تفسير سورة هود

روح البيان
تفسير سورة سورة هود من كتاب روح البيان المعروف بـروح البيان .
لمؤلفه إسماعيل حقي . المتوفي سنة 1127 هـ

تفسير سورة هود
وهى مكية وآيها مائة وثلاث وعشرون او اثنتان وعشرون
بسم الله الرحمن الرحيم قال فى التأويلات النجمية قوله بِسْمِ اللَّهِ اشارة الى الذات الرَّحْمنِ يشير الى صفة الجلال الرَّحِيمِ الى صفة الجمال. والمعنى ان هاتين الصفتين قائمتان بذاته جل جلاله وباقى الأسماء مشتملة على هاتين الصفتين وهمان من صفات القهر واللطف الر اى هذه السورة الر اى مسماة بهذا الاسم فيكون خبر مبتدأ محذوف او لا محل له من الاعراب مسرود على نمط تعديد الحروف للتحدى والاعجاز وهو الظاهر فى هذه السورة الشريفة إذ على الوجه الاول يكون كتاب خبرا بعد خبر فيؤدى الى ان يقال هذه السورة كتاب وليس ذاك بل هى آيات الكتاب الحكيم كما فى سورة يونس وحمل الكتاب على المكتوب او على البعض تكلف وهو اللائح بالبال قالوا الله اعلم بمراده من الحروف المقطعة فانها من الاسرار المكتومة كما قال الشعبي حين سئل عنها سر الله فلا تطلبوه والله تعالى لا يظهر على غيبه أحدا الا من ارتضى من رسول او وارث رسول. وفى الحديث (ان من العلم كهيئة المكنون لا يعلمه الا العلماء بالله فاذا نطقوا به لا ينكره الا اهل الغرة بالله) رواه ابو منصور الديلمي وابو عبد الرحمن السلمى كما فى الترغيب قال الرقاشي هى اسرار الله يبديها الى أمناء أوليائه وسادات النبلاء من غير سماع ولا دراسة وهى من الاسرار التي لم يطلع عليها الا الخواص كما فى فتح القريب وعن ابى هريرة رضى الله عنه انه قال حفظت من رسول الله وعاءين فاما أحدهما فبثثته فيكم واما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم قال البخاري البلعوم مجرى الطعام كما فى شرح الكردي على الطريقة المحمدية وقال سلطان المفسرين والمؤولين ابن عباس رضى الله عنهما معنى الر أنا الله ارى [منم خداى كه مى بينم طاعت مطيعانرا ومعصيت عاصيانرا وهر كس را مناسب عمل او جزا خواهم داد پس اين كلمه مشتمل است بر وعد ووعيد كما فى تفسير الكاشفى] ويقال الالف آلاؤه واللام لطفه والراء ربوبيته كما فى تفسير ابى الليث وسيأتى فى التأويلات غير هذا كِتابٌ اى هذا القرآن كتاب كما ذهب اليه غير واحد من المفسرين أُحْكِمَتْ آياتُهُ نظمت نظما محكما لا يعتريه نقض ولا حلل لفظا ومعنى كالبناء المحكم المرصف او منعت من النسخ بمعنى التغيير مطلقا: وفى المثنوى
مصطفى را وعده كرد ألطاف حق گر بميرى تو نميرد اين سبق
كس نتاند بيش وكم كردن درو تو به از من حافظى ديگر مجو
هست قرآن مر ترا همچون عصا كفرها را دركشد چون اژدها
تو اگر در زير خاكى خفته چون عصايش دان تو آنچهـ گفته
قاصدانرا بر عصايت دست نى تو بخسب اى شه مبارك خفتنى
ثُمَّ فُصِّلَتْ يقال عقد مفصل إذا جعل بين كل لؤلؤتين خرزة. والمعنى زينت آياته بالفوائد كما تزين القلائد بالفرائد اى ميزت وجعلت تفاصيل فى مقاصد مختلفة ومعان متميزة من العقائد والاحكام والمواعظ والأمثال وغير ذلك وثم للتفاوت فى الحكم اى الرتبة لا للتراخى فى الوجود
ومعنى الآية ان الذين اضمروا الكفر والعداوة لا يخفون علينا وسنجازيهم على ما ابطنوا من سوء أعمالهم حق جزائهم فحقه ان يتقى ويحذر ولا يجترئ على شىء مما يخالف رضاه
صورت ظاهر ندارد اعتبار باطني بايد مبرا از غبار
واعلم ان إصلاح القلب أهم من كل شىء إذ هو كالملك المطاع فى إقليم البدن النافذ الحكم وظاهر الأعضاء كالرعية والخدم له والنفاق صفة من صفاته المذمومة وهو عدم موافقة الظاهر للباطن والقول للفعل وقال ناس لا بن عمر انا لندخل الى سلطاننا وامرائنا فنقول لهم بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عندهم فقال كنا نعد هذا نفاقا على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقال حذيفة ان المنافقين اليوم شر منهم على عهد رسول الله قالوا وكيف ذلك قال كانوا يومئذ يسرون واليوم يجهرون
هر كه سازد نفاق پيشه خويش خوار گردد بنزد خالق وخلق
ومن آفات القلب العداوة وعن على رضى الله عنه انه قال العداوة شغل
هر كه پيشه كند عداوت خلق از همه خيرها جدا گردد
كه دلش خسته عنا باشد كه تنش بسته بلا گردد
وفى هذا المعنى قال حضرة الشيخ السعدي قدس سره
دلم خانه مهر يارست وبس از ان جا نكنجد درو كين كس
وفى الآية اشارة الى حال اهل الإنكار فان كفار الشريعة كانوا يتغطون بثيابهم لئلا يسمعوا القرآن وكلام رسول الله ﷺ وكذا كفار الحقيقة لا يصغون الى ذكر الصوفية بالجهر ولا يقبلون على استماع اسرار المشايخ وحقائق القرآن بل يثنون صدورهم ويظنون ان الله تعالى لا يعلم سر هم ونجواهم ولا يجازيهم على اعراضهم عن الحق وعداوتهم لاهله تم الجزء الحادي عشر فى الثامن عشر من ذى القعدة من سنة اثنتين ومائة والف الجزء الثاني عشر من الاجزاء الثلاثين وَما نافية مِنْ صلة دَابَّةٍ عام لكل حيوان يحتاج الى الرزق صغيرا كان او كبيرا ذكرا او أنثى سليما او معيبا طائرا او غيره لان الطير يدب اى يتحرك على رجليه فى بعض حالاته فِي الْأَرْضِ متعلق بمحذوف هو صفة لدابة اى ما فرد من افراد الدواب يستقر فى قطر من أقطار الأرض إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها غذاؤها ومعاشها اللائق لتكفله إياه تفضلا ورحمة قال فى التبيان هو إيجاب كرم لا وجوب حق انتهى لانه لا حق للمخلوق على الخالق ولذا قال فى الجامع الصغير يكره ان يقول الرجل فى دعائه بحق نبيك او بيتك او عرشك او نحوه الا ان يحمل على معنى الحرمة كما فى شرح الطريقة وقال فى بحر العلوم انما قال على الله بلفظ الوجوب
95
دلالة على ان التفضل رجع واجبا كنذور العباد وقال غيره اتى بلفظ الوجوب مع ان الله تعالى لا يجب عليه شىء عند اهل السنة والجماعة اعتبارا لسبق الوعد وتحقيقا لوصوله إليها البتة وحملا للمكلفين على الثقة به تعالى فى شان الرزق والاعراض عن اتعاب النفس فى طلبه ففى كلمة على هنا استعارة تبعية شبه إيصال الله رزق كل حيوان اليه تفضلا وإحسانا على ما وعده بايصال من يوصله وجوبا فى انتفاء التخلف فاستعملت كلمة على [وگفته اند بمعنى من است يعنى روزى همه از خداست يا بمعنى الى يعنى روزى مفوض بخداى تعالى است اگر خواهد بسط كند واگر اراده نمايد قبض كند] وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها يحتمل وجوها الاول ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما ان مستقرها المكان الذي تأوى اليه ليلا او نهارا او تستقر فيه وتستكن ومستودعها الموضع الذي تدفن فيه إذا ماتت بلا اختيار منها كالشئ المستودع قال عبد الله إذا كان مدفن الرجل بأرض ادته الحاجة إليها حتى إذا كان عند انقضاء امره قبض فتقول الأرض يوم القيامة هذا ما استودعتني والثاني مستقرها محل قرارها فى أصلاب الآباء ومستودعها موضعها فى الأرحام وما يجرى مجراها من البيض ونحوه وسميت الأرحام مستودعا لانها يوضع فيها من قبل شخص آخر بخلاف وضعها فى الأصلاب فان النطفة بالنسبة الى الأصلاب فى حيزها الطبيعي ومنشأها الخلقي والثالث مستقرها مكانها من الأرض حين وجودها بالفعل ومستودعها حيث تكون مودعة فيه قبل وجودها بالفعل من صلب او رحم او بيضة ولعل تقديم محلها باعتبار حالتها الاخيرة لرعاية المناسبة بينها وبين عنوان كونها دابة فى الأرض والرابع مستقرها فى العدم يعلم انه كيف قدرها مستعدة لقبول تلك الصورة المختصة بها ومستودعها لغرض تؤول اليه عند استكمال صورتها. وايضا يعلم مستقر روح الإنسان خاصة فى عالم الأرواح لانهم كانوا فى اربعة صفوف كان فى الصف الاول أرواح الأنبياء وأرواح خواص الأولياء وفى الصف الثاني أرواح الأولياء وأرواح خواص المؤمنين وفى الصف الثالث أرواح المؤمنين والمسلمين وفى الصف الرابع أرواح الكفار والمنافقين ويعلم مستودع روحه عند استكمال مرتبة كل نفس منهم من دركات النيران ودرجات الجنان الى مقعد صدق عند مليك مقتدر كُلٌّ اى كل واحد من الدواب ورزقها ومستقرها ومستودعها فِي كِتابٍ مُبِينٍ اى مثبت فى اللوح المحفوظ البين لمن ينظر فيه من الملائكة او المظهر لما ثبت فيه للناظرين وفى التأويلات النجمية فِي كِتابٍ مُبِينٍ اى عنده فى أم الكتاب الذي لا تغير فيه من المحو والإثبات انتهى وقد اتفقوا على ان اربعة أشياء لا تقبل التغير أصلا وهى العمر والرزق والاجل والسعادة او الشقاوة فعلى العاقل ان لا يهتم لاجل رزقه ويتوكل على الله فانه حسبه
مكن سعديا ديده بر دست كس كه بخشنده پروردگارست وبس
اگر حق پرستى ز درها بست كه گر وى براند نخواند كست
- روى- ان موسى عليه السلام عند نزول الوحى عليه بالذهاب الى فرعون للدعوة الى الايمان تعلق قلبه بأحوال اهله قائلا يا رب من يقوم بامر عيالى فامره الله تعالى ان يضرب بعصاه
96
حاله مجازاة وانتقاما قال الله تعالى ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وهذا هو المراد من قول البيضاوي وفى اختلاف الفعلين نكتة لا تخفى وفى التعبير عن ملابسة الرحمة والنعماء بالذوق الذي هو ادراك الطعم وعن ملابسة الضراء بالمس الذي هو مبدأ الوصول كأنما يلاصق البشرة من غير تأثير تنبيه على ان ما يجده الإنسان فى الدنيا من النعم والمحن كالا نموذج لما يجده فى الآخرة لَيَقُولَنَّ الإنسان ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي اى المكاره والمصائب التي ساءتنى اى فعلت بي ما اكره ولن يعترينى بعد أمثالها فان الترقب لورود أمثالها مما يكدر السرور وينغص العيش إِنَّهُ لَفَرِحٌ [شادمانست مغروريان] وهو اسم فاعل من فعل اللازم. والفرح إذا اطلق فى القرآن كان للذم وإذا كان للمدح يأتى مقيدا بما فيه خير كقوله تعالى فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ كذا فى حواشى سعدى المفتى يقول الفقير يرده قوله تعالى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً والظاهر ان كونه للمدح او للذم انما هو بحسب المقام والقرائن واعلم ان الفرح بالنعمة ونسيان المنعم فرح الغافلين والعطب الى هذا اقرب من السلامة والاهانة او فى من الكرامة قال حضرة شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة فى بعض تحريراته هو المحبوب لذاته لا لعطائه وعطاؤه محبوب لكونه محبوبا لا لنفسه ونحبه ونحب عطاءه لحبه انتهى باجمال يشير قدس سره الى الفرح بالله تعالى على كل حال فَخُورٌ على الناس بما اوتى من النعم مشغول بذلك عن القيام بحقها: قال السعدي قدس سره
چومنعم كند سفله را روزگار نهد بر دل تنگ درويش بار
چوبام بلندش بود خودپرست كند بول وخاشاك بر بام پست
وقال
كه اندر نعمتى مغرور وغافل گهى از تنگ دستى خسته وريش
چودر سرا وضرا حالت اينست ندانم كى بحق پردازى از خويش
[يعنى كى فارغ شوى از خود وبحق مشغول شوى] إِلَّا الَّذِينَ [مگر آنان كه] والاستثناء متصل صَبَرُوا على الضراء ايمانا بقضاء الله وقدره وفى الحديث (ثلاثة لا تمسهم فتنة الدنيا والآخرة المقر بالقدر والذي لا ينظر بالنجوم والمتمسك بسنتى) ومعنى الايمان بالقدر ان يعتقد ان الله تعالى قدر الخير والشر قبل خلق الخلق وان جميع الكائنات بقضائه وقدره وهو مريد لها كلها واما النظر فى النجوم فقد كان حقا فى زمن إدريس عليه السلام يدل عليه قوله تعالى خبرا عن ابراهيم عليه السلام فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ استدل بالنظر فى النجوم على انه سيسقم ثم نسخ فى زمن سليمان عليه السلام كما فى بحر الكلام وفى كتاب تعليم المتعلم علم النجوم بمنزلة المرض فتعلمه حرام لانه يضر ولا ينفع والهرب من قضاء الله تعالى وقدره غير ممكن انتهى فينبغى ان لا يصدق اهل النجوم فيما زعموا ان الاجتماعات والاتصالات الفلكية تدل على حوادث معينة وكوائن مخصوصة فى هذا العالم قال العماد الكاتب اجمع المنجمون فى سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة فى جميع البلاد
