلى بن أمية بن أبي عبيدة بن همام التميمي، أبو خالد، وقيل: أبو خلف، حليف قريش، صحابي مشهو، أسلم يوم فتح مكة، وشهد بعض الغزوات، وهو: يعلى بن منية – بضم الميم وسكون النون بعدها تحتانية مفتوحة -، وهي أمه. مات سنة سبع وأربعين أو بعدها (ع). انظر: تهذيب الكمال للمزي ٢٠/٤٥٧، تقريب التهذيب ٢/٣٨٧.
أمية بن أبي عبيدة بن همام بن الحارث بن بكر بن زيد التميمي الحنظلي، حليف بني نوفل، ووالد يعلى ابن أمية. ولم يذكر الحافظ ابن حجر تاريخ وفاته.
انظر: الإصابة في تمييز الصحابة ١/٢٦٨.
عمر بن الخطاب، صحابي مشهور، تقدمت ترجمته.
تخريج الأثر:
لم أقف على تخريجه، وهو ضعيف الإسناد؛ لأن عبد الملك بن جريج في المرتبة الثالثة من مراتب المدلسين، ولم يصرح هنا بالسماع. انظر: تعريف أهل التقديس ص ٩٥..
١٧ انظر: المحلى ٨/١٣٨..
١٨ انظر : المحلى ١١/٢٥٤..
١٩ سورة البينة، من الآية ٥..
٢٠ سبق تخريجه ص ٧٦..
٢١ زيد بن خالد الجهني المدني، صحابي مشهور، مات بالكوفة سنة ثمان وستين، أو سبعين، وله خمس وثمانون سنة. انظر: تقريب التهذيب ١/٢٦٨..
٢٢ سبق تخريجه ص ٩٨..
٢٣ انظر: المحلى ٨/١٩٩، ٩/٢٩٨، ١٠/١٠٦، ١٣/١٤١..
٢٤ انظر : المحلى ٢/١٤٨..
٢٥ انظر : المحلى ٢/١١٦..
٢٦ انظر : الإحكام في أصول الأحكام ٢/٢٦٣، ٣/٥٠٢، رسائل ابن حزم ٤/٢٦٦..
٢٧ الإحليل : هو مخرج البول من الإنسان، والجمع أحاليل. انظر: لسان العرب ١١/١٧٠، المعجم الوسيط ١/١٩٤..
٢٨ يُشير إلى حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا سفرا ألا ننزع خفافنا إلا من جنابة، ولكن من عائط، وبول، ونوم).
الحديث أخرجه ابن ماجة في سننه، كتاب الطهارة، باب الوضوء من النوم ١/٢٧٦، حديث رقم (٤٧٨)، والترمذي في جامعه، كتاب الطهارة، باب ما جاء في المسح على الخفين للمسافر والمقيم ١/٢٦٧-٢٦٨، والنسائي في سننه، كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين للمسافر ١/٦١، حديث رقم (١٢٧)، وابن خزيمة في صحيحه ١/١٣-١٤، وابن حبان في صحيحه ٤/١٤٩ – ١٥٠، والبيهقي في السنن الكبرى ١/١١٤.
قال الترمذي: حسن صحيح. انظر: الجامع ١/٢٦٨، والحديث حسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة ١/٧٩، حديث رقم (٤٧٨)، وفي إرواء الغليل ١/١٤٠، حديث رقم (١٠٤)، وانظر: مشكاة المصابيح للتبريزي ١/١٦١، حديث رقم (٥٢٠)..
٢٩ انظر: الإجماع لابن المنذر ص ٣١، الوسيط للغزالي ١/٤٠٥، بداية المجتهد ١/٣٤، الإفصاح ١/٧٨، المقنع ١/٥، المغني ١/١٦٠، المجموع ٢/٤، الشرح الكبير ١/٥، المبدع ١/١٣١، الإنصاف ١/٥..
٣٠ انظر: المحلى ١/٢٢٤، التوضيح شرح الجامع الصحيح ٢/٥٢١..
٣١ انظر: المحلى ١/٢٣٢..
٣٢ انظر : المحلى ١/٢٣٢..
٣٣ انظر : المحلى ١/٢٣٢..
٣٤ انظر : المحلى ١/٢٣٢..
٣٥ ذات المحرم: هي كل من حرم عليه نكاحها على التأييد، بنسب أو رضاع أو مصاهرة. انظر: نهاية المحتاج ١/١١٧..
٣٦ انظر: المحلى ١/٢٣٢..
٣٧ انظر : المحلى ١/٢٣٢..
٣٨ انظر : المحلى ١/٢٣٢..
٣٩ المسك – بكسر الميم وسكون السين -: ضرب من الطيب، يتخذ من ضرب من الغزلان، والجمع مسك. انظر: لسان العرب ١٠/٤٨٧، المعجم الوسيط ٢/٨٦٩..
٤٠ الزعفران: نبات بصلي معمر من الفصيلة السوسنية، منه أنواع برية، ونوع صبغي طبي مشهور، ويُستعمل في الطيب. انظر: لسان العرب ٤/٣٢٤، المعجم الوسيط ١/٣٩٤..
٤١ القبة هي: البناء من الأدم خاصة، والجمع قبب وقباب. انظر لسان العرب ٥/٣٥٠٧..
٤٢ الصحفة: هي نوع من الإناء، تشبع الخمسة ونحوهم، والجمع صحاف. قال ابن سيده: شبه قصعة مُسْلَنْطِحَةٍ عريضة. انظر: لسان العرب ٤/٢٤٠٥..
٤٣ رجال الإسناد:
حُمام بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أكدر الأطروشي، من أهل قرطبة، يكنى أبا بكر. قال ابن حزم: (كان واحد عصره في البلاغة، وفي سعة الرواية، ضابطا لما قيده)، روى عن ابن مفرج، وروى عنه ابن حزم، مات سنة إحدى وعشرين وأربعمائة. انظر: جذوة المقتبس ص ١٩٩، بغية الملتمس ص ٢٧٥، الصلة ١/١٥٣.
محمد بن أحمد بن محمد بن يحيى بن مفرج القاضي الأموي، محدث حافظ جليل، يكنى أبا بكر، روى عن ابن الأعرابي، كان حافظا للحديث، عالما به، بصيرا بالرجال، صحيح النقل، جيد الكتاب على كثرة ما جمع، مات سنة ثمانين وثلاثمائة. انظر: جذوة المقتبس ص ٤٠، بغية الملتمس ص ٤٩.
أحمد بن محمد بن زياد بن بشر بن درهم، أبو سعيد بن الأعرابي، البصري، الإمام المحدث الحافظ الثقة الصدوق الزاهد، له أوهام، نزيل مكة، شيخ الحرم، مات بمكة سنة أربعين وثلاثمائة، وله أربع وتسعون سنة. انظر: سير أعلام النبلاء ١٥/٤٠٧، لسان الميزان ١/٤١٤.
إسحاق بن إبراهيم بن عباد الصنعاني الدبري، صاحب الرزاق، الشيخ العالم المسند الصدوق، أبو يعقوب، مات بصنعاء سنة خمس وثمانين ومائتين. انظر: سير أعلام النبلاء ١٣/٤١٦، لسان الميزان ١/٤٦١.
عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري، مولاهم، أبو بكر الصنعاني، ثقة حافظ مصنف، شهير، عمي في آخر عمره فتغير، وكان يتشيع، مات سنة إحدى عشر ومائتين، وله خمس وثمانون سنة (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٤٦٨.
أم هانئ بنت أبي طالب الهاشمية، اسمها: فاختة، وقيل: هند، لها صحبة، وأحاديث، ماتت في خلافة معاوية (ع).
انظر: تقريب التهذيب ٢/٥٣٦.
وبقية رواة الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الأثر:
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ٣/٧٥، حديث رقم (٤٨٦٧)، وأحمد في مسنده ٦/٣٨٤، حديث رقم (٢٨٨١)، والنسائي في سننه، كتاب الغسل والتيمم، باب الاغتسال في قصعة فيها أثر العجين ١/١٤٥، حديث رقم (٤١٥)، والبيهقي في السنن الكبرى ١/٨.
ترجته:
صحيح..
٤٤ الجفنة: أعظم ما يكون من القصاع، والجمع جفان وجفن، والعدد جفنات، بالتحريك.
انظر: لسان العرب ١١/٥٠، المعجم الوسيط ٢/٧١٧..
٤٥ أبو ذر الغفاري الصحابي الزاهر المشهور، الصادق اللهجة، اختلف في اسمه، والأصح أنه جندب بن جنادة بن حرام بن غفار، كان من السابقين إلى الإسلام، وتأخرت هجرته فلم يشهد بدرا، ومناقبه كثيرة جدا، مات سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان رضي الله عنه (ع).
انظر: تقريب التهذيب ٢/٤٢٠، الإصابة في تمييز الصحابة ٧/١٠٥..
٤٦ رجال الإسناد:
معمر بن راشد الأزدي، مولاهم، أبو عروة البصري، نزيل اليمن، ثقة ثبت فاضل، إلا أن في روايته عن ثابت والأعمش وهشام ابن عروة شيئا، وكذا فيما حدث به بالبصرة، مات سنة أربع وخمسين ومائة، وله ثمان وخمسون سنة (ع).
انظر: تقريب التهذيب ٢/٢٧١.
عبد الله بن طاوس بن كيسان اليماني، أبو محمد، ثقة فاضل عابد، مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة. انظر: تقريب التهذيب ١/٤٠١.
المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب بن الحارث المخزومي، صدوق، كثير التدليس والإرسال، مات بعد المائة (د ٤). انظر: تقريب التهذيب ٢/٢٦٠.
وبقية الرواة تقدمت ترجمتهم.
تخريج الأثر:
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ٣/٧٦، حديث رقم (٤٨٦٠)، وأحمد في مسنده ٦/٣٨٤، حديث رقم (٢٦٨٨)، وابن خزيمة في صحيحه ١/١١٩، حديث رقم (٢٣٧)، والبيهقي في السنن الكبرى ١/٨.
درجته:
صحيح، قال الهيثمي: (رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، وهو في الصحيح خلا قصة أبي ذر، وستر كل واحد منهما الآخر.) انظر: بمجمع الزوائد ١/٢٦٩، وانظر: صحيح البخاري ١/٤٦١، حديث رقم (٢٨٠)..
٤٧ ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية، أم المؤمنين، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قيل: اسمها برة، فسماها النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة، وتزوجها بسرف سنة سبع، ماتت سنة إحدى وخمسين على الصحيح. انظر: تقريب التهذيب ٢/٥٣٠، الإصابة في تمييز الصحابة ٨/٣٢٢..
٤٨ القصعة: الصحفة الضخمة، تشبع العشرة، والجمع قصاع، قصع. انظر: لسان العرب ٥/٣٦٥٣..
٤٩ رجال الإسناد:
يونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث بن محمد بن يونس، أبو الوليد، يعرف بابن الصفار، فقيه محدث عارف متقدم مشهور حافظ، قاضي الجماعة بقرطبة، ومن أعيان أهل العلم، روى عن أبي عيسى الليثي، وروى عنه أبو محمد بن حزم، وكان زاهدا فاضلا، له مصنفات في التصوف، مات سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة. انظر: جذوة المقتبس ص ٣٨٤، بغية الملتمس ص ٥١٣.
أبو عيسى بن أبي عيسى من بني يحيى بن يحيى الليثي، روى عن أحمد بن خالد، وروى عنه يونس بن عبد الله بن مغيث. انظر: جذوة المقتبس ص ٣٩٩، بغية الملتمس ص ٥٢٦.
أحمد بن خالد بن يزيد، يعرف بابن الجباب، كنيته أبو عمر، جياني الأصل، سكن قرطبة، كان حافظا متقنا، وراوية للحديث مكثرا، رحل فسمع جماعة، منهم: محمد بن وضاح وغيره، مات بقرطبة سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة. انظر: جذوة المقتبس ص ١١٣، بغية الملتمس ص ١٧٥.
محمد بن وضاح بن بزيع، أبو عبد الله، مولى عبد الرحمن بن معاوية بن عبد الملك بن مروان، من الرواة المكثرين، والأئمة المشهورين، رحل إلى المشرق، وطوف البلاد في طلب العلم، سمع أبا بكر بن أبي شيبة، وروى عنه أحمد بن خالد بن يزيد وغيره، مات سنة ست وثمانين ومائتين. انظر: جذوة المقتبس ص ٩٣، بغية الملتمس ص ١٣٣.
عبد الله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان، الواسطي الأصل، أبو بكر بن شيبة الكوفي العبسي، مولاهم، ثقة حافظ دين، صاحب تصانيف، مات سنة خمس وثلاثين ومائتين (خ م د س ق). انظر: تقريب التهذيب ١/٤١٨، طبقات الحفاظ ص ١٩٢.
زيد بن الحباب بن الريان، أبو الحسين العكلي التميمي، أًصله من خراسان، وكان بالكوفة، صدوق يخطئ في حديث الثوري، مات سنة ثلاث ومائتين (م ٤). انظر: جذوة المقتبس ص ٢١٩، تقريب التهذيب ١/٢٦٧.
إبراهيم بن نافع المخزومي المكي، ثقة، حافظ، روى له الجماعة. انظر: تقريب التهذيب ١/٦٠.
عبد الله بن يسار الجهني، ابن أبي نجيح الكوفي، ثقة، روى له أبو داود والنسائي، مات قبل المائة. انظر: تقريب التهذيب ١/٤٣٢.
وبقية الرواة تقدمت ترجمتهم.
تخريج الأثر: أخرجه أحمد في مسنده ٦/٣٨٥، حديث رقم (٢٦٨٨٩)، وابن ماجة في سننه، كتاب الطهارة، باب الرجل والمرأة يغتسلان من إناء واحد ١/٢٣٣، حديث رقم (٣٧٨، والنسائي في سننه، كتاب الطهارة، باب ذكر الاغتسال في القصعة التي يعجن فيها ١/٩٤، حديث رقم (٢٤٠)، وابن خزمية في صحيحه ١/١١٩، حديث رقم (٢٤٠)، وابن حبان في صحيحه ٤/٥١، حديث رقم (١٢٤٥)، والبيهقي في السنن الكبرى ١/٧.
درجته: صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة ١/١٣٣، إرواء الغليل ١/٦٤، حديث رقم (٢٧)، وإسناد ابن حزم حسن؛ لأن فيه زيد بن الحباب التميمي، وهو صدوق..
٥٠ الخطمي: ضرب من النبات يغسل به الرأس. قال الأزهري: هو بفتح الخاء، ومن قال: خطمي – بكسر الخاء – فقد لحن. انظر: لسان العرب ١/٨٦٢، المصباح المنير للفيومي ص ٦٧..
٥١ أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ١/٢٦٣، وابن أبي شيبة في مصنفه ١/٩١-٩٢..
٥٢ أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ١/٩٢..
٥٣ أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ١/٢٦٣، وابن أبي شيبة في مصنفه ١/٩١..
٥٤ أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ١/٢٧٤..
٥٥ أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ١/٢٧٤..
٥٦ أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ١/٢٧٣..
٥٧ الحناء – بالمد والتشديد -: شجر ورقه كورق الرمان، وعيدانه كعيدانه، له زهر أبيض كالعناقيد، يُتخذ من ورقه خضاب أحمر، الواحدة حناءة، والجمع حنان. انظر: لسان العرب ٢/١٠١٦، المعجم الوسيط ١/٢٠١..
٥٨ أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ١/٢٦٤..
٥٩ انظر: المرجع السابق..
[ ٢٥ ] مسألة : في حكم قراءة القرآن بغير العربية.
قال الإمام ابن حزم :( ومن قرأ أم القرآن أو شيئا منها، أو شيئا من القرآن في صلاته مترجما بغير العربية، أو بألفاظ عربية غير الألفاظ التي أنزل الله تعالى، أو قدم كلمة أو أخرها عامدا لذلك ؛ بطلت صلاته، وهو فاسق ؛ لأن الله تعالى قال :﴿ قرآنا عربيا ﴾٢، وإحالة رتبة القرآن تحريف كلام الله تعالى، وقد ذم الله تعالى قوما فعلوا ذلك، فقال :﴿ يحرفون الكلم عن مواضعه ﴾٣.
ومن كان لا يحسن العربية فليذكر الله تعالى بلُغته، لقول الله تعالى :﴿ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ﴾٤ )٥.
٢ سورة يوسف، من الآية ٢، سورة طه، من الآية (١١٣)، سورة الزمر، من الآية (٢٨)، سورة فصلت، من الآية (٣)، سورة الشورى، من الآية (٧)، سورة الزخرف، من الآية (٣)..
٣ سورة المائدة، من الآية (١٣)..
٤ سورة البقرة، من الآية (٢٨٦)..
٥ انظر: المحلى ٣/١٥٢..
فيه مسألتان :
[ ٢٦ ] المسألة الأولى : في المراد بما معهم في قوله تعالى :﴿ مصدقا لما معكم ﴾.
قال الإمام ابن حزم :( هذا عموم قام البرهان على أنه مخصوص، وأنه تعالى إنما أراد : مصدقا لما معكم من الحق، لا يمكن غير هذا ؛ لأننا بالضرورة ندري أن معهم حقا وباطلا، ولا يجوز تصديق الباطل ألبتة، فصح أنه إنما أنزله تعالى مصدقا لما معهم من الحق. فإن الله تعالى أبقى في التوراة والإنجيل حقا ليكون حجة عليهم وزائدا في خزيهم، وبالله تعالى التوفيق )٢.
[ ٢٧ ] المسألة الثانية : هل أمر الله محدث أو غير محدث ؟
يرى الإمام ابن حزم أن أمر الله تعالى محدث مخلوق.
قال – رحمه الله - :( قال الله عز وجل :﴿ والله غالب على أمره ﴾٣، وبلا شك في أن المغلوب عليه مخلوق، وأنه غير الغالب عليه.
وقال تعالى :﴿ لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ﴾٤، وهذا بيان جلي لا إشكال فيه على أن الأمر محدث.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يحدث من أمره ما يشاء " ٥.
فصح بيقين أن أمر الله تعالى محدث مخلوق )٦.
٢ انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل ١/٢٤٠.
٣ سورة يوسف، من الآية (٢١)..
٤ سورة الطلاق، من الآية (١)..
٥ أخرجه البخاري في صحيحه معلقا، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: ﴿كل يوم هو في شأن﴾ ١٣/٥٠٥، ووصله أبو داود في سننه، كتاب الصلاة، باب رد السلام في الصلاة ٣/١٣٦، حديث رقم (٩٢٠)، من طريق موسى بن إسماعيل، عن أبان عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود به، ووصله أيضا النسائي في سننه، كتاب السهو، باب الكلام في الصلاة ٣/١٤، حديث رقم (١٢٢١)، من طريق الحسين بن حريث عن سفيان عن عاصم به..
٦ انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢/٨، الدرة فيما يجب اعتقاده ص ٢٧٩..
فيه مسألتان :
[ ٢٨ ] المسألة الأولى : في المراد بقوله تعالى :﴿ إن الله لا يغفر أن يشرك به... ْ ﴾.
يرى الإمام ابن حزم أن هذه الآية حق على ظاهرها، وعلى عمومها، وقد فسرتها آيات آخر ؛ لأنه لا يختلف في أن الله تعالى يغفر أن يشرك به لمن تاب من الشرك بلا شك، ويغفر ما دون الشرك لمن يشاء، إلا أنه قد بين من هم الذين شاء أن يغفر لهم، وهم الذين اجتنبوا الكبائر.
قال – رحمه الله - :( ومن لم يجتنب الكبائر حوسب على كل ما عمل، ووازن الله عز وجل بين أعماله من الحسنات وبين جميع معاصيه التي لم يتب منها، ولا أقيم عليه حدها، فمن رجحت حسناته فهو في الجنة، وكذلك من ساوت حسناته سيئاته.
قال الله عز وجل :﴿ ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ﴾٢.
وقال تعالى :﴿ فأما من ثقلت موازينه * فهو في عيشة راضية ﴾٣.
ومن تساوت فهم أهل الأعراف٤، قال الله عز وجل :﴿ إن الحسنات يذهبن السيئات ﴾٥، ولا خلاف في أن التوبة تسقط الذنوب.
حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج حدثني إسماعيل بن سالم أخبرني هشيم ثنا خالد عن أبي قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني عن عبادة بن الصامت قال :( أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أخذ على النساء : أن لا نشرك بالله شيئا، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا يعضه٦ بعضنا بعضا، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أتى منكم حدا فأقيم عليه فهو كفارة له، ومن ستره الله عليه فأمره إلى الله، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له )٧.
ومن رجحت سيئاته بحسناته فهم الخارجون من النار بالشفاة على قدر أعمالهم.
قال الله عز وجل :﴿ وأما من خفت موازينه * فأمه هاوية * وما أدراك ما هية * نار حامية ﴾٨، وقال عز وجل :﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ﴾٩، وقال تعالى :﴿ هل تجزون إلا ما كنتم تعملون ﴾١٠، وقال تعالى :﴿ اليوم تجزى كل نفس بما كسبت ﴾١١.
حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا زهير بن حرب ثنا يعقوب بن إبراهيم ابن سعد ثنا أبي عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي أن أبا هريرة أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حديث طويل : " ويضرب الصراط بين ظهري جهنم، فأكون أنا وأمتي أول من يجيز، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل، ودعوى الرسل يومئذ : اللهم سلم سلم، وفي جهنم كلاليب١٢ مثل شوك السعدان١٣، غير أنه لا يُعلم ما قدر عظمها إلا الله عز وجل، تخطف الناس بأعمالهم، فمنهم الموبق١٤ بعمله، ومنهم المخردل١٥ حتى ينجى )١٦.
وبه إلى مسلم ثنا أبو غسان المسمعي ومحمد بن المثنى قالا : ثنا معاذ – وهو ابن هشام الدستوائي – أخبرنا أبي عن قتادة ثنا أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يخرج من النار من قال : لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، ثم يخرج من النار من قال : لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن برة، ثم يخرج من النار من قال : لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة " ١٧.
وليس قول الله عز وجل :﴿ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ﴾، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبادة الذي ذكرناه آنفا : " إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له " ١٨ بمعارض لما ذكرنا ؛ لأنه ليس في هذين النصين إلا أنه تعالى يغفر ما دون الشرك لمن يشاء، وهذا صحيح لا شك فيه.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم : " أن الرجل يأتي يوم القيامة وله صدقة، وصيام، وصلاة، فيوجد قد سفك دم هذا، وشتم هذا، فتؤخذ حسناته كلها، فيقتص لهم منها، فإذا لم يبق له حسنة قذف من سيئاتهم عليه، ورمي في النار " ١٩.
ونحن نقول : إن الله تعالى يعذب من يشاء، ويرحم من يشاء، وأنه تعالى يغفر ما دون الشرك لمن يشاء، وأن كل أحد فهو في مشيئة الله تعالى، إلا أننا نقول : إنه تعالى قد بين من يغفر لهم، ومن يعذب، وأن الموازين حق، والموازنة حق، والشفاعة حق، وبالله تعالى التوفيق " ٢٠.
[ ٢٩ ] المسألة الثانية : في دخول الكفار وأهل الكتاب في الآية.
يرى الإمام ابن حزم – رحمه الله – أن كل كفر شرك، وكل شرك كفر، وأنهما اسمان نقلهما الله تعالى عن موضوعهما في اللغة إلى كل من أنكر شيئا من دين الله الإسلام، يكون بإنكاره معاندا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد بلوغ النذارة إليه.
قال – رحمه الله - : قد قال الله تعالى :﴿ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ﴾، فلو كان هاهنا كفرا ليس شركا لكان مغفورا لمن شاء الله تعالى بخلاف الشرك، وهذا لا يقوله مسلم.
حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا إسحاق بن راهوية، عن جرير – هو ابن عبد الحميد – عن الأعمش عن أبي وائل عن عمرو بن شرحبيل قال : قال عبد الله ابن مسعود :( قال رجل : يا رسول الله، أي الذنب أكبر عند الله ؟. قال : " أن تدعو لله ندا وهو خلقك "، قال : ثم أي ؟ قال : " أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك " ٢١.
وبه إلى مسلم، أنا عمرو بن محمد بن بكير الناقد ثنا إسماعيل بن علية عن سعيد الجريري ثنا عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال :( كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر – ثلاثا - ؟. الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور، أو قول الزور " ٢٢.
وبه إلى مسلم، حدثني هارون بن سعيد الأيلي ثنا ابن وهب أخبرني سليمان بن بلال عن ثور بن زيد عن أبي الغيث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " اجتنبوا السبع الموبقات "، قيل : يا رسول الله وما هن ؟. قال : " الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات " )٢٣.
فلو كان هاهنا كفرا ليس شركا لكان ذلك الكفر خارجا عن الكبائر، ولكان عقوق الوالدين وشهادة الزور أعظم منه، وهذا لا يقوله مسلم )٢٤.
وقد رد ابن حزم على من احتج بأن الله عز وجل فرق بين أهل الكتاب والمشركين في قوله تعالى :﴿ لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين.. ﴾٢٥، فقال :( لو لم يأت في هذا المعنى غير هذه الآية لكانت حجتهم ظاهرة، لكن الذي أنزل هذه الآية هو القائل :﴿ اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا ﴾٢٦، وقال تعالى :﴿ وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ﴾٢٧، وقال تعالى عنهم أنهم قال :﴿ إن الله ثالث ثلاثة ﴾٢٨، وهذا كله تشريك ظاهر لا خفاء فيه، فإذا قد صح الشرك والتشريك في القرآن من اليهود والنصارى، فقد صح أنهم مشركون، وأن الشرك والكفر اسمان لمعنى واحد.
وقد قلنا : إن التسمية لله عز وجل لا لنا، فإذ ذلك كذلك فقد صح أن قوله تعالى :﴿ الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين ﴾٢٩، كقوله تعالى :﴿ إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا ﴾٣٠. ولا خلاف بين أحد من أهل الإسلام في أن المنافقين كفار، وكقوله تعالى :﴿ من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين ﴾٣١، ولا خلاف في أن جبريل وميكائيل من جملة الملائكة، وكقوله تعالى :﴿ فيهما فاكهة ونخل ورمان ﴾٣٢، والرمان من الفاكهة، وكقوله تعالى :﴿ وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى... ﴾٣٣، وهؤلاء من النبيين. والقرآن نزل بلغة العرب، والعرب تعيد الشيء باسمه وإن كانت قد أجملت ذكره ؛ تأكيدا لأمره، فبطل تعلق من تعلق بتفريق الله تعالى بين الكفار والمشركين في اللفظ، وبالله تعالى التوفيق )٣٤.
٢ سورة الأنبياء، الآية ٤٧..
٣ سورة القارعة، الآيتان (٦، ٧)..
٤ الأعراف: سور بين الجنة والنار، وأهله هم الذين تساوت حسناتهم وسيئاتهم. انظر: تاج العروس ٦/١٩٤..
٥ سورة هود، من الآية (١١٤)..
٦ العضة – بكسر العين وفتح الضاد -: الكذب والبهتان. انظر: لسان العرب ١٣/٥١٦..
٧ رجال الإسناد :
عبد الله بن يوسف بن نامي بن يوسف بن أبيض الرهوني، أبو محمد، من أهل قرطبة، روى عن أحمد ابن فتح، وروى عنه ابن حزم وأثنى عليه، كان رجلا صالحا خيرا فاضلا، مات سنة خمس وثلاثين وأربعمائة. انظر: بغية الملتمس ص ٣٥٣، الصلة ١/٢٦٢.
أحمد بن فتح بن عبد الله بن علي القرطبي، التاجر السفار، أبو القاسم، المعروف بابن الرسان، الشيخ الجليل الثقة المحدث، كان رجلا صالحا على هدى وسنة، مات في ربيع الأول سنة ثلاث وأربعمائة، عن أربع وثمانين سنة. انظر: الصلة ١/٢٦، سير أعلام النبلاء ١٧/٢٠٥.
عبد الوهاب بن عيسى بن عبد الرحمن بن عيسى بن ماهان الفارسي، البغدادي المصري، أبو العلاء، الإمام المحدث، روى عنه أحمد بن فتح، وحدث بمصر بصحيح مسلم، وثقة الدارقطني، مات سنة سبع وثمانين وثلاثمائة. انظر: سير أعلام النبلاء ١٦/٥٣٥، العبر ٢/١٧٤.
أحمد بن محمد بن يحيى الأشقر الشفعي، أبو بكر، شيخ أهل الكلام في عصره بنيسابور، روى عنه عبد الوهاب بن ماهان، مات سنة تسع وخمسين وثلاثمائة. انظر: تاريخ الإسلام للذهبي ص ١٨٩، العبر ٢/١٧٤.
أحمد بن علي بن الحسن بن المغيرة بن عبد الرحمن القلانسي، وقعت روايته عن مسلم عند المغاربة، ولا يوجد له ذكر عند غيرهم، دخلت روايته إليهم من مصر على يدي من رحل منهم إلى جهة المشرق، كأبي عبد الله محمد القرطبي وغيره. انظر: صيانة صحيح مسلم ١/١١١، الإشبيلي في فهرسه ص ١٠١.
مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، أبو الحسن، صاحب الصحيح، ثقة حافظ إمام مصنف، عالم الفقه، مات في رحب سنة إحدى وستين ومائتين، وله سبع وخمسون سنة (ت). انظر: تقريب التهذيب ٢/٢٥١، طبقات الحفاظ ص ٢٦٤.
إسماعيل بن سالم الصائغ البغدادي، نزيل مكة، ثقة، روى عن هشيم وغيره، وعنه مسلم وغيره، كان ثقة مأمونا، وذكره ابن حبان في الثقات، مات بعد المائتين. انظر: تهذيب التهذيب ١/٢٧٣، تقريب التهذيب ١/٨١.
هشيم – بالتصغير – بن بشير بن القاسم بن دينار السلمي، أبو معاوية بن أبي خازم – بمعجمتين – الواسطي، ثقة ثبت، كثير التدليس والإرسال الخفي، مات سنة ثلاث وثمانين ومائة، وقد قارب الثمانين (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/٣٢٦.
خالد بن مهران، أبو المنازل – بفتح الميم والنون، وقيل: بضم النون – البصري الحذاء، رأى أنس بن مالك، روى عن أبي قلابة، وهو ثقة يرسل، وقد أشار حماد بن زيد إلى أن حفظة تغير لما قدم من الشام، وعاب عليه بعضهم دخوله في عمل السلطان (ع). انظر: تهذيب التهذيب ٣/١١٠، تقريب التهذيب ١/٢١٦.
عبد الله بن زيد بن عمرو أو عامر الجرمي، أبو قلابة البصري، روى عنه خالد الحذاء، وكان عبد الله أحد الأعلام، ثقة فاضلا، كثير الإرسال، مات بالشام هاربا من القضاء، سنة أربع ومائة، وقيل بعدها (ع). انظر: تهذيب التهذيب ٥/٢٠٠، تقريب التهذيب ١/٣٩٤.
شراحيل بن آدة – بالمد وتخفيف الدال -، أبو الأشعث الصنعاني، ويقال: آدة جد أبيه، وهو ابن شراحيل بن كلب، ثقة، شهد فتح دمشق، مات قبل المائة (بخ م ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٣٣٥.
عبادة بن الصامت بن قيس الأنصاري الخزرجي، أبو الوليد، المدني، أحد النقباء، بدري مشهود، مات بالرملة سنة أربع وثلاثين، وله اثنتان وسبعون، وقيل: عاش إلى خلافة معاوية (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٣٧٦.
تخريج الحديث: أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحدود، باب الحدود كفارات لأهلها ٧/٤٦٩٧، حديث رقم (١٧٠٩)، وإسناد ابن حزم صحيح..
