تفسير سورة البقرة

تفسير ابن خويز منداد
تفسير سورة سورة البقرة من كتاب تفسير ابن خويز منداد .
لمؤلفه ابن خويزمنداد . المتوفي سنة 390 هـ

١- قوله تعالى :﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي اِلاَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُّفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّيَ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ ( ٣٠ ).
١- ( قال ابن خويز منداد : ولو وثب على الأمر من يصلح له من غير مشورة ولا اختيار وبايع له الناس تمت له البَيْعة، والله أعلم )١.
١ - الجامع لأحكام القرآن ك١/٢٦٩. وقد أورد القرطبي هذا النص في المسألة التاسعة من المسائل السبع عشرة التي استنبطها من الآية، ويتعلق أغلبها بأحكام الخلافة والإمام قال في مستهل المسألة التاسعة: (فإن تغلب من له أهلية الإمامة وأخذها بالقهر والغلبة فقد قيل إن ذلك يكون طريقا رابعا... قال ابن خويز منداد : ولو وثب....).
٢- قوله تعالى :﴿ وَعَلَّمَ ءَادَمَ اَلاَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى اَلْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاَءِ اِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ ( ٣١ ).
٢- ( قال ابن خويز منداد : في هذه الآية دليل على أن اللغة مأخوذة توقيفا، وأن الله تعالى علمها آدم عليه السلام جملة وتفصيلا )١.
١ - المصدر السابق ١/٢٨٢ وفيه بعد هذا الكلام: (وكذلك قال بن عباس : علمه أسماء كل شيء حتى الجَفْنة والمحْلب) ولم استطع الترجيح بين أن تكون هذه الزيادة من كلام ابن خويز منداد أو من كلام القرطبي..
٣- قوله تعالى :﴿ فَأَزَلَّهُمَا اَلشَّيْطَنُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اَهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌ وَلَكُمْ فِي اِلاَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَعٌ إِلَى حِينٍ ﴾( ٣٦ ).
٣- قوله تعالى :﴿ إِلَى حِينٍ ﴾ :( ذكر ابن خويز منداد في أحكامه : أن من حلف ألا يكلم فلاناً حينا أولا يفعل كذا حينا أن الحين سنة قال : واتفقوا في الأحكام أن من حلف ألا يفعل كذا حينا أولا يكلم فلانا حينا، أن الزيادة على سنة لم تدخل في يمينه )١.
١ - الجامع لأحكام القرآن، ١/٣٢٢ وإثره قال القرطبي معقبا(قلت: هذا الاتفاق إنما هو في المذهب) والكلام كله في سياق الحديث عن اختلاف أهل اللسان وأهل الفقه في الحين وحدِّه..
٤- قوله تعالى :﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اَللَّهَ يَامُرُكُمُ أَن تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُؤاً قَالَ أَعُوُذ بِاللَّهِ أَنَ اَكُونَ مِنَ اَلْجَهِلِينَ ﴾ ( ٧٦ ).
٤- ( قال ابن خويز منداد : وقد بلغنا أن رجلا تقدم إلى عبيد الله بن الحسن١ وهو قاض الكوفة فمازحه عبيد الله فقال : جبتك هذه من صوف نعجة أو صوف كبش ؟ فقال له : لا تجهل أيها القاضي ! فقال له عبيد الله وأين وجدت المزاح جهلا ! فتلا عليه هذه الآية، فأعرض عنه عبيد الله ؛ لأنه رآه جاهلا لا يعرف المزج من الاستهزاء، وليس أحدهما من الآخر بسبيل )٢.
١ - لعله أبو القاسم، عبيد الله بن الحسن البغدادي المعروف بغلام زحل: عالم بالفلك والحساب له كتب منها: "أحكام القرآن" و"الجامع الكبير" و"الأصول المجردة" (ت ٣٧٦هـ)، انظر عنه: الأعلام: ٤/١٩٢. ولم أقف على هذه الترجمة إلا في المصدر المذكور..
٢ - المصدر السابق: ١/٤٤٧ وقد أورده القرطبي بعد قوله: (في الآية دليل على منع الاستهزاء بدين الله ودين المسلمين ومن يجب تعظيمه، وأن ذلك جهل وصاحبه مستحق للوعيد، وليس المزاح من الاستهزاء بسبيل، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمزج والأمة بعده، قال ابن خويز منداد وقد بلغنا...)..
٥- قوله تعالى :﴿ قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنُ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُومَرُونَ ﴾ ( ٦٨ ).
٦- ( قال القرطبي : قوله تعالى :﴿ فَافْعَلُواْ مَا تُومَرُونَ ﴾ تجديد للأمر وتأكيد وتنبيه على ترك التعنت فما تركوه. وهذا يدل على أن مقتضى الأمر الوجوب كما تقوله الفقهاء ؛ وهو الصحيح على ما هو مذكور في أصول الفقه، وعلى أن الأمر على الفور ؛ وهو مذهب أكثر الفقهاء أيضا ويدل على صحة ذلك أنه تعالى استقصرهم حين لم يبادروا إلى فعل ما أمروا به فقال : فذبحوها وما كادوا يفعلون وقيل : لا، بل على التراخي، لأنه لم يعنفهم على التأخير والمراجعة في الخطاب قاله ابن خويز منداد )١.
١ - الجامع لأحكام القرآن: ١/٤٤٩ - ٤٥٠..
٧- قوله تعالى :﴿ وَإِذَ اَخَذْنَا مِيثقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفسَكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتمْ وَأَنتُمْ تَشْهدُونَ ﴾ ( ٨٤ ).
٦- قوله تعالى :﴿ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ ﴾ :( قال ابن خويز منداد : وقد يجوز١ أن يراد به الظاهر، لا يقتل الإنسان نفسه ولا يخرج من داره سفهاً، كما تقتل الهند أنفسها. أو يقتل الإنسان نفسه من جهد وبلاء يصيبه، أو يهيم في الصحراء ولا يأوي٢ البيوت جهلا في ديانته وسفها في حلمه ؛ فهو عموم في جميع ذلك )٣.
١ - التعبير بهذا اللفظ يدل على أنه أن هناك معنى أساسيا قال به قال به ابن خويز منداد في تفسيره لهذه الآية. ويظهر أنه هو الذي ذكره القرطبي قبل إيراده لهذا الكلام. ويتلخص في أن المراد بقوله تعالى: ﴿لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمُ... ﴾هم بنو إسرائيل الذين أخذ الله عليهم عهدا في التوراة بأن لا يقتل بعضهم بعضا، ولا ينفيه ولا يسترقه، على اعتبار أنهم كالشخص الواحد بحكم الملة الواحدة والأمر الواحد، فيكون قتل بعضهم بعضا وإخراج بعضهم بعضا قتلا لأنفسهم ونفيا لها ويدخل في معنى الآية من بعدهم من الأمم والأفراد والجماعات والله أعلم..
٢ - قال ابن منظور في اللسان/أوا: (أَوَيْتُ مَنْزلِي وإلى منزلي أُوِيّاً وإِوِيّاً وأَوَّيْتُ وتَأَوَّيْتُ وَأْتَوَيْتُ، كله عُدْتُ)..
٣ - الجامع لأحكام القرآن، ٢/١٩ وفيه بعد هذا الكلام :(وقد روي أن عثمان بن مظعون بايع في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فعزموا أن يلبسوا المسوح، وأن يهيموا في الصحراء ولا يأووا البيوت، ولا يأكلوا اللحم ولا يغشوا النساء، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فجاء إلى دار عثمان بن مظعون فلم يجده فقال لامرأته: (ما حديث بلغني عن عثمان؟) وكرهت أن تفشي سر زوجها وأن تكذِّب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقالت : يا رسول الله إن كان قد بلغك شيء فهو كما بلغك؛ فقال :"قولي لعثمان أخلاف لسنتي أم على غير ملتي، إني أصلّى وأنام وأصوم وأفطر وأغشى النساء وآوي البيوت وآكل اللحم فمن رغب عن سنتي فليس مني" فرجع عثمان وأصحابه عما كانوا عليه) ولم استطع الترجيح بين أن يكون هذا الحديث من منقول القرطبي عن ابن خويز منداد أو عن غيره..
