ﰡ
٤٠- قوله تعالى :﴿ وَإِنْ خِفْتُمُ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَمى ﴾ :( روى الأئمة واللفظ لمسلم عن عروة بن الزبير عن عائشة في قول الله تعالى :﴿ وَإِنْ خِفْتُمُ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَمى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ اَلنِّسَاءِ مَثْنى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ ﴾ قالت : يا ابن أختي هي اليتيمة تكون في حجر وليها تشاركه في ماله فيعجبه مالها وجمالها فيريد وليها أن يتزوجها من غير أن يقسط في صداقها فيُعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ويبلغوا بهن أعلى سنتهن من الصداق وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن١ وذكر الحديث.
وقال ابن خويز منداد : ولهذا قلنا إنه يجوز أن يشتري الوصي من مال اليتيم لنفسه، ويبيع من نفسه من غير محاباة وللموكل النظر فيما اشترى وكيلُه لنفسه أو باع منها : وللسلطان النظر فيما يفعله الوصي من ذلك. فأما الأب فليس لأحد عليه نظر ما لم تظهر عليه المحاباة فيعترض عليه السلطان حينئذ )٢.
٢ - الجامع لأحكام القرآن: ٥/١١ - ١٢..
٤١- قوله تعالى :﴿ وَلاَ تُوتُواْ السُّفَهَاءَ امْوَلَكُمْ ﴾ :( قال ابن خويز منداد ؛ وأما الحجر على السفيه فالسفيه له أحوال : حال يحجر عليه لصغره، وحالة لعدم عقله بجنون أو غيره، وحالة لسوء نظره لنفسه في ماله. فأما المغمى عليه فاستحسن مالك ألا يحجر عليه لسرعة زوال ما به. والحجر يكون مرة في حق الإنسان ومرة في حق غيره ؛ فأما المحجور عليه في حق نفسه من ذكرنا والمحجور عليه في حق غيره العبد والمديان١ والمريض في الثلثين، والمفلس وذات الزوج لحق الزوج، والبكر في حق نفسها. فأما الصغير والمجنون فلا خلاف في الحجر عليهما. وأما الكبير فلأنه لا يحسن النظر لنفسه في ماله ولا يؤمن منه إتلاف ما له في غير وجه فأشبه الصبيّ، - وفيه خلاف يأتي - والفرق بين أن يُتلف ماله في المعاصي أو في القرُب والمباحات. واختلف أصحابنا إذا أتلف ماله في القرب ؛ فمنهم من حجر عليه، ومنهم من لم يحجر. والعبد لا خلاف فيه. والمديان ينزع ما بيده لغرمائه ؛ لإجماع الصحابة، وفعل عمر ذلك بأُسَيْفع جهينة٢ ؛ ذكره مالك في الموطأ. والبكر مادامت في الخِدْر محجور عليها ؛ لأنها لا تحسن النظر لنفسها. حتى إذا تزوجت ودخل إليها الناس، وخرجت وبرز وجهها عرفت المضار من المنافع. وأما ذات الزوج فلان رسول صلى الله عليه وسلم قال :( لا يجوز لامرأة ملك زوجُها عصمتها قضاء في مالها إلا في ثلثها٣ )٤.
٢ - قال الزبيدي:» الأُسَيْفع: أسيفع جهينة، مشهور: "ومنه قول عمر" رضي الله عنه ألا إن الأُسَيْفِع: أسيفع جهينة رضي الله من دينه وأمانته بأن يقال: سابق الحاج. فادان معرضا، فأصبح قَدْرِينَ به فمن كان له عليه دين فليعد بالغداة فلنقسم ماله بينهم بالحصص« انظر تاج العروس: ٢١/٢٠٥ - ٢٠٦، والقاموس: ٣/٣٩/ سفع. ولم أقف على ترجمته في كتب التراجم..
٣ -أخرجه ابن ماجة في كتاب الهبات باب عطية المرأة بغير إذن زوجها ٢/٧٩٨ وأحمد في مسنده: ٢/٦٨٥. والنسائي في كتاب العمرة، باب عطية المرأة بغير إذن زوجها. والحاكم في مستدركه، كتاب البيوع: ٢/٤٧. كلهم بطرق مختلفة وبألفاظ متقاربة..
٤ - الجامع لأحكام القرآن: ٥/٢٨ - ٢٩..
٤٢- قوله تعالى :﴿ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الذِينَ مِنَ اَصْلاَبِكُمْ ﴾ :( قال عليه السلام : " لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها " ١ ولم يفصل بين الحلال والحرام وقال عليه السلام : " لا ينظر الله " إلى من كشف قناع امرأة وابنتها " ٢.
