ﰡ
قال أبو داود الطيالسي: حدثنا ابن فضالة عن عاصم عن زر قال: قال لي أبي ابن كعب: يا زر كأين تقرأ سورة الأحزاب؟ قال: قلت كذا وكذا آية. قال: إن كنا لنضاهي سورة البقرة، وإن كنا لنقرأ فيها (والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله ورسوله) فرفع فيما رفع.
(المسند (٣٥ ح٥٤٠) وأخرجه ابن حبان في صحيحه (الإحسان ١٠/٢٧٣ ح٤٤٢٨ من طريق حماد بن سلمة)، والحاكم (المستدرك ٤/٣٥٩ من طريق حماد بن زيد)، والضياء المقدسي (المختارة ٣/٣٧٠-٣٧٢ ح١١٦٤-١١٦٦ من طريق حماد بن زيد ومسعر)، كلهم عن عاصم نحوه. قال الحاكم: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وصحح إسناده محقق المختارة. وحسن إسناده ابن كثير (التفسير ٦/٣٧٦).
قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا)
انظر سورة الكهف آية (٢٨) وسورة الأنعام آية (١١٦).
قوله تعالى (وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (واتبع ما يوحى إليك من ربك) أي: هذا القرآن.
قوله تعالى (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا)
انظر سورة آل عمران آية (١٧٣).
قوله تعالى (... وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ)
قال الشيخ الشنقيطى: وقد بين الله جل وعلا في قوله هنا (وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم)، أن من قال لامرأته: أنت علي كظهر أمي: لا تكون أماً له بذلك،: ولم يزد هنا على ذلك، ولكنه أوضح هذا
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم) : أي ما جعلها أمك، فإذا ظاهر الرجل من امرأته، فإن الله لم يجعلها أمه، ولكن جعل فيها الكفارة.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله (أدعياءكم أبناءكم) قال: نزلت هذه الآية في زيد بن حارثة. وكان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تبناه.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (وما جعل أدعياءكم أبناءكم) وما جعل دعيك ابنك، يقول: إذا دعى رجل رجلا وليس بابنه (ذلكم قولكم بأفواهكم).
قوله تعالى (ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ)
قال البخاري: حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عُقيل عن ابن شهاب أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أن أبا حذيفة -وكان ممن شهد بدراً مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تبنّى سالماً وأنكحه بنت أخيه هنداً بنت الوليد بن عتبة - وهو مولى لامرأة من الأنصار - كما تبنى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زيداً، وكان من تبنى رجلا في الجاهلية دعاه الناس إليه، وورث من ميراثه، حتى أنزل الله تعالى (ادعوهم لآبائهم) فجاءت سهلة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - … فذكر الحديث.
(صحيح البخاري ٧/٣٦٥ ح٤٠٠٠ - ك المغازي).
(صحيح مسلم ١/٨٠ ك الإيمان، ب بيان حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم ح٦٢).
وأخرجه البخاري من عمر (الصحيح - الفرائض، ب من ادعى لغير أبيه ح٦٧٦٨).
قال البخاري: حدثنا معلى بن أسد، حدثنا عبد العزيز بن المختار، حدثنا موسى بن عقبة، قال حدثني سالم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن زيد ابن حارثة مولى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما كنّا ندعوه إلا زيد بن محمد، حتى نزل القرآن (ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله).
(صحيح البخاري ٨/٣٧٧ ك التفسير - سورة الأحزاب، ب (الآية) ح٤٧٨٢)، (صحيح مسلم ٤/٨٨٤ ح٢٤٢٥ ك فضائل الصحابة، ب فضائل زيد بن حارثة).
قال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عفان، حدثنا أبان بن زيد، ح وحدثني إسحاق بن منصور (واللفظ له) أخبرنا حبان بن هلال، حدثنا أبان، حدثنا يحيى؛ أن زيداً حدثه؛ أن أبا سلام حدثه؛ أن أبا مالك الأشعري حدثه؛ أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة" وقال: "النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب".
(الصحيح ٢/٦٤٤ ح٩٣٤ - ك الجنائز، ب التشديد في النياحة).
قال ابن ماجة: حدثنا محمد بن يحيى، ثنا عبد العزيز بن عبد الله، ثنا سليمان ابن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "كفر بامرئ ادّعاء نسب لا يعرفه، أو جحده، وإن دقّ".
(السنن ٢/٩١٦ ح٢٧٤٤ - ك الفرائض، ب من أنكر ولده) وأخرجه أحمد (المسند ٢/٢١٥) من طريق، المثني بن الصباح عن عمرو بن شعيب به. قال البوصيري في زوائد ابن ماجه: إسناده صحيح. وقال الألباني: حسن صحيح (صحيح سنن ابن ماجة ح٢٢١٦). وحسنه السيوطي (الجامع الصغير بشرح فيض القدير ٥/٧ ح٦٢٦٢).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به) يقول: إذا دعوت الرجل لغير أبيه، وأنت ترى أنه كذلك (ولكن ما تعمدت قلوبكم) يقول الله: لا تدعه لغير أبيه متعمدا. أما الخطأ فلا يؤاخذكم الله به (ولكن يؤاخذكم بما تعمدت قلوبكم).
وانظر سورة البقرة آية (٢٣٣) لبيان جناح أي: حرج.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد (تعمدت قلوبكم) قل: فالعمد ما أتى بعد البيان والنهي في هذا وغيره.
وانظر سورة المائدة آية (٨٩).
قوله تعالى (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ)
قال البخاري: حدثني إبراهيم بن المنذر، حدثنا محمد بن فُليح، حدثنا أبي عن هلال بن علي، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "ما مِن مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة. اقرءوا إن شئتم (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) فأيما مؤمن ترك مالا فليرثه عصبته مَن كانوا، فإن ترك دينا أو ضياعا فليأتني وأنا مولاه".
(صحيح البخاري ٨/٣٧٧ ك التفسير - سورة الأحزاب - ح٤٧٨١).
قال مسلم: وحدثني زهير بن حرب، حدثنا أبو صفوان الأموي عن يونس الأيلي، ح وحدثني حرملة بن يحيى (واللفظ له). قال: أخبرنا عبد الله بن وهب، أخبرني يونس عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يُؤتى بالرجل الميت، عليه الدين. فيسأل: "هل ترك لدينه من قضاء؟ " فإن حُدِّث أنه ترك وفاءً صلى عليه. وإلا قال: "صلوا
فمن توفِّي وعليه دين فعليّ قضاؤه. ومن ترك مالا فهو لورثته".
(صحيح مسلم ٣/١٢٣٧ ك الفرائض، ب من ترك مالا فهو لورثته).
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) قال: هو أب لهم.
قوله تعالى (... وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) يعظم بذلك حقهن.
وانظر سورة الأنفال آية (٧٥) لبيان أولوية الأرحام.
قوله تعالى (إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا) قال: إلى أوليائكم من أهل الشرك وصية، ولا ميراث لهم.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا) قال: حلفاؤكم الذين والى بينهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من المهاجرين والأنصار، إمساك بالمعروف والعقل والنصر بينهم.
قوله تعالى (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى)
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم) قال: أخذ الله ميثاقهم أن يصدق بعضهم بعضاً.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد، في قول الله (من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح) قال: في ظهر آدم.
قوله تعالى (لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد (ليسأل الصادقين عن صدقهم) قال: المبلغين المؤدين من الرسل.