٨ سورة القارعة، الآيات (٨-١١)..
٩ سورة الزلزلة، الآيتان (٧، ٨)..
١٠ سورة النمل، من الآية (٩٠)..
١١ سورة غافر، من الآية (١٧)..
١٢ الكلاليب: جمع كلوب – بفتح الكاف وضم اللام المشددة -، وهي: حديدة معطوفة الرأس، يعلق فيها اللحم، وترسل في التنور. انظر: لسان العرب ٥/٣٩١١، المعجم الوسيط ٢/٦٢٢..
١٣ السعدان – بفتح السين وتشديدها وسكون العين -: هو نبت ذو شوك، وهو من جيد مراعي الإبل تسمن عليه. انظر: النهاية في غريب الحديث ٢/٣٦٧..
١٤ الموبق – بضم الميم وفتح الباء -: أي: المهلك بعمله. انظر: لسان العرب ١٠/٣٧٠..
١٥ المخردل – بضم الميم وفتح الخاء والدال وسكون الراء -: هو المصروع المرمي، وقيل: المخردل: المقطع تقطعه كلاليب الصراط حتى يهوي في النار. انظر: لسان العرب ١١/٢٠٣..
١٦ رجال الإسناد :
زهير بن حرب بن شداد، أبو خيثمة النسائي، نزيل بغداد، ثقة، ثبت، روى عنه مسلم أكثر من ألف حديث، مات سنة أربع وثلاثين ومائتين، وهو ابن أربع وسبعين (خ م د س ق). انظر: تقريب التهذيب ١/٢٥٨.
يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، أبو يوسف المدني، نزيل بغداد، ثقة، فاضل، مات سنة ثمان ومائتين (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/٣٨٤.
إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، أبو إسحاق المدني، نزيل بغداد، ثقة حجة، تكلم فيه لا قادح، مات سنة خمس وثمانين ومائة (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٥٠.
عطاء بن يزيد الليثي المدني، نزيل الشام، ثقة، مات سنة خمس أو سبع ومائة، وقد جاوز الثمانين (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/٢٧.
وبقية رجال الإٍسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الحديث: أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الرقاق، باب الصراط جسر جهنم ١١/٤٥٣ حديث رقم (٦٥٧٣)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان باب معرفة طريق الرؤية ١/١٠٠، حديث رقم (١٨٢).
.
١٧ رجال الإسناد :
مالك بن عبد الواحد، أبو غسان المسمعي البصري، ثقة، مات سنة ثلاثين ومائتين (م د). انظر: تقريب التهذيب ٢/٢٣٣.
محمد بن المثنى بن عبيد العنزي – بفتح النون والزاي -، أبو موسى البصري، المعروف بالزمن، مشهور بكنيته وباسمه، ثقة ثبت، وكان هو وبندار فرسي رهان، وماتا في سنة واحدة، بعد المائتين (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/٢١٣.
معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي البصري، سكن اليمن، صدوق، ربما وهم، مات سنة مائتين (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/٢٦٣.
هشام بن أبي عبد الله سنبر – بمهملة ثم نون ثم موحدة – وزن جعفر، أبو بكر الدستوائي – بفتح الدال وسكون السين المهملتين، وفتح المثناة ثم مد -، ثقة ثبت، وقد رمي بالقدر، مات سنة أربع وخمسين ومائة، وله ثمان وسبعون سنة (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/٣٢٤.
وبقية رجال الإٍسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الحديث: أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها ٢/١٠٣٩، حديث رقم (١٩٣)..
١٨ سبق تخريجه ص ٢٠٣..
١٩ أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم ١٠/٦٥٩٤، حديث رقم (٢٥٨١)، ولفظ الحديث كما رواه أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتدرون من المفلس"؟. قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: "إن المفلس من أمتي، يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم، فطرحت عليه، ثم طرح في النار"..
٢٠ انظر: المحلى ١/١١٢-١١٣، الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢/٣٤٧..
٢١ رجال الإسناد:
جرير بن عبد الحميد بن قرط – بضم القاف وسكون الراء بعدها طاء مهملة – الضيي الكوفي، نزيل الري وقاضها، ثقة صحيح الكتاب، قيل: كان في آخر عمره يهم من حفظه، مات سنة ثمان وثمانين ومائة، وله إحدى وسبعون سنة (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/١٣٢.
شقيق بن سلمة الأسدي، أبو وائل الكوفي، ثقة، مخضرم، روى عن خلق من الصحابة والتابعين، روى عنه الأعمش وغيره، مات خلافة عمر بن عبد العزيز، وله مائة سنة (ع). انظر: تهذيب التهذيب ٤/٣٢٩، تقريب التهذيب ١/٣٤٠.
عمرو بن شرحبيل الهمداني، أبو ميسرة الكوفي، ثقة عابد مخضرم، روى عن ابن مسعود وغيره، روى عنه أبو وائل وغيره، مات سنة ثلاث وستين (خ م د س ت). انظر: تهذيب التهذيب ٨/٤٠، تقريب التهذيب ٢/٧٧.
وبقية رجال الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الحديث: أخرجه في صحيحه، كتاب التفسير، باب قوله تعالى: ﴿فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون﴾ ٨/١٣، حديث رقم (٤٤٧٧)، وباب: ﴿والذين لا يدعون مع الله إلها آخر...﴾ الآية ٨/٣٥٠، حديث رقم (٤٧٦١)، وفي كتاب الأدب، باب قتل الولد خشية أن يأكل معه ١٠/٤٤٨، حديث رقم (٦٠٠١)، وفي كتاب الحدود، باب إثم الزناة ١٢/١١٦، حديث رقم (٦٨١١)، وفي كتاب الديات، باب قول الله تعالى: ﴿ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم﴾ ١٢/١٩٤، حديث رقم (٦٨٦١)، وفي كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: ﴿فلا تجعلوا لله أندادا﴾ ١٣/٥٠٠، حديث رقم (٧٥٢٠)، وفي باب قول الله تعالى: ﴿يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك...﴾ الآية ١٣/٥١٢، حديث رقم (٧٥٣٢)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب كون الشرك أقبح الذنوب ١/٧٢٠، حديث رقم (٨٦)..
٢٢ رجال الإسناد:
عمرو بن محمد بن بكير، الناقد، أبو عثمان البغدادي، نزل الرقةـ، ثقة حافظ، وهم في حديث، مات سنة اثنتين وثلاثين ومائتين (خ م د س). انظر: تقريب التهذيب ٢/٨٣.
سعيد بن إياس الجريري – بضم الجيم -، أبو مسعود البصري، ثقة، اختلط قبل موته بثلاث سنين، مات سنة أربع وأربعين ومائة (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٢٨٣.
عبد الرحمن بن أبي بكر نفيع بن الحارث الثقفي، ثقة، مات سنة ست وتسعين (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٤٤٢.
نفيع بن الحارث بن كلدة – بفتحتين – بن عمرو الثقفي، أبو بكرة، صحابي مشهور بكنيته، وقيل: اسمه مسروح – بمهملات -، أسلم بالطائف، ثم نزل البصرة ومات بها سنة إحدى أو اثنتين وخمسين (ع) انظر: تقريب التهذيب ٢/٣١١.
وبقية رجال الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الحديث: أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الشهادات، باب ما قيل في شهادة الزور ٥/٣٠٩، حديث رقم (٢٦٥٤)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها ١/٧٢٣، حديث رقم (٨٧)..
٢٣ رجال الإسناد:
هارون بن سعيد الأيلي – بفتح الهمزة وسكون التحتانية – السعدي، مولاهم، أبو جعفر، نزيل مصر، ثقة فاضل، مات سنة ثلاث وخمسين ومائتين، وله ثلاث وثمانون سنة (م د س ق). انظر: تقريب التهذيب ٢/٣١٧.
عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي، مولاهم، أبو محمد المصري، الفقيه، ثقة حافظ عابد، مات سنة سبع وتسعين ومائتين، وله اثنتان وسبعون سنة (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٤٣٠.
سليمان بن بلال التيمي، مولاهم، أبو محمد، وأبو أيوب المدني، ثقة، مات سنة سبع وسبعين ومائة (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٣١١.
ثور بن زيد الديلي – بكسر المهملة بعدها تحتانية – المدني، ثقة، مات سنة خمس وثلاثين ومائة (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/١٢٥.
سالم، أبو الغيث المدني، مولى ابن مطيع، روى عن أبي هريرة، وعنه ثور بن زيد وغيره، قال ابن معين: ثقة، وكذلك قال ابن حجر، مات قبل المائة (ع). انظر: تهذيب التهذيب ٣/٣٨٧، تقريب التهذيب ١/٢٧٥.
وبقية رجال الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الحديث: أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الوصايا، باب قول الله تعالى: ﴿إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما﴾ ٥/٤٦٢، حديث رقم (٢٧٦٦)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها ١/٧٢٤، حديث رقم (٨٩)..
٢٤ انظر: المحلى ٤/١٥٩-١٦٠..
٢٥ سورة البينة، من الآية (١)..
٢٦ سورة التوبة، من الآية (٣١)..
٢٧ سورة المائدة، من الآية (١١٦)..
٢٨ سورة المائدة، من الآية (٧٣)..
٢٩ سورة البينة، من الآية (١)..
٣٠ سورة النساء، من الآية (١٤٠)..
٣١ سورة البقرة، الآية (٩٨)..
٣٢ سورة الرحمن، الآية (٦٨)..
٣٣ سورة الأحزاب، من الآية (٧)..
٣٤ انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢/٢٤٣، وانظر: الدرة فيما يجب اعتقاده ص ٣٤٤..
[ ٣٠ ] مسألة : في معنى قوله تعالى :﴿ بدلناهم جلودا غيرها ﴾.
قال الإمام ابن حزم :( أخبرنا عز وجل أنه يبدل الجلود في الآخرة، فقال :﴿ كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب ﴾.
وفي الآثار الثابتة :( أن جلد الكفار يغلظ حتى تكون نيفا٢ وسبعين ذراعا، وأن ضرسه في النار كأُحُد٣ ) ٤ )٥.
٢ النيف: هو الزائد على العقد، من واحد إلى ثلاثة، يقال: ألف ونيف، ولا يقال: خمسة عشر ونيف، ولا يُستعمل إلا بعد العقد. انظر: المعجم الوسيط ٢/٩٦٤..
٣ أحد – بضم أوله وثانيه معا -: اسم الجبل الذي كانت عنده غزوة أُحد، وهو جبل أحمر، ليس بذي شناخيب، بينه وبين المدينة قرابة ميل، وهو في شمالها، وأقرب الجبال إليها. انظر: معجم البلدان ١/١٣٥، ٥/٩٨، معجم معالم الحجاز ١/٥٨..
٤ الحديث أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صفة الجنة وصفة نعيمها، باب النار يدخلها الجبارون ١١/٧٠٥٥، حديث رقم (٤٤) بنحوه..
٥ الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢/٣٩١..
فيه ثلاث مسائل :
[ ٣١ ] المسألة الأولى : في عموم الآية.
يرى الإمام ابن حزم أن الخطاب في هذه الآية عام للرجل والمرأة، والحر والعبد٢.
[ ٣٢ ] المسألة الثانية : في وجوب رد الأمانات إلى أهلها.
قال الإمام ابن حزم :( فرض على من أُودعت عنده وديعة حفظها وردها إلى صاحبها إذا طلبها منه ؛ لقول الله تعالى :﴿ وتعاونوا على البر والتقوى ﴾٣، ولقوله تعالى :﴿ إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ﴾.
ومن البر حفظ مال المسلم أو الذمي٤. وقد صح نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال٥، وهذا عموم لمال المرء، ومال غيره )٦.
[ ٣٣ ] المسألة الثالثة : في ضمان العارية٧.
قال الإمام ابن حزم :( العارية غير مضمونة إن تلفت من غير تعدي المستعير، وسواء ما غُيِّب عليه من العواري، وما لم يغب عليه منها.
فإن ادعى عليه أنه تعدى، أو أضاعها حتى تلفت، أو عرض فيها عارض، فإن قامت بذلك بينة أو أقر ضمن بلا خلاف، وإن لم تقم بينة ولا أقر لزمته العين، وبرئ ؛ لأنه مدعى عليه. وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم باليمين على المدعى عليه.
وليست في هذه الآية تضمين ؛ لأن أداء الغرامة هو غير أداء الأمانة.
رُوينا من طريق ابن أبي شيبة نا وكيع عن ابن صالح بن حي عن عبد الأعلى عن محمد بن الحنفية عن علي بن أبي طالب قال :( العارية ليست بيعا، ولا مضمونة، إنما هو معروف، إلا أن يخالف فيضمن )٨.
وهذا صحيح عن علي.
ومن طريق عبد الرزاق نا قيس بن الربيع عن الحجاج بن أرطأة عن هلال الوزان عن عبد الله بن عُكيم قال : قال عمر بن الخطاب :( العارية بمنزلة الوديعة، ولا ضمان فيها، إلا أن يتعدى )٩.
وهو قول إبراهيم النخعي، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، وغيرهم.
قال أبو محمد : قول الله تعالى :﴿ لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ﴾١٠، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام " ١١.
فصح أن مال المستعير محرم، إلا أن يوجبه نص قرآن أو سنة، ولم يوجبه قط نص منهما. وقال الله تعالى :﴿ ما على المحسنين من سبيل ﴾١٢، وقال تعالى :﴿ إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق ﴾١٣.
والمستعير ما لم يتعد ولا ضيع محسن، فلا سبيل عليه بنص القرآن، والغرم سبيل بيقين، فلا غرم عليه )١٤.
٢ انظر: المحلى ١٠/٢٩٦..
٣ سورة المائدة، من الآية (٢)..
٤ الذمة: بمعنى العهد، والأمان، والضمان، والحرمة، والحق. وسمي أهل الذمة بذلك؛ لدخولهم في عهد المسلمين وأمانهم. انظر: النهاية في غريب الحديث ٤/١٦٨..
٥ إشارة إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله كره لكم ثلاثا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال". الحديث أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الزكاة، باب قول الله تعالى: ﴿لا يسألون الناس إلحافا﴾ ٣/٣٩٨، حديث رقم (١٤٧٧)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الأقضية، باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة ٧/٤٧٢٢، حديث رقم (٥٩٣)..
٦ انظر: المحلى ٩/٨٥..
٧ العارية – بتخفيف الياء وتشديدها – من العري، وهو التجرد، لتجردها من العوض، وجمعها عواري – مسدد ومخفف -. وفي الاصطلاح: هي العين المأخوذة للانتفاع بها بلا عوض، مع بقاء العين. انظر: تحرير التنبيه للنووي ص ٢٣٢، طلبة الطلبة للنسفي ص ٢٠٣، هداية الراغب للنجدي ص ٣٨٥..
٨ رجال الإسناد:
وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي – بضم الراء وهمزة ثم مهملة -، أبو سفيان الكوفي، ثقة حافظ عابد، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومائتين، وله سبعون سنة (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/٣٣٨.
الحسن بن صالح بن صالح بن حي الهمداني – بسكون الميم – الثوري، ثقة، فقيه، عابد، رُمي بالتشيع، مات سنة تسع وتسعين ومائة، وكان مولده سنة مائة (بخ م ٤). انظر: تقريب التهذيب ١/١٦٨.
عبد الأعلى بن عامر الثعلبي الكوفي، روى عن محمد بن الحنفية، قال أحمد: ضعيف الحديث، وكذا قال أبو زُرعة. وقال ابن حجر: (صدقو يهم)، مات بعد المائة (٤). انظر: تهذيب لابن حجر ٦/٨٦، تقريب التهذيب ١/٤٣٤.
محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو القاسم، ابن الحنفية، المدني، ثقة عالم، مات بعد الثمانين (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/٢٠١.
بقية رجال الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الأثر: أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ٨/١٧٩، وابن أبي شيبة في مصنفه ٥/٦٥.
درجته: ضعيف؛ لأن فيه عبد الأعلى الثعلبي صدوق يهم..
٩ رجال الإسناد:
قيس بن الربيع الأسدي، أبو محمد الكوفي، صدوق، تغير لما كبر، أدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به، مات سنة بضع وستين ومائة (د ت ق). انظر: تقريب التهذيب ٢/١٣٥.
حجاج بن أرطأة – بفتح الهمزة – بن ثور بن هبيرة النخعي، أبو أرطأة الكوفي، القاضي، أحد الفقهاء، صدوق، كثير الخطأ والتدليس، مات سنة خمس وأربعين ومائة (بخ م ٤). انظر: تقريب التهذيب ١/١٥٥.
هلال بن أبي حميد، أو ابن حميد، أو ابن مقلاص، أو ابن عبد الله الجهني مولاهم، أبو الجهم، ويقال غير ذلك في اسم أبيه، وفي كنيته، الصيرفي الوزان، الكوفي، ثقة، مات بعد المائة (خ م د ت س). انظر: تقريب التهذيب ٢/٣٢٨.
عبد الله بن عكيم – بالتصغير – الجهني، أبو معبد الكوفي، مخضرم، وقد سمع كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى جهينة، مات في إمرة الحجاج (م ٤). انظر: تقريب التهذيب ١/٤٠٩.
وبقية رجال الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الأثر: أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ٨/١٧٩.
درجته: إسناده ابن حزم فيه بن الربيع صدوق تغير بآخره، ولم يتبين هل هذه الرواية قبل الاختلاط أم بعده، وبقية رجال الإسناد ثقات، إلا حجاج بن أرطأة، وهو صدوق كثير الخطأ والتدليس..
١٠ سورة النساء، من الآية ٢٩..
١١ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب حجة الوداع ٧/٧١١، حديث رقم (٤٤٠٦)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحدود، باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال ٧/٤٦٠١، حديث رقم (١٦٧٩)..
١٢ سورة التوبة، من الآية (٩١)..
١٣ سورة الشورى من الآية ٤٢..
١٤ انظر: المحلى ١٠/٧٧-٨٠..
فيه عشرة مسائل :
[ ٣٤ ] المسألة الأولى : في الفائدة من تكرار الأمر بالطاعة.
قال الإمام ابن حزم :( أما تكرار الله تعالى الأمر بطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم بعد أمره بطاعة نفسه تعالى، وإن كل ذلك ليس فيه إلا طاعة ما أمر الله به فقط، فوجه ذلك واضح، وهو بيان زائد، لولا مجيئه لالتبس على بعض الناس فهم ذلك الأمر، وذلك أنه لو لم يأمرنا الله تعالى إلا على الأمر بطاعته فقط، لتوهم بعض الجهال أنه لا يلزمنا إلا ما قاله تعالى في القرآن فقط، وأنه لا يلزمنا طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فيما جاءنا به مما ليس في نص القرآن.
ولو لم يأمرنا تعالى إلا على الأمر بطاعة أولي الأمر منا لأمكن أن يهم جاهل فيقول : لا يلزمنا طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا فيما سمعنا منه مشافهة.
فلما أمرنا تعالى بطاعة أولي الأمر منا، ظهر البيان في وجوب طاعة ما نقله إلينا العلماء عن النبي صلى الله عليه وسلم فقط )٢.
[ ٣٥ ] المسألة الثانية : المراد بأولي الأمر في الآية، وفيما تكون طاعتهم ؟.
يرى الإمام ابن حزم أن المراد بأولي الأمر في الآية هم الأمراء والعلماء.
قال الإمام ابن حزم – رحمه الله - : إن أولي الأمر المذكورين في الآية هم : الأمراء والعلماء ؛ لأن كلتا الطائفتين أولي الأمر منا، وإذ هذا هو الحق، فمن الباطل المتيقن أن يقول قائل : إن الله تعالى أمرنا بقبول طاعة الأمراء والعلماء فيما لم يأمر به الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، فصح أن طاعة العلماء والأمراء إنما تجب علينا فيما أمرنا به مما أمر الله تعالى به، ورسوله فقط )٣.
[ ٣٦ ] المسألة الثالثة : في حكم الإجماع٤.
قال الإمام ابن حزم :( إن الإجماع قادة من قواعد الملة الحنيفية، يرجع إليه، ويفزع نحوه، ويكفر من خالفه، إذا قامت عليه الحجة بأنه إجماع )٥.
وقال في موضع آخر :( صح عن الله عز وجل فرض اتباع الإجماع، بقوله تعالى :﴿ ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ﴾٦.
وذم الله تعالى الاختلاف، وحرمه بقوله عز وجل :﴿ واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ﴾٧، وبقوله :﴿ ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ﴾٨.
ولم يكن في الدين إلا إجماع، أو اختلاف، فأخبر تعالى أن الاختلاف ليس من عنده عز وجل، فقال تعالى :﴿ ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ﴾٩.
فصح ضرورة أن الإجماع من عنده تعالى )١٠.
[ ٣٧ ] المسألة الرابعة : في حكم منازعة الواحد للجماعة.
قال الإمام ابن حزم :( وإذا خالف واحد من العلماء جماعة فلا حجة في الكثرة ؛ لأن الله تعالى يقول – وقد ذكر أهل الفضل - :﴿ وقليل ما هم ﴾١١.
وقال تعالى :﴿ فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ﴾.
ومنازعة الواحد منازعة، فوجب الرد إلى القرآن والسنة، ولم يأمر تعالى قط بالرد إلى الأكثر.
و( الشذوذ ) هو خلاف الحق، ولو أنهم أهل الأرض إلا واحدا، برهان ذلك : أن الشذوذ مذموم والحق محمود، ولا يجوز أن يكون المذموم محمودا من وجه واحد.
ونسأل من خالف هذا عن خلاف الاثنين للجماعة، ثم خلاف الثلاثة لهم، ثم الأربعة.. وهكذا أبدا، فإن حد حدا كان متحكما بلا دليل.
وقد خالف أبو بكر رضي الله عنه جمهور الصحابة رضوان الله عليهم، وشذّ١٢ عن كُلِّهم في حرب أهل الردة، وكان هو المصيب، ومخالفه مخطئا، برهان ذلك القرآن الشاهد بقوله، ثم رجوع جميعهم إليه )١٣.
[ ٣٨ ] المسألة الخامسة : في حكم الاستحسان١٤.
قال الإمام ابن حزم :( ولا يحل الحكم بالاستحسان، ولا بقول أحد ممن دون رسول الله صلى الله عليه وسلم دون أن يوافق قرآنا أو سنة صحيحة ؛ لأن ذلك حكم بغالب الظن.
وقد قال الله تعالى :﴿ وإن الظن لا يغني من الحق شيئا ﴾١٥.
وقال تعالى :﴿ إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى ﴾١٦.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إياكم والظن ؛ فإن الظن أكذب الحديث " ١٧.
ولا يخلو ما قيل باستحسان من أحد أوجه ثلاثة لا رابع لها ضرورة.
* إما أن يكون ذلك موافقا لقرآن أو لسنة صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا إنما يحكم فيه بالقرآن أو السنة.
قال الله عز وجل :﴿ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ﴾١٨.
* وإما أن يكون مخالفا للقرآن أو لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا الضلال المتيقن، وخلاف دين الإٍسلام.
قال تعالى :﴿ تلك حدود الله فلا تعتدوها ﴾١٩.
وقال تعالى :﴿ ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها ﴾٢٠.
* وإما أن لا يوجد في القرآن والسنة ما يوافقه نصا، ولا ما يخالفه، فهذا معدوم من العالم، ولا سبيل إلى وجوده.
قال تعالى :﴿ اليوم أكملت لكم دينكم ﴾٢١.
وقال تعالى :﴿ ما فرطنا في الكتاب من شيء ﴾٢٢.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دعوني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاتركوه " ٢٣.
فصح ضرورة أنه لا يخرج حكم أبدا عن أن يأمر به الله تعالى على لسان رسوله – عليه الصلاة والسلام -، فيكون فرضا ما استطعنا منه، أو ينهى عنه الله تعالى على لسان رسوله عليه السلام، فيكون حراما، أو لا يكون فيه أمر ولا نهي، فهو مباح فعله وتركه، وبطل أن تنزل نازلة في الدين لا حكم لها في القرآن والسنة، ولو وجدت لكان من أراد أن يشرع فيها حكما داخلا في الذين ذم الله تعالى، إذ يقول تعالى :﴿ شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ﴾٢٤ )٢٥.
[ ٣٩ ] المسألة السادسة : في حكم القياس٢٦.
قال الإمام ابن حزم :( والقياس باطل، لا يحل الحكم به في الدين، لقول الله عز وجل :﴿ والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا ﴾٢٧، وقال تعالى :﴿ ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون ﴾٢٨، وقال تعالى :﴿ قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ﴾٢٩.
ولم نجد القياس فيما أمر الله تعالى به، بل فيما نهى عنه ؛ لأنه عز وجل أمر في التنازع بالرد إليه وإلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقط، ولم يأمر بالرد إلى قياس، ولا إلى غيره، فلم يجز الرد إلى شيء غير القرآن والسنة المأثور عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
والقياس دعوى بلا برهان، ولم يصح قط عن واحد من الصحابة رضي الله عنهم إباحة القول بالقياس، بل قد جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيره منهم النهي عنه )٣٠.
[ ٤٠ ] المسألة السابعة : في حكم تقليد٣١ العامي للعالم.
قال الإمام ابن حزم :( ولا يحل لأحد أن يقلد أحدا، لا حيا ولا ميتا، وعلى كل أحد من الاجتهاد حسب طاقته، فمن سأل عن دينه فإنما يريد معرفة ما ألزمه الله عز وجل في هذا الدين، ففرض عليه – إن كان أجهل البرية – أن يسأل عن أعلم أهل موضعه بالدين، فإذا دل عليه سأله، فإذا أفتاه قال له : هكذا قال الله عز وجل ورسوله ؟. فإن قال له : نعم، أخذ بذلك وعمل به أبدا، وإن قال له : هذا رأيي، أو هذا قول فلان، أو سكت، أو قال له : لا أدري، فلا يحل له أن يأخذ بقوله، ولكنه يسأل غيره. برهان ذلك :
قوله تعالى :﴿ اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون ﴾٣٢.
وقوله تعالى :﴿ وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا ﴾٣٣.
وقال تعالى مادحا لقوم لم يقلدوا :﴿ فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب ﴾٣٤.
فلا يزهد امرؤ في ثناء الله تعالى بأنه قد هداه، وأنه من أولي الألباب.
وقال تعالى :﴿ فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ﴾.
فلم يبح الله تعالى الرد إلى أحد عند التنازع دون القرآن وسنة نبيه – عليه الصلاة والسلام -، وقد صح إجماع جميع الصحابة رضي الله عنهم أولهم عن آخرهم، وإجماع جميع التابعين أولهم عن آخرهم، على الامتناع من أن يقصد منهم أحد إلى قول إنسان منهم، أو ممن قبلهم، فيأخذه كله )٣٥.
[ ٤١ ] المسألة الثامنة : في حكم تقليد العالم لعالم آخر.
يرى الإمام ابن حزم أن تقليد العالم للعالم حرام، ولا يحل لأحد أن يأخذ بقول أحد بلا برهان، واستدل على ذلك بما يأتي :
* قوله تعالى :﴿ اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون ﴾٣٦.
* وقوله تعالى :﴿ وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا ﴾٣٧.
* وقوله تعالى :﴿ فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب ﴾٣٨.
* وقوله تعالى :﴿ فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ﴾٣٩.
[ ٤٢ ] المسألة التاسعة : في وجوب الإمامة.
قال الإمام ابن حزم :( اتفق جميع أهل السنة، وجميع المرجئة، وجميع المعتزلة، وجميع الشيعة، وجميع الخوارج على وجوب الإمامة، وأن الأمة فرض واجب عليها الانقياد لإمام عادل يقيم فيهم أحكام الله، ويسوسهم٤٠ بأحكام الشريعة التي أتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حاشا النجدات٤١ من الخوارج، فإنهم قالوا : لا يلزم الناس فرض الإمامة، وإنما عليهم أن يتعاطوا الحق بينهم، وهذه فرقة ما نرى بقي منها أحد، وهم المنسوبون إلى نجدة بن عامر الحنفي٤٢، القائم باليمامة٤٣.
قال أبو محمد : وقول هذه الفرقة ساقط، يكفي من الرج عليه وإبطاله إجماع كل من ذكرنا على بطلانه، والقرآن والسنة قد وردا بإيجاب الإمام، من ذلك : قول الله تعالى :﴿ أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ﴾، مع أحاديث كثيرة صحاح في طاعة الأمة، وإيجاب الإمامة.
وأيضا فإن الله عز وجل يقول :﴿ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ﴾٤٤، فوجب اليقين بأن الله تعالى لا يكلف الناس في بنيتهم واحتمالهم، وقد علمنا بضرورة العقل وبديهته أن قيام الناس بما أوجبه الله تعالى من الأحكام عليهم في الأموال، والجنايات، والدماء، والنكاح، والطلاق، وسائر الأحكام كلها، ومنع الظالم، وإنصاف المظلوم، وأخذ القصاص على تباعد أقطارهم، وشواغلهم، واختلاف آرائهم، وامتناع من تحرى في كل ذلك ممتنع غير ممكن، إذ قد يريد واحد أو جماعة أن يحكم عليهم إنسان، ويريد آخر أو جماعة أخرى أن لا يحكم عليهم، إما لأنها ترى في اجتهادها خلاف ما رأى هؤلاء، وإما خلافا مجردا عليهم، وهذا مشاهد في البلاد التي لا رئيس لها، فإنه لا يقال هناك حكم ولا حد، حتى قد ذهب الدين في أكثرها )٤٥.
[ ٤٣ ] المسألة العاشرة : في المراد بقوله تعالى :﴿ فردوه إلى الله والرسول ﴾.
يرى الإما
٢ انظر: الإحكام في أصول الأحكام ٣/٥١٠، ٤/٦٧٠..
٣ انظر : الإحكام في أصول الأحكام ٤/٦٦٩..
٤ الإجماع هو: اتفاق محتهدي أمة محمد صلى الله عليه وسلم بعد وفاته في عصر من العصور، على أمر من أمور الدين. انظر: المستصفى للعزالي ٢/٢٩٤، روضة الناظر لابن قدامة ص ٦٧، إرشاد الفحول للشوكاني ص ١٣٢..
٥ انظر: مراتب الإجماع ص ٢٣..
٦ سورة النساء الآية (١١٥)..
٧ سورة آل عمران، من الآية (١٠٣)..
٨ سورة الأنفال، من الآية (٤٦)..
٩ سورة النساء، من الآية (٨٢)..
١٠ انظر: النبذ في أصول الفقه ص ٣٧..
١١ سورة ص، من الآية (٢٤)..
١٢ إن استدلال ابن حزم بالشذوذ لا يتناسب مع مقام الصحابة رضي الله عنهم، وخاصة أبو الصديق، وذلك لما لهم من السبق والفضل..
١٣ انظر: النبذ في أصول الفقه ص ٨٨، وانظر: ملخص إبطال القياس ص ١٨..
١٤ الاستحسان في اللغة: هو استفعال من الحسن، وهو عد الشيء واعتقاده حسنا. وفي الاصطلاح: هو عدول المجتهد عن دليل إلى دليل أقوى منه. انظر: أصول السرخسي ٢/٢٠٠، المستصفى ١/٢٨٣، روضة الناظر ص ١٤٧..
١٥ سورة النجم، من الآية (٢٨)..
١٦ سورة النجم، من الآية (٢٣)..
١٧ أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظن والتجسس والتنافس، ونحوها ١٠/٦٥٧٠، حديث رقم (٢٥٦٣)..
١٨ سورة النساء، الآية (٦٥)..
١٩ سورة البقرة، من الآية (٢٢٩)..
٢٠ سورة النساء، من الآية (١٤)..
٢١ سورة المائدة، من الآية (٣)..
٢٢ سورة الأنعام، من الآية (٣٨)..
