ﰡ
أحدها : لم يكونوا منتهين عن الشرك ﴿ حتى تأتيهم البَيِّنَةُ ﴾ حتى يتبين لهم الحق. وهذا قول ثان : لم يزالوا مقيمين على الشرك والريبة حتى تأتيهم البينة، يعنى الرسل، قاله الربيع.
الثالث : لم يفترقوا ولم يختلفوا أن الله سيبعث إليهم رسولاً حتى بعث الله محمداً ﷺ وتفرقوا، فمنهم من آمن بربه، ومنهم من كفر، قاله ابن عيسى.
الرابع : لم يكونوا ليتركوا منفكين من حجج الله تعالى، حتى تأتيهم البينة التي تقوم بها عليهم الحجة، قال امرؤ القيس :
إذا قُلْتُ أَنْفَكَّ مِن حُبّها | أبى عالقُ الحُبِّ إلا لُزوما |
أحدها : القرآن، قاله قتادة.
الثاني : الرسول الذي بانت فيه دلائل النبوة.
الثالث : بيان الحق وظهور الحجج.
وفي قراءة أبيّ بن كعب : ما كان الذي كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين، وفي قراءة ابن مسعود : لم يكن المشركون وأهل الكتاب منفكين.
﴿ رسولٌ مِن الله ﴾ يعني محمداً.
﴿ يَتْلُواْ صُحُفاً مُطَهّرَةً ﴾ يعني القرآن.
ويحتمل ثانياً : يتعقب بنبوته نزول الصحف المطهرة على الأنبياء قبله. وفي ﴿ مطهرة ﴾ وجهان :
أحدهما : من الشرك، قاله عكرمة.
الثاني : مطهرة الحكم بحسن الذكر والثناء، قاله قتادة.
ويحتمل ثالثاً : لنزولها من عند الله.
﴿ فيها كُتُبٌ قَيِّمةٌ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : يعني كتب الله المستقيمة التي جاء القرآن بذكرها، وثبت فيه صدقها، حكاه ابن عيسى.
الثاني : يعني فروض الله العادلة، قاله السدي.
﴿ وما تَفَرَّقَ الّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ ﴾ يعني اليهود والنصارى.
﴿ إلاّ مِن بَعْدِ ما جاءتْهم البْيِّنَةُ ﴾ فيه قولان :
احدهما : القرآن، قاله أبو العالية.
الثاني : محمد ﷺ، قاله ابن شجرة.
ويحتمل ثالثاً : البينة ما في كتبهم من صحة نبوته.
﴿ وما أُمِروا إلاّ ليَعْبُدوا الله مُخْلِصينَ له الدِّينَ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : مُقِرِّين له بالعبادة.
الثاني : ناوين بقلوبهم وجه الله تعالى في عبادتهم.
الثالث : إذا قال لا إله إلا الله أن يقول على أثرها « الحمد لله »، قاله ابن جرير.
ويحتمل رابعاً : إلا ليخلصوا دينهم في الإقرار بنبوته.
﴿ حُنفاءَ ﴾ فيه ستة أوجه :
أحدها : متبعين.
الثاني : مستقيمين، قاله محمد بن كعب.
الثالث : مخلصين، قاله خصيف.
الرابع : مسلمين، قاله الضحاك، وقال الشاعر :
أخليفة الرحمنِ إنا مَعْشرٌ | حُنفاءُ نسجُدُ بُكرةً وأصيلاً |
السادس : أنهم المؤمنون بالرسل كلهم، قاله أبو قلابة.
﴿ ويُقيموا الصّلاةَ ويُؤْتُوا الزّكاةَ وذلكَ دينُ القَيِّمَةِ ﴾ وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : معناه وذلك دين الأمة المستقيمة.
الثاني : وذلك دين القضاء القيم، قاله ابن عباس.
الثالث : وذلك الحساب المبين، قاله مقاتل.
ويحتمل رابعاً : وذلك دين من قام لله بحقه.
﴿ إِنَّ الذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكتاب والمشركين فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أولئك هُمْ شَرُّ البرية * إِنَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات أولئك هُمْ خَيْرُ البرية * جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الأنهار خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً رِّضِىَ الله عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ﴾