قال مسلم: حدثنا زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم، جميعاً عن جرير، قال زهير: حدثنا جرير عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن، أبيه، قال: كنا عند حذيفة، فقال رجل: لو أدركت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قاتلت معه وأبليت. فقال حذيفة: أنت كنتَ تفعل ذلك؟ لقد رأيتنا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليلة الأحزاب، وأخذتنا ريح شديدة وقرٌّ...
(الصحيح ٣/١٤١٤-١٤١٥ ح١٧٨٨، ك الجهاد - ب غزوة الأحزاب).
قال البخاري: حدثنا مسلم قال: حدثنا شعبة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "نصرت بالصبا، وأُهلكت عاد بالدبور".
(صحيح البخاري ٢/٦٠٤ ح١٠٣٥ - ك الاستسقاء، ب قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نُصرت بالصبا).
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (إذ جاءتكم جنود) قال: الأحزاب: عيينة بن بدر، وأبو سفيان بن حرب، وقريظة.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله (فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها) قال: هي الملائكة.
قوله تعالى (إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا)
قال البخاري: حدثني عثمان بن أبي شيبة، حدثنا عبدة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها: (إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ). قالت: كان ذاك يوم الخندق.
(الصحيح ٧/٤٦١ - ك المغازي، ب غزوة الخندق... ) وأخرجه مسلم (الصحيح ٤/٢٣١٦ ح٣٠٢٠- ك التفسير).
قال أحمد: ثنا أبو عامر، ثنا الزبير بن عبد الله، حدثني ربيح بن عبد الرحمن ابن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، عن أبي سعيد قال: قلنا يوم الخندق:
(المسند ٣/٣) وأخرجه الطبري (التفسير ٢١/١٢٧) عن ابن المثنى، عن أبي عامر به. وعزاه الهيثمي لأحمد والبزار، وقال: وإسناد البزار متصل ورجاله ثقات، وكذلك رجال أحمد، إلا أن في المسند: عن ربيح بن أبي سعيد عن أبيه، وهو في البزار: عن أبيه عن جده (مجمع الزوائد ١٠/١٣٦).
وهو في الطبري على الصواب كما في البزار، وأصلحنا إسناد أحمد حتى يوافقهما.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد (إذ جاءوكم من فوقكم) قال عيينة بن بدر في أهل نجد: (ومن أسفل منكم)، قال أبو سفيان: قال: وواجهتهم قريظة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (وإذا زاغت الأبصار) : شخصت.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى: (وبلغت القلوب الحناجر) قال: شخصت من مكانها، فلولا أنه ضاق الحلقوم عنها أن تخرج لخرجت.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن الحسن (وتظنون بالله الظنونا) قال: ظنونا مختلفة: ظن المنافقون أن محمداً وأصحابه يستأصلون، وأيقن المؤمنون أن ما وعدهم الله حق، إنه سيظهره على الدين كله ولو كره المشركون.
قوله تعالى (هنالك ابتلي المؤمنون)
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (هنالك ابتلي المؤمنون) قال: محصوا.
قوله تعالى (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا)
أخرج آدم بن أبي إياس بمسنده الصحيح عن مجاهد، قوله (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) قال: تكلمهم بالنفاق يومئذ وتكلم المؤمنون بالحق والإيمان (ما وعدنا الله ورسوله).
وانظر سورة البقرة آية (١٠) لبيان في قلوبهم مرض أي: شك.
قوله تعالى (وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا)
قال البخاري: حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن يحيى بن سعيد قال: سمعت أبا الحباب سعيد بن يسار يقول: سمعت أبا هريرة - رضي الله عنه - يقول: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أمرت بقرية تأكل القرى، يقولون: يثرب، وهي المدينة، تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد".
(الصحيح ٤/٨٧ ح١٨٧١ - ك فضائل المدينة، ب فضل المدينة وأنها تنفي الناس). وأخرجه مسلم (الصحيح ٢/١٠٠٦ ح١٣٨٢، ك الحج، ب المدينة تنفي شرارها).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله (إن بيوتنا عورة) قال: نخشى عليها من السرق.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة) وإنها مما يلي العدو، وإنا نخاف عليها السراق، فبعث النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلا يجد بها عدوا، قال الله (إن يريدون إلا فرارا) يقول: إنما كان قولهم ذلك (إن بيوتنا عورة) إنما كان يريدون بذلك الفرار.
قوله تعالى (وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآَتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (ولو دخلت عليهم من أقطارها) أي لو دخل عليهم من نواحي المدينة (ثم سئلوا الفتنة) أي الشرك (لأتوها) يقول: لأعطوها، (وما تلبثوا بها إلا يسيرا) يقول: إلا أعطوه طيبة به أنفسهم ما يحتسبونه.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا) وإنما الدنيا كلها قليل.
قوله تعالى (قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا (١٨) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا)
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله (هلم إلينا) قال: قال المنافقون: ما محمد وأصحابه إلا أكلة رأس، وهو هالك ومن معه، هلم إلينا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (أشحة عليكم) في الغنيمة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد) أما عبد الغنيمة، فأشح قوم وأسوأ مقاسمة، أعطونا فإن قد شهدنا معكم.
وأما عند البأس فأجبن قوم، وأخذله للحق.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي عن أبي طلحة عن ابن عباس قوله (سلقوكم بألسنة حداد) قال: استقبلوكم.
قوله تعالى (يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا)
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله (يحسبون الأحزاب لم يذهبوا) قال: يحسبونهم قريبا.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (يسألون عن أنبائكم) قال: أخباركم.
قوله تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)
قال البخاري: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن نافع: أن ابن عمر رضي الله عنهما دخل ابنه عبد الله بن عبد الله وظهره لا الدار
(الصحيح ٣/٥٧٧ ح١٦٣٩ - ك الحج، ب طواف القارن)، وأخرجه مسلم (٢/٩٠٣ ح١٦٣٩، ١٦٤٠، ١٧٠٨، ١٧٢٩).
قوله تعالى (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله) وكان الله قد وعدهم في سورة البقرة فقال (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه) خيرهم وأصبرهم وأعلمهم بالله (متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب) هذا والله البلاء والنقص الشديد، وإن أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما رأوا ما أصابهم من الشدة والبلاء (قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما) وتصديقا بما وعدهم الله، وتسليما لقضاء الله.
قوله تعالى (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)
قال مسلم: وحدثني محمد بن حاتم، حدثنا بهز حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت قال: قال أنس: عمِّى الذي سُميت به لم يشهد مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدراً. قال: فشق عليه. قال: أول مشهد شهده رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غُيّبت عنه. وإن أراني الله مشهداً، فيما بعد، مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ليراني الله ما أصنع. قال: فهاب أن يقول غيرها. قال: فشهد مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم أحد. قال: فاستقبل
(صحيح مسلم ٣/١٥١٢ - ك الإمارة، ب ثبوت الجنة للشهيد)، (صحيح الطبري ٨/٣٧٧ ح٤٧٨٣ - ك التفسير - سورة الأحزاب - الآية).
قال الترمذي: حدثنا أبو كريب، حدثنا يونس بن بكير، عن طلحة بن يحيى، عن موسى وعيسى ابني طلحة، عن أبيهما طلحة: أن أصحاب رسول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالوا لأعرابي جاهل: سله عمن قضى نحبه من هو؟ وكانوا لا يجترؤون على مسألته يوقرونه ويهابونه، فسأله الأعرابي فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض عنه، ثم إني اطلعت من باب المسجد وعلىّ ثياب خضر، فلما رآني رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "أين السائل عمن قضى نحبه"؟ قال: أنا يا رسول الله، قال: "هذا ممن قضى نحبه".