٢٣ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ١٣/٢٦٤، حديث رقم (٧٢٨٨)..
٢٤ سورة الشورى، من الآية (٢١)..
٢٥ انظر: المحلى ١٠/٢٣٨-٢٣٩، وانظر: ملخص إبطال القياس ص ٥٠..
٢٦ القياس : هو رد الحكم إلى الأحكام المنصوصة في الوقائع المشابهة له. انظر: روضة الناظر ص ٢٤٧، المسودة ص ٣٦٩..
٢٧ سورة النحل، من الآية (٧٨)..
٢٨ سورة البقرة، من الآية (١٥١)..
٢٩ سورة الأعراف، الآية (٣٣)..
٣٠ انظر: المحلى ١٠/٢٣٨، النبذ في أصول ص ١٢٠، الدرة فيما يجب اعتقاده ص ٤١٦، ملخص إبطال القياس ص ٣٠٦٨..
٣١ التقليد : هو اتباع قول الغير من غير حجة. انظر: المستصفى ٤/١٣٩، روضة الناظر ص ٢٠٥، المسودة ص ٥٥٣..
٣٢ سورة الأعراف، الآية (٣)..
٣٣ سورة البقرة، من الآية (١٧٠)..
٣٤ سورة الزمر، من الآية (١٧) والآية (١٨)..
٣٥ انظر: المحلى ١/١٢٦-١٢٧، النبذ في أصول الفقه ص ١٤٠ -١٤١، ملخص إبطال القياس ص ٧١، ٥٢..
٣٦ سورة الأعراف، الآية (٣)..
٣٧ سورة البقرة، من الآية (١٧٠)..
٣٨ سورة الزمر، من الآية (١٧) والآية (١٨)..
٣٩ انظر: النبذ في أصول الفقه ص ١٤٣، ١٤٠..
٤٠ يسوسهم : أي يتولى أمورهم، والسياسة: القيام على الشيء بما يصلحه. انظر: لسان العرب ٦/١٠٨..
٤١ النجدات: هم فرقة من الخوارج، اتباع نجدة بن عامر الحنفي، أقاموا على إمامته ثم اختلفوا عليه في أمور نقموها منه، وصاروا ثلاث فرق: فرقة صارت مع عطية الحنفي، وفرقة من أبي فديك حربا على نجدة، وفرقة عذروا نجدة في أحداثه، وأقاموا على إمامته. انظر: مقالات الإسلاميين للأشعري ١/١٧٤، الفرق بين الفرق ص ٨٧..
٤٢ نجدة بن عامر الحروري الحنفي اليمامي، من رؤوس الخوارج، وهو زائغ عن الحق، خرج باليمامة عقب موت يزيد بن معاوية، وله مقالات معروفة. انظر: ميزان الاعتدال ٧/١١، لسان الميزان ٦/١٩٣..
٤٣ اليمامة: مدينة متصلة بأرض عمان من جهة الغرب مع الشمال، وهي معدودة من نجد، وقاعدتها حجر، كان اسمها جوا، وسميت اليمامة بامرأة، وهي اليمامة بنت سهم، وقد فتحت صلحا في سنة اثنتي عشرة في خلافة الصديق رضي الله عنه على يد خالد بن الوليد رضي الله عنه. انظر: معجم البلدان ٥/٥٠٥، الروض المعطار للحميري ص ٦١٩..
٤٤ سورة البقرة، من الآية (٢٨٦)..
٤٥ انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل ٣/ ٣-٤..
فيه مسألتان :
[ ٤٤ ] المسألة الأولى : في أن الإيمان عقد، وقول، وعمل.
قال الإمام ابن حزم :( سمى الله تعالى تحكيم النبي صلى الله عليه وسلم إيمانا، وأخبر الله تعالى أنه لا إيمان إلا ذلك، مع أن لا يوجد في الصدر حرج مما قضى، فصح يقينا أن الإيمان عمل، وعقد، وقول ؛ لأن التحكيم عمل، ولا يكون إلا مع القول، ومع عدم الحرج من الصدر، وهو عقد، وهذا نص قولنا، ولله الحمد )٢.
[ ٤٥ ] المسألة الثانية : في حكم مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال الإمام ابن حزم :( ولا يجوز أن يكفر أحد إلا من بلغه أمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصح عنده، فاستجاز مخالفته أي شيء كان، لا نحاشي شيئا، من عقد، أو فتيا، أو خبر.
برهان ذلك : قول الله تعالى :﴿ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ﴾.
فقطع تعالى أنه لا يؤمن إلا من هذه صفته، فمن خالفها فليس مؤمنا، وإذا لم يكن مؤمنا فهو كافر )٣.
٢ انظر: الدرة فيما يجب اعتقاده ص ٣٣٨، الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢/٢٦٩، ٢٤٢، ٢١٥، وانظر: علم الكلام على مذهب أهل السنة ص ٨٣..
٣ انظر : الدرة فيما يجب اعتقاده ص ٤١٣، وانظر: علم الكلام على مذهب أهل السنة ص ٣٨..
[ ٤٦ ] مسألة : في الآجال.
قال الإمام ابن حزم :( إن الآجال مؤقتة، المقتول والميت حتف٢ أنفه سواء في ذلك، لا يتجاوز أحد أجله.
قال الله عز وجل :﴿ وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ﴾٣.
وقال تعالى :﴿ قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم ﴾٤.
وقال تعالى :﴿ أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ﴾٥.
وقال تعالى :﴿ فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ﴾٦ )٧.
قوله تعالى :﴿ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا * مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾٨.
فيهما مسألتان :
[ ٤٧ ] المسألة الأولى : في خلق أفعال العباد.
قال الإمام ابن حزم :( صح بالنص أنه تعالى خالق الخير والشر، وخالق كل ما أصاب الإنسان، ومن البرهان على أن البارئ تعالى خالق أفعال خلقه : قوله عز وجل حاكيا عن سحرة فرعون مصدقا لهم، ومثبتا عليهم قولهم :﴿ ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين ﴾٩. فصح أنه تعالى خالق ما يفرغه عليهم من الصبر الذي لو لم يفرغه على الصابر لم يكن له صبر )١٠.
[ ٤٨ ] المسألة الثانية : في الجمع بين قوله تعالى :﴿ قل كل من عند الله ﴾، وبين قوله :﴿ ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك ﴾.
قال الإمام ابن حزم :( أخبر تعالى أن ما أصابنا من حسنة فمن عنده، وهذا هو الحق ؛ لأنه لا يجب لنا عليه تعالى شيء.
فالحسنات الواقعة منا فضل مجرد منه لا شيء لنا فيه، وإحسان منه إلينا لم نسحقه قط عليه.
وأخبرنا عز وجل أن ما أصابنا من سيئة فمن أنفسنا، بعد أن قال : إن الكل من عند الله، فصح أننا مستحقون النكال لظهور السيئة منا، وأننا عاصون بذلك كما حكم علينا تعالى، وحكمه عز وجل الحق والعدل ولا مزيد. وبالله التوفيق )١١.
٢ الحتف: الموت، وجمعه حتوف، وقول العرب: مات فلان حتف أنفه، أي: بلا ضرب ولا قتل، وقيل: إذا مات فجأة. انظر: لسان العرب ٣/٤١..
٣ سورة آل عمران، من الآية (١٤٥)..
٤ سورة آل عمران، من الآية (١٤٥)..
٥ سورة النساء، من الآية (٧٨)..
٦ سورة الأعراف، الآية (٣٤)، وسورة النحل، من الآية (٦١)..
٧ انظر: الدرة فيما يجب اعتقادة ص ٢٩٩..
٨ سورة النساء، الآيتان (٧٨، ٧٩)..
٩ سورة الأعراف، من الآية (١٢٦)..
١٠ انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢/١٢٢-١٢٥، وانظر: علم الكلام على مذهب أهل السنة ص ٨١..
١١ انظر : الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢/١٢٢-١٢٣..
[ ٤٦ ] مسألة : في الآجال.
قال الإمام ابن حزم :( إن الآجال مؤقتة، المقتول والميت حتف٢ أنفه سواء في ذلك، لا يتجاوز أحد أجله.
قال الله عز وجل :﴿ وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ﴾٣.
وقال تعالى :﴿ قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم ﴾٤.
وقال تعالى :﴿ أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ﴾٥.
وقال تعالى :﴿ فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ﴾٦ )٧.
قوله تعالى :﴿ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا * مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾٨.
فيهما مسألتان :
[ ٤٧ ] المسألة الأولى : في خلق أفعال العباد.
قال الإمام ابن حزم :( صح بالنص أنه تعالى خالق الخير والشر، وخالق كل ما أصاب الإنسان، ومن البرهان على أن البارئ تعالى خالق أفعال خلقه : قوله عز وجل حاكيا عن سحرة فرعون مصدقا لهم، ومثبتا عليهم قولهم :﴿ ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين ﴾٩. فصح أنه تعالى خالق ما يفرغه عليهم من الصبر الذي لو لم يفرغه على الصابر لم يكن له صبر )١٠.
[ ٤٨ ] المسألة الثانية : في الجمع بين قوله تعالى :﴿ قل كل من عند الله ﴾، وبين قوله :﴿ ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك ﴾.
قال الإمام ابن حزم :( أخبر تعالى أن ما أصابنا من حسنة فمن عنده، وهذا هو الحق ؛ لأنه لا يجب لنا عليه تعالى شيء.
فالحسنات الواقعة منا فضل مجرد منه لا شيء لنا فيه، وإحسان منه إلينا لم نسحقه قط عليه.
وأخبرنا عز وجل أن ما أصابنا من سيئة فمن أنفسنا، بعد أن قال : إن الكل من عند الله، فصح أننا مستحقون النكال لظهور السيئة منا، وأننا عاصون بذلك كما حكم علينا تعالى، وحكمه عز وجل الحق والعدل ولا مزيد. وبالله التوفيق )١١.
٢ الحتف: الموت، وجمعه حتوف، وقول العرب: مات فلان حتف أنفه، أي: بلا ضرب ولا قتل، وقيل: إذا مات فجأة. انظر: لسان العرب ٣/٤١..
٣ سورة آل عمران، من الآية (١٤٥)..
٤ سورة آل عمران، من الآية (١٤٥)..
٥ سورة النساء، من الآية (٧٨)..
٦ سورة الأعراف، الآية (٣٤)، وسورة النحل، من الآية (٦١)..
٧ انظر: الدرة فيما يجب اعتقادة ص ٢٩٩..
٨ سورة النساء، الآيتان (٧٨، ٧٩)..
٩ سورة الأعراف، من الآية (١٢٦)..
١٠ انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢/١٢٢-١٢٥، وانظر: علم الكلام على مذهب أهل السنة ص ٨١..
١١ انظر : الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢/١٢٢-١٢٣..
فيه أربع مسائل :
[ ٤٩ ] المسألة الأولى : في سبب نزول الآية.
قال الإمام ابن حزم :( حدثنا عبد الله بن يوسف نا أحمد بن فتح نا عبد الوهاب ابن عيسى نا أحمد بن محمد نا أحمد بن علي مسلم حدثني زهير بن حرب نا عمر بن يونس الحنفي ثنا عكرمة بن عمار، عن سماك أبي زميل، قال : حدثني عبد الله بن العباس، حدثني عمر بن الخطاب، فذكر حديث إيلاء٢ النبي صلى الله عليه وسلم من أزواجه، وأن عمر قال :( فقلت : يا رسول الله، ما يشق عليك من شأن النساء، فإن كنت طلقتهن فإن الله معك، وملائكته، وجبريل، وميكال، وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك، وقلما تكلمت – وأحمد الله – بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي الذي أقول، ونزلت الآية آية التخيير :﴿ وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير * عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكار ﴾٣، قال عمر : فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي، لم يطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، ونزلت هذه الآية :﴿ وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ﴾، قال عمر : فكنت أنا الذي استنبطت ذلك الأمر، وأنزل الله عز وجل آية التخيير )٤.
قال أبو محمد : وقبل كل شيء فهذا اللفظ إنما روي من هذه الطريق، وفيها عكرمة بن عمار، وهو منكر الحديث جدا، وقد روينا من طريقه حديثا موضوعا مكذوبا من طريق هذا الإسناد نفسه، عكرمة بن عمار عن سماك أبي زميل، عن ابن عباس، هكذا لا شك فيه، ليس في سنده أحد متهم غيره٥.
[ ٥٠ ] المسألة الثانية : في المراد بأولي الأمر في الآية.
يرى الإمام ابن حزم – رحمه الله – أن المراد بأولي الأمر في الآية هم أهل العلم.
قال أبو محمد :( نص تعالى على أن المستنبطين لو ردوه إلى الرسول وإلى أهل العلم الناقلين لسنن النبي صلى الله عليه وسلم، لعلموا الحق، وإن لم يردوه، واتكلوا على استنباطهم، لم يعلموا الحق )٦.
[ ٥١ ] المسألة الثالثة : في بيان معنى الاستنباط.
قال الإمام ابن حزم :( هو مأخوذ من : أنبطت الماء، وهو إخراجه من الأرض والتراب والأحجار.
وهو استخراج الحكم من لفظ هو خلاف لذلك الحكم )٧.
[ ٥٢ ] المسألة الرابعة : بيان المستثنى منه في قوله تعالى :﴿ إلا قليلا ﴾ ونوعه.
قال الإمام ابن حزم :( هذا الاستثناء مردود على المخاطبين أنفسهم، وهذا القليل عندنا مستثنى من الفضل والرحمة، لا من اتباع الشيطان، والآية على ظاهرها دون تكلف تأويل، ومعناها : أن الله رحمكم وتفضل عليكم حاشا قليلا منكم لم يرحمهم ولا تفضل عليهم، وهم الكفار منكم والمنافقون الذين فيكم.
وهذا الذي قلنا هو العيان المشهود والنص المسموع، فإن الأقل من المخاطبين الحاضرين مع الصحابة رضي الله عنهم كانوا منافقين خارجين عن الفضل والرحمة، متبعين الشيطان، فهم القليل المستثنون بقوله تعالى :﴿ إلا قليلا ﴾، واستثنوا من جملة المتفضل عليهم والمرحومين والممتنعين بذلك من اتباع الشيطان، فهو راجع على كل من ذكر في الآية، وبالله تعالى التوفيق٨.
٢ الإيلاء: هو الحلف على الامتناع من وطء الزوجة. انظر: لسان العرب ١/١١٧، المصباح المنير ١/٣٥..
٣ سورة التحريم، من الآية (٤) والآية (٥)..
٤ رجال الإسناد:
عمر بن يونس بن القاسم الحنفي، أبو الحفص اليمامي، الجرشي، ثقة، مات سنة ست ومائتين (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/٧١.
عكرمة بن عمار العجلي، أبو عمار اليماني، أصله من البصرة، صدوق يغلط، وفي روايته عن يحيى ابن أبي كثير اضطراب، ولم يكن له كتاب، مات قبل سنة ستين ومائة (خت م ٤). انظر: تقريب التهذيب ٢/٣٤.
سماك – بكسر أوله وتخفيف الميم – بن حرب بن أوس بن خالد الذهلي البكري، الكوفي، أبو المغيرة، صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير بآخرة، فكان ربما يلقن، مات سنة ثلاث وعشرين ومائة (خت م ٤). انظر: تقريب التهذيب ١/٣٢٠.
وبقية رجال الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الأثر: أخرجه مسلم في صحيحه مطولا، كتاب الطلاق، باب في الإيلاء واعتزال النساء ٦/٤٠١٨، حديث رقم (٣٦٢٦)..
٥ انظر: الإحكام في أصول الأحكام ٦/١٠٠٣-١٠٠٤..
٦ انظر: الإحكام في أصول الأحكام ٦/١٠٠٢..
٧ انظر : الإحكام في أصول الأحكام ٦/١٠٠٢..
٨ انظر : الإحكام في أصول الأحكام ٤/٥٥٣، الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢/٧٤..
فيه مسألتان :
[ ٥٣ ] المسألة الأولى : لمن الخطاب في قوله :﴿ في سبيل الله ﴾.
قال الإمام ابن حزم :( هذا خطاب متوجه إلى كل مسلم، فكل أحد مأمور بالجهاد، وإن لم يكن معه أحد.
قال تعالى :﴿ انفروا خفافا وثقالا ﴾٢، وقال تعالى :﴿ فانفروا ثبات أو انفروا جميعا ﴾٣ )٤.
[ ٥٤ ] المسألة الثانية : في الجمع بين قوله تعالى :﴿ لا تكلف إلا نفسك ﴾ وبين الأحاديث التي فيها النيابة في العمل عن الحي والميت.
قال الإمام ابن حزم :( ليس في هذه الآية معارضة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالحج عن الشيخ الكبير، وبالصيام عن الولي الميت، وبقضاء النذر عن الميت ؛ لأن كل ما ذكرنا فالحي المؤدي هو المكلف ذلك في نفسه، وهي شريعة ألزمه الله تعالى إياها وافترضها عليه، كالصلوات الخمس وسائر صيامه في رمضان، فقد تعين في ذلك فرضا على الولي زائدا، كلفه في نفسه، هو مأجور على أدائه ؛ لأنه فرضا كلفه.
والله تعالى متفضل على الميت، والمحجوج عنه بأجر آخر زائد، وخزائن الله لا تنفد، وفضله تعالى لا ينقطع، فبطل ظن من جهل ولم يفهم، وقدر أن بين الآية التي ذكرنا والأحاديث التي وصفنا تعارضا )٥.
٢ سورة التوبة، من الآية (٤١)..
٣ سورة النساء، من الآية (٧١)..
٤ انظر: المحلى ٧/٢٦٠..
٥ انظر : الإحكام في أصول الأحكام ٥/٩٤٢..
فيه ثلاث مسائل :
[ ٥٥ ] المسألة الأولى : في حكم رد السلام في الأذان والإقامة.
قال الإمام ابن حزم :( إن سلم على المؤذن في أذانه وإقامته ففرض عليه أن يرد بالكلام. قال الله تعالى :﴿ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ﴾.
روينا عن وكيع عن محمد بن طلحة عن جامع بن شداد عن موسى بن عبد الله ابن يزيد الخطمي عن سليمان بن صرد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنه كان يؤذن للعسكر، فكان يأمر غلامه في أذانه بالحاجة " ٢.
وعن وكيع عن الربيع بن صبيح عن الحسن البصري قال :( لا بأس أن يتكلم في أذانه للحاجة )٣.
فلم تخص النصوص حال الأذان والإقامة من غيرهما، ولا جاء نهي قط عن الكلام في نفس الأذان، وما نعلم حجة لمن منع ذلك أصلا )٤.
[ ٥٦ ] المسألة الثانية : في الجمع بين قول تعالى :﴿ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ﴾ وأمره بالإنصات للخطبة :
يرى الإمام ابن حزم أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإنصات للخطبة٥ عام لكل كلام، سلاما كان أو غيره، وفي الآية إيجاب رد السلام، وهو بعض الكلام في كل حالة على العموم. وللجميع بينهما قال :( أما الخطبة فإنا نظرنا في أمرها فوجدنا المعهود، والأصل إباحة الكلام جملة، ثم جاء النهي عن الكلام في الخطبة، وجاء الأمر برد السلام واجبا وإفشائه، فكان النهي عن الكلام زيادة على معهود الأًصل، وشريعة واردة قد تيقنا لزومها، وكان رد السلام وإفشاؤه أقل معاني من النهي عن الكلام، فوجب استثناؤه، ولأن الخطبة ليست صلاة، ولم يلزم فيها استقبال القبلة، ولا شيء مما يلزم في الصلاة )٦.
[ ٥٧ ] المسألة الثالثة : في الجمع بين قوله تعالى :﴿ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ﴾ وأمره صلى الله عليه وسلم بالإنصات في الصلاة.
يرى الإمام ابن حزم عدم وجوب رد السلام في الصلاة، وأن الأمر بالإنصات في الصلاة عام لكل كلام، سلاما كان أو غيره.
قال الإمام ابن حزم :( إن الصلاة قد ورد فيها نص بين بأنه عليه السلام سلم عليه فيها فلم يرد بعد أن كان يرد، وأنه سئل عن ذلك فقال – عليه الصلاة والسلام - : " إن الله يحدث من أمره ما يشاء، وأنه أحدث ألا تكلموا في الصلاة " ٧، أو كلاما هذا معناه )٨.
٢ رجال الإسناد:
محمد بن طلحة بن مصرف اليامي الكوفي، روى عن جامع بن شداد وغيره، صدوق، له أوهام، وأنكروا سماعه من أبيه؛ لصغره، مات سنة سبع وستين ومائة (خ م د ت ابن عساكر ق). انظر: تهذيب التهذيب ٩/٢٠٥، تقريب التهذيب ٢/١٨٣.
جامع بن شداد المحاربي، أبو صخرة الكوفي، ثقة، مات سنة سبع، ويقال: سنة ثمان وعشرين ومائة (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/١٢٩.
موسى بن عبد الله بن يزيد الخطمي – بفتح المعجمة وسكون المهملة – الكوفي، ثقة، مات قبل المائة (م د تم ق). انظر: تقريب التهذيب ٢/٢٨٩.
سليمان بن صرد – بضم المعجمة وفتح الدال – بن الجون بن منقذ الخزاعي، صحابي جليل، يكنى أبا المطرف، كان خيرا فاضلا، له دين وعبادة، سكن الكوفة، وشهد مع علي رضي الله عنه مشاهده كلها، قتل بعين الوردة سنة خمس وستين، وعمره ثلاث وتسعين سنة (ع). انظر: أسد الغابة ٢/٤٤٩، تقريب التهذيب ١/٣١٥.
تخريج الأثر: أخرجه البخاري في صحيحه معلقا، كتاب الأذان، باب الكلام في الأذان ٢/١١٦، ووصله ابن أبي شيبة في مصنفه ١/٢٤٠، من طريق وكيع عن محمد بن طلحة عن جامع بن شداد عن موسى بن عبد الله ابن يزيد به، ووصله البيهقي في السنن الكبرى ١/٣٩٨، من طريق أبي الحسن علي بن أحمد بن عبدان عن أحمد بن عبيد الصفار عن هشام بن علي السيرافي عن عبد الله بن رجال عن محمد بن طلحة به، وقال الحافظ ابن حجر بعد ذكره لإٍسناد ابن أبي شيبة: (إسناده صحيح)، فتح الباري ٢/١١٦..
٣ رجال الإسناد:
الربيع بن صبيح – بفتح المهملة – السعدي البصري، صدوق، سيئ الحفظ، وكان عابدا مجاهدا، أول من صنف الكتب بالبصرة، مات سنة ستني ومائة (خت ت ق). انظر: تقريب التهذيب ١/٢٤١.
وبقية رجال الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الأثر: أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ١/٢٤٠.
درجته: إسناده ضعيف؛ لأن الربيع بن صبيح صدوق سيء الحفظ..
٤ انظر: المحلى ٣/٩٠-٩١..
٥ إشارة إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم : "إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت، والإمام يخطب فقد لغوت". أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجمعة، باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب ٢/٤٨٠، حديث رقم (٩٣٤)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجمعة، باب في الإنصات يوم الجمعة في الخطبة ٤/٢٤١٣، حديث رقم (٨٥١)..
٦ انظر: الإحكام في أصول الأحكام ٢/٢٣٢-٢٣٣..
٧ سبق تخريجه ص ١٩٨..
٨ انظر: الإحكام في أصول الأحكام ٢/٢٣٢ – ٢٣٣..
[ ٥٨ ] مسألة : في سبب نزول الآية.
قال الإمام ابن حزم :( قد رُوينا عن طريق البخاري، نا أبو الوليد – هو الطيالسي – نا شعبة عن عدي بن ثابت قال : سمعت عبد الله بن يزيد بن ثابت قال :( لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد رجع ناس٢ ممن خرج معه، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين، فرقة تقول : نقاتلهم، وفرقة تقول : لا نقاتلهم، فنزلت :﴿ فمالكم في المنافقين فئتين ﴾ )٣، فهذا إسناد صحيح. وقد سمى الله تعالى أولئك منافقين )٤.
٢ المراد بالناس هنا: عبد الله بن أبي بن سلول ومن تبعه. انظر: فتح الباري ٤/١١٦..
٣ رجال الإسناد:
هشام بن عبد الملك الباهلي، مولاهم، أبو الوليد الطيالسي البصري، ثقة ثبت، مات سنة سبع وعشرين ومائتين، وله أربع وتسعون (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/٣٢٥.
شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي، مولاهم، أبو بسطام الواسطي، البصري ثقة، حافظ متقن، كان الثوري يقول: هو أمير المؤمنين في الحديث، وهو أول من فتش بالعراق عن الرجال، وذب عن السنة، وكان عابدا، مات سنة ستين ومائة (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٣٣٨.
عدي بن ثابت الأنصاري، الكوفي، ثقة، رمي بالتشيع، مات سنة عشرة ومائة (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/٢٠.
عبد الله بن يزيد بن زيد بن حصين الأنصاري، الخطمي – بفتح المعجمة وسكون المهملة -، صحابي صغير، ولي الكوفة لابن الزبير (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٤٣١.
زيد بن ثابت بن الضحاك بن لوذان الأنصاري البخاري الخزرجي، أبو سعيد، وأبو خارجة، صحابي شهير، كتب الوحي، واستخلفه عمر على المدينة ثلاث مرات، قال مسروق: كان من الراسخين في العلم، مات سنة خمس، أو ثمان وأربعين، وقيل: بعد الخمسين (ع). انظر: أسد الغابة ٢/٢٧٨، الإصابة في تمييز الصحابة ٢/٤٩٠، تقريب التهذيب ١/٢٦٦.
تخريج الأثر: أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل المدينة، باب المدينة تنفي الخبث ٤/١١٥، حديث رقم (١٨٨٤)، وفي كتاب المغازي، باب غزوة أحد ٧/٤١٢، حديث رقم (٤٠٥٠)، وفي كتاب التفسير، باب ﴿فمالكم في المنافقين فئتين﴾ ٨/١٠٤، حديث رقم (٤٥٨٩)، وإسناد ابن حزم إلى البخاري صحيح؛ لأن رجاله ثقات..
٤ انظر: المحلى ١٣/٧٠..
فيه مسألتان :
[ ٥٩ ] المسألة الأولى : في أن قتل المؤمن عمدا بغير حق من أعظم الذنوب بعد الشرك.
قال الإمام ابن حزم :( لا ذنب عند الله عز وجل بعد الشرك أعظم من شيئين :
أحدهما : تعمد ترك صلاة فرض حتى يخرج وقتها.
والثاني : قتل مؤمن أو مؤمنة عمدا بغير حق.
قال عز وجل :﴿ وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ﴾.
وقوله تعالى :﴿ ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ﴾.
روينا من طريق البخاري، نا علي – هو ابن عبد الله – نا إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص عن أبيه عن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما " ٢.
قال البخاري : ونا أحمد بن يعقوب نا إسحاق – هو ابن سعيد المذكور – عن أبيه أنه سمعه يحدث عن ابن عمر أنه قال :( إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها : سفك الدم الحرام بغير حله )٣ )٤.
[ ٦٠ ] المسألة الثانية : في أقسام القتل.
قال الإمام ابن حزم :( والقتل قسمان : عمد، وخطأ. برهان ذلك :
قال عز وجل :﴿ وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ﴾.
وقوله تعالى :﴿ ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ﴾.
فلم يجعل عز وجل في القتل قسما ثالثا، وادعى قوم أن هاهنا قسما ثالثا، وهو عمد الخطأ، وهو قول فاسد ؛ لأنه لم يصح في ذلك نص أصلا، وقد بينا سقوط تلك الآثار في ( كتاب الإيصال ) والحمد لله رب العالمين )٥.
قوله تعالى :﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾٦.
فيه أربع عشرة مسألة :
[ ٦١ ] المسألة الأولى : في معنى الاستثناء في قوله تعالى :﴿ إلا خطأ ﴾.
قال الإمام ابن حزم :( هذه الآية على ظاهرها دون تأويل، فليس فيها أن القاتل العامد ليس مؤمنا، وإنما فيها نهي المؤمن عن قتل المؤمن عمدا فقط ؛ لأنه تعالى قال :﴿ وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا ﴾، وهكذا نقول : ليس للمؤمن قتل المؤمن عمدا، ثم قال تعالى :﴿ إلا خطأ ﴾، أي : لكن خطأ، فاستثنى عز وجل الخطأ في القتل من جملة ما حرم من قتل المؤمن للمؤمن ؛ لأنه لا يجوز النهي عما لا يمكن الانتهاء عنه، ولا يقدر عليه ؛ لأن الله تعالى أمننا من أن يكلفنا ما لا طاقة لنا به، وكل فعل خطأ فلم ننه عنه٧، بل قد قال تعالى :﴿ وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم ﴾٨ )٩.
[ ٦٢ ] المسألة الثانية : في بيان الاستثناء في قوله تعالى :﴿ إلا أن يصدقوا ﴾.
قال الإمام ابن حزم :( لولا بيان الاستثناء أنه مردود إلى الأهل فقط، لسقطت به الرقبة، ولكن لا حق للأهل في الرقبة، ولا صدقة لهم فيها، وقد قال تعالى :﴿ ولا تكسب كل نفس إلا عليها ﴾١٠ )١١.
[ ٦٣ ] المسألة الثالثة : في عفو المقتول خطأ عن الدية قبل موته.
قال الإمام ابن حزم :( صح أن الدية فرض أن تسلم إلى أهل القتيل، فإذ ذلك كذلك فحرام على المقتول أن يبطل تسليمها إلا من أمر الله تعالى بتسليمها إليهم، وحرام على كل أحد أن ينفذ حكم المقتول في إبطال تسليم الدية إلى أهله، فهذا بيان لا إشكال فيه.
وكذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام " ١٢، والدية إنما هي بنص القرآن، وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المقتول، فحرام على المقتول التصرف في شيء من ذلك ؛ لأنها مال أهله )١٣.
[ ٦٤ ] المسألة الرابعة : في المراد بقوله تعالى :﴿ فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن ﴾.
قال الإمام ابن حزم :( صح بالضرورة التي لا مدخل للشك فيها أن في ( كان ) من قوله تعالى :﴿ فإن كان من قوم ﴾ ضمير راجع إلى أول مذكور، لا يمكن غير ذلك ألبتة. والضمير في لغة العرب لا يرجع إلا إلى أقرب مذكور قبله، إلا ببرهان يدل على غير ذلك، فليس في هذه الآيات أقرب مذكور ولا أبعد مذكور، إلا المؤمن المقتول خطأ فقط )١٤.
[ ٦٥ ] المسألة الخامسة : فيمن قتل مسلما خطأ في دار الحرب، أو في دار الإسلام وقومه حرب.
يرى الإمام ابن حزم – رحمه الله – أن من قتل في دار الحرب إنسانا يرى أنه كافر فإذا به مسلم، قتل خطأ فلا قَوَد١٥ فيه ولا دية، وإنما تجب فيه الكفارة.
قال الإمام ابن حزم :( برهان قولنا في القاتل في دار الحرب قول الله تعالى :﴿ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة ﴾.
( من ) هنا بمعنى ( في ) ؛ لأنه لا خلاف بين أحد في أن قوما كفارا حربيين١٦ أسلم منهم إنسان وخرج إلى دار الإسلام فقتله مسلم خطأ ؛ فإن فيه الدية لولده والكفارة، فصح بذلك ما قلنا، والحمد لله رب العالمين )١٧.
[ ٦٦ ] المسألة السادسة : في المراد بقوله تعالى :﴿ وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق ﴾.
قال الإمام ابن حزم :( الضمير الذي في قوله تعالى :﴿ وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة ﴾ راجع ضرورة – لا يمكن غير هذا – إلى المؤمن المذكور أولا، ولا ذكر في هذه الآية لذمي أصلا، ولا لمستأمن١٨.