والسعة فى الرزق وكثرة الأولاد والرياسة وغير ذلك لا وجه الله تعالى والمراد بالارادة ما يحصل عند مباشرة الأعمال لا مجرد الارادة القلبية لقوله تعالى نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها اى توصل إليهم ثمرات أعمالهم فى الحياة الدنيا كاملة وليس المراد بأعمالهم اعمال كلهم فانه لا يجد كل متمن ما تمناه فان ذلك منوط بالمشيئة الالهية كما قال تعالى مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ولا كل أعمالهم بل بعضها الذي يترتب عليه الاجر والجزاء وَهُمْ فِيها اى فى الحياة الدنيا لا يُبْخَسُونَ لا ينقصون شيأ من أجورهم أُولئِكَ المريدون للحياة الدنيا وزينتها الموفون فيها ثمرات أعمالهم من غير بخس الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ لان هممهم كانت مصروفة الى الدنيا وأعمالهم مقصورة على تحصيلها فقد اجتنبوا ثمراتها فلم يبق فى الآخرة الا العذاب المخلد وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها يعنى بطل ثواب أعمالهم التي صنعوها فى الدنيا لانها لم تكن لوجه الله تعالى والعمدة فى اقتضاء ثواب الآخرة هو الإخلاص وَباطِلٌ [وناچيز است] فى نفس الأمر ما كانُوا يَعْمَلُونَ رياء وسمعة. فقوله باطل خبر مقدم وما كانوا يعملون مبتدأ مؤخر والجملة الاسمية معطوفة على الفعلية قبلها والآية فى حق الكفار كما يفصح عنه الحصر فى كينونة النار لهم واعلم ان حسنات الكفار من البر وصلة الرحم والصدقة وبناء القناطر وتسوية الطرق والسعى فى دفع الشرور واجراء الأنهار ونحو ذلك مقبولة بعد إسلامهم يعنى يحسب ثوابها ولا يضيع واما قبل الإسلام فانعقد الإجماع على انهم لا يثابون على أعمالهم بنعيم ولا تخفيف عذاب لكن يكون بعضهم أشد عذابا من بعض بحسب جرائمهم وذكر الامام الفقيه ابو بكر البيهقي انه يجوز ان يراد بما فى الآيات والاخبار من بطلان خيرات الكفار انهم لا يتخلصون بها من النار ولكن يخفف عنهم ما يستوجبونه بجنايات ارتكبوها سوى الكفر ووافقه المازري كما فى شرح المشارق لابن الملك وقال ابن عباس رضى الله عنهما نزلت هذه الآية فى اهل الرياء من اهل القبلة فمعنى قوله تعالى لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ ليس يليق لهم الا النار ولا يستحقون بسبب الأعمال الريائية الا إياها كقوله تعالى فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ وجائز ان يتغمدهم الله برحمته فليس فى الآية دلالة على الخلود والعذاب البتة والظاهر ان الآية عامة لاهل الرياء مؤمنا كان او كافرا او منافقا كما فى زاد المسير والرياء مشتق من الرؤية وأصله طلب المنزلة فى قلوب الناس برؤيتهم خصال الخير كما فى فتح القريب وفى الحديث (ان أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر) قالوا وما الشرك الأصغر يا رسول الله قال (الرياء يقول الله عز وجل إذا جزى الناس بأعمالهم اذهبوا الى الذين كنتم تراؤون فى الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء)
مرايى هر كسى معبود سازد مرايى را از آن گفتند مشرك
قال فى شرح الترغيب المشرك يطلق على كل كافر من عابد وثن وصنم ومجوسى ويهودى ونصرانى ومرتد وزنديق وعلى المرائى وهو الشرك الأصغر والشرك الخفي يقال للقراء من اهل الرياء أردت ان يقال فلان قارئ فقد قيل ذلك ولمن وصل الرحم وتصدق فعلت حتى يقال فقيل ولمن قاتل فقتل قاتلت حتى يقال فلان جريئ فقد قيل ذلك فهؤلاء الثلاثة أول خلق يسعر؟؟؟ بهم
108
النار كما فى الحديث (ويصعد الحفظة بعمل العبد الى السماء السابعة من صلاة وصوم ونفقة واجتهاد وورع فيقول لهم الملك الموكل بها اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه فانه أراد بعمله غير الله تعالى ويصعد الحفظة يعمله من صلاة وزكاة وصوم وحج وعمرة وخلق حسن وصمت وذكر الله ويشيعه ملائكة السموات حتى يقطعون الحجب كلها فيقول لهم الله تعالى أراد به غيرى فعليه لعنتى فيقول الملائكة كلها عليه لعنتك ولعنتنا ويلعنه السموات السبع ومن فيهن) كما ورد فى الحديث: قال الحافظ
گوييا باور نمى دارند روز داورى كين همه قلب ودغل در كار داور ميكنند
قال الفضيل ترك العمل لاجل الناس رياء والعمل لاجل الناس شرك والإخلاص الخلاص من هذين معنى كلامه ان من عزم على عبادة الله تعالى ثم تركها مخافة ان يطلع الناس عليه فهو مرائ لانه لو كان عمله لله تعالى لم يضره اطلاع الناس عليه
ومن عمل لاجل ان يراه الناس فقد أشرك فى الطاعة ويستثنى من كلامه مسألة لا يكون ترك العمل فيها لاجل الناس رياء وهى إذا كان الشخص يعلم انه متى فعل الطاعة بحضرة الناس آذوه واغتابوه فان الترك من أجلهم لا يكون رياء بل شفقة عليه ورحمة كما فى فتح القريب وقال فى شرح الطريقة من مكايد الشيطان ان الرجل قد يكون ذاورد كصلاة الضحى والتهجد وتلاوة القرآن والادعية المأثورة فيقع فى قوم لا يفعلونه فيتركه خوفا من الرياء وهذا غلط منه إذ مداومته السابقة دليل الإخلاص فوقوع خاطر الرياء فى قلبه بلا اختيار ولا قبول لا يضر ولا يخل بالإخلاص فترك العمل لاجله موافقة للشيطان وتحصيل لغرضه نعم عليه ان لا يزيد على معتاده ان لم يجد باعثا وقد يترك لا خوفا من الرياء بل خوفا من ان ينسب اليه ويقال انه مرائ وهذا عين الرياء لانه تركه خوفا من سقوط منزلته عند الناس وفيه ايضا سوء الظن بالمسلمين وقد يقع فى خاطره ان تركه لاجل صيانتهم من الغيبة لا لاجل الفرار من المذمة وسقوط المنزلة وهذا ايضا سوء الظن بهم إذ صيانة الغير من المعصية انما يكون فى ترك المباحات دون السنن والمستحبات انتهى كلامه قال فى التأويلات النجمية وَحَبِطَ ما صَنَعُوا من اعمال الخير فِيها فى الدنيا للدنيا وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ من الأعمال وان كانت حقا لانهم عملوها لغير وجه الله وهو باطل وبه يشير الى ان كل من يعمل عملا يطلب به غير الله فان عمله ومطلوبه باطل كما قال ﷺ (ان اصدق كلمة قالتها العرب ألا كل شىء ما خلا الله باطل) قال حضرة الشيخ الأكبر قد سنا الله بسره الأطهر اعلم ان الموجودات كلها وان وصفت بالباطل فهى حق من حيث الوجود ولكن سلطان المقام إذا غلب على صاحبه يرى ما سوى الله تعالى باطلا من حيث انه ليس له وجود من ذاته فحكمه حكم العدم وهذا معنى قولهم قوله باطل اى كالباطل لان العالم قائم بالله لا بنفسه فهو من هذا الوجه باطل والعارف إذا وصل الى مقامات القرب فى بداية عرفانه ربما تلاشت هذه الكائنات وحجب عن شهودها بشهود الخلق لانها زالت من الوجود بالكلية ثم إذا كمل عرفانه شهد الحق تعالى والخلق معا فى آن واحد وما كل أحد يصل الى هذا المقام فان غالب الناس ان شهد الخلق لم يشهد الحق وان شهد الحق لم يشهد الخلق ولا يدرك الوحدة الا من أدرك اجتماع الضدين ولعل
109
فى عدم إذعانهم للقرآن الذي طريق تلقيه السمع أشد منه فى عدم قبولهم لسائر الآيات المنوطة بالأبصار بالغ فى نفى الاول حيث نفى عنهم الاستطاعة واكتفى فى الثاني بنفي الابصار أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ
باشتراء عبادة الآلهة بعبادة الله تعالى فى البحرانه على حذف مضاف اى راحة او سعادة أنفسهم والا فانفسهم باقية معذبة انتهى ولعل الإبقاء على حاله انسب لمرام المقام وان البقاء معذبا كلا بقاء إذا لمقصود من البقاء انتفاع به وَضَلَ
بطل وضاع عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ
من الهية الآلهة وشفاعتها لا جَرَمَ فيه ثلاثة أوجه. الاول ان لا نافية لما سبق وجرم فعل بمعنى حق وان مع ما فى حيزه فاعله. والمعنى لا ينفعهم ذلك الفعل اى حق أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ وهذا مذهب سيبويه. والثاني ان جرم بمعنى كسب وما بعده مفعوله وفاعله ما دل عليه الكلام اى كسب ذلك خسرانهم فالمعنى ما حصل من ذلك إلا ظهور خسرانهم. والثالث ان لا جرم بمعنى لا بد انهم فى الآخرة هم الأخسرون وأياما كان فمعناه انهم أخسر من كل خاسر قال الكاشفى [بي شك وشبهه ايشان دران سراى ايشان زيانكارتر از همه زيانكاران چهـ پرستش بتان را بپرستش خداى تعالى خريده اند ومتاع دنياى فانى را بر نعيم عقباى باقى اختيار كرده ودرين سودا غبن فاحش است]
مايه اين را بدنيا دادن از دون همتيست زانكى دنيا جملگى رنج است ودين آسايش است
نعمت فانى ستانى دولت باقى دهى اندرين سودا خرد داند كه غبن فاحش است
- وروى- ابن ابى الدنيا عن الضحاك انه قال اتى النبي ﷺ رجل فقال يا رسول الله من ازهد الناس قال (من لم ينس القبر والبلى وترك زينة الدنيا واثر ما يبقى على ما يفنى ولم يعد غدا من أيامه وعد نفسه من الموتى) وفى الحديث (بادروا بالأعمال فان بين ايديكم فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسى كافرا ويمسى مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا) ومن البائع دينه بالدنيا المدعى مع الله رتبة طلبا للرياسة واستجلاب حظوظ النفس بطريق التزهد والشيخوخة وهو ملعون على ألسنة الأولياء الذين هم شهداء الله فى الأرض لانه نزل نفسه منزلة السادة الكبراء فظلم واستحق اللعنة: وفى المثنوى
تو ملاف از مشك كان بوى پياز از دم تو ميكند مكشوف راز
گلشكر خوردم همى گوئى وبوى ميزند از سير كه ياوه مگوى
ومن أوصاف المدعين انهم بادعائهم الشيخوخة يقطعون سبيل الله على طالبيه بالدعوة الى أنفسهم ويمنعونهم ان يتمسكوا بذيل ارادة صاحب ولاية يهديهم الى الحق وهم بالآخرة هم كافرون على الحقيقة لان من يؤمن بالآخرة ولقاء الله والحساب والجزاء على الأعمال لا يجرى مع الله بمثل هذه المعاملات ولهم عذاب الضلال عن سبيل الله بطلب الدنيا والقدوة فيها وعذاب إضلال اهل الارادة عن طريق الحق باستتباعهم وهم مؤاخذون بخسرانهم وخسران اتباعهم وبحسبان انهم يحسنون صنعا فهم الأخسرون
ترسم نرسى بكعبه اى أعرابي كين ره كه تو ميروى بتركستانست
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اى بكل ما يجب ان يؤمن به وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فيما بينهم وبين
ظاهر يا له والله تعالى إذا أراد بكاء عبده وحنينه الى جنابه ابتلاء بالفراق او بالجوع او بغيرهما كما لا يخفى على اهل القلوب وفى ذلك ترقيات له عجيبة وتجليات له غريبة قد شاهدت هذه الحال من بعض اهل الكمال وهاهنا سؤال وهو انه كيف يستقيم الاخبار فى الأزل عن إرسال نوح عليه السلام بلفظ الماضي ونوح وقومه لم يجد بعد والجواب ان هذا الاخبار بالنسبة الى الأزل لا يتصف بشئ من الازمنة إذ لا ماضى ولا مستقبل ولا حال بالنسبة الى الله تعالى واتصافه به انما هو بالنسبة الى توجه الخطاب للسامع فان كان معنى الكلام سابقا على توجه الخطاب له كان ماضيا وان كان معه او بعده فالحال او الاستقبال إِنِّي اى فقال لقومه انى لَكُمْ نَذِيرٌ مخوف مُبِينٌ مظهر وذلك الانذار على أكمل طرقه اى أبين لكم موجبات العذاب ووجه الخلاص منه بيانا ظاهرا لا شبهة فيه ولم يقل وبشير لان البشارة انما تكون لمن آمن ولم يكن أحد آمن كما اقتصر على الانذار فى قوله تعالى قُمْ فَأَنْذِرْ تقديما للتخلية على التحلية أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ اى بان لا تعبدوا على انّ ان مصدرية والباء متعلقة بأرسلنا ولا ناهية اى أرسلناه ملتبسا بنهيهم عن الشرك قال فى التأويلات النجمية قال نوح الروح لقومه القلب والنفس والبدن ان لا تعبدوا الدنيا وشهواتها والآخرة ودرجاتها فان عبادة الله مهما كانت معلولة بشئ من الدنيا والآخرة فانه عبد ذلك الشيء لا الله على الحقيقة انتهى ولذا قالوا الرغبة فى الايمان والطاعة لا تنفع الا إذا كانت تلك الرغبة رغبة فيه لكونه ايمانا وطاعة واما الرغبة فيه لطلب الثواب وللخوف من العقاب فغير مفيدة: قال الشيخ المغربي قدس سره
در جنت ديدار تماشاى جمالت باشد ز قصور ار بودم ميل بحورى
إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ يوم القيامة او يوم الطوفان. واليم يجوز ان يكون صفة يوم وصفة عذاب على ان يكون جره للجوار ووصفه بالأليم على الاسناد المجازى للمبالغة يعنى ان اسناد الأليم الى اليوم اسناد الى الظرف كقولك نهاره صائم واسناده الى العذاب اسناد الى الوصف كقولك جد جده والمتألم حقيقة هو الشخص المعذب المدرك لا وصفه ولا زمانه وإذا وصفا بالتألم دل على ان الشخص بلغ فى تألمه الى حيث سرى ما به من التألم الى ما يلابسه من الزمان والأوصاف فالاليم بمعنى المؤلم على انه اسم مفعول من الإيلام ويجوز ان يكون بمعنى المؤلم على انه اسم فاعل وهو صفة الله تعالى فى الحقيقة إذ هو الخالق للألم- روى- ان الله تعالى أرسل نوحا الى قومه فجاءهم يوم عيد لهم وكانوا يعبدون الأصنام ويشربون الخمور ويواقعون النساء كالبهائم من غير ستر فنادهم بصوت عال ودعاهم الى التوحيد ففزعوا ثم نسبوه الى الجنون وضربوه وكذبوه كما قال تعالى فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ اى الاشراف منهم الذين ملأوا القلوب هيبة والمجالس ابهة ووصفهم بالكفر لذمهم والتسجيل عليهم بذلك من أول الأمر لا لان بعض اشرافهم ليسوا بكفرة ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا لا مزية لك علينا نخصك من دوننا بالنبوة ووجوب الطاعة ولو كان كذلك لرأيناه فالرؤية بصرية والا بشرا حال من المفعول ويجوز ان تكون قلبية وهو الظاهر فالا بشرا
