تفسير سورة سورة هود من كتاب فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير
المعروف بـفتح القدير
.
لمؤلفه
الشوكاني
.
المتوفي سنة 1250 هـ
سورة هود
هي مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر. قال ابن عباس وقتادة : إلا آية وهي قوله :﴿ وأقم الصلاة طرفي النهار ﴾. وأخرج النحاس في ناسخه وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال : نزلت سورة هود بمكة. وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله. وأخرج الدارمي وأبو داود في مراسيله وأبو الشيخ وابن مردويه وابن عساكر والبيهقي في الشعب عن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" اقرأوا هود يوم الجمعة ". وأخرج ابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه وابن عساكر من طريق مسروق عن أبي بكر الصديق قال : قلت : يا رسول الله لقد أسرع إليك الشيب، فقال :" شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت ". وأخرجه البزار وابن مردويه من طرق أنس عنه مرفوعاً بلفظ : قلت : يا رسول الله عجل إليك الشيب، قال :" شيبتني هود وأخواتها، والواقعة، والحاقة، وعم يتساءلون، وهل أتاك حديث الغاشية ". وأخرجه سعيد بن منصور وابن مردويه عن أنس قال : قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد عجل إليك الشيب، فقال :" شيبتني هود وأخواتها من المفصل ". وأخرج الترمذي وحسنه وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : قال أبو بكر يا رسول الله قد شبت، قال :" شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت ". وأخرج ابن عساكر من طريق عطاء عنه أن الصحابة قالوا : يا رسول الله لقد أسرع إليك الشيب، قال :" أجل شيبتني هود وأخواتها ". قال عطاء : وأخواتها : اقتربت الساعة، والمرسلات، وإذا الشمس كورت. وأخرج البيهقي في الدلائل عن أبي سعيد الخدري قال : قال عمر بن الخطاب : يا رسول الله أسرع إليك الشيب، قال :" شيبتني هود وأخواتها : الواقعة، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت ". وأخرج الطبراني وابن مردويه عن سهل بن سعد الساعدي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" شيبتني هود وأخواتها : الواقعة، والحاقة، وإذا الشمس كورت ". وأخرجا أيضاً عن ابن مسعود : أن أبا بكر قال : يا رسول الله ما شيبك ؟ قال :" هود والواقعة ". وفي إسناده عمرو بن ثابت وهو متروك. وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند صحيح عن عقبة بن عامر أن رجلاً قال : يا رسول الله قد شبت، قال :" شيبتني هود، وإذا الشمس كورت وأخواتها ". وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وأبو يعلى والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه وابن عساكر عن أبي جحيفة قال : قالوا : يا رسول الله نراك قد شبت، قال :" شيبتني هود وأخواتها ". وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له أصحابه : قد أسرع إليك الشيب، قال :" شيبتني هود وأخواتها من المفصل ". وأخرج ابن عساكر عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" شيبتني هود وأخواتها وما فعل بالأمم قبل ".
هي مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر. قال ابن عباس وقتادة : إلا آية وهي قوله :﴿ وأقم الصلاة طرفي النهار ﴾. وأخرج النحاس في ناسخه وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال : نزلت سورة هود بمكة. وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله. وأخرج الدارمي وأبو داود في مراسيله وأبو الشيخ وابن مردويه وابن عساكر والبيهقي في الشعب عن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" اقرأوا هود يوم الجمعة ". وأخرج ابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه وابن عساكر من طريق مسروق عن أبي بكر الصديق قال : قلت : يا رسول الله لقد أسرع إليك الشيب، فقال :" شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت ". وأخرجه البزار وابن مردويه من طرق أنس عنه مرفوعاً بلفظ : قلت : يا رسول الله عجل إليك الشيب، قال :" شيبتني هود وأخواتها، والواقعة، والحاقة، وعم يتساءلون، وهل أتاك حديث الغاشية ". وأخرجه سعيد بن منصور وابن مردويه عن أنس قال : قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد عجل إليك الشيب، فقال :" شيبتني هود وأخواتها من المفصل ". وأخرج الترمذي وحسنه وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : قال أبو بكر يا رسول الله قد شبت، قال :" شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت ". وأخرج ابن عساكر من طريق عطاء عنه أن الصحابة قالوا : يا رسول الله لقد أسرع إليك الشيب، قال :" أجل شيبتني هود وأخواتها ". قال عطاء : وأخواتها : اقتربت الساعة، والمرسلات، وإذا الشمس كورت. وأخرج البيهقي في الدلائل عن أبي سعيد الخدري قال : قال عمر بن الخطاب : يا رسول الله أسرع إليك الشيب، قال :" شيبتني هود وأخواتها : الواقعة، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت ". وأخرج الطبراني وابن مردويه عن سهل بن سعد الساعدي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" شيبتني هود وأخواتها : الواقعة، والحاقة، وإذا الشمس كورت ". وأخرجا أيضاً عن ابن مسعود : أن أبا بكر قال : يا رسول الله ما شيبك ؟ قال :" هود والواقعة ". وفي إسناده عمرو بن ثابت وهو متروك. وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند صحيح عن عقبة بن عامر أن رجلاً قال : يا رسول الله قد شبت، قال :" شيبتني هود، وإذا الشمس كورت وأخواتها ". وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وأبو يعلى والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه وابن عساكر عن أبي جحيفة قال : قالوا : يا رسول الله نراك قد شبت، قال :" شيبتني هود وأخواتها ". وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له أصحابه : قد أسرع إليك الشيب، قال :" شيبتني هود وأخواتها من المفصل ". وأخرج ابن عساكر عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" شيبتني هود وأخواتها وما فعل بالأمم قبل ".
ﰡ
«شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَأَخَوَاتُهَا وَمَا فُعِلَ بِالْأُمَمِ قَبْلُ».
أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٥) وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٦) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (٧) وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٨)
قَوْلُهُ: الر إِنْ كَانَ مَسْرُودًا عَلَى سَبِيلِ التَّعْدِيدِ كَمَا فِي سَائِرِ فَوَاتِحِ السُّوَرِ فَلَا مَحَلَّ لَهُ، وَإِنْ كَانَ اسْمًا لِلسُّورَةِ فَهُوَ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَا بَعْدَهُ، أَوْ خبر مبتدأ محذوف، وكِتابٌ يَكُونُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: هَذَا كِتَابٌ: وَكَذَا عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الر لَا مَحَلَّ لَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الر فِي مَحَلِّ نَصْبٍ بِتَقْدِيرِ فِعْلٍ يُنَاسِبُ الْمَقَامَ نَحْوَ: اذْكُرْ، أَوِ اقْرَأْ، فَيَكُونَ كِتَابٌ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَالْإِشَارَةُ فِي الْمُبْتَدَأِ الْمُقَدَّرِ إِمَّا إِلَى بَعْضِ الْقُرْآنِ أَوْ إِلَى مَجْمُوعِ الْقُرْآنِ، وَمَعْنَى: أُحْكِمَتْ آياتُهُ صَارَتْ مُحْكَمَةً مُتْقَنَةً لَا نَقْصَ فِيهَا وَلَا نَقْضَ لَهَا كَالْبِنَاءِ الْمُحْكَمِ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ: إِنَّهَا لَمْ تُنْسَخْ بِخِلَافِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ هَذَا الْوَصْفُ لِلْكِتَابِ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ، وَهُوَ الْمُحْكَمُ الَّذِي لَمْ يُنْسَخْ وَقِيلَ مَعْنَاهُ:
أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، ثُمَّ فُصِّلَتْ بِالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَقِيلَ: أَحْكَمَهَا اللَّهُ مِنَ الْبَاطِلِ ثُمَّ فَصَّلَهَا بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَقِيلَ: أُحْكِمَتْ جُمْلَتُهُ، ثُمَّ فَصِّلَتْ آيَاتُهُ وَقِيلَ: جُمِعَتْ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ ثُمَّ فُصِّلَتْ بِالْوَحْيِ وَقِيلَ: أُيِّدَتْ بِالْحُجَجِ الْقَاطِعَةِ الدَّالَّةِ عَلَى كَوْنِهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَقِيلَ: مَعْنَى إِحْكَامِهَا: أَنْ لَا فَسَادَ فِيهَا، أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ أَحْكَمْتُ الدَّابَّةَ: إِذَا وَضَعْتَ عليها الحكمة لتمنعها من الجماح، وثُمَّ فُصِّلَتْ مَعْطُوفٌ عَلَى أُحْكِمَتْ، وَمَعْنَاهُ مَا تَقَدَّمَ، وَالتَّرَاخِي الْمُسْتَفَادُ مِنْ ثُمَّ إِمَّا زَمَانِيٌّ إِنْ فُسِّرَ التَّفْصِيلُ بِالتَّنْجِيمِ عَلَى حَسَبِ الْمَصَالِحِ، وَإِمَّا رُتْبِيٌّ إِنْ فُسِّرَ بِغَيْرِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَالْجُمَلُ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهَا صِفَةٌ لِكِتَابٍ، أو خبر لِلْمُبْتَدَأِ، أَوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَفِي قَوْلِهِ: مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ لَفٌّ وَنَشْرٌ، لِأَنَّ المعنى: أحكمها حكيم وفصلها خبر عالم بمواقع الأمور. قوله: أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ مَفْعُولٌ لَهُ حُذِفَ مِنْهُ اللَّامُ، كَذَا: فِي الْكَشَّافِ، وَفِيهِ: أَنَّهُ لَيْسَ بِفِعْلٍ لِفَاعِلِ الْفِعْلِ الْمُعَلَّلِ، وَقِيلَ: أَنْ، هِيَ الْمُفَسِّرَةُ لِمَا فِي التَّفْصِيلِ مِنْ مَعْنَى الْقَوْلِ وَقِيلَ:
هُوَ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ مُنْقَطِعٌ عَمَّا قَبْلَهُ، مَحْكِيًّا عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ: التَّقْدِيرُ أُحْكِمَتْ بِأَنْ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة هود (١١) : الآيات ١ الى ٨]بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (١) أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (٢) وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (٣) إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤)أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٥) وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٦) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (٧) وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٨)
قَوْلُهُ: الر إِنْ كَانَ مَسْرُودًا عَلَى سَبِيلِ التَّعْدِيدِ كَمَا فِي سَائِرِ فَوَاتِحِ السُّوَرِ فَلَا مَحَلَّ لَهُ، وَإِنْ كَانَ اسْمًا لِلسُّورَةِ فَهُوَ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَا بَعْدَهُ، أَوْ خبر مبتدأ محذوف، وكِتابٌ يَكُونُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: هَذَا كِتَابٌ: وَكَذَا عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الر لَا مَحَلَّ لَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الر فِي مَحَلِّ نَصْبٍ بِتَقْدِيرِ فِعْلٍ يُنَاسِبُ الْمَقَامَ نَحْوَ: اذْكُرْ، أَوِ اقْرَأْ، فَيَكُونَ كِتَابٌ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَالْإِشَارَةُ فِي الْمُبْتَدَأِ الْمُقَدَّرِ إِمَّا إِلَى بَعْضِ الْقُرْآنِ أَوْ إِلَى مَجْمُوعِ الْقُرْآنِ، وَمَعْنَى: أُحْكِمَتْ آياتُهُ صَارَتْ مُحْكَمَةً مُتْقَنَةً لَا نَقْصَ فِيهَا وَلَا نَقْضَ لَهَا كَالْبِنَاءِ الْمُحْكَمِ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ: إِنَّهَا لَمْ تُنْسَخْ بِخِلَافِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ هَذَا الْوَصْفُ لِلْكِتَابِ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ، وَهُوَ الْمُحْكَمُ الَّذِي لَمْ يُنْسَخْ وَقِيلَ مَعْنَاهُ:
أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، ثُمَّ فُصِّلَتْ بِالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَقِيلَ: أَحْكَمَهَا اللَّهُ مِنَ الْبَاطِلِ ثُمَّ فَصَّلَهَا بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَقِيلَ: أُحْكِمَتْ جُمْلَتُهُ، ثُمَّ فَصِّلَتْ آيَاتُهُ وَقِيلَ: جُمِعَتْ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ ثُمَّ فُصِّلَتْ بِالْوَحْيِ وَقِيلَ: أُيِّدَتْ بِالْحُجَجِ الْقَاطِعَةِ الدَّالَّةِ عَلَى كَوْنِهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَقِيلَ: مَعْنَى إِحْكَامِهَا: أَنْ لَا فَسَادَ فِيهَا، أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ أَحْكَمْتُ الدَّابَّةَ: إِذَا وَضَعْتَ عليها الحكمة لتمنعها من الجماح، وثُمَّ فُصِّلَتْ مَعْطُوفٌ عَلَى أُحْكِمَتْ، وَمَعْنَاهُ مَا تَقَدَّمَ، وَالتَّرَاخِي الْمُسْتَفَادُ مِنْ ثُمَّ إِمَّا زَمَانِيٌّ إِنْ فُسِّرَ التَّفْصِيلُ بِالتَّنْجِيمِ عَلَى حَسَبِ الْمَصَالِحِ، وَإِمَّا رُتْبِيٌّ إِنْ فُسِّرَ بِغَيْرِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَالْجُمَلُ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهَا صِفَةٌ لِكِتَابٍ، أو خبر لِلْمُبْتَدَأِ، أَوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَفِي قَوْلِهِ: مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ لَفٌّ وَنَشْرٌ، لِأَنَّ المعنى: أحكمها حكيم وفصلها خبر عالم بمواقع الأمور. قوله: أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ مَفْعُولٌ لَهُ حُذِفَ مِنْهُ اللَّامُ، كَذَا: فِي الْكَشَّافِ، وَفِيهِ: أَنَّهُ لَيْسَ بِفِعْلٍ لِفَاعِلِ الْفِعْلِ الْمُعَلَّلِ، وَقِيلَ: أَنْ، هِيَ الْمُفَسِّرَةُ لِمَا فِي التَّفْصِيلِ مِنْ مَعْنَى الْقَوْلِ وَقِيلَ:
هُوَ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ مُنْقَطِعٌ عَمَّا قَبْلَهُ، مَحْكِيًّا عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ: التَّقْدِيرُ أُحْكِمَتْ بِأَنْ
545
لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أُحْكِمَتْ ثُمَّ فُصِّلَتْ لِئَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ، ثُمَّ أخبرهم رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ فَقَالَ: إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ أَيْ: يُنْذِرُهُمْ وَيُخَوِّفُهُمْ مِنْ عَذَابِهِ لِمَنْ عَصَاهُ، وَيُبَشِّرُهُمْ بِالْجَنَّةِ وَالرِّضْوَانِ لِمَنْ أَطَاعَهُ، وَالضَّمِيرُ فِي: مِنْهُ، رَاجِعٌ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ، أَيْ: إِنَّنِي لَكُمْ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَقِيلَ: هُوَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ كَقَوْلِهِ: وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ. قَوْلُهُ: وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ معطوف على ألا تَعْبُدُوا، وَالْكَلَامُ فِي: أَنْ، هَذِهِ كَالْكَلَامِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا. وَقَوْلُهُ: ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ مَعْطُوفٌ عَلَى اسْتَغْفِرُوا، وَقَدَّمَ الْإِرْشَادَ إِلَى الِاسْتِغْفَارِ عَلَى التَّوْبَةِ: لِكَوْنِهِ وَسِيلَةً إِلَيْهَا وَقِيلَ: إِنَّ التَّوْبَةَ مِنْ مُتَمِّمَاتِ الِاسْتِغْفَارِ وَقِيلَ: مَعْنَى اسْتَغْفِرُوا: تُوبُوا، وَمَعْنَى تُوبُوا: أَخْلِصُوا التَّوْبَةَ وَاسْتَقِيمُوا عَلَيْهَا وَقِيلَ:
اسْتَغْفِرُوا مِنْ سَالِفِ الذُّنُوبِ ثُمَّ تُوبُوا مِنْ لَاحِقِهَا وَقِيلَ: اسْتَغْفِرُوا مِنَ الشِّرْكِ ثُمَّ ارْجِعُوا إِلَيْهِ بِالطَّاعَةِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: ثُمَّ: هَاهُنَا بِمَعْنَى الْوَاوِ، أَيْ: وَتُوبُوا إِلَيْهِ، لِأَنَّ الِاسْتِغْفَارَ هُوَ التَّوْبَةُ، وَالتَّوْبَةُ هِيَ الِاسْتِغْفَارُ وَقِيلَ:
إِنَّمَا قُدِّمُ ذِكْرُ الِاسْتِغْفَارِ لِأَنَّ الْمَغْفِرَةَ هِيَ الْغَرَضُ الْمَطْلُوبُ، وَالتَّوْبَةُ هِيَ السَّبَبُ إِلَيْهَا، وَمَا كَانَ آخِرًا فِي الْحُصُولِ كَانَ أَوَّلًا فِي الطَّلَبِ وَقِيلَ: اسْتَغْفِرُوا فِي الصَّغَائِرِ وَتُوبُوا إِلَيْهِ فِي الْكَبَائِرِ ثُمَّ رَتَّبَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ:
يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً أَصْلُ الْإِمْتَاعِ: الْإِطَالَةُ، وَمِنْهُ أمتع الله بك فمعنى الآية: بطول نَفْعَكُمْ فِي الدُّنْيَا بِمَنَافِعَ حَسَنَةٍ مَرْضِيَّةٍ مِنْ سَعَةِ الرِّزْقِ وَرَغَدِ الْعَيْشِ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِلَى وَقْتٍ مُقَدَّرٍ عِنْدَ اللَّهِ وَهُوَ الْمَوْتُ وَقِيلَ: الْقِيَامَةُ وَقِيلَ: دُخُولُ الْجَنَّةِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَالْأَمْرُ الثَّانِي: قَوْلُهُ: وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ أَيْ: يُعْطِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فِي الطَّاعَةِ وَالْعَمَلِ فَضْلَهُ: أَيْ: جَزَاءَ فَضْلِهِ، إِمَّا فِي الدُّنْيَا، أَوْ فِي الْآخِرَةِ، أَوْ فِيهِمَا جَمِيعًا، وَالضَّمِيرُ فِي فَضْلِهِ رَاجِعٌ إِلَى كُلِّ ذِي فَضْلٍ وَقِيلَ: رَاجِعٌ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ عَلَى مَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ يُعْطِي كُلَّ مَنْ فُضِّلَتْ حَسَنَاتُهُ فَضْلَهُ الَّذِي يَتَفَضَّلُ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ. ثُمَّ تَوَعَّدَهُمْ عَلَى مُخَالَفَةِ الْأَمْرِ فَقَالَ: وَإِنْ تَوَلَّوْا أَيْ: تَتَوَلَّوْا وَتُعْرِضُوا عَنِ الْإِخْلَاصِ فِي الْعِبَادَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَةِ فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَوَصَفَهُ بِالْكِبَرِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْأَهْوَالِ وَقِيلَ: الْيَوْمُ الْكَبِيرُ: يَوْمُ بَدْرٍ. ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ عَذَابَ الْيَوْمِ الْكَبِيرِ بِقَوْلِهِ: إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ أَيْ: رُجُوعُكُمْ إِلَيْهِ بِالْمَوْتِ، ثُمَّ الْبَعْثِ، ثُمَّ الْجَزَاءِ، لَا إِلَى غَيْرِهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ: عَذَابُكُمْ عَلَى عَدَمِ الِامْتِثَالِ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُقَرِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا.
ثُمَّ أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِأَنَّ هَذَا الْإِنْذَارَ، وَالتَّحْذِيرَ، وَالتَّوَعُّدَ لَمْ يَنْجَعْ فِيهِمْ، وَلَا لَانَتْ لَهُ قُلُوبُهُمْ، بَلْ هُمْ مُصِرُّونَ عَلَى الْعِنَادِ، مُصَمِّمُونَ عَلَى الْكُفْرِ، فَقَالَ مُصَدِّرًا لِهَذَا الْإِخْبَارِ بِكَلِمَةِ التَّنْبِيهِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّعَجُّبِ مِنْ حَالِهِمْ، وَأَنَّهُ أَمْرٌ يَنْبَغِي أَنْ يَتَنَبَّهَ لَهُ الْعُقَلَاءُ وَيَفْهَمُوهُ: أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ يُقَالُ: ثَنَى صَدْرَهُ عَنِ الشَّيْءِ:
إِذَا ازْوَرَّ عَنْهُ وَانْحَرَفَ مِنْهُ، فَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ كِنَايَةٌ عَنِ الْإِعْرَاضِ لِأَنَّ مَنْ أَعْرَضَ عَنِ الشَّيْءِ ثَنَى عَنْهُ صَدْرَهُ وَطَوَى عَنْهُ كَشْحَهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ: يَعْطِفُونَ صُدُورَهُمْ عَلَى مَا فِيهَا مِنَ الْكُفْرِ وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الْحَقِّ، فَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ كِنَايَةٌ عَنِ الْإِخْفَاءِ لِمَا يَعْتَقِدُونَهُ مِنَ الْكُفْرِ كَمَا كَانَ دَأْبُ الْمُنَافِقِينَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَوْلَى، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ:
لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَيْ: لِيَسْتَخْفُوا مِنَ اللَّهِ فَلَا يُطْلِعُ عَلَيْهِ رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، أَوْ: لِيَسْتَخْفُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ كَرَّرَ كَلِمَةَ التَّنْبِيهِ مُبَيِّنًا لِلْوَقْتِ الَّذِي يَثْنُونَ فِيهِ صُدُورَهُمْ فَقَالَ: أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ
اسْتَغْفِرُوا مِنْ سَالِفِ الذُّنُوبِ ثُمَّ تُوبُوا مِنْ لَاحِقِهَا وَقِيلَ: اسْتَغْفِرُوا مِنَ الشِّرْكِ ثُمَّ ارْجِعُوا إِلَيْهِ بِالطَّاعَةِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: ثُمَّ: هَاهُنَا بِمَعْنَى الْوَاوِ، أَيْ: وَتُوبُوا إِلَيْهِ، لِأَنَّ الِاسْتِغْفَارَ هُوَ التَّوْبَةُ، وَالتَّوْبَةُ هِيَ الِاسْتِغْفَارُ وَقِيلَ:
إِنَّمَا قُدِّمُ ذِكْرُ الِاسْتِغْفَارِ لِأَنَّ الْمَغْفِرَةَ هِيَ الْغَرَضُ الْمَطْلُوبُ، وَالتَّوْبَةُ هِيَ السَّبَبُ إِلَيْهَا، وَمَا كَانَ آخِرًا فِي الْحُصُولِ كَانَ أَوَّلًا فِي الطَّلَبِ وَقِيلَ: اسْتَغْفِرُوا فِي الصَّغَائِرِ وَتُوبُوا إِلَيْهِ فِي الْكَبَائِرِ ثُمَّ رَتَّبَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ:
يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً أَصْلُ الْإِمْتَاعِ: الْإِطَالَةُ، وَمِنْهُ أمتع الله بك فمعنى الآية: بطول نَفْعَكُمْ فِي الدُّنْيَا بِمَنَافِعَ حَسَنَةٍ مَرْضِيَّةٍ مِنْ سَعَةِ الرِّزْقِ وَرَغَدِ الْعَيْشِ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِلَى وَقْتٍ مُقَدَّرٍ عِنْدَ اللَّهِ وَهُوَ الْمَوْتُ وَقِيلَ: الْقِيَامَةُ وَقِيلَ: دُخُولُ الْجَنَّةِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَالْأَمْرُ الثَّانِي: قَوْلُهُ: وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ أَيْ: يُعْطِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فِي الطَّاعَةِ وَالْعَمَلِ فَضْلَهُ: أَيْ: جَزَاءَ فَضْلِهِ، إِمَّا فِي الدُّنْيَا، أَوْ فِي الْآخِرَةِ، أَوْ فِيهِمَا جَمِيعًا، وَالضَّمِيرُ فِي فَضْلِهِ رَاجِعٌ إِلَى كُلِّ ذِي فَضْلٍ وَقِيلَ: رَاجِعٌ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ عَلَى مَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ يُعْطِي كُلَّ مَنْ فُضِّلَتْ حَسَنَاتُهُ فَضْلَهُ الَّذِي يَتَفَضَّلُ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ. ثُمَّ تَوَعَّدَهُمْ عَلَى مُخَالَفَةِ الْأَمْرِ فَقَالَ: وَإِنْ تَوَلَّوْا أَيْ: تَتَوَلَّوْا وَتُعْرِضُوا عَنِ الْإِخْلَاصِ فِي الْعِبَادَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَةِ فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَوَصَفَهُ بِالْكِبَرِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْأَهْوَالِ وَقِيلَ: الْيَوْمُ الْكَبِيرُ: يَوْمُ بَدْرٍ. ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ عَذَابَ الْيَوْمِ الْكَبِيرِ بِقَوْلِهِ: إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ أَيْ: رُجُوعُكُمْ إِلَيْهِ بِالْمَوْتِ، ثُمَّ الْبَعْثِ، ثُمَّ الْجَزَاءِ، لَا إِلَى غَيْرِهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ: عَذَابُكُمْ عَلَى عَدَمِ الِامْتِثَالِ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُقَرِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا.
ثُمَّ أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِأَنَّ هَذَا الْإِنْذَارَ، وَالتَّحْذِيرَ، وَالتَّوَعُّدَ لَمْ يَنْجَعْ فِيهِمْ، وَلَا لَانَتْ لَهُ قُلُوبُهُمْ، بَلْ هُمْ مُصِرُّونَ عَلَى الْعِنَادِ، مُصَمِّمُونَ عَلَى الْكُفْرِ، فَقَالَ مُصَدِّرًا لِهَذَا الْإِخْبَارِ بِكَلِمَةِ التَّنْبِيهِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّعَجُّبِ مِنْ حَالِهِمْ، وَأَنَّهُ أَمْرٌ يَنْبَغِي أَنْ يَتَنَبَّهَ لَهُ الْعُقَلَاءُ وَيَفْهَمُوهُ: أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ يُقَالُ: ثَنَى صَدْرَهُ عَنِ الشَّيْءِ:
إِذَا ازْوَرَّ عَنْهُ وَانْحَرَفَ مِنْهُ، فَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ كِنَايَةٌ عَنِ الْإِعْرَاضِ لِأَنَّ مَنْ أَعْرَضَ عَنِ الشَّيْءِ ثَنَى عَنْهُ صَدْرَهُ وَطَوَى عَنْهُ كَشْحَهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ: يَعْطِفُونَ صُدُورَهُمْ عَلَى مَا فِيهَا مِنَ الْكُفْرِ وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الْحَقِّ، فَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ كِنَايَةٌ عَنِ الْإِخْفَاءِ لِمَا يَعْتَقِدُونَهُ مِنَ الْكُفْرِ كَمَا كَانَ دَأْبُ الْمُنَافِقِينَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَوْلَى، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ:
لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَيْ: لِيَسْتَخْفُوا مِنَ اللَّهِ فَلَا يُطْلِعُ عَلَيْهِ رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، أَوْ: لِيَسْتَخْفُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ كَرَّرَ كَلِمَةَ التَّنْبِيهِ مُبَيِّنًا لِلْوَقْتِ الَّذِي يَثْنُونَ فِيهِ صُدُورَهُمْ فَقَالَ: أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ
546
أَيْ: يَسْتَخْفُونَ فِي وَقْتِ اسْتِغْشَاءِ الثِّيَابِ، وَهُوَ التَّغَطِّي بِهَا، وَقَدْ كَانُوا يَقُولُونَ: إِذَا أَغْلَقْنَا أَبْوَابَنَا، وَاسْتَغْشَيْنَا ثِيَابَنَا وَثَنَيْنَا صُدُورَنَا عَلَى عَدَاوَةِ مُحَمَّدٍ، فَمَنْ يَعْلَمُ بِنَا؟ وَقِيلَ مَعْنَى: حِينَ يَسْتَغْشُونَ: حِينَ يَأْوُونَ إِلَى فِرَاشِهِمْ وَيَتَدَثَّرُونَ بِثِيَابِهِمْ وَقِيلَ: إِنَّهُ حَقِيقَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الْكُفَّارِ كَانَ إِذَا مَرَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَنَى صَدْرَهُ، وَوَلَّى ظَهْرَهُ، وَاسْتَغْشَى ثِيَابَهُ، لِئَلَّا يَسْمَعَ كَلَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجُمْلَةُ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ مُسْتَأْنَفَةٌ، لِبَيَانِ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهُمْ فِي الِاسْتِخْفَاءِ، لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَهُ فِي أَنْفُسِهِمْ أَوْ فِي ذَاتِ بَيْنِهِمْ، وَمَا يُظْهِرُونَهُ، فَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ عِنْدَهُ سَوَاءٌ، وَالسِّرُّ وَالْجَهْرُ سِيَّانِ، وَجُمْلَةُ: إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ تَعْلِيلٌ لِمَا قَبْلَهَا وَتَقْرِيرٌ لَهُ، وَذَاتُ الصُّدُورِ: هِيَ الضَّمَائِرُ الَّتِي تَشْتَمِلُ عَلَيْهَا الصُّدُورُ وَقِيلَ: هِيَ الْقُلُوبُ، وَالْمَعْنَى: إِنَّهُ عَلِيمٌ بِجَمِيعِ الضَّمَائِرِ، أَوْ عَلِيمٌ بِالْقُلُوبِ وَأَحْوَالِهَا فِي الْإِسْرَارِ وَالْإِظْهَارِ، فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ أَكَّدَ كَوْنَهُ عَالِمًا بِكُلِّ الْمَعْلُومَاتِ بِمَا فِيهِ غَايَةُ الِامْتِنَانِ، وَنِهَايَةُ الْإِحْسَانِ، فَقَالَ: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها أَيْ: الرِّزْقُ الَّذِي تَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْغِذَاءِ اللَّائِقِ بِالْحَيَوَانِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ، تَفَضُّلًا مِنْهُ وَإِحْسَانًا، وَإِنَّمَا جِيءَ بِهِ عَلَى طَرِيقِ الْوُجُوبِ كَمَا تُشْعِرُ بِهِ كَلِمَةُ عَلَى اعْتِبَارًا بِسَبْقِ الْوَعْدِ بِهِ مِنْهُ، وَ «مِنْ» زَائِدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ، وَوَجْهُ اتِّصَالِ هَذَا الْكَلَامِ بِمَا قَبْلَهُ، أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمَّا كَانَ لَا يَغْفُلُ عَنْ كُلِّ حَيَوَانٍ بِاعْتِبَارِ مَا قَسَمَهُ لَهُ مِنَ الرِّزْقِ، فَكَيْفَ يَغْفُلُ عَنْ أَحْوَالِهِ، وَأَقْوَالِهِ، وَأَفْعَالِهِ! وَالدَّابَّةُ: كُلُّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها أَيْ: مَحَلَّ اسْتِقْرَارِهَا فِي الْأَرْضِ أَوْ مَحَلَّ قَرَارِهَا فِي الْأَصْلَابِ وَمُسْتَوْدَعَها مَوْضِعَهَا فِي الْأَرْحَامِ، وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهَا كَالْبَيْضَةِ وَنَحْوِهَا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مُسْتَقَرُّهَا: حَيْثُ تَأْوِي إِلَيْهِ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَمُسْتَوْدَعُهَا مَوْضِعُهَا الَّذِي تَمُوتُ فِيهِ، وَقَدْ مَرَّ تَمَامُ الْأَقْوَالِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ، وَوَجْهُ تَقَدُّمِ الْمُسْتَقَرِّ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ عَلَى قَوْلِ الْفَرَّاءِ ظَاهِرٌ. وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الأوّل فلعل وَجَّهَ ذَلِكَ أَنَّ الْمُسْتَقَرَّ أَنْسَبُ بِاعْتِبَارِ مَا هِيَ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِهَا دَابَّةً. وَالْمَعْنَى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا يَرْزُقُهَا اللَّهُ حَيْثُ كَانَتْ مِنْ أَمَاكِنِهَا بَعْدَ كَوْنِهَا دَابَّةً وَقَبْلَ كَوْنِهَا دَابَّةً، وَذَلِكَ حَيْثُ تَكُونُ فِي الرَّحِمِ وَنَحْوِهُ ثُمَّ خَتَمَ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ: كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ أي: كل من ما تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ الدَّوَابِّ، وَمُسْتَقَرِّهَا، وَمُسْتَوْدَعِهَا، وَرِزْقِهَا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ، وَهُوَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ، أَيْ: مُثْبَتٌ فِيهِ. ثُمَّ أَكَّدَ دَلَائِلَ قُدْرَتِهِ بِالتَّعَرُّضِ لذكر خلق السموات وَالْأَرْضِ، وَكَيْفَ كَانَ الْحَالُ قَبْلَ خَلْقِهَا فَقَالَ:
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذَا فِي الْأَعْرَافِ، قِيلَ: وَالْمُرَادُ بِالْأَيَّامِ الْأَوْقَاتُ، أَيْ: فِي سِتَّةِ أَوْقَاتٍ كَمَا فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ «١» وَقِيلَ: مِقْدَارُ سِتَّةِ أَيَّامٍ، وَلَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْأَيَّامِ هُنَا: الْأَيَّامَ الْمَعْرُوفَةَ، وَهِيَ الْمُقَابِلَةُ لِلَّيَالِي، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ لَا أَرْضٌ وَلَا سَمَاءٌ، وَلَيْسَ الْيَوْمُ إِلَّا عِبَارَةً عَنْ مُدَّةِ كَوْنِ الشَّمْسِ فَوْقَ الْأَرْضِ، وَكَانَ خلق السموات فِي يَوْمَيْنِ، وَالْأَرَضِينَ فِي يَوْمَيْنِ، وَمَا عَلَيْهِمَا مِنْ أَنْوَاعِ الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَالْجَمَادِ فِي يَوْمَيْنِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي حم السَّجْدَةِ. قَوْلُهُ: وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ أَيْ: كَانَ قَبْلَ خَلْقِهِمَا عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَفِيهِ بَيَانُ تَقَدُّمِ خَلْقِ العرش والماء على السموات وَالْأَرَضِينَ.
قَوْلُهُ: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا اللَّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِخَلَقَ، أَيْ: خَلَقَ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ لِيَبْتَلِيَ عِبَادَهُ بِالِاعْتِبَارِ، وَالتَّفَكُّرِ، وَالِاسْتِدْلَالِ عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ، وعلى البعث والجزاء، أيهم أحسن عملا فيما أمر به ونهي عنه، فيجازي
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذَا فِي الْأَعْرَافِ، قِيلَ: وَالْمُرَادُ بِالْأَيَّامِ الْأَوْقَاتُ، أَيْ: فِي سِتَّةِ أَوْقَاتٍ كَمَا فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ «١» وَقِيلَ: مِقْدَارُ سِتَّةِ أَيَّامٍ، وَلَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْأَيَّامِ هُنَا: الْأَيَّامَ الْمَعْرُوفَةَ، وَهِيَ الْمُقَابِلَةُ لِلَّيَالِي، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ لَا أَرْضٌ وَلَا سَمَاءٌ، وَلَيْسَ الْيَوْمُ إِلَّا عِبَارَةً عَنْ مُدَّةِ كَوْنِ الشَّمْسِ فَوْقَ الْأَرْضِ، وَكَانَ خلق السموات فِي يَوْمَيْنِ، وَالْأَرَضِينَ فِي يَوْمَيْنِ، وَمَا عَلَيْهِمَا مِنْ أَنْوَاعِ الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَالْجَمَادِ فِي يَوْمَيْنِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي حم السَّجْدَةِ. قَوْلُهُ: وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ أَيْ: كَانَ قَبْلَ خَلْقِهِمَا عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَفِيهِ بَيَانُ تَقَدُّمِ خَلْقِ العرش والماء على السموات وَالْأَرَضِينَ.
قَوْلُهُ: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا اللَّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِخَلَقَ، أَيْ: خَلَقَ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ لِيَبْتَلِيَ عِبَادَهُ بِالِاعْتِبَارِ، وَالتَّفَكُّرِ، وَالِاسْتِدْلَالِ عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ، وعلى البعث والجزاء، أيهم أحسن عملا فيما أمر به ونهي عنه، فيجازي
(١). الأنفال: ١٦.
547
المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته، ويوفر الجزاء لمن كان أَحْسَنُ عَمَلًا مِنْ غَيْرِهِ، وَيَدْخُلُ فِي الْعَمَلِ الِاعْتِقَادُ، لِأَنَّهُ مِنْ أَعْمَالِ الْقَلْبِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْأَحْسَنِ عَمَلًا: الْأَتَمُّ عَقْلًا، وَقِيلَ: الْأَزْهَدُ فِي الدُّنْيَا، وَقِيلَ: الْأَكْثَرُ شُكْرًا، وَقِيلَ: الْأَتْقَى لِلَّهِ. قَوْلُهُ: وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ثُمَّ لَمَّا كَانَ الِابْتِلَاءُ يَتَضَمَّنُ حَدِيثَ الْبَعْثِ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِذِكْرِهِ، وَالْمَعْنَى: لَئِنْ قُلْتَ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ عَلَى مَا تُوجِبُهُ قَضِيَّةُ الِابْتِلَاءِ: إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ فيجازى المحسن بإحسانه والمسيئ بِإِسَاءَتِهِ، لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّاسِ: إِنْ هَذَا الَّذِي تَقُولُهُ يَا مُحَمَّدُ: إِلَّا بَاطِلٌ كَبُطْلَانِ السِّحْرَ وَخُدَعٌ كَخُدَعِهِ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ بِهَذَا: إِلَى الْقُرْآنِ، لِأَنَّهُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى الْإِخْبَارِ بِالْبَعْثِ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ: إِنْ هَذَا إِلَّا سَاحِرٌ يَعْنُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكُسِرَتْ إِنَّ مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّكُمْ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْقَوْلِ. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: الْفَتْحَ، عَلَى تَضْمِينِ: قُلْتَ، مَعْنَى ذَكَرْتَ، أَوْ عَلَى أَنَّ بِمَعْنَى عَلَّ: أَيْ وَلَئِنْ قُلْتَ لَعَلَّكُمْ مَبْعُوثُونَ، عَلَى أَنَّ الرَّجَاءَ بِاعْتِبَارِ حَالِ الْمُخَاطَبِينَ، أَيْ: تَوَقَّعُوا ذَلِكَ وَلَا تَبُتُّوا الْقَوْلَ بِإِنْكَارِهِ وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ أَيْ: الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي قَوْلِهِ: عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ وَقِيلَ: عَذَابُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَا بَعْدَهُ، وَقِيلَ: يَوْمُ بَدْرٍ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ أَيْ: إِلَى طَائِفَةٍ مِنَ الْأَيَّامِ قَلِيلَةٍ، لِأَنَّ مَا يَحْصُرُهُ الْعَدُّ قَلِيلٌ، وَالْأُمَّةُ اشْتِقَاقُهَا مِنَ الْأَمِّ: وَهُوَ الْقَصْدُ، وَأَرَادَ بِهَا الْوَقْتَ الْمَقْصُودَ لِإِيقَاعِ الْعَذَابِ وَقِيلَ: هِيَ فِي الْأَصْلِ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ، وَقَدْ يُسَمَّى الْحِينُ: بِاسْمِ مَا يَحْصُلُ فِيهِ، كَقَوْلِكَ: كُنْتُ عِنْدَ فُلَانٍ صَلَاةَ الْعَصْرِ، أَيْ: فِي ذَلِكَ الْحِينِ، فَالْمُرَادُ عَلَى هَذَا إِلَى حِينِ تَنْقَضِي أُمَّةٌ مَعْدُودَةٌ مِنَ النَّاسِ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَيْ: أَيُّ شَيْءٍ يَمْنَعُهُ مِنَ النُّزُولِ؟ اسْتِعْجَالًا لَهُ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِهْزَاءِ وَالتَّكْذِيبِ، فَأَجَابَهُمُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ: أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ أَيْ: لَيْسَ مَحْبُوسًا عَنْهُمْ، بَلْ وَاقِعٌ بِهِمْ لَا محالة، ويوم: منصوب بمصروفا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ أَيْ:
أَحَاطَ بِهِمُ الْعَذَابُ الَّذِي كَانُوا يَسْتَعْجِلُونَهُ استهزاء منهم، ووضع يستهزئون مَكَانَ يَسْتَعْجِلُونَ، لِأَنَّ اسْتِعْجَالَهُمْ كَانَ اسْتِهْزَاءً مِنْهُمْ، وَعَبَّرَ بِلَفْظِ الْمَاضِي تَنْبِيهًا عَلَى تَحَقُّقِ وُقُوعِهِ، فَكَأَنَّهُ قَدْ حَاقَ بِهِمْ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ زيد قَرَأَ: الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ قَالَ: هِيَ كُلُّهَا مَحْكَمَةٌ يَعْنِي سُورَةَ هُودٍ ثُمَّ فُصِّلَتْ قَالَ: ثُمَّ ذَكَرَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَكَمَ فِيهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ خَالَفَهُ، وَقَرَأَ: مِثْلَ الْفَرِيقَيْنِ الْآيَةَ كُلَّهَا، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْمَ نُوحٍ ثُمَّ هُودٍ، فَكَانَ هَذَا تَفْصِيلُ ذَلِكَ، وَكَانَ أَوَّلُهُ مُحْكَمًا قَالَ: وَكَانَ أَبِي يَقُولُ ذَلِكَ، يَعْنِي زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ:
كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ قَالَ: أُحْكِمَتْ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَفُصِّلَتْ بِالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ. وَأَخْرَجَ هَؤُلَاءِ عَنْ مُجَاهِدٍ فُصِّلَتْ قَالَ: فُسِّرَتْ. وَأَخْرَجَ هَؤُلَاءِ أَيْضًا عَنْ قَتَادَةَ فِي الْآيَةِ قَالَ: أَحْكَمَهَا اللَّهُ مِنَ الْبَاطِلِ ثُمَّ فَصَّلَهَا بِعِلْمِهِ، فَبَيَّنَ حَلَالَهُ وَحَرَامَهُ وَطَاعَتَهُ وَمَعْصِيَتَهُ، وَفِي قَوْلِهِ: مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ يَعْنِي مِنْ عِنْدِ حَكِيمٍ، وَفِي قَوْلِهِ: يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً قَالَ: فَأَنْتُمْ فِي ذَلِكَ الْمَتَاعِ فَخُذُوهُ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَمَعْرِفَةِ حَقِّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ مُنْعِمٌ يُحِبُّ الشَّاكِرِينَ وَأَهْلُ الشُّكْرِ فِي مَزِيدٍ مِنَ اللَّهِ، وَذَلِكَ قَضَاؤُهُ الَّذِي قَضَاهُ وَفِي قَوْلِهِ: إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى يَعْنِي الْمَوْتَ، وَفِي قَوْلِهِ: يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ أَيْ: فِي الْآخِرَةِ. وأخرج هؤلاء
أَحَاطَ بِهِمُ الْعَذَابُ الَّذِي كَانُوا يَسْتَعْجِلُونَهُ استهزاء منهم، ووضع يستهزئون مَكَانَ يَسْتَعْجِلُونَ، لِأَنَّ اسْتِعْجَالَهُمْ كَانَ اسْتِهْزَاءً مِنْهُمْ، وَعَبَّرَ بِلَفْظِ الْمَاضِي تَنْبِيهًا عَلَى تَحَقُّقِ وُقُوعِهِ، فَكَأَنَّهُ قَدْ حَاقَ بِهِمْ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ زيد قَرَأَ: الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ قَالَ: هِيَ كُلُّهَا مَحْكَمَةٌ يَعْنِي سُورَةَ هُودٍ ثُمَّ فُصِّلَتْ قَالَ: ثُمَّ ذَكَرَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَكَمَ فِيهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ خَالَفَهُ، وَقَرَأَ: مِثْلَ الْفَرِيقَيْنِ الْآيَةَ كُلَّهَا، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْمَ نُوحٍ ثُمَّ هُودٍ، فَكَانَ هَذَا تَفْصِيلُ ذَلِكَ، وَكَانَ أَوَّلُهُ مُحْكَمًا قَالَ: وَكَانَ أَبِي يَقُولُ ذَلِكَ، يَعْنِي زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ:
كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ قَالَ: أُحْكِمَتْ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَفُصِّلَتْ بِالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ. وَأَخْرَجَ هَؤُلَاءِ عَنْ مُجَاهِدٍ فُصِّلَتْ قَالَ: فُسِّرَتْ. وَأَخْرَجَ هَؤُلَاءِ أَيْضًا عَنْ قَتَادَةَ فِي الْآيَةِ قَالَ: أَحْكَمَهَا اللَّهُ مِنَ الْبَاطِلِ ثُمَّ فَصَّلَهَا بِعِلْمِهِ، فَبَيَّنَ حَلَالَهُ وَحَرَامَهُ وَطَاعَتَهُ وَمَعْصِيَتَهُ، وَفِي قَوْلِهِ: مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ يَعْنِي مِنْ عِنْدِ حَكِيمٍ، وَفِي قَوْلِهِ: يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً قَالَ: فَأَنْتُمْ فِي ذَلِكَ الْمَتَاعِ فَخُذُوهُ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَمَعْرِفَةِ حَقِّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ مُنْعِمٌ يُحِبُّ الشَّاكِرِينَ وَأَهْلُ الشُّكْرِ فِي مَزِيدٍ مِنَ اللَّهِ، وَذَلِكَ قَضَاؤُهُ الَّذِي قَضَاهُ وَفِي قَوْلِهِ: إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى يَعْنِي الْمَوْتَ، وَفِي قَوْلِهِ: يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ أَيْ: فِي الْآخِرَةِ. وأخرج هؤلاء
548
أيضا عن مجاهد في قوله: يؤت كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ، أَيْ: فِي الْآخِرَةِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:
يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فِي الْإِسْلَامِ فَضْلَ الدَّرَجَاتِ فِي الْآخِرَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ:
وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ قَالَ: مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً كُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ، وَمَنْ عَمِلَ حَسَنَةً كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، فَإِنْ عُوقِبَ بِالسَّيِّئَةِ الَّتِي عَمِلَهَا فِي الدُّنْيَا بَقِيَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَإِنْ لَمْ يُعَاقَبْ بِهَا فِي الدُّنْيَا أُخِذَ مِنَ الْحَسَنَاتِ الْعَشْرِ وَاحِدَةٌ وَبَقِيَتْ لَهُ تِسْعُ حَسَنَاتٍ، ثُمَّ يَقُولُ: هَلَكَ مَنْ غَلَبَ آحَادُهُ أَعْشَارَهُ «١».
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ الْآيَةَ قَالَ: كَانُوا يَسْتَحْيُونَ أَنْ يَتَخَلَّوْا فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ، وَأَنْ يُجَامِعُوا نِسَاءَهُمْ فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ فَنَزَلَ ذَلِكَ فِيهِمْ. قَالَ الْبُخَارِيُّ:
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْتَغْشُونَ يغطون رؤوسهم. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ، يَعْنِي بِهِ: الشَّكَّ فِي اللَّهِ وَعَمَلَ السَّيِّئَاتِ. وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ وَغَيْرِهِمَا أَيْ: أَنَّهُمْ كَانُوا يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ إِذَا قَالُوا شَيْئًا أَوْ عَمِلُوهُ، فَيَظُنُّونَ أَنَّهُمْ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ بِذَلِكَ، فَأَعْلَمَهُمْ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ عِنْدَ مَنَامِهِمْ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ مِنَ الْقَوْلِ وَما يُعْلِنُونَ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ فِي قَوْلِهِ: أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ قَالَ: كَانَ الْمُنَافِقُونَ إِذَا مَرَّ أَحَدُهُمْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ ثَنَى صَدْرَهُ وَتَغَشَّى ثَوْبَهُ لِكَيْلَا يَرَاهُ، فَنَزَلَتْ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ قَالَ: فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ فِي أَجْوَافِ بُيُوتِهِمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ أَبِي رَزِينٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: كَانَ أَحَدُهُمْ يَحْنِي ظَهْرَهُ وَيَسْتَغْشِي بِثَوْبِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي الْآيَةِ قال:
كانوا يحنون صُدُورَهُمْ لِكَيْلَا يَسْمَعُوا كِتَابَ اللَّهِ. قَالَ تَعَالَى: أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَذَلِكَ أَخْفَى مَا يَكُونُ ابْنُ آدَمَ إِذَا أَحَنَى ظَهْرَهُ وَاسْتَغْشَى بِثَوْبِهِ وَأَضْمَرَ هَمَّهُ فِي نَفْسِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فِي الْآيَةِ: يَكْتُمُونَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ مَا عَمِلُوا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَما مِنْ دَابَّةٍ الْآيَةَ قَالَ: يَعْنِي كل دابة. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: وَما مِنْ دَابَّةٍ الْآيَةَ قَالَ: يَعْنِي مَا جَاءَهَا مِنْ رِزْقٍ فَمِنَ اللَّهِ، وَرُبَّمَا لَمْ يَرْزُقْهَا حَتَّى تَمُوتَ جُوعًا، وَلَكِنْ ما كان لها من رزق فَمِنَ اللَّهِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها قَالَ: حَيْثُ تَأْوِي، وَمُسْتَوْدَعَها قَالَ: حَيْثُ تَمُوتُ. وَأَخْرَجَ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها قَالَ: يَأْتِيهَا رِزْقُهَا حَيْثُ كَانَتْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: مُسْتَقَرَّهَا فِي الْأَرْحَامِ وَمُسْتَوْدَعَهَا حَيْثُ تَمُوتُ. وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّفْسِيرَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ ما أخرجه الترمذي الحكيم في نوادر
يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فِي الْإِسْلَامِ فَضْلَ الدَّرَجَاتِ فِي الْآخِرَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ:
وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ قَالَ: مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً كُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ، وَمَنْ عَمِلَ حَسَنَةً كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، فَإِنْ عُوقِبَ بِالسَّيِّئَةِ الَّتِي عَمِلَهَا فِي الدُّنْيَا بَقِيَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَإِنْ لَمْ يُعَاقَبْ بِهَا فِي الدُّنْيَا أُخِذَ مِنَ الْحَسَنَاتِ الْعَشْرِ وَاحِدَةٌ وَبَقِيَتْ لَهُ تِسْعُ حَسَنَاتٍ، ثُمَّ يَقُولُ: هَلَكَ مَنْ غَلَبَ آحَادُهُ أَعْشَارَهُ «١».
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ الْآيَةَ قَالَ: كَانُوا يَسْتَحْيُونَ أَنْ يَتَخَلَّوْا فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ، وَأَنْ يُجَامِعُوا نِسَاءَهُمْ فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ فَنَزَلَ ذَلِكَ فِيهِمْ. قَالَ الْبُخَارِيُّ:
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْتَغْشُونَ يغطون رؤوسهم. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ، يَعْنِي بِهِ: الشَّكَّ فِي اللَّهِ وَعَمَلَ السَّيِّئَاتِ. وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ وَغَيْرِهِمَا أَيْ: أَنَّهُمْ كَانُوا يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ إِذَا قَالُوا شَيْئًا أَوْ عَمِلُوهُ، فَيَظُنُّونَ أَنَّهُمْ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ بِذَلِكَ، فَأَعْلَمَهُمْ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ عِنْدَ مَنَامِهِمْ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ مِنَ الْقَوْلِ وَما يُعْلِنُونَ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ فِي قَوْلِهِ: أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ قَالَ: كَانَ الْمُنَافِقُونَ إِذَا مَرَّ أَحَدُهُمْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ ثَنَى صَدْرَهُ وَتَغَشَّى ثَوْبَهُ لِكَيْلَا يَرَاهُ، فَنَزَلَتْ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ قَالَ: فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ فِي أَجْوَافِ بُيُوتِهِمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ أَبِي رَزِينٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: كَانَ أَحَدُهُمْ يَحْنِي ظَهْرَهُ وَيَسْتَغْشِي بِثَوْبِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي الْآيَةِ قال:
كانوا يحنون صُدُورَهُمْ لِكَيْلَا يَسْمَعُوا كِتَابَ اللَّهِ. قَالَ تَعَالَى: أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَذَلِكَ أَخْفَى مَا يَكُونُ ابْنُ آدَمَ إِذَا أَحَنَى ظَهْرَهُ وَاسْتَغْشَى بِثَوْبِهِ وَأَضْمَرَ هَمَّهُ فِي نَفْسِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فِي الْآيَةِ: يَكْتُمُونَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ مَا عَمِلُوا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَما مِنْ دَابَّةٍ الْآيَةَ قَالَ: يَعْنِي كل دابة. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: وَما مِنْ دَابَّةٍ الْآيَةَ قَالَ: يَعْنِي مَا جَاءَهَا مِنْ رِزْقٍ فَمِنَ اللَّهِ، وَرُبَّمَا لَمْ يَرْزُقْهَا حَتَّى تَمُوتَ جُوعًا، وَلَكِنْ ما كان لها من رزق فَمِنَ اللَّهِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها قَالَ: حَيْثُ تَأْوِي، وَمُسْتَوْدَعَها قَالَ: حَيْثُ تَمُوتُ. وَأَخْرَجَ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها قَالَ: يَأْتِيهَا رِزْقُهَا حَيْثُ كَانَتْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: مُسْتَقَرَّهَا فِي الْأَرْحَامِ وَمُسْتَوْدَعَهَا حَيْثُ تَمُوتُ. وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّفْسِيرَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ ما أخرجه الترمذي الحكيم في نوادر
(١). الصواب: عشراته.
549
قوله :﴿ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ الله ﴾ مفعول له حذف منه اللام : كذا في الكشاف، وفيه أنه ليس بفعل لفاعل الفعل المعلل. وقيل : أن هي المفسرة لما في التفصيل من معنى القول. وقيل : هو كلام مبتدأ منقطع عما قبله، محكياً على لسان النبيّ صلى الله عليه وسلم. قال الكسائي والفراء : التقدير أحكمت بأن لا تعبدوا إلا الله. وقال الزجاج : أحكمت ثم فصلت لئلا تعبدوا إلا الله، ثم أخبرهم رسول الله بأنه نذير وبشير، فقال :﴿ إِنَّنِي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِير وَبَشِير ﴾ أي : ينذرهم ويخوّفهم من عذابه لمن عصاه، ويبشرهم بالجنة والرضوان لمن أطاعه، والضمير في منه راجع إلى الله سبحانه. أي إنني لكم نذير وبشير من جهة الله سبحانه ؛ وقيل : هو من كلام الله سبحانه كقوله :﴿ وَيُحَذّرُكُمُ الله نَفْسَهُ ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد، أنه قرأ :﴿ الر كِتَاب أُحْكِمَتْ آياته ﴾ قال : هي كلها محكمة، يعني سورة هود ﴿ ثُمَّ فُصّلَتْ ﴾ قال : ثم ذكر محمداً صلى الله عليه وسلم، فحكم فيها بينه وبين من خالفه، وقرأ : مثل الفريقين الآية كلها، ثم ذكر قوم نوح ثم هود، فكان هذا تفصيل ذلك، وكان أوّله محكماً قال : وكان أبي يقول ذلك، يعني : زيد بن أسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آياته ﴾ قال : أحكمت بالأمر والنهي، وفصلت بالوعد والوعيد، وأخرج هؤلاء عن مجاهد ﴿ فُصّلَتْ ﴾ قال : فسرت. وأخرج هؤلاء أيضاً عن قتادة في الآية قال : أحكمها الله من الباطل، ثم فصلها بعلمه، فبين حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته، وفي قوله :﴿ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ ﴾ يعني من عند حكيم، وفي قوله :﴿ يُمَتّعْكُمْ مَّتَاعًا حَسَنًا ﴾ قال : فأنتم في ذلك المتاع، فخذوه بطاعة الله ومعرفة حقه، فإن الله منعم يحبّ الشاكرين، وأهل الشكر في مزيد من الله، وذلك قضاؤه الذي قضاه. وفي قوله :﴿ إلى أَجَلٍ مُسَمًّى ﴾ يعني : الموت، وفي قوله :﴿ يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ أي : في الآخرة. وأخرج هؤلاء أيضاً عن مجاهد في قوله :﴿ يؤت كل ذي فضل فضله ﴾ : أي في الآخرة. وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن قال : يؤت كل ذي فضل في الإسلام فضل الدرجات في الآخرة. وأخرج ابن جرير، عن ابن مسعود، في قوله :﴿ وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ قال : من عمل سيئة كتبت عليه سيئة، ومن عمل حسنة كتبت له عشر حسنات، فإن عوقب بالسيئة التي عملها في الدنيا بقيت له عشر حسنات، وإن لم يعاقب بها في الدنيا أخذ من الحسنات العشر واحدة، وبقيت له تسع حسنات، ثم يقول : هلك من غلب آحاده أعشاره.
وأخرج البخاري وغيره، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ الآية قال : كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم. قال البخاري، وعن ابن عباس :﴿ يَسْتَغْشُونَ ﴾ يغطون رؤوسهم.
وروى البخاري أيضاً عن ابن عباس في تفسير هذه الآية، يعني به الشك في الله، وعمل السيئات، وكذا روي عن مجاهد والحسن وغيرهما : أي أنهم كانوا يثنون صدورهم إذا قالوا شيئاً أو عملوه، فيظنون أنهم يستخفون من الله بذلك، فأعلمهم سبحانه أنه حين يستغشون ثيابهم عند منامهم في ظلمة الليل ﴿ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ من القول ﴿ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ قال : كان المنافقون إذا مرّ أحدهم بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ثنى صدره، وتغشى ثوبه، لكيلا يراه، فنزلت. وأخرج ابن جرير، عن الحسن، في قوله :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : في ظلمة الليل في أجواف بيوتهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن أبي رزين في الآية قال : كان أحدهم يحني ظهره ويستغشى بثوبه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في الآية قال : كانوا يخفون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله، قال تعالى :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ وذلك أخفى ما يكون ابن آدم إذا أحنى ظهره، واستغشى بثوبه، وأضمر همه في نفسه، فإن الله لا يخفى عليه ذلك. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، قال في الآية : يكتمون ما في قلوبهم ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما عملوا بالليل والنهار.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني كل دابة. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني ما جاءها من رزق فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعاً، ولكن ما كان لها من رزق لها فمن الله. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : حيث تأوي، ومستودعها قال : حيث تموت. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه ﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : يأتيها رزقها حيث كانت. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، عن ابن مسعود، قال : مستقرّها في الأرحام، ومستودعها حيث تموت. ويؤيد هذا التفسير الذي ذكره ابن مسعود ما أخرجه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إذا كان أجل أحدكم بأرض أتيحت له إليها حاجة، حتى إذا بلغ أقصى أثره منها فيقبض، فتقول الأرض يوم القيامة : هذا ما استودعتني». وأخرج عبد الرزاق في المصنف، والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس، أنه سئل عن قوله :﴿ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء ﴾ على أيّ شيء كان الماء ؟ قال : على متن الريح. وقد وردت أحاديث كثيرة في صفة العرش، وفي كيفية خلق السموات والأرض ليس هذا موضع ذكرها. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم في التاريخ، وابن مردويه، عن ابن عمر، قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ فقيل : ما معنى ذلك يا رسول الله ؟ قال :«ليبلوكم أيكم أحسن عقلاً»، ثم قال :«وأحسنكم عقلاً أورعكم عن محارم الله، وأعملكم بطاعة الله» وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : إنكم أتمّ عقلاً. وأخرج أيضاً عن سفيان قال : أزهدكم في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : لما نزلت ﴿ اقترب لِلنَّاسِ حسابهم ﴾ قال ناس : إن الساعة قد اقتربت فتناهوا، فتناهى القوم قليلاً ثم عادوا إلى أعمالهم أعمال السوء، فأنزل الله :﴿ أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ﴾ فقال ناس من أهل الضلال : هذا أمر الله قد أتى، فتناهى القوم ثم عادوا إلى مكرهم، مكر السوء، فأنزل الله هذه الآية :﴿ وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ العذاب إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ قال : إلى أجل معدود. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ﴾ يعني أهل النفاق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَاقَ بِهِم مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ﴾ يقول : وقع بهم العذاب الذي استهزأوا به.
وأخرج البخاري وغيره، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ الآية قال : كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم. قال البخاري، وعن ابن عباس :﴿ يَسْتَغْشُونَ ﴾ يغطون رؤوسهم.
وروى البخاري أيضاً عن ابن عباس في تفسير هذه الآية، يعني به الشك في الله، وعمل السيئات، وكذا روي عن مجاهد والحسن وغيرهما : أي أنهم كانوا يثنون صدورهم إذا قالوا شيئاً أو عملوه، فيظنون أنهم يستخفون من الله بذلك، فأعلمهم سبحانه أنه حين يستغشون ثيابهم عند منامهم في ظلمة الليل ﴿ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ من القول ﴿ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ قال : كان المنافقون إذا مرّ أحدهم بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ثنى صدره، وتغشى ثوبه، لكيلا يراه، فنزلت. وأخرج ابن جرير، عن الحسن، في قوله :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : في ظلمة الليل في أجواف بيوتهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن أبي رزين في الآية قال : كان أحدهم يحني ظهره ويستغشى بثوبه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في الآية قال : كانوا يخفون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله، قال تعالى :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ وذلك أخفى ما يكون ابن آدم إذا أحنى ظهره، واستغشى بثوبه، وأضمر همه في نفسه، فإن الله لا يخفى عليه ذلك. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، قال في الآية : يكتمون ما في قلوبهم ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما عملوا بالليل والنهار.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني كل دابة. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني ما جاءها من رزق فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعاً، ولكن ما كان لها من رزق لها فمن الله. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : حيث تأوي، ومستودعها قال : حيث تموت. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه ﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : يأتيها رزقها حيث كانت. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، عن ابن مسعود، قال : مستقرّها في الأرحام، ومستودعها حيث تموت. ويؤيد هذا التفسير الذي ذكره ابن مسعود ما أخرجه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إذا كان أجل أحدكم بأرض أتيحت له إليها حاجة، حتى إذا بلغ أقصى أثره منها فيقبض، فتقول الأرض يوم القيامة : هذا ما استودعتني». وأخرج عبد الرزاق في المصنف، والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس، أنه سئل عن قوله :﴿ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء ﴾ على أيّ شيء كان الماء ؟ قال : على متن الريح. وقد وردت أحاديث كثيرة في صفة العرش، وفي كيفية خلق السموات والأرض ليس هذا موضع ذكرها. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم في التاريخ، وابن مردويه، عن ابن عمر، قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ فقيل : ما معنى ذلك يا رسول الله ؟ قال :«ليبلوكم أيكم أحسن عقلاً»، ثم قال :«وأحسنكم عقلاً أورعكم عن محارم الله، وأعملكم بطاعة الله» وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : إنكم أتمّ عقلاً. وأخرج أيضاً عن سفيان قال : أزهدكم في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : لما نزلت ﴿ اقترب لِلنَّاسِ حسابهم ﴾ قال ناس : إن الساعة قد اقتربت فتناهوا، فتناهى القوم قليلاً ثم عادوا إلى أعمالهم أعمال السوء، فأنزل الله :﴿ أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ﴾ فقال ناس من أهل الضلال : هذا أمر الله قد أتى، فتناهى القوم ثم عادوا إلى مكرهم، مكر السوء، فأنزل الله هذه الآية :﴿ وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ العذاب إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ قال : إلى أجل معدود. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ﴾ يعني أهل النفاق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَاقَ بِهِم مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ﴾ يقول : وقع بهم العذاب الذي استهزأوا به.
قوله :﴿ وَأَنِ استغفروا رَبَّكُمْ ﴾ معطوف على ألا تعبدوا، والكلام في أن هذه كالكلام في التي قبلها.
وقوله :﴿ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ ﴾ معطوف على ﴿ استغفروا ﴾، وقدم الإرشاد إلى الاستغفار على التوبة، لكونه وسيلة إليها. وقيل : إن التوبة من متممات الاستغفار ؛ وقيل معنى استغفروا : توبوا. ومعنى توبوا : أخلصوا التوبة واستقيموا عليها. وقيل : استغفروا من سالف الذنوب، ثم توبوا من لاحقها. وقيل : استغفروا من الشرك، ثم ارجعوا إليه بالطاعة. قال الفراء : ثم هاهنا بمعنى الواو : أي وتوبوا إليه، لأن الاستغفار هو : التوبة، والتوبة هي : الاستغفار ؛ وقيل : إنما قدم ذكر الاستغفار لأن المغفرة هي الغرض المطلوب، والتوبة. هي : السبب إليها، وما كان آخراً في الحصول، كان أوّلاً في الطلب. وقيل : استغفروا في الصغائر، وتوبوا إليه في الكبائر ؛ ثم رتب على ما تقدّم أمرين الأول :﴿ يُمَتّعْكُمْ مَّتَاعًا حَسَنًا ﴾ أصل الإمتاع : الإطالة، ومنه أمتع الله بك ؛ فمعنى الآية : يطول نفعكم في الدنيا بمنافع حسنة مرضية من سعة الرزق ورغد العيش ﴿ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى ﴾ إلى وقت مقدّر عند الله، وهو : الموت ؛ وقيل : القيامة ؛ وقيل : دخول الجنة ؛ والأوّل : أولى. والأمر الثاني قوله :﴿ وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ أي : يعط كل ذي فضل في الطاعة والعمل فضله : أي جزاء فضله، إما في الدنيا، أو في الآخرة، أو فيهما جميعاً، والضمير في فضله راجع إلى كل ذي فضل. وقيل : راجع إلى الله سبحانه على معنى أن الله يعطي كل من فضلت حسناته فضله الذي يتفضل به على عباده. ثم توعدهم على مخالفة الأمر فقال :﴿ وَإِن تَوَلَّوْاْ ﴾ أي : تتولوا وتعرضوا عن الإخلاص في العبادة، والاستغفار، والتوبة ﴿ فَإِنّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ﴾ وهو : يوم القيامة، ووصفه بالكبر، لما فيه من الأهوال. وقيل : اليوم الكبير يوم بدر.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد، أنه قرأ :﴿ الر كِتَاب أُحْكِمَتْ آياته ﴾ قال : هي كلها محكمة، يعني سورة هود ﴿ ثُمَّ فُصّلَتْ ﴾ قال : ثم ذكر محمداً صلى الله عليه وسلم، فحكم فيها بينه وبين من خالفه، وقرأ : مثل الفريقين الآية كلها، ثم ذكر قوم نوح ثم هود، فكان هذا تفصيل ذلك، وكان أوّله محكماً قال : وكان أبي يقول ذلك، يعني : زيد بن أسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آياته ﴾ قال : أحكمت بالأمر والنهي، وفصلت بالوعد والوعيد، وأخرج هؤلاء عن مجاهد ﴿ فُصّلَتْ ﴾ قال : فسرت. وأخرج هؤلاء أيضاً عن قتادة في الآية قال : أحكمها الله من الباطل، ثم فصلها بعلمه، فبين حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته، وفي قوله :﴿ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ ﴾ يعني من عند حكيم، وفي قوله :﴿ يُمَتّعْكُمْ مَّتَاعًا حَسَنًا ﴾ قال : فأنتم في ذلك المتاع، فخذوه بطاعة الله ومعرفة حقه، فإن الله منعم يحبّ الشاكرين، وأهل الشكر في مزيد من الله، وذلك قضاؤه الذي قضاه. وفي قوله :﴿ إلى أَجَلٍ مُسَمًّى ﴾ يعني : الموت، وفي قوله :﴿ يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ أي : في الآخرة. وأخرج هؤلاء أيضاً عن مجاهد في قوله :﴿ يؤت كل ذي فضل فضله ﴾ : أي في الآخرة. وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن قال : يؤت كل ذي فضل في الإسلام فضل الدرجات في الآخرة. وأخرج ابن جرير، عن ابن مسعود، في قوله :﴿ وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ قال : من عمل سيئة كتبت عليه سيئة، ومن عمل حسنة كتبت له عشر حسنات، فإن عوقب بالسيئة التي عملها في الدنيا بقيت له عشر حسنات، وإن لم يعاقب بها في الدنيا أخذ من الحسنات العشر واحدة، وبقيت له تسع حسنات، ثم يقول : هلك من غلب آحاده أعشاره.
وأخرج البخاري وغيره، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ الآية قال : كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم. قال البخاري، وعن ابن عباس :﴿ يَسْتَغْشُونَ ﴾ يغطون رؤوسهم.
وروى البخاري أيضاً عن ابن عباس في تفسير هذه الآية، يعني به الشك في الله، وعمل السيئات، وكذا روي عن مجاهد والحسن وغيرهما : أي أنهم كانوا يثنون صدورهم إذا قالوا شيئاً أو عملوه، فيظنون أنهم يستخفون من الله بذلك، فأعلمهم سبحانه أنه حين يستغشون ثيابهم عند منامهم في ظلمة الليل ﴿ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ من القول ﴿ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ قال : كان المنافقون إذا مرّ أحدهم بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ثنى صدره، وتغشى ثوبه، لكيلا يراه، فنزلت. وأخرج ابن جرير، عن الحسن، في قوله :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : في ظلمة الليل في أجواف بيوتهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن أبي رزين في الآية قال : كان أحدهم يحني ظهره ويستغشى بثوبه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في الآية قال : كانوا يخفون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله، قال تعالى :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ وذلك أخفى ما يكون ابن آدم إذا أحنى ظهره، واستغشى بثوبه، وأضمر همه في نفسه، فإن الله لا يخفى عليه ذلك. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، قال في الآية : يكتمون ما في قلوبهم ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما عملوا بالليل والنهار.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني كل دابة. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني ما جاءها من رزق فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعاً، ولكن ما كان لها من رزق لها فمن الله. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : حيث تأوي، ومستودعها قال : حيث تموت. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه ﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : يأتيها رزقها حيث كانت. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، عن ابن مسعود، قال : مستقرّها في الأرحام، ومستودعها حيث تموت. ويؤيد هذا التفسير الذي ذكره ابن مسعود ما أخرجه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إذا كان أجل أحدكم بأرض أتيحت له إليها حاجة، حتى إذا بلغ أقصى أثره منها فيقبض، فتقول الأرض يوم القيامة : هذا ما استودعتني». وأخرج عبد الرزاق في المصنف، والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس، أنه سئل عن قوله :﴿ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء ﴾ على أيّ شيء كان الماء ؟ قال : على متن الريح. وقد وردت أحاديث كثيرة في صفة العرش، وفي كيفية خلق السموات والأرض ليس هذا موضع ذكرها. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم في التاريخ، وابن مردويه، عن ابن عمر، قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ فقيل : ما معنى ذلك يا رسول الله ؟ قال :«ليبلوكم أيكم أحسن عقلاً»، ثم قال :«وأحسنكم عقلاً أورعكم عن محارم الله، وأعملكم بطاعة الله» وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : إنكم أتمّ عقلاً. وأخرج أيضاً عن سفيان قال : أزهدكم في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : لما نزلت ﴿ اقترب لِلنَّاسِ حسابهم ﴾ قال ناس : إن الساعة قد اقتربت فتناهوا، فتناهى القوم قليلاً ثم عادوا إلى أعمالهم أعمال السوء، فأنزل الله :﴿ أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ﴾ فقال ناس من أهل الضلال : هذا أمر الله قد أتى، فتناهى القوم ثم عادوا إلى مكرهم، مكر السوء، فأنزل الله هذه الآية :﴿ وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ العذاب إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ قال : إلى أجل معدود. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ﴾ يعني أهل النفاق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَاقَ بِهِم مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ﴾ يقول : وقع بهم العذاب الذي استهزأوا به.
وقوله :﴿ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ ﴾ معطوف على ﴿ استغفروا ﴾، وقدم الإرشاد إلى الاستغفار على التوبة، لكونه وسيلة إليها. وقيل : إن التوبة من متممات الاستغفار ؛ وقيل معنى استغفروا : توبوا. ومعنى توبوا : أخلصوا التوبة واستقيموا عليها. وقيل : استغفروا من سالف الذنوب، ثم توبوا من لاحقها. وقيل : استغفروا من الشرك، ثم ارجعوا إليه بالطاعة. قال الفراء : ثم هاهنا بمعنى الواو : أي وتوبوا إليه، لأن الاستغفار هو : التوبة، والتوبة هي : الاستغفار ؛ وقيل : إنما قدم ذكر الاستغفار لأن المغفرة هي الغرض المطلوب، والتوبة. هي : السبب إليها، وما كان آخراً في الحصول، كان أوّلاً في الطلب. وقيل : استغفروا في الصغائر، وتوبوا إليه في الكبائر ؛ ثم رتب على ما تقدّم أمرين الأول :﴿ يُمَتّعْكُمْ مَّتَاعًا حَسَنًا ﴾ أصل الإمتاع : الإطالة، ومنه أمتع الله بك ؛ فمعنى الآية : يطول نفعكم في الدنيا بمنافع حسنة مرضية من سعة الرزق ورغد العيش ﴿ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى ﴾ إلى وقت مقدّر عند الله، وهو : الموت ؛ وقيل : القيامة ؛ وقيل : دخول الجنة ؛ والأوّل : أولى. والأمر الثاني قوله :﴿ وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ أي : يعط كل ذي فضل في الطاعة والعمل فضله : أي جزاء فضله، إما في الدنيا، أو في الآخرة، أو فيهما جميعاً، والضمير في فضله راجع إلى كل ذي فضل. وقيل : راجع إلى الله سبحانه على معنى أن الله يعطي كل من فضلت حسناته فضله الذي يتفضل به على عباده. ثم توعدهم على مخالفة الأمر فقال :﴿ وَإِن تَوَلَّوْاْ ﴾ أي : تتولوا وتعرضوا عن الإخلاص في العبادة، والاستغفار، والتوبة ﴿ فَإِنّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ﴾ وهو : يوم القيامة، ووصفه بالكبر، لما فيه من الأهوال. وقيل : اليوم الكبير يوم بدر.
وأخرج البخاري وغيره، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ الآية قال : كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم. قال البخاري، وعن ابن عباس :﴿ يَسْتَغْشُونَ ﴾ يغطون رؤوسهم.