ومعنى قوله تعالى :﴿ من قوم بينكم وبينهم ميثاق ﴾ إنما هو في قوم إذا كان سكناه فيهم ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حكم بأن لا يرث الكافر المسلم، وأن الدية موروثة )١٩.
[ ٦٧ ] المسألة السابعة : في حكم قتل المسلم للذمي أو لمستأمن عمدا أو خطأ.
قال الإمام ابن حزم :( وإن قتل مسلم عاقل بالغ ذميا أو مستأمنا عمدا أو خطأ ؛ فلا قَوَدَ عليه ولا دية ولا كفارة، ولكن يؤدب في العمد خاصة، ويسجن حتى يتوب ؛ كفا لضرره. برهان ذلك :
قول الله تعالى :﴿ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا ﴾ إلى قوله تعالى :﴿ وكان الله عليما حكيما ﴾.
فهذا كله في المؤمن بيقين، والضمير الذي في :﴿ كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله ﴾ راجع ضرورة – لا يمكن غير هذا – إلى المؤمن المذكور أولا، ولا ذكر في هذه الآية لذمي أصلا، ولا لمستأمن، فصح يقينا أن إيجاب الدية على المسلم في ذلك لا يجوز ألبتة، وكذلك إيجاب القَوَد عليه وفلا فرق )٢٠.
[ ٦٨ ] المسألة الثامنة : في دية الجنين، وكفارته.
قال الإمام ابن حزم :( إن الله تعالى يقول :﴿ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله ﴾.
فصح أن من ضرب حاملا فأسقطت جنينا، فإن كان قبل الأربعة الأشهر قبل تمامها فلا كفارة في ذلك، لكن الغرة٢١ واجبة فقط ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم بذلك، ولم يقتل أحدا، لكن أسقطها جنينا فقط.
وإذا لم يقتل أحدا لا خطأ ولا عمدا، فلا كفارة في ذلك، إذ لا كفارة إلا في قتل الخطأ، ولا يقتل إلا ذو روح، وهذا لا ينفخ فيه الروح بعد.
وإن كان بعد تمام الأربعة الأشهر، وتيقنت حركته بلا شك، وشهد بذلك أربع قوابل٢٢ عدول، فإن فيه غرة عبد أو أمة فقط ؛ لأنه جنين قتل، فهذه هي ديته، والكفارة واجبة بعتق رقبة، ﴿ فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ﴾، لأنه قتل مؤمنا خطأ.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الروح ينفخ فيه بعد مائة ليلة وعشرين ليلة٢٣ )٢٤.
[ ٦٩ ] المسألة التاسعة : من يرث الغرة ؟.
قال الإمام ابن حزم :( إن الجنين إن تيقنا أنه قد تجاوز الحمل به مائة وعشرين ليلة، فإن الغرة موروثة لورثته الذين كانوا يرثونه لو خرج حيا فمات، على حكم المواريث، وإن لم يوقن أنه تجاوز الحمل به مائة ليلة وعشرين ليلة، فالغرة لأمه فقط. برهاننا على ذلك :
أن الله تعالى قال :﴿ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله ﴾. وقال رسول صلى الله عليه وسلم : " من قُتل له بعد مقالتي هذه قتيل فأهله بين خيرتين " ٢٥. فذكر – عليه الصلاة والسلام – القَوَد، أو الدية، أو المفاداة.
فصح بالقرآن والسنة أن دية القتيل في الخطأ والعمد مسلمة لأهل القتيل.
والجنين بعد مائة ليلة وعشرين ليلة هي بنص خبر الرسول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم٢٦، وإذا هو حي فهو قتيل قد قتل بلا شك، فالغرة، التي هي ديته واجبة أن تسلم إلى أهله بنص القرآن، وقد اتفقت الأمة على أن الورثة الذين تسلم لهم الدية أنهم يقتسمونها على سنة المواريث بلا خلاف.
وأما إذا لم يوقن أنه تجاوز مائة ليلة وعشرين ليلة، فنحن على يقين أنه لم يحيا قط، ولا كان له روح بعد، ولا قتل، وإنما هو ماء، أو علقة٢٧ من دم، أو مضغة٢٨ من عضل، أو عظام ولحم، فهو في كل ذلك بعض أمه، فليس لديته حكم دية القتيل ؛ لأن هذا قياس، والقياس كله باطل )٢٩.
[ ٧٠ ] المسألة العاشرة : على من تكون الدية لمن لا عاقلة له ؟.
يرى الإمام ابن حزم أن الدية والغرة لمن لا عاقلة له في سهم الغارمين من الصدقات، أو بيت مال المسلمين، واستدل بقول الله تعالى :﴿ ومن قتل مؤمنا خطأ ﴾، وبأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قضى مجملا في الجنين بغرة عبد أو أمة٣٠، فكان هذان النصان عامين لكل من له عاقلة، ولكل من لا عاقلة له.
قال – رحمه الله - :( إن الدية والغرة في سهم الغارمين من الصدقات، أو بيت مال المسلمين في كل مال موقوف لجميع مصالحهم ؛ لأن الله تعالى أوجب الدية في كل مؤمن قُتل خطأ، وأوجب الغرة في كل جنين أصيب عموما، إلا ولد الزنى وحده، ومن لا يلحق بمن حملت به أمه فقط، وهكذا وجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ؛ إذ ودى عبد الله بن سهل٣١ رضي الله عنه من الصدقات مائة من الإبل٣٢ )٣٣.
[ ٧١ ] المسألة الحادية عشرة : في وقت أداء الدية، ومن الملزم بأدائها.
قال الإمام ابن حزم :( وإن قتل المسلم أو الذ
٢ رجال الإسناد:
علي بن الجعد بن عبيد الجوهري البغدادي، أبو الحسن، مولى بني هاشم، روى عنه البخاري وغيره، ثقة ثبت، رمي بالتشيع، مات سنة ثلاثين ومائتين (خ د). انظر: تهذيب التهذيب ٧/٢٤٨، تقريب التهذيب ٢/٣٩.
وقد وهم ابن حزم – رحمه الله – فسماه علي بن عبد الله المديني. قال الحافظ ابن حجر: (وقد ذكرت في المقدمة أنه علي بن الجعد؛ لأن علي بن المديني لم يدرك إسحاق بن سعيد). انظر: فتح الباري ١٢/١٩٥.
إسحاق بن سعيد بن عمرو بن العاص الأموي، السعيدي الكوفي، ثقة، مات سنة سبعين، وقيل بعدها (خ م د ت ق). انظر: تقريب التهذيب ١/٧٠.
سعيد بن عمرو بن سعيد بن أبي العاص الأموي، المدني، الدمشقي، الكوفي، ثقة، مات بعد العشرين ومائة (خ م د س ق). انظر: تقريب التهذيب ١/٢٩٤.
وبقية رجال الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الحديث: أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الديات، باب قول الله تعالى: ﴿ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم﴾ ١٢/١٩٤، حديث رقم (٦٨٦٢)..
٣ رجال الإسناد:
أحمد بن يعقوب المسعودي، أبو يعقوب، ويقال: أبو عبد الله الكوفي، روى عن إسحاق بن سعيد وغيره، وعنه: البخاري وغيره، ثقة، مات سنة بضع عشرة ومائتين (خ). انظر: تهذيب التهذيب ١/٨٣، تقريب التهذيب ١/٤٤.
وبقية رجال الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الأثر: أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الديات، باب قول الله تعالى: ﴿ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم﴾ ١٢/١٩٤، رقم (٦٨٦٣)..
٤ انظر: المحلى ١٢/٥..
٥ انظر : المحلى ١٢/٥..
٦ سورة النساء، الآية (٩٢)..
٧ بل ينهى الإنسان عن كل فعل خاطئ، ويحذر من الوقوع في الخطأ، ولا يتهاون في ذلك، فإن وقع منه شيء على وجه الخطأ فعليه أن يتبع ما أمره الله به..
٨ سورة الأحزاب، من الآية (٥)..
٩ انظر: الإحكام في أصول الأحكام ٤/٥٤٤، الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢/٢٥٧، ٣/٢٣٦..
١٠ سورة الأنعام، من الآية (١٦٤)..
١١ انظر: الإحكام في أصول الأحكام ٤/٥٥٣..
١٢ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب حجة الوداع ٧/٧١١، حديث رقم (٤٤٠٦)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحدود، باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال ٧/٤٦٠، حديث رقم (١٦٧٩)..
١٣ انظر: المحلى ١٢/١٢٤..
١٤ انظر: المحلى ١٢/١٧..
١٥ القَوَد: هو القصاص، أي: قتل النفس بالنفس. انظر: لسان العرب ٣/٣٧٢، المعجم الوسيط ٢/٧٦٥..
١٦ الحريبون: من المحاربة، وهي المعاداة، والمراد بهم الكفار الذين لا صلح بينهم وبين المسلمين. انظر: لسان العرب ١/٣٠٣..
١٧ انظر: المحلى ١٢/٦..
١٨ المستأمن: هو من يدخل دار غيره بأمان، مسلما كان أو حربيا، وقد غلب إطلاقه على من يدخل دار الإسلام بأمان. انظر: آثار الحرب للدكتور الزحيلي ص ٢٧٦..
١٩ انظر: المحلى ١٢/٩٠١٧..
٢٠ انظر: المحلى ١٢/٩..
٢١ الغرة – بضم الغين وفتح الراء مع تشديدها -: هي العبد نفسه، أو الأمة، سميت بذلك لأنها من أنفس الأموال وأفضلها، وقيل: لأنها أول مقدر ظهر في باب الدية. انظر: غريب الحديث لابن قتيبة ١/٢٢٢، النهاية في غريب الحديث ٣/٣٥٣..
٢٢ القابلة: هي المرأة التي تساعد الوالدة، وتتلقى عند الولادة، والجمع قوابل، ويطلق عليها أيضا الدابة. انظر: لسان العرب ١١/٥٤٣، المعجم الوسيط ١/٣٠٦، ٢/٧١٢..
٢٣ يشير إلى حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم – وهو الصادق المصدوق – قال: "إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما، ثم علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكا فيؤمر بأربع: برزقه، وأجله، وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح..." الحديث. سبق تخريجه ص ٣٠٨..
٢٤ انظر: المحلى ١٢/١٧٧-١٧٨..
٢٥ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الديات، باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين ١٢/٢١٣، حديث رقم (٦٨٨٠)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الاعتكاف، باب تحريم مكة ٦/٣٦٥١، حديث رقم (١٣٥٥)..
٢٦ إشارة إلى حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم – وهو الصادق المصدوق – قال: "إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما..." الحديث، سبق تخريجه ص ٣٠٨..
٢٧ العلقة: طور من أطوار الجنين، وهي قطعة الدم الغليظ أو الجامد التي يتكون منها. انظر: لسان العرب ١٠/٢٦٧، المعجم الوسيط ٢/٦٢٢..
٢٨ المضغة: هي القطعة التي تمضغ من لحم وغيره. انظر: لسان العرب ٨/٤٥١، المعجم الوسيط ٢/٨٧٥..
٢٩ انظر: المحلى ١٢/١٨٠..
٣٠ الحديث أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الديات، باب جنين المرأة ١٢/٢٥٧، حديث رقم (٦٩٠٤)، ومسلم في صحيحه، كتاب الحدود، باب دية الجنين ٧/٤٦١٣، حديث رقم (١٦٨١)..
٣١ عبد الله بن سهل بن زيد الأنصاري الحارثي، صحابي جليل، قُتل بخيير. انظر: الإصابة في تمييز الصحابة ٤/١٠٦..
٣٢ الحديث أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الصلح، باب الصلح من المشركين ٥/٣٥٩، حديث رقم (٢٧٠٢)، ومسلم في صحيحه، كتاب الحدود، باب القسامة ٧/٤٥٥٩، حديث رقم (١٦٦٩)..
٣٣ انظر: المحلى ١٢/٢٠٥..
فيه ثلاث مسائل :
[ ٧٥ ] المسألة الأولى : في المراد بقوله تعالى :﴿ فجزاؤه جهنم خالدا فيها ﴾.
قال الإمام ابن حزم :( وأما وعيد الله بالخلود في القاتل وغيره، فلو لم يأت إلا هذا النص لوجب الوقوف عنده، لكنه قد قال تعالى :﴿ لا يصلاها إلا الأشقى * الذي كذب وتولى ﴾٢، وكلامه تعالى لا يتناقض، وقد صح أن القاتل ليس كافرا، وأن أصحاب الذنوب المتوعد عليها ليسوا كفارا، من أنهم مباح لهم نكاح المسلمات، وأنهم مأمورون بالصلوات، وأن زكاة أموالهم مقبوضة، وأنهم لا يقتلون، وأنه إن عفي عن القاتل فقتله مسلم فإن يقتل به، فإذ ليس كافرا فبيقين، ندري أن خلوده إنما هو مقام مدة ما )٣.
وقال في موضع آخر :( معنى كل هذا : أن الله يحرم الجنة عليه – أي القاتل – حتى يقتص منه، ويحرم النار عليه أن يخلد فيها أبدا، وخالدا فيها مدة حتى تخرجه الشفاعة، إذ لا بد من جمع النصوص كلها )٤.
[ ٧٦ ] المسألة الثانية : في حكم توبة القاتل المتعمد.
يرى الأمام ابن حزم أن توبة القاتل المتعمد مقبولة، واستدل على ذلك :
بقوله تعالى :﴿ إن الحسنات يذهبن السيئات ﴾٥، وقال تعالى :﴿ فأما من ثقلت موازينه * فهو في عيشة راضية ﴾٦ ٧.
[ ٧٧ ] المسألة الثالثة : في عموم الآية.
قال الإمام ابن حزم :( لا خلاف في أن الإثم عند الله عز وجل في قتل العبد كالإثم في قتل الحر ؛ لأنهم جميعا نفس محرمة، وداخلان تحت قوله تعالى :﴿ ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم ﴾.
فوجب أن نحكم للعبد إذا وجد مقتولا بمثل الحكم في الحر إذا وجد مقتولا، لا بمثل الحكم في البهيمة.
وصح أن القسامة٨ واجبة في العبد كما هي في الحر، من طريق حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا من طريق القياس )٩.
٢ سورة الليل، الآيتان (١٥، ١٦)..
٣ انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢/٣٤٦..
٤ انظر: المحلى ١/١١٣، وانظر: علم الكلام على مذهب أهل السنة ص ٩٢، الدرة فيما يجب اعتقاده ص ٣٤٩..
٥ سورة هود، من الآية (١١٤)..
٦ سورة القارعة، الآيتان (٦، ٧)..
٧ انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢/٣٥٤..
٨ القسامة – بفتح القاف، وتخفيف المهملة -: هي الأيمان، وحقيقتها أن يقسم من أولياء الدم خمسون رجلا على استحقاقهم دم صاحبهم إذا وجدوه قتيلا بين قوم ولم يعرف قاتله، ولا يكون فيهم صبي، ولا امرأة، ولا مجنون، ولا عبد، أو يقسم بها المتهمون على نفي القتل عنهم، فإن حلف المدعون استحقوا الدية، وإن حلف المتهمون لم تلزمهم الدية. انظر: النهاية في غريب الحديث ٤/٦٢، أنيس الفقهاء ص ٢٩٥.
.
٩ انظر: المحلى ١٢/٢٢٣..
[ ٧٨ ] مسألة : في سبب نزول الآية.
قال الإمام ابن حزم :( حدثنا حمام بن أحمد نا عباس بن أصبغ نا محمد بن عبد الملك بن أيمن نا أحمد بن زهير بن حرب نا أبو بكر بن أبي شيبة نا أبو خالد الأحمر عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن القعقاع عن عبد الله بن أبي حدرد قال :( بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إضم٢، فلقينا عامر ابن الأضبط٣ - هو أشجعي -، فحيانا بتحية الإسلام، فقام إليه المحلم بن جثامة٤ - هو ليثي كناني – فقتله ثم سلبه، فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرناه، فنزلت :﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا ﴾٥ )٦.
٢ إضم – بكسر الهمزة وفتح الضاد المعجمة وآخره ميم -: هو وادي المدينة إذا اجتمعت أوديتها الثلاثة: بطحان، وقناة، والعقيق، بين أحد والشرتاء، ويسمى الوادي (الخليل) إلى أن يتجاوز كتانة فيسمى (وادي الحمض) إلى أن يصب في البحر بين الوجه وأملج، هذه أسماؤه اليوم، أما اسمه قديما، فكان يسمى إضما منذ اجتماع تلك الروافد إلى أن يصب في البحر. انظر: معجم البلدان ١/٢٥٤، معجم المعالم الجغرافية ص ٢٩..
٣ عامر بن الأضبط الأشجعي، قتل حين أسلم قبل أن يلقى النبي صلى الله عليه وسلم. انظر: الإصابة في تمييز الصحابة ٣/٤٦٦..
٤ محلم بن جثامة بن قيس بن ربيعة بن عبد الله الليثي، أخو الصعب بن جثامة، نزل حمص، ومات بها أيام ابن الزبير، ويقال: إنه الذي مات في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفن فلفظته الأرض مرة بعد أخرى. انظر: أسد الغابة ٥/٧٦، الإصابة في تمييز الصحابة ٥/٥٨٤..
٥ رجال الإسناد:
عباس بن أصبغ بن عبد العزيز بن غصن الهمداني، من أهل قرطبة، يكنى أبا بكر، ويعرف بالحجازي، سمع من محمد بن عبد الملك، وكان شيخا حليما ضابطا لما كتب، طاهرا عفيفا، توفي سنة ست وثمانين وثلاثمائة. انظر: تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضى ص ٢٩٨.
محمد بن عبد الملك بن أيمن بن فرج القرطبي، أبو عبد الله، الإمام الحافظ العلامة، شيخ الأندلس، كان بصيرا بالفقه، مفتيا بارعا، عارفا بالحديث وطرقه، روى عن أحمد بن زهير وغيره، روى عنه عباس بن أصبغ، مات في شوال سنة ثلاثين وثلاثمائة. انظر: سير أعلام النبلاء ١٥/٢٤١.
سليمان بن حيان الأزدي، أبو خالد الأحمر، الكوفي الجعفري، روى عن محمد بن إسحاق، روى عنه ابن أبي شيبة، صدوق يخطئ، مات سنة تسعين ومائة، أو قبلها، وله بضع وسبعون سنة. انظر: تهذيب التهذيب ٤/١٦٤، تقريب التهذيب ١/٣١٢.
القعقاع بن عبد الله بن أبي حدود بن عمير الأسلمي، تابعي جليل، لأبيه وجده صحبة. انظر: أسد الغابة ٤/٤٠٨، الإصابة في تمييز الصحابة ٥/٤١٤.
عبد الله بن أبي حدرد عبيد، وقيل: سلامة بن عمير بن أبي سلامة الأسلمي، له ولأبيه صحبة، يكنى أبا محمد، أول مشاهده الحديبية ثم خيبر، وما بعدهما، مات سنة إحدى وسبعين في زمن مصعب بن الزبير، وله إحدى وثمانون سنة. انظر: أسد الغابة ٣/١٤١، الإصابة في تمييز الصحابة ٤/٤٨.
وبقية رجال الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الأثر: أخرجه ابن إسحاق في السيرة النبوية ٤/١٠٤٣، وأورده الواقدي في المغازي من طريق ابن إسحاق ٢/٧٩٧، وأخرجه أحمد في مسنده ٥/٢٥٥، حديث رقم (٢١٧٣٩).
درجته: إسناده ضعيف؛ لأن فيه سليمان الأزدي، وهو صدوق يخطئ..
٦ انظر: المحلى ١٢/٢٦..
[ ٧٩ ] مسألة : في المراد بالقاعدين الذين فضل عليهم المجاهدون درجة ودرجات.
قال الإمام ابن حزم :( نص تعالى على أن المتخلف عن الجهاد بغير عذر مذموم أشد الذم في غير ما موضع من القرآن، منها : قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل * إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ﴾٢، وفي آيات كثيرة جدا.
ثم بين الله تعالى أن المجاهدين مفضلون على القاعدين درجة ودرجات، فصح أنه إنما عنى القاعدين المعذورين الذين لهم نصيب من وعد الله الحسنى والأجر، لا الذين توعدوا بالعذاب.
وكما أخبر عليه السلام أن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم٣، ولم يختلف العلماء معنا في أن المصلي قاعدا بغير عذر لا أجر له، ولا نصيب من الصلاة )٤.
٢ سورة التوبة، الآية (٣٨) ومن الآية (٣٩)..
٣ إشارة إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة الرجل قاعدا نصف الصلاة..." الحديث، أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب تقصير الصلاة، باب صلاة القاعد ٢/٦٨٠، حديث رقم (١١١٥)، وفي باب صلاة القاعد بالإيماء ٢/٦٨٣، حديث رقم (١١١٦)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جواز النافلة قائما وقاعدا ٣/٢١٩٦، حديث رقم (٧٣٥)..
٤ انظر: المحلى ٤/١٢٤-١٢٥..
فيه ست مسائل :
[ ٨٠ ] المسألة الأولى : في معنى الضرب في الأرض.
يرى الإمام ابن حزم أن معنى الضرب في الأرض هو السفر، ومعناه : البروز عن محلة الإقامة.
قال – رحمه الله - :( هذا الذي لا يقول أحد من أهل اللغة التي بها خوطبنا، وبها نزل القرآن سواه )٢.
[ ٨١ ] المسألة الثانية : في كيفية صلاة المسافر.
قال الإمام ابن حزم :( صلاة الصبح ركعتان في السفر والحضر أبدا، وصلاة المغرب ثلاث ركعات في الحضر والسفر أبدا.
ولا يختلف عدد الركعات إلا في الظهر والعصر والعتمة، فإنها أربع ركعات في الحضر للصحيح والمريض، وركعتان في السفر.
كل هذا إجماع متيقن )٣.
[ ٨٢ ] المسألة الثالثة : في نوع السفر الذي تُقصر فيه الصلاة.
يرى الإمام ابن حزم أن قصر الصلاة عام في كل سفر، سواء كان سفر طاعة أم معصية أم مباح.
قال – رحمه الله - :( لم يخص عليه السلام سفرا من سفر، بل عم، فلا يجوز لأحد تخصيص ذلك، ولم يجز رد صدقة الله تعالى التي أمر عليه السلام بقبولها٤، فيكون من لا يقبلها عاصيا.
واحتج من خص بعض الأسفار بذلك بأن سفر المعصية محرم، فلا حكم له.
فقلنا : أما محرم فنعم، هو محرم، ولكنه سفر، فله حكم السفر.
وكذلك الزنى محرم، وفيه من الغُسل كالذي في الحلال ؛ لأنه إجناب، ومجاوزة ختان لختان، فوجب فيه حكم عموم الإجناب، ومجاوزة الختان للختان )٥.
[ ٨٣ ] المسألة الرابعة : في حكم القصر في السفر.
يرى الإمام ابن حزم أن قصر الصلاة في السفر فرض.
قال – رحمه الله - :( من أتمها أربعا عامدا، إن كان عالما بأن ذلك لا يجوز بطلت صلاته، وإن كان ساهيا سجد للسهو بعد السلام فقط.
برهان صحة قولنا : ما حدثناه عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا مسدد ثنا يزيد بن زريع ثنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت :( فُرضت الصلاة ركعتين، ثم هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ففرضت أربعا، وتُركت صلاة السفر على الأولى )٦.
ورويناه أيضا من طريق سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة٧.
ومن طريق مالك عن صالح بن كيسان عن عروة عن عائشة٨.
ومن طريق هشام بن عروة عن أبيه عنها٩.
حدثنا عبد اله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب ثنا محمد ابن رافع ثنا محمد بن بشر ثنا يزيد بن زياد بن أبي الجعد عن زبيد اليامي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة قال : قال عمر بن الخطاب :( صلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة الجمعة ركعتان، وصلاة المسافر ركعتان، تمام غير قصر، على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم، وقد خاب من افترى )١٠.
حدثنا حمام ثنا عباس بن أصبغ ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا أبو يحيى زكريا ابن يحيى الناقد ثنا محمد بن الصباح الجرجرائي ثنا عبد الله بن رجاء ثنا هشام الدستوائي عن أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر : قال :( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صلاة السفر ركعتان، من ترك السنة فقد كفر " )١١.
حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا أبو كريب وإسحاق بن إبراهيم عن عبد الله بن إدريس عن ابن جريج عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار عن عبد الله ابن بابيه عن يعلى بن أمية قال :( قلت لعمر بن الخطاب :﴿ فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ﴾، فقد أمن الناس ؟. قال : عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ؟. فقال : " صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته " ١٢.
قال علي : فصح أن الصلاة فرضها الله تعالى ركعتين ثم بلغها في الحضر بعد الهجرة أربعا، وأقر صلاة السفر على ركعتين.
وصح أن صلاة السفر ركعتان بقوله عليه السلام، فإذا قد صح هذا فهي ركعتان لا يجوز أن يتعدى ذلك، ومن تعداه فلم يصل كما أمر، فلا صلاة له إذا كان عالما بذلك )١٣.
[ ٨٤ ] المسألة الخامسة : في الموضع الذي يبدأ منه المسافر قصر الصلاة.
قال الإمام ابن حزم :( ومن خرج عن بيوت مدينته أو قريته أو موضع سكناه، صلى ركعتين ولا بد )١٤.
[ ٨٥ ] المسألة السادسة : في حد المسافة التي تقصر فيها الصلاة.
يرى الإمام ابن حزم أن من مشى ميلا فصاعدا، صلى ركعتين ولا بد إذا بلغ الميل، فإن مشى أقل من ميل صلى أربعا.
قال – رحمه الله - :( لنقل الآن بعون الله وقوته على بيان السفر الذي يقصر فيه، فنقول وبالله التوفيق : قال الله عز وجل :﴿ وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ﴾، وقال عمر١٥ وعائشة١٦ وابن عباس١٧ :( إن الله تعالى فرض الصلاة على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم في السفر ركعتين )، ولم يخص الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولا المسلمون بأجمعهم سفرا من سفر، فليس لأحد أن يخصه إلا بنص أو إجماع متيقن.
فإن قيل : بل لا يقصر إلا في سفر أجمع المسلمون على القصر فيه.
قلنا لهم : فلا تقصروا إلا في حج، أو عمرة، أو جهاد، وليس هذا قولكم، ولو قلتموه لكنتم قد خصصتم القرآن والسنة بلا برهان، وللزمكم في سائر الشرائع كلها أن لا تأخذوا في شيء منها، لا بقرآن ولا بسنة، إلا حتى يجمع الناس على ما أجمعوا عليه منها.
ثم وجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج إلى البقيع١٨ لدفن الموتى، وخرج إلى الفضاء للغائط والناس معه فلم يقصروا، ولا قصر، فخرج هذا عن أن يسمى سفرا، وعن أن يكون له حكم السفر، فلم يجز لنا أن نوقع اسم سفر، وحكم سفر إلا على من سماه من هو حجة في اللغة سفرا، فلم نجد ذلك في أقل من ميل.
فقد روينا عن ابن عمر أنه قال :( لو خرجت ميلا لقصرت الصلاة )١٩، فأوقعنا اسم السفر، وحكم السفر في القصر على الميل فصاعدا، إذ لم نجد عربيا ولا شريعيا عالما أوقع على أقل منه اسم سفر، وهذا برهان صحيح. وبالله تعالى التوفيق.
فإن قيل : فهلا جعلتم الثلاثة الأميال كما بين المدينة وذي الحليفة حدا للقصر والفطر، إذ لم تجدوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قصر في أقل من ذلك ؟.
قلنا : ولا وجدنا عنه عليه السلام منعا من القصر في أقل من ذلك، بل وجدناه عليه السلام أوجب عن ربه تعالى الصلاة في السفر ركعتين مطلقا، فصح ما قلناه، ولله تعالى الحمد )٢٠.
٢ انظر: المحلى ٥/١٦..
٣ انظر : المحلى ٤/١٧٢..
٤ إشارة إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم : "صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته".. الحديث أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة المسافرين وقصرها ٣/٢١١٠، حديث رقم (٦٨٦)..
٥ انظر: المحلى ٤/١٧٤-١٧٥..
٦ رجال الإسناد :
عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد بن مسافر، أبو القاسم الهمداني المغربي الوهراني البجاني، الشيخ الثقة الجليل، كان خيرا صالحا متقبضا، حدث بصحيح البخاري، روى عن إبراهيم بن أحمد، وروى عنه أبو محمد بن حزم، مات سنة إحدى عشرة وأربعمائة. انظر: سير أعلام النبلاء ١٧/٣٣٢.
إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن داود البلخي المستملي، أبو إسحاق، الإمام المحدث الرحال الصادق، راوي الصحيح عن الفربري، وحدث عنه عبد الرحمن بن عبد الله، كان من الثقات المتقنين، مات سنة ست وسبعين وثلاثمائة. انظر: سير أعلام النبلاء ١٦/٤٩٢.
محمد بن يوسف بن مطر بن صالح بن بشر الفربري، أبو عبد الله، المحدث الثقة العالم، راوي الصحيح عن البخاري، وحدث عنه إبراهيم المستملي، مات سنة عشرين وثلاثمائة، وقد أشرف على التسعين. انظر: سير أعلام النبلاء ١٥/١٠.
يزيد بن زريع – بتقدم الزاي، مصغرا – البصري، أبو معاوية، ثقة ثبت، مات سنة اثنتين وثمانين ومائة (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/٣٧٣.
وبقية رجال الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الأثر: أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب مناقب الأنصار، باب التاريخ، من أين أرخوا التاريخ؟ ٧/٣١٤، حديث رقم (٣٩٣٥)، وإسناد ابن حزم إلى البخاري صحيح؛ لأن رجاله ثقات..
٧ رجال الإسناد:
سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي، أبو محمد الكوفي المكي، ثقة حافظ فقيه، إمام حجة، إلا أنه تغير حفظه بآخره، وكان ربما دلس، لكن عن الثقات، وكان أثبت الناس في عمرو بن دينار، مات في رجب سنة ثمان وتسعين ومائة، وله إحدى وتسعون سنة (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٣٠٣.
بقية رجال الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الأثر: أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب تقصير الصلاة، باب يقصر إذا خرج من موضعه ٢/٦٦٣، حديث رقم (١٠٩٠)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة المسافرين وقصرها ٣/٢١٠٩، حديث رقم (٦٨٥)، وإسناد ابن حزم صحيح؛ لأن رجاله ثقات..
٨ رجال الإسناد:
صالح بن كيسان المدني، أبو محمد، أو أبو الحارث، مؤدب ولد عمر بن عبد العزيز، ثقة، ثبت فقيه، مات بعد سنة ثلاثين ومائة، أو بعد الأربعين ومائة (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٣٤٦.
بقية رجال الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الأثر: أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الصلاة، باب كيف فرضت الصلوات في الإسراء؟. ١/٥٥٣، حديث رقم (٣٥٠)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة المسافرين وقصرها ٣/٢١٠٩، حديث رقم (٦٨٥)، وإسناد ابن حزم صحيح؛ لأن رجال الإسناد ثقات..
٩ رجال الإسناد:
هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي، ثقة فقيه، ربما دلس، مات سنة خمس أو ست وأربعين ومائة، وله سبع وثمانون سنة (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/٣٢٥.
بقية رجال الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الأثر: أخرجه الطبري في جامع البيان ٤/٢٤٦.
درجته: صحيح؛ لأن روائه ثقات..
١٠ رجال الإسناد:
محمد بن معاوية بن عبد الرحمن بن معاوية بن إسحاق القرطبي، أبو بكر، المعروف، بابن الأحمر، محدث الأندلس، ومسندها الثقة، من بيت الإمرة والحشمة، روى عن النسائي، وروى عنه عبد الله بن ربيع، كان شيخا نبيلا، ثقة معمرا، مات في رجب سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة. انظر: سير أعلام النبلاء ١٦/٦٨.