116
مفعول ثان وتعلق الرأى بالمثلية لا بالبشرية فقط قال الكاشفى [ايشان هياكل بشر ديدند واز درك حقائق اشيا غافل ماندند] : مثنوى
همسرى با انبيا بر داشتند أوليا را همچوخود پنداشتند
گفت اينك ما بشر ايشان بشر ما وايشان بسته خوابيم وخور
اين ندانستند ايشان از عمى هست فرقى در ميان بي منتهى
هر دو كون زنبور خوردند از محل ليك شد زان نيش وز اين ديگر عسل
هر دو كون آهو كيا خوردند وآب ز اين يكى سر كين شد وزان مشكناب
هر دو نى خوردند از يك آبخور اين يكى خالى وآن پر از شكر
والاشارة ان النفس سفلية وطبعها سفلى ونظرها سفلى والروح علوى وله طبع علوى ونظر علوى فالروح العلوي من خصائصه دعوة غيره الى عالمه لانه بنظره العلوي يرى شرف العبادات وعزتها ويرى السفليات وخستها وذلتها فمن طبعه العلوي يدعو السفلى الى العلويات والنفس السفلية بنظرها السفلى لا ترى العلويات ولا تميل بطبعها السفلى الى العلويات بل تميل الى السفليات وترى بنظرها السفلى كل شىء سفليا فتدعو غيرها الى عالمها فمن هنا ترى الروح العلوي بنظر المثلية فكذلك صاحب هذه النفس يرى صاحب الروح العلوي بنظر المثلية فيقول ما نراك الا بشرا مثلنا فلهذا ينظرون الى الأنبياء ولا يرونهم بنظر النبوة بل يرونهم بنظر الكذب والسحر والجنون ويرون اتباع الأنبياء بنظر الحقارة كما قالوا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ الرؤية ان كانت بصرية يكون اتبعك حالا من المفعول بتقدير قد وان كالت قلبية يكون مفعولا ثانيا إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ اخساؤنا وادانينا كالحاكة والاساكفة واهل الصنائع الخسيسة ولو كنت صادقا لا تبعك الأكياس والاشراف من الناس. فالاراذل جمع اسم تفضيل اى أرذل كقوله «أكابر مجرميها وأحاسنكم أخلاقا» جمع اكبر واحسن فان قلت يلزم الاشتراك إذا بين الاشراف وبينهم فى مأخذ الاشتقاق الذي هو الرذالة قلت هو للزيادة المطلقة والاضافة للتوضيح فلا يلزم ما ذكرت وانتصاب بادى الرأى على الظرفية على حذف المضاف اى اتبعك وقت حدوث بادى الرأى وظاهره او فى أول الوهلة من غير تعمق وتدقيق تفكر من البدو او من البدء والياء مبدلة من الهمزة لانكسار ما قبلها وانما استرذلوهم مع كونهم اولى الألباب الراجحة لفقرهم وكان الاشراف عندهم من له جاه ومال كما ترى اكثر اهل زمانك يعتقدون ذلك ويبنون عليه إكرامهم واهانتهم
فلك بمردم نادان دهد زمام مراد تو اهل فضلى ودانش همين گناهت بس
وما اعجب شان اهل الضلال لم يرضوا للنبوة ببشر ولا اتباعه وقد رضوا للالهية بحجر وعبادته قال فى التأويلات النجمية اما الأراذل من اتباع الروح البدن وجوارحه الظاهرة فان الغالب على الحق ان البدن يقبل دعوة الروح ويستعمل الجوارح بالأعمال الشرعية ولكن النفس الامارة بالسوء تكون على كفرها ولا تخلى البدن يستعمل بالأعمال الشرعية الدينية الا لغرض فاسد ومصلحة دنيوية كما هو المعتاد لاكثر الخلق وَما نَرى لَكُمْ اى لك ولمتبعيك فغلب
117
يقول الفقير الظاهر ان اسناد الازدراء الى الأعين انما هو بالنسبة الى ظهوره فيها كما يقال فلان نظر الى فلان بعين التحقير دون عين التعظيم وهذا لا ينافى كونه من صفات القلب فى الحقيقة لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً فى الدنيا او فى الآخرة فعسى الله ان يؤتيهم خير الدارين وقد وقع كما قال فان نطق الأنبياء عليهم السلام انما هو من الوحى والإلهام حيث أورثهم الله ارضهم وديارهم بعد عزتهم اللَّهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ من الايمان والمعرفة ورسوخهم فيه إِنِّي إِذاً اى إذ قلت ذلك لَمِنَ الظَّالِمِينَ لهم بحط مرتبتهم ونقص حقوقهم او من الظالمين لانفسهم بذلك فان وباله راجع الى أنفسهم. وفيه تعريض بانهم ظالمون فى ازدرائهم واسترذالهم وعن ابى هريرة رضى الله عنه ان رسول الله ﷺ قال (المسلم أخو المسلم) المراد اخوة الإسلام (لا يظلمه) بنقصه حقه او بمنعه إياه (ولا يخذله) بترك الاعانة والنصرة إذا استعان به فى دفع ظالم ونحوه (ولا يحقره) اى لا يحتقره ولا يستكبر عليه. والاحتقار بالفارسية [خوار داشتن] (التقوى هاهنا التقوى هاهنا التقوى هاهنا) ويشير الى صدره واصل التقوى الاجتناب والمراد هاهنا اجتناب المعاصي وكان المتقى يتخذ له وقاية من عذاب الله تعالى بترك المخالفة. وقوله هاهنا اشارة الى ان الأعمال الظاهرة لا تحصل بها التقوى وانما تحصل بما يقع من عظمة الله تعالى وخشيته ومراقبته فمن كانت التقوى فى قلبه فلا ينظر الى أحد بعين الحقارة (بحسب امرئ من الشر ان يحقر أخاه المسلم) يعنى يكفيه من الشر احتقاره أخاه المسلم (كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله) العرض موضع المدح والذم من الإنسان كما فى فتح القريب وقال ابن الملك عرض الرجل جانبه الذي يصونه قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا خاصمتنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا اى أطلته. والمجادلة روم أحد الخصمين إسقاط كلام صاحبه وهو من الجدل وهو شدة الفتل فَأْتِنا بِما تَعِدُنا اى تعدناه من العذاب المعجل إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فى الدعوى والوعيد فان مناظرتك تؤثر فينا قالَ إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شاءَ عاجلا او آجلا وليس موكولا الىّ ولا مما يدخل تحت قدرتى. وفيه اشارة الى ان وقوع العذاب بمشيئة الله لا بالأعمال الموجبة للوقوع وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ بالهرب او بالمدافعة كما تدافعون فى الكلام قال الامام فان أحدا لا يعجزه اى يمنعه مما أراد يفعله والمعجز هو الذي يفعل ما عنده فيتعذر به مراد الغير فيوصف بانه أعجزه فقوله تعالى وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ اى لا سبيل لكم الى ان تفعلوا ما عندكم فيمتنع على الله تعالى ما يشاء من العذاب ان أراد انزاله بكم وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي النصح كلمة جامعة لكل ما يدور عليه الخير من فعل او قول وحقيقته الخاصة ارادة الخير والدلالة عليه ونقيضه الغش وقيل هو اعلام موضع الغى ليتقى وموضع الرشد ليقتفى إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ شرط حذف جوابه لدلالة ما سبق عليه والتقدير ان أردت ان انصح لكم لا ينفعكم نصحى وهذه الجملة دالة على ما حذف من جواب قوله تعالى إِنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ والتقدير ان كان الله يريدان يغويكم فان أردت ان انصح لكم لا ينفعكم نصحى. وفيه اشارة الى ان نصح الأنبياء ودعوتهم لا تفيد الهداية مع ارادة الله الغواية والكل بيد الله تعالى: قال الحافظ
شقاوتهم وبتلك السلاسل يسحبون فى النار على وجوههم كذا فى التأويلات النجمية وَاصْنَعِ الْفُلْكَ [چون فائده دعوت از ايشان منقطع كشته زمان نزول عذاب در رسيد حكم شد كه اى نوح ميان اجتهاد دربند وبساز كشتى را] والأمر للوجوب إذ لا سبيل الى صيانة الروح من الغرق الا به فيجب كوجوبها. واللام اما للعهد بان يحمل على ان هذا مسبوق بالوحى اليه انه سيهلككم بالغرق وينجيه ومن معه بشئ سيصنعه بامره تعالى ووحيه من شأنه كيت وكيت واسمه كذا واما للجنس والصنعة بالفارسية [كار كردن] والمراد هاهنا نجر الخشب اى نحته ليتحصل منه صورة السفينة بِأَعْيُنِنا العين ليست من الآلات التي يستعان بها على مباشرة العمل بل هى سبب لحفظ الشيء فعبر بها عنه مجازا وجمع العين لجمع الضمير والمبالغة والكثرة اسباب الحفظ والرعاية فالاعين فى معنى محفوظا على انه حال من فاعل اصنع اى اصنعه محفوظا من ان يمنعك أحد من أعدائك عن ذلك العمل وإتمامه ومن ان تزيغ فى صنعته عن الصواب وقال الكاشفى [بأعيننا بنگاه داشتن ما يا با عين ملائكه كه مددكار وموكل تواند] يقول الفقير الاول انسب لما فى سورة الطور من قوله تعالى وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا اى فى حفظنا وحمايتنا بحيث نراقبك ونكلؤك واتحاد القضية ليس بشرط وَوَحْيِنا إليك كيف نصنعها وتعليمنا والهامنا اى موحى إليك كيفية صنعتها قال ابن عباس رضى الله عنهما لم يعلم كيف صنعة الفلك فاوحى الله اليه ان يصنعها مثل جؤجؤ الطائر بالفارسية [چون سينه مرغ وبر او] فاخذ القدوم وجعل يضرب ولا يخطئ [ودر اخبار آمده كه نوح عليه السلام چوب كشتى بطلبيد فرمان برسيد تا درخت ساج بكاشت ودر مدت بيست سال كه درخت برسيد مطلقا هيچ فرزند متولد نشد تا أطفال قوم بالغ شدند وايشان نيز متابعت آبا كرده از قبول دعوت نوح أبا كردند پس نوح بساختن كشتى اشتغال فرمود] ونحتها فى سنتين واستأجر اجراء ينحتون معه وقيل فى اربعمائة سنة ومن الغرائب ما فى حياة الحيوان من ان أول من اتخذ الكلب للحراسة نوح عليه السلام قال يا رب أمرتني ان اصنع الفلك وانا فى صناعته اصنع أياما فيجيئون بالليل فيفسدون كل ما عملت فمتى يلتئم لى ما أمرتني به قد طال علىّ امرى فاوحى الله تعالى اليه يا نوح اتخذ كلبا يحرسك فاتخذ نوح كلبا وكان يعمل بالنهار وينام بالليل فاذا جاء قومه ليفسدوا بالليل ينبحهم الكلب فينتبه نوح عليه السلام فيأخذ الهراوة ويثب إليهم فينهزمون منه فالتأم ما أراد وفعل السفينة برشاد: وفى المثنوى
مكن بچشم حقارت نگاه بر من مست كه نيست معصيت وزهد بي مشيت او
قابل تعليم وفهمست اين خرد ليك صاحب وحي تعليمش دهد
جمله حرفتها يقين از وحي بود أول او ليك عقل آنرا فزود
هيچ حرفت را ببين كين عقل ما ماند او آموختن بي اوستا
گر چهـ اندر فكر موى اشكاف بد هيچ پيشه رام بي اوستا نشد
وكان طول السفينة ثلاثمائة ذراع والذراع الى المنكب وعرضها خمسين ذراعا وسمكها اى ارتفاعها فى الهواء ثلاثين ذراعا وبابها فى عرضها او كان طولها الفا ومائتى ذراع وعرضها
123
ستمائة ذراع كما قيل ان الحواريين قالوا لعيسى عليه السلام لو بعثت لنا رجلا شهد السفينة يحدثنا عنها فانطلق بهم حتى انتهى الى كثيب من تراب فاخذ كفا من ذلك التراب فقال أتدرون من هذا قالوا الله ورسوله اعلم قال هذا كعب بن حام فضرب بعصاه وقال قم بإذن الله فاذا هو قائم ينفض التراب عن رأسه وقد شاب فقال له عيسى أهكذا هلكت قال لا مت وانا شاب ولكنى ظننت انها الساعة فمن ثم شبت فقال حدثنا عن سفينة نوح قال كان طولها الفا ومائتى ذراع وعرضها ستمائة ذراع وكانت ثلاث طبقات طبقة للدواب والوحش وطبقة للانس وطبقة للطير ثم قال عد بإذن الله تعالى كما كنت فعاد ترابا قال فى الكواشي وطلاها بالقار فلما أتمها أنطقها الله فقالت لا اله الا الله فى الأولين والآخرين انا السفينة التي من ركبنى نجا ومن تخلف عنى هلك ولا يدخلنى الا اهل الايمان والإخلاص فقال قومه يا نوح هذا قليل من سحرك وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا اى لا تراجعنى فيهم ولا تدعنى فى استدفاع العذاب عنهم. وفى وضع المظهر موضع المضمر تسجيل عليهم بالظلم ودلالة على انه انما نهى عن الدعاء لهم بالنجاة لتصميمهم على الظلم وان العذاب انما لحقهم لذلك إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ محكوم عليهم بالاغراق قد مضى به القضاء وجف القلم فلا سبيل الى كفه ولزمتهم الحجة فلم يبق الا ان يجعلوا عبرة للمعتبرين ومثلا للآخرين ويقال للذين ظلموا يعنى ابنه كنعان كما فى تفسير ابى الليث وزاد فى التبيان امرأته والعة او واعلة بالعين المهملة وهى أم كنعان يقول الفقير لعله هو الأصوب لانه روى ان الأرض صاحت وقال يا رب ما أحلمك على هؤلاء الكفرة يمشون على ظهرى ويأكلون رزقك ويعبدون غيرك ثم نطقت السباع كذلك فلما اشتد الأمر وعلم نوح انه لا يؤمن من قومه أحد بعد دعا عليهم بالهلاك فكيف يخاطب الله فيهم وفى نجاتهم. واما كنعان وامه فهما وان كانا كافرين لكن لا يسوى بينهما وبينهم من حيث ان الشفقة على الأهل والأولاد أشد وكان من شأنه المخاطبة فى حقهم ولذلك نهى عنها وسيجئ زيادة البيان فى ذلك قال فى التأويلات النجمية وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا اى النفوس فان الظلم من شيمتها انه كان ظلوما جهولا لانها تضع الأشياء فى غير موضعها تضع عبادة الحق فى هواها والدنيا وشهواتها وفى هذا الخطاب حسم مادة الطمع عن ايمان النفوس وفيه حكم يطول شرحها منها ترقى اهل الكمالات الى الابد فافهم جدا وان النفس مكمن مكر الحق حتى لا تأمن منها ومن صفاتها انهم مغرقون فى طوفان الفتن الا من سلمه الله منه والسلامة فى ركوب سفينة الشريعة فان نوح الروح ان لم يركبها كان من المغرقين انتهى. وفى الحديث (مثلى ومثل أمتي كمثل سفينة نوح من تمسك بها نجا ومن تخلف عنها غرق) : وفى المثنوى