٧- قوله تعالى :﴿ وَإِنْ يَاتُوكُمُ أُسَرَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمُ إِخْرَاجُهُمُ أَفَتُومِنُونَ بِبَعْضِ اِلْكِتَبِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَّفْعَلْ ذَلِكَ مِنكُمُ إِلاَّ خِزْيٌ فِي اِلْحَيَاةِ اِلدُّنْيَا وَيَوْمَ اَلْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ اِلْعَذَابِ وَمَا اَللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ﴾ ( ٨٥ ).
٧- ( قال ابن خويز منداد : تضمنت الآية وجوب فكّ الأسرى وبذلك وردت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فك الأسارى وأمر بفكّهم، وجرى بذلك عمل المسلمين وانعقد به الإجماع. ويجب فك الأسارى من بيت المال، فإن لم يكن فهو فرض على كافة المسلمين ؛ ومن قام به منهم أسقط الفرض عن الباقين )١.
١ - الجامع لأحكام القرآن، ٢/٢٢ – ٢٣..
٨- قوله تعالى :﴿ وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ اَلشَّيَطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ اَلنَّاَس اَلسِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى اَلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنَ اَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ اَلْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنَ اَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اِللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اِشْتَرَيهُ مَا لَهُ فِي اِلآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِيسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ﴾ ( ١٠٢ ).
٨- قوله تعالى :﴿ وَلَكِّنَّ اَلشَّيَطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ اَلنَّاسَ اَلسِّحْرَ ﴾ :( قال ابن خويز منداد : فأما إذا كان١ ذميا فقد اختلفت الرواية عن مالك فقال مرة : يستتاب وتوبته الإسلام، وقال مرة : يُقتل وإن أسلم )٢.
١ - أي الساحر قال القرطبي في المسألة الثانية عشرة: (وأما ساحر الذمة فقيل يُقتل وقال مالك: لا يقتل إلا أن يقتل بسحره و يضمن ما جنى ويقتل إن جاء منه ما لم يعاهد عليه. وقال ابن خويز منداد : فأما... ) أوردت صدر هذه المسألة التي ورد فيها قول ابن خويز منداد لأن قوله "فأما" يقتضي كلاما سابقا، وأعتقد أن صدر المسألة وإن لم يكن يتضمنه لفظا فهو يتضمنه معنى..
٢ - الجامع لأحكام القرآن ٢/٤٩ وبعده قال القرطبي: (... وقال مالك أيضا في الذمي إذا سَحَر: يعاقب، إلا أن يكون قتل بسحره، أو أحدث حدثا فيؤخذ منه بقدره) وانظر ما قاله ابن خويز منداد في تفسير القرآن العظيم: ١/٢٥٨-٢٥٩..
٩- قوله تعالى :﴿ وَإِذِ اِبْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبَّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِيَ اَلظَّلِمِينَ ﴾ ( ١٢٤ ).
٩- قوله تعالى :﴿ لاَ يَنَالُ عَهْدِيَ اَلظَّلِمِينَ ﴾ :( قال ابن خويز منداد : وكل من كان ظالما لم يكن نبيا ولا خليفة ولا حاكما ولا مفتيا، ولا إمام صلاة، ولا يقبل عنه ما يرويه عن صاحب الشريعة، ولا تقبل شهادته في الأحكام١ غير أنه لا يعزل بفسقه حتى يعزله أهل الحل والعقد. وما تقدم من أحكامه موافقا للصواب ماض غير منقوض٢... ٣ وأما أخذ الأرزاق من الأئمة الظلمة فلذلك ثلاثة أحوال :
إن كان جميع ما في أيديهم مأخوذا على موجب الشريعة فجائز أخذه، وقد أخذت الصحابة والتابعون من يد الحجاج وغيره.
وإن كان مختلطا حلالا وظلما كما في أيدي الأمراء اليوم فالورع تركه، ويجوز للمحتاج أخذه، وهو كلص في يده مال مسروق، ومال جيد حلال قد وكله فيه رجل فجاء اللص يتصدق به على إنسان فيجوز أن تأخذ منه الصدقة، وإن كان قد يجوز أن يكون اللص يتصدق ببعض ما سرق، إذا لم يكن شيء معروف بنهب وكذلك لو باع أو اشترى كان العقد صحيحا لازما -وإن كان الورع التنزه عنه- وذلك أن الأموال لا تحرم بأعيانها وإنما تحرم لجهاتها.
وإن كان ما في أيديهم ظلما صراحا فلا يجوز أن يؤخذ من أيديهم. ولو كان ما في أيديهم من المال مغصوبا غير أنه لا يعرف له صاحب ولا مطالب ؛ فهو كما لو وجد في أيدي اللصوص وقُطاع الطريق، ويجعل في بيت المال وينتظر طالبه بقدر الاجتهاد، فإذا لم يُعرف صرفه الإمام في مصالح المسلمين ) ٤.
١ - انظر كلام ابن خويز منداد هذا مختصراً في تفسير القرآن العظيم لابن كثير، ١/٢٩٤ حيث قال: (الظالم لا يصلح أن يكون خليفة ولا حاكما ولا مفتيا ولا شاهدا ولا راويا)..
٢ - وفيه بعد هذا الكلام: (وقد نص مالك على هذا في الخوارج والبغاة أن أحكامهم لا تنقض إذا أصابوا بها وجها من الاجتهاد ولم يخرقوا الإجماع، أو يخالفوا النصوص. وإنما قلنا ذلك لإجماع الصحابة، وذلك أن الخوارج قد خرجوا في أيامهم ولم ينقل أن الأئمة تتبعوا أحكامهم و نقضوا شيئا منها، ولا أعادوا أخذ الزكاة ولا إقامة الحدود التي أخذوا وأقاموا؛ فدل على أنهم إذا أصابوا وجه الاجتهاد لم يتعرض لأحكامهم) ولم استطع الترجيح بين أن تكون هذه الزيادة من كلام ابن خويز منداد أو من كلام القرطبي..
٣ - بناء الكلام كله في الأصل (الجامع لأحكام القرآن ٢/١٠٩) هكذا :(المسألة الثانية والعشرون قال ابن خويز منداد: وكل من كان ظالما... المسألة الثالثة والعشرون قال ابن خويز منداد وأما أخـذ الأرزاق مـن الأئمة... )..
٤ - الجامع لأحكام القرآن ٢/١٠٩ – ١١٠..
١٠- قوله تعالى :﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونَ ﴾ ( ١٥٢ ).
١٠- ( روي عن النبي صلى الله عليه وسلم :( من أطاع الله فقد ذكر الله وإن أقل صلاته وصومه وصنيعه للخير١ ومن عصى الله فقد نسي الله وإن كثر صلاته وصومه وصنيعه للخير )٤ ذكره أبو عبد الله محمد ابن خويز منداد في " أحكام القرآن " له )٢.
١ - أخرجه البيهقي في شعب الإيمان باب في محبة الله صلى الله عليه وسلم، فصل في ذكر أخبار وردت في ذكر الله عز وجل: ١/٤٥٢، بنحوه. وانظر الدر: ١/٣٦١، والبداية والنهاية : ٥/٢٤٣، وكنز العمال: ١/٤٤٦..
٢ - الجامع لأحكام القرآن، ٢/١٧١ وقد أورده القرطبي بعد قوله: (معنى الآية اذكروني بالطاعة أذكركم بالثواب والمغفرة؛ قاله سعيد بن جبير وقال أيضا : الذكر طاعة الله؛ فمن لم يطعه لم يذكره وإن أكثر التسبيح والتهليل وقراءة القرآن، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم... )..
