تفسير سورة المزّمّل

تفسير ابن عرفة - النسخة الكاملة
تفسير سورة سورة المزمل من كتاب تفسير ابن عرفة المعروف بـتفسير ابن عرفة - النسخة الكاملة .
لمؤلفه ابن عرفة . المتوفي سنة 803 هـ

سُورَةُ الْمُزَّمِّلِ
قال الزمخشري: مكية، ثم قال: وعن عائشة أنها سئلت ما كان تزميله، فقالت: كان مرطا طوله أربع عشرة ذراعا نصفه عليَّ [وأنا نائمة*] ونصفه عليه وهو يصلي، انتهى، وهذا مناقض لقوله [إنها مكية*]. لأن بناءه صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعائشة كان بالمدينة.
قوله تعالى: ﴿قُمِ اللَّيْلَ... (٢)﴾
الآية تقتضي أن [الجزء*] المأمور به من الليل شائع فيه [وقد يرجح*] آخره لما في الحديث، أبو حيان: المراد قم الليل كله؛ وهو ظرف عند البصريين ومفعول به عند الكوفيين؛ لاستغراق الفعل له، انتهى.
ونقل ابن مالك عن سيبويه: لقيت زيدا الليلة، أن اللقاء في جميع الليل.
قوله (نِصْفَهُ... (٣).. قيل: بدل من قليل، والضمير في (أَوِ انْقُصْ مِنْهُ) إما للنصف المقدم أو المتروك، والمعنى فيهما واحد، وقال الزمخشري: [(نِصْفَهُ) بدل*] من الليل، (إِلَّا قَلِيلًا) استثناء منه، قال: ولنا أن نجعل نصفه بدلا من النصف، أي قم أقل من نصف الليل، والضمير في (منه) [و (عليه) *] للنصف فهو مخير بين أن يقوم نصف الليل على [البتِّ*] وبين أن يختار النقصان من النصف [والزيادة عليه*]، وألزمه أبو حيان التكرار؛ لأن قوله: انقص من نصف الليل قليلا هو معنى قوله: قم نصف الليل إلا قليلا، قال المختصر: هذا لازم على أن (نصفه) بدل بعض من كل، و (إِلَّا قَلِيلًا) استثناء منه، قال: ولنا أن نجعل نصفه بدلا من الليل استثناء منه القليل بدل إضراب، انتهى، أراد أن النصف بدل من الليل باعتبار استثناء القليل منه؛ لأنه بدل منه قبل الاستثناء، فكأنه بعد الاستثناء، تقول مثلا: قم خمسة أسداس الليل نصف ذلك أو انقص منه أو زد عليه، أي قم سدسين ونصف سدس، أو أقل أو أكثر، ويلزمه التكرار لقوله: (أَوْ زِدْ عَلَيْهِ)؛ لأنه عين من الأول؛ لأن الزيادة عليه من قيام الليل إلا قليلا، وهو الذي فرض خمسة أسداس الليل. وانظر ابن الصائغ.
قوله (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ... (٥).. إن قلت: ما معنى التأكيد بـ (إِنَّ) هنا، قلت: لأن المزمل مظنة الغفلة عن الشيء، فكأنه قيل: هذا قول [ثقيل*] يحتاج إلى تيقظ، واشتغال [والسين*] للتحقيق، وهذا من القول بنفسه وبغيره، كما قال ابن التلمساني: لأن هذه الآية من جملة ذلك القول، وعبر بالقول تنبيها بالأدنى على الأعلى؛ لأنه إذا كان القول [ثقيلا*] [**فالفعل أحرى].
قوله تعالى: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ... (٩)﴾
الأولى [تفسير*] الرب بالخالق؛ لأنه أعم فائدة، فإن قلت: لم قدم المشرق على المغرب والصواب العكس؛ لأن العرب إنما يؤخرون؛ فزمن الغروب متقدم على زمن الطلوع، قلت: الآية خرجت مخرج التعظيم لقدرة الله تعالى في إبدائه هذا الخلق العظيم الذي هو جرى في الشمس، فناسب البداية بالمشرق، و (رب) مبتدأ و (لا إله إلا هو) خبره، أو (رب) خبر مبتدأ مضمر أي هو رب، ويترجح الأول بعدم الحذف، وبأن الخبر محل الفائدة، والكفار موافقون على أنه رب المشرق، وإنما خالفوا في الوحدانية، فإِذا جعل (لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) خبرا كان فيه زيادة فائدة، ويترجح الثاني بأنهم قالوا بأن المبتدأ يحذف إذا كان الخبر لَا يصلح إلا له، والمشرق والمغرب إما اسم زمان، أو اسم مكان، أو اسم مصدر، وهو الظاهر؛ لأن (رب) لزمن شروق الشمس وغيره من الأزمان، و (رب) لمكان طلوعها وغيره من الأمكنة، وأيضا فزمن الشروق مختلف باختلاف البلاد، وكذلك مكان شروقها فلا خصوصية فيه، فلا يقال: رب سائر الأزمنة والأمكنة، وإذا قلنا: المعنى رب الإشراق كان قائما في كل قطر وكل زمن.