124
المؤمنين فلما جاء ذلك الوقت اشتغل نوح بحمل الخلق فيها ونسى وصية العجوز وكانت بعيدة منه ثم لما وقع ما وقع من إهلاك الكفار ونجاة المؤمنين وخرجوا من السفينة جاءت اليه تلك العجوز فقالت يا نوح انك قلت لى سيقع الطوفان ألم يأن ان يقع قال قد وقع وكان امر الله مفعولا وتعجب من امر العجوز فان الله تعالى قد أنجاها فى بيتها من غير ركوب السفينة ولم تر الطوفان قط وهكذا حماية الله تعالى لعباده المؤمنين وقد صح عن بعض اهل الكشف ان موضع الجامع الكبير فى بلدة بروسه كان بيتا للعجوز المذكورة كما فى الواقعات المحمودية: وفى المثنوى
بهر اين فرمود پيغمبر كه من همچوكشتى أم بطوفان زمن
ما واصحابيم چون كشتى نوح هر كه دست اندر زند يابد فتوح
چونكه با شيخى تو دور از زشتىء روز وشب سيارى ودر كشتىء
مكسل از پيغمبر ايام خويش تكيه كم كن بر فن وبر كام خويش
گر چهـ شيرى چون روى ره بي دليل خويش رو به در ضلالى وذليل
كاملان از دور نامت بشنوند تا بقعر باد وبودت در روند «١»
بلكه پيش از زادن تو سالها ديده باشندت ترا با حالها
هر كسى اندازه روشن دلى غيب را بيند بقدر صيقلى «٢»
والاشارة ان سفينة الشريعة معمولة للنجاة لراكبيها من طوفان فتن النفس والدنيا والأمر بالركوب فى قوله تعالى ارْكَبُوا فِيها يشير الى كشف سر من اسرار الشريعة وهو ان من ركب سفينة الشرع بالطبع وتقليد الآباء والاستاذين لم ينفعه للنجاة الحقيقية كما ركب المنافقون بالطبع لا بالأمر فلم ينفعهم وكما ركب إبليس فى سفينة نوح فلم ينفعه وانما النجاة لمن ركب فيها بالأمر وحفظا لادب المقام قال بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها اى يكون مجريها من الله ومرساها الى الله كقوله أَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ بالنجاة لمن ركبها رَحِيمٌ لمن ركبها بالأمر لا بالطبع كذا فى التأويلات النجمية وَهِيَ اى الفلك تَجْرِي حكاية حال ماضية بِهِمْ حال من فاعل تجرى اى وهم فيها اى ملتبسة بهم ولك ان تجعل الباء للتعدية يقال أجريته وجريت به كأذهبته وذهبت به فالمعنى بالفارسية [همى برد ايشانرا] والجملة عطف على محذوف دل عليه الأمر بالركوب اى فركبوا فيها مسمين وهى تجرى بهم فِي خلال مَوْجٍ يعنى موج الطوفان والطوفان من كل شىء ما كان كثيرا مطيفا بالجماعة كالمطر الغالب فى هذا المقام. والموج جمع موجة وهو ما ارتفع من الماء إذا اشتد عليه الريح كَالْجِبالِ شبه كل موجة من ذلك بالجبل فى عظمها وارتفاعها على الماء وتراكمها وظاهره يدل على ان السفينة تجرى داخل الموج ولكن المراد ان الأمواج لما أحاطت السفينة من الجوانب شبهت بالتي تجرى فى داخل الأمواج فان قلت ان الماء ملأ ما بين السماء والأرض وإذا كان كذلك لم يتصور الموج فيه فما معنى جريها فيه قلت هذا الجريان كان قبل ان يغمر الطوفان الجبال ثم كانت السفينة تجرى فى جوف الماء كما تسبح السمكة كما قالوا ولا يلزم الغرق لان الله تعالى قادر على إمساك الماء عن الدخول فى السفينة ألا ترى الى الحوت الذي اتخذ سبيله فى البحر سربا [يعنى هر جا كه ماهى ميرفت اب بالاى ومرتفع مى ايستاد] ومثله من الخوارق فلق البحر لموسى عليه السلام وقومه وجعله تعالى فى الماء كوى متعددة وَنادى [وآواز داد] نُوحٌ ابْنَهُ قيل اسم ابنه كنعان وقيل يام واختلفوا ايضا فى انه كان ربيبه او ابنه لظهره فذهب اكثر علماء
(١) در اواسط دفتر چهارم در بيان دريافتن طبيبان الهى امراض دل إلخ
(٢) در اواخر دفتر چهارم در بيان تفسير آيه كريمه وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ إلخ [.....]
حقيقى بان يجوز لاهل القربة على بساط القرب هذا الانبساط أم لا إِنِّي أَعِظُكَ يا روح القدس أَنْ تَكُونَ على البساط بهذا الانبساط مِنَ الْجاهِلِينَ اى من النفوس الجاهلة الظالمة. وفيه اشارة الى ان الروح العالم العلوي يصير بمتابعة النفس وهواها جاهلا سفلىّ الطبع دنئ الهمة قالَ اى الروح رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ من التماس نجاة النفس الممتحنة بآفات الدنيا وشهواتها من طوفان الفتن وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي تؤيدنى بانورا المغفرة وَتَرْحَمْنِي على عجزى عن الاهتداء بغير هداك أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ يشير الى ان الرحمة هى المانعة للروح من الخسران كذا فى التأويلات النجمية قِيلَ القائل هو الله تعالى يا نُوحُ اهْبِطْ هبط لازم ومتعد الا ان مصدر اللازم الهبوط ومصدر المتعدى الهبط كالرجوع والرجع والمراد هنا الاول والهبوط بالفارسية [فرود آمدن] اى انزل من الفلك الى جبل الجودي الذي استقرت السفينة عليه شهرا او من الجودي الى الأرض المستوية بِسَلامٍ ملتبسا بسلامة من المكاره كائنة مِنَّا فسلام بمعنى السلامة حال من فاعل اهبط ومنا صفة له دالة على تعظيمه وكماله لان ما كان من الله العظيم عظيم او بسلام وتحية منا عليك كما قال سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ فالسلام بمعنى التسليم والاول أوجه لان المقام مقام النجاة من الغرق وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ اى خيرات نامية فى نسلك وما يقوم به معاشك ومعاشهم من انواع الأرزاق وَعَلى أُمَمٍ ناشئة مِمَّنْ مَعَكَ متشعبة منهم فمن ابتدائية. والمراد الأمم المؤمنة المتناسلة ممن معه من أولاده الى يوم القيامة فهو من اطلاق العام وارادة الخاص هذا على رواية من قال كان معه فى السفينة أولاده وغيرهم مع الاختلاف فى العدد فمات غير الأولاد اى بعد الهبوط ولم ينسل وهو الأرجح. واما على رواية من قال ما كان معه فى السفينة الا أولاده ونساؤهم على ان يكون المجموع ثمانية فلا يحتاج الى التأويل وأياما كان فنوح ابو الخلق كلهم ولذا سمى آدم الثاني وآدم الأصغر لانه لم يحصل النسل الا من ذريته وقد اخرج الله الكثير من القليل بقدرته كما اخرج من صلب زين العابدين الكثير الطيب وذلك انه قتل مع سلطان الشهداء الحسين رضى الله عنه عامة اهل بيته ولم ينج الا ابنه زين العابدين على انه رضى الله عنه أصغرهم فانمى الله تعالى ذريته السادة قال فى نفائس المجالس لما ارتفع الطوفان قسم نوح الأرض بين أولاده الثلاثة فاما سام فاعطاه بلاد الحجاز واليمن والشام فهو ابو العرب واما حام فاعطاه بلاد السودان فهو ابو السودان واما يافث فاعطاه بلاد المشرق فهو ابو الترك قال فى اسولة الحكم اما ممالك الا قاليم السبعة التي ضبط عددها فى زمن المأمون فثلاثمائة وثلاث وأربعون مملكة منها ثلاثة ايام وهى أضيقها وثلاثة أشهر وهى أوسعها ووجدت مملكة فى خط الاستواء لها ربيعان وصيفان وخريفان وشتاآن فى سنة واحدة وفى بعضها ستة أشهر ليل وستة أشهر نهار وبعضها حر وبعضها برد واما جميع مدائن الأقاليم فهو اربعة آلاف مدينة وخمسمائة وست وخمسون وقيل غير ذلك وما العمران فى الخراب الا كخردلة فى كف أحدكم وفى الخبر (ان لله دابة فى مرج من مروجه رزقها كل يوم بقدر رزق العالم باسره) فانظر الى سعة رحمة الله وبركاته ولا تغتم لاجل الرزق: وفى المثنوى
141
جمله را رزاق روزى ميدهد قسمت هر كس كه پيشش مينهد «١»
سالها خوردى وكم نامد ز خور ترك مستقبل كن وماضى نكر «٢»
وَأُمَمٌ مبتدأ سَنُمَتِّعُهُمْ صفة والخبر محذوف وهو منهم اى ليس جميع من تشعب منهم مسلما ومباركا عليهم بل منهم امم سنمتعهم فى الدنيا معناه بالفارسية [زود باشد كه برخوردارى دهيم ايشانرا در دنيا بفراخي عيش وسعت رزق] ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا [پس برسد ايشانرا از ما] عَذابٌ أَلِيمٌ [عذابى دردناك] اما فى الآخرة او فى الدنيا ايضا وهم الكفار واهل الشقاوة يشير سبحانه وتعالى الى ان كون كل الناس سعداء او أشقياء مخالف لحكمته فانه أودع فيهم جماله وجلاله على مقتضى تدبيره فلا بد من ظهور آثار كل منهما كما قال الحافظ
در كار خانه عشق از كفر ناگزيرست آتش كرا بسوزد كر بو لهب نباشد
- حكى- فى التفاسير انه لمارست السفينة على الجودي كشف نوح الطبق الذي فيه الطير فبعث الغراب لينظر هل غرقت البلاد كما فى حياة الحيوان او كم بقي من الماء فيأتيه بخبر الأرض كما فى تفسير ابى الليث فابصر جيفة فوقع عليها واشتغل بها فلم يرجع ولذا قالوا فى المثل ابطأ من غراب نوح ثم أرسل الحمامة فلم تجد موضعا فى الأرض فجاءت بورق الزيتون فى منقارها فعرف نوح ان الماء قد نقص وظهرت الأشجار ثم أرسلها فوقعت على الأرض فغابت رجلاها فى الطين قدر حمرتهما فجاءت الى نوح وارته فعرف ان الأرض قد ظهرت فبارك على الحمامة وطوقها الخضرة التي فى عنقها ودعالها بالأمان فمن ثم تألف البيوت ودعا على الغراب بالخوف فلذلك لا يألف البيوت وتشاءم العرب بالغراب واستخرجوا من اسمه الغربة قالوا غراب البين لانه بان عن نوح واعلم ان نوحا عليه السلام هبط بمن معه فى السفينة يوم عاشوراء فصام وامر من معه بصيامه شكرا لله تعالى وكان قد فرغت أزوادهم فجاء هذا بكف حنطة وهذا بكف عدس وهذا بكف حمص الى ان بلغت سبعة حبوب فطبخها نوح عليه السلام لهم فافطروا عليها وشبعوا جميعا ببركات نوح وكان أول طعام طبخ على وجه الأرض بعد الطوفان هذا فاتخذه الناس سنة يوم عاشوراء وفيه اجر عظيم لمن يفعل ذلك ويطعم الفقراء والمساكين وذكر ان الله عز وجل يخرق ليلة عاشوراء زمزم الى سائر المياه فمن اغتسل يومئذ أمن من المرض فى جميع السنة كما فى الروض الفائق ومن وسع فيه على عياله فى النفقة وسع الله له سائر سنته قال ابن سيرين جربناه ووجدناه كذلك كما فى الاسرار المحمدية قال فى عقد الدرر واللآلى المستحب فى ذلك يوم فعل الخيرات من الصدقة والصوم والذكر وغيرها ولا ينبغى للمؤمن ان يتشبه بيزيد الملعون فى بعض الافعال وبالشيعة والروافض والخوارج ايضا يعنى لا يجعل ذلك اليوم يوم عيد او يوم مأتم فمن اكتحل يوم عاشوراء فقد تشبه بيزيد الملعون وقومه وان كان للاكتحال فى ذلك اليوم اصل صحيح فان ترك السنة سنة إذا كانت شعارا لاهل البدعة كالتختم باليمن فانه فى الأصل سنة لكنه لما كان شعار اهل البدعة والظلمة صارت السنة ان يجعل الخاتم فى خنصر اليد اليسرى فى زماننا كما فى شرح القهستاني ومثله تقصير الثياب
(١) در اواسط دفتر پنجم در بيان جواب دادن ضرر وباه را كه امر است باكتساب إلخ
(٢) در اواسط دفتر پنجم در بيان حكايت آن كاو حريصى كه هر روزه إلخ
142
وتطويلها اللهم الا ان يفعل بعض الافعال كالاغتسال وزيارة الاخوان وتوسيع النفقة ونحوها من غير ان يخطر بباله التشبيه وعدمه كما إذا خرج بطريق التنزه والتفرج يوم نيروز النصارى او نيروز العجم واهدى شيأ الى بعض إخوانه بطريق الاتفاق او بمصلحة داعية اليه من غير ان يخطر بقلبه الموافقة فانه لا بأس به ومن قرأ يوم عاشوراء وأوائل المحرم مقتل الحسين رضى الله عنه فقد تشبه بالروافض خصوصا إذا كان بألفاظ مخلة بالتعظيم لاجل تحزين السامعين وفى كراهية القهستاني لو أراد ذكر مقتل الحسين ينبغى ان يذكر اولا مقتل سائر الصحابة لئلا يشابه الروافض انتهى قال حجة الإسلام الغزالي يحرم على الواعظ وغيره راوية مقتل الحسين وحكايته وما جرى بين الصحابة من التشاجر والتخاصم فانه يهيج بغض الصحابة والطعن فيهم وهم اعلام الدين وما وقع بينهم من المنازعات فيحمل على محامل صحيحة ولعل ذلك لخطأ فى الاجتهاد لا لطلب الرياسة والدنيا كما لا يخفى وقال عز الدين بن عبد السلام فى فصل آفات اللسان الخوض فى الباطل هو الكلام فى المعاصي كحكاية احوال الوقاع ومجالس الخمور وتجبر الظلمة وكحكاية مذاهب اهل الأهواء وكذا حكاية ما جرى بين الصحابة رضى الله عنهم انتهى قال فى عقد الدرر ويح قاتل الحسين كيف حاله مع أبويه وجده وانشدوا
لا بد ان ترد القيامة فاطم وقميصها بدم الحسين ملطخ
ويل لمن شفعاؤه خصماؤه والصور فى يوم القيامة ينفخ