محمد بن رافع القشيري النيسابوري، ثقة عابد، مات سنة خمس وأربعين ومائتين (خ م د ت س). انظر: تقريب التهذيب ٢/١٧٠.
محمد بن بشر العبدي، أبو عبد الله، الكوفي، ثقة حافظ، مات سنة ثلاث ومائتين (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/١٥٦.
يزيد بن زياد بن أبي الجعد الأشجعي، الكوفي، صدوق، مات بعد سنة خمسين ومائة (عخ س ق). انظر: تقريب التهذيب ٢/٣٧٣.
زبيد – بموحدة، مصغرا – ابن الحارث، أبو عبد الله الكريم، ابن عمرو بن كعب اليامي، أبو عبد الرحمن، الكوفي، ثقة ثبت، عابد، مات سنة اثنتين وعشرين ومائة، أو بعدها (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٢٥٢.
عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري، المدني الكوفي، ثقة، اختلف في سماعه من عمر، مات بوقعة الجماجم سنة ست وثمانين، وقيل: غرق (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٤٦٠.
كعب بن عجرة الأنصاري، المدني، أبو محمد، صحابي مشهور، مات بعد الخمسين، وله نيف وسبعون (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/١٤٣.
وبقية رجال الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الأثر: أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ٢/٥١٩، حديث رقم (٤٢٧٨)، وابن أبي شيبة في مصنفه ٢/٣٣٥، حديث رقم (١)، وأحمد في مسنده ١/٤٦، حديث رقم (٢٥٧)، وابن ماجة في سننه، كتاب الصلاة، باب تقصير الصلاة في السفر ١/٥٥٦، حديث رقم (١٠٦٣)، والنسائي في سننه، كتاب الجمعة، باب عدد صلاة الجمعة ٣/٧٧، حديث رقم (١٤٢٠)، وفي كتاب تقصير الصلاة في السفر ٣/٨٢، باب رقم (١)، حديث رقم (١٤٤٠)، وفي كتاب صلاة العيدين، باب عدد صلاة العيدين ٣/١٢٨، حديث رقم (١٥٦٦)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/٤٢١، والبيهقي في السنن الكبرى ١/٢٧١، حديث رقم (٤٩٦)، وابن حبان في صحيحه ٤/١٩٨، حديث رقم (٢٧٧٢)، وأبو نعيم في الحلية ٧/٢١٩، حديث رقم (١٠٢٦٨).
درجته: قال ابن قيم الجوزية: (هذا ثابت عن عمر رضي الله عنه). انظر: زاد المعاد ١/٤٦٧، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة ١/١٧٥، حديث رقم (٨٧٢)، وإسناد ابن حزم حسن؛ لأن فيه يزيد الأشجعي، وهو صدوق..
١١ رجال الإسناد:
زكريا بن يحيى بن عبد الملك بن مروان بن عبد الله، أبو يحيى الناقد، كان أحد العباد المجتهدين، ومن أثبات المحدثين، ذكره الدارقطني فقال: ثقة فاضل، مات سنة خمس وثمانين ومائتين. انظر: تاريخ بغداد ٨/٤٦٢.
محمد بن الصباح بن سفيان الجرجرائي – بجيمين مفتوحتين بينهما راء ساكنة ثم راء خفيفة -، أبو جعفر، التاجر، صدوق، مات سنة أربعين ومائتين (د ق). انظر: تقريب التهذيب ٢/١٨١.
عبد الله بن رجاء المكي، أبو عمران البصري، نزيل مكة، روى عن هشام الدستوائي، روى عنه محمد ابن الصباح، ثقة، تغير حفظه قليلا، مات في حدود التسعين ومائة (ز م د س ق). انظر: تهذيب التهذيب ٥/١٨٨، تقريب التهذيب ١/٣٩٣.
أيوب بن أبي تميمة، كيسان السختياني، أبو بكر البصري، ثقة ثبت حجة، من كبار الفقهاء العباد، مات سنة إحدى وثلاثين ومائة، وله خمس وتسعون (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٩٨.
نافع، أبو عبد الله المدني، مولى ابن عمر، ثقة ثبت فقيه، مشهور، مات سنة سبع عشرة ومائة، أو بعد ذلك (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/٣٠٢.
وبقية رجال الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الأثر: أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ٢/٥١٩، حديث رقم (٤٢٨١)، وأحمد في مسنده ٢/٢٨، حديث رقم (٤٧٠٥)، وابن خزيمة في صحيحه ٢/٧٢، حديث رقم (٩٤٦)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/٤٢٢، وأبو نعيم في الحلية ٧/٢١٧، حديث رقم (١٠٢٥٨)، وفي ٧/٢١٨، حديث رقم (١٠٢٦١).
درجته: قال الهيثمي: (رواه الطبراني الكبير، ورجاله الصحيح). انظر: مجمع الزوائد ٢/١٥٤، وإٍسناد ابن حزم فيه عبد الله بن رجاء، وقد تغير حفظه قليلا، ولم يتبين هل هذه الرواية قبل التغير أم بعده، وبقية رجال الإسناد ثقات، إلا محمد بن الصباح، وهو صدوق..
١٢ رجال الٍإسناد:
محمد بن العلاء بن كريب الهمداني، أبو كريب الكوفي، مشهور بكنيته، ثقة، حافظ، مات سنة سبع وأربعين ومائتين، وهو ابن سبع وثمانين سنة (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/٢٠٦.
عبد الله بن إدريس بن يزيد عبد بن عبد الرحمن الأودي – بسكون الواو -، أبو محمد الكوفي، ثقة فقيه عابد، مات سنة اثنتين وتسعين ومائة، وله بضع وسبعون سنة (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٣٨٢.
عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار المكي، حليف بني جمح، الملقب بالقس – بفتح القاف وتشديد السين المهملة -، ثقة عابد، مات قبل المائة (م ٤). انظر: تقريب التهذيب ١/٤٥٤.
عبد الله بن بابيه، ويقال: باباه، ويقال: بابي، المكي، روى عن يعلى بن أمية، وروى عنه عبد الرحمن ابن عبد الله، ثقة، روى له مسلم وأصحاب السنن الأربعة (م ٤). انظر: تهذيب التهذيب ٥/١٣٦، تقريب التهذيب ١/٣٨٣.
وبقية رجال الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الحديث: سبق تخريج ص ٤٧٤، وإسناد ابن حزم صحيح؛ لأن رواته ثقات..
١٣ انظر: المحلى ٤/١٧٣-١٧٤.
.
١٤ انظر: المحلى ٥/٥..
١٥ سبق تخريجه ص ٤٨١..
١٦ سبق تخريجه ص ٤٧٩..
١٧ أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة المسافرين وقصرها ٣/٢١١٠، حديث رقم (٦٨٧)..
١٨ البقيع: هو بقيع الغرقد – بالغين المعجمة -، وهو مقبرة أهل المدينة، ويقع داخلها، وقد دفن به أجلة الصحابة رضي الله عنهم. انظر: معجم البلدان ١/٥٦٠، معجم معالم الحجاز ١/٢٤٤..
١٩ أخرجه ابن حزم في المحلى ٦/١٧٠ من طريق محمد بن المثنى نا عبد الرحمن بن مهدي نا سفيان الثوري، قال: سمعت جبلة بن سحيم يقول: سمعت ابن عمر به، وهو صحيح؛ لأن جميع رجال الإسناد ثقات..
٢٠ انظر : المحلى ٥/٥-١٧..
فيه ثلاث مسائل :
[ ٨٦ ] المسألة الأولى : في حكم صلاة الخوف.
يرى الإمام ابن حزم أن صلاة الخوف لازمة لنا ومباحة، كلزومها النبي صلى الله عليه وسلم وإباحتها له.
قال – رحمه الله - :( وقد ذهب بعضهم – وهو أبو يوسف – إلى المنع من صلاة الخوف على ما جاءت به الروايات، ولقوله تعالى :﴿ وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة ﴾ قال : فدل ذلك على أنه صلى الله عليه وسلم إذا لم يكن فينا لم نصل كذلك.
قال أبو محمد : فأول ما يدخل عليه أنه لا يلزمه ألا يأخذ الأئمة زكاة من أحد ؛ لأن الله تعالى قال :﴿ خذ من أموالهم صدقة تطهرهم ﴾٢، فإنما خوطب بذلك النبي صلى الله عليه وسلم كما خوطب بتعليمه كيفية صلاة الخوف، ولا فرق فقد ظهر تناقضه.
ولأن النص حكم علينا بذلك ؛ إذ يقول تعالى :﴿ لقد كان لكم في رسول الله أٍسوة حسنة ﴾٣، وبقوله صلى الله عليه وسلم : " عليكم بسنتي " ٤، وبغضبه صلى الله عليه وسلم على من تنزه أن يفعل مثل فعله٥.
وأيضا فإن قول النبي صلى الله عليه وسلم : " صلوا كما رأيتموني أصلي " ٦، فلزم لنا أن نصلي صلاة الخوف وغير صلاة الخوف كما رئي صلى الله عليه وسلم يصليها، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " أرضوا مصدقيكم " ٧، وقوله صلى الله عليه وسلم في كتاب الزكاة : " فمن سُئلها من المسلمين على وجهها فليعطها، ومن سئل فرقها فلا يعط " ٨، مُوجب لأخذ الأئمة الزكاة بإرسال المصدقين، وبالله تعالى التوفيق )٩.
[ ٨٧ ] المسألة الثانية : في صفة الخوف.
قال الإمام ابن حزم :( من حضره خوف من عدو ظالم كافر، أو باغ من المسلمين، أو من سيل، أو من نار، أو من حنش، أو غير ذلك، وهم في ثلاثة فصاعدا، فأميرهم مخير بين أربعة عشر وجها، كلها صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فنذكر هاهنا بعض تلك الوجوه، مما يقرب حفظه، ويسهل فهمه، ولا يضعف فعله، وبالله تعالى التوفيق.
فإن كان في سفر، فإن شاء صلى بطائفة ركعتين ثم سلم وسلموا، ثم يأتي طائفة أخرى فيصلي بهم ركعتين ثم يسلم ويسلمون.
وإن كان في حضر صلى بكل طائفة أربع ركعات، وإن كانت الصبح صلى بكل طائفة ركعتين، وإن كانت المغرب صلى بكل طائفة ثلاث ركعات، الأولى فرض الإمام، والثانية تطوع له.
وإن شاء في السفر أيضا صلى بكل طائفة ركعة ثم تسلم تلك الطائفة ويجزئهما، وإن شاء هو سلم، وإن شاء لم يسلم، ويصلي بالأخرى ركعة ويسلم ويسلمون ويجزئهم.
وإن شاءت الطائفة أن تقضي الركعة والإمام واقف فعلت، ثم تفعل الثانية أيضا كذلك. فإن كانت الصبح صلى بالطائفة الأولى ركعة ثم وقف ولا بد، وقضوا ركعة ثم سلموا، ثم تأتي الثانية فيصلي بهم الركعة الثانية، فإذا جلس قاموا فقضوا ركعة، ثم سلم ويسلمون.
فإن كانت المغرب صلى بالطائفة الأولى ركعتين، فإذا جلس قاموا فقضوا ركعة وسلموا، وتأتي الأخرى فيصلي بهم الركعة الباقية، فإذا قعد صلوا ركعة ثم جلسوا وتشهدوا، ثم صلوا الثالثة ثم يسلم ويسلمون.
فإن كان وحده فهو مخير بين ركعتين في السفر، أو ركعة واحدة وتجزئه، وأما الصبح فاثتنان ولا بد، والمغرب ثلاث ولا بد، وفي الحضر أربع و لا بد.
سواء هاهنا الخائف من طلب بحق أو بغير حق.
قال الله تعالى :﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا * وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ ﴾ فهذه الآية تقتضي بمعمومها الصفات التي قلنا نصا.
ثم كل ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يحل لأحد أن يرغب عن شيء منه، قال الله تعالى آمرا لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول :﴿ قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ﴾١٠، وقال تعالى :﴿ ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ﴾١١، وكل شيء فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من ملته، وملته هي ملة إبراهيم عليه السلام.
وفي حديث أبي بكرة١٢ وجابر١٣ رضي الله عنهما، ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بطائفة ركعتين في الخوف ثم سلم، وبطائفة أخرى ركعتين ثم سلم ).
وهذا آخر فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأن أبا بكرة شهده معه، ولم يسلم إلا يوم الطائف، ولم يغز – عليه الصلاة والسلام – بعد الطائف غير تبوك فقط.
وأيضا حديث ابن عباس :( فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعا، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة )١٤.
حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا عمرو بن علي ثنا يحيى بن سعيد القطان ثنا سفيان الثوري حدثني أشعث بن سليم – هو ابن أبي الشعثاء – عن الأسود بن هلال عن ثعلبة بن زهدم قال :( كنا مع سعيد بن العاص بطبرستان١٥، فقال : أيكم صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف ؟. فقال حذيفة : أنا، فقام حذيفة وصف الناس خلفه صفين، صفا خلفه، وصفا موازي العدو، فصلى بالذين خلفه ركعة، وانصرف هؤلاء إلى مكان هؤلاء، وجاء أولئك فصلى بهم ركعة ولم يقضوا )١٦.
قال سفيان : وحدثني الركين بن الربيع عن القاسم بن حسان عن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل صلاة حذيفة١٧.
قال علي : الأسود بن هلال ثقة مشهور، وثعلبة بن زهدم أحد الصحابة، حنظلي وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع منه، وروى عنه.
صح أيضا من طريق الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم١٨، وروي أيضا عن ابن عمر١٩.
فهذه آثار متظاهرة متواترة، وقال بهذا جمهور من السلف.
كما روي عن حذيفة٢٠ أيام عثمان رضي الله عنه ومن معه من الصحابة، لا ينكر ذلك أحد منهم، وعن جابر٢١ وغيره.
ورُوينا عن أبي هريرة٢٢ أنه صلى بمن معه صلاة الخوف، فصلاها بكل طائفة ركعة، إلا أنه لم يقض، ولا أمر بالقضاء.
ثم قال : فكيف يستحل ذو دين أن يعارض أحاديث الكواف من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، أنهم شهدوا صلاة الخوف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرات : مرة بذي قَرَد٢٣، ومرة بذات الرقاع٢٤، ومرة بنجد، ومرة بين ضجنان٢٥ وعسفان٢٦، ومرة بأرضض جهينة، ومرة بنخل٢٧، ومرة بعسفان، ومرة يوم محارب وثعلبة٢٨، ومرة إما بالطائف وإما بتبوك.
وقد يمكن أن يصليها في يوم مرتين للظهر والعصر، وروي ذلك عن الصحابة وأكابر التابعين، والثقات الأثبات، ونعوذ بالله من الخذلان.
قال علي : وإنما قلنا بالصلاة ركعة واحدة في كل خوف ؛ لعموم حديث ابن عباس :( فرضت الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعا، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة )٢٩.
ولا يجوز تخصيص حكمه – عليه الصلاة والسلام – بالظنون الكاذبة، وبالله تعالى التوفيق )٣٠.
[ ٨٨ ] المسألة الثالثة : في إباحة وضع السلاح في حالتي المطر والمرض.
يرى الإمام ابن حزم إباحة وضع السلاح للمصلي في حالتي المطر والمرض.
قال – رحمه الله - :( وقد يرد لفظ الإباحة بلا جناح، مثل قوله تعالى :﴿ ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم ﴾.
ثم قال : وهذا هو المعهود في اللغة )٣١.
٢ سورة التوبة، من الآية (١٠٣)..
٣ سورة الأحزاب، من الآية (٢١)..
٤ سبق تخريجه ص ٢٩٥..
٥ إشارة إلى قوله صلى الله عليه وسلم: "ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه؟. فوالله إني أعلمهم بالله، وأشدهم له خشية". أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب ما يكره من التعمق والتنازع والغلو في الدين ١٣/٢٩٠، حديث رقم (٧٣٠١)..
٦ جزء من حديث طويل، أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأذان، باب الأذان للمسافرين إذا كانوا جماعة ٢/١٣١، حديث رقم (٦٣١)، وفي كتاب الأدب، باب رحمة الناس والبهائم ١٠/٤٥٢، حديث رقم (٦٠٠٨)..
٧ أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب إرضاء السعاة ٤/٢٧٥١، حديث رقم (٩٨٩)..
٨ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الزكاة، باب زكاة الغنم ٣/٣٧١ مطولا، حديث رقم (١٤٥٤)..
٩ انظر: المحلى ٥/٣١، الإحكام في أًصول الأحكام ٧/١٢٢٣، ١١٨٠..
١٠ سورة الأنعام، الآية (١٦١)..
١١ سورة البقرة، من الآية (١٣٠)..
١٢ أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الصلاة، باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعتين ٤/٨٩، حديث رقم (١٢٤٤)، والدارقطني في سننه، كتاب العيدين، باب صفة صلاة الخوف ٢/٤٨، حديث رقم (١٧٦٣)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/٣١٥..
١٣ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب غزوة ذات الرقاع ٧/٤٩١، حديث رقم (٤١٣٦)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب صلاة الخوف ٤/٢٣٩٩، حديث رقم (١٩٢٧) و(١٩١٨)..
١٤ سبق تخريجه ص ٤٩٧..
١٥ طبرستان – بفتح أوله وثانيه وكسر الراء -: هي من بلاد خراسان، تقع بين جرجان وقومس والديلم والبحر، وهي بلد عظيم، كثير الحصون والأعمال، منيع بالأودية، وتم فتحها سنة اثنتين وأربعين ومائة. انظر": معجم البلدان ٤/١٤، الروض المعطار ص ٣٨٣..
١٦ رجال الإسناد:
عمرو بن علي بن بحر بن كنيز – بنون وزاي -، أبو حفص الفلاس، الصيرفي، الباهلي، البصري، ثقة حافظ، مات سنة تسع وأربعين ومائتين (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/٨١.
يحيى بن سعيد بن فروخ التميمي، أبو سعيد القطان البصري، ثقة متقن حافظ، إمام قدوة، مات سنة ثمان وتسعين ومائة، وله ثمان وسبعون (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/٣٥٥.
أشعث بن سليم، هو ابن أبي الشعثاء، المحاربي، الكوفي، ثقة، مات سنة خمس وعشرين ومائة (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٨٩.
الأسود بن هلال المحاربي، أبو سلام الكوفي، مخضرم، ثقة جليل، مات سنة أربع وثمانين (خ م د س). انظر: تقريب التهذيب ١/٨٨.
ثعلبة بن زهدم الحنظلي، حديثه في الكوفيين، مختلف في صحبته، وقال العجلي: تابعي ثقة (د س). انظر: تاريخ الثقات للعجلي ص ٩٠، تقريب التهذيب ١/١٢٤.
وبقية رجال الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الأثر: أخرجه أحمد في مسنده ٥/٤٠٦، وأبو داود في سننه، كتاب الصاة، باب من قال: يصلى بكل طائفة ركعة ٤/٨٧، حديث رقم (١٢٤٢)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/٣١٠، والحاكم في المستدرك ١/٦٥٢، حديث رقم (١٢٨٥)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه هكذا، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٣/٢٦١، والبغوي في شرح السنة ٤/٢٨٤..
١٧ رجال الإٍسناد:
رُكين – بالتصغير – هو: ابن الربيع بن عميلة، الفزاري، أبو الربيع الكوفي، ثقة، مات سنة إحدى وثلاثين ومائة (بخ م ٤). انظر: تقريب التهذيب ١/٢٤٨.
القاسم بن حسان العامري، الكوفي، مقبول، مات قبل المائة (د س). انظر: تقريب التهذيب ٢/١٢٣.
وبقية رجال الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الحديث: أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ١/٣١٠، والبغوي في شرح السنة ٤/٢٨٥، وإسناد ابن حزم حسن لغيره وإن كان فيه القاسم العامري مقبول، إلا أن له شاهدا كما في الرواية التي تقدمت..
١٨ رجال الإسناد :
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، أبو عبد الله المدني، ثقة فقيه، ثبت، مات سنة أربع وتسعين، وقيل: سنة ثمان، وقيل غير ذلك (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٤٩٦.
وبقية رجال الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الحديث: أخرجه البخاري في صحيحه معلقا، كتاب المغازي، باب غزوة الرقاع ٧/٤٨١، حديث رقم (٤١٢٥)، وأخرجه أحمد في مسنده موصولا ١/٢٨٩ من طريق وكيع عن سفيان عن أبي بكر بن أبي الجهم عن عبيد الله بن عبد الله به، ووصله الحافظ ابن حجر في تفليق التعليق ٤/١١٥ من طريق عبد الله بن عمر عن أحمد بن محمد عن أبي الفرج بن عبد المنعم عن أبي محمد بن صاعد عن أبي القاسم النسائي عن أبي علي التميمي عن أبي بكر بن مالك عن عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه به..
١٩ أخرجه الطبري في جامع البيان ٤/٢٤٨..
٢٠ سبق تخريجه ص ٥١١..
٢١ أخرجه الطبري في جامع البيان ٤/٢٤٨، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/٣١٠..
٢٢ أخرجه أبو داود في سننه ٤/٨٧، والترمذي في جامعه ٨/٣١٢، وانظر: الجامع لأحكام القرآن ٥/٣١٤، أضواء البيان ١/٣٥٥..
٢٣ ذو قرد – بفتح القاف والراء وآخره دال مهملة -: جبل أسود بأعلى وادي النقمى، شمال شرقي المدينة، على قرابة (٣٥ كيلا)، في ديار بني رشيد من هتيم. انظر: معجم البلدان ٤/.
٢٤، معجم المعالم الجغرافية ص.
٢٥ ضجنان – بالتحريك – هي: حرة شمال مكة، على مسافة (٥٤) كيلا على طريق المدينة، تعرف اليوم بحرة المحسنية. انظر: معجم البلدان ٣/٥١٤، معجم المعالم الجغرافية ص ١٨٣..
٢٦ عسفان – بضم العين وسكون السين، وفاء وألف، وآخره نون -: بلدة على (٨٠ كيلا) من مكة شمالا على الجادة إلى المدينة، وهي مجمع ثلاث طرق مزفتة: طريق إلى المدينة، وقبيلة إلى مكة، وأخر إلى جدة. انظر: المعالم الجغرافية ص ٢٠٨..
٢٧ نخل: قرية عامرة على واد بهذا الاسم شمال بلدة الحناكية، وهي على مسافة (١٠٠) كيلا من المدينة النبوية، على طريق القصيم، وسكانها قبيلة حرب، وفي السابق كانت بها منازل ثعلبة. انظر: معجم البلدان ٥/٣٢٠، معجم المعالم الجغرافية ص ٣٤٠، معجم معالم الحجاز ٣/٦٧..
٢٨ يوم محارب وثعلبة: المقصود به غزوة ذات الرقاع، ومحارب هو ابن خصفة بن قيس بن عيلان بن إلياء بن مضر، وثعلبة هو ابن سعد بن دينار بن معيص بن ريث. وهما قبيلتان من غطفان، وقد أجمعوا أمرهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغه ذلك، فخرج إليهم في أربعمائة مقاتل. انظر: فتح الباري ٧/٤٨٢..
٢٩ سبق تخريجه ص ٤٩٧..
٣٠ انظر: المحلى ٥/٢٥-٣١..
٣١ انظر : الإحكام في أصول الأحكام ٣/٤٠٣..
[ ٨٩ ] مسألة : في معنى قوله تعالى :﴿ بما أراك الله ﴾.
قال الإمام ابن حزم :( إن الذي أراه الله تعالى هو الذكر والوحي بنص الآية ؛ لأن أولها :﴿ إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ﴾، وقال تعالى آمرا له أن يقول :﴿ إن أتبع إلا ما يوحى إلي ﴾٢، وقوله تعالى :﴿ وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى ﴾٣، وأمره الله أن يقول :﴿ قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي ﴾٤.
وقال تعالى :﴿ وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره ﴾٥، ثم توعده على ذلك فقال :﴿ إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا ﴾٦.
فبين تعالى أنه عليه السلام لو أوجد شيئا في الدين بغير وحي، لكان مفتريا على ربه تعالى، وقد عصمه الله عز وجل من ذلك، وكفر من أجازه عليه، فصح أنه صلى الله عليه وسلم لا يفعل شيئا إلا بوحي.
وأما أمور الدنيا ومكايد الحرب ما لم يتقدم نهي عن شيء من ذلك، وأباح الله تعالى له التصرف فيه كيف شاء، فلسنا ننكر أن يدبر عليه السلام كل ذلك على حسب ما يراه صلاحا، فإن شاء الله تعالى إقراره عليه أقره، وإن شاء إحداث منع له من ذلك في المستأنف منع، إلا أن كل ذلك مما قد تقدم الوحي إليه بإباحته إياه ولا بد )٧.
٢ سورة الأنعام، من الآية (٥٠)..
٣ سورة النجم، الآيتان (٣، ٤)..
٤ سورة يونس، من الآية (١٥)..
٥ سورة الإسراء، من الآية (٧٣)..
٦ سورة الإسراء، من الآية (٧٥)..
٧ انظر: الإحكام في أصول الأحكام ٥/٩٢٢، وانظر: ملخص إبطال القياس ص ١٠..
[ ٩٠ ] مسألة : في المراد بقوله تعالى :﴿ ابتغاء مرضاة الله ﴾.
يرى الإمام ابن حزم أن المراد بقوله تعالى :﴿ ابتغاء مرضاة الله ﴾ أن يكون العمل خالصا لله تعالى.
قال – رحمه الله - : قال الله عز وجل :﴿ وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ﴾٢، وقال تعالى :﴿ ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم ﴾٣، وقال تعالى :﴿ لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا ﴾٤، وقال تعالى :﴿ فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ﴾٥، وقال تعالى :﴿ إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم أنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ﴾٦.
حدثنا حمام بن أحمد، حدثنا عبد الله بن إبراهيم ثنا أبو زيد المروزي ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا أبو نعيم ثنا زكريا عن عامر – هو الشعبي -، سمعت النعمان بن بشير، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :- فذكر الحديث -، وفيه : " ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب " ٧.
حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح نا عبد الوهاب بن عيسى نا أحمد بن محمد نا أحمد بن علي نا مسلم بن الحجاج نا عبد الله بن مسلمة بن قعنب نا داود – يعني ابن قيس – عن أبي سعيد مولى ابن عامر بن كريز عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- فذكر الحديث -، وفيه : " التقوى ها هنا – ويشير إلى صدره ثلاث مرات – " ٨.
حدثنا حمام بن أحمد ثنا عبد الله بن إبراهيم الأصيلي ثنا أبو زيد المروزي نا محمد ابن يوسف الفربري نا محمد إسماعيل البخاري نا الحميدي نا سفيان نا يحيى بن سعيد الأنصاري، قال : أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول :( سمعت عمر بن الخطاب يقول على المنبر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى " )٩.
حدثنا عبد الله بن يوسف بن نامي نا أحمد بن فتح نا عبد الوهاب بن عيسى نا أحمد بن محمد نا أحمد بن علي نا مسلم بن الحجاج نا عمرو الناقد نا كثير بن هشام نا جعفر بن برقان عن زيد الأصم عن أبي هريرة قال :( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " )١٠.
قال أبو محمد : فصح بكل ما ذكرنا أن النفس هي المأمورة بالأعمال، وأن الجسد آلة لها، فإن نوت النفس بالعمل الذي تصرف فيه الجسد وجها ما، فليس لها غيره، وصح أن الله تعالى لا يقبل إلا ما أمر به، بالإخلاص له، فكل عمل لم يقصد به الوجه الذي أمر الله تعالى به فليس ينوب عما أمر الله تعالى به )١١.
٢ سورة البينة، من الآية (٥)..
٣ سورة هود، من الآية (٣١)..
٤ سورة الفتح، الآية (١٨)..
٥ سورة الحج، من الآية (٤٦)..
٦ سورة المنافقون، الآية (١)..
٧ رجال الإسناد:
عبد الله بن إبراهيم الأصيلي، أبو محمد، الإمام، شيخ المالكية، عالم الأندلس، قال عياض: (كان من حفاظ مذهب مالك، ومن العالمين بالحديث وعلله ورجاله)، كتب بمكة عن أبي زيد صحيح البخاري، مات سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة. انظر: سير أعلام النبلاء ١٦/٥٦٠.
أبو زيد، محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد المروزي، الشيخ الإمام المفتي القدوة الزاهد، شيخ الشافعية، وراوي صحيح البخاري عن الفربري، حدث عنه: عبد الله الأصيلي، مات بمرور سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة. انظر: سير أعلام النبلاء ١٦/٣١٣.
أبو نعيم، الفضل بن عمرو بن حماد بن زهير بن درهم التيمي الطلحي القرشي مولاهم الكوفي، المعروف بالفضل بن دكين، الحافظ الكبير، شيخ الإسلام، روى عنه البخاري، وروى عن زكريا بن أبي زائدة، كان من الثقات، مات سنة تسع عشرة ومائتين. انظر: سير أعلام النبلاء ١٠/١٤٢.
زكريا بن أبي زائدة خالد، ويقال: هبيرة بن ميمون بن فيروز الهمداني، الوادعي، أبو يحيى الكوفي، ثقة، وكان يدلس، وسماعه من أبي إسحاق بآخره، مات سنة سبع، أو ثمان، أو تسع وأربعين ومائة (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٢٥٦.
النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي، له ولأبويه صحبة، سكن الشام، ثم ولي إمرة الكوفة، ثم قتل بحمص سنة خمس وستين، وله أربع وستون سنة (ع) انظر: تقريب التهذيب ٢/٣٠٨.
وبقية رجال الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الحديث: أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه ١/١٥٣، حديث رقم (٥٢)، وفي كتاب البيوع، باب الحلال بين والحرام بين ٤/٣٤٠، حديث رقم (٢٠٥١)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات ٧/٤٣٣١، حديث رقم (١٥٩٩)..
٨ رجال الإسناد:
عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي الحارثي، أبو عبد الرحمن البصري، أصله من المدينة، وسكنها مدة، ثقة عابد، كان ابن معين وابن المديني لا يقدمان عليه في الموطأ أحدا، مات في أول سنة إحدى وعشرين ومائتين بمكة (خ م د ت س). انظر: تقريب التهذيب ١/٤٢٣.
داود بن قيس الفراء الدباغ، أبو سليمان، القرشي مولاهم، المدني، ثقة فاضل، مات في خلافة أبي جعفر (خت م ٤). انظر: تقريب التهذيب ١/٢٣٠.
أبو سعيد، مولى عبد الله بن عامر بن كريز الخزاعي، روى عن أبي هريرة، وعنه داود بن قيس، مقبول، وذكره ابن حبان في الثقات (م مصر: مطبعة المدني، س ق). انظر: تهذيب التهذيب ١٢/١٠٠، تقريب التهذيب ٢/٤٢٦.
وبقية رجال الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الحديث: أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم ١٠/٦٥٧٣، حديث رقم (٢٥٦٤)، وإسناد ابن حزم إلى مسلم صحيح؛ لأن رواته ثقات..
٩ رجال الإسناد :
عبد الله بن الزبير بن عيسى بن عبيد الله بن أسامة الحميدي، أبو بكر القرشي المكي، حدث عن سفيان بن عيينة، وحدث عنه البخاري، كان إمام حافظا فقيها ثقة، مات بمكة سنة تسع عشرة ومائتين، وقيل: سنة عشرين. انظر: سير أعلام النبلاء ١٠/٦١٨.
محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد التيمي، أبو عبد الله المدني، ثقة، له أفراد، مات سنة عشرين ومائة على الصحيح (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/١٤٩.