الزمخشري: وقرئ (ربُّ) مرفوعا على [المدح*]، ومجرورا على البدل (من (ربِّكَ)، وعن ابن عباس على القسم بإضمار حرف القسم، كقولك: الله لأفعلن، انتهى، إن أراد أن ابن عباس لم ينقل عنه غير القراءة فقط، فليس فيه دليل على أنه قسم، أو لعله بدل من (ربِّكَ) أو من الضمير في (إليه)، وإن أراد أنه قرأها وجمعها على القسم، فهذا لم ينقل مثله عن ابن عباس ولا عن عمر ولا غيرهما من الصحابة؛ لأنهم لم يكونوا يقرءون اصطلاح النحويين إذ النحو حادث [بعدهم*]، وإنما كانوا يتكلمون بطبعهم، ويحتمل أن يقال: إن ابن عباس فسر المعني ففهم عنه [حذفا*] على القسم.
قوله تعالى: (لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ).
اختلفوا في دليل الوحدانية هل هو مستفاد من السمع، وهو اختيار جماعة من المتأخرين، أو من النقل، وهو مذهب الأقدمين، أو منهما معا، وهو مذهب المحققين من المتأخرين، وسبب الخلاف: هل الإيمان بالرسول متوقف على وجود الصانع فقط، أو على وجود وحدانيته.
قوله (فَاتخِذْهُ وَكِيلًا) أخص من توكل عليه، إن قلت: لم وصل هذا بما قبله بفاء العطف، [ووصل*] (لَا إله إلا هو) بما قبله فلم يعطفه عليه [والأنسب*] كان يكون العكس؛ فإن الأوليين جملتان اسميتان، والثانية فعلية، والجملتان الاسميتان متفق على
جواز عطف أحدهما على الأخرى؛ بخلاف عطف الفعلية الطلبية على الاسمية الخبرية، فإن الأصح امتناعه؟ فالجواب أن الجملتين الأولتين لما كانتا صفة لموصوف واحد أو خبرا عن موضوع واحد، صارتا كالشيء الواحد، فأتى بهما غير مفصولتين بحرف العطف؛ لأنهما في مقام التوسط؛ لأن كونه رب المشرق والمغرب ينتج أنه لَا إله إلا هو، وإلا لزم عليه وجود مقدور واحد بين قادرين، ولما كان الموصوف [باتخاد*] الوكيل هو النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فليس هو عين الموصوف بالربوبية والوحدانية، صارت هذه الجملة فائدة للأوليين، ففصلت عنها بحرف العطف، وهي مسببة عنهما؛ والمسبب غير السبب.
قوله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ... (١٠)﴾
أمره بالصبر على القول دون الفعل؛ لأن القول أكثر من الفعل، ولتعلق إذايته بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وبالله تعالى؛ إذ هو معنوي، والفعل إذايته حسية لا تتعلق بالله تعالى، والآية قيل: إنها منسوخة بآية السيف، وقيل: [محكمة*]، وقال ابن العربي: نسخ منها ما عدا المغلوب، فإنه إذا لم يقدر على تغيير المنكر لَا يجب عليه أن يغيره، وهو يعلم أنه إن غيَّر واقتحم [يقتل كَانَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ الْكُفَّارِ حِينَ غَلَبُوهُ*] [فيصبر*] على ذلك (١)، فهذا تخصيص لا نسخ، ووصف الهجر بالجميل ولم يصف الصبر بذلك؛ لأن الصبر كله جميل.
قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ... (١٤)﴾
فيها دليل لصحة أحد القولين في الكائن في السفينة المتحركة هل له حركتان أو حركة واحدة؟ ذلك الخلاف في ذلك العجز، والآية تدل على القول الثاني: إذ لو كان رجف الأرض رجفا للجبال؛ لكان عطف الجبال عليها تأكيدا؛ لأن الرجف مستلزم للحركة.
قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا... (١٥)﴾
لما تضمن الكلام السابق الوعيد لهم بتعذيبهم على كفرهم، عقَّبه ببيان أن ذلك إنما كان بعد الإعذار إليهم برسول أرسل إليهم، وأكد الجملة بأن [لأن الخطاب يعم*] المنكرين لرسالته، والمقرين [بها*].
قوله تعالى: (شَاهِدًا عَلَيْكُمْ).
شهادته لنا وعلينا، أو كلها لنا؛ لأنهم قالوا إن [أمته*]- ﷺ - يشهدون على الأمم ويزكيهم فهو شاهد لهم بالتزكية، لكن إنما قال: (عَلَيْكُمْ) [يخرج*] الآية مخرج الوعيد والتخويف،
(١) نص المسألة عند ابن العربي هكذا:
"الْآيَة الثَّامِنَة قَوْله تَعَالَى وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا}.
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى هَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ الْقِتَالِ، وَكُلُّ مَنْسُوخٍ لَا فَائِدَةَ لِمَعْرِفَةِ مَعْنَاهُ، لَا سِيَّمَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَرْءَ إذَا غُلِبَ بِالْبَاطِلِ كَانَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ الْكُفَّارِ حِينَ غَلَبُوهُ، وَهِيَ: الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فَأَمَّا الصَّبْرُ عَلَى مَا يَقُولُونَ فَمَعْلُومٌ. وَأَمَّا الْهَجْرُ الْجَمِيلُ فَهُوَ الَّذِي لَا فُحْشَ فِيهِ. وَقِيلَ: هُوَ السَّلَامُ عَلَيْهِمْ. وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ مُجَرَّدُ الْإِعْرَاضِ". اهـ (أحكام القرآن لابن العربي. ٤/ ٣٣٣).
وانظر هل هذه شهادة اصطلاحية أو لغوية، فإِنهم قالوا: إن شهادة الإنسان لنفسه غير جائزة، وهذه شهادته لأمته؛ لأنهم صدقوه في رسالته وليبلوهم بتكذيبهم إياه؛ فهي في الاصطلاح دعوى الشهادة، لكن قال في المدونة في كتاب المحاربين: إن السلامة [إن شهد*] بعضهم لبعض جازت شهادتهم فسماها شهادة، وكذلك إذا شهد أنه أوصى بهذا المال له ولزيد، بطلت الشهادة فسماها أيضا شهادة.
قوله تعالى: (أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ).
قال الفخر: فيه دليل لصحة العمل بالقياس انتهى، إن قلت: تشبيه لَا يقاس؛ لأن من شرط القياس أن لَا يكون الحكم في الفرع منصوصا عليه، وقد نص عليه هنا فهو قياس تمثيلي، ولا خلاف فيه، وإنما الخلاف في غيره من الأقيسة، والمشبه هو النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والمشبه به موسى، وجه الشبه الرسالة، وثمرة التشبيه عصيان هؤلاء كعصيان هؤلاء، قلت: بل هو قياس باعتبار قوله تعالى: (فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا) لأن عقوبة هؤلاء لم ينص عليها.
قوله تعالى: ﴿فَعَصَى... (١٦)﴾
الفاء للتعقيب لَا للسبب بخلافها في (فَأَخَذْنَاهُ) هي للسبب، فإِن قلت: العصيان سبب عن الإرسال؛ لأن الطاعة موافقة [الأمر*]، والعصيان مخالفته فهي مسببةٌ عن الإرسال، قلت: لو كان كذلك للزم عليه أن يكون الإرسال سببا في الطاعة والمعصية، فيكون سببا في الشيء ونقيضه وهو باطل، وإنما المعصية [مفرعة*] عنه؛ لأنها مسببة.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ... (١٩)﴾
الإشارة للموعظة، وأكد الموعظة بثلاثة أمور:
الأول: تصديقي، وهو التأكيد بـ (إِنَّ) المقتضية للتصديق والربط.
والثاني: تصوري، وهو اسم الإشارة؛ لأن قوله: أكرم هذا العالم أبلغ من قوله: أكرم العالم.
الثالث: أنه جعلنا نذكر بمبالغة في كونها سببا في التذكرة.
قوله تعالى: (فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا).