١١- قوله تعالى :﴿ إِنَّ اَلصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَئِرِ اِللَّهِ فَمَنْ حَجَّ اَلْبَيْتَ اَوِ اِعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اَللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ﴾ ( ١٥٨ ).
١١- قوله تعالى :﴿ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا ﴾ : قال القرطبي متحدثا عن الذي يطوف بالكعبة وهو راكب لعذر :( فرق أصحابنا بين أن يطوف على بعير أو يطوف على ظهر إنسان، فإن طاف على ظهر إنسان لم يجزه ؛ لأنه حينئذ لا يكون طائفا، وإنما الطائف الحامل. وإذا طاف على بعير يكون هو الطائف.
قال ابن خويز منداد : وهذه تفرقة اختيار، وأما الأجزاء فيجزئ ؛ ألا ترى أنه لو أغمي عليه فطيف به محمولا، أو وقف به بعرفات محمولا كان مجزئا عنه )١.
١ - الجامع لأحكام القرآن ٢/١٨٤..
١٢- قوله تعالى :﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ اَلْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اِللَّهِ فَمَنُ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اَللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ ( ١٧٣ ).
١٢- قوله تعالى :﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَةَ ﴾ : قال القرطبي :( اختلف إذا وقع في القدر حيوان، طائر أو غيره فمات فروى ابن وهب عن مالك أنه قال : لا يؤكل ما في القدر، وقد تنجس بمخالطة الميتة إياه. وروى ابن القاسم عنه أنه قال : يعسل اللحم ويراق المرق. وقد سئل ابن عباس عن هذه المسألة فقال : يغسل اللحم ويؤكل ولا مخالف له في المرق من أصحابه ؛ ذكره ابن خويز منداد١... فأما [ إنفَِحة ]٢ الميتة ولبن الميتة فقال الشافعي : ذلك نجس لعموم قوله تعالى :﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ المَيْتَةَ ﴾. وقال أبو حنيفة بطهارتهما ؛ ولم يجعل لموضع الخلقة أثراً في تنجس ما جاوره مما حدث فيه خلقة، قال : ولذلك يؤكل اللحم بما فيه من العروق مع القطع بمجاورة الدم لدواخلها من غير تطهير ولا غسل إجماعا. وقال مالك نحو قول أبي حنيفة إن ذلك لا ينجس بالموت ولكن ينجس بمجاورة الوعاء النجس وهو مما لا يتأتى فيه الغسل. وكذلك الدجاجة تخرج منها البيضة بعد موتها ؛ لان البيضة ليّنة في حكم المائع قبل خروجها، وإنما تجمد وتصلب بالهواء.
قال ابن خويز منداد فإن قيل : فقولكم٣ يؤدّي إلى خلاف الإجماع، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين بعده كانوا يأكلون الجبن وكان مجلوباً إليهم من أرض العجم، ومعلوم أن ذبائح العجم وهم مجوس مَيْتَة، ولم يعتدوا بأن يكون مجمداً بإنفحة ميتة أو ذُكي.
قيل له : قدر ما يقع من الانفحة في اللبن المجبن يسير، واليسير من النجاسة معفوّ عنه إذا خالط الكثير من المائع. هذا جواب على إحدى الروايتين. وعلى الرواية الأخرى إنما كان ذلك في أول الإسلام، ولا يمكن لأحد٤ أن ينقل أن الصحابة أكلت الجبن المحمول من أرض العجم بل الجبن ليس من طعام العرب ؛ فلما انتشر المسلمون في أرض العجم بالفتوح صارت الذبائح لهم ؛ فمن أين لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة أكلت جبنا فضلا عن أن يكون محمولا من أرض العجم ومعمولا من إنفحة ذبائحهم ! )٥
- قوله تعالى :﴿ وَالدَّمَ ﴾ :»قال ابن خويز منداد : وأما الدم فمحرم ما لم تعم به البلوى، ومعفو عما تعم به البلوى. والذي تعم به البلوى هو الدم في اللحم وعروقه، ويسيره في البدن والثوب يصلى فيه. وإنما قلنا ذلك لان الله تعالى قال :﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ اَلمَيْتَةَ وَاَلدَّمَ ﴾٦ وقال في موقع آخر :﴿ قُلْ لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَّكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً ﴾٧ فحرم المسفوح من الدم. وقد روت عائشة رضي الله عنها قالت : كنا نطبخ البرمة على عهد رسول صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم تعلوها الصفرة من الدم فنأكل ولا ننكره، لان التحفظ من هذا إصْر وفيه مشقة، والإصر والمشقة في الدين موضوع. وهذا أصل في الشرع، أن كلما حرجت الأمة في أداء العبادة فيه وثقل عليها سقطت العبادة عنها فيه ؛ ألا ترى أن المضطرب يأكل الميتة، وأن المريض يُفطر ويتيمم في نحو ذلك )٨.
١٤- قوله تعالى :﴿ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ ﴾ : قال القرطبي :( لاخلاف أن جملة الخنزير محرمة إلا الشعر فإنه يجوز الخرازة به. وقد روي أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخرازة بشعر الخنزير ؛ فقال ( لابأس بذلك )٩ ذكره ابن خويز منداد، قال : ولأن الخرازة على عهد رسول صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم كانت، وبعده موجودة ظاهرة، لا نعلم أن رسول صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم أنكرها ولا أحد من الأئمة بعده. وما أجازه الرسولصلى الله عليه وسلم فهو كابتداء الشرع منه )١٠.
١٥- قوله تعالى :﴿ فَمَنُ اضْطُرَّ ﴾ :( روى أبو داود قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا حماد عن سِماك بن حرب عن جابر بن سمرة أن رجلا نزل الحرّة ومعه أهله وولده، فقال رجل، إن ناقة لي ضَلّت فإن وجدتها فأمسكها ؛ فوجدها فلم يجد صاحبها فمرضت، فقالت امرأته : انحرها، فأبى فَنَفقت فقالت : اسلخها حتى نُقدد لحمها وشحمها ونأكله ؛ فقال حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه فسأله، فقال : " هل عندك غنى يغنيك " فقال : لا، قال " فكلوها " قال : فجاء صاحبها فأخبره الخبر ؛ فقال : هلا كنت نحرتَها ! فقال استحييت منك١١. قال ابن خويز منداد في هذا الحديث دليلان :
أحدهما أن المضطر يأكل من الميتة وإن لم يخف التلف، ألانه سأله عن الغنى ولم يسأله عن خوفه على نفسه.
والثاني يأكل ويشبع ويدّخر ويتزود ؛ لأنه أباحه الادخار ولم يشترط عليه ألا يشبع.
قال أبو داود : وحدثنا هارون عن عبد الله قال حدثنا الفضل بن دكين قال أنبأ عقبة بن وهب بن عقبة العامروي قال : سمعت أبي يحدث عن الفُجَيع العامري أنه أتى رسول صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم فقال : ما يحل لنا الميتة ؟ قال :( ما طعامكم ) قلنا : نغتبق ونصطبح قال أبو نعيم فسره لي عقبة : قدح غدوة وقدح عشية قال :( ذاك وأبي الجوع ) قال : فأحل لهم الميتة على هذه الحال. قال أبو داود : الغبوق من آخر النهار والصبوح من أول النهار١٢... قال ابن خويز منداد : إذا جاز أن يصطبحوا ويغتبقوا جاز أن يشبعوا ويتزودوا )١٣.