علقمة بن وقاص الليثي المدني، ثقة ثبت، أخطأ من زعم أن له صحبة، وقيل: إنه ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، مات في خلافة عبد الملك (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/٣٧.
وبقية رجال الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الحديث: سبق تخريجه ص ٩٧..
١٠ رجال الإسناد:
كثير بن هشام الكلابي، أبو سهل الرقي، نزل بغداد، ثقة، مات سنة سبع ومائتين، وقيل: ثمان (بخ م ٤). انظر: تقريب التهذيب ٢/١٤٢.
جعفر بن برقان الكلابي، أبو عبد الله الرقي، صدوق يهم في حديث الزهري، مات سنة خمسين ومائة، وقيل بعدها (بخ م ٤). انظر: تقريب التهذيب ١/١٣٣.
يزيد بن الأصم، واسمه عمرو بن عبيد بن معاوية البكائي، أبو عوف، كوفي، نزل الرقة، وهو: ابن أخت ميمونة أم المؤمنين، يقال: له رؤية، ولا يثبت، وهو ثقة، مات سنة ثلاث ومائة (بخ م ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/٣٧٠.
وبقية رجال الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الحديث: أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم ١٠/٦٥٧٣، حديث رقم (٢٥٦٤)، وإسناد ابن حزم حسن؛ لأن فيه جعفر الكلابي، وهو صدوق..
١١ انظر: الإحكام في أصول الأحكام ٦/٩٢٧ – ٩٢٨..
[ ٩١ ] مسألة : في معنى الهدى في الآية.
قال الإمام ابن حزم :( هذا نص جلي من خالفه كفر في أن الكفار قد تبين لهم الحق والهدى في التوحيد والنبوة، ومن تبين له الحق، فبيقين يدري كل ذي حس سليم أنه مصدق بلا شك بقلبه. قال تعالى :﴿ الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى لن يضروا الله شيئا ﴾٢ )٣.
٢ سورة محمد، من الآية (٣٢)..
٣ انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢/٢٢٢-٢٢٣..
[ ٩٢ ] مسألة : في المراد بقوله تعالى :﴿ خالدين فيها أبدا ﴾.
قال الإمام ابن حزم :( لا تقنى الجنة ولا أحد ممن فيها أبدا. برهان ذلك :
قول الله عز وجل :﴿ خالدين فيها أبدا ﴾ و﴿ خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ ﴾٢.
حدثنا عبد الله بن يوسف بن نامي ثنا أحمد بن فتح ثنا الوهاب بن عيسى ثنا محمد بن عيسى بن عمرويه الجلودي ثنا إبراهيم بن سفيان ثنا مسلم بن الحجاج ثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا : ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال :( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يُجاء بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح٣، فيقال : يا أهل الجنة، هل تعرفون هذا ؟. فيشرئبون٤ وينظرون ويقولون : نعم، هذا الموت، ويقال : يا أهل النار، هل تعرفون هذا ؟ فيشرئبون وينظرون، فيقولون : نعم، هذا الموت، ويقال : يا أهل النار، هل تعرفون هذا ؟ فيشرئبون وينظرون، فيقولون : نعم، هذا الموت، فيؤمر به فيذبح، ثم يقال : يا أهل الجنة، خلود فلا موت، ويا أهل النار، خلود فلا موت، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون ﴾٥ – وأشار بيده إلى أهل الدنيا – " ٦، زاد أبو كريب في روايته بعد ( كبش أملح ) : فيوقف بين الجنة والنار " ٧.
وقال عز وجل في أهل الجنة :﴿ لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ﴾٨، وبالله تعالى التوفيق )٩.
٢ سورة هود، من الآية (١٠٨)..
٣ الأملح: الذي بياضه أكثر من سواده، وقيل: هو النقي البياض. انظر: النهاية في غريب الحديث ٤/٣٥٤..
٤ يشرئبون: أي: يرفعون رؤوسهم لينظروا إليه، وكل رافع رأسه مشرئب. انظر: النهاية في غريب الحديث ٢/٤٥٥..
٥ سورة مريم، الآية (٣٩)..
٦ رجال الإسناد:
محمد بن عيسى بن محمد بن عمرويه، أبو أحمد النيسابروي الجلودي، الإمام الزاهد القدوة الصادق، راوي صحيح مسلم عن إبراهيم بن سفيان، كان من أعيان الفقراء والزهاد، مات سنة ثمان وستين وثلاثمائة، وهو ابن ثمانين. انظر: سير أعلام النبلاء ١٦/٣٠١.
أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد بن سفيان النيسابوري، الإمام القدوة الفقيه، العلامة المحدث الثقة، كان من أئمة الحديث، سمع الصحيح من مسلم، وحدث عنه محمد الجلودي، كان من العباد المجتهدين، مات في رجب سنة ثمان وثلاثمائة. انظر: سير أعلام النبلاء ١٤/٣١٢.
أبو كريب، محمد بن العلاء بن كريب الهمداني الكوفي، الحافظ الثقة الإمام، شيخ المحدثين، حدث عن أبي معاوية، حدث عنه مسلم بن الحجاج، وثقه النسائي وغيره، مات سنة ثمان وأربعين ومائتين. انظر: سير أعلام النبلاء ١١/٣٩٤.
أبو معاوية، محمد بن خازم بن زيد مناة تميم السعدي الكوفي الضرير، الإمام الحافظ الحجة، أحد الأعلام، حدث عن الأعمش، وحدث عنه أبو كريب وابنا أبي شيبة، مات سنة خمس وتسعين ومائة. انظر: سير أعلام النبلاء ٩/٧٣.
أبو صالح، ذكوان السمان الزيات، المدني، ثقة ثبت، وكان يجلب الزيت إلى الكوفة، مات سنة إحدى ومائة (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٢٣٥.
أبو سعيد، سعد بن مالك بن سنان بن عبيد الأنصاري، الخدري، له ولأبيه صحبة، استصغر يوم أحد، ثم شهد ما بعدها، وروى الكثير، مات بالمدينة سنة ثلاث أو أربع أو خمس وستين، وقيل: سنة أربع وسبعين (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٢٨١.
وبقية رجال الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الحديث: أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب ﴿وأنذرهم يوم الحسرة﴾ ٨/٢٨٢، حديث رقم (٤٧٣٠)، وفي كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار ١١/٤٢٣، حديث رقم (٦٥٤٨)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صفة الجنة، باب النار يدخلها الجبارون ١١/٧٠٥٤، حديث رقم (٢٨٤٩)..
٧ أخرج هذه الزيادة مسلم في صحيحه، كتاب صفة الجنة، باب النار يدخلها الجبارون ١١/٧٠٥٤، حديث رقم (٢٨٤٩)، وإسناد ابن حزم إلى مسلم صحيح؛ لأن رواته ثقات..
٨ سورة الدخان، من الآية ٥٦..
٩ انظر: المحلى ١/٩٥، وانظر: علم الكلام على مذهب أهل السنة ص ٣٤..
[ ٩٣ ] مسألة : في أن إبراهيم خليل٢ الله.
قال الإمام ابن حزم :( إن الله تعالى اتخذ إبراهيم صلى الله عليه وسلم خليلا.
قال عز وجل :﴿ واتخذ الله إبراهيم خليلا ﴾٣.
٢ الخليل: هو من الخلة – بالضم -، وهي الصداقة والمحبة التي تخللت القلب فصارت خلاله، وقيل: الخلة – بالضم – أصلها الاختصاص والاستصفاء، وسمي بذلك لأنه يوالي ويعادي في الله تعالى، وقيل: هو مشتق من الخلة – بفتح المعجمة -، وهي الحاجة والفقر، سمي بذلك لانقطاعه إلى ربه وقصره حاجته عليه. انظر: النهاية في غريب الحديث ٢/٧٢..
٣ انظر: المحلى ١/١٠٨، وانظر: علم الكلام على مذهب أهل السنة ص ٧٧، جامع المجلى ص ٥٥، الدرة فيما يجب اعتقاده ص ٢٣٨..
فيه مسألتان :
[ ٩٤ ] المسألة الأولى : في معنى الآية.
يرى الإمام ابن حزم أن من الأوجه التي يجوز فيها الصلح : الخلع، وهو الافتداء، وذلك إذا خافت المرأة أن يبغضها زوجها فلا يوفيها حقها، فلها أن تفتدي منه ويطلقها بتراضيهما، ولا إثم عليه فيما أخذ منها.
واستدل على ذلك بقول الله عز وجل :﴿ وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ﴾
وقال تعالى :﴿ فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ﴾٢.
فهاتان الآيتان قاضيتان على كل ما في الخلع )٣.
[ ٩٥ ] المسألة الثانية : في المراد بقوله تعالى :﴿ والصلح خير ﴾.
يرى الإمام ابن حزم بأن المراد بقوله تعالى :﴿ والصلح خير ﴾ أنه عام في كل صلح، إلا صلحا أحل حراما، أو حرم حلالا، فلو صالح إنسانا على إباحة فرجه، أو فرج امرأته، أو على خنزير، أو على خمر، أو على ترك صلاة، أو على إرقاق حر، لكان هذا صلحا باطلا لا يحل.
فإذ لا شك في هذا فلا يكون صلح يجوز إمضاؤه، إلا صلحا شهد القرآن أو السنة بجوازه٤.
٢ سورة البقرة، من الآية (٢٢٩)..
٣ انظر: المحلى ٨/٢٩٦، ١١/٢٧٧-٢٧٩..
٤ انظر : المحلى ٨/٢٩٣..
[ ٩٦ ] مسألة : في وجوب العدل بين الزوجات.
قال الإمام ابن حزم :( والعدل بين الزوجات فرض، وأكثر ذلك في قسمة الليالي، ولا يجوز أن يفضل في قسمة الليالي حرة على أمة متزوجة، ولا مسلمة على ذمية.
ولا يجوز له المبيت عند أمته، ولا عند أم ولده، ولا في دار غيره إلا بعذر.
برهان ذلك : قول الله تعالى :﴿ فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ﴾٢.
وقول الله عز وجل :﴿ ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة ﴾.
وروينا من طريق أحمد بن شعيب أنا عمرو بن علي نا عبد الرحمن – هو ابن مهدي – نا همام – هو ابن يحيى – عن قتادة عن النضر بن أنس بن مالك عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من كانت له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة أحد شقيه٣ مائل " ٤.
فلم يخص – عليه الصلاة والسلام – حرة متزوجة من أمة متزوجة، ولا مسلمة من ذمّية، وأمر عز وجل من خاف أن لا يعدل أن يقتصر على واحدة من الزوجات، أو أن يقتصر على ما ملكت يمينه، فصح أنه ليس عليه أن يعدل بين إمائه، وكل ما قلنا فهو قول أبي سليمان وأصحابنا.
وقال إبراهيم النخعي : لا فضل للزوجة المسلمة على الكتابية في القسمة٥، وهو قول مالك، والليث، وأبي حنيفة، والشافعي.
وبالله التوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل )٦.
٢ سورة النساء، من الآية (٣)..
٣ الشق: نصف الشيء. انظر: النهاية في غريب الحديث ٢/٤٩١..
٤ رجال الإسناد:
عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري، مولاهم، أبو سعيد البصري، ثقة ثبت، حافظ عارف بالرجال والحديث، قال ابن المديني: ما رأيت أعلم منه، مات سنة ثمان وتسعين ومائة، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/٤٦٣، طبقات الحفاظ ص ١٤٤.
همام بن يحيى بن دينار العوذي، أبو عبد الله، أو أبو بكر البصري، ثقة، ربما وهم، مات سنة أربع أو خمس وستين ومائة (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/٣٢٧.
النضر بن أنس بن مالك الأنصاري، أبو مالك البصري، ثقة، مات سنة بضع ومائة (ع). انظر: تقريب التهذيب ٢/٣٠٦.
بشير بن نهيك السدوسي، ويقال: السلولي، أبو الشعثاء البصري، ثقة (ع). انظر: تقريب التهذيب ١/١١٢.
وبقية رجال الإسناد تقدمت ترجمتهم.
تخريج الحديث ودرجته: أخرجه الطيالسي في مسنده ص ٣٢٢، حديث رقم (٢٤٥٤)، وابن أبي شيبة في مصنفه ٣/٤٤٧، حديث رقم (٩)، وأحمد في مسنده ٢/٤٥٧، حديث رقم (٨٥٤٢)، وفي ٢/٦٢٢، حديث رقم (١٠٠٧١)، والدارمي في مسنده ٢/١٢٠، حديث رقم (٢٢٠٦)، وابن ماجة في سننه، كتاب النكاح، باب القسمة بين النساء ٢/٤٧٤، حديث رقم (١٩٦٩)، وأبو داود في سننه، كتاب النكاح باب في القسم بين النساء ٦/١٢١، حديث رقم (٢١٣٣)، والترمذي في جامعه، كتاب النكاح، باب ما جاء في التسوية بين الضرائر ٤/٢٤٧، حديث رقم (١١٥٠)، والنسائي في سننه، كتاب عشرة النساء، باب ميل الرجل إلى بعض نسائه دون بعض ٧/٤٥، حديث رقم (٣٩٤٢)، وابن حبان في صحيحه ١٠/٧، حديث رقم (٤٢٠٧)، والحاكم في المستدرك ٢/٥٤٣، حديث رقم (٢٨١٣)، وقال: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه)، والبيهقي في سننه ٧/٢٩٧.
قال ابن دقيق العيد: (إسناده على شرط الشيخين). انظر: التلخيص الحبير ٣/٢٠١، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة ١/٣٣٣، حديث رقم (١٦٠٣)، وفي المشكاة ٢/٩٦٥، حديث رقم (٣٢٣٦)، وفي الإرواء ٧/٨٠، حديث رقم (٢٠١٧)، وإسناد ابن حزم صحيح؛ لأن رواته ثقات..
٥ لم أقف على تخريجه..
٦ انظر: المحلى ١١/١١٤ – ١١٥..
[ ٩٧ ] مسألة : في معنى قوله :﴿ يتفرقا ﴾.
يرى الإمام ابن حزم – رحمه الله – أن معنى الفراق في الآية هو الطلاق، واستدل على ذلك بقوله تعالى :﴿ فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف ﴾٢ ٣.
٢ سورة الطلاق، من الآية (٢)..
٣ انظر: المحلى ١١/٢٣٤..
[ ٩٨ ] مسألة : في إثبات السمع والبصر لله عز وجل من الآية الكريمة.
قال الإمام ابن حزم :( لم يزل الله تعالى سميعا بصيرا، كما جاء في القرآن :﴿ وكان الله سميعا بصيرا ﴾ )٢.
٢ انظر: الدرة فيما يجب اعتقاده ص ٣٨٣..
فيه مسألتان :
[ ٩٩ ] المسألة الأولى : فيمن يعنيه الخطاب في الآية.
قال الإمام ابن حزم :( لا خلاف بين أحد من المسلمين في أن الله تعالى خاطب كل من الحر والعبد، والذكر والأنثى خطابا قصد به إلى كل واحد منهم في ذات نفسه بقوله تعالى :﴿ كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين ﴾.
فكل من ذكرنا مأمور بالإقرار بالحق على نفسه ؛ لأن الدين واحد على الجميع، والحكم واحد على الجميع، إلا أن يأتي بالفرق بين شيء من ذلك قرآن أو سنة، ولا قرآن ولا سنة ولا قياس ولا إجماع على الفرق بين شيء مما ذكرنا )٢.
[ ١٠٠ ] المسألة الثانية : في المراد بالقسط في الآية.
قال الإمام ابن حزم :( إن الله عز وجل ركب في النفس الإنسانية قُوى مختلفة، فمنها عدل يزين لها الإنصاف، ويحبب إليها موافقة الحق. قال تعالى :﴿ إن الله يأمر بالعدل والإحسان ﴾٣، وقال تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين ﴾ )٤.
٢ انظر: المحلى ٩/٦٦..
٣ سورة النحل، من الآية (٩٠)..
٤ انظر: الإحكام في أصول الأحكام ١/٢٠..
[ ١ ] مسألة في من هم المنافقون في الآيات :
يرى ابن حزم – رحمه الله تعالى – أن المنافقين في هذه الآيات هم الكافرون، وذلك لإسرارهم الكفر وإظهارهم الإيمان، ويرى أن هذا هو النفاق الذي يكون صاحبه كافرا، أما من أسر شيئا ما، وأظهر غيره ففعله نفاق وليس كفرا، وهو بذلك الفعل منافق لا كافر١.
قال أبو محمد : أما هؤلاء٢ فمنافقون النفاق الذي هو الكفر بلا شك – لنصه تعالى على أنهم مذبذبون لا إلى المؤمنين، ولا إلى المهاجرين بالكفر في نار جهنم، وأنهم أشد عذابا من الكفار بكونهم في الدرك الأسفل من النار٣.
وقال في موضع آخر : قال تعالى :﴿ إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا ﴾٤، لا خلاف بين أحد من أهل الإسلام في أن المنافقين كفار٥.
قوله تعالى :﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴾[ سورة النساء : ١٤٠ ].
[ ٢ ] في حكم الاستهزاء بالله ودينه ورسوله والجلوس والصلاة في مكان يلفظ فيه بشيء من ذلك :
يرى ابن حزم – رحمه الله – أن كل كلام فيه كفر بالله عز وجل أو استخفاف به، أو بنبي من أنبيائه، أو بملك من ملائكته، أو بآياته، فلا يحل النطق به، ولا الجلوس حيث يلفظ به، وأن الصلاة لا تجزئ في مكان يستهزأ فيه بالله عز وجل أو برسوله صلى الله عليه وسلم أو بشيء من الدين، أو في مكان يكفر بشيء من ذلك فيه، فإن لم يمكنه الزوال ولا قدر صلى وأجزأته صلاته.
قال تعالى :﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ﴾.
وقال تعالى :﴿ وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره ﴾٦.
قال أبو محمد : فمن استجاز القعود في مكان هذه صفته، فهو مثل المستهزئ الكافر بشهادة الله تعالى، فمن أقام حيث حرم الله عز وجل عليه القعود فقعوده وإقامته معصية، وقعود الصلاة طاعة، ومن الباطل أن تجزئ المعاصي عن الطاعات، وأن تنوب المحارم عن الفرائض، وأما من عجز عن ذلك فقد قال تعالى :﴿ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ﴾٧ ٨.
٢ يريد الذين ذكرتهم الآيات..
٣ ابن حزم، المحلى (١٣/٧١)..
٤ سورة النساء، من آية (١٤٠)..
٥ ابن حزم الأندلسي، الفصل في الملل والأهواء والنحل، ٣ج، الطبعة الثانية. وضع حواشيه: أحمد شمس الدين (بيروت: دار الكتب العلمية، ١٤٢٠ هـ/ ١٩٩٩ م) ٢ج. ص ٢٤٣..
٦ سورة الأنعام، من آية (٦٨)..
٧ سورة البقرة، من آية (٢٨٦)..
٨ ابن حزم الفصل (٢/٢٣)، المحلى (٤/٣٢) باختصار وتصرف.
[ ١ ] مسألة في من هم المنافقون في الآيات :
يرى ابن حزم – رحمه الله تعالى – أن المنافقين في هذه الآيات هم الكافرون، وذلك لإسرارهم الكفر وإظهارهم الإيمان، ويرى أن هذا هو النفاق الذي يكون صاحبه كافرا، أما من أسر شيئا ما، وأظهر غيره ففعله نفاق وليس كفرا، وهو بذلك الفعل منافق لا كافر١.
قال أبو محمد : أما هؤلاء٢ فمنافقون النفاق الذي هو الكفر بلا شك – لنصه تعالى على أنهم مذبذبون لا إلى المؤمنين، ولا إلى المهاجرين بالكفر في نار جهنم، وأنهم أشد عذابا من الكفار بكونهم في الدرك الأسفل من النار٣.
وقال في موضع آخر : قال تعالى :﴿ إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا ﴾٤، لا خلاف بين أحد من أهل الإسلام في أن المنافقين كفار٥.
قوله تعالى :﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴾[ سورة النساء : ١٤٠ ].
[ ٢ ] في حكم الاستهزاء بالله ودينه ورسوله والجلوس والصلاة في مكان يلفظ فيه بشيء من ذلك :
يرى ابن حزم – رحمه الله – أن كل كلام فيه كفر بالله عز وجل أو استخفاف به، أو بنبي من أنبيائه، أو بملك من ملائكته، أو بآياته، فلا يحل النطق به، ولا الجلوس حيث يلفظ به، وأن الصلاة لا تجزئ في مكان يستهزأ فيه بالله عز وجل أو برسوله صلى الله عليه وسلم أو بشيء من الدين، أو في مكان يكفر بشيء من ذلك فيه، فإن لم يمكنه الزوال ولا قدر صلى وأجزأته صلاته.
قال تعالى :﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ﴾.
وقال تعالى :﴿ وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره ﴾٦.
قال أبو محمد : فمن استجاز القعود في مكان هذه صفته، فهو مثل المستهزئ الكافر بشهادة الله تعالى، فمن أقام حيث حرم الله عز وجل عليه القعود فقعوده وإقامته معصية، وقعود الصلاة طاعة، ومن الباطل أن تجزئ المعاصي عن الطاعات، وأن تنوب المحارم عن الفرائض، وأما من عجز عن ذلك فقد قال تعالى :﴿ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ﴾٧ ٨.
٢ يريد الذين ذكرتهم الآيات..
٣ ابن حزم، المحلى (١٣/٧١)..
٤ سورة النساء، من آية (١٤٠)..
٥ ابن حزم الأندلسي، الفصل في الملل والأهواء والنحل، ٣ج، الطبعة الثانية. وضع حواشيه: أحمد شمس الدين (بيروت: دار الكتب العلمية، ١٤٢٠ هـ/ ١٩٩٩ م) ٢ج. ص ٢٤٣..
٦ سورة الأنعام، من آية (٦٨)..
٧ سورة البقرة، من آية (٢٨٦)..
٨ ابن حزم الفصل (٢/٢٣)، المحلى (٤/٣٢) باختصار وتصرف.
[ ٣ ] المسألة الأولى : في قتل المسلم الكافر :
قال الإمام ابن حزم – رحمه الله – بقول الله تعالى :﴿ ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ﴾، وجب أن المسلم ليس كالكافر في شيء أصلا، ولا يساويه في شيء، فإذا هو كذلك فباطل أن يكافأ دمه بدمه، أو عضوه بعضوه، أو بشرته ببشرته، وبطل أن يستقاد للكافر من المؤمن، أو يقتص له منه – فيما دون النفس – إذ لا مساواة بينهما أصلا، ولما منع الله عز وجل أن يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا، وجب ضرورة أن لا يكون له عليه سبيل في قود ولا في قصاص أصلا، ووجب ضرورة استعمال النصوص كلها، إذ لا يحل ترك شيء منها. قال أبو محمد – رحمه الله – ويوضح هذا غاية الوضوح :
- ما رويناه من طريق أبي داود السجستاني١، قال : نا أحمد بن حنبل٢، نا يحيى بن سعيد القطان٣، نا سعيد بن أبي عروبة٤ عن قتادة٥، عن الحسن البصري٦، عن قيس بن عباد٧ قال : انطلقت أنا وآخر٨ - ذكره – إلى علي بن أبي طالب : فقلنا هل عهد إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم عهدا لم يعهده إلى الناس عامة ؟ قال : لا، إلا ما في كتابي هذا، فإذا فيه " المؤمنون تتكافأ٩ دماؤهم، وهم يد على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، ألا لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد بعهده، من أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة الناس أجمعين " ١٠.
- نا حمام بن أحمد بن حمام القاضي١١، نا عباس بن أصبغ١٢، نا محمد بن عبد الملك بن أيمن١٣، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل١٤، ومحمد بن إسماعيل الترمذي١٥، قال عبد الله نا أبي١٦، وقال الترمذي، نا الحميدي١٧، ثم اتفق أحمد والحميدي، واللفظ له قالا جميعا : نا سفيان ابن عيينة١٨، نا مطرف بن طريف١٩، قال : سمعت الشعبي٢٠ يقول : أنا أبو جحيفة – هو السوائي٢١ - قال : قلت لعلي بن أبي طالب : هل عندكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى القرآن ؟ قال علي، لا، والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة٢٢، إلا أن يعطي الله عبدا فهما في كتاب، أو ما في هذه الصحيفة ؟ قلت : وما في هذه الصحيفة ؟ قال : العقل، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر٢٣ ٢٤.
[ ٤ ] المسألة الثانية : في نكاح المسلمة غير المسلم.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - : ولا يحل لمسلمة نكاح غير مسلم أصلا : لقول الله تعالى :﴿ ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ﴾٢٥ ولقول الله تعالى :﴿ ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ﴾٢٦ ٢٧.
[ ٥ ] المسألة الثالثة : في حكم تملك الكافر العبد المسلم.
قال ابن حزم – رحمه الله – لا يحل لكافر أن يملك عبدا مسلما ولا مسلمة أصلا، وكل عبد أو أمة كان لكافرين أو أحدهما أسلما في دار الحرب، أو في غير دار الحرب فهما حران، فلو كانا كذلك لذمي أسلما، فهما حران ساعة إسلامهما.
برهان ذلك : قوله تعالى :﴿ ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ﴾٢٨.
والرق أعظم السبيل وقد قطعه الله عز وجل جملة على العموم٢٩.
[ ٦ ] المسألة الرابعة : في حكم مدبر الذمي، أو الحربي، أو مكاتبهما، أو أم ولدهما، أذا أسلموا.
قال ابن حزم – رحمه الله – ( ( ومدبر الذمي٣٠ أو الحربي أو مكاتبهما٣١ أو أم ولدهما أيهما أسلم فهو حر ساعة إسلامه، وتبطل الكتابة أو ما بقي منها، ولا يرجع الذي أسلم بشيء مما كان أعطي منها قبل إسلامه، ويرجع بما أعطي منها بعد إسلامه فيأخذه، لقول الله تعالى :﴿ ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ﴾٣٢ وإنما عني بهذا أحكام الدين بلا شك، وأما تسلط الدنيا بالظلم فلا، والرق أعظم السبيل وقد أسقطه الله بالإسلام ) )٣٣ أ. ه.
[ ٧ ] المسألة الخامسة : في أن الإسلام شرط من شروط الإمامة.
يرى الإمام ابن حزم – رحمه الله تعالى – أن من شروط الإمامة، التي لا تجوز الإمامة لغير من هي فيه، أن يكون مسلما، لأن الله تعالى يقول :﴿ ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ﴾٣٤.
والخلافة أعظم السبل، ولأمره تعالى بإصغار أهل الكتاب، وأخذهم بأداء الجزية وقتل من لم يؤمن من أهل الكتاب حتى يسلموا٣٥.
.
٢ أحمد بن محمد بن حنبل بن -هلال بن أسد الشيباني المروزي، نزيل بغداد، أبو عبد الله، أحد الأئمة، ثقة حافظ، فقيه، حجة، أخرج له الجماعة، توفي سنة ٢٤١ هـ. ابن حجر، التقريب ص ٩٨.
.
٣ -يحيى بن سعيد القطان، ثقة متقن، حافظ، إمام، قدوة، تقدم.
.
٤ سعيد بن أبي عروبة مهران اليشكري مولاهم، أبو النضر البصري، ثقة حافظ، له تصانيف. لكنه كثير التدليس واختلط، وكان من أثبت الناس في قتادة، وأخرج له الجماعة، توفي سنة ١٥٦ هـ وقيل ٥٧. ابن حجر، التقريب ص ٣٨٤.
.
٥ قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي، أبو الخطاب. البصري، ثقة ثبت، يقال ولد أكمه، روى عن أنس بن مالك والحسن البصري وجماعة وعنه شعبة ومعمر وعدة أخرج له الجماعة، توفي سنة مائة وبضع عشرة. ابن حجر، التقريب ص ٧٩٨. التهذيب (٨/٣٠٦).
.
٦ الحسن بن أبي الحسن البصري، واسم أبيه يسار، بالتحتانية والمهملة، الأنصاري مولاهم، ثقة فقيه فاضل مشهور، وكان يرسل كثيرا ويدلس، قال البزار: كان يروى عن جماعة لم يسمع منهم فيتجوز ويقول: حدثنا وخطبنا، يعني قومه الذين حدثوا وخطبوا بالبصرة، أخرج له الجماعة. روى عن ابن عمر وابن عباس وخلق، وعنه قتادة وغيره. توفي سنة ١١٠ هـ. الذهبي، السير (٤/٥٦٣)، ابن حجر، التقريب ص ٢٣٦، التهذيب (٢/٢٤٣).
.
٧ قيس بن عباد، بضم المهملة وتخفيف الموحدة، الضبعي، بضم المعجمة وفتح الموحدة، أبو عبد الله البصري، ثقة أخرج له الجماعة سوى الترمذي، مخضرم، روى عن علي وعمار وغيرهما، وعنه الحسن وابن سيرين وجماعة، مات بعد الثمانين، ووهم من عدة من الصحابة. ابن حجر، التقريب ص ٨٠٥، التهذيب (٨/٣٤٦)..
٨ هو: الأشتر، كما عند أحمد وأبي داود والنسائي والحاكم والبيهقي.
والأشتر: بشين معجمة وفتح مثناة فوق، هو مالك بن الحارث بن عبد يغوث بن سلمة النخعي، الملقب بالأشتر، مخضرم، ثقة، نزل الكوفة بعد أن شهد اليرموك وغيرها، وولاة علي مصر، فمات قبل أن يدخلها سنة ٣٧ هـ. انظر: ابن حجر، التقريب ص ٩١٤. محمد بن طاهر الهندي، المغني في ضبط اسماء الرجال (بيروت: دار الكتاب العربي، ١٤٠٢ هـ ١٩٨٢م)، ص٢٢
.
٩ تتكافأ: أي تتساوى في الدية والقصاص. قال ابن الأثير: التكافؤ: التماثل والتساوي، أي: أنهم يتساوون في القصاص والديات، لا فضل فيها لشريف على وضيع، ولا كبير على صغير، ولا ذكر على أنثى. انظر: المبارك بن الأثير، جامع الأصول في أحاديث الرسول ١٠ج، الطبعة الثانية، تحقيق: عبد القادر الأرناؤوط (بيروت: دار الفكر ١٤٠٣ هـ/١٩٨٣ م) ج ١٠. ص ٢٥٤، الفيومي، المصباح المنير، ص ٢٠٥.
.
١٠ تخريجه: أخرجه الإمام أحمد في مسنده (١/١١٩)، وأبو داود في سننه، في كتاب الديات، باب أيقاد المسلم من الكافر، حديث ٤٥١٩، وأبو يعلى في مسنده (١/٤٢٤)، والطحاوي في معاني الآثار، في كتاب الجنايات، باب المؤمن يقتل الكافر عمدا (٣/١٩٢)، والدارقطني، في السنن، كتاب الحدود والديات (٣/١٣١)، والحاكم في المستدرك (٢/١٤١)، وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الجنايات، باب لا قصاص بينه لاختلاف الدينين (٨/٢٩).
وانظر: الزيلعي، نصب الراية (٤/٢٤٧)، ابن حجر، تلخيص الحبير (٤/١٦)، الغماري، الهداية في تخريج أحاديث البداية (٨/٤٢٤)، وقد صححه العلامة الألباني في صحيح سنن أبي داود (٣/٩٧)، وفي إرواء الغليل (٧/٢٦٥).
الحكم على الإسناد: صحيح..
١١ حمام بن أحمد، قال فيه ابن حزم: (كان واحد عصره في البلاغة، وفي سعة الرواية، ضابطا لما قيده) تقدم..