وروى البخاري أيضاً عن ابن عباس في تفسير هذه الآية، يعني به الشك في الله، وعمل السيئات، وكذا روي عن مجاهد والحسن وغيرهما : أي أنهم كانوا يثنون صدورهم إذا قالوا شيئاً أو عملوه، فيظنون أنهم يستخفون من الله بذلك، فأعلمهم سبحانه أنه حين يستغشون ثيابهم عند منامهم في ظلمة الليل ﴿ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ من القول ﴿ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ قال : كان المنافقون إذا مرّ أحدهم بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ثنى صدره، وتغشى ثوبه، لكيلا يراه، فنزلت. وأخرج ابن جرير، عن الحسن، في قوله :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : في ظلمة الليل في أجواف بيوتهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن أبي رزين في الآية قال : كان أحدهم يحني ظهره ويستغشى بثوبه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في الآية قال : كانوا يخفون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله، قال تعالى :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ وذلك أخفى ما يكون ابن آدم إذا أحنى ظهره، واستغشى بثوبه، وأضمر همه في نفسه، فإن الله لا يخفى عليه ذلك. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، قال في الآية : يكتمون ما في قلوبهم ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما عملوا بالليل والنهار.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني كل دابة. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني ما جاءها من رزق فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعاً، ولكن ما كان لها من رزق لها فمن الله. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : حيث تأوي، ومستودعها قال : حيث تموت. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه ﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : يأتيها رزقها حيث كانت. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، عن ابن مسعود، قال : مستقرّها في الأرحام، ومستودعها حيث تموت. ويؤيد هذا التفسير الذي ذكره ابن مسعود ما أخرجه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إذا كان أجل أحدكم بأرض أتيحت له إليها حاجة، حتى إذا بلغ أقصى أثره منها فيقبض، فتقول الأرض يوم القيامة : هذا ما استودعتني». وأخرج عبد الرزاق في المصنف، والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس، أنه سئل عن قوله :﴿ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء ﴾ على أيّ شيء كان الماء ؟ قال : على متن الريح. وقد وردت أحاديث كثيرة في صفة العرش، وفي كيفية خلق السموات والأرض ليس هذا موضع ذكرها. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم في التاريخ، وابن مردويه، عن ابن عمر، قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ فقيل : ما معنى ذلك يا رسول الله ؟ قال :«ليبلوكم أيكم أحسن عقلاً»، ثم قال :«وأحسنكم عقلاً أورعكم عن محارم الله، وأعملكم بطاعة الله» وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : إنكم أتمّ عقلاً. وأخرج أيضاً عن سفيان قال : أزهدكم في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : لما نزلت ﴿ اقترب لِلنَّاسِ حسابهم ﴾ قال ناس : إن الساعة قد اقتربت فتناهوا، فتناهى القوم قليلاً ثم عادوا إلى أعمالهم أعمال السوء، فأنزل الله :﴿ أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ﴾ فقال ناس من أهل الضلال : هذا أمر الله قد أتى، فتناهى القوم ثم عادوا إلى مكرهم، مكر السوء، فأنزل الله هذه الآية :﴿ وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ العذاب إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ قال : إلى أجل معدود. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ﴾ يعني أهل النفاق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَاقَ بِهِم مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ﴾ يقول : وقع بهم العذاب الذي استهزأوا به.
ثم بين سبحانه عذاب اليوم الكبير بقوله :﴿ إلى الله مَرْجِعُكُمْ ﴾ أي : رجوعكم إليه بالموت، ثم البعث، ثم الجزاء، لا إلى غيره ﴿ وَهُوَ على كُلّ شَيْء قَدِيرٌ ﴾ ومن جملة ذلك عذابكم على عدم الامتثال، وهذه الجملة مقرّرة لما قبلها. ثم أخبر الله سبحانه بأن هذا الإنذار والتحذير والتوعد لم ينجع فيهم، ولا لانت له قلوبهم، بل هم مصرّون على العناد مصممون على الكفر، فقال مصدراً لهذا الإخبار بكلمة التنبيه الدالة على التعجب من حالهم، وأنه أمر ينبغي أن يتنبه له العقلاء ويفهموه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد، أنه قرأ :﴿ الر كِتَاب أُحْكِمَتْ آياته ﴾ قال : هي كلها محكمة، يعني سورة هود ﴿ ثُمَّ فُصّلَتْ ﴾ قال : ثم ذكر محمداً صلى الله عليه وسلم، فحكم فيها بينه وبين من خالفه، وقرأ : مثل الفريقين الآية كلها، ثم ذكر قوم نوح ثم هود، فكان هذا تفصيل ذلك، وكان أوّله محكماً قال : وكان أبي يقول ذلك، يعني : زيد بن أسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آياته ﴾ قال : أحكمت بالأمر والنهي، وفصلت بالوعد والوعيد، وأخرج هؤلاء عن مجاهد ﴿ فُصّلَتْ ﴾ قال : فسرت. وأخرج هؤلاء أيضاً عن قتادة في الآية قال : أحكمها الله من الباطل، ثم فصلها بعلمه، فبين حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته، وفي قوله :﴿ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ ﴾ يعني من عند حكيم، وفي قوله :﴿ يُمَتّعْكُمْ مَّتَاعًا حَسَنًا ﴾ قال : فأنتم في ذلك المتاع، فخذوه بطاعة الله ومعرفة حقه، فإن الله منعم يحبّ الشاكرين، وأهل الشكر في مزيد من الله، وذلك قضاؤه الذي قضاه. وفي قوله :﴿ إلى أَجَلٍ مُسَمًّى ﴾ يعني : الموت، وفي قوله :﴿ يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ أي : في الآخرة. وأخرج هؤلاء أيضاً عن مجاهد في قوله :﴿ يؤت كل ذي فضل فضله ﴾ : أي في الآخرة. وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن قال : يؤت كل ذي فضل في الإسلام فضل الدرجات في الآخرة. وأخرج ابن جرير، عن ابن مسعود، في قوله :﴿ وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ قال : من عمل سيئة كتبت عليه سيئة، ومن عمل حسنة كتبت له عشر حسنات، فإن عوقب بالسيئة التي عملها في الدنيا بقيت له عشر حسنات، وإن لم يعاقب بها في الدنيا أخذ من الحسنات العشر واحدة، وبقيت له تسع حسنات، ثم يقول : هلك من غلب آحاده أعشاره.
وأخرج البخاري وغيره، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ الآية قال : كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم. قال البخاري، وعن ابن عباس :﴿ يَسْتَغْشُونَ ﴾ يغطون رؤوسهم.
وروى البخاري أيضاً عن ابن عباس في تفسير هذه الآية، يعني به الشك في الله، وعمل السيئات، وكذا روي عن مجاهد والحسن وغيرهما : أي أنهم كانوا يثنون صدورهم إذا قالوا شيئاً أو عملوه، فيظنون أنهم يستخفون من الله بذلك، فأعلمهم سبحانه أنه حين يستغشون ثيابهم عند منامهم في ظلمة الليل ﴿ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ من القول ﴿ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ قال : كان المنافقون إذا مرّ أحدهم بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ثنى صدره، وتغشى ثوبه، لكيلا يراه، فنزلت. وأخرج ابن جرير، عن الحسن، في قوله :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : في ظلمة الليل في أجواف بيوتهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن أبي رزين في الآية قال : كان أحدهم يحني ظهره ويستغشى بثوبه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في الآية قال : كانوا يخفون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله، قال تعالى :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ وذلك أخفى ما يكون ابن آدم إذا أحنى ظهره، واستغشى بثوبه، وأضمر همه في نفسه، فإن الله لا يخفى عليه ذلك. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، قال في الآية : يكتمون ما في قلوبهم ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما عملوا بالليل والنهار.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني كل دابة. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني ما جاءها من رزق فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعاً، ولكن ما كان لها من رزق لها فمن الله. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : حيث تأوي، ومستودعها قال : حيث تموت. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه ﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : يأتيها رزقها حيث كانت. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، عن ابن مسعود، قال : مستقرّها في الأرحام، ومستودعها حيث تموت. ويؤيد هذا التفسير الذي ذكره ابن مسعود ما أخرجه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إذا كان أجل أحدكم بأرض أتيحت له إليها حاجة، حتى إذا بلغ أقصى أثره منها فيقبض، فتقول الأرض يوم القيامة : هذا ما استودعتني». وأخرج عبد الرزاق في المصنف، والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس، أنه سئل عن قوله :﴿ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء ﴾ على أيّ شيء كان الماء ؟ قال : على متن الريح. وقد وردت أحاديث كثيرة في صفة العرش، وفي كيفية خلق السموات والأرض ليس هذا موضع ذكرها. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم في التاريخ، وابن مردويه، عن ابن عمر، قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ فقيل : ما معنى ذلك يا رسول الله ؟ قال :«ليبلوكم أيكم أحسن عقلاً»، ثم قال :«وأحسنكم عقلاً أورعكم عن محارم الله، وأعملكم بطاعة الله» وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : إنكم أتمّ عقلاً. وأخرج أيضاً عن سفيان قال : أزهدكم في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : لما نزلت ﴿ اقترب لِلنَّاسِ حسابهم ﴾ قال ناس : إن الساعة قد اقتربت فتناهوا، فتناهى القوم قليلاً ثم عادوا إلى أعمالهم أعمال السوء، فأنزل الله :﴿ أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ﴾ فقال ناس من أهل الضلال : هذا أمر الله قد أتى، فتناهى القوم ثم عادوا إلى مكرهم، مكر السوء، فأنزل الله هذه الآية :﴿ وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ العذاب إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ قال : إلى أجل معدود. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ﴾ يعني أهل النفاق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَاقَ بِهِم مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ﴾ يقول : وقع بهم العذاب الذي استهزأوا به.
وأخرج البخاري وغيره، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ الآية قال : كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم. قال البخاري، وعن ابن عباس :﴿ يَسْتَغْشُونَ ﴾ يغطون رؤوسهم.
وروى البخاري أيضاً عن ابن عباس في تفسير هذه الآية، يعني به الشك في الله، وعمل السيئات، وكذا روي عن مجاهد والحسن وغيرهما : أي أنهم كانوا يثنون صدورهم إذا قالوا شيئاً أو عملوه، فيظنون أنهم يستخفون من الله بذلك، فأعلمهم سبحانه أنه حين يستغشون ثيابهم عند منامهم في ظلمة الليل ﴿ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ من القول ﴿ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ قال : كان المنافقون إذا مرّ أحدهم بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ثنى صدره، وتغشى ثوبه، لكيلا يراه، فنزلت. وأخرج ابن جرير، عن الحسن، في قوله :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : في ظلمة الليل في أجواف بيوتهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن أبي رزين في الآية قال : كان أحدهم يحني ظهره ويستغشى بثوبه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في الآية قال : كانوا يخفون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله، قال تعالى :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ وذلك أخفى ما يكون ابن آدم إذا أحنى ظهره، واستغشى بثوبه، وأضمر همه في نفسه، فإن الله لا يخفى عليه ذلك. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، قال في الآية : يكتمون ما في قلوبهم ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما عملوا بالليل والنهار.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني كل دابة. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني ما جاءها من رزق فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعاً، ولكن ما كان لها من رزق لها فمن الله. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : حيث تأوي، ومستودعها قال : حيث تموت. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه ﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : يأتيها رزقها حيث كانت. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، عن ابن مسعود، قال : مستقرّها في الأرحام، ومستودعها حيث تموت. ويؤيد هذا التفسير الذي ذكره ابن مسعود ما أخرجه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إذا كان أجل أحدكم بأرض أتيحت له إليها حاجة، حتى إذا بلغ أقصى أثره منها فيقبض، فتقول الأرض يوم القيامة : هذا ما استودعتني». وأخرج عبد الرزاق في المصنف، والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس، أنه سئل عن قوله :﴿ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء ﴾ على أيّ شيء كان الماء ؟ قال : على متن الريح. وقد وردت أحاديث كثيرة في صفة العرش، وفي كيفية خلق السموات والأرض ليس هذا موضع ذكرها. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم في التاريخ، وابن مردويه، عن ابن عمر، قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ فقيل : ما معنى ذلك يا رسول الله ؟ قال :«ليبلوكم أيكم أحسن عقلاً»، ثم قال :«وأحسنكم عقلاً أورعكم عن محارم الله، وأعملكم بطاعة الله» وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : إنكم أتمّ عقلاً. وأخرج أيضاً عن سفيان قال : أزهدكم في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : لما نزلت ﴿ اقترب لِلنَّاسِ حسابهم ﴾ قال ناس : إن الساعة قد اقتربت فتناهوا، فتناهى القوم قليلاً ثم عادوا إلى أعمالهم أعمال السوء، فأنزل الله :﴿ أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ﴾ فقال ناس من أهل الضلال : هذا أمر الله قد أتى، فتناهى القوم ثم عادوا إلى مكرهم، مكر السوء، فأنزل الله هذه الآية :﴿ وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ العذاب إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ قال : إلى أجل معدود. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ﴾ يعني أهل النفاق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَاقَ بِهِم مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ﴾ يقول : وقع بهم العذاب الذي استهزأوا به.
﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ يقال : ثني صدره عن الشيء : إذا ازورّ عنه وانحرف منه، فيكون في الكلام كناية عن الإعراض ؛ لأن من أعرض عن الشيء ثنى عنه صدره، وطوى عنه كشحه. وقيل معناه : يعطفون صدورهم على ما فيها من الكفر والإعراض عن الحق، فيكون في الكلام كناية عن الإخفاء لما يعتقدونه من الكفر، كما كان دأب المنافقين.
والوجه الثاني أولى، ويؤيده قوله :﴿ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ ﴾ أي : ليستخفوا من الله، فلا يطلع عليه رسوله والمؤمنين، أو ليستخفوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ثم كرّر كلمة التنبيه مبيناً للوقت الذي يثنون فيه صدورهم، فقال :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ ﴾ أي : يستخفون في وقت استغشاء الثياب، وهو التغطي بها، وقد كانوا يقولون : إذا أغلقنا أبوابنا، واستغشينا ثيابنا، وثنينا صدورنا على عداوة محمد فمن يعلم بنا ؟ وقيل : معنى حين يستغشون : حين يأوون إلى فراشهم، ويتدثرون بثيابهم. وقيل : إنه حقيقة : وذلك أن بعض الكفار كان إذا مرّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثنى صدره، وولى ظهره، واستغشى ثيابه، لئلا يسمع كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجملة :﴿ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾ مستأنفة لبيان أنه لا فائدة لهم في الاستخفاء ؛ لأن الله سبحانه يعلم ما يسرّونه في أنفسهم، أو في ذات بينهم وما يظهرونه ؛ فالظاهر والباطن عنده سواء، والسرّ والجهر سيان، وجملة :﴿ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور ﴾ تعليل لما قبلها وتقرير له، وذات الصدور هي : الضمائر التي تشتمل عليها الصدور. وقيل : هي القلوب، والمعنى : إنه عليم بجميع الضمائر، أو عليم بالقلوب وأحوالها في الإسرار والإظهار، فلا يخفى عليه شيء من ذلك.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد، أنه قرأ :﴿ الر كِتَاب أُحْكِمَتْ آياته ﴾ قال : هي كلها محكمة، يعني سورة هود ﴿ ثُمَّ فُصّلَتْ ﴾ قال : ثم ذكر محمداً صلى الله عليه وسلم، فحكم فيها بينه وبين من خالفه، وقرأ : مثل الفريقين الآية كلها، ثم ذكر قوم نوح ثم هود، فكان هذا تفصيل ذلك، وكان أوّله محكماً قال : وكان أبي يقول ذلك، يعني : زيد بن أسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آياته ﴾ قال : أحكمت بالأمر والنهي، وفصلت بالوعد والوعيد، وأخرج هؤلاء عن مجاهد ﴿ فُصّلَتْ ﴾ قال : فسرت. وأخرج هؤلاء أيضاً عن قتادة في الآية قال : أحكمها الله من الباطل، ثم فصلها بعلمه، فبين حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته، وفي قوله :﴿ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ ﴾ يعني من عند حكيم، وفي قوله :﴿ يُمَتّعْكُمْ مَّتَاعًا حَسَنًا ﴾ قال : فأنتم في ذلك المتاع، فخذوه بطاعة الله ومعرفة حقه، فإن الله منعم يحبّ الشاكرين، وأهل الشكر في مزيد من الله، وذلك قضاؤه الذي قضاه. وفي قوله :﴿ إلى أَجَلٍ مُسَمًّى ﴾ يعني : الموت، وفي قوله :﴿ يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ أي : في الآخرة. وأخرج هؤلاء أيضاً عن مجاهد في قوله :﴿ يؤت كل ذي فضل فضله ﴾ : أي في الآخرة. وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن قال : يؤت كل ذي فضل في الإسلام فضل الدرجات في الآخرة. وأخرج ابن جرير، عن ابن مسعود، في قوله :﴿ وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ قال : من عمل سيئة كتبت عليه سيئة، ومن عمل حسنة كتبت له عشر حسنات، فإن عوقب بالسيئة التي عملها في الدنيا بقيت له عشر حسنات، وإن لم يعاقب بها في الدنيا أخذ من الحسنات العشر واحدة، وبقيت له تسع حسنات، ثم يقول : هلك من غلب آحاده أعشاره.
وأخرج البخاري وغيره، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ الآية قال : كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم. قال البخاري، وعن ابن عباس :﴿ يَسْتَغْشُونَ ﴾ يغطون رؤوسهم.
وروى البخاري أيضاً عن ابن عباس في تفسير هذه الآية، يعني به الشك في الله، وعمل السيئات، وكذا روي عن مجاهد والحسن وغيرهما : أي أنهم كانوا يثنون صدورهم إذا قالوا شيئاً أو عملوه، فيظنون أنهم يستخفون من الله بذلك، فأعلمهم سبحانه أنه حين يستغشون ثيابهم عند منامهم في ظلمة الليل ﴿ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ من القول ﴿ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ قال : كان المنافقون إذا مرّ أحدهم بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ثنى صدره، وتغشى ثوبه، لكيلا يراه، فنزلت. وأخرج ابن جرير، عن الحسن، في قوله :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : في ظلمة الليل في أجواف بيوتهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن أبي رزين في الآية قال : كان أحدهم يحني ظهره ويستغشى بثوبه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في الآية قال : كانوا يخفون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله، قال تعالى :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ وذلك أخفى ما يكون ابن آدم إذا أحنى ظهره، واستغشى بثوبه، وأضمر همه في نفسه، فإن الله لا يخفى عليه ذلك. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، قال في الآية : يكتمون ما في قلوبهم ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما عملوا بالليل والنهار.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني كل دابة. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني ما جاءها من رزق فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعاً، ولكن ما كان لها من رزق لها فمن الله. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : حيث تأوي، ومستودعها قال : حيث تموت. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه ﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : يأتيها رزقها حيث كانت. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، عن ابن مسعود، قال : مستقرّها في الأرحام، ومستودعها حيث تموت. ويؤيد هذا التفسير الذي ذكره ابن مسعود ما أخرجه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إذا كان أجل أحدكم بأرض أتيحت له إليها حاجة، حتى إذا بلغ أقصى أثره منها فيقبض، فتقول الأرض يوم القيامة : هذا ما استودعتني». وأخرج عبد الرزاق في المصنف، والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس، أنه سئل عن قوله :﴿ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء ﴾ على أيّ شيء كان الماء ؟ قال : على متن الريح. وقد وردت أحاديث كثيرة في صفة العرش، وفي كيفية خلق السموات والأرض ليس هذا موضع ذكرها. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم في التاريخ، وابن مردويه، عن ابن عمر، قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ فقيل : ما معنى ذلك يا رسول الله ؟ قال :«ليبلوكم أيكم أحسن عقلاً»، ثم قال :«وأحسنكم عقلاً أورعكم عن محارم الله، وأعملكم بطاعة الله» وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : إنكم أتمّ عقلاً. وأخرج أيضاً عن سفيان قال : أزهدكم في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : لما نزلت ﴿ اقترب لِلنَّاسِ حسابهم ﴾ قال ناس : إن الساعة قد اقتربت فتناهوا، فتناهى القوم قليلاً ثم عادوا إلى أعمالهم أعمال السوء، فأنزل الله :﴿ أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ﴾ فقال ناس من أهل الضلال : هذا أمر الله قد أتى، فتناهى القوم ثم عادوا إلى مكرهم، مكر السوء، فأنزل الله هذه الآية :﴿ وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ العذاب إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ قال : إلى أجل معدود. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ﴾ يعني أهل النفاق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَاقَ بِهِم مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ﴾ يقول : وقع بهم العذاب الذي استهزأوا به.
والوجه الثاني أولى، ويؤيده قوله :﴿ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ ﴾ أي : ليستخفوا من الله، فلا يطلع عليه رسوله والمؤمنين، أو ليستخفوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ثم كرّر كلمة التنبيه مبيناً للوقت الذي يثنون فيه صدورهم، فقال :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ ﴾ أي : يستخفون في وقت استغشاء الثياب، وهو التغطي بها، وقد كانوا يقولون : إذا أغلقنا أبوابنا، واستغشينا ثيابنا، وثنينا صدورنا على عداوة محمد فمن يعلم بنا ؟ وقيل : معنى حين يستغشون : حين يأوون إلى فراشهم، ويتدثرون بثيابهم. وقيل : إنه حقيقة : وذلك أن بعض الكفار كان إذا مرّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثنى صدره، وولى ظهره، واستغشى ثيابه، لئلا يسمع كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجملة :﴿ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾ مستأنفة لبيان أنه لا فائدة لهم في الاستخفاء ؛ لأن الله سبحانه يعلم ما يسرّونه في أنفسهم، أو في ذات بينهم وما يظهرونه ؛ فالظاهر والباطن عنده سواء، والسرّ والجهر سيان، وجملة :﴿ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور ﴾ تعليل لما قبلها وتقرير له، وذات الصدور هي : الضمائر التي تشتمل عليها الصدور. وقيل : هي القلوب، والمعنى : إنه عليم بجميع الضمائر، أو عليم بالقلوب وأحوالها في الإسرار والإظهار، فلا يخفى عليه شيء من ذلك.
وأخرج البخاري وغيره، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ الآية قال : كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم. قال البخاري، وعن ابن عباس :﴿ يَسْتَغْشُونَ ﴾ يغطون رؤوسهم.
وروى البخاري أيضاً عن ابن عباس في تفسير هذه الآية، يعني به الشك في الله، وعمل السيئات، وكذا روي عن مجاهد والحسن وغيرهما : أي أنهم كانوا يثنون صدورهم إذا قالوا شيئاً أو عملوه، فيظنون أنهم يستخفون من الله بذلك، فأعلمهم سبحانه أنه حين يستغشون ثيابهم عند منامهم في ظلمة الليل ﴿ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ من القول ﴿ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ قال : كان المنافقون إذا مرّ أحدهم بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ثنى صدره، وتغشى ثوبه، لكيلا يراه، فنزلت. وأخرج ابن جرير، عن الحسن، في قوله :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : في ظلمة الليل في أجواف بيوتهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن أبي رزين في الآية قال : كان أحدهم يحني ظهره ويستغشى بثوبه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في الآية قال : كانوا يخفون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله، قال تعالى :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ وذلك أخفى ما يكون ابن آدم إذا أحنى ظهره، واستغشى بثوبه، وأضمر همه في نفسه، فإن الله لا يخفى عليه ذلك. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، قال في الآية : يكتمون ما في قلوبهم ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما عملوا بالليل والنهار.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني كل دابة. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني ما جاءها من رزق فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعاً، ولكن ما كان لها من رزق لها فمن الله. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : حيث تأوي، ومستودعها قال : حيث تموت. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه ﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : يأتيها رزقها حيث كانت. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، عن ابن مسعود، قال : مستقرّها في الأرحام، ومستودعها حيث تموت. ويؤيد هذا التفسير الذي ذكره ابن مسعود ما أخرجه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إذا كان أجل أحدكم بأرض أتيحت له إليها حاجة، حتى إذا بلغ أقصى أثره منها فيقبض، فتقول الأرض يوم القيامة : هذا ما استودعتني». وأخرج عبد الرزاق في المصنف، والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس، أنه سئل عن قوله :﴿ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء ﴾ على أيّ شيء كان الماء ؟ قال : على متن الريح. وقد وردت أحاديث كثيرة في صفة العرش، وفي كيفية خلق السموات والأرض ليس هذا موضع ذكرها. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم في التاريخ، وابن مردويه، عن ابن عمر، قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ فقيل : ما معنى ذلك يا رسول الله ؟ قال :«ليبلوكم أيكم أحسن عقلاً»، ثم قال :«وأحسنكم عقلاً أورعكم عن محارم الله، وأعملكم بطاعة الله» وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : إنكم أتمّ عقلاً. وأخرج أيضاً عن سفيان قال : أزهدكم في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : لما نزلت ﴿ اقترب لِلنَّاسِ حسابهم ﴾ قال ناس : إن الساعة قد اقتربت فتناهوا، فتناهى القوم قليلاً ثم عادوا إلى أعمالهم أعمال السوء، فأنزل الله :﴿ أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ﴾ فقال ناس من أهل الضلال : هذا أمر الله قد أتى، فتناهى القوم ثم عادوا إلى مكرهم، مكر السوء، فأنزل الله هذه الآية :﴿ وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ العذاب إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ قال : إلى أجل معدود. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ﴾ يعني أهل النفاق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَاقَ بِهِم مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ﴾ يقول : وقع بهم العذاب الذي استهزأوا به.
ثم أكد كونه عالماً بكل المعلومات بما فيه غاية الامتنان، ونهاية الإحسان، فقال :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأرض إِلاَّ عَلَى الله رِزْقُهَا ﴾ أي : الرزق الذي تحتاج إليه من الغذاء اللائق بالحيوان، على اختلاف أنواعه تفضلاً منه وإحساناً، وإنما جيء به على طريق الوجوب، كما تشعر به كلمة «على » اعتباراً بسبق الوعد به منه، ومن زائدة للتأكيد، ووجه اتصال هذا الكلام بما قبله : أن الله سبحانه لما كان لا يغفل عن كل حيوان باعتبار ما قسمه له من الرزق، فكيف يغفل عن أحواله، وأقواله، وأفعاله. والدابة : كل حيوان يدب ﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ أي : محل استقرارها في الأرض، أو محل قرارها في الأصلاب ﴿ وَمُسْتَوْدَعَهَا ﴾ موضعها في الأرحام، وما يجري مجراها كالبيضة ونحوها. وقال الفراء : مستقرها : حيث تأوي إليه ليلاً ونهاراً، ومستودعها : موضعها الذي تموت فيه، وقد مرّ تمام الأقوال في سورة الأنعام، ووجه تقدّم المستقر على المستودع على قول الفراء ظاهر. وأما على القول الأوّل : فلعله وجه ذلك أن المستقر أنسب باعتبار ما هي عليه حال كونها دابة. والمعنى : وما من دابة في الأرض إلا يرزقها الله حيث كانت من أماكنها بعد كونها دابة، وقبل كونها دابة، وذلك حيث تكون في الرحم ونحوه. ثم ختم الآية بقوله :﴿ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مبِينٍ ﴾ أي : كل من ما تقدّم ذكره من الدوّاب، ومستقرّها ومستودعها، ورزقها في كتاب مبين، وهو اللوح المحفوظ : أي مثبت فيه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد، أنه قرأ :﴿ الر كِتَاب أُحْكِمَتْ آياته ﴾ قال : هي كلها محكمة، يعني سورة هود ﴿ ثُمَّ فُصّلَتْ ﴾ قال : ثم ذكر محمداً صلى الله عليه وسلم، فحكم فيها بينه وبين من خالفه، وقرأ : مثل الفريقين الآية كلها، ثم ذكر قوم نوح ثم هود، فكان هذا تفصيل ذلك، وكان أوّله محكماً قال : وكان أبي يقول ذلك، يعني : زيد بن أسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آياته ﴾ قال : أحكمت بالأمر والنهي، وفصلت بالوعد والوعيد، وأخرج هؤلاء عن مجاهد ﴿ فُصّلَتْ ﴾ قال : فسرت. وأخرج هؤلاء أيضاً عن قتادة في الآية قال : أحكمها الله من الباطل، ثم فصلها بعلمه، فبين حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته، وفي قوله :﴿ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ ﴾ يعني من عند حكيم، وفي قوله :﴿ يُمَتّعْكُمْ مَّتَاعًا حَسَنًا ﴾ قال : فأنتم في ذلك المتاع، فخذوه بطاعة الله ومعرفة حقه، فإن الله منعم يحبّ الشاكرين، وأهل الشكر في مزيد من الله، وذلك قضاؤه الذي قضاه. وفي قوله :﴿ إلى أَجَلٍ مُسَمًّى ﴾ يعني : الموت، وفي قوله :﴿ يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ أي : في الآخرة. وأخرج هؤلاء أيضاً عن مجاهد في قوله :﴿ يؤت كل ذي فضل فضله ﴾ : أي في الآخرة. وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن قال : يؤت كل ذي فضل في الإسلام فضل الدرجات في الآخرة. وأخرج ابن جرير، عن ابن مسعود، في قوله :﴿ وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ قال : من عمل سيئة كتبت عليه سيئة، ومن عمل حسنة كتبت له عشر حسنات، فإن عوقب بالسيئة التي عملها في الدنيا بقيت له عشر حسنات، وإن لم يعاقب بها في الدنيا أخذ من الحسنات العشر واحدة، وبقيت له تسع حسنات، ثم يقول : هلك من غلب آحاده أعشاره.
وأخرج البخاري وغيره، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ الآية قال : كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم. قال البخاري، وعن ابن عباس :﴿ يَسْتَغْشُونَ ﴾ يغطون رؤوسهم.
وروى البخاري أيضاً عن ابن عباس في تفسير هذه الآية، يعني به الشك في الله، وعمل السيئات، وكذا روي عن مجاهد والحسن وغيرهما : أي أنهم كانوا يثنون صدورهم إذا قالوا شيئاً أو عملوه، فيظنون أنهم يستخفون من الله بذلك، فأعلمهم سبحانه أنه حين يستغشون ثيابهم عند منامهم في ظلمة الليل ﴿ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ من القول ﴿ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ قال : كان المنافقون إذا مرّ أحدهم بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ثنى صدره، وتغشى ثوبه، لكيلا يراه، فنزلت. وأخرج ابن جرير، عن الحسن، في قوله :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : في ظلمة الليل في أجواف بيوتهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن أبي رزين في الآية قال : كان أحدهم يحني ظهره ويستغشى بثوبه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في الآية قال : كانوا يخفون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله، قال تعالى :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ وذلك أخفى ما يكون ابن آدم إذا أحنى ظهره، واستغشى بثوبه، وأضمر همه في نفسه، فإن الله لا يخفى عليه ذلك. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، قال في الآية : يكتمون ما في قلوبهم ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما عملوا بالليل والنهار.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني كل دابة. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني ما جاءها من رزق فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعاً، ولكن ما كان لها من رزق لها فمن الله. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : حيث تأوي، ومستودعها قال : حيث تموت. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه ﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : يأتيها رزقها حيث كانت. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، عن ابن مسعود، قال : مستقرّها في الأرحام، ومستودعها حيث تموت. ويؤيد هذا التفسير الذي ذكره ابن مسعود ما أخرجه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إذا كان أجل أحدكم بأرض أتيحت له إليها حاجة، حتى إذا بلغ أقصى أثره منها فيقبض، فتقول الأرض يوم القيامة : هذا ما استودعتني». وأخرج عبد الرزاق في المصنف، والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس، أنه سئل عن قوله :﴿ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء ﴾ على أيّ شيء كان الماء ؟ قال : على متن الريح. وقد وردت أحاديث كثيرة في صفة العرش، وفي كيفية خلق السموات والأرض ليس هذا موضع ذكرها. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم في التاريخ، وابن مردويه، عن ابن عمر، قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ فقيل : ما معنى ذلك يا رسول الله ؟ قال :«ليبلوكم أيكم أحسن عقلاً»، ثم قال :«وأحسنكم عقلاً أورعكم عن محارم الله، وأعملكم بطاعة الله» وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : إنكم أتمّ عقلاً. وأخرج أيضاً عن سفيان قال : أزهدكم في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : لما نزلت ﴿ اقترب لِلنَّاسِ حسابهم ﴾ قال ناس : إن الساعة قد اقتربت فتناهوا، فتناهى القوم قليلاً ثم عادوا إلى أعمالهم أعمال السوء، فأنزل الله :﴿ أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ﴾ فقال ناس من أهل الضلال : هذا أمر الله قد أتى، فتناهى القوم ثم عادوا إلى مكرهم، مكر السوء، فأنزل الله هذه الآية :﴿ وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ العذاب إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ قال : إلى أجل معدود. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ﴾ يعني أهل النفاق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَاقَ بِهِم مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ﴾ يقول : وقع بهم العذاب الذي استهزأوا به.
وأخرج البخاري وغيره، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ الآية قال : كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم. قال البخاري، وعن ابن عباس :﴿ يَسْتَغْشُونَ ﴾ يغطون رؤوسهم.
وروى البخاري أيضاً عن ابن عباس في تفسير هذه الآية، يعني به الشك في الله، وعمل السيئات، وكذا روي عن مجاهد والحسن وغيرهما : أي أنهم كانوا يثنون صدورهم إذا قالوا شيئاً أو عملوه، فيظنون أنهم يستخفون من الله بذلك، فأعلمهم سبحانه أنه حين يستغشون ثيابهم عند منامهم في ظلمة الليل ﴿ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ من القول ﴿ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ قال : كان المنافقون إذا مرّ أحدهم بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ثنى صدره، وتغشى ثوبه، لكيلا يراه، فنزلت. وأخرج ابن جرير، عن الحسن، في قوله :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : في ظلمة الليل في أجواف بيوتهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن أبي رزين في الآية قال : كان أحدهم يحني ظهره ويستغشى بثوبه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في الآية قال : كانوا يخفون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله، قال تعالى :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ وذلك أخفى ما يكون ابن آدم إذا أحنى ظهره، واستغشى بثوبه، وأضمر همه في نفسه، فإن الله لا يخفى عليه ذلك. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، قال في الآية : يكتمون ما في قلوبهم ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما عملوا بالليل والنهار.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني كل دابة. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني ما جاءها من رزق فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعاً، ولكن ما كان لها من رزق لها فمن الله. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : حيث تأوي، ومستودعها قال : حيث تموت. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه ﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : يأتيها رزقها حيث كانت. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، عن ابن مسعود، قال : مستقرّها في الأرحام، ومستودعها حيث تموت. ويؤيد هذا التفسير الذي ذكره ابن مسعود ما أخرجه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إذا كان أجل أحدكم بأرض أتيحت له إليها حاجة، حتى إذا بلغ أقصى أثره منها فيقبض، فتقول الأرض يوم القيامة : هذا ما استودعتني». وأخرج عبد الرزاق في المصنف، والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس، أنه سئل عن قوله :﴿ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء ﴾ على أيّ شيء كان الماء ؟ قال : على متن الريح. وقد وردت أحاديث كثيرة في صفة العرش، وفي كيفية خلق السموات والأرض ليس هذا موضع ذكرها. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم في التاريخ، وابن مردويه، عن ابن عمر، قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ فقيل : ما معنى ذلك يا رسول الله ؟ قال :«ليبلوكم أيكم أحسن عقلاً»، ثم قال :«وأحسنكم عقلاً أورعكم عن محارم الله، وأعملكم بطاعة الله» وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : إنكم أتمّ عقلاً. وأخرج أيضاً عن سفيان قال : أزهدكم في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : لما نزلت ﴿ اقترب لِلنَّاسِ حسابهم ﴾ قال ناس : إن الساعة قد اقتربت فتناهوا، فتناهى القوم قليلاً ثم عادوا إلى أعمالهم أعمال السوء، فأنزل الله :﴿ أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ﴾ فقال ناس من أهل الضلال : هذا أمر الله قد أتى، فتناهى القوم ثم عادوا إلى مكرهم، مكر السوء، فأنزل الله هذه الآية :﴿ وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ العذاب إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ قال : إلى أجل معدود. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ﴾ يعني أهل النفاق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَاقَ بِهِم مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ﴾ يقول : وقع بهم العذاب الذي استهزأوا به.
ثم أكد دلائل قدرته بالتعرّض لذكر خلق السموات والأرض، وكيف كان الحال قبل خلقها فقال :﴿ وَهُوَ الذي خَلَقَ السموات والأرض فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ﴾ قد تقدّم بيان هذا في الأعراف، قيل : والمراد بالأيام : الأوقات : أي في ستة أوقات، كما في قوله :﴿ وَمَن يُوَلّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ ﴾ وقيل : مقدار ستة أيام، ولا يستقيم أن يكون المراد بالأيام هنا الأيام هنا الأيام المعروفة، وهي المقابلة لليالي، لأنه لم يكن حينئذ لا أرض ولا سماء، وليس اليوم إلا عبارة عن مدّة كون الشمس فوق الأرض، وكان خلق السموات في يومين، والأرضين في يومين، وما عليهما من أنواع الحيوان والنبات والجماد، في يومين، كما سيأتي في حم السجدة. قوله :﴿ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء ﴾ أي : كان قبل خلقهما عرشه على الماء، وفيه بيان تقدّم خلق العرش والماء على السموات والأرضين.
قوله :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ اللام متعلقة بخلق : أي خلق هذه المخلوقات ليبتلي عباده بالاعتبار والتفكر والاستدلال، على كمال قدرته، وعلى البعث والجزاء أيهم أحسن عملاً من غيره، ويدخل في العمل الاعتقاد، لأنه من أعمال القلب. وقيل : المراد بالأحسن عملاً : الأتمّ عقلاً، وقيل : الأزهد في الدنيا. وقيل : الأكثر شكراً، وقيل : الأتقى لله. قوله :﴿ وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الموت لَيَقُولَنَّ الذين كَفَرُواْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْر مُبِين ﴾ ثم لما كان الابتلاء يتضمن حديث البعث أتبع ذلك بذكره، والمعنى : لئن قلت لهم يا محمد على ما توجبه قضية الابتلاء، إنكم مبعوثون من بعد الموت، فيجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، ليقولن الذين كفروا من الناس إن هذا الذي تقوله يا محمد إلا باطل كبطلان السحر، وخدع كخدعه. ويجوز أن تكون الإشارة بهذا إلى القرآن ؛ لأنه المشتمل على الإخبار بالبعث. وقرأ حمزة والكسائي «إِنْ هذا إِلاَّ ساحر » يعنون النبي صلى الله عليه وسلم، وكسرت إنّ من قوله :﴿ إِنَّكُمْ ﴾ لأنها بعد القول. وحكى سيبويه الفتح على تضمين قلت معنى : ذكرت، أو على أن بمعنى علّ : أي ولئن قلت لعلكم مبعوثون، على أن الرجاء باعتبار حال المخاطبين : أي توقعوا ذلك، ولا تبتوا القول بإنكاره.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد، أنه قرأ :﴿ الر كِتَاب أُحْكِمَتْ آياته ﴾ قال : هي كلها محكمة، يعني سورة هود ﴿ ثُمَّ فُصّلَتْ ﴾ قال : ثم ذكر محمداً صلى الله عليه وسلم، فحكم فيها بينه وبين من خالفه، وقرأ : مثل الفريقين الآية كلها، ثم ذكر قوم نوح ثم هود، فكان هذا تفصيل ذلك، وكان أوّله محكماً قال : وكان أبي يقول ذلك، يعني : زيد بن أسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آياته ﴾ قال : أحكمت بالأمر والنهي، وفصلت بالوعد والوعيد، وأخرج هؤلاء عن مجاهد ﴿ فُصّلَتْ ﴾ قال : فسرت. وأخرج هؤلاء أيضاً عن قتادة في الآية قال : أحكمها الله من الباطل، ثم فصلها بعلمه، فبين حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته، وفي قوله :﴿ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ ﴾ يعني من عند حكيم، وفي قوله :﴿ يُمَتّعْكُمْ مَّتَاعًا حَسَنًا ﴾ قال : فأنتم في ذلك المتاع، فخذوه بطاعة الله ومعرفة حقه، فإن الله منعم يحبّ الشاكرين، وأهل الشكر في مزيد من الله، وذلك قضاؤه الذي قضاه. وفي قوله :﴿ إلى أَجَلٍ مُسَمًّى ﴾ يعني : الموت، وفي قوله :﴿ يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ أي : في الآخرة. وأخرج هؤلاء أيضاً عن مجاهد في قوله :﴿ يؤت كل ذي فضل فضله ﴾ : أي في الآخرة. وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن قال : يؤت كل ذي فضل في الإسلام فضل الدرجات في الآخرة. وأخرج ابن جرير، عن ابن مسعود، في قوله :﴿ وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ قال : من عمل سيئة كتبت عليه سيئة، ومن عمل حسنة كتبت له عشر حسنات، فإن عوقب بالسيئة التي عملها في الدنيا بقيت له عشر حسنات، وإن لم يعاقب بها في الدنيا أخذ من الحسنات العشر واحدة، وبقيت له تسع حسنات، ثم يقول : هلك من غلب آحاده أعشاره.
وأخرج البخاري وغيره، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ الآية قال : كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم. قال البخاري، وعن ابن عباس :﴿ يَسْتَغْشُونَ ﴾ يغطون رؤوسهم.
وروى البخاري أيضاً عن ابن عباس في تفسير هذه الآية، يعني به الشك في الله، وعمل السيئات، وكذا روي عن مجاهد والحسن وغيرهما : أي أنهم كانوا يثنون صدورهم إذا قالوا شيئاً أو عملوه، فيظنون أنهم يستخفون من الله بذلك، فأعلمهم سبحانه أنه حين يستغشون ثيابهم عند منامهم في ظلمة الليل ﴿ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ من القول ﴿ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ قال : كان المنافقون إذا مرّ أحدهم بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ثنى صدره، وتغشى ثوبه، لكيلا يراه، فنزلت. وأخرج ابن جرير، عن الحسن، في قوله :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : في ظلمة الليل في أجواف بيوتهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن أبي رزين في الآية قال : كان أحدهم يحني ظهره ويستغشى بثوبه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في الآية قال : كانوا يخفون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله، قال تعالى :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ وذلك أخفى ما يكون ابن آدم إذا أحنى ظهره، واستغشى بثوبه، وأضمر همه في نفسه، فإن الله لا يخفى عليه ذلك. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، قال في الآية : يكتمون ما في قلوبهم ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما عملوا بالليل والنهار.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني كل دابة. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني ما جاءها من رزق فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعاً، ولكن ما كان لها من رزق لها فمن الله. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : حيث تأوي، ومستودعها قال : حيث تموت. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه ﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : يأتيها رزقها حيث كانت. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، عن ابن مسعود، قال : مستقرّها في الأرحام، ومستودعها حيث تموت. ويؤيد هذا التفسير الذي ذكره ابن مسعود ما أخرجه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إذا كان أجل أحدكم بأرض أتيحت له إليها حاجة، حتى إذا بلغ أقصى أثره منها فيقبض، فتقول الأرض يوم القيامة : هذا ما استودعتني». وأخرج عبد الرزاق في المصنف، والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس، أنه سئل عن قوله :﴿ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء ﴾ على أيّ شيء كان الماء ؟ قال : على متن الريح. وقد وردت أحاديث كثيرة في صفة العرش، وفي كيفية خلق السموات والأرض ليس هذا موضع ذكرها. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم في التاريخ، وابن مردويه، عن ابن عمر، قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ فقيل : ما معنى ذلك يا رسول الله ؟ قال :«ليبلوكم أيكم أحسن عقلاً»، ثم قال :«وأحسنكم عقلاً أورعكم عن محارم الله، وأعملكم بطاعة الله» وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : إنكم أتمّ عقلاً. وأخرج أيضاً عن سفيان قال : أزهدكم في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : لما نزلت ﴿ اقترب لِلنَّاسِ حسابهم ﴾ قال ناس : إن الساعة قد اقتربت فتناهوا، فتناهى القوم قليلاً ثم عادوا إلى أعمالهم أعمال السوء، فأنزل الله :﴿ أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ﴾ فقال ناس من أهل الضلال : هذا أمر الله قد أتى، فتناهى القوم ثم عادوا إلى مكرهم، مكر السوء، فأنزل الله هذه الآية :﴿ وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ العذاب إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ قال : إلى أجل معدود. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ﴾ يعني أهل النفاق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَاقَ بِهِم مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ﴾ يقول : وقع بهم العذاب الذي استهزأوا به.
قوله :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ اللام متعلقة بخلق : أي خلق هذه المخلوقات ليبتلي عباده بالاعتبار والتفكر والاستدلال، على كمال قدرته، وعلى البعث والجزاء أيهم أحسن عملاً من غيره، ويدخل في العمل الاعتقاد، لأنه من أعمال القلب. وقيل : المراد بالأحسن عملاً : الأتمّ عقلاً، وقيل : الأزهد في الدنيا. وقيل : الأكثر شكراً، وقيل : الأتقى لله. قوله :﴿ وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الموت لَيَقُولَنَّ الذين كَفَرُواْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْر مُبِين ﴾ ثم لما كان الابتلاء يتضمن حديث البعث أتبع ذلك بذكره، والمعنى : لئن قلت لهم يا محمد على ما توجبه قضية الابتلاء، إنكم مبعوثون من بعد الموت، فيجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، ليقولن الذين كفروا من الناس إن هذا الذي تقوله يا محمد إلا باطل كبطلان السحر، وخدع كخدعه. ويجوز أن تكون الإشارة بهذا إلى القرآن ؛ لأنه المشتمل على الإخبار بالبعث. وقرأ حمزة والكسائي «إِنْ هذا إِلاَّ ساحر » يعنون النبي صلى الله عليه وسلم، وكسرت إنّ من قوله :﴿ إِنَّكُمْ ﴾ لأنها بعد القول. وحكى سيبويه الفتح على تضمين قلت معنى : ذكرت، أو على أن بمعنى علّ : أي ولئن قلت لعلكم مبعوثون، على أن الرجاء باعتبار حال المخاطبين : أي توقعوا ذلك، ولا تبتوا القول بإنكاره.
وأخرج البخاري وغيره، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ الآية قال : كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم. قال البخاري، وعن ابن عباس :﴿ يَسْتَغْشُونَ ﴾ يغطون رؤوسهم.
وروى البخاري أيضاً عن ابن عباس في تفسير هذه الآية، يعني به الشك في الله، وعمل السيئات، وكذا روي عن مجاهد والحسن وغيرهما : أي أنهم كانوا يثنون صدورهم إذا قالوا شيئاً أو عملوه، فيظنون أنهم يستخفون من الله بذلك، فأعلمهم سبحانه أنه حين يستغشون ثيابهم عند منامهم في ظلمة الليل ﴿ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ من القول ﴿ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ قال : كان المنافقون إذا مرّ أحدهم بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ثنى صدره، وتغشى ثوبه، لكيلا يراه، فنزلت. وأخرج ابن جرير، عن الحسن، في قوله :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : في ظلمة الليل في أجواف بيوتهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن أبي رزين في الآية قال : كان أحدهم يحني ظهره ويستغشى بثوبه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في الآية قال : كانوا يخفون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله، قال تعالى :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ وذلك أخفى ما يكون ابن آدم إذا أحنى ظهره، واستغشى بثوبه، وأضمر همه في نفسه، فإن الله لا يخفى عليه ذلك. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، قال في الآية : يكتمون ما في قلوبهم ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما عملوا بالليل والنهار.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني كل دابة. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني ما جاءها من رزق فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعاً، ولكن ما كان لها من رزق لها فمن الله. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : حيث تأوي، ومستودعها قال : حيث تموت. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه ﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : يأتيها رزقها حيث كانت. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، عن ابن مسعود، قال : مستقرّها في الأرحام، ومستودعها حيث تموت. ويؤيد هذا التفسير الذي ذكره ابن مسعود ما أخرجه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إذا كان أجل أحدكم بأرض أتيحت له إليها حاجة، حتى إذا بلغ أقصى أثره منها فيقبض، فتقول الأرض يوم القيامة : هذا ما استودعتني». وأخرج عبد الرزاق في المصنف، والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس، أنه سئل عن قوله :﴿ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء ﴾ على أيّ شيء كان الماء ؟ قال : على متن الريح. وقد وردت أحاديث كثيرة في صفة العرش، وفي كيفية خلق السموات والأرض ليس هذا موضع ذكرها. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم في التاريخ، وابن مردويه، عن ابن عمر، قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ فقيل : ما معنى ذلك يا رسول الله ؟ قال :«ليبلوكم أيكم أحسن عقلاً»، ثم قال :«وأحسنكم عقلاً أورعكم عن محارم الله، وأعملكم بطاعة الله» وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : إنكم أتمّ عقلاً. وأخرج أيضاً عن سفيان قال : أزهدكم في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : لما نزلت ﴿ اقترب لِلنَّاسِ حسابهم ﴾ قال ناس : إن الساعة قد اقتربت فتناهوا، فتناهى القوم قليلاً ثم عادوا إلى أعمالهم أعمال السوء، فأنزل الله :﴿ أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ﴾ فقال ناس من أهل الضلال : هذا أمر الله قد أتى، فتناهى القوم ثم عادوا إلى مكرهم، مكر السوء، فأنزل الله هذه الآية :﴿ وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ العذاب إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ قال : إلى أجل معدود. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ﴾ يعني أهل النفاق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَاقَ بِهِم مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ﴾ يقول : وقع بهم العذاب الذي استهزأوا به.
﴿ وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُم العذاب ﴾ أي : الذي تقدّم ذكره في قوله :﴿ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ﴾ وقيل : عذاب يوم القيامة وما بعده، وقيل يوم بدر ﴿ إلى أُمَّةٍ معْدُودَةٍ ﴾ أي : إلى طائفة من الأيام قليلة ؛ لأن ما يحصره العدّ قليل، والأمة اشتقاقها من الأم : وهو القصد، وأراد بها الوقت المقصود لإيقاع العذاب. وقيل : هي في الأصل الجماعة من الناس، وقد يسمى الحين باسم ما يحصل فيه، كقولك : كنت عند فلان صلاة العصر : أي في ذلك الحين، فالمراد على هذا : إلى حين تنقضي أمة معدودة من الناس ﴿ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ﴾ أي أيّ شيء يمنعه من النزول استعجالا له على جهة الاستهزاء والتكذيب، فأجابهم الله بقوله :﴿ ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم ﴾ أي : ليس محبوساً عنهم، بل واقع بهم لا محالة، ويوم منصوب بمصروفاً ﴿ وَحَاقَ بِهِم مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ﴾ أي : أحاط بهم العذاب الذي كانوا يستعجلونه استهزاء منهم، ووضع يستهزءون مكان يستعجلون، لأن استعجالهم كان استهزاء منهم، وعبر بلفظ الماضي تنبيهاً على تحقق وقوعه، فكأنه قد حاق بهم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد، أنه قرأ :﴿ الر كِتَاب أُحْكِمَتْ آياته ﴾ قال : هي كلها محكمة، يعني سورة هود ﴿ ثُمَّ فُصّلَتْ ﴾ قال : ثم ذكر محمداً صلى الله عليه وسلم، فحكم فيها بينه وبين من خالفه، وقرأ : مثل الفريقين الآية كلها، ثم ذكر قوم نوح ثم هود، فكان هذا تفصيل ذلك، وكان أوّله محكماً قال : وكان أبي يقول ذلك، يعني : زيد بن أسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آياته ﴾ قال : أحكمت بالأمر والنهي، وفصلت بالوعد والوعيد، وأخرج هؤلاء عن مجاهد ﴿ فُصّلَتْ ﴾ قال : فسرت. وأخرج هؤلاء أيضاً عن قتادة في الآية قال : أحكمها الله من الباطل، ثم فصلها بعلمه، فبين حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته، وفي قوله :﴿ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ ﴾ يعني من عند حكيم، وفي قوله :﴿ يُمَتّعْكُمْ مَّتَاعًا حَسَنًا ﴾ قال : فأنتم في ذلك المتاع، فخذوه بطاعة الله ومعرفة حقه، فإن الله منعم يحبّ الشاكرين، وأهل الشكر في مزيد من الله، وذلك قضاؤه الذي قضاه. وفي قوله :﴿ إلى أَجَلٍ مُسَمًّى ﴾ يعني : الموت، وفي قوله :﴿ يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ أي : في الآخرة. وأخرج هؤلاء أيضاً عن مجاهد في قوله :﴿ يؤت كل ذي فضل فضله ﴾ : أي في الآخرة. وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن قال : يؤت كل ذي فضل في الإسلام فضل الدرجات في الآخرة. وأخرج ابن جرير، عن ابن مسعود، في قوله :﴿ وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ قال : من عمل سيئة كتبت عليه سيئة، ومن عمل حسنة كتبت له عشر حسنات، فإن عوقب بالسيئة التي عملها في الدنيا بقيت له عشر حسنات، وإن لم يعاقب بها في الدنيا أخذ من الحسنات العشر واحدة، وبقيت له تسع حسنات، ثم يقول : هلك من غلب آحاده أعشاره.
وأخرج البخاري وغيره، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ الآية قال : كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم. قال البخاري، وعن ابن عباس :﴿ يَسْتَغْشُونَ ﴾ يغطون رؤوسهم.
وروى البخاري أيضاً عن ابن عباس في تفسير هذه الآية، يعني به الشك في الله، وعمل السيئات، وكذا روي عن مجاهد والحسن وغيرهما : أي أنهم كانوا يثنون صدورهم إذا قالوا شيئاً أو عملوه، فيظنون أنهم يستخفون من الله بذلك، فأعلمهم سبحانه أنه حين يستغشون ثيابهم عند منامهم في ظلمة الليل ﴿ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ من القول ﴿ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ قال : كان المنافقون إذا مرّ أحدهم بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ثنى صدره، وتغشى ثوبه، لكيلا يراه، فنزلت. وأخرج ابن جرير، عن الحسن، في قوله :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : في ظلمة الليل في أجواف بيوتهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن أبي رزين في الآية قال : كان أحدهم يحني ظهره ويستغشى بثوبه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في الآية قال : كانوا يخفون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله، قال تعالى :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ وذلك أخفى ما يكون ابن آدم إذا أحنى ظهره، واستغشى بثوبه، وأضمر همه في نفسه، فإن الله لا يخفى عليه ذلك. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، قال في الآية : يكتمون ما في قلوبهم ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما عملوا بالليل والنهار.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني كل دابة. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني ما جاءها من رزق فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعاً، ولكن ما كان لها من رزق لها فمن الله. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : حيث تأوي، ومستودعها قال : حيث تموت. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه ﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : يأتيها رزقها حيث كانت. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، عن ابن مسعود، قال : مستقرّها في الأرحام، ومستودعها حيث تموت. ويؤيد هذا التفسير الذي ذكره ابن مسعود ما أخرجه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إذا كان أجل أحدكم بأرض أتيحت له إليها حاجة، حتى إذا بلغ أقصى أثره منها فيقبض، فتقول الأرض يوم القيامة : هذا ما استودعتني». وأخرج عبد الرزاق في المصنف، والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس، أنه سئل عن قوله :﴿ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء ﴾ على أيّ شيء كان الماء ؟ قال : على متن الريح. وقد وردت أحاديث كثيرة في صفة العرش، وفي كيفية خلق السموات والأرض ليس هذا موضع ذكرها. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم في التاريخ، وابن مردويه، عن ابن عمر، قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ فقيل : ما معنى ذلك يا رسول الله ؟ قال :«ليبلوكم أيكم أحسن عقلاً»، ثم قال :«وأحسنكم عقلاً أورعكم عن محارم الله، وأعملكم بطاعة الله» وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : إنكم أتمّ عقلاً. وأخرج أيضاً عن سفيان قال : أزهدكم في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : لما نزلت ﴿ اقترب لِلنَّاسِ حسابهم ﴾ قال ناس : إن الساعة قد اقتربت فتناهوا، فتناهى القوم قليلاً ثم عادوا إلى أعمالهم أعمال السوء، فأنزل الله :﴿ أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ﴾ فقال ناس من أهل الضلال : هذا أمر الله قد أتى، فتناهى القوم ثم عادوا إلى مكرهم، مكر السوء، فأنزل الله هذه الآية :﴿ وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ العذاب إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ قال : إلى أجل معدود. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ﴾ يعني أهل النفاق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَاقَ بِهِم مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ﴾ يقول : وقع بهم العذاب الذي استهزأوا به.
وأخرج البخاري وغيره، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ الآية قال : كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم. قال البخاري، وعن ابن عباس :﴿ يَسْتَغْشُونَ ﴾ يغطون رؤوسهم.
وروى البخاري أيضاً عن ابن عباس في تفسير هذه الآية، يعني به الشك في الله، وعمل السيئات، وكذا روي عن مجاهد والحسن وغيرهما : أي أنهم كانوا يثنون صدورهم إذا قالوا شيئاً أو عملوه، فيظنون أنهم يستخفون من الله بذلك، فأعلمهم سبحانه أنه حين يستغشون ثيابهم عند منامهم في ظلمة الليل ﴿ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ من القول ﴿ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ قال : كان المنافقون إذا مرّ أحدهم بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ثنى صدره، وتغشى ثوبه، لكيلا يراه، فنزلت. وأخرج ابن جرير، عن الحسن، في قوله :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : في ظلمة الليل في أجواف بيوتهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن أبي رزين في الآية قال : كان أحدهم يحني ظهره ويستغشى بثوبه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في الآية قال : كانوا يخفون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله، قال تعالى :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ وذلك أخفى ما يكون ابن آدم إذا أحنى ظهره، واستغشى بثوبه، وأضمر همه في نفسه، فإن الله لا يخفى عليه ذلك. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، قال في الآية : يكتمون ما في قلوبهم ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما عملوا بالليل والنهار.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني كل دابة. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني ما جاءها من رزق فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعاً، ولكن ما كان لها من رزق لها فمن الله. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : حيث تأوي، ومستودعها قال : حيث تموت. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه ﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : يأتيها رزقها حيث كانت. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، عن ابن مسعود، قال : مستقرّها في الأرحام، ومستودعها حيث تموت. ويؤيد هذا التفسير الذي ذكره ابن مسعود ما أخرجه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إذا كان أجل أحدكم بأرض أتيحت له إليها حاجة، حتى إذا بلغ أقصى أثره منها فيقبض، فتقول الأرض يوم القيامة : هذا ما استودعتني». وأخرج عبد الرزاق في المصنف، والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس، أنه سئل عن قوله :﴿ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء ﴾ على أيّ شيء كان الماء ؟ قال : على متن الريح. وقد وردت أحاديث كثيرة في صفة العرش، وفي كيفية خلق السموات والأرض ليس هذا موضع ذكرها. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم في التاريخ، وابن مردويه، عن ابن عمر، قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ فقيل : ما معنى ذلك يا رسول الله ؟ قال :«ليبلوكم أيكم أحسن عقلاً»، ثم قال :«وأحسنكم عقلاً أورعكم عن محارم الله، وأعملكم بطاعة الله» وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : إنكم أتمّ عقلاً. وأخرج أيضاً عن سفيان قال : أزهدكم في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : لما نزلت ﴿ اقترب لِلنَّاسِ حسابهم ﴾ قال ناس : إن الساعة قد اقتربت فتناهوا، فتناهى القوم قليلاً ثم عادوا إلى أعمالهم أعمال السوء، فأنزل الله :﴿ أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ﴾ فقال ناس من أهل الضلال : هذا أمر الله قد أتى، فتناهى القوم ثم عادوا إلى مكرهم، مكر السوء، فأنزل الله هذه الآية :﴿ وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ العذاب إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ قال : إلى أجل معدود. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ﴾ يعني أهل النفاق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَاقَ بِهِم مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ﴾ يقول : وقع بهم العذاب الذي استهزأوا به.
الْأُصُولِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا كَانَ أَجَلُ أَحَدِكُمْ بِأَرْضٍ أُتِيحَتْ لَهُ إِلَيْهَا حَاجَةٌ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَقْصَى أَثَرِهِ مِنْهَا فَيُقْبَضُ، فَتَقُولُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: هَذَا مَا اسْتَوْدَعْتَنِي». وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي الْمُصَنَّفِ، وَالْفِرْيَابِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ:
وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ كَانَ الْمَاءُ؟ قَالَ: عَلَى مَتْنِ الرِّيحِ. وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ في صفة العرش وفي كيفية خلق السموات وَالْأَرْضِ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ ذِكْرِهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْحَاكِمُ فِي التَّارِيخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا فقال: مَا مَعْنَى ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَقْلًا، ثُمَّ قَالَ: وَأَحْسَنُكُمْ عَقْلًا أَوْرَعُكُمْ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَأَعْمَلُكُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ». وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: أَيُّكُمْ أَتَمُّ عَقْلًا. وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: أَزْهَدُكُمْ فِي الدُّنْيَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: لما نزلت اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ قَالَ نَاسٌ: إِنِ السَّاعَةَ قَدِ اقْتَرَبَتْ فَتَنَاهَوْا، فَتَنَاهَى الْقَوْمُ قَلِيلًا ثُمَّ عَادُوا إِلَى أَعْمَالِهِمْ أَعْمَالِ السُّوءِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ «١» فَقَالَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الضَّلَالِ: هَذَا أَمْرُ اللَّهِ قَدْ أَتَى، فَتَنَاهَى الْقَوْمُ ثُمَّ عَادُوا إِلَى مَكْرِهِمْ مَكْرِ السَّوْءِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:
إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ قَالَ: إِلَى أَجَلٍ مَعْدُودٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ يَعْنِي: أَهْلَ النِّفَاقِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ يَقُولُ: وَقَعَ بِهِمُ الْعَذَابُ الَّذِي اسْتَهْزَءُوا بِهِ.
[سورة هود (١١) : الآيات ٩ الى ١٧]
وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ (٩) وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (١٠) إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١١) فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (١٢) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٣)
فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٤) مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لَا يُبْخَسُونَ (١٥) أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ (١٦) أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (١٧)
وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ كَانَ الْمَاءُ؟ قَالَ: عَلَى مَتْنِ الرِّيحِ. وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ في صفة العرش وفي كيفية خلق السموات وَالْأَرْضِ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ ذِكْرِهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْحَاكِمُ فِي التَّارِيخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا فقال: مَا مَعْنَى ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَقْلًا، ثُمَّ قَالَ: وَأَحْسَنُكُمْ عَقْلًا أَوْرَعُكُمْ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَأَعْمَلُكُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ». وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: أَيُّكُمْ أَتَمُّ عَقْلًا. وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: أَزْهَدُكُمْ فِي الدُّنْيَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: لما نزلت اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ قَالَ نَاسٌ: إِنِ السَّاعَةَ قَدِ اقْتَرَبَتْ فَتَنَاهَوْا، فَتَنَاهَى الْقَوْمُ قَلِيلًا ثُمَّ عَادُوا إِلَى أَعْمَالِهِمْ أَعْمَالِ السُّوءِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ «١» فَقَالَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الضَّلَالِ: هَذَا أَمْرُ اللَّهِ قَدْ أَتَى، فَتَنَاهَى الْقَوْمُ ثُمَّ عَادُوا إِلَى مَكْرِهِمْ مَكْرِ السَّوْءِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:
إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ قَالَ: إِلَى أَجَلٍ مَعْدُودٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ يَعْنِي: أَهْلَ النِّفَاقِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ يَقُولُ: وَقَعَ بِهِمُ الْعَذَابُ الَّذِي اسْتَهْزَءُوا بِهِ.
[سورة هود (١١) : الآيات ٩ الى ١٧]
وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ (٩) وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (١٠) إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١١) فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (١٢) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٣)
فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٤) مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لَا يُبْخَسُونَ (١٥) أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ (١٦) أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (١٧)
(١). النحل: ١.
550
اللَّامُ فِي وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ هِيَ الْمُوطِئَةُ لِلْقَسَمِ، وَالْإِنْسَانُ الْجِنْسُ، فَيَشْمَلُ الْمُؤْمِنَ وَالْكَافِرَ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ بِقَوْلِهِ: إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَقِيلَ: الْمُرَادُ جِنْسُ الْكُفَّارِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْيَأْسَ وَالْكُفْرَانَ وَالْفَرَحَ وَالْفَخْرَ هِيَ أَوْصَافُ أَهْلِ الْكُفْرِ لَا أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي الْغَالِبِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْإِنْسَانِ: الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَقِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيُّ: وَالْمُرَادُ بِالرَّحْمَةِ هُنَا: النِّعْمَةُ مِنْ تَوْفِيرِ الرِّزْقِ وَالصِّحَّةِ وَالسَّلَامَةِ مِنَ الْمِحَنِ ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ أَنْ سَلَبْنَاهُ إِيَّاهَا إِنَّهُ لَيَؤُسٌ أَيْ: آيِسٌ مِنَ الرَّحْمَةِ، شَدِيدُ الْقُنُوطِ مِنْ عَوْدِهَا وَأَمْثَالِهَا، وَالْكَفُورُ: عَظِيمُ الْكُفْرَانِ، وَهُوَ الْجُحُودُ بِهَا، قَالَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَفِي إِيرَادِ صِيغَتَيِ المبالغة في لَيَؤُسٌ كَفُورٌ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ كَثِيرُ الْيَأْسِ، وَكَثِيرُ الْجَحْدِ عِنْدَ أَنْ يَسْلُبَهُ اللَّهُ بَعْضَ نِعَمِهِ فَلَا يَرْجُو عَوْدَهَا، وَلَا يَشْكُرُ مَا قَدْ سَلَفَ لَهُ مِنْهَا. وَفِي التَّعْبِيرِ بِالذَّوْقِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَكُونُ مِنْهُ ذَلِكَ عِنْدَ سَلْبِ أَدْنَى نِعْمَةٍ يُنْعِمُ اللَّهُ بِهَا عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْإِذَاقَةَ وَالذَّوْقَ أَقَلُّ مَا يُوجَدُ بِهِ الطَّعْمُ، وَالنَّعْمَاءُ: إِنْعَامٌ يَظْهَرُ أَثَرُهُ عَلَى صَاحِبِهِ، وَالضَّرَّاءُ:
ظُهُورُ أَثَرِ الْإِضْرَارِ عَلَى مَنْ أُصِيبَ بِهِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ إِنْ أَذَاقَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْعَبْدَ نَعْمَاءَهُ مِنَ الصِّحَّةِ، وَالسَّلَامَةِ، وَالْغِنَى، بَعْدَ أَنْ كَانَ فِي ضُرٍّ مِنْ فَقْرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ، لَمْ يُقَابِلْ ذَلِكَ بِمَا يَلِيقُ بِهِ مِنَ الشُّكْرِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ، بَلْ يَقُولُ: ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ، أَيْ: الْمَصَائِبُ الَّتِي سَاءَتْهُ مِنَ الضُّرِّ وَالْفَقْرِ وَالْخَوْفِ وَالْمَرَضِ عَنْهُ، وَزَالَ أَثَرُهَا غَيْرَ شَاكِرٍ لِلَّهِ، وَلَا مُثْنٍ عَلَيْهِ بِنِعَمِهِ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ أَيْ: كَثِيرُ الْفَرَحِ بَطَرًا وَأَشَرًا، كَثِيرُ الْفَخْرِ عَلَى النَّاسِ وَالتَّطَاوُلِ عَلَيْهِمْ بِمَا يَتَفَضَّلُ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ مِنَ النِّعَمِ، وَفِي التَّعْبِيرِ عَنْ مُلَابَسَةِ الضرّ له: مُنَاسَبَةٌ لِلتَّعْبِيرِ فِي جَانِبِ النَّعْمَاءِ بِالْإِذَاقَةِ، فَإِنَّ كِلَاهُمَا لِأَدْنَى مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمُلَاقَاةِ، كَمَا تَقَدَّمَ إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا فَإِنَّ عَادَتَهُمْ الصَّبْرُ عِنْدَ نُزُولِ الْمِحَنِ، وَالشُّكْرُ عِنْدَ حُصُولِ الْمِنَنِ. قَالَ الْأَخْفَشُ: هُوَ اسْتِثْنَاءٌ لَيْسَ مِنَ الْأَوَّلِ، أَيْ:
وَلَكِنِ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي حَالَتَيِ النِّعْمَةِ وَالْمِحْنَةِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ لَئِنْ أَذَقْنَاهُ، أَيْ:
مِنَ الْإِنْسَانِ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ بِمَعْنَى النَّاسِ، وَالنَّاسُ يَشْمَلُ الْكَافِرَ وَالْمُؤْمِنَ، فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ:
أُولئِكَ إِلَى الْمَوْصُولِ، بِاعْتِبَارِ اتِّصَافِهِ بِالصَّبْرِ وَعَمَلِ الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ لِذُنُوبِهِمْ وَأَجْرٌ يُؤْجَرُونَ بِهِ لِأَعْمَالِهِمُ الحسنة كَبِيرٌ متناه في الكبر. ثم سلا اللَّهُ سُبْحَانَهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:
فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحى إِلَيْكَ أَيْ: فَلَعَلَّكَ لِعِظَمِ مَا تَرَاهُ مِنْهُمْ مِنَ الْكُفْرِ والتكذيب، واقتراح الآيات التي يقترحونها عَلَى حَسَبِ هَوَاهُمْ وَتَعَنُّتِهِمْ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِمَّا أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ وَأَمَرَكَ بِتَبْلِيغِهِ، مِمَّا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ سَمَاعُهُ أَوْ يَسْتَشِقُّونَ الْعَمَلَ بِهِ، كَسَبِّ آلِهَتِهِمْ، وَأَمْرِهِمْ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ. قِيلَ: وَهَذَا الْكَلَامُ خَارِجٌ مَخْرَجَ الِاسْتِفْهَامِ، أَيْ: هَلْ أَنْتَ تَارِكٌ؟ وَقِيلَ: هُوَ فِي مَعْنَى النَّفْيِ مَعَ الِاسْتِبْعَادِ أَيْ: لَا يَكُونُ مِنْكَ ذَلِكَ، بَلْ تُبَلِّغُهُمْ جَمِيعَ مَا أَنْزَلَ الله عليك، أحبوا ذلك أم كرهوه، شاؤوا أَمْ أَبَوْا وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ مَعْطُوفٌ عَلَى تَارِكٌ، وَالضَّمِيرُ فِي: بِهِ، رَاجِعٌ إِلَى: مَا، أَوْ: إِلَى بَعْضَ، وَعَبَّرَ بِضَائِقٍ دُونَ ضَيِّقٍ: لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ فِيهِ مَعْنَى الْحُدُوثِ وَالْعُرُوضِ، وَالصِّفَةُ الْمُشَبَّهَةُ فِيهَا مَعْنَى اللُّزُومِ أَنْ يَقُولُوا أَيْ: كَرَاهَةَ أَنْ يَقُولُوا، أَوْ مَخَافَةَ أَنْ يَقُولُوا، أَوْ لِئَلَّا يَقُولُوا: لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَيْ: هَلَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَيْ: مَالٌ مَكْنُوزٌ مَخْزُونٌ يَنْتَفِعُ بِهِ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ يُصَدِّقُهُ وَيُبَيِّنُ لَنَا صِحَّةَ رِسَالَتِهِ ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ: أَنَّ حَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم مقصور
ظُهُورُ أَثَرِ الْإِضْرَارِ عَلَى مَنْ أُصِيبَ بِهِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ إِنْ أَذَاقَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْعَبْدَ نَعْمَاءَهُ مِنَ الصِّحَّةِ، وَالسَّلَامَةِ، وَالْغِنَى، بَعْدَ أَنْ كَانَ فِي ضُرٍّ مِنْ فَقْرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ، لَمْ يُقَابِلْ ذَلِكَ بِمَا يَلِيقُ بِهِ مِنَ الشُّكْرِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ، بَلْ يَقُولُ: ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ، أَيْ: الْمَصَائِبُ الَّتِي سَاءَتْهُ مِنَ الضُّرِّ وَالْفَقْرِ وَالْخَوْفِ وَالْمَرَضِ عَنْهُ، وَزَالَ أَثَرُهَا غَيْرَ شَاكِرٍ لِلَّهِ، وَلَا مُثْنٍ عَلَيْهِ بِنِعَمِهِ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ أَيْ: كَثِيرُ الْفَرَحِ بَطَرًا وَأَشَرًا، كَثِيرُ الْفَخْرِ عَلَى النَّاسِ وَالتَّطَاوُلِ عَلَيْهِمْ بِمَا يَتَفَضَّلُ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ مِنَ النِّعَمِ، وَفِي التَّعْبِيرِ عَنْ مُلَابَسَةِ الضرّ له: مُنَاسَبَةٌ لِلتَّعْبِيرِ فِي جَانِبِ النَّعْمَاءِ بِالْإِذَاقَةِ، فَإِنَّ كِلَاهُمَا لِأَدْنَى مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمُلَاقَاةِ، كَمَا تَقَدَّمَ إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا فَإِنَّ عَادَتَهُمْ الصَّبْرُ عِنْدَ نُزُولِ الْمِحَنِ، وَالشُّكْرُ عِنْدَ حُصُولِ الْمِنَنِ. قَالَ الْأَخْفَشُ: هُوَ اسْتِثْنَاءٌ لَيْسَ مِنَ الْأَوَّلِ، أَيْ:
وَلَكِنِ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي حَالَتَيِ النِّعْمَةِ وَالْمِحْنَةِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ لَئِنْ أَذَقْنَاهُ، أَيْ:
مِنَ الْإِنْسَانِ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ بِمَعْنَى النَّاسِ، وَالنَّاسُ يَشْمَلُ الْكَافِرَ وَالْمُؤْمِنَ، فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ:
أُولئِكَ إِلَى الْمَوْصُولِ، بِاعْتِبَارِ اتِّصَافِهِ بِالصَّبْرِ وَعَمَلِ الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ لِذُنُوبِهِمْ وَأَجْرٌ يُؤْجَرُونَ بِهِ لِأَعْمَالِهِمُ الحسنة كَبِيرٌ متناه في الكبر. ثم سلا اللَّهُ سُبْحَانَهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:
فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحى إِلَيْكَ أَيْ: فَلَعَلَّكَ لِعِظَمِ مَا تَرَاهُ مِنْهُمْ مِنَ الْكُفْرِ والتكذيب، واقتراح الآيات التي يقترحونها عَلَى حَسَبِ هَوَاهُمْ وَتَعَنُّتِهِمْ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِمَّا أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ وَأَمَرَكَ بِتَبْلِيغِهِ، مِمَّا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ سَمَاعُهُ أَوْ يَسْتَشِقُّونَ الْعَمَلَ بِهِ، كَسَبِّ آلِهَتِهِمْ، وَأَمْرِهِمْ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ. قِيلَ: وَهَذَا الْكَلَامُ خَارِجٌ مَخْرَجَ الِاسْتِفْهَامِ، أَيْ: هَلْ أَنْتَ تَارِكٌ؟ وَقِيلَ: هُوَ فِي مَعْنَى النَّفْيِ مَعَ الِاسْتِبْعَادِ أَيْ: لَا يَكُونُ مِنْكَ ذَلِكَ، بَلْ تُبَلِّغُهُمْ جَمِيعَ مَا أَنْزَلَ الله عليك، أحبوا ذلك أم كرهوه، شاؤوا أَمْ أَبَوْا وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ مَعْطُوفٌ عَلَى تَارِكٌ، وَالضَّمِيرُ فِي: بِهِ، رَاجِعٌ إِلَى: مَا، أَوْ: إِلَى بَعْضَ، وَعَبَّرَ بِضَائِقٍ دُونَ ضَيِّقٍ: لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ فِيهِ مَعْنَى الْحُدُوثِ وَالْعُرُوضِ، وَالصِّفَةُ الْمُشَبَّهَةُ فِيهَا مَعْنَى اللُّزُومِ أَنْ يَقُولُوا أَيْ: كَرَاهَةَ أَنْ يَقُولُوا، أَوْ مَخَافَةَ أَنْ يَقُولُوا، أَوْ لِئَلَّا يَقُولُوا: لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَيْ: هَلَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَيْ: مَالٌ مَكْنُوزٌ مَخْزُونٌ يَنْتَفِعُ بِهِ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ يُصَدِّقُهُ وَيُبَيِّنُ لَنَا صِحَّةَ رِسَالَتِهِ ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ: أَنَّ حَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم مقصور
551
عَلَى النِّذَارَةِ، فَقَالَ: إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ لَيْسَ عَلَيْكَ إِلَّا الْإِنْذَارُ بِمَا أُوحِيَ إِلَيْكَ، وَلَيْسَ عليك حصول مطلوبهم، وإيجاد مُقْتَرَحَاتِهِمْ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ يَحْفَظُ مَا يَقُولُونَ وَهُوَ فَاعِلٌ بِهِمْ مَا يَجِبُ أَنْ يُفْعَلَ.