(السنن ٥/٣٥٠ ح٣٢٠٣ - ك التفسير، ب ومن سورة الأحزاب)، وأخرجه أبو يعلى مسنده (٢/٢٦ ح٦٦٣)، والطبري في تفسيره (٢١/١٤٧) كلاهما بإسناد الترمذي ولفظه. قال الإمام الترمذي عقبه: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث يونس بن بكر. وقال الشيخ الألباني: إسناده حسن، رجاله ثقات رجال مسلم، غير أن طلحة بن يحيى تكلم فيه بعضهم من أجل حفظه، وهو مع ذلك لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن، ولم ينفرد بالحديث... وذكر له متابعات وشواهد (السلسلة الصحيحة ١/ رقم ١٢٥).
قال الحاكم: حدثني محمد بن صالح بن هانئ، ثنا يحيى بن محمد بن يحيى الشهيد، ثنا عبد الله بن عبد الوهاب الحجي، ثنا حاتم بن إسماعيل، عن عبد الأعلى ابن عبد الله بن أبي فروة، عن قطن بن وهيب، عن عبيد بن عمير، عن أبي ذره - رضي الله عنه - قال: لما فرغ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم أُحد مرّ على مصعب الأنصاري مقتولاً على طريقة فقرأ (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) الآية.
(المستدرك ٣/٢٠٠ - ك معرفة الصحابة. وقال، صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (وما بدلوا تبديلا) يقول: ما شكوا وما ترددوا في دينهم، ولا استبدلوا به غيره.
قوله تعالى (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ)
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة (ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم) يقول: إن شاء أخرجهم من النفاق إلى الإيمان.
قوله تعالى (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا)
قال الشيخ الشنقيطي: ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه رد الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وأنه كفى المؤمنين القتال وهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه. ولم يبين هنا السبب الذي رد به الذين كفروا وكفى به المؤمنين القتال ولكنه جل وعلا بين ذلك في قوله (فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها) أي وبسبب تلك الريح، وتلك الجنود ردهم بغيظهم وكفاكم القتال كما هو ظاهر.
قال البخاري: حدثني عبد الله بن محمد، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا إسرائيل، سمعت أبا إسحاق يقول: سمعت سليمان بن صرد يقول: سمعت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول حين أجلى الأحزاب عنه: "الآن نغزوهم ولا يغزوننا نحن نسير إليهم".
(الصحيح ٧/٤٦٧، ح٤١١٠ - ك المغازي، ب غزوة الخندق وهي الأحزاب).
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله: (وردّ الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا) الأحزاب.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (وردّ الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً) وذلك يوم أبي سفيان والأحزاب، ردّ الله أبا سفيان وأصحابه بغيظهم لم ينالوا خيراً (وكفى الله المؤمنين القتال) بالجنود من عنده، والريح التي بعث إليهم.
(الصحيح ٢/٩٩ ك الصلاة، ب ذكر فوات الصلوات والسنة في قضائها) وقال الألباني: إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد في (مسنده ٣/٢٥)، والدارمي في (سننه ١/٣٥٨)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان ٧/١٤٧ ح٢٨٩٠) وقال محققه: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه النسائي (السنن ٢/١٧)، والشافعي في مسنده (ص٣٢ ح١١٨) كلهم من طريق ابن أبي ذئب به، ونقل ابن الملقن عن البيهقي قوله: ورواة هذا الحديث كلهم ثقات. وقال ابن الملقن: صحيح (البدر المنير ص٧٦٧ ح٢٩٠) تحقيق إقبال أحمد رسالة ماجستير. وقال ابن حجر: صححه ابن السكن (التلخيص الحبير ١/١٩٥).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (وكان الله قوياً عزيزاً)، قوياً في أمره، عزيزاً في نقمته.
قوله تعالى (وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (٢٦) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا)
قال مسلم: وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء الهمداني، كلاهما عن ابن نمير. قال ابن العلاء: حدثنا ابن نمير، حدثنا هشام عن أبيه، عن عائشة.
قالت: أُصيب سعد يوم الخندق. رماه رجل من قرش -يقال له: ابن العرقة- رماه في الأكحل. فضرب عليه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خيمة في المسجد يعوده من قريب.
فلما رجع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الخندق وضع السلاح. فاغتسل. فأتاه جبريل وهو ينفض رأسه من الغبار. فقال: وضعتَ السلاح؟ والله! ما وضعناه. اخرُج إليهم.
فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "فأين"؟ فأشار إلى بني قريظة. فقاتلهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(صحيح مسلم ٣/١٣٨٩ ك الجهاد والسير، ب جواز قتال من نقض العهد... ح١٧٦٩).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد (وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب) قال: قريظة، يقول: أنزلهم من صياصيهم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب) وهم بنو قريظة، ظاهروا أبا سفيان وراسلوه، فنكثوا العهد الذي بينهم وبين في الله.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد (من صياصيهم) يقول: أنزلهم من صياصيهم، قال: قصورهم
أخرج عبد الرزاق والطبري بسنديهما الصحيح عن قتادة قوله (من صياصيهم) أي من حصونهم وآطامهم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (فريقا تقتلون) الذين ضربت أعناقهم (وتأسرون فريقا) الذين سبوا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (وأرضا لم تطئوها) قال: قال الحسن: هي الروم وفارس، وما فتح الله عليهم.
قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (٢٨) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآَخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا)
قال البخاري: حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخبرته أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جاءها حين أمر الله أن يخيّر أزواجه، فبدأ بي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: إني ذاكر لك أمراً، فلا عليك أن تستعجلي حتى تستأمري أبويك، وقد علم أن
(صحيح البخاري ٨/٣٧٩ ح٤٧٨٥ - ك التفسير - سورة الأحزاب، ب (قل لأزواجك إن كن تردن الحياة الدنيا... )، (صحيح مسلم ٢/١١٠٣ ح١٤٧٥ ك الطلاق، ب بيان أن تخير امرأته لا يكون طلاقا إلا بالنية. بزيادة "قالت: ثم فعل أزواج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مثل ما فعلت").
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا).. إلى قوله (أجرا عظيما) قال: قال الحسن وقتادة: خيرهن بين الدنيا والآخرة والجنة والنار في كل شيء كن أردنه في الدنيا.
قوله تعالى (يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ)
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى (يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ) قال: عذاب الدنيا وعذاب الآخرة.
قوله تعالى (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) أي من يطع منكن الله ورسوله (وأعتدنا لها رزقا كريما) وهى الجنة.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله (ومن يقنت منكن لله ورسوله) قال: كل قنوت في القرآن طاعة.
قوله تعالى (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ)
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ) يعني نساء هذه الأمة.
قوله تعالى (فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ)
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة (فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) قال: نفاق.
قوله تعالى (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)
قال الترمذي: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عمرو بن عاصم، حدثنا همام عن قتادة، عن مورق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان".