المشيئة هنا مجاز؛ لأنه يقال في الواجب أو المندوب: من شاء أن يفعل كذا فليفعل، فهذا خبرٌ، المراد به الأمر.
ابن عطية: [وعد ووعيد*]، [ولو*] كان كذلك كان أمرا حقيقيا، مثل (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ)، أو يقال: المفعول محذوف وتقديره بأحد وجهين: من شاء النجاة اتخذ إلى ربه سبيلا، أيَّ سبيلٍ، وليس في هذا تكرار؛ لأن (سبيلًا) الثاني موصوف بصفة تقتضي تعظيمه، فتنكيره للتعظيم، أو نقول: متعلق التخيير تعيين [... ] (١) [إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ... (٢٠) *] التأكيد [بأنه*] مع أنه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عالم بأن الله يعلم ذلك باعتبار قدر قيامه؛ لأنه عليه السلام غير عالم بذلك، فإن قلت: لم أكد علم الله بذلك ولم يقل [... ]؟ قلت: لأنه يعلم إن ما علم الله وقوعه لابد منه، وما لم يعلم يستحيل وقوعه، وعلم الله تعالى بوجود الشيء مستلزم لوجود ذلك الشيء ضرورة، فلا فرق بين تأكيد علمه بوجود الشيء، وبين علمه بالشيء المؤكد وجوده، فإِن قلت: [**هو أنا يشك في قيامه هذا المقدار ولا ينكر، وهذا حرصا يأتي يبق فلا يحتاج؟ قلت: لما كان يحتقر يختص ما يصدر منه من الطاعة كان منكرا].
قوله تعالى: (وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ).
الظاهر أن المراد بالطائفة هنا الجماعة الكبيرة؛ لأنها في معرض الثناء.
قوله تعالى: (وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ).
أي هو المخصوص بعلم مقاديرهما من غير مشارك له، وهذا كما قال أبو طالب في القوت: إن الشمس في وسط النهار لها ستة زوالات: زوال لَا يعلمه إلا الله تعالى، وزوال [أجلى*] منه يعلمه الملك الموكل بها فقط، وزوال [أجلى*] منه يعلمه سائر الملائكة، وزوال [أجلى*] من ذلك كله يعلمه الأولياء، وزوال [أجلى*] من الجميع يعلمه خواص النَّاس، وزوال [أجلى*] من الكل يعلمه سائر النَّاس، [**وبه عليهم] ما ورد في الحديث: "أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سأل جبريل هل زالت الشمس؟ فقال: لَا نعم"، وذكر القرافي في كتابه المسمى باليواقيت: أن فقيها كان ينكر على صالح في زمانه مبادرته بالصلاة أول الوقت، ويزعم أنه يصليها أحيانا قبل وقتها؛ فكان الصالح يستند في ذلك إلى العلم، ويقول: إنه لَا يصلي إلا في الوقت، فرصده بعض المؤقتين يوما فوجده قد صلى الظهر قبل الزوال؛ فسأله، فقال: إنما صليتها في الوقت بعد الزوال؛ فصوب الفقهاء رأي ذلك الفقيه المنكر، انتهى.
والصواب: أنه يدينان كما قال مالك في التنبيه العتبية في رجلين أبصرا غرابا يطير، فحلف أحدهما بالطلاق الثلاث أنه ذكر، وحلف الآخر كذلك أنه أنثى، قال مالك: يدينان ولا يحنثان، فكذلك هذا قد يكون سمع الآذان من السماء فمعرفته أقوى من
(١) يوجد سقط في هذا الموضع، والله أعلم.
315
معرفة صاحب الوقت بدليل عادي، ومعرفته بالعيان والمشاهدة؛ كما نفرق بين مشي رجل بصير في طريق لَا يعلمها، وبين مشي رجل أعمى في طريق يعلمها من قبل.
قوله تعالى: (عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ).
أي لن تقدروا زمن الإحصاء (فَتَابَ عَلَيْكُم) فلم يؤاخذكم، أعم من أن يكون لهم ذنب مغفور، أم لَا ذنب لهم.
قوله تعالى: (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى).
إشارة إلى أن الأمر بالصلاة، أو القراءة، عام في الأصحاء والمرضى، لكن [يصلي*] كل واحد جهة [استطاعته*].
قوله تعالى: (وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ).
الترتيب بين هذين ترقٍّ؛ بخلاف الأول، فإنه مباين لهما؛ لأنه جبري، وهما كسبيان.
* * *
316
Icon