قَوْلُهُ: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ أَمْ: هِيَ الْمُنْقَطِعَةُ الَّتِي بِمَعْنَى بَلْ وَالْهَمْزَةُ، وَأَضْرَبَ عَمَّا تَقَدَّمَ مِنْ تَهَاوُنِهِمْ بِالْوَحْيِ، وَعَدَمِ قُنُوعِهِمْ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ الظَّاهِرَةِ، وَشَرَعَ فِي ذِكْرِ ارْتِكَابِهِمْ لِمَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ افْتِرَاؤُهُمْ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ افْتَرَاهُ، وَالِاسْتِفْهَامُ لِلتَّوْبِيخِ وَالتَّقْرِيعِ، وَالضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي افْتَرَاهُ: لِلنَّبِيِّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، وَالْبَارِزُ: إِلَى مَا يُوحَى. ثُمَّ أَمَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يُجِيبَ عَلَيْهِمْ بِمَا يُقْطِعَهُمْ، وَيُبَيِّنُ كَذِبَهُمْ، وَيُظْهِرُ بِهِ عَجْزَهُمْ، فَقَالَ: قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ أَيْ: مُمَاثَلَةٍ لَهُ فِي الْبَلَاغَةِ، وَحُسْنِ النَّظْمِ، وَجَزَالَةِ اللَّفْظِ، وَفَخَامَةِ الْمَعَانِي، وَوَصْفِ السُّوَرِ بِمَا يُوصَفُ بِهِ الْمُفْرَدُ، فقال: مثله، وَلَمْ يَقُلْ: أَمْثَالَهُ، لِأَنَّ الْمُرَادَ مُمَاثَلَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ السُّوَرِ، أَوْ لِقَصْدِ الْإِيمَاءِ إِلَى وَجْهِ الشَّبَهِ، وَمَدَارُهُ الْمُمَاثَلَةُ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ الْبَلَاغَةُ الْبَالِغَةُ إِلَى حَدِّ الْإِعْجَازِ، وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُطَابَقَةَ فِي الْجَمْعِ وَالتَّثْنِيَةِ وَالْإِفْرَادِ شَرْطٌ، ثُمَّ وَصَفَ السُّوَرَ بِصِفَةٍ أُخْرَى، فَقَالَ: مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا لِلِاسْتِظْهَارِ عَلَى الْمُعَارَضَةِ بِالْعَشْرِ السُّوَرِ مَنِ اسْتَطَعْتُمْ دُعَاءَهُ وَقَدَرْتُمْ عَلَى الِاسْتِعَانَةِ بِهِ مِنْ هَذَا النَّوْعِ الْإِنْسَانِيِّ، وَمِمَّنْ تَعْبُدُونَهُ وَتَجْعَلُونَهُ شَرِيكًا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ. وَقَوْلُهُ: مِنْ دُونِ اللَّهِ مُتَعَلِّقٌ بِادْعُوا أَيِ: ادْعُوَا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مُتَجَاوِزِينَ اللَّهَ تَعَالَى: إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فيما تزعمون من افترائي له فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ أَيْ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا مَا طَلَبْتَهُ مِنْهُمْ وَتَحَدَّيْتَهُمْ بِهِ مِنَ الْإِتْيَانِ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ، وَلَا اسْتَجَابُوا إِلَى الْمُعَارَضَةِ الْمَطْلُوبَةِ مِنْهُمْ، وَيَكُونُ الضَّمِيرُ فِي لَكُمْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ، أَوْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْدَهُ، وَجَمَعَ تَعْظِيمًا وَتَفْخِيمًا فَاعْلَمُوا أَمَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ، أَوْ لِلرَّسُولِ وَحْدَهُ، عَلَى التَّأْوِيلِ الَّذِي سَلَفَ قَرِيبًا. وَمَعْنَى أَمْرِهِمْ بِالْعِلْمِ: أَمْرُهُمْ بِالثَّبَاتِ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُمْ عَالِمُونَ بِذَلِكَ مِنْ قَبْلِ عَجْزِ الْكُفَّارِ عَنِ الْإِتْيَانِ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ، أَوِ الْمُرَادُ بِالْأَمْرِ بِالْعِلْمِ: الْأَمْرُ بِالِازْدِيَادِ مِنْهُ إِلَى حَدٍّ لَا يَشُوبُهُ شَكٌّ، وَلَا تُخَالِطُهُ شُبْهَةٌ، وَهُوَ عِلْمُ الْيَقِينِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَمَعْنَى أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ أُنْزِلَ مُتَلَبِّسًا بِعِلْمِ اللَّهِ الْمُخْتَصِّ بِهِ، الَّذِي لَا تَطَّلِعُ عَلَى كُنْهِهِ الْعُقُولُ، وَلَا تَسْتَوْضِحُ مَعْنَاهُ الْأَفْهَامُ، لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِعْجَازِ الْخَارِجِ عَنْ طَوْقِ الْبَشَرِ وَأَنْ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ أَيْ: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُتَفَرِّدُ بِالْأُلُوهِيَّةِ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلَا يَقْدِرُ غَيْرُهُ عَلَى مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ. ثُمَّ خَتَمَ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ: فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ أَيْ: ثَابِتُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ، مخلصون له، مزادون مِنَ الطَّاعَاتِ، لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ لَكُمْ بِعَجْزِ الْكُفَّارِ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِ عَشْرِ سُوَرٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ طُمَأْنِينَةٌ فَوْقَ مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ وَبَصِيرَةٌ زَائِدَةٌ، وَإِنَّ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلِ هَذَا، فَإِنَّ الثُّبُوتَ عَلَيْهِ وَزِيَادَةَ الْبَصِيرَةِ فِيهِ وَالطُّمَأْنِينَةَ بِهِ مَطْلُوبٌ مِنْكُمْ. وَقِيلَ: إِنَّ الضَّمِيرَ فِي فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لِلْمَوْصُولِ فِي مَنِ اسْتَطَعْتُمْ، وَضَمِيرُ لَكُمْ: لِلْكُفَّارِ الَّذِينَ تَحَدَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَذَلِكَ ضَمِيرُ: فَاعْلَمُوا، وَالْمَعْنَى: فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِبْ لَكُمْ مَنْ دَعَوْتُمُوهُمْ لِلْمُعَاضَدَةِ وَالْمُنَاصَرَةِ عَلَى الْإِتْيَانِ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِنْ سَائِرِ الْكُفَّارِ وَمَنْ يَعْبُدُونَهُمْ، وَيَزْعُمُونَ: أَنَّهُمْ يَضُرُّونَ وَيَنْفَعُونَ، فَاعْلَمُوا أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَى هَذَا الرَّسُولِ خَارِجٌ عَنْ قُدْرَةِ غَيْرِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِعْجَازِ الَّذِي تَتَقَاصَرُ دُونَهُ قُوَّةُ الْمَخْلُوقِينَ، وَأَنَّهُ أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا تُحِيطُ بِهِ الْعُقُولُ وَلَا
قَوْلُهُ: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ أَمْ: هِيَ الْمُنْقَطِعَةُ الَّتِي بِمَعْنَى بَلْ وَالْهَمْزَةُ، وَأَضْرَبَ عَمَّا تَقَدَّمَ مِنْ تَهَاوُنِهِمْ بِالْوَحْيِ، وَعَدَمِ قُنُوعِهِمْ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ الظَّاهِرَةِ، وَشَرَعَ فِي ذِكْرِ ارْتِكَابِهِمْ لِمَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ افْتِرَاؤُهُمْ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ افْتَرَاهُ، وَالِاسْتِفْهَامُ لِلتَّوْبِيخِ وَالتَّقْرِيعِ، وَالضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي افْتَرَاهُ: لِلنَّبِيِّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، وَالْبَارِزُ: إِلَى مَا يُوحَى. ثُمَّ أَمَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يُجِيبَ عَلَيْهِمْ بِمَا يُقْطِعَهُمْ، وَيُبَيِّنُ كَذِبَهُمْ، وَيُظْهِرُ بِهِ عَجْزَهُمْ، فَقَالَ: قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ أَيْ: مُمَاثَلَةٍ لَهُ فِي الْبَلَاغَةِ، وَحُسْنِ النَّظْمِ، وَجَزَالَةِ اللَّفْظِ، وَفَخَامَةِ الْمَعَانِي، وَوَصْفِ السُّوَرِ بِمَا يُوصَفُ بِهِ الْمُفْرَدُ، فقال: مثله، وَلَمْ يَقُلْ: أَمْثَالَهُ، لِأَنَّ الْمُرَادَ مُمَاثَلَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ السُّوَرِ، أَوْ لِقَصْدِ الْإِيمَاءِ إِلَى وَجْهِ الشَّبَهِ، وَمَدَارُهُ الْمُمَاثَلَةُ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ الْبَلَاغَةُ الْبَالِغَةُ إِلَى حَدِّ الْإِعْجَازِ، وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُطَابَقَةَ فِي الْجَمْعِ وَالتَّثْنِيَةِ وَالْإِفْرَادِ شَرْطٌ، ثُمَّ وَصَفَ السُّوَرَ بِصِفَةٍ أُخْرَى، فَقَالَ: مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا لِلِاسْتِظْهَارِ عَلَى الْمُعَارَضَةِ بِالْعَشْرِ السُّوَرِ مَنِ اسْتَطَعْتُمْ دُعَاءَهُ وَقَدَرْتُمْ عَلَى الِاسْتِعَانَةِ بِهِ مِنْ هَذَا النَّوْعِ الْإِنْسَانِيِّ، وَمِمَّنْ تَعْبُدُونَهُ وَتَجْعَلُونَهُ شَرِيكًا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ. وَقَوْلُهُ: مِنْ دُونِ اللَّهِ مُتَعَلِّقٌ بِادْعُوا أَيِ: ادْعُوَا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مُتَجَاوِزِينَ اللَّهَ تَعَالَى: إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فيما تزعمون من افترائي له فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ أَيْ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا مَا طَلَبْتَهُ مِنْهُمْ وَتَحَدَّيْتَهُمْ بِهِ مِنَ الْإِتْيَانِ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ، وَلَا اسْتَجَابُوا إِلَى الْمُعَارَضَةِ الْمَطْلُوبَةِ مِنْهُمْ، وَيَكُونُ الضَّمِيرُ فِي لَكُمْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ، أَوْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْدَهُ، وَجَمَعَ تَعْظِيمًا وَتَفْخِيمًا فَاعْلَمُوا أَمَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ، أَوْ لِلرَّسُولِ وَحْدَهُ، عَلَى التَّأْوِيلِ الَّذِي سَلَفَ قَرِيبًا. وَمَعْنَى أَمْرِهِمْ بِالْعِلْمِ: أَمْرُهُمْ بِالثَّبَاتِ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُمْ عَالِمُونَ بِذَلِكَ مِنْ قَبْلِ عَجْزِ الْكُفَّارِ عَنِ الْإِتْيَانِ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ، أَوِ الْمُرَادُ بِالْأَمْرِ بِالْعِلْمِ: الْأَمْرُ بِالِازْدِيَادِ مِنْهُ إِلَى حَدٍّ لَا يَشُوبُهُ شَكٌّ، وَلَا تُخَالِطُهُ شُبْهَةٌ، وَهُوَ عِلْمُ الْيَقِينِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَمَعْنَى أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ أُنْزِلَ مُتَلَبِّسًا بِعِلْمِ اللَّهِ الْمُخْتَصِّ بِهِ، الَّذِي لَا تَطَّلِعُ عَلَى كُنْهِهِ الْعُقُولُ، وَلَا تَسْتَوْضِحُ مَعْنَاهُ الْأَفْهَامُ، لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِعْجَازِ الْخَارِجِ عَنْ طَوْقِ الْبَشَرِ وَأَنْ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ أَيْ: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُتَفَرِّدُ بِالْأُلُوهِيَّةِ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلَا يَقْدِرُ غَيْرُهُ عَلَى مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ. ثُمَّ خَتَمَ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ: فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ أَيْ: ثَابِتُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ، مخلصون له، مزادون مِنَ الطَّاعَاتِ، لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ لَكُمْ بِعَجْزِ الْكُفَّارِ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِ عَشْرِ سُوَرٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ طُمَأْنِينَةٌ فَوْقَ مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ وَبَصِيرَةٌ زَائِدَةٌ، وَإِنَّ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلِ هَذَا، فَإِنَّ الثُّبُوتَ عَلَيْهِ وَزِيَادَةَ الْبَصِيرَةِ فِيهِ وَالطُّمَأْنِينَةَ بِهِ مَطْلُوبٌ مِنْكُمْ. وَقِيلَ: إِنَّ الضَّمِيرَ فِي فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لِلْمَوْصُولِ فِي مَنِ اسْتَطَعْتُمْ، وَضَمِيرُ لَكُمْ: لِلْكُفَّارِ الَّذِينَ تَحَدَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَذَلِكَ ضَمِيرُ: فَاعْلَمُوا، وَالْمَعْنَى: فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِبْ لَكُمْ مَنْ دَعَوْتُمُوهُمْ لِلْمُعَاضَدَةِ وَالْمُنَاصَرَةِ عَلَى الْإِتْيَانِ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِنْ سَائِرِ الْكُفَّارِ وَمَنْ يَعْبُدُونَهُمْ، وَيَزْعُمُونَ: أَنَّهُمْ يَضُرُّونَ وَيَنْفَعُونَ، فَاعْلَمُوا أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَى هَذَا الرَّسُولِ خَارِجٌ عَنْ قُدْرَةِ غَيْرِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِعْجَازِ الَّذِي تَتَقَاصَرُ دُونَهُ قُوَّةُ الْمَخْلُوقِينَ، وَأَنَّهُ أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا تُحِيطُ بِهِ الْعُقُولُ وَلَا
552
تَبْلُغُهُ الْأَفْهَامُ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ الْمُنْفَرِدُ بِالْأُلُوهِيَّةِ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَهَلْ أَنْتُمْ بَعْدَ هَذَا مُسْلِمُونَ؟ أَيْ دَاخِلُونَ فِي الْإِسْلَامِ، مُتَّبِعُونَ لِأَحْكَامِهِ، مُقْتَدُونَ بِشَرَائِعِهِ. وَهَذَا الْوَجْهُ أَقْوَى مِنَ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مِنْ جِهَةٍ، وَأَضْعَفُ مِنْهُ مِنْ جِهَةٍ، فَأَمَّا جهة قوّته: فلا تساق الضَّمَائِرِ وَتَنَاسُبِهَا وَعَدَمِ احْتِيَاجِ بَعْضِهَا إِلَى تَأْوِيلٍ، وَأَمَّا ضَعْفُهُ: فَلِمَا فِي تَرْتِيبِ الْأَمْرِ بِالْعِلْمِ عَلَى عَدَمِ الِاسْتِجَابَةِ مِمَّنْ دَعَوْهُمْ وَاسْتَعَانُوا بِهِمْ مِنَ الْخَفَاءِ وَاحْتِيَاجِهِ إِلَى تَكَلُّفٍ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ:
إِنَّ عَدَمَ اسْتِجَابَةِ مَنْ دَعَوْهُمْ وَاسْتَعَانُوا بِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَالْآلِهَةِ مَعَ حِرْصِهِمْ عَلَى نَصْرِهِمْ وَمُعَاضِدَتِهِمْ وَمُبَالَغَتِهِمْ فِي عَدَمِ إِيمَانِهِمْ وَاسْتِمْرَارِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ يُفِيدُ حُصُولَ الْعِلْمِ لِهَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ بِأَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ هُوَ الْإِلَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَذَلِكَ يُوجِبُ دُخُولَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدِ اخْتَلَفَ التَّحَدِّي لِلْكُفَّارِ بِمُعَارَضَةِ الْقُرْآنِ، فَتَارَةً وَقَعَ بِمَجْمُوعِ الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَبِعَشْرِ سُوَرٍ كَمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ أَوَّلُ عَقْدٍ مِنَ الْعُقُودِ، وَبِسُورَةٍ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَذَلِكَ لِأَنَّ السُّورَةَ أَقَلُّ طَائِفَةٍ مِنْهُ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ تَوَعَّدَ مَنْ كَانَ مَقْصُورَ الْهِمَّةِ عَلَى الدُّنْيَا، لَا يَطْلُبُ غَيْرَهَا، وَلَا يُرِيدُ سِوَاهَا، فَقَالَ: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها «١» قَالَ الْفَرَّاءُ: إِنَّ: كَانَ هَذِهِ، زَائِدَةٌ، وَلِهَذَا جُزِمَ الْجَوَابُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَنْ كانَ فِي مَوْضِعِ جَزْمٍ بِالشَّرْطِ، وَجَوَابُهُ نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَيْ مَنْ يَكُنْ يُرِيدُ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ الضَّحَّاكُ: نَزَلَتْ فِي الْكُفَّارِ وَاخْتَارَهُ النَّحَّاسُ بِدَلِيلِ الْآيَةِ الَّتِي بَعْدَهَا أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَقِيلَ: الْآيَةُ وَارِدَةٌ فِي النَّاسِ عَلَى الْعُمُومِ كَافِرِهِمْ وَمُسْلِمِهِمْ. وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ كَانَ يُرِيدُ بِعَمَلِهِ حَظَّ الدُّنْيَا يُكَافَأُ بِذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِزِينَتِهَا: مَا يُزَيِّنُهَا وَيُحَسِّنُهَا مِنَ الصِّحَّةِ وَالْأَمْنِ وَالسِّعَةِ فِي الرِّزْقِ وَارْتِفَاعِ الْحَظِّ وَنَفَاذِ الْقَوْلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَإِدْخَالُ كانَ فِي الْآيَةِ يُفِيدُ أَنَّهُمْ مُسْتَمِرُّونَ عَلَى إِرَادَةِ الدُّنْيَا بِأَعْمَالِهِمْ لَا يَكَادُونَ يُرِيدُونَ الْآخِرَةَ، وَلِهَذَا قِيلَ: إِنَّهُمْ مَعَ إِعْطَائِهِمْ حُظُوظَ الدُّنْيَا يُعَذَّبُونَ فِي الْآخِرَةِ لِأَنَّهُمْ جَرَّدُوا قَصْدَهُمْ إِلَى الدُّنْيَا، وَلَمْ يَعْمَلُوا لِلْآخِرَةِ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها أَنَّ مَنْ أَرَادَ بِعَمَلِهِ الدُّنْيَا حَصَلَ لَهُ الْجَزَاءُ الدُّنْيَوِيُّ وَلَا مَحَالَةَ، وَلَكِنَّ الْوَاقِعَ فِي الْخَارِجِ يُخَالِفُ ذَلِكَ، فَلَيْسَ كُلُّ مُتَمَنٍّ يَنَالُ مِنَ الدُّنْيَا أُمْنِيَّتَهُ، وَإِنْ عَمِلَ لَهَا وَأَرَادَهَا، فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: ذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مُطْلَقَةٌ، وَكَذَلِكَ الْآيَةُ الَّتِي في الشورى: مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها «٢»، وكذلك وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها «٣» قَيَّدَتْهَا وَفَسَّرَتْهَا الَّتِي فِي سُبْحَانَ: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها مَا نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ «٤» قَوْلُهُ: وَهُمْ فِيها لَا يُبْخَسُونَ أَيْ: وَهَؤُلَاءِ الْمُرِيدُونَ بِأَعْمَالِهِمُ الدُّنْيَا هُمْ فِيهَا: أَيْ فِي الدُّنْيَا لَا يُبْخَسُونَ أَيْ: لَا يُنْقَصُونَ مِنْ جَزَائِهِمْ فِيهَا بِحَسَبِ أَعْمَالِهِمْ لَهَا، وَذَلِكَ فِي الْغَالِبِ وَلَيْسَ بِمُطَّرِدٍ، بَلْ إِنْ قَضَتْ بِهِ مَشِيئَتُهُ سُبْحَانَهُ، وَرَجَّحَتْهُ حِكْمَتُهُ الْبَالِغَةُ.
وَقَالَ الْقَاضِي: مَعْنَى الْآيَةِ: مَنْ كَانَ يُرِيدُ بِعَمَلِ الْخَيْرِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ وَافِيَةً كَامِلَةً، مِنْ غَيْرِ بَخْسٍ فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ مَا يَنَالُونَ مِنَ الصِّحَّةِ وَالْكَفَافِ وَسَائِرِ اللَّذَّاتِ وَالْمَنَافِعِ، فَخَصَّ الْجَزَاءَ بِمِثْلِ مَا ذَكَرَهُ، وَهُوَ حَاصِلٌ لِكُلِّ عَامِلٍ لِلدُّنْيَا وَلَوْ كَانَ قَلِيلًا يَسِيرًا. قَوْلُهُ: أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ
إِنَّ عَدَمَ اسْتِجَابَةِ مَنْ دَعَوْهُمْ وَاسْتَعَانُوا بِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَالْآلِهَةِ مَعَ حِرْصِهِمْ عَلَى نَصْرِهِمْ وَمُعَاضِدَتِهِمْ وَمُبَالَغَتِهِمْ فِي عَدَمِ إِيمَانِهِمْ وَاسْتِمْرَارِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ يُفِيدُ حُصُولَ الْعِلْمِ لِهَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ بِأَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ هُوَ الْإِلَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَذَلِكَ يُوجِبُ دُخُولَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدِ اخْتَلَفَ التَّحَدِّي لِلْكُفَّارِ بِمُعَارَضَةِ الْقُرْآنِ، فَتَارَةً وَقَعَ بِمَجْمُوعِ الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَبِعَشْرِ سُوَرٍ كَمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ أَوَّلُ عَقْدٍ مِنَ الْعُقُودِ، وَبِسُورَةٍ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَذَلِكَ لِأَنَّ السُّورَةَ أَقَلُّ طَائِفَةٍ مِنْهُ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ تَوَعَّدَ مَنْ كَانَ مَقْصُورَ الْهِمَّةِ عَلَى الدُّنْيَا، لَا يَطْلُبُ غَيْرَهَا، وَلَا يُرِيدُ سِوَاهَا، فَقَالَ: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها «١» قَالَ الْفَرَّاءُ: إِنَّ: كَانَ هَذِهِ، زَائِدَةٌ، وَلِهَذَا جُزِمَ الْجَوَابُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَنْ كانَ فِي مَوْضِعِ جَزْمٍ بِالشَّرْطِ، وَجَوَابُهُ نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَيْ مَنْ يَكُنْ يُرِيدُ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ الضَّحَّاكُ: نَزَلَتْ فِي الْكُفَّارِ وَاخْتَارَهُ النَّحَّاسُ بِدَلِيلِ الْآيَةِ الَّتِي بَعْدَهَا أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَقِيلَ: الْآيَةُ وَارِدَةٌ فِي النَّاسِ عَلَى الْعُمُومِ كَافِرِهِمْ وَمُسْلِمِهِمْ. وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ كَانَ يُرِيدُ بِعَمَلِهِ حَظَّ الدُّنْيَا يُكَافَأُ بِذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِزِينَتِهَا: مَا يُزَيِّنُهَا وَيُحَسِّنُهَا مِنَ الصِّحَّةِ وَالْأَمْنِ وَالسِّعَةِ فِي الرِّزْقِ وَارْتِفَاعِ الْحَظِّ وَنَفَاذِ الْقَوْلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَإِدْخَالُ كانَ فِي الْآيَةِ يُفِيدُ أَنَّهُمْ مُسْتَمِرُّونَ عَلَى إِرَادَةِ الدُّنْيَا بِأَعْمَالِهِمْ لَا يَكَادُونَ يُرِيدُونَ الْآخِرَةَ، وَلِهَذَا قِيلَ: إِنَّهُمْ مَعَ إِعْطَائِهِمْ حُظُوظَ الدُّنْيَا يُعَذَّبُونَ فِي الْآخِرَةِ لِأَنَّهُمْ جَرَّدُوا قَصْدَهُمْ إِلَى الدُّنْيَا، وَلَمْ يَعْمَلُوا لِلْآخِرَةِ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها أَنَّ مَنْ أَرَادَ بِعَمَلِهِ الدُّنْيَا حَصَلَ لَهُ الْجَزَاءُ الدُّنْيَوِيُّ وَلَا مَحَالَةَ، وَلَكِنَّ الْوَاقِعَ فِي الْخَارِجِ يُخَالِفُ ذَلِكَ، فَلَيْسَ كُلُّ مُتَمَنٍّ يَنَالُ مِنَ الدُّنْيَا أُمْنِيَّتَهُ، وَإِنْ عَمِلَ لَهَا وَأَرَادَهَا، فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: ذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مُطْلَقَةٌ، وَكَذَلِكَ الْآيَةُ الَّتِي في الشورى: مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها «٢»، وكذلك وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها «٣» قَيَّدَتْهَا وَفَسَّرَتْهَا الَّتِي فِي سُبْحَانَ: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها مَا نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ «٤» قَوْلُهُ: وَهُمْ فِيها لَا يُبْخَسُونَ أَيْ: وَهَؤُلَاءِ الْمُرِيدُونَ بِأَعْمَالِهِمُ الدُّنْيَا هُمْ فِيهَا: أَيْ فِي الدُّنْيَا لَا يُبْخَسُونَ أَيْ: لَا يُنْقَصُونَ مِنْ جَزَائِهِمْ فِيهَا بِحَسَبِ أَعْمَالِهِمْ لَهَا، وَذَلِكَ فِي الْغَالِبِ وَلَيْسَ بِمُطَّرِدٍ، بَلْ إِنْ قَضَتْ بِهِ مَشِيئَتُهُ سُبْحَانَهُ، وَرَجَّحَتْهُ حِكْمَتُهُ الْبَالِغَةُ.
وَقَالَ الْقَاضِي: مَعْنَى الْآيَةِ: مَنْ كَانَ يُرِيدُ بِعَمَلِ الْخَيْرِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ وَافِيَةً كَامِلَةً، مِنْ غَيْرِ بَخْسٍ فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ مَا يَنَالُونَ مِنَ الصِّحَّةِ وَالْكَفَافِ وَسَائِرِ اللَّذَّاتِ وَالْمَنَافِعِ، فَخَصَّ الْجَزَاءَ بِمِثْلِ مَا ذَكَرَهُ، وَهُوَ حَاصِلٌ لِكُلِّ عَامِلٍ لِلدُّنْيَا وَلَوْ كَانَ قَلِيلًا يَسِيرًا. قَوْلُهُ: أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ
(١). الإسراء: ٨٨.
(٢). الشورى: ٢٠.
(٣). آل عمران: ١٤٥.
(٤). الإسراء: ١٨.
(٢). الشورى: ٢٠.
(٣). آل عمران: ١٤٥.
(٤). الإسراء: ١٨.
553
الْإِشَارَةُ إِلَى الْمُرِيدِينَ الْمَذْكُورِينَ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ هَذَا بِأَنَّهُمْ لَمْ يُرِيدُوا الْآخِرَةَ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَعْمَالِ الْمُعْتَدِّ بِهَا الْمُوجِبَةِ لِلْجَزَاءِ الْحَسَنِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، أَوْ تَكُونُ الْآيَةُ خَاصَّةً بِالْكُفَّارِ كَمَا تَقَدَّمَ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا أَيْ: ظَهَرَ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ حُبُوطُ مَا صَنَعُوهُ مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي كَانَتْ صُورَتُهَا صُورَةَ الطَّاعَاتِ الْمُوجِبَةِ لِلْجَزَاءِ الْأُخْرَوِيِّ، لَوْلَا أَنَّهُمْ أَفْسَدُوهَا بِفَسَادِ مَقَاصِدِهِمْ، وَعَدَمِ الْخُلُوصِ، وَإِرَادَةِ مَا عِنْدَ اللَّهِ فِي دَارِ الْجَزَاءِ، بَلْ قَصَرُوا ذَلِكَ عَلَى الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا ثُمَّ حَكَمَ سُبْحَانَهُ بِبُطْلَانِ عَمَلِهِمْ فَقَالَ: وَباطِلٌ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ أَيْ: أَنَّهُ كَانَ عَمَلُهُمْ فِي نَفْسِهِ بَاطِلًا غَيْرَ مُعْتَدٍّ بِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُعْمَلْ لِوَجْهٍ صَحِيحٍ يُوجِبُ الْجَزَاءَ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْعَمَلِ الصَّحِيحِ. قَوْلُهُ: أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ بَيْنَ مَنْ كَانَ طَالِبًا لِلدُّنْيَا فَقَطْ، وَمَنْ كَانَ طَالِبًا لِلْآخِرَةِ، تفاوتا عظيما، وتباينا بعيدا المعنى: أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ فِي اتباع النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وَالْإِيمَانِ بِاللَّهِ كَغَيْرِهِ مِمَّنْ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيْ:
أَفَمَنْ كَانَ مَعَهُ بَيَانٌ مِنَ اللَّهِ وَمُعْجِزَةٌ كَالْقُرْآنِ وَمَعَهُ شَاهِدٌ كَجِبْرِيلَ، وَقَدْ بَشَّرَتْ بِهِ الْكُتُبُ السَّالِفَةُ، كَمَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا. وَمَعْنَى الْبَيِّنَةِ: الْبُرْهَانُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْحَقِّ، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ رَاجِعٌ إِلَى الْبَيِّنَةِ بِاعْتِبَارِ تَأْوِيلِهَا بِالْبُرْهَانِ، وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ: رَاجِعٌ إِلَى الْقُرْآنِ، لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي قَوْلِهِ: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ أَوْ رَاجَعٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. وَالْمَعْنَى: وَيَتْلُو الْبُرْهَانَ الَّذِي هُوَ الْبَيِّنَةُ شَاهِدٌ يَشْهَدُ بِصِحَّتِهِ مِنَ الْقُرْآنِ، أَوْ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ. وَالشَّاهِدُ: هُوَ الْإِعْجَازُ الْكَائِنُ فِي الْقُرْآنِ، أَوِ الْمُعْجِزَاتُ الَّتِي ظَهَرَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الشَّوَاهِدِ التَّابِعَةِ لِلْقُرْآنِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ:
الْإِنْجِيلُ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ فَهُوَ يَتْلُو الْقُرْآنَ فِي التَّصْدِيقِ، وَالْهَاءُ فِي مِنْهُ: لِلَّهِ عَزَّ وجلّ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ ربه: هم مؤمنوا أَهْلِ الْكِتَابِ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَأَضْرَابِهِ. قَوْلُهُ: وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى مَعْطُوفٌ عَلَى شَاهِدٌ، وَالتَّقْدِيرُ: وَيَتْلُو الشَّاهِدَ شَاهِدٌ آخَرُ مِنْ قَبْلِهِ هُوَ كِتَابُ مُوسَى، فَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُتَقَدِّمًا فِي النُّزُولِ فَهُوَ يَتْلُو الشَّاهِدَ فِي الشَّهَادَةِ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ الشَّاهِدَ عَلَى كِتَابِ مُوسَى مَعَ كَوْنِهِ مُتَأَخِّرًا فِي الْوُجُودِ لِكَوْنِهِ وَصْفًا لَازِمًا غَيْرَ مُفَارِقٍ، فَكَانَ أَغْرَقَ فِي الْوَصْفِيَّةِ من كتاب موسى. ومعنى شهادة مُوسَى، وَهُوَ التَّوْرَاةُ أَنَّهُ بَشَّرَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَ بِأَنَّهُ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَالْمَعْنَى وَيَتْلُوهُ مِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى لأن النبي صلّى الله عليه وَسَلَّمَ مَوْصُوفٌ فِي كِتَابِ مُوسَى يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ. وَحَكَى أَبُو حَاتِمٍ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَرَأَ: وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى بِالنَّصْبِ. وَحَكَاهُ الَمَهَدَوِيُّ عَنِ الْكَلْبِيِّ فَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى الْهَاءِ فِي يَتْلُوهُ.
وَالْمَعْنَى: وَيَتْلُو كِتَابَ مُوسَى جِبْرِيلُ، وَانْتِصَابُ إِمَامًا وَرَحْمَةً عَلَى الْحَالِ. وَالْإِمَامُ: هُوَ الَّذِي يُؤْتَمُّ بِهِ فِي الدِّينِ وَيُقْتَدَى بِهِ، وَالرَّحْمَةُ: النِّعْمَةُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَى مَنْ أَنْزَلَهُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ بِاعْتِبَارِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُوَافِقَةِ لِحُكْمِ الْقُرْآنِ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ أُولئِكَ إِلَى الْمُتَّصِفِينَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ الْفَاضِلَةِ، وَهُوَ الْكَوْنُ عَلَى الْبَيِّنَةِ مِنَ اللَّهِ، وَاسْمُ الْإِشَارَةِ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ يُؤْمِنُونَ بِهِ أَيْ: يُصَدِّقُونَ بالنبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ أَوْ بِالْقُرْآنِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ أَيْ: بِالنَّبِيِّ أَوْ بِالْقُرْآنِ. وَالْأَحْزَابُ: الْمُتَحَزِّبُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَغَيْرِهِمْ، أَوِ: الْمُتَحَزِّبُونَ مِنْ أَهْلِ الْأَدْيَانِ كُلِّهَا فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ أَيْ: هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَا
أَفَمَنْ كَانَ مَعَهُ بَيَانٌ مِنَ اللَّهِ وَمُعْجِزَةٌ كَالْقُرْآنِ وَمَعَهُ شَاهِدٌ كَجِبْرِيلَ، وَقَدْ بَشَّرَتْ بِهِ الْكُتُبُ السَّالِفَةُ، كَمَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا. وَمَعْنَى الْبَيِّنَةِ: الْبُرْهَانُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْحَقِّ، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ رَاجِعٌ إِلَى الْبَيِّنَةِ بِاعْتِبَارِ تَأْوِيلِهَا بِالْبُرْهَانِ، وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ: رَاجِعٌ إِلَى الْقُرْآنِ، لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي قَوْلِهِ: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ أَوْ رَاجَعٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. وَالْمَعْنَى: وَيَتْلُو الْبُرْهَانَ الَّذِي هُوَ الْبَيِّنَةُ شَاهِدٌ يَشْهَدُ بِصِحَّتِهِ مِنَ الْقُرْآنِ، أَوْ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ. وَالشَّاهِدُ: هُوَ الْإِعْجَازُ الْكَائِنُ فِي الْقُرْآنِ، أَوِ الْمُعْجِزَاتُ الَّتِي ظَهَرَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الشَّوَاهِدِ التَّابِعَةِ لِلْقُرْآنِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ:
الْإِنْجِيلُ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ فَهُوَ يَتْلُو الْقُرْآنَ فِي التَّصْدِيقِ، وَالْهَاءُ فِي مِنْهُ: لِلَّهِ عَزَّ وجلّ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ ربه: هم مؤمنوا أَهْلِ الْكِتَابِ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَأَضْرَابِهِ. قَوْلُهُ: وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى مَعْطُوفٌ عَلَى شَاهِدٌ، وَالتَّقْدِيرُ: وَيَتْلُو الشَّاهِدَ شَاهِدٌ آخَرُ مِنْ قَبْلِهِ هُوَ كِتَابُ مُوسَى، فَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُتَقَدِّمًا فِي النُّزُولِ فَهُوَ يَتْلُو الشَّاهِدَ فِي الشَّهَادَةِ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ الشَّاهِدَ عَلَى كِتَابِ مُوسَى مَعَ كَوْنِهِ مُتَأَخِّرًا فِي الْوُجُودِ لِكَوْنِهِ وَصْفًا لَازِمًا غَيْرَ مُفَارِقٍ، فَكَانَ أَغْرَقَ فِي الْوَصْفِيَّةِ من كتاب موسى. ومعنى شهادة مُوسَى، وَهُوَ التَّوْرَاةُ أَنَّهُ بَشَّرَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَ بِأَنَّهُ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَالْمَعْنَى وَيَتْلُوهُ مِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى لأن النبي صلّى الله عليه وَسَلَّمَ مَوْصُوفٌ فِي كِتَابِ مُوسَى يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ. وَحَكَى أَبُو حَاتِمٍ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَرَأَ: وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى بِالنَّصْبِ. وَحَكَاهُ الَمَهَدَوِيُّ عَنِ الْكَلْبِيِّ فَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى الْهَاءِ فِي يَتْلُوهُ.
وَالْمَعْنَى: وَيَتْلُو كِتَابَ مُوسَى جِبْرِيلُ، وَانْتِصَابُ إِمَامًا وَرَحْمَةً عَلَى الْحَالِ. وَالْإِمَامُ: هُوَ الَّذِي يُؤْتَمُّ بِهِ فِي الدِّينِ وَيُقْتَدَى بِهِ، وَالرَّحْمَةُ: النِّعْمَةُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَى مَنْ أَنْزَلَهُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ بِاعْتِبَارِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُوَافِقَةِ لِحُكْمِ الْقُرْآنِ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ أُولئِكَ إِلَى الْمُتَّصِفِينَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ الْفَاضِلَةِ، وَهُوَ الْكَوْنُ عَلَى الْبَيِّنَةِ مِنَ اللَّهِ، وَاسْمُ الْإِشَارَةِ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ يُؤْمِنُونَ بِهِ أَيْ: يُصَدِّقُونَ بالنبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ أَوْ بِالْقُرْآنِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ أَيْ: بِالنَّبِيِّ أَوْ بِالْقُرْآنِ. وَالْأَحْزَابُ: الْمُتَحَزِّبُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَغَيْرِهِمْ، أَوِ: الْمُتَحَزِّبُونَ مِنْ أَهْلِ الْأَدْيَانِ كُلِّهَا فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ أَيْ: هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَا
554
مَحَالَةَ، وَفِي جَعْلِ النَّارِ مَوْعِدًا إِشْعَارٌ بِأَنَّ فِيهَا مَا لَا يُحِيطُ بِهِ الْوَصْفُ مِنْ أَفَانِينِ الْعَذَابِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ حَسَّانَ:
فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ أَيْ: لَا تَكُ فِي شَكٍّ مِنَ الْقُرْآنِ، وَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِغَيْرِهِ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ عَنِ الشَّكِّ فِي الْقُرْآنِ، أَوْ مِنَ الْمَوْعِدِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا مَدْخَلَ لِلشَّكِّ فِيهِ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ مَعَ وُجُوبِ الْإِيمَانِ بِهِ، وَظُهُورِ الدَّلَائِلِ الْمُوجِبَةِ لَهُ، وَلَكِنَّهُمْ يُعَانِدُونَ مَعَ عِلْمِهِمْ بِكَوْنِهِ حَقًّا، أَوْ قَدْ طُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يَفْهَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ أَصْلًا.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ قَالَ: لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها قَالَ: نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ قَالَ: قَامَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ: أَخْبِرْنَا عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا إِلَى قَوْلِهِ: وَباطِلٌ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ قَالَ: وَيْحَكَ، ذَاكَ مِنْ كَانَ يُرِيدُ الدُّنْيَا لَا يُرِيدُ الْآخِرَةَ. وَأَخْرَجَ النَّحَّاسُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا أَيْ: ثَوَابَهَا وَزِينَتَها مَالَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ نُوَفِّرْ لَهُمْ بِالصِّحَّةِ وَالسُّرُورِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ وَهُمْ فِيها لَا يُبْخَسُونَ لَا يُنْقَصُونَ، ثُمَّ نَسَخَهَا: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ «١» الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ السُّدِّيِّ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا الْتِمَاسَ الدُّنْيَا: صَوْمًا أَوْ صَلَاةً أَوْ تَهَجُّدًا بِاللَّيْلِ لَا يَعْمَلُهُ إِلَّا الْتِمَاسَ الدُّنْيَا، يَقُولُ اللَّهُ: أُوَ فِّيهِ الَّذِي الْتَمَسَ فِي الدُّنْيَا وَحَبِطَ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ، وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ قَالَ: طَيِّبَاتِهُمْ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيها قَالَ: حَبِطَ مَا عَمِلُوا مِنْ خَيْرٍ، وَبَطَلَ فِي الْآخِرَةِ لَيْسَ لَهُمْ فِيهَا جَزَاءٌ. وَأَخْرُجُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: هُمْ أَهْلُ الرِّيَاءِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ، عَنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: مَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَّا نَزَلَ فِيهِ طَائِفَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَا نَزَلْ فِيكَ؟ قَالَ: أَمَّا تَقْرَأُ سُورَةَ هُودٍ أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّهِ وَأَنَا شَاهِدٌ مِنْهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَنَا، وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ «عَلِيٌّ».
وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ: أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ قَالَ: ذَاكَ محمد صلّى الله عليه وَسَلَّمَ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي: إِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ فِي قَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ أَنَّكَ أَنْتَ التَّالِي، قَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي أَنَا هُوَ، وَلَكِنَّهُ لسان محمد صلّى الله عليه وَسَلَّمَ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الشَّاهِدَ جِبْرِيلُ وَوَافَقَهُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي
أَوْرَدْتُمُوهَا حِيَاضَ الْمَوْتِ ضَاحِيَةً | فَالنَّارُ مَوْعِدُهَا وَالْمَوْتُ لَاقِيهَا |
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ قَالَ: لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها قَالَ: نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ قَالَ: قَامَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ: أَخْبِرْنَا عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا إِلَى قَوْلِهِ: وَباطِلٌ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ قَالَ: وَيْحَكَ، ذَاكَ مِنْ كَانَ يُرِيدُ الدُّنْيَا لَا يُرِيدُ الْآخِرَةَ. وَأَخْرَجَ النَّحَّاسُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا أَيْ: ثَوَابَهَا وَزِينَتَها مَالَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ نُوَفِّرْ لَهُمْ بِالصِّحَّةِ وَالسُّرُورِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ وَهُمْ فِيها لَا يُبْخَسُونَ لَا يُنْقَصُونَ، ثُمَّ نَسَخَهَا: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ «١» الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ السُّدِّيِّ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا الْتِمَاسَ الدُّنْيَا: صَوْمًا أَوْ صَلَاةً أَوْ تَهَجُّدًا بِاللَّيْلِ لَا يَعْمَلُهُ إِلَّا الْتِمَاسَ الدُّنْيَا، يَقُولُ اللَّهُ: أُوَ فِّيهِ الَّذِي الْتَمَسَ فِي الدُّنْيَا وَحَبِطَ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ، وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ قَالَ: طَيِّبَاتِهُمْ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيها قَالَ: حَبِطَ مَا عَمِلُوا مِنْ خَيْرٍ، وَبَطَلَ فِي الْآخِرَةِ لَيْسَ لَهُمْ فِيهَا جَزَاءٌ. وَأَخْرُجُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: هُمْ أَهْلُ الرِّيَاءِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ، عَنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: مَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَّا نَزَلَ فِيهِ طَائِفَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَا نَزَلْ فِيكَ؟ قَالَ: أَمَّا تَقْرَأُ سُورَةَ هُودٍ أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّهِ وَأَنَا شَاهِدٌ مِنْهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَنَا، وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ «عَلِيٌّ».
وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ: أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ قَالَ: ذَاكَ محمد صلّى الله عليه وَسَلَّمَ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي: إِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ فِي قَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ أَنَّكَ أَنْتَ التَّالِي، قَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي أَنَا هُوَ، وَلَكِنَّهُ لسان محمد صلّى الله عليه وَسَلَّمَ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الشَّاهِدَ جِبْرِيلُ وَوَافَقَهُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي
(١). الإسراء: ١٨.
555
وفي التعبير بالذوق ما يدل على أنه يكون منه ذلك عند سلب أدنى نعمة ينعم الله بها عليه، لأن الإذاقة والذوق : أقلّ ما يوجد به الطعم، والنعماء : إنعام يظهر أثره على صاحبه، والضرّاء : ظهور أثر الإضرار على من أصيب به. والمعنى : أنه إن أذاق الله سبحانه العبد نعماءه من الصحة والسلامة، والغنى بعد أن كان في ضرّ من فقر أو مرض أو خوف، لم يقابل ذلك بما يليق به من الشكر لله سبحانه، بل يقول ذهب السيئات : أي المصائب التي ساءته من الضرّ والفقر والخوف والمرض عنه وزال أثرها، غير شاكر لله، ولا مثن عليه بنعمه ﴿ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُور ﴾ أي : كثير الفرح بطراً وأشراً، كثير الفخر على الناس، والتطاول عليهم بما يتفضل الله به عليه من النعم، وفي التعبير عن ملابسة الضرّ له بالمس مناسبة للتعبير في جانب النعماء بالإذاقة، فإن كلاهما لأدنى ما يطلق عليه اسم الملاقاة، كما تقدّم ﴿ إِلاَّ الذين صَبَرُواْ ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ ﴾ قال : لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن أنس، في قوله :﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا ﴾ قال : نزلت في اليهود والنصارى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن عبد الله بن معبد، قال : قام رجل إلى عليّ فقال : أخبرنا عن هذه الآية ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا ﴾ إلى قوله :﴿ وباطل مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ قال : ويحك، ذاك من كان يريد الدنيا لا يريد الآخرة. وأخرج النحاس عن ابن عباس ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا ﴾ أي : ثوابها ﴿ وَزِينَتَهَا ﴾ مالها ﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ ﴾ نوفر لهم بالصحة والسرور في الأهل، والمال، والولد ﴿ وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ ﴾ لا ينقصون. ثم نسخها :﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ العاجلة عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء ﴾ الآية. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، مثله. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في الآية قال : من عمل صالحاً : التماس الدنيا صوماً أو صلاة، أو تهجداً بالليل، لا يعمله إلا التماس الدنيا، يقول الله أو فيه الذي التمس في الدنيا وحبط عمله الذي كان يعمل، وهو في الآخرة من الخاسرين. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك، قال : نزلت هذه الآية في أهل الشرك.
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ ﴾ قال : طيباتهم. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، نحوه. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا ﴾ قال : حبط ما عملوا من خير، وبطل في الآخرة، ليس لهم فيها جزاء. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في الآية، قال : هم أهل الرياء.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة، عن عليّ بن أبي طالب، قال : ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل : ما نزل فيك ؟ قال : أما تقرأ سورة هود ﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ منْهُ ﴾ رسول الله صلى الله عليه وسلم بينة من ربه، وأنا شاهد منه. وأخرج ابن عساكر، وابن مردويه من وجه آخر عنه، قال : قال رسول الله :«أفمن كان على بينة من ربه : أنا، ويتلوه شاهد منه : عليّ» وأخرج أبو الشيخ، عن أبي العالية، في قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ ﴾ قال : ذاك محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم، نحوه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ، عن محمد بن عليّ بن أبي طالب، قال : قلت لأبي : إن الناس يزعمون في قول الله سبحانه :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ أنك أنت التالي، قال : وددت أني أنا هو، ولكنه لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن الشاهد جبريل ووافقه سعيد بن جبير. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس، قال : جبريل فهو شاهد من الله بالذي يتلوه من كتاب الله الذي أنزل على محمد ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله التوراة على لسان موسى، كما تلا القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن الحسن بن عليّ، في قوله :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ قال : محمد هو الشاهد من الله. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله جاء الكتاب إلى موسى. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : الكفار أحزاب كلهم على الكفر. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، قال :﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : من اليهود والنصارى.
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ ﴾ قال : طيباتهم. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، نحوه. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا ﴾ قال : حبط ما عملوا من خير، وبطل في الآخرة، ليس لهم فيها جزاء. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في الآية، قال : هم أهل الرياء.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة، عن عليّ بن أبي طالب، قال : ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل : ما نزل فيك ؟ قال : أما تقرأ سورة هود ﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ منْهُ ﴾ رسول الله صلى الله عليه وسلم بينة من ربه، وأنا شاهد منه. وأخرج ابن عساكر، وابن مردويه من وجه آخر عنه، قال : قال رسول الله :«أفمن كان على بينة من ربه : أنا، ويتلوه شاهد منه : عليّ» وأخرج أبو الشيخ، عن أبي العالية، في قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ ﴾ قال : ذاك محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم، نحوه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ، عن محمد بن عليّ بن أبي طالب، قال : قلت لأبي : إن الناس يزعمون في قول الله سبحانه :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ أنك أنت التالي، قال : وددت أني أنا هو، ولكنه لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن الشاهد جبريل ووافقه سعيد بن جبير. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس، قال : جبريل فهو شاهد من الله بالذي يتلوه من كتاب الله الذي أنزل على محمد ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله التوراة على لسان موسى، كما تلا القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن الحسن بن عليّ، في قوله :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ قال : محمد هو الشاهد من الله. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله جاء الكتاب إلى موسى. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : الكفار أحزاب كلهم على الكفر. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، قال :﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : من اليهود والنصارى.
﴿ إِلاَّ الذين صَبَرُواْ ﴾ فإن عادتهم الصبر عند نزول المحن، والشكر عند حصول المنن. قال الأخفش : هو استثناء ليس من الأوّل : أي ولكن الذين صبروا وعملوا الصالحات في حالتي النعمة والمحنة. وقال الفراء ؛ هو استثناء من لئن أذقناه : أي من الإنسان، فإن الإنسان بمعنى الناس، والناس : يشمل الكافر والمؤمن، فهو استثناء متصل، والإشارة بقوله :﴿ أولئك ﴾ إلى الموصول باعتبار اتصافه بالصبر وعمل الصالحات ﴿ لَهم مغْفِرَة ﴾ لذنوبهم ﴿ وَأَجْر ﴾ يؤجرون به لأعمالهم الحسنة ﴿ كَبِير ﴾ متناه في الكبر.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ ﴾ قال : لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن أنس، في قوله :﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا ﴾ قال : نزلت في اليهود والنصارى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن عبد الله بن معبد، قال : قام رجل إلى عليّ فقال : أخبرنا عن هذه الآية ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا ﴾ إلى قوله :﴿ وباطل مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ قال : ويحك، ذاك من كان يريد الدنيا لا يريد الآخرة. وأخرج النحاس عن ابن عباس ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا ﴾ أي : ثوابها ﴿ وَزِينَتَهَا ﴾ مالها ﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ ﴾ نوفر لهم بالصحة والسرور في الأهل، والمال، والولد ﴿ وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ ﴾ لا ينقصون. ثم نسخها :﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ العاجلة عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء ﴾ الآية. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، مثله. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في الآية قال : من عمل صالحاً : التماس الدنيا صوماً أو صلاة، أو تهجداً بالليل، لا يعمله إلا التماس الدنيا، يقول الله أو فيه الذي التمس في الدنيا وحبط عمله الذي كان يعمل، وهو في الآخرة من الخاسرين. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك، قال : نزلت هذه الآية في أهل الشرك.
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ ﴾ قال : طيباتهم. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، نحوه. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا ﴾ قال : حبط ما عملوا من خير، وبطل في الآخرة، ليس لهم فيها جزاء. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في الآية، قال : هم أهل الرياء.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة، عن عليّ بن أبي طالب، قال : ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل : ما نزل فيك ؟ قال : أما تقرأ سورة هود ﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ منْهُ ﴾ رسول الله صلى الله عليه وسلم بينة من ربه، وأنا شاهد منه. وأخرج ابن عساكر، وابن مردويه من وجه آخر عنه، قال : قال رسول الله :«أفمن كان على بينة من ربه : أنا، ويتلوه شاهد منه : عليّ» وأخرج أبو الشيخ، عن أبي العالية، في قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ ﴾ قال : ذاك محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم، نحوه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ، عن محمد بن عليّ بن أبي طالب، قال : قلت لأبي : إن الناس يزعمون في قول الله سبحانه :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ أنك أنت التالي، قال : وددت أني أنا هو، ولكنه لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن الشاهد جبريل ووافقه سعيد بن جبير. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس، قال : جبريل فهو شاهد من الله بالذي يتلوه من كتاب الله الذي أنزل على محمد ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله التوراة على لسان موسى، كما تلا القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن الحسن بن عليّ، في قوله :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ قال : محمد هو الشاهد من الله. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله جاء الكتاب إلى موسى. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : الكفار أحزاب كلهم على الكفر. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، قال :﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : من اليهود والنصارى.
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ ﴾ قال : طيباتهم. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، نحوه. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا ﴾ قال : حبط ما عملوا من خير، وبطل في الآخرة، ليس لهم فيها جزاء. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في الآية، قال : هم أهل الرياء.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة، عن عليّ بن أبي طالب، قال : ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل : ما نزل فيك ؟ قال : أما تقرأ سورة هود ﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ منْهُ ﴾ رسول الله صلى الله عليه وسلم بينة من ربه، وأنا شاهد منه. وأخرج ابن عساكر، وابن مردويه من وجه آخر عنه، قال : قال رسول الله :«أفمن كان على بينة من ربه : أنا، ويتلوه شاهد منه : عليّ» وأخرج أبو الشيخ، عن أبي العالية، في قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ ﴾ قال : ذاك محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم، نحوه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ، عن محمد بن عليّ بن أبي طالب، قال : قلت لأبي : إن الناس يزعمون في قول الله سبحانه :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ أنك أنت التالي، قال : وددت أني أنا هو، ولكنه لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن الشاهد جبريل ووافقه سعيد بن جبير. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس، قال : جبريل فهو شاهد من الله بالذي يتلوه من كتاب الله الذي أنزل على محمد ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله التوراة على لسان موسى، كما تلا القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن الحسن بن عليّ، في قوله :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ قال : محمد هو الشاهد من الله. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله جاء الكتاب إلى موسى. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : الكفار أحزاب كلهم على الكفر. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، قال :﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : من اليهود والنصارى.
ثم سلَّى الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال :﴿ فَلَعَلَّكَ تَارِك بَعْضَ مَا يوحى إِلَيْكَ ﴾ أي : فلعلك لعظم ما تراه منهم من الكفر والتكذيب، واقتراح الآيات التي يقترحونها عليه على حسب هواهم، وتعنتهم تارك بعض ما يوحى إليك مما أنزله الله عليك وأمرك بتبليغه، مما يشق عليهم سماعه أو يستشقون العمل به، كسبّ آلهتهم وأمرهم بالإيمان بالله وحده.
قيل : وهذا الكلام خارج مخرج الاستفهام : أي هل أنت تارك ؟ وقيل : هو في معنى النفي مع الاستبعاد : أي لا يكون منك ذلك، بل تبلغهم جميع ما أنزل الله عليك، أحبوا ذلك أم كرهوه، شاءوا أم أبوا ﴿ وَضَائِق بِهِ صَدْرُكَ ﴾ معطوف على تارك، والضمير في به راجع إلى ما أو إلى بعض، وعبر بضائق دون ضيق لأن اسم الفاعل فيه معنى الحدوث والعروض والصفة المشبهة فيها معنى اللزوم ﴿ أَن يَقُولُواْ ﴾ أي : كراهة أن يقولوا، أو مخافة أن يقولوا أو لئلا يقولوا ﴿ لَوْلاَ أُنُزِلَ عَلَيْهِ كَنز ﴾ أي : هلا أنزل عليه كنز : أي مال مكنوز مخزون ينتفع به ﴿ أَوْ جَاء مَعَهُ مَلَك ﴾ يصدّقه ويبين لنا صحة رسالته. ثم بيّن سبحانه أن حاله صلى الله عليه وسلم مقصور على النذارة، فقال :﴿ إِنَّمَا أَنتَ نَذِير ﴾ ليس عليك إلا الإنذار بما أوحي إليك، وليس عليك حصول مطلوبهم وإيجاد مقترحاتهم ﴿ والله على كُلّ شَيْء وَكِيل ﴾ يحفظ ما يقولون، وهو فاعل بهم ما يجب أن يفعل.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ ﴾ قال : لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن أنس، في قوله :﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا ﴾ قال : نزلت في اليهود والنصارى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن عبد الله بن معبد، قال : قام رجل إلى عليّ فقال : أخبرنا عن هذه الآية ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا ﴾ إلى قوله :﴿ وباطل مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ قال : ويحك، ذاك من كان يريد الدنيا لا يريد الآخرة. وأخرج النحاس عن ابن عباس ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا ﴾ أي : ثوابها ﴿ وَزِينَتَهَا ﴾ مالها ﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ ﴾ نوفر لهم بالصحة والسرور في الأهل، والمال، والولد ﴿ وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ ﴾ لا ينقصون. ثم نسخها :﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ العاجلة عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء ﴾ الآية. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، مثله. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في الآية قال : من عمل صالحاً : التماس الدنيا صوماً أو صلاة، أو تهجداً بالليل، لا يعمله إلا التماس الدنيا، يقول الله أو فيه الذي التمس في الدنيا وحبط عمله الذي كان يعمل، وهو في الآخرة من الخاسرين. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك، قال : نزلت هذه الآية في أهل الشرك.
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ ﴾ قال : طيباتهم. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، نحوه. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا ﴾ قال : حبط ما عملوا من خير، وبطل في الآخرة، ليس لهم فيها جزاء. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في الآية، قال : هم أهل الرياء.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة، عن عليّ بن أبي طالب، قال : ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل : ما نزل فيك ؟ قال : أما تقرأ سورة هود ﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ منْهُ ﴾ رسول الله صلى الله عليه وسلم بينة من ربه، وأنا شاهد منه. وأخرج ابن عساكر، وابن مردويه من وجه آخر عنه، قال : قال رسول الله :«أفمن كان على بينة من ربه : أنا، ويتلوه شاهد منه : عليّ» وأخرج أبو الشيخ، عن أبي العالية، في قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ ﴾ قال : ذاك محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم، نحوه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ، عن محمد بن عليّ بن أبي طالب، قال : قلت لأبي : إن الناس يزعمون في قول الله سبحانه :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ أنك أنت التالي، قال : وددت أني أنا هو، ولكنه لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن الشاهد جبريل ووافقه سعيد بن جبير. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس، قال : جبريل فهو شاهد من الله بالذي يتلوه من كتاب الله الذي أنزل على محمد ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله التوراة على لسان موسى، كما تلا القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن الحسن بن عليّ، في قوله :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ قال : محمد هو الشاهد من الله. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله جاء الكتاب إلى موسى. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : الكفار أحزاب كلهم على الكفر. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، قال :﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : من اليهود والنصارى.
قيل : وهذا الكلام خارج مخرج الاستفهام : أي هل أنت تارك ؟ وقيل : هو في معنى النفي مع الاستبعاد : أي لا يكون منك ذلك، بل تبلغهم جميع ما أنزل الله عليك، أحبوا ذلك أم كرهوه، شاءوا أم أبوا ﴿ وَضَائِق بِهِ صَدْرُكَ ﴾ معطوف على تارك، والضمير في به راجع إلى ما أو إلى بعض، وعبر بضائق دون ضيق لأن اسم الفاعل فيه معنى الحدوث والعروض والصفة المشبهة فيها معنى اللزوم ﴿ أَن يَقُولُواْ ﴾ أي : كراهة أن يقولوا، أو مخافة أن يقولوا أو لئلا يقولوا ﴿ لَوْلاَ أُنُزِلَ عَلَيْهِ كَنز ﴾ أي : هلا أنزل عليه كنز : أي مال مكنوز مخزون ينتفع به ﴿ أَوْ جَاء مَعَهُ مَلَك ﴾ يصدّقه ويبين لنا صحة رسالته. ثم بيّن سبحانه أن حاله صلى الله عليه وسلم مقصور على النذارة، فقال :﴿ إِنَّمَا أَنتَ نَذِير ﴾ ليس عليك إلا الإنذار بما أوحي إليك، وليس عليك حصول مطلوبهم وإيجاد مقترحاتهم ﴿ والله على كُلّ شَيْء وَكِيل ﴾ يحفظ ما يقولون، وهو فاعل بهم ما يجب أن يفعل.
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ ﴾ قال : طيباتهم. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، نحوه. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا ﴾ قال : حبط ما عملوا من خير، وبطل في الآخرة، ليس لهم فيها جزاء. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في الآية، قال : هم أهل الرياء.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة، عن عليّ بن أبي طالب، قال : ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل : ما نزل فيك ؟ قال : أما تقرأ سورة هود ﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ منْهُ ﴾ رسول الله صلى الله عليه وسلم بينة من ربه، وأنا شاهد منه. وأخرج ابن عساكر، وابن مردويه من وجه آخر عنه، قال : قال رسول الله :«أفمن كان على بينة من ربه : أنا، ويتلوه شاهد منه : عليّ» وأخرج أبو الشيخ، عن أبي العالية، في قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ ﴾ قال : ذاك محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم، نحوه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ، عن محمد بن عليّ بن أبي طالب، قال : قلت لأبي : إن الناس يزعمون في قول الله سبحانه :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ أنك أنت التالي، قال : وددت أني أنا هو، ولكنه لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن الشاهد جبريل ووافقه سعيد بن جبير. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس، قال : جبريل فهو شاهد من الله بالذي يتلوه من كتاب الله الذي أنزل على محمد ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله التوراة على لسان موسى، كما تلا القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن الحسن بن عليّ، في قوله :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ قال : محمد هو الشاهد من الله. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله جاء الكتاب إلى موسى. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : الكفار أحزاب كلهم على الكفر. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، قال :﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : من اليهود والنصارى.
قوله :﴿ أَمْ يَقُولُونَ افتراه ﴾ «أم » هي المنقطعة التي بمعنى بل والهمزة، وأضرب عما تقدّم من تهاونهم بالوحي، وعدم قنوعهم بما جاء به من المعجزات الظاهرة، وشرع في ذكر ارتكابهم لما هو أشدّ من ذلك، وهو افتراؤهم عليه بأنه افتراه، والاستفهام للتوبيخ والتقريع، والضمير المستتر في افتراه للنبي صلى الله عليه وسلم، والبارز إلى ما يوحى. ثم أمره الله سبحانه أن يجيب عليهم بما يقطعهم ويبين كذبهم ويظهر به عجزهم، فقال :﴿ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مّثْلِهِ ﴾ أي : مماثلة له في البلاغة، وحسن النظم، وجزالة اللفظ، وفخامة المعاني. ووصف السور بما يوصف به المفرد، فقال : مثله، ولم يقل أمثاله، لأن المراد مماثلة كل واحد من السور، أو لقصد الإيماء إلى وجه الشبه، ومداره المماثلة في شيء واحد، وهو البلاغة البالغة إلى حدّ الإعجاز، وهذا إنما هو على القول بأن المطابقة في الجمع والتثنية، والإفراد شرط، ثم وصف السور بصفة أخرى، فقال :﴿ مُفْتَرَيَاتٍ وادعوا ﴾ للاستظهار على المعارضة بالعشر السور ﴿ مَنِ استطعتم ﴾ دعاءه، وقدرتم على الاستعانة به، من هذا النوع الإنساني، وممن تعبدونه وتجعلونه شريكاً لله سبحانه. وقوله :﴿ مِن دُونِ الله ﴾ متعلق بادعوا : أي ادعوا من استطعتم متجاوزين الله تعالى :﴿ إِن كُنتُمْ صادقين ﴾ فيما تزعمون من افترائي له.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ ﴾ قال : لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن أنس، في قوله :﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا ﴾ قال : نزلت في اليهود والنصارى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن عبد الله بن معبد، قال : قام رجل إلى عليّ فقال : أخبرنا عن هذه الآية ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا ﴾ إلى قوله :﴿ وباطل مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ قال : ويحك، ذاك من كان يريد الدنيا لا يريد الآخرة. وأخرج النحاس عن ابن عباس ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا ﴾ أي : ثوابها ﴿ وَزِينَتَهَا ﴾ مالها ﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ ﴾ نوفر لهم بالصحة والسرور في الأهل، والمال، والولد ﴿ وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ ﴾ لا ينقصون. ثم نسخها :﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ العاجلة عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء ﴾ الآية. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، مثله. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في الآية قال : من عمل صالحاً : التماس الدنيا صوماً أو صلاة، أو تهجداً بالليل، لا يعمله إلا التماس الدنيا، يقول الله أو فيه الذي التمس في الدنيا وحبط عمله الذي كان يعمل، وهو في الآخرة من الخاسرين. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك، قال : نزلت هذه الآية في أهل الشرك.
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ ﴾ قال : طيباتهم. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، نحوه. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا ﴾ قال : حبط ما عملوا من خير، وبطل في الآخرة، ليس لهم فيها جزاء. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في الآية، قال : هم أهل الرياء.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة، عن عليّ بن أبي طالب، قال : ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل : ما نزل فيك ؟ قال : أما تقرأ سورة هود ﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ منْهُ ﴾ رسول الله صلى الله عليه وسلم بينة من ربه، وأنا شاهد منه. وأخرج ابن عساكر، وابن مردويه من وجه آخر عنه، قال : قال رسول الله :«أفمن كان على بينة من ربه : أنا، ويتلوه شاهد منه : عليّ» وأخرج أبو الشيخ، عن أبي العالية، في قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ ﴾ قال : ذاك محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم، نحوه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ، عن محمد بن عليّ بن أبي طالب، قال : قلت لأبي : إن الناس يزعمون في قول الله سبحانه :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ أنك أنت التالي، قال : وددت أني أنا هو، ولكنه لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن الشاهد جبريل ووافقه سعيد بن جبير. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس، قال : جبريل فهو شاهد من الله بالذي يتلوه من كتاب الله الذي أنزل على محمد ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله التوراة على لسان موسى، كما تلا القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن الحسن بن عليّ، في قوله :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ قال : محمد هو الشاهد من الله. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله جاء الكتاب إلى موسى. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : الكفار أحزاب كلهم على الكفر. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، قال :﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : من اليهود والنصارى.
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ ﴾ قال : طيباتهم. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، نحوه. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا ﴾ قال : حبط ما عملوا من خير، وبطل في الآخرة، ليس لهم فيها جزاء. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في الآية، قال : هم أهل الرياء.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة، عن عليّ بن أبي طالب، قال : ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل : ما نزل فيك ؟ قال : أما تقرأ سورة هود ﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ منْهُ ﴾ رسول الله صلى الله عليه وسلم بينة من ربه، وأنا شاهد منه. وأخرج ابن عساكر، وابن مردويه من وجه آخر عنه، قال : قال رسول الله :«أفمن كان على بينة من ربه : أنا، ويتلوه شاهد منه : عليّ» وأخرج أبو الشيخ، عن أبي العالية، في قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ ﴾ قال : ذاك محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم، نحوه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ، عن محمد بن عليّ بن أبي طالب، قال : قلت لأبي : إن الناس يزعمون في قول الله سبحانه :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ أنك أنت التالي، قال : وددت أني أنا هو، ولكنه لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن الشاهد جبريل ووافقه سعيد بن جبير. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس، قال : جبريل فهو شاهد من الله بالذي يتلوه من كتاب الله الذي أنزل على محمد ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله التوراة على لسان موسى، كما تلا القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن الحسن بن عليّ، في قوله :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ قال : محمد هو الشاهد من الله. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله جاء الكتاب إلى موسى. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : الكفار أحزاب كلهم على الكفر. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، قال :﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : من اليهود والنصارى.
﴿ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ ﴾ أي : فإن لم يفعلوا ما طلبته منهم، وتحدّيتهم به من الإتيان بعشر سور مثله، ولا استجابوا إلى المعارضة المطلوبة منهم، ويكون الضمير في لكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين، أو للنبي صلى الله عليه وسلم وحده، وجمع تعظيماً وتفخيماً ﴿ فاعلموا ﴾ أمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين أو للرسول صلى الله عليه وسلم وحده على التأويل الذي سلف قريباً.
ومعنى أمرهم بالعلم، أمرهم بالثبات عليه ؛ لأنهم عالمون بذلك من قبل عجز الكفار عن الإتيان بعشر سور مثله، أو المراد بالأمر بالعلم : الأمر بالازدياد منه، إلى حدّ لا يشوبه شك، ولا تخالطه شبهة، وهو علم اليقين. والأوّل : أولى. ومعنى :﴿ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ الله ﴾ أنه أنزل متلبساً بعلم الله المختص به، الذي لا تطلع على كنهه العقول، ولا تستوضح معناه الأفهام، لما اشتمل عليه من الإعجاز الخارج عن طوق البشر ﴿ وَأَن لا إله إِلاَّ هُوَ ﴾ أي : واعلموا أن الله هو المتفرد بالألوهية لا شريك له، ولا يقدره غيره على ما يقدر عليه. ثم ختم الآية بقوله :﴿ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ ﴾ أي : ثابتون على الإسلام، مخلصون له، مزدادون من الطاعات، لأنه قد حصل لكم بعجز الكفار عن الإتيان بمثل عشر سور من هذا الكتاب طمأنينة فوق ما كنتم عليه، وبصيرة زائدة، وإن كنتم مسلمين من قبل هذا فإن الثبوت عليه وزيادة البصيرة فيه والطمأنينة به مطلوب منكم. وقيل : إن الضمير في ﴿ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ ﴾ للموصول في ﴿ من استطعتم ﴾، وضمير لكم للكفار، الذين تحدّاهم رسول الله، وكذلك ضمير فاعلموا والمعنى : فإن لم يستجب لكم من دعوتموهم للمعاضدة والمناصرة على الإتيان بعشر سور من سائر الكفار ومن يعبدونهم، ويزعمون أنهم يضرّون وينفعون، فاعلموا أن هذا القرآن الذي أنزله الله على هذا الرسول، خارج عن قدرة غيره سبحانه وتعالى، لما اشتمل عليه من الإعجاز الذي تتقاصر دونه قوّة المخلوقين، وأنه أنزل بعلم الله الذي لا تحيط به العقول، ولا تبلغه الأفهام، واعلموا أنه المنفرد بالألوهية لا شريك له، فهل أنتم بعد هذا مسلمون ؟ أي : داخلون في الإسلام، متبعون لأحكامه، مقتدون بشرائعه. وهذا الوجه أقوى من الوجه الأوّل من جهة، وأضعف منه من جهة، فأما جهة قوّته. فلانتساق الضمائر وتناسبها، وعدم احتياج بعضها إلى تأويل، وأما ضعفه، فَلِما في ترتيب الأمر بالعلم على عدم الاستجابة ممن دعوهم واستعانوا بهم من الخفاء واحتياجه إلى تكلف، وهو أن يقال : إن عدم استجابة من دعوهم واستعانوا بهم من الكفار والآلهة مع حرصهم على نصرهم، ومعاضدتهم، ومبالغتهم في عدم إيمانهم واستمرارهم على الكفر، يفيد حصول العلم لهؤلاء الكفار، بأن هذا القرآن من عند الله، وأن الله سبحانه هو الإله وحده لا شريك له، وذلك يوجب دخولهم في الإسلام، واعلم أنه قد اختلف التحدّي للكفار بمعارضة القرآن، فتارة وقع بمجموع القرآن، كقوله :﴿ قُل لَّئِنِ اجتمعت الإنس والجن على أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هذا القرءان لاَ يَأْتُونَ ﴾ وبعشر سور كما في هذه الآية، وذلك لأن العشرة أوّل عقد من العقود، وبسورة منه كما تقدّم، وذلك لأن السورة أقلّ طائفة منه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ ﴾ قال : لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن أنس، في قوله :﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا ﴾ قال : نزلت في اليهود والنصارى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن عبد الله بن معبد، قال : قام رجل إلى عليّ فقال : أخبرنا عن هذه الآية ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا ﴾ إلى قوله :﴿ وباطل مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ قال : ويحك، ذاك من كان يريد الدنيا لا يريد الآخرة. وأخرج النحاس عن ابن عباس ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا ﴾ أي : ثوابها ﴿ وَزِينَتَهَا ﴾ مالها ﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ ﴾ نوفر لهم بالصحة والسرور في الأهل، والمال، والولد ﴿ وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ ﴾ لا ينقصون. ثم نسخها :﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ العاجلة عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء ﴾ الآية. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، مثله. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في الآية قال : من عمل صالحاً : التماس الدنيا صوماً أو صلاة، أو تهجداً بالليل، لا يعمله إلا التماس الدنيا، يقول الله أو فيه الذي التمس في الدنيا وحبط عمله الذي كان يعمل، وهو في الآخرة من الخاسرين. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك، قال : نزلت هذه الآية في أهل الشرك.
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ ﴾ قال : طيباتهم. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، نحوه. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا ﴾ قال : حبط ما عملوا من خير، وبطل في الآخرة، ليس لهم فيها جزاء. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في الآية، قال : هم أهل الرياء.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة، عن عليّ بن أبي طالب، قال : ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل : ما نزل فيك ؟ قال : أما تقرأ سورة هود ﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ منْهُ ﴾ رسول الله صلى الله عليه وسلم بينة من ربه، وأنا شاهد منه. وأخرج ابن عساكر، وابن مردويه من وجه آخر عنه، قال : قال رسول الله :«أفمن كان على بينة من ربه : أنا، ويتلوه شاهد منه : عليّ» وأخرج أبو الشيخ، عن أبي العالية، في قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ ﴾ قال : ذاك محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم، نحوه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ، عن محمد بن عليّ بن أبي طالب، قال : قلت لأبي : إن الناس يزعمون في قول الله سبحانه :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ أنك أنت التالي، قال : وددت أني أنا هو، ولكنه لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن الشاهد جبريل ووافقه سعيد بن جبير. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس، قال : جبريل فهو شاهد من الله بالذي يتلوه من كتاب الله الذي أنزل على محمد ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله التوراة على لسان موسى، كما تلا القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن الحسن بن عليّ، في قوله :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ قال : محمد هو الشاهد من الله. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله جاء الكتاب إلى موسى. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : الكفار أحزاب كلهم على الكفر. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، قال :﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : من اليهود والنصارى.