١٢ عباس بن أصبغ الهمداني، أبو بكر، روى عن محمد بن عبد الملك بن أيمن، وقاسم بن أصبغ، روى عنه ابن عبد البر، ومحمد بن عبد الله بن يزيد اللخمي، الحميدي، كان شيخا حليما ضابطا لما كتب وقد وهم في أشياء حدث بها، توفي سنة ٣٨٦ هـ. جذوة المقتبس ص ٢٩٩، الضبي، بغية الملتمس ص ٤٣٠، ابن الفرضي، تاريخ علماء الأندلس، ص ٢٣٩..
١٣ محمد بن عبد الملك بن أيمن بن فرج، من أهل قرطبة، يكنى أبا عبد الله، سمع من محمد بن وضاح، ومحمد بن عبد السلام الخشني، وغيرهما، ورحل إلى العراق. وسمع عبد الله بن أحمد ابن حنبل وطبقته، كان فقيها عالما، ضابطا لكتبه، ثقة، توفي سنة ٣٣٠ هـ. الحميدي، جذوة المقتبس ص ٦٣، الذهبي، السير (١٥/٢٤١)..
١٤ عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، أبو عبد الرحمن، ولد الإمام، ثقة، أخرج له النسائي. توفي سنة ٢٩٠ هـ. ابن حجر، التقريب ص ٤٩٠..
١٥ محمد بن إسماعيل بن يوسف السلمي، أبو إسماعيل الترمذي، نزيل بغداد، ثقة حافظ. له يتضح كلام أبي حاتم فيه، أخرج له الترمذي والنسائي، توفي سنة ١٨٠ هـ، ابن حجر، التقريب ص ٨٢٦..
١٦ أحمد بن محمد بن حنبل، ثقة حافظ، فقيه، حجة، تقدم..
١٧ عبد الله بن الزبير بن عيسى القرشي، الأسدي، الحميدي، المكي، أبو بكر، ثقة حافظ فقيه، أجل أصحاب ابن عيينة، أخرج له البخاري، ومسلم في مقدمة صحيحة، وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجة في التفسير، مات سنة ٢١٩ هـ، وقيل بعدها، قال الحاكم: كان البخاري إذا وجد الحديث عند الحميدي لا يعدوه إلى غيره. ابن حجر، التقريب ص ٥٠٦..
١٨ سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي، أبو محمد الكوفي ثم المكي، ثقة حافظ فقيه، إمام حجة، إلا أنه تغير حفظه بآخرة، وكان دلس لكن عن الثقات، أخرج له الجماعة، توفي سنة ١٩٨ هـ. ابن حجر، التقريب ٣٩٥..
١٩ مطرف، بضم أوله وفتح ثانيه وتشديد الراء المكسورة، ابن طريف، الكوفي، أبو بكر، أو أبو عبد الرحمن، ثقة فاضل، أخرج له الجماعة، مات سنة ١٤١ هـ، أو بعد ذلك. ابن حجر التقريب ص ٩٤٨..
٢٠ عامر بن شراحيل الشعبي، بفتح المعجمة، أبو عمرو، ثقة مشهور فقيه فاضل، قال مكحول: ما رأيت أفقه منه، أخرج له الجماعة، مات بعد المائة، ابن حجر، التقريب ص ٤٧٦..
٢١ وهب بن عبد الله السوائي، بضم المهملة والمد، ويقال اسم أبيه وهب أيضا، أبو جحيفة، مشهور بكنيته، ويقال له وهب الخير، صحابي معروف، صحب عليا، أخرج له الجماعة، مات سنة ٧٤ هـ ابن حجر، التقريب ص ١٠٤٤..
٢٢ فلق الحبة: شقها للإنبات. وبرأ النسمة: البرء، الخلق، والنسمة: كل ذي روح. انظر: ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث، (٣/٤٧١) ((فلق))، (٥/٤٨) ((نسم))، ابن منظور، اللسان، مادة ((برأ)) ((فلق))..
٢٣ تخريجه: أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب كتابه العلم، حديث ١١١، وفي كتاب الجهاد والسير، باب فكاك الأسير، حديث ٣٠٤٧، وفي كتاب الديات، باب لا يقتل المسلم بالكافر حديث ٦٩١٥.
الحكم على الإسناد: صحيح..
٢٤ المحلى (١٢/١٣، ١٤، ١٨٥)، (١٣/١٧٧)، الإحكام (ص ٩٥٦) باختصار وتصرف..
٢٥ سورة البقرة، من الآية (٢٢١)..
٢٦ سورة النساء، من الآية (١٤١)..
٢٧ المحلى (١١/١٣)..
٢٨ سورة النساء، من الآية (١٤١)..
٢٩ المحلى (١١/١٣)..
٣٠ دبر الرجل عبده تدبيرا إذا أعتقه بعد موته، وأعتق عبده عن دبر أي بعد دبر. والتدبير في الأمر: النظر إلى ما تئول إليه عاقبة الأمر، والتدبير أيضا: عتق العبد عن دبر وهو ما بعد الموت، ولا يخرج المعنى الشرعي عن هذ المعنى الأخير. الفيومي، المصباح المنير ص ٧٢ (دبر)، الموسوعة الفقهية (١١/١٢٥) ((تدبير))..
٣١ المكاتبة أن يكاتب الرجل عبد ه أو أمته على مال منجم، ويكتب العبد عليه أنه يعتق إذا أدى النجوم، وعقد الكتابة: هو عقد بين السيد ومملوكه على مال يوجب تحرير يد المملوك (أي تصرفه) في الحال، ورقبته في المآل، وهو من محاسن الإسلام. الفيومي، المصباح المنير، ص ٢٠٠ كتب، الموسوعة الفقهية ((مكاتبة)) (٣٨/٣٦٠)..
٣٢ سورة النساء، من الآية (١٤١)..
٣٣ المحلى (٧/٢٣٣)، (١٠/١٠٨)..
٣٤ سورة النساء، من الآية (١٤١)..
٣٥ الفصل (٣/٩٣)، ابن حزم الظاهري، مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات، الطبعة الأولى، عناية حسن أحمد إسبر (بيروت: دار ابن حزم، ١٤١٩ هـ/ ١٩٩٨)، ص ٢٠٨..
[ ٨ ] في معنى قوله تعالى :﴿ وهو خادعهم ﴾.
يرى ابن حزم – رحمه الله تعالى – أن معنى ﴿ وهو خادعهم ﴾ بأنه تعالى يقارضهم على هذه الأفعال منهم بجزاء يسمى بأسمائها١.
[ ٩ ] في أن الكفر يتفاوت والجزاء عليه يتفاوت.
قال ابن حزم – رحمه الله – والكفر يزيد وكلما زاد فيه فهو كفر، والكفر ينقص وكله مع ذلك ما بقي منه وما نقص فكله كفر، وبعض الكفر أعظم وأشد وأشنع من بعض وكله كفر، والجزاء على قدر الكفر بالنص، وبعض الجزاء أشد من بعض بالنصوص ضرورة.
قال تعالى :﴿ يضاعف لهم العذاب ﴾١، وقال تعالى :﴿ إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ﴾٢، وقال تعالى :﴿ أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ﴾٣، فصح بنص القرآن أن عذاب أهل النار، بعضه أشد من بعض، وأن بعض تلك الأدراك أسفل من بعض، وأنه تعالى يضاعف العذاب لبعضهم أشد من بعض، أعاذنا الله من جميع ذلك٤.
٢ سورة النساءـ من الآية (١٤٥)..
٣ سورة غافر، من الآية (٤٦)..
٤ الفصل (٢/٢٣٥، ٣٥٣)، الدرة ص ٣٥٥، باختصار..
[ ١٠ ] في الكلام عن القدرة :
يرى ابن حزم – رحمه الله تعالى – أن لله تعالى قدرة، وهي حق لا مجاز وأنها لم تزل غير مخلوقة، وليست هي غير الله تعالى، ولا ترجع إلى شيء آخر سوى الله عز وجل، وأن الأمة مجمعة على القول بقدرة الله حيث جاء في الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم : " وأستقدرك بقدرتك " ١.
ويرى – رحمه الله – أن قدرة الله عامة، واستدل على ذلك بقوله تعالى :﴿ فإن لله كان عفوا قديرا ﴾٢، وقوله :﴿ وهو العليم القدير ﴾٣، وقوله :﴿ والله على كل شيء قدير ﴾٤.
قال : ففي الآيات عموم للقدرة لم يخصص، ولو لم يكن كذلك لكان متناهي القدرة، ولو كان متناهي القدرة لكان محدثا تعالى الله على ذلك٥.
٢ سورة النساء، من الآية (١٤٩)..
٣ سورة الروم، من الآية (٥٤)..
٤ سورة البقرة، من الآية (٢٨٤)..
٥ الفصل (٢/١٩) وما بعدها. الدرة ص ٢٤٨-٢٥٠..
[ ١١ ] في الإيمان لغة وحقيقته شرعا.
يرى ابن حزم – رحمه الله – أن الإيمان أصله في اللغة التصديق، وأوقعته الشريعة على الأعمال المأمور بها وعلى اجتناب المعاصي المنهي عنها.
قال أبو محمد – رحمه الله – ( ( قال تعالى :﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ﴾١ فهذا دليل واضح جلي بين على أن الله عز وجل قد نقل اسم الإيمان عن وضعه في اللغة إلى معنى شرعي ركبه الله عليه، إذ الإيمان في اللغة هو التصديق، ومن آمن بالله وحده وكفر ببعض أنبيائه فقد حصل على ظاهر اللغة، مؤمنا بالله كافرا بمن كفر به من الأنبياء صلوات الله عليهم.
ولكن الله منع من إيقاع هذه الاسم بنص الآية التي ذكرنا، فسماهم في أولها كفارا حقا، ولم يعطهم اسم الإيمان بمن صدقوا به إلا بدعواهم، فصح بذلك أن اسم الإيمان، قد انتقل عن معهوده في اللغة، وأنه لا يقع اسم الإيمان إلا على من صدق بالله، وبجميع الأنبياء والرسل والكتب المنزلة وكل ما أتى به محمد صلى الله عليه وسلم من شريعة مجمع عليها، ومن خبر كان، أو هو كائن مجمع على نقله عنه صلى الله عليه وسلم، كالبعث والجنة والنار وغير ذلك ومنقول عنه نقلا يقطع العذر، وأقر بكل ذلك بلسانه، وانتفى مما خالف ذلك، فمن جحد شيئا من ذلك وإن قل، وصدق سائره، ولم يقر بكل ذلك بلسانه، أو أقر ولم يتبرأ مما خالفه، فليس هو مؤمنا ولا فيه إيمان، ولا يسمى تصديقه ذلك إيمانا بما صدق به من ذلك، فانتقل اسم الإيمان إلى ما ذكرنا وإلى جميع الطاعات، واجبها وتطوعها، بدلائل قد ذكرناها قبل، فهو يتفاضل بالتزود منها، وينقص بالإضافة إلى ما هو أتم وأزيد٢.
٢ الأصول والفروع، ص ١٢، ١٣..
[ ١٢ ] في الفرق بين سؤال بني إسرائيل رؤية الله عز وجل. وسؤال موسى عليه السلام.
يرى ابن حزم – رحمه الله تعالى – أن هناك اختلافا بين سؤال بني إٍسرائيل رؤية الله، وبين سؤال موسى عليه السلام، وذلك لأمرين :
١- أن موسى عليه السلام سأل ذلك قبل سؤال بني إسرائيل رؤية الله تعالى، وقبل أن يعلم أن سؤال ذلك لا يجوز ؛ فهذا لا مكروه فيه، لأنه سأل فضيلة عظيمة، أراد بها علو المنزلة عند ربه تعالى.
٢- أن بني إسرائيل سألوا ذلك متعنتين وشكاكا في الله عز وجل، وموسى سأل ذلك على الوجه الحسن الذي ذكرنا آنفا١.
وفيها مسألتان :
[ ١٣ ] المسألة الأولى : في أن عيسى عليه السلام لم يقتل ولم يصلب.
يرى الإمام ابن حزم – رحمه الله – أن عيسى عليه السلام لم يقتل ولم يصلب ولكن توفاه الله عز وجل ثم رفعه إليه قال عز وجل ﴿ وما قتلوه وما صلبوه ﴾ ومن قال إنه عليه السلام قتل أو صلب فهو كافر مرتد حلال دمه وماله لتكذيبه القرآن وخلافه الإجماع١.
[ ١٤ ] المسألة الثانية : في معنى قوله تعالى :﴿ ولكن شبه لهم ﴾.
قال ابن حزم – رحمه الله – ( وقوله ﴿ وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ﴾ إنما هو إخبار عن الذين يقولون بتقليد أسلافهم من النصارى واليهود إنه عليه السلام قتل وصلب، فهؤلاء شبه لهم القول أي أدخلوا في شبة منه، وكان المشبهون لهم شيوخ السوء في ذلك الوقت وشرطهم المدعون لهم أنهم قتلوه وصلبوه وهم يعلمون أنه لم يكن ذلك، وإنما أخذوا من أمكنهم فقتلوه، وصلبوه في استتار ومنع من حضور الناس، ثم أنزلوه ودفنوه تمويها على العامة الذين شبه لهم الخبر )٢.
٢ الفصل (١/٧٧)..
[ ١٥ ] مسألة : في هل الظلم علة في تحريم الطيبات.
يرى ابن حزم – رحمه الله تعالى – أن الظلم ليس علة في تحريم الطيبات، ولا سببا له إلا حيث جعله الله بالنص سببا، لا فيما عدا ذلك المكان ألبتة، فهم ظلموا فحرمت عليهم، ونحن نظلم فلم تحرم علينا الطيبات التي أحلت لنا، وقال صلى الله عليه وسلم : " إننا سنركب سنن أهل الكتاب لو دخلوا جحر ضب١ لدخلناه " ٢، فصح أننا ظلمنا كظلمهم، ولم يحرم علينا ما حرم عليهم، فبطل التعليل جملة، إذ لو كان ظلمهم علة التحريم لوجب أن يكون ظلمنا علة فينا لمثل ذلك، فلما لم يكن هذا كذلك، علمنا أن الله تعالى جعل ظلمهم سببا لأن حرم عليهم ما حرم، ولم يجعل ظلمنا سببا لأن يحرم علينا مثل ذلك، فصح أنه يفعل ما يشاء في مكان من أجل شيء ما، ولا يفعل ذلك في مكان آخر من أجل مثل ذلك الشيء بعينه، وهذا بطلان ما ادعاه خصومنا من العلل والقياس نصا٣.
٢ أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل، حديث ٣٤٥٦، عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه"، قلنا يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فمن". وفي كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لتتبعن سنن من كان قبلكم" حديث ٧٣٢٠، ومسلم في صحيحه، كتاب العلم، باب اتباع سنن اليهود والنصارى حديث ٦/٢٦٦٩..
٣ الإحكام (٣/١٤٢٠، ١٤٢٢، ١٤٤١، ١٤٤٢)..
[ ١٦ ] مسألة : في الكلام.
تناول ابن حزم – رحمه الله – هذه المسألة من جانبين :
الجانب الأول : في أن القول غير الكلام.
يرى ابن حزم أن هناك فرقا بين القول والكلام، حيث يقول :( والبرهان على أن القول غير التكليم، وغير الكلام، وهو أن التكليم فضيلة، ومدح، ورفعة، ولا بد، قال تعالى :﴿ تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات ﴾١.
وقال تعالى :﴿ وكلم الله موسى تكليما ﴾، والقول قد يكون فضيلة، ويكون رذيلة للمقول، وسخطا عليه، قال تعالى :﴿ اخرج منها مذءوما مدحورا ﴾٢، وقال ﴿ اخسئوا فيها ولا تكلمون ﴾٣، ولا خلاف بين أحد من الأمة في أنه لا يحل أن يقال : إبليس كليم الله، ولا أن الله – تعالى – كلم إبليس، ولا أنه – تعالى – كلم أهل النار، وكلهم مجمع مع النص، على النص على القول بأن الله – تعالى – قال لإبليس، وقال لأهل النار، فصح أن القول غير التكليم، ومن الله – تعالى – بعد وسيقوله، كقوله لأهل النار، وغير ذلك، وأما الكلام فلم يزل بخلاف القول، وهذا بين، وبالله تعالى التوفيق )٤.
الجانب الثاني : في كلام الله – تعالى – لموسى عليه السلام، يرى ابن حزم – رحمه الله – أن لله كلاما، وأنه كلم موسى ومن كلم من الأنبياء والملائكة عليهم السلام تكليما حقيقة لا مجاز بكلام مسموع بالآذان معلوم بالقلب بخلاف القول فإنه يكون بوسيطة مكلم غير الله.
قال تعالى :﴿ وكلم الله موسى تكليما ﴾، وقال ﴿ إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي ﴾٥ وقال تعالى :﴿ تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ﴾٦ ٧.
٢ سورة الأعراف، من الآية (١٨)..
٣ سورة المؤمنون، من الآية (١٠٨)..
٤ الدرة، ص ٢٥٩..
٥ سورة الأعراف، من الآية (١٤٤)..
٦ سورة البقرة، من الآية (٢٥٣)..
٧ انظر: المحلى (١/١٠٨)، ابن حزم الأندلسي، علم الكلام على مذهب أهل السنة والجماعة الطبعة الأولى، تحقيق: أحمد حجازي أحد السقا (القاهرة: المكتب الثقافي، ١٩٨٩ م)، ص ٧٦، ٧٧..
[ ١٧ ] مسألة في الحديث الموقوف.
قال ابن حزم – رحمه الله –( ( الموقوف، المرسل ) ) لا تقوم بهما جحة، وكذلك ما لم يروه إلا من لا يوثق بدينه وبحفظه، ولا يحل ترك ما جاء في القرآن، أو صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول صاحب أو غيره، سواء كان راوي الحديث أم لم يكن.
والمرسل : هو ما كان بين أحد رواته أو بين الراوي وبين النبي صلى الله عليه وسلم من لا يعرف١.
والموقوف : هو ما لم يبلغ به إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
برهان بطلان الموقوف، قول الله تعالى :﴿ لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ﴾ فلا حجة في أحد دون الرسول صلى الله عليه وسلم )٢.
٢ المحلى (١/١١٨)، (٥/٩٧)..
وفيها مسألتان :
[ ١٨ ] المسألة الأولى : في أن لله – تعالى – علما.
يرى ابن حزم – رحمه الله تعالى – أن لله علما حقيقة لا مجازا، وعلمه لم يزل، وهو غير مخلوق، وليس هو غير الله، ولا يرجع إلى شيء آخر سوى الله عز وجل، قال تعالى :﴿ أنزله بعلمه ﴾١.
[ ١٩ ] المسألة الثانية : في جواز الحلف بعلم الله.
قال ابن حزم – رحمه الله – لا يمين إلا بالله عز وجل، إما باسم من أسمائه تعالى، أو بما يخبر به عن الله تعالى ولا يراد به غيره – أو بعلم الله تعالى، أو بقدرته، أو عزته.. وكل ما جاء به النص من مثل هذا، فهذا هو الذي إن حلف به المرء كان حالفا، فإن حنث فيه كانت عليه كفارة.
وأما من حلف بغير ما ذكرنا، أي شيء كان لا تحاش شيئا، فليس حالفا، ولا هي يمينا ولا كفارة في ذلك إن حنث، ولا يلزمه الوفاء بما حلف عليه بذلك، وهو عاص لله تعالى فقط، وليس عليه إلا التوبة من ذلك والاستغفار، برهان ذلك :
قال تعالى :﴿ أنزله بعلمه ﴾٢.
ومن طريق البخاري، نا مطرف بن عبد الله ( أبو مصعب )، نا عبد الرحمن ابن أبي الموالي، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كالسورة من القرآن : " إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين ثم يقول : اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك٣ ٤.
٢ سورة النساء، من الآية (١٦٦)..
٣ سبق تخريجه، ص ١٥٢..
٤ المحلى (٨/١٨٣-١٨٤)..
[ ٢٠ ] في معنى الهدى في اللغة، والمراد به في الآية.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى – الهدى في اللغة العربية من الأسماء المشتركة فهي التي يقع الاسم منها على مسميين مختلفين بنوعهما فصاعدا، فالهدى يكون :
١- بمعنى الدلالة : تقول هديت فلانا فلانا الطريق، بمعنى أريته إياه، وأوقفته عليه، وأعلمته إياه، سواء سلكه أو تركه، وتقول : فلان هاد للطريق، أي هو دليل فيه، فهذا هو الهدى الذي هدى الله تعالى ثمود وجميع الجن والملائكة، وجميع الإنس كافرهم ومؤمنهم ؛ لأنه تعالى دلهم على الطاعات والمعاصي وعرفه ما يسخط مما يرضى.
٢- يكون الهدى بمعنى التوفيق، والعون على الخير، والتيسير له، وخلقه لقبول الخير في النفوس، فهذا هو الذي أعطاه الله عز وجل الملائكة كلهم، والمهتدين من الإنس والجن، ومنعه الكفار من الطائفتين والفاسقين فيما فسقوا فيه، ولو أعطاهم إياه تعالى لما كفروا ولا فسقوا.
قال أبو محمد : وقوله تعالى :﴿ إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا * إلا طريق جهنم ﴾١.
قال : وهذا نص جلي على ما قلنا، وبيان جلي أن الدلالة لهم على طريق جهنم يحملون إليها، فهذا هو الهدى لهم إلى تلك الطريق، ونفى عنهم في الآخرة هدى إلى شيء من الطرق إلا طريق جهنم٢. نعوذ بالله الخذلان.
٢ الفصل (٢/٧٧، ٧٨)..
[ ٢١ ] في المفاضلة بين الملائكة وبين بني آدم.
يرى ابن حزم – رحمه الله – أن الملائكة أفضل الخلق، وأنهم أفضل من الإنسان الفاضل، وأفضل من الأنبياء صلوات الله عليهم، وذلك لوجوه :
١- قول الله عز وجل عن نبيه عليه السلام في قوله تعالى :﴿ قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك ﴾١، فلو كان الملك أنقص حالة من النبي صلى الله عليه وسلم لما قال هذه المقالة التي إنما قالها النبي صلى الله عليه وسلم متواضعا لا مترافعا.
٢- ومن ذلك أيضا قوله تعالى إذا ذكر محمد صلى الله عليه وسلم، وهو أكرم الرسل والأنبياء وأفضلهم، وذكر جبريل عليه السلام فكان في الثناء عليه في قوله :﴿ إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين ﴾٢ فهذا صفة جبريل، ثم قال يريد النبي صلى الله عليه وسلم :﴿ وما صاحبكم بمجنون ﴾٣، ثم زاد بيانا هنا ﴿ ولقد رآه بالأفق المبين * وما هو على الغيب بضنين ﴾٤، فعظم الله تعالى في شأن أفضل أنبيائه وأكرم رسله بأن رأى جبريل، وهذا غاية البيان الذي لا ينكره ذو عقل، وقال عز وجل :﴿ ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى ﴾٥.
٣- أن الناس يتفاضلون بوجهين فقط :
أحدهما : الاختصاص المجرد، وأعظم الاختصاص الرسالة والتعظيم، وقد حصل للملائكة، قال تعالى :﴿ جاعل الملائكة رسلا ﴾٦ فهم كلهم رسل الله تعالى ثم اختصهم تعالى بأن ابتدأهم في الجنة وحوالي عرشه، في المكان الذي وعد رسله ومن اتبعهم بأن نهاية كرامتهم تصيرهم إليه، وهو موضع خلق الملائكة ومحلهم بلا نهاية مذ خلقوا، وذكرهم عز وجل في غير موضع من كتابه فأثنى عليهم جميعا، ووصفهم بأنهم لا يفترون، ولا يسأمون، ولا يعصون الله، قال تعالى :﴿ بل عباد مكرمون * لا يسبقونه بالقول وهم بأمر يعملون ﴾٧ وقال ﴿ لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ﴾٨.
والوجه الثاني من أوجه التفضيل : هو تفاضل العاملين بتفاضل منازلهم في أعمال الطاعة والعصمة من المعاصي والدنيات، وقد نص الله تعالى على أن الملائكة لا يفترون عن الطاعة ولا يسأمون منها، ولا يعصون البتة في شيء أمروا به، فقد صح أن الله عز وجل عصمهم من الطبائع الناقصة الداعية إلى الفتور والكسل، كالطعام والتغوط وشهوة الجماع والنوم، فصح يقينا أنهم أفضل من الرسل الذي لم يعصموا من الفتور والكسل ودواعيهما.
٤- أن الله تعالى نص على أن آدم عليه السلام إنما أكل من الشجرة ليكون ملكا أو ليخلد، كما قص تعالى علينا إذ يقول عز وجل :﴿ ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين ﴾٩.
قال أبو محمد : بيقين ندري أن آدم عليه السلام لولا تيقنه بأن الملائكة أفضل منه، وطمعه بأن يصير ملكا لما قبل من إبليس ما غره به من أكل الشجرة التي نهاه الله عز وجل عنها، ولو علم آدم أن الملك مثله أو دونه، لما حمل نفسه على مخالفة أمر الله تعالى ليسقط عن منزلته الرفيعة إلى الدون، وهذا ما لا يظنه ذو عقل أصلا.
٥- وقال الله عز وجل :﴿ لن يستنكف المسيح أن يكون عبد الله ولا الملائكة المقربون ﴾١٠ فقوله عز وجل بعد ذكر المسيح ولا الملائكة المقربون بلوغ للغابة في علو درجتهم على المسيح عليه السلام.
٦- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بأن الله تعالى خلق الملائكة من نور وخلق الإنسان من طين وخلق الجن من نار١١.
قال أبو محمد : ولا يجهل فضل النور على الطين وعلى النار أحد، إلا من لم يجعل الله له نورا ﴿ ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ﴾١٢، وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا ربه أن يجعل في قلبه نورا١٣، فالملائكة جوهر دعا أفضل البشر ربه تعالى في أن يجعل في قلبه منه.
٧- وقال عز وجل :﴿ ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ﴾ إلى قوله ﴿ وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ﴾١٤، فإنما فضل الله تعالى بنص كلامه عز وجل، بني آدم على كثير ممن خلق لا على كل من خلق، وبلا شك أن بني آدم مفضلون على الجن وعلى جميع الحيوان الصامت وعلى ما ليس حيوانا، فلم يبق خلق يستثنى من تفضيل الله تعالى بني آدم إلا الملائكة١٥.
٢ سورة التكوير، من الآية (١٩-٢١)..
٣ سورة التكوير، من الآية (٢٢)..
٤ سورة التكوير، من الآية (٢٣، ٢٤)..
٥ سورة النجم، الآيات (١٣، ١٤، ١٥)..
٦ سورة فاطر، من الآية (١)..
٧ سورة الأنبياء، من الآية (٢٦، ٢٧)..
٨ سورة التحريم، من الآية (٦)..
٩ سورة الأعراف، من الآية (٢٠)..
١٠ سورة النساء، من الآية (١٧٢)..
١١ يشير إلى الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الزهد، باب في أحاديث متفرقة، حديث ٦٠/٢٩٩٦، عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خلقت الملائكة، من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم"..
١٢ سورة النور، من الآية (٤٠)..
١٣ يشير إلى الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الصلاة، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، حديث ١٨٧/٧٦٣ عن ابن عباس – رضي الله عنه – وفيه، فجعل يقول في صلاته أو في سجوده: اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي سمعي نورا، وفي بصري نورا، وعن يميني نورا، وعن شمالي نورا، وأمامي نورا، وخلفي نورا، وفوقي نورا، وتحتي نورا، واجعل لي نورا، أو قال واجعلني نورا..
١٤ سورة الإسراء، الآية (٧٠)..
١٥ الأصول والفروع ص ١٠١ – ١٠٩، وانظر: الفصل (٣/١٩١-١٩٨)، المحلى (١/٩٦)، الدرة ص ٢٢٢، ٢٢٦، علم الكلام على مذهب أهل السنة والجماعة ص ٤١..
[ ٢٢ ] مسألة : في معنى فيوفيهم أجورهم.
يرى ابن حزم – رحمه الله تعالى – أن الأجر المستوفي هو كل ما يعطونه من مساحة الجنة وكل ما خرج إلى الوجود من النعيم، ثم لا يزال تعالى يزيدهم من فضله كما قال تعالى :﴿ إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ﴾١ فهذا لا يستوفى أبدا لأنه لا نهاية له، ولا كل، ولو استوفى لم يمكن أن تكون فيه زيادة، إذ بالضرورة يعلم أن ما استوفي فلا زيادة فيه، وما تمكن الزيادة فيه فلم يستوف بعد، والله تعالى قد نص على أن بعد تلك التوفية زيادة فصح أنها توفية لشيء محدود متناه، وأن ما لا نهاية له فلا يستوفى أبدا٢.
٢ الفصل (١/٣٣، ٣٤)..
وفيها ثلاث عشرة مسألة :
[ ٢٣ ] المسألة الأولى : في وقت نزول الآية.
قال ابن حزم – رحمه الله – حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد١، ثنا إبراهيم بن أحمد البلخي٢، ثنا الفربري٣، ثنا البخاري، نا أبو الوليد الطيالسي، ثنا شبعة، عن أبي إسحاق السبيعي، عن البراء بن عازب قال : آخر آية أنزلت ﴿ يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ﴾ وآخر سورة نزلت براءة٤ ٥.
[ ٢٤ ] المسألة الثانية : في سبب نزول الآية.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى – ومن طريق أحمد بن شعيب٦، أنا إسماعيل ابن مسعود الجحدري٧، أنا خالد بن الحارث – هو الهجيمي٨ - نا هشام – هو الدستوائي٩ - نا أبو الزبير١٠، عن جابر بن عبد الله١١ قال ( اشتكيت وعندي سبع أخوات لي فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنفخ في وجهي فأفقت، فقلت : يا رسول الله ألا أوصي لأخواتي بالثلثين، ثم خرج وتركني ثم رجع إلي فقال : إني لا أراك ميتا من وجعك هذا وإن الله قد أنزل فبين الذي لأخواتك، فجعل لهن الثلثين، فكان جابر يقول : أنزلت هذه الآية في ﴿ يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ﴾١٢ وهذا لا خلاف فيه١٣.
[ ٢٥ ] المسألة الثالثة : في المراد بالكلالة.
قال ابن حزم – رحمه الله – إن من لا يرثه من العصبة إلا إخوته وأخواته الأشقاء، أو لأب أو لأم، وليس هناك أب ولا جد، وإن علا من قبل الأب، ولا ابن ذكر أو أنثى ولا ولد ذكر، وإن سفل نسبهم، ولا ذكر ولا أنثى فإن هذه الوراثة وراثة الكلالة١٤.
[ ٢٦ ] المسألة الرابعة : في ميراث الأختين الشقيقتين أو لأب عند عدم الأخ الشقيق أو لأب.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - : ومن مات وترك أختين شقيقتين أو لأب، أو أكثر من أختين كذلك أيضا، ولم يترك ولدا، ولا أخا شقيقا، أو لأب ولا من يحطهن مما نذكر فلهما ثلثا ما ترك أو لهن على السواء.
برهان ذلك : قول الله عز وجل :﴿ إن امرؤا هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك ﴾١٥.
ومن طريق أحمد بن شعيب، أنا إسماعيل بن مسعود الجحدري، نا خالد بن الحارث – هو الهجيمي – نا هشام – هو الدستوائي – نا أبو الزبير، عن جابر بن عبد الله قال :( اشتكيت وعندي سبع أخوات لي فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنفخ في وجهي فأفقت فقلت : يا رسول الله، ألا أوصي لأخواتي بالثلثين – ثم خرج وتركني – ثم رجع إلي فقال : إني لا أراك ميتا من وجعك هذا، وإن الله قد أنزل فبين الذي لأخواتك، فجعل لهن الثلثين، فكان جابر يقول أنزلت هذه الآية فيّ ﴿ يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ﴾١٦ وهذا لا خلاف فيه١٧.