وفى الحديث (قاتل الحسين فى تابوت من نار عليه نصف عذاب اهل الدنيا) قال فى انسان العيون أرسل اهل الكوفة الى الحسين ان يأتيهم ليبايعوه فاراد الذهاب إليهم فنهاه ابن عباس وبين له غدرهم وقتلهم لابيه وخذلانهم لاخيه الحسن فأبى الا ان يذهب فبكى ابن عباس رضى الله عنهما وقال واحسيناه ولم يبق بمكة الا من حزن على مسيره وقدم امامه الى الكوفة مسلم بن عقيل فبايعه من اهل الكوفة للحسين اثنا عشر الفا وقيل اكثر من ذلك ولما شارف الكوفة جهز اليه أميرها من جانب يزيد وهو عبد الله بن زياد عشرين الف مقاتل وكان أكثرهم ممن بايع لاجل السحت العاجل على الخير الآجل فلما وصلوا اليه ورأى كثرة الجيوش طلب منهم احدى ثلاث اما ان يرجع من حيث جاء أو يذهب الى بعض الثغور او يذهب الى يزيد يفعل فيه ما أراد فابوا وطلبوا منه نزوله على حكم ابن زياد وبيعته ليزيد فابى فقاتلوه الى ان أثخنته الجراحة فسقط الى الأرض فحزوا رأسه وذلك يوم عاشوراء عام احدى وستين ووضع ذلك الرأس بين يدى عبد الله بن زياد قال فى روضة الأخيار قبر الحسين رضى الله عنه بكربلاء وهى من ارض العراق ورأسه بالشام فى مسجد دمشق على رأس اسطوانة وقد رأى النبي ﷺ بعض الصالحين فى النوم فقال يا رسول الله بابى أنت وأمي ما ترى فتن أمتك فقال زادهم الله فتنة قتلوا الحسين ولم يحفظونى ولم يراعوا حقى فيه وعن الشعبي مر على رضى الله عنه بكربلاء عند مسيره الى صفين فوقف وسأل عن اسم هذه الأرض فقيل كربلاء فبكى حتى بل الأرض من دموعه ثم قال دخلت على رسول الله ﷺ وهو يبكى فقال (كان عندى جبريل آنفا وأخبرني ان ولدي الحسين يقتل بشاطئ
143
الاستغفار حتى ربما استغفر فى يوم واحد سبعمائة مرة فولدله عشرة بنين فبلغ ذلك معاوية فقال هلا سألته مم قال ذلك فوفد وفدة اخرى فسأله الرجل فقال ألم تسمع قول هود وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وقول نوح وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَلا تَتَوَلَّوْا ولا تعرضوا عما أدعوكم اليه وأرغبكم فيه مُجْرِمِينَ اى حال كونكم مصرين على الاجرام والآثام والاجرام كسب الجرم كالاذناب بكسر الهمزة كسب الذنب قالُوا استئناف بتقدير سؤال سائل كأنه قيل ما قال له قومه بعد ان أمرهم ونهاهم فقيل قالوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ اى بحجة تدل على صحة دعواك وانما قالوه لفرط عنادهم وعدم اعتدادهم بماء جاءهم من المعجزات كما قالت قريش لرسول الله ﷺ لولا انزل عليه آية من ربه مع فوات آياته الحصر وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا اى بتاركي عبادتهم وأصله تاركين سقطت النون بالاضافة عَنْ قَوْلِكَ حال من الضمير فى تاركي كأنه قيل وما نترك آلهتنا صادرين عن قولك اى صادرا تركنا عن ذلك بإسناد حال الوصف الى الموصوف ومعناه التعليل على ابلع وجه لدلالته على كونه علة فاعلية ولا يفيده الباء واللام قال السعدي المفتى قد يقال عن للسببية كما فى قوله تعالى إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فيتعلق بتاركي اى بقولك المجرد عن حجة وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ اى بمصدقين فيما تدعونا اليه من التوحيد وترك عبادة الآلهة وهو اقناط له من الاجابة والتصديق إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ قوله اعتراك جملة مفسرة لمصدر محذوف تقديره ما نقول فى شأنك الا قولنا اعتراك اى أصابك من عراه يعره إذا أصابه بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ الباء للتعدية. والمعنى بالفارسية [مكر آنكه رسانيده اند بتو برخى از خدايان ما رنجى وكزندى وعلتى] اى بجنون لسبك إياها وصدك عنها وعداوتك مكافاة لك منها على سوء فعلك بسوء الجزاء فمن ثم تتكلم بكلام المجانين وتهذى بهذيان المبرسمين قالَ هود إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا اى وأقول اشهدوا لئلا يلزم عطف الإنشاء على الخبر أَنِّي بَرِيءٌ تنازع فيه اشهد الله واشهدوا اى على انى بريئ مِمَّا تُشْرِكُونَ اى من اشراككم مِنْ دُونِهِ اى من دون الله او مما تشركون من آلهة غير الله فما موصولة وإشهاد الله تعالى حقيقة واشهادهم استهزاء بهم واستهانة إذ لا يقول أحد لمن يعاديه أشهدك على انى برئ منك الا وهو يريد عدم المبالاة ببراءته والاستهانة بعداوته واعلم انهم لما سموا أصنامهم آلهة واثبتوا لها الضرر نفى هود بقوله انى اشهد الله الآية كونهم آلهة رأسا ثم نفى الضرر بقوله فَكِيدُونِي الكيد ارادة مضرة الغير خفية وهو من الخلق الحيلة السيئة ومن الله التدبير بالحق لمجازاة اعمال الخلق اى ان صح ما تفوهتم به من كون آلهتكم مما تقدر على إضرار من يسبها ويصد عن عبادتها فانى بريئ منها فكونوا أنتم وآلهتكم جَمِيعاً حال من ضمير كيدونى على قصد إهلاكي بكل طريق ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ لا تمهلونى ولا تسامحونى فى ذلك فالفاء لتفريع الأمر على زعمهم فى قدرة آلهتهم على ما قالوا وعلى البراءة كليهما كما فى الإرشاد وفيه اشارة الى ان النفس وصفاتها والشيطان والهوى والدنيا فى كيد القلب على الدوام والقلب المؤيد بالتأييد الرباني لا يناله كيدهم
فلا حاجة الى الاحتراز منه وثالثا بانه على طريق العدل فى عالم الكثرة الذي هو ظل وحدته فلا يسلط أحدا على أحد الا عن استحقاق لذلك بسبب ذنب وجرم ولا يعاقب أحدا من غير زلة ولو صغيرة نعم قد يكون لتزكية ورفع درجة فالمستفاد فى ضمن ذلك كله نفى القدرة عنهم وعن آلهتهم فلا حول ولا قوة الا بالله والله تعالى لا يظلم الناس مثقال ذرة وما يرى فى صورة الظلم فمن خفأ سره وحكمته والعارف ينظر الى الاسرار الإلهية ويحمل الوقائع على الحكم- حكى- انه كان رجل سقاء بمدينة بخارى يحمل الماء الى دار صائغ مدة ثلاثين سنة وكان للذلك الصائغ زوجة صالحة فى نهاية الحسن والبهاء فجاء السقاء على عادته يوما وأخذ بيدها وعصرها فلما جاء زوجها من السوق قالت ما فعلت اليوم خلاف رضى الله تعالى فقال ما صنعت فالحت فقال جاءت امرأة الى دكانى وكان عندى سوار فوضعته فى ساعدها فاعجبنى بياض يدها فعصرتها فقالت الله اكبر هذه حكمة خيانة السقاء اليوم فقال الصائغ أيتها المرأة انى تبت فاجعلينى فى حل فلما كان من الغد جاء السقاء وتاب وقال يا صاحبة المنزل اجعليني فى حل فان الشيطان قد أضلني فقالت امض فان الخطأ لم يكن إلا من الشيخ الذي فى الدكان فاقتص الله منه فى الدنيا وأمثال ذلك من عدل الله تعالى فليكن العباد على العدالة خصوصا الحكام والسلاطين فان العدل ينفع فى الدنيا والآخرة- حكى- ان ذا القرنين سأل من ارستطاليس أي شىء أفضل للملوك الشجاعة أم العدل فقال إذا عدل السلطان لم يحتج الى الشجاعة فمن آمن بالملك الديان وخشى من عذابه كل آن فقد عدل واحترز عن الظلم والطغيان وفاز بالدرجات فى أعلى الجنان والا فقد عرض نفسه لعذاب النيران بل ولعذاب الدنيا ايضا على أشد ما كان ألا ترى الى قوله تعالى حكاية وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ مع ماله من انواع اللعنة: قال السعدي قدس سره
جمله عالم اگر دريا شود چون تو با حق تر نكردد پاى تو
نماند ستمكار بد روزكار بماند برو لعنت پايدار
خنك روز محشر تن دادكر كه در سايه عرش دارد مقر
وَلَمَّا [آن هنكام كه] جاءَ أَمْرُنا اى عذابنا فيكون واحد الأمور أو أمرنا بالعذاب فيكون مصدر امر نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وكانوا اربعة آلاف بِرَحْمَةٍ عظيمة كائنة مِنَّا اى نجيناهم بمجرد رحمة وفضل لا بأعمالهم لانه لا ينجو أحد وان اجتهد فى الأعمال والعمل الصالح الا برحمة الله تعالى كما هو مذهب اهل السنة وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ شديد وهو تكرير لبيان ما نجيناهم منه اى كانت تلك التنجية نتجية من عذاب غليظ وهى السموم التي كانت تدخل انوف الكفرة وتخرج من ادبارهم فتقطعهم اربا اربا وقد سبق تفصيل القصة فى سورة الأعراف فارجع إليها وفيه اشارة الى ان العذاب نوعان خفيف وغليظ فالخفيف هو عذاب الشقاوة المقدرة قبل خلق الخلق والغليظ هو عذاب الشقي بشقاوة معاملات الأشقياء التي تجرى عليه مع شقاوته المقدرة له قبل الوجود كما فى التأويلات النجمية- روى- ان الله تعالى لما أهلك عادا ونجى هودا والمؤمنين معه أتوا مكة وعبدوا الله تعالى فيها حتى ماتوا قال فى انسان العيون كل نبى من الأنبياء كان إذا كذبه قومه خرج
أوقعه فى الريبة واسناد الارابة الى الشك وهو ان يبقى الإنسان متوقفا بين النفي والإثبات مجازى لان الريب هو انتفاء ما يرجح أحد طرفى النسبة او تعارض الادلة لا نفس الشك وقال سعدى المفتى يجوز ان يعتقدوا ان الشك يوقع فى القلق والاضطراب فيكون الاسناد حقيقيا وان كان الموقع عند الموحدين هو الله تعالى قالَ صالح يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ اى أخبروني إِنْ كُنْتُ فى الحقيقة عَلى بَيِّنَةٍ حجة ظاهرة وبرهان وبصيرة مِنْ رَبِّي مالكى ومتولى امرى وَآتانِي مِنْهُ من جهته رَحْمَةً نبوة وانما اتى بحرف الشك مع انه متيقن انه على بينة وانه نبى لان خطابه للجاحدين وهو على سبيل الفرض والتقدير كأنه قال افرضوا وقدروا انى على بينة من ربى وانى نبى بالحقيقة وانظروا ان تابعتكم وعصيت ربى فيما أمرني فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ اى فمن يمنعنى من عذاب الله ففيه تضمين ينصر معنى يمنع وتقدير المضاف قبل اللفظة الجليلة وقال فى الإرشاد فمن ينصرنى منجيا من عذابه تعالى إِنْ عَصَيْتُهُ فى تبليغ رسالته والنهى عن الإشراك به فَما تَزِيدُونَنِي إذا باستتباعكم إياي كما ينبئ عنه قولهم قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا اى لا تفيدوننى إذ لم يكن فيه اصل الخسران حتى يزيدوه غَيْرَ تَخْسِيرٍ اى غير ان تجعلونى خاسرا بابطال أعمالي وتعريضى لسخط الله تعالى او فما تزيدوننى بما تقولون لى وتحملوننى عليه غير ان أنسبكم الى الخسران وأقول لكم انكم لخاسرون فالزيادة على معناها وصيغة التفعيل للنسبة يقال فسقه وفجره إذا نسبه الى الفسق والفجور فكذا خسره إذا نسبه الى الخسران وفى الآية اشارة الى ان لا رجوع عن الحق بعد ما استبان فانه ماذا بعد الحق الا الضلال والخذلان والخسران قال أوحد المشايخ فى وقته ابو عبد الله الشيرازي قدس سره رايت رسول الله ﷺ فى المنام وهو يقول من عرف طريقا الى الله فسلكه ثم رجع عنه عذبه الله بعذاب لم يعذب به أحدا من العالمين وقال الجنيد قدس سره لو اقبل صديق على الله الف سنة ثم اعرض عنه لحظة فان ما فاته اكثر مما ناله وفى شرح التجليات البيعة لازمة الى ان يلقى الله تعالى ومن نكث الاتباع فحسبه جهنم خالدا فيها لا يكلمه الله ولا ينظر اليه وله عذاب اليم هذا كما قال ابو سليمان الداراني قدس سره حظه فى الآخرة واما الدنيا فقد قال ابو يزيد البسطامي قدس سره فى حق تلميذه لما خالفه دعوا من سقط من عين الله فرؤى بعد ذلك مع المخنثين وسرق فقطعت يده هذا لما نكث اين هو ممن وفى بيعته مثل تلميذ الداراني قيل له الق نفسك فى التنور فالقى نفسه فعاد عليه بردا وسلاما وهذا نتيجة الوفاء واعلم ان المبايع فى الحقيقة وهو معطى البيعة هو الله تعالى لكن خلق الوسائط والوسائل ليسهل الاخذ والعهد فجعل الأنبياء والشيوخ الورثة والسلاطين اللاحقين بالشيوخ مبايعين فهم معصومون محفوظون لا يأمرون بمعصية أصلا ولا يتصور منهم نكث العهد قطعا فبقى الاتباع فمن لزم منهم الباب استسعد بحسن المآب ومن رجع القهقرى ونعوذ بالله اذله الله وأخزاه: وفى المثنوى
الاستئصال بسبب كفرهم وتكذيبهم وعقرهم ناقة الله تعالى وعن جابر رضى الله عنه ان رسول الله لما نزل الحجر فى غزوة تبوك قام فخطب الناس فقال (يا ايها الناس لا تسألوا نبيكم الآيات هؤلاء قوم صالح سألوا نبيهم ان يبعث لهم الناقة فكانت ترد من هذا الفج فتشرب ماءهم يوم وردها ويحلبون من لبنها مثل الذي كانوا يشربون من مائها يوم غبها فعتوا عن امر ربهم فقال تمتعوا فى داركم ثلاثة ايام وكان وعدا من الله غير مكذوب ثم جاءتهم الصيحة فاهلك الله من كان فى مشارق الأرض ومغاربها منهم الا رجلا كان فى حرم الله فمنعه حرم الله من عذاب الله يقال له ابو رغال) قيل له يا رسول الله من ابو رغال قال (ابو ثقيف) الاشارة فيه انه أشار الى إهلاك النفس وصفاتها بعذاب البعد وصاعقة القهر الا ما كان فى حرم الله تعالى وهو الشريعة يعنى النفس وصفاتها ان لم تكن آمنت ولكن التجأت الى حرم الشريعة آمنت من عذاب البعد فتكون بقدر التجائها فى القرب وجوار الحق وهو الجنة ولهذا قال تعالى للنفس المطمئنة فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي كما فى التأويلات النجمية. والناس فى القرب والبعد والسلوك والترك على طبقات. فمنهم من اختار الله له فى الأزل البلوغ اليه بلا كسب ولا تعمل فوقع مفطورا على النظر اليه بلا اجتهاد بدفع غيره عن مقتضى قصده. ومنهم من شغلته الأغيار عن الله زمانا فلم يزل فى علاج وجودها بتوفيق الله تعالى حتى أفناها ولم يبق له سواه سبحانه. ومنهم من بقي فى الطريق ولم يصل الى المقصد الأقصى لكون نشأته غير حاملة لما اراده. ومنهم من لم يدر ما الطريق وما الدخول فيها فبقى فى مقامه الطبيعي: قال الحافظ