ومعنى أمرهم بالعلم، أمرهم بالثبات عليه ؛ لأنهم عالمون بذلك من قبل عجز الكفار عن الإتيان بعشر سور مثله، أو المراد بالأمر بالعلم : الأمر بالازدياد منه، إلى حدّ لا يشوبه شك، ولا تخالطه شبهة، وهو علم اليقين. والأوّل : أولى. ومعنى :﴿ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ الله ﴾ أنه أنزل متلبساً بعلم الله المختص به، الذي لا تطلع على كنهه العقول، ولا تستوضح معناه الأفهام، لما اشتمل عليه من الإعجاز الخارج عن طوق البشر ﴿ وَأَن لا إله إِلاَّ هُوَ ﴾ أي : واعلموا أن الله هو المتفرد بالألوهية لا شريك له، ولا يقدره غيره على ما يقدر عليه. ثم ختم الآية بقوله :﴿ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ ﴾ أي : ثابتون على الإسلام، مخلصون له، مزدادون من الطاعات، لأنه قد حصل لكم بعجز الكفار عن الإتيان بمثل عشر سور من هذا الكتاب طمأنينة فوق ما كنتم عليه، وبصيرة زائدة، وإن كنتم مسلمين من قبل هذا فإن الثبوت عليه وزيادة البصيرة فيه والطمأنينة به مطلوب منكم. وقيل : إن الضمير في ﴿ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ ﴾ للموصول في ﴿ من استطعتم ﴾، وضمير لكم للكفار، الذين تحدّاهم رسول الله، وكذلك ضمير فاعلموا والمعنى : فإن لم يستجب لكم من دعوتموهم للمعاضدة والمناصرة على الإتيان بعشر سور من سائر الكفار ومن يعبدونهم، ويزعمون أنهم يضرّون وينفعون، فاعلموا أن هذا القرآن الذي أنزله الله على هذا الرسول، خارج عن قدرة غيره سبحانه وتعالى، لما اشتمل عليه من الإعجاز الذي تتقاصر دونه قوّة المخلوقين، وأنه أنزل بعلم الله الذي لا تحيط به العقول، ولا تبلغه الأفهام، واعلموا أنه المنفرد بالألوهية لا شريك له، فهل أنتم بعد هذا مسلمون ؟ أي : داخلون في الإسلام، متبعون لأحكامه، مقتدون بشرائعه. وهذا الوجه أقوى من الوجه الأوّل من جهة، وأضعف منه من جهة، فأما جهة قوّته. فلانتساق الضمائر وتناسبها، وعدم احتياج بعضها إلى تأويل، وأما ضعفه، فَلِما في ترتيب الأمر بالعلم على عدم الاستجابة ممن دعوهم واستعانوا بهم من الخفاء واحتياجه إلى تكلف، وهو أن يقال : إن عدم استجابة من دعوهم واستعانوا بهم من الكفار والآلهة مع حرصهم على نصرهم، ومعاضدتهم، ومبالغتهم في عدم إيمانهم واستمرارهم على الكفر، يفيد حصول العلم لهؤلاء الكفار، بأن هذا القرآن من عند الله، وأن الله سبحانه هو الإله وحده لا شريك له، وذلك يوجب دخولهم في الإسلام، واعلم أنه قد اختلف التحدّي للكفار بمعارضة القرآن، فتارة وقع بمجموع القرآن، كقوله :﴿ قُل لَّئِنِ اجتمعت الإنس والجن على أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هذا القرءان لاَ يَأْتُونَ ﴾ وبعشر سور كما في هذه الآية، وذلك لأن العشرة أوّل عقد من العقود، وبسورة منه كما تقدّم، وذلك لأن السورة أقلّ طائفة منه.
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ ﴾ قال : طيباتهم. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، نحوه. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا ﴾ قال : حبط ما عملوا من خير، وبطل في الآخرة، ليس لهم فيها جزاء. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في الآية، قال : هم أهل الرياء.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة، عن عليّ بن أبي طالب، قال : ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل : ما نزل فيك ؟ قال : أما تقرأ سورة هود ﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ منْهُ ﴾ رسول الله صلى الله عليه وسلم بينة من ربه، وأنا شاهد منه. وأخرج ابن عساكر، وابن مردويه من وجه آخر عنه، قال : قال رسول الله :«أفمن كان على بينة من ربه : أنا، ويتلوه شاهد منه : عليّ» وأخرج أبو الشيخ، عن أبي العالية، في قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ ﴾ قال : ذاك محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم، نحوه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ، عن محمد بن عليّ بن أبي طالب، قال : قلت لأبي : إن الناس يزعمون في قول الله سبحانه :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ أنك أنت التالي، قال : وددت أني أنا هو، ولكنه لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن الشاهد جبريل ووافقه سعيد بن جبير. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس، قال : جبريل فهو شاهد من الله بالذي يتلوه من كتاب الله الذي أنزل على محمد ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله التوراة على لسان موسى، كما تلا القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن الحسن بن عليّ، في قوله :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ قال : محمد هو الشاهد من الله. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله جاء الكتاب إلى موسى. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : الكفار أحزاب كلهم على الكفر. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، قال :﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : من اليهود والنصارى.
ثم إن الله سبحانه توعد من كان مقصور الهمة على الدنيا لا يطلب غيرها ولا يريد سواها، فقال :﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا ﴾ قال الفراء : إنّ ﴿ كان ﴾ هذه زائدة، ولهذا جزم الجواب. وقال الزجاج :﴿ من كان ﴾ في موضع جزم بالشرط، وجوابه ﴿ نوفّ إليهم ﴾ : أي من يكن يريد.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ ﴾ قال : لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن أنس، في قوله :﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا ﴾ قال : نزلت في اليهود والنصارى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن عبد الله بن معبد، قال : قام رجل إلى عليّ فقال : أخبرنا عن هذه الآية ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا ﴾ إلى قوله :﴿ وباطل مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ قال : ويحك، ذاك من كان يريد الدنيا لا يريد الآخرة. وأخرج النحاس عن ابن عباس ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا ﴾ أي : ثوابها ﴿ وَزِينَتَهَا ﴾ مالها ﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ ﴾ نوفر لهم بالصحة والسرور في الأهل، والمال، والولد ﴿ وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ ﴾ لا ينقصون. ثم نسخها :﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ العاجلة عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء ﴾ الآية. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، مثله. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في الآية قال : من عمل صالحاً : التماس الدنيا صوماً أو صلاة، أو تهجداً بالليل، لا يعمله إلا التماس الدنيا، يقول الله أو فيه الذي التمس في الدنيا وحبط عمله الذي كان يعمل، وهو في الآخرة من الخاسرين. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك، قال : نزلت هذه الآية في أهل الشرك.
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ ﴾ قال : طيباتهم. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، نحوه. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا ﴾ قال : حبط ما عملوا من خير، وبطل في الآخرة، ليس لهم فيها جزاء. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في الآية، قال : هم أهل الرياء.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة، عن عليّ بن أبي طالب، قال : ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل : ما نزل فيك ؟ قال : أما تقرأ سورة هود ﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ منْهُ ﴾ رسول الله صلى الله عليه وسلم بينة من ربه، وأنا شاهد منه. وأخرج ابن عساكر، وابن مردويه من وجه آخر عنه، قال : قال رسول الله :«أفمن كان على بينة من ربه : أنا، ويتلوه شاهد منه : عليّ» وأخرج أبو الشيخ، عن أبي العالية، في قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ ﴾ قال : ذاك محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم، نحوه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ، عن محمد بن عليّ بن أبي طالب، قال : قلت لأبي : إن الناس يزعمون في قول الله سبحانه :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ أنك أنت التالي، قال : وددت أني أنا هو، ولكنه لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن الشاهد جبريل ووافقه سعيد بن جبير. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس، قال : جبريل فهو شاهد من الله بالذي يتلوه من كتاب الله الذي أنزل على محمد ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله التوراة على لسان موسى، كما تلا القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن الحسن بن عليّ، في قوله :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ قال : محمد هو الشاهد من الله. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله جاء الكتاب إلى موسى. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : الكفار أحزاب كلهم على الكفر. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، قال :﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : من اليهود والنصارى.
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ ﴾ قال : طيباتهم. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، نحوه. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا ﴾ قال : حبط ما عملوا من خير، وبطل في الآخرة، ليس لهم فيها جزاء. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في الآية، قال : هم أهل الرياء.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة، عن عليّ بن أبي طالب، قال : ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل : ما نزل فيك ؟ قال : أما تقرأ سورة هود ﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ منْهُ ﴾ رسول الله صلى الله عليه وسلم بينة من ربه، وأنا شاهد منه. وأخرج ابن عساكر، وابن مردويه من وجه آخر عنه، قال : قال رسول الله :«أفمن كان على بينة من ربه : أنا، ويتلوه شاهد منه : عليّ» وأخرج أبو الشيخ، عن أبي العالية، في قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ ﴾ قال : ذاك محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم، نحوه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ، عن محمد بن عليّ بن أبي طالب، قال : قلت لأبي : إن الناس يزعمون في قول الله سبحانه :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ أنك أنت التالي، قال : وددت أني أنا هو، ولكنه لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن الشاهد جبريل ووافقه سعيد بن جبير. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس، قال : جبريل فهو شاهد من الله بالذي يتلوه من كتاب الله الذي أنزل على محمد ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله التوراة على لسان موسى، كما تلا القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن الحسن بن عليّ، في قوله :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ قال : محمد هو الشاهد من الله. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله جاء الكتاب إلى موسى. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : الكفار أحزاب كلهم على الكفر. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، قال :﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : من اليهود والنصارى.
واختلف أهل التفسير في هذه الآية، فقال الضحاك : نزلت في الكفار، واختاره النحاس بدليل الآية التي بعدها ﴿ أُوْلَئِكَ الذين لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخرة إِلاَّ النار ﴾. وقيل : الآية واردة في الناس على العموم، كافرهم ومسلمهم. والمعنى : أن من كان يريد بعمله حظّ الدنيا يكافأ بذلك، والمراد بزينتها : ما يزينها ويحسنها من الصحة والأمن، والسعة في الرزق، وارتفاع الحظّ، ونفاذ القول، ونحو ذلك. وإدخال ﴿ كان ﴾ في الآية يفيد أنهم مستمرّون على إرادة الدنيا بأعمالهم، لا يكادون يريدون الآخرة، ولهذا قيل : إنهم مع إعطائهم حظوظ الدنيا يعذّبون في الآخرة، لأنهم جرّدوا قصدهم إلى الدنيا، ولم يعملوا للآخرة. وظاهر قوله :﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا ﴾ أن من أراد بعمله الدنيا حصل له الجزاء الدنيوي ولا محالة، ولكن الواقع في الخارج يخالف ذلك، فليس كل متمنّ ينال من الدنيا أمنيته، وإن عمل لها وأرادها، فلا بد من تقييد ذلك بمشيئة الله سبحانه. قال القرطبي : ذهب أكثر العلماء إلى أن هذه الآية مطلقة، وكذلك الآية التي في الشورى ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدنيا نُؤْتِهِ مِنْهَا ﴾. وكذلك ﴿ وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدنيا نُؤْتِهِ مِنْهَا ﴾ قيدتها وفسرتها التي في سبحان ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ العاجلة عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُرِيدُ ﴾ قوله :﴿ وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ ﴾ أي : وهؤلاء المريدون بأعمالهم الدنيا هم فيها : أي في الدنيا لا يبخسون : أي لا ينقصون من جزائهم فيها بحسب أعمالهم لها، وذلك في الغالب، وليس بمطرد، بل إن قضت به مشيئته سبحانه، ورجحته حكمته البالغة. وقال القاضي : معنى الآية : من كان يريد بعمل الخير الحياة الدنيا وزينتها، نوفّ إليهم أعمالهم وافية كاملة من غير بخس في الدنيا، وهو ما ينالون من الصحة والكفاف، وسائر اللذات والمنافع، فخصّ الجزاء بمثل ما ذكره، وهو حاصل لكل عامل للدنيا، ولو كان قليلاً يسيراً.
قوله :﴿ أُوْلَئِكَ الذين لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخرة إِلاَّ النار ﴾ الإشارة إلى المريدين المذكورين، ولا بدّ من تقييد هذا بأنهم لم يريدوا الآخرة بشيء من الأعمال المعتدّ بها، الموجبة للجزاء الحسن في الدار الآخرة، أو تكون الآية خاصة بالكفار، كما تقدّم ﴿ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ ﴾ أي : ظهر في الدار الآخرة حبوط ما صنعوه من الأعمال التي كانت صورتها صورة الطاعات الموجبة للجزاء الأخروي، لولا أنهم أفسدوها بفساد مقاصدهم، وعدم الخلوص، وإرادة ما عند الله في دار الجزاء، بل قصروا ذلك على الدنيا وزينتها ؛ ثم حكم سبحانه ببطلان عملهم فقال :﴿ وباطل مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ أي : أنه كان عملهم في نفسه باطلاً غير معتدّ به، لأنه لم يعمل لوجه صحيح يوجب الجزاء، ويترتب عليه ما يترتب على العمل الصحيح.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ ﴾ قال : لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن أنس، في قوله :﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا ﴾ قال : نزلت في اليهود والنصارى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن عبد الله بن معبد، قال : قام رجل إلى عليّ فقال : أخبرنا عن هذه الآية ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا ﴾ إلى قوله :﴿ وباطل مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ قال : ويحك، ذاك من كان يريد الدنيا لا يريد الآخرة. وأخرج النحاس عن ابن عباس ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا ﴾ أي : ثوابها ﴿ وَزِينَتَهَا ﴾ مالها ﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ ﴾ نوفر لهم بالصحة والسرور في الأهل، والمال، والولد ﴿ وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ ﴾ لا ينقصون. ثم نسخها :﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ العاجلة عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء ﴾ الآية. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، مثله. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في الآية قال : من عمل صالحاً : التماس الدنيا صوماً أو صلاة، أو تهجداً بالليل، لا يعمله إلا التماس الدنيا، يقول الله أو فيه الذي التمس في الدنيا وحبط عمله الذي كان يعمل، وهو في الآخرة من الخاسرين. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك، قال : نزلت هذه الآية في أهل الشرك.
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ ﴾ قال : طيباتهم. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، نحوه. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا ﴾ قال : حبط ما عملوا من خير، وبطل في الآخرة، ليس لهم فيها جزاء. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في الآية، قال : هم أهل الرياء.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة، عن عليّ بن أبي طالب، قال : ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل : ما نزل فيك ؟ قال : أما تقرأ سورة هود ﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ منْهُ ﴾ رسول الله صلى الله عليه وسلم بينة من ربه، وأنا شاهد منه. وأخرج ابن عساكر، وابن مردويه من وجه آخر عنه، قال : قال رسول الله :«أفمن كان على بينة من ربه : أنا، ويتلوه شاهد منه : عليّ» وأخرج أبو الشيخ، عن أبي العالية، في قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ ﴾ قال : ذاك محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم، نحوه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ، عن محمد بن عليّ بن أبي طالب، قال : قلت لأبي : إن الناس يزعمون في قول الله سبحانه :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ أنك أنت التالي، قال : وددت أني أنا هو، ولكنه لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن الشاهد جبريل ووافقه سعيد بن جبير. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس، قال : جبريل فهو شاهد من الله بالذي يتلوه من كتاب الله الذي أنزل على محمد ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله التوراة على لسان موسى، كما تلا القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن الحسن بن عليّ، في قوله :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ قال : محمد هو الشاهد من الله. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله جاء الكتاب إلى موسى. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : الكفار أحزاب كلهم على الكفر. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، قال :﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : من اليهود والنصارى.
قوله :﴿ أُوْلَئِكَ الذين لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخرة إِلاَّ النار ﴾ الإشارة إلى المريدين المذكورين، ولا بدّ من تقييد هذا بأنهم لم يريدوا الآخرة بشيء من الأعمال المعتدّ بها، الموجبة للجزاء الحسن في الدار الآخرة، أو تكون الآية خاصة بالكفار، كما تقدّم ﴿ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ ﴾ أي : ظهر في الدار الآخرة حبوط ما صنعوه من الأعمال التي كانت صورتها صورة الطاعات الموجبة للجزاء الأخروي، لولا أنهم أفسدوها بفساد مقاصدهم، وعدم الخلوص، وإرادة ما عند الله في دار الجزاء، بل قصروا ذلك على الدنيا وزينتها ؛ ثم حكم سبحانه ببطلان عملهم فقال :﴿ وباطل مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ أي : أنه كان عملهم في نفسه باطلاً غير معتدّ به، لأنه لم يعمل لوجه صحيح يوجب الجزاء، ويترتب عليه ما يترتب على العمل الصحيح.
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ ﴾ قال : طيباتهم. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، نحوه. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا ﴾ قال : حبط ما عملوا من خير، وبطل في الآخرة، ليس لهم فيها جزاء. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في الآية، قال : هم أهل الرياء.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة، عن عليّ بن أبي طالب، قال : ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل : ما نزل فيك ؟ قال : أما تقرأ سورة هود ﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ منْهُ ﴾ رسول الله صلى الله عليه وسلم بينة من ربه، وأنا شاهد منه. وأخرج ابن عساكر، وابن مردويه من وجه آخر عنه، قال : قال رسول الله :«أفمن كان على بينة من ربه : أنا، ويتلوه شاهد منه : عليّ» وأخرج أبو الشيخ، عن أبي العالية، في قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ ﴾ قال : ذاك محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم، نحوه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ، عن محمد بن عليّ بن أبي طالب، قال : قلت لأبي : إن الناس يزعمون في قول الله سبحانه :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ أنك أنت التالي، قال : وددت أني أنا هو، ولكنه لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن الشاهد جبريل ووافقه سعيد بن جبير. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس، قال : جبريل فهو شاهد من الله بالذي يتلوه من كتاب الله الذي أنزل على محمد ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله التوراة على لسان موسى، كما تلا القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن الحسن بن عليّ، في قوله :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ قال : محمد هو الشاهد من الله. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله جاء الكتاب إلى موسى. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : الكفار أحزاب كلهم على الكفر. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، قال :﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : من اليهود والنصارى.
قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ مّن رَّبّهِ ﴾ بيّن سبحانه أن بين من كان طالباً للدنيا فقط، ومن كان طالباً للآخرة تفاوتاً عظيماً، وتبايناً بعيداً. والمعنى : أفمن كان على بينة من ربه في اتباع النبيّ صلى الله عليه وسلم، والإيمان بالله، كغيره ممن يريد الحياة الدنيا وزينتها. وقيل : المراد بمن كان على بينة من ربه : النبي صلى الله عليه وسلم : أي أفمن كان معه بيان من الله، ومعجزة كالقرآن، ومعه شاهد كجبريل، وقد بشرت به الكتب السالفة، كمن كان يريد الحياة الدنيا وزينتها. ومعنى البينة : البرهان الذي يدلّ على الحق، والضمير في قوله :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد ﴾ راجع إلى البينة باعتبار تأويلها بالبرهان، والضمير في منه راجع إلى القرآن، لأن قد تقدّم ذكره في قوله :﴿ أَمْ يَقُولُونَ افتراه ﴾ أو راجع إلى الله تعالى. والمعنى : ويتلو البرهان الذي هو البينة شاهد يشهد بصحته من القرآن، أو من الله سبحانه. والشاهد : هو الإعجاز الكائن في القرآن، أو المعجزات التي ظهرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك من الشواهد التابعة للقرآن. وقال الفراء قال بعضهم : ويتلوه شاهد منه : الإنجيل، وإن كان قبله فهو يتلو القرآن في التصديق، والهاء في منه لله عزّ وجلّ ؛ وقيل المراد بمن كان على بينة من ربه : هم مؤمنو أهل الكتاب، كعبد الله بن سلام، وأضرابه.
قوله :﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ معطوف على شاهد. والتقدير : ويتلو الشاهد شاهد آخر من قبله هو كتاب موسى، فهو وإن كان متقدّماً في النزول، فهو يتلو الشاهد في الشهادة، وإنما قدم الشاهد على كتاب موسى، مع كونه متأخراً في الوجود، لكونه وصفاً لازماً غير مفارق، فكان أغرق في الوصفية من كتاب موسى. ومعنى شهادة كتاب موسى، وهو التوراة أنه بشّر بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأخبر بأنه رسول من الله. قال الزجاج : والمعنى ويتلوه من قبله كتاب موسى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم موصوف في كتاب موسى، يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل. وحكى أبو حاتم، عن بعضهم، أنه قرأ :﴿ ومن قبله كتاب موسى ﴾ بالنصب، وحكاه المهدوي، عن الكلبي، فيكون معطوفاً على الهاء في يتلوه. والمعنى : ويتلو كتاب موسى جبريل، وانتصاب إماماً ورحمة على الحال. والإمام : هو الذي يؤتمّ به في الدين ويقتدى به، والرحمة : النعمة العظيمة التي أنعم الله بها على من أنزله عليهم، وعلى من بعدهم باعتبار ما اشتمل عليه من الأحكام الشرعية الموافقة لحكم القرآن، والإشارة بقوله :﴿ أولئك ﴾ إلى المتصفين بتلك الصفة الفاضلة، وهو الكون على البينة من الله. واسم الإشارة مبتدأ وخبره ﴿ يُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾ أي : يصدّقونه بالنبيّ صلى الله عليه وسلم، أو بالقرآن ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ أي : بالنبيّ أو بالقرآن. والأحزاب المتحزّبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل مكة وغيرهم، أو المتحزّبون من أهل الأديان كلها ﴿ فالنار مَوْعِدُهُ ﴾ أي : هو من أهل النار لا محالة، وفي جعل النار موعداً إشعار بأن فيها ما لا يحيط به الوصف من أفانين العذاب، ومثله قول حسان :
﴿ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مّنْهُ ﴾ أي : لا تك في شك من القرآن، وفيه تعريض بغيره صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه معصوم عن الشك في القرآن، أو من الموعد ﴿ إِنَّهُ الحق مِن ربّكَ ﴾ فلا مدخل للشك فيه بحال من الأحوال ﴿ ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ بذلك مع وجوب الإيمان به، وظهور الدلائل الموجبة له، ولكنهم يعاندون مع علمهم بكونه حقاً، أو قد طبع على قلوبهم فلا يفهمون أنه الحق أصلاً.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ ﴾ قال : لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن أنس، في قوله :﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا ﴾ قال : نزلت في اليهود والنصارى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن عبد الله بن معبد، قال : قام رجل إلى عليّ فقال : أخبرنا عن هذه الآية ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا ﴾ إلى قوله :﴿ وباطل مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ قال : ويحك، ذاك من كان يريد الدنيا لا يريد الآخرة. وأخرج النحاس عن ابن عباس ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا ﴾ أي : ثوابها ﴿ وَزِينَتَهَا ﴾ مالها ﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ ﴾ نوفر لهم بالصحة والسرور في الأهل، والمال، والولد ﴿ وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ ﴾ لا ينقصون. ثم نسخها :﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ العاجلة عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء ﴾ الآية. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، مثله. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في الآية قال : من عمل صالحاً : التماس الدنيا صوماً أو صلاة، أو تهجداً بالليل، لا يعمله إلا التماس الدنيا، يقول الله أو فيه الذي التمس في الدنيا وحبط عمله الذي كان يعمل، وهو في الآخرة من الخاسرين. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك، قال : نزلت هذه الآية في أهل الشرك.
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ ﴾ قال : طيباتهم. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، نحوه. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا ﴾ قال : حبط ما عملوا من خير، وبطل في الآخرة، ليس لهم فيها جزاء. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في الآية، قال : هم أهل الرياء.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة، عن عليّ بن أبي طالب، قال : ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل : ما نزل فيك ؟ قال : أما تقرأ سورة هود ﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ منْهُ ﴾ رسول الله صلى الله عليه وسلم بينة من ربه، وأنا شاهد منه. وأخرج ابن عساكر، وابن مردويه من وجه آخر عنه، قال : قال رسول الله :«أفمن كان على بينة من ربه : أنا، ويتلوه شاهد منه : عليّ» وأخرج أبو الشيخ، عن أبي العالية، في قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ ﴾ قال : ذاك محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم، نحوه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ، عن محمد بن عليّ بن أبي طالب، قال : قلت لأبي : إن الناس يزعمون في قول الله سبحانه :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ أنك أنت التالي، قال : وددت أني أنا هو، ولكنه لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن الشاهد جبريل ووافقه سعيد بن جبير. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس، قال : جبريل فهو شاهد من الله بالذي يتلوه من كتاب الله الذي أنزل على محمد ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله التوراة على لسان موسى، كما تلا القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن الحسن بن عليّ، في قوله :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ قال : محمد هو الشاهد من الله. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله جاء الكتاب إلى موسى. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : الكفار أحزاب كلهم على الكفر. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، قال :﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : من اليهود والنصارى.
قوله :﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ معطوف على شاهد. والتقدير : ويتلو الشاهد شاهد آخر من قبله هو كتاب موسى، فهو وإن كان متقدّماً في النزول، فهو يتلو الشاهد في الشهادة، وإنما قدم الشاهد على كتاب موسى، مع كونه متأخراً في الوجود، لكونه وصفاً لازماً غير مفارق، فكان أغرق في الوصفية من كتاب موسى. ومعنى شهادة كتاب موسى، وهو التوراة أنه بشّر بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأخبر بأنه رسول من الله. قال الزجاج : والمعنى ويتلوه من قبله كتاب موسى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم موصوف في كتاب موسى، يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل. وحكى أبو حاتم، عن بعضهم، أنه قرأ :﴿ ومن قبله كتاب موسى ﴾ بالنصب، وحكاه المهدوي، عن الكلبي، فيكون معطوفاً على الهاء في يتلوه. والمعنى : ويتلو كتاب موسى جبريل، وانتصاب إماماً ورحمة على الحال. والإمام : هو الذي يؤتمّ به في الدين ويقتدى به، والرحمة : النعمة العظيمة التي أنعم الله بها على من أنزله عليهم، وعلى من بعدهم باعتبار ما اشتمل عليه من الأحكام الشرعية الموافقة لحكم القرآن، والإشارة بقوله :﴿ أولئك ﴾ إلى المتصفين بتلك الصفة الفاضلة، وهو الكون على البينة من الله. واسم الإشارة مبتدأ وخبره ﴿ يُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾ أي : يصدّقونه بالنبيّ صلى الله عليه وسلم، أو بالقرآن ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ أي : بالنبيّ أو بالقرآن. والأحزاب المتحزّبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل مكة وغيرهم، أو المتحزّبون من أهل الأديان كلها ﴿ فالنار مَوْعِدُهُ ﴾ أي : هو من أهل النار لا محالة، وفي جعل النار موعداً إشعار بأن فيها ما لا يحيط به الوصف من أفانين العذاب، ومثله قول حسان :
أوردتموها حياض الموت صاحية | فالنار موعدها والموت لاقيها |
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ ﴾ قال : طيباتهم. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، نحوه. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا ﴾ قال : حبط ما عملوا من خير، وبطل في الآخرة، ليس لهم فيها جزاء. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في الآية، قال : هم أهل الرياء.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة، عن عليّ بن أبي طالب، قال : ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل : ما نزل فيك ؟ قال : أما تقرأ سورة هود ﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ منْهُ ﴾ رسول الله صلى الله عليه وسلم بينة من ربه، وأنا شاهد منه. وأخرج ابن عساكر، وابن مردويه من وجه آخر عنه، قال : قال رسول الله :«أفمن كان على بينة من ربه : أنا، ويتلوه شاهد منه : عليّ» وأخرج أبو الشيخ، عن أبي العالية، في قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ ﴾ قال : ذاك محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم، نحوه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ، عن محمد بن عليّ بن أبي طالب، قال : قلت لأبي : إن الناس يزعمون في قول الله سبحانه :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ أنك أنت التالي، قال : وددت أني أنا هو، ولكنه لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن الشاهد جبريل ووافقه سعيد بن جبير. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس، قال : جبريل فهو شاهد من الله بالذي يتلوه من كتاب الله الذي أنزل على محمد ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله التوراة على لسان موسى، كما تلا القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن الحسن بن عليّ، في قوله :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ قال : محمد هو الشاهد من الله. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله جاء الكتاب إلى موسى. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : الكفار أحزاب كلهم على الكفر. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، قال :﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : من اليهود والنصارى.
حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جِبْرِيلُ، فَهُوَ شَاهِدٌ مِنَ اللَّهِ بِالَّذِي يَتْلُوهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ الذي أنزل على محمد صلّى الله عليه وسلّم وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى قَالَ: وَمِنْ قَبْلِهِ التَّوْرَاةُ عَلَى لِسَانِ مُوسَى كَمَا تَلَا الْقُرْآنَ على لسان مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فِي قَوْلِهِ: وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ قَالَ: مُحَمَّدٌ هُوَ الشَّاهِدُ مِنَ اللَّهِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ: وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى قَالَ: وَمِنْ قَبْلِهِ جَاءَ الْكِتَابُ إِلَى مُوسَى. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ: وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ قَالَ: الْكُفَّارُ أَحْزَابٌ كُلُّهُمْ عَلَى الْكُفْرِ.
وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ قال: من اليهود والنّصارى.
[سورة هود (١١) : الآيات ١٨ الى ٢٤]
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٨) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (١٩) أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ مَا كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ (٢٠) أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كانُوا يَفْتَرُونَ (٢١) لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (٢٢)
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٣) مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٢٤)
قَوْلُهُ: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَيْ: لَا أَحَدَ أَظْلَمُ مِنْهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ لِأَنَّهُمُ افْتَرَوْا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا بِقَوْلِهِمْ لِأَصْنَامِهِمْ: هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ، وَقَوْلِهِمْ: الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ، وَأَضَافُوا كَلَامَهُ سُبْحَانَهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَاللَّفْظُ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْتَضِي إِلَّا نَفْيَ وُجُودِ مَنْ هُوَ أَظْلَمُ مِنْهُمْ كَمَا يُفِيدُهُ الِاسْتِفْهَامُ الْإِنْكَارِيُّ، فَالْمَقَامُ يُفِيدُ نَفْيَ الْمُسَاوِي لَهُمْ فِي الظُّلْمِ. فَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا: لَا أَحَدَ مِثْلَهُمْ فِي الظُّلْمِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يُوجَدَ مَنْ هُوَ أَظْلَمُ مِنْهُمْ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: أُولَئِكَ، إِلَى الْمَوْصُوفِينَ بِالظُّلْمِ الْمُتَبَالِغِ، وَهُوَ: مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُهُ: يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ فَيُحَاسِبُهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ، أَوِ الْمُرَادُ بِعَرْضِهِمْ: عَرْضُ أَعْمَالِهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ الْأَشْهَادُ: هُمُ الْمَلَائِكَةُ الْحَفَظَةُ، وَقِيلَ: الْمُرْسَلُونَ، وَقِيلَ: الْمَلَائِكَةُ وَالْمُرْسَلُونَ وَالْعُلَمَاءُ الذي بَلَّغُوا مَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِإِبْلَاغِهِ، وَقِيلَ: جَمِيعُ الْخَلَائِقِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يَقُولُ هَؤُلَاءِ الْأَشْهَادُ عِنْدَ الْعَرْضِ: هَؤُلَاءِ الْمُعْرَضُونَ أَوِ الْمَعْرُوضَةُ أَعْمَالِهِمُ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ بِمَا نَسَبُوهُ إِلَيْهِ، وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِمَا كَذَبُوا بِهِ كَأَنَّهُ كَانَ أَمْرًا مَعْلُومًا عِنْدَ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَوْقِفِ. قَوْلُهُ: أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ هَذَا مِنْ تَمَامِ كَلَامِ الْأَشْهَادِ، أَيْ: يَقُولُونَ:
هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ، وَيَقُولُونَ: أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِالِافْتِرَاءِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ قاله بعد ما قَالَ الْأَشْهَادُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ. وَالْأَشْهَادُ: جَمْعُ شَهِيدٍ، وَرَجَّحَهُ أَبُو عَلِيٍّ بِكَثْرَةِ وُرُودِ شَهِيدٍ فِي الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ: وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً «١». فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً وقيل: هو جمع شاهد، كأصحاب وصاحب،
وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ قال: من اليهود والنّصارى.
[سورة هود (١١) : الآيات ١٨ الى ٢٤]
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٨) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (١٩) أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ مَا كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ (٢٠) أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كانُوا يَفْتَرُونَ (٢١) لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (٢٢)
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٣) مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٢٤)
قَوْلُهُ: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَيْ: لَا أَحَدَ أَظْلَمُ مِنْهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ لِأَنَّهُمُ افْتَرَوْا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا بِقَوْلِهِمْ لِأَصْنَامِهِمْ: هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ، وَقَوْلِهِمْ: الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ، وَأَضَافُوا كَلَامَهُ سُبْحَانَهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَاللَّفْظُ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْتَضِي إِلَّا نَفْيَ وُجُودِ مَنْ هُوَ أَظْلَمُ مِنْهُمْ كَمَا يُفِيدُهُ الِاسْتِفْهَامُ الْإِنْكَارِيُّ، فَالْمَقَامُ يُفِيدُ نَفْيَ الْمُسَاوِي لَهُمْ فِي الظُّلْمِ. فَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا: لَا أَحَدَ مِثْلَهُمْ فِي الظُّلْمِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يُوجَدَ مَنْ هُوَ أَظْلَمُ مِنْهُمْ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: أُولَئِكَ، إِلَى الْمَوْصُوفِينَ بِالظُّلْمِ الْمُتَبَالِغِ، وَهُوَ: مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُهُ: يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ فَيُحَاسِبُهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ، أَوِ الْمُرَادُ بِعَرْضِهِمْ: عَرْضُ أَعْمَالِهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ الْأَشْهَادُ: هُمُ الْمَلَائِكَةُ الْحَفَظَةُ، وَقِيلَ: الْمُرْسَلُونَ، وَقِيلَ: الْمَلَائِكَةُ وَالْمُرْسَلُونَ وَالْعُلَمَاءُ الذي بَلَّغُوا مَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِإِبْلَاغِهِ، وَقِيلَ: جَمِيعُ الْخَلَائِقِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يَقُولُ هَؤُلَاءِ الْأَشْهَادُ عِنْدَ الْعَرْضِ: هَؤُلَاءِ الْمُعْرَضُونَ أَوِ الْمَعْرُوضَةُ أَعْمَالِهِمُ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ بِمَا نَسَبُوهُ إِلَيْهِ، وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِمَا كَذَبُوا بِهِ كَأَنَّهُ كَانَ أَمْرًا مَعْلُومًا عِنْدَ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَوْقِفِ. قَوْلُهُ: أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ هَذَا مِنْ تَمَامِ كَلَامِ الْأَشْهَادِ، أَيْ: يَقُولُونَ:
هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ، وَيَقُولُونَ: أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِالِافْتِرَاءِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ قاله بعد ما قَالَ الْأَشْهَادُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ. وَالْأَشْهَادُ: جَمْعُ شَهِيدٍ، وَرَجَّحَهُ أَبُو عَلِيٍّ بِكَثْرَةِ وُرُودِ شَهِيدٍ فِي الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ: وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً «١». فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً وقيل: هو جمع شاهد، كأصحاب وصاحب،
(١). البقرة: ١٤٣.
556
وَالْفَائِدَةُ فِي قَوْلِ الْأَشْهَادِ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ: الْمُبَالِغَةُ في فضيحة الكفار، والتّقريع لهم على رؤوس الْأَشْهَادِ، ثُمَّ وَصَفَ هَؤُلَاءِ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ لُعِنُوا: بأنهم الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَيْ: يَمْنَعُونَ مَنْ قَدَرُوا عَلَى مَنْعِهِ عَنْ دِينِ اللَّهِ وَالدُّخُولِ فِيهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً أَيْ: يَصِفُونَهَا بِالِاعْوِجَاجِ تَنْفِيرًا لِلنَّاسِ عَنْهَا، أَوْ يَبْغُونَ أَهْلَهَا أَنْ يَكُونُوا مُعْوَجِّينَ بِالْخُرُوجِ عَنْهَا إِلَى الْكُفْرِ، يُقَالُ: بَغَيْتُكَ شَرًا أَيْ طَلَبْتُهُ لَكَ وَالحال أن هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ أَيْ: يَصِفُونَهَا بِالْعِوَجِ، وَالْحَالُ أَنَّهُمْ بِالْآخِرَةِ غَيْرُ مُصَدِّقِينَ فَكَيْفَ يَصُدُّونَ النَّاسَ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ الْبَحْتِ؟ وَتَكْرِيرِ الضَّمِيرِ: لِتَأْكِيدِ كُفْرِهِمْ وَاخْتِصَاصِهِمْ بِهِ، حَتَّى كَأَنَّ كُفْرَ غَيْرِهِمْ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عَظِيمِ كُفْرِهِمْ أُولئِكَ الْمَوْصُوفُونَ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ أَيْ: مَا كَانُوا يُعْجِزُونَ اللَّهَ فِي الدُّنْيَا إِنْ أَرَادَ عُقُوبَتَهُمْ وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ يَدْفَعُونَ عَنْهُمْ مَا يُرِيدُهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ عُقُوبَتِهِمْ وَإِنْزَالِ بَأْسِهِ بِهِمْ، وَجُمْلَةُ: يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ مُسْتَأْنَفَةٌ، لِبَيَانِ أَنَّ تَأْخِيرَ الْعَذَابِ وَالتَّرَاخِي عَنْ تَعْجِيلِهِ لَهُمْ لِيَكُونَ عَذَابًا مُضَاعَفًا. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَابْنُ عَامِرٍ، وَيَزِيدُ، وَيَعْقُوبُ يُضَعَّفُ مُشَدَّدًا مَا كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ أَيْ أَفْرَطُوا فِي إِعْرَاضِهِمْ عَنِ الْحَقِّ وَبُغْضِهِمْ لَهُ، حَتَّى كَأَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى السَّمْعِ، وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى الْإِبْصَارِ لِفَرْطِ تَعَامِيهِمْ عَنِ الصَّوَابِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ: وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ: أَنَّهُمْ جَعَلُوا آلِهَتَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ، فَمَا كَانَ هَؤُلَاءِ الْأَوْلِيَاءِ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ، فَكَيْفَ يَنْفَعُونَهُمْ فَيَجْلِبُونَ لَهُمْ نَفْعًا أَوْ يَدْفَعُونَ عَنْهُمْ ضَرَرًا؟ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَا هِيَ الْمَدِّيَّةُ «١». وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مُدَّةَ اسْتِطَاعَتِهِمُ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ لِأَنَّ اللَّهَ أَضَلَّهُمْ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: لبغضهم النبي صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وَعَدَاوَتِهِمْ لَهُ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَسْمَعُوا مِنْهُ وَلَا يَفْهَمُوا عَنْهُ. قَالَ النَّحَّاسُ: هَذَا مَعْرُوفٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، يُقَالُ فُلَانٌ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى فُلَانٍ: إِذَا كَانَ ثَقِيلًا عَلَيْهِ أُولئِكَ
الْمُتَّصِفُونَ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ
بِعِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ. وَالْمَعْنَى: اشْتَرَوْا عِبَادَةَ الْآلِهَةِ بِعِبَادَةِ اللَّهِ فَكَانَ خُسْرَانُهُمْ فِي تِجَارَتِهِمْ أَعْظَمَ خُسْرَانٍ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كانُوا يَفْتَرُونَ
أَيْ: ذَهَبَ وَضَاعَ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ مِنَ الْآلِهَةِ الَّتِي يَدَّعُونَ أَنَّهَا تَشْفَعُ لَهُمْ، وَلَمْ يَبْقَ بِأَيْدِيهِمْ إِلَّا الْخُسْرَانُ، قَوْلُهُ: لَا جَرَمَ قَالَ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ:
لَا جَرَمَ بِمَعْنَى: حَقٍّ، فَهِيَ عِنْدَهُمَا بِمَنْزِلَةِ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَبِهِ قَالَ الْفَرَّاءُ. وَرُوِيَ عَنِ الْخَلِيلِ وَالْفَرَّاءِ:
أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِكَ لَا بُدَّ وَلَا مَحَالَةَ، ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهَا حَتَّى صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ حَقًّا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: إِنَّ جَرَمَ بِمَعْنَى:
كَسَبَ، أَيْ: كَسَبَ ذَلِكَ الْفِعْلُ لَهُمُ الْخُسْرَانَ، وَفَاعِلُ كَسَبَ مُضْمَرٌ، وَأَنَّ مَنْصُوبَةٌ بِجَرَمَ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ:
وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا نُقِلَ فِي هَذِهِ اللُّغَةِ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: مَعْنَى لَا جَرَمَ: لَا صَدَّ، وَلَا مَنْعَ عَنْ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ النَّحْوِيِّينَ: إِنَّ مَعْنَى لَا جرم لا قطعه قَاطِعٌ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ قَالُوا: وَالْجَرْمُ، الْقَطْعُ، وَقَدْ جَرَمَ النَّخْلَ وَاجْتَرَمَهُ: أَيْ: قطعه، وفي هذه الآية بيان أنهم
وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ: وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ: أَنَّهُمْ جَعَلُوا آلِهَتَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ، فَمَا كَانَ هَؤُلَاءِ الْأَوْلِيَاءِ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ، فَكَيْفَ يَنْفَعُونَهُمْ فَيَجْلِبُونَ لَهُمْ نَفْعًا أَوْ يَدْفَعُونَ عَنْهُمْ ضَرَرًا؟ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَا هِيَ الْمَدِّيَّةُ «١». وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مُدَّةَ اسْتِطَاعَتِهِمُ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ لِأَنَّ اللَّهَ أَضَلَّهُمْ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: لبغضهم النبي صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وَعَدَاوَتِهِمْ لَهُ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَسْمَعُوا مِنْهُ وَلَا يَفْهَمُوا عَنْهُ. قَالَ النَّحَّاسُ: هَذَا مَعْرُوفٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، يُقَالُ فُلَانٌ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى فُلَانٍ: إِذَا كَانَ ثَقِيلًا عَلَيْهِ أُولئِكَ
الْمُتَّصِفُونَ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ
بِعِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ. وَالْمَعْنَى: اشْتَرَوْا عِبَادَةَ الْآلِهَةِ بِعِبَادَةِ اللَّهِ فَكَانَ خُسْرَانُهُمْ فِي تِجَارَتِهِمْ أَعْظَمَ خُسْرَانٍ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كانُوا يَفْتَرُونَ
أَيْ: ذَهَبَ وَضَاعَ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ مِنَ الْآلِهَةِ الَّتِي يَدَّعُونَ أَنَّهَا تَشْفَعُ لَهُمْ، وَلَمْ يَبْقَ بِأَيْدِيهِمْ إِلَّا الْخُسْرَانُ، قَوْلُهُ: لَا جَرَمَ قَالَ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ:
لَا جَرَمَ بِمَعْنَى: حَقٍّ، فَهِيَ عِنْدَهُمَا بِمَنْزِلَةِ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَبِهِ قَالَ الْفَرَّاءُ. وَرُوِيَ عَنِ الْخَلِيلِ وَالْفَرَّاءِ:
أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِكَ لَا بُدَّ وَلَا مَحَالَةَ، ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهَا حَتَّى صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ حَقًّا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: إِنَّ جَرَمَ بِمَعْنَى:
كَسَبَ، أَيْ: كَسَبَ ذَلِكَ الْفِعْلُ لَهُمُ الْخُسْرَانَ، وَفَاعِلُ كَسَبَ مُضْمَرٌ، وَأَنَّ مَنْصُوبَةٌ بِجَرَمَ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ:
وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا نُقِلَ فِي هَذِهِ اللُّغَةِ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: مَعْنَى لَا جَرَمَ: لَا صَدَّ، وَلَا مَنْعَ عَنْ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ النَّحْوِيِّينَ: إِنَّ مَعْنَى لَا جرم لا قطعه قَاطِعٌ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ قَالُوا: وَالْجَرْمُ، الْقَطْعُ، وَقَدْ جَرَمَ النَّخْلَ وَاجْتَرَمَهُ: أَيْ: قطعه، وفي هذه الآية بيان أنهم
(١). أي: ما: المصدرية الظرفية.
557
فِي الْخُسْرَانِ قَدْ بَلَغُوا إِلَى حَدٍّ يَتَقَاصَرُ عَنْهُ غَيْرُهُمْ وَلَا يَبْلُغُ إِلَيْهِ، وَهَذِهِ الْآيَاتُ مُقَرِّرَةٌ لِمَا سَبَقَ مِنْ نَفْيِ الْمُمَاثَلَةِ بَيْنَ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا، وَبَيْنَ مَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا أَيْ: صَدَّقُوا بِكُلِّ مَا يَجِبُ التَّصْدِيقُ بِهِ، مِنْ كَوْنِ الْقُرْآنِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ خِصَالِ الْإِيمَانِ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أَيْ: أَنَابُوا إِلَيْهِ، وَقِيلَ: خَشَعُوا، وَقِيلَ: خَضَعُوا، قِيلَ: وَأَصْلُ الْإِخْبَاتِ الِاسْتِوَاءُ فِي الْخَبْتِ:
وَهُوَ الْأَرْضُ الْمُسْتَوِيَةُ الْوَاسِعَةُ، فَيُنَاسِبُ مَعْنَى الْخُشُوعِ وَالِاطْمِئْنَانِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: إِلَى رَبِّهِمْ، وَلِرَبِّهِمْ وَاحِدٌ أُولئِكَ الْمَوْصُوفُونَ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ الصَّالِحَةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ. قَوْلُهُ: مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ ضَرَبَ لِلْفَرِيقَيْنِ مَثَلًا، وَهُوَ تَشْبِيهُ فَرِيقِ الْكَافِرِينَ بِالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ، وَتَشْبِيهُ فَرِيقِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ، عَلَى أَنَّ كُلَّ فَرِيقٍ شُبِّهَ بِشَيْئَيْنِ، أَوْ شُبِّهَ بِمَنْ جَمَعَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، فَالْكَافِرُ شُبِّهَ بِمَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْعَمَى وَالصَّمَمِ، وَالْمُؤْمِنُ شُبِّهَ بِمَنْ جَمَعَ بَيْنَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ، وَعَلَى هَذَا تَكُونُ الواو في وَالْأَصَمِّ وفي وَالسَّمِيعِ بعطف الصِّفَةِ عَلَى الصِّفَةِ، كَمَا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
إِلَى الْمَلِكِ الْقَرِمِ وَابْنِ الْهُمَامِ...
وَالِاسْتِفْهَامُ فِي قَوْلِهِ هَلْ يَسْتَوِيانِ لِلْإِنْكَارِ: يَعْنِي الْفَرِيقَيْنِ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُقَرِّرَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ:
أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَانْتِصَابُ مَثَلًا عَلَى التَّمْيِيزِ مِنْ فَاعِلِ يَسْتَوِيَانِ، أَيْ: هَلْ يَسْتَوِيَانِ حَالًا وَصِفَةً أَفَلا تَذَكَّرُونَ فِي عَدَمِ اسْتِوَائِهِمَا وَفِيمَا بَيْنَهُمَا مِنَ التَّفَاوُتِ الظَّاهِرِ الَّذِي لا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ تَذَكُّرٌ، وَعِنْدَهُ تَفَكُّرٌ وَتَأَمُّلٌ، وَالْهَمْزَةُ لِإِنْكَارِ عَدَمِ التَّذَكُّرِ وَاسْتِبْعَادِ صُدُورِهِ عَنِ الْمُخَاطَبِينَ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ وَمَنْ أَظْلَمُ قَالَ: الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ فَيَسْأَلُهُمْ عَنْ أَعْمَالِهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهادُ الَّذِينَ كَانُوا يَحْفَظُونَ أَعْمَالَهُمْ عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ شَهِدُوا بِهِ عَلَيْهِمْ يوم القيامة. وأخرج ابن جرير عن مجاهد قَالَ:
الْأَشْهَادُ: الْمَلَائِكَةُ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ نَحْوَهُ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ: سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ حَتَّى يضع عليه كَنَفَهُ وَيَسْتُرَهُ مِنَ النَّاسِ وَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ، وَيَقُولُ لَهُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا، أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: رَبِّ أَعْرِفُ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ قَالَ: فَإِنِّي سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ، ثُمَّ يُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ. وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ فَيَقُولُ الْأَشْهَادُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ». وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ: هُوَ مُحَمَّدٌ، يَعْنِي: سَبِيلَ اللَّهِ، صَدَّتْ قُرَيْشٌ عَنْهُ النَّاسَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ: وَيَبْغُونَها عِوَجاً يَعْنِي يَرْجُونَ بِمَكَّةَ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ الْآيَةَ قَالَ: أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ حَالَ بَيْنَ أَهْلِ الشِّرْكِ وَبَيْنَ طَاعَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، أَمَّا فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ قَالَ: مَا كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَإِنَّهُ قَالَ:
وَهُوَ الْأَرْضُ الْمُسْتَوِيَةُ الْوَاسِعَةُ، فَيُنَاسِبُ مَعْنَى الْخُشُوعِ وَالِاطْمِئْنَانِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: إِلَى رَبِّهِمْ، وَلِرَبِّهِمْ وَاحِدٌ أُولئِكَ الْمَوْصُوفُونَ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ الصَّالِحَةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ. قَوْلُهُ: مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ ضَرَبَ لِلْفَرِيقَيْنِ مَثَلًا، وَهُوَ تَشْبِيهُ فَرِيقِ الْكَافِرِينَ بِالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ، وَتَشْبِيهُ فَرِيقِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ، عَلَى أَنَّ كُلَّ فَرِيقٍ شُبِّهَ بِشَيْئَيْنِ، أَوْ شُبِّهَ بِمَنْ جَمَعَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، فَالْكَافِرُ شُبِّهَ بِمَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْعَمَى وَالصَّمَمِ، وَالْمُؤْمِنُ شُبِّهَ بِمَنْ جَمَعَ بَيْنَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ، وَعَلَى هَذَا تَكُونُ الواو في وَالْأَصَمِّ وفي وَالسَّمِيعِ بعطف الصِّفَةِ عَلَى الصِّفَةِ، كَمَا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
إِلَى الْمَلِكِ الْقَرِمِ وَابْنِ الْهُمَامِ...
وَالِاسْتِفْهَامُ فِي قَوْلِهِ هَلْ يَسْتَوِيانِ لِلْإِنْكَارِ: يَعْنِي الْفَرِيقَيْنِ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُقَرِّرَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ:
أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَانْتِصَابُ مَثَلًا عَلَى التَّمْيِيزِ مِنْ فَاعِلِ يَسْتَوِيَانِ، أَيْ: هَلْ يَسْتَوِيَانِ حَالًا وَصِفَةً أَفَلا تَذَكَّرُونَ فِي عَدَمِ اسْتِوَائِهِمَا وَفِيمَا بَيْنَهُمَا مِنَ التَّفَاوُتِ الظَّاهِرِ الَّذِي لا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ تَذَكُّرٌ، وَعِنْدَهُ تَفَكُّرٌ وَتَأَمُّلٌ، وَالْهَمْزَةُ لِإِنْكَارِ عَدَمِ التَّذَكُّرِ وَاسْتِبْعَادِ صُدُورِهِ عَنِ الْمُخَاطَبِينَ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ وَمَنْ أَظْلَمُ قَالَ: الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ فَيَسْأَلُهُمْ عَنْ أَعْمَالِهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهادُ الَّذِينَ كَانُوا يَحْفَظُونَ أَعْمَالَهُمْ عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ شَهِدُوا بِهِ عَلَيْهِمْ يوم القيامة. وأخرج ابن جرير عن مجاهد قَالَ:
الْأَشْهَادُ: الْمَلَائِكَةُ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ نَحْوَهُ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ: سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ حَتَّى يضع عليه كَنَفَهُ وَيَسْتُرَهُ مِنَ النَّاسِ وَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ، وَيَقُولُ لَهُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا، أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: رَبِّ أَعْرِفُ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ قَالَ: فَإِنِّي سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ، ثُمَّ يُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ. وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ فَيَقُولُ الْأَشْهَادُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ». وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ: هُوَ مُحَمَّدٌ، يَعْنِي: سَبِيلَ اللَّهِ، صَدَّتْ قُرَيْشٌ عَنْهُ النَّاسَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ: وَيَبْغُونَها عِوَجاً يَعْنِي يَرْجُونَ بِمَكَّةَ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ الْآيَةَ قَالَ: أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ حَالَ بَيْنَ أَهْلِ الشِّرْكِ وَبَيْنَ طَاعَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، أَمَّا فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ قَالَ: مَا كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَإِنَّهُ قَالَ:
558
ثم وصف هؤلاء الظالمين الذين لعنوا بأنهم ﴿ الذين يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله ﴾ أي : يمنعون من قدروا على منعه عن دين الله والدخول فيه ﴿ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا ﴾ أي : يصفونها بالاعوجاج تنفيراً للناس عنها، أو يبغون أهلها أن يكونوا معوجين بالخروج عنها إلى الكفر، يقال بغيتك شرّاً : أي طلبته لك ﴿ و ﴾الحال أن﴿ هم بالآخرة هُمْ كافرون ﴾ أي : يصفونها بالعوج، والحال أنهم بالآخرة غير مصدّقين، فكيف يصدّون الناس عن طريق الحق، وهم على الباطل البحت ؟ وتكرير الضمير لتأكيد كفرهم واختصاصهم به، حتى كأن كفر غيرهم غير معتدّ به بالنسبة إلى عظيم كفرهم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ ﴾ قال : الكافر والمنافق ﴿ أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ على رَبّهِمْ ﴾ فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَيَقُولُ الأشهاد ﴾ الذين كانوا يحفظون أعمالهم عليهم في الدنيا ﴿ هَؤُلاء الذين كَذَبُواْ على رَبّهِمْ ﴾ شهدوا به عليهم يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، قال : الأشهاد : الملائكة. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، نحوه، وفي الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«إن الله يدني المؤمن حتى يضع كنفه ويستره من الناس ويقرّره بذنوبه، ويقول له : أتعرف ذنب كذا، أتعرف ذنب كذا ؟ فيقول : ربّ أعرف، حتى إذا قرّره بذنوبه، ورأى في نفسه أنه قد هلك قال : فإني سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، ثم يعطى كتاب حسناته. وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد : هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين» وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ الذين يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله ﴾ قال : هو محمد يعني سبيل الله، صدّت قريش عنه الناس. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا ﴾ يعني : يرجون بمكة غير الإسلام ديناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأرض ﴾ الآية قال : أخبر الله سبحانه أنه حال بين أهل الشرك وبين طاعته في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا، فإنه قال :﴿ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السمع وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ ﴾ وأما في الآخرة فإنه قال ﴿ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ خاشعة ﴾ وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السمع ﴾ قال : ما كانوا يستطيعون أن يسمعوا خيراً فينتفعوا به، ولا يبصروا خيراً فيأخذوا به.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أخبتوا ﴾ قال : خافوا. وأخرج ابن جرير، عنه، قال : الإخبات : الإنابة. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، قال الإخبات : الخشوع والتواضع. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، قال : اطمأنوا. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم ﴾ قال : الكافر ﴿ والبصير والسميع ﴾ قال : المؤمن.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أخبتوا ﴾ قال : خافوا. وأخرج ابن جرير، عنه، قال : الإخبات : الإنابة. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، قال الإخبات : الخشوع والتواضع. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، قال : اطمأنوا. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم ﴾ قال : الكافر ﴿ والبصير والسميع ﴾ قال : المؤمن.
﴿ أولئك ﴾ الموصوفون بتلك الصفات ﴿ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأرض ﴾ أي : ما كانوا يعجزون الله في الدنيا إن أراد عقوبتهم ﴿ وَمَا كَانَ لَهُمْ مّن دُونِ الله مِنْ أَوْلِيَاء ﴾ يدفعون عنهم ما يريده الله سبحانه من عقوبتهم، وإنزال بأسه بهم، وجملة ﴿ يُضَاعَفُ لَهُمُ العذاب ﴾ مستأنفة لبيان أن تأخير العذاب والتراخي عن تعجيله لهم، ليكون عذاباً مضاعفاً.
وقرأ ابن كثير، وابن عامر، ويزيد ويعقوب ﴿ يضعّف ﴾ مشدّداً ﴿ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السمع ﴾ أي : أفرطوا في إعراضهم عن الحق، وبغضهم له، حتى كأنهم لا يقدرون على السمع ولا يقدرون على الإبصار، لفرط تعاميهم عن الصواب. ويجوز أن يراد بقوله :﴿ وَمَا كَانَ لَهُمْ مّن دُونِ الله مِنْ أَوْلِيَاء ﴾ أنهم جعلوا آلهتهم أولياء من دون الله، ولا ينفعهم ذلك، فما كان هؤلاء الأولياء يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون، فكيف ينفعونهم فيجلبون لهم نفعاً أو يدفعون عنهم ضرراً، ويجوز أن تكون «ما » هي المدية. والمعنى : أنه يضاعف لهم العذاب مدّة استطاعتهم السمع والبصر. قال الفراء : ما كانوا يستطيعون السمع، لأن الله أضلهم في اللوح المحفوظ. وقال الزجاج : لبغضهم النبي صلى الله عليه وسلم. وعداوتهم له لا يستطيعون أن يسمعوا منه ولا يفهموا عنه.
قال النحاس : هذا معروف في كلام العرب، يقال : فلان لا يستطيع أن ينظر إلى فلان : إذا كان ثقيلاً عليه
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ ﴾ قال : الكافر والمنافق ﴿ أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ على رَبّهِمْ ﴾ فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَيَقُولُ الأشهاد ﴾ الذين كانوا يحفظون أعمالهم عليهم في الدنيا ﴿ هَؤُلاء الذين كَذَبُواْ على رَبّهِمْ ﴾ شهدوا به عليهم يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، قال : الأشهاد : الملائكة. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، نحوه، وفي الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«إن الله يدني المؤمن حتى يضع كنفه ويستره من الناس ويقرّره بذنوبه، ويقول له : أتعرف ذنب كذا، أتعرف ذنب كذا ؟ فيقول : ربّ أعرف، حتى إذا قرّره بذنوبه، ورأى في نفسه أنه قد هلك قال : فإني سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، ثم يعطى كتاب حسناته. وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد : هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين» وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ الذين يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله ﴾ قال : هو محمد يعني سبيل الله، صدّت قريش عنه الناس. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا ﴾ يعني : يرجون بمكة غير الإسلام ديناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأرض ﴾ الآية قال : أخبر الله سبحانه أنه حال بين أهل الشرك وبين طاعته في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا، فإنه قال :﴿ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السمع وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ ﴾ وأما في الآخرة فإنه قال ﴿ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ خاشعة ﴾ وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السمع ﴾ قال : ما كانوا يستطيعون أن يسمعوا خيراً فينتفعوا به، ولا يبصروا خيراً فيأخذوا به.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أخبتوا ﴾ قال : خافوا. وأخرج ابن جرير، عنه، قال : الإخبات : الإنابة. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، قال الإخبات : الخشوع والتواضع. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، قال : اطمأنوا. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم ﴾ قال : الكافر ﴿ والبصير والسميع ﴾ قال : المؤمن.
وقرأ ابن كثير، وابن عامر، ويزيد ويعقوب ﴿ يضعّف ﴾ مشدّداً ﴿ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السمع ﴾ أي : أفرطوا في إعراضهم عن الحق، وبغضهم له، حتى كأنهم لا يقدرون على السمع ولا يقدرون على الإبصار، لفرط تعاميهم عن الصواب. ويجوز أن يراد بقوله :﴿ وَمَا كَانَ لَهُمْ مّن دُونِ الله مِنْ أَوْلِيَاء ﴾ أنهم جعلوا آلهتهم أولياء من دون الله، ولا ينفعهم ذلك، فما كان هؤلاء الأولياء يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون، فكيف ينفعونهم فيجلبون لهم نفعاً أو يدفعون عنهم ضرراً، ويجوز أن تكون «ما » هي المدية. والمعنى : أنه يضاعف لهم العذاب مدّة استطاعتهم السمع والبصر. قال الفراء : ما كانوا يستطيعون السمع، لأن الله أضلهم في اللوح المحفوظ. وقال الزجاج : لبغضهم النبي صلى الله عليه وسلم. وعداوتهم له لا يستطيعون أن يسمعوا منه ولا يفهموا عنه.
قال النحاس : هذا معروف في كلام العرب، يقال : فلان لا يستطيع أن ينظر إلى فلان : إذا كان ثقيلاً عليه
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أخبتوا ﴾ قال : خافوا. وأخرج ابن جرير، عنه، قال : الإخبات : الإنابة. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، قال الإخبات : الخشوع والتواضع. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، قال : اطمأنوا. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم ﴾ قال : الكافر ﴿ والبصير والسميع ﴾ قال : المؤمن.
﴿ أولئك ﴾ المتصفون بتلك الصفات ﴿ الذين خَسِرُواْ أَنفُسَهُم ﴾ بعبادة غير الله. والمعنى : اشتروا عبادة الآلهة بعبادة الله، فكان خسرانهم في تجارتهم أعظم خسران ﴿ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ﴾ أي : ذهب وضاع ما كانوا يفترون من الآلهة التي يدّعون أنها تشفع لهم، ولم يبق بأيديهم إلا الخسران.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ ﴾ قال : الكافر والمنافق ﴿ أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ على رَبّهِمْ ﴾ فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَيَقُولُ الأشهاد ﴾ الذين كانوا يحفظون أعمالهم عليهم في الدنيا ﴿ هَؤُلاء الذين كَذَبُواْ على رَبّهِمْ ﴾ شهدوا به عليهم يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، قال : الأشهاد : الملائكة. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، نحوه، وفي الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«إن الله يدني المؤمن حتى يضع كنفه ويستره من الناس ويقرّره بذنوبه، ويقول له : أتعرف ذنب كذا، أتعرف ذنب كذا ؟ فيقول : ربّ أعرف، حتى إذا قرّره بذنوبه، ورأى في نفسه أنه قد هلك قال : فإني سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، ثم يعطى كتاب حسناته. وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد : هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين» وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ الذين يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله ﴾ قال : هو محمد يعني سبيل الله، صدّت قريش عنه الناس. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا ﴾ يعني : يرجون بمكة غير الإسلام ديناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأرض ﴾ الآية قال : أخبر الله سبحانه أنه حال بين أهل الشرك وبين طاعته في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا، فإنه قال :﴿ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السمع وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ ﴾ وأما في الآخرة فإنه قال ﴿ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ خاشعة ﴾ وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السمع ﴾ قال : ما كانوا يستطيعون أن يسمعوا خيراً فينتفعوا به، ولا يبصروا خيراً فيأخذوا به.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أخبتوا ﴾ قال : خافوا. وأخرج ابن جرير، عنه، قال : الإخبات : الإنابة. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، قال الإخبات : الخشوع والتواضع. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، قال : اطمأنوا. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم ﴾ قال : الكافر ﴿ والبصير والسميع ﴾ قال : المؤمن.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أخبتوا ﴾ قال : خافوا. وأخرج ابن جرير، عنه، قال : الإخبات : الإنابة. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، قال الإخبات : الخشوع والتواضع. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، قال : اطمأنوا. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم ﴾ قال : الكافر ﴿ والبصير والسميع ﴾ قال : المؤمن.
قوله :﴿ لاَ جَرَمَ ﴾ قال الخليل وسيبويه :«لا جرم » بمعنى حق فهي عندهما بمنزلة كلمة واحدة، وبه قال الفراء. وروي عن الخليل والفراء أنها : بمنزلة قولك : لا بدّ ولا محالة، ثم كثر استعمالها حتى صارت بمنزلة حقاً. وقال الزجاج : إن جرم بمعنى كسب : أي كسب ذلك الفعل لهم الخسران، وفاعل كسب مضمر، وأنّ منصوبة بجزم. قال الأزهري : وهذا من أحسن ما نقل في هذه اللغة. وقال الكسائي : معنى لا جرم : لا صدّ ولا منع عن أنهم في الآخرة هم الأخسرون. وقال جماعة من النحويين : إن معنى لا جرم لا قطع قاطع ﴿ أَنَّهُمْ فِي الآخرة هُمُ الأخسرون ﴾ قالوا : والجرم : القطع، وقد جرم النخل واجترمه : أي قطعه، وفي هذه الآية بيان أنهم في الخسران قد بلغوا إلى حدّ يتقاصر عنه غيرهم، ولا يبلغ إليه، وهذه الآيات مقرّرة لما سبق من نفي المماثلة بين من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها، وبين من كان على بينة من ربه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ ﴾ قال : الكافر والمنافق ﴿ أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ على رَبّهِمْ ﴾ فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَيَقُولُ الأشهاد ﴾ الذين كانوا يحفظون أعمالهم عليهم في الدنيا ﴿ هَؤُلاء الذين كَذَبُواْ على رَبّهِمْ ﴾ شهدوا به عليهم يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، قال : الأشهاد : الملائكة. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، نحوه، وفي الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«إن الله يدني المؤمن حتى يضع كنفه ويستره من الناس ويقرّره بذنوبه، ويقول له : أتعرف ذنب كذا، أتعرف ذنب كذا ؟ فيقول : ربّ أعرف، حتى إذا قرّره بذنوبه، ورأى في نفسه أنه قد هلك قال : فإني سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، ثم يعطى كتاب حسناته. وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد : هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين» وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ الذين يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله ﴾ قال : هو محمد يعني سبيل الله، صدّت قريش عنه الناس. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا ﴾ يعني : يرجون بمكة غير الإسلام ديناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأرض ﴾ الآية قال : أخبر الله سبحانه أنه حال بين أهل الشرك وبين طاعته في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا، فإنه قال :﴿ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السمع وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ ﴾ وأما في الآخرة فإنه قال ﴿ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ خاشعة ﴾ وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السمع ﴾ قال : ما كانوا يستطيعون أن يسمعوا خيراً فينتفعوا به، ولا يبصروا خيراً فيأخذوا به.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أخبتوا ﴾ قال : خافوا. وأخرج ابن جرير، عنه، قال : الإخبات : الإنابة. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، قال الإخبات : الخشوع والتواضع. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، قال : اطمأنوا. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم ﴾ قال : الكافر ﴿ والبصير والسميع ﴾ قال : المؤمن.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أخبتوا ﴾ قال : خافوا. وأخرج ابن جرير، عنه، قال : الإخبات : الإنابة. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، قال الإخبات : الخشوع والتواضع. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، قال : اطمأنوا. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم ﴾ قال : الكافر ﴿ والبصير والسميع ﴾ قال : المؤمن.
﴿ إِنَّ الذين آمَنُواْ ﴾ أي : صدقوا بكل ما يجب التصديق به من كون القرآن من عند الله، وغير ذلك من خصال الإيمان ﴿ وَعَمِلُواْ الصالحات وَأَخْبَتُوا إلى رَبّهِمْ ﴾ أي : أنابوا إليه، وقيل : خشعوا. وقيل : خضعوا. قيل : وأصل الإخبات : الاستواء في الخبث : وهو الأرض المستوية الواسعة فيناسب معنى الخشوع والاطمئنان. قال الفراء : إلى ربهم، ولربهم واحد ﴿ أولئك ﴾ الموصوفون بتلك الصفات الصالحة ﴿ أصحاب الجنة هُمْ فِيهَا خالدون ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ ﴾ قال : الكافر والمنافق ﴿ أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ على رَبّهِمْ ﴾ فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَيَقُولُ الأشهاد ﴾ الذين كانوا يحفظون أعمالهم عليهم في الدنيا ﴿ هَؤُلاء الذين كَذَبُواْ على رَبّهِمْ ﴾ شهدوا به عليهم يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، قال : الأشهاد : الملائكة. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، نحوه، وفي الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«إن الله يدني المؤمن حتى يضع كنفه ويستره من الناس ويقرّره بذنوبه، ويقول له : أتعرف ذنب كذا، أتعرف ذنب كذا ؟ فيقول : ربّ أعرف، حتى إذا قرّره بذنوبه، ورأى في نفسه أنه قد هلك قال : فإني سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، ثم يعطى كتاب حسناته. وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد : هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين» وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ الذين يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله ﴾ قال : هو محمد يعني سبيل الله، صدّت قريش عنه الناس. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا ﴾ يعني : يرجون بمكة غير الإسلام ديناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأرض ﴾ الآية قال : أخبر الله سبحانه أنه حال بين أهل الشرك وبين طاعته في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا، فإنه قال :﴿ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السمع وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ ﴾ وأما في الآخرة فإنه قال ﴿ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ خاشعة ﴾ وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السمع ﴾ قال : ما كانوا يستطيعون أن يسمعوا خيراً فينتفعوا به، ولا يبصروا خيراً فيأخذوا به.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أخبتوا ﴾ قال : خافوا. وأخرج ابن جرير، عنه، قال : الإخبات : الإنابة. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، قال الإخبات : الخشوع والتواضع. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، قال : اطمأنوا. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم ﴾ قال : الكافر ﴿ والبصير والسميع ﴾ قال : المؤمن.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أخبتوا ﴾ قال : خافوا. وأخرج ابن جرير، عنه، قال : الإخبات : الإنابة. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، قال الإخبات : الخشوع والتواضع. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، قال : اطمأنوا. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم ﴾ قال : الكافر ﴿ والبصير والسميع ﴾ قال : المؤمن.
قوله :﴿ مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع ﴾ ضرب للفريقين مثلاً وهو تشبيه فريق الكافرين بالأعمى والأصمّ، وتشبيه فريق المؤمنين بالبصير والسميع، على أن كل فريق شبه بشيئين، أو شبه بمن جمع بين الشيئين، فالكافر شبه بمن جمع بين العمى والصمم، والمؤمن شبّه بمن جمع بين السمع والبصر، وعلى هذا تكون الواو في ﴿ والأصمّ ﴾، وفي ﴿ والسميع ﴾ لعطف الصفة على الصفة، كما في قول الشاعر :
إلى الملك القرم وابن الهمام ***. . .
والاستفهام في قوله :﴿ هَلْ يَسْتَوِيَانِ ﴾ للإنكار : يعني الفريقين، وهذه الجملة مقرّرة لما تقدّم من قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ مّن رَبّهِ ﴾ وانتصاب مثلاً على التمييز من فاعل يستويان : أي هل يستويان حالاً وصفة ﴿ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ﴾ في عدم استوائهما، وفيما بينهما من التفاوت الظاهر الذي يخفى على من له تذكر، وعنده تفكر وتأمل، والهمزة لإنكار عدم التذكر واستبعاد صدوره عن المخاطبين.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ ﴾ قال : الكافر والمنافق ﴿ أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ على رَبّهِمْ ﴾ فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَيَقُولُ الأشهاد ﴾ الذين كانوا يحفظون أعمالهم عليهم في الدنيا ﴿ هَؤُلاء الذين كَذَبُواْ على رَبّهِمْ ﴾ شهدوا به عليهم يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، قال : الأشهاد : الملائكة. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، نحوه، وفي الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«إن الله يدني المؤمن حتى يضع كنفه ويستره من الناس ويقرّره بذنوبه، ويقول له : أتعرف ذنب كذا، أتعرف ذنب كذا ؟ فيقول : ربّ أعرف، حتى إذا قرّره بذنوبه، ورأى في نفسه أنه قد هلك قال : فإني سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، ثم يعطى كتاب حسناته. وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد : هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين» وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ الذين يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله ﴾ قال : هو محمد يعني سبيل الله، صدّت قريش عنه الناس. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا ﴾ يعني : يرجون بمكة غير الإسلام ديناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأرض ﴾ الآية قال : أخبر الله سبحانه أنه حال بين أهل الشرك وبين طاعته في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا، فإنه قال :﴿ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السمع وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ ﴾ وأما في الآخرة فإنه قال ﴿ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ خاشعة ﴾ وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السمع ﴾ قال : ما كانوا يستطيعون أن يسمعوا خيراً فينتفعوا به، ولا يبصروا خيراً فيأخذوا به.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أخبتوا ﴾ قال : خافوا. وأخرج ابن جرير، عنه، قال : الإخبات : الإنابة. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، قال الإخبات : الخشوع والتواضع. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، قال : اطمأنوا. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم ﴾ قال : الكافر ﴿ والبصير والسميع ﴾ قال : المؤمن.
إلى الملك القرم وابن الهمام ***. . .
والاستفهام في قوله :﴿ هَلْ يَسْتَوِيَانِ ﴾ للإنكار : يعني الفريقين، وهذه الجملة مقرّرة لما تقدّم من قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ مّن رَبّهِ ﴾ وانتصاب مثلاً على التمييز من فاعل يستويان : أي هل يستويان حالاً وصفة ﴿ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ﴾ في عدم استوائهما، وفيما بينهما من التفاوت الظاهر الذي يخفى على من له تذكر، وعنده تفكر وتأمل، والهمزة لإنكار عدم التذكر واستبعاد صدوره عن المخاطبين.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أخبتوا ﴾ قال : خافوا. وأخرج ابن جرير، عنه، قال : الإخبات : الإنابة. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، قال الإخبات : الخشوع والتواضع. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، قال : اطمأنوا. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم ﴾ قال : الكافر ﴿ والبصير والسميع ﴾ قال : المؤمن.
فَلا يَسْتَطِيعُونَ- خاشِعَةً «١». وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ مَا كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ قَالَ: مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَسْمَعُوا خَيْرًا فَيَنْتَفِعُوا بِهِ، وَلَا يُبْصِرُوا خَيْرًا فَيَأْخُذُوا بِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ أَخْبَتُوا قَالَ: خَافُوا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ قَالَ: الْإِخْبَاتُ: الْإِنَابَةُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الشَّيْخِ قَالَ: الْإِخْبَاتُ: الْخُشُوعُ وَالتَّوَاضُعُ. وَأَخْرُجُ ابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: اطْمَأَنُّوا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ قَالَ: الْكَافِرُ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ قَالَ: المؤمن.
[سورة هود (١١) : الآيات ٢٥ الى ٣٤]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٥) أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٢٦) فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَراكَ إِلاَّ بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ (٢٧) قالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ (٢٨) وَيا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ (٢٩)
وَيا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٣٠) وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً اللَّهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ (٣١) قالُوا يَا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٣٢) قالَ إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شاءَ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (٣٣) وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٣٤)
لِمَا أَوْرَدَ سُبْحَانَهُ عَلَى الْكُفَّارِ الْمُعَاصِرِينَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْوَاعَ الدَّلَائِلِ الَّتِي هِيَ أَوْضَحُ مِنَ الشَّمْسِ، أَكَدَّ ذَلِكَ بِذِكْرِ الْقَصَصِ عَلَى طَرِيقَةِ التَّفَنُّنِ فِي الْكَلَامِ، وَنَقْلِهِ مِنْ أُسْلُوبٍ إِلَى أُسْلُوبٍ لِتَكُونَ الْمَوْعِظَةُ أَظْهَرَ وَالْحُجَّةُ أَبْيَنَ، وَالْقَبُولُ أَتَمَّ، فَقَالَ: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ عَلَى تَقْدِيرِ حَرْفِ الْجَرِّ أَيْ: أَرْسَلْنَاهُ بِأَنِّي أَيْ: أَرْسَلْنَاهُ مُتَلَبِّسًا بِذَلِكَ الْكَلَامِ، وَهُوَ أَنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْكَسْرِ عَلَى إِرَادَةِ الْقَوْلِ: أَيْ قَائِلًا إِنِّي لَكُمْ، وَالْوَاوُ فِي وَلَقَدْ: لِلِابْتِدَاءِ، وَاللَّامُ هِيَ الْمُوَطِّئَةُ لِلْقَسَمِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى النِّذَارَةِ دُونَ الْبِشَارَةِ، لِأَنَّ دَعْوَتَهُ كَانَتْ لِمُجَرَّدِ الْإِنْذَارِ، أَوْ لِكَوْنِهِمْ لَمْ يَعْمَلُوا بِمَا بَشَّرَهُمْ بِهِ، وَجُمْلَةُ: أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ بَدَلٌ مِنْ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ أَيْ: أَرْسَلْنَاهُ بِأَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ، أَوْ تَكُونُ أَنْ مُفَسِّرَةً مُتَعَلِّقَةً بِأَرْسَلْنَا، أَوْ بِنَذِيرٍ، أَوْ بِمُبِينٍ، وَجُمْلَةُ: إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ تَعْلِيلِيَّةٌ. وَالْمَعْنَى: نَهَيْتُكُمْ عَنْ عِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ لِأَنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ، وَفِيهَا تَحْقِيقٌ لِمَعْنَى الْإِنْذَارِ، وَالْيَوْمُ الْأَلِيمُ: هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، أَوْ يَوْمُ الطُّوفَانِ وَوَصْفُهُ بِالْأَلِيمِ مِنْ بَابِ الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ مُبَالَغَةً. ثُمَّ ذكر ما أجاب
[سورة هود (١١) : الآيات ٢٥ الى ٣٤]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٥) أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٢٦) فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَراكَ إِلاَّ بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ (٢٧) قالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ (٢٨) وَيا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ (٢٩)
وَيا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٣٠) وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً اللَّهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ (٣١) قالُوا يَا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٣٢) قالَ إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شاءَ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (٣٣) وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٣٤)
لِمَا أَوْرَدَ سُبْحَانَهُ عَلَى الْكُفَّارِ الْمُعَاصِرِينَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْوَاعَ الدَّلَائِلِ الَّتِي هِيَ أَوْضَحُ مِنَ الشَّمْسِ، أَكَدَّ ذَلِكَ بِذِكْرِ الْقَصَصِ عَلَى طَرِيقَةِ التَّفَنُّنِ فِي الْكَلَامِ، وَنَقْلِهِ مِنْ أُسْلُوبٍ إِلَى أُسْلُوبٍ لِتَكُونَ الْمَوْعِظَةُ أَظْهَرَ وَالْحُجَّةُ أَبْيَنَ، وَالْقَبُولُ أَتَمَّ، فَقَالَ: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ عَلَى تَقْدِيرِ حَرْفِ الْجَرِّ أَيْ: أَرْسَلْنَاهُ بِأَنِّي أَيْ: أَرْسَلْنَاهُ مُتَلَبِّسًا بِذَلِكَ الْكَلَامِ، وَهُوَ أَنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْكَسْرِ عَلَى إِرَادَةِ الْقَوْلِ: أَيْ قَائِلًا إِنِّي لَكُمْ، وَالْوَاوُ فِي وَلَقَدْ: لِلِابْتِدَاءِ، وَاللَّامُ هِيَ الْمُوَطِّئَةُ لِلْقَسَمِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى النِّذَارَةِ دُونَ الْبِشَارَةِ، لِأَنَّ دَعْوَتَهُ كَانَتْ لِمُجَرَّدِ الْإِنْذَارِ، أَوْ لِكَوْنِهِمْ لَمْ يَعْمَلُوا بِمَا بَشَّرَهُمْ بِهِ، وَجُمْلَةُ: أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ بَدَلٌ مِنْ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ أَيْ: أَرْسَلْنَاهُ بِأَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ، أَوْ تَكُونُ أَنْ مُفَسِّرَةً مُتَعَلِّقَةً بِأَرْسَلْنَا، أَوْ بِنَذِيرٍ، أَوْ بِمُبِينٍ، وَجُمْلَةُ: إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ تَعْلِيلِيَّةٌ. وَالْمَعْنَى: نَهَيْتُكُمْ عَنْ عِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ لِأَنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ، وَفِيهَا تَحْقِيقٌ لِمَعْنَى الْإِنْذَارِ، وَالْيَوْمُ الْأَلِيمُ: هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، أَوْ يَوْمُ الطُّوفَانِ وَوَصْفُهُ بِالْأَلِيمِ مِنْ بَابِ الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ مُبَالَغَةً. ثُمَّ ذكر ما أجاب
(١). سورة القلم [الآية ٤٢- ٤٣]. [.....]