[ ٢٧ ] المسألة الخامسة : في ميراث الأخت الشقيقة مع الأخت لأب أو الأختين أو أكثر.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى – فإن ترك أختا شقيقة، وأختا واحد لأب أو اثنتين لأب أو أكثر من ذلك، فللشقيقة النصف، وللتي للأب أو اللواتي للأب، السدس فقط، لأن الله عز وجل أعطى الأخت النصف، وأعطى الأختين فصاعدا الثلثين، فصح أنه ليس للأخوات اللواتي للأب أو الأم، وإن كثرن، إلا الثلثان فقط، وإذا وجب للشقيقة النصف للإجماع المتيقن في أن لا يشاركها فيه التي ليست شقيقة، فلم يبق إلا السدس فهو للتي للأب، أو اللواتي للأب١٨.
[ ٢٨ ] المسألة السادسة : في ميراث الأخت الِشقيقة أو لأب مع ابن ذكر أو ابنة أثنى.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى – ولا ترث أخت شقيقة ولا غير شقيقة مع ابن ذكر ولا مع ابنة أنثى، ولا مع ابن وإن سفل، ولا مع بنت ابن وإن سفلت، والباقي بعد نصيب البنت وبنت الابن للعصبة كالأخ وابن الأخ والعم وابن العم، ولمعتق وعصبته، إلا ألا يكون للميت عاصب، فيكون حينئذ ما بقي للأخت الشقيقة، أو للتي للأب إن لم يكن هناك شقيقة، وللأخوات كذلك، وهو قول إسحاق بن راهويه وبه نأخذ.
١. روينا من طريق عبد الرزاق١٩، عن معمر٢٠، عن الزهري٢١، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف٢٢، قيل لابن عباس : من ترك ابنته، وأخته لأبيه، وأمه ؟ فقال ابن عباس : لابنته النصف، وليس لأخته شيء مما بقي، هو لعصبته، فقال السائل : إن عمر قضى بغير ذلك، جعل للابنة النصف، وللأخت النصف ؟ فقال ابن عباس : أأنتم أعلم أم الله ؟ قال معمر : فذكرت ذلك لابن طاوس٢٣، قال لي ابن طاوس : أخبرني أبي أنه سمع ابن عباس يقول : قال الله تعالى ﴿ إن امرؤا هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك ﴾٢٤ قال ابن عباس : فقلتم أنتم لها النصف وإن كان له ولد٢٥.
٢. ومن طريق إسماعيل بن إسحاق٢٦، نا علي بن عبد الله – هو ابن المديني٢٧ – حدثني سفيان – هو ابن عيينة٢٨ – حدثني مصعب بن عبد الله ابن الزبرقان٢٩، عن أبي مليكة٣٠، عن ابن عباس، قال : أمر ليس في كتاب الله تعالى، ولا في قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وستجدونه في الناس كلهم :
ميراث الأخت مع البنت٣١.
قال أبو محمد : هذا يريك أن ابن عباس لم ير ما فشا في الناس واشتهر بينهم حجة، وأنه لم ير القول به إذا لم يكن في القرآن ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
٣. وروينا من طريق شعبة٣٢ وسفيان٣٣ عن أبي قيس الأودي – هو عبد الرحمن بن ثروان٣٤ – عن الهزيل بن شرحبيل٣٥ قال : سئل أبو موسى٣٦ عن ابنة وابنة ابن وأخت ؟ فقال : للابنة النصف، وللأخت النصف – فسئل ابن مسعود، وأخبر بقول أبي موسى ؟ فقال : لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين، أقضي فيها بما قضى النبي صلى الله عليه وسلم للابنة النصف، ولابنة الابن السدس تكلمة الثلثين، وما بقي فللأخت٣٧.
قال : وتكلم أصحابنا في أبي قيس.
قال علي : أبو قيس ثقة ما نعلم أحدا جرحه بجرحه تجب إسقاط روايته، فالواجب الأخذ بما روى – وبحديث ابن عباس المسند الذي ذكرنا، فوجب بذلك إذا كان للميت عاصب أن يكون ما فضل من فريضة الابنة، أو البنتين، أو بنت الابن، أو بنتي الابن للعصبة، لأنه أولى رجل ذكر، وليست الأخت ههنا من أصحاب الفرائض الذين أمرنا بإلحاق فرائضهم بهم – وهذا واضح لا إشكال فيه.
فإن لم يكن للميت رجل عاصب أصلا أخذنا بحدث أبي قيس وجعلنا الأخت عصبة كما في نصه، ولم نخالف شيئا من النصوص، والمعتق ومن تناسل منه من الذكور، أو عصبته الذكور هم بلا شك من الرجال الذكور، فهم أولى من الأخوات إذا كان للميت ابنة أو ابنة ابن٣٨.
[ ٢٩ ] المسألة السابعة : في ميراث الأخ والأخت الأشقاء أو لأب.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى – مسألة : والأخ، والأخت الأشقاء أو لأب فقط فصاعدا، للذكر مثل حظ الأنثيين وهذا بنص القرآن، وإجماع متيقن٣٩.
[ ٣٠ ] المسألة الثامنة : في ميراث الأخ الشقيق فأكثر والأخت الشقيقة فأكثر مع الأخ لأب.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى – مسألة : فإن كان أخ شقيق واحد فأكثر، ومعه أخت شقيقة فأكثر، أو لا أخت معه لم يرث ههنا الأخ للأب ولا الأخت للأب شيئا.
وهذا نص قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر " ٤٠.
وإجماع متيقن أيضا، والأقرب بالأم وقد استويا في الأب أولى ممن لم يقرب بالأم بضرورة الحس٤١.
[ ٣١ ] المسألة التاسعة : في ميراث الأخت الشقيقة مع الإخوة والأخوات لأب.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى – مسألة : ولو ترك أختا شقيقة، وإخوة وأخوات لأب، فللشقيقة النصف، وما بقي بين الإخوة والأخوات للأب، ما لم يتجاوز ما يجب للأخوات السدس، ولا يزدن على السدس أصلا، ويكون الباقي للذكر وحده.
فإن كانتا شقيقتين، وأختا أو أخوات لأب، وأخا لأب، فالثلثان للشقيقتين، والباقي للأخ الذكر، ولا شيء للأخت للأب، ولا للأخوات للأب.
١. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألحقوا الفرائض بأصحابها، فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر " ٤٢، والفرائض في هذه المسألة إنما هو النصف للشقيقة، أو الثلثان للشقيقتين، أو النصف للشقيقة، والسدس للتي للأب، أو اللواتي للأب فقط، فصح أن الباقي لأولى رجل ذكر.
٢. روينا من طريق سعيد بن منصور٤٣، نا أبو شهاب٤٤، عن الأعمش٤٥، عن أبي الضحى – هو مسلم بن صبيح٤٦ - عن مسروق بن الأجدع٤٧، قال : كان ابن مسعود يقول في أخوات لأب وأم، وإخوة وأخوات لأب : للأخوات من الأب والأم الثلثان، وسائر المال للذكور دون الإناث٤٨.
٣. وبه إلى سعيد٤٩، نا أبو معاوية٥٠، نا الأعمش٥١، عن إبراهيم٥٢ عن مسروق٥٣ : أنه كان ياخذ بقول عبد الله في أخوات لأب وأم، فجعل ما بقي من الثلثين للذكور دون الإناث، فخرج إلى المدينة، فجاء وهو يرى أن يشرك بينهم، فقال له علقمة٥٤ : ما ردك عن قول عبد الله، ألقبت أحدا هو أثبت في نفسك منه ؟ قال : لا، ولكن لقيت زيد بن ثابت٥٥ فوجدته من الراسخين في العلم٥٦.
٤. ومن طريق وكيع٥٧، نا سفيان٥٨، عن معبد بن خالد٥٩، عن مسروق٦٠، عن عبد الله بن مسعود : أنه قال في أختين لأب وأم وإخوة وأخوات لأب، أن للبنتين للأب والأم الثلثين، فما بقي فللذكور دون الإناث، وأن عائشة شركت بينهم، فجعلت ما بقي بعد الثلثين للذكر مثل حظ الأنثيين٦١.
٥. ومن طريق وكيع، عن سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم النخعي قال : قال مسروق٦٢ رأيت بن ثابت وأهل المدينة يشركون بينهم، قال الأعمش، وكان ابن مسعود يقول في أخت لأب وأم، وإخوة لأب، لهذه النصف، ثم ينظر، أصابها أقل من السدس، قاسم بها – وكان غيره من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يقولون : لهذه النصف، وما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين٦٣ ٦٤.
[ ٣٢ ] المسألة العاشرة : في ميراث الأخت الشقيقة والأخ لأب فأكثر :
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
مسألة : ومن ترك أختا شقيقة، وأخا لأب، أو إخوة ذكورا لأب، فللشقيقة النصف، وللأخ لأب، أو لأخوة من الأب، ما بقي. وهذا إجماع متيقن ونص القرآن والسنة.
فإن ترك أختين شقيقتين فصاعدا وأخا، أو إخوة لأب، فللشقيقتين فصاعدا الثلثان وما بقي فللأخ أو الإخوة لأب٦٥.
[ ٣٣ ] المسألة الحادية عشر : في ميراث الأخ الشقيق أو الأب مع الابن أو الأب :
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - : واتفقوا أن الأخ الشقيق أو الأخ لأب، يرث إذا لم يكن هنالك ابن ذكر، ولا ابن ابن كما ذكرنا وإن سفل، ولا أب ولا جد من قبل الأب كما ذكرنا وإن علا٦٦.
[ ٣٤ ] المسألة الثانية عشرة : الأصل في ميراث الإخوة والأخوات :
قال أبو محمد – رحمه الله - : إن الله تعالى لم يذكر في القرآن ميراث الإخوة ألبتة، ولا ميراث الأخوات إلا في آيتي الكلالة، فوجب ضرورة بنص القرآن ألا يرث أخ، ولا أخت إلا ف
٢ إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم البلخي المستملي، راوي الصحيح عن الفربري، حدث عنه أبو ذر عبد بن أحمد، وعبد الرحمن بن عبد الله بن خالد الهمداني، وأحمد بن محمد البلخي، وكان سماعه للصحيح في سنة ٣١٤ هـ، قال أبو ذر: كان من الحافظين المتقنين ببلخ، توفي سنة ٣٧٦ هـ. انظر: الذهبي، السير (١٦/٤٩٢)..
٣ محمد بن يوسف بن واقد بن عثمان، الضبي مولاهم، الفريابي، نزيل قيسارية من ساحل الشام، ثقة فاضل، يقال أخطأ في شيء من حديث سفيان، وهو مقدم فيه مع ذلك عندهم على عبد الرزاق، روى له الجماعة. توفي سنة ٢١٢ هـ. انظر: ابن حجر، التقريب ص ٩١١، الذهبي، تذكرة الحفاظ (١/٣٧٦).
بقية رجال الإسناد هم رجال الصحيح وكلهم عدول..
٤ أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب التفسير، باب ﴿براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين﴾ حديث رقم ٤٦٥٤، وفي كتاب التفسير، باب ﴿يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة﴾ إلى قوله ﴿إن لم يكن لها ولد﴾، حديث ٤٦٠، ومسلم في صحيحه في كتاب الفرائض، باب آخر آية أنزلت آية الكلالة حديث ١١/١٦١٨، وأبو داود في سننه، كتاب الفرائض، باب من كان ليس له ولد وله أخوات، حديث رقم ٢٨٨٥، والنسائي في الكبرى كتاب الفرائض، باب ميراث الأخوات على انفرادهن حديث رقم ٦٣٢٦، كلهم من طريق شعبة بن الحجاج عن أبي إسحاق به.
وأخرجه البخاري أيضا في صحيحه، في كتاب المغازي، باب حج أبي بكر بالناس سنة تسع، حديث رقم ٤٣٦٤، وفي كتاب الفرائض، باب يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة، حديث رقم ٦٧٤٤، ومسلم في كتاب الفرائض، باب آخر آية أنزلت آية الكلالة حديث رقم ١٢/١٦١٨، والنسائي في كتاب الفرائض، باب ميراث الأخوات على انفرادهن، حديث رقم ٦٣٢٧، والطبري في تفسيره (٩/٤٣٣)، رقم ١٠٨٧٠ – ١٠٨٧١، ١٠٨٧٣، والبيهقي في سننه ٩/٢٦٩ رقم ١٢٥٢٤، وفي الدلائل ٧/١٣٦، والبغوي في تفسيره (٥/٣٦٦). والواحدي في أسباب النزول ص ١٩٠، من طرق عن أبي إسحاق عن البراء به.
وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الفرائض باب آخر آية أنزلت آية الكلالة. حديث ١٣/١٦١٨، والترمذي في جامعه، كتاب التفسير، باب ومن سورة النساء، حديث ٣٠٤١. والطبري في تفسيره (٩/٤٣٣)، رقم ١٠٨٧٢، كلهم من طريق مالك بن مغول عن أبي السفر سعيد بن يحمد عن البراء به..
٥ الإحكام ص ٨٠٥..
٦ أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر بن دينار، أبو عبد الرحمن النسائي، الحافظ، صاحب السنن، توفي سنة ٣٠٣ هـ. انظر: ابن حجر، التقريب ص ٩١..
٧ إسماعيل بن مسعود الجحدري، يكنى أبا مسعود، ثقة، روى عن بشر بن المفضل وخالد بن الحارث، وغيرهما، وعنه النسائي والطبري وجماعة، توفي سنة ٢٤٨ هـ. انظر: ابن حجر، تهذيب التهذيب (١/٢٩٨)، التقريب ص ١٤٤..
٨ خالد بن الحارث بن عبيد بن سليم الهجيمي، أبو عثمان البصري، ثقة ثبت، يقال له خالد الصدق، روى عن حميد الطويل، وهشام الدستوائي وغيرهما، وعنه علي بن المديني، ومسدد، وغيرهما، توفي سنة ١٨٦ هـ. انظر: ابن حجر، التهذيب (٣/٧٦)، والتقريب، ص ٢٨٤..
٩ هشام بن أبي عبد الله سنبر، أبو بكر البصري، الدستوائي، ثقة ثبت وقد رمي بالقدر، روى عن قتادة وأبي الزبير وعنه شعبة، وخالد بن الحارث، توفي سنة ١٥٤ هـ. انظر: ابن حجر، التهذيب (١/٤٠) التقريب ص ١٠٢٢..
١٠ أبو الزبير محمد بن تدرس، الأسدي مولاهم، أبو الزبير المكي، صدوق إلا أنه يدلس، روى عن عائشة، وجابر – رضي الله عنهما – وغيرهما، وعنه عطاء والدستوائي وجماعة، توفي سنة ١٢٦ هـ. انظر: البخاري، التاريخ الكبير (١/٢٢١)، ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل (٨/٧٤)، ابن حجر، التهذيب (٩/٣٨١)، التقريب ص ٨٩٥، طبقات المدلسين (ص ١٠٨)..
١١ جابر بن عبد الله بن عمر بن حرام، الأنصاري، ثم السلمي، صحابي ابن صحابي، غزا تسع عشرة غزوة، توفي بالمدينة بعد السبعين. انظر: ابن حجر، التقريب ص ١٩٢..
١٢ تخريج الحديث: أخرجه النسائي في الكبرى، كتاب الفرائض، باب ميراث الأخوات على انفرادهن، حديث رقم ٦٣٢٤ بلفظه، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (٢/٣٧٢)، والنسائي في الكبرى، كتاب الفرائض، باب ميراث الأخوات على انفرادهن، حديث رقم ٦٣٢٥، والطبري في تفسيره (٩/٤٣١) برقم ١٠٨٦٧، ١٠٨٦٨، والبيهقي في سننه (٩/٢٨٧) رقم ١٢٥٨٠، والواحدي في أسباب النزول رقم ٣٧٨، كلهم من طريق هشام الدستوائي عن أبي الزبير به، بزيادة: قال أحسن، قال: الشطر، قال أحسن، ثم خرج وتركني، إلا الطبري لم يذكرا الشطر. وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود (٢/٢١٧): صحيح.
الحكم على الإسناد: صحيح لغيره، في إسناده أبو الزبير مدلس، لكن تابعه محمد بن المنكدر عن جابر، وحديثه في الصحيحين، والحديث صحيح من طرق أخرى..
١٣ المحلى (١٠/١٤٨)..
١٤ المحلى (١٠/١٥٨، ١٨٢)، وانظر : مراتب الإجماع ١٧٥..
١٥ سورة النساء، من الآية (١٧٦)..
١٦ سبق دراسة الإسناد وتخريج الحديث في المسألة رقم (٢٤)..
١٧ المحلى (١٠/١٤٧، ١٤٨)..
١٨ المحلى (١٠/١٤٨. ١٤٩، ١٥٩)..
١٩ عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري مولاهم، أبو بكر الصنعاني، ثقة حافظ، مصنف شهير، عمي في آخر عمره فتغير وكان يتشيع، روى عن أبيه ومعمر وخلق، وعنه ابن عيينة ووكيع وعدة، توفي سنة ٢١١ هـ. انظر: ابن حجر، التهذيب (٦/٢٧٥)، التقريب، ص ٦٠٧..
٢٠ معمر بن راشد الأزدي مولاهم، أبو عروة البصري، نزيل اليمن، ثقة ثبت فاضل إلا أن في روايته عن ثابت والأعمش، وعاصم بن أبي النجود وهشام بن عروة شيئا، وكذا فيما حدث به بالبصرة، روى عن قتادة والزهري، وآخرين، وعنه ابن عيينة وعبد الرزاق وعدة، توفي سنة ١٥٤ هـ. انظر: ابن حجرـ التهذيب (١٠/٢١٩)، التقريب، ص ٩٦١..
٢١ محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب، القرشي، الزهري، متفق على جلالته، وإتقانه وثبته، تقدم..
٢٢ أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، المدني، قيل: اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل. ثقة مكثر، روى عن أبيه، وعثمان بن عفان، وابن عباس، وعنه الزهري، والشعبي وعدة، توفي سنة ٢٩٤ هـ. انظر: ابن حجر، التهذيب (١٢/١٠٣)، التقريب، ص ١١٥٥..
٢٣ عبد الله بن طاوس بن كيسان اليماني، أبو محمد، ثقة فاضل عابد، روى عن أبيه وعطاء وغيرهما، وعنه إبناه طاوس ومحمد ومعمر وعدة، انظر: ابن حجر، التهذيب (٥/٢٣٨). التقريب، ص ٥١٦..
٢٤ سورة النساء، من الآية (١٧٦)..
٢٥ أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (١٠/٢٥٤، ٢٥٥)، وسنده صحيح، والحاكم في المستدرك (٢/٣٣٩)، رقم ٣٢٠، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه البيهقي في السنن (٦/٢٣٣) رقم ١٢١٠٩.
الحكم على الإسناد: صحيح، رواته كلهم ثقات..
٢٦ إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد الأزدي، سمع من حجاج بن منهال – وسليمان بن حرب، وعلي بن المديني، قال الخطيب البغدادي: كان عالما متقنا فقيها، له كتاب أحكام القرآن، ومعاني القرآن، وكتاب في القراءات، توفي سنة ٢٨٢ هـ. انظر: الخطيب، تاريخ بغداد (٦/٢٨٤)، الذهبي، السير (١٣/٣٣٩)..
٢٧ علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي مولاهم، أبو الحسن ابن المديني، البصري، ثقة ثبت إمام، أعلم أهل عصره بالحديث وعلله، حتى قال البخاري: ما استصغرت نفسي إلا عند علي ابن المديني، وقال فيه شيخه ابن عيينة: كنت أتعلم منه أكثر مما يتعلم مني، وقال النسائي: كأن الله خلقه للحديث، عابوا عليه إجابته في المحنة، لكنه تنصل وتاب واعتذر بأنه كان خاف على نفسه، توفي سنة ٢٣٤ هـ على الصحيح. انظر: ابن حجر، التقريب ص ٦٩٩..
٢٨ سفيان بن عيينة، ثقة حافظ فقيه، إمام، حجة، إلا أنه تغير حفظه بأخرة، وكان ربما دلس لكن عن الثقات، وكان أثبت الناس في محمد بن دينار، تقدم..
٢٩ مصعب بن عبد الله بن الزبرقان، يروى عن أبي مليكة عن ابن عباس، لم أجد من ذكره غير ابن حبان في الثقات (٧/٤٧٩)، وذكر روايته الأثر المذكور عن أبي مليكة عن ابن عباس..
٣٠ زهير بن عبد الله بن جدعان، أبو مليكة، المدني، صحابي، له في الكتابين حديث عن أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – وهو من رهطه. انظر: ابن حجر، التقريب ص ٣٤١..
٣١ أخرجه الحاكم في المستدرك (٤/٣٣٧)، وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
الحكم على الإسناد: فيه مصعب بن الزبرقان لم أجد من وثقه إلا ابن حبان، وبقية رجاله ثقات..
٣٢ شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي مولاهم، أبو بسطام الواسطي، ثم البصري، ثقة حافظ متقن، كان الثوري يقول هو أمير المؤمنين في الحديث، وهو أول من فتش بالعراق عن الرجال وذب عن السنة وكان عابدا. روى له الجماعة، توفي سنة ١٦٠ هـ. انظر: ابن حجر، التقريب ص ٤٣٦..
٣٣ سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، أبو عبد الله الكوفي، ثقة حافظ، فقيه عابد، إمام حجة، وكان ربما دلس، توفي ١٦١ هـ. انظر: ابن حجر، التقريب ص ٣٩٤..
٣٤ عبد الرحمن بن ثروان، بمثلثة مفتوحة وراء ساكنة، أبو قيس الأودي، الكوفي، صدوق ربما خالف، روى عن هزيل بن شرحبيل، وعكرمة، وجماعة. وعنه شعبة والثوري، وعدة، أخرج له البخاري والأربعة. توفي سنة ١٢٠ هـ. انظر: ابن حجر، التهذيب (٦/١٣٩)، التقريب ص ٥٧٣..
٣٥ هزيل، بالتصغير، ابن شرحبيل الأودي، الكوفي، ثقة، مخضرم، روى على علي وابن مسعود وغيرهما، وعنه أبو قيس عبد الرحمن بن ثرون وعدة، توفي قبل المائة. انظر: ابن حجر، التهذيب (١١/٣٠)، التقريب ص ١٠٢٠..
٣٦ عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار، بفتح المهملة، وتشديد الضاد المعجمة، أبو موسى الأشعري، صحابي مشهور، أمره عمر ثم عثمان، وهو أحد الحكمين بصفين، توفي سنة ٥٠ هـ وقيل بعدها. انظر: ابن الأثير، أسد الغابة (٣/٦٢) ابن حجر، التقريب ص ٥٣٦..
٣٧ أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الفرائض، باب ميراث ابنة ابن مع ابنة، حديث رقم ٦٧٣٦ وفي باب ميراث الأخوات مع البنات عصبة، حديث رقم ٦٧٤٢، وسعيد بن منصور في سننه حديث رقم ٢٩، ورقم ١١٦، والجصاص في أحكام القرآن (٢/١٠٨)، وابن عبد البر في الاستذكرا، حديث رقم ٢٢٥٠٣. وانظر: سفيان بن سعيد الثوري، كتاب الفرائض، الطبعة الأولى، تحقيق، عبد العزيز بن عبد الله الهليل (الرياض: دار العاصمة للنشر ١٤١٠ هـ)، ج ١ ص ٢٧، رقم ١١٦.
الحكم على الإسناد: صحيح، رجاله رجال الصحيح..
٣٨ المحلى (١٠/٤٩، ١٥٠) باختصار وتصرف..
٣٩ المحلى (١٠/١٥٨)..
٤٠ الحديث بهذا اللفظ أخرجه البيهقي في سننه، كتاب الفرائض، باب ترتيب العصبة، حديث ١٢٦٢٨، من طريق وهيب عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ألحقوا المال بالفرائض، فما أبقت فلأولى رجل ذكر" وهو مخرج في الصحيحين بلفظ مقارب، وقد سبق تخريجه، ص ٢٤٦..
٤١ المحلى (١٠/١٥٨)..
٤٢ سبق تخريجه، ص ٢٤٦..
٤٣ سعيد بن منصور بن شعبة، أبو عثمان الخراساني، نزيل مكة، ثقة مصنف، وكان لا يرجع عما في كتابه لشدة وثوقه به، روى عن مالك، وأبي شهاب عبج ربه وجماعة، وعنه مسلم، وأبو داود وطائفة، توفي سنة ٢٢٧ هـ. انظر: ابن حجر، التهذيب (٤/٧٩)، التقريب ص ٣٨٩..
٤٤ عبد ربه بن نافع الكناني الحناط، بمهملة ونون، نزيل المدائن، أبو شهاب الأصفر، صدوق يهم. أخرج له الجماعة، إلا الترمذي، روى عن الأعمش وشعبة، وغيرهما، وعنه يحيى بن آدم. ومحمد بن الصلت، توفي سنة ١٧١ هـ، وقيل ١٧٢ هـ. انظر: ابن حجر، التهذيب (٦/١١٨)، التقريب، ص ٥٦٨..
٤٥ سليمان بن مهران الأسدي، الكاهلي، أبو محمد الكوفي الأعمش، ثقة حافظ، عارف بالقراءة، ورع لكنه يدلس، أخرج له الجماعة، روى عن أبي الضحى، وإبراهيم النخعي، وعدة، وعنه شيبان النحوي، وأبو شهاب الحناط وآخرون. انظر: ابن حجر التهذيب (٤/٢٠١)، التقريب ص ٤١٤..
٤٦ مسلم بن صبيح، بالتصغير، الهمداني، أبو الضحى الكوفي العطارن مشهور بكنيته، ثقة فاضل، أخرج له الجماعة، روى عن مسروق بن الأجدع، وعلقمة، وآخرين، وعنه الأعمش، ومنصور ابن المعتمر، وعدة، توفي سنة ١٠٠ هـ انظر: ابن حجر، التهذيب (١٠/١٢٠) التقريب ص ٩٣٩..
٤٧ مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني، الوادعي، أبو عائشة الكوفي، ثقة فقيه عابد، مخضرم، أخرج له الجماعة، روى عن أبي بكر وابن مسعود وجماعة، وعنه أبو الضحى والشعبي، وغيرهما، توفي سنة ٦٢ وقيل ٦٣ هـ. انظر: ابن حجر، التهذيب (١٠/١٠١)، التقريب ص ٩٣٥..
٤٨ تخريجه: أخرجه سعيد بن منصور في سننه (١/٣٩) برقم ١٨ والدارمي، في سننه، في كتاب الفرائض، باب في الأخوة والأخوات والولد وولد الولد، (٢/٣٤٩)، والبيهقي في سننه، كتاب الفرائض، باب ميراث أولاد الابن برقم ١٢٥٧١، وفي باب ميراث الإخوة والأخوات لأب وأم أو لأب برقم ١٢٥٨٢.
الحكم على الإسناد: إسناده متصل ورواته ثقات عدا أبي شهاب، فهو صدوق، يهم، وعلى هذا فهو ضعيف، ويرتقي بالذي بعده للحسن لغيره..
٤٩ سعيد بن منصور، ثقة مصنف، تقدم..
٥٠ شيبان بن عبد الرحمن التميمي مولاهم، النحوي، أبو معاوية البصري، نزيل الكوفة، ثقة، صاحب كتاب يقال إنه منسوب إلى (نحوة) بطن من الأزد لا إلى علم النحو، أخرج له الجماعة، روى عن قتادة، والأعمش وجماعة، وعنه الطيالسي، وعبد الرحمن بن مهدي، وآخرون، توفي سنة ١٦٤ هـ. انظر: ابن حجر، التهذيب (٤/٣٣٩)، التقريب، ص ٤٤١..
٥١ سليمان بن مهران، الأعمش، ثقة حافظ، تقدم..
٥٢ إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي، أبو عمران الكوفي، الفقيه، ثقة إلا أنه يرسل كثيرا، أخرج له الجماعة، روى عن مسروق، وعلقمة، وجماعة، وعنه الأعمش، ومنصور، وخلق، توفي سنة ٩٦ هـ. انظر: ابن حجر، التهذيب (١/١٦٠)، التقريب، ص ١١٨..
٥٣ مسروق بن الأجدع، ثقة فقيه عابد، تقدم..
٥٤ علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي، الكوفي، ثقة ثبت فقيه عابد، أخرج له الجماعة، توفي بعد ٦٠ هـ. انظر: ابن حجر، التقريب ص ٦٨٩..
٥٥ زيد بن ثابت بن الضحاك بن لوذان الأنصاري، النجاري، أبو سعيد وأبو خارجة، صحابي مشهور، كتب الوحي، قال مسروق: كان من الراسخين في العلم، توفي سنة ٤٥ أو ٤٦ هـ وقيل بعد ٥٠ هـ. انظر: ابن حجر، التقريب ٣٥١..
٥٦ أخرجه سعيد بن منصور في سننه بهذا السند (١/٤٠) رقم ١٩، وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه (١٠/٢٥٢) رقم ١٩٠١٣ في كتابه الفرائض، والدارمي في سننه، كتاب الفرائض، باب في الأخوة والأخوات والولد وولد الولد، برقم ٢٨٩١، والبيهقي، في كتاب الفرائض، باب ميراث أولاد الابن، برقم ١٢٥٧٠.
الحكم على الإسناد: صحيح، رواته ثقات..
٥٧ وكيع بن الجراح بن مليح بن عدي، الرؤاسي، بضم الراء وهمزة ثم مهملة، أبو سفيان الكوفي، ثقة، حافظ، عابد، روى عن أبيه وسفيان الثوري وشعبة وخلق، وعنه شيخه سفيان الثوري وجماعة، توفي سنة ١٩٦ هـ. انظر: ابن حجر، التهذيب (١١/١٠٩)، التقريب ص ١٠٣٧..
٥٨ سفيان الثوري، ثقة حافظ فقيه عابد، وقد تقدم..
٥٩ معبد بن خالد بن مرين، براء مصغرا، الجدلي، بجيم ومهملة مفتوحتين، من جديلة قيس، الكوفي، ثقة عابد، روى عن أبيه ومسروق وعدة، وعنه الأعمش، والثوري، وجماعة، توفي سنة ١١٨ هـ. انظر: ابن حجر، التهذيب (١٠/٢٠١)، التقريب ص ٩٥٧..
٦٠ مسروق بن الأجدع، ثقة فقيه عابد، تقدم..
٦١ أخرجه ابن أبي شيبة، في مصنفه كتاب الفرائض، في رجل مات وترك أختيه لأبيه وأمه وإخوة وأخوات لأب، أو ترك ابنته وبنات ابنة وابن ابنة. برقم ٣١٠٧٩ والدارمي في سننه، كتاب الفرائض، باب في الأخوة والأخوات والولد وولد الولد برقم ٢٨٩٣، والبيهقي في سننه، كتاب الفرائض، باب ميراث اولاد الابن برقم ١٢٥٦٩.
الحكم على الإسناد: صحيح، رواته ثقات..
٦٢ جميع رجال الإسناد تقدموا، وكلهم ثقات..
٦٣ أخرجه ابن أبي شيبة، في كتاب الفرائض، في ابنة وابنة ابن وبني ابن وبني أخت لأب وأم وأخ وأخوات لأب، رقم ٣١٠٨٥، بلفظه، والدارمي في سننه، كتاب الفرائض، باب في الأخوة والأخوات والولد وولد الولد برقم ٢٨٩٤، ٢٨٩٥ بنحوه.
الحكم على الإسناد: صحيح..
٦٤ المحلى (١٠/١٥٩، ١٦٠)..
٦٥ المحلى (١٠/١٥٨، ١٥٩)..
٦٦ مراتب الإجماع، ص ١٧٥..