(السنن ٣/٤٦٧ ك الرضاع) وقال: هذا حديث حسن غريب. وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه (٣/٩٣ ك الصلاة، ب اختيار صلاة المرأة في بيتها ح١٦٨٦)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان ١٢/٤١٢ ح٥٥٩٨) كلاهما من طريق المعتمر بن سليمان عن أبيه عن قتادة به، وعزاه الهيثمي إلى الطبراني وقال: رجاله موثقون (مجمع الزوائد ٢/٣٥). وأخرجه ابن خزيمة في الباب السابق برقم (١٦٨٥) عن: همام، عن قتادة، عن مورق، عن أبي الأحوص به. قال الألباني معلقا: إسناده صحيح. وصححه السيوطي (الجامع الصغير مع فيض القدير ٦/٢٦٦ ح٩١٩٣).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) أي: إذا خرجتن من بيوتكن، قال: كانت لهن مشية وتكسر وتغنج يعني بذلك الجاهلية الأولى فنهاهن الله عن ذلك.
قال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير (واللفظ لأبي بكر) قال: حدثنا محمد بن بشر عن زكريا، عن مصعب بن شيبة، عن صفية بنت شيبة. قالت: قالت عائشة: خرج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غداة وعليه مِرْط مرحل، من شعر أسود. فجاء الحسن بن علي فأدخله. ثم جاء الحسين فدخل معه. ثم جاءت فاطمة فأدخلها. ثم جاء علي فأدخله. ثم قال (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا).
(صحيح مسلم ٤/١٨٨٣ ك فضائل الصحابة، ب فضائل أهل بيت النبي - ﷺ - ح٢٤٢٤).
(المستدرك ٣/١٥٨ - ك معرفة الصحابة، قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) فهل أهل بيت طهرهم الله من السوء، وخصهم لرحمة منه.
قوله تعالى (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة في قوله (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة) : أي السنة، قال: يمتن عليهم بذلك.
قوله تعالى (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)
قال النسائي: أنا محمد بن معمر، نا المغيرة بن سلمة أبو هشام المخزومي، نا عبد الواحد بن زياد، نا عثمان بن حكيم، لا عبد الرحمن بن شيبة، قال: سمعت أم سلمة زوج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تقول: قلتُ للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ما لنا لا نُذكر في القرآن كما يُذكر الرجال، قالت: فلم يَرُعْنِي ذات يوم ظُهرا إلا نداؤُه على المنبر، وأنا أُسرّح رأسي، فلففت شعري، ثم خرجت إلى حجرة بيتي، فجعلت سمعي عند الجريد، فإذا هو يقول على المنبر: يا أيها الناس، إن الله يقول في كتابه (إن المسلمين والمسلمات) إلى آخر الآية (أعد الله لهم مغفرة وأجر عظيماً).
قوله تعالى (والمتصدقين والمتصدقات)
انظر حديث البخاري تحت الآية رقم (٣٣) من سورة يوسف.
قوله تعالى (والذاكرين الله كثيرا والذاكرات)
قال مسلم: حدثنا أمية بن بسطام العيشي، حدثنا يزيد (يعني ابن زريع) حدثنا روح بن القاسم عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يسير في طريق مكة. فمرّ على جبل يُقال له جُمدان قال: "سيروا. هذا جُمدان. سبق المفردون" قالوا: وما المفرّدون؟ يا رسول الله! قال: "الذاكرون الله كثيرا، والذاكرات".
(صحيح مسلم ٤/٢٠٦٢ - ك الذكر والدعاء، ب الحث على ذكر الله تعالى ح٢٦٧٦).
قال ابن ماجة: حدثنا العباس بن عثمان الدمشقي، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا شيبان أبو معاوية، عن الأعمش، عن علي بن الأقمر، عن الأغر عن أبي سعيد وأبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إذا استيقظ الرجل من الليل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين، كُتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات".
(السنن - ١/٤٢٣ إقامة الصلاة والسنة فيها، ب ما جاء فيمن أيقظ أهله من الليل ح١٣٣٥).
أخرجه أبو داود (السنن ٢/٧٠ - الصلاة، ب الحث على قيام الليل)، وقال الألباني: صحيح (صحيح ابن ماجة ١/٢٢٣)، وأخرجه الحاكم من طريق الأعمش به، وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ١/١٣١٦).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) قال: زينب بنت جحش وكراهتها نكاح زيد بن حارثة حين أمرها به الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قوله تعالى (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا)
قال مسلم: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا داود بهذا الإسناد نحو حديث ابن علية. وزاد: قالت: ولو كان محمد - ﷺ - كاتماً شيئاً مما أُنزل عليه لكتم هذه الآية: (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ).
(الصحيح ١/١٦٠ ك الإيمان، ب معنى قوله تعالى: (ولقد رآه نزلة أخرى... ) بعد رقم ١٧٧.
وحديث ابن علية الذي أحال عليه مسلم هو قول عائشة: ثلاث من تكلم بواحدة منهن قد أعظم على الله الفرية).
قال البخاري: حدثنا محمد بن عبد الرحيم، حدثنا معلى بن منصور عن حماد ابن زيد، حدثنا ثابت عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن هذه الآية (وتخفي في نفسك ما الله مبديه) نزلت في شأن زينب بنت جحش وزيد بن حارثة.
(صحيح البخاري ٨/٣٨٣ ك التفسير - سورة الأحزاب، ب (الآية) ح٤٧٨٧).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (وإذ تقول للذي أنعم الله عليه) وهو زيد أنعم الله عليه بالإسلام، وأنعمت عليه أعتقه الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه) قال: وكان يخفي في نفسه ودّ أنه طلقها، قال الحسن: ما أنزلت عليه آية كانت أشد عليه منها قوله (وتخفي في نفسك ما الله مبديه) ولو كان نبي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كاتماً شيئاً من الوحي لكتمها (وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه) قال: خشي نبي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مقالة الناس.
قال مسلم: حدثنا محمد بن حاتم بن ميمون، حدثنا بهز، ح وحدثتي محمد ابن رافع، حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم. قالا جميعا: حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت، عن أنس. وهذا حديث بهز قال: لما انقضت عدة زينب قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لزيد: "فاذكرها عليّ"، قال: فانطلق زيد حتى أتاها وهى تُخمّر عجينها. قال: فلما رأيتها عظمت في صدري. حتى ما أستطيع أن أنظر إليها أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذكرها. فولّيتها ظهري ونكصتُ على عقبي. فقلت: يا زينب! أرسلَ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يذكركِ. قالتْ: ما أنا بصانعة شيئا حتى أُوامر ربي. فقامت إلى مسجدها. ونزل القرآن. وجاء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فدخل عليها بغير إذن قال فقال: ولقد رأيتُنا أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أطعمنا الخبز واللحم حين امتدّ
النهار. فخرج الناس وبقي رجال يتحدثون في البيت بعد الطعام. فخرج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واتبعته. فجعل يتتبع حُجر نسائه يُسلم عليهن. ويقلن: يا رسول الله!
كيف وجدت أهلك؟ قال: فما أدري أنا أخبرته أن القوم قد خرجوا أو أخبرني.
قال: فانطلق حتى دخل البيت. فذهبتُ أدخلُ معه فألقَى الستر بيني وبينه. ونزل الحجاب. قال: ووُعظ القوم بما وُعظوا به.
زاد ابنُ رافع في حديثه (لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه) إلى قوله (والله لا يستحيي من الحق).
(صحيح مسلم ٢/١٠٤٨-١٠٤٩ ح١٤٢٨ - ك النكاح، ب زواج زينب بنت جحش).