مرسكانرا چون وفا آمد شعار روسكانرا ننك بدنامى ميار
بي وفائى چون سكانرا عار بود بي وفائى چون روا دارى نمود
قومى بجد وجهد خريدند وصل دوست قومى دكر حواله بتقدير ميكنند
اما الاول فاخذوا بقول الله تعالى وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا فالوصل إذا مما للكسب مدخل فيه فيكون كالوزارة الممكن حصولها بالأسباب. واما الثاني فجعلوا الوصل من الاختصاصات الالهية التي ليس للكسب مدخل فيها عند الحقيقة فهو كالسلطنة قال الله تعالى قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وقال يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وقال وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ هكذا لاح للخاطر والله اعلم بالبواطن والظواهر وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ اى وبالله لقد جاء جبريل وجمع من الملائكة معه فى صورة الغلمان الذين يكونون فى غاية الحسن والبهاء والجمال الى ابراهيم عليه السلام بِالْبُشْرى اى ملتبسين بالبشارة بالولد من سارة بدليل ذكره فى سور اخرى ولانه اطلق البشرى هنا وقيد فى قوله فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ والمطلق محمول على المقيد قالُوا استئناف بيانى سَلاماً اى سلمنا عليك سلاما او نسلم. وبالفارسية [سلام ميكنيم بر تو سلام كردنى] قالَ ابراهيم عليكم سَلامٌ حياهم بأحسن من تحيتهم لان الجملة الفعلية دالة على التجدد والحدوث والاسمية دالة على الثبات والاستمرار قال الكافي [ابراهيم عليه السلام ندانست كه فرشتگانند ايشانرا در مهمانخانه نشانيد] فَما نافية لَبِثَ مكث ابراهيم أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ ولد البقرة حَنِيذٍ يعنى [پس درنك نكرد تا آنكه آورد كوساله بريان كرده بر سنك كرم] والحنيذ هو المشوى فى حفرة من الأرض بالحجارة المحماة بغير تنور ومن غير ان تمسه النار
قال سعدى المفتى أخذ جبريل عمودا من الأرض يابسا فدلكه بين إصبعيه فاذا هى شجرة تهتز فعرفت انه من الله تعالى وفى التأويلات النجمية مِنْ أَمْرِ اللَّهِ اى من قدرة الله تعالى فان لله تعالى سنة وقدرة فيجرى امر العوام بسنته وامر الخواص إظهارا للآية والاعجاز بقدرته فاجرى أمركم بقدرته ومثلها امرأة عمران وهى حنة كانت عاقرا لم تلد الى ان عجزت اى صارت عجوزا ثم حملت بمريم وقد سبق فى آل عمران فاذا كان هذا الحمل بقدرة الله تعالى خارقا للعادة لم يحتج الى الحيض ولا يبعد الحيض ايضا فى كبر السن كما فسر بعض العلماء قوله تعالى فَضَحِكَتْ بحاضت قيل لما صلب الحجاج عبد الله بن الزبير جاءته امه اسماء بنت ابى بكر الصديق فلما رأته حاضت مع كبر سنها وقد بلغت مائة سنة وخرج اللبن من ثدييها وقالت حنت اليه مراتعه ودرت عليه مراضعه رَحْمَةِ اللَّهِ التي وسعت كل شىء واستبقت كل خير وَبَرَكاتُهُ خيراته النامية المتكاثرة فى كل باب التي من جملتها هبة الأولاد حالتان عَلَيْكُمْ لازمتان لكم لاتفارقاكم يا أَهْلَ الْبَيْتِ أرادوا ان هذه وأمثالها مما يكرمكم به رب العزة ويخصكم بالانعام به يا اهل بيت النبوة فليست بمكان عجب. والجملة مستأنفة فقيل خبر وهو الأظهر وقيل دعاء وقيل الرحمة النبوة والبركات الأسباط من بنى إسرائيل لان الأنبياء منهم وكلهم من ولد ابراهيم عليه السلام ومثله فى قصة نوح عليه السلام قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وقد سبق إِنَّهُ اى الله تعالى حَمِيدٌ فاعل ما يستوجب به الحمد من عباده لا سيما فى حقها مَجِيدٌ كثير الخير والإحسان الى عباده خصوصا فى ان جعل بيتها مهبط البركات وفى التأويلات النجمية حَمِيدٌ على ما يجرى من السنة والقدرة مَجِيدٌ فيما ينعم به على العوام والخواص واصل المجد فى كلامهم السعة قال ابن الشيخ المجد الكرم والمجيد صيغة مبالغة منه وقال الامام الغزالي رحمه الله المجيد الشريف ذاته الجميل أفعاله الجزيل عطاؤه ونواله فكان شريف الذات إذا قارنه حسن الفعال سمى مجيدا فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ اى زال الخوف والفزع الذي أصابه لما لم يأكلوا من العجل واطمأن قلبه بعرفانهم بحقيقتهم الملكية وعرفان سبب مجيئهم وَجاءَتْهُ الْبُشْرى بنجاة قومه كما قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ او بالولد إسحاق كما قال فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وابراهيم اصل فى التبشير كما قال فى سورة اخرى فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ يُجادِلُنا اى جادل وخاصم رسلنا لانه صرح فى سورة العنكبوت بكون المجادلة مع الرسل وجيئ بجواب لما مضارعا مع انه ينبغى ان يكون ماضيا لكونها موضوعة للدلالة على وقوع امر فى الماضي لوقوع غيره فيه على سبيل الحكاية الماضية فِي قَوْمِ لُوطٍ فى شأنهم وحقهم لرفع العذاب جدال الضعيف مع القوى لا جدال القوى مع الضعيف بل جدال المحتاج الفقير مع الكريم الغنى وجدال الرحمة والمعاطفة وطلب النجاة للضعفاء والمساكين الهالكين وكان لوط ابن أخيه وهو لوط بن آزور ابن آزر وابراهيم بن آزر ويقال ابن عمه وسارة كانت اخت لوط فلما سمعا بهلاك قوم لوط اغتما لاجل لوط فطفق ابراهيم يجادل الرسل حين قالوا انا مهلكوا اهل هذه القرية فقال أرأيتم لو كان فيها خمسون رجلا من المؤمنين أتهلكونها قالوا لا قال فاربعون قالوا لا قال فثلاثون قالوا لا حتى بلغ خمسة قالوا لا قال أرأيتم ان كان فيها رجل واحد مسلم أتهلكونها
الله بالصدق فينجيكم من العذاب ببركته انتهى وذلك لان الواحد على الحق كالسواد الأعظم وكالاكسير قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ من حاجة اى لا رغبة لنا فيهن فلا ننكحهن ومقصودهم ان نكاح الإناث ليس من عادتنا ومذهبنا ولذا قالوا علمت فان لوطا كان يعلم ذلك ولا يعلم عدم رغبتهم فى بناته بخصوصهن ويؤيده قوله وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ وهو إتيان الذكور وهو فى الحقيقة طلب ما أعد الله لهم فى الأزل من قهره يعنى الهلاك بالعذاب ولما يئس من ارعوائهم عما هم عليه من الغى قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً لو للتمنى وهو الأنسب بمثل هذا المقام فلا يحتاج الى الجواب وبكم حال من قوة اى بطشا والمعنى بالفارسية [كاشكى مرا باشد بدفع شما قوتى] أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ عطف على ان لى بكم لما فيه من معنى الفعل والركن بسكون الكاف وضمها الناحية من الجبل وغيره اى لو قويت على دفعكم ومقاومتكم بنفسي او التجأت الى ناصر عزيز قوى استند اليه واتمنع به فيحمينى منكم شبه بركن الجبل فى الشدة والمنعة وقال الكاشفى [يا پناه كيرم وباز كردم بركنئ سخت يعنى عشيره وقبيله كه بديشان منع شما توانم كرد] وكان لوط رجلا غريبا فيهم ليس له عشيرة وقبيلة يلتجئ إليهم فى الأمور الملمة والغريب لا يعينه أحد غالبا فى اكثر البلدان خصوصا فى هذا الزمان: قال الحافظ
تيمار غريبان سبب ذكر جميلست جانا مكر اين قاعده در شهر شما نيست
وانما تمنى القوة لان الله تعالى خلق الإنسان من ضعف كما قال خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ والعارف ينظر الى هذا الضعف ذوقا وحالا ولذا قيل ان العارف التام المعرفة فى غاية العجز والضعف عن التأثير والتصرف لانقهاره تحت الوحدة الجمعية وقد قال تعالى فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا والوكيل هو المتصرف فان الهم التصرف بجزم تصرف وان منع امتنع وان خير اختار ترك التصرف الا ان يكون ناقص المعرفة: وفى المثنوى
ما كه باشيم اى تو ما را جان جان تا كه ما باشيم با تو در ميان
دست نى تا دست جنباند بدفع نطق نى تا دم زند از ضر ونفع
پيش قدرت خلق جمله باركه عاجزان چون پيش سوزن كاركه
وفى الحديث (رحم الله أخي لوطا كان يأوى الى ركن شديد) وهو نصر الله ومعونته واختلف فى معناه فقال الكاشفى يعنى [بخداى پناه كرفت وخدا او را يارى داد كه ملجأ درماندكان جز درگاه او نيست]
آستانش كه قبله همه است در پناهش ز ماهى تا بمه است
هر كه دل در حمايتش بستست از غم هر دو كون وارستست
وقال ابن الشيخ اى كان يريد او يتمنى ان يأوى الى ركن شديد وفى قوله (رحم الله) اشارة الى ان هذا الكلام من لوط ليس مما ينبغى من حيث انه يدل على قنوط كلى ويأس شديد من ان يكون له ناصر ينصره والحال انه لا ركن أشد من الركن الذي كان يأوى اليه أليس الله بكاف عبده انتهى وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما بعث الله نبيا بعد لوط الا فى عز من قومه يعنى استجيب دعوته
ان رسول الله ﷺ كان قاعدا مع أصحابه فى المسجد فسمعوا هدّة عظيمة وهى صوت انهدام الحائط فارتاعوا اى خافوا وفزعوا فقال عليه السلام (أتعرفون ما هذه الهدة) قالوا الله ورسوله اعلم قال (حجر القى من أعلى جهنم منذ سبعين سنة الآن وصل الى قعرها وكان وصوله الى قعرها وسقوطه فيها هذه الهدة) فما فرغ من كلامه الا والصراخ فى دار منافق من المنافقين قد مات وكان عمره سبعين سنة فلما مات حصل فى قعرها قال الله تعالى إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ فكان سماعهم تلك الهدة التي أسمعهم الله ليعتبروا وفى الخبر قال رسول الله ﷺ (ليلة اسرى بي الى السماء رأيت فى السماء الثالثة حجارة موضوعة فسألت عن ذلك جبريل فقال لا تسأل عنها فلما انصرفت وقفت على تلك الحجارة وقلت أخبرني عن الحجارة فقال هذه الحجارة فصلت من حجارة قوم لوط خبئت للظالمين من أمتك ثم تلا وما هى من الظالمين ببعيد) كذا فى زهرة الرياض
چون عالم از ستمكر ننك دارد عجب نبود كه بر وى سنك بارد
وفى التبيان والبعيد الذي ليس بكائن ولا يتصور وقوعه وكل ما هو كائن فهو قريب وعن محمد بن مروان قال صرت الى جزيرة النوبة فى آخر ممرنا فامرت بالمضارب فضربت فخرج النوب يتعجبون واقبل ملكهم رجل طويل أصلع حاف عليه كساء فسلم وجلس على الأرض فقلت له مالك لا تقعد على البساط قال انا ملك وحق لمن رفعه الله ان يتواضع له إذا رفعه
تواضع ز كردن فرازان نكوست كدا گر تواضع كند خوى اوست
ثم قال ما بالكم تطاون الزرع بدوابكم والفساد محرم عليكم فى كتابكم فقلت عبيدنا فعلوه بجهلهم قال ما بالكم تشربون الخمر وهى محرمة عليكم فى دينكم قلت أشياعنا فعلوه بجهلهم قال فما بالكم تلبسون الديباج وتتحلون بالذهب والفضة وهى محرمة عليكم على لسان نبيكم قلت فعل ذلك أعاجم من خدمنا كرهنا الخلاف عليهم فجعل ينظر فى وجهى ويكرر معاذرى على وجه الاستهزاء ثم قال ليس كما تقول يا ابن مروان ولكنكم قوم ملكتم فظلمتم وتركتم ما أمرتم فاذاقكم الله وبال أمركم ولله فيكم نعم لم تحص وانى أخشى ان ينزل بك وأنت فى ارضى مصيبة فتصيبنى معك فارتحل عنى واعلم ان الظلم من نتائج القساوة التي تمطر على كل قلب مقدار ما قدر له فلا يزال يزداد ظلم المرء بحسب ازدياد قساوة قلبه فاذا أحاطت بمرآة قلبه قساوته ابعد من ان يكون مرجوا نجاته وكان من المهلكين بحجر القساوة النازلة من سماء القهر والجلال عصمنا الله وإياكم من البغي والفساد وأرشدنا الى العدل والصلاح انه ولى الإرشاد وَإِلى مَدْيَنَ هو اسم ابن ابراهيم عليه السلام ثم صار اسما للقبيلة او اسم مدينة بناها مدين فسميت باسمه اى وأرسلنا الى قبيلة مدين او ساكنى بلدة مدين أَخاهُمْ اى واحدا منهم فى النسب شُعَيْباً عطف بيان له وهو ابن ميكيل بن يشجر بن مدين قالَ استئناف بيانى يا قَوْمِ [اى كروه من] اعْبُدُوا اللَّهَ وحده ولا تشركوا به شيأ من الأصنام لانه ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ اى ليس لكم اله سوى الله تعالى وكانت كلمة جميع الأنبياء فى التوحيد واحدة فدعوا الى الله الواحد
ز انبيا ناصحتر وخوش لهجه تر كى بود كه رفت دمشان در حجر
زانچهـ كوه وسنك در كار آمدند مى نشد بدبخت را بگشاده بند
آنچنان دلها كه بدشان ما ومن تعتشان شد بل أشد قسوة
وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ بالايمان ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ مما أنتم عليه من المعاصي وعبادة الأوثان لان التوبة لا تصح الا بعد الايمان او استغفروا بالايمان ثم ارجعوا اليه بالطاعة او استغفروا بالأعمال الصالحة وتوبوا بالفناء التام قال فى التأويلات النجمية واستغفروا من صفات الكفر ومعاملاته كلها وبدلوها بصفات الإسلام ومعاملاته فانها تزكية النفوس عن الصفات الذميمة ثم ارجعوا اليه على قدمى الشريعة والطريقة سائرين منكم اليه ليحليكم بتحلية الحقيقة وهى الفناء عنكم والبقاء به إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ عظيم الرحمة للمؤمنين والتائبين وَدُودٌ فاعل بهم من اللطف والإحسان كما يفعل البليغ المودة بمن يوده قال فى المفاتيح الودود مبالغة الوادّ ومعناه الذي يحب الخير لجميع الخلائق ويحسن إليهم فى الأحوال كلها. وقيل المحب لاوليائه وحاصله يرجع الى ارادة مخصوصة وحظ العبد منه ان يريد للخلق ما يريد لنفسه ويحسن إليهم حسب قدرته ووسعته ويحب الصالحين من عباده وأعلى من ذلك من يؤثرهم على نفسه كمن قال منهم أريد ان أكون جسرا على النار يعبر عليه الخلق ولا يتأذون بها كما فى المقصد الأسنى للغزالى قال الكاشفى فى تفسيره [قطب الأبرار مولانا يعقوب چرخى قدس سره در شرح اسماء الله تعالى معنى الودود را برين وجه آورده است كه دوست دارنده نيكى بهمه خلق ودوست در دلهاى بحق يعنى او نيك را دوست ميدارد ونيكان او را دوست ميدارند وفى الحقيقة دوستىء ايشان فرع دوستى اوست زيرا كه چون بنظر تحقيق در نكرند اصل حسن واحسان كه سبب محبت مى باشد غير او را ثابت نيست پسر خود خود را دوست ميدارد واز ين باب نكتة چند در آيت يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ بر منظر عيان جلوه نمود وللوالد الأعز زيدت حقائقه
اى حسن تو داده يوسفانرا خوبى وز عشق تو كرده عاشقان يعقوبى
كر نيك نظر كند كسى غير تو نيست در مرتبه محبى ومحبوبى
واعلم ان الله تعالى لو لم يكن له ود لما هدى عباده ولما فرح بتوبة عبده المؤمن كما قال ﷺ (لا لله افرح بتوبة عبد المؤمن من رجل نزل فى ارض دوية مهلكة معه راحلة عليها طعامه وشرا به فوضع رأسه فنام نومة فاستيقظ وقد ذهب راحلته فطلبها حتى اشتد عليه الحر والعطش قال ارجع الى مكانى الذي كنت فيه فانام حتى أموت فوضع رأسه على ساعده ليموت فاستيقظ فاذا راحلته عنده عليها زاده وشرابه فلا لله أشد فرحابتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده) فمن أضاع راحلته فى برية الهوى بغلبة الغفلة فعليه الرجوع الى مكانه الاول اعنى الفطرة الاولى بالتسليم والموت الاختياري حتى يجد ما إضاعة. وفى الحديث اشارة الى الطريق من البداية الى النهاية اما الى البداية فبقوله عليه السلام فاستيقظ لان اليقظة ابتداء حال السالك واما الى النهاية فبقوله عليه السلام ليموت لان الفناء غاية السير الى الله ثم ان قوله فاستيقظ فاذا راحلته عنده اشارة الى البقاء بعد الفناء والرجوع الى البشرية ثم اعلم ان التوبة على مراتب أعلاها الرجوع عن جميع ما سوى الله تعالى الى الله سبحانه وهذا المقام يقتضى نسيان المعصية والتوبة عن التوبة
ابلهان كفتند مردى بيش نيست واى آن كو عاقبت انديش نيست
فعلى الصالحين ان يعتبروا بأحوال الطالحين فانهم قد أخذوا الدنيا وآثروها على الآخرة ثم سلبهم الله أموالهم وديارهم كأن لم ينتفعوا بشئ ولم يقيموا فى دار وعن جابر بن عبد الله انه قال شهدت مجلسا من مجالس رسول الله ﷺ إذ أتاه رجل ابيض الوجه حسن الشعر واللون عليه ثياب بيض فقال السلام عليك يا رسول الله فقال عليه السلام (عليك السلام) فقال يا رسول الله ما الدنيا قال (هى حلم المنام وأهلها مجازون ومعاقبون) قال يا رسول الله وما الآخرة قال (عيش الابد فريق فى الجنة وفريق فى السعير) فقال يا رسول الله فما الجنة قال (بذل الدنيا لطالبها نعيمها لاهلها ابدا) قال فما جهنم قال (بذل الآخرة لطالبها لا يفارقها أهلها ابدا) قال فما خير هذه الامة قال (الذي يعمل بطاعة الله) قال فكيف يكون الرجل فيها قال (مشمرا كطالب القافلة) قال فكم القرار بها قال (كقدر المتخلف عن القافلة) قال فكم ما بين الدنيا والآخرة قال (غمضة عين) قال فذهب الرجل فلم ير فقال رسول الله ﷺ (هذا جبريل أتاكم ليزهدكم فى الدنيا ويرغبكم فى الآخرة) كذا فى تنبيه الغافلين: قال السعدي قدس سره
يكى بر سر كور كل ميسرشت كه حاصل كند زان كل كور خشت
بانديشه لختى فرو رفت پير كه اى نفس كوته نظر پند كير
چهـ بندى درين خشت زرين دلت كه يك روز خشتى كند از كلت
تو غافل در انديشه سود ومال كه سرمايه عمر شد پايمال
دل اندر دلارام دنيا مبند كه ننشست با كس كه دل بر نكند
بر مرد هشيار دنيا خسست كه هر مدتى جاى ديگر كسست
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا اى وبالله لقد أرسلنا مُوسى حال كونه ملتبسا بِآياتِنا التسع التي هى العصا واليد البيضاء والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ونقص الأموال والأنفس وَسُلْطانٍ برهان مُبِينٍ واضح هو من قبيل عطف الصفة مع اتحاد الموصوف اى ولقد أرسلنا موسى بالجامع بين كونه آياتنا وبين كونه سلطانا له على صدق نبوته واضحا فى نفسه او موضحا إياها فان ابان جاء لازما ومتعديا كقوله تعالى وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ والفرقان اى التوراة الجامعة بين كونها كتابا وحجة تفرق بين الحق والباطل ويجوز ان يراد بسلطان مبين الغلبة والاستيلاء كقوله تعالى وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ اى اشراف قومه ورؤسائه. وتخصيص ملئه بالذكر مع عموم رسالته لقومه كافة لاصالتهم فى الرأى وتدابير الأمور واتباع غيرهم لهم فى الورود والصدور فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ اى امره بالكفر بما جاء به موسى من البينات وأطاعوا قوله حين قال لهم ما علمت لكم من اله غيرى وخالفوا امر موسى بالتوحيد وقبول الحق وانما لم يصرح بكفر فرعون بآيات الله للايذان بوضوح حاله فكان كفره وامر ملئه بذلك محقق الوجود غير محتاج الى الذكر صريحا وانما المحتاج الى ذلك شأن ملئه المترددين بين هاد الى الحق وداع الى الضلال وإيراد الفاء للاشعار
أهلكه اواقعه فى الخسران اى غير إهلاك وتخسير فانهم انما هلكوا وخسروا بسبب عبادتهم لها وكانوا يعتقدون فى الأصنام جلب المنافع ودفع المضار فزال عنهم بسبب ذلك الاعتقاد منافع الدنيا والآخرة وجلب ذلك إليهم مضار الدنيا والآخرة وذلك من أعظم الهلاك وأشد الخسران وَكَذلِكَ الكاف فى محل الرفع على انها خبر مقدم للمصدر المذكور بعده اى مثل ذلك الاخذ الذي مر بيانه أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى اى أهلها وانما أسند إليها للاشعار بسريان اثره إليها وَهِيَ ظالِمَةٌ حال من القرى وهى فى الحقيقة لاهلها لكنها لما أقيمت مقامهم فى الاخذ أجريت الحال عليها وفائدتها الاشعار بانهم أخذوا بظلمهم وكفرهم ليكون ذلك عبرة لكل ظالم إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ
اى عقوبة مؤلمة شديدة صعبة على المأخوذ والمعاقب لا يرجى منها الخلاص وعن ابى موسى رضى الله عنه انه قال قال رسول الله ﷺ (ان الله ليملى للظالم حتى إذا اخذه لم يفلته ثم قرأ وكذلك أخذ ربك) الآية
كسى كر صرصر ظلمش دمادم چراغ عيش مظلومان بميرد
نميترسد از ان كايزد تعالى اگر چهـ دير گيرد سخت گيرد
والله تعالى لا يجير الظالم ولكن يمهله ويكله الى نفسه فمن امارية نفسه يظلم على نفسه وعلى نفس غيره فيؤاخذه الله تعالى بظلمه عدلا منه ولكنه إذا نظر بفضله ورحمته الى عبد بنظر العناية يزيل بنور العناية ظلمات امارية نفسه فتصير نفسه مأمورة لامر الشريعة فلا يعمل الا للنجاة من عذاب الآخرة ونيل الدرجات والقربات فعلى كل من أذنب ان يحذر أخذ ربه فيبادر الى التوبة ويترك التسويف فانه ورد (هلك المسوفون)
قبول توبه بر رب كريمست فعجل ان فى التأخير آفات
إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما نزل بالأمم الهالكة بذنوبهم او فيما قصه الله من قصصهم لَآيَةً لعبرة بينة وموعظة بالغة لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ اى أقربه وآمن لانه يعتبر به حيث يستدل بما حاق بهم من العذاب الشديد بسبب ما عملوا من السيئات على احوال عذاب الآخرة واما من أنكر الآخرة وأحال فناء العالم ولم يقل بالفاعل المختار وجعل تلك الوقائع لاسباب فلكية اتفقت فى تلك الأيام لا لذنوب المهلكين فهو بمعزل من هذا الاعتبار تبالهم ولما لهم من الافكار: قال الحافظ
سير سپهر ودور قمر را چهـ اختيار در گردشند بر حسب اختيار دوست
ذلِكَ اشارة الى يوم القيامة المدلول عليه بذكر الآخرة يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ اى يجمع له الأولون والآخرون للمحاسبة والجزاء واستعمال اسم المفعول حقيقة فيما تحقق فيه وقوع الوصف وقد استعمل هاهنا فيما لم يتحقق مجازا تنبيها على تحقق وقوعه وَذلِكَ اى يوم القيامة مع ملاحظة عنوان جمع الناس له يَوْمٌ مَشْهُودٌ اى مشهود فيه حيث يشهد فيه اهل السموات والأرضين للموقف لا يغيب عنه أحد فالمشهود هو الموقف والشاهدون اى الحاضرون الخلائق والمشهود فيه اليوم فاتسع فيه اجراء للظرف مجرى المفعول به واليوم
فيكون من اهل التوحيد شقى بالمعاصي سعيد بالتوحيد فالمعاصى تدخله النار والتوحيد يخرجه منها ويكون من اهل الكفر والبدعة أشقى يصليه كفره وتكذيبه النار فيبقى خالدا مخلدا انتهى وعن ابن مسعود رضى الله عنه ليأتين على جهنم زمان ليس فيها أحد بعد ما يلبثون فيها أحقابا وعن ابى هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص مثله ومعناه عند اهل السنة ان لا يبقى فيها أحد من اهل الايمان فتبقى طبقتهم خالية واما مواضع الكفار فممتلئة ابدا: قال الحافظ
دلا طمع مبر از لطف بى عنايت دوست كه ميرسد همه را لطف بى نهايت او
وفى هذا البيت اشارة الى سر خفى لا يدركه الا اهل الإلهام قال بعض الكبار الترقي والتدلي انما يجرى فى هذا العالم واما فى الآخرة فلا ترقى فيها فان قلت فقد ترقى العاصي الى مرتبة الجنة بعد الخروج من النار قلت ذلك الترقي كان فى الدنيا بسبب الايمان غير ان ظهوره كان فى الآخرة فعذب اوّلا ثم دخل الجنة إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ من تخليد البعض كالكفار وإخراج البعض كالفساق من غير اعتراض عليه. وانما قيل فعال لان ما يريد ويفعل فى غاية الكثرة وقال المولى ابو السعود إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ استثناء من الخلود على طريقة قوله تعالى لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى وقوله ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ وقوله حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ غير ان استحالة الأمور المذكورة معلومة بحكم العقل واستحالة تعلق المشيئة بعدم الخلود معلومة بحكم النقل يعنى انهم مستقرون فى النار فى جميع الازمنة الا فى زمان مشيئة الله تعالى لعدم قرارهم فيها وإذ لا إمكان لتلك المشيئة ولا لزمانها بحكم النصوص القاطعة الموجبة للخلود فلا إمكان لانتهاء مدة قرارهم فيها ولدفع ما عسى يتوهم من كون استحالة تعلق المشيئة بطريق الوجوب على الله تعالى قال إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ يعنى انه فى تخليد الأشقياء فى النار بحيث يستحيل وقوع خلافه فعال بموجب إرادته قاض بمقتضى مشيئته الجارية على سنن حكمته الداعية الى ترتب الاجزئة على افعال العباد ولك ان تقول انهم ليسوا بمخلدين فى العذاب الجسماني بل لهم من العقوبات والآلام الروحانية ما لا يعلمه الا الله تعالى وهذه العقوبات وان كانت تعتريهم وهم فى النار لكنهم ينسون بها عذاب النار ولا يحسون بها ألا ترى ان من دهمه الغم المفرط وأدهشه خطب جليل فانه لا يحس بقرص النملة والبرغوث ونحوهما وقس عليه الحال فى جانب السرور كما سيأتى وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا من سعد بمعنى اسعد لغتان حكاهما الكسائي اى قدر لهم السعادة وخلقوا لها فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ قال قتادة الله اعلم بثنياه وقال الضحاك الا ما مكثوا فى النار حتى ادخلوا الجنة فان التأبيد من مبدأ معين كما ينقص باعتبار الانتهاء فكذلك باعتبار الابتداء وقال المولى ابو السعود فى تفسيره ان حمل على طريقة التعليق بالمحال فقوله عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ نصب على المصدرية من معنى الجملة لان قوله فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها يقتضى إعطاء وانعاما فكأنه قيل يعطيهم إعطاء غير مقطوع بل ممتدا لا الى نهاية وهو اما اسم مصدر هو الإعطاء او مصدر بحذف الزوائد كقوله تعالى أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً وان حمل على ما أعد الله لعباده الصالحين من النعيم الروحاني الذي عبر عنه (بما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) فهو
189