١٦- قوله تعالى :﴿ وَلاَ عَادٍ ﴾ :( قال ابن خويز منداد : فأما الأكل عند الاضطرار فالطائع والعاصي فيه سواء، لان الميتة يجوز تناولها في السفر والحضر، وليس بخروج الخارج إلى المعاصي يسقط عنه حكم المقيم بل أسوأ حالة من أن يكون مقيما، وليس كذلك الفطر والقصر، لأنهما رخصتان متعلقتان بالسفر فمتى كان السفر سفر معصية لم يجز أن يقصر فيه، لأن هذه الرخصة تختص بالسفر، ولذلك قلنا : إنه يتيمم إذا عدم الماء في سفر المعصية ؛ لان التيمم في الحضر والسفر سواء، وكيف يجوز منعه من أكل الميتة والتيمم لأجل معصية ارتكبها وفي تركه الأكل تلف نفسه، وتلك أكبر المعاصي وفي تركه التيمم إضاعة للصلاة. أيجوز أن يقال له : ارتكبت معصية فارتكب أخرى ! أيجوز أن يقال لشارب الخمر : ازن وللزاني : اكفر ! أو يقال لهما : ضيعا الصلاة ؟ )١٤.
١ - بناء الكلام كله في الأصل الجامع لأحكام القرآن، ٢/٢٢٠ - ٢٨١) هكذا (الثانية عشرة - واختلف إذا وقع... الثالثة عشرة - فأما أنفحة الميتة ولبن الميتة...)..
٢ - في الجامع لأحكام القرآن "أنفحة" وهو تصحيف والصواب ما أثبته قال ابن منظور (الأزهري عن الليث: الإنفحة لا تكون إلا لذي كرش وهو شيء يستخرج من بطن ذيه، أصفر يُعْصَرُ في صوفة مبتلة في اللبن فيَغلظُ كالجُبْنِ... قال: ولا تقل : أنفحة) (اللسان/نفح)..
٣ - أي القول بطهارة إنفحة الميتة ولبن الميتة..
٤ - في الجامع لأحكام القران "أحد" وهو خطأ في النسخة المطبوعة ولعل الصواب ما أثبته..
٥ - الجامع لأحكام القرآن، ٢/٢٢٠ - ٢٢١..
٦ - المائدة: ٣..
٧ - الأنعام: ١٤٥..
٨ - الجامع لأحكام القرآن : ٢/٢٢١ - ٢٢٢ وإثره قال القرطبي معقبا (قلت: ذكر الله سبحانه وتعالى الدم ها هنا مطلقا، وقيّده في الأنعام بقوله "مسفوحا" وحمل العلماء ها هنا المطلق على المقيد إجماعا. فالدم هنا يراد به المسفوح، لان ما خالط اللحم فغير محرم بإجماع، وكذلك الكبد والطحال مجمع عليه)..
٩ - لم أقف عليه..
١٠ - الجامع لأحكام القرآن: ٢/٢٢٣..
١١ - أخرجه أبو داود في السنن، "كتاب الأطعمة"، باب في المضطر إلى الميتة حديث رقم: ٣٨١٦..
١٢ - أخرجه أبو داوود في السنن، كتاب الأطعمة، باب في المضطر إلى الميتة، حديث رقم: ٣٨١٧..
١٣ - الجامع لأحكام القرآن: ٢/٢٢٩ - ٢٣٠..
١٤ - الجامع لأحكام القرآن: ٢/٢٣٣ وقد أورده القرطبي بعد قوله: (قلت واختلفت الرواية عن مالك في ذلك فالمشهور من مذهبه فيما ذكره الباجي في المنتقي: أنه يجوز له الأكل في سفر المعصية ويجوز له القصر والفطر. وقال ابن خويز منداد: فأما الأكل عند الاضطرار... ) وإثر كل ذلك قال القرطبي :(ذكر هذا كله في أحكام القرآن له، ولم يذكر خلافا عن مالك ولا عن أحد من أصحابه)..
١٣- قوله تعالى :﴿ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً اَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنَ اَيَّامٍ اخَرَ وَعَلَى اَلذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةُ طَعَامِ مَسَكِينَ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْر ٌ لَهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمُ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ ( ١٨٤ ).
١٧ - قوله تعالى :﴿ مَرِيضاً ﴾ :( قال ابن خويز منداد : واختلفت الرواية عن مالك في المرض المبيح للفطر ؛ فقال مرة : هو خوف التلف من الصيام، وقال مرة : شدة المرض والزيادة فيه والمشقة الفادحة )١.
١٨- قوله تعالى :﴿ أَوْ عَلَى سَفَرٍ ﴾ : قال القرطبي :( ومسافة الفطر عند مالك حيث تقصر الصلاة. واختلف العلماء في قدر ذلك : فقال مالك : يوم وليلة ثم رجع فقال : ثمانية وأربعون ميلا. قال ابن خويز منداد : وهو ظاهر مذهبه ؛ وقال مرة : اثنان وأربعون ميلا وقال مرة ستة وثلاثون ميلاً، وقال مرة مسيرة يوم وليلة ؛ وروي عنه يومان ؛ وهو قول الشافعي. وفصل مرة بين البر والبحر ؛ فقال في البحر : مسيرة يوم وليلة وفي البر ثمانية وأربعون ميلا، وفي المذهب ثلاثون ميلا ؛ وفي غير المذهب ثلاثة أميال )٢.
١ - المصدر السابق: ٢/٢٧٦ وفيه بعد هذا الكلام: (وهذا صحيح مذهبه وهو مقتضى الظاهر؛ لأنه لم يخص مرضا من مرض فهو مباح في كل مرض إلا ما خصه الدليل من الصداع والحمى والمرض اليسير الذي لا كلفة معه في الصيام). ولم استطع الترجيح بين أن الترجيح بين أن تكون هذه الزيادة من كلام ابن خويز منداد أو من كلام القرطبي..
٢ - الجامع لأحكام القرآن: ٢/٢٧٧..
١٤- قوله تعالى :﴿ يَسْئَلُونَكَ عَنِ اِلاَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ اَلْبِرُّ بِأَن تَاتُواْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنِ الْبِرُّ مَنِ اِتَّقى وَاتُواْ الْبُيُوتَ مِنَ اَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَََلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ ( ١٨٩ ).
١٩- قوله تعالى :﴿ وَلَيْسَ اَلْبِرُّ بِأَن تَاتُواْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا ﴾ :( قال ابن خويز منداد : إذا أشكل ما هو بر وقربة بما ليس بر وقربة أن ينظر في ذلك العمل ؛ فإن كان له نظير في الفرائض والسنن فيجوز أن يكون وإن لم يكن فليس ببر ولا قربة، قال وبذلك جاءت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم. وذكر حديث ابن عباس قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم في الشمس فسأل عنه، فقالوا : هو أبو إسرائيل١ نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم :( مروه فليتكم وليستظلّ وليقعد وليتم صومه )٢. فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ما كان غير قربة مما لا أصل له في شريعته، وصحح ما كان قربة مما له نظير في الفرائض والسنن )٣.
١ - هو أبو إسرائيل: رجل من الأنصار، من أصحاب النبيصلى الله عليه وسلم حديثه المذكور عند ابن عباس وعند جابر بن عبد الله، ورواه طاووس عن أبي إسرائيل ورواه مالك عن حميد ابن قيس وثور بن زيد مرسلا بمعناه وقيل: إن اسمه يسير، انظر عنه: الاستيعاب: ٤/١٥٩٦..
٢ - أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور باب النذر فيما لا يملك وفي معصية: ٧/١٩٧. ومالك في الموطأ، كتاب النذور والأيمان ما لا يجوز من النذور في معصية الله ص ٣١٧ والدار قطني في سننه باب النذور: ٤/١٦١..
٣ - الجامع لأحكام القرآن: ٢/٣٤٦ – ٣٤٧..
١٥ - قوله تعالى :﴿ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ اَلْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ اَلْمَسْجِدِ اِلْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَفِرِينَ ﴾ ( ١٩١ ).