قال ابن خويز منداد : ولهذا قلنا إن القبلة وسائر وجوه الاستمتاع ينشر الحرمة )٣.
٢ - لم أقف على هذا الحديث..
٣ - الجامع لأحكام القرآن: ٥/١١٥ وقد أورده القرطبي بعد قوله: »روى الدارقطني من حديث الزهري عن عروة عن عائشة قالت: سئل رسول صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم عن رجل زنى بامرأة فأراد أن يتزوجها أو ابنتها فقال: "لا يحرم الحرام الحلال إنما يحرم ما كان بنكاح". ومن الحجة للقول الآخر إخبارُ النبي صلى الله عليه وسلم عن جُريج وقوله: "يا غلام من أبوك"؟ قال : فلان الراعي. فهذا يدل على أن الزنى يحرم كما يحرم الوطء الحلال؛ فلا تحل أم الزاني بها ولا بناتها لآباء الزاني ولا لأولاده، وهي رواية ابن القاسم في المدونة ويستدل به أيضا على أن المخلوقة من ماء الزاني لا تحل للزاني بأمها، وهو المشهور، قال عليه السلام: »لا ينظر الله إلى رجل... «.
٤٣- ( قال ابن خويز منداد : ولا يجوز أن تحمل الآية على جواز المتْعَة ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة وحرمه، ولأن الله تعالى قال :﴿ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ ﴾ ومعلوم أن النكاح بإذن الأهلين هو النكاح الشرعي بولي وشاهدين، ونكاح المتعة ليس كذلك )١.
٤٤- ( قال ابن خويز منداد : والنشوز يسقط النفقة وجميع الحقوق الزوجية، ويجوز معه أن يضربها الزوج ضرب الأدب غير المبرح، والوعظ والهجر حتى ترجع عن نشوزها، فإذا رجعت عادت حقوقها، وكذلك كل ما اقتضى الأدب فجائز للزوج تأديبها. ويختلف الحال في أدب الرفيعة والدنيئة، فأدب الرفيعة العَذْل١ وأدب الدنيئة السوط. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " رحم الله امرأ علق سوطه وأدب أهله " ٢ وقال : " إن أبا جهم لا يضع عصاه عن عاتقه " ٣ )٤.
٢ - أخرجه ابن عدي في الكامل في الضعفاء: ٣/٣٣٦، بنحوه وانظر، كنز العمال ١٦/٣١٧..
٣ - هذا بعض من حديث أخرجه الإمام مسلم في كتاب الطلاق، باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها، ٢/١١١٤حديث رقم: ١٤٨٠، والحديث بكامله، عن فاطمة بنت قيس، أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة، وهو غائب، فأرسل إليها وكيلة بشعير فسخطته، فقال: والله مالك علينا من شيء فجاءت رسول صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: »ليس لك عليه نفقة« فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال: »تلك امرأة يغشاها أصحابي اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعيف ثيابك فإذا حللت فآذنيني« قالت: فلما حللت ذكرت له؛ أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني. فقال رسول صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم :»أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه وأما معاوية فصعلوك لا مال له انكحي أسامة بن زيد« فكرهته ثم قال: »انكحي أسامة« فنكحته فجعل الله فيه خيرا. واغتبطت..
٤ - الجامع لأحكام القرآن: ٥/١٧٤..
٤٥- قوله تعالى :﴿ صَعِيدًا طَيِّبًا ﴾ :( قال ابن خويز منداد : ويجوز عند مالك التيمم على الحشيش إذا كان دون الأرض، واختلف عنه في التيمم على الثلج ففي المدونة والمبسوط جوازه، وفي غيرهما منعه )١.
٤٦- ( قال ابن خويز منداد : وأما طاعة السلطان فتجب فيما كان لله فيه طاعة، ولا تجب فيما كان لله فيه معصية ؛ ولذلك قلنا : إن ولاة زماننا لا تجوز طاعتهم ولا معاونتهم ولا تعظيمهم، ويجب الغزو معهم متى غزوا، والحُكْم من قِبَلهم، وتولية الإمامة والحِسبة ؛ وإقامة ذلك على وجه الشريعة. وإن صَلَّواْ بنا وكانوا فسقة من جهة المعاصي جازت الصلاة١ معهم، وإن كانوا مُبْتَدِعة لم تجز الصلاة معهم إلا أن يخافوا فيصلّى معهم تقية وتعاد الصلاة )٢.