قوله تعالى (مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَه... )
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَه) أي: أحل الله له.
انظر الآية رقم (٨) من هذه السورة.
قوله تعالى (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ)
قال ابن ماجة: حدثنا أبو كريب، ثنا عبد الله بن نمير وأبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن أبي سعيد قال؟ قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا يحقر أحدكم نفسه" قالوا: يا رسول الله! كيف يحقر أحدنا نفسه؟ قال: "يرى أمراً لله عليه فيه مقال، ثم لا يقول فيه. فيقول الله عز وجل له يوم القيامة: ما منعك أن تقول في كذا وكذا؟ فيقول: خشية الناس.
فيقول: فإياي كنتَ أحق أن تخشى".
(السنن ٢/١٣٢٨ ح٤٠٠٨ ك الفتن، ب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر). قال البوصيري في زوائد ابن ماجة: إسناده صحيح رجاله ثقات. وأخرجه أحمد (المسند ٣/٣٠) عن ابن نمير عن الأعمش به. وأخرجه أحمد (المسند ٣/٨٤، ٩٢)، وأخرجه الترمذي (٤/٤٨٣ ح١٩١ وقال: حسن صحيح) وابن حبان (الإحسان ١/٥١١-٥١٢ ح٢٧٨)، والبيهقي (السنن ١٠/٩٠) من طرق: عن شعبة، عن قتادة، عن أبي نضرة عن أبي سعيد مرفوعاً بلفظ: "لا يمنعن أحدكم مخافة أن يتكلم بحق إذا رآه أو عرفه". وصحح إسناده الألباني (صحيح سنن ابن ماجة ح٣٢٣٧ وصححه الأرناؤوط في حاشية الإحسان).
قوله تعالى (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا)
قال البخاري: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن عبد الله ابن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون: هلا وُضعت هذه اللبنة؟
قال: فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين".
(صحيح البخاري ٦/٦٤٥ ح٣٥٣٥ - ك المناقب، ب خاتم النبيين - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -). صحيح مسلم ٤/١٧٩١ ح٢٢٨٧ - ك الفضائل، ب ذكر كونه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خاتم النبيين نحوه).
قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله (اذكروا الله ذكرا كثيرا) يقول: لا يفرض على عباده فريضة إلا جعل لها حدا معلوما، ثم عذر أهلها في حال عذر غير الذكر، فإن الله لم يجعل له حدا ينتهي إليه ولم يعذر أحدا في تركه إلا مغلوبا على عقله، قال (اذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم) بالليل والنهار في البر والبحر، وفي السفر والحضر، والغنى والفقر، والسقم والصحة، والسر والعلانية، وعلى كل حال وقال (وسبحوه بكرة وأصيلا) فإذا فعلتم ذلك صلى عليكم هو وملائكته قال الله عز وجل (هو الذي يصلي عليكم وملائكته).
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة قوله (وسبحوه بكرة وأصيلا) صلاة الغداة، وصلاة العصر.
قوله تعالى (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ... )
قال البخاري: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه ما لم يُحدث: اللهم اغفر له، اللهم ارحمْه. لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة".
(صحيح البخاري ٢/١٦٧ ح٦٥٩ - ك الأذان، ب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة..).
وأخرجه مسلم بنحوه (١/٤٥٩) ك المساجد، ب فضل صلاة الجمعة... ح٢٧٣، ٢٧٤).
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة قوله (تحيتهم يوم يلقونه سلام) قال: تحية أهل الجنة السلام.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (وأعد لهم أجرا كريما) أي: الجنة.
قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (٤٥) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا)
قال البخاري: حدثنا محمد بن سنان، حدثنا فُليح، حدثنا هلال، عن عطاء ابن يسار قال: لقيتُ عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قلتُ: أخبرني عن صفة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في التوراة، قال: أجل. والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا) وحِرزاً للأميين، أنت عبدي ورسولي، سمّيتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا سخّاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا: "لا إله إلا الله ويُفتح بها أعين عميٌ وآذان صم وقلوب غلف". تابعه عبد العزيز بن أبي سلمة عن هلال عن عطاء عن ابن سلام. غُلف: كل شيء في غلاف، سيف أغلف، وقوس غلفاء، ورجل أغلف إذا لم يكن مختوناً.
(الصحيح ٤/٤٠٢ ح٢١٢٥ - ك البيوع، ب كراهية السخب في الأسواق).
قال الحاكم: حدثني محمد بن صالح بن هانئ، ثنا أبو سهل بشر بن سهل اللباد، ثنا عبد الله بن صالح المصري، حدثني معاوية بن صالح عن سعيد بن سويد عن عبد الأعلى بن هلال عن عرباض بن سارية - رضي الله عنه - صاحب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: إني عبد الله وخاتم النبيين وأبي منجدل في طينته وسأخبركم عن ذلك: أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى، ورؤيا أمي آمنة التي رأت وكذلك أمهات النبيين يرين وأن أم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأت حين وضعته له
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. (المستدرك ٢/٤١٨، ك التفسير وصححه الذهبي). وفي إسناده سعد بن سويد تكلم فيه ولكن له تابعات وشواهد ذكرها الزميل د. عبد الله محمد شفيع (في رسالة الماجستير بعنوان: دراسة مرويات الصحابة سهل بن سعد والعرباض بن سارية وثوبان في مسند أحمد ص ٤٩٥-٥٠٠).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا) على أمتك بالبلاغ، ومبشرا بالجنة، (ونذيراً) بالنار.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (وداعيا إلى الله) إلى شهادة أن لا الله إلا الله.
قوله تعالى (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا) لم يبين هنا المراد بالفضل الكبير في هذه الآية الكريمة ولكنه بينه في سورة الشورى في قوله تعالى (والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير).
قوله تعالى (وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا)
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (ودع أذاهم) قال: أعرض عنهم.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى (ودع أذاهم) قال: اصبر على أذاهم.
انظر سورة الكهف آية (٢٨) وسورة الأنعام آية (١١٦).
قال ابن ماجة: حدثنا أبو كريب، ثنا هشيم، أنبأنا عامر الأحول، ح وحدثنا أبو كريب، ثنا حاتم بن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن الحارث، جميعا عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "لا طلاق فيما لا يملك".
(السنن ١/٦٦٠ ح٢٠٤٧ - الطلاق، ب لا طلاق قبل النكاح). أخرجه أحمد والترمذي وأبو داود من طريق عمرو بن شعيب به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن وهو أحسن شيء روي في هذا الباب (السنن ٢/١٨٩، ١٩٠) (السنن - أبواب الطلاق، ب ما جاء لا طلاق قبل النكاح) (السنن - الطلاق، ب في الطلاق قبل النكاح). وقال الألباني: وإسناده حسن للخلاف المعروف في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (الإرواء ٦/١٧٣). وأخرجه الحاكم من حديث جابر وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/٢٠٤) وقال الخطابي: حسن. وصححه ابن الملقن (خلاص البدر المنبر ٢/٢٢١) وله شواهد ذكرها الحافظ ابن حجر (التلخيص الحبير ٣/٢١٠-٢١٢).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قوله (يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها) فهذا الرجل يتزوج المرأة، ثم يطلقها من قبل أن يمسها، فإذا طلقها واحدة بانت منه، ولا عدة عليها أن تتزوج من شاءت، ثم يقرأ (فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلاً) يقول: إن كان سمى لها صداقا، فليس لها إلا النصف، إن لم يكن سمى لها صداقا متعها على قدر عسره ويسره وهو السراح الجميل.
قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آَتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)
قال البخاري: حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان سمعت أبا حازم يقول: سمعت سهل بن سعد الساعدي، يقول: إني لفي القوم عند رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فلم يُجبها شيئاً. ثم قامت فقالت: يا رسول الله إنها قد وهبت نفسها لك فرَ فيها رأيك. فلم يجبها شيئا. ثم قامت الثالثة فقالت: إنها قد وهبت نفسها لك، فر فيها رأيك. فقام رجل فقال؟ يا رسول الله، أنكحنيها. قال: "هل عندك من شيء"؟ قال: لا، قال: "اذهبْ فاطلب ولو خاتماً من حديد". فذهب وطلب، ثم جاء فقال: ما وجدتُ شيئاً، ولا خاتما من حديد. قال: "هل معك من القرآن شيء"؟ قال: معي سورة كذا وسورة كذا. قال: "اذهب فقد أنكحتكها بما معك من القرآن".
(صحيح البخاري ٩/١١٢ ح٥١٤٩ - ك النكاح، ب الترويج على القرآن وبغير صداق) وأخرجه مسلم في (صحيحه ح١٤٢٥ - ك النكاح، ب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن).
قال الطبري: حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا عبد الوهاب قال: ثنا داود، عن محمد بن أبي موسى، عن زياد، قال لأبي بن كعب: هل كان للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لو مات أزواجه أن يتزوج؟ قال: ما كان يحرم عليه ذلك، فقرأت عليه هذه الآية (يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك) قال: فقال: أحل له ضربا من النساء، وحرّم عليه ما سواهن، أجل له كل امرأة آتى أجرها، وما ملكت يمينه مما أفاء الله عليه، وبنات عمه وبنات عماته، وبنات خاله وبنات خالاته، وكل امرأة وهبت نفسها له إن أراد أن يستنكحها خالصة له من دون المؤمنين.
(التفسير ٢٢/٢٩) وأخرجه الضياء المقدسي (المختارة ٣/٣٧٦ ح١١٧١)، من طريق: إسماعيل عن داود بن أبي هند به، قال محققه: إسناده حسن).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (أزواجك اللائي آتيت أجورهن) قال: صدقاتهن.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي) بغير صداق، فلم يفعل ذلك، وأحل له خاصة من دون المؤمنين.
قال الطبري: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني سعيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن خولة بنت حكيم بن الأوقص من بنى سليم، كانت من اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وقال ابن حجر: علقه البخاري ووصله أبو نعيم من طريق أبي سعيد مولى بني هاشم عن هشام أبيه عن عائشة وأخرجه الطبراني من طريق يعقوب عن محمد بن هشام به. (الإصابة ٤/٢٩١) وسنده ثابت.
أخرج عبد الرزاق والطبري بسنديهما الصحيح عن قتادة، قوله (قد علمنا ما فرضا عليهم في أزواجهم) قال: كان مما فرض الله عليهم أن لا تزوج امرأة إلا بولي وصداق عند شاهدي عدل ولا يحل لهم من النساء إلا أربع، وما ملكت أيمانهم.
قوله تعالى (تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آَتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا)
قال البخاري: حدثنا حِبّان بن موسى أخبرنا عبد الله أخبرنا عاصم الأحول عن معاذة عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يستأذن في يوم المرأة منا بعد أن أُنزلت هذه الآية (ترجى من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك) فقلتُ لها: ما كنتِ تقولين؟ قالت كنت أقول له: إن كان ذاك إليّ فإني لا أريد يا رسول الله أن أُوثر عليك أحداً.
تابعه عباد بن عباد سمعَ عاصما، (صحيح البخاري ٨/٣٨٥ - ك التفسير - سورة الأحزاب ح٤٧٨٩) صحيح مسلم (٢/١١٠٣ ح١٤٧٦ - ك الطلاق، ب بيان أن تخيير امرأته لا يكون طلاقا إلا بالنية).
قال مسلم: حدثنا أبو كريب محمد بن العَلاء، حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة. قالت: كنتُ أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأقول: وتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل الله عز وجل: (ترجى من تشاء منهن
(صحيح مسلم ٢/١٠٨٥ - ك الرضاع، ب جواز هبتها نوبتها لضرتها. ح١٤٦٤). وأخرجه البخاري (الصحيح - ك النكاح، ب هل للمرأة تهب نفسها ٩/١٦٤ ح٥١١٣).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قوله (ترجي من تشاء منهن) يقول: تؤخر.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله (ترجي من تشاء منهن) قال: تعزل بغير طلاق من أزواجك من تشاء (وتؤوي إليك من تشاء) قال: تردها إليك من شئت ممن ترجى.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة في قوله (ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك) قال: جميعاً هذه في نسائه، إن شاء أتى من شاء منهن، ولا جناح عليه.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن) إذا علمن أن هذا جاء من الله لرخصة، كان أطيب لأنفسهن، وأقل لحزنهن.
قوله تعالى (لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا)
قال النسائي: أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك قال: حدثنا أبو هشام وهو المغيرة بن سلمة المخزومي قال: حدثنا وُهيب قال: حدثنا ابن جريح، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن عائشة قالت: ما تُوفي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى أحلّ الله له أن يتزوج من النساء ما شاء.
(السنن ٦/٥٦ - ك النكاح، ب ما افترض الله عز وجل على رسوله وحرمه على خلقه)، أخرجه الترمذي (٥/٣٥٦ - التفسير، وحسنه وصححه الألباني في صحيح السنن. وأخرجه الدارمي في (سننه ٢/١٥٤ - ك النكاح، ب قول الله في تعالى (لا يحل لك النساء من بعد..) من طريق المعلى)، والحاكم في (المستدرك ٢/٤٣٧، ك التفسير من طريق موسى بن إسماعيل كلاهما عن وهب بن خالد به).
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، عن عكرمة (لا يحل لك النساء من بعد) هؤلاء التي سمى الله إلا (بنات عمك)... الآية.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (لا يحل لك النساء من بعد) لا يهودية، ولا نصرانية، ولا كافرة.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد (ولا أن تبدل بهن من أزواج) ولا أن تبدل بالمسلمات غيرهن من النصارى واليهود والمشركين (ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (وكان الله على كل شيء رقيبا) أي: حفيظاً.
قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا)
قال البخاري: حدثنا مسدد عن يحيى عن حُميد عن أنس قال: قال عمر - رضي الله عنه -: قلتُ يا رسول الله يَدخل عليك البرّ والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب. فأنزل الله آية الحجاب.
قال البخاري: حدثنا محمد بن عبد الله الرقاشى، حدثنا معتمر بن سليمان قال: سمعت أبي يقول: حدثنا أبو مجلز عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال، لما تزوج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
(صحيح البخاري ٨/٣٨٧-٣٨٨ ح٤٧٩٠، ٤٧٩١ - ك التفسير، سورة الأحزاب).
قال البخاري: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إياكم والدخول على النساء" فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: "الحمو الموت".
(الصحيح ٩/٢٤٢ ح٥٢٣٢ - ك النكاح، ب لا يخلون رجل بامرأة)، وأخرجه مسلم (الصحيح ٤/١٧١١ ح٢١٧٢ - ك السلام، ب تحريم الخلوة بالأجنبية... ).