٢٠- ( قال ابن خويز منداد :﴿ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ اَلْمَسْجِدِ اِلْحَرَامِ ﴾ منسوخة١ ؛ لأن الإجماع قد تقرر بأن عدُوّاً لو استولى على مكة وقال : لأقاتلكم وأمنعكم من الحج ولا أبرح من مكة لوجب قتاله وإن لم يبدأ بالقتال ؛ فمكة وغيرها من البلاد سواءن وإنما قيل فيها : هي حرام تعظيما لها ؛ ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد يوم الفتح وقال :( أحصدهم بالسيف حتى تلقاني على الصفا ) حتى جاء العباس٢ فقال :( يا رسول الله ؛ ذهبت قريش، فلا قريش بعد اليوم )٣. ألا ترى أنه قال في تعظيمها :( ولا يلتقط لُقَطَتها إلا مُنْشِد )٤ واللُّقطة بها وبغيرها سواء )٥.
١ - قال الشيخ الطاهر بن عاشور نقلا عن القرطبي: (قال ابن خويز منداد: وأما قوله: ﴿وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ اَلْمَسْجِد اِلْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ﴾ فيجوز أن يكون منسوخا بقوله: ﴿وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾). وهذه الزيادة لا توجد في الطبعة التي اعتمدت عليها..
٢ - كذا في النسخة المطبوعة من الجامع لأحكام القرآن، ولعله "أبو سفيان" كما في الحديث من الهامش الموالي..
٣ - هذا جزء من حديث طويل، والحديث بتمامه. عن أبي هريرة قال: وفدت وفود إلى معاوية وذلك في رمضان فكان يصنع بعضنا لبعض الطعام. فكان أبو هريرة مما يكثر أن يدعونا إلى رحله فقلت: ألا أصنع طعاما فأدعوهم إلى رحلي؟ فأمرت بطعام يصنع ثم لقيت أبا هريرة من العشي، فقلت : الدعوة عندي الليلة، فقال: سبقتني قلت: نعم فدعوتهم فقال أبو هريرة: ألا أعْلِمُكُمْ بحديث من حديثكم؟ يا معشر الأنصار! ثم ذكر فتح مكة فقال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قدم مكة فبعث الزبير على إحدى المجنبتين وبعث خالداً على المجبنة الأخرى وبعث أبا عبيدة على الحُسَّرِ فأخذوا بطن الوادي ورسول صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم في كتيبة قال: فنظر فرآني. فقال أبو هريرة: قلت: لبيك يا رسول الله! فقال: لا يأتيني إلا أنصاري« زاد غير شيبان: فقال: »اهتف لي بالأنصار« قال: فأطافوا به، ووبشت قريش أوباشها وأتباعها. فقالوا نقدم هؤلاء فإن كان لهم شيء كنا معهم، وإن أصيبوا أعطينا الذي سئلنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :»ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم« ثم قال بيده، إحداهما على الأخرى ثم قال: حتى توافوني بالصفا« قال: فانطلقنا فما شاء أحد منا أن يقتل أحدا إلا قتله وما أحد منهم يوجه إلينا شيئا قال: فجاء أبو سفيان فقال: يا رسول الله! أبيحت خضراء قريش لا قريش بعد اليوم ثم قال: »من دخل دار أبي سفيان فهو آمن«: »فقالت الأنصار بعضهم البعض أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته قال أبو هريرة وجاء الوحي وكان إذا جاء الوحي لا يخفى علينا فإذا جاء فليس أحد يرفع طرفه إلى رسول صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم حتى ينقضي الوحي فلما انقضي الوحي قال رسول صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم :»يا معشر الأنصار! « قالوا: لبيك يا رسول الله! قال: »قلتم أما الرجل فأدركته رغبة في قريته« قالوا: قد كان ذلك قال: كلا. إني عبد الله ورسوله هاجرت إلى الله وإليكم. والمحيا محياكم والممات مماتكم »فاقبلوا إليه يبكون ويقولون : والله! ما قلنا الذي قلنا إلا الضِّنَّ بالله وبرسوله فقال رسول صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم :»إن الله ورسوله: يصدقانكم ويعذرانكم« قال: فأقبل الناس إلى دار أبي سفيان وأغلق الناس أبوابهم قال: أقبل رسول صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم حتى أقبل إلى الحجر. فاستلمه ثم طاف بالبيت قال: فأتى على صنم إلى جنب البيت كانوا يعبدونه. قال: وفي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم قوس وهو آخذ بسيَةِ القوس فلما أتى على الصنم جعل يطعنه في عينه ويقول: »جاء الحق وزهق الباطل« فلما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا عليه حتى نظر إلى البيت ورفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو بما شاء أن يدعو.
أورده مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب فتح مكة ٣/١٤٠٥ - ١٤٠٦ – ١٤٠٧..

٤ - أخرجه البخاري في "كتاب في اللقطة"، باب كيف تعرف لقطة أهل مكة بنحوه..
٥ - الجامع لأحكام القرآن، ٢/٣٥٢ وفيه بعد هذا الكلام، »
ويجوز أن تكون منسوخة بقوله: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ « ولم أستطع الترجيح بين أن تكون هذه الزيادة من كلام ابن خويز منداد أو من كلام القرطبي..
١٦- قوله تعالى :﴿ وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اِللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمُ إِلَى اَلتَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اَللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ ( ١٩٥ ).
٢١- ( قال ابن خويز منداد : فأما أن يعمل الرجل على مائة أو جملة العسكر أو جماعة اللصوص والمحاربين والخوارج، فلذلك حالتان : إن علم وغلب على ظنّه أن سيقتل من حمل عليه وينجو فحسن وكذلك لو عَلم وغلب على ظنه أن يُقتل ولكن سَيُنْكِي نِكاية أو سَيَبْلي أو يؤثر أثرا ينتفع به المسلمون فجائز أيضا. وقد بلغني أن عسكر المسلمين لما لقي الفرس نفرت خيل المسلمين من الفيلة، فعمَد رجل منهم فصنع فيلا من طين وأنس به فرسه حتى ألِفه، فلما أصبح لم ينفر فرسُه من الفيل فحمل على الفيل الذي كان يقدُمها فقيل له : إنه قاتلك. فقال : لا ضير أن أقتل ويفتح للمسلمين، وكذلك يوم اليمامة لما تحصنت بنو حنيفة بالحديقة، قال رجل١ من المسلمين ضعوني في الحجَفَة٢ وألقوني إليهم ؛ ففعلوا وقاتلهم وحده وفتح الباب )٣.
١ - هو البراء بن مالك أخو أنس بن مالك كما في تاريخ الأمم والملوك، ٣/٢٤٨..
٢ - قال ابن منظور في اللسان/حجف: »الحجفة: ضرب من التِّرَسة، واحدتها حجفة. وقيل هي من الجلود خاصة وقيل: هي من جلود الإبل... ويقال: للترس إذا كان من جلود ليس فيه خشب ولا عقب: حجفة ودرقة«..
٣ - الجامع لأحكام القرآن، ٢/٣٦٣-٣٦٤ وقد أورده القرطبي، بعد قوله: »
اختلف العلماء في اقتحام الرجل في الحرب وحمله على العدو وحده، فقال القاسم بن مُغيمرة والقاسم بن محمد وعبد المالك من علمائنا لا بأس أن يحمل الرجل وحده على الجيش العظيم إذا كان فيه قوة، وكان لله بنية خالصة؛ فإذا لم تكن فيه قوة خالصة فذلك من التهلكة. وقيل.. وقال ابن خويز منداد فأما أن يحمل الرجل... «..
١٧- قوله تعالى :﴿ أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ ( ٢٠٢ ).