نصب على الحالية من المفعول المقدر للمشيئة قال بعض الكبار اهل الجنة يبقى فى مرتبة الجنة واهل الترقي يتجاوز ويترقى الى ما فوقها وتحقيقه على ما فى التأويلات النجمية ان اهل السعادة على ضربين سعيد واسعد فالسعيد من يبقى فى الجنة ودرجاتها وغرفاتها الى العليين بحسب العبادة والعبودية والأسعد من يدخل الجنة ويعبر عن درجاتها وغرفاتها الى مقامات القربة بحسب المعرفة والتقوى والمحبة كقوله تعالى إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ وقال ﷺ (ان اهل الجنة ليرون اهل العليين كما يرى أحدكم الكوكب الدري فى أفق السماء وان أبا بكر وعمر منهم فى أنعم مكان فمن كان من اهل الجنة واهل العليين فلهم خلود فى الجنة ومن كان فى مقام مقعد الصدق فهو فى
أنعم مقام من الجنة فلهم الخروج من الجنة من بجذبات العناية الى عالم الوحدة) والسر فى هذا ان السالك يسلك بقدم المعاملات الى أعلى مقام الروحانية من حضيض البشرية وهو بعد فى مقام الاثنينية وهو سدرة المنتهى عندها جنة المأوى فلا عبور عن هذا المقام للملك المقرب ولا للنبى المرسل الا برفرف جذبة العناية فانها توازى عمل الثقلين وبها يصل العبد الى عالم الوحدة فافهم جدا فما بقي هناك الدخول والخروج والاستثناء بقوله إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ راجع الى هذا المقام ولهذا قال عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ لانه لا انقطاع له ولا تغيير فيه انتهى يقول الفقير على ما تلقف من فم حضرة الشيخ العلامة أبقاه الله بالسلامة ان اهل الجنة يصلون بمقتضى الاستثناء الذي هو قوله تعالى إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ الى مقام لا يشابه ما قبله أصلا وذلك بعد تطاول الزمان وتباعد التنعم فى الجنان وعند ذلك يظهر سر الأزل فى مرآة الابد فكما ان مبدأ التعينات وهو شئونات الغيبية ازل الازال كذلك مقام هذا التجلي المخصوص ابد الآباد فالأبد المضاف هو ما بعد هذا التجلي لا الى نهاية والمضاف اليه ما كان قبله مذ دخولهم الجنة وكذا الأزل فان ما فوق المبدأ المذكور هو الأزل المضاف وما تحته هو الأزل المضاف اليه ونظير هذا هو ما يصل اليه اهل الفناء الكلى فى الدنيا وذلك انهم استوفوا حظهم من الأرزاق المعنوية بحيث لم يبق لهم بحسب مرتبتهم وتعينهم الخاص شىء لم يصلوا اليه من اسرار الافعال والصفات والذات فى جميع المراتب والتعينات فعند ذلك يتجلى الله لهم بصورة اخرى لا تشابه ما قبلها أصلا فيحيون حياة ابدا باقية. ثم السر المذكور المنسوب الى اهل الجنة والعليين جار على اهل النار لكنهم اهل الجلال ومقامهم مقام الفردية ولذا لا تزوج لهم ولا تنعم بما يتنعم به اهل الجنان واهل الجنة اهل الجمال ومقامهم مقام الصفة ومقتضاه التنعم والتلذذ. فالفرق بين اهل الجنة واهل النار ان لاهل الجنة ظهورا بالصفات وفى الظهور بطون وهو سر الذات وان لاهل النار بطونا وليس فى البطون ظهور ولاهل الكمال احاطة وسعة بحيث لا توصف وذلك فى الدارين فالمقربون واقفون على احوال الأبرار ومكاشفون عن مقاماتهم ومواطنهم وهم محجوبون عن المقربين فى ذلك وكذا الأبرار واقفون على احوال اصحاب المشأمة وهم محجوبون عن الأبرار فقس على حال الدنيا حال البرازخ والآخرة ولذا قال بعض الكبار ان الروح بعد خلاصه من حبس البدن ان كان علويا بعضه يقطع برزخا وبعضه اكثر الى ان يسموا
190
العارفين الى ماذا قال حاجتهم الى الخصلة التي كملت بها المحاسن كلها ألا وهى الاستقامة فكل من كان أتم معرفة كان أتم استقامة قال ابن عطاء فاستقم اى افتقر الى الله مع تبريك من الحول والقوة وفى التفسير الفارسي للامام القشيري [فرمود كه مستقيم آنكس است كه از راه حق باز نگردد تا بسر منزل وصال برسد. وشيخ ابو على دقاق گفته استقامت آنست كه سر خود را از ما سوى محفوظ دارى. وخواجه عصمت بخارى در صفت اهل استقامت فرموده]
كسى را دانم اهل استقامت كه باشد بر سر كوى ملامت
ز أوصاف طبيعت پاك برده بإطلاق هويت جان سپرده
تمام از كرد تن دامن فشانده برفته سايه وخوشيد مانده
وقال ابو على الجرجاني كن طالب الاستقامة لا طالب الكرامة فان نفسك متحركة فى طلب الكرامة ويطلب منك الاستقامة فالكرامة الكبرى الاستقامة فى خدمة الخالق لا بإظهار الخوارق قال حضرة الشيخ الشهير بالهدائي قدس سره فى نفائس المجالس لا تتيسر الاستقامة الا بايفاء حق كل مرتبة من الشريعة والطريقة والمعرفة والحقيقة فمن رعاية حق الشريعة العدالة فى الاحكام فالاستقامة فى مرتبة الطبيعة برعاية الشريعة وفى مرتبة النفس برعاية الطريقة وفى مرتبة الروح برعاية المعرفة وفى مرتبة السر برعاية المعرفة والحقيقة فمراعاة تلك الأمور فى غاية الصعوبة ولذلك قال عليه السلام (شيبتنى سورة هود) فالكمال الإنساني بتكميل تلك المراتب لا بإظهار الخوارق كما حكى انه قيل للشيخ ابى سعيد ان فلانا يمشى على الماء قال ان السمك والضفدع كذلك وقيل ان فلانا يطير فى الهواء فقال ان الطيور كذلك وقيل ان فلانا يصل الى الشرق والغرب فى آن واحد قال ان إبليس كذلك فقيل فما الكمال عندك قال ان تكون فى الظاهر مع الخلق وفى الباطن مع الحق واعلم ان النفوس جبلت على الاعوجاج عن طريق الاستقامة الا ما اختص منها بالعناية الازلية والجذبة الالهية: قال المولى الجامى قدس سره
سالكان بي كشش دوست بجايى نرسند سالها گر چهـ درين راه تك و پوى كنند
وَلا تَرْكَنُوا الركون هو الميل اليسير والخطاب لرسول الله ﷺ ومن معه من المؤمنين اى ولا تميلوا ادنى ميل إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا اى الى الذين وجد منهم الظلم فى الجملة فَتَمَسَّكُمُ بسبب ذلك وهو منصوب بإضمار ان فى جواب النهى يعنى [بشما برسد] النَّارُ [آتش دوزخ] وإذا كان الركون الى من صدر منهم ظلم مرة فى الإفضاء الى مساس النار هكذا فما ظنك بالركون الى من صدر منهم الظلم مرارا ورسخوا فيه ثم بالميل إليهم كل الميل وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ اى من أنصار ينقذونكم من النار على ان يكون مقابلة الجمع بالجمع بطريق انقسام الآحاد على الآحاد. والجملة نصب على الحالية من مفعول فتمسكم النار وأنتم على هذه الحالة وهى انتفاء ناصركم ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ جملة فعلية معطوفة على الاسمية قبلها. وكلمة ثم لاستبعاد نصرة الله تعالى إياهم مع استحقاقهم العذاب بسبب ركونهم ثم لا ينصركم الله إذ سبق فى حكمه ان يعذبكم ولا يبقى عليكم. والآية
195
ابلغ ما يتصور فى النهى عن الظلم والتهديد عليه والعجب من قوم يقرأون هذه الآية ويرون ما فيها ثم لا يرتدعون عن الظلم والميل الى اهله ولا يتدبرون انهم مؤاخذون غير منصورين:
قال السعدي قدس سره
كرازى بچاه اندر افتاده بود كه از هول او شير نر مانده بود
بد انديش مردم بجز بد نديد بيفتاد وعاجز تر از خود نديد
همه شب ز فرياد وزارى نخفت يكى بر سرش كوفت سنگى وگفت
تو هرگز رسيدى بفرياد كس كه ميخواهى امروز فريادرس
كه بر ريش جانت نهد مرهمى كه دلها ز دردت بنالدهمى
تو ما را همى چاه كندى براه بسر لا جرم در فتادى بچاه
اگر بد كنى چشم نيكى مدار كه هرگز نيارد كژ انگور بار
وفى الحديث (إياكم والظلم فانه يخرب قلوبكم) وفى تخريب القلب تخريب سائر الجسد فالظالم يظلم على نفسه حيث يخرب أعضاءه الظاهرة والباطنة وعلى الله حيث يخرب بنيان الله ويغيره ويفسده ولانه إذا ظلم غيره وآذاه فقد ظلم على الله ورسوله وآذاه. والدليل عليه قوله عليه السلام (انا من الله والمؤمنون منى فمن آذى مؤمنا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله تعالى) ودخل فى الركون الى الظالمين المداهنة والرضى بأقوالهم وأعمالهم ومحبة مصاحبتهم ومعاشرتهم ومد العين الى زهرتهم الفانية وغبطتهم فيما أوتوا من القطوف الدانية والدعاء لهم بالبقاء وتعظيم ذكرهم وإصلاح دواتهم وقلمهم ودفع القلم او الكاغذ الى أيديهم والمشي خلفهم والتزيي بزيهم والتشبه بهم وخياطة ثيابهم وحلق رؤسهم. وقد امتنع بعض السلف عن رد جواب الظلمة فى السلام وقد سئل سفيان عن ظالم اشرف على الهلاك فى برية هل يسقى شربة ماء فقال لا فقيل له يموت فقال دعه فانه اعانة للظالم وقال غيره يسقى الى ان يثوب الى نفسه ثم يعرض عنه وفى الحديث (العلماء أمناء الرسل على عباد الله ما لم يخالطوا السلطان فاذا فعلوا ذلك فقد خانوا الرسل فاحذروهم واعتزلوهم) فاذا علمت هذا فاعلم ان الواجب عليك ان تعتزل عنهم بحيث لا تراهم ولا يرونك إذ لا سلامة الا فيه وان لا تفتش عن أمورهم ولا تتقرب الى من هو من حاشيتهم ومتصل بهم من امامهم ومؤذنهم فضلا عن غيرهم من عمالهم وخدمهم ولا تتأسف على ما يفوت بسبب مفارقتهم وترك مصاحبتهم واذكر كثيرا قول رسول الله ﷺ (إذا قرأ الرجل القرآن وتفقه فى الدين ثم اتى باب السلطان تملقا اليه وطمعا لما فى يديه خاض بقدر خطاه فى نار جهنم) والحديث كأنه مأخوذ من الآية فهما متطابقان معنى كما لا يخفى- وروى- ان الله تعالى اوحى الى يوشع بن نون انى مهلك من قومك أربعين ألفا من خيارهم وستين الفا من شرارهم فقال ما بال الأخيار فقال انهم لم يغضبوا لغضبى فكانوا يواكلونهم ويشاربونهم وبهذا تبين ان بغض الظلمة والغضب عليهم لله واجب وانما ظهر الفساد فى الرعايا وجميع أقطار الأرض برا وبحرا بفساد الملوك وذلك بفساد العلماء اولا إذ لولا القضاة السوء والعلماء السوء لقل فساد الملوك بل لو اتفق العلماء فى كل عصر على الحق ومنع الظلم مجتهدين فى ذلك
196
وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وكما يكونون بعد الاختلاف فى آخر الزمان فى عهد عيسى عليه السلام على ما فى بعض الروايات ولكن لم يشأ ذلك لما علم انهم ليسوا باهل لذلك فلم يكونوا امة متفقة على الحق يقول الفقير وقع الاتفاق فى أول النشأة الانسانية ثم آل الأمر الى الاختلاف بمقتضى الحكمة الالهية الى عهد عيسى عليه السلام ويعود فى زمانه على ما كان عليه قبل. ففيه اشارة الى اتحاد سر الأزل والابد فافهم جدا. واما الاختلاف الواقع قبل آدم فغير معتبر لكونه من غير جنس الناس وكذا بعد عيسى عليه السلام لكونه بعد انقطاع الولاية المطلقة وانتقالها الى نشأة اخرى وَلا يَزالُونَ اى الناس مُخْتَلِفِينَ فى الحق ودين الإسلام اى مخالفين له كقوله تعالى وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ او على أنبيائهم كما قال عليه السلام (ان الله بعثني رحمة للعالمين كافة فادوا عنى رحمكم الله ولا تختلفوا كما اختلف الحواريون على عيسى فانه دعاهم الى الله مثل ما أدعوكم اليه) وفى الاية اثبات الاختيار للعبد لما فيها من النداء على انهم صرفوا قدرتهم وإرادتهم الى كسب الاختلاف فى الحق فان وجود الفعل بلا فاعل محال سواء كان موجبا او لا وهو جبر متوسط وقول بين القولين وذلك لان الجبرية اثنتان متوسطة تثبت كسبا فى الفعل كالاشعرية من اهل السنة والجماعة وخالصة لا تثبته كالجهمية وان القدرية يزعمون ان كل عبد خالق لفعله لا يرون الكفر والمعاصي بتقدير الله تعالى فنحن معاشر اهل السنة نقول العبد كاسب والله خالق اى فعل العبد حاصل بخلق الله إياه عقيب ارادة العبد وقصده الجازم بطريق جرى العادة بان الله يخلقه عقيب قصد العبد ولا يخلقه بدونه فالمقدور الواحد داخل تحت القدرتين المختلفتين لان الفعل مقدور الله من جهة الإيجاد ومقدور العبد من جهة الكسب يقول الفقير قوله تعالى وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ونحوه لا ينافى الاختيار لان ذلك بالنسبة الى فناء العبد فى الحق ولا كلام فى ان المؤثر على كل حال هو الله تعالى: كما قال المولى الجامى قدس سره
حق فاعل وهر چهـ جز حق آلات بود تأثير ز آلت از محالات بود
هستى مؤثر حقيقى است يكيست باقى همه أوهام وخيالات بود
إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ استثناء متصل من الضمير فى مختلفين وان شئت من فاعل لا يزالون اى الا قوما هداهم الله بفضله الى الحق فاتفقوا عليه ولم يختلفوا فيه اى لم يخالفوه وَلِذلِكَ اى وللرحمة بتأويل ان مع الفعل خَلَقَهُمْ الضمير لمن قاله ابن عباس اى خلق اهل الرحمة للرحمة كما خلق اهل الاختلاف للاختلاف: وفى المثنوى
چون خلقت الخلق كى يربح على لطف تو فرمود اى قيوم وحي
لا لان تربح عليهم جودتست كه شود زو جمله ناقصها درست
عفو كن زين بندگان تن پرست عفو از درياى عفو اوليترست
وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ اى وجب قول ربك للملائكة او حكمه وهو لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ اى من عصاتهما أجمعين او منهما أجمعين لا من أحدهما فهو لتأكيد العموم للنوعين والثلان هما النوعان المخلوقان للاختلاف فى دين الله الموصوفان بكفران نعم الله
Icon