قال الترمذي: حدثنا قتيبة، حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن الجعد بن عثمان عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: تزوج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فدخل بأهله، قال: فصنعت أمي أم سليم حيسا فجعلته في تور فقالت يا أنس اذهب بهذا إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقل بعثت إليك بها أمي وهى تقرئك السلام وتقول: إن هذا لك منَّا قليلٌ يا رسول الله، قال: فذهبتُ بها إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقلتُ إن أُمي تُقرئك السلام وتقول: إن هذا منا لك قليل فقال ضعه، ثم قال: اذهب لها فادع لي فلانا وفلانا وفلانا ومن لقيت فسمّى رجالا، قال: فدعوتُ من سمّى ومن لقيت، قال: قلت لأنس عددكم كم كانوا؟ قال زهاء ثلاثمائة قال: وقال لي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "يا أنس هات التور"، قال: فدخلوا حتى امتلأت الصُفة والحجرة فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ليتحلّق عشرة عشرة وليأكل كل إنسان مما يليه، قال: فأكلوا حتى شبعوا قال: فخرجت طائفة ودخلت طائفة حتى أكلوا كلهم، قال: فقال لي: "يا أنس ارفع" قال: فرفعت فما أدري حين وضعت كان أكثر أم حين رفعت، قال: وجلس منهم طوائف يتحدثون في بيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جالس وزوجته مُولّية وجهها إلى الحائط فثقلوا على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فخرج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. (السنن ٥/٣٥٧-٣٥٨ ك التفسير، ب - سورة الأحزاب، ح٣٢١٨ وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي. والحاكم في (المستدرك ٢/٤١٧-٤١٨ وصححه الذهبي).
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد، في قول الله (إلى طعام غير ناظرين إناه) قال: متحينين نضجه.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد (ولا مستأنسين لحديث) بعد أن تأكلوا.
انظر حديث البخاري ومسلم عن عمر المتقدم عند الآية (١٢٥) من سورة البقرة وهو حديث:
"وافقت ربي في ثلاث | " وفيه نزول آية الحجاب. |
انظر سورة البقرة آية (٢٨٤).
قوله تعالى (لا جناح عليهن في آبائهن)
انظر سورة البقرة آية (٢٣٣) لبيان لا جناح أي: حرج.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، في قول الله (لا جناح عليهن في آبائهن) ومن ذكر معه أن يروهن.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، في قوله (لا جناح عليهن) إلى (شهيدا) : فرخص لهؤلاء أن لا يحتجبن منهم.
قال البخاري: حدثني سعيد بن يحيى، حدثنا أبي حدثنا مسعر عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن كعب بن عُجرة - رضي الله عنه -، قيل يا رسول الله، أما السلام عليك فقد عرفناه، فكيف الصلاة عليك؟ قال: "قولوا اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد".
(الصحيح ٨/٣٩٢ ح٤٧٩٧ - ك التفسير - سورة الأحزاب، ب الآية)، ومسلم في (الصحيح ١/٣٠٥ ح٤٠٦ - الصلاة، ب الصلاة على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -).
قال مسلم: حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر، قالوا: حدثنا إسماعيل -وهو ابن جعفر- عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "من صلى عليّ واحدة، صلى الله عليه عشراً".
(صحيح مسلم ١/٣٠٦ ح٤٠٨ - ك الصلاة، ب الصلاة على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد التشهد).
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن صالح، قرأت على عبد الله بن نافع، أخبرني ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا تجعلوا بيوتكم قبوراً ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلّوا عليّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم".
(السنن ٢/٢١٨ ح٢٠٤٢ ك المناسك، ب زيارة القبور). وأخرجه أحمد (المسند ٢/٣٦٧) عن سريح عن عبد الله بن نافع به. ونقل ابن كثير تصحيح النووي للحديث (التفسير ٦/٤٦٥).
ويشهد له الحديث التالي الذي رواه النسائي من حديث ابن مسعود.
قال النسائي: أخبرنا عبد الوهاب بن عبد الحكم الوراق، قال: حدثنا معاذ بن معاذ، عن سفيان بن سعيد. ح وأخبرنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا وكيع وعبد الرزاق، عن سفيان، عن عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن عبد الله
قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام".
قال الترمذي: حدثنا يحيى بن موسى وزياد بن أيوب قالا: حدثنا أبو عامر العقدي، عن سليمان بن بلال عن عمارة بن غزية، عن عبد الله بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه، عن حسين بن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "البخيل الذي من ذكرتُ عنده فلم يصلّ عليَّ".
(السنن ٥/٥٥١ ح٣٥٤٦ - ك الدعوات، ب قول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "رغم أنف رجل") وأخرجه النسائي (عمل اليوم والليلة ح٥٥، ٥٦)، وأحمد (المسند ١/٢٠١)، والحاكم (المستدرك ١/٥٤٩) من طرق سليمان بن بلال به. قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وقال ابن حجر: لا يقصر عن درجة الحسن (فتح الباري ١١/١٦٨).
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل، ثنا عبد الله بن يزيد، ثنا حيوة، أخبرني أبو هانئ حميد بن هانئ، أن أبا علي عمرو بن مالك حدثه سمع فضالة بن عبيد صاحب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: سمع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجلاً يدعو في صلاته لم يُمجِّد الله تعالى ولم يصل على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "عجّل هذا". ثم دعاه فقال له أو لغيره: "إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه جل وعز والثناء عليه، ثم يصلي على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم يدعو بعد بما شاء".
(السنن ٢/٧٧ ح١٤٨١ - ك الصلاة، ب الدعاء). وأخرجه الترمذي (٥/٥١٧ ح٣٤٧٧- ك الدعوات، ب ٦٥) من طريق، محمود بن غيلان. وابن حبان في صحيحه (الإحسان ٥/٢٩٠ ح١٩٦٠) من طريق: يوسف بن موسى القطان، والحاكم (المستدرك ١/٢٣٠) من طريق السري بن خزيمة، كلهم عن عبد الله بن يزيد المقرى عن حيوة به. والحديث في مسند أحمد (٦/١٨) عن عبد الله ابن يزيد به. قال الترمذي: حسن صحيح. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وقال الألباني: صحيح (صحيح الترمذي ح٢٧٦٧).
قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ) قال البخاري: حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "قال الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم يسبّ الدهر، وأنا الدهر، بيدي الأمر أقلّب الليل والنهار".
(الصحيح ٨/٤٣٧ ح٤٨٢٦ - ك التفسير، ب سورة الجاثية). وأخرجه مسلم (الصحيح ٤/١٧٦٢ بعد رقم ٢٢٤٦ - ك الألفاظ، ب النهي عن سب الدهر).
قوله تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا)
انظر حديث مسلم عن أبي هريرة الآتي عند الآية (١٢) من سورة الحجرات "أتدرون ما الغيبة"؟.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد (والذين يؤذون) قال: يقفون.
وعلق الطبري فقال: فمعنى الكلام على ما قال مجاهد: والذين يقفون المؤمنين والمؤمنات، ويعيبونهم طلبا لشينهم (بغرر ما اكتسبوا) يقول: بغير ما عملوا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) فإياكم وأذى المؤمنين، فإن الله يحوطه، ويغضب له.
قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)
أخرج عبد الرزاق: عن معمر، عن ابن خثيم، عن صفية بنت شيبة، عن أم سلمة زوج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالت: لما نزلت هذه الآية (يدنين عليهن من جلابيبهن) خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة، وعليهن أكسية سود يلبسنها.
