تفسير سورة المسد

تفسير العز بن عبد السلام
تفسير سورة سورة المسد من كتاب تفسير العز بن عبد السلام المعروف بـتفسير العز بن عبد السلام .
لمؤلفه عز الدين بن عبد السلام . المتوفي سنة 660 هـ
سورة تبت مكية اتفاقا.
أتى أبو لهب الرسول فقال : ماذا أعطى إن آمنت بك قال : كما يعطى المسلمون قال فما لي فضل قال : وأي شيء تبتغي قال : تباً لهذا من دين أن أكون أنا وهؤلاء سواء. فنزلت أو لما نزلت ﴿ وأنذر عشيرتك ﴾ [ الشعراء : ٢١٤ ] صعد الرسول على الصفا فنادى يا صباحاه فاجتمعوا فقال أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بسفح هذا الجبل يريد أن يغير عليكم صدقتموني قالوا : نعم [ قال ] فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد فقال أبو لهب تباً لك آخر اليوم ما دعوتنا إلا لهذا فنزلت. أو كان إذا وفد على الرسول وفد انطلق إليهم أبو لهب فسألوه عن الرسول فيقول إنه كذاب ساحر فيرجعون عنه ولا يلقونه فأتاه وفد ففعل مثل ذلك فقالوا لا ننصرف حتى نراه ونسمع كلامه فقال أبو لهب إنا لم نزل نعالجه من الجنون فتبًّا له وتعساً فبلغ الرسول فاكتأب له فنزلت.

١ - ﴿تَبَّتْ﴾ خابت " ع " أو ضلت أو [صفرت] من كل خير أو خسرت ﴿يَدَآ﴾ عبر بيديه عن نفسه ﴿ذلك بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ﴾ [الحج: ١٠] أو عن عمله لأن العمل يكون بهما في الأغلب ﴿أَبِى لَهَبٍ﴾ كنوه بذلك لحسنه وتلهب وجنتيه وذكره الله تعالى بكنيته لأنها أشهر من اسمه أو عدل عن اسمه لأنه كان اسمه عبد العزى أو لأن الاسم أشرف من الكنية لأن الكنية إشارة إليه باسم غيره وكذلك دعا الله تعالى أنبياءه بأسمائهم ﴿وَتَبَّ﴾ تأكيد للأول أو قد تب أو تبت يداه بما منعه الله من أذى رسوله [صلى الله عليه وسلم] وتب بماله عند الله تعالى من العقاب أو تب ولد أبي لهب، تبت يداه عن التوحيد " ع " أو من الخيرات.
٢ - ﴿مَآ أَغْنَى﴾ ما دفع أو ما نفع ﴿مَالُهُ﴾ غنمه كان صاحب سائمة أو " تليدة أو طارفة " ﴿وما كسب﴾ عمله الخبيث أو ولده " ع " قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] " أولادكم من كسبكم " وكان ابنه عتبة مبالغاً في عداوة الرسول [صلى الله عليه وسلم] وقال
503
كفرت بالنجم إذا هوى وبالذي دنا فتدلى وتفل في وجه الرسول [صلى الله عليه وسلم] وخرج إلى الشام فقال الرسول [صلى الله عليه وسلم] " اللهم سلط عليه كلباً من كلابك " فأكله الذئب. فلم يغن عنه ماله وكسبه في عداوة الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو في دفع النار يوم القيامة.
504
٣ - ﴿سَيَصْلَى﴾ سين الوعيد أو بمعنى سوف يصلى يكون صلىً لها حطباً لها ووقوداً أو تصليه النار أي تنضجه " ع " ﴿لَهَبٍ﴾ ارتفاع أو قوة واشتعال وهذه صفة مضارعة لكنيته وعده الله تعالى بأنه يدخل النار بكفرة أو يموت على كفره فكان كما أخبر.
٤ - ﴿وَامْرَأَتُهُ﴾ أم جميل بنت حرب أخت أبي سفيان ﴿حَمَّالَةَ الْحَطَبِ﴾ تحتطب الشوك فتلقيه في طريق الرسول [صلى الله عليه وسلم] ليلاً " ع " أو كانت تعي الرسول [صلى الله عليه وسلم] بالفقر [وكانت تحطب فعيّرت بأنها كانت تحطب أو] لما حملت أوزار كفرها صارت كالحاملة لحطب نارها التي تصلى به أو لأنها كانت تمشي بالنميمة وسمي النمام حمالاً للحطب لأنه يشعل العداوة كما يشعل الحطب النار أو جعل ما حملته من الإثم في عداوة الرسول [صلى الله عليه وسلم] كالحطب في مصيره إلى النار فيكون عذاباً.
٥ - ﴿فِى جِيدِهَا﴾ يوم القيامة. جيدها: عنقها ﴿حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ﴾ سلسلة من حديد ذرعها سبعون ذراعاً سميت مسداً لأنها ممسودة أي مفتولة أو حبل من ليف المقل أو قلادة من ودع على وجه التعيير لها أو حبل ذو ألوان من أحمر وأصفر تتزين به في جيدها " ح " فعيرت بذلك أو قلاده جوهر فاخر قالت
504
لأنفقنها في عداوة الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو عبر بذلك عن خذلانها كالمربوطة عن الإيمان بحبل من مسد ولما نزلت أقبلت تولول وبيدها فِهْر وهي تقول.
(مذمماً أبينا... ودينه قلينا)
(وأمره عصينا... )
والرسول [صلى الله عليه وسلم] [٢٢٩ / ب] / وأبو بكر رضي الله تعالى عنه في المسجد فقال يا رسول الله إني أخاف أن تراك فقال إنها لن تراني وقرأ قرآناً اعتصم به فلم تره فقالت لأبي بكر رضي الله تعالى عنه إني أخبرت أن صاحبك هجاني فقال لا ورب هذا البيت ما هجاك فولت فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قد حجبني عنها ملائكة فما رأتني وكفاني الله تعالى شرها فعثرت في مرطها فقالت: تعس مذمم.
505
سُورَةُ الإخْلاَصِ
مكية أو مدنية.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

﴿قل هو الله أحد (١) الله الصمد (٢) لم يلد ولم يولد (٣) ولم يكن له كفواً أحد (٤) ﴾
قالت اليهود للرسول [صلى الله عليه وسلم] هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله فنزلت. أو قال مشركو قريش انسب لنا ربك فنزلت وقال يا محمد انسبني إلى هذا أو أرسل المشركون عامر بن الطفيل فقالوا: قد شققت عصانا وسيَّبت آباءنا وخالفت دين آبائك فإن كنت فقيراً أغنيناك وإن كنت مجنوناً داويناك وإن هويت امرأة زوجناك فقال: لست بفقير ولا مجنون ولا هويت امرأة أنا رسول الله إليكم
506
أدعوكم إلى عبادته.
فأرسلوه ثانية فقالوا: بَيِّن لنا جنس معبودك فنزلت هذه السورة فأرسلوه بأن لنا ثلاثمائة وستين صنماً لا تقوم بحوائجنا فكيف يقوم إلاه واحد بحوائج الخلق كلهم فنزلت ﴿والصافات﴾ إلى ﴿إن إلهكم لواحد﴾ [١ - ٤] أي في حوائجكم كلها فأرسلوه رابعة بأن يبين لنا أفعال ربه فنزلت ﴿إن ربكم الله﴾ [الأعراف: ٥٤] و ﴿الله الذي خلقكم﴾ [الروم: ٤٠] الآيتان.
507
Icon