٢ - الجامع لأحكام القرآن: ٥/٢٥٩ وقد أورده القرطبي بعد قوله: »قال سهل بن عبد الله التستري: أطيعوا السلطان في سبعة: ضرب الدراهم والدنانير والمكاييل والأوزان والأحكام والحج والجمعة والعيدين والجهاد. قال سهل: وإذا نهى السلطان العالِمَ أن يفتي فليس له أن يفتي؛ فإن أفتى فهو عاص وإن كان أميرا جائرا وقال ابن خويز منداد: وأما طاعة السلطان... «..
٤٧- ( ذكر ابن خويز منداد : وقيل إن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى :﴿ اِنفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً ﴾١ وبقوله :﴿ إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ ﴾٢ ؛ ولأن يكون ﴿ اِنفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً ﴾٣ منسوخا بقوله :﴿ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ اَوِ اِنفِرُواْ جَمِيعًا ﴾٤ وبقوله :﴿ وَمَا كَانَ اَلْمُؤمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَافَّةً ﴾٥ أولى لأن فرض الجهاد تقرر على الكفاية، فمتى سَدَّ الثغور بعضُ المسلمين أسقط الفرض عن الباقين )٦.
٢ - التوبة: ٣٩..
٣ - التوبة: ٤١..
٤ - النساء: ٧٠..
٥ - التوبة: ١٢٣..
٦ - الجامع لأحكام القرآن: ٥/٢٧٥. وإثره قال القرطبي معقبا: »والصحيح أن الآيتين جميعا محكمتان، إحداهما في الوقت الذي يحتاج فيه إلى تعيين الجميع، والأخرى عند الاكفتاء بطائفة دون غيرها«..
٤٨- قوله تعالى :﴿ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ اِلَى أَهْلِهِ ﴾ : قال القرطبي :( قال مالك والأوزاعي١ والحسن بن حيّ٢ وأبو حينفة وأصحابه في الفارسين يصطدمان فيموتان : على كل واحد منهما دية الآخر على عاقلته. قال ابن خويز منداد. وكذلك عندنا السفينتان يصطدمان إذا لم يكن النوتيّ٣ صرف السفينة ولا الفارس صرف الفرس. وروي عن مالك في السفينتين والفارِسَيْن على كل واحد منهما الضمان لقيمة ما أتلف لصاحبه كاملا )٤.
٢ - هو أبو عبد الله الهمداني: الحسن بن صالح الثوري الكوفي، الفقيه العابد، روى عن أبيه وسلمة بن كهيل وعبد الله بن دينار، وسماك بن حرب وعنه ابن المبارك، وأبو نعيم كان ثقة (ت ١٦٩هـ). انظر عنه: ميزان الاعتدال: ١/٤٩٦ – ٤٩٩، وسير أعلام النبلاء: ٧/٣٦١ – ٣٧١، وشذرات الذهب: ١/٢٦٢ – ٢٦٣. .
٣ - قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة/نوت: "النون والتاء ليس عندي أصلا. على أنهم يقولون نات ينوت وينيت: إذا تمايل من ضعف، فإن صح هذا فلعل النوتيَّ وهو الملاح منه"..
٤ - الجامع لأحكام القرآن: ٥/٣٢٦..
٤٩- قوله تعالى :﴿ وَإِنِ اِمْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا اَوِ اِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَّصَّلَحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ﴾ : قال القرطبي :( وقد يجوز أن تصالح إحداهن صاحبتها عن يومها بشيء تعطيها كما فعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وذلك أن رسول صلى الله عليه وسلم كان غضب على صفية، فقالت لعائشة : أصلحي بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وهبت يومي لك. ذكره ابن خويز منداد في أحكامه عن عائشة قالت : وجد رسول صلى الله عليه وسلم على صفية في شيء فقالت لي صفية : هل لك أن ترضي رسول صلى الله عليه وسلم عني ولك يومي ؟ قالت : فلبست خمارا كان عندي مصبوغا بزعفران ونضحته ثم جئت فجلست إلى جنب رسول صلى الله عليه وسلم فقال : " إليك عني فإنه ليس بيومك " فقلت : ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وأخبرته الخبر، فرضي عنها١ ) ٢.
٢ - الجامع لأحكام القرآن: ٥/٤٠٥. وفيه بعد هذا الكلام: "وفيه أن ترك التسوية بين النساء وتفضيل بعضهن على بعض لا يجوز إلا بإذن المفضولة ورضاها" ولم أستطع الترجيح بين أن تكون هذه الزيادة من كلام ابن خويز منداد أو من كلام القرطبي..