559
بِهِ قَوْمُهُ عَلَيْهِ وَهَذَا الْجَوَابُ يَتَضَمَّنُ الطَّعْنَ منهم في نبوّته من ثلاث جهات فقال: فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ وَالْمَلَأُ: الْأَشْرَافُ، كَمَا تَقَدَّمَ غَيْرُ مَرَّةٍ، وَوَصْفُهُمْ بِالْكُفْرِ: ذَمًّا لَهُمْ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَعْضَ أَشْرَافِ قَوْمِهِ لَمْ يَكُونُوا كَفَرَةً مَا نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا هَذِهِ الْجِهَةُ الْأُولَى مِنْ جِهَاتِ طَعْنِهِمْ فِي نُبُوَّتِهِ، أَيْ: نَحْنُ وَأَنْتَ مُشْتَرِكُونَ فِي الْبَشَرِيَّةِ، فَلَمْ يَكُنْ لَكَ عَلَيْنَا مَزِيَّةٌ تَسْتَحِقُّ بِهَا النُّبُوَّةَ دُونَنَا، وَالْجِهَةُ الثَّانِيَةُ: وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا وَلَمْ يَتَّبِعْكَ أَحَدٌ مِنَ الْأَشْرَافِ، فَلَيْسَ لَكَ مَزِيَّةٌ عَلَيْنَا بِاتِّبَاعِ هَؤُلَاءِ الْأَرَاذِلِ لَكَ، وَالْأَرَاذِلُ: جَمْعُ أَرْذَلَ، وَأَرْذَلُ: جَمْعُ رَذْلٍ، مِثْلُ: أَكَالِبَ وَأَكْلُبٍ وَكَلْبٍ وَقِيلَ: الْأَرَاذِلُ جَمْعُ الْأَرْذَلِ كَالْأَسَاوِدِ جَمْعُ أَسْوَدٍ، وَهُمُ السَّفَلَةُ. قَالَ النَّحَّاسُ: الْأَرَاذِلُ: الْفُقَرَاءُ وَالَّذِينَ لَا حَسَبَ لَهُمْ، وَالْحَسَبُ الصِّنَاعَاتُ. قَالَ الزَّجَّاجُ: نَسَبُوهُمْ إِلَى الْحِيَاكَةِ، وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ الصِّنَاعَاتِ لَا أَثَرَ لَهَا فِي الدِّيَانَةِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ: السَّفَلَةُ هُوَ الَّذِي يُصْلِحُ الدُّنْيَا بِدِينِهِ، قِيلَ لَهُ: فَمَنْ سَفَلَةُ السَّفَلَةِ؟ قَالَ: الَّذِي يُصْلِحُ دُنْيَا غَيْرِهِ بِفَسَادِ دِينِهِ. وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ السَّفَلَةَ هُوَ الَّذِي يَدْخُلُ فِي الْحِرَفِ الدَّنِيَّةِ. وَالرُّؤْيَةُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ إِنْ كَانَتِ الْقَلْبِيَّةَ، فبشرا فِي الْأَوَّلِ: وَاتَّبَعَكَ فِي الثَّانِي هُمَا الْمَفْعُولُ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَتِ الْبَصَرِيَّةَ: فَهُمَا مُنْتَصِبَانِ عَلَى الْحَالِ، وَانْتِصَابُ بَادِيَ الرَّأْيِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَالْعَامِلُ فِيهِ اتَّبَعَكَ. وَالْمَعْنَى: فِي ظَاهِرِ الرَّأْيِ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّقٍ، يُقَالُ بَدَا يَبْدُو: إِذَا ظَهَرَ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: مَعْنَاهُ فِيمَا يَبْدُو لَنَا مِنَ الرَّأْيِ. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: مِنْ جِهَاتِ قَدْحِهِمْ فِي نُبُوَّتِهِ: وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ خَاطَبُوهُ فِي الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مُنْفَرِدًا وَفِي هَذَا الْوَجْهِ خَاطَبُوهُ مَعَ مُتَّبِعِيهِ، أَيْ: مَا نَرَى لك ولمن اتبعك من الأرذال علينا من فضل تتميزون به وتستحقون ما تدّعونه، ثم أضربوا على الثَّلَاثَةِ الْمَطَاعِنِ، وَانْتَقَلُوا إِلَى ظَنِّهِمُ الْمُجَرَّدِ عَنِ الْبُرْهَانِ الَّذِي لَا مُسْتَنَدَ لَهُ إِلَّا مُجَرَّدُ الْعَصَبِيَّةِ وَالْحَسَدِ، وَاسْتِبْقَاءِ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الرِّيَاسَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ، فَقَالُوا: بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ فِيمَا تَدَّعُونَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا خِطَابًا لِلْأَرَاذِلِ وَحْدَهُمْ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، لِأَنَّ الْكَلَامَ مَعَ نُوحٍ لَا مَعَهُمْ إِلَّا بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لَهُ. ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ مَا أَجَابَ بِهِ نُوحٌ عَلَيْهِمْ، فقال: قالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي أَيْ: أَخْبِرُونِي إِنْ كُنْتُ عَلَى بُرْهَانٍ مِنْ رَبِّي فِي النُّبُوَّةِ يَدُلُّ على صحتها يوجب عَلَيْكُمْ قَبُولَهَا مَعَ كَوْنِ مَا جَعَلْتُمُوهُ قَادِحًا لَيْسَ بِقَادِحٍ فِي الْحَقِيقَةِ، فَإِنَّ الْمُسَاوَاةَ فِي صِفَةِ الْبَشَرِيَّةِ لَا تَمْنَعُ الْمُفَارَقَةَ فِي صِفَةِ النُّبُوَّةِ، وَاتِّبَاعُ الْأَرَاذِلِ كَمَا تَزْعُمُونَ لَيْسَ مِمَّا يَمْنَعُ مِنَ النُّبُوَّةِ، فَإِنَّهُمْ مِثْلُكُمْ فِي الْبَشَرِيَّةِ وَالْعَقْلِ وَالْفَهْمِ، فَاتِّبَاعُهُمْ لِي حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ لَا لَكُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِالْبَيِّنَةِ: الْمُعْجِزَةَ وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ هِيَ: النُّبُوَّةُ، وَقِيلَ: الرَّحْمَةُ: الْمُعْجِزَةُ، وَالْبَيِّنَةُ: النُّبُوَّةُ.
قِيلَ: وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الرَّحْمَةُ هِيَ الْبَيِّنَةُ نَفْسُهَا، وَالْأَوْلَى تَفْسِيرُ الرَّحْمَةِ بِغَيْرِ مَا فُسِّرَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ، وَالْإِفْرَادُ فِي فَعُمِّيَتْ عَلَى إِرَادَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، أَوْ عَلَى إِرَادَةِ الْبَيِّنَةِ، لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تَظْهَرُ لِمَنْ تَفَكَّرَ وَتَخْفَى عَلَى مَنْ لَمْ يَتَفَكَّرْ، وَمَعْنَى عَمِيَتْ: خَفِيَتْ وَقِيلَ: الرَّحْمَةُ: هِيَ عَلَى الْخَلْقِ، وَقِيلَ: هِيَ الْهِدَايَةُ إِلَى مَعْرِفَةِ الْبُرْهَانِ، وَقِيلَ: الْإِيمَانُ، يُقَالُ عَمِيتُ عَنْ كَذَا، وَعَمِيَ عَلَيَّ كَذَا: إِذَا لَمْ أَفْهَمْهُ. قِيلَ: وَهُوَ مِنْ بَابِ الْقَلْبِ، لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ أَوِ الرَّحْمَةَ لَا تَعْمَى، وَإِنَّمَا يُعْمَى عَنْهَا فَهُوَ كَقَوْلِهِمْ: أَدْخَلَتْ الْقَلَنْسُوَةُ رَأْسِي. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ فَعُمِّيَتْ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، أَيْ: فَعَمَّاهَا اللَّهُ عَلَيْكُمْ، وَفِي
قِيلَ: وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الرَّحْمَةُ هِيَ الْبَيِّنَةُ نَفْسُهَا، وَالْأَوْلَى تَفْسِيرُ الرَّحْمَةِ بِغَيْرِ مَا فُسِّرَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ، وَالْإِفْرَادُ فِي فَعُمِّيَتْ عَلَى إِرَادَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، أَوْ عَلَى إِرَادَةِ الْبَيِّنَةِ، لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تَظْهَرُ لِمَنْ تَفَكَّرَ وَتَخْفَى عَلَى مَنْ لَمْ يَتَفَكَّرْ، وَمَعْنَى عَمِيَتْ: خَفِيَتْ وَقِيلَ: الرَّحْمَةُ: هِيَ عَلَى الْخَلْقِ، وَقِيلَ: هِيَ الْهِدَايَةُ إِلَى مَعْرِفَةِ الْبُرْهَانِ، وَقِيلَ: الْإِيمَانُ، يُقَالُ عَمِيتُ عَنْ كَذَا، وَعَمِيَ عَلَيَّ كَذَا: إِذَا لَمْ أَفْهَمْهُ. قِيلَ: وَهُوَ مِنْ بَابِ الْقَلْبِ، لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ أَوِ الرَّحْمَةَ لَا تَعْمَى، وَإِنَّمَا يُعْمَى عَنْهَا فَهُوَ كَقَوْلِهِمْ: أَدْخَلَتْ الْقَلَنْسُوَةُ رَأْسِي. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ فَعُمِّيَتْ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، أَيْ: فَعَمَّاهَا اللَّهُ عَلَيْكُمْ، وَفِي
560
قِرَاءَةِ أُبِيٍّ، فَعَمَّاهَا عَلَيْكُمْ. وَالِاسْتِفْهَامُ فِي: أَنُلْزِمُكُمُوها لِلْإِنْكَارِ، أَيْ: لَا يُمْكِنُنِي أَنْ أَضْطَرَّكُمْ إِلَى الْمَعْرِفَةِ بِهَا، وَالْحَالُ أَنَّكُمْ لَهَا كَارِهُونَ وَالْمَعْنَى: أَخْبِرُونِي إِنْ كُنْتُ عَلَى حُجَّةٍ ظَاهِرَةِ الدَّلَالَةِ عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّتِي إِلَّا أَنَّهَا خَافِيَةٌ عَلَيْكُمْ، أَيُمْكِنُنَا أَنْ نَضْطَرَّكُمْ إِلَى الْعِلْمِ بِهَا؟ وَالْحَالُ أَنَّكُمْ لَهَا كَارِهُونَ غَيْرُ مُتَدَبِّرِينَ فِيهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. وَحَكَى الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ إِسْكَانَ الْمِيمِ الْأُولَى فِي أَنُلْزِمُكُمُوهَا تَخْفِيفًا كَمَا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
فَإِنَّ إِسْكَانَ الْبَاءِ فِي أَشْرَبْ للتخفيف. وقد قرأ عمرو كذلك. قوله: وَيا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ فِيهِ التَّصْرِيحُ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَنَّهُ لَا يَطْلُبُ عَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ مَالًا حَتَّى يَكُونَ بِذَلِكَ مَحَلًّا لِلتُّهْمَةِ، وَيَكُونَ لِقَوْلِ الْكَافِرِينَ مَجَالٌ بِأَنَّهُ إِنَّمَا ادَّعَى مَا ادَّعَى طَلَبًا لِلدُّنْيَا، وَالضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ رَاجِعٌ إِلَى مَا قَالَهُ لَهُمْ فِيمَا قَبْلَ هَذَا. وَقَوْلُهُ: وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا كَالْجَوَابِ عَمَّا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِمْ: وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا مِنَ التَّلْمِيحِ مِنْهُمْ إِلَى إِبْعَادِ الْأَرَاذِلِ عَنْهُ وَقِيلَ: إِنَّهُمْ سَأَلُوهُ طَرْدَهُمْ تَصْرِيحًا لَا تلميحا، ثم علل ذلك بقوله: إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ أَيْ: لَا أَطْرُدُهُمْ، فَإِنَّهُمْ مُلَاقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَبَّهُمْ، فَهُوَ يُجَازِيهِمْ عَلَى إِيمَانِهِمْ لِأَنَّهُمْ طَلَبُوا بِإِيمَانِهِمْ مَا عِنْدَهُ سُبْحَانَهُ، وَكَأَنَّهُ قَالَ هَذَا عَلَى وَجْهِ الْإِعْظَامِ لَهُمْ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَالَهُ خَوْفًا مِنْ مُخَاصَمَتِهِمْ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِمْ بِسَبَبِ طَرْدِهِ لَهُمْ ثُمَّ بَيَّنَ لَهُمْ مَا هُمْ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَطَالِبِ الَّتِي طَلَبُوهَا مِنْهُ، وَالْعِلَلِ الَّتِي اعْتَلُّوا بِهَا عَنْ إِجَابَتِهِ فَقَالَ: وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ كُلَّ مَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ، وَمِنْ ذَلِكَ اسْتِرْذَالُهُمْ لِلَّذَيْنِ اتَّبَعُوهُ وَسُؤَالُهُمْ لَهُ أَنْ يَطْرُدَهُمْ. ثُمَّ أَكَّدَ عَدَمَ جَوَازِ طَرْدِهِمْ بِقَوْلِهِ: وَيا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أي: من يَمْنَعُنِي مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَانْتِقَامِهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ؟ فَإِنَّ طَرْدَهُمْ بِسَبَبِ سَبْقِهِمْ إِلَى الْإِيمَانِ، وَالْإِجَابَةِ إِلَى الدَّعْوَةِ الَّتِي أَرْسَلَ اللَّهُ رَسُولَهُ لِأَجْلِهَا ظُلْمٌ عَظِيمٌ، لَا يَقَعُ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ الْمُؤَيَّدِينَ بِالْعِصْمَةِ، وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَرْضًا وَتَقْدِيرًا لَكَانَ فِيهِ مِنَ الظُّلْمِ مَا لَا يَكُونُ لَوْ فَعَلَهُ غَيْرُهُمْ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ. وَقَوْلُهُ:
أَفَلا تَذَكَّرُونَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ كَأَنَّهُ قِيلَ: أَتَسْتَمِرُّونَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْجَهْلِ بِمَا ذُكِرَ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ مِنْ أَحْوَالِهِمْ مَا يَنْبَغِي تَذَكُّرُهُ وَتَتَفَكَّرُونَ فِيهِ حَتَّى تَعْرِفُوا مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْخَطَأِ، وَمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الصَّوَابِ؟
قَوْلُهُ: وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ كَمَا لَا يَطْلُبُ مِنْهُمْ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ عَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ، كَذَلِكَ لَا يَدَّعِي أَنَّ عِنْدَهُ خَزَائِنَ اللَّهِ حَتَّى يَسْتَدِلُّوا بِعَدَمِهَا عَلَى كَذِبِهِ، كَمَا قَالُوا: وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ وَالْمُرَادُ بِخَزَائِنِ اللَّهِ: خَزَائِنُ رِزْقِهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ أَيْ: وَلَا أَدَّعِي أَنِّي أَعْلَمُ بِغَيْبِ اللَّهِ، بَلْ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ: إِلَّا أَنِّي نَذِيرٌ مُبِينٌ، إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ حَتَّى تَقُولُوا مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا. وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذَا مَنْ قَالَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ أَفْضَلُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْأَدِلَّةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُخْتَلِفَةٌ، وَلَيْسَ لِطَالِبِ الْحَقِّ إِلَى تَحْقِيقِهَا حَاجَةٌ، فَلَيْسَتْ مِمَّا كَلَّفَنَا اللَّهُ بِعِلْمِهِ وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ
فَالْيَوْمَ أَشْرَبْ غَيْرَ مُسْتَحْقِبٍ | إِثْمًا مِنَ اللَّهِ وَلَا وَاغِلِ «١» |
أَفَلا تَذَكَّرُونَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ كَأَنَّهُ قِيلَ: أَتَسْتَمِرُّونَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْجَهْلِ بِمَا ذُكِرَ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ مِنْ أَحْوَالِهِمْ مَا يَنْبَغِي تَذَكُّرُهُ وَتَتَفَكَّرُونَ فِيهِ حَتَّى تَعْرِفُوا مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْخَطَأِ، وَمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الصَّوَابِ؟
قَوْلُهُ: وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ كَمَا لَا يَطْلُبُ مِنْهُمْ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ عَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ، كَذَلِكَ لَا يَدَّعِي أَنَّ عِنْدَهُ خَزَائِنَ اللَّهِ حَتَّى يَسْتَدِلُّوا بِعَدَمِهَا عَلَى كَذِبِهِ، كَمَا قَالُوا: وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ وَالْمُرَادُ بِخَزَائِنِ اللَّهِ: خَزَائِنُ رِزْقِهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ أَيْ: وَلَا أَدَّعِي أَنِّي أَعْلَمُ بِغَيْبِ اللَّهِ، بَلْ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ: إِلَّا أَنِّي نَذِيرٌ مُبِينٌ، إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ حَتَّى تَقُولُوا مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا. وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذَا مَنْ قَالَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ أَفْضَلُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْأَدِلَّةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُخْتَلِفَةٌ، وَلَيْسَ لِطَالِبِ الْحَقِّ إِلَى تَحْقِيقِهَا حَاجَةٌ، فَلَيْسَتْ مِمَّا كَلَّفَنَا اللَّهُ بِعِلْمِهِ وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ
(١). احتقب الإثم: ارتكبه. والبيت لامرئ القيس.
561
أَيْ: تَحْتَقِرُ، وَالِازْدِرَاءُ مَأْخُوذٌ مَنْ أَزْرَى عَلَيْهِ: إِذَا عَابَهُ، وَزَرَى عَلَيْهِ: إِذَا احْتَقَرَهُ، وَأَنْشَدَ الفرّاء:
وَالْمَعْنَى: إِنِّي لَا أَقُولُ لِهَؤُلَاءِ الْمُتَّبِعِينَ لِي، الْمُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ، الَّذِينَ تَعِيبُونَهُمْ وَتَحْتَقِرُونَهُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً بَلْ قَدْ آتَاهُمُ الْخَيْرَ الْعَظِيمَ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَاتِّبَاعِ نَبِيِّهِ، فَهُوَ مجازيهم بالجزاء الْعَظِيمَ فِي الْآخِرَةِ، وَرَافِعُهُمْ فِي الدُّنْيَا إِلَى أَعْلَى مَحَلٍّ، وَلَا يَضُرُّهُمُ احْتِقَارُكُمْ لَهُمْ شَيْئًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ مِنَ الْإِيمَانِ بِهِ، وَالْإِخْلَاصِ لَهُ، فَمُجَازِيهِمْ عَلَى ذَلِكَ، لَيْسَ لِي وَلَا لَكُمْ مِنْ أَمْرِهِمْ شَيْءٌ إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ لَهُمْ إِنْ فَعَلْتُ مَا تُرِيدُونَهُ بِهِمْ، أَوْ مِنَ الظَّالِمِينَ لِأَنْفُسِهِمْ، إِنْ فَعَلْتُ ذَلِكَ بِهِمْ، ثُمَّ جَاوَبُوهُ بِغَيْرِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِهِمْ وَكَلَامِهِ عَجْزًا عَنِ الْقِيَامِ بِالْحُجَّةِ، وَقُصُورًا عَنْ رُتْبَةِ الْمُنَاظَرَةِ، وَانْقِطَاعًا عَنِ المباراة، بقولهم: يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا أَيْ: خَاصَمْتَنَا بِأَنْوَاعِ الخصام، ودفعتنا بكل حجّة لَهَا مَدْخَلٌ فِي الْمَقَامِ، وَلَمْ يَبْقَ لَنَا فِي هَذَا الْبَابِ مَجَالٌ، فَقَدْ ضَاقَتْ عَلَيْنَا الْمَسَالِكُ، وَانْسَدَّتْ أَبْوَابُ الْحِيَلِ فَأْتِنا بِما تَعِدُنا مِنَ الْعَذَابِ الَّذِي تُخَوِّفُنَا مِنْهُ وَتَخَافُهُ عَلَيْنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا تَقُولُهُ لَنَا، فَأَجَابَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ إِلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ بمشيئة الله وإرادته، وقالَ إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شاءَ فَإِنْ قَضَتْ مَشِيئَتُهُ وَحِكْمَتُهُ بِتَعْجِيلِهِ عَجَّلَهُ لَكُمْ، وَإِنْ قَضَتْ مَشِيئَتُهُ وَحِكْمَتُهُ بِتَأْخِيرِهِ أَخَّرَهُ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ بِفَائِتِينَ عَمَّا أَرَادَهُ اللَّهُ بِكُمْ بِهَرَبٍ أَوْ مُدَافَعَةٍ وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي الَّذِي أَبْذُلُهُ لَكُمْ، وَأَسْتَكْثِرُ مِنْهُ قِيَامًا مِنِّي بِحَقِّ النَّصِيحَةِ لِلَّهِ بِإِبْلَاغِ رِسَالَتِهِ، وَلَكُمْ بِإِيضَاحِ الْحَقِّ وَبَيَانِ بُطْلَانِ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ وَجَوَابُ هَذَا الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ لَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا قَبْلَهُ إِنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ أَيْ: إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ إِغْوَاءَكُمْ فَلَا يَنْفَعُكُمُ النُّصْحُ مِنِّي، فَكَانَ جَوَابُ هَذَا الشَّرْطِ مَحْذُوفًا كَالْأَوَّلِ، وَتَقْدِيرُهُ مَا ذَكَرْنَا، وَهَذَا التَّقْدِيرُ إِنَّمَا هُوَ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَمْنَعُ مِنْ تَقَدُّمِ الْجَزَاءِ عَلَى الشَّرْطِ، وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُجِيزُهُ، فَجَزَاءُ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ: وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي، وَجَزَاءُ الشرط الثاني الجملة الظرفية الْأُولَى وَجَزَاؤُهَا. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: مَعْنَى يُغْوِيَكُمْ: يُهْلِكَكُمْ بِعَذَابِهِ، وَظَاهِرُ لُغَةِ الْعَرَبِ أَنَّ الْإِغْوَاءَ: الْإِضْلَالُ فَمَعْنَى الْآيَةِ: لَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُضِلَّكُمْ عَنْ سَبِيلِ الرَّشَادِ وَيَخْذُلَكُمْ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ. وَحُكِيَ عَنْ طَيٍّ: أَصْبَحَ فُلَانٌ غَاوِيًا: أَيْ مَرِيضًا، وَلَيْسَ هَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْمُرَادُ فِي الْآيَةِ. وَقَدْ وَرَدَ الْإِغْوَاءُ بِمَعْنَى: الْإِهْلَاكِ، وَمِنْهُ:
فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا «١» وَهُوَ غَيْرُ مَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ رَبُّكُمْ فَإِلَيْهِ الْإِغْوَاءُ وَإِلَيْهِ الْهِدَايَةُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ فَيُجَازِيكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ قَالَ: فِيمَا ظَهَرَ لَنَا. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ عَطَاءٍ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ: إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي قَالَ: قَدْ عَرَفْتُهَا وَعَرَفْتُ بِهَا أَمْرَهُ، وَأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ قَالَ: الإسلام والهدى والإيمان والحكم والنبوّة. وأخرج ابن جرير،
يباعده الصّديق وتزدريه | حليلته وَيَنْهَرُهُ الصَّغِيرُ |
فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا «١» وَهُوَ غَيْرُ مَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ رَبُّكُمْ فَإِلَيْهِ الْإِغْوَاءُ وَإِلَيْهِ الْهِدَايَةُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ فَيُجَازِيكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ قَالَ: فِيمَا ظَهَرَ لَنَا. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ عَطَاءٍ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ: إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي قَالَ: قَدْ عَرَفْتُهَا وَعَرَفْتُ بِهَا أَمْرَهُ، وَأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ قَالَ: الإسلام والهدى والإيمان والحكم والنبوّة. وأخرج ابن جرير،
(١). مريم: ٥٩.
562
وجملة ﴿ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ الله ﴾ بدل من " إني لكم نذير مبين " : أي أرسلناه بأن لا تعبدوا إلا الله، أو تكون أن مفسرة متعلقة بأرسلنا، أو بنذير، أو بمبين، وجملة :﴿ إِنّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ ﴾ تعليلية. والمعنى : نهيتكم عن عبادة غير الله لأني أخاف عليكم، وفيها تحقيق لمعنى الإنذار، واليوم الأليم : هو يوم القيامة، أو يوم الطوفان ؛ ووصفه بالأليم من باب الإسناد المجازي مبالغة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ ﴾ قال : الكافر والمنافق ﴿ أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ على رَبّهِمْ ﴾ فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَيَقُولُ الأشهاد ﴾ الذين كانوا يحفظون أعمالهم عليهم في الدنيا ﴿ هَؤُلاء الذين كَذَبُواْ على رَبّهِمْ ﴾ شهدوا به عليهم يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، قال : الأشهاد : الملائكة. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، نحوه، وفي الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«إن الله يدني المؤمن حتى يضع كنفه ويستره من الناس ويقرّره بذنوبه، ويقول له : أتعرف ذنب كذا، أتعرف ذنب كذا ؟ فيقول : ربّ أعرف، حتى إذا قرّره بذنوبه، ورأى في نفسه أنه قد هلك قال : فإني سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، ثم يعطى كتاب حسناته. وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد : هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين» وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ الذين يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله ﴾ قال : هو محمد يعني سبيل الله، صدّت قريش عنه الناس. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا ﴾ يعني : يرجون بمكة غير الإسلام ديناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأرض ﴾ الآية قال : أخبر الله سبحانه أنه حال بين أهل الشرك وبين طاعته في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا، فإنه قال :﴿ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السمع وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ ﴾ وأما في الآخرة فإنه قال ﴿ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ خاشعة ﴾ وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السمع ﴾ قال : ما كانوا يستطيعون أن يسمعوا خيراً فينتفعوا به، ولا يبصروا خيراً فيأخذوا به.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أخبتوا ﴾ قال : خافوا. وأخرج ابن جرير، عنه، قال : الإخبات : الإنابة. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، قال الإخبات : الخشوع والتواضع. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، قال : اطمأنوا. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم ﴾ قال : الكافر ﴿ والبصير والسميع ﴾ قال : المؤمن.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أخبتوا ﴾ قال : خافوا. وأخرج ابن جرير، عنه، قال : الإخبات : الإنابة. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، قال الإخبات : الخشوع والتواضع. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، قال : اطمأنوا. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم ﴾ قال : الكافر ﴿ والبصير والسميع ﴾ قال : المؤمن.
ثم ذكر ما أجاب به قومه عليه، وهذا الجواب يتضمن الطعن منهم في نبوّته من ثلاث جهات، فقال :﴿ فَقَالَ الملأ الذين كَفَرُواْ مِن قومِهِ ﴾ والملأ : الأشراف، كما تقدم غير مرة، ووصفهم بالكفر ذماً لهم، وفيه دليل على أن بعض أشراف قومه لم يكونوا كفرة ﴿ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مّثْلَنَا ﴾ هذه الجهة الأولى من جهات طعنهم في نبوّته : أي : نحن وأنت مشتركون في البشرية، فلم يكن لك علينا مزية تستحق بها النبوّة دوننا، والجهة الثانية :﴿ وَمَا نَرَاكَ اتبعك إِلاَّ الذين هُمْ أَرَاذِلُنَا ﴾ ولم يتبعك أحد من الأشراف، فليس لك مزية علينا باتباع هؤلاء الأراذل لك. والأراذل : جمع أرذل، وأرذل جمع رذل، مثل : أكالب وأكلب وكلب. وقيل : الأراذل جمع الأرذل، كالأساود جمع أسود، وهم : السفلة. قال النحاس : الأراذل : الفقراء والذين لا حسب لهم، والحسب : الصناعات. قال الزجاج : نسبوهم إلى الحياكة، ولم يعلموا أن الصناعات لا أثر لها في الديانة. وقال ثعلب عن ابن الأعرابي : السفلة هو الذي يصلح الدنيا بدينه، قيل له : فمن سفلة السفلة ؟ قال : الذي يصلح دنيا غيره بفساد دينه. والظاهر من كلام أهل اللغة : أن السفلة هو الذي يدخل في الحرف الدنية، والرؤية في الموضعين إن كانت القلبية فبشرا في الأوّل، واتبعك في الثاني هما المفعول الثاني، وإن كانت البصرية فهما منتصبان على الحال، وانتصاب " بادي الرأي " على الظرفية، والعامل فيه اتبعك.
والمعنى : في ظاهر الرأي من غير تعمق، يقال بدا يبدو : إذا ظهر. قال الأزهري : معناه فيما يبدو لنا من الرأي. والوجه الثالث : من جهات قدحهم في نبوّته ﴿ وَمَا نرى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ ﴾ خاطبوه في الوجهين الأولين، منفرداً وفي هذا الوجه خاطبوه مع متبعيه أي : ما نرى لك ولمن اتبعك من الأراذل علينا من فضل يتميزون به، وتستحقون ما تدّعونه، ثم أضربوا عن الثلاثة المطاعن، وانتقلوا إلى ظنهم المجرّد عن البرهان الذي لا مستند له إلا مجرد العصبية، والحسد، واستبقاء ما هم فيه من الرياسة الدنيوية، فقالوا :﴿ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذبين ﴾ فيما تدّعونه، ويجوز أن يكون هذا خطاباً للأراذل وحدهم، والأوّل : أولى ؛ لأن الكلام مع نوح لا معهم إلا بطريق التبعية له.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمَا نَرَاكَ اتبعك إِلاَّ الذين هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِي الرأي ﴾ قال : فيما ظهر لنا.
وأخرج أبو الشيخ، عن عطاء، مثله. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ إِن كُنتُ على بَيّنَةٍ مّن ربّي ﴾ قال : قد عرفتها وعرفت بها أمره، وأنه لا إله إلا هو، ﴿ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِه ﴾ قال : الإسلام الهدى والإيمان، والحكم والنبوّة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة في قوله :﴿ أَنُلْزِمُكُمُوهَا ﴾ قال : أما والله لو استطاع نبيّ الله لألزمها قومه، ولكنه لم يستطع ذلك ولم يمكنه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ «أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، عن أبي العالية، قال في قراءة أبيّ :«أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن أبيّ بن كعب، أنه قرأ :«أنلزمكموها من شطر قلوبنا».
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الذين آمَنُواْ ﴾، قال : قالوا له : يا نوح، إن أحببت أن نتبعك فاطردهم، وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأرض سواء، وفي قوله :﴿ إِنَّهُم ملاقوا رَبّهِمْ ﴾ قال : فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ الله ﴾ التي لا يفنيها شيء، فأكون إنما دعوتكم لتتبعوني عليها، لا أعطيكم بملكه لي عليها ﴿ وَلا أَعْلَمُ الغيب ﴾ لا أقول : اتبعوني على علمي بالغيب ﴿ وَلا أَقُولُ إِنّي مَلَك ﴾ نزلت من السماء برسالة، ما أنا إلا بشر مثلكم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد ﴿ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ ﴾. قال : حقرتموهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السدي، في قوله :﴿ لَن يُؤْتِيَهُمُ الله خَيْرًا ﴾ قال : يعني : إيماناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ﴾ قال : تكذيباً بالعذاب، وأنه باطل.
والمعنى : في ظاهر الرأي من غير تعمق، يقال بدا يبدو : إذا ظهر. قال الأزهري : معناه فيما يبدو لنا من الرأي. والوجه الثالث : من جهات قدحهم في نبوّته ﴿ وَمَا نرى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ ﴾ خاطبوه في الوجهين الأولين، منفرداً وفي هذا الوجه خاطبوه مع متبعيه أي : ما نرى لك ولمن اتبعك من الأراذل علينا من فضل يتميزون به، وتستحقون ما تدّعونه، ثم أضربوا عن الثلاثة المطاعن، وانتقلوا إلى ظنهم المجرّد عن البرهان الذي لا مستند له إلا مجرد العصبية، والحسد، واستبقاء ما هم فيه من الرياسة الدنيوية، فقالوا :﴿ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذبين ﴾ فيما تدّعونه، ويجوز أن يكون هذا خطاباً للأراذل وحدهم، والأوّل : أولى ؛ لأن الكلام مع نوح لا معهم إلا بطريق التبعية له.
وأخرج أبو الشيخ، عن عطاء، مثله. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ إِن كُنتُ على بَيّنَةٍ مّن ربّي ﴾ قال : قد عرفتها وعرفت بها أمره، وأنه لا إله إلا هو، ﴿ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِه ﴾ قال : الإسلام الهدى والإيمان، والحكم والنبوّة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة في قوله :﴿ أَنُلْزِمُكُمُوهَا ﴾ قال : أما والله لو استطاع نبيّ الله لألزمها قومه، ولكنه لم يستطع ذلك ولم يمكنه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ «أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، عن أبي العالية، قال في قراءة أبيّ :«أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن أبيّ بن كعب، أنه قرأ :«أنلزمكموها من شطر قلوبنا».
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الذين آمَنُواْ ﴾، قال : قالوا له : يا نوح، إن أحببت أن نتبعك فاطردهم، وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأرض سواء، وفي قوله :﴿ إِنَّهُم ملاقوا رَبّهِمْ ﴾ قال : فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ الله ﴾ التي لا يفنيها شيء، فأكون إنما دعوتكم لتتبعوني عليها، لا أعطيكم بملكه لي عليها ﴿ وَلا أَعْلَمُ الغيب ﴾ لا أقول : اتبعوني على علمي بالغيب ﴿ وَلا أَقُولُ إِنّي مَلَك ﴾ نزلت من السماء برسالة، ما أنا إلا بشر مثلكم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد ﴿ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ ﴾. قال : حقرتموهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السدي، في قوله :﴿ لَن يُؤْتِيَهُمُ الله خَيْرًا ﴾ قال : يعني : إيماناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ﴾ قال : تكذيباً بالعذاب، وأنه باطل.
ثم ذكر سبحانه ما أجاب به نوح عليهم، فقال :﴿ قَالَ يَا قَوْمٌ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ على بَيّنَةٍ مّن رَبّي ﴾ أي : أخبروني إن كنت على برهان من ربي في النبوّة يدل على صحتها ويوجب عليكم قبولها، مع كون ما جعلتموه قادحاً ليس بقادح في الحقيقة، فإن المساواة في صفة البشرية لا تمنع المفارقة في صفة النبوّة، واتباع الأراذل كما تزعمون ليس مما يمنع من النبوّة، فإنهم مثلكم في البشرية والعقل والفهم، فاتباعهم لي حجة عليكم لا لكم، ويجوز أن يريد بالبينة المعجزة ﴿ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ ﴾ هي : النبوّة، وقيل : الرحمة : المعجزة، والبينة : النبوّة. قيل : ويجوز أن تكون الرحمة هي : البينة نفسها، والأولى تفسير الرحمة بغير ما فسرت البينة، والإفراد في ﴿ فَعُمّيَتْ ﴾ على إرادة كل واحدة منهما، أو على إرادة البينة، لأنها هي التي تظهر لمن تفكر، وتخفى على من لم يتفكر، ومعنى عميت : خفيت ؛ وقيل : الرحمة هي على الخلق، وقيل : هي الهداية إلى معرفة البرهان، وقيل : الإيمان، يقال عميت عن كذا، وعمي عليّ كذا : إذا لم أفهمه. قيل وهو من باب القلب، لأن البينة أو الرحمة لا تعمي وإنما يعمى عنها فهو كقولهم : أدخلت القلنسوة رأسي. وقرأ الأعمش، وحمزة، والكسائي، وحفص ﴿ فعمّيت ﴾ بضم العين وتشديد الميم على البناء للمفعول : أي فعماها الله عليكم، وفي قراءة أبيّ ﴿ فعماها عليكم ﴾ والاستفهام في ﴿ أَنُلْزِمُكُمُوهَا ﴾ للإنكار : أي لا يمكنني أن أضطركم إلى المعرفة بها، والحال أنكم لها كارهون، والمعنى : أخبروني إن كنت على حجة ظاهرة الدلالة على صحة نبوّتي إلا أنها خافية عليكم أيمكننا أن نضطركم إلى العلم بها، والحال أنكم لها كارهون غير متدبرين فيها، فإن ذلك لا يقدر عليه إلا الله عزّ وجلّ. وحكى الكسائي والفراء إسكان الميم الأولى في ﴿ أنلزمكموها ﴾ تخفيفاً كما في قول الشاعر :
فإن إسكان الباء في أشرب للتخفيف. وقد قرأ أبو عمرو كذلك.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ ﴾ قال : الكافر والمنافق ﴿ أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ على رَبّهِمْ ﴾ فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَيَقُولُ الأشهاد ﴾ الذين كانوا يحفظون أعمالهم عليهم في الدنيا ﴿ هَؤُلاء الذين كَذَبُواْ على رَبّهِمْ ﴾ شهدوا به عليهم يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، قال : الأشهاد : الملائكة. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، نحوه، وفي الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«إن الله يدني المؤمن حتى يضع كنفه ويستره من الناس ويقرّره بذنوبه، ويقول له : أتعرف ذنب كذا، أتعرف ذنب كذا ؟ فيقول : ربّ أعرف، حتى إذا قرّره بذنوبه، ورأى في نفسه أنه قد هلك قال : فإني سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، ثم يعطى كتاب حسناته. وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد : هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين» وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ الذين يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله ﴾ قال : هو محمد يعني سبيل الله، صدّت قريش عنه الناس. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا ﴾ يعني : يرجون بمكة غير الإسلام ديناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأرض ﴾ الآية قال : أخبر الله سبحانه أنه حال بين أهل الشرك وبين طاعته في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا، فإنه قال :﴿ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السمع وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ ﴾ وأما في الآخرة فإنه قال ﴿ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ خاشعة ﴾ وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السمع ﴾ قال : ما كانوا يستطيعون أن يسمعوا خيراً فينتفعوا به، ولا يبصروا خيراً فيأخذوا به.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أخبتوا ﴾ قال : خافوا. وأخرج ابن جرير، عنه، قال : الإخبات : الإنابة. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، قال الإخبات : الخشوع والتواضع. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، قال : اطمأنوا. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم ﴾ قال : الكافر ﴿ والبصير والسميع ﴾ قال : المؤمن.
فاليوم أشرب غير مستحقب | إثماً من الله ولا واغل |
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أخبتوا ﴾ قال : خافوا. وأخرج ابن جرير، عنه، قال : الإخبات : الإنابة. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، قال الإخبات : الخشوع والتواضع. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، قال : اطمأنوا. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم ﴾ قال : الكافر ﴿ والبصير والسميع ﴾ قال : المؤمن.
قوله :﴿ ويا قوم لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى الله ﴾ فيه التصريح منه عليه السلام بأنه لا يطلب على تبليغ الرسالة مالاً حتى يكون بذلك محلاً للتهمة، ويكون لقول الكافرين مجال بأنه إنما ادّعى ما ادعى طلباً للدنيا، والضمير في عليه راجع إلى ما قاله لهم، فيما قبل هذا. وقوله :﴿ وَمَا أَنَاْ بِطَارِدِ الذين آمَنُواْ ﴾ كالجواب عما يفهم من قولهم :﴿ وَمَا نَرَاكَ اتبعك إِلاَّ الذين هُمْ أَرَاذِلُنَا ﴾ من التلميح منهم إلى إبعاد الأراذل عنه. وقيل : إنهم سألوه طردهم تصريحاً لا تلميحاً، ثم علل ذلك بقوله :﴿ إِنَّهُم ملاقوا رَبّهِمْ ﴾ أي : لا أطردهم، فإنهم ملاقون يوم القيامة ربهم فهو يجازيهم على إيمانهم لأنهم طلبوا بإيمانهم ما عنده سبحانه، وكأنه قال هذا على وجه الإعظام لهم، ويحتمل أنه قاله خوفاً من مخاصمتهم له عند ربهم بسبب طرده لهم ؛ ثم بين لهم ما هم عليه في هذه المطالب التي طلبوها منه، والعلل التي اعتلوا بها عن إجابته فقال :﴿ ولكنى أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ ﴾ كل ما ينبغي أن يعلم، ومن ذلك استرذالهم للذين اتبعوه وسؤالهم له أن يطردهم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمَا نَرَاكَ اتبعك إِلاَّ الذين هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِي الرأي ﴾ قال : فيما ظهر لنا.
وأخرج أبو الشيخ، عن عطاء، مثله. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ إِن كُنتُ على بَيّنَةٍ مّن ربّي ﴾ قال : قد عرفتها وعرفت بها أمره، وأنه لا إله إلا هو، ﴿ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِه ﴾ قال : الإسلام الهدى والإيمان، والحكم والنبوّة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة في قوله :﴿ أَنُلْزِمُكُمُوهَا ﴾ قال : أما والله لو استطاع نبيّ الله لألزمها قومه، ولكنه لم يستطع ذلك ولم يمكنه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ «أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، عن أبي العالية، قال في قراءة أبيّ :«أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن أبيّ بن كعب، أنه قرأ :«أنلزمكموها من شطر قلوبنا».
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الذين آمَنُواْ ﴾، قال : قالوا له : يا نوح، إن أحببت أن نتبعك فاطردهم، وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأرض سواء، وفي قوله :﴿ إِنَّهُم ملاقوا رَبّهِمْ ﴾ قال : فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ الله ﴾ التي لا يفنيها شيء، فأكون إنما دعوتكم لتتبعوني عليها، لا أعطيكم بملكه لي عليها ﴿ وَلا أَعْلَمُ الغيب ﴾ لا أقول : اتبعوني على علمي بالغيب ﴿ وَلا أَقُولُ إِنّي مَلَك ﴾ نزلت من السماء برسالة، ما أنا إلا بشر مثلكم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد ﴿ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ ﴾. قال : حقرتموهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السدي، في قوله :﴿ لَن يُؤْتِيَهُمُ الله خَيْرًا ﴾ قال : يعني : إيماناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ﴾ قال : تكذيباً بالعذاب، وأنه باطل.
وأخرج أبو الشيخ، عن عطاء، مثله. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ إِن كُنتُ على بَيّنَةٍ مّن ربّي ﴾ قال : قد عرفتها وعرفت بها أمره، وأنه لا إله إلا هو، ﴿ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِه ﴾ قال : الإسلام الهدى والإيمان، والحكم والنبوّة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة في قوله :﴿ أَنُلْزِمُكُمُوهَا ﴾ قال : أما والله لو استطاع نبيّ الله لألزمها قومه، ولكنه لم يستطع ذلك ولم يمكنه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ «أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، عن أبي العالية، قال في قراءة أبيّ :«أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن أبيّ بن كعب، أنه قرأ :«أنلزمكموها من شطر قلوبنا».
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الذين آمَنُواْ ﴾، قال : قالوا له : يا نوح، إن أحببت أن نتبعك فاطردهم، وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأرض سواء، وفي قوله :﴿ إِنَّهُم ملاقوا رَبّهِمْ ﴾ قال : فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ الله ﴾ التي لا يفنيها شيء، فأكون إنما دعوتكم لتتبعوني عليها، لا أعطيكم بملكه لي عليها ﴿ وَلا أَعْلَمُ الغيب ﴾ لا أقول : اتبعوني على علمي بالغيب ﴿ وَلا أَقُولُ إِنّي مَلَك ﴾ نزلت من السماء برسالة، ما أنا إلا بشر مثلكم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد ﴿ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ ﴾. قال : حقرتموهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السدي، في قوله :﴿ لَن يُؤْتِيَهُمُ الله خَيْرًا ﴾ قال : يعني : إيماناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ﴾ قال : تكذيباً بالعذاب، وأنه باطل.
ثم أكد عدم جواز طردهم بقوله :﴿ ويا قوم مَن يَنصُرُنِي مِنَ الله إِن طَرَدتُّهُمْ ﴾ أي : من يمنعني من عذاب الله وانتقامه إن طردتهم ؟ فإن طردهم بسبب سبقهم إلى الإيمان والإجابة إلى الدعوة التي أرسل الله رسوله لأجلها ظلم عظيم، لا يقع من أنبياء الله المؤيدين بالعصمة، ولو وقع ذلك منهم فرضاً وتقديراً لكان فيه من الظلم مالا يكون لو فعله غيرهم من سائر الناس. وقوله :﴿ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ﴾ معطوف على مقدّر ؛ كأنه قيل : أتستمرون على ما أنتم عليه من الجهل بما ذكر، أفلا تذكرون من أحوالهم ما ينبغي تذكره، وتتفكرون فيه، حتى تعرفوا ما أنتم عليه من الخطأ، وما هم عليه من الصواب.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمَا نَرَاكَ اتبعك إِلاَّ الذين هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِي الرأي ﴾ قال : فيما ظهر لنا.
وأخرج أبو الشيخ، عن عطاء، مثله. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ إِن كُنتُ على بَيّنَةٍ مّن ربّي ﴾ قال : قد عرفتها وعرفت بها أمره، وأنه لا إله إلا هو، ﴿ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِه ﴾ قال : الإسلام الهدى والإيمان، والحكم والنبوّة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة في قوله :﴿ أَنُلْزِمُكُمُوهَا ﴾ قال : أما والله لو استطاع نبيّ الله لألزمها قومه، ولكنه لم يستطع ذلك ولم يمكنه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ «أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، عن أبي العالية، قال في قراءة أبيّ :«أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن أبيّ بن كعب، أنه قرأ :«أنلزمكموها من شطر قلوبنا».
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الذين آمَنُواْ ﴾، قال : قالوا له : يا نوح، إن أحببت أن نتبعك فاطردهم، وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأرض سواء، وفي قوله :﴿ إِنَّهُم ملاقوا رَبّهِمْ ﴾ قال : فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ الله ﴾ التي لا يفنيها شيء، فأكون إنما دعوتكم لتتبعوني عليها، لا أعطيكم بملكه لي عليها ﴿ وَلا أَعْلَمُ الغيب ﴾ لا أقول : اتبعوني على علمي بالغيب ﴿ وَلا أَقُولُ إِنّي مَلَك ﴾ نزلت من السماء برسالة، ما أنا إلا بشر مثلكم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد ﴿ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ ﴾. قال : حقرتموهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السدي، في قوله :﴿ لَن يُؤْتِيَهُمُ الله خَيْرًا ﴾ قال : يعني : إيماناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ﴾ قال : تكذيباً بالعذاب، وأنه باطل.
وأخرج أبو الشيخ، عن عطاء، مثله. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ إِن كُنتُ على بَيّنَةٍ مّن ربّي ﴾ قال : قد عرفتها وعرفت بها أمره، وأنه لا إله إلا هو، ﴿ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِه ﴾ قال : الإسلام الهدى والإيمان، والحكم والنبوّة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة في قوله :﴿ أَنُلْزِمُكُمُوهَا ﴾ قال : أما والله لو استطاع نبيّ الله لألزمها قومه، ولكنه لم يستطع ذلك ولم يمكنه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ «أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، عن أبي العالية، قال في قراءة أبيّ :«أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن أبيّ بن كعب، أنه قرأ :«أنلزمكموها من شطر قلوبنا».
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الذين آمَنُواْ ﴾، قال : قالوا له : يا نوح، إن أحببت أن نتبعك فاطردهم، وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأرض سواء، وفي قوله :﴿ إِنَّهُم ملاقوا رَبّهِمْ ﴾ قال : فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ الله ﴾ التي لا يفنيها شيء، فأكون إنما دعوتكم لتتبعوني عليها، لا أعطيكم بملكه لي عليها ﴿ وَلا أَعْلَمُ الغيب ﴾ لا أقول : اتبعوني على علمي بالغيب ﴿ وَلا أَقُولُ إِنّي مَلَك ﴾ نزلت من السماء برسالة، ما أنا إلا بشر مثلكم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد ﴿ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ ﴾. قال : حقرتموهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السدي، في قوله :﴿ لَن يُؤْتِيَهُمُ الله خَيْرًا ﴾ قال : يعني : إيماناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ﴾ قال : تكذيباً بالعذاب، وأنه باطل.
قوله :﴿ وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ الله ﴾ بين لهم أنه كما لا يطلب منهم شيئاً من أموالهم على تبليغ الرسالة، كذلك لا يدّعي أن عنده خزائن الله حتى يستدلوا بعدمها على كذبه، كما قالوا :﴿ وَمَا نرى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ ﴾ والمراد بخزائن الله : خزائن رزقه ﴿ وَلا أَعْلَمُ الغيب ﴾ أي : ولا أدّعي أني أعلم بغيب الله، بل لم أقل لكم إلا أني نذير مبين، إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم ﴿ وَلا أَقُولُ ﴾ لكم ﴿ إِنّي مَلَك ﴾ تقولوا ما نراك إلا بشراً مثلنا. وقد استدلّ بهذا من قال : إن الملائكة أفضل من الأنبياء، والأدلة في هذه المسألة مختلفة، وليس لطالب الحق إلى تحقيقها حاجة، فليست مما كلفنا الله بعلمه ﴿ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ ﴾ أي : تحتقر، والازدراء مأخوذ من أزرى عليه : إذا عابه، وزري عليه : إذا احتقره، وأنشد الفراء :
والمعنى : إني لا أقول لهؤلاء المتبعين لي المؤمنين بالله الذين تعيبونهم وتحتقرونهم ﴿ لَن يُؤْتِيَهُمُ الله خَيْرًا ﴾ بل قد آتاهم الخير العظيم بالإيمان به واتباع نبيه ؛ فهو مجازيهم بالجزاء العظيم في الآخرة، ورافعهم في الدنيا إلى أعلى محل، ولا يضرّهم احتقاركم لهم شيئاً ﴿ الله أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ ﴾ من الإيمان به، والإخلاص له، فمجازيهم على ذلك، ليس لي ولا لكم من أمرهم شيء ﴿ إِنّي إِذًا لَمِنَ الظالمين ﴾ لهم إن فعلت ما تريدونه بهم، أو من الظالمين لأنفسهم إن فعلت ذلك بهم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمَا نَرَاكَ اتبعك إِلاَّ الذين هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِي الرأي ﴾ قال : فيما ظهر لنا.
وأخرج أبو الشيخ، عن عطاء، مثله. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ إِن كُنتُ على بَيّنَةٍ مّن ربّي ﴾ قال : قد عرفتها وعرفت بها أمره، وأنه لا إله إلا هو، ﴿ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِه ﴾ قال : الإسلام الهدى والإيمان، والحكم والنبوّة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة في قوله :﴿ أَنُلْزِمُكُمُوهَا ﴾ قال : أما والله لو استطاع نبيّ الله لألزمها قومه، ولكنه لم يستطع ذلك ولم يمكنه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ «أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، عن أبي العالية، قال في قراءة أبيّ :«أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن أبيّ بن كعب، أنه قرأ :«أنلزمكموها من شطر قلوبنا».
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الذين آمَنُواْ ﴾، قال : قالوا له : يا نوح، إن أحببت أن نتبعك فاطردهم، وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأرض سواء، وفي قوله :﴿ إِنَّهُم ملاقوا رَبّهِمْ ﴾ قال : فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ الله ﴾ التي لا يفنيها شيء، فأكون إنما دعوتكم لتتبعوني عليها، لا أعطيكم بملكه لي عليها ﴿ وَلا أَعْلَمُ الغيب ﴾ لا أقول : اتبعوني على علمي بالغيب ﴿ وَلا أَقُولُ إِنّي مَلَك ﴾ نزلت من السماء برسالة، ما أنا إلا بشر مثلكم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد ﴿ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ ﴾. قال : حقرتموهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السدي، في قوله :﴿ لَن يُؤْتِيَهُمُ الله خَيْرًا ﴾ قال : يعني : إيماناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ﴾ قال : تكذيباً بالعذاب، وأنه باطل.
يباعده الصديق وتزدريه | خليلته وينهره الصغير |
وأخرج أبو الشيخ، عن عطاء، مثله. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ إِن كُنتُ على بَيّنَةٍ مّن ربّي ﴾ قال : قد عرفتها وعرفت بها أمره، وأنه لا إله إلا هو، ﴿ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِه ﴾ قال : الإسلام الهدى والإيمان، والحكم والنبوّة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة في قوله :﴿ أَنُلْزِمُكُمُوهَا ﴾ قال : أما والله لو استطاع نبيّ الله لألزمها قومه، ولكنه لم يستطع ذلك ولم يمكنه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ «أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، عن أبي العالية، قال في قراءة أبيّ :«أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن أبيّ بن كعب، أنه قرأ :«أنلزمكموها من شطر قلوبنا».
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الذين آمَنُواْ ﴾، قال : قالوا له : يا نوح، إن أحببت أن نتبعك فاطردهم، وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأرض سواء، وفي قوله :﴿ إِنَّهُم ملاقوا رَبّهِمْ ﴾ قال : فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ الله ﴾ التي لا يفنيها شيء، فأكون إنما دعوتكم لتتبعوني عليها، لا أعطيكم بملكه لي عليها ﴿ وَلا أَعْلَمُ الغيب ﴾ لا أقول : اتبعوني على علمي بالغيب ﴿ وَلا أَقُولُ إِنّي مَلَك ﴾ نزلت من السماء برسالة، ما أنا إلا بشر مثلكم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد ﴿ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ ﴾. قال : حقرتموهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السدي، في قوله :﴿ لَن يُؤْتِيَهُمُ الله خَيْرًا ﴾ قال : يعني : إيماناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ﴾ قال : تكذيباً بالعذاب، وأنه باطل.
ثم جاوبوه بغير ما تقدّم من كلامهم وكلامه عجزاً عن القيام بالحجة، وقصوراً عن رتبة المناظرة، وانقطاعاً عن المباراة بقولهم :﴿ يا نوح قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا ﴾ أي : خاصمتنا بأنواع الخصام، ودفعتنا بكل حجة لها مدخل في المقام، ولم يبق لنا في هذا الباب مجال، فقد ضاقت علينا المسالك، وانسدّت أبواب الحيل ﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ﴾ من العذاب الذي تخوّفنا منه، وتخافه علينا ﴿ إِن كُنتَ مِنَ الصادقين ﴾ فيما تقوله لنا.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمَا نَرَاكَ اتبعك إِلاَّ الذين هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِي الرأي ﴾ قال : فيما ظهر لنا.
وأخرج أبو الشيخ، عن عطاء، مثله. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ إِن كُنتُ على بَيّنَةٍ مّن ربّي ﴾ قال : قد عرفتها وعرفت بها أمره، وأنه لا إله إلا هو، ﴿ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِه ﴾ قال : الإسلام الهدى والإيمان، والحكم والنبوّة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة في قوله :﴿ أَنُلْزِمُكُمُوهَا ﴾ قال : أما والله لو استطاع نبيّ الله لألزمها قومه، ولكنه لم يستطع ذلك ولم يمكنه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ «أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، عن أبي العالية، قال في قراءة أبيّ :«أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن أبيّ بن كعب، أنه قرأ :«أنلزمكموها من شطر قلوبنا».
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الذين آمَنُواْ ﴾، قال : قالوا له : يا نوح، إن أحببت أن نتبعك فاطردهم، وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأرض سواء، وفي قوله :﴿ إِنَّهُم ملاقوا رَبّهِمْ ﴾ قال : فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ الله ﴾ التي لا يفنيها شيء، فأكون إنما دعوتكم لتتبعوني عليها، لا أعطيكم بملكه لي عليها ﴿ وَلا أَعْلَمُ الغيب ﴾ لا أقول : اتبعوني على علمي بالغيب ﴿ وَلا أَقُولُ إِنّي مَلَك ﴾ نزلت من السماء برسالة، ما أنا إلا بشر مثلكم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد ﴿ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ ﴾. قال : حقرتموهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السدي، في قوله :﴿ لَن يُؤْتِيَهُمُ الله خَيْرًا ﴾ قال : يعني : إيماناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ﴾ قال : تكذيباً بالعذاب، وأنه باطل.
وأخرج أبو الشيخ، عن عطاء، مثله. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ إِن كُنتُ على بَيّنَةٍ مّن ربّي ﴾ قال : قد عرفتها وعرفت بها أمره، وأنه لا إله إلا هو، ﴿ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِه ﴾ قال : الإسلام الهدى والإيمان، والحكم والنبوّة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة في قوله :﴿ أَنُلْزِمُكُمُوهَا ﴾ قال : أما والله لو استطاع نبيّ الله لألزمها قومه، ولكنه لم يستطع ذلك ولم يمكنه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ «أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، عن أبي العالية، قال في قراءة أبيّ :«أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن أبيّ بن كعب، أنه قرأ :«أنلزمكموها من شطر قلوبنا».
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الذين آمَنُواْ ﴾، قال : قالوا له : يا نوح، إن أحببت أن نتبعك فاطردهم، وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأرض سواء، وفي قوله :﴿ إِنَّهُم ملاقوا رَبّهِمْ ﴾ قال : فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ الله ﴾ التي لا يفنيها شيء، فأكون إنما دعوتكم لتتبعوني عليها، لا أعطيكم بملكه لي عليها ﴿ وَلا أَعْلَمُ الغيب ﴾ لا أقول : اتبعوني على علمي بالغيب ﴿ وَلا أَقُولُ إِنّي مَلَك ﴾ نزلت من السماء برسالة، ما أنا إلا بشر مثلكم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد ﴿ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ ﴾. قال : حقرتموهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السدي، في قوله :﴿ لَن يُؤْتِيَهُمُ الله خَيْرًا ﴾ قال : يعني : إيماناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ﴾ قال : تكذيباً بالعذاب، وأنه باطل.
فأجاب بأن ذلك ليس إليه وإنما هو بمشيئة الله وإرادته و﴿ قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ الله إِن شَاء ﴾ فإن قضت مشيئته وحكمته بتعجيله عجله لكم، وإن قضت مشيئته وحكمته بتأخيره أخره ﴿ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ ﴾ بفائتين عما أراده الله بكم بهرب أو مدافعة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمَا نَرَاكَ اتبعك إِلاَّ الذين هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِي الرأي ﴾ قال : فيما ظهر لنا.
وأخرج أبو الشيخ، عن عطاء، مثله. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ إِن كُنتُ على بَيّنَةٍ مّن ربّي ﴾ قال : قد عرفتها وعرفت بها أمره، وأنه لا إله إلا هو، ﴿ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِه ﴾ قال : الإسلام الهدى والإيمان، والحكم والنبوّة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة في قوله :﴿ أَنُلْزِمُكُمُوهَا ﴾ قال : أما والله لو استطاع نبيّ الله لألزمها قومه، ولكنه لم يستطع ذلك ولم يمكنه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ «أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، عن أبي العالية، قال في قراءة أبيّ :«أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن أبيّ بن كعب، أنه قرأ :«أنلزمكموها من شطر قلوبنا».
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الذين آمَنُواْ ﴾، قال : قالوا له : يا نوح، إن أحببت أن نتبعك فاطردهم، وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأرض سواء، وفي قوله :﴿ إِنَّهُم ملاقوا رَبّهِمْ ﴾ قال : فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ الله ﴾ التي لا يفنيها شيء، فأكون إنما دعوتكم لتتبعوني عليها، لا أعطيكم بملكه لي عليها ﴿ وَلا أَعْلَمُ الغيب ﴾ لا أقول : اتبعوني على علمي بالغيب ﴿ وَلا أَقُولُ إِنّي مَلَك ﴾ نزلت من السماء برسالة، ما أنا إلا بشر مثلكم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد ﴿ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ ﴾. قال : حقرتموهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السدي، في قوله :﴿ لَن يُؤْتِيَهُمُ الله خَيْرًا ﴾ قال : يعني : إيماناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ﴾ قال : تكذيباً بالعذاب، وأنه باطل.
وأخرج أبو الشيخ، عن عطاء، مثله. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ إِن كُنتُ على بَيّنَةٍ مّن ربّي ﴾ قال : قد عرفتها وعرفت بها أمره، وأنه لا إله إلا هو، ﴿ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِه ﴾ قال : الإسلام الهدى والإيمان، والحكم والنبوّة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة في قوله :﴿ أَنُلْزِمُكُمُوهَا ﴾ قال : أما والله لو استطاع نبيّ الله لألزمها قومه، ولكنه لم يستطع ذلك ولم يمكنه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ «أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، عن أبي العالية، قال في قراءة أبيّ :«أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن أبيّ بن كعب، أنه قرأ :«أنلزمكموها من شطر قلوبنا».
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الذين آمَنُواْ ﴾، قال : قالوا له : يا نوح، إن أحببت أن نتبعك فاطردهم، وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأرض سواء، وفي قوله :﴿ إِنَّهُم ملاقوا رَبّهِمْ ﴾ قال : فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ الله ﴾ التي لا يفنيها شيء، فأكون إنما دعوتكم لتتبعوني عليها، لا أعطيكم بملكه لي عليها ﴿ وَلا أَعْلَمُ الغيب ﴾ لا أقول : اتبعوني على علمي بالغيب ﴿ وَلا أَقُولُ إِنّي مَلَك ﴾ نزلت من السماء برسالة، ما أنا إلا بشر مثلكم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد ﴿ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ ﴾. قال : حقرتموهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السدي، في قوله :﴿ لَن يُؤْتِيَهُمُ الله خَيْرًا ﴾ قال : يعني : إيماناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ﴾ قال : تكذيباً بالعذاب، وأنه باطل.
﴿ وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي ﴾ الذي أبذله لكم، وأستكثر منه قياماً مني بحق النصيحة لله بإبلاغ رسالته، ولكم بإيضاح الحق وبيان بطلان ما أنتم عليه ﴿ إِنْ أَرَدْت أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ ﴾ وجواب هذا الشرط محذوف، والتقدير : إن أردت أن أنصح لكم لا ينفعكم نصحي، كما يدل عليه ما قبله :﴿ إِن كَانَ الله يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ ﴾ أي : إن كان الله يريد إغواءكم، فلا ينفعكم النصح مني، فكان جواب هذا الشرط محذوفاً كالأوّل، وتقديره ما ذكرنا، وهذا التقدير إنما هو على مذهب من يمنع من تقدّم الجزاء على الشرط، وأما على مذهب من يجيزه، فجزاء الشرط الأوّل، ولا ينفعكم نصحي، وجزاء الشرط الثاني الجملة الشرطية الأولى وجزاؤها. قال ابن جرير : معنى يغويكم يهلككم بعذابه، وظاهر لغة العرب أن الإغواء : الإضلال ؛ فمعنى الآية : لا ينفعكم نصحي إن كان الله يريد أن يضلكم عن سبيل الرشاد، ويخذلكم عن طريق الحق. وحكي عن طيّ : أصبح فلان غاوياً : أي مريضاً، وليس هذا المعنى هو المراد في الآية. وقد ورد الإغواء بمعنى الإهلاك، ومنه :﴿ فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً ﴾ وهو غير ما في هذه الآية ﴿ هُوَ رَبُّكُمْ ﴾ فإليه الإغواء وإليه الهداية ﴿ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ فيجازيكم بأعمالكم إن خيراً فخير، وإن شرّاً فشرّ.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمَا نَرَاكَ اتبعك إِلاَّ الذين هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِي الرأي ﴾ قال : فيما ظهر لنا.
وأخرج أبو الشيخ، عن عطاء، مثله. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ إِن كُنتُ على بَيّنَةٍ مّن ربّي ﴾ قال : قد عرفتها وعرفت بها أمره، وأنه لا إله إلا هو، ﴿ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِه ﴾ قال : الإسلام الهدى والإيمان، والحكم والنبوّة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة في قوله :﴿ أَنُلْزِمُكُمُوهَا ﴾ قال : أما والله لو استطاع نبيّ الله لألزمها قومه، ولكنه لم يستطع ذلك ولم يمكنه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ «أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، عن أبي العالية، قال في قراءة أبيّ :«أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن أبيّ بن كعب، أنه قرأ :«أنلزمكموها من شطر قلوبنا».
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الذين آمَنُواْ ﴾، قال : قالوا له : يا نوح، إن أحببت أن نتبعك فاطردهم، وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأرض سواء، وفي قوله :﴿ إِنَّهُم ملاقوا رَبّهِمْ ﴾ قال : فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ الله ﴾ التي لا يفنيها شيء، فأكون إنما دعوتكم لتتبعوني عليها، لا أعطيكم بملكه لي عليها ﴿ وَلا أَعْلَمُ الغيب ﴾ لا أقول : اتبعوني على علمي بالغيب ﴿ وَلا أَقُولُ إِنّي مَلَك ﴾ نزلت من السماء برسالة، ما أنا إلا بشر مثلكم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد ﴿ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ ﴾. قال : حقرتموهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السدي، في قوله :﴿ لَن يُؤْتِيَهُمُ الله خَيْرًا ﴾ قال : يعني : إيماناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ﴾ قال : تكذيباً بالعذاب، وأنه باطل.
وأخرج أبو الشيخ، عن عطاء، مثله. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ إِن كُنتُ على بَيّنَةٍ مّن ربّي ﴾ قال : قد عرفتها وعرفت بها أمره، وأنه لا إله إلا هو، ﴿ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِه ﴾ قال : الإسلام الهدى والإيمان، والحكم والنبوّة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة في قوله :﴿ أَنُلْزِمُكُمُوهَا ﴾ قال : أما والله لو استطاع نبيّ الله لألزمها قومه، ولكنه لم يستطع ذلك ولم يمكنه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ «أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، عن أبي العالية، قال في قراءة أبيّ :«أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن أبيّ بن كعب، أنه قرأ :«أنلزمكموها من شطر قلوبنا».
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الذين آمَنُواْ ﴾، قال : قالوا له : يا نوح، إن أحببت أن نتبعك فاطردهم، وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأرض سواء، وفي قوله :﴿ إِنَّهُم ملاقوا رَبّهِمْ ﴾ قال : فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ الله ﴾ التي لا يفنيها شيء، فأكون إنما دعوتكم لتتبعوني عليها، لا أعطيكم بملكه لي عليها ﴿ وَلا أَعْلَمُ الغيب ﴾ لا أقول : اتبعوني على علمي بالغيب ﴿ وَلا أَقُولُ إِنّي مَلَك ﴾ نزلت من السماء برسالة، ما أنا إلا بشر مثلكم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد ﴿ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ ﴾. قال : حقرتموهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السدي، في قوله :﴿ لَن يُؤْتِيَهُمُ الله خَيْرًا ﴾ قال : يعني : إيماناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ﴾ قال : تكذيباً بالعذاب، وأنه باطل.
وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: أَنُلْزِمُكُمُوها قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَوِ اسْتَطَاعَ نَبِيُّ اللَّهِ لَأَلْزَمَهَا قَوْمَهُ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَسْتَطِعْ ذَلِكَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: «أَنُلْزِمُكُمُوهَا مِنْ شَطْرِ أَنْفُسِنَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ» وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ فِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ: «أَنُلْزِمُكُمُوهَا مِنْ شَطْرِ أَنْفُسِنَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ». وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ قَرَأَ «أَنُلْزِمُكُمُوهَا مِنْ شَطْرِ قُلُوبِنَا». وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ: وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا، قَالَ: قَالُوا لَهُ: يَا نُوحُ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ نَتَّبِعَكَ فَاطْرُدْهُمْ، إلا فَلَنْ نَرْضَى أَنْ نَكُونَ نَحْنُ وَهُمْ فِي الأرض سواء، وفي قوله: إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ قَالَ: فَيَسْأَلُهُمْ عَنْ أَعْمَالِهِمْ. وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ الَّتِي لَا يُفْنِيهَا شيء، فأكون إنما دعوتكم لتتبعوني عليها، لأعطيكم منها بملك لِي عَلَيْهَا وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَا أَقُولُ: اتَّبَعُونِي عَلَى عِلْمِي بِالْغَيْبِ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ بِرِسَالَةٍ، مَا أَنَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ. قَالَ: حَقَّرْتُمُوهُمْ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً قَالَ: يَعْنِي إِيمَانًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ: فَأْتِنا بِما تَعِدُنا قَالَ: تَكْذِيبًا بِالْعَذَابِ وَأَنَّهُ بَاطِلٌ.