وصححه الألباني (صحيح سنن أبي داود رقم ٣٤٥٦).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قوله (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن) أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلاليب، ويبدين عينا واحدة.
قال الطبري حدثنا يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا هشام، عن ابن سيرين، قال سألت عَبيدة، عن قوله (قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن) قال: فقال بثوبه، فغطى رأسه ووجهه، وأبرز ثوبه عن إحدى عينيه.
وسنده صحيح.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (يدنين عليهن من جلابيبهن) يتجلببن فيعلم أنهن حرائر فلا يعرض لهن فاسق بأذى من قول ولا ريبة.
قوله تعالى (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (والذين في قلوبهم مرض) قال: شهوة الزنا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله (لنغرينك بهم) يقول: لنسلطنك عليهم.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة قوله (لنغرينك بهم) يقول: لنحرشنك بهم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (ملعونين) على كل حال (أينما ثقفوا) أخذوا (وقتلوا تقتيلا) إذا هم أظهروا النفاق.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (سنة الله في الذين قد خلوا من قبل)... الآية يقول: هكذا سنة الله فيهم إذا أظهروا النفاق.
قوله تعالى (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا)
قال الشيخ الشنقيطى: قوله تعالى (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا) ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الساعة التي هي القيامة لعلها تكون قريبا وذكر نحوه في قوله في الشورى (وما يدريك لعل الساعة قريب) وقد أوضح جل وعلا اقترابها في آيات أخر كقوله (اقتربت الساعة) الآية، وقوله (اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون) وقوله تعالى (أتى أمر الله فلا تستعجلوه) الآية.
قوله تعالى (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا)
قال ابن كثير: ثم قال (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا) أي: يسحبون في النار على وجوههم، وتلوى وجوههم على جهنم، يقولون وهم كذلك، يتمنون أن لو كانوا في الدار الدنيا ممن أطاع الله وأطاع الرسول، كما أخبر عنهم في حال العرصات بقوله (ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا)
وقال تعالى (ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين).
وانظر سورة الفرقان الآيات (٢٧-٢٩).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا) أي رءوسنا في الشر والشرك.
قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آَذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا)
قال البخاري: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا رَوح بن عبادة، حدثنا عوف عن الحسن ومحمد وخلاس، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إن موسى كان رجلا حييا ستّيرا لا يُرى من جلده شيءٌ استحياء منه، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل فقالوا: ما يستتر هذا التستر إلا من عيب بجلده: إما برص وإما أدْرة، وإما آفة. وإن الله أراد أن يبرئه مما قالوا لموسى، فخلا يوما وحده فوضع ثيابه على الحجر ثم اغتسل. فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها، وإن الحجر عدا بثوبه، فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر فجعل يقول: ثوبي حجر، ثوبي حجر. حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل فرأوه عريانا أحسن ما خلق الله وأبرأه مما يقولون، وقام الحجر، فأخذ ثوبه فلبسه، وطفِق بالحجر ضربا بعصاه، فوالله إن بالحجر لندبا من أثر ضربه ثلاثا أو أربعا أو خمسا، فذلك قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً).
(صحيح البخاري ٦/٥٠٢ ح٣٤٠٤ - ك أحاديث الأنبياء).
قال أحمد بن منيع: حدثنا عباد بن العوام، ثنا سفيان بن حسين، عن الحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في قوله عز وجل: (لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا). قال: صعد موسى وهارون الجبل فمات هارون، فقالت بنوا إسرائيل: أنت قتلته، وكان أشد حباً لنا منك وألين لنا منك، فآذوه بذلك، فأمر الله تعالى الملائكة
(المطالب العالية، ق١٢٦/ب - ك أحاديث الأنبياء، ب أخبار موسى وهارون عليهما السلام - النسخة المسندة). وأخرجه الطبري في تفسيره (٢٢/٥٢)، وابن أبي حاتم - كما في تفسير ابن كثير (٣/٥٢٠) والحاكم في (المستدرك ٢/٥٧٩) من طرق، عن عباد بن العوام به، قال الحاكم عقبه: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
وقال الحافظ ابن حجر في (المطالب العالية) عقب إيراده الحديث عن ابن منيع: هذا إسناد صحيح.
وقال مرة: إسناد قوي. (فتح الباري ٨/٥٣٤) ثم قال رحمه الله: موفقاً بين هذا الأثر وبين الحديث المرفوع في الصحيح والذي فيه أنهم آذوه بقولهم: إنه آدر - قال: وما في الصحيح أصح من هذا، لكن لا مانع أن يكون للشيء سببان فأكثر تقدم تقريره غير مرة). وقال ابن كثير -رحمه الله- قريباً من ذلك.
قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا)
انظر تفسير الآية (١٠٢) من سورة آل عمران، وانظر سورة الإسراء آية (٥٣) (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن).
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد (وقولوا قولا سديدا) يقول: سدادا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (اتقوا الله وقولوا قولا سديدا) أي: عدلا، قال قتادة: يعني به في منطقه وفي عمله كله، والسديد: الصدق.
قوله تعالى (يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
في هذه الآية بيان ثمرة الاستجابة للآية السابقة وعاقبة القول السديد والتقوى في الدنيا والآخرة.
قال البخاري: حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان، حدثنا الأعمش عن زيد ابن وهب، حدثنا حذيفة قال: حدثنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حديثين رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر: حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم علموا من القرآن ثم علموا من السنة، وحدثنا عن رفعها قال: ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل أثر الوكت، ثم ينام النومة فتُقبض فيبقى فيها أثرها مثل أثر المجل، كحمر دحرجته على رِجلك فنفط فتراه صبرا منتبرا وليس فيه شيء، ويصبح الناس يتبايعون فلا يكاد أحد يُؤدي الأمانة، فيقال: إنّ في بني فلان رجلا أمينا، ويقال للرجل: ما أعقله وما أظرفه وما أجلده وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، ولقد أتى عليّ زمان ولا أبالي أيكم بايعت، لئن كان مسلما رده عليّ الإسلام، وإن كان نصرانيا رده عليّ ساعيه، وأما اليوم فما كنت أبايع إلا فلانا وفلانا.
(صحيح البخاري ١٣/٤٢ - ك الفتن، ب إذا بقي في حثالة من الناس)، (صحيح مسلم ١/١٢٦-١٢٧ ح٧٠٨٦ - ك الإيمان، رفع الأمانة والإيمان من بعض القلوب..).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال) إن أدوها أثابهم، وإن ضيعوها عذبهم، فكرهوا ذلك، وأشفقوا من غير معصية، ولكن تعظيما لدين الله أن لا يقوموا بها، ثم عرضها على آدم، فقبلها بما فيها، وهو قوله (وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا) غرا بأمر الله.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال) يعني به: الدين والفرائض والحدود (فأبين أن يحملنها وأشفقن منها) قيل لهن: احملنها تودين حقها، فقلن لا نطيق ذلك (وحملها
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (إنه كان ظلوما جهولا) غر بأمر الله.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (إنه كان ظلوما جهولا) قال: ظلوما لها، يعني للأمانة، جهولا عن حقها.
قوله تعالى (لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات) هذان اللذان خاناها، (ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات)، هذان اللذان أدياها (وكان الله غفورا رحيما).