تفسير سورة الماعون

صفوة البيان لمعاني القرآن
تفسير سورة سورة الماعون من كتاب صفوة البيان لمعاني القرآن .
لمؤلفه حسنين مخلوف . المتوفي سنة 1410 هـ
مكية، وآياتها سبع.
بسم الله الرحمان الرحيم
أرأيت الذي يكذب بالدين ( ١ ) فذلك الذي يدع اليتيم ( ٢ ) ولا يحض على طعام المسكين ( ٣ ) فويل للمصلين ( ٤ ) الذين هم عن صلاتهم ساهون ( ٥ ) الذين هم يراءون ( ٦ ) ويمنعون الماعون ( ٧ )
وتسمى سورة الدين، وأرأيت.

﴿ أرأيت الذي يكذب بالدين ﴾ أي أعرفت الذي يكذب بالجزاء ؟ أو أخبرني عن المكذب بالجزاء أو بالإسلام من هو ! ؟ وتتعدى الرؤية إلى مفعولين : أولهما الموصول، وثانيهما الجملة الاستفهامية المحذوفة. والاستفهام للتشويق إلى معرفته ؛ وفيه تعجيب من أمره. والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم، أو لكل من يصلح له ؛ وقد بينه الله تعالى بقوله :﴿ فذلك الذي يدع اليتيم ﴾
﴿ فذلك الذي يدع اليتيم ﴾ أي إن أردت أن تعرف هذا المكذب بالدين فذلك هو الذي شأنه وديدنه أن يدفع اليتيم دفعا عنيفا، ويزجره زجرا قبيحا عن حقه وماله ؛ من الدع، وهو الدفع الشديد. وأصله أن يقال للعائر : دع دع ؛ كما يقال له : لم.
﴿ ولا يحض ﴾ أي ولا يحث أهله وغيرهم من الموسرين. ﴿ على طعام المسكين ﴾ أي على بذل الطعام إليه لشدة حرصه ؛ والذي لا يحث غيره على ذلك لا يطعمه في العادة.
﴿ فويل للمصلين ﴾ أي فهلاك وعذاب لمن جمع هذه الخلال الثلاث، بعد ما ذكر من دع اليتيم والبخل بإطعام المسكين.
الأولى : السهو عن الصلاة، بمعنى الغفلة عنها، وعدم المبالاة بها ؛ وذلك بتركها أو بتأخيرها عن أوقاتها، أو بالإخلال بأركانها. وعن ابن عباس : هم المنافقون، يتركون الصلاة إذا غابوا عن الناس، ويصلونها في العلانية إذا حضروا معهم. وقيل : هم الذين لا يرجون لها ثوابا إن صلوا، ولا يخافون عليها عقابا إن تركوا. والثانية : المراءاة بالأعمال طلبا للثناء والمدحة. والثالثة : ما أشير إليه بقوله تعالى :﴿ ويمنعون الماعون ﴾
﴿ ويمنعون الماعون ﴾ أي يمنعون عن الناس المعروف كله، أو ما يتعاورونه بينهم من أمتعة البيوت ؛ كالملح والماء، والقدر، والفأس، والأواني، ونحو ذلك. وهو يختلف باختلاف الزمان والمكان. ثم المنع يكون محظورا إذا استعير عن اضطرار، وقبيحا في المروءة إذا كان عن غير اضطرار. والمراد : الزجر عن البخل بهذه الأشياء القليلة الحقيرة. والماعون : اسم مفعول ؛ من أعان يعين. والعون : هو الإمداد بالقوة والآلات والأسباب الميسرة للأمر.
والله أعلم.
Icon