[سورة هود (١١) : الآيات ٣٥ الى ٤٤]
أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (٣٥) وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦) وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (٣٧) وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ (٣٨) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ (٣٩)
حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ (٤٠) وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (٤١) وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ (٤٢) قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ قالَ لَا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (٤٣) وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤٤)
قَوْلُهُ: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ أَنْكَرَ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِمْ قَوْلَهُمْ: إِنَّ مَا أُوحِيَ إِلَى نُوحٍ مُفْتَرًى، فَقَالَ: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يُجِيبَ بِكَلَامٍ مُنْصِفٍ، فَقَالَ: قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ، مَصْدَرُ أَجْرَمَ، أَيْ: فِعْلُ مَا يُوجِبُ الْإِثْمَ، وَجَرَمَ وَأَجْرَمَ بِمَعْنًى، قَالَهُ النَّحَّاسُ، وَالْمَعْنَى:
فَعَلَيَّ إِثْمِي أَوْ جَزَاءُ كَسْبِي. وَمَنْ قَرَأَ بِفَتْحِ الهمزة، قال: هو جمع جرم ذكره النحاس أيضا وَأَنَا بَرِيءٌ
[سورة هود (١١) : الآيات ٣٥ الى ٤٤]
أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (٣٥) وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦) وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (٣٧) وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ (٣٨) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ (٣٩)
حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ (٤٠) وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (٤١) وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ (٤٢) قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ قالَ لَا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (٤٣) وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤٤)
قَوْلُهُ: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ أَنْكَرَ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِمْ قَوْلَهُمْ: إِنَّ مَا أُوحِيَ إِلَى نُوحٍ مُفْتَرًى، فَقَالَ: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يُجِيبَ بِكَلَامٍ مُنْصِفٍ، فَقَالَ: قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ، مَصْدَرُ أَجْرَمَ، أَيْ: فِعْلُ مَا يُوجِبُ الْإِثْمَ، وَجَرَمَ وَأَجْرَمَ بِمَعْنًى، قَالَهُ النَّحَّاسُ، وَالْمَعْنَى:
فَعَلَيَّ إِثْمِي أَوْ جَزَاءُ كَسْبِي. وَمَنْ قَرَأَ بِفَتْحِ الهمزة، قال: هو جمع جرم ذكره النحاس أيضا وَأَنَا بَرِيءٌ
563
مِمَّا تُجْرِمُونَ
أَيْ: مِنْ إِجْرَامِكُمْ بِسَبَبِ مَا تَنْسُبُونَهُ إِلَيَّ مِنَ الِافْتِرَاءِ، قِيلَ: وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ:
لَكِنْ مَا افْتَرَيْتُهُ، فَالْإِجْرَامُ وَعِقَابُهُ لَيْسَ إِلَّا عَلَيْكُمْ وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْهُ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَقِيلَ: إِنَّهَا حِكَايَةٌ عَنْ نُوحٍ وَمَا قَالَهُ لِقَوْمِهِ، وَقِيلَ: هِيَ حِكَايَةٌ عَنِ الْمُحَاوَرَةِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَ نَبِيِّنَا محمد صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وَكُفَّارِ مَكَّةَ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، لِأَنَّ الْكَلَامَ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا مَعَ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
قَوْلُهُ: وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ: فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ الْفَاعِلِ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِتَقْدِيرِ الْبَاءِ، أَيْ: بِأَنَّهُ، وَفِي الْكَلَامِ تَأْيِيسٌ لَهُ مِنْ إِيمَانِهِمْ، وَأَنَّهُمْ مُسْتَمِرُّونَ عَلَى كُفْرِهِمْ، مُصَمِّمُونَ عَلَيْهِ، لَا يُؤْمِنُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا مَنْ قَدْ سَبَقَ إِيمَانُهُ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ الْبُؤْسُ: الْحُزْنُ، أَيْ: فَلَا تَحْزَنْ، وَالْبَائِسُ: الْمُسْتَكِينُ، فَنَهَاهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْ أَنْ يَحْزَنَ حُزْنَ مُسْتَكِينٍ لِأَنَّ الِابْتِئَاسَ حُزْنٌ فِي اسْتِكَانَةٍ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمَّا أَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ أَلْبَتَّةَ عَرَّفَهُ وَجْهَ إِهْلَاكِهِمْ، وَأَلْهَمَهُ الْأَمْرَ الَّذِي يَكُونُ بِهِ خَلَاصُهُ وَخَلَاصُ مَنْ آمَنَ مَعَهُ، فَقَالَ: وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا أَيِ: اعْمَلِ السَّفِينَةَ مُتَلَبِّسًا بِأَعْيُنِنَا أَيْ:
بِمَرْأًى مِنَّا، وَالْمُرَادُ: بِحِرَاسَتِنَا لَكَ، وَحِفْظِنَا لَكَ، وَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِالْأَعْيُنِ لِأَنَّهَا آلَةُ الرُّؤْيَةِ، وَالرُّؤْيَةُ هِيَ الَّتِي تَكُونُ بِهَا الْحِرَاسَةُ وَالْحِفْظُ فِي الْغَالِبِ، وَجَمَعَ الْأَعْيُنَ لِلتَّعْظِيمِ لَا لِلتَّكْثِيرِ وَقِيلَ الْمَعْنَى: بِأَعْيُنِنا أَيْ:
بِأَعْيُنِ مَلَائِكَتِنَا الَّذِينَ جَعَلْنَاهُمْ عُيُونًا عَلَى حِفْظِكَ وَقِيلَ: بِأَعْيُنِنا بِعِلْمِنَا وَقِيلَ: بِأَمْرِنَا. وَمَعْنَى بِوَحْيِنَا: بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنْ كَيْفِيَّةِ صَنْعَتِهَا وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيْ: لَا تَطْلُبُ إِمْهَالَهُمْ، فَقَدْ حَانَ وَقْتُ الِانْتِقَامِ مِنْهُمْ، وَجُمْلَةُ إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ لِلتَّعْلِيلِ، أَيْ: لَا تَطْلُبُ مِنَّا إِمْهَالَهُمْ، فَإِنَّهُ مَحْكُومٌ مِنَّا عَلَيْهِمْ بِالْغَرَقِ وَقَدْ مَضَى بِهِ الْقَضَاءُ فَلَا سَبِيلَ إِلَى دَفْعِهِ وَلَا تَأْخِيرِهِ وَقِيلَ: الْمَعْنَى وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي تَعْجِيلِ عِقَابِهِمْ فَإِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ فِي الْوَقْتِ الْمَضْرُوبِ لِذَلِكَ، لَا يَتَأَخَّرُ إِغْرَاقُهُمْ عَنْهُ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالَّذِينِ ظَلَمُوا: امْرَأَتُهُ وَابْنُهُ وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ أَيْ: وَطَفِقَ يَصْنَعُ الْفُلْكَ، أَوْ وَأَخَذَ يَصْنَعُ الْفُلْكَ وَقِيلَ: هُوَ حِكَايَةُ حَالٍ مَاضِيَةٍ لِاسْتِحْضَارِ الصُّورَةِ، وَجُمْلَةُ: وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ أَيْ: اسْتَهْزَءُوا بِهِ لِعَمَلِهِ السَّفِينَةَ. قَالَ الْأَخْفَشُ وَالْكِسَائِيُّ: يُقَالُ سَخِرَتْ بِهِ وَمِنْهُ. وَفِي وَجْهِ سُخْرِيَتِهِمْ مِنْهُ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَهُ يَعْمَلُ السَّفِينَةَ، فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ! صِرْتَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ نَجَّارًا. وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ لَمَّا شَاهَدُوهُ يَعْمَلُ السَّفِينَةَ، وَكَانُوا لَا يَعْرِفُونَهَا قَبْلَ ذَلِكَ، قَالُوا: يا نوح ما تصنع بها؟ قَالَ: أَمْشِي بِهَا عَلَى الْمَاءِ فَعَجِبُوا مِنْ قَوْلِهِ، وَسَخِرُوا بِهِ. ثُمَّ أَجَابَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ وَهَذَا الْكَلَامُ مُسْتَأْنَفٌ عَلَى تَقْدِيرِ سُؤَالٍ كَأَنَّهُ قِيلَ: فَمَاذَا قَالَ لَهُمْ؟ وَالْمَعْنَى: إِنْ تسخروا منا بسبب عملنا للسفينة اليوم نَسْخَرُ مِنْكُمْ غَدًا عِنْدَ الْغَرَقِ. وَمَعْنَى السُّخْرِيَةِ هُنَا: الِاسْتِجْهَالُ، أَيْ: إِنْ تَسْتَجْهِلُونَا فَإِنَّا نَسْتَجْهِلُكُمْ كَمَا تَسْتَجْهِلُونَ، وَاسْتِجْهَالُهُ لَهُمْ بِاعْتِبَارِ إِظْهَارِهِ لَهُمْ وَمُشَافَهَتِهِمْ، وَإِلَّا فَهُمْ عِنْدَهُ جُهَّالٌ قَبْلَ هَذَا وَبَعْدَهُ، وَالتَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ كَما تَسْخَرُونَ لِمُجَرَّدِ التَّحَقُّقِ وَالْوُقُوعِ، أَوِ التَّجَدُّدِ وَالتَّكَرُّرِ،
أَيْ: مِنْ إِجْرَامِكُمْ بِسَبَبِ مَا تَنْسُبُونَهُ إِلَيَّ مِنَ الِافْتِرَاءِ، قِيلَ: وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ:
لَكِنْ مَا افْتَرَيْتُهُ، فَالْإِجْرَامُ وَعِقَابُهُ لَيْسَ إِلَّا عَلَيْكُمْ وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْهُ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَقِيلَ: إِنَّهَا حِكَايَةٌ عَنْ نُوحٍ وَمَا قَالَهُ لِقَوْمِهِ، وَقِيلَ: هِيَ حِكَايَةٌ عَنِ الْمُحَاوَرَةِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَ نَبِيِّنَا محمد صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وَكُفَّارِ مَكَّةَ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، لِأَنَّ الْكَلَامَ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا مَعَ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
قَوْلُهُ: وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ: فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ الْفَاعِلِ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِتَقْدِيرِ الْبَاءِ، أَيْ: بِأَنَّهُ، وَفِي الْكَلَامِ تَأْيِيسٌ لَهُ مِنْ إِيمَانِهِمْ، وَأَنَّهُمْ مُسْتَمِرُّونَ عَلَى كُفْرِهِمْ، مُصَمِّمُونَ عَلَيْهِ، لَا يُؤْمِنُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا مَنْ قَدْ سَبَقَ إِيمَانُهُ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ الْبُؤْسُ: الْحُزْنُ، أَيْ: فَلَا تَحْزَنْ، وَالْبَائِسُ: الْمُسْتَكِينُ، فَنَهَاهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْ أَنْ يَحْزَنَ حُزْنَ مُسْتَكِينٍ لِأَنَّ الِابْتِئَاسَ حُزْنٌ فِي اسْتِكَانَةٍ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَكَمْ مِنْ خَلِيلٍ أَوْ حَمِيمٍ رُزِئْتُهُ | فَلَمْ أَبْتَئِسْ وَالرُّزْءُ فِيهِ جَلِيلُ |
بِمَرْأًى مِنَّا، وَالْمُرَادُ: بِحِرَاسَتِنَا لَكَ، وَحِفْظِنَا لَكَ، وَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِالْأَعْيُنِ لِأَنَّهَا آلَةُ الرُّؤْيَةِ، وَالرُّؤْيَةُ هِيَ الَّتِي تَكُونُ بِهَا الْحِرَاسَةُ وَالْحِفْظُ فِي الْغَالِبِ، وَجَمَعَ الْأَعْيُنَ لِلتَّعْظِيمِ لَا لِلتَّكْثِيرِ وَقِيلَ الْمَعْنَى: بِأَعْيُنِنا أَيْ:
بِأَعْيُنِ مَلَائِكَتِنَا الَّذِينَ جَعَلْنَاهُمْ عُيُونًا عَلَى حِفْظِكَ وَقِيلَ: بِأَعْيُنِنا بِعِلْمِنَا وَقِيلَ: بِأَمْرِنَا. وَمَعْنَى بِوَحْيِنَا: بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنْ كَيْفِيَّةِ صَنْعَتِهَا وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيْ: لَا تَطْلُبُ إِمْهَالَهُمْ، فَقَدْ حَانَ وَقْتُ الِانْتِقَامِ مِنْهُمْ، وَجُمْلَةُ إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ لِلتَّعْلِيلِ، أَيْ: لَا تَطْلُبُ مِنَّا إِمْهَالَهُمْ، فَإِنَّهُ مَحْكُومٌ مِنَّا عَلَيْهِمْ بِالْغَرَقِ وَقَدْ مَضَى بِهِ الْقَضَاءُ فَلَا سَبِيلَ إِلَى دَفْعِهِ وَلَا تَأْخِيرِهِ وَقِيلَ: الْمَعْنَى وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي تَعْجِيلِ عِقَابِهِمْ فَإِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ فِي الْوَقْتِ الْمَضْرُوبِ لِذَلِكَ، لَا يَتَأَخَّرُ إِغْرَاقُهُمْ عَنْهُ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالَّذِينِ ظَلَمُوا: امْرَأَتُهُ وَابْنُهُ وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ أَيْ: وَطَفِقَ يَصْنَعُ الْفُلْكَ، أَوْ وَأَخَذَ يَصْنَعُ الْفُلْكَ وَقِيلَ: هُوَ حِكَايَةُ حَالٍ مَاضِيَةٍ لِاسْتِحْضَارِ الصُّورَةِ، وَجُمْلَةُ: وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ أَيْ: اسْتَهْزَءُوا بِهِ لِعَمَلِهِ السَّفِينَةَ. قَالَ الْأَخْفَشُ وَالْكِسَائِيُّ: يُقَالُ سَخِرَتْ بِهِ وَمِنْهُ. وَفِي وَجْهِ سُخْرِيَتِهِمْ مِنْهُ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَهُ يَعْمَلُ السَّفِينَةَ، فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ! صِرْتَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ نَجَّارًا. وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ لَمَّا شَاهَدُوهُ يَعْمَلُ السَّفِينَةَ، وَكَانُوا لَا يَعْرِفُونَهَا قَبْلَ ذَلِكَ، قَالُوا: يا نوح ما تصنع بها؟ قَالَ: أَمْشِي بِهَا عَلَى الْمَاءِ فَعَجِبُوا مِنْ قَوْلِهِ، وَسَخِرُوا بِهِ. ثُمَّ أَجَابَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ وَهَذَا الْكَلَامُ مُسْتَأْنَفٌ عَلَى تَقْدِيرِ سُؤَالٍ كَأَنَّهُ قِيلَ: فَمَاذَا قَالَ لَهُمْ؟ وَالْمَعْنَى: إِنْ تسخروا منا بسبب عملنا للسفينة اليوم نَسْخَرُ مِنْكُمْ غَدًا عِنْدَ الْغَرَقِ. وَمَعْنَى السُّخْرِيَةِ هُنَا: الِاسْتِجْهَالُ، أَيْ: إِنْ تَسْتَجْهِلُونَا فَإِنَّا نَسْتَجْهِلُكُمْ كَمَا تَسْتَجْهِلُونَ، وَاسْتِجْهَالُهُ لَهُمْ بِاعْتِبَارِ إِظْهَارِهِ لَهُمْ وَمُشَافَهَتِهِمْ، وَإِلَّا فَهُمْ عِنْدَهُ جُهَّالٌ قَبْلَ هَذَا وَبَعْدَهُ، وَالتَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ كَما تَسْخَرُونَ لِمُجَرَّدِ التَّحَقُّقِ وَالْوُقُوعِ، أَوِ التَّجَدُّدِ وَالتَّكَرُّرِ،
564
وَالْمَعْنَى: إِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ سُخْرِيَةً مُتَحَقِّقَةً وَاقِعَةً، كَمَا تَسْخَرُونَ مِنَّا كَذَلِكَ، أَوْ مُتَجَدِّدَةً مُتَكَرِّرَةً كَمَا تَسْخَرُونَ مِنَّا كَذَلِكَ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ: نَسْخَرُ مِنْكُمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ سُخْرِيَةً مِثْلَ سُخْرِيَتِكُمْ إِذَا وَقَعَ عَلَيْكُمُ الْغَرَقُ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ حَالَهُمْ إِذْ ذَاكَ لَا تُنَاسِبُهُ السُّخْرِيَةُ إِذْ هُمْ فِي شُغْلٍ شَاغِلٍ عَنْهَا، ثُمَّ هَدَّدَهُمْ بِقَوْلِهِ: فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَهُوَ عَذَابُ الْغَرَقِ فِي الدُّنْيَا وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ وَهُوَ عَذَابُ النَّارِ الدَّائِمُ، وَمَعْنَى يَحِلُّ: يَجْعَلُ الْمُؤَجَّلَ حَالًّا، مَأْخُوذٌ مِنْ حُلُولِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ، وَمَنْ مَوْصُولَةٌ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ اسْتِفْهَامِيَّةً فِي مَحَلِّ رَفْعٍ، أَيْ: أَيُّنَا يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَقِيلَ: فِي مَوْضِعِ رفع بالابتداء، ويأتيه الخبر، ويخزيه صِفَةٌ لِعَذَابٌ، قَالَ الْكِسَائِيُّ: إِنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ يَقُولُونَ سَوْفَ تَعْلَمُونَ قَالَ: وَمَنْ قَالَ سَتَعْلَمُونَ أَسْقَطَ الْوَاوَ وَالْفَاءَ جَمِيعًا، وَجَوَّزَ الْكُوفِيُّونَ «سَوْفَ تَعْلَمُونَ» وَمَنَعَهُ الْبَصْرِيُّونَ، وَالْمُرَادُ بِعَذَابِ الْخِزْيِ:
الْعَذَابُ الَّذِي يُخْزِي صَاحِبَهُ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ الْعَارُ. قَوْلُهُ حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ حَتَّى هِيَ الِابْتِدَائِيَّةُ دَخَلَتْ عَلَى الْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ وَجُعِلَتْ غَايَةً لِقَوْلِهِ: وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا.
والتنور اختلف في تفسيرها على أقوال: الْأَوَّلُ: أَنَّهَا وَجْهُ الْأَرْضِ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي وَجْهَ الْأَرْضِ تَنُّورًا، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ وَالزُّهْرِيِّ وَابْنِ عُيَيْنَةَ. الثَّانِي: أَنَّهُ تَنُّورُ الخبز الذي يخبزون فِيهِ، وَبِهِ قَالَ مُجَاهِدٌ وَعَطِيَّةُ وَالْحَسَنُ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا. الثَّالِثُ: أَنَّهُ مَوْضِعُ اجْتِمَاعِ الْمَاءِ فِي السَّفِينَةِ، رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ. الرَّابِعُ: أَنَّهُ طُلُوعُ الْفَجْرِ، مِنْ قَوْلِهِمْ تَنُّورُ الْفَجْرِ، رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. الْخَامِسُ: أَنَّهُ مَسْجِدُ الْكُوفَةِ، رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَيْضًا وَمُجَاهِدٍ قَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَ نَاحِيَةُ التَّنُّورِ بِالْكُوفَةِ. السَّادِسُ: أَنَّهُ أَعَالِي الْأَرْضِ وَالْمَوَاضِعُ الْمُرْتَفِعَةُ، قَالَهُ قَتَادَةُ. السَّابِعُ: أَنَّهُ الْعَيْنُ الَّتِي بِالْجَزِيرَةِ الْمُسَمَّاةِ عَيْنَ الْوَرْدَةِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عِكْرِمَةَ.
الثَّامِنُ أَنَّهُ مَوْضِعٌ بِالْهِنْدِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ تَنَّوُرُ آدَمَ بِالْهِنْدِ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ لَيْسَتْ بِمُتَنَاقِضَةٍ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدْ أَخْبَرَ بِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ جَاءَ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، قَالَ: فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ- وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً «١» فَهَذِهِ الْأَقْوَالُ تَجْتَمِعُ فِي أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عَلَامَةً، هَكَذَا قَالَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْقَوْلَ الرَّابِعَ يُنَافِي هَذَا الْجَمْعَ، وَلَا يَسْتَقِيمُ عَلَيْهِ التَّفْسِيرُ بِنَبْعِ الْمَاءِ. إِلَّا إِذَا كَانَ الْمُرَادُ مُجَرَّدَ الْعَلَامَةِ كَمَا ذَكَرَهُ آخِرًا.
وَقَدْ ذَكَرَ أَهْلُ اللُّغَةِ أَنَّ الْفَوْرَ: الْغَلَيَانُ، وَالتَّنُّورَ: اسْمٌ عجمي عرّبته العرب وقيل معنى فار التَّنُّورُ: التَّمْثِيلُ بِحُضُورِ الْعَذَابِ، كَقَوْلِهِمْ: حَمِيَ الْوَطِيسُ إِذَا اشْتَدَّ الْحَرْبُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
يُرِيدُ الْحَرْبَ.
قَوْلُهُ: قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ أَيْ: قُلْنَا يَا نُوحُ احْمِلْ فِي السَّفِينَةِ مِنْ كُلِّ زَوْجَيْنِ مِمَّا فِي الْأَرْضِ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ اثْنَيْنِ ذَكَرًا وَأُنْثَى. وَقَرَأَ حَفْصٌ: مِنْ كُلٍّ بِتَنْوِينِ كُلٍّ أَيْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ زَوْجَيْنِ وَالزَّوْجَانِ: لِلِاثْنَيْنِ الذين لَا يَسْتَغْنِي أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ، وَيُطْلَقُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَوْجٌ، كَمَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ:
زَوْجٌ وَلِلْمَرْأَةِ زَوْجٌ، وَيُطْلَقُ الزَّوْجُ عَلَى الِاثْنَيْنِ إِذَا اسْتُعْمِلَ مُقَابِلًا لِلْفَرْدِ، وَيُطْلَقُ الزَّوْجُ عَلَى الضرب والصنف،
الْعَذَابُ الَّذِي يُخْزِي صَاحِبَهُ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ الْعَارُ. قَوْلُهُ حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ حَتَّى هِيَ الِابْتِدَائِيَّةُ دَخَلَتْ عَلَى الْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ وَجُعِلَتْ غَايَةً لِقَوْلِهِ: وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا.
والتنور اختلف في تفسيرها على أقوال: الْأَوَّلُ: أَنَّهَا وَجْهُ الْأَرْضِ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي وَجْهَ الْأَرْضِ تَنُّورًا، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ وَالزُّهْرِيِّ وَابْنِ عُيَيْنَةَ. الثَّانِي: أَنَّهُ تَنُّورُ الخبز الذي يخبزون فِيهِ، وَبِهِ قَالَ مُجَاهِدٌ وَعَطِيَّةُ وَالْحَسَنُ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا. الثَّالِثُ: أَنَّهُ مَوْضِعُ اجْتِمَاعِ الْمَاءِ فِي السَّفِينَةِ، رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ. الرَّابِعُ: أَنَّهُ طُلُوعُ الْفَجْرِ، مِنْ قَوْلِهِمْ تَنُّورُ الْفَجْرِ، رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. الْخَامِسُ: أَنَّهُ مَسْجِدُ الْكُوفَةِ، رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَيْضًا وَمُجَاهِدٍ قَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَ نَاحِيَةُ التَّنُّورِ بِالْكُوفَةِ. السَّادِسُ: أَنَّهُ أَعَالِي الْأَرْضِ وَالْمَوَاضِعُ الْمُرْتَفِعَةُ، قَالَهُ قَتَادَةُ. السَّابِعُ: أَنَّهُ الْعَيْنُ الَّتِي بِالْجَزِيرَةِ الْمُسَمَّاةِ عَيْنَ الْوَرْدَةِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عِكْرِمَةَ.
الثَّامِنُ أَنَّهُ مَوْضِعٌ بِالْهِنْدِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ تَنَّوُرُ آدَمَ بِالْهِنْدِ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ لَيْسَتْ بِمُتَنَاقِضَةٍ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدْ أَخْبَرَ بِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ جَاءَ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، قَالَ: فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ- وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً «١» فَهَذِهِ الْأَقْوَالُ تَجْتَمِعُ فِي أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عَلَامَةً، هَكَذَا قَالَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْقَوْلَ الرَّابِعَ يُنَافِي هَذَا الْجَمْعَ، وَلَا يَسْتَقِيمُ عَلَيْهِ التَّفْسِيرُ بِنَبْعِ الْمَاءِ. إِلَّا إِذَا كَانَ الْمُرَادُ مُجَرَّدَ الْعَلَامَةِ كَمَا ذَكَرَهُ آخِرًا.
وَقَدْ ذَكَرَ أَهْلُ اللُّغَةِ أَنَّ الْفَوْرَ: الْغَلَيَانُ، وَالتَّنُّورَ: اسْمٌ عجمي عرّبته العرب وقيل معنى فار التَّنُّورُ: التَّمْثِيلُ بِحُضُورِ الْعَذَابِ، كَقَوْلِهِمْ: حَمِيَ الْوَطِيسُ إِذَا اشْتَدَّ الْحَرْبُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
تَرَكْتُمْ قِدْرَكُمْ لَا شَيْءَ فِيهَا | وَقِدْرُ الْقَوْمِ حَامِيَةٌ تَفُورُ |
قَوْلُهُ: قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ أَيْ: قُلْنَا يَا نُوحُ احْمِلْ فِي السَّفِينَةِ مِنْ كُلِّ زَوْجَيْنِ مِمَّا فِي الْأَرْضِ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ اثْنَيْنِ ذَكَرًا وَأُنْثَى. وَقَرَأَ حَفْصٌ: مِنْ كُلٍّ بِتَنْوِينِ كُلٍّ أَيْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ زَوْجَيْنِ وَالزَّوْجَانِ: لِلِاثْنَيْنِ الذين لَا يَسْتَغْنِي أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ، وَيُطْلَقُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَوْجٌ، كَمَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ:
زَوْجٌ وَلِلْمَرْأَةِ زَوْجٌ، وَيُطْلَقُ الزَّوْجُ عَلَى الِاثْنَيْنِ إِذَا اسْتُعْمِلَ مُقَابِلًا لِلْفَرْدِ، وَيُطْلَقُ الزَّوْجُ عَلَى الضرب والصنف،
(١). القمر: ١١- ١٢.
565
وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ «١» وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْأَعْشَى:
أَرَادَ كُلَّ صِنْفٍ مِنَ الدِّيبَاجِ وَأَهْلَكَ عَطْفٌ عَلَى زَوْجَيْنِ، أَوْ عَلَى اثْنَيْنِ عَلَى قِرَاءَةِ حَفْصٍ، وَعَلَى مَحَلِّ كُلٍّ زَوْجَيْنِ، فَإِنَّهُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ بِاحْمِلْ، أَوْ عَلَى اثْنَيْنِ عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ، وَالْمُرَادُ: امْرَأَتُهُ وَبَنُوهُ وَنِسَاؤُهُمْ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ أَيْ مَنْ تَقَدَّمَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مِنَ الْمُغْرَقِينَ فِي قَوْلِهِ: وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ عَلَى الِاخْتِلَافِ السَّابِقِ فِيهِمْ، فَمَنْ جَعَلَهُمْ جَمِيعَ الْكُفَّارِ مِنْ أَهْلِهِ وَغَيْرِهِمْ كَانَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ جُمْلَةِ احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ وَمَنْ قَالَ: الْمُرَادُ بِهِمْ: وَلَدُهُ كَنْعَانُ وَامْرَأَتُهُ وَاعِلَةُ أُمُّ كَنْعَانَ، جَعَلَ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ أَهْلَكَ، وَيَكُونُ مُتَّصِلًا إِنْ أُرِيدَ بِالْأَهْلِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ مِنْهُمْ، وَمُنْقَطِعًا إِنْ أُرِيدَ بِالْأَهْلِ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ فَقَطْ. قَوْلُهُ: وَمَنْ آمَنَ مَعْطُوفٌ عَلَى أَهْلَكَ، أَيْ:
وَاحْمِلْ فِي السَّفِينَةِ مَنْ آمَنَ مِنْ قَوْمِكَ، وَأَفْرَدَ الْأَهْلَ مِنْهُمْ لِمَزِيدِ الْعِنَايَةِ بِهِمْ، أَوْ لِلِاسْتِثْنَاءِ مِنْهُمْ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ.
ثُمَّ وَصَفَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ قِلَّةَ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ نُوحٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ كَفَرَ بِهِ فَقَالَ: وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ قِيلَ:
هُمْ ثمانون إنسانا منهم: ثلاثة من بنيه، وهم سَامٌ، وَحَامٌ، وَيَافِثُ، وَزَوْجَاتُهُمْ، وَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ السَّفِينَةِ بَنَوْا قَرْيَةً يُقَالُ لَهَا: قَرْيَةُ الثَّمَانِينَ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ بِنَاحِيَةِ الْمَوْصِلِ وَقِيلَ: كَانُوا عَشَرَةً، وَقِيلَ: سَبْعَةً، وَقِيلَ:
كَانُوا اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: وَقالَ ارْكَبُوا فِيها الْقَائِلُ نُوحٌ، وَقِيلَ: اللَّهُ سُبْحَانَهُ.
وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، لِقَوْلِهِ: إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ وَالرُّكُوبُ: الْعُلُوُّ عَلَى ظَهْرِ الشَّيْءِ حَقِيقَةً، نَحْوَ رَكِبَ الدَّابَّةَ، أَوْ مَجَازًا، نَحْوَ رَكِبَهُ الدَّيْنُ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، أَيِ: ارْكَبُوا الْمَاءَ فِي السَّفِينَةِ فَلَا يَرِدُ: أَنَّ رَكِبَ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ وَقِيلَ: إِنَّ الْفَائِدَةَ فِي زِيَادَةِ فِي أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِأَنْ يَكُونُوا فِي جَوْفِ السَّفِينَةِ لَا عَلَى ظَهْرِهَا وَقِيلَ: إِنَّهَا زِيدَتْ لِرِعَايَةِ جَانِبِ الْمَحَلِّيَّةِ فِي السَّفِينَةِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ «٢»، وقوله: حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ «٣» قِيلَ: وَلَعَلَّ نُوحًا قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ بَعْدَ إِدْخَالِ مَا أُمِرَ بِحَمْلِهِ مِنَ الْأَزْوَاجِ، كَأَنَّهُ قِيلَ:
فَحَمَلَ الْأَزْوَاجَ وَأَدْخَلَهَا فِي الْفُلْكِ وَقَالَ لِلْمُؤْمِنِينَ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ أَمَرَ بِالرُّكُوبِ كُلَّ مَنْ أُمِرَ بِحَمْلِهِ مِنَ الْأَزْوَاجِ وَالْأَهْلِ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَفْهَمَ خِطَابَهُ مَنْ لَا يَعْقِلُ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ، أَوْ يَكُونَ هَذَا عَلَى طَرِيقَةِ التَّغْلِيبِ. قَوْلُهُ: بِسْمِ اللَّهِ مُتَعَلِّقٌ باركبوا، أَوْ حَالٌ مِنْ فَاعِلِهِ، أَيْ: مُسَمِّينَ اللَّهَ، أَوْ قَائِلِينَ: بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها قَرَأَ أَهْلُ الْحَرَمَيْنِ وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ: بِضَمِّ الْمِيمِ فِيهِمَا إِلَّا مَنْ شَذَّ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّهُمَا اسْمَا زَمَانٍ، وَهُمَا فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ، أَيْ: وَقْتَ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا مَصْدَرَيْنِ، أَيْ: وَقْتَ إِجْرَائِهَا وَإِرْسَائِهَا. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ: مَجْراها بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَمُرْسَاهَا بِضَمِّهَا، وَقَرَأَ يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ: بِفَتْحِهَا فِيهِمَا. وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ جُنْدُبٍ، وَعَاصِمٌ الْجَحْدَرِيُّ، وَأَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ: مُجْرِيهَا وَمُرْسِيهَا عَلَى أَنَّهُمَا وَصْفَانِ لِلَّهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا فِي مَوْضِعِ رفع بإضمار مبتدأ: أي هو مجراها وَمُرْسِيهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ لِلذُّنُوبِ رَحِيمٌ بِعِبَادِهِ، وَمِنْ رَحْمَتِهِ إِنْجَاءُ هَذِهِ الطَّائِفَةِ تَفَضُّلًا مِنْهُ لِبَقَاءِ هَذَا الْجِنْسِ الْحَيَوَانِيِّ، وَعَدَمِ اسْتِئْصَالِهِ بِالْغَرَقِ. قَوْلُهُ: وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ
وَكُلُّ ضَرْبٍ مِنَ الدِّيبَاجِ يلبسه | أبو قدامة محبوّ بِذَاكَ مَعَا |
وَاحْمِلْ فِي السَّفِينَةِ مَنْ آمَنَ مِنْ قَوْمِكَ، وَأَفْرَدَ الْأَهْلَ مِنْهُمْ لِمَزِيدِ الْعِنَايَةِ بِهِمْ، أَوْ لِلِاسْتِثْنَاءِ مِنْهُمْ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ.
ثُمَّ وَصَفَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ قِلَّةَ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ نُوحٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ كَفَرَ بِهِ فَقَالَ: وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ قِيلَ:
هُمْ ثمانون إنسانا منهم: ثلاثة من بنيه، وهم سَامٌ، وَحَامٌ، وَيَافِثُ، وَزَوْجَاتُهُمْ، وَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ السَّفِينَةِ بَنَوْا قَرْيَةً يُقَالُ لَهَا: قَرْيَةُ الثَّمَانِينَ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ بِنَاحِيَةِ الْمَوْصِلِ وَقِيلَ: كَانُوا عَشَرَةً، وَقِيلَ: سَبْعَةً، وَقِيلَ:
كَانُوا اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: وَقالَ ارْكَبُوا فِيها الْقَائِلُ نُوحٌ، وَقِيلَ: اللَّهُ سُبْحَانَهُ.
وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، لِقَوْلِهِ: إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ وَالرُّكُوبُ: الْعُلُوُّ عَلَى ظَهْرِ الشَّيْءِ حَقِيقَةً، نَحْوَ رَكِبَ الدَّابَّةَ، أَوْ مَجَازًا، نَحْوَ رَكِبَهُ الدَّيْنُ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، أَيِ: ارْكَبُوا الْمَاءَ فِي السَّفِينَةِ فَلَا يَرِدُ: أَنَّ رَكِبَ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ وَقِيلَ: إِنَّ الْفَائِدَةَ فِي زِيَادَةِ فِي أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِأَنْ يَكُونُوا فِي جَوْفِ السَّفِينَةِ لَا عَلَى ظَهْرِهَا وَقِيلَ: إِنَّهَا زِيدَتْ لِرِعَايَةِ جَانِبِ الْمَحَلِّيَّةِ فِي السَّفِينَةِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ «٢»، وقوله: حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ «٣» قِيلَ: وَلَعَلَّ نُوحًا قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ بَعْدَ إِدْخَالِ مَا أُمِرَ بِحَمْلِهِ مِنَ الْأَزْوَاجِ، كَأَنَّهُ قِيلَ:
فَحَمَلَ الْأَزْوَاجَ وَأَدْخَلَهَا فِي الْفُلْكِ وَقَالَ لِلْمُؤْمِنِينَ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ أَمَرَ بِالرُّكُوبِ كُلَّ مَنْ أُمِرَ بِحَمْلِهِ مِنَ الْأَزْوَاجِ وَالْأَهْلِ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَفْهَمَ خِطَابَهُ مَنْ لَا يَعْقِلُ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ، أَوْ يَكُونَ هَذَا عَلَى طَرِيقَةِ التَّغْلِيبِ. قَوْلُهُ: بِسْمِ اللَّهِ مُتَعَلِّقٌ باركبوا، أَوْ حَالٌ مِنْ فَاعِلِهِ، أَيْ: مُسَمِّينَ اللَّهَ، أَوْ قَائِلِينَ: بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها قَرَأَ أَهْلُ الْحَرَمَيْنِ وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ: بِضَمِّ الْمِيمِ فِيهِمَا إِلَّا مَنْ شَذَّ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّهُمَا اسْمَا زَمَانٍ، وَهُمَا فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ، أَيْ: وَقْتَ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا مَصْدَرَيْنِ، أَيْ: وَقْتَ إِجْرَائِهَا وَإِرْسَائِهَا. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ: مَجْراها بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَمُرْسَاهَا بِضَمِّهَا، وَقَرَأَ يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ: بِفَتْحِهَا فِيهِمَا. وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ جُنْدُبٍ، وَعَاصِمٌ الْجَحْدَرِيُّ، وَأَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ: مُجْرِيهَا وَمُرْسِيهَا عَلَى أَنَّهُمَا وَصْفَانِ لِلَّهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا فِي مَوْضِعِ رفع بإضمار مبتدأ: أي هو مجراها وَمُرْسِيهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ لِلذُّنُوبِ رَحِيمٌ بِعِبَادِهِ، وَمِنْ رَحْمَتِهِ إِنْجَاءُ هَذِهِ الطَّائِفَةِ تَفَضُّلًا مِنْهُ لِبَقَاءِ هَذَا الْجِنْسِ الْحَيَوَانِيِّ، وَعَدَمِ اسْتِئْصَالِهِ بِالْغَرَقِ. قَوْلُهُ: وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ
(١). الحجر: ٥.
(٢). العنكبوت: ٦٥.
(٣). الكهف: ٧١.
(٢). العنكبوت: ٦٥.
(٣). الكهف: ٧١.
566
هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُتَّصِلَةٌ بِجُمْلَةٍ مَحْذُوفَةٍ دَلَّ عَلَيْهَا الْأَمْرُ بِالرُّكُوبِ، وَالتَّقْدِيرُ: فَرَكِبُوا مُسَمِّينَ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ، وَالْمَوْجُ: جَمْعُ مَوْجَةٍ، وَهِيَ: مَا ارْتَفَعَ عَنْ جُمْلَةِ الْمَاءِ الْكَثِيرِ عِنْدَ اشْتِدَادِ الرِّيحِ، وَشَبَّهَهَا بِالْجِبَالِ الْمُرْتَفِعَةِ عَلَى الْأَرْضِ. قَوْلُهُ: وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ هُوَ كَنْعَانُ، قِيلَ: وَكَانَ كَافِرًا، وَاسْتُبْعِدَ كَوْنُ نُوحٍ يُنَادِي مَنْ كَانَ كَافِرًا مَعَ قَوْلِهِ: رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً «١» وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ كَانَ مُنَافِقًا فَظَنَّ نُوحٌ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ وَقِيلَ: حَمَلَتْهُ شَفَقَةُ الْأُبُوَّةِ عَلَى ذَلِكَ وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ ابْنُ امْرَأَتِهِ وَلَمْ يَكُنْ بِابْنِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا قَرَأَ: وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهَا وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ لِغَيْرِ رَشْدَةٍ، وَوُلِدَ عَلَى فِرَاشِ نُوحٍ. وَرُدَّ بِأَنَّ قَوْلَهُ: وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ، وَقَوْلَهُ: إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي يَدْفَعُ ذَلِكَ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ عَدَمِ صِيَانَةِ مَنْصِبِ النُّبُوَّةِ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ أَيْ: فِي مَكَانٍ عَزَلَ فِيهِ نَفْسَهُ عَنْ قَوْمِهِ وَقَرَابَتِهِ بِحَيْثُ لَمْ يَبْلُغْهُ قَوْلُ نُوحٍ: ارْكَبُوا فِيها، وَقِيلَ: فِي مَعْزِلٍ مِنْ دِينِ أَبِيهِ، وَقِيلَ: مِنَ السَّفِينَةِ، قِيلَ: وَكَانَ هَذَا النِّدَاءُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَيْقِنَ النَّاسُ الْغَرَقَ، بَلْ كَانَ فِي أَوَّلِ فَوْرِ التَّنُّورِ. قَوْلُهُ: يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا قَرَأَ عَاصِمٌ بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَالْبَاقُونَ بِكَسْرِهَا، فَأَمَّا الْكَسْرُ: فَلِجَعْلِهِ بَدَلًا مِنْ يَاءِ الْإِضَافَةِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ يَا بُنَيَّ، وَأَمَّا الْفَتْحُ: فَلِقَلْبِ يَاءِ الْإِضَافَةِ أَلِفًا لِخِفَّةِ الْأَلِفِ، ثُمَّ حذف وَبَقِيَتِ الْفَتْحَةُ لِتَدُلَّ عَلَيْهِ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَقِرَاءَةُ عَاصِمٍ مُشْكِلَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَصْلُهُ يَا بُنَيَّاهُ ثُمَّ تُحْذَفُ، وَقَدْ جَعَلَ الزَّجَّاجُ لِلْفَتْحِ وَجْهَيْنِ، وَلِلْكَسْرِ وَجْهَيْنِ. أَمَّا الْفَتْحُ بِالْوَجْهِ الْأَوَّلِ: مَا ذَكَرْنَاهُ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ تُحْذَفَ الْأَلِفُ لالتقاء الساكنين. وأما الكسر فالوجه الأوّل: ما ذَكَرْنَاهُ، وَالثَّانِي: أَنْ تُحْذَفَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، كَذَا حَكَى عَنْهُ النَّحَّاسُ. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو، وَالْكِسَائِيُّ، وَحَفْصٌ: ارْكَبْ مَعَنا بِإِدْغَامِ الْبَاءِ فِي الْمِيمِ لتقاربهما في المخرج. وقرأ الباقون بعد الْإِدْغَامِ وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ نَهَاهُ عَنِ الْكَوْنِ مَعَ الْكَافِرِينَ، أَيْ: خَارِجَ السَّفِينَةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِالْكَوْنِ مَعَهُمُ: الْكَوْنُ عَلَى دِينِهِمْ، ثُمَّ حَكَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ مَا أَجَابَ بِهِ ابْنُ نُوحٍ عَلَى أَبِيهِ فَقَالَ: قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ أَيْ: يَمْنَعُنِي بِارْتِفَاعِهِ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ إِلَيَّ، فَأَجَابَ عَنْهُ نُوحٌ بِقَوْلِهِ: لَا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ أَيْ: لَا مَانِعَ فَإِنَّهُ يَوْمٌ قَدْ حَقَّ فِيهِ الْعَذَابُ وَجَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ فِيهِ، نَفَى جِنْسَ الْعَاصِمِ فَيَنْدَرِجُ تَحْتَهُ الْعَاصِمُ مِنَ الْغَرَقِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ انْدِرَاجًا أَوَّلِيًّا، وَعَبَّرَ عَنِ الْمَاءِ أَوْ عَنِ الْغَرَقِ بِأَمْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ: تَفْخِيمًا لِشَأْنِهِ وَتَهْوِيلًا لِأَمْرِهِ. وَالِاسْتِثْنَاءُ: قَالَ الزَّجَّاجُ: هُوَ مُنْقَطِعٌ، أَيْ: لَكِنْ مَنْ رَحِمَهُ اللَّهُ فَهُوَ يَعْصِمُهُ، فَيَكُونُ مَنْ رَحِمَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا عَلَى أَنْ يَكُونَ عَاصِمَ بِمَعْنَى مَعْصُومٍ، أَيْ: لَا مَعْصُومَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَهُ اللَّهُ:
مِثْلَ ماءٍ دافِقٍ «٢» - وعِيشَةٍ راضِيَةٍ «٣» وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَيْ: الْمُطْعَمُ الْمَكْسُوُّ، وَاخْتَارَ هَذَا الْوَجْهَ ابْنُ جَرِيرٍ وَقِيلَ: الْعَاصِمُ بِمَعْنَى ذِي الْعِصْمَةِ، كَلَابِنٍ وَتَامِرٍ، وَالتَّقْدِيرُ: لَا عَاصِمَ قَطُّ إِلَّا مَكَانَ مَنْ رَحِمَ اللَّهُ، وَهُوَ: السَّفِينَةُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يُرَدُّ مَا يُقَالُ: إِنَّ مَعْنَى مَنْ رَحِمَ، مَنْ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَمَنْ رَحِمَهُ اللَّهُ: هُوَ مَعْصُومٌ، فَكَيْفَ يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ عَنِ الْعَاصِمِ؟ لِأَنَّ فِي كُلِّ وَجْهٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ دَفْعًا لِلْإِشْكَالِ. وَقُرِئَ: إِلَّا مَنْ رُحِمَ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ
مِثْلَ ماءٍ دافِقٍ «٢» - وعِيشَةٍ راضِيَةٍ «٣» وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
دَعِ الْمَكَارِمَ لَا تَنْهَضْ لِبُغْيَتِهَا | وَاقْعُدْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الطَّاعِمُ الْكَاسِي |
(١). نوح: ٢٦.
(٢). الطارق: ٦.
(٣). الحاقة: ٢١.
(٢). الطارق: ٦.
(٣). الحاقة: ٢١.
567
أَيْ: حَالَ بَيْنَ نُوحٍ وَابْنِهِ فَتَعَذَّرَ خَلَاصُهُ مِنَ الْغَرَقِ وَقِيلَ: بَيْنَ ابْنِ نُوحٍ، وَبَيْنَ الْجَبَلِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، لِأَنَّ تَفَرُّعَ فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ عَلَيْهِ يَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ لَا عَلَى الثَّانِي، لِأَنَّ الْجَبَلَ لَيْسَ بِعَاصِمٍ. قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ يُقَالُ: بَلَعَ الْمَاءُ يَبْلَعُهُ مِثْلَ مَنَعَ يَمْنَعُ، وَبَلِعَ يَبْلَعُ مِثْلَ حَمِدَ يَحْمَدُ لُغَتَانِ حَكَاهُمَا الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ: وَالْبَلْعُ: الشُّرْبُ، وَمِنْهُ الْبَالُوعَةُ، وَهِيَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَشْرَبُ الْمَاءَ، وَالِازْدِرَادُ، يُقَالُ: بَلَعَ مَا فِي فَمِهِ مِنَ الطَّعَامِ إِذَا ازْدَرَدَهُ، وَاسْتُعِيرَ الْبَلْعُ الَّذِي هُوَ مِنْ فِعْلِ الْحَيَوَانِ لِلنَّشَفِ دَلَالَةً عَلَى ذَلِكَ لَيْسَ كَالنَّشَفِ الْمُعْتَادِ الْكَائِنِ عَلَى سَبِيلِ التَّدْرِيجِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي الْإِقْلَاعُ: الْإِمْسَاكُ، يُقَالُ: أَقْلَعَ الْمَطَرُ، إِذَا انْقَطَعَ.
وَالْمَعْنَى: أَمَرَ السَّمَاءَ بِإِمْسَاكِ الْمَاءِ عَنِ الْإِرْسَالِ، وَقَدَّمَ نِدَاءَ الْأَرْضِ عَلَى السَّمَاءِ لِكَوْنِ ابْتِدَاءِ الطُّوفَانِ مِنْهَا وَغِيضَ الْماءُ: أَيْ نَقَصَ، يُقَالُ غَاضَ الْمَاءُ وَغُضْتُهُ أَنَا وَقُضِيَ الْأَمْرُ أَيْ: أُحْكِمَ وَفُرِغَ مِنْهُ، يَعْنِي:
أَهْلَكَ اللَّهُ قَوْمَ نُوحٍ عَلَى تَمَامٍ وَإِحْكَامٍ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ أَيِ: اسْتَقَرَّتِ السَّفِينَةُ عَلَى الْجَبَلِ الْمَعْرُوفِ بِالْجُودِيِّ، وَهُوَ جَبَلٌ بِقُرْبِ الْمَوْصِلِ وَقِيلَ: إِنَّ الْجُودِيَّ اسْمٌ لِكُلِّ جَبَلٍ، وَمِنْهُ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ:
وَيُقَالُ: إِنَّهُ مِنْ جِبَالِ الْجَنَّةِ فَلِذَا اسْتَوَتْ عَلَيْهِ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ الْقَائِلُ: هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِيُنَاسِبَ صَدْرَ الْآيَةِ وَقِيلَ: هُوَ نُوحٌ وَأَصْحَابُهُ. وَالْمَعْنَى: وَقِيلَ هَلَاكًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، وَهُوَ مِنَ الْكَلِمَاتِ الَّتِي تَخْتَصُّ بِدُعَاءِ السُّوءِ، وَوَصَفَهُمْ بِالظُّلْمِ: لِلْإِشْعَارِ بِأَنَّهُ عِلَّةُ الْهَلَاكِ، وَلِلْإِيمَاءِ إِلَى قَوْلِهِ: وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا. وَقَدْ أَطْبَقَ عُلَمَاءُ الْبَلَاغَةِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ الشَّرِيفَةَ بَالِغَةٌ مِنَ الْفَصَاحَةِ وَالْبَلَاغَةِ إِلَى مَحَلٍّ يَتَقَاصَرُ عَنْهُ الْوَصْفُ، وَتَضْعُفُ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمَا يُقَارِبُهُ قُدْرَةُ الْقَادِرِينَ عَلَى فُنُونِ الْبَلَاغَةِ، الثَّابِتِينَ الْأَقْدَامَ فِي عِلْمِ الْبَيَانِ، الرَّاسِخِينَ فِي عِلْمِ اللُّغَةِ، الْمُطَّلِعِينَ عَلَى مَا هُوَ مُدَوَّنٌ مِنْ خُطَبِ مَصَاقِعِ خُطَبَاءِ الْعَرَبِ، وَأَشْعَارِ بَوَاقِعِ شُعَرَائِهِمْ، الْمُرْتَاضِينَ بِدَقَائِقِ عُلُومِ الْعَرَبِيَّةِ وَأَسْرَارِهَا. وَقَدْ تَعَرَّضَ لِبَيَانِ بَعْضِ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ فَأَطَالُوا وَأَطَابُوا، رَحِمْنَا اللَّهُ وَإِيَّاهُمْ بِرَحْمَتِهِ الْوَاسِعَةِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: فَعَلَيَّ إِجْرامِي قَالَ: عَمَلِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ أَيْ: مِمَّا تَعْمَلُونَ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ وَذَلِكَ حِينَ دَعَا عَلَيْهِمْ نُوحٌ قَالَ: لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً «١».
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: إِنَّ نُوحًا لَمْ يَدْعُ عَلَى قَوْمِهِ حَتَّى نَزَلَتِ الْآيَةُ هَذِهِ، فَانْقَطَعَ عِنْدَ ذَلِكَ رَجَاؤُهُ مِنْهُمْ فَدَعَا عَلَيْهِمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَلا تَبْتَئِسْ قَالَ: فَلَا تَحْزَنْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا قَالَ: بِعَيْنِ اللَّهِ وَوَحْيِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: لَمْ يَعْلَمْ نُوحٌ كَيْفَ يصنع الفلك، فأوحى إِلَيْهِ أَنْ يَصْنَعَهَا مِثْلَ جُؤْجُؤِ الطَّائِرِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ وَالْحَاكِمُ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَ نُوحٌ مَكَثَ فِي قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا يَدْعُوهُمْ، حَتَّى كَانَ آخِرَ زَمَانِهِ غَرَسَ شَجَرَةً فَعَظُمَتْ وَذَهَبَتْ كُلَّ مَذْهَبٍ، ثُمَّ قَطَعَهَا ثُمَّ جَعَلَ يَعْمَلُهَا سَفِينَةً يمرّون فيسألونه فيقول
وَالْمَعْنَى: أَمَرَ السَّمَاءَ بِإِمْسَاكِ الْمَاءِ عَنِ الْإِرْسَالِ، وَقَدَّمَ نِدَاءَ الْأَرْضِ عَلَى السَّمَاءِ لِكَوْنِ ابْتِدَاءِ الطُّوفَانِ مِنْهَا وَغِيضَ الْماءُ: أَيْ نَقَصَ، يُقَالُ غَاضَ الْمَاءُ وَغُضْتُهُ أَنَا وَقُضِيَ الْأَمْرُ أَيْ: أُحْكِمَ وَفُرِغَ مِنْهُ، يَعْنِي:
أَهْلَكَ اللَّهُ قَوْمَ نُوحٍ عَلَى تَمَامٍ وَإِحْكَامٍ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ أَيِ: اسْتَقَرَّتِ السَّفِينَةُ عَلَى الْجَبَلِ الْمَعْرُوفِ بِالْجُودِيِّ، وَهُوَ جَبَلٌ بِقُرْبِ الْمَوْصِلِ وَقِيلَ: إِنَّ الْجُودِيَّ اسْمٌ لِكُلِّ جَبَلٍ، وَمِنْهُ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ:
سبحانه ثم سبحانا يعود له | وَقَبْلَنَا سَبَّحَ الْجُودِيُّ وَالْجُمُدُ |
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: فَعَلَيَّ إِجْرامِي قَالَ: عَمَلِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ أَيْ: مِمَّا تَعْمَلُونَ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ وَذَلِكَ حِينَ دَعَا عَلَيْهِمْ نُوحٌ قَالَ: لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً «١».
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: إِنَّ نُوحًا لَمْ يَدْعُ عَلَى قَوْمِهِ حَتَّى نَزَلَتِ الْآيَةُ هَذِهِ، فَانْقَطَعَ عِنْدَ ذَلِكَ رَجَاؤُهُ مِنْهُمْ فَدَعَا عَلَيْهِمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَلا تَبْتَئِسْ قَالَ: فَلَا تَحْزَنْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا قَالَ: بِعَيْنِ اللَّهِ وَوَحْيِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: لَمْ يَعْلَمْ نُوحٌ كَيْفَ يصنع الفلك، فأوحى إِلَيْهِ أَنْ يَصْنَعَهَا مِثْلَ جُؤْجُؤِ الطَّائِرِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ وَالْحَاكِمُ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَ نُوحٌ مَكَثَ فِي قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا يَدْعُوهُمْ، حَتَّى كَانَ آخِرَ زَمَانِهِ غَرَسَ شَجَرَةً فَعَظُمَتْ وَذَهَبَتْ كُلَّ مَذْهَبٍ، ثُمَّ قَطَعَهَا ثُمَّ جَعَلَ يَعْمَلُهَا سَفِينَةً يمرّون فيسألونه فيقول
(١). نوح: ٢٦.
568
أَعْمَلُهَا سَفِينَةً فَيَسْخَرُونَ مِنْهُ وَيَقُولُونَ يَعْمَلُ سَفِينَةً فِي الْبَرِّ، وَكَيْفَ تَجْرِي؟ قَالَ: سَوْفَ تَعْلَمُونَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا وَفَارَ التَّنُّورُ وَكَثُرَ الْمَاءُ فِي السِّكَكِ خَشِيَتْهُ أُمُّ الصَّبِيِّ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ تُحِبُّهُ حُبًّا شَدِيدًا، فَخَرَجَتْ إِلَى الْجَبَلِ حَتَّى بَلَغَتْ ثُلُثَهُ، فَلَمَّا بَلَغَهَا الْمَاءُ خَرَجَتْ حَتَّى اسْتَوَتْ عَلَى الْجَبَلِ، فَلَمَّا بَلَغَ الْمَاءُ رَقَبَتَهُ رَفَعَتْهُ بَيْنَ يَدَيْهَا حَتَّى ذَهَبَ بِهَا الْمَاءُ، فَلَوْ رَحِمَ اللَّهُ مِنْهُمْ أَحَدًا لَرَحِمَ أُمَّ الصَّبِيِّ». وَقَدْ ضَعَّفَهُ الذَّهَبِيُّ فِي مُسْتَدْرَكِهِ عَلَى مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ. وَقَدْ رُوِيَ فِي صِفَةِ السَّفِينَةِ وَقَدْرِهَا أَحَادِيثُ وَآثَارٌ لَيْسَ فِي ذِكْرِهَا هَنَا كَثِيرُ فَائِدَةٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ قَالَ: هُوَ الْغَرَقُ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ قَالَ: هُوَ الْخُلُودُ فِي النَّارِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ بَيْنَ دَعْوَةِ نُوحٍ وَبَيْنَ هَلَاكِ قَوْمِهِ ثَلَاثُمِائَةِ سَنَةٍ، وَكَانَ فَارَ التَّنُّورُ بِالْهِنْدِ وَطَافَتْ سَفِينَةُ نُوحٍ بِالْبَيْتِ أُسْبُوعًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: التَّنُّورُ: الْعَيْنُ الَّتِي بِالْجَزِيرَةِ عَيْنُ الْوَرْدَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: فَارَ التَّنُّورُ مِنْ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ مِنْ قِبَلِ أَبْوَابِ كِنْدَةَ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ نَحْوُ هَذَا مِنْ طُرُقٍ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أبي حاتم وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: التَّنُّورُ: وَجْهُ الْأَرْضِ، قِيلَ لَهُ: إِذَا رَأَيْتَ الْمَاءَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَارْكَبْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ. وَالْعَرَبُ تُسَمِّي وَجْهَ الْأَرْضِ تَنُّورَ الْأَرْضِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَلِيِّ وَفارَ التَّنُّورُ قَالَ: طَلَعَ الْفَجْرُ قِيلَ لَهُ: إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ فَارْكَبْ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ. وَقَدْ رُوِيَ فِي تَفْسِيرِ التَّنُّورِ غَيْرُ هَذَا، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْإِشَارَةَ إِلَى ذَلِكَ. وَرُوِيَ فِي صِفَةِ الْقِصَّةِ وَمَا حَمَلَهُ نُوحٌ فِي السَّفِينَةِ، وَكَيْفَ كَانَ الْغَرَقُ، وَكَمْ بَقِيَتِ السَّفِينَةُ عَلَى ظَهْرِ الْمَاءِ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي تَفْسِيرِ كَلَامِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها قَالَ: حِينَ يَرْكَبُونَ وَيَجْرُونَ وَيُرْسُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ تَرْسِيَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ فَأَرْسَتْ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ تَجْرِيَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ فَجَرَتْ.
وَأَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ السُّنِّيِّ وَابْنُ عَدِيٍّ وَأَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَانٌ لِأُمَّتِي مِنَ الْغَرَقِ إِذَا رَكِبُوا الْفُلْكَ أَنْ يَقُولُوا: بِسْمِ اللَّهِ الْمَلِكِ الرَّحْمَنِ. بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا. إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ. وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِلَى آخَرِ الْآيَةِ». وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو الشَّيْخِ عَنْهُ مَرْفُوعًا مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ اسْمُ ابْنِ نُوحٍ الَّذِي غَرِقَ كَنْعَانَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هُوَ ابْنُهُ غَيْرَ أَنَّهُ خَالَفَهُ فِي النِّيَّةِ وَالْعَمَلِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ لَا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ قَالَ:
لَا نَاجٍ إِلَّا أَهْلُ السَّفِينَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَرَّةَ فِي قَوْلِهِ وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ قَالَ: بَيْنَ ابْنِ نُوحٍ وَالْجَبَلِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ يا أَرْضُ ابْلَعِي قَالَ:
هُوَ بِالْحَبَشِيَّةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ فِي ابْلَعِي قَالَ بِالْحَبَشِيَّةِ: أَيِ ازْدَرِدِيهِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَعْنَاهُ: اشْرَبِي، بِلُغَةِ الْهِنْدِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ نَحْوُ هَذَا مِنْ طُرُقٍ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أبي حاتم وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: التَّنُّورُ: وَجْهُ الْأَرْضِ، قِيلَ لَهُ: إِذَا رَأَيْتَ الْمَاءَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَارْكَبْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ. وَالْعَرَبُ تُسَمِّي وَجْهَ الْأَرْضِ تَنُّورَ الْأَرْضِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَلِيِّ وَفارَ التَّنُّورُ قَالَ: طَلَعَ الْفَجْرُ قِيلَ لَهُ: إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ فَارْكَبْ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ. وَقَدْ رُوِيَ فِي تَفْسِيرِ التَّنُّورِ غَيْرُ هَذَا، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْإِشَارَةَ إِلَى ذَلِكَ. وَرُوِيَ فِي صِفَةِ الْقِصَّةِ وَمَا حَمَلَهُ نُوحٌ فِي السَّفِينَةِ، وَكَيْفَ كَانَ الْغَرَقُ، وَكَمْ بَقِيَتِ السَّفِينَةُ عَلَى ظَهْرِ الْمَاءِ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي تَفْسِيرِ كَلَامِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها قَالَ: حِينَ يَرْكَبُونَ وَيَجْرُونَ وَيُرْسُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ تَرْسِيَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ فَأَرْسَتْ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ تَجْرِيَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ فَجَرَتْ.
وَأَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ السُّنِّيِّ وَابْنُ عَدِيٍّ وَأَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَانٌ لِأُمَّتِي مِنَ الْغَرَقِ إِذَا رَكِبُوا الْفُلْكَ أَنْ يَقُولُوا: بِسْمِ اللَّهِ الْمَلِكِ الرَّحْمَنِ. بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا. إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ. وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِلَى آخَرِ الْآيَةِ». وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو الشَّيْخِ عَنْهُ مَرْفُوعًا مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ اسْمُ ابْنِ نُوحٍ الَّذِي غَرِقَ كَنْعَانَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هُوَ ابْنُهُ غَيْرَ أَنَّهُ خَالَفَهُ فِي النِّيَّةِ وَالْعَمَلِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ لَا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ قَالَ:
لَا نَاجٍ إِلَّا أَهْلُ السَّفِينَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَرَّةَ فِي قَوْلِهِ وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ قَالَ: بَيْنَ ابْنِ نُوحٍ وَالْجَبَلِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ يا أَرْضُ ابْلَعِي قَالَ:
هُوَ بِالْحَبَشِيَّةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ فِي ابْلَعِي قَالَ بِالْحَبَشِيَّةِ: أَيِ ازْدَرِدِيهِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَعْنَاهُ: اشْرَبِي، بِلُغَةِ الْهِنْدِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ
569
قوله :﴿ وَأُوحِيَ إلى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمن ﴾ أنه لن يؤمن في محل رفع على أنه نائب الفاعل الذي لم يسمّ. ويجوز أن يكون في موضع نصب بتقدير الباء : أي بأنه، وفي الكلام تأييس له من إيمانهم، وأنهم مستمرّون على كفرهم، مصممون عليه، لا يؤمن أحد منهم إلا من قد سبق إيمانه ﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ﴾ البؤس : الحزن، أي فلا تحزن، والبائس : المستكين، فنهاه الله سبحانه عن أن يحزن حزن مستكين ؛ لأن الابتئاس حزن في استكانة. ومنه قول الشاعر :
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله :﴿ فَعَلَىَّ إِجْرَامِي ﴾ قال عملي ﴿ وَأَنَاْ بَرِيء مّمَّا تُجْرَمُونَ ﴾ أي : مما تعملون. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ وَأُوحِيَ إلى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ ﴾ وذلك حين دعا عليهم نوح قال :﴿ لا تَذَرَ عَلَى الأرض مِنَ الكافرين دَيَّاراً ﴾. وأخرج أحمد في الزهد، وابن المنذر، وأبو الشيخ، عن الحسن، قال : إن نوحاً لم يدع على قومه حتى نزلت الآية هذه، فانقطع عند ذلك رجاؤه منهم، فدعا عليهم.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عنه، في قوله :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ قال : بعين الله ووحيه. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال : لم يعلم نوح كيف يصنع الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، عن عائشة، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم، حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة، ويمرّون فيسألونه، فيقول : أعملها سفينة، فيسخرون منه، ويقولون : يعمل سفينة في البرّ، وكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفار التنور، وكثر الماء في السكك خشيته أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حباً شديداً، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبته رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أمّ الصبيّ» وقد ضعفه الذهبي في مستدركه على مستدرك الحاكم. وقد روي في صفة السفينة وقدرها أحاديث، وآثار ليس في ذكرها هنا كثير فائدة.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَاب يُخْزِيهِ ﴾ قال : هو : الغرق ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَاب مُّقِيم ﴾ قال : هو الخلود في النار. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عنه، قال : كان بين دعوة نوح وبين هلاك قومه ثلثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح بالبيت أسبوعاً. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه أيضاً قال : التنور : العين التي بالجزيرة عين الوردة. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، قال : فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة. وقد روي عنه نحو هذا من طرق. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : التنور : وجه الأرض، قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت ومن معك. والعرب تسمى وجه الأرض تنور الأرض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عليّ ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ قال : طلع الفجر، قيل له : إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك. وقد روي في تفسير التنور غير هذا، وقد قدّمنا الإشارة إلى ذلك. وروي في صفة القصة، وما حمله نوح في السفينة، وكيف كان الغرق، وكم بقيت السفينة على ظهر الماء روايات كثيرة، لا مدخل لها في تفسير كلام الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قال حين يركبون ويجرون ويرسون. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك قال : كان إذا أراد أن ترسي قال : بسم الله، فأرست، وإذا أراد أن تجري قال : بسم الله، فجرت. وأخرج أبو يعلى، والطبراني، وابن السني، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن الحسن بن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن، بسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم، وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآية» وأخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، عن ابن عباس، عن النبيّ. وأخرجه أيضاً أبو الشيخ، عنه، مرفوعاً من طريق أخرى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان. وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عكرمة، في قوله :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إلا مَن رَّحِمَ ﴾ قال : لا ناج إلا أهل السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن القاسم بن أبي برّة، في قوله :﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ قال : بين ابن نوح والجبل. وأخرج ابن المنذر، وعن عكرمة في قوله :﴿ يا أرض ابلعي ﴾ قال : هو بالحبشية. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه، في ابلعي قال بالحبشية : أي ازدرديه. وأخرج أبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال : معناه : اشربي، بلغة الهند. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس مثله. أقول : وثبوت لفظ البلع وما يشتق منه في لغة العرب : ظاهر مكشوف، فما لنا وللحبشة والهند.
وكم من خليل أو حميم رُزِئته | فلم أبتئس والرزءُ فيه جليلُ |
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عنه، في قوله :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ قال : بعين الله ووحيه. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال : لم يعلم نوح كيف يصنع الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، عن عائشة، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم، حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة، ويمرّون فيسألونه، فيقول : أعملها سفينة، فيسخرون منه، ويقولون : يعمل سفينة في البرّ، وكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفار التنور، وكثر الماء في السكك خشيته أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حباً شديداً، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبته رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أمّ الصبيّ» وقد ضعفه الذهبي في مستدركه على مستدرك الحاكم. وقد روي في صفة السفينة وقدرها أحاديث، وآثار ليس في ذكرها هنا كثير فائدة.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَاب يُخْزِيهِ ﴾ قال : هو : الغرق ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَاب مُّقِيم ﴾ قال : هو الخلود في النار. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عنه، قال : كان بين دعوة نوح وبين هلاك قومه ثلثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح بالبيت أسبوعاً. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه أيضاً قال : التنور : العين التي بالجزيرة عين الوردة. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، قال : فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة. وقد روي عنه نحو هذا من طرق. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : التنور : وجه الأرض، قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت ومن معك. والعرب تسمى وجه الأرض تنور الأرض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عليّ ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ قال : طلع الفجر، قيل له : إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك. وقد روي في تفسير التنور غير هذا، وقد قدّمنا الإشارة إلى ذلك. وروي في صفة القصة، وما حمله نوح في السفينة، وكيف كان الغرق، وكم بقيت السفينة على ظهر الماء روايات كثيرة، لا مدخل لها في تفسير كلام الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قال حين يركبون ويجرون ويرسون. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك قال : كان إذا أراد أن ترسي قال : بسم الله، فأرست، وإذا أراد أن تجري قال : بسم الله، فجرت. وأخرج أبو يعلى، والطبراني، وابن السني، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن الحسن بن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن، بسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم، وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآية» وأخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، عن ابن عباس، عن النبيّ. وأخرجه أيضاً أبو الشيخ، عنه، مرفوعاً من طريق أخرى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان. وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عكرمة، في قوله :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إلا مَن رَّحِمَ ﴾ قال : لا ناج إلا أهل السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن القاسم بن أبي برّة، في قوله :﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ قال : بين ابن نوح والجبل. وأخرج ابن المنذر، وعن عكرمة في قوله :﴿ يا أرض ابلعي ﴾ قال : هو بالحبشية. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه، في ابلعي قال بالحبشية : أي ازدرديه. وأخرج أبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال : معناه : اشربي، بلغة الهند. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس مثله. أقول : وثبوت لفظ البلع وما يشتق منه في لغة العرب : ظاهر مكشوف، فما لنا وللحبشة والهند.
ثم إن الله سبحانه لما أخبره أنهم لا يؤمنون ألبتة عرفه وجه إهلاكهم، وألهمه الأمر الذي يكون به خلاصه، وخلاص من آمن معه، فقال :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ أي : اعمل السفينة متلبساً بأعيننا : أي بمرأى منا، والمراد بحراستنا لك وحفظنا لك، وعبر عن ذلك بالأعين لأنها آلهة الرؤية، والرؤية هي : التي تكون بها الحراسة والحفظ في الغالب، وجمع الأعين للتعظيم لا للتكثير. وقيل المعنى :﴿ بِأَعْيُنِنَا ﴾ أي : بأعين ملائكتنا الذين جعلناهم عيوناً على حفظك. وقيل :﴿ بِأَعْيُنِنَا ﴾ بعلمنا. وقيل : بأمرنا. ومعنى بوحينا : بما أوحينا إليك من كيفية صنعتها ﴿ وَلاَ تخاطبني فِي الذين ظَلَمُواْ ﴾ أي : لا تطلب إمهالهم، فقد حان وقت الانتقام منهم، وجملة ﴿ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ ﴾ للتعليل : أي : لا تطلب منا إمهالهم، فإنه محكوم منا عليهم بالغرق، وقد مضى به القضاء فلا سبيل إلى دفعه ولا تأخيره. وقيل : المعنى : ولا تخاطبني في تعجيل عقابهم، فإنهم مغرقون في الوقت المضروب لذلك، لا يتأخر إغراقهم عنه. وقيل المراد بالذين ظلموا : امرأته وابنه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله :﴿ فَعَلَىَّ إِجْرَامِي ﴾ قال عملي ﴿ وَأَنَاْ بَرِيء مّمَّا تُجْرَمُونَ ﴾ أي : مما تعملون. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ وَأُوحِيَ إلى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ ﴾ وذلك حين دعا عليهم نوح قال :﴿ لا تَذَرَ عَلَى الأرض مِنَ الكافرين دَيَّاراً ﴾. وأخرج أحمد في الزهد، وابن المنذر، وأبو الشيخ، عن الحسن، قال : إن نوحاً لم يدع على قومه حتى نزلت الآية هذه، فانقطع عند ذلك رجاؤه منهم، فدعا عليهم.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عنه، في قوله :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ قال : بعين الله ووحيه. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال : لم يعلم نوح كيف يصنع الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، عن عائشة، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم، حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة، ويمرّون فيسألونه، فيقول : أعملها سفينة، فيسخرون منه، ويقولون : يعمل سفينة في البرّ، وكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفار التنور، وكثر الماء في السكك خشيته أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حباً شديداً، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبته رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أمّ الصبيّ» وقد ضعفه الذهبي في مستدركه على مستدرك الحاكم. وقد روي في صفة السفينة وقدرها أحاديث، وآثار ليس في ذكرها هنا كثير فائدة.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَاب يُخْزِيهِ ﴾ قال : هو : الغرق ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَاب مُّقِيم ﴾ قال : هو الخلود في النار. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عنه، قال : كان بين دعوة نوح وبين هلاك قومه ثلثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح بالبيت أسبوعاً. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه أيضاً قال : التنور : العين التي بالجزيرة عين الوردة. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، قال : فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة. وقد روي عنه نحو هذا من طرق. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : التنور : وجه الأرض، قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت ومن معك. والعرب تسمى وجه الأرض تنور الأرض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عليّ ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ قال : طلع الفجر، قيل له : إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك. وقد روي في تفسير التنور غير هذا، وقد قدّمنا الإشارة إلى ذلك. وروي في صفة القصة، وما حمله نوح في السفينة، وكيف كان الغرق، وكم بقيت السفينة على ظهر الماء روايات كثيرة، لا مدخل لها في تفسير كلام الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قال حين يركبون ويجرون ويرسون. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك قال : كان إذا أراد أن ترسي قال : بسم الله، فأرست، وإذا أراد أن تجري قال : بسم الله، فجرت. وأخرج أبو يعلى، والطبراني، وابن السني، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن الحسن بن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن، بسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم، وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآية» وأخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، عن ابن عباس، عن النبيّ. وأخرجه أيضاً أبو الشيخ، عنه، مرفوعاً من طريق أخرى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان. وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عكرمة، في قوله :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إلا مَن رَّحِمَ ﴾ قال : لا ناج إلا أهل السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن القاسم بن أبي برّة، في قوله :﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ قال : بين ابن نوح والجبل. وأخرج ابن المنذر، وعن عكرمة في قوله :﴿ يا أرض ابلعي ﴾ قال : هو بالحبشية. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه، في ابلعي قال بالحبشية : أي ازدرديه. وأخرج أبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال : معناه : اشربي، بلغة الهند. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس مثله. أقول : وثبوت لفظ البلع وما يشتق منه في لغة العرب : ظاهر مكشوف، فما لنا وللحبشة والهند.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عنه، في قوله :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ قال : بعين الله ووحيه. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال : لم يعلم نوح كيف يصنع الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، عن عائشة، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم، حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة، ويمرّون فيسألونه، فيقول : أعملها سفينة، فيسخرون منه، ويقولون : يعمل سفينة في البرّ، وكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفار التنور، وكثر الماء في السكك خشيته أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حباً شديداً، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبته رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أمّ الصبيّ» وقد ضعفه الذهبي في مستدركه على مستدرك الحاكم. وقد روي في صفة السفينة وقدرها أحاديث، وآثار ليس في ذكرها هنا كثير فائدة.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَاب يُخْزِيهِ ﴾ قال : هو : الغرق ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَاب مُّقِيم ﴾ قال : هو الخلود في النار. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عنه، قال : كان بين دعوة نوح وبين هلاك قومه ثلثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح بالبيت أسبوعاً. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه أيضاً قال : التنور : العين التي بالجزيرة عين الوردة. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، قال : فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة. وقد روي عنه نحو هذا من طرق. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : التنور : وجه الأرض، قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت ومن معك. والعرب تسمى وجه الأرض تنور الأرض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عليّ ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ قال : طلع الفجر، قيل له : إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك. وقد روي في تفسير التنور غير هذا، وقد قدّمنا الإشارة إلى ذلك. وروي في صفة القصة، وما حمله نوح في السفينة، وكيف كان الغرق، وكم بقيت السفينة على ظهر الماء روايات كثيرة، لا مدخل لها في تفسير كلام الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قال حين يركبون ويجرون ويرسون. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك قال : كان إذا أراد أن ترسي قال : بسم الله، فأرست، وإذا أراد أن تجري قال : بسم الله، فجرت. وأخرج أبو يعلى، والطبراني، وابن السني، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن الحسن بن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن، بسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم، وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآية» وأخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، عن ابن عباس، عن النبيّ. وأخرجه أيضاً أبو الشيخ، عنه، مرفوعاً من طريق أخرى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان. وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عكرمة، في قوله :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إلا مَن رَّحِمَ ﴾ قال : لا ناج إلا أهل السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن القاسم بن أبي برّة، في قوله :﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ قال : بين ابن نوح والجبل. وأخرج ابن المنذر، وعن عكرمة في قوله :﴿ يا أرض ابلعي ﴾ قال : هو بالحبشية. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه، في ابلعي قال بالحبشية : أي ازدرديه. وأخرج أبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال : معناه : اشربي، بلغة الهند. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس مثله. أقول : وثبوت لفظ البلع وما يشتق منه في لغة العرب : ظاهر مكشوف، فما لنا وللحبشة والهند.
﴿ وَيَصْنَعُ الفلك ﴾ أي : وطفق يصنع الفلك، أو وأخذ يصنع الفلك. وقيل : هو حكاية حال ماضية لاستحضار الصورة، وجملة :﴿ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ ﴾ في محل نصب على الحال : أي استهزأوا به لعمله السفينة. قال الأخفش والكسائي : يقال سخرت به ومنه. وفي وجه سخريتهم منه قولان : أحدهما : أنهم كانوا يرونه يعمل السفينة، فيقولون يا نوح صرت بعد النبوّة نجاراً. والثاني : أنهم لما شاهدوه يعمل السفينة، وكانوا لا يعرفونها قبل ذلك، قالوا : يا نوح ما تصنع ؟ قال : أمشي بها على الماء فعجبوا من قوله، وسخروا به. ثم أجاب عليهم بقوله :﴿ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ ﴾ وهذا الكلام مستأنف على تقدير سؤال كأنه قيل : فماذا قال لهم ؟ والمعنى : إن تسخروا منا بسبب عملنا للسفينة اليوم، فإنا نسخر منكم غداً عند الغرق. ومعنى السخرية هنا : الاستجهال، أي : إن تستجهلونا فإنا نستجهلكم كما تستجهلون، واستجهاله لهم باعتبار إظهاره لهم ومشافهتهم، وإلا فهم عنده جهال قبل هذا وبعده، والتشبيه في قوله :﴿ كَمَا تَسْخَرُونَ ﴾ لمجرد التحقق والوقوع، أو التجدّد والتكرّر، والمعنى : إنا نسخر منكم سخرية متحققة واقعة كما تسخرون منا كذلك، أو متجدّدة متكرّرة كما تسخرون منا كذلك. وقيل معناه : نسخر منكم في المستقبل سخرية مثل سخريتكم إذا وقع عليكم الغرق، وفيه نظر، فإن حالهم إذ ذاك لا تناسبه السخرية، إذ هم في شغل شاغل عنها.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله :﴿ فَعَلَىَّ إِجْرَامِي ﴾ قال عملي ﴿ وَأَنَاْ بَرِيء مّمَّا تُجْرَمُونَ ﴾ أي : مما تعملون. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ وَأُوحِيَ إلى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ ﴾ وذلك حين دعا عليهم نوح قال :﴿ لا تَذَرَ عَلَى الأرض مِنَ الكافرين دَيَّاراً ﴾. وأخرج أحمد في الزهد، وابن المنذر، وأبو الشيخ، عن الحسن، قال : إن نوحاً لم يدع على قومه حتى نزلت الآية هذه، فانقطع عند ذلك رجاؤه منهم، فدعا عليهم.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عنه، في قوله :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ قال : بعين الله ووحيه. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال : لم يعلم نوح كيف يصنع الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، عن عائشة، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم، حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة، ويمرّون فيسألونه، فيقول : أعملها سفينة، فيسخرون منه، ويقولون : يعمل سفينة في البرّ، وكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفار التنور، وكثر الماء في السكك خشيته أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حباً شديداً، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبته رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أمّ الصبيّ» وقد ضعفه الذهبي في مستدركه على مستدرك الحاكم. وقد روي في صفة السفينة وقدرها أحاديث، وآثار ليس في ذكرها هنا كثير فائدة.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَاب يُخْزِيهِ ﴾ قال : هو : الغرق ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَاب مُّقِيم ﴾ قال : هو الخلود في النار. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عنه، قال : كان بين دعوة نوح وبين هلاك قومه ثلثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح بالبيت أسبوعاً. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه أيضاً قال : التنور : العين التي بالجزيرة عين الوردة. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، قال : فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة. وقد روي عنه نحو هذا من طرق. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : التنور : وجه الأرض، قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت ومن معك. والعرب تسمى وجه الأرض تنور الأرض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عليّ ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ قال : طلع الفجر، قيل له : إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك. وقد روي في تفسير التنور غير هذا، وقد قدّمنا الإشارة إلى ذلك. وروي في صفة القصة، وما حمله نوح في السفينة، وكيف كان الغرق، وكم بقيت السفينة على ظهر الماء روايات كثيرة، لا مدخل لها في تفسير كلام الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قال حين يركبون ويجرون ويرسون. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك قال : كان إذا أراد أن ترسي قال : بسم الله، فأرست، وإذا أراد أن تجري قال : بسم الله، فجرت. وأخرج أبو يعلى، والطبراني، وابن السني، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن الحسن بن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن، بسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم، وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآية» وأخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، عن ابن عباس، عن النبيّ. وأخرجه أيضاً أبو الشيخ، عنه، مرفوعاً من طريق أخرى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان. وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عكرمة، في قوله :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إلا مَن رَّحِمَ ﴾ قال : لا ناج إلا أهل السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن القاسم بن أبي برّة، في قوله :﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ قال : بين ابن نوح والجبل. وأخرج ابن المنذر، وعن عكرمة في قوله :﴿ يا أرض ابلعي ﴾ قال : هو بالحبشية. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه، في ابلعي قال بالحبشية : أي ازدرديه. وأخرج أبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال : معناه : اشربي، بلغة الهند. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس مثله. أقول : وثبوت لفظ البلع وما يشتق منه في لغة العرب : ظاهر مكشوف، فما لنا وللحبشة والهند.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عنه، في قوله :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ قال : بعين الله ووحيه. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال : لم يعلم نوح كيف يصنع الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، عن عائشة، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم، حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة، ويمرّون فيسألونه، فيقول : أعملها سفينة، فيسخرون منه، ويقولون : يعمل سفينة في البرّ، وكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفار التنور، وكثر الماء في السكك خشيته أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حباً شديداً، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبته رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أمّ الصبيّ» وقد ضعفه الذهبي في مستدركه على مستدرك الحاكم. وقد روي في صفة السفينة وقدرها أحاديث، وآثار ليس في ذكرها هنا كثير فائدة.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَاب يُخْزِيهِ ﴾ قال : هو : الغرق ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَاب مُّقِيم ﴾ قال : هو الخلود في النار. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عنه، قال : كان بين دعوة نوح وبين هلاك قومه ثلثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح بالبيت أسبوعاً. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه أيضاً قال : التنور : العين التي بالجزيرة عين الوردة. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، قال : فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة. وقد روي عنه نحو هذا من طرق. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : التنور : وجه الأرض، قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت ومن معك. والعرب تسمى وجه الأرض تنور الأرض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عليّ ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ قال : طلع الفجر، قيل له : إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك. وقد روي في تفسير التنور غير هذا، وقد قدّمنا الإشارة إلى ذلك. وروي في صفة القصة، وما حمله نوح في السفينة، وكيف كان الغرق، وكم بقيت السفينة على ظهر الماء روايات كثيرة، لا مدخل لها في تفسير كلام الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قال حين يركبون ويجرون ويرسون. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك قال : كان إذا أراد أن ترسي قال : بسم الله، فأرست، وإذا أراد أن تجري قال : بسم الله، فجرت. وأخرج أبو يعلى، والطبراني، وابن السني، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن الحسن بن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن، بسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم، وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآية» وأخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، عن ابن عباس، عن النبيّ. وأخرجه أيضاً أبو الشيخ، عنه، مرفوعاً من طريق أخرى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان. وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عكرمة، في قوله :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إلا مَن رَّحِمَ ﴾ قال : لا ناج إلا أهل السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن القاسم بن أبي برّة، في قوله :﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ قال : بين ابن نوح والجبل. وأخرج ابن المنذر، وعن عكرمة في قوله :﴿ يا أرض ابلعي ﴾ قال : هو بالحبشية. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه، في ابلعي قال بالحبشية : أي ازدرديه. وأخرج أبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال : معناه : اشربي، بلغة الهند. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس مثله. أقول : وثبوت لفظ البلع وما يشتق منه في لغة العرب : ظاهر مكشوف، فما لنا وللحبشة والهند.