٢٢- قال القرطبي :( قال ابن عباس في قوله تعالى :﴿ أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ ﴾ هو الرجل يأخذ ما لا يحج به عن غيره، فيكون له ثواب. وروي عنه في هذه الآية أن رجلا قال : يا رسول الله مات أبي ولم يحج ؛ أفأحج عنه ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم :( لو كان على أبيك دين فقضيته أماكان ذلك يُجزي ) قال : نعم قال :( فدين الله أحق أن يقضى ) قال فهل لي من أجر ؟ فأنزل الله تعالي :﴿ أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ ﴾ )١ يعني من حج عن ميت قال أبو عبد الله محمد بن خويز منداد في أحكامه : قول ابن عباس نحو قول مالك ؛ لأن تحصيل مذهب مالك أن المحجوج عنه يحصل له ثواب النفقة والحجة للحاج ؛ فكأنه يكون له ثواب بدنه وأعماله، وللمحجوج عنه ثواب ماله وإنفاقه، ولهذا قلنا : لا يختلف في هذا حكم من حج عن نفسه حجة الإسلام أو لم يحج ؛ لأن الأعمال التي تدخلها النيابة لا يختلف حكم المستناب فيها بين أن يكون قد أدى عن نفسه أو لم يؤد، اعتباراً بأعمال الدين والدنيا. ألا ترى أن الذي عليه زكاة أو كفارة أو غير ذلك يجوز أن يؤدي عن غيره وإن لم يؤد عن نفسه، وكذلك من لم يراع مصالحه في الدنيا يصح أن ينوب عن غيره في مثلها فتتم لغيره وإن لم تتم لنفسه ؛ ويزوج غيره وإن لم يزوج نفسه )٢
١ - أخرجه الدار قطني في سننه، باب المواقيت ٢/٢٦٠، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الحج ٤/٣٢٩ كلاهما عن ابن عباس وبألفاظ قريبة منه وانظر كنز العمال ٥/٢٧١٢٧..
٢ - الجامع لأحكام القرآن: ٢/٤٢٥ – ٤٣٦..
١٨- قوله تعالى :﴿ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ اِلْيَتَمى قُلِ اِصْلَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ اَلْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اَللَّهُ لَأَعْنَتَكُمُ إِنَّ اَللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ ( ٢٢٠ ).
٢٣- قوله تعالى :﴿ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ اِلْيَتَمى ﴾ : قال القرطبي :( ولما ينفقه الوصي والكفيل من مال اليتيم حالتان : حالة يمكنه الإشهاد عليه ؛ فلا يقبل قوله إلا ببيّنة وحالة لا يمكنه الإشهاد عليه فقوله مقبول بغير بينة فمهما اشترى من العقار وما جرت العادة بالتوثق فيه لم يقبل قوله بغير بينة. قال ابن خويز منداد : ولذلك فرق أصحابنا بين أن يكون اليتيم في دار الوصي ينفق عليه فلا يُكلَّف الإشهاد على نفقته وكسوته ؛ لأنه يتعذر عليه الإشهاد على ما يأكله ويلبسه في كل وقت، ولكن إذا قال : أنفقت نفقة لسنة قُبل منه ؛ وبين أن يكون عند أمّه أو حاضنته فيدعي الوصيُّ أنه كان ينفق عليه، أو كان يعطي الأم الحاضنة النفقة والكسوة فلا يُقبل قوله على الأم أو الحاضنة إلا ببَينة أنها كانت تقبض ذلك له مشاهرة أو مساناةً )١.
١ - الجامع لأحكام القرآن: ٣/٦٤..
١٩ - قوله تعالى :﴿ وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَتِ حَتَّى يُومِنَّ وَلَأَمَةٌ مُومِنَةٌ خَيْرٌ مِن مُّشْرِكَةٍ وَلَوَ اَعْجَبَتْكُمُْ وَلاَ تُنْكِحُواْ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُومِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُومِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوَ اَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى اَلنَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى اَلْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ ءَايَتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ ( ٢٢١ ).
٢٤ - قوله تعالى :﴿ ولا تُنْكِحُوا ﴾ :( ذكر ابن خويز منداد : واختلفت الرواية عن مالك في الأولياء من هم ؟ فقال مرة : كل من وضع المرأة في منصب حسن فهو وليها، سواء كان من العصبة أو من ذوي الأرحام أو الأجانب أو الإمام أو الوصي. وقال مرة الأولياء من العصبة، فمن وضعها منهم في منصب حسن فهو وليٌّ )١.
١ - الجامع لأحكام القرآن: ٣/٧٥..
٢٠- قوله تعالى :﴿ لِلذِينَ يُولُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِن فَآءُو فَإِنَّ اَللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ ( ٢٢٦ ).
٢٥- قال ابن رشد :( اختلف في قوله تعالى :﴿ فَإِن فَاءُو ﴾ هل المراد بذلك في الأربعة الأشهر أو بعدها وعلى هذين التأولين يأتي الاختلاف الواقع بين أهل العلم في حكم المُوَلي بعد انقضاء الأجل، فذهب مالك رحمه الله في المشهور عنه وجميع أصحابه إلى أنه يقع عليه طلاق وإن مرت له سنة حتى وقف، فإما فاء وإما طلق. ويروي هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلى بن أبي طالب وابن عمر، وعائشة، وأبي الدرداء١. قال سهيل بن أبي صالح٢ عن أبيه سألت اثني عشر من أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم عن الرجل يُولي من امرأته فكلُّهم يقول ليس عليه شيء حتى تمضي أربعة أشهر فيوقف فإما فاء وإما طلق. وهو مذهب أهل المدينة وقول الشافعي وأبي ثور٣ وأبي عبيْد وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه٤، لأن المعنى عندهم في قوله تعالى :﴿ فَاءُو ﴾ أي بعد الأربعة الأشهر توسعة وأن الايقاف بعدها وروي عنه أنه الفيء في الأربعة الأشهر توسعة فإذا انقضت طلَّق عليه ولم يؤمر بالفئة بعدها، وهو قول ابن شبرمة٥ وروي مثله عن سعيد بن المسيب٦ وأبي بكر بن عبد الرحمن٧ ومكحول٨ وابن شهاب٩ حكى الروايتين عن مالك ابن خويز منداد في كتاب أحكام القرآن له )١٠.
١ -هو أبو الدرداء عويمر بن مالك بن زيد بن قيس كان فقيها عاقلا حكيما، أخي رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سلمان الفارسي. روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال عويمر حكيم أمتي. توفي بدمشق في خلافة عثمان سنة ٣٢هـ. انظر عنه: الاستيعاب: ٤/١٦٤٦ – ١٦٤٧، والإصابة في تمييز الصحابة: ٥/٤٦ أسد الغابة ٤/١٨..
٢ - هو أبو زيد سهيل بن أبي صالح ذكوان السمان، العالم المحدث الكبير. حدث عنه النعمان بن أبي عياش الزرقي. وعطاء بن يزيد الليثي وخلق. وعنه الأعمش وموسى بن عقبة وجرير بن حازم، وابن عجلان، وعبد الله بن عمر وآخرون (ت١٤٠هـ).
انظر عنه: التاريخ الكبير. ٤/١٠٤ - ١٠٥ وميزان الاعتدال: ٢/٢٤٣..

٣ - هو أبو ثور إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان البغدادي الكلبي. محدث ومؤسس مدرسة فقهية، كان يغلب الرأي على الحديث، وكان لا يخالف الشافعي في كثير من آرائه ولذلك فقد عده البعض من كتب التراجم من أصحاب الشافعي (ت ٢٤٠هـ) انظر عنه: طبقات الفقهاء ص: ١١٢ ميزان الاعتدال: ١/٢٩..
٤ - هو أبو يعقوب، إبراهيم بن مخلد التميمي المروزي، يعرف بابن راهويه الإمام الحافظ الكبير بعد من طبقة أحمد بن حنبل سمع من ابن المبارك وجالس الإمام أحمد وروى عنه وناظر الإمام الشافعي. وعنه: ابن معين وأبو العباس السراج. له كتاب في التفسير (ت ٢٣٨هـ). انظر عنه: طبقات الحنابلة: ١/١٠٩، وتهذيب التهذيب: ١/٢١٦..
٥ - هو أبو شبرمة، عبد الله بن شبرمة الفقيه الجليل، الشاعر، كان فاضلا (ت ١٤٤هـ) انظر عنه: طبقات ابن سعد: ٦/٣٥٠ - ٣٥١ تهذيب الكمال: ١٠/٢٠٦..
٦ - هو أبو محمد سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب، الإمام العالم، عالم أهل المدينة وسيد التابعين في زمانه رأى عمر وسمع عثمان وعليا وزيد بن ثابت وعائشة وأبو هريرة روى عنه خلق كثير منهم: إدريس بن صبيح وأسامة بن زيد الليثي، وعلي بن جدعان ويحيى بن سعيد الأنصاري. قال محكول: سئل سعيد بن المسيب عن آية فقال: لا أقول في القرآن شيئا انظر عنه سير أعلام النبلاء ٤/٢١٧ البداية والنهاية: ٩/٩٩ - ١٠١ وفيات الأعيان: ٢/٣٧٥..
٧ - هو أبو بكر بن عبد الرحمن، ابن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة المنورة حدث عن أبيه وعمار بن يسار، وأبي مسعود الأنصاري وعائشة وأم سلمة وعنه مجاهد، وعمر بن عبد العزيز والشعبي والزهري، وعكرمة بن خلاد وخلق كثير. كان عالما سخيا كثير الحديث (ت ٩٤هـ) انظر عنه طبقات الفقهاء ص: ٤٢ طبقات ابن سعد: ٥/٢٠٧ - ٢٠٩ سير أعلام النبلاء: ٤/٤١٦ البداية والنهاية: ٩/١١٥ - ١١٦..
٨ - هو أبو عبد الله مكحول بن عبد الله الشامي معلم الأوزاعي سمع أنس بن مالك وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وغيرهم كان افقه من كان بالشام في زمانه (ت ١١٤هـ) انظر عنه: وفيات الأعيان: ٥/٢٨٠، تهذيب الكمال: ١٨/٣٥٦ – ٣٦١..
٩ - هو أبو بكر محمد بن مسلم عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري اشهر شيوخ مالك، أحد الفقهاء السبعة انتهت إليه رياسة الفتوى في وقته قال مالك : مالك في الناس نظير. وهو زول من دون الحديث يأمر من أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز(ت ١٢٤هـ). انظر عنه حلية الأولياء: ٣/٣٦٠ سير أعلام النبلاء ١٧/٤٤٢..
١٠ - المقدمات الممهدات: ١/٦١٧-٦١٨..
٢١- قوله تعالى :﴿ اَلطَّلاَقُ مَرَّتَنِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ اَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَنٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمُ أَنْ تَاخُذُواْ مِمَّا ءَاتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً اِلاَّ أَنْ يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اَللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمُ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اَللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا اَفْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اّللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّلِمُونَ ﴾ ( ٢٢٩ ).
٢٦- قوله تعالى :} فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا اَفْتَدَتْ بِهِ{ : قال القرطبي :( الخُلع عند مالك رضي الله عنه على ثمرة لم يبد صلاحها وعلى جمل شارد أو عبد آبق أو جنين في بطن أمه أو نحو ذلك من وجوه الغرر جائز، بخلاف البيوع والنكاح. وله المطالبة بذلك كله ؛ فإن سلم كان له، وإن لم يسلم فلا شيء له والطلاق نافذ على حكمه وقال الشافي الخُلع جائز وله مهر مثلها ؛ وحكاه ابن خويز منداد عن مالك قال : لأن عقود المعاوضات إذا تضمنت بدلا فاسدا وفاتت رُجع فيها إلى الواجب في أمثالها من البدل )١
١ - الجامع لأحكام القرآن، ٣/١٤١- النساء: ٣٤..
٢٢- قوله تعالى :﴿ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَّتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَنْ يُّقِيمَا حُدُودَ اَللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ ( ٢٣٠ ).
٢٧- قوله تعالى :﴿ إِن ظَنَّا أَنْ يُّقِيمَا حُدُودَ اَللَّهِ ﴾ :( قال ابن خويز منداد : واختلف أصحابنا هل على الزوجة خدمة أولا ؟ فقال بعض أصحابنا : ليس على الزوجة خدمة ؛ ألا ترى أنه ليس بعقد إجارة ولا تملك رقبة، وإنما هو عقد على الاستمتاع والمستحق بالعقد هو الاستمتاع دون غيره، فلا تطالب بأكثر منه ؛ ألا ترى إلى قوله تعالى :﴿ فَإِنَ اَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً ﴾١ وقال بعض أصحابنا، عليها خدمة مثلها ؛ فإن كانت شريفة المحل ليسار أبوة أو ترفه فعليها التدبير للمنزل وأمر الخادم، وإن كانت متوسطة الحال فعليها أن تفرش الفراش ونحو ذلك، وإن كانت دون ذلك فعليها أن تقم البيت وتطبخ وإن كانت من نساء الكرد والديلم والجبل في بلدهن كلفت ما يُكَلَّفه نساؤهم، وذلك أن الله تعالى قال :﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ اَلذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾٢. وقد جرى عُرْفُ المسلمين في بلدانهم في قديم الأمر وحديثة بما ذكرنا ؛ ألا ترى أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يتكلفون الطحين والخبيز والطبيخ وفرش الفراش وتقريب الطعام وأشباه ذلك، ولا نعلم امرأة امتنعت من ذلك ولا يسوغ لها الامتناع، بل كانوا يضربون نساءهم إذا قصرن في ذلك ويأخذونهن بالخدمة ؛ فلولا أنها مستحقة لما طالبوهن ذلك )٣.
١ - النساء: ٣٤..
٢ - البقرة: ٢٢٦..
٣ - الجامع لأحكام القرآن: ٣/١٥٤..
٢٣- قوله تعالى :﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنَ اَرَادَ أَنْ يُّتِمَّ اَلرَّضَاعَةَ وَعَلَى اَلْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ اِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى اَلْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنَ اَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنَ اَرَدْتُمُ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمُ إِذَا سَلَّمْتُم مَّاءَاتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اَللَّهَ بِمَا تَعْلَمُونَ بَصِيرٌ ﴾ ( ٢٣٣ ).
٢٨- قوله تعالى :﴿ وَعَلَى اَلْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ ﴾ :( قال ابن خويز منداد : ولو كان اليتيم فقيرا لا مال، وجب على الإمام القيام به من بيت المال ؛ فإن لم يفعل الإمام وجب ذلك على المسلمين، الأخصِّ به فالأخص والأم أخص به فيجب عليها إرضاعه والقيام به ولا ترجع عيه ولا على أحد. والرضاع واجب والنفقة استحباب ووجه الاستحباب قوله تعالي :﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ﴾١ وواجب على الأزواج القيام بهن ؛ فإذا تعذر استيفاء الحق لهن بموت الزوج أو إعساره لم يسقط الحقُّ عنهن ؛ ألا ترى أن العدة واجب عليهن والنفقة والسكنى على أزواجهن، وإذا تعذرت النفقة لهن لم تسقط العدة عنهن. وروى عبد الرحمن بن القاسم في الأسدية عن مالك بن أنس رحمه الله أنه قال لا يلزم الرجل نفقة أخٍ ولا ذي قرابة ولا ذي رحم منه. قال وقول الله عز وجل :﴿ وَعَلَى اَلْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ ﴾ هو منسوخ٢. قال النحاس : " هذا لفظ مالك "، ولم يبين ما الناسخ لها ولا عبد الرحمن بن القاسم، ولا علمت أن أحدا من أصحابهم بين ذلك ؛ والذي يشبه أن يكون الناسخ لها عنده والله أعلم، أنه لما أوجب الله تعالى للمتوفى عنها زوجها من مال المتوفي نفقة حول والسُّكنَى ثم نسخ ذلك ورفعه ؛ نسخ ذلك أيضا عن الوارث )٣.
١ - البقرة: ٢٣١..
٢ - ينظر في تحقيق هذه المسألة في الجامع لأحكام القران وفي أحكام القرآن لابن العربي: ١/٢٧٦..
٣ - الجامع لأحكام القرآن ٣/١٦٨، ١٦٩ وقد أورده القرطبي بعد قوله: »... وتأولوا قوله: ﴿وعلى الوارث﴾المولود مثل ما على المولود له، أي عليه في ماله إذا ورث أباه إرضاع نفسه وقال سفيان الوارث هنا هو الباقي من والدي المولود بعد وفاة الآخر منهما؛ فإن مات الأب فعلى الأم كفاية الطفل إن لم يكن له ماله ويشركها العاصب في إرضاع المولود على قدر حظه من الميراث وقال ابن خويز منداد ولو كان اليتيم فقيرا... «..
٢٤- قوله تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا اَلذِينَ ءَامَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ اَلاَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمٌواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اَللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ ( ٢٦٧ ).
٢٩- ( قال ابن خويز منداد : ولهذه الآية جاز للوالد أن يأكل من كسب ولده، وذلك أن النبيصلى الله عليه وسلم قال :( أولادكم من طيّب أكسابكم فكلوا من أموال أولادكم هنيئا )١ )٢.
١ - أخرجه ابن ماجة في كتاب التجارات، باب ما للرجل من مال ولده ٢/٧٦٨ حديث رقم: ٢٢٩٢ من حديث عمر بن شعيب عن أبيه عن جده، ولفظه :"إن أولادكم من أطيب كسبكم فكلوا من أموالهم"، وأحمد في مسنده ٩/٤٤٥ بلفظ قريب منه..
٢ - الجامع لأحكام القرآن: ٣/٣٢١..
٢٥- قوله تعالى :﴿ إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وِتُوتُوهَا اَلْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَنُكَفِّرْ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ ( ٢٧١ ).
٣٠- ( قال ابن خويز منداد : وقد يجوز أن يراد بالآية الواجبات من الزكاة والتطوّع، لأنه ذكر الإخفاء ومدَحه والإظهار ومدحه فيجوز أن يتوجه إليهما جميعا )١.
١ - الجامع لأحكام القرآن: ٣/٣٣٣..
٢٦- قوله تعالى :﴿ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَاذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اَللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ ﴾ ( ٢٧٩ ).
٣١- ( قال ابن خويز منداد : ولو أن أهل بلد اصطلحوا على الربا استحلالاً كانوا مرتدين والحكم فيهم كالحكم في أهل الردة، وإن لم يكن ذلك منهم استحلالا جاز للإمام محاربتهم ؛ ألا ترى أن الله تعالى قد أذن في ذلك فقال :﴿ فَاذَنُواْ بِحَرْب مِّنَ اَللَّهِ وَرَسُولِِه ِ ﴾ )١.
١ - المصدر السابق: ٣/٣٦٤..
٢٧- قوله تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا اَلذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ اِلَى أَجَلٍ مُسَمىً فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَابَ كَاتِبٌ أَنْ يَّكْتُبْ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ اِلذِي عَلَيْهِ اِلْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اِللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِن كَانَ اَلذِي عَلَيْهِ اِلْحَقُّ سَفِيهًا اَوْ ضَعِيفاً اَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُّمِلَّ هَوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَنِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ اَلشُّهَدَاءِ اَن تَضِلَّ إِحْدَيهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا اَلاُخْرَى وَلاَ يَابَ اَلشُّهَدَاءُ اِذَا مَا دُعُواْ وَلاَتَسْئَمُواْ أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا اِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمُ أَقْسَطُ عِندَ اَللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَدََََةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَرَةٌ حَاضِرَةٌ تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ اَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُواْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ ( ٢٨٢ ).
٣٢- ( قال ابن خويز منداد : إنها تضمنت ثلاثين حكما )١.
١ - الجامع لأحكام القرآن ٣/٣٧٧ وفيه بعد هذا الكلام: »وقد استدل بها بعض علمائنا على جواز التأجيل في القروض على ما قال مالك: إذ لم يفصل بين القرض وسائر العقود في المداينات« ولم استطع الترجيع بين أن تكون هذه الزيادة من كلام ابن خويز منداد أو من كلام القرطبي..
٢٨- قوله تعالى :﴿ وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَنٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنَ اَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُوَدِّ اِلذِي اِوتُمِنَ أَمَنَتَهُ وَلْيَتَّقِ اِللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَدَةَ وَمَنْ يَّكْتُمْهَا فَإِنَّهُ ءَاثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ ( ٢٨٣ ).
٣٣- قوله تعالى :{ فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ{ :( قال ابن خويز منداد : وكل عرض جاز بيعه جاز رهنه، ولهذه العلة جوزنا رهن ما في الذمة، لأن بيعه جائز، ولأنه مال تقع الوثيقة به فجائز أن يكون رهنا، قياسا على سلعة موجودة... ولو شرط المرتهن الانتفاع بالرهن فلذلك حالتان : إن كان من قرض لم يجز، وإن كان بيع أو إجارة جاز لأنه يصير بائعا للسلعة بالثمن المذكور ومنافع الرهن مدة معلومة فكأنه بيع وإجارة، وأما في القرض فلأنه يصير قرضا جر منفعة، ولان موضوع القرض أن يكون قربة، فإذا دخله نفع صار زيادة في الجنس وذلك ربا )١.
١ - الجامع لأحكام القرآن، ٣/٤١١ - ٤١٣. وقد أورده القرطبي بعد قوله في مستهل المسألة الحادية عشرة: »ورهن ما في الذمة جائز عند علمائنا؛ لأنه مقبوض خلافا لمن منع ذلك؛ ومثاله رجلان تعاملا لأحدهما على الآخرين فرهنه دينه الذي عليه. قال ابن خويز منداد : وكل عرض جاز بيعد... قال ابن خويز منداد: ولو شرط المرتهن... «..
٢٩- قوله تعالى :﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا اِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اَكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُوَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوَ اَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى اَلذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلينَا فَانصُرْنَا عَلَى اَلقَوْمِ اِلكَفِرِينَ ﴾ ( ٢٨٦ ).
٣٤- قوله تعالى :﴿ رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا ﴾ :( قال ابن خويز منداد : ويمكن أن يستدل بهذا الظاهر في كل عبادة ادعى الخصم تثقيلها ؛ فهو نحو قوله تعالى :﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾١. وكقول النبي صلى الله عليه وسلم :( الدين يسر فيسروا ولاتعسروا )٢ اللهم شق على من شَقَّ على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ٣ )٤.
١ - الحج : ٧٦..
٢ - أخرجه البخاري في كتاب العلم باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا ١/٣٠ ولم يذكر فيه »الدين يسر« وبزيادة في آخره "وبشروا ولا تنفروا". ومسلم في كتاب الجهاد والسير باب في الأمر بالتيسير وترك التنفير ٣/١٣٥٩ بنحو ذلك..
٣ - لم أقف على هذا الحديث بهذا اللفظ والذي وقفت عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم :»
اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم، فارفق به« أورده مسلم في كتاب الإمارة باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية والنهي عن إدخال المشقة عليهم : ٣/١٤٥٨..
٤ - الجامع لأحكام القرآن ٣/٤٣٢. وقد أورده القرطبي بعد قوله : قوله تعالى :﴿رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا﴾ أي ثقلا قال مالك والربيع الإصر الأمر الغليظ وقال سعيد بن جبير الإصر شدة العمل وما غلظ على بني إسرائيل من البول ونحوه... والإصر في اللغة العهد، ومنه قوله تعالى: ﴿وَأَخَذْتُمَ عَلَى ذَلِكُمُ إِصْرِي﴾ والإصر : الضيق والذنب والثقل والإصار... والإصر (بكسر الهمزة) قال ابن خويز منداد: ويمكن أن يستدل... «..
Icon