ثم هدّدهم بقوله :﴿ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ ﴾ وهو عذاب الغرق في الدنيا ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ﴾ وهو عذاب النار الدائم، ومعنى يحلّ : يجعل المؤجل حالاً، مأخوذ من حلول الدين المؤجل، ومن موصولة في محل نصب، ويجوز أن تكون استفهامية في محل رفع : أي أينا يأتيه عذاب يخزيه. وقيل : في موضع رفع بالابتداء، ويأتيه الخبر، ويخزيه صفة لعذاب. قال الكسائي : إن ناساً من أهل الحجاز يقولون : سوف تعلمون ؛ قال : ومن قال ستعلمون أسقط الواو والفاء جميعاً، وجوّز الكوفيون «سف تعلمون » ومنعه البصريون، والمراد بعذاب الخزي : العذاب الذي يخزي صاحبه، ويحل عليه العار.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله :﴿ فَعَلَىَّ إِجْرَامِي ﴾ قال عملي ﴿ وَأَنَاْ بَرِيء مّمَّا تُجْرَمُونَ ﴾ أي : مما تعملون. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ وَأُوحِيَ إلى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ ﴾ وذلك حين دعا عليهم نوح قال :﴿ لا تَذَرَ عَلَى الأرض مِنَ الكافرين دَيَّاراً ﴾. وأخرج أحمد في الزهد، وابن المنذر، وأبو الشيخ، عن الحسن، قال : إن نوحاً لم يدع على قومه حتى نزلت الآية هذه، فانقطع عند ذلك رجاؤه منهم، فدعا عليهم.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عنه، في قوله :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ قال : بعين الله ووحيه. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال : لم يعلم نوح كيف يصنع الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، عن عائشة، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم، حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة، ويمرّون فيسألونه، فيقول : أعملها سفينة، فيسخرون منه، ويقولون : يعمل سفينة في البرّ، وكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفار التنور، وكثر الماء في السكك خشيته أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حباً شديداً، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبته رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أمّ الصبيّ» وقد ضعفه الذهبي في مستدركه على مستدرك الحاكم. وقد روي في صفة السفينة وقدرها أحاديث، وآثار ليس في ذكرها هنا كثير فائدة.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَاب يُخْزِيهِ ﴾ قال : هو : الغرق ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَاب مُّقِيم ﴾ قال : هو الخلود في النار. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عنه، قال : كان بين دعوة نوح وبين هلاك قومه ثلثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح بالبيت أسبوعاً. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه أيضاً قال : التنور : العين التي بالجزيرة عين الوردة. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، قال : فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة. وقد روي عنه نحو هذا من طرق. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : التنور : وجه الأرض، قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت ومن معك. والعرب تسمى وجه الأرض تنور الأرض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عليّ ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ قال : طلع الفجر، قيل له : إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك. وقد روي في تفسير التنور غير هذا، وقد قدّمنا الإشارة إلى ذلك. وروي في صفة القصة، وما حمله نوح في السفينة، وكيف كان الغرق، وكم بقيت السفينة على ظهر الماء روايات كثيرة، لا مدخل لها في تفسير كلام الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قال حين يركبون ويجرون ويرسون. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك قال : كان إذا أراد أن ترسي قال : بسم الله، فأرست، وإذا أراد أن تجري قال : بسم الله، فجرت. وأخرج أبو يعلى، والطبراني، وابن السني، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن الحسن بن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن، بسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم، وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآية» وأخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، عن ابن عباس، عن النبيّ. وأخرجه أيضاً أبو الشيخ، عنه، مرفوعاً من طريق أخرى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان. وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عكرمة، في قوله :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إلا مَن رَّحِمَ ﴾ قال : لا ناج إلا أهل السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن القاسم بن أبي برّة، في قوله :﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ قال : بين ابن نوح والجبل. وأخرج ابن المنذر، وعن عكرمة في قوله :﴿ يا أرض ابلعي ﴾ قال : هو بالحبشية. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه، في ابلعي قال بالحبشية : أي ازدرديه. وأخرج أبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال : معناه : اشربي، بلغة الهند. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس مثله. أقول : وثبوت لفظ البلع وما يشتق منه في لغة العرب : ظاهر مكشوف، فما لنا وللحبشة والهند.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عنه، في قوله :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ قال : بعين الله ووحيه. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال : لم يعلم نوح كيف يصنع الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، عن عائشة، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم، حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة، ويمرّون فيسألونه، فيقول : أعملها سفينة، فيسخرون منه، ويقولون : يعمل سفينة في البرّ، وكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفار التنور، وكثر الماء في السكك خشيته أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حباً شديداً، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبته رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أمّ الصبيّ» وقد ضعفه الذهبي في مستدركه على مستدرك الحاكم. وقد روي في صفة السفينة وقدرها أحاديث، وآثار ليس في ذكرها هنا كثير فائدة.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَاب يُخْزِيهِ ﴾ قال : هو : الغرق ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَاب مُّقِيم ﴾ قال : هو الخلود في النار. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عنه، قال : كان بين دعوة نوح وبين هلاك قومه ثلثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح بالبيت أسبوعاً. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه أيضاً قال : التنور : العين التي بالجزيرة عين الوردة. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، قال : فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة. وقد روي عنه نحو هذا من طرق. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : التنور : وجه الأرض، قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت ومن معك. والعرب تسمى وجه الأرض تنور الأرض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عليّ ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ قال : طلع الفجر، قيل له : إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك. وقد روي في تفسير التنور غير هذا، وقد قدّمنا الإشارة إلى ذلك. وروي في صفة القصة، وما حمله نوح في السفينة، وكيف كان الغرق، وكم بقيت السفينة على ظهر الماء روايات كثيرة، لا مدخل لها في تفسير كلام الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قال حين يركبون ويجرون ويرسون. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك قال : كان إذا أراد أن ترسي قال : بسم الله، فأرست، وإذا أراد أن تجري قال : بسم الله، فجرت. وأخرج أبو يعلى، والطبراني، وابن السني، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن الحسن بن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن، بسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم، وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآية» وأخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، عن ابن عباس، عن النبيّ. وأخرجه أيضاً أبو الشيخ، عنه، مرفوعاً من طريق أخرى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان. وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عكرمة، في قوله :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إلا مَن رَّحِمَ ﴾ قال : لا ناج إلا أهل السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن القاسم بن أبي برّة، في قوله :﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ قال : بين ابن نوح والجبل. وأخرج ابن المنذر، وعن عكرمة في قوله :﴿ يا أرض ابلعي ﴾ قال : هو بالحبشية. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه، في ابلعي قال بالحبشية : أي ازدرديه. وأخرج أبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال : معناه : اشربي، بلغة الهند. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس مثله. أقول : وثبوت لفظ البلع وما يشتق منه في لغة العرب : ظاهر مكشوف، فما لنا وللحبشة والهند.
قوله :﴿ حتى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التنور ﴾ " حتى " هي الابتدائية دخلت على الجملة الشرطية، وجعلت غاية لقوله :﴿ واصنع الفلك بأعيننا ﴾.
والتنور : اختلف في تفسيرها على أحوال : الأوّل : أنها وجه الأرض، والعرب تسمي وجه الأرض تنوراً، روي ذلك عن ابن عباس، وعكرمة، والزهري، وابن عيينة. الثاني : أنه تنور الخبز الذي يخبزونه فيه، وبه قال مجاهد وعطية والحسن، وروي عن ابن عباس أيضاً. الثالث : أنه موضع اجتماع الماء في السفينة، روي عن الحسن. الرابع : أنه طلوع الفجر، من قولهم تنّور الفجر، روي عن عليّ بن أبي طالب.
الخامس : أنه مسجد الكوفة، روي عن عليّ أيضاً ومجاهد. قال مجاهد : كان ناحية التنّور بالكوفة. السادس : أنه أعالي الأرض، والمواضع المرتفعة، قاله قتادة. السابع : أنه العين التي بالجزيرة المسماة عين الوردة، روي ذلك عن عكرمة. الثامن : أنه موضع بالهند. قال ابن عباس : كان تنور آدم بالهند. قال النحاس : وهذه الأقوال ليست بمتناقضة، لأن الله سبحانه قد أخبر بأن الماء قد جاء من السماء والأرض، قال :﴿ فَفَتَحْنَا أبواب السماء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ. وَفَجَّرْنَا الأرض عُيُوناً ﴾ فهذه الأقوال تجتمع في أن ذلك كان علامة. هكذا قال، وفيه نظر، فإن القول الرابع ينافي هذا الجمع، ولا يستقيم عليه التفسير بنبع الماء. إلا إذا كان المراد مجرد العلامة، كما ذكره آخراً. وقد ذكر أهل اللغة أن الفور : الغليان، والتنور : اسم عجمي عرّبته العرب. وقيل : معنى فار التنور : التمثيل بحضور العذاب كقولهم : حَمي الوطيس : إذا اشتدّ الحرب، ومنه قول الشاعر :
يريد : الحرب.
قوله :﴿ قُلْنَا احمل فِيهَا مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين ﴾ أي : قلنا : يا نوح، احمل في السفينة من كل زوجين مما في الأرض من الحيوانات اثنين ذكراً وأثنى. وقرأ حفص :﴿ من كلّ ﴾ بتنوين كل : أي : من كل شيء زوجين، والزوجان للاثنين اللذين لا يستغني أحدهما عن الآخر، ويطلق على كل واحد منهما زوج، كما يقال للرجال زوج، وللمرأة زوج، ويطلق الزوج على الاثنين إذا استعمل مقابلاً للفرد، ويطلق الزوج على الضرب والصنف، ومثله قوله تعالى :﴿ وَأَنبَتَتْ مِن كُلّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ﴾، ومثله قول الأعشى :
أراد كل صنف من الديباج ﴿ وَأَهْلَكَ ﴾ عطف على زوجين، أو على اثنين على قراءة حفص، وعلى محل كل زوجين، فإنه في محلّ نصب باحمل، أو على اثنين على قراءة الجمهور، والمراد : امرأته وبنوه ونساؤهم ﴿ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ القول ﴾ أي : من تقدّم الحكم عليه بأنه من المغرقين، في قوله :﴿ وَلاَ تخاطبني فِي الذين ظَلَمُواْ إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ ﴾ على الاختلاف السابق فيهم، فمن جعلهم جميع الكفار من أهله وغيرهم كان هذا الاستثناء من جملة ﴿ احمل فِيهَا مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين وَأَهْلَكَ ﴾ ومن قال : المراد بهم ولده كنعان وامرأته واعلة أمّ كنعان جعل الاستثناء من أهلك، ويكون متصلاً إن أريد بالأهل ما هو أعمّ من المسلم والكافر منهم، ومنقطعاً إن أريد بالأهل المسلمون منهم فقط، قوله :﴿ وَمَنْ آمَنَ ﴾ معطوف على أهلك : أي : واحمل في السفينة من آمن من قومك، وأفرد الأهل منهم لمزيد العناية بهم، أو للاستثناء منهم على القول الآخر. ثم وصف الله سبحانه قلة المؤمنين مع نوح بالنسبة إلى من كفر به، فقال :﴿ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيل ﴾ قيل : هم ثمانون إنساناً : منهم ثلاثة من بنيه، وهو سام، وحام، ويافث، وزوجاتهم، ولما خرجوا من السفينة بنوا قرية يقال لها قرية الثمانين، وهي موجودة بناحية الموصل.
وقيل : كانوا عشرة. وقيل : سبعة، وقيل : كانوا اثنين وسبعين. وقيل : غير ذلك.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله :﴿ فَعَلَىَّ إِجْرَامِي ﴾ قال عملي ﴿ وَأَنَاْ بَرِيء مّمَّا تُجْرَمُونَ ﴾ أي : مما تعملون. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ وَأُوحِيَ إلى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ ﴾ وذلك حين دعا عليهم نوح قال :﴿ لا تَذَرَ عَلَى الأرض مِنَ الكافرين دَيَّاراً ﴾. وأخرج أحمد في الزهد، وابن المنذر، وأبو الشيخ، عن الحسن، قال : إن نوحاً لم يدع على قومه حتى نزلت الآية هذه، فانقطع عند ذلك رجاؤه منهم، فدعا عليهم.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عنه، في قوله :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ قال : بعين الله ووحيه. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال : لم يعلم نوح كيف يصنع الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، عن عائشة، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم، حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة، ويمرّون فيسألونه، فيقول : أعملها سفينة، فيسخرون منه، ويقولون : يعمل سفينة في البرّ، وكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفار التنور، وكثر الماء في السكك خشيته أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حباً شديداً، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبته رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أمّ الصبيّ» وقد ضعفه الذهبي في مستدركه على مستدرك الحاكم. وقد روي في صفة السفينة وقدرها أحاديث، وآثار ليس في ذكرها هنا كثير فائدة.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَاب يُخْزِيهِ ﴾ قال : هو : الغرق ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَاب مُّقِيم ﴾ قال : هو الخلود في النار. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عنه، قال : كان بين دعوة نوح وبين هلاك قومه ثلثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح بالبيت أسبوعاً. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه أيضاً قال : التنور : العين التي بالجزيرة عين الوردة. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، قال : فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة. وقد روي عنه نحو هذا من طرق. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : التنور : وجه الأرض، قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت ومن معك. والعرب تسمى وجه الأرض تنور الأرض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عليّ ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ قال : طلع الفجر، قيل له : إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك. وقد روي في تفسير التنور غير هذا، وقد قدّمنا الإشارة إلى ذلك. وروي في صفة القصة، وما حمله نوح في السفينة، وكيف كان الغرق، وكم بقيت السفينة على ظهر الماء روايات كثيرة، لا مدخل لها في تفسير كلام الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قال حين يركبون ويجرون ويرسون. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك قال : كان إذا أراد أن ترسي قال : بسم الله، فأرست، وإذا أراد أن تجري قال : بسم الله، فجرت. وأخرج أبو يعلى، والطبراني، وابن السني، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن الحسن بن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن، بسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم، وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآية» وأخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، عن ابن عباس، عن النبيّ. وأخرجه أيضاً أبو الشيخ، عنه، مرفوعاً من طريق أخرى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان. وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عكرمة، في قوله :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إلا مَن رَّحِمَ ﴾ قال : لا ناج إلا أهل السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن القاسم بن أبي برّة، في قوله :﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ قال : بين ابن نوح والجبل. وأخرج ابن المنذر، وعن عكرمة في قوله :﴿ يا أرض ابلعي ﴾ قال : هو بالحبشية. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه، في ابلعي قال بالحبشية : أي ازدرديه. وأخرج أبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال : معناه : اشربي، بلغة الهند. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس مثله. أقول : وثبوت لفظ البلع وما يشتق منه في لغة العرب : ظاهر مكشوف، فما لنا وللحبشة والهند.
والتنور : اختلف في تفسيرها على أحوال : الأوّل : أنها وجه الأرض، والعرب تسمي وجه الأرض تنوراً، روي ذلك عن ابن عباس، وعكرمة، والزهري، وابن عيينة. الثاني : أنه تنور الخبز الذي يخبزونه فيه، وبه قال مجاهد وعطية والحسن، وروي عن ابن عباس أيضاً. الثالث : أنه موضع اجتماع الماء في السفينة، روي عن الحسن. الرابع : أنه طلوع الفجر، من قولهم تنّور الفجر، روي عن عليّ بن أبي طالب.
الخامس : أنه مسجد الكوفة، روي عن عليّ أيضاً ومجاهد. قال مجاهد : كان ناحية التنّور بالكوفة. السادس : أنه أعالي الأرض، والمواضع المرتفعة، قاله قتادة. السابع : أنه العين التي بالجزيرة المسماة عين الوردة، روي ذلك عن عكرمة. الثامن : أنه موضع بالهند. قال ابن عباس : كان تنور آدم بالهند. قال النحاس : وهذه الأقوال ليست بمتناقضة، لأن الله سبحانه قد أخبر بأن الماء قد جاء من السماء والأرض، قال :﴿ فَفَتَحْنَا أبواب السماء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ. وَفَجَّرْنَا الأرض عُيُوناً ﴾ فهذه الأقوال تجتمع في أن ذلك كان علامة. هكذا قال، وفيه نظر، فإن القول الرابع ينافي هذا الجمع، ولا يستقيم عليه التفسير بنبع الماء. إلا إذا كان المراد مجرد العلامة، كما ذكره آخراً. وقد ذكر أهل اللغة أن الفور : الغليان، والتنور : اسم عجمي عرّبته العرب. وقيل : معنى فار التنور : التمثيل بحضور العذاب كقولهم : حَمي الوطيس : إذا اشتدّ الحرب، ومنه قول الشاعر :
تركتم قدركم لا شيء فيها | وقِدرُ القوم حامية تفورُ |
قوله :﴿ قُلْنَا احمل فِيهَا مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين ﴾ أي : قلنا : يا نوح، احمل في السفينة من كل زوجين مما في الأرض من الحيوانات اثنين ذكراً وأثنى. وقرأ حفص :﴿ من كلّ ﴾ بتنوين كل : أي : من كل شيء زوجين، والزوجان للاثنين اللذين لا يستغني أحدهما عن الآخر، ويطلق على كل واحد منهما زوج، كما يقال للرجال زوج، وللمرأة زوج، ويطلق الزوج على الاثنين إذا استعمل مقابلاً للفرد، ويطلق الزوج على الضرب والصنف، ومثله قوله تعالى :﴿ وَأَنبَتَتْ مِن كُلّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ﴾، ومثله قول الأعشى :
وكل ضرب من الديباج يلبسه | أبو حذافة مخبوّ بذاك معا |
وقيل : كانوا عشرة. وقيل : سبعة، وقيل : كانوا اثنين وسبعين. وقيل : غير ذلك.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عنه، في قوله :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ قال : بعين الله ووحيه. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال : لم يعلم نوح كيف يصنع الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، عن عائشة، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم، حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة، ويمرّون فيسألونه، فيقول : أعملها سفينة، فيسخرون منه، ويقولون : يعمل سفينة في البرّ، وكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفار التنور، وكثر الماء في السكك خشيته أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حباً شديداً، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبته رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أمّ الصبيّ» وقد ضعفه الذهبي في مستدركه على مستدرك الحاكم. وقد روي في صفة السفينة وقدرها أحاديث، وآثار ليس في ذكرها هنا كثير فائدة.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَاب يُخْزِيهِ ﴾ قال : هو : الغرق ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَاب مُّقِيم ﴾ قال : هو الخلود في النار. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عنه، قال : كان بين دعوة نوح وبين هلاك قومه ثلثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح بالبيت أسبوعاً. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه أيضاً قال : التنور : العين التي بالجزيرة عين الوردة. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، قال : فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة. وقد روي عنه نحو هذا من طرق. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : التنور : وجه الأرض، قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت ومن معك. والعرب تسمى وجه الأرض تنور الأرض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عليّ ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ قال : طلع الفجر، قيل له : إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك. وقد روي في تفسير التنور غير هذا، وقد قدّمنا الإشارة إلى ذلك. وروي في صفة القصة، وما حمله نوح في السفينة، وكيف كان الغرق، وكم بقيت السفينة على ظهر الماء روايات كثيرة، لا مدخل لها في تفسير كلام الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قال حين يركبون ويجرون ويرسون. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك قال : كان إذا أراد أن ترسي قال : بسم الله، فأرست، وإذا أراد أن تجري قال : بسم الله، فجرت. وأخرج أبو يعلى، والطبراني، وابن السني، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن الحسن بن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن، بسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم، وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآية» وأخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، عن ابن عباس، عن النبيّ. وأخرجه أيضاً أبو الشيخ، عنه، مرفوعاً من طريق أخرى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان. وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عكرمة، في قوله :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إلا مَن رَّحِمَ ﴾ قال : لا ناج إلا أهل السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن القاسم بن أبي برّة، في قوله :﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ قال : بين ابن نوح والجبل. وأخرج ابن المنذر، وعن عكرمة في قوله :﴿ يا أرض ابلعي ﴾ قال : هو بالحبشية. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه، في ابلعي قال بالحبشية : أي ازدرديه. وأخرج أبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال : معناه : اشربي، بلغة الهند. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس مثله. أقول : وثبوت لفظ البلع وما يشتق منه في لغة العرب : ظاهر مكشوف، فما لنا وللحبشة والهند.
قوله :﴿ وَقَالَ اركبوا فِيهَا ﴾ القائل : نوح، وقيل : الله سبحانه. والأوّل : أولى، لقوله :﴿ إِنَّ رَبّى لَغَفُور رَحِيم ﴾ والركوب : العلوّ على ظهر الشيء حقيقة نحو ركب الدابة، أو مجازاً نحو ركبه الدين، وفي الكلام حذف : أي : اركبوا الماء في السفينة، فلا يرد أن ركب يتعدّى بنفسه ؛ وقيل إن الفائدة في زيادة «في » أنه أمرهم بأن يكونوا في جوف السفينة لا على ظهرها. وقيل : إنها زيدت لرعاية جانب المحلية في السفينة كما في قوله :﴿ فَإِذَا رَكِبُواْ فِي الفلك ﴾، وقوله :﴿ حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السفينة ﴾ وقيل : ولعلّ نوحاً قال هذه المقالة بعد إدخال ما أمر بحمله من الأزواج، كأنه قيل : فحمل الأزواج وأدخلها في الفلك، وقال للمؤمنين، ويمكن أن يقال : إنه أمر بالركوب كل من أمر بحمله من الأزواج والأهل والمؤمنين، ولا يمتنع أن يفهم خطابه من لا يعقل من الحيوانات، أو يكون هذا على طريقة التغليب. قوله :﴿ بِسْمِ اللَّهِ ﴾ متعلق باركبوا، أو حال من فاعله : أي مسمين الله، أو قائلين :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قرأ أهل الحرمين وأهل البصرة بضمّ الميم فيهما إلا من شذّ منهم على أنهما اسما زمان، وهما : في موضع نصب على الظرفية : أي وقت مجراها ومرساها، ويجوز أن يكونا مصدرين : أي : وقت إجرائها وإرسائها. وقرأ الأعمش، وحمزة، والكسائي، وحفص مجراها بفتح الميم، ومرساها بضمها، وقرأ يحيى بن وثاب بفتحها فيهما. وقرأ مجاهد، وسليمان بن جندب، وعاصم الجحدري، وأبو رجاء العطاردي ﴿ مجريها ومرسيها ﴾ على أنهما وصفان لله، ويجوز أن يكونا في موضع رفع بإضمار مبتدأ : أي هو مجريها ومرسيها ﴿ إِنَّ رَبّى لَغَفُور ﴾ للذنوب ﴿ رَحِيم ﴾ بعباده، ومن رحمته إنجاء هذه الطائفة تفضلاً منه لبقاء هذا الجنس الحيواني، وعدم استئصاله بالغرق.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله :﴿ فَعَلَىَّ إِجْرَامِي ﴾ قال عملي ﴿ وَأَنَاْ بَرِيء مّمَّا تُجْرَمُونَ ﴾ أي : مما تعملون. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ وَأُوحِيَ إلى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ ﴾ وذلك حين دعا عليهم نوح قال :﴿ لا تَذَرَ عَلَى الأرض مِنَ الكافرين دَيَّاراً ﴾. وأخرج أحمد في الزهد، وابن المنذر، وأبو الشيخ، عن الحسن، قال : إن نوحاً لم يدع على قومه حتى نزلت الآية هذه، فانقطع عند ذلك رجاؤه منهم، فدعا عليهم.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عنه، في قوله :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ قال : بعين الله ووحيه. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال : لم يعلم نوح كيف يصنع الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، عن عائشة، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم، حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة، ويمرّون فيسألونه، فيقول : أعملها سفينة، فيسخرون منه، ويقولون : يعمل سفينة في البرّ، وكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفار التنور، وكثر الماء في السكك خشيته أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حباً شديداً، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبته رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أمّ الصبيّ» وقد ضعفه الذهبي في مستدركه على مستدرك الحاكم. وقد روي في صفة السفينة وقدرها أحاديث، وآثار ليس في ذكرها هنا كثير فائدة.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَاب يُخْزِيهِ ﴾ قال : هو : الغرق ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَاب مُّقِيم ﴾ قال : هو الخلود في النار. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عنه، قال : كان بين دعوة نوح وبين هلاك قومه ثلثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح بالبيت أسبوعاً. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه أيضاً قال : التنور : العين التي بالجزيرة عين الوردة. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، قال : فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة. وقد روي عنه نحو هذا من طرق. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : التنور : وجه الأرض، قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت ومن معك. والعرب تسمى وجه الأرض تنور الأرض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عليّ ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ قال : طلع الفجر، قيل له : إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك. وقد روي في تفسير التنور غير هذا، وقد قدّمنا الإشارة إلى ذلك. وروي في صفة القصة، وما حمله نوح في السفينة، وكيف كان الغرق، وكم بقيت السفينة على ظهر الماء روايات كثيرة، لا مدخل لها في تفسير كلام الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قال حين يركبون ويجرون ويرسون. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك قال : كان إذا أراد أن ترسي قال : بسم الله، فأرست، وإذا أراد أن تجري قال : بسم الله، فجرت. وأخرج أبو يعلى، والطبراني، وابن السني، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن الحسن بن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن، بسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم، وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآية» وأخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، عن ابن عباس، عن النبيّ. وأخرجه أيضاً أبو الشيخ، عنه، مرفوعاً من طريق أخرى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان. وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عكرمة، في قوله :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إلا مَن رَّحِمَ ﴾ قال : لا ناج إلا أهل السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن القاسم بن أبي برّة، في قوله :﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ قال : بين ابن نوح والجبل. وأخرج ابن المنذر، وعن عكرمة في قوله :﴿ يا أرض ابلعي ﴾ قال : هو بالحبشية. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه، في ابلعي قال بالحبشية : أي ازدرديه. وأخرج أبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال : معناه : اشربي، بلغة الهند. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس مثله. أقول : وثبوت لفظ البلع وما يشتق منه في لغة العرب : ظاهر مكشوف، فما لنا وللحبشة والهند.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عنه، في قوله :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ قال : بعين الله ووحيه. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال : لم يعلم نوح كيف يصنع الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، عن عائشة، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم، حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة، ويمرّون فيسألونه، فيقول : أعملها سفينة، فيسخرون منه، ويقولون : يعمل سفينة في البرّ، وكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفار التنور، وكثر الماء في السكك خشيته أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حباً شديداً، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبته رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أمّ الصبيّ» وقد ضعفه الذهبي في مستدركه على مستدرك الحاكم. وقد روي في صفة السفينة وقدرها أحاديث، وآثار ليس في ذكرها هنا كثير فائدة.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَاب يُخْزِيهِ ﴾ قال : هو : الغرق ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَاب مُّقِيم ﴾ قال : هو الخلود في النار. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عنه، قال : كان بين دعوة نوح وبين هلاك قومه ثلثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح بالبيت أسبوعاً. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه أيضاً قال : التنور : العين التي بالجزيرة عين الوردة. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، قال : فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة. وقد روي عنه نحو هذا من طرق. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : التنور : وجه الأرض، قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت ومن معك. والعرب تسمى وجه الأرض تنور الأرض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عليّ ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ قال : طلع الفجر، قيل له : إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك. وقد روي في تفسير التنور غير هذا، وقد قدّمنا الإشارة إلى ذلك. وروي في صفة القصة، وما حمله نوح في السفينة، وكيف كان الغرق، وكم بقيت السفينة على ظهر الماء روايات كثيرة، لا مدخل لها في تفسير كلام الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قال حين يركبون ويجرون ويرسون. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك قال : كان إذا أراد أن ترسي قال : بسم الله، فأرست، وإذا أراد أن تجري قال : بسم الله، فجرت. وأخرج أبو يعلى، والطبراني، وابن السني، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن الحسن بن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن، بسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم، وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآية» وأخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، عن ابن عباس، عن النبيّ. وأخرجه أيضاً أبو الشيخ، عنه، مرفوعاً من طريق أخرى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان. وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عكرمة، في قوله :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إلا مَن رَّحِمَ ﴾ قال : لا ناج إلا أهل السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن القاسم بن أبي برّة، في قوله :﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ قال : بين ابن نوح والجبل. وأخرج ابن المنذر، وعن عكرمة في قوله :﴿ يا أرض ابلعي ﴾ قال : هو بالحبشية. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه، في ابلعي قال بالحبشية : أي ازدرديه. وأخرج أبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال : معناه : اشربي، بلغة الهند. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس مثله. أقول : وثبوت لفظ البلع وما يشتق منه في لغة العرب : ظاهر مكشوف، فما لنا وللحبشة والهند.
قوله :﴿ وَهِىَ تَجْرِى بِهِمْ فِي مَوْجٍ كالجبال ﴾ هذه الجملة متصلة بجملة محذوفة دلّ عليها الأمر بالركوب، والتقدير : فركبوا مسمين، وهي تجري بهم، والموج : جمع موجة، وهي : ما ارتفع عن جملة الماء الكثير عند اشتداد الريح، وشبهها بالجبال المرتفعة على الأرض. قوله :﴿ ونادى نُوح ابنه ﴾ هو : كنعان، قيل : وكان كافراً، واستبعد كون نوح ينادي من كان كافراً مع قوله :﴿ رَبّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأرض مِنَ الكافرين دَيَّاراً ﴾ وأجيب بأنه كان منافقاً، فظن نوح أنه مؤمن. وقيل : حملته شفقة الأبوّة على ذلك. وقيل : إنه كان ابن امرأته، ولم يكن بابنه، ويؤيده ما روي أن علياً قرأ ونادى نوح ابنها ؛ وقيل : إنه كان لغير رشدة، وولد على فراش نوح. وردّ بأن قوله :﴿ ونادى نُوح ابنه ﴾، وقوله :﴿ إِنَّ ابني مِنْ أَهْلِي ﴾ يدفع ذلك على ما فيه من عدم صيانة منصب النبوّة ﴿ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ ﴾ أي : في مكان عزل فيه نفسه عن قومه، وقرابته بحيث لم يبلغه قول نوح : اركبوا فيها، وقيل : في معزل من دين أبيه، وقيل : من السفينة. قيل : وكان هذا النداء قبل أن يستيقن الناس الغرق، بل كان في أوّل فور التنور.
قوله :﴿ يا بني اركب مَعَنَا ﴾ قرأ عاصم بفتح الياء، والباقون بكسرها، فأما الكسر فلجعله بدلاً من ياء الإضافة، لأن الأصل يا بنيّ، وأما الفتح فلقلب ياء الإضافة ألفاً لخفة الألف، ثم حذف الألف وبقيت الفتحة لتدلّ عليه. قال النحاس : وقراءة عاصم مشكلة. وقال أبو حاتم : أصله يا بنياه ثم تحذف، وقد جعل الزجاج للفتح وجهين، وللكسر وجهين. أما الفتح بالوجه الأوّل ما ذكرناه، والوجه الثاني : أن تحذف الألف لالتقاء الساكنين. وأما الكسر، فالوجه الأوّل ما ذكرناه، والثاني : أن تحذف لالتقاء الساكنين، كذا حكى عنه النحاس. وقرأ أبو عمرو، والكسائي، وحفص ﴿ اركب مَعَنَا ﴾ بإدغام الباء في الميم لتقاربهما في المخرج. وقرأ الباقون بعدم الإدغام ﴿ وَلاَ تَكُن مَعَ الكافرين ﴾ نهاه عن الكون مع الكافرين : أي خارج السفينة، ويمكن أن يراد بالكون معهم الكون على دينهم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله :﴿ فَعَلَىَّ إِجْرَامِي ﴾ قال عملي ﴿ وَأَنَاْ بَرِيء مّمَّا تُجْرَمُونَ ﴾ أي : مما تعملون. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ وَأُوحِيَ إلى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ ﴾ وذلك حين دعا عليهم نوح قال :﴿ لا تَذَرَ عَلَى الأرض مِنَ الكافرين دَيَّاراً ﴾. وأخرج أحمد في الزهد، وابن المنذر، وأبو الشيخ، عن الحسن، قال : إن نوحاً لم يدع على قومه حتى نزلت الآية هذه، فانقطع عند ذلك رجاؤه منهم، فدعا عليهم.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عنه، في قوله :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ قال : بعين الله ووحيه. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال : لم يعلم نوح كيف يصنع الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، عن عائشة، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم، حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة، ويمرّون فيسألونه، فيقول : أعملها سفينة، فيسخرون منه، ويقولون : يعمل سفينة في البرّ، وكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفار التنور، وكثر الماء في السكك خشيته أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حباً شديداً، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبته رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أمّ الصبيّ» وقد ضعفه الذهبي في مستدركه على مستدرك الحاكم. وقد روي في صفة السفينة وقدرها أحاديث، وآثار ليس في ذكرها هنا كثير فائدة.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَاب يُخْزِيهِ ﴾ قال : هو : الغرق ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَاب مُّقِيم ﴾ قال : هو الخلود في النار. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عنه، قال : كان بين دعوة نوح وبين هلاك قومه ثلثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح بالبيت أسبوعاً. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه أيضاً قال : التنور : العين التي بالجزيرة عين الوردة. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، قال : فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة. وقد روي عنه نحو هذا من طرق. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : التنور : وجه الأرض، قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت ومن معك. والعرب تسمى وجه الأرض تنور الأرض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عليّ ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ قال : طلع الفجر، قيل له : إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك. وقد روي في تفسير التنور غير هذا، وقد قدّمنا الإشارة إلى ذلك. وروي في صفة القصة، وما حمله نوح في السفينة، وكيف كان الغرق، وكم بقيت السفينة على ظهر الماء روايات كثيرة، لا مدخل لها في تفسير كلام الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قال حين يركبون ويجرون ويرسون. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك قال : كان إذا أراد أن ترسي قال : بسم الله، فأرست، وإذا أراد أن تجري قال : بسم الله، فجرت. وأخرج أبو يعلى، والطبراني، وابن السني، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن الحسن بن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن، بسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم، وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآية» وأخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، عن ابن عباس، عن النبيّ. وأخرجه أيضاً أبو الشيخ، عنه، مرفوعاً من طريق أخرى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان. وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عكرمة، في قوله :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إلا مَن رَّحِمَ ﴾ قال : لا ناج إلا أهل السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن القاسم بن أبي برّة، في قوله :﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ قال : بين ابن نوح والجبل. وأخرج ابن المنذر، وعن عكرمة في قوله :﴿ يا أرض ابلعي ﴾ قال : هو بالحبشية. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه، في ابلعي قال بالحبشية : أي ازدرديه. وأخرج أبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال : معناه : اشربي، بلغة الهند. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس مثله. أقول : وثبوت لفظ البلع وما يشتق منه في لغة العرب : ظاهر مكشوف، فما لنا وللحبشة والهند.
قوله :﴿ يا بني اركب مَعَنَا ﴾ قرأ عاصم بفتح الياء، والباقون بكسرها، فأما الكسر فلجعله بدلاً من ياء الإضافة، لأن الأصل يا بنيّ، وأما الفتح فلقلب ياء الإضافة ألفاً لخفة الألف، ثم حذف الألف وبقيت الفتحة لتدلّ عليه. قال النحاس : وقراءة عاصم مشكلة. وقال أبو حاتم : أصله يا بنياه ثم تحذف، وقد جعل الزجاج للفتح وجهين، وللكسر وجهين. أما الفتح بالوجه الأوّل ما ذكرناه، والوجه الثاني : أن تحذف الألف لالتقاء الساكنين. وأما الكسر، فالوجه الأوّل ما ذكرناه، والثاني : أن تحذف لالتقاء الساكنين، كذا حكى عنه النحاس. وقرأ أبو عمرو، والكسائي، وحفص ﴿ اركب مَعَنَا ﴾ بإدغام الباء في الميم لتقاربهما في المخرج. وقرأ الباقون بعدم الإدغام ﴿ وَلاَ تَكُن مَعَ الكافرين ﴾ نهاه عن الكون مع الكافرين : أي خارج السفينة، ويمكن أن يراد بالكون معهم الكون على دينهم.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عنه، في قوله :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ قال : بعين الله ووحيه. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال : لم يعلم نوح كيف يصنع الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، عن عائشة، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم، حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة، ويمرّون فيسألونه، فيقول : أعملها سفينة، فيسخرون منه، ويقولون : يعمل سفينة في البرّ، وكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفار التنور، وكثر الماء في السكك خشيته أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حباً شديداً، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبته رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أمّ الصبيّ» وقد ضعفه الذهبي في مستدركه على مستدرك الحاكم. وقد روي في صفة السفينة وقدرها أحاديث، وآثار ليس في ذكرها هنا كثير فائدة.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَاب يُخْزِيهِ ﴾ قال : هو : الغرق ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَاب مُّقِيم ﴾ قال : هو الخلود في النار. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عنه، قال : كان بين دعوة نوح وبين هلاك قومه ثلثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح بالبيت أسبوعاً. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه أيضاً قال : التنور : العين التي بالجزيرة عين الوردة. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، قال : فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة. وقد روي عنه نحو هذا من طرق. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : التنور : وجه الأرض، قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت ومن معك. والعرب تسمى وجه الأرض تنور الأرض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عليّ ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ قال : طلع الفجر، قيل له : إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك. وقد روي في تفسير التنور غير هذا، وقد قدّمنا الإشارة إلى ذلك. وروي في صفة القصة، وما حمله نوح في السفينة، وكيف كان الغرق، وكم بقيت السفينة على ظهر الماء روايات كثيرة، لا مدخل لها في تفسير كلام الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قال حين يركبون ويجرون ويرسون. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك قال : كان إذا أراد أن ترسي قال : بسم الله، فأرست، وإذا أراد أن تجري قال : بسم الله، فجرت. وأخرج أبو يعلى، والطبراني، وابن السني، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن الحسن بن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن، بسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم، وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآية» وأخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، عن ابن عباس، عن النبيّ. وأخرجه أيضاً أبو الشيخ، عنه، مرفوعاً من طريق أخرى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان. وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عكرمة، في قوله :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إلا مَن رَّحِمَ ﴾ قال : لا ناج إلا أهل السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن القاسم بن أبي برّة، في قوله :﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ قال : بين ابن نوح والجبل. وأخرج ابن المنذر، وعن عكرمة في قوله :﴿ يا أرض ابلعي ﴾ قال : هو بالحبشية. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه، في ابلعي قال بالحبشية : أي ازدرديه. وأخرج أبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال : معناه : اشربي، بلغة الهند. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس مثله. أقول : وثبوت لفظ البلع وما يشتق منه في لغة العرب : ظاهر مكشوف، فما لنا وللحبشة والهند.
ثم حكى الله سبحانه ما أجاب به ابن نوح على أبيه، فقال :﴿ قَالَ سَآوِي إلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الماء ﴾ أي : يمنعني بارتفاعه من وصول الماء إليّ، فأجاب عنه نوح بقوله :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله ﴾ أي : لا مانع، فإنه يوم قد حقّ فيه العذاب وجفّ القلم بما هو كائن فيه، نفي جنس العاصم فيندرج تحته العاصم من الغرق في ذلك اليوم اندراجاً أوّلياً، وعبر عن الماء أو عن الغرق بأمر الله سبحانه تفخيماً لشأنه، وتهويلاً لأمره. والاستثناء قال الزجاج : هو منقطع : أي : لكن من رحمه الله فهو يعصمه، فيكون :﴿ مَن رَحِمَ ﴾ في موضع نصب، ويجوز أن يكون الاستثناء متصلاً على أن يكون عاصم بمعنى معصوم : أي : لا معصوم اليوم من أمر الله إلا من رحمه الله : مثل :﴿ مَاء دَافِقٍ ﴾ ﴿ وعِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ﴾ ومنه قول الشاعر :
أي : المطعم المكسوّ، واختار هذا الوجه ابن جرير ؛ وقيل : العاصم بمعنى ذي العصمة، كلابن وتامر، والتقدير : لا عاصم قط إلا مكان من رحم الله، وهو السفينة، وحينئذ فلا يرد ما يقال : إن معنى من رحم من رحمه الله، ومن رحمه الله هو معصوم، فكيف يصحّ استثناؤه عن العاصم ؟ لأن في كل وجه من هذه الوجوه دفعاً للإشكال.
وقرئ «إلا من رحم » على البناء للمفعول ﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ أي : حال بين نوح وابنه فتعذر خلاصه من الغرق. وقيل : بين ابن نوح، وبين الجبل، والأوّل : أولى، لأن تفرّع ﴿ فَكَانَ مِنَ المغرقين ﴾ عليه يدل على الأوّل لا على الثاني، لأن الجبل ليس بعاصم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله :﴿ فَعَلَىَّ إِجْرَامِي ﴾ قال عملي ﴿ وَأَنَاْ بَرِيء مّمَّا تُجْرَمُونَ ﴾ أي : مما تعملون. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ وَأُوحِيَ إلى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ ﴾ وذلك حين دعا عليهم نوح قال :﴿ لا تَذَرَ عَلَى الأرض مِنَ الكافرين دَيَّاراً ﴾. وأخرج أحمد في الزهد، وابن المنذر، وأبو الشيخ، عن الحسن، قال : إن نوحاً لم يدع على قومه حتى نزلت الآية هذه، فانقطع عند ذلك رجاؤه منهم، فدعا عليهم.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عنه، في قوله :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ قال : بعين الله ووحيه. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال : لم يعلم نوح كيف يصنع الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، عن عائشة، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم، حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة، ويمرّون فيسألونه، فيقول : أعملها سفينة، فيسخرون منه، ويقولون : يعمل سفينة في البرّ، وكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفار التنور، وكثر الماء في السكك خشيته أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حباً شديداً، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبته رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أمّ الصبيّ» وقد ضعفه الذهبي في مستدركه على مستدرك الحاكم. وقد روي في صفة السفينة وقدرها أحاديث، وآثار ليس في ذكرها هنا كثير فائدة.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَاب يُخْزِيهِ ﴾ قال : هو : الغرق ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَاب مُّقِيم ﴾ قال : هو الخلود في النار. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عنه، قال : كان بين دعوة نوح وبين هلاك قومه ثلثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح بالبيت أسبوعاً. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه أيضاً قال : التنور : العين التي بالجزيرة عين الوردة. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، قال : فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة. وقد روي عنه نحو هذا من طرق. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : التنور : وجه الأرض، قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت ومن معك. والعرب تسمى وجه الأرض تنور الأرض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عليّ ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ قال : طلع الفجر، قيل له : إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك. وقد روي في تفسير التنور غير هذا، وقد قدّمنا الإشارة إلى ذلك. وروي في صفة القصة، وما حمله نوح في السفينة، وكيف كان الغرق، وكم بقيت السفينة على ظهر الماء روايات كثيرة، لا مدخل لها في تفسير كلام الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قال حين يركبون ويجرون ويرسون. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك قال : كان إذا أراد أن ترسي قال : بسم الله، فأرست، وإذا أراد أن تجري قال : بسم الله، فجرت. وأخرج أبو يعلى، والطبراني، وابن السني، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن الحسن بن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن، بسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم، وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآية» وأخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، عن ابن عباس، عن النبيّ. وأخرجه أيضاً أبو الشيخ، عنه، مرفوعاً من طريق أخرى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان. وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عكرمة، في قوله :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إلا مَن رَّحِمَ ﴾ قال : لا ناج إلا أهل السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن القاسم بن أبي برّة، في قوله :﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ قال : بين ابن نوح والجبل. وأخرج ابن المنذر، وعن عكرمة في قوله :﴿ يا أرض ابلعي ﴾ قال : هو بالحبشية. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه، في ابلعي قال بالحبشية : أي ازدرديه. وأخرج أبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال : معناه : اشربي، بلغة الهند. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس مثله. أقول : وثبوت لفظ البلع وما يشتق منه في لغة العرب : ظاهر مكشوف، فما لنا وللحبشة والهند.
دع المكارم لا تنهض لبغيتها | واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي |
وقرئ «إلا من رحم » على البناء للمفعول ﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ أي : حال بين نوح وابنه فتعذر خلاصه من الغرق. وقيل : بين ابن نوح، وبين الجبل، والأوّل : أولى، لأن تفرّع ﴿ فَكَانَ مِنَ المغرقين ﴾ عليه يدل على الأوّل لا على الثاني، لأن الجبل ليس بعاصم.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عنه، في قوله :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ قال : بعين الله ووحيه. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال : لم يعلم نوح كيف يصنع الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، عن عائشة، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم، حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة، ويمرّون فيسألونه، فيقول : أعملها سفينة، فيسخرون منه، ويقولون : يعمل سفينة في البرّ، وكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفار التنور، وكثر الماء في السكك خشيته أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حباً شديداً، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبته رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أمّ الصبيّ» وقد ضعفه الذهبي في مستدركه على مستدرك الحاكم. وقد روي في صفة السفينة وقدرها أحاديث، وآثار ليس في ذكرها هنا كثير فائدة.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَاب يُخْزِيهِ ﴾ قال : هو : الغرق ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَاب مُّقِيم ﴾ قال : هو الخلود في النار. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عنه، قال : كان بين دعوة نوح وبين هلاك قومه ثلثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح بالبيت أسبوعاً. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه أيضاً قال : التنور : العين التي بالجزيرة عين الوردة. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، قال : فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة. وقد روي عنه نحو هذا من طرق. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : التنور : وجه الأرض، قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت ومن معك. والعرب تسمى وجه الأرض تنور الأرض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عليّ ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ قال : طلع الفجر، قيل له : إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك. وقد روي في تفسير التنور غير هذا، وقد قدّمنا الإشارة إلى ذلك. وروي في صفة القصة، وما حمله نوح في السفينة، وكيف كان الغرق، وكم بقيت السفينة على ظهر الماء روايات كثيرة، لا مدخل لها في تفسير كلام الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قال حين يركبون ويجرون ويرسون. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك قال : كان إذا أراد أن ترسي قال : بسم الله، فأرست، وإذا أراد أن تجري قال : بسم الله، فجرت. وأخرج أبو يعلى، والطبراني، وابن السني، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن الحسن بن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن، بسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم، وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآية» وأخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، عن ابن عباس، عن النبيّ. وأخرجه أيضاً أبو الشيخ، عنه، مرفوعاً من طريق أخرى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان. وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عكرمة، في قوله :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إلا مَن رَّحِمَ ﴾ قال : لا ناج إلا أهل السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن القاسم بن أبي برّة، في قوله :﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ قال : بين ابن نوح والجبل. وأخرج ابن المنذر، وعن عكرمة في قوله :﴿ يا أرض ابلعي ﴾ قال : هو بالحبشية. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه، في ابلعي قال بالحبشية : أي ازدرديه. وأخرج أبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال : معناه : اشربي، بلغة الهند. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس مثله. أقول : وثبوت لفظ البلع وما يشتق منه في لغة العرب : ظاهر مكشوف، فما لنا وللحبشة والهند.
قوله :﴿ وَقِيلَ يا أرض ابلعي مَاءكِ ﴾ يقال : بلع الماء يبلعه مثل منع يمنع، وبلع يبلع، مثل حمد يحمد لغتان حكاهما الكسائي والفراء : والبلع : الشرب، ومنه البالوعة، وهي : الموضع الذي يشرب الماء، والازدراد، يقال : بلع ما في فمه من الطعام إذا ازدرده، واستعير البلع الذي هو من فعل الحيوان للنشف دلالة على أن ذلك ليس كالنشف المعتاد الكائن على سبيل التدريج ﴿ ويا سماء أَقْلِعِي ﴾ الإقلاع : الإمساك، يقال : أقلع المطر : إذا انقطع. والمعنى : أمر السماء بامساك الماء عن الإرسال، وقدّم نداء الأرض على السماء لكون ابتداء الطوفان منها ﴿ وَغِيضَ الماء ﴾ أي : نقص، يقال : غاض الماء وغضته أنا ﴿ وَقُضِىَ الأمر ﴾ أي : أحكم وفرغ منه : يعني : أهلك الله قوم نوح على تمام وإحكام ﴿ واستوت عَلَى الجوديّ ﴾ أي : استقرّت السفينة على الجبل المعروف بالجودي، وهو جبل بقرب الموصل ؛ وقيل : إن الجودي : اسم لكل جبل، ومنه قول زيد بن عمرو بن نفيل :
ويقال : إنه من جبال الجنة، فلذا استوت عليه ﴿ وَقِيلَ بُعْدًا للْقَوْمِ الظالمين ﴾ القائل : هو الله سبحانه، ليناسب صدر الآية. وقيل : هو نوح وأصحابه. والمعنى : وقيل هلاكاً للقوم الظالمين، وهو من الكلمات التي تختص بدعاء السوء ووصفهم بالظلم للإشعار بأنه علة الهلاك، وللإيماء إلى قوله :﴿ وَلاَ تخاطبني فِي الذين ظَلَمُوا ﴾. وقد أطبق علماء البلاغة على أن هذه الآية الشريفة بالغة من الفصاحة والبلاغة إلى محل يتقاصر عنه الوصف، وتضعف عن الإتيان بما يقاربه قدرة القادرين على فنون البلاغة، الثابتين الأقدام في علم البيان، الراسخين في علم اللغة، المطلعين على ما هو مدوّن من خطب مصاقع خطباء العرب، وأشعار بواقع شعرائهم، المرتاضين بدقائق علوم العربية وأسرارها. وقد تعرّض لبيان بعض ما اشتملت عليه من ذلك جماعة منهم، فأطالوا وأطابوا، رحمنا الله وإياهم برحمته الواسعة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله :﴿ فَعَلَىَّ إِجْرَامِي ﴾ قال عملي ﴿ وَأَنَاْ بَرِيء مّمَّا تُجْرَمُونَ ﴾ أي : مما تعملون. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ وَأُوحِيَ إلى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ ﴾ وذلك حين دعا عليهم نوح قال :﴿ لا تَذَرَ عَلَى الأرض مِنَ الكافرين دَيَّاراً ﴾. وأخرج أحمد في الزهد، وابن المنذر، وأبو الشيخ، عن الحسن، قال : إن نوحاً لم يدع على قومه حتى نزلت الآية هذه، فانقطع عند ذلك رجاؤه منهم، فدعا عليهم.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عنه، في قوله :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ قال : بعين الله ووحيه. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال : لم يعلم نوح كيف يصنع الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، عن عائشة، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم، حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة، ويمرّون فيسألونه، فيقول : أعملها سفينة، فيسخرون منه، ويقولون : يعمل سفينة في البرّ، وكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفار التنور، وكثر الماء في السكك خشيته أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حباً شديداً، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبته رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أمّ الصبيّ» وقد ضعفه الذهبي في مستدركه على مستدرك الحاكم. وقد روي في صفة السفينة وقدرها أحاديث، وآثار ليس في ذكرها هنا كثير فائدة.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَاب يُخْزِيهِ ﴾ قال : هو : الغرق ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَاب مُّقِيم ﴾ قال : هو الخلود في النار. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عنه، قال : كان بين دعوة نوح وبين هلاك قومه ثلثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح بالبيت أسبوعاً. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه أيضاً قال : التنور : العين التي بالجزيرة عين الوردة. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، قال : فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة. وقد روي عنه نحو هذا من طرق. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : التنور : وجه الأرض، قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت ومن معك. والعرب تسمى وجه الأرض تنور الأرض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عليّ ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ قال : طلع الفجر، قيل له : إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك. وقد روي في تفسير التنور غير هذا، وقد قدّمنا الإشارة إلى ذلك. وروي في صفة القصة، وما حمله نوح في السفينة، وكيف كان الغرق، وكم بقيت السفينة على ظهر الماء روايات كثيرة، لا مدخل لها في تفسير كلام الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قال حين يركبون ويجرون ويرسون. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك قال : كان إذا أراد أن ترسي قال : بسم الله، فأرست، وإذا أراد أن تجري قال : بسم الله، فجرت. وأخرج أبو يعلى، والطبراني، وابن السني، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن الحسن بن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن، بسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم، وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآية» وأخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، عن ابن عباس، عن النبيّ. وأخرجه أيضاً أبو الشيخ، عنه، مرفوعاً من طريق أخرى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان. وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عكرمة، في قوله :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إلا مَن رَّحِمَ ﴾ قال : لا ناج إلا أهل السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن القاسم بن أبي برّة، في قوله :﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ قال : بين ابن نوح والجبل. وأخرج ابن المنذر، وعن عكرمة في قوله :﴿ يا أرض ابلعي ﴾ قال : هو بالحبشية. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه، في ابلعي قال بالحبشية : أي ازدرديه. وأخرج أبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال : معناه : اشربي، بلغة الهند. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس مثله. أقول : وثبوت لفظ البلع وما يشتق منه في لغة العرب : ظاهر مكشوف، فما لنا وللحبشة والهند.
سبحانه ثم سبحانا نعوذ به | وقبلنا سبح الجوديّ والجمد |
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عنه، في قوله :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ قال : بعين الله ووحيه. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال : لم يعلم نوح كيف يصنع الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، عن عائشة، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم، حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة، ويمرّون فيسألونه، فيقول : أعملها سفينة، فيسخرون منه، ويقولون : يعمل سفينة في البرّ، وكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفار التنور، وكثر الماء في السكك خشيته أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حباً شديداً، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبته رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أمّ الصبيّ» وقد ضعفه الذهبي في مستدركه على مستدرك الحاكم. وقد روي في صفة السفينة وقدرها أحاديث، وآثار ليس في ذكرها هنا كثير فائدة.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَاب يُخْزِيهِ ﴾ قال : هو : الغرق ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَاب مُّقِيم ﴾ قال : هو الخلود في النار. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عنه، قال : كان بين دعوة نوح وبين هلاك قومه ثلثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح بالبيت أسبوعاً. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه أيضاً قال : التنور : العين التي بالجزيرة عين الوردة. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، قال : فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة. وقد روي عنه نحو هذا من طرق. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : التنور : وجه الأرض، قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت ومن معك. والعرب تسمى وجه الأرض تنور الأرض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عليّ ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ قال : طلع الفجر، قيل له : إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك. وقد روي في تفسير التنور غير هذا، وقد قدّمنا الإشارة إلى ذلك. وروي في صفة القصة، وما حمله نوح في السفينة، وكيف كان الغرق، وكم بقيت السفينة على ظهر الماء روايات كثيرة، لا مدخل لها في تفسير كلام الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قال حين يركبون ويجرون ويرسون. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك قال : كان إذا أراد أن ترسي قال : بسم الله، فأرست، وإذا أراد أن تجري قال : بسم الله، فجرت. وأخرج أبو يعلى، والطبراني، وابن السني، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن الحسن بن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن، بسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم، وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآية» وأخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، عن ابن عباس، عن النبيّ. وأخرجه أيضاً أبو الشيخ، عنه، مرفوعاً من طريق أخرى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان. وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عكرمة، في قوله :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إلا مَن رَّحِمَ ﴾ قال : لا ناج إلا أهل السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن القاسم بن أبي برّة، في قوله :﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ قال : بين ابن نوح والجبل. وأخرج ابن المنذر، وعن عكرمة في قوله :﴿ يا أرض ابلعي ﴾ قال : هو بالحبشية. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه، في ابلعي قال بالحبشية : أي ازدرديه. وأخرج أبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال : معناه : اشربي، بلغة الهند. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس مثله. أقول : وثبوت لفظ البلع وما يشتق منه في لغة العرب : ظاهر مكشوف، فما لنا وللحبشة والهند.
وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ. أَقُولُ: وَثُبُوتُ لَفْظِ الْبَلْعِ وَمَا يُشْتَقُّ مِنْهُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ ظَاهِرٌ مَكْشُوفٌ، فما لنا وللحبشة والهند؟!.
[سورة هود (١١) : الآيات ٤٥ الى ٤٩]
وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ (٤٥) قالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (٤٦) قالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ (٤٧) قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ (٤٨) تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (٤٩)
ومعنى: وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ دَعَاهُ، وَالْمُرَادُ: أَرَادَ دُعَاءَهُ، بِدَلِيلِ الْفَاءِ فِي: فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَعَطْفُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ غَيْرُ سَائِغٍ، فَلَا بُدَّ مِنَ التَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي أَنَّهُ مِنَ الْأَهْلِ الَّذِينَ وَعَدْتَنِي بِتَنْجِيَتِهِمْ بِقَوْلِكَ: وَأَهْلَكَ. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ طَلَبَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنْجَازَ مَا وَعَدَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ: وَأَهْلَكَ وَهُوَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَتَرَكَ مَا يُفِيدُهُ الِاسْتِثْنَاءُ، وَهُوَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ؟ فَيُجَابُ: بِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ إِذْ ذَاكَ أَنَّهُ مِمَّنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ، فَإِنَّهُ كَانَ يَظُنُّهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ الَّذِي لَا خُلْفَ فِيهِ، وَهَذَا مِنْهُ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ أَيْ: أَتْقَنُ الْمُتْقِنِينَ لِمَا يَكُونُ بِهِ الْحُكْمُ، فَلَا يَتَطَرَّقُ إِلَى حُكْمِكَ نَقْضٌ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ، أَعْلَمَهُمْ وَأَعْدَلَهُمْ، أَيْ: أَنْتَ أَكْثَرُ عِلْمًا وَعَدْلًا مِنْ ذَوِي الْحُكْمِ وَقِيلَ: إِنَّ الْحَاكِمَ بِمَعْنَى: ذِي الْحِكْمَةِ كَدَارِعٍ، ثُمَّ أَجَابَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْ نُوحٍ بِبَيَانِ أَنَّ ابْنَهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي عُمُومِ الْأَهْلِ، وَأَنَّهُ خَارِجٌ بِقَيْدِ الِاسْتِثْنَاءِ فِ قالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ الَّذِينَ آمَنُوا بِكَ وَتَابَعُوكَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِكَ بِاعْتِبَارِ الْقَرَابَةِ ثُمَّ صَرَّحَ بِالْعِلَّةِ الْمُوجِبَةِ لِخُرُوجِهِ مِنْ عُمُومِ الْأَهْلِ الْمُبَيِّنَةِ لَهُ، بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَرَابَةِ: قَرَابَةُ الدِّينِ لَا قَرَابَةُ النَّسَبِ وَحْدَهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ قَرَأَ الْجُمْهُورُ: عَمَلٌ، عَلَى لَفْظِ الْمَصْدَرِ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَيَعْقُوبُ: عَمِلَ، عَلَى لَفْظِ الْفِعْلِ وَمَعْنَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى الْمُبَالَغَةُ فِي ذَمِّهِ كَأَنَّهُ جُعِلَ نَفْسَ الْعَمَلِ، وَأَصْلُهُ ذُو عَمَلٍ غَيْرِ صَالِحٍ ثُمَّ حَذَفَ الْمُضَافَ وَجُعِلَ نَفْسَ الْعَمَلِ، كَذَا قَالَ الزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُ. وَمَعْنَى الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ ظَاهِرٌ، أَيْ: إِنَّهُ عَمِلَ عَمَلًا غَيْرَ صَالِحٍ، وَهُوَ كُفْرُهُ وَتَرْكُهُ لِمُتَابَعَةِ أَبِيهِ، ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ مِثْلِ هَذَا السُّؤَالِ، فَقَالَ: فَلا تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ لَمَّا بَيَّنَ لَهُ بُطْلَانَ مَا اعْتَقَدَهُ مِنْ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِهِ فَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ النَّهْيَ عَنِ السُّؤَالِ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ نَهْيًا عَامَّا بِحَيْثُ يَشْمَلُ كُلَّ سُؤَالٍ لَا يَعْلَمُ صَاحِبُهُ أَنَّ حُصُولَ مَطْلُوبِهِ مِنْهُ صَوَابٌ، فَهُوَ يَدْخُلُ تَحْتَهُ سُؤَالُهُ هَذَا دُخُولًا أَوَّلِيًّا، وَفِيهِ عَدَمُ جَوَازِ الدُّعَاءِ بِمَا لَا يَعْلَمُ الْإِنْسَانُ مُطَابَقَتَهُ لِلشَّرْعِ، وَسُمِّيَ دُعَاءُهُ سُؤَالًا لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى السُّؤَالِ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ أَيْ: أُحَذِّرُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ، كَقَوْلِهِ: يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً «١» وَقِيلَ: الْمَعْنَى: أَرْفَعُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَهَذِهِ زِيَادَةٌ مِنَ اللَّهِ
[سورة هود (١١) : الآيات ٤٥ الى ٤٩]
وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ (٤٥) قالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (٤٦) قالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ (٤٧) قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ (٤٨) تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (٤٩)
ومعنى: وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ دَعَاهُ، وَالْمُرَادُ: أَرَادَ دُعَاءَهُ، بِدَلِيلِ الْفَاءِ فِي: فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَعَطْفُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ غَيْرُ سَائِغٍ، فَلَا بُدَّ مِنَ التَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي أَنَّهُ مِنَ الْأَهْلِ الَّذِينَ وَعَدْتَنِي بِتَنْجِيَتِهِمْ بِقَوْلِكَ: وَأَهْلَكَ. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ طَلَبَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنْجَازَ مَا وَعَدَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ: وَأَهْلَكَ وَهُوَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَتَرَكَ مَا يُفِيدُهُ الِاسْتِثْنَاءُ، وَهُوَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ؟ فَيُجَابُ: بِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ إِذْ ذَاكَ أَنَّهُ مِمَّنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ، فَإِنَّهُ كَانَ يَظُنُّهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ الَّذِي لَا خُلْفَ فِيهِ، وَهَذَا مِنْهُ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ أَيْ: أَتْقَنُ الْمُتْقِنِينَ لِمَا يَكُونُ بِهِ الْحُكْمُ، فَلَا يَتَطَرَّقُ إِلَى حُكْمِكَ نَقْضٌ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ، أَعْلَمَهُمْ وَأَعْدَلَهُمْ، أَيْ: أَنْتَ أَكْثَرُ عِلْمًا وَعَدْلًا مِنْ ذَوِي الْحُكْمِ وَقِيلَ: إِنَّ الْحَاكِمَ بِمَعْنَى: ذِي الْحِكْمَةِ كَدَارِعٍ، ثُمَّ أَجَابَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْ نُوحٍ بِبَيَانِ أَنَّ ابْنَهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي عُمُومِ الْأَهْلِ، وَأَنَّهُ خَارِجٌ بِقَيْدِ الِاسْتِثْنَاءِ فِ قالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ الَّذِينَ آمَنُوا بِكَ وَتَابَعُوكَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِكَ بِاعْتِبَارِ الْقَرَابَةِ ثُمَّ صَرَّحَ بِالْعِلَّةِ الْمُوجِبَةِ لِخُرُوجِهِ مِنْ عُمُومِ الْأَهْلِ الْمُبَيِّنَةِ لَهُ، بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَرَابَةِ: قَرَابَةُ الدِّينِ لَا قَرَابَةُ النَّسَبِ وَحْدَهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ قَرَأَ الْجُمْهُورُ: عَمَلٌ، عَلَى لَفْظِ الْمَصْدَرِ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَيَعْقُوبُ: عَمِلَ، عَلَى لَفْظِ الْفِعْلِ وَمَعْنَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى الْمُبَالَغَةُ فِي ذَمِّهِ كَأَنَّهُ جُعِلَ نَفْسَ الْعَمَلِ، وَأَصْلُهُ ذُو عَمَلٍ غَيْرِ صَالِحٍ ثُمَّ حَذَفَ الْمُضَافَ وَجُعِلَ نَفْسَ الْعَمَلِ، كَذَا قَالَ الزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُ. وَمَعْنَى الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ ظَاهِرٌ، أَيْ: إِنَّهُ عَمِلَ عَمَلًا غَيْرَ صَالِحٍ، وَهُوَ كُفْرُهُ وَتَرْكُهُ لِمُتَابَعَةِ أَبِيهِ، ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ مِثْلِ هَذَا السُّؤَالِ، فَقَالَ: فَلا تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ لَمَّا بَيَّنَ لَهُ بُطْلَانَ مَا اعْتَقَدَهُ مِنْ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِهِ فَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ النَّهْيَ عَنِ السُّؤَالِ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ نَهْيًا عَامَّا بِحَيْثُ يَشْمَلُ كُلَّ سُؤَالٍ لَا يَعْلَمُ صَاحِبُهُ أَنَّ حُصُولَ مَطْلُوبِهِ مِنْهُ صَوَابٌ، فَهُوَ يَدْخُلُ تَحْتَهُ سُؤَالُهُ هَذَا دُخُولًا أَوَّلِيًّا، وَفِيهِ عَدَمُ جَوَازِ الدُّعَاءِ بِمَا لَا يَعْلَمُ الْإِنْسَانُ مُطَابَقَتَهُ لِلشَّرْعِ، وَسُمِّيَ دُعَاءُهُ سُؤَالًا لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى السُّؤَالِ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ أَيْ: أُحَذِّرُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ، كَقَوْلِهِ: يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً «١» وَقِيلَ: الْمَعْنَى: أَرْفَعُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَهَذِهِ زِيَادَةٌ مِنَ اللَّهِ
(١). النور: ١٧.
570
وَمَوْعِظَةٌ يَرْفَعُ بِهَا نُوحًا عَنْ مَقَامِ الْجَاهِلِينَ، وَيُعْلِيهِ بِهَا إِلَى مَقَامِ الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ. ثُمَّ لَمَّا عَلِمَ نُوحٌ بِأَنَّ سُؤَالَهُ لَمْ يُطَابِقِ الْوَاقِعَ، وَأَنَّ دُعَاءَهُ نَاشِئٌ عَنْ وَهْمٍ كَانَ يَتَوَهَّمُهُ بَادَرَ إِلَى الِاعْتِرَافِ بِالْخَطَأِ وَطَلَبِ الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ، فَ قالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ أَيْ: أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَطْلُبَ مِنْكَ مَا لَا عِلْمَ لِي بِصِحَّتِهِ وَجَوَازِهِ، وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي ذَنْبَ مَا دَعَوْتُ بِهِ عَلَى غَيْرِ عِلْمٍ مِنِّي وَتَرْحَمْنِي بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَتَقْبَلْ تَوْبَتِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ فِي أَعْمَالِي فَلَا أَرْبَحُ فِيهَا. الْقَائِلُ هُوَ اللَّهُ، أَوِ الْمَلَائِكَةُ:
قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ أَيِ: انْزِلْ مِنَ السَّفِينَةِ إِلَى الْأَرْضِ، أَوْ مِنَ الْجَبَلِ إِلَى الْمُنْخَفَضِ مِنَ الْأَرْضِ، فَقَدْ بَلَعَتِ الْأَرْضُ مَاءَهَا وَجَفَّتْ بِسَلامٍ مِنَّا أَيْ: بِسَلَامَةٍ وَأَمْنٍ، وَقِيلَ: بِتَحِيَّةٍ وَبَرَكاتٍ أَيْ: نِعَمٍ ثَابِتَةٍ، مُشْتَقٌّ مِنْ بُرُوكِ الْجَمَلِ، وَهُوَ ثُبُوتُهُ، وَمِنْهُ الْبَرَكَةُ لِثُبُوتِ الْمَاءِ فِيهَا، وَفِي هَذَا الْخِطَابِ لَهُ دَلِيلٌ عَلَى قَبُولِ تَوْبَتِهِ وَمَغْفِرَةِ زَلَّتِهِ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ أَيْ: نَاشِئَةٍ مِمَّنْ مَعَكَ، وَهُمُ الْمُتَشَعِّبُونَ مِنْ ذُرِّيَّةِ مَنْ كَانَ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ وَقِيلَ: أَرَادَ مَنْ فِي السَّفِينَةِ، فَإِنَّهُمْ أُمَمٌ مُخْتَلِفَةٌ وَأَنْوَاعٌ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ مُتَبَايِنَةٌ. قِيلَ: أَرَادَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِهَؤُلَاءِ الْأُمَمِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ مَنْ صَارَ مُؤْمِنًا مِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ، وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ: وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ مَنْ صَارَ كَافِرًا مِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَارْتِفَاعُ أُمَمٌ فِي قَوْلِهِ: وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ: وَمِنْهُمْ أُمَمٌ وَقِيلَ: عَلَى تَقْدِيرِ: وَيَكُونُ أُمَمٌ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: هُوَ كَمَا تَقُولُ: كَلَّمْتُ زَيْدًا وَعَمْرٌو جَالِسٌ، وَأَجَازَ الْفَرَّاءُ فِي غَيْرِ الْقِرَاءَةِ: وَأُمَمًا سَنُمَتِّعُهُمْ: أَيْ وَنُمَتِّعُ أُمَمًا وَمَعْنَى الْآيَةِ: وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ فِي الدُّنْيَا بِمَا فِيهَا مِنَ الْمَتَاعِ، وَنُعْطِيهِمْ مِنْهَا مَا يَعِيشُونَ بِهِ، ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَقِيلَ: يَمَسُّهُمْ إِمَّا فِي الدُّنْيَا أَوْ فِي الْآخِرَةِ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: تِلْكَ إِلَى قِصَّةِ نُوحٍ، وَهِيَ مُبْتَدَأٌ، وَالْجُمَلُ بَعْدَهُ أَخْبَارٌ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ مِنْ جِنْسِ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ، وَالْأَنْبَاءُ: جَمْعُ نَبَأٍ وَهُوَ الْخَبَرُ، أَيْ: مِنْ أَخْبَارِ الْغَيْبِ الَّتِي مَرَّتْ بِكَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، وَالضَّمِيرُ فِي: نُوحِيها إِلَيْكَ رَاجِعٌ إِلَى الْقِصَّةِ، وَالْمَجِيءُ بِالْمُضَارِعِ لِاسْتِحْضَارِ الصُّورَةِ مَا كُنْتَ يَا مُحَمَّدُ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا يَعْلَمُهَا قَوْمُكَ بَلْ هِيَ مَجْهُولَةٌ عِنْدَكُمْ مِنْ قَبْلِ الْوَحْيِ، أَوْ مِنْ قَبْلِ هَذَا الْوَقْتِ فَاصْبِرْ عَلَى مَا تُلَاقِيهِ مِنْ كُفَّارِ زَمَانِكَ، وَالْفَاءُ لِتَفْرِيعِ مَا بَعْدَهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا إِنَّ الْعاقِبَةَ الْمَحْمُودَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لِلْمُتَّقِينَ لِلَّهِ، الْمُؤْمِنِينَ بِمَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُهُ، وَفِي هَذَا تَسْلِيَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَبْشِيرٌ لَهُ بِأَنَّ الظَّفَرَ لِلْمُتَّقِينَ فِي عَاقِبَةِ الْأَمْرِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِمَبَادِيهِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: نَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ: رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي، وَإِنَّكَ قَدْ وَعَدْتِنِي أَنْ تُنْجِيَ لِي أَهْلِي، وَإِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَالْفِرْيَابِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «مَا بَغَتِ امْرَأَةُ نَبِيٍّ قَطُّ»، وَقَوْلُهُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ يَقُولُ: لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ الَّذِينَ وَعَدْتُكَ أَنْ أُنْجِيَهُمْ مَعَكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ نِسَاءَ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَزْنِينَ، وَكَانَ يَقْرَؤُهَا إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ يَقُولُ: مَسْأَلَتُكَ إِيَّايَ يَا نُوحُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ لَا أَرْضَاهُ لَكَ. وَأَخْرُجُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ في قوله: فَلا تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ قَالَ: بَيَّنَ اللَّهُ لِنُوحٍ أَنَّهُ لَيْسَ بِابْنِهِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشيخ عن ابن زيد في قوله: يا نُوحُ اهْبِطْ
قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ أَيِ: انْزِلْ مِنَ السَّفِينَةِ إِلَى الْأَرْضِ، أَوْ مِنَ الْجَبَلِ إِلَى الْمُنْخَفَضِ مِنَ الْأَرْضِ، فَقَدْ بَلَعَتِ الْأَرْضُ مَاءَهَا وَجَفَّتْ بِسَلامٍ مِنَّا أَيْ: بِسَلَامَةٍ وَأَمْنٍ، وَقِيلَ: بِتَحِيَّةٍ وَبَرَكاتٍ أَيْ: نِعَمٍ ثَابِتَةٍ، مُشْتَقٌّ مِنْ بُرُوكِ الْجَمَلِ، وَهُوَ ثُبُوتُهُ، وَمِنْهُ الْبَرَكَةُ لِثُبُوتِ الْمَاءِ فِيهَا، وَفِي هَذَا الْخِطَابِ لَهُ دَلِيلٌ عَلَى قَبُولِ تَوْبَتِهِ وَمَغْفِرَةِ زَلَّتِهِ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ أَيْ: نَاشِئَةٍ مِمَّنْ مَعَكَ، وَهُمُ الْمُتَشَعِّبُونَ مِنْ ذُرِّيَّةِ مَنْ كَانَ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ وَقِيلَ: أَرَادَ مَنْ فِي السَّفِينَةِ، فَإِنَّهُمْ أُمَمٌ مُخْتَلِفَةٌ وَأَنْوَاعٌ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ مُتَبَايِنَةٌ. قِيلَ: أَرَادَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِهَؤُلَاءِ الْأُمَمِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ مَنْ صَارَ مُؤْمِنًا مِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ، وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ: وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ مَنْ صَارَ كَافِرًا مِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَارْتِفَاعُ أُمَمٌ فِي قَوْلِهِ: وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ: وَمِنْهُمْ أُمَمٌ وَقِيلَ: عَلَى تَقْدِيرِ: وَيَكُونُ أُمَمٌ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: هُوَ كَمَا تَقُولُ: كَلَّمْتُ زَيْدًا وَعَمْرٌو جَالِسٌ، وَأَجَازَ الْفَرَّاءُ فِي غَيْرِ الْقِرَاءَةِ: وَأُمَمًا سَنُمَتِّعُهُمْ: أَيْ وَنُمَتِّعُ أُمَمًا وَمَعْنَى الْآيَةِ: وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ فِي الدُّنْيَا بِمَا فِيهَا مِنَ الْمَتَاعِ، وَنُعْطِيهِمْ مِنْهَا مَا يَعِيشُونَ بِهِ، ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَقِيلَ: يَمَسُّهُمْ إِمَّا فِي الدُّنْيَا أَوْ فِي الْآخِرَةِ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: تِلْكَ إِلَى قِصَّةِ نُوحٍ، وَهِيَ مُبْتَدَأٌ، وَالْجُمَلُ بَعْدَهُ أَخْبَارٌ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ مِنْ جِنْسِ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ، وَالْأَنْبَاءُ: جَمْعُ نَبَأٍ وَهُوَ الْخَبَرُ، أَيْ: مِنْ أَخْبَارِ الْغَيْبِ الَّتِي مَرَّتْ بِكَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، وَالضَّمِيرُ فِي: نُوحِيها إِلَيْكَ رَاجِعٌ إِلَى الْقِصَّةِ، وَالْمَجِيءُ بِالْمُضَارِعِ لِاسْتِحْضَارِ الصُّورَةِ مَا كُنْتَ يَا مُحَمَّدُ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا يَعْلَمُهَا قَوْمُكَ بَلْ هِيَ مَجْهُولَةٌ عِنْدَكُمْ مِنْ قَبْلِ الْوَحْيِ، أَوْ مِنْ قَبْلِ هَذَا الْوَقْتِ فَاصْبِرْ عَلَى مَا تُلَاقِيهِ مِنْ كُفَّارِ زَمَانِكَ، وَالْفَاءُ لِتَفْرِيعِ مَا بَعْدَهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا إِنَّ الْعاقِبَةَ الْمَحْمُودَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لِلْمُتَّقِينَ لِلَّهِ، الْمُؤْمِنِينَ بِمَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُهُ، وَفِي هَذَا تَسْلِيَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَبْشِيرٌ لَهُ بِأَنَّ الظَّفَرَ لِلْمُتَّقِينَ فِي عَاقِبَةِ الْأَمْرِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِمَبَادِيهِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: نَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ: رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي، وَإِنَّكَ قَدْ وَعَدْتِنِي أَنْ تُنْجِيَ لِي أَهْلِي، وَإِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَالْفِرْيَابِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «مَا بَغَتِ امْرَأَةُ نَبِيٍّ قَطُّ»، وَقَوْلُهُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ يَقُولُ: لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ الَّذِينَ وَعَدْتُكَ أَنْ أُنْجِيَهُمْ مَعَكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ نِسَاءَ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَزْنِينَ، وَكَانَ يَقْرَؤُهَا إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ يَقُولُ: مَسْأَلَتُكَ إِيَّايَ يَا نُوحُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ لَا أَرْضَاهُ لَكَ. وَأَخْرُجُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ في قوله: فَلا تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ قَالَ: بَيَّنَ اللَّهُ لِنُوحٍ أَنَّهُ لَيْسَ بِابْنِهِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشيخ عن ابن زيد في قوله: يا نُوحُ اهْبِطْ
571
ثم أجاب الله سبحانه عن نوح ببيان أن ابنه غير داخل في عموم الأهل، وأنه خارج بقيد الاستثناء ف﴿ قال يا نُوحٍ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ﴾ الذين آمنوا بك، وتابعوك، وإن كان من أهلك باعتبار القرابة ؛ ثم صرح بالعلة الموجبة لخروجه من عموم الأهل المبينة له بأن المراد بالقرابة قرابة الدين، لا قرابة النسب، وحده، فقال :﴿ إِنَّهُ عَمَل غَيْرُ صالح ﴾ قرأ الجمهور : عمل على لفظ المصدر. وقرأ ابن عباس، وعكرمة، والكسائي، ويعقوب، ﴿ عمل ﴾ على لفظ الفعل ؛ ومعنى القراءة الأولى المبالغة في ذمه، كأنه جعل نفس العمل، وأصله ذو عمل غير صالح ثم حذف المضاف وجعل نفس العمل، كذا قال الزجاج وغيره. ومعنى القراءة الثانية ظاهر : أي إنه عمل عملاً غير صالح، وهو : كفره وتركه لمتابعة أبيه ؛ ثم نهاه عن مثل هذا السؤال، فقال :﴿ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم ﴾ لما بين له بطلان ما اعتقده من كونه من أهله، فرّع على ذلك النهي عن السؤال، وهو وإن كان نهياً عاماً بحيث يشمل كل سؤال، لا يعلم صاحبه أن حصول مطلوبه منه صواب، فهو يدخل تحته سؤاله هذا دخولاً أوّلياً، وفيه عدم جواز الدعاء بما لا يعلم الإنسان مطابقته للشرع، وسمى دعاءه سؤالاً لتضمنه معنى السؤال ﴿ إِنّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الجاهلين ﴾ أي : أحذرك أن تكون من الجاهلين، كقوله :﴿ يَعِظُكُمُ الله أَن تَعُودُواْ لِمِثْلِهِ أَبَداً ﴾ وقيل : المعنى : أرفعك أن تكون من الجاهلين. قال ابن العربي : وهذه زيادة من الله وموعظة يرفع بها نوحاً عن مقام الجاهلين، ويعليه بها إلى مقام العلماء العاملين.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن الحسن، قال : نادى نوح ربه فقال : ربّ إن ابني من أهلي، وإنك قد وعدتني أن تنجي لي أهلي، وإن ابني من أهلي.
وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن ابن عباس، قال :" ما بغت امرأة نبيّ قط ". وقوله :﴿ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ﴾ يقول : ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم معك. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عنه، قال : إن نساء الأنبياء لا يزنين، وكان يقرؤها ﴿ إِنَّهُ عَمَل غَيْرُ صالح ﴾ يقول : مسألتك إياي يا نوح عمل غير صالح لا أرضاه لك. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَلاَ تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم ﴾ قال : بين الله لنوح أنه ليس بابنه.
وأخرج أبو الشيخ، عن ابن زيد، في قوله :﴿ يا نوح اهبط بسلام منَّا ﴾ قال : أهبطوا والله عنهم راض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن محمد بن كعب القرظي، قال : دخل في ذلك السلام والبركات كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة. ودخل في ذلك العذاب الأليم كل كافر وكافرة إلى يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك ﴿ وعلى أُمَمٍ من مَعَكَ ﴾ يعني : ممن لم يولد، أوجب الله لهم البركات لما سبق لهم في علم الله من السعادة ﴿ وَأُمَم سَنُمَتّعُهُمْ ﴾ يعني : متاع الحياة الدنيا ﴿ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ منَّا عَذَاب أَلِيم ﴾ لما سبق لهم في علم الله من الشقاوة. وأخرج أبو الشيخ قال : ثم رجع إلى محمد صلى الله عليه وسلم فقال :﴿ تِلْكَ مِنْ أَنْبَاء الغيب نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ ﴾ يعني : العرب ﴿ مّن قَبْلِ هذا ﴾ القرآن.
وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن ابن عباس، قال :" ما بغت امرأة نبيّ قط ". وقوله :﴿ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ﴾ يقول : ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم معك. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عنه، قال : إن نساء الأنبياء لا يزنين، وكان يقرؤها ﴿ إِنَّهُ عَمَل غَيْرُ صالح ﴾ يقول : مسألتك إياي يا نوح عمل غير صالح لا أرضاه لك. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَلاَ تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم ﴾ قال : بين الله لنوح أنه ليس بابنه.
وأخرج أبو الشيخ، عن ابن زيد، في قوله :﴿ يا نوح اهبط بسلام منَّا ﴾ قال : أهبطوا والله عنهم راض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن محمد بن كعب القرظي، قال : دخل في ذلك السلام والبركات كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة. ودخل في ذلك العذاب الأليم كل كافر وكافرة إلى يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك ﴿ وعلى أُمَمٍ من مَعَكَ ﴾ يعني : ممن لم يولد، أوجب الله لهم البركات لما سبق لهم في علم الله من السعادة ﴿ وَأُمَم سَنُمَتّعُهُمْ ﴾ يعني : متاع الحياة الدنيا ﴿ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ منَّا عَذَاب أَلِيم ﴾ لما سبق لهم في علم الله من الشقاوة. وأخرج أبو الشيخ قال : ثم رجع إلى محمد صلى الله عليه وسلم فقال :﴿ تِلْكَ مِنْ أَنْبَاء الغيب نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ ﴾ يعني : العرب ﴿ مّن قَبْلِ هذا ﴾ القرآن.
ثم لما علم نوح بأن سؤاله لم يطابق الواقع، وأن دعاءه ناشئ عن وهم كان يتوهمه، بادر إلى الاعتراف بالخطأ، وطلب المغفرة والرحمة، ف﴿ قال رَبّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْم ﴾ أي : أعوذ بك أن أطلب منك ما لا علم لي بصحته وجوازه، ﴿ وإن لا تَغْفِرْ لِي ﴾ ذنب ما دعوت به على غير علم مني ﴿ وَتَرْحَمْنِي ﴾ برحمتك التي وسعت كل شيء، فتقبل توبتي ﴿ أَكُن منَ الخاسرين ﴾ في أعمالي، فلا أربح فيها.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن الحسن، قال : نادى نوح ربه فقال : ربّ إن ابني من أهلي، وإنك قد وعدتني أن تنجي لي أهلي، وإن ابني من أهلي.
وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن ابن عباس، قال :" ما بغت امرأة نبيّ قط ". وقوله :﴿ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ﴾ يقول : ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم معك. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عنه، قال : إن نساء الأنبياء لا يزنين، وكان يقرؤها ﴿ إِنَّهُ عَمَل غَيْرُ صالح ﴾ يقول : مسألتك إياي يا نوح عمل غير صالح لا أرضاه لك. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَلاَ تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم ﴾ قال : بين الله لنوح أنه ليس بابنه.
وأخرج أبو الشيخ، عن ابن زيد، في قوله :﴿ يا نوح اهبط بسلام منَّا ﴾ قال : أهبطوا والله عنهم راض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن محمد بن كعب القرظي، قال : دخل في ذلك السلام والبركات كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة. ودخل في ذلك العذاب الأليم كل كافر وكافرة إلى يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك ﴿ وعلى أُمَمٍ من مَعَكَ ﴾ يعني : ممن لم يولد، أوجب الله لهم البركات لما سبق لهم في علم الله من السعادة ﴿ وَأُمَم سَنُمَتّعُهُمْ ﴾ يعني : متاع الحياة الدنيا ﴿ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ منَّا عَذَاب أَلِيم ﴾ لما سبق لهم في علم الله من الشقاوة. وأخرج أبو الشيخ قال : ثم رجع إلى محمد صلى الله عليه وسلم فقال :﴿ تِلْكَ مِنْ أَنْبَاء الغيب نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ ﴾ يعني : العرب ﴿ مّن قَبْلِ هذا ﴾ القرآن.
وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن ابن عباس، قال :" ما بغت امرأة نبيّ قط ". وقوله :﴿ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ﴾ يقول : ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم معك. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عنه، قال : إن نساء الأنبياء لا يزنين، وكان يقرؤها ﴿ إِنَّهُ عَمَل غَيْرُ صالح ﴾ يقول : مسألتك إياي يا نوح عمل غير صالح لا أرضاه لك. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَلاَ تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم ﴾ قال : بين الله لنوح أنه ليس بابنه.
وأخرج أبو الشيخ، عن ابن زيد، في قوله :﴿ يا نوح اهبط بسلام منَّا ﴾ قال : أهبطوا والله عنهم راض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن محمد بن كعب القرظي، قال : دخل في ذلك السلام والبركات كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة. ودخل في ذلك العذاب الأليم كل كافر وكافرة إلى يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك ﴿ وعلى أُمَمٍ من مَعَكَ ﴾ يعني : ممن لم يولد، أوجب الله لهم البركات لما سبق لهم في علم الله من السعادة ﴿ وَأُمَم سَنُمَتّعُهُمْ ﴾ يعني : متاع الحياة الدنيا ﴿ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ منَّا عَذَاب أَلِيم ﴾ لما سبق لهم في علم الله من الشقاوة. وأخرج أبو الشيخ قال : ثم رجع إلى محمد صلى الله عليه وسلم فقال :﴿ تِلْكَ مِنْ أَنْبَاء الغيب نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ ﴾ يعني : العرب ﴿ مّن قَبْلِ هذا ﴾ القرآن.
القائل : هو الله، أو الملائكة ﴿ قِيلَ يا نوح اهبط ﴾ أي : انزل من السفينة إلى الأرض، أو من الجبل إلى المنخفض من الأرض، فقد بلعت الأرض ماءها، وجفت ﴿ بسلام منَّا ﴾ أي : بسلامة وأمن، وقيل : بتحية ﴿ وبركات ﴾ أي : نعم ثابتة، مشتق من بروك الجمل، وهو ثبوته، ومنه البركة لثبوت الماء فيها، وفي هذا الخطاب له دليل على قبول توبته ومغفرة زلته ﴿ وعلى أُمَمٍ ممَّن مَعَكَ ﴾ أي : ناشئة ممن معك، وهم المتشعبون من ذرية من كان معه في السفينة. وقيل : أراد من في السفينة، فإنهم أمم مختلفة، وأنواع من الحيوانات متباينة. قيل : أراد الله سبحانه بهؤلاء الأمم الذين كانوا معه من صار مؤمناً من ذريتهم، وأراد بقوله :﴿ وَأُمَم سَنُمَتّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ منَّا عَذَاب أَلِيم ﴾ من صار كافراً من ذريتهم إلى يوم القيامة، وارتفاع أمم في قوله :﴿ وَأُمَم سَنُمَتّعُهُمْ ﴾ على أنه خبر مبتدأ محذوف : أي : ومنهم أمم. وقيل : على تقدير : ويكون أمم. وقال الأخفش : هو كما تقول : كلمت زيداً وعمرو جالس، وأجاز الفراء في غير القراءة وأمماً سنمتعهم : أي : ونمتع أمماً، ومعنى الآية : وأمم سنمتعهم في الدنيا بما فيها من المتاع، ونعطيهم منها ما يعيشون به، ثم يمسهم منا في الآخرة عذاب أليم. وقيل : يمسهم إما في الدنيا أو في الآخرة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن الحسن، قال : نادى نوح ربه فقال : ربّ إن ابني من أهلي، وإنك قد وعدتني أن تنجي لي أهلي، وإن ابني من أهلي.
وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن ابن عباس، قال :" ما بغت امرأة نبيّ قط ". وقوله :﴿ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ﴾ يقول : ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم معك. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عنه، قال : إن نساء الأنبياء لا يزنين، وكان يقرؤها ﴿ إِنَّهُ عَمَل غَيْرُ صالح ﴾ يقول : مسألتك إياي يا نوح عمل غير صالح لا أرضاه لك. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَلاَ تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم ﴾ قال : بين الله لنوح أنه ليس بابنه.
وأخرج أبو الشيخ، عن ابن زيد، في قوله :﴿ يا نوح اهبط بسلام منَّا ﴾ قال : أهبطوا والله عنهم راض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن محمد بن كعب القرظي، قال : دخل في ذلك السلام والبركات كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة. ودخل في ذلك العذاب الأليم كل كافر وكافرة إلى يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك ﴿ وعلى أُمَمٍ من مَعَكَ ﴾ يعني : ممن لم يولد، أوجب الله لهم البركات لما سبق لهم في علم الله من السعادة ﴿ وَأُمَم سَنُمَتّعُهُمْ ﴾ يعني : متاع الحياة الدنيا ﴿ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ منَّا عَذَاب أَلِيم ﴾ لما سبق لهم في علم الله من الشقاوة. وأخرج أبو الشيخ قال : ثم رجع إلى محمد صلى الله عليه وسلم فقال :﴿ تِلْكَ مِنْ أَنْبَاء الغيب نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ ﴾ يعني : العرب ﴿ مّن قَبْلِ هذا ﴾ القرآن.
وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن ابن عباس، قال :" ما بغت امرأة نبيّ قط ". وقوله :﴿ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ﴾ يقول : ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم معك. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عنه، قال : إن نساء الأنبياء لا يزنين، وكان يقرؤها ﴿ إِنَّهُ عَمَل غَيْرُ صالح ﴾ يقول : مسألتك إياي يا نوح عمل غير صالح لا أرضاه لك. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَلاَ تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم ﴾ قال : بين الله لنوح أنه ليس بابنه.
وأخرج أبو الشيخ، عن ابن زيد، في قوله :﴿ يا نوح اهبط بسلام منَّا ﴾ قال : أهبطوا والله عنهم راض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن محمد بن كعب القرظي، قال : دخل في ذلك السلام والبركات كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة. ودخل في ذلك العذاب الأليم كل كافر وكافرة إلى يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك ﴿ وعلى أُمَمٍ من مَعَكَ ﴾ يعني : ممن لم يولد، أوجب الله لهم البركات لما سبق لهم في علم الله من السعادة ﴿ وَأُمَم سَنُمَتّعُهُمْ ﴾ يعني : متاع الحياة الدنيا ﴿ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ منَّا عَذَاب أَلِيم ﴾ لما سبق لهم في علم الله من الشقاوة. وأخرج أبو الشيخ قال : ثم رجع إلى محمد صلى الله عليه وسلم فقال :﴿ تِلْكَ مِنْ أَنْبَاء الغيب نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ ﴾ يعني : العرب ﴿ مّن قَبْلِ هذا ﴾ القرآن.
والإشارة بقوله :﴿ تِلْكَ ﴾ إلى قصة نوح، وهي مبتدأ والجمل بعده أخبار ﴿ مِنْ أَنبَاء الغيب ﴾ من جنس أنباء الغيب، والأنباء جمع نبأ وهو الخبر، أي من أخبار الغيب التي مرّت بك في هذه السورة، والضمير في ﴿ نُوحِيهَا إِلَيْكَ ﴾ راجع إلى القصة، والمجيء بالمضارع لاستحضار الصورة ﴿ مَا كُنتُ ﴾ يا محمد ﴿ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ ﴾ يعلمها ﴿ قَوْمِكَ ﴾ بل هي مجهولة عندكم من قبل الوحي، أو من قبل هذا الوقت ﴿ فاصبر ﴾ على ما تلاقيه من كفار زمانك، والفاء لتفريع ما بعدها على ما قبلها ﴿ إِنَّ العاقبة ﴾ المحمودة في الدنيا والآخرة ﴿ للْمُتَّقِينَ ﴾ لله المؤمنين بما جاءت به رسله، وفي هذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبشير له بأن الظفر للمتقين في عاقبة الأمر، ولا اعتبار بمباديه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن الحسن، قال : نادى نوح ربه فقال : ربّ إن ابني من أهلي، وإنك قد وعدتني أن تنجي لي أهلي، وإن ابني من أهلي.
وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن ابن عباس، قال :" ما بغت امرأة نبيّ قط ". وقوله :﴿ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ﴾ يقول : ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم معك. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عنه، قال : إن نساء الأنبياء لا يزنين، وكان يقرؤها ﴿ إِنَّهُ عَمَل غَيْرُ صالح ﴾ يقول : مسألتك إياي يا نوح عمل غير صالح لا أرضاه لك. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَلاَ تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم ﴾ قال : بين الله لنوح أنه ليس بابنه.
وأخرج أبو الشيخ، عن ابن زيد، في قوله :﴿ يا نوح اهبط بسلام منَّا ﴾ قال : أهبطوا والله عنهم راض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن محمد بن كعب القرظي، قال : دخل في ذلك السلام والبركات كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة. ودخل في ذلك العذاب الأليم كل كافر وكافرة إلى يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك ﴿ وعلى أُمَمٍ من مَعَكَ ﴾ يعني : ممن لم يولد، أوجب الله لهم البركات لما سبق لهم في علم الله من السعادة ﴿ وَأُمَم سَنُمَتّعُهُمْ ﴾ يعني : متاع الحياة الدنيا ﴿ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ منَّا عَذَاب أَلِيم ﴾ لما سبق لهم في علم الله من الشقاوة. وأخرج أبو الشيخ قال : ثم رجع إلى محمد صلى الله عليه وسلم فقال :﴿ تِلْكَ مِنْ أَنْبَاء الغيب نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ ﴾ يعني : العرب ﴿ مّن قَبْلِ هذا ﴾ القرآن.
وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن ابن عباس، قال :" ما بغت امرأة نبيّ قط ". وقوله :﴿ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ﴾ يقول : ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم معك. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عنه، قال : إن نساء الأنبياء لا يزنين، وكان يقرؤها ﴿ إِنَّهُ عَمَل غَيْرُ صالح ﴾ يقول : مسألتك إياي يا نوح عمل غير صالح لا أرضاه لك. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَلاَ تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم ﴾ قال : بين الله لنوح أنه ليس بابنه.
وأخرج أبو الشيخ، عن ابن زيد، في قوله :﴿ يا نوح اهبط بسلام منَّا ﴾ قال : أهبطوا والله عنهم راض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن محمد بن كعب القرظي، قال : دخل في ذلك السلام والبركات كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة. ودخل في ذلك العذاب الأليم كل كافر وكافرة إلى يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك ﴿ وعلى أُمَمٍ من مَعَكَ ﴾ يعني : ممن لم يولد، أوجب الله لهم البركات لما سبق لهم في علم الله من السعادة ﴿ وَأُمَم سَنُمَتّعُهُمْ ﴾ يعني : متاع الحياة الدنيا ﴿ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ منَّا عَذَاب أَلِيم ﴾ لما سبق لهم في علم الله من الشقاوة. وأخرج أبو الشيخ قال : ثم رجع إلى محمد صلى الله عليه وسلم فقال :﴿ تِلْكَ مِنْ أَنْبَاء الغيب نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ ﴾ يعني : العرب ﴿ مّن قَبْلِ هذا ﴾ القرآن.
بِسَلامٍ مِنَّا
قَالَ: أُهْبِطُوا وَاللَّهُ عَنْهُمْ رَاضٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: دَخَلَ فِي ذَلِكَ السَّلَامِ وَالْبَرَكَاتِ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ كُلُّ كَافِرٍ وَكَافِرَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ الضَّحَّاكِ: وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ يَعْنِي مِمَّنْ لَمْ يُولَدُ، أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُمُ الْبَرَكَاتُ لِمَا سَبَقَ لَهُمْ فِي عِلْمِ اللَّهِ مِنَ السَّعَادَةِ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ يَعْنِي: مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ لِمَا سَبَقَ لَهُمْ فِي عِلْمِ اللَّهِ مِنَ الشَّقَاوَةِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ فَقَالَ: تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ يعني العرب مِنْ قَبْلِ هذا القرآن.
[سورة هود (١١) : الآيات ٥٠ الى ٦٠]
وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ (٥٠) يَا قَوْمِ لَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ (٥١) وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (٥٢) قالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (٥٣) إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤)
مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (٥٥) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٦) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (٥٧) وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ (٥٨) وَتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (٥٩)
وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ (٦٠)
قَوْلُهُ: وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً مَعْطُوفٌ عَلَى وَأَرْسَلْنَا نُوحًا أَيْ: وَأَرْسَلْنَا إِلَى عاد أخاهم أي:
واحدا منهم، وهودا عَطْفُ بَيَانٍ، وَقَوْمُ عَادٍ كَانُوا عَبَدَةَ أَوْثَانٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلَ هَذَا فِي الْأَعْرَافِ. وَقِيلَ:
هُمْ عَادٌ الْأُولَى وَعَادٌ الْأُخْرَى، فَهَؤُلَاءِ هُمْ عَادٌ الْأُولَى، وَعَادٌ الْأُخْرَى: هُمْ شَدَّادُ وَلُقْمَانُ وَقَوْمُهُمَا الْمَذْكُورُونَ فِي قَوْلِهِ: إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ «١»، وَأَصْلُ عَادٍ: اسْمُ رَجُلٍ ثُمَّ صَارَ اسْمًا لِلْقَبِيلَةِ كَتَمِيمٍ وَبَكْرٍ وَنَحْوِهِمَا: مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قُرِئَ غَيْرُهُ بِالْجَرِّ عَلَى اللَّفْظِ، وَبِالرَّفْعِ عَلَى مَحَلِّ مِنْ إِلَهٍ، وَقُرِئَ بِالنَّصْبِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ:
إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ أَيْ: مَا أَنْتُمْ بِاتِّخَاذِ إِلَهٍ غَيْرِ اللَّهِ إِلَّا كَاذِبُونَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ خَاطَبَهُمْ فقال:
يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً أَيْ: لَا أَطْلُبُ مِنْكُمْ أَجْرًا عَلَى مَا أُبَلِّغُهُ إِلَيْكُمْ، وَأَنْصَحُكُمْ بِهِ مِنَ الْإِرْشَادِ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ، وَأَنَّهُ لَا إِلَهَ لَكُمْ سِوَاهُ، فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى مَضْمُونِ هَذَا الْكَلَامِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى هَذَا فِي قِصَّةِ نُوحٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَيْ: مَا أَجْرِيَ الَّذِي أَطْلُبُ إِلَّا مِنَ الَّذِي فَطَرَنِي، أَيْ:
خَلَقَنِي فَهُوَ الَّذِي يُثِيبُنِي عَلَى ذَلِكَ أَفَلا تَعْقِلُونَ أَنَّ أَجْرَ النَّاصِحِينَ إِنَّمَا هُوَ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، قِيلَ: إنما
قَالَ: أُهْبِطُوا وَاللَّهُ عَنْهُمْ رَاضٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: دَخَلَ فِي ذَلِكَ السَّلَامِ وَالْبَرَكَاتِ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ كُلُّ كَافِرٍ وَكَافِرَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ الضَّحَّاكِ: وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ يَعْنِي مِمَّنْ لَمْ يُولَدُ، أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُمُ الْبَرَكَاتُ لِمَا سَبَقَ لَهُمْ فِي عِلْمِ اللَّهِ مِنَ السَّعَادَةِ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ يَعْنِي: مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ لِمَا سَبَقَ لَهُمْ فِي عِلْمِ اللَّهِ مِنَ الشَّقَاوَةِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ فَقَالَ: تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ يعني العرب مِنْ قَبْلِ هذا القرآن.
[سورة هود (١١) : الآيات ٥٠ الى ٦٠]
وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ (٥٠) يَا قَوْمِ لَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ (٥١) وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (٥٢) قالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (٥٣) إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤)
مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (٥٥) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٦) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (٥٧) وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ (٥٨) وَتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (٥٩)
وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ (٦٠)
قَوْلُهُ: وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً مَعْطُوفٌ عَلَى وَأَرْسَلْنَا نُوحًا أَيْ: وَأَرْسَلْنَا إِلَى عاد أخاهم أي:
واحدا منهم، وهودا عَطْفُ بَيَانٍ، وَقَوْمُ عَادٍ كَانُوا عَبَدَةَ أَوْثَانٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلَ هَذَا فِي الْأَعْرَافِ. وَقِيلَ:
هُمْ عَادٌ الْأُولَى وَعَادٌ الْأُخْرَى، فَهَؤُلَاءِ هُمْ عَادٌ الْأُولَى، وَعَادٌ الْأُخْرَى: هُمْ شَدَّادُ وَلُقْمَانُ وَقَوْمُهُمَا الْمَذْكُورُونَ فِي قَوْلِهِ: إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ «١»، وَأَصْلُ عَادٍ: اسْمُ رَجُلٍ ثُمَّ صَارَ اسْمًا لِلْقَبِيلَةِ كَتَمِيمٍ وَبَكْرٍ وَنَحْوِهِمَا: مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قُرِئَ غَيْرُهُ بِالْجَرِّ عَلَى اللَّفْظِ، وَبِالرَّفْعِ عَلَى مَحَلِّ مِنْ إِلَهٍ، وَقُرِئَ بِالنَّصْبِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ:
إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ أَيْ: مَا أَنْتُمْ بِاتِّخَاذِ إِلَهٍ غَيْرِ اللَّهِ إِلَّا كَاذِبُونَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ خَاطَبَهُمْ فقال:
يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً أَيْ: لَا أَطْلُبُ مِنْكُمْ أَجْرًا عَلَى مَا أُبَلِّغُهُ إِلَيْكُمْ، وَأَنْصَحُكُمْ بِهِ مِنَ الْإِرْشَادِ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ، وَأَنَّهُ لَا إِلَهَ لَكُمْ سِوَاهُ، فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى مَضْمُونِ هَذَا الْكَلَامِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى هَذَا فِي قِصَّةِ نُوحٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَيْ: مَا أَجْرِيَ الَّذِي أَطْلُبُ إِلَّا مِنَ الَّذِي فَطَرَنِي، أَيْ:
خَلَقَنِي فَهُوَ الَّذِي يُثِيبُنِي عَلَى ذَلِكَ أَفَلا تَعْقِلُونَ أَنَّ أَجْرَ النَّاصِحِينَ إِنَّمَا هُوَ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، قِيلَ: إنما
(١). الفجر: ٧.
572
قال فيما تقدّم في قصة نوح: مالا، وَهُنَا قَالَ: أَجْرًا: لِذِكْرِ الْخَزَائِنِ بَعْدَهُ فِي قِصَّةِ نُوحٍ، وَلَفْظُ الْمَالِ بِهَا أَلْيَقُ، ثُمَّ أَرْشَدَهُمْ إِلَى الِاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَةِ. وَالْمَعْنَى: اطْلُبُوا مَغْفِرَتَهُ لِمَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِكُمْ، ثُمَّ تَوَسَّلُوا إِلَيْهِ بِالتَّوْبَةِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ زِيَادَةُ بَيَانٍ لِمِثْلِ هَذَا فِي قِصَّةِ نُوحٍ، ثُمَّ رَغَّبَهُمْ فِي الْإِيمَانِ بِالْخَيْرِ الْعَاجِلِ، فَقَالَ يُرْسِلِ السَّماءَ أَيِ: الْمَطَرَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً أَيْ: كَثِيرَ الدُّرُورِ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ، دَرَّتِ السَّمَاءُ تُدِرُّ وَتَدُرُّ فَهِيَ مِدْرَارٌ، وَكَانَ قَوْمُ هُودٍ أَهْلَ بَسَاتِينَ وَزَرْعٍ وَعِمَارَةٍ، وَكَانَتْ مَسَاكِنُهُمُ الرِّمَالَ الَّتِي بَيْنَ الشَّامِ وَالْيَمَنِ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ مَعْطُوفٌ عَلَى يُرْسِلِ، أَيْ: شِدَّةً مُضَافَةً إِلَى شِدَّتِكُمْ، أَوْ: خِصْبًا إِلَى خِصْبِكُمْ، أَوْ:
عِزًّا إِلَى عِزِّكُمْ. قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى يَزِدْكُمْ قُوَّةً فِي النِّعَمِ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ أَيْ: لَا تُعْرِضُوا عَمَّا أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ، وَتُقِيمُوا عَلَى الْكُفْرِ مُصِرِّينَ عَلَيْهِ، وَالْإِجْرَامُ: الْآثَامُ كَمَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ أَجَابَهُ قَوْمُهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى فَرْطِ جَهَالَتِهِمْ، وَعَظِيمِ غَبَاوَتِهِمْ، ف قالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ أَيْ: بِحُجَّةٍ وَاضِحَةٍ نَعْمَلُ عَلَيْهَا، وَنُؤْمِنُ لَكَ بِهَا غير معترفين بما جاءهم به مِنْ حُجَجِ اللَّهِ وَبَرَاهِينِهِ عِنَادًا وَبُعْدًا عَنِ الْحَقِّ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا الَّتِي نَعْبُدُهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ. وَمَعْنَى عَنْ قَوْلِكَ صَادِرِينَ عَنْ قَوْلِكَ، فَالظَّرْفُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ أَيْ: بِمُصَدِّقِينَ فِي شَيْءٍ مِمَّا جِئْتَ بِهِ إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ أَيْ: مَا نَقُولُ إِلَّا أَنَّهُ أَصَابَكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا الَّتِي تَعِيبُهَا وَتُسَفِّهُ رَأْيَنَا فِي عِبَادَتِهَا بِسُوءٍ: بِجُنُونٍ، حَتَّى نَشَأَ عَنْ جُنُونِكَ مَا تَقُولُهُ لَنَا وَتَكَرِّرُهُ عَلَيْنَا مِنَ التَّنْفِيرِ عَنْهَا، يُقَالُ عَرَاهُ الْأَمْرُ وَاعْتَرَاهُ: إِذَا أَلَمَّ بِهِ، فَأَجَابَهُمْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ مُبَالَاتِهِ بِهِمْ وَعَلَى وُثُوقِهِ بِرَبِّهِ وَتَوَكُّلِهِ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شيء مما يرده الْكُفَّارُ بِهِ، بَلِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الضَّارُّ النَّافِعُ فَ قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنْتُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ بِهِ مِنْ دُونِهِ أَيْ: مِنْ إِشْرَاكِكِمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنَزِّلَ بِهِ سُلْطَانًا فَكِيدُونِي جَمِيعاً أَنْتُمْ وَآلِهَتُكُمْ إِنْ كَانَتْ كَمَا تَزْعُمُونَ مِنْ أَنَّهَا تَقْدِرُ عَلَى الْإِضْرَارِ بِي وَأَنَّهَا اعترتني بسوء ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ أَيْ: لَا تُمْهِلُونِي، بَلْ عَاجِلُونِي وَاصْنَعُوا مَا بَدَا لَكُمْ وَفِي هَذَا مِنْ إِظْهَارِ عَدَمِ الْمُبَالَاةِ بِهِمْ وَبِأَصْنَامِهِمُ الَّتِي يَعْبُدُونَهَا مَا يَصُكُّ مَسَامِعَهُمْ، وَيُوَضِّحُ عَجْزَهُمْ وَعَدَمَ قُدْرَتِهِمْ عَلَى شَيْءٍ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ فَهُوَ يَعْصِمُنِي مِنْ كَيْدِكُمْ، وَإِنْ بَلَغْتُمْ فِي تَطَلُّبِ وُجُوهِ الْإِضْرَارِ بِي كُلَّ مَبْلَغٍ، فَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ كَفَاهُ. ثُمَّ لَمَّا بَيَّنَ لَهُمْ تَوَكُّلَهُ عَلَى اللَّهِ، وَثِقَتَهُ بِحِفْظِهِ وَكَلَاءَتِهِ وَصَفَهُ بِمَا يُوجِبُ التَّوَكُّلَ عَلَيْهِ، وَالتَّفْوِيضَ إِلَيْهِ مِنِ اشْتِمَالِ رُبُوبِيَّتِهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، وَأَنَّهُ مَالِكٌ لِلْجَمِيعِ، وَأَنَّ نَاصِيَةَ كُلِّ دَابَّةٍ مِنْ دَوَابِّ الْأَرْضِ بِيَدِهِ، وَفِي قَبْضَتِهِ وَتَحْتَ قَهْرِهِ، وَهُوَ تَمْثِيلٌ لِغَايَةِ التَّسْخِيرِ وَنِهَايَةِ التَّذْلِيلِ، وَكَانُوا إِذَا أَسَرُوا الْأَسِيرَ وَأَرَادُوا إِطْلَاقَهُ، وَالْمَنَّ عَلَيْهِ جَزُّوا نَاصِيَتَهُ فَجَعَلُوا ذَلِكَ عَلَامَةً لِقَهْرِهِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَى آخذ بناصيتها: مالكها والقادر عليها، وقال القتبي: قَاهِرُهَا لِأَنَّ مَنْ أَخَذْتَ بِنَاصِيَتِهِ فَقَدْ قَهَرْتَهُ، وَالنَّاصِيَةُ قُصَاصُ الشَّعْرِ مِنْ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ، ثُمَّ عَلَّلَ مَا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ: إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ أَيْ: هُوَ عَلَى الْحَقِّ وَالْعَدْلِ فَلَا يَكَادُ يُسَلِّطُكُمْ عَلَيَّ فَإِنْ تَوَلَّوْا أَيْ: تَتَوَلَّوْا فَحُذِفَتْ إِحْدَى التَّاءَيْنِ، وَالْمَعْنَى فَإِنْ تَسْتَمِرُّوا عَلَى الْإِعْرَاضِ عَنِ الْإِجَابَةِ، وَالتَّصْمِيمِ عَلَى مَا أَنْتَمْ عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ لَيْسَ عَلَيَّ إِلَّا ذَلِكَ، وَقَدْ لَزِمَتْكُمُ الْحُجَّةُ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لِتَقْرِيرِ الْوَعِيدِ بِالْهَلَاكِ، أَيْ:
وَقَدْ تَقَدَّمَ زِيَادَةُ بَيَانٍ لِمِثْلِ هَذَا فِي قِصَّةِ نُوحٍ، ثُمَّ رَغَّبَهُمْ فِي الْإِيمَانِ بِالْخَيْرِ الْعَاجِلِ، فَقَالَ يُرْسِلِ السَّماءَ أَيِ: الْمَطَرَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً أَيْ: كَثِيرَ الدُّرُورِ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ، دَرَّتِ السَّمَاءُ تُدِرُّ وَتَدُرُّ فَهِيَ مِدْرَارٌ، وَكَانَ قَوْمُ هُودٍ أَهْلَ بَسَاتِينَ وَزَرْعٍ وَعِمَارَةٍ، وَكَانَتْ مَسَاكِنُهُمُ الرِّمَالَ الَّتِي بَيْنَ الشَّامِ وَالْيَمَنِ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ مَعْطُوفٌ عَلَى يُرْسِلِ، أَيْ: شِدَّةً مُضَافَةً إِلَى شِدَّتِكُمْ، أَوْ: خِصْبًا إِلَى خِصْبِكُمْ، أَوْ:
عِزًّا إِلَى عِزِّكُمْ. قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى يَزِدْكُمْ قُوَّةً فِي النِّعَمِ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ أَيْ: لَا تُعْرِضُوا عَمَّا أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ، وَتُقِيمُوا عَلَى الْكُفْرِ مُصِرِّينَ عَلَيْهِ، وَالْإِجْرَامُ: الْآثَامُ كَمَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ أَجَابَهُ قَوْمُهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى فَرْطِ جَهَالَتِهِمْ، وَعَظِيمِ غَبَاوَتِهِمْ، ف قالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ أَيْ: بِحُجَّةٍ وَاضِحَةٍ نَعْمَلُ عَلَيْهَا، وَنُؤْمِنُ لَكَ بِهَا غير معترفين بما جاءهم به مِنْ حُجَجِ اللَّهِ وَبَرَاهِينِهِ عِنَادًا وَبُعْدًا عَنِ الْحَقِّ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا الَّتِي نَعْبُدُهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ. وَمَعْنَى عَنْ قَوْلِكَ صَادِرِينَ عَنْ قَوْلِكَ، فَالظَّرْفُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ أَيْ: بِمُصَدِّقِينَ فِي شَيْءٍ مِمَّا جِئْتَ بِهِ إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ أَيْ: مَا نَقُولُ إِلَّا أَنَّهُ أَصَابَكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا الَّتِي تَعِيبُهَا وَتُسَفِّهُ رَأْيَنَا فِي عِبَادَتِهَا بِسُوءٍ: بِجُنُونٍ، حَتَّى نَشَأَ عَنْ جُنُونِكَ مَا تَقُولُهُ لَنَا وَتَكَرِّرُهُ عَلَيْنَا مِنَ التَّنْفِيرِ عَنْهَا، يُقَالُ عَرَاهُ الْأَمْرُ وَاعْتَرَاهُ: إِذَا أَلَمَّ بِهِ، فَأَجَابَهُمْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ مُبَالَاتِهِ بِهِمْ وَعَلَى وُثُوقِهِ بِرَبِّهِ وَتَوَكُّلِهِ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شيء مما يرده الْكُفَّارُ بِهِ، بَلِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الضَّارُّ النَّافِعُ فَ قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنْتُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ بِهِ مِنْ دُونِهِ أَيْ: مِنْ إِشْرَاكِكِمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنَزِّلَ بِهِ سُلْطَانًا فَكِيدُونِي جَمِيعاً أَنْتُمْ وَآلِهَتُكُمْ إِنْ كَانَتْ كَمَا تَزْعُمُونَ مِنْ أَنَّهَا تَقْدِرُ عَلَى الْإِضْرَارِ بِي وَأَنَّهَا اعترتني بسوء ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ أَيْ: لَا تُمْهِلُونِي، بَلْ عَاجِلُونِي وَاصْنَعُوا مَا بَدَا لَكُمْ وَفِي هَذَا مِنْ إِظْهَارِ عَدَمِ الْمُبَالَاةِ بِهِمْ وَبِأَصْنَامِهِمُ الَّتِي يَعْبُدُونَهَا مَا يَصُكُّ مَسَامِعَهُمْ، وَيُوَضِّحُ عَجْزَهُمْ وَعَدَمَ قُدْرَتِهِمْ عَلَى شَيْءٍ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ فَهُوَ يَعْصِمُنِي مِنْ كَيْدِكُمْ، وَإِنْ بَلَغْتُمْ فِي تَطَلُّبِ وُجُوهِ الْإِضْرَارِ بِي كُلَّ مَبْلَغٍ، فَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ كَفَاهُ. ثُمَّ لَمَّا بَيَّنَ لَهُمْ تَوَكُّلَهُ عَلَى اللَّهِ، وَثِقَتَهُ بِحِفْظِهِ وَكَلَاءَتِهِ وَصَفَهُ بِمَا يُوجِبُ التَّوَكُّلَ عَلَيْهِ، وَالتَّفْوِيضَ إِلَيْهِ مِنِ اشْتِمَالِ رُبُوبِيَّتِهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، وَأَنَّهُ مَالِكٌ لِلْجَمِيعِ، وَأَنَّ نَاصِيَةَ كُلِّ دَابَّةٍ مِنْ دَوَابِّ الْأَرْضِ بِيَدِهِ، وَفِي قَبْضَتِهِ وَتَحْتَ قَهْرِهِ، وَهُوَ تَمْثِيلٌ لِغَايَةِ التَّسْخِيرِ وَنِهَايَةِ التَّذْلِيلِ، وَكَانُوا إِذَا أَسَرُوا الْأَسِيرَ وَأَرَادُوا إِطْلَاقَهُ، وَالْمَنَّ عَلَيْهِ جَزُّوا نَاصِيَتَهُ فَجَعَلُوا ذَلِكَ عَلَامَةً لِقَهْرِهِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَى آخذ بناصيتها: مالكها والقادر عليها، وقال القتبي: قَاهِرُهَا لِأَنَّ مَنْ أَخَذْتَ بِنَاصِيَتِهِ فَقَدْ قَهَرْتَهُ، وَالنَّاصِيَةُ قُصَاصُ الشَّعْرِ مِنْ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ، ثُمَّ عَلَّلَ مَا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ: إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ أَيْ: هُوَ عَلَى الْحَقِّ وَالْعَدْلِ فَلَا يَكَادُ يُسَلِّطُكُمْ عَلَيَّ فَإِنْ تَوَلَّوْا أَيْ: تَتَوَلَّوْا فَحُذِفَتْ إِحْدَى التَّاءَيْنِ، وَالْمَعْنَى فَإِنْ تَسْتَمِرُّوا عَلَى الْإِعْرَاضِ عَنِ الْإِجَابَةِ، وَالتَّصْمِيمِ عَلَى مَا أَنْتَمْ عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ لَيْسَ عَلَيَّ إِلَّا ذَلِكَ، وَقَدْ لَزِمَتْكُمُ الْحُجَّةُ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لِتَقْرِيرِ الْوَعِيدِ بِالْهَلَاكِ، أَيْ:
573
يَسْتَخْلِفُ فِي دِيَارِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ قَوْمًا آخَرِينَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى: فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ. وَرَوَى حَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ أَنَّهُ قَرَأَ وَيَسْتَخْلِفُ بِالْجَزْمِ حَمْلًا عَلَى مَوْضِعِ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً أَيْ: بِتَوَلِّيكُمْ، وَلَا تَقْدِرُونَ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الضَّرَرِ وَلَا حَقِيرٍ إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ أَيْ: رَقِيبٌ مُهَيْمِنٌ عَلَيْهِ بحفظه مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، قِيلَ: وَعَلَى بِمَعْنَى اللَّامِ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى: لِكُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ فَهُوَ يَحْفَظُنِي مِنْ أَنْ تَنَالُونِي بِسُوءٍ وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا أَيْ: عَذَابُنَا الَّذِي هُوَ إِهْلَاكُ عَادٍ نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ بِرَحْمَةٍ مِنَّا
أَيْ: بِرَحْمَةٍ عَظِيمَةٍ كَائِنَةٍ مِنَّا لِأَنَّهُ لَا يَنْجُو أَحَدٌ إِلَّا بِرَحْمَةِ اللَّهِ، وَقِيلَ: هِيَ الْإِيمَانُ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ أَيْ: شَدِيدٍ، قيل: وَهُوَ السَّمُومُ الَّتِي كَانَتْ تَدْخُلُ أُنُوفَهُمْ وَتِلْكَ عادٌ مبتدأ وخبر، وأنت الْإِشَارَةَ اعْتِبَارًا بِالْقَبِيلَةِ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: إِنَّ مِنَ العرب من لا يصرف عاد وَيَجْعَلُهُ اسْمًا لِلْقَبِيلَةِ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ أَيْ: كَفَرُوا بِهَا وَكَذَّبُوهَا وَأَنْكَرُوا الْمُعْجِزَاتِ وَعَصَوْا رُسُلَهُ أَيْ: هُودًا وَحْدَهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي عَصْرِهِ رَسُولٌ سِوَاهُ، وَإِنَّمَا جَمَعَ هُنَا لِأَنَّ مِنْ كَذَّبَ رَسُولًا فَقَدْ كَذَّبَ جَمِيعَ الرُّسُلِ وَقِيلَ: إِنَّهُمْ عَصَوْا هُودًا وَمَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الرُّسُلِ، أَوْ كَانُوا بِحَيْثُ لَوْ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ رُسُلًا مُتَعَدِّدِينَ لَكَذَّبُوهُمْ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ، وَالْعَنِيدُ: الطَّاغِي الَّذِي لَا يَقْبَلُ الْحَقَّ وَلَا يُذْعِنُ لَهُ. قال أبو عبيدة: العنيد والعنود وَالْعَانِدُ وَالْمُعَانِدُ، وَهُوَ الْمُعَارِضُ بِالْخِلَافِ مِنْهُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْعِرْقِ الَّذِي
يَتَفَجَّرُ بِالدَّمِ عَانِدٌ. قَالَ الرَّاجِزُ:
إِنِّي كَبِيرٌ لَا أُطِيقُ الْعُنَّدَا
وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً أَيْ: أُلْحِقُوهَا، وَهِيَ الْإِبْعَادُ مِنَ الرَّحْمَةِ، وَالطَّرْدُ مِنَ الْخَيْرِ، وَالْمَعْنَى:
أَنَّهَا لَازِمَةٌ لَهُمْ لَا تُفَارِقُهُمْ مَا دَامُوا في الدنيا وَأتبعوها يَوْمَ الْقِيامَةِ فَلُعِنُوا هُنَالِكَ كَمَا لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَيْ: بِرَبِّهِمْ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: كَفَرُوا نِعْمَةَ رَبِّهِمْ، يُقَالُ: كَفَرْتُهُ، وَكَفَرَتُ بِهِ: مِثْلَ: شَكَرْتُهُ وَشَكَرْتُ لَهُ أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ أَيْ: لَا زَالُوا مُبْعَدِينَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالْبُعْدُ:
الْهَلَاكُ، وَالْبُعْدُ: التَّبَاعُدُ مِنَ الْخَيْرِ، يُقَالُ: بَعُدَ يَبْعُدُ بُعْدًا: إِذَا تَأَخَّرَ وَتَبَاعَدَ، وَبَعُدَ يَبْعُدُ بُعْدًا: إِذَا هَلَكَ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَقَالَ النَّابِغَةُ:
وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْعَرَبَ تَسْتَعْمِلُهُ فِي الدُّعَاءِ بِالْهَلَاكِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ: إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي
أَيْ: بِرَحْمَةٍ عَظِيمَةٍ كَائِنَةٍ مِنَّا لِأَنَّهُ لَا يَنْجُو أَحَدٌ إِلَّا بِرَحْمَةِ اللَّهِ، وَقِيلَ: هِيَ الْإِيمَانُ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ أَيْ: شَدِيدٍ، قيل: وَهُوَ السَّمُومُ الَّتِي كَانَتْ تَدْخُلُ أُنُوفَهُمْ وَتِلْكَ عادٌ مبتدأ وخبر، وأنت الْإِشَارَةَ اعْتِبَارًا بِالْقَبِيلَةِ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: إِنَّ مِنَ العرب من لا يصرف عاد وَيَجْعَلُهُ اسْمًا لِلْقَبِيلَةِ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ أَيْ: كَفَرُوا بِهَا وَكَذَّبُوهَا وَأَنْكَرُوا الْمُعْجِزَاتِ وَعَصَوْا رُسُلَهُ أَيْ: هُودًا وَحْدَهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي عَصْرِهِ رَسُولٌ سِوَاهُ، وَإِنَّمَا جَمَعَ هُنَا لِأَنَّ مِنْ كَذَّبَ رَسُولًا فَقَدْ كَذَّبَ جَمِيعَ الرُّسُلِ وَقِيلَ: إِنَّهُمْ عَصَوْا هُودًا وَمَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الرُّسُلِ، أَوْ كَانُوا بِحَيْثُ لَوْ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ رُسُلًا مُتَعَدِّدِينَ لَكَذَّبُوهُمْ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ، وَالْعَنِيدُ: الطَّاغِي الَّذِي لَا يَقْبَلُ الْحَقَّ وَلَا يُذْعِنُ لَهُ. قال أبو عبيدة: العنيد والعنود وَالْعَانِدُ وَالْمُعَانِدُ، وَهُوَ الْمُعَارِضُ بِالْخِلَافِ مِنْهُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْعِرْقِ الَّذِي
يَتَفَجَّرُ بِالدَّمِ عَانِدٌ. قَالَ الرَّاجِزُ:
إِنِّي كَبِيرٌ لَا أُطِيقُ الْعُنَّدَا
وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً أَيْ: أُلْحِقُوهَا، وَهِيَ الْإِبْعَادُ مِنَ الرَّحْمَةِ، وَالطَّرْدُ مِنَ الْخَيْرِ، وَالْمَعْنَى:
أَنَّهَا لَازِمَةٌ لَهُمْ لَا تُفَارِقُهُمْ مَا دَامُوا في الدنيا وَأتبعوها يَوْمَ الْقِيامَةِ فَلُعِنُوا هُنَالِكَ كَمَا لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَيْ: بِرَبِّهِمْ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: كَفَرُوا نِعْمَةَ رَبِّهِمْ، يُقَالُ: كَفَرْتُهُ، وَكَفَرَتُ بِهِ: مِثْلَ: شَكَرْتُهُ وَشَكَرْتُ لَهُ أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ أَيْ: لَا زَالُوا مُبْعَدِينَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالْبُعْدُ:
الْهَلَاكُ، وَالْبُعْدُ: التَّبَاعُدُ مِنَ الْخَيْرِ، يُقَالُ: بَعُدَ يَبْعُدُ بُعْدًا: إِذَا تَأَخَّرَ وَتَبَاعَدَ، وَبَعُدَ يَبْعُدُ بُعْدًا: إِذَا هَلَكَ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَا يَبْعَدَنَّ قَوْمَيِ الَّذِينَ هُمْ | سُمُّ الْعُدَاةِ وَآفَةُ الْجُزُرِ |
فَلَا تَبْعُدَنَّ إِنَّ الْمَنِيَّةَ مَنْهَلٌ | وَكُلُّ امْرِئٍ يَوْمًا بِهِ الْحَالُ زَائِلُ |
مَا كَانَ يَنْفَعُنِي مَقَالُ نِسَائِهِمْ | وَقُتِلْتُ دُونَ رِجَالِهِمْ لَا تَبْعَدِ |
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ: إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي
574
ثم خاطبهم فقال :﴿ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً ﴾ أي : لا أطلب منكم أجراً على ما أبلغه إليكم، وأنصحكم به من الإرشاد إلى عبادة الله وحده، وأنه لا إله لكم سواه، فالضمير راجع إلى مضمون هذا الكلام. وقد تقدّم معنى هذا في قصة نوح ﴿ إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى الذي فَطَرَنِي ﴾ أي : ما أجري الذي أطلب إلا من الذي فطرني : أي : خلقني فهو الذي يثيبني على ذلك ﴿ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ أن أجر الناصحين إنما هو من ربّ العالمين.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ إِلاَّ عَلَى الذي فَطَرَنِي ﴾ أي : خلقني. وأخرج ابن عساكر، عن الضحاك، قال : أمسك الله عن عاد القطر ثلاث سنين، فقال لهم هود ﴿ استغفروا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السماء عَلَيْكُمْ مدْرَاراً ﴾ فأبوا إلا تمادياً. وأخرج أبو الشيخ، عن هارون التيمي، في قوله :﴿ يُرْسِلِ السماء عَلَيْكُمْ مدْرَاراً ﴾ قال : المطر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ ﴾ قال : شدّة إلى شدّتكم. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عكرمة، في قوله :﴿ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ ﴾ قال : ولد الولد.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
قيل : إنما قال فيما تقدّم في قصة نوح : مالاً، وهنا قال : أجراً لذكر الخزائن بعده في قصة نوح، ولفظ المال بها أليق، ثم أرشدهم إلى الاستغفار والتوبة. والمعنى : اطلبوا مغفرته لما سلف من ذنوبكم، ثم توسلوا إليه بالتوبة. وقد تقدّم زيادة بيان لمثل هذا في قصة نوح، ثم رغبهم في الإيمان بالخير العاجل، فقال :﴿ يُرْسِلِ السماء ﴾ أي : المطر ﴿ عَلَيْكُمْ مُّدْرَاراً ﴾ أي : كثير الدرور، وهو منصوب على الحال، درّت السماء تدرّ، وتدرّ، فهي : مدرار، وكان قوم هود أهل بساتين، وزرع، وعمارة، وكانت مساكنهم الرمال التي بين الشام واليمن ﴿ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ ﴾ معطوف على يرسل : أي : شدّة مضافة إلى شدّتكم، أو خصباً إلى خصبكم، أو عزّاً إلى عزّكم. قال الزجاج : المعنى يزدكم قوّة في النعم ﴿ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ ﴾ أي : لا تعرضوا عما أدعوكم إليه، وتقيموا على الكفر مصرّين عليه، والإجرام : الآثام كما تقدّم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ إِلاَّ عَلَى الذي فَطَرَنِي ﴾ أي : خلقني. وأخرج ابن عساكر، عن الضحاك، قال : أمسك الله عن عاد القطر ثلاث سنين، فقال لهم هود ﴿ استغفروا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السماء عَلَيْكُمْ مدْرَاراً ﴾ فأبوا إلا تمادياً. وأخرج أبو الشيخ، عن هارون التيمي، في قوله :﴿ يُرْسِلِ السماء عَلَيْكُمْ مدْرَاراً ﴾ قال : المطر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ ﴾ قال : شدّة إلى شدّتكم. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عكرمة، في قوله :﴿ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ ﴾ قال : ولد الولد.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
ثم أجابه قومه بما يدلّ على فرط جهالتهم، وعظيم غباوتهم، ف﴿ قالوا يا هود مَا جِئْتَنَا بِبَيّنَةٍ ﴾ أي : بحجة واضحة نعمل عليها، ونؤمن لك بها غير معترفين بما جاءهم به من حجج الله وبراهينه، عناداً وبعداً عن الحق ﴿ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا ﴾ التي نعبدها من دون الله، ومعنى :﴿ عَن قَوْلِكَ ﴾ صادرين عن قولك، فالظرف في محل نصب على الحال ﴿ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ أي : بمصدّقين في شيء مما جئت به.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ إِلاَّ عَلَى الذي فَطَرَنِي ﴾ أي : خلقني. وأخرج ابن عساكر، عن الضحاك، قال : أمسك الله عن عاد القطر ثلاث سنين، فقال لهم هود ﴿ استغفروا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السماء عَلَيْكُمْ مدْرَاراً ﴾ فأبوا إلا تمادياً. وأخرج أبو الشيخ، عن هارون التيمي، في قوله :﴿ يُرْسِلِ السماء عَلَيْكُمْ مدْرَاراً ﴾ قال : المطر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ ﴾ قال : شدّة إلى شدّتكم. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عكرمة، في قوله :﴿ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ ﴾ قال : ولد الولد.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
﴿ إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ أي : ما نقول إلا أنه أصابك بعض آلهتنا التي تعيبها، وتسفه رأينا في عبادتها بسوء بجنون، حتى نشأ عن جنونك ما تقوله لنا، وتكرره علينا من التنفير عنها، يقال عراه الأمر واعتراه : إذا ألمّ به، فأجابهم بما يدلّ على عدم مبالاته بهم، وعلى وثوقه بربه وتوكله عليه، وأنهم لا يقدرون على شيء مما يريده الكفار به، بل الله سبحانه هو الضارّ النافع ف﴿ قَالَ إِنِي أُشْهِدُ الله واشهدوا ﴾ أنتم ﴿ إِنّي بَرِيء مّمَّا تُشْرِكُونَ ﴾ به.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ إِلاَّ عَلَى الذي فَطَرَنِي ﴾ أي : خلقني. وأخرج ابن عساكر، عن الضحاك، قال : أمسك الله عن عاد القطر ثلاث سنين، فقال لهم هود ﴿ استغفروا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السماء عَلَيْكُمْ مدْرَاراً ﴾ فأبوا إلا تمادياً. وأخرج أبو الشيخ، عن هارون التيمي، في قوله :﴿ يُرْسِلِ السماء عَلَيْكُمْ مدْرَاراً ﴾ قال : المطر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ ﴾ قال : شدّة إلى شدّتكم. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عكرمة، في قوله :﴿ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ ﴾ قال : ولد الولد.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
﴿ مِن دُونِهِ ﴾ أي : من إشراككم من دون الله من غير أن ينزل به سلطاناً ﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ﴾ أنتم وآلهتكم إن كانت كما تزعمون من أنها تقدر على الإضرار بي، وأنها اعترتني بسوء ﴿ ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ ﴾ أي : لا تمهلوني، بل عاجلوني واصنعوا ما بدا لكم ؛ وفي هذا من إظهار عدم المبالاة بهم وبأصنامهم التي يعبدونها ما يصكّ مسامعهم، ويوضح عجزهم، وعدم قدرتهم على شيء.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ إِلاَّ عَلَى الذي فَطَرَنِي ﴾ أي : خلقني. وأخرج ابن عساكر، عن الضحاك، قال : أمسك الله عن عاد القطر ثلاث سنين، فقال لهم هود ﴿ استغفروا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السماء عَلَيْكُمْ مدْرَاراً ﴾ فأبوا إلا تمادياً. وأخرج أبو الشيخ، عن هارون التيمي، في قوله :﴿ يُرْسِلِ السماء عَلَيْكُمْ مدْرَاراً ﴾ قال : المطر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ ﴾ قال : شدّة إلى شدّتكم. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عكرمة، في قوله :﴿ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ ﴾ قال : ولد الولد.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
﴿ إِنّي تَوَكَّلْتُ عَلَى الله رَبّى وَرَبّكُمْ ﴾ فهو : يعصمني من كيدكم، وإن بلغتم في تطلب وجوه الإضرار بي كل مبلغ، فمن توكل على الله كفاه. ثم لما بين لهم توكله على الله وثقته بحفظه وكلاءته، وصفه بما يوجب التوكل عليه والتفويض إليه من اشتمال ربوبيته عليه وعليهم، وأنه مالك للجميع، وأن ناصية كل دابة من دوابّ الأرض بيده، وفي قبضته وتحت قهره، وهو تمثيل لغاية التسخير ونهاية التذليل، وكانوا إذا أسروا الأسير وأرادوا إطلاقه، والمنّ عليه جزوا ناصيته، فجعلوا ذلك علامة لقهره. قال الفراء : معنى آخذ بناصيتها : مالكها والقادر عليها، وقال القتيبي : قاهرها لأن من أخذت بناصيته فقد قهرته. والناصية : قصاص الشعر من مقدّم الرأس ؛ ثم علل ما تقدّم بقوله :﴿ إِنَّ رَبّى على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ أي : هو على الحق والعدل، فلا يكاد يسلطكم عليّ.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ إِلاَّ عَلَى الذي فَطَرَنِي ﴾ أي : خلقني. وأخرج ابن عساكر، عن الضحاك، قال : أمسك الله عن عاد القطر ثلاث سنين، فقال لهم هود ﴿ استغفروا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السماء عَلَيْكُمْ مدْرَاراً ﴾ فأبوا إلا تمادياً. وأخرج أبو الشيخ، عن هارون التيمي، في قوله :﴿ يُرْسِلِ السماء عَلَيْكُمْ مدْرَاراً ﴾ قال : المطر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ ﴾ قال : شدّة إلى شدّتكم. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عكرمة، في قوله :﴿ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ ﴾ قال : ولد الولد.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
﴿ فَإِن تَوَلَّوْاْ ﴾ أي : تتولوا فحذفت إحدى التاءين، والمعنى : فإن تستمروا على الإعراض عن الإجابة والتصميم على ما أنتم عليه من الكفر ﴿ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ ﴾ ليس عليّ إلا ذلك، وقد لزمتكم الحجة ﴿ وَيَسْتَخْلِفُ رَبّى قَوْمًا غَيْرَكُمْ ﴾ جملة مستأنفة لتقرير الوعيد بالهلاك، أي يستخلف في دياركم وأموالكم قوماً آخرين، ويجوز أن يكون عطفاً على فقد أبلغتكم. وروى حفص عن عاصم أنه قرأ ﴿ ويستخلف ﴾ بالجزم حملاً على موضع فقد أبلغتكم ﴿ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا ﴾ أي : بتوليكم، ولا تقدرون على كثير من الضرر ولا حقير ﴿ إِنَّ رَبّى على كُلّ شَيْء حَفِيظ ﴾ أي رقيب مهيمن عليه يحفظه من كل شيء، قيل : وعلى بمعنى اللام، فيكون المعنى : لكل شيء حفيظ، فهو يحفظني من أن تنالوني بسوء.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ إِلاَّ عَلَى الذي فَطَرَنِي ﴾ أي : خلقني. وأخرج ابن عساكر، عن الضحاك، قال : أمسك الله عن عاد القطر ثلاث سنين، فقال لهم هود ﴿ استغفروا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السماء عَلَيْكُمْ مدْرَاراً ﴾ فأبوا إلا تمادياً. وأخرج أبو الشيخ، عن هارون التيمي، في قوله :﴿ يُرْسِلِ السماء عَلَيْكُمْ مدْرَاراً ﴾ قال : المطر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ ﴾ قال : شدّة إلى شدّتكم. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عكرمة، في قوله :﴿ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ ﴾ قال : ولد الولد.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
﴿ وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا ﴾ أي : عذابنا الذي هو إهلاك عاد ﴿ نَجَّيْنَا هُودًا والذين آمَنُواْ مَعَهُ ﴾ من قومه ﴿ بِرَحْمَةٍ منَّا ﴾ أي : برحمة عظيمة كائنة منا ؛ لأنه لا ينجو أحد إلا برحمة الله، وقيل هي الإيمان ﴿ منْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ أي : شديد، قيل : وهو السموم التي كانت تدخل أنوفهم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ إِلاَّ عَلَى الذي فَطَرَنِي ﴾ أي : خلقني. وأخرج ابن عساكر، عن الضحاك، قال : أمسك الله عن عاد القطر ثلاث سنين، فقال لهم هود ﴿ استغفروا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السماء عَلَيْكُمْ مدْرَاراً ﴾ فأبوا إلا تمادياً. وأخرج أبو الشيخ، عن هارون التيمي، في قوله :﴿ يُرْسِلِ السماء عَلَيْكُمْ مدْرَاراً ﴾ قال : المطر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ ﴾ قال : شدّة إلى شدّتكم. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عكرمة، في قوله :﴿ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ ﴾ قال : ولد الولد.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
﴿ وَتِلْكَ عَاد ﴾ مبتدأ وخبر، وأنث الإشارة اعتباراً بالقبيلة. قال الكسائي : إن من العرب من لا يصرف عاد ويجعله أسماء للقبيلة ﴿ جَحَدُواْ بآيات رَبّهِمْ ﴾ أي : كفروا بها، وكذبوها وأنكروا المعجزات ﴿ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ ﴾ أي : هوداً وحده ؛ لأنه لم يكن في عصره رسول سواه، وإنما جمع هنا ؛ لأنّ من كذب رسولاً فقد كذب جميع الرسل. وقيل : إنهم عصوا هوداً ومن كان قبله من الرسل، أو كانوا بحيث لو بعث الله إليهم رسلاً متعدّدين لكذبوهم ﴿ واتبعوا أَمْرَ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ الجبار : المتكبر، والعنيد : الطاغي الذي لا يقبل الحق ولا يذعن له. قال أبو عبيدة : العنيد العنود والعاند والمعاند، وهو المعارض بالخلاف منه، ومنه قيل للعرق الذي يتفجر بالدم، عاند. قال الراجز :
إني كبير لا أطيق العندا ***. . .
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ إِلاَّ عَلَى الذي فَطَرَنِي ﴾ أي : خلقني. وأخرج ابن عساكر، عن الضحاك، قال : أمسك الله عن عاد القطر ثلاث سنين، فقال لهم هود ﴿ استغفروا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السماء عَلَيْكُمْ مدْرَاراً ﴾ فأبوا إلا تمادياً. وأخرج أبو الشيخ، عن هارون التيمي، في قوله :﴿ يُرْسِلِ السماء عَلَيْكُمْ مدْرَاراً ﴾ قال : المطر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ ﴾ قال : شدّة إلى شدّتكم. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عكرمة، في قوله :﴿ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ ﴾ قال : ولد الولد.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
إني كبير لا أطيق العندا ***. . .
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ أي : ألحقوها، وهي : الإبعاد من الرحمة والطرد من الخير، والمعنى : أنها لازمة لهم لا تفارقهم ما داموا في الدنيا ﴿ و ﴾ أتبعوها ﴿ يَوْمُ القيامة ﴾ فلعنوا هنالك كما لعنوا في الدنيا ﴿ أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُواْ رَبَّهُمْ ﴾ أي : بربهم. وقال الفراء : كفروا نعمة ربهم، يقال : كفرته وكفرت به : مثل : شكرته وشكرت له ﴿ أَلاَ بُعْدًا لعَادٍ قَوْمِ هُودٍ ﴾ أي : لا زالوا مبعدين من رحمة الله، والبعد : الهلاك، والبعد : التباعد من الخير، يقال : بعد يبعد بعداً : إذا تأخر وتباعد، وبعد يبعد بعداً : إذا هلك، ومنه قول الشاعر :
وقال النابغة :
ومنه قول الشاعر :
وقد تقدّم أن العرب تستعمله في الدعاء بالهلاك.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة: وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ إِلاَّ عَلَى الذي فَطَرَنِي ﴾ أي : خلقني. وأخرج ابن عساكر، عن الضحاك، قال : أمسك الله عن عاد القطر ثلاث سنين، فقال لهم هود ﴿ استغفروا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السماء عَلَيْكُمْ مدْرَاراً ﴾ فأبوا إلا تمادياً. وأخرج أبو الشيخ، عن هارون التيمي، في قوله :﴿ يُرْسِلِ السماء عَلَيْكُمْ مدْرَاراً ﴾ قال : المطر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ ﴾ قال : شدّة إلى شدّتكم. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عكرمة، في قوله :﴿ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ ﴾ قال : ولد الولد.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
لا يبعدن قومي الذين هم | سم العداة وآفة الجزر |
فلا تبعدن إنّ المنية منهل | وكل امرئ يوماً به الحال زائل |
ما كان ينفعني مقال نسائهم | وقتلت دون رجالهم لا تبعد |
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
أَيْ: خَلَقَنِي. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: أَمْسَكَ اللَّهُ عَنْ عَادٍ الْقَطْرَ ثَلَاثَ سِنِينَ، فَقَالَ لَهُمْ هُودٌ: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً فَأَبَوْا إِلَّا تَمَادِيًا. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ هَارُونَ التَّيْمِيِّ فِي قَوْلِهِ: يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً قَالَ: الْمَطَرَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ قَالَ: شدّة إلى شدّتكم.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ قَالَ: وَلَدَ الْوَلَدِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ قَالَ: أَصَابَتْكَ بِالْجُنُونِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ يَخَافُ لِصًّا عَادِيًا، أَوْ سَبُعًا ضَارِيًا أَوْ شَيْطَانًا مَارِدًا فَيَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ إِلَّا صَرَفَهُ اللَّهُ عَنْهُ. وَأَخْرُجُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ: إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ قَالَ: الْحَقِّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ: عَذابٍ غَلِيظٍ قَالَ:
شَدِيدٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ قَالَ: الْمُشْرِكُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: الْعَنِيدُ: الْمُشَاقُّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ:
وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً قَالَ: لَمْ يُبْعَثْ نَبِيٌّ بَعْدَ عَادٍ إِلَّا لُعِنَتْ عَلَى لِسَانِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قَتَادَةَ فِي الْآيَةِ قَالَ: تَتَابَعَتْ عَلَيْهِمْ لَعْنَتَانِ مِنَ اللَّهِ: لَعْنَةٌ فِي الدنيا، ولعنة في الآخرة.
[سورة هود (١١) : الآيات ٦١ الى ٦٨]
وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ (٦١) قالُوا يَا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آباؤُنا وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٦٢) قالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ (٦٣) وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ (٦٤) فَعَقَرُوها فَقالَ تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ (٦٥)
فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (٦٦) وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ (٦٧) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ (٦٨)
قَوْلُهُ: وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً مَعْطُوفٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَالتَّقْدِيرُ: وَأَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صالحا، والكلام فيه وفي قوله: يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قِصَّةِ هُودٍ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ: وَإِلَى ثَمُودٍ بِالتَّنْوِينِ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ. وَاخْتَلَفَ سَائِرُ الْقُرَّاءِ فِيهِ فَصَرَفُوهُ فِي مَوْضِعٍ وَلَمْ يَصْرِفُوهُ فِي مَوْضِعٍ. فَالصَّرْفُ بِاعْتِبَارِ التَّأْوِيلِ بِالْحَيِّ، وَالْمَنْعُ بِاعْتِبَارِ التَّأْوِيلِ بِالْقَبِيلَةِ، وَهَكَذَا سَائِرُ مَا يَصِحُّ فِيهِ التَّأْوِيلَانِ، وَأَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ فِي التَّأْنِيثِ بِاعْتِبَارِ التَّأْوِيلِ بالقبيلة:
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ قَالَ: وَلَدَ الْوَلَدِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ قَالَ: أَصَابَتْكَ بِالْجُنُونِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ يَخَافُ لِصًّا عَادِيًا، أَوْ سَبُعًا ضَارِيًا أَوْ شَيْطَانًا مَارِدًا فَيَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ إِلَّا صَرَفَهُ اللَّهُ عَنْهُ. وَأَخْرُجُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ: إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ قَالَ: الْحَقِّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ: عَذابٍ غَلِيظٍ قَالَ:
شَدِيدٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ قَالَ: الْمُشْرِكُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: الْعَنِيدُ: الْمُشَاقُّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ:
وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً قَالَ: لَمْ يُبْعَثْ نَبِيٌّ بَعْدَ عَادٍ إِلَّا لُعِنَتْ عَلَى لِسَانِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قَتَادَةَ فِي الْآيَةِ قَالَ: تَتَابَعَتْ عَلَيْهِمْ لَعْنَتَانِ مِنَ اللَّهِ: لَعْنَةٌ فِي الدنيا، ولعنة في الآخرة.
[سورة هود (١١) : الآيات ٦١ الى ٦٨]
وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ (٦١) قالُوا يَا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آباؤُنا وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٦٢) قالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ (٦٣) وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ (٦٤) فَعَقَرُوها فَقالَ تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ (٦٥)
فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (٦٦) وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ (٦٧) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ (٦٨)
قَوْلُهُ: وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً مَعْطُوفٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَالتَّقْدِيرُ: وَأَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صالحا، والكلام فيه وفي قوله: يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قِصَّةِ هُودٍ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ: وَإِلَى ثَمُودٍ بِالتَّنْوِينِ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ. وَاخْتَلَفَ سَائِرُ الْقُرَّاءِ فِيهِ فَصَرَفُوهُ فِي مَوْضِعٍ وَلَمْ يَصْرِفُوهُ فِي مَوْضِعٍ. فَالصَّرْفُ بِاعْتِبَارِ التَّأْوِيلِ بِالْحَيِّ، وَالْمَنْعُ بِاعْتِبَارِ التَّأْوِيلِ بِالْقَبِيلَةِ، وَهَكَذَا سَائِرُ مَا يَصِحُّ فِيهِ التَّأْوِيلَانِ، وَأَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ فِي التَّأْنِيثِ بِاعْتِبَارِ التَّأْوِيلِ بالقبيلة: