تفسير سورة الصافات

فتح القدير
تفسير سورة سورة الصافات من كتاب فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير المعروف بـفتح القدير .
لمؤلفه الشوكاني . المتوفي سنة 1250 هـ
سورة الصافات
هي مائة واثنتان وثمانون آية وهي مكية. قال القرطبي : في قول الجميع. وأخرج ابن الضريس وابن النحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : نزلت بمكة. وأخرج النسائي والبيهقي في سننه عن ابن عمر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالتخفيف ويؤمنا بالصافات. قال ابن كثير : تفرد به النسائي. وأخرج ابن أبي داود في فضائل القرآن، وابن النجار في تاريخه من طريق نهشل بن سعد الورداني عن الضحاك عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«من قرأ يس والصافات يوم الجمعة ثم سأل الله أعطاه سؤله ». وأخرج أبو نعيم في الدلائل والسلفي في الطيوريات عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله ملوك حضر موت عند قدومهم عليه أن يقرأ عليهم شيئاً مما أنزل الله قرأ «الصافات صفا » حتى بلغ «رب المشارق والمغارب » الحديث.

سُورَةِ الصَّافَّاتِ
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ، وَأَخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ، وَابْنُ النَّحَّاسِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَتْ بِمَكَّةَ. وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِالتَّخْفِيفِ وَيَؤُمُّنَا بِالصَّافَّاتِ. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: تَفَرَّدَ بِهِ النَّسَائِيُّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ، وَابْنُ النَّجَّارِ فِي تاريخه من طريق نهشل بن سعد الْوَرْدَانِيِّ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنِ قَرَأَ يس وَالصَّافَّاتِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثمّ سأل الله أعطاه سؤاله».
وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ، وَالسِّلَفِيُّ فِي الطُّيُورِيَّاتِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لَمَّا سَأَلَهُ مُلُوكُ حَضْرَمَوْتَ عِنْدَ قُدُومِهِمْ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِمَّا أَنْزَلَ الله قرأ الصَّافَّاتِ صَفًّا حتى بلغ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ» الحديث.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ١ الى ١٩]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (١) فَالزَّاجِراتِ زَجْراً (٢) فَالتَّالِياتِ ذِكْراً (٣) إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ (٤)
رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ (٥) إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ (٦) وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ (٧) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ (٨) دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ (٩)
إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ (١٠) فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ (١١) بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (١٢) وَإِذا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ (١٣) وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (١٤)
وَقالُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (١٥) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (١٦) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (١٧) قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ (١٨) فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ (١٩)
قَوْلُهُ: وَالصَّافَّاتِ صَفًّا قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو، وَحَمْزَةُ، وَقِيلَ: حَمْزَةُ فَقَطْ بِإِدْغَامِ التَّاءِ مِنَ الصَّافَّاتِ فِي صَادِ صَفًّا، وَإِدْغَامِ التَّاءِ مِنَ الزَّاجِرَاتِ فِي زَايِ زَجْرًا، وَإِدْغَامِ التَّاءِ مِنَ التَّالِيَاتِ فِي ذَالِ ذِكْرًا، وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ قَدْ أَنْكَرَهَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَمَّا سَمِعَهَا. قَالَ النَّحَّاسُ: وَهِيَ بَعِيدَةٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ مِنْ ثَلَاثِ جِهَاتٍ: الْجِهَةُ الْأُولَى أَنَّ التَّاءَ لَيْسَتْ مِنْ مَخْرَجِ الصَّادِ، وَلَا مِنْ مَخْرَجِ الزَّايِ، وَلَا مِنْ مَخْرَجِ الدَّالِ، وَلَا مِنْ أَخَوَاتِهِنَّ. الْجِهَةُ الثَّانِيَةُ:
أَنَّ التَّاءَ فِي كَلِمَةٍ وَمَا بَعْدَهَا فِي كَلِمَةٍ أُخْرَى. الثَّالِثَةُ: أَنَّكَ إِذَا أَدْغَمْتَ جَمَعْتَ بَيْنَ سَاكِنَيْنِ مِنْ كَلِمَتَيْنِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ سَاكِنَيْنِ فِي مِثْلِ هَذَا إِذَا كَانَا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ. وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ: إِدْغَامُ التَّاءِ فِي الصَّادِ حَسَنٌ لِمُقَارَبَةِ الْحَرْفَيْنِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا مِنْ طَرَفِ اللِّسَانِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِإِظْهَارِ جَمِيعِ ذَلِكَ، وَالْوَاوُ لِلْقَسَمِ، وَالْمُقْسَمُ بِهِ الْمَلَائِكَةُ: الصَّافَّاتُ، وَالزَّاجِرَاتُ، وَالتَّالِيَاتُ وَالْمُرَادُ بِالصَّافَّاتِ: الَّتِي تُصَفُّ فِي السَّمَاءِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ كَصُفُوفِ الْخَلْقِ فِي الدُّنْيَا، قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ. وَقِيلَ: إِنَّهَا تصفّ
442
أَجْنِحَتَهَا فِي الْهَوَاءِ وَاقِفَةً فِيهِ حَتَّى يَأْمُرَهَا اللَّهُ بِمَا يُرِيدُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: صَفًّا كَصُفُوفِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ فِي صَلَاتِهِمْ.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالصَّافَّاتِ هُنَا الطَّيْرُ كَمَا فِي قَوْلِهِ: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ «١». وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَالصَّفُّ: تَرْتِيبُ الْجَمْعِ عَلَى خَطٍّ كالصفّ في الصلاة، وقيل: الصافات جماعات النَّاسِ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا قَامُوا صَفًّا فِي الصَّلَاةِ أَوْ فِي الْجِهَادِ، ذَكَرَهُ الْقُشَيْرِيُّ. وَالْمُرَادُ بِ فَالزَّاجِراتِ الْفَاعِلَاتُ لِلزَّجْرِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، إِمَّا لِأَنَّهَا تَزْجُرُ السَّحَابَ كَمَا قَالَ السُّدِّيُّ، وَإِمَّا لِأَنَّهَا تَزْجُرُ عَنِ الْمَعَاصِي بِالْمَوَاعِظِ وَالنَّصَائِحِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: الْمُرَادُ بِالزَّاجِرَاتِ: الزَّوَاجِرُ مِنَ الْقُرْآنِ، وَهِيَ كُلُّ مَا يَنْهَى، وَيَزْجُرُ عَنِ الْقَبِيحِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَانْتِصَابُ صفّا.
وزَجْراً على المصدرية لتأكيد ما قبلها. وقيل: المراد بالزاجرات العلماء، لأنهم هم الَّذِينَ يَزْجُرُونَ أَهْلَ الْمَعَاصِي. وَالزَّجْرُ فِي الْأَصْلِ: الدَّفْعُ بِقُوَّةٍ، وَهُوَ هُنَا: قُوَّةُ التَّصْوِيتِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
زَجْرَ أَبِي عُرْوَةَ السِّبَاعَ إِذَا أَشْفَقَ أَنْ يَخْتَلِطْنَ بِالْغَنَمِ
وَمِنْهُ زَجَرْتُ الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ: إِذَا أَفْزَعْتَهَا بِصَوْتِكَ، وَالْمُرَادُ بِ فَالتَّالِياتِ ذِكْراً الْمَلَائِكَةُ الَّتِي تَتْلُو الْقُرْآنَ كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنُ، وَمُجَاهِدٌ، وَابْنُ جُبَيْرٍ، وَالسُّدِّيُّ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ جِبْرِيلُ وَحْدَهُ، فَذُكِرَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ تَعْظِيمًا لَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ أَتْبَاعٍ لَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: الْمُرَادُ كُلُّ مَنْ تَلَا ذِكْرَ اللَّهِ وَكُتُبَهُ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ آيَاتُ الْقُرْآنِ، وَوَصْفُهَا بِالتِّلَاوَةِ وَإِنْ كَانَتْ مَتْلُوَّةً كَمَا فِي قَوْلِهِ: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ «٢» وقيل: لأن بعضها يتلو بعضها وَيَتْبَعُهُ. وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ التَّالِيَاتِ: هُمُ الْأَنْبِيَاءُ يَتْلُونَ الذِّكْرَ عَلَى أُمَمِهِمْ، وَانْتِصَابُ ذِكْرًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا كَمَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ صَفًّا وزَجْراً. قِيلَ: وَهَذِهِ الْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: فَالزَّاجِراتِ، فَالتَّالِياتِ إِمَّا لترتب الصفات أنفسها في الوجود أو لترتب مَوْصُوفَاتِهَا فِي الْفَضْلِ، وَفِي الْكُلِّ نَظَرٌ، وَقَوْلُهُ: إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ جَوَابُ الْقَسَمِ، أَيْ: أَقْسَمَ اللَّهُ بِهَذِهِ الْأَقْسَامِ إِنَّهُ وَاحِدٌ لَيْسَ لَهُ شَرِيكٌ. وَأَجَازَ الْكِسَائِيُّ فَتْحَ إِنَّ الْوَاقِعَةِ فِي جَوَابِ الْقَسَمِ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا ثَانِيًا، وَأَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ لَواحِدٌ وَأَنْ يَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ. قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: الْوَقْفُ عَلَى لَوَاحِدٌ وَقْفٌ حَسَنٌ، ثم يبتدئ ربّ السموات والأرض على معنى هو ربّ السموات وَالْأَرْضِ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ لَوَاحِدٌ. وَالْمَعْنَى فِي الْآيَةِ:
أَنَّ وُجُودَ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ عَلَى هَذَا الشَّكْلِ الْبَدِيعِ مِنْ أَوْضَحِ الدَّلَائِلِ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ وَقُدْرَتِهِ، وَأَنَّهُ رَبُّ ذَلِكَ كُلِّهِ، أَيْ: خَالِقُهُ وَمَالِكُهُ، وَالْمُرَادُ بما بينهما: ما بين السموات وَالْأَرْضِ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ. وَالْمُرَادُ بِ الْمَشارِقِ مَشَارِقُ الشَّمْسِ. قِيلَ: إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ خَلَقَ لِلشَّمْسِ كُلَّ يَوْمٍ مَشْرِقًا وَمَغْرِبًا بِعَدَدِ أَيَّامِ السَّنَةِ، تَطْلُعُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهَا وَتَغْرُبُ مِنْ وَاحِدٍ، كَذَا قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَابْنُ عبد البرّ. وأما قَوْلِهِ فِي سُورَةِ الرَّحْمَنِ رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ «٣» فَالْمُرَادُ بِالْمَشْرِقَيْنِ: أَقْصَى مَطْلَعٍ تَطْلُعُ مِنْهُ الشَّمْسُ فِي الْأَيَّامِ الطِّوَالِ، وَأَقْصَرُ يَوْمٍ فِي الْأَيَّامِ الْقِصَارِ، وَكَذَلِكَ فِي الْمَغْرِبَيْنِ. وَأَمَّا ذِكْرُ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ بِالْإِفْرَادِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْجِهَةُ الَّتِي تُشْرِقُ مِنْهَا الشَّمْسُ، وَالْجِهَةُ الَّتِي تَغْرُبُ مِنْهَا، وَلَعَلَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ لَنَا فِي هَذَا كَلَامٌ أَوْسَعُ من هذا
(١). الملك: ١٩.
(٢). النمل: ٣٦.
(٣). الرحمن: ١٧.
443
إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ الْمُرَادُ بِالسَّمَاءِ الدُّنْيَا الَّتِي تَلِي الْأَرْضَ، مِنَ الدُّنُوِّ وهو القرب، فهي أقرب السموات إِلَى الْأَرْضِ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ بِإِضَافَةِ زِينَةِ إِلَى الْكَوَاكِبِ. وَالْمَعْنَى: زَيَّنَّاهَا بِتَزْيِينِ الْكَوَاكِبِ: أَيْ بِحُسْنِهَا. وَقَرَأَ مَسْرُوقٌ وَالْأَعْمَشُ وَالنَّخَعِيُّ وَحَمْزَةُ بِتَنْوِينِ «زِينَةٍ» وَخَفْضِ الْكَواكِبِ عَلَى أَنَّهَا بَدَلٌ مِنَ الزِّينَةِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالزِّينَةِ الِاسْمُ لَا الْمَصْدَرُ، وَالتَّقْدِيرُ بَعْدَ طَرْحِ الْمُبْدَلِ مِنْهُ:
إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ بِالْكَوَاكِبِ، فَإِنَّ الْكَوَاكِبَ فِي أَنْفُسِهَا زِينَةٌ عَظِيمَةٌ، فَإِنَّهَا فِي أَعْيُنِ النَّاظِرِينَ لَهَا كَالْجَوَاهِرِ الْمُتَلَأْلِئَةِ.
وَقَرَأَ عَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ أبي بكر عنه بتنوين بِزِينَةٍ وَنَصْبِ «الْكَوَاكِبَ» عَلَى أَنَّ الزِّينَةَ مَصْدَرٌ وَفَاعِلُهُ مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: بِأَنَّ اللَّهَ زَيَّنَ الْكَوَاكِبَ بِكَوْنِهَا مُضِيئَةً حَسَنَةً فِي أَنْفُسِهَا، أَوْ تَكُونُ الْكَوَاكِبُ مَنْصُوبَةً بِإِضْمَارِ أَعْنِي، أَوْ بَدَلًا مِنَ السَّمَاءِ بَدَلَ اشْتِمَالٍ، وَانْتِصَابُ حِفْظًا عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ بِإِضْمَارِ فعل: أي حفظناها حفظا، أو على أنه مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ: أَيْ زَيَّنَّاهَا بِالْكَوَاكِبِ لِلْحِفْظِ، أَوْ بِالْعَطْفِ عَلَى مَحَلِّ زِينَةٍ كَأَنَّهُ قَالَ: إِنَّا خَلَقْنَا الْكَوَاكِبَ زِينَةً لِلسَّمَاءِ وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ أَيْ: مُتَمَرِّدٍ خَارِجٍ عَنِ الطَّاعَةِ يُرْمَى بِالْكَوَاكِبِ، كَقَوْلِهِ: وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ «١»، وَجُمْلَةُ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ حَالِهِمْ بَعْدَ حِفْظِ السَّمَاءِ مِنْهُمْ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَيْ لِئَلَّا يَسْمَعُوا، ثُمَّ حَذَفَ إِنْ فَرَفَعَ الْفِعْلَ، وَكَذَا قَالَ الْكَلْبِيُّ، وَالْمَلَأُ الْأَعْلَى: أَهْلُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَمَا فَوْقَهَا، وَسُمِّيَ الْكُلُّ مِنْهُمْ أَعْلَى بِإِضَافَتِهِ إِلَى مَلَأِ الْأَرْضِ، وَالضَّمِيرُ فِي يَسَّمَّعُونَ إِلَى الشَّيَاطِينِ. وَقِيلَ: إِنَّ جُمْلَةَ لَا يَسَّمَّعُونَ صِفَةٌ لِكُلِّ شَيْطَانٍ، وَقِيلَ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّهُ قِيلَ: فَمَا كَانَ حَالُهُمْ بَعْدَ حِفْظِ السَّمَاءِ عَنْهُمْ؟ فَقَالَ: لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى قَرَأَ الْجُمْهُورُ «يَسْمَعُونَ» بِسُكُونِ السِّينِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَعَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ حَفْصٍ عَنْهُ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَالسِّينِ، وَالْأَصْلُ يَتَسَمَّعُونَ فَأَدْغَمَ التَّاءَ فِي السِّينِ، فَالْقِرَاءَةُ الْأُولَى تَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ سَمَاعِهِمْ دُونَ اسْتِمَاعِهِمْ، وَالْقِرَاءَةُ الثَّانِيَةُ تَدُلُّ عَلَى انْتِفَائِهِمَا وَفِي مَعْنَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ «٢» قَالَ مُجَاهِدٌ: كَانُوا يَتَسَمَّعُونَ وَلَكِنْ لَا يَسْمَعُونَ. وَاخْتَارَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْقِرَاءَةَ الثَّانِيَةَ، قَالَ: لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا تَكَادُ تَقُولُ: سَمِعْتُ إِلَيْهِ، وَتَقُولُ تَسَمَّعْتُ إِلَيْهِ وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ دُحُوراً أَيْ: يُرْمَوْنَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ مِنْ جَوَانِبِ السَّمَاءِ بِالشُّهُبِ إِذَا أَرَادُوا الصُّعُودَ لِاسْتِرَاقِ السَّمْعِ، وَانْتِصَابُ دُحُورًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ وَالدُّحُورُ الطَّرْدُ، تَقُولُ دَحَرْتُهُ دَحْرًا وَدُحُورًا: طَرَدْتُهُ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ دُحُوراً بِضَمِّ الدَّالِ، وَقَرَأَ عَلِيٌّ وَالسُّلَمِيُّ وَيَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ، وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ بِفَتْحِهَا. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو أَنَّهُ قَرَأَ يُقْذَفُونَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ، وَهِيَ قِرَاءَةٌ غَيْرُ مُطَابِقَةٍ لِمَا هُوَ الْمُرَادُ مِنَ النَّظْمِ الْقُرْآنِيِّ، وَقِيلَ: إِنَّ انْتِصَابَ دُحُورًا عَلَى الْحَالِ: أَيْ مَدْحُورِينَ، وَقِيلَ: هُوَ جَمْعُ دَاحِرٍ نَحْوُ قَاعِدٍ وَقُعُودٍ فَيَكُونُ حَالًا أَيْضًا. وَقِيلَ: إِنَّهُ مَصْدَرٌ لِمُقَدَّرٍ: أَيْ يُدْحَرُونَ دُحُورًا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: إِنَّ الْمَعْنَى يُقْذَفُونَ بِمَا يَدْحَرُهُمْ: أَيْ بِدُحُورٍ، ثُمَّ حُذِفَتِ الْبَاءُ فَانْتَصَبَ بنزع الخافض.
(١). الملك: ٥.
(٢). الشعراء: ٢١٢.
444
وَاخْتُلِفَ هَلْ كَانَ هَذَا الرَّمْيُ لَهُمْ بِالشُّهُبِ قَبْلَ الْمَبْعَثِ أَوْ بَعْدَهُ، فَقَالَ بِالْأَوَّلِ طَائِفَةٌ، وَبِالْآخَرِ آخَرُونَ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ: إِنَّ الشَّيَاطِينَ لَمْ تَكُنْ تُرْمَى قَبْلَ الْمَبْعَثِ رَمْيًا يَقْطَعُهَا عَنِ السَّمْعِ، وَلَكِنْ كَانَتْ تُرْمَى وَقْتًا وَلَا تُرْمَى وَقْتًا آخَرَ وَتُرْمَى مِنْ جَانِبٍ وَلَا تُرْمَى مِنْ جَانِبٍ آخَرَ، ثُمَّ بَعْدَ الْمَبْعَثِ رُمِيَتْ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَمِنْ كُلِّ جَانِبٍ حَتَّى صَارَتْ لَا تَقْدِرُ عَلَى اسْتِرَاقِ شَيْءٍ مِنَ السَّمْعِ إِلَّا مَنِ اخْتَطَفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ، وَمَعْنَى وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ دَائِمٌ لَا يَنْقَطِعُ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْعَذَابُ فِي الْآخِرَةِ غَيْرُ الْعَذَابِ الَّذِي لَهُمْ فِي الدُّنْيَا مِنَ الرَّمْيِ بِالشُّهُبِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: يَعْنِي دَائِمًا إِلَى النَّفْخَةِ الْأُولَى، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
وَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّ الْوَاصِبَ الدَّائِمُ. وَقَالَ السُّدِّيُّ وَأَبُو صَالِحٍ وَالْكَلْبِيُّ: هُوَ الْمُوجِعُ الَّذِي يَصِلُ وَجَعُهُ إِلَى الْقَلْبِ، مَأْخُوذٌ مِنَ الْوَصَبِ وَهُوَ الْمَرَضُ، وَقِيلَ: هُوَ الشَّدِيدُ، وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ هُوَ مِنْ قَوْلِهِ: لَا يَسَّمَّعُونَ أَوْ مِنْ قَوْلِهِ: وَيُقْذَفُونَ. وَقِيلَ الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ إِلَى غَيْرِ الْوَحْيِ لِقَوْلِهِ: إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ بَلْ يَخْطِفُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ خَطْفَةً مِمَّا يَتَفَاوَضُ فِيهِ الْمَلَائِكَةُ وَيَدُورُ بَيْنَهُمْ مِمَّا سَيَكُونُ فِي الْعَالَمِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَهُ أَهْلُ الْأَرْضِ. وَالْخَطْفُ الِاخْتِلَاسُ مُسَارَقَةً وَأَخْذُ الشَّيْءِ بِسُرْعَةٍ.
قَرَأَ الْجُمْهُورُ خَطِفَ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ الطَّاءِ مُخَفَّفَةً، وَقَرَأَ قَتَادَةُ وَالْحَسَنُ بِكَسْرِهِمَا وَتَشْدِيدِ الطَّاءِ، وَهِيَ لُغَةُ تَمِيمِ بْنِ مُرٍّ وَبَكْرِ بْنِ وَائِلٍ. وَقَرَأَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ الطَّاءِ مُشَدَّدَةً. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِكَسْرِهِمَا مَعَ تَخْفِيفِ الطَّاءِ، وَقِيلَ: إِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ أَيْ: لَحِقَهُ وَتَبِعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ:
نَجْمٌ مُضِيءٌ فَيَحْرُقُهُ، وَرُبَّمَا لَا يَحْرُقُهُ فَيُلْقِي إِلَى إِخْوَانِهِ مَا خَطِفَهُ، وَلَيْسَتِ الشُّهُبُ الَّتِي يُرْجَمُ بها هي الْكَوَاكِبِ الثَّوَابِتِ بَلْ مِنْ غَيْرِ الثَّوَابِتِ، وَأَصْلُ الثُّقُوبِ الْإِضَاءَةُ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: ثَقَبَتِ النَّارُ تَثْقُبُ ثَقَابَةً وَثُقُوبًا: إِذَا اتَّقَدَتْ، وَهَذِهِ الْآيَةُ هِيَ كَقَوْلِهِ: إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ «١» فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا أَيِ: اسْأَلِ الْكُفَّارَ الْمُنْكِرِينَ لِلْبَعْثِ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا وَأَقْوَى أَجْسَامًا وَأَعْظَمُ أَعْضَاءً، أَمْ مَنْ خلقنا من السموات وَالْأَرْضِ وَالْمَلَائِكَةِ؟ قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى فَاسْأَلْهُمْ سُؤَالَ تَقْرِيرٍ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا: أَيْ أَحْكَمُ صَنْعَةً أَمْ مَنْ خَلَقْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ؟ يُرِيدُ أَنَّهُمْ لَيْسُوا بِأَحْكَمَ خَلْقًا مِنْ غَيْرِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ وَقَدْ أَهْلَكْنَاهُمْ بِالتَّكْذِيبِ فَمَا الَّذِي يُؤَمِّنُهُمْ مِنَ الْعَذَابِ؟ ثُمَّ ذَكَرَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ فَقَالَ: إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ أَيْ: إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ فِي ضِمْنِ خَلْقِ أَبِيهِمْ آدَمَ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ: أَيْ لَاصِقٍ، يُقَالُ لَزَبَ يَلْزُبُ لُزُوبًا:
إِذَا لَصِقَ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَابْنُ زَيْدٍ: اللَّازِبُ اللَّازِقُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: اللَّازِبُ اللَّزِجُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ:
اللَّازِبُ الْجَيِّدُ الَّذِي يُلْصَقُ بِالْيَدِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ اللَّازِمُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: طِينٌ لَازِبٌ وَلَازِمٌ تُبْدِلُ الْبَاءَ مِنَ الْمِيمِ، وَاللَّازِمُ الثَّابِتُ كَمَا يُقَالُ: صَارَ الشَّيْءُ ضَرْبَةَ لَازِبٍ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
لَا تَحْسَبُونَ الْخَيْرَ لَا شَرَّ بَعْدَهُ وَلَا تَحْسَبُونَ الشَّرَّ ضَرْبَةَ لَازِبٍ
وَحَكَى الْفَرَّاءُ عَنِ الْعَرَبِ: طِينٌ لَاتِبٌ بِمَعْنَى لَازِمٍ، وَاللَّاتِبُ: الثَّابِتُ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ. وَاللَّاتِبُ:
اللَّاصِقُ مِثْلُ اللَّازِبِ. وَالْمَعْنَى فِي الْآيَةِ: أن هؤلاء كيف يستبعدون المعاد وهم مخلقون من هذا الخلق الضيف
(١). الحجر: ١٨.
445
وَلَمْ يُنْكِرْهُ مَنْ هُوَ مَخْلُوقٌ خَلْقًا أَقْوَى مِنْهُمْ وَأَعْظَمَ وَأَكْمَلَ وَأَتَمَّ. وَقِيلَ اللَّازِبُ هُوَ الْمُنْتِنُ قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ.
قَرَأَ الْجُمْهُورُ أَمْ مَنْ خَلَقْنا بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَهِيَ أَمِ الْمُتَّصِلَةُ، وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ بِالتَّخْفِيفِ، وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ ثَانٍ عَلَى قِرَاءَتِهِ. قِيلَ: وَقَدْ قُرِئَ لَازِمٍ وَلَاتِبٍ، وَلَا أَدْرِي مَنْ قَرَأَ بِذَلِكَ. ثُمَّ أَضْرَبَ سُبْحَانَهُ عَنِ الْكَلَامِ السَّابِقِ فَقَالَ: بَلْ عَجِبْتَ يَا مُحَمَّدُ مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَيَسْخَرُونَ مِنْكَ بسبب تعجبك، أو يسخرون مِنْكَ بِمَا تَقُولُهُ مِنْ إِثْبَاتِ الْمَعَادِ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِفَتْحِ التَّاءِ مِنْ عَجِبْتَ عَلَى الْخِطَابِ للنبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِضَمِّهَا، وَرُوِيَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَاخْتَارَهَا أَبُو عُبَيْدٍ وَالْفَرَّاءُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: قَرَأَهَا النَّاسُ بِنَصْبِ التَّاءِ وَرَفْعِهَا، وَالرَّفْعُ أَحَبُّ إِلَيَّ لِأَنَّهَا عَنْ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ وَابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَالْعَجَبُ أَنْ أُسْنِدَ إِلَى اللَّهِ فَلَيْسَ مَعْنَاهُ مِنَ اللَّهِ كَمَعْنَاهُ مِنَ الْعِبَادِ. قَالَ الْهَرَوِيُّ: وَقَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ: مَعْنَى قَوْلِهِ: بَلْ عَجِبْتَ بَلْ جَازَيْتَهُمْ عَلَى عَجَبِهِمْ، لِأَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ عَنْهُمْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ بِالتَّعَجُّبِ مِنَ الْخَلْقِ كَمَا قَالَ: وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ «١» وقالوا: إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ «٢» أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ «٣» وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ: مَعْنَى الْقِرَاءَتَيْنِ وَاحِدٌ، وَالتَّقْدِيرُ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ بَلْ عَجِبْتُ لِأَنَّ النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ مُخَاطَبٌ بِالْقُرْآنِ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ وَإِضْمَارُ الْقَوْلِ كَثِيرٌ. وَقِيلَ: إِنَّ مَعْنَى الْإِخْبَارِ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عَنْ نَفْسِهِ بِالْعَجَبِ أَنَّهُ ظَهَرَ مِنْ أَمْرِهِ وَسُخْطِهِ عَلَى مَنْ كَفَرَ بِهِ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْعَجَبِ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ. قَالَ الْهَرَوِيُّ:
وَيُقَالُ مَعْنَى عَجِبَ رَبُّكُمْ: أَيْ رَضِيَ رَبُّكُمْ وَأَثَابَ، فَسَمَّاهُ عَجَبًا، وَلَيْسَ بِعَجَبٍ فِي الْحَقِيقَةِ، فَيَكُونُ مَعْنَى عَجِبْتَ هُنَا عَظُمَ فِعْلُهُمْ عِنْدِي. وَحَكَى النَّقَّاشُ أَنَّ مَعْنَى بَلْ عَجِبْتَ: بَلْ أَنْكَرْتَ. قَالَ الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ:
التَّعَجُّبُ مِنَ اللَّهِ إِنْكَارُ الشَّيْءِ وَتَعْظِيمُهُ، وَهُوَ لُغَةُ الْعَرَبِ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ: أَنَّهُ بَلَغَ فِي كَمَالِ قُدْرَتِهِ وَكَثْرَةِ مَخْلُوقَاتِهِ إِلَى حَيْثُ عُجِبَ مِنْهَا، وَهَؤُلَاءِ لِجَهْلِهِمْ يَسْخَرُونَ مِنْهَا، وَالْوَاوُ فِي وَيَسْخَرُونَ لِلْحَالِ أَيْ: بَلْ عَجِبْتَ وَالْحَالُ أَنَّهُمْ يَسْخَرُونَ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلِاسْتِئْنَافِ وَإِذا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ أَيْ: وَإِذَا وُعِظُوا بِمَوْعِظَةٍ مِنْ مَوَاعِظِ اللَّهِ أَوْ مَوَاعِظِ رَسُولِهِ لَا يَذْكُرُونَ، أَيْ: لَا يَتَّعِظُونَ بِهَا وَلَا يَنْتَفِعُونَ بِمَا فِيهَا. قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ:
أَيْ إِذَا ذُكِرَ لَهُمْ مَا حَلَّ بِالْمُكَذِّبِينَ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَهُمْ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَلَمْ يَتَدَبَّرُوا وَإِذا رَأَوْا آيَةً أَيْ مُعْجِزَةً مِنْ مُعْجِزَاتِ رَسُولِ الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ يَسْتَسْخِرُونَ أَيْ يُبَالِغُونَ فِي السُّخْرِيَةِ. قَالَ قَتَادَةُ: يَسْخَرُونَ وَيَقُولُونَ إِنَّهَا سُخْرِيَةٌ، يُقَالُ سَخِرَ وَاسْتَسْخَرَ بِمَعْنًى، مِثْلُ قَرَّ وَاسْتَقَرَّ، وَعَجِبَ وَاسْتَعْجَبَ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، لِأَنَّ زِيَادَةَ الْبِنَاءِ تَدُلُّ عَلَى زيادة المعنى. وقيل معنى يستسخرون: يستدعون السخرية مِنْ غَيْرِهِمْ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَسْتَهْزِئُونَ وَقالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ أَيْ: مَا هَذَا الَّذِي تَأْتِينَا بِهِ إِلَّا سِحْرٌ وَاضِحٌ ظَاهِرٌ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً الِاسْتِفْهَامُ لِلْإِنْكَارِ: أَيْ أَنُبْعَثُ إِذَا مِتْنَا؟ فَالْعَامِلُ فِي إِذَا هُوَ ما دلّ عليه أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ وهو أنبعث، لا نفس مَبْعُوثُونَ لِتَوَسُّطِ مَا يَمْنَعُ مِنْ عَمَلِهِ فِيهِ، وَهَذَا الْإِنْكَارُ لِلْبَعْثِ مِنْهُمْ هُوَ السَّبَبُ الَّذِي لِأَجْلِهِ كَذَّبُوا الرُّسُلَ وَمَا نَزَلَ عَلَيْهِمْ وَاسْتَهْزَءُوا بِمَا جَاءُوا بِهِ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ فِي مَوَاضِعَ أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ هو: مبتدأ، وخبره: محذوف، وَقِيلَ: مَعْطُوفٌ عَلَى مَحَلِّ إِنَّ وَاسْمِهَا، وَقِيلَ: على
(١). ص: ٤.
(٢). ص: ٥.
(٣). يونس: ٢.
446
والمراد ب﴿ الزاجرات ﴾ الفاعلات للزجر من الملائكة، إما لأنها تزجر السحاب كما قال السدّي، وإما لأنها تزجر عن المعاصي بالمواعظ والنصائح. وقال قتادة : المراد بالزاجرات : الزواجر من القرآن، وهي كل ما ينهى، ويزجر عن القبيح، والأوّل أولى. وانتصاب ﴿ صفا ﴾ و﴿ زجراً ﴾ على المصدرية لتأكيد ما قبلهما. وقيل : المراد بالزاجرات : العلماء لأنهم هم الذين يزجرون أهل المعاصي. والزجر في الأصل : الدفع بقوّة، وهو هنا قوّة التصويت، ومنه قول الشاعر :
زجر أبي عروة السباع إذا أشفق أن يختلطن بالغنم
ومنه زجرت الإبل والغنم : إذا أفزعتها بصوتك.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد الرزاق، والفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه من طرق عن ابن مسعود ﴿ والصافات صَفَّا ﴾ قال : الملائكة ﴿ فالزجرات زَجْراً ﴾ قال : الملائكة ﴿ فالتاليات ذِكْراً ﴾ قال : الملائكة. وأخرج عبد بن حميد، عن مجاهد وعكرمة مثله. وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس مثله. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه أنه كان يقرأ ﴿ لاَّ يَسمعُونَ إلى الملإ الأعلى ﴾ مخففة، وقال : إنهم كانوا يتسمعون، ولكن لا يسمعون. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ عَذابٌ وَاصِبٌ ﴾ قال : دائم. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في العظمة عنه أيضاً : إذا رمي الشهاب لم يخط من رمي به، وتلا ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾ قال : لا يقتلون بالشهاب ولا يموتون، ولكنها تحرق وتخبل وتجرح في غير قتل.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ مِن طين لاَّزِبٍ ﴾ قال : ملتصق. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ مّن طِينٍ لاَّزِبٍ ﴾ قال : اللزج الجيد. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : اللازب، والحمأ، والطين واحد : كان أوّله تراباً، ثم صار حمأ منتناً، ثم صار طيناً لازباً، فخلق الله منه آدم. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : اللازب الذي يلصق بعضه إلى بعض. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه عن ابن مسعود : أنه كان يقرأ ﴿ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخرُونَ ﴾ بالرفع للتاء من عجبت.

والمراد ب﴿ التاليات ذِكْراً ﴾ الملائكة التي تتلو القرآن كما قال ابن مسعود، وابن عباس، والحسن، ومجاهد، وابن جبير، والسدّي. وقيل المراد : جبريل وحده، فذكر بلفظ الجمع تعظيماً له مع أنه لا يخلو من أتباع له من الملائكة. وقال قتادة : المراد كل من تلا ذكر الله وكتبه. وقيل المراد : آيات القرآن، ووصفها بالتلاوة، وإن كانت متلوّة كما في قوله :﴿ إِنَّ هذا القرءان يَقُصُّ على بَنِى إسراءيل ﴾ [ النمل : ٧٦ ]. وقيل : لأن بعضها يتلو بعضاً، ويتبعه. وذكر الماوردي : أن التاليات هم الأنبياء يتلون الذكر على أممهم، وانتصاب ﴿ ذكراً ﴾ على أنه مفعول به، ويجوز أن يكون مصدراً كما قبله من قوله ﴿ صفاً ﴾ و﴿ زجراً ﴾.
قيل : وهذه الفاء في قوله :﴿ فالزاجرات ﴾، ﴿ فالتاليات ﴾ إما لترتب الصفات أنفسها في الوجود، أو لترتب موصوفاتها في الفضل، وفي الكلّ نظر.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد الرزاق، والفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه من طرق عن ابن مسعود ﴿ والصافات صَفَّا ﴾ قال : الملائكة ﴿ فالزجرات زَجْراً ﴾ قال : الملائكة ﴿ فالتاليات ذِكْراً ﴾ قال : الملائكة. وأخرج عبد بن حميد، عن مجاهد وعكرمة مثله. وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس مثله. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه أنه كان يقرأ ﴿ لاَّ يَسمعُونَ إلى الملإ الأعلى ﴾ مخففة، وقال : إنهم كانوا يتسمعون، ولكن لا يسمعون. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ عَذابٌ وَاصِبٌ ﴾ قال : دائم. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في العظمة عنه أيضاً : إذا رمي الشهاب لم يخط من رمي به، وتلا ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾ قال : لا يقتلون بالشهاب ولا يموتون، ولكنها تحرق وتخبل وتجرح في غير قتل.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ مِن طين لاَّزِبٍ ﴾ قال : ملتصق. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ مّن طِينٍ لاَّزِبٍ ﴾ قال : اللزج الجيد. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : اللازب، والحمأ، والطين واحد : كان أوّله تراباً، ثم صار حمأ منتناً، ثم صار طيناً لازباً، فخلق الله منه آدم. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : اللازب الذي يلصق بعضه إلى بعض. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه عن ابن مسعود : أنه كان يقرأ ﴿ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخرُونَ ﴾ بالرفع للتاء من عجبت.

وقوله :﴿ إِنَّ إلهكم لَوَاحِدٌ ﴾ جواب القسم، أي أقسم الله بهذه الأقسام إنه واحد ليس له شريك. وأجاز الكسائي فتح " إن " الواقعة في جواب القسم ﴿ رَبّ السموات والأرض ﴾ يجوز أن يكون خبراً ثانياً، وأن يكون بدلاً من ﴿ لواحد ﴾، وأن يكون خبر مبتدأ محذوف. قال ابن الأنباري : الوقف على ﴿ لواحد ﴾ وقف حسن.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد الرزاق، والفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه من طرق عن ابن مسعود ﴿ والصافات صَفَّا ﴾ قال : الملائكة ﴿ فالزجرات زَجْراً ﴾ قال : الملائكة ﴿ فالتاليات ذِكْراً ﴾ قال : الملائكة. وأخرج عبد بن حميد، عن مجاهد وعكرمة مثله. وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس مثله. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه أنه كان يقرأ ﴿ لاَّ يَسمعُونَ إلى الملإ الأعلى ﴾ مخففة، وقال : إنهم كانوا يتسمعون، ولكن لا يسمعون. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ عَذابٌ وَاصِبٌ ﴾ قال : دائم. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في العظمة عنه أيضاً : إذا رمي الشهاب لم يخط من رمي به، وتلا ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾ قال : لا يقتلون بالشهاب ولا يموتون، ولكنها تحرق وتخبل وتجرح في غير قتل.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ مِن طين لاَّزِبٍ ﴾ قال : ملتصق. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ مّن طِينٍ لاَّزِبٍ ﴾ قال : اللزج الجيد. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : اللازب، والحمأ، والطين واحد : كان أوّله تراباً، ثم صار حمأ منتناً، ثم صار طيناً لازباً، فخلق الله منه آدم. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : اللازب الذي يلصق بعضه إلى بعض. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه عن ابن مسعود : أنه كان يقرأ ﴿ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخرُونَ ﴾ بالرفع للتاء من عجبت.

ثم يبتدىء ﴿ ربّ السماوات والأرض ﴾ على معنى هو ربّ السماوات والأرض. قال النحاس : ويجوز أن يكون بدلاً من ﴿ لواحد ﴾. والمعنى في الآية : أن وجود هذه المخلوقات على هذا الشكل البديع من أوضح الدلائل على وجود الصانع وقدرته، وأنه ربّ ذلك كله، أي : خالقه، ومالكه. والمراد بما بينهما : ما بين السماوات والأرض من المخلوقات. والمراد ب﴿ المشارق ﴾ مشارق الشمس. قيل : إن الله سبحانه خلق للشمس كل يوم مشرقاً، ومغرباً بعدد أيام السنة، تطلع كل يوم من واحد منها، وتغرب من واحد، كذا قال ابن الأنباري، وابن عبد البرّ. وأما قوله في سورة الرحمن :﴿ رَبُّ المشرقين وَرَبُّ المغربين ﴾ [ الرحمن : ١٧ ] فالمراد بالمشرقين : أقصى مطلع تطلع منه الشمس في الأيام الطوال، وأقصر يوم في الأيام القصار، وكذلك في المغربين. وأما ذكر المشرق والمغرب بالإفراد، فالمراد به : الجهة التي تشرق منها الشمس، والجهة التي تغرب منها، ولعله قد تقدّم لنا في هذا كلام أوسع من هذا.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد الرزاق، والفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه من طرق عن ابن مسعود ﴿ والصافات صَفَّا ﴾ قال : الملائكة ﴿ فالزجرات زَجْراً ﴾ قال : الملائكة ﴿ فالتاليات ذِكْراً ﴾ قال : الملائكة. وأخرج عبد بن حميد، عن مجاهد وعكرمة مثله. وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس مثله. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه أنه كان يقرأ ﴿ لاَّ يَسمعُونَ إلى الملإ الأعلى ﴾ مخففة، وقال : إنهم كانوا يتسمعون، ولكن لا يسمعون. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ عَذابٌ وَاصِبٌ ﴾ قال : دائم. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في العظمة عنه أيضاً : إذا رمي الشهاب لم يخط من رمي به، وتلا ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾ قال : لا يقتلون بالشهاب ولا يموتون، ولكنها تحرق وتخبل وتجرح في غير قتل.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ مِن طين لاَّزِبٍ ﴾ قال : ملتصق. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ مّن طِينٍ لاَّزِبٍ ﴾ قال : اللزج الجيد. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : اللازب، والحمأ، والطين واحد : كان أوّله تراباً، ثم صار حمأ منتناً، ثم صار طيناً لازباً، فخلق الله منه آدم. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : اللازب الذي يلصق بعضه إلى بعض. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه عن ابن مسعود : أنه كان يقرأ ﴿ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخرُونَ ﴾ بالرفع للتاء من عجبت.

﴿ إِنَّا زَيَّنَّا السماء الدنيا بِزِينَةٍ الكواكب ﴾ المراد بالسماء الدنيا : التي تلي الأرض، من الدنوّ، وهو القرب، فهي أقرب السموات إلى الأرض. قرأ الجمهور ﴿ بزينة الكواكب ﴾ بإضافة زينة إلى الكواكب. والمعنى : زيناها بتزيين الكواكب، أي بحسنها. وقرأ مسروق، والأعمش، والنخعي، وحمزة بتنوين ﴿ زينة ﴾، وخفض ﴿ الكواكب ﴾ على أنها بدل من الزينة : على أن المراد بالزينة الاسم لا المصدر. والتقدير بعد طرح المبدل منه : إنا زينا السماء بالكواكب، فإن الكواكب في أنفسها زينة عظيمة ؛ فإنها في أعين الناظرين لها كالجواهر المتلألئة. وقرأ عاصم في رواية أبي بكر عنه بتنوين ﴿ زينة ﴾، ونصب ﴿ الكواكب ﴾ على أن الزينة مصدر، وفاعله محذوف. والتقدير : بأن الله زين الكواكب بكونها مضيئة حسنة في أنفسها، أو تكون الكواكب منصوبة بإضمار أعني، أو بدلاً من السماء بدل اشتمال، وانتصاب ﴿ حفظاً ﴾ على المصدرية بإضمار فعل، أي حفظناها حفظاً، أو على أنه مفعول لأجله، أي زيناها بالكواكب للحفظ، أو بالعطف على محل زينة كأنه قال : إنا خلقنا الكواكب زينة للسماء.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد الرزاق، والفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه من طرق عن ابن مسعود ﴿ والصافات صَفَّا ﴾ قال : الملائكة ﴿ فالزجرات زَجْراً ﴾ قال : الملائكة ﴿ فالتاليات ذِكْراً ﴾ قال : الملائكة. وأخرج عبد بن حميد، عن مجاهد وعكرمة مثله. وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس مثله. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه أنه كان يقرأ ﴿ لاَّ يَسمعُونَ إلى الملإ الأعلى ﴾ مخففة، وقال : إنهم كانوا يتسمعون، ولكن لا يسمعون. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ عَذابٌ وَاصِبٌ ﴾ قال : دائم. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في العظمة عنه أيضاً : إذا رمي الشهاب لم يخط من رمي به، وتلا ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾ قال : لا يقتلون بالشهاب ولا يموتون، ولكنها تحرق وتخبل وتجرح في غير قتل.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ مِن طين لاَّزِبٍ ﴾ قال : ملتصق. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ مّن طِينٍ لاَّزِبٍ ﴾ قال : اللزج الجيد. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : اللازب، والحمأ، والطين واحد : كان أوّله تراباً، ثم صار حمأ منتناً، ثم صار طيناً لازباً، فخلق الله منه آدم. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : اللازب الذي يلصق بعضه إلى بعض. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه عن ابن مسعود : أنه كان يقرأ ﴿ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخرُونَ ﴾ بالرفع للتاء من عجبت.

﴿ وَحِفْظاً مّن كُلّ شيطان مَارِدٍ ﴾ أي متمرّد خارج عن الطاعة يرمى بالكواكب، كقوله :﴿ وَلَقَدْ زَيَّنَّا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رُجُوماً للشياطين ﴾ [ الملك : ٥ ].
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد الرزاق، والفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه من طرق عن ابن مسعود ﴿ والصافات صَفَّا ﴾ قال : الملائكة ﴿ فالزجرات زَجْراً ﴾ قال : الملائكة ﴿ فالتاليات ذِكْراً ﴾ قال : الملائكة. وأخرج عبد بن حميد، عن مجاهد وعكرمة مثله. وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس مثله. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه أنه كان يقرأ ﴿ لاَّ يَسمعُونَ إلى الملإ الأعلى ﴾ مخففة، وقال : إنهم كانوا يتسمعون، ولكن لا يسمعون. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ عَذابٌ وَاصِبٌ ﴾ قال : دائم. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في العظمة عنه أيضاً : إذا رمي الشهاب لم يخط من رمي به، وتلا ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾ قال : لا يقتلون بالشهاب ولا يموتون، ولكنها تحرق وتخبل وتجرح في غير قتل.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ مِن طين لاَّزِبٍ ﴾ قال : ملتصق. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ مّن طِينٍ لاَّزِبٍ ﴾ قال : اللزج الجيد. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : اللازب، والحمأ، والطين واحد : كان أوّله تراباً، ثم صار حمأ منتناً، ثم صار طيناً لازباً، فخلق الله منه آدم. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : اللازب الذي يلصق بعضه إلى بعض. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه عن ابن مسعود : أنه كان يقرأ ﴿ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخرُونَ ﴾ بالرفع للتاء من عجبت.

وجملة ﴿ لا يَسمعُونَ إلى الملإ الأعلى ﴾ مستأنفة لبيان حالهم بعد حفظ السماء منهم. وقال أبو حاتم : أي لئلا يسمعوا، ثم حذف " إن " فرفع الفعل، وكذا قال الكلبي، والملأ الأعلى : أهل السماء الدنيا فما فوقها، وسمى الكلّ منهم أعلى بإضافته إلى ملإ الأرض، والضمير في ﴿ يسمعون ﴾ إلى الشياطين. وقيل : إن جملة ﴿ لا يسمعون ﴾ صفة لكل شيطان، وقيل : جواباً عن سؤال مقدّر كأنه قيل : فما كان حالهم بعد حفظ السماء عنهم ؟ فقال :﴿ لاَ يَسْمَعُونَ إِلا الملإ الأعلى ﴾ قرأ الجمهور ﴿ يسمعون ﴾ بسكون السين، وتخفيف الميم. وقرأ حمزة، والكسائي، وعاصم في رواية حفص عنه بتشديد الميم والسين، والأصل يتسمعون، فأدغم التاء في السين، فالقراءة الأولى تدلّ على انتفاء سماعهم دون استماعهم، والقراءة الثانية تدلّ على انتفائهما، وفي معنى القراءة الأولى قوله تعالى :﴿ إِنَّهُمْ عَنِ السمع لَمَعْزُولُونَ ﴾ [ الشعراء : ٢١٢ ] قال مجاهد : كانوا يتسمعون، ولكن لا يسمعون. واختار أبو عبيدة القراءة الثانية، قال : لأن العرب لا تكاد تقول : سمعت إليه، وتقول : تسمعت إليه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد الرزاق، والفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه من طرق عن ابن مسعود ﴿ والصافات صَفَّا ﴾ قال : الملائكة ﴿ فالزجرات زَجْراً ﴾ قال : الملائكة ﴿ فالتاليات ذِكْراً ﴾ قال : الملائكة. وأخرج عبد بن حميد، عن مجاهد وعكرمة مثله. وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس مثله. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه أنه كان يقرأ ﴿ لاَّ يَسمعُونَ إلى الملإ الأعلى ﴾ مخففة، وقال : إنهم كانوا يتسمعون، ولكن لا يسمعون. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ عَذابٌ وَاصِبٌ ﴾ قال : دائم. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في العظمة عنه أيضاً : إذا رمي الشهاب لم يخط من رمي به، وتلا ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾ قال : لا يقتلون بالشهاب ولا يموتون، ولكنها تحرق وتخبل وتجرح في غير قتل.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ مِن طين لاَّزِبٍ ﴾ قال : ملتصق. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ مّن طِينٍ لاَّزِبٍ ﴾ قال : اللزج الجيد. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : اللازب، والحمأ، والطين واحد : كان أوّله تراباً، ثم صار حمأ منتناً، ثم صار طيناً لازباً، فخلق الله منه آدم. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : اللازب الذي يلصق بعضه إلى بعض. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه عن ابن مسعود : أنه كان يقرأ ﴿ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخرُونَ ﴾ بالرفع للتاء من عجبت.

﴿ وَيُقْذَفُونَ مِن كُلّ جَانِبٍ * دُحُوراً ﴾ أي يرمون من كلّ جانب من جوانب السماء بالشهب إذا أرادوا الصعود لاستراق السمع، وانتصاب ﴿ دحوراً ﴾ على أنه مفعول لأجله. والدحور : الطرد، تقول : دحرته دحراً، ودحوراً : طردته. قرأ الجمهور ﴿ دحوراً ﴾ بضم الدال، وقرأ عليّ، والسلمي، ويعقوب الحضرمي، وابن أبي عبلة بفتحها. وروي عن أبي عمرو : أنه قرأ ﴿ يقذفون ﴾ مبنياً للفاعل، وهي قراءة غير مطابقة لما هو المراد من النظم القرآني، وقيل : إن انتصاب ﴿ دحوراً ﴾ على الحال، أي مدحورين، وقيل : هو جمع داحر نحو قاعد وقعود، فيكون حالاً أيضاً. وقيل : إنه مصدر لمقدّر، أي يدحرون دحوراً. وقال الفراء : إن المعنى يقذفون بما يدحرهم، أي بدحور، ثم حذفت الباء، فانتصب بنزع الخافض.
واختلف هل كان هذا الرمي لهم بالشهب قبل المبعث أو بعده ؟ فقال بالأوّل طائفة. وبالآخر آخرون. وقالت طائفة بالجمع بين القولين : إن الشياطين لم تكن ترمى قبل المبعث رمياً يقطعها عن السمع، ولكن كانت ترمى وقتاً، ولا ترمي وقتاً آخر، وترمي من جانب، ولا ترمي من جانب آخر، ثم بعد المبعث رميت في كلّ وقت، ومن كلّ جانب حتى صارت لا تقدر على استراق شيء من السمع إلا من اختطف الخطفة، فأتبعه شهاب ثاقب، ومعنى ﴿ وَلَهُمْ عَذابٌ وَاصِبٌ ﴾ ولهم عذاب دائم لا ينقطع، والمراد به : العذاب في الآخرة غير العذاب الذي لهم في الدنيا من الرمي بالشهب. وقال مقاتل : يعني دائماً إلى النفخة الأولى، والأوّل أولى. وقد ذهب جمهور المفسرين إلى أن الواصب : الدائم. وقال السدّي، وأبو صالح، والكلبي : هو الموجع الذي يصل وجعه إلى القلب، مأخوذ من الوصب، وهو : المرض، وقيل : هو الشديد.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد الرزاق، والفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه من طرق عن ابن مسعود ﴿ والصافات صَفَّا ﴾ قال : الملائكة ﴿ فالزجرات زَجْراً ﴾ قال : الملائكة ﴿ فالتاليات ذِكْراً ﴾ قال : الملائكة. وأخرج عبد بن حميد، عن مجاهد وعكرمة مثله. وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس مثله. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه أنه كان يقرأ ﴿ لاَّ يَسمعُونَ إلى الملإ الأعلى ﴾ مخففة، وقال : إنهم كانوا يتسمعون، ولكن لا يسمعون. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ عَذابٌ وَاصِبٌ ﴾ قال : دائم. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في العظمة عنه أيضاً : إذا رمي الشهاب لم يخط من رمي به، وتلا ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾ قال : لا يقتلون بالشهاب ولا يموتون، ولكنها تحرق وتخبل وتجرح في غير قتل.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ مِن طين لاَّزِبٍ ﴾ قال : ملتصق. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ مّن طِينٍ لاَّزِبٍ ﴾ قال : اللزج الجيد. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : اللازب، والحمأ، والطين واحد : كان أوّله تراباً، ثم صار حمأ منتناً، ثم صار طيناً لازباً، فخلق الله منه آدم. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : اللازب الذي يلصق بعضه إلى بعض. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه عن ابن مسعود : أنه كان يقرأ ﴿ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخرُونَ ﴾ بالرفع للتاء من عجبت.

والاستثناء في قوله :﴿ إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الخطفة ﴾ هو من قوله :﴿ لاَ يَسْمَعُونَ ﴾، أو من قوله :﴿ وَيَقْذِفُونَ ﴾.
وقيل : الاستثناء راجع إلى غير الوحي لقوله :﴿ إِنَّهُمْ عَنِ السمع لَمَعْزُولُونَ ﴾ [ الشعراء : ٢١٢ ] بل يخطف الواحد منهم خطفة مما يتفاوض فيه الملائكة، ويدور بينهم مما سيكون في العالم قبل أن يعلمه أهل الأرض. والخطف : الاختلاس مسارقة، وأخذ الشيء بسرعة. قرأ الجمهور ﴿ خطف ﴾ بفتح الخاء، وكسر الطاء مخففة، وقرأ قتادة، والحسن بكسرهما، وتشديد الطاء، وهي لغة تميم بن مرّ، وبكر بن وائل. وقرأ عيسى بن عمر بفتح الخاء، وكسر الطاء مشددة. وقرأ ابن عباس بكسرهما مع تخفيف الطاء، وقيل : إن الاستثناء منقطع ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾ أي لحقه، وتبعه شهاب ثاقب : نجم مضيء فيحرقه، وربما لا يحرقه فيلقي إلى إخوانه ما خطفه، وليست الشهب التي يرجم بها هي من الكواكب الثوابت بل من غير الثوابت، وأصل الثقوب : الإضاءة. قال الكسائي : ثقبت النار تثقب ثقابة، وثقوباً : إذا اتقدت، وهذه الآية هي كقوله :﴿ إِلاَّ مَنِ استرق السمع فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ ﴾ [ الحجر : ١٨ ].
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد الرزاق، والفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه من طرق عن ابن مسعود ﴿ والصافات صَفَّا ﴾ قال : الملائكة ﴿ فالزجرات زَجْراً ﴾ قال : الملائكة ﴿ فالتاليات ذِكْراً ﴾ قال : الملائكة. وأخرج عبد بن حميد، عن مجاهد وعكرمة مثله. وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس مثله. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه أنه كان يقرأ ﴿ لاَّ يَسمعُونَ إلى الملإ الأعلى ﴾ مخففة، وقال : إنهم كانوا يتسمعون، ولكن لا يسمعون. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ عَذابٌ وَاصِبٌ ﴾ قال : دائم. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في العظمة عنه أيضاً : إذا رمي الشهاب لم يخط من رمي به، وتلا ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾ قال : لا يقتلون بالشهاب ولا يموتون، ولكنها تحرق وتخبل وتجرح في غير قتل.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ مِن طين لاَّزِبٍ ﴾ قال : ملتصق. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ مّن طِينٍ لاَّزِبٍ ﴾ قال : اللزج الجيد. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : اللازب، والحمأ، والطين واحد : كان أوّله تراباً، ثم صار حمأ منتناً، ثم صار طيناً لازباً، فخلق الله منه آدم. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : اللازب الذي يلصق بعضه إلى بعض. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه عن ابن مسعود : أنه كان يقرأ ﴿ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخرُونَ ﴾ بالرفع للتاء من عجبت.

﴿ فاستفتهم أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَا ﴾ أي اسأل الكفار المنكرين للبعث أهم أشدّ خلقاً، وأقوى أجساماً، وأعظم أعضاء، أم من خلقنا من السماوات والأرض والملائكة ؟ قال الزجاج : المعنى فاسألهم سؤال تقرير أهم أشدّ خلقاً، أي أحكم صنعة أم من خلقنا قبلهم من الأمم السالفة ؟ يريد أنهم ليسوا بأحكم خلقاً من غيرهم من الأمم، وقد أهلكناهم بالتكذيب فما الذي يؤمنهم من العذاب ؟ ثم ذكر خلق الإنسان، فقال :﴿ إِنَّا خلقناهم مّن طِينٍ لاَّزِبٍ ﴾ أي إنا خلقناهم في ضمن خلق أبيهم آدم من طين لازب، أي لاصق، يقال : لزب يلزب لزوباً : إذا لصق. وقال قتادة، وابن زيد : اللازب : اللازق. وقال عكرمة : اللازب : اللزج. وقال سعيد بن جبير : اللازب : الجيد الذي يلصق باليد. وقال مجاهد : هو اللازم، والعرب تقول : طين لازب، ولازم تبدل الباء من الميم، واللازم : الثابت كما يقال : صار الشيء ضربة لازب، ومنه قول النابغة :
ولا تحسبون الخير لا شرّ بعده ولا تحسبون الشرّ ضربة لازب
وحكى الفراء عن العرب : طين لاتب بمعنى : لازم، واللاتب الثابت. قال الأصمعي : واللاتب اللاصق مثل اللازب. والمعنى في الآية : أن هؤلاء كيف يستبعدون المعاد، وهم مخلقون من هذا الخلق الضعيف، ولم ينكره من هو مخلوق خلقاً أقوى منهم، وأعظم وأكمل وأتمّ. وقيل اللازب هو المنتن قاله مجاهد والضحاك. قرأ الجمهور ﴿ أم من خلقنا ﴾ بتشديد الميم، وهي : أم المتصلة، وقرأ الأعمش بالتخفيف، وهو استفهام ثان على قراءته. قيل : وقد قرئ لازم ولاتب، ولا أدري من قرأ بذلك.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد الرزاق، والفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه من طرق عن ابن مسعود ﴿ والصافات صَفَّا ﴾ قال : الملائكة ﴿ فالزجرات زَجْراً ﴾ قال : الملائكة ﴿ فالتاليات ذِكْراً ﴾ قال : الملائكة. وأخرج عبد بن حميد، عن مجاهد وعكرمة مثله. وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس مثله. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه أنه كان يقرأ ﴿ لاَّ يَسمعُونَ إلى الملإ الأعلى ﴾ مخففة، وقال : إنهم كانوا يتسمعون، ولكن لا يسمعون. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ عَذابٌ وَاصِبٌ ﴾ قال : دائم. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في العظمة عنه أيضاً : إذا رمي الشهاب لم يخط من رمي به، وتلا ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾ قال : لا يقتلون بالشهاب ولا يموتون، ولكنها تحرق وتخبل وتجرح في غير قتل.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ مِن طين لاَّزِبٍ ﴾ قال : ملتصق. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ مّن طِينٍ لاَّزِبٍ ﴾ قال : اللزج الجيد. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : اللازب، والحمأ، والطين واحد : كان أوّله تراباً، ثم صار حمأ منتناً، ثم صار طيناً لازباً، فخلق الله منه آدم. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : اللازب الذي يلصق بعضه إلى بعض. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه عن ابن مسعود : أنه كان يقرأ ﴿ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخرُونَ ﴾ بالرفع للتاء من عجبت.

ثم أضرب سبحانه عن الكلام السابق، فقال :﴿ بَلْ عَجِبْتَ ﴾ يا محمد من قدرة الله سبحانه ﴿ وَيَسْخُرُونَ ﴾ منك بسبب تعجبك، أو ويسخرون منك بما تقوله من إثبات المعاد.
قرأ الجمهور بفتح التاء من ﴿ عجبت ﴾ على الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم. وقرأ حمزة والكسائي بضمها. ورويت هذه القراءة عن عليّ، وابن مسعود، وابن عباس، واختارها أبو عبيد، والفراء. قال الفراء : قرأها الناس بنصب التاء ورفعها، والرفع أحبّ إليّ ؛ لأنها عن عليّ، وعبد الله، وابن عباس. قال : والعجب أن أسند إلى الله، فليس معناه من الله كمعناه من العباد. قال الهروي : وقال بعض الأئمة : معنى قوله :﴿ بَلْ عَجِبْتَ ﴾ بل جازيتهم على عجبهم ؛ لأن الله أخبر عنهم في غير موضع بالتعجب من الخلق كما قال :﴿ وَعَجِبُواْ أَن جَاءهُم مٌّنذِرٌ مّنْهُمْ ﴾ [ ص : ٤ ] وقالوا :﴿ إِنَّ هذا لَشَىْء عُجَابٌ ﴾ [ ص : ٥ ] ﴿ أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إلى رَجُلٍ مّنْهُمْ ﴾ [ يونس : ٢ ] وقال عليّ بن سليمان : معنى القراءتين واحد، والتقدير : قل يا محمد بل عجبت ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم مخاطب بالقرآن. قال النحاس : وهذا قول حسن، وإضمار القول كثير. وقيل : إن معنى الإخبار من الله سبحانه عن نفسه بالعجب أنه ظهر من أمره، وسخطه على من كفر به ما يقوم مقام العجب من المخلوقين. قال الهروي : ويقال : معنى عجب ربكم، أي رضي ربكم وأثاب، فسماه عجباً، وليس بعجب في الحقيقة، فيكون معنى ﴿ عجبت ﴾ هنا : عظم فعلهم عندي. وحكى النقاش : أن معنى ﴿ بل عجبت ﴾ بل أنكرت. قال الحسن بن الفضل : التعجب من الله : إنكار الشيء وتعظيمه، وهو لغة العرب، وقيل معناه : أنه بلغ في كمال قدرته، وكثرة مخلوقاته إلى حيث عجب منها، وهؤلاء لجهلهم يسخرون منها، والواو في ﴿ وَيَسْخُرُونَ ﴾ للحال، أي بل عجبت، والحال أنهم يسخرون، ويجوز أن تكون للاستئناف.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد الرزاق، والفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه من طرق عن ابن مسعود ﴿ والصافات صَفَّا ﴾ قال : الملائكة ﴿ فالزجرات زَجْراً ﴾ قال : الملائكة ﴿ فالتاليات ذِكْراً ﴾ قال : الملائكة. وأخرج عبد بن حميد، عن مجاهد وعكرمة مثله. وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس مثله. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه أنه كان يقرأ ﴿ لاَّ يَسمعُونَ إلى الملإ الأعلى ﴾ مخففة، وقال : إنهم كانوا يتسمعون، ولكن لا يسمعون. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ عَذابٌ وَاصِبٌ ﴾ قال : دائم. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في العظمة عنه أيضاً : إذا رمي الشهاب لم يخط من رمي به، وتلا ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾ قال : لا يقتلون بالشهاب ولا يموتون، ولكنها تحرق وتخبل وتجرح في غير قتل.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ مِن طين لاَّزِبٍ ﴾ قال : ملتصق. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ مّن طِينٍ لاَّزِبٍ ﴾ قال : اللزج الجيد. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : اللازب، والحمأ، والطين واحد : كان أوّله تراباً، ثم صار حمأ منتناً، ثم صار طيناً لازباً، فخلق الله منه آدم. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : اللازب الذي يلصق بعضه إلى بعض. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه عن ابن مسعود : أنه كان يقرأ ﴿ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخرُونَ ﴾ بالرفع للتاء من عجبت.

﴿ وَإِذَا ذُكّرُواْ لاَ يَذْكُرُونَ ﴾ أي وإذا وعظوا بموعظة من مواعظ الله، أو مواعظ رسوله لا يذكرون، أي لا يتعظون بها، ولا ينتفعون بما فيها. قال سعيد بن المسيب : أي إذا ذكر لهم ما حلّ بالمكذبين ممن كان قبلهم أعرضوا عنه ولم يتدبروا.
﴿ وَإِذَا رَأَوْاْ ءايَةً ﴾ أي معجزة من معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿ يَسْتَسْخِرُونَ ﴾ أي يبالغون في السخرية. قال قتادة : يسخرون، ويقولون إنها سخرية، يقال : سخر، واستسخر بمعنى : مثل قرّ واستقرّ، وعجب واستعجب. والأوّل أولى، لأن زيادة البناء تدلّ على زيادة المعنى. وقيل معنى ﴿ يستسخرون ﴾ يستدعون السخرى من غيرهم. وقال مجاهد : يستهزئون.
﴿ وَقَالُواْ إِن هذا إِلاَّ سِحْرٌ مبِينٌ ﴾ أي ما هذا الذي تأتينا به إلا سحر واضح ظاهر.
﴿ أَءذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وعظاما ﴾ الاستفهام للإنكار، أي أنبعث إذا متنا ؟، فالعامل في " إذا " هو ما دلّ عليه ﴿ أَءنَّا لَمَبْعُوثُونَ ﴾ وهو أنبعث، لا نفس مبعوثون، لتوسط ما يمنع من عمله فيه، وهذا الإنكار للبعث منهم هو السبب الذي لأجله كذبوا الرسل، وما نزل عليهم، واستهزؤوا بما جاءوا به من المعجزات، وقد تقدّم تفسير معنى هذه الآية في مواضع.
﴿ أَوَ ءابَاؤُنَا الأولون ﴾ هو مبتدأ وخبره محذوف، أي أو آباؤنا الأوّلون مبعوثون، وقيل : معطوف على محل إن واسمها، وقيل : على الضمير في ﴿ مبعوثون ﴾ لوقوع الفصل بينهما، والهمزة للإنكار داخلة على حرف العطف، ولهذا قرأ الجمهور بفتح الواو، وقرأ ابن عامر، وقالون بسكونها على أن، ﴿ أو ﴾ هي العاطفة، وليست الهمزة للاستفهام.
ثم أمر الله سبحانه رسوله بأن يجيب عنهم تبكيتاً لهم، فقال :﴿ قُلْ نَعَمْ وَأَنتُمْ داخرون ﴾ أي نعم تبعثون، وأنتم صاغرون ذليلون. قال الواحدي : والدخور أشدّ الصغار، وجملة ﴿ وأنتم داخرون ﴾ في محل نصب على الحال.
ثم ذكر سبحانه أن بعثهم يقع بزجرة واحدة، فقال :﴿ فَإِنَّمَا هِىَ زَجْرَةٌ واحدة ﴾ الضمير للقصة أو البعثة المفهومة مما قبلها، أي إنما قصة البعث، أو البعثة زجرة واحدة، أي صيحة واحدة من إسرافيل بنفخه في الصور عند البعث ﴿ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ ﴾ أي يبصرون ما يفعل الله بهم من العذاب. وقال الحسن : هي النفخة الثانية، وسميت الصيحة زجرة ؛ لأن المقصود منها الزجر، وقيل : معنى ﴿ ينظرون ﴾ ينتظرون ما يفعل بهم. والأوّل أولى.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد الرزاق، والفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه من طرق عن ابن مسعود ﴿ والصافات صَفَّا ﴾ قال : الملائكة ﴿ فالزجرات زَجْراً ﴾ قال : الملائكة ﴿ فالتاليات ذِكْراً ﴾ قال : الملائكة. وأخرج عبد بن حميد، عن مجاهد وعكرمة مثله. وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس مثله. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه أنه كان يقرأ ﴿ لاَّ يَسمعُونَ إلى الملإ الأعلى ﴾ مخففة، وقال : إنهم كانوا يتسمعون، ولكن لا يسمعون. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ عَذابٌ وَاصِبٌ ﴾ قال : دائم. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في العظمة عنه أيضاً : إذا رمي الشهاب لم يخط من رمي به، وتلا ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾ قال : لا يقتلون بالشهاب ولا يموتون، ولكنها تحرق وتخبل وتجرح في غير قتل.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ مِن طين لاَّزِبٍ ﴾ قال : ملتصق. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ مّن طِينٍ لاَّزِبٍ ﴾ قال : اللزج الجيد. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : اللازب، والحمأ، والطين واحد : كان أوّله تراباً، ثم صار حمأ منتناً، ثم صار طيناً لازباً، فخلق الله منه آدم. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : اللازب الذي يلصق بعضه إلى بعض. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه عن ابن مسعود : أنه كان يقرأ ﴿ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخرُونَ ﴾ بالرفع للتاء من عجبت.

الضَّمِيرِ فِي مَبْعُوثُونَ لِوُقُوعِ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا وَالْهَمْزَةُ لِلْإِنْكَارِ دَاخِلَةٌ عَلَى حَرْفِ الْعَطْفِ، وَلِهَذَا قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِفَتْحِ الْوَاوِ، وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَقَالُونُ بِسُكُونِهَا عَلَى أَنَّ أَوْ هِيَ الْعَاطِفَةُ، وَلَيْسَتِ الْهَمْزَةُ لِلِاسْتِفْهَامِ، ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ رَسُولَهُ بِأَنْ يُجِيبَ عَنْهُمْ تَبْكِيتًا لَهُمْ، فَقَالَ: قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ أَيْ: نَعَمْ تُبْعَثُونَ، وَأَنْتُمْ صَاغِرُونَ ذَلِيلُونَ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: وَالدُّخُورُ أَشَدُّ الصَّغَارِ، وَجُمْلَةُ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ. ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ بَعْثَهُمْ يَقَعُ بِزَجْرَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَالَ: فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ الضَّمِيرُ لِلْقِصَّةِ أَوِ الْبِعْثَةِ الْمَفْهُومَةِ مِمَّا قَبْلَهَا، أَيْ: إِنَّمَا قِصَّةُ الْبَعْثِ أَوِ الْبِعْثَةِ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ، أَيْ: صَيْحَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ إِسْرَافِيلَ بِنَفْخِهِ فِي الصُّورِ عِنْدَ الْبَعْثِ فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ أَيْ: يُبْصِرُونَ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هِيَ النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ، وَسُمِّيَتِ الصَّيْحَةُ زَجْرَةً، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الزَّجْرُ، وَقِيلَ مَعْنَى يَنْظُرُونَ: يَنْتَظِرُونَ مَا يُفْعَلُ بِهِمْ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَالْفِرْيَابِيُّ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَالصَّافَّاتِ صَفًّا قَالَ: الْمَلَائِكَةُ فَالزَّاجِراتِ زَجْراً قَالَ: الْمَلَائِكَةُ فَالتَّالِياتِ ذِكْراً قَالَ: الْمَلَائِكَةُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ مِثْلَهُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الْعَظَمَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى مُخَفَّفَةً. وَقَالَ: إِنَّهُمْ كَانُوا يَتَسَمَّعُونَ وَلَكِنْ لَا يَسْمَعُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: عَذابٌ واصِبٌ قَالَ: دَائِمٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الْعَظَمَةِ عنه أيضا إذا رمي الشهاب لم يخطئ من رمي به وتلا فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ أَيْضًا فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ قَالَ: لَا يُقْتَلُونَ بِالشِّهَابِ وَلَا يَمُوتُونَ، وَلَكِنَّهَا تُحْرَقُ، وَتُخْبَلُ، وَتُجْرَحُ فِي غَيْرِ قَتْلٍ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: مِنْ طِينٍ لازِبٍ قَالَ: مُلْتَصِقٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ أَيْضًا مِنْ طِينٍ لازِبٍ قَالَ: اللَّزِجُ الْجَيِّدُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: اللَّازِبُ، وَالْحَمَأُ، وَالطِّينُ وَاحِدٌ: كَانَ أَوَّلُهُ تُرَابًا ثُمَّ صَارَ حَمَأً مُنْتِنًا، ثُمَّ صَارَ طِينًا لَازِبًا، فَخَلَقَ اللَّهُ مِنْهُ آدَمَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: اللَّازِبُ الَّذِي يَلْصَقُ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ. وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ بِالرَّفْعِ لِلتَّاءِ من عجبت.
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٢٠ الى ٤٩]
وَقالُوا يَا وَيْلَنا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ (٢٠) هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢١) احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ (٢٣) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (٢٤)
مَا لَكُمْ لَا تَناصَرُونَ (٢٥) بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (٢٦) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٢٧) قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ (٢٨) قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٢٩)
وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ (٣٠) فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ (٣١) فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ (٣٢) فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ (٣٣) إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (٣٤)
إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (٣٥) وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ (٣٦) بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (٣٧) إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ (٣٨) وَما تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٣٩)
إِلاَّ عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (٤٠) أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ (٤١) فَواكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ (٤٢) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٤٣) عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (٤٤)
يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (٤٥) بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (٤٦) لَا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ (٤٧) وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ (٤٨) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (٤٩)
447
قَوْلُهُ: وَقالُوا يَا وَيْلَنا أَيْ: قَالَ أُولَئِكَ الْمَبْعُوثُونَ لَمَّا عَايَنُوا الْبَعْثَ الَّذِي كَانُوا يُكَذِّبُونَ بِهِ فِي الدُّنْيَا:
يَا وَيْلَنَا، دَعَوْا بِالْوَيْلِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ. قَالَ الزَّجَّاجُ: الْوَيْلُ كَلِمَةٌ يَقُولُهَا الْقَائِلُ وَقْتَ الْهَلَكَةِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: إِنَّ أَصْلَهُ ياوي لَنَا، وَوَيْ بِمَعْنَى الْحُزْنِ كَأَنَّهُ قَالَ: يَا حُزْنُ لَنَا. قَالَ النَّحَّاسُ: وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ لَكَانَ مُنْفَصِلًا، وَهُوَ فِي الْمُصْحَفِ مُتَّصِلٌ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا يَكْتُبُهُ إِلَّا مُتَّصِلًا، وَجُمْلَةُ هَذَا يَوْمُ الدِّينِ تَعْلِيلٌ لِدُعَائِهِمْ بِالْوَيْلِ عَلَى أنفسهم، والدين الْجَزَاءُ، فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي نُجَازَى فِيهِ بِأَعْمَالِنَا مِنَ الْكُفْرِ وَالتَّكْذِيبِ لِلرُّسُلِ فَأَجَابَ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ بِقَوْلِهِمْ: هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، وَالْفَصْلُ الْحُكْمُ وَالْقَضَاءُ لِأَنَّهُ يُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ الْمُحْسِنِ وَالْمُسِيءِ، وَقَوْلُهُ: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ هُوَ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لِلْمَلَائِكَةِ بِأَنْ يَحْشُرُوا الْمُشْرِكِينَ وَأَزْوَاجَهُمْ، وَهُمْ أَشْبَاهُهُمْ فِي الشِّرْكِ، وَالْمُتَابِعُونَ لَهُمْ فِي الْكُفْرِ، وَالْمُشَايِعُونَ لَهُمْ فِي تَكْذِيبِ الرُّسُلِ، كَذَا قَالَ قَتَادَةُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ: الْمُرَادُ بِأَزْوَاجِهِمْ نِسَاؤُهُمُ الْمُشْرِكَاتُ الْمُوَافِقَاتُ لَهُمْ عَلَى الْكُفْرِ وَالظُّلْمِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: أَزْوَاجُهُمْ قُرَنَاؤُهُمْ مِنَ الشَّيَاطِينِ يُحْشَرُ كُلُّ كَافِرٍ مَعَ شَيْطَانِهِ، وَبِهِ قَالَ مُقَاتِلٌ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنَ الْأَصْنَامِ وَالشَّيَاطِينِ، وَهَذَا الْعُمُومُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ مَا الْمَوْصُولَةِ، فَإِنَّهَا عِبَارَةٌ عَنِ الْمَعْبُودِينَ، لَا عَنِ الْعَابِدِينَ كَمَا قِيلَ مَخْصُوصٌ، لِأَنَّ مِنْ طَوَائِفِ الْكُفَّارِ مَنْ عَبَدَ الْمَسِيحَ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَبَدَ الْمَلَائِكَةَ فَيَخْرُجُونَ بِقَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ «١» وَوَجْهُ حَشْرِ الْأَصْنَامِ مَعَ كَوْنِهَا جَمَادَاتٍ لَا تَعْقِلُ هُوَ زِيَادَةُ التَّبْكِيتِ لِعَابِدِيهَا وَتَخْجِيلُهُمْ وَإِظْهَارُ أَنَّهَا لَا تَنْفَعُ وَلَا تَضُرُّ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ أَيْ عَرِّفُوا هَؤُلَاءِ الْمَحْشُورِينَ طَرِيقَ النَّارِ وَسُوقُوهُمْ إِلَيْهَا، يُقَالُ هَدَيْتُهُ الطَّرِيقَ وَهَدَيْتُهُ إِلَيْهَا: أَيْ دَلَلْتُهُ عَلَيْهَا، وَفِي هَذَا تَهَكُّمٌ بهم وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ أَيِ احْبِسُوهُمْ، يُقَالُ وَقَفْتُ الدَّابَّةَ أَقِفُهَا وَقْفًا فَوَقَفَتْ هِيَ وُقُوفًا يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى، وَهَذَا الْحَبْسُ لَهُمْ يَكُونُ قَبْلَ السَّوْقِ إِلَى جَهَنَّمَ: أي وقوفهم لِلْحِسَابِ ثُمَّ سُوقُوهُمْ إِلَى النَّارِ بَعْدَ ذَلِكَ، وجملة إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ تعليل للجملة الأولى. قال الكلبي: أي: مسؤولون عَنْ أَعْمَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: عَنْ خَطَايَاهُمْ، وَقِيلَ: عَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَقِيلَ: عَنْ ظُلْمِ الْعِبَادِ، وَقِيلَ: هَذَا السُّؤَالُ هُوَ الْمَذْكُورُ بَعْدَ هَذَا بِقَوْلِهِ: مَا لَكُمْ لَا تَناصَرُونَ أَيْ: أَيُّ شَيْءٍ لَكُمْ لَا يَنْصُرُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا كَمَا كُنْتُمْ فِي الدُّنْيَا، وَهَذَا تَوْبِيخٌ لَهُمْ وَتَقْرِيعٌ وَتَهَكُّمٌ بِهِمْ، وَأَصْلُهُ تتناصر وفطرحت إحدى التاءين تخفيفا. قرأ
(١). الأنبياء: ١٠١.
448
الجمهور إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، وَقَرَأَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ بِفَتْحِهَا. قَالَ الْكِسَائِيُّ: أَيْ لِأَنَّهُمْ أَوْ بِأَنَّهُمْ، وَقِيلَ: الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ مَا لَكُمْ لَا تَناصَرُونَ إِلَى قَوْلِ أَبِي جَهْلٍ يَوْمَ بَدْرٍ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ «١» ثُمَّ أَضْرَبَ سُبْحَانَهُ عَمَّا تَقَدَّمَ إِلَى بَيَانِ الْحَالَةِ الَّتِي هُمْ عَلَيْهَا هُنَالِكَ فَقَالَ: بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ أَيْ:
مُنْقَادُونَ لِعَجْزِهِمْ عَنِ الْحِيلَةِ. قَالَ قَتَادَةُ: مُسْتَسْلِمُونَ فِي عَذَابِ اللَّهِ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: مُلْقُونَ بِأَيْدِيهِمْ، يُقَالُ اسْتَسْلَمَ لِلشَّيْءِ: إِذَا انْقَادَ لَهُ وَخَضَعَ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ أَيْ: أَقْبَلَ بَعْضُ الْكُفَّارِ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ. قِيلَ: هُمُ الْأَتْبَاعُ وَالرُّؤَسَاءُ يَسْأَلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُؤَالَ تَوْبِيخٍ وَتَقْرِيعٍ وَمُخَاصَمَةٍ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ قَوْلُ الْكُفَّارِ لِلشَّيَاطِينِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: هُوَ قَوْلُ الْإِنْسِ لِلْجِنِّ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِقَوْلِهِ: قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ أَيْ: كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا فِي الدُّنْيَا عَنِ الْيَمِينِ: أَيْ مِنْ جِهَةِ الْحَقِّ وَالدِّينِ وَالطَّاعَةِ وَتَصُدُّونَا عَنْهَا. قَالَ الزَّجَّاجُ: كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا مِنْ قِبَلِ الدِّينِ، فَتُرُونَنَا أَنَّ الدِّينَ وَالْحَقَّ مَا تُضِلُّونَنَا بِهِ، وَالْيَمِينُ عِبَارَةٌ عَنِ الْحَقِّ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ إِبْلِيسَ: ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ «٢» قَالَ الْوَاحِدِيُّ: قَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي: إِنَّ الرُّؤَسَاءَ كَانُوا قَدْ حَلَفُوا لِهَؤُلَاءِ الْأَتْبَاعِ أَنَّ مَا يَدْعُونَهُمْ إِلَيْهِ هُوَ الْحَقُّ فَوَثِقُوا بِأَيْمَانِهِمْ فَمَعْنَى تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ أَيْ مِنْ نَاحِيَةِ الْأَيْمَانِ الَّتِي كُنْتُمْ تَحْلِفُونَهَا فَوَثِقْنَا بِهَا. قَالَ: وَالْمُفَسِّرُونَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ. وَقِيلَ الْمَعْنَى: تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ الَّتِي نُحِبُّهَا وَنَتَفَاءَلُ بِهَا لِتُغْرُونَا بِذَلِكَ عَنْ جِهَةِ النُّصْحِ، وَالْعَرَبُ تَتَفَاءَلُ بِمَا جَاءَ عَنِ الْيَمِينِ وَتُسَمِّيهِ السَّانِحَ. وَقِيلَ الْيَمِينُ بِمَعْنَى الْقُوَّةِ، أَيْ: تَمْنَعُونَنَا بِقُوَّةٍ وَغَلَبَةٍ وَقَهْرٍ كَمَا في قوله:
فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ «٣» أَيْ: بِالْقُوَّةِ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ جَوَابُ سُؤَالٍ مقدّر، وكذلك جملة:
قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ فَإِنَّهَا مُسْتَأْنَفَةٌ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ قَالَ الرُّؤَسَاءُ أَوِ الشَّيَاطِينُ لِهَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ: كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ وَلَمْ نَمْنَعْكُمْ مِنَ الْإِيمَانِ. وَالْمَعْنَى: إِنَّكُمْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ قَطُّ حَتَّى نَنْقُلَكُمْ عَنِ الْإِيمَانِ إِلَى الْكُفْرِ بَلْ كُنْتُمْ مِنَ الْأَصْلِ عَلَى الْكُفْرِ فَأَقَمْتُمْ عَلَيْهِ وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ مِنْ تَسَلُّطٍ بِقَهْرٍ وَغَلَبَةٍ حَتَّى نُدْخِلَكُمْ فِي الْإِيمَانِ وَنُخْرِجَكُمْ مِنَ الْكُفْرِ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ أَيْ: مُتَجَاوِزِينَ الْحَدَّ فِي الْكُفْرِ وَالضَّلَالِ، وَقَوْلُهُ: فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ مِنْ قَوْلِ الْمَتْبُوعِينَ، أَيْ: وَجَبَ عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ، وَلَزِمَنَا قَوْلُ رَبِّنَا، يَعْنُونَ قَوْلَهُ تَعَالَى: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ «٤» إِنَّا لَذَائِقُو الْعَذَابِ: أَيْ إِنَّا جَمِيعًا لَذَائِقُو الْعَذَابِ الَّذِي وَرَدَ بِهِ الْوَعِيدُ. قَالَ الزَّجَّاجُ: أَيْ إِنَّ الْمُضِلَّ وَالضَّالَّ فِي النَّارِ فَأَغْوَيْناكُمْ أَيْ أَضْلَلْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى، وَدَعَوْنَاكُمْ إِلَى مَا كُنَّا فِيهِ مِنَ الْغَيِّ، وَزَيَّنَّا لَكُمْ مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ فَلَا عَتْبَ عَلَيْنَا فِي تَعَرُّضِنَا لِإِغْوَائِكُمْ، لِأَنَّا أَرَدْنَا أَنْ تَكُونُوا أَمْثَالَنَا فِي الْغَوَايَةِ وَمَعْنَى الْآيَةِ: أَقْدَمْنَا عَلَى إِغْوَائِكُمْ لِأَنَّا كُنَّا مَوْصُوفِينَ فِي أَنْفُسِنَا بِالْغَوَايَةِ، فَأَقَرُّوا هَاهُنَا بِأَنَّهُمْ تَسَبَّبُوا لِإِغْوَائِهِمْ، لَكِنْ لَا بِطْرِيقِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ، وَنَفَوْا عَنْ أَنْفُسِهِمْ فِيمَا سَبَقَ أَنَّهُمْ قَهَرُوهُمْ وَغَلَبُوهُمْ، فَقَالُوا: وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ ثُمَّ أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنِ الْأَتْبَاعِ وَالْمَتْبُوعِينَ بِقَوْلِهِ: فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ كَمَا كانوا مشتركين في الغواية
(١). القمر: ٤٤. [.....]
(٢). الأعراف: ١٧.
(٣). الصافات: ٩٣.
(٤). ص: ٨٥.
449
إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ أَيْ: إِنَّا نَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ الْفِعْلِ بِالْمُجْرِمِينَ، أَيْ: أَهْلِ الْإِجْرَامِ، وهم المشركون كما يفيده قوله سبحانه: إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ أَيْ: إِذَا قِيلَ لَهُمْ قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ عَنِ القول، وَمَحَلُّ يَسْتَكْبِرُونَ النَّصْبُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ كَانَ، أَوِ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ إِنَّ، وَكَانَ ملغاة وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ يَعْنُونُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، أَيْ: لِقَوْلِ شَاعِرٍ مَجْنُونٍ، فَرَدَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ يَعْنِي الْقُرْآنَ الْمُشْتَمِلَ عَلَى التَّوْحِيدِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ أَيْ: صَدَّقَهُمْ فِيمَا جَاءُوا بِهِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالْوَعِيدِ، وَإِثْبَاتِ الدَّارِ الْآخِرَةِ وَلَمْ يُخَالِفْهُمْ وَلَا جَاءَ بِشَيْءٍ لَمْ تَأْتِ بِهِ الرُّسُلُ قبله إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ أَيْ: إِنَّكُمْ بِسَبَبِ شِرْكِكُمْ وَتَكْذِيبِكُمْ لذائقوا العذاب الشديد الألم. قرأ الجمهور لَذائِقُوا بِحَذْفِ النُّونِ وَخَفْضِ الْعَذَابِ، وَقَرَأَ أَبَانُ بْنُ ثعلب عن عاصم وأبو السمال بِحَذْفِهَا وَنَصْبِ الْعَذَابِ، وَأَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ بِالْحَذْفِ لِلنُّونِ وَالنَّصْبِ لِلْعَذَابِ قَوْلَ الشَّاعِرِ:
فَأَلْفَيْتُهُ غَيْرَ مُسْتَعْتِبٍ وَلَا ذَاكِرَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا
وَأَجَازَ سِيبَوَيْهِ أَيْضًا وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ بنصب الصلاة على هذا التوجيه. وقد قريء بِإِثْبَاتِ النُّونِ وَنَصْبِ الْعَذَابِ عَلَى الْأَصْلِ. ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ مَا ذَاقُوهُ مِنَ الْعَذَابِ لَيْسَ إِلَّا بِسَبَبِ أَعْمَالِهِمْ، فَقَالَ: وَما تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَيْ: إِلَّا جَزَاءَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي، أَوْ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.
ثُمَّ اسْتَثْنَى الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ: إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ الْمُخْلَصِينَ بِفَتْحِ اللَّامِ، أَيِ: الَّذِينَ أَخْلَصَهُمُ اللَّهُ لِطَاعَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِكَسْرِهَا، أَيِ الَّذِينَ أَخْلَصُوا لِلَّهِ الْعِبَادَةَ وَالتَّوْحِيدَ، وَالِاسْتِثْنَاءُ إِمَّا مُتَّصِلٌ عَلَى تَقْدِيرِ تَعْمِيمِ الْخِطَابِ فِي تُجْزَوْنَ لِجَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ، أَوْ مُنْقَطِعٌ، أَيْ: لَكِنَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ لَا يَذُوقُونَ الْعَذَابَ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: أُولئِكَ إِلَى الْمُخْلَصِينَ، وَهُوَ: مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ:
لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ أَيْ: لِهَؤُلَاءِ الْمُخْلَصِينَ رِزْقٌ يَرْزُقُهُمُ اللَّهُ إِيَّاهُ مَعْلُومٌ فِي حُسْنِهِ وَطِيبِهِ، وَعَدَمِ انْقِطَاعِهِ.
قَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي الْجَنَّةَ، وَقِيلَ: مَعْلُومُ الْوَقْتِ، وَهُوَ أَنْ يُعْطُوا مِنْهُ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً كَمَا فِي قَوْلِهِ: وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا «١» وَقِيلَ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ بَعْدَهُ فَواكِهُ فَإِنَّهُ بَدَلٌ مِنْ رِزْقٌ، أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: هُوَ فَوَاكِهُ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ. وَالْفَوَاكِهُ جَمْعُ الْفَاكِهَةِ وَهِيَ الثِّمَارُ كُلُّهَا رَطِبُهَا وَيَابِسُهَا، وَخَصَّصَ الْفَوَاكِهَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ أَرْزَاقَ أَهْلِ الْجَنَّةِ كُلُّهَا فَوَاكِهُ كَذَا قِيلَ. وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إِنَّ تَخْصِيصَهَا بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا أَطْيَبُ مَا يَأْكُلُونَهُ وَأَلَذُّ مَا تَشْتَهِيهِ أَنْفُسُهُمْ. وَقِيلَ: إِنَّ الْفَوَاكِهَ مِنْ أَتْبَاعِ سَائِرِ الْأَطْعِمَةِ، فَذِكْرُهَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ غَيْرِهَا، وَجُمْلَةُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، أَيْ: وَلَهُمْ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِكْرَامٌ عَظِيمٌ بِرَفْعِ دَرَجَاتِهِمْ عِنْدَهُ، وَسَمَاعِ كَلَامِهِ وَلِقَائِهِ فِي الْجَنَّةِ قَرَأَ الْجُمْهُورُ مُكْرَمُونَ بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ. وَقَرَأَ أَبُو مِقْسَمٍ بِتَشْدِيدِهَا وَقَوْلُهُ: فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ يَجُوزُ أَنْ يتعلق بمكرمون وَأَنْ يَكُونَ خَبَرًا ثَانِيًا، وَأَنْ يَكُونَ حَالًا، وَقَوْلُهُ:
عَلى سُرُرٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَالًا، وَأَنْ يَكُونَ خَبَرًا ثَالِثًا، وَانْتِصَابُ مُتَقابِلِينَ عَلَى الحالية من الضمير
(١). مريم: ٦٢.
450
فِي مُكْرَمُونَ، أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ فِي مُتَعَلِّقِ عَلَى سُرُرٍ. قَالَ عِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ: مَعْنَى التَّقَابُلِ أَنَّهُ لَا يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ فِي قَفَا بَعْضٍ، وقيل: إنها تدور بهم الأسرّة كيف شاؤوا فَلَا يَرَى بَعْضُهُمْ قَفَا بَعْضٍ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ سُرُرٍ بضم الراء. وقرأ أبو السمال بِفَتْحِهَا، وَهِيَ لُغَةُ بَعْضِ تَمِيمٍ. ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ صِفَةً أُخْرَى لَهُمْ فَقَالَ: يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةً جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ مُتَقَابِلِينَ، وَالْكَأْسُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ اسْمٌ شَامِلٌ لِكُلِّ إِنَاءٍ فِيهِ الشَّرَابُ، فَإِنْ كَانَ فَارِغًا فَلَيْسَ بِكَأْسٍ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ: كُلُّ كَأْسٍ فِي الْقُرْآنِ فَهِيَ الْخَمْرُ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَحَكَى مَنْ يَوْثَقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ لِلْقَدَحِ إِذَا كَانَ فِيهِ خَمْرٌ كَأْسٌ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ خَمْرٌ فَهُوَ قَدَحٌ كَمَا يُقَالُ لِلْخُوَانِ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ طَعَامٌ مَائِدَةٌ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عليه طعام لم يقل له مائدة، ومن معين متعلق بمحذوف هو صفة لكأس. قَالَ الزَّجَّاجُ: بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ، أَيْ: مِنْ خَمْرٍ تَجْرِي كَمَا تَجْرِي الْعُيُونُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَالْمَعِينُ الْمَاءُ الْجَارِي، وَقَوْلُهُ: بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ صِفَتَانِ لِكَأْسٍ. قَالَ الزَّجَّاجُ: أَيْ ذَاتُ لَذَّةٍ فَحُذِفَ الْمُضَافُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوَصْفُ بِالْمَصْدَرِ لِقَصْدِ الْمُبَالَغَةِ فِي كَوْنِهَا لَذَّةً فَلَا يُحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرِ الْمُضَافِ. قَالَ الْحَسَنُ: خَمْرُ الْجَنَّةِ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ لَهُ لَذَّةٌ لَذِيذَةٌ، يُقَالُ شَرَابٌ لَذٌّ وَلَذِيذٌ كَمَا يُقَالُ نَبَاتٌ غَضٌّ وَغَضِيضٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
بِحَدِيثِهَا اللَّذِّ الَّذِي لَوْ كَلَّمَتْ أُسْدَ الْفَلَاةِ بِهِ أتين سراعا
واللذيد: كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَابٌ، وَقِيلَ الْبَيْضَاءُ: هِيَ الَّتِي لَمْ يَعْتَصِرْهَا الرِّجَالُ. ثُمَّ وَصَفَ هَذِهِ الْكَأْسَ مِنَ الْخَمْرِ بِغَيْرِ مَا يَتَّصِفُ بِهِ خَمْرُ الدُّنْيَا، فَقَالَ: لَا فِيها غَوْلٌ أَيْ: لَا تَغْتَالُ عُقُولُهُمْ فَتَذْهَبُ بِهَا، وَلَا يُصِيبُهُمْ مِنْهَا مَرَضٌ وَلَا صُدَاعٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ أَيْ: يَسْكَرُونَ، يُقَالُ: نَزَفَ الشَّارِبُ فَهُوَ مَنْزُوفٌ وَنَزِيفٌ إِذَا سَكِرَ، وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
وإذ هي تمشي كمشي النّزيف يَصْرَعُهُ بِالْكَثِيبِ الْبُهُرُ
وَقَالَ أَيْضًا:
نَزِيفٌ إِذَا قَامَتْ لِوَجْهٍ تَمَايَلَتْ......... «١»....
وَمِنْهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
فَلَثَمْتُ فَاهَا آخِذًا بِقُرُونِهَا شُرْبَ النَّزِيفِ بِبَرْدِ مَاءِ الْحَشْرَجِ
قَالَ الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ تَقُولُ لَيْسَ فِيهَا غِيلَةٌ وَغَائِلَةٌ وَغَوْلٌ سَوَاءٌ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْغَوْلُ أَنْ تَغْتَالَ عُقُولَهُمْ، وَأَنْشَدَ قَوْلَ مُطِيعِ بن إياس:
(١). وعجز البيت: تراشي الفؤاد الرّخص ألّا تختّرا.
والختر: خدر يحصل عند شراب الدواء أو السّم.
451
وَمَا زَالَتِ الْكَأْسُ تَغْتَالُهُمْ وَتَذْهَبُ بِالْأَوَّلِ الْأَوَّلِ
وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ: الْغَوْلُ حَقِيقَتُهُ الْإِهْلَاكُ، يُقَالُ غَالَهُ غَوْلًا وَاغْتَالَهُ: أَيْ أَهْلَكَهُ، وَالْغَوْلُ كُلُّ مَا اغْتَالَكَ:
أَيْ أَهْلَكَكَ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ يُنْزَفُونَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الزَّايِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الزَّايِ مِنْ أَنْزَفَ الرَّجُلُ: إِذَا ذَهَبَ عَقْلُهُ مِنَ السُّكْرِ فَهُوَ نزيف ومنزوف، يُقَالُ أَحْصُدُ الزَّرْعَ:
إِذَا حَانَ حَصَادُهُ، وَأَقْطِفُ الْكَرْمَ: إِذَا حَانَ قِطَافُهُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: مَنْ كَسَرَ الزَّايَ فَلَهُ مَعْنَيَانِ، يُقَالُ أَنْزَفَ الرَّجُلُ: إِذَا فَنِيَتْ خَمْرُهُ، وَأَنْزَفَ: إِذَا ذَهَبَ عَقْلُهُ مِنَ السُّكْرِ، وَتُحْمَلُ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ عَلَى مَعْنَى لا ينفذ شَرَابُهُمْ لِزِيَادَةِ الْفَائِدَةِ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَالْقِرَاءَةُ الْأُولَى أَبْيَنُ وَأَصَحُّ فِي الْمَعْنَى، لِأَنَّ مَعْنَى لَا يُنْزَفُونَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْمُفَسِّرِينَ:
لَا تَذْهَبُ عُقُولُهُمْ، فَنَفَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ خَمْرِ الْجَنَّةِ الْآفَاتِ الَّتِي تَلْحَقُ فِي الدُّنْيَا مِنْ خَمْرِهَا مِنَ الصُّدَاعِ وَالسُّكْرِ.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ وَأَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ مَعْنَى: لَا يَنْزِفُونَ بِكَسْرِ الزَّايِ: لَا يَسْكَرُونَ. قَالَ الْمَهْدَوِيُّ: لَا يَكُونُ مَعْنَى يَنْزِفُونَ يَسْكَرُونَ، لِأَنَّ قَبْلَهُ لَا فِيها غَوْلٌ أَيْ: لَا تَغْتَالُ عُقُولَهُمْ فَيَكُونُ تَكْرِيرًا، وَهَذَا يُقَوِّي مَا قَالَهُ قَتَادَةُ: إِنَّ الْغَوْلَ وَجَعُ الْبَطْنِ وكذا روى ابن أبي نجيع عَنْ مُجَاهِدٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنَّ الْغَوْلَ الصُّدَاعُ. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: هُوَ الْمَغَصُ، فَيَكُونُ مَعْنَى الْآيَةِ: لَا فِيهَا نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْفَسَادِ الْمُصَاحِبَةِ لِشُرْبِ الْخَمْرِ فِي الدُّنْيَا مِنْ مَغَصٍ أَوْ وَجَعِ بَطْنٍ أَوْ صُدَاعٍ أَوْ عَرْبَدَةٍ أَوْ لَغْوٍ أَوْ تَأْثِيمٍ وَلَا هُمْ يَسْكَرُونَ مِنْهَا. وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ أَصْلَ الْغَوْلِ الْفَسَادُ الَّذِي يَلْحَقُ فِي خَفَاءٍ، يُقَالُ اغْتَالَهُ اغْتِيَالًا: إِذَا أَفْسَدَ عَلَيْهِ أَمْرَهُ فِي خُفْيَةٍ، وَمِنْهُ الْغَوْلُ وَالْغِيلَةُ الْقَتْلُ خُفْيَةً. وَقَرَأَ ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ يُنْزَفُونَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الزَّايِ. وَقَرَأَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الزَّايِ. وَلَمَّا ذَكَرَ سُبْحَانَهُ صِفَةَ مَشْرُوبِهِمْ ذَكَرَ عَقِبَهُ صِفَةَ مَنْكُوحِهِمْ فَقَالَ: وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَيْ نِسَاءٌ قَصَرْنَ طَرْفَهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ فَلَا يُرِدْنَ غَيْرَهُمْ، وَالْقَصْرُ مَعْنَاهُ الْحَبْسُ، وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
مِنَ الْقَاصِرَاتِ الطَّرْفِ لَوْ دَبَّ مُحْوِلٌ مِنَ الذَّرِّ فَوْقَ الْإِتْبِ مِنْهَا لَأَثَّرَا
وَالْمُحْوِلُ: الصَّغِيرُ مِنَ الذَّرِّ، وَالْإِتْبُ الْقَمِيصُ، وَقِيلَ الْقَاصِرَاتُ: الْمَحْبُوسَاتُ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّهُ قَالَ: قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ، وَلَمْ يَقُلْ مَقْصُورَاتِ، وَالْعِينُ عِظَامُ الْعُيُونِ جَمْعُ عَيْنَاءَ وَهِيَ الْوَاسِعَةُ الْعَيْنِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى عِينٌ كِبَارُ الْأَعْيُنِ حِسَانُهَا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْعِينُ حِسَانُ الْعُيُونِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُنَّ الشَّدِيدَاتُ بَيَاضِ الْعَيْنِ الشَّدِيدَاتُ سَوَادِهَا، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ قَالَ الْحَسَنُ وَأَبُو زَيْدٍ:
شبههنّ ببيض النعام تكنها النَّعَامَةُ بِالرِّيشِ مِنَ الرِّيحِ وَالْغُبَارِ. فَلَوْنُهُ أَبْيَضُ فِي صُفْرَةٍ، وَهُوَ أَحْسَنُ أَلْوَانِ النِّسَاءِ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالسُّدِّيُّ: شَبَّهَهُنَّ بِبَطْنِ الْبَيْضِ قَبْلَ أَنْ يُقَشَّرَ وَتَمَسُّهُ الْأَيْدِي وَبِهِ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
وَبَيْضَةِ خِدْرٍ لَا يُرَامُ خِبَاؤُهَا تَمَتَّعْتُ مِنْ لَهْوٍ بِهَا غَيْرَ مُعْجَلِ
قَالَ الْمُبَرِّدُ: وَتَقُولُ الْعَرَبُ إِذَا وَصَفَتِ الشَّيْءَ بِالْحُسْنِ وَالنَّظَافَةِ كَأَنَّهُ بَيْضُ النَّعَامِ الْمُغَطَّى بِالرِّيشِ. وَقِيلَ
452
الْمَكْنُونُ: الْمَصُونُ عَنِ الْكَسْرِ: أَيْ إِنَّهُنَّ عَذَارَى، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْبَيْضِ اللُّؤْلُؤُ كَمَا فِي قَوْلِهِ: وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَهِيَ بَيْضَاءُ مِثْلُ لُؤْلُؤَةِ الْغَوَّا صِ مُيِّزَتْ مِنْ جَوْهَرٍ مَكْنُونٍ
وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَإِنَّمَا قَالَ مَكْنُونٌ وَلَمْ يَقُلْ مَكْنُونَاتٌ لِأَنَّهُ وَصَفَ الْبَيْضَ بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ قَالَ: تَقُولُ الْمَلَائِكَةُ لِلزَّبَانِيَةِ هَذَا الْقَوْلَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَالْفِرْيَابِيُّ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ مَنِيعٍ فِي مسنده، وعبد ابن حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ مِنْ طَرِيقِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي قَوْلِهِ: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ قَالَ: أَمْثَالَهُمُ الَّذِينَ هُمْ مِثْلُهُمْ: يَجِيءُ أَصْحَابُ الرِّبَا مَعَ أَصْحَابِ الرِّبَا، وَأَصْحَابُ الزّنا مع أصحاب الزّنا، وَأَصْحَابُ الْخَمْرِ مَعَ أَصْحَابِ الْخَمْرِ، أَزْوَاجٌ فِي الْجَنَّةِ، وَأَزْوَاجٌ فِي النَّارِ. وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:
احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ قَالَ: أَشْبَاهَهُمْ، وَفِي لَفْظٍ: نُظَرَاءَهُمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ قَالَ: وَجِّهُوهُمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا فِي الْآيَةِ قَالَ: دُلُّوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ قَالَ: طَرِيقِ النَّارِ. وَأَخْرَجَ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ قَالَ: احْبِسُوهُمْ إِنَّهُمْ مُحَاسَبُونَ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، وَالدَّارِمِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ دَاعٍ دَعَا إِلَى شَيْءٍ إِلَّا كَانَ مَوْقُوفًا مَعَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَازِمًا بِهِ لَا يُفَارِقُهُ وَإِنْ دَعَا رَجُلٌ رَجُلًا، ثم قرأ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ». وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابن عباس في قوله: فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ قَالَ: ذَلِكَ إِذَا بُعِثُوا فِي النَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ قَالَ: كَانُوا إِذَا لَمْ يُشْرَكْ بِاللَّهِ يستنكفون، وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ لَا يُعْقَلُ، قَالَ: فَحَكَى اللَّهُ صِدْقَهُ فَقَالَ: بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ». وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَذَكَرَ قَوْمًا اسْتَكْبَرُوا، فَقَالَ: إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ، وَقَالَ: إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها «١» وَهِيَ «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» اسْتَكْبَرَ عَنْهَا الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، يَوْمَ كاتبهم رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَضِيَّةِ الْمُدَّةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي البعث.
(١). الفتح: ٢٦.
453
فأجاب عليهم الملائكة بقولهم :﴿ هذا يَوْمُ الفصل الذى كُنتُمْ بِهِ تُكَذّبُونَ ﴾ ويجوز أن يكون هذا من قول بعضهم لبعض، والفصل : الحكم والقضاء ؛ لأنه يفصل فيه بين المحسن والمسيء.
وقوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ هو أمر من الله سبحانه للملائكة بأن يحشروا المشركين وأزواجهم، وهم : أشباههم في الشرك، والمتابعون لهم في الكفر، والمشايعون لهم في تكذيب الرسل، كذا قال قتادة وأبو العالية. وقال الحسن ومجاهد : المراد بأزواجهم : نساؤهم المشركات الموافقات لهم على الكفر والظلم. وقال الضحاك : أزواجهم قرناؤهم من الشياطين يحشر كلّ كافر مع شيطانه، وبه قال مقاتل ﴿ وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول. وأخرج عبد الرّزّاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن منيع في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الرّبا مع أصحاب الرّبا، وأصحاب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أشباههم، وفي لفظ : نظراءهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ قال : وجهوهم، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : دلوهم ﴿ إلى صراط الجحيم ﴾ قال : طريق النار. وأخرج عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال : احبسوهم إنهم محاسبون. وأخرج البخاري في تاريخه، والدارمي، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً معه يوم القيامة لازماً به لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون ﴾. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون، ﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ لا يعقل، قال : فحكى الله صدقه، فقال :﴿ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فمن قال لا إله إلاّ الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» وأنزل الله في كتابه، وذكر قوماً استكبروا، فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، وقال :﴿ إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] وهي : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ قال : الخمر ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال ليس فيها صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : لا تذهب عقولهم. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر، والصداع، والقيء، والبول، فنزّه الله خمر الجنة عنها، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ لا تغول عقولهم من السكر ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ يقول : من غير أزواجهنّ ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : اللؤلؤ المكنون. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها.

﴿ وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله ﴾ من الأصنام والشياطين، وهذا العموم المستفاد من ﴿ ما ﴾ الموصولة، فإنها عبارة عن المعبودين، لا عن العابدين، كما قيل مخصوص ؛ لأن من طوائف الكفار من عبد المسيح، ومنهم من عبد الملائكة، فيخرجون بقوله :﴿ إِنَّ الذين سَبَقَتْ لَهُمْ مّنَّا الحسنى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ﴾ [ الأنبياء : ١٠١ ]، ووجه حشر الأصنام مع كونها جمادات لا تعقل هو زيادة التبكيت لعابديها وتخجيلهم، وإظهار أنها لا تنفع ولا تضرّ. ﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ أي : عرّفوا هؤلاء المحشورين طريق النار، وسوقوهم إليها، يقال : هديته الطريق، وهديته إليها، أي : دللته عليها، وفي هذا تهكم بهم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول. وأخرج عبد الرّزّاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن منيع في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الرّبا مع أصحاب الرّبا، وأصحاب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أشباههم، وفي لفظ : نظراءهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ قال : وجهوهم، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : دلوهم ﴿ إلى صراط الجحيم ﴾ قال : طريق النار. وأخرج عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال : احبسوهم إنهم محاسبون. وأخرج البخاري في تاريخه، والدارمي، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً معه يوم القيامة لازماً به لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون ﴾. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون، ﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ لا يعقل، قال : فحكى الله صدقه، فقال :﴿ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فمن قال لا إله إلاّ الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» وأنزل الله في كتابه، وذكر قوماً استكبروا، فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، وقال :﴿ إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] وهي : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ قال : الخمر ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال ليس فيها صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : لا تذهب عقولهم. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر، والصداع، والقيء، والبول، فنزّه الله خمر الجنة عنها، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ لا تغول عقولهم من السكر ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ يقول : من غير أزواجهنّ ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : اللؤلؤ المكنون. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها.

﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ أي : احبسوهم، يقال : وقفت الدابة أقفها وقفاً، فوقفت هي وقوفاً يتعدّى، ولا يتعدّى، وهذا الحبس لهم يكون قبل السوق إلى جهنم، أي : وقفوهم للحساب، ثم سوقوهم إلى النار بعد ذلك، وجملة ﴿ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ تعليل للجملة الأولى. قال الكلبي : أي مسؤولون عن أعمالهم وأقوالهم وأفعالهم. وقال الضحاك : عن خطاياهم، وقيل : عن لا إله إلاّ الله، وقيل : عن ظلم العباد، وقيل : هذا السؤال هو المذكور بعد هذا بقوله :﴿ مَا لَكُمْ لاَ تناصرون ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول. وأخرج عبد الرّزّاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن منيع في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الرّبا مع أصحاب الرّبا، وأصحاب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أشباههم، وفي لفظ : نظراءهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ قال : وجهوهم، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : دلوهم ﴿ إلى صراط الجحيم ﴾ قال : طريق النار. وأخرج عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال : احبسوهم إنهم محاسبون. وأخرج البخاري في تاريخه، والدارمي، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً معه يوم القيامة لازماً به لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون ﴾. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون، ﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ لا يعقل، قال : فحكى الله صدقه، فقال :﴿ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فمن قال لا إله إلاّ الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» وأنزل الله في كتابه، وذكر قوماً استكبروا، فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، وقال :﴿ إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] وهي : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ قال : الخمر ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال ليس فيها صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : لا تذهب عقولهم. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر، والصداع، والقيء، والبول، فنزّه الله خمر الجنة عنها، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ لا تغول عقولهم من السكر ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ يقول : من غير أزواجهنّ ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : اللؤلؤ المكنون. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها.

﴿ مَا لَكُمْ لاَ تناصرون ﴾ أي أيّ شيء لكم لا ينصر بعضكم بعضاً كما كنتم في الدنيا، وهذا توبيخ لهم، وتقريع وتهكم بهم، وأصله تتناصرون، فطرحت إحدى التاءين تخفيفاً. قرأ الجمهور ﴿ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ بكسر الهمزة، وقرأ عيسى بن عمر بفتحها.
قال الكسائي : أي لأنهم أو بأنهم، وقيل : الإشارة بقوله :﴿ مَا لَكُمْ لاَ تناصرون ﴾ إلى قول أبي جهل يوم بدر :﴿ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ ﴾ [ القمر : ٤٤ ].
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول. وأخرج عبد الرّزّاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن منيع في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الرّبا مع أصحاب الرّبا، وأصحاب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أشباههم، وفي لفظ : نظراءهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ قال : وجهوهم، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : دلوهم ﴿ إلى صراط الجحيم ﴾ قال : طريق النار. وأخرج عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال : احبسوهم إنهم محاسبون. وأخرج البخاري في تاريخه، والدارمي، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً معه يوم القيامة لازماً به لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون ﴾. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون، ﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ لا يعقل، قال : فحكى الله صدقه، فقال :﴿ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فمن قال لا إله إلاّ الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» وأنزل الله في كتابه، وذكر قوماً استكبروا، فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، وقال :﴿ إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] وهي : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ قال : الخمر ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال ليس فيها صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : لا تذهب عقولهم. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر، والصداع، والقيء، والبول، فنزّه الله خمر الجنة عنها، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ لا تغول عقولهم من السكر ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ يقول : من غير أزواجهنّ ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : اللؤلؤ المكنون. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها.

ثم أضرب سبحانه عما تقدّم إلى بيان الحالة التي هم عليها هنالك، فقال :﴿ بَلْ هُمُ اليوم مُسْتَسْلِمُونَ ﴾ أي منقادون لعجزهم عن الحيلة. قال قتادة : مستسلمون في عذاب الله. وقال الأخفش : ملقون بأيديهم، يقال استسلم للشيء : إذا انقاد له وخضع.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول. وأخرج عبد الرّزّاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن منيع في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الرّبا مع أصحاب الرّبا، وأصحاب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أشباههم، وفي لفظ : نظراءهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ قال : وجهوهم، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : دلوهم ﴿ إلى صراط الجحيم ﴾ قال : طريق النار. وأخرج عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال : احبسوهم إنهم محاسبون. وأخرج البخاري في تاريخه، والدارمي، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً معه يوم القيامة لازماً به لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون ﴾. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون، ﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ لا يعقل، قال : فحكى الله صدقه، فقال :﴿ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فمن قال لا إله إلاّ الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» وأنزل الله في كتابه، وذكر قوماً استكبروا، فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، وقال :﴿ إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] وهي : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ قال : الخمر ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال ليس فيها صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : لا تذهب عقولهم. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر، والصداع، والقيء، والبول، فنزّه الله خمر الجنة عنها، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ لا تغول عقولهم من السكر ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ يقول : من غير أزواجهنّ ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : اللؤلؤ المكنون. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها.

﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ أي أقبل بعض الكفار على بعض يتساءلون. قيل : هم الأتباع والرّؤساء يسأل بعضهم بعضاً سؤال توبيخ وتقريع ومخاصمة. وقال مجاهد : هو قول الكفار للشياطين. وقال قتادة : هو قول الإنس للجنّ، والأوّل أولى لقوله :﴿ قَالُواْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ اليمين ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول. وأخرج عبد الرّزّاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن منيع في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الرّبا مع أصحاب الرّبا، وأصحاب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أشباههم، وفي لفظ : نظراءهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ قال : وجهوهم، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : دلوهم ﴿ إلى صراط الجحيم ﴾ قال : طريق النار. وأخرج عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال : احبسوهم إنهم محاسبون. وأخرج البخاري في تاريخه، والدارمي، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً معه يوم القيامة لازماً به لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون ﴾. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون، ﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ لا يعقل، قال : فحكى الله صدقه، فقال :﴿ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فمن قال لا إله إلاّ الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» وأنزل الله في كتابه، وذكر قوماً استكبروا، فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، وقال :﴿ إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] وهي : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ قال : الخمر ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال ليس فيها صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : لا تذهب عقولهم. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر، والصداع، والقيء، والبول، فنزّه الله خمر الجنة عنها، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ لا تغول عقولهم من السكر ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ يقول : من غير أزواجهنّ ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : اللؤلؤ المكنون. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها.

﴿ قَالُواْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ اليمين ﴾ أي كنتم تأتوننا في الدنيا عن اليمين، أي من جهة الحقّ والدين والطاعة، وتصدّونا عنها. قال الزجاج : كنتم تأتوننا من قبل الدين، فتروننا أن الدين والحق ما تضلوننا به، واليمين عبارة عن الحق، وهذا كقوله تعالى إخباراً عن إبليس :﴿ ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أيمانهم ﴾ [ الأعراف : ١٧ ] قال الواحدي : قال أهل المعاني : إن الرّؤساء كانوا قد حلفوا لهؤلاء الأتباع أن ما يدعونهم إليه هو الحق، فوثقوا بأيمانهم : فمعنى ﴿ تَأْتُونَنَا عَنِ اليمين ﴾ أي من ناحية الأيمان التي كنتم تحلفونها فوثقنا بها. قال : والمفسرون على القول الأوّل. وقيل المعنى : تأتوننا عن اليمين التي نحبها، ونتفاءل بها، لتغرّونا بذلك عن جهة النصح، والعرب تتفاءل بما جاء عن اليمين، وتسميه السانح. وقيل : اليمين بمعنى القوّة، أي : تمنعوننا بقوّة، وغلبة، وقهر كما في قوله :﴿ فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً باليمين ﴾ [ الصافات : ٩٣ ] أي : بالقوّة، وهذه الجملة مستأنفة جواب سؤال مقدّر، وكذلك جملة ﴿ قَالُواْ بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول. وأخرج عبد الرّزّاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن منيع في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الرّبا مع أصحاب الرّبا، وأصحاب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أشباههم، وفي لفظ : نظراءهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ قال : وجهوهم، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : دلوهم ﴿ إلى صراط الجحيم ﴾ قال : طريق النار. وأخرج عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال : احبسوهم إنهم محاسبون. وأخرج البخاري في تاريخه، والدارمي، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً معه يوم القيامة لازماً به لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون ﴾. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون، ﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ لا يعقل، قال : فحكى الله صدقه، فقال :﴿ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فمن قال لا إله إلاّ الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» وأنزل الله في كتابه، وذكر قوماً استكبروا، فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، وقال :﴿ إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] وهي : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ قال : الخمر ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال ليس فيها صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : لا تذهب عقولهم. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر، والصداع، والقيء، والبول، فنزّه الله خمر الجنة عنها، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ لا تغول عقولهم من السكر ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ يقول : من غير أزواجهنّ ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : اللؤلؤ المكنون. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها.

﴿ قَالُواْ بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ ﴾ فإنها مستأنفة جواب سؤال مقدّر ؛ والمعنى : أنه قال الرؤساء أو الشياطين لهؤلاء القائلين : كنتم تأتوننا عن اليمين بل لم تكونوا مؤمنين، ولم نمنعكم من الإيمان. والمعنى : أنكم لم تكونوا مؤمنين قطّ حتى ننقلكم عن الإيمان إلى الكفر، بل كنتم من الأصل على الكفر فأقمتم عليه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول. وأخرج عبد الرّزّاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن منيع في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الرّبا مع أصحاب الرّبا، وأصحاب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أشباههم، وفي لفظ : نظراءهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ قال : وجهوهم، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : دلوهم ﴿ إلى صراط الجحيم ﴾ قال : طريق النار. وأخرج عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال : احبسوهم إنهم محاسبون. وأخرج البخاري في تاريخه، والدارمي، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً معه يوم القيامة لازماً به لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون ﴾. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون، ﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ لا يعقل، قال : فحكى الله صدقه، فقال :﴿ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فمن قال لا إله إلاّ الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» وأنزل الله في كتابه، وذكر قوماً استكبروا، فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، وقال :﴿ إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] وهي : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ قال : الخمر ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال ليس فيها صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : لا تذهب عقولهم. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر، والصداع، والقيء، والبول، فنزّه الله خمر الجنة عنها، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ لا تغول عقولهم من السكر ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ يقول : من غير أزواجهنّ ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : اللؤلؤ المكنون. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها.

﴿ وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مّن سلطان ﴾ من تسلط بقهر، وغلبة حتى ندخلكم في الإيمان، ونخرجكم من الكفر ﴿ بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طاغين ﴾ أي : متجاوزين الحدّ في الكفر والضلال.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول. وأخرج عبد الرّزّاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن منيع في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الرّبا مع أصحاب الرّبا، وأصحاب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أشباههم، وفي لفظ : نظراءهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ قال : وجهوهم، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : دلوهم ﴿ إلى صراط الجحيم ﴾ قال : طريق النار. وأخرج عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال : احبسوهم إنهم محاسبون. وأخرج البخاري في تاريخه، والدارمي، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً معه يوم القيامة لازماً به لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون ﴾. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون، ﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ لا يعقل، قال : فحكى الله صدقه، فقال :﴿ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فمن قال لا إله إلاّ الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» وأنزل الله في كتابه، وذكر قوماً استكبروا، فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، وقال :﴿ إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] وهي : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ قال : الخمر ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال ليس فيها صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : لا تذهب عقولهم. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر، والصداع، والقيء، والبول، فنزّه الله خمر الجنة عنها، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ لا تغول عقولهم من السكر ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ يقول : من غير أزواجهنّ ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : اللؤلؤ المكنون. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها.

وقوله :﴿ فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ ﴾ من قول المتبوعين، أي وجب علينا وعليكم، ولزمنا قول ربنا، يعنون قوله تعالى :﴿ لأَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [ ص : ٨٥ ] إنا لذائقو العذاب، أي إنا جميعاً لذائقو العذاب الذي ورد به الوعيد. قال الزجاج : أي إن المضلّ والضّال في النار.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول. وأخرج عبد الرّزّاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن منيع في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الرّبا مع أصحاب الرّبا، وأصحاب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أشباههم، وفي لفظ : نظراءهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ قال : وجهوهم، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : دلوهم ﴿ إلى صراط الجحيم ﴾ قال : طريق النار. وأخرج عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال : احبسوهم إنهم محاسبون. وأخرج البخاري في تاريخه، والدارمي، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً معه يوم القيامة لازماً به لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون ﴾. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون، ﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ لا يعقل، قال : فحكى الله صدقه، فقال :﴿ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فمن قال لا إله إلاّ الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» وأنزل الله في كتابه، وذكر قوماً استكبروا، فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، وقال :﴿ إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] وهي : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ قال : الخمر ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال ليس فيها صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : لا تذهب عقولهم. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر، والصداع، والقيء، والبول، فنزّه الله خمر الجنة عنها، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ لا تغول عقولهم من السكر ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ يقول : من غير أزواجهنّ ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : اللؤلؤ المكنون. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها.

﴿ فأغويناكم ﴾ أي أضللناكم عن الهدى، ودعوناكم إلى ما كنا فيه من الغيّ، وزينا لكم ما كنتم عليه من الكفر ﴿ إِنَّا كُنَّا غاوين ﴾ فلا عتب علينا في تعرّضنا لإغوائكم ؛ لأنا أردنا أن تكونوا أمثالنا في الغواية ؛ ومعنى الآية : أقدمنا على إغوائكم لأنا كنا موصوفين في أنفسنا بالغواية، فأقرّوا هاهنا بأنهم تسببوا لإغوائهم، لكن لا بطريق القهر والغلبة، ونفوا عن أنفسهم فيما سبق أنهم قهروهم، وغلبوهم، فقالوا :﴿ وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مّن سلطان ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول. وأخرج عبد الرّزّاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن منيع في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الرّبا مع أصحاب الرّبا، وأصحاب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أشباههم، وفي لفظ : نظراءهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ قال : وجهوهم، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : دلوهم ﴿ إلى صراط الجحيم ﴾ قال : طريق النار. وأخرج عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال : احبسوهم إنهم محاسبون. وأخرج البخاري في تاريخه، والدارمي، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً معه يوم القيامة لازماً به لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون ﴾. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون، ﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ لا يعقل، قال : فحكى الله صدقه، فقال :﴿ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فمن قال لا إله إلاّ الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» وأنزل الله في كتابه، وذكر قوماً استكبروا، فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، وقال :﴿ إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] وهي : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ قال : الخمر ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال ليس فيها صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : لا تذهب عقولهم. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر، والصداع، والقيء، والبول، فنزّه الله خمر الجنة عنها، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ لا تغول عقولهم من السكر ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ يقول : من غير أزواجهنّ ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : اللؤلؤ المكنون. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها.

ثم أخبر الله سبحانه عن الأتباع والمتبوعين بقوله :﴿ فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ في العذاب مُشْتَرِكُونَ ﴾ كما كانوا مشتركين في الغواية.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول. وأخرج عبد الرّزّاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن منيع في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الرّبا مع أصحاب الرّبا، وأصحاب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أشباههم، وفي لفظ : نظراءهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ قال : وجهوهم، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : دلوهم ﴿ إلى صراط الجحيم ﴾ قال : طريق النار. وأخرج عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال : احبسوهم إنهم محاسبون. وأخرج البخاري في تاريخه، والدارمي، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً معه يوم القيامة لازماً به لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون ﴾. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون، ﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ لا يعقل، قال : فحكى الله صدقه، فقال :﴿ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فمن قال لا إله إلاّ الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» وأنزل الله في كتابه، وذكر قوماً استكبروا، فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، وقال :﴿ إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] وهي : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ قال : الخمر ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال ليس فيها صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : لا تذهب عقولهم. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر، والصداع، والقيء، والبول، فنزّه الله خمر الجنة عنها، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ لا تغول عقولهم من السكر ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ يقول : من غير أزواجهنّ ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : اللؤلؤ المكنون. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها.

﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بالمجرمين ﴾ أي إنا نفعل مثل ذلك الفعل بالمجرمين، أي أهل الإجرام، وهم المشركون كما يفيده قوله سبحانه :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول. وأخرج عبد الرّزّاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن منيع في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الرّبا مع أصحاب الرّبا، وأصحاب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أشباههم، وفي لفظ : نظراءهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ قال : وجهوهم، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : دلوهم ﴿ إلى صراط الجحيم ﴾ قال : طريق النار. وأخرج عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال : احبسوهم إنهم محاسبون. وأخرج البخاري في تاريخه، والدارمي، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً معه يوم القيامة لازماً به لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون ﴾. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون، ﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ لا يعقل، قال : فحكى الله صدقه، فقال :﴿ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فمن قال لا إله إلاّ الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» وأنزل الله في كتابه، وذكر قوماً استكبروا، فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، وقال :﴿ إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] وهي : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ قال : الخمر ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال ليس فيها صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : لا تذهب عقولهم. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر، والصداع، والقيء، والبول، فنزّه الله خمر الجنة عنها، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ لا تغول عقولهم من السكر ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ يقول : من غير أزواجهنّ ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : اللؤلؤ المكنون. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها.

﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ أي إذا قيل لهم قولوا : لا إله إلاّ الله يستكبرون عن القبول، ومحل يستكبرون النصب على أنه خبر كان، أو الرفع على أنه خبر إن، وكان ملغاة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول. وأخرج عبد الرّزّاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن منيع في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الرّبا مع أصحاب الرّبا، وأصحاب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أشباههم، وفي لفظ : نظراءهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ قال : وجهوهم، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : دلوهم ﴿ إلى صراط الجحيم ﴾ قال : طريق النار. وأخرج عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال : احبسوهم إنهم محاسبون. وأخرج البخاري في تاريخه، والدارمي، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً معه يوم القيامة لازماً به لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون ﴾. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون، ﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ لا يعقل، قال : فحكى الله صدقه، فقال :﴿ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فمن قال لا إله إلاّ الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» وأنزل الله في كتابه، وذكر قوماً استكبروا، فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، وقال :﴿ إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] وهي : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ قال : الخمر ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال ليس فيها صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : لا تذهب عقولهم. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر، والصداع، والقيء، والبول، فنزّه الله خمر الجنة عنها، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ لا تغول عقولهم من السكر ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ يقول : من غير أزواجهنّ ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : اللؤلؤ المكنون. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها.

﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ يعنون النبي صلى الله عليه وسلم، أي لقول شاعر مجنون.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول. وأخرج عبد الرّزّاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن منيع في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الرّبا مع أصحاب الرّبا، وأصحاب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أشباههم، وفي لفظ : نظراءهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ قال : وجهوهم، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : دلوهم ﴿ إلى صراط الجحيم ﴾ قال : طريق النار. وأخرج عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال : احبسوهم إنهم محاسبون. وأخرج البخاري في تاريخه، والدارمي، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً معه يوم القيامة لازماً به لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون ﴾. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون، ﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ لا يعقل، قال : فحكى الله صدقه، فقال :﴿ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فمن قال لا إله إلاّ الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» وأنزل الله في كتابه، وذكر قوماً استكبروا، فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، وقال :﴿ إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] وهي : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ قال : الخمر ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال ليس فيها صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : لا تذهب عقولهم. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر، والصداع، والقيء، والبول، فنزّه الله خمر الجنة عنها، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ لا تغول عقولهم من السكر ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ يقول : من غير أزواجهنّ ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : اللؤلؤ المكنون. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها.

فردّ الله سبحانه عليهم بقوله :﴿ بَلْ جَاء بالحق ﴾ يعني القرآن المشتمل على التوحيد والوعد والوعيد ﴿ وَصَدَّقَ المرسلين ﴾ أي صدّقهم فيما جاءوا به من التوحيد والوعيد، وإثبات الدار الآخرة، ولم يخالفهم، ولا جاء بشيء لم تأت به الرسل قبله.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول. وأخرج عبد الرّزّاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن منيع في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الرّبا مع أصحاب الرّبا، وأصحاب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أشباههم، وفي لفظ : نظراءهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ قال : وجهوهم، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : دلوهم ﴿ إلى صراط الجحيم ﴾ قال : طريق النار. وأخرج عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال : احبسوهم إنهم محاسبون. وأخرج البخاري في تاريخه، والدارمي، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً معه يوم القيامة لازماً به لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون ﴾. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون، ﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ لا يعقل، قال : فحكى الله صدقه، فقال :﴿ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فمن قال لا إله إلاّ الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» وأنزل الله في كتابه، وذكر قوماً استكبروا، فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، وقال :﴿ إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] وهي : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ قال : الخمر ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال ليس فيها صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : لا تذهب عقولهم. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر، والصداع، والقيء، والبول، فنزّه الله خمر الجنة عنها، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ لا تغول عقولهم من السكر ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ يقول : من غير أزواجهنّ ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : اللؤلؤ المكنون. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها.

﴿ إِنَّكُمْ لَذَآئِقُو العذاب الأليم ﴾ أي إنكم بسبب شرككم وتكذيبكم لذائقوا العذاب الشديد الألم. قرأ الجمهور ﴿ لذائقوا ﴾ بحذف النون، وخفض العذاب، وقرأ أبان بن ثعلب عن عاصم، وأبو السماك بحذفها، ونصب العذاب، وأنشد سيبويه في مثل هذه القراءة بالحذف للنون، والنصب للعذاب قول الشاعر :
فألفيته غير مستعتب *** ولا ذاكر الله إلا قليلاً
وأجاز سيبويه أيضاً :﴿ والمقيمي الصلاة ﴾ [ الحج : الآية ٣٥ ] بنصب الصلاة على هذا التوجيه. وقد قرئ بإثبات النون، ونصب العذاب على الأصل.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول. وأخرج عبد الرّزّاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن منيع في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الرّبا مع أصحاب الرّبا، وأصحاب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أشباههم، وفي لفظ : نظراءهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ قال : وجهوهم، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : دلوهم ﴿ إلى صراط الجحيم ﴾ قال : طريق النار. وأخرج عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال : احبسوهم إنهم محاسبون. وأخرج البخاري في تاريخه، والدارمي، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً معه يوم القيامة لازماً به لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون ﴾. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون، ﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ لا يعقل، قال : فحكى الله صدقه، فقال :﴿ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فمن قال لا إله إلاّ الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» وأنزل الله في كتابه، وذكر قوماً استكبروا، فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، وقال :﴿ إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] وهي : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ قال : الخمر ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال ليس فيها صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : لا تذهب عقولهم. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر، والصداع، والقيء، والبول، فنزّه الله خمر الجنة عنها، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ لا تغول عقولهم من السكر ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ يقول : من غير أزواجهنّ ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : اللؤلؤ المكنون. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها.

ثم بيّن سبحانه : أن ما ذاقوه من العذاب ليس إلا بسبب أعمالهم، فقال :﴿ وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ أي إلا جزاء ما كنتم تعملون من الكفر والمعاصي، أو إلا بما كنتم تعملون.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول. وأخرج عبد الرّزّاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن منيع في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الرّبا مع أصحاب الرّبا، وأصحاب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أشباههم، وفي لفظ : نظراءهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ قال : وجهوهم، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : دلوهم ﴿ إلى صراط الجحيم ﴾ قال : طريق النار. وأخرج عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال : احبسوهم إنهم محاسبون. وأخرج البخاري في تاريخه، والدارمي، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً معه يوم القيامة لازماً به لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون ﴾. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون، ﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ لا يعقل، قال : فحكى الله صدقه، فقال :﴿ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فمن قال لا إله إلاّ الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» وأنزل الله في كتابه، وذكر قوماً استكبروا، فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، وقال :﴿ إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] وهي : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ قال : الخمر ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال ليس فيها صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : لا تذهب عقولهم. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر، والصداع، والقيء، والبول، فنزّه الله خمر الجنة عنها، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ لا تغول عقولهم من السكر ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ يقول : من غير أزواجهنّ ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : اللؤلؤ المكنون. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها.

ثم استثنى المؤمنين فقال :﴿ إِلاَّ عِبَادَ الله المخلصين ﴾. قرأ أهل المدينة، والكوفة ﴿ المخلصين ﴾ بفتح اللام، أي الذين أخلصهم الله لطاعته وتوحيده. وقرأ الباقون بكسرها، أي الذين أخلصوا لله العبادة والتوحيد، والاستثناء إما متصل على تقدير تعميم الخطاب في ﴿ تجزون ﴾ لجميع المكلفين. أو منقطع، أي لكن عباد الله المخلصين لا يذوقون العذاب.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول. وأخرج عبد الرّزّاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن منيع في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الرّبا مع أصحاب الرّبا، وأصحاب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أشباههم، وفي لفظ : نظراءهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ قال : وجهوهم، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : دلوهم ﴿ إلى صراط الجحيم ﴾ قال : طريق النار. وأخرج عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال : احبسوهم إنهم محاسبون. وأخرج البخاري في تاريخه، والدارمي، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً معه يوم القيامة لازماً به لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون ﴾. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون، ﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ لا يعقل، قال : فحكى الله صدقه، فقال :﴿ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فمن قال لا إله إلاّ الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» وأنزل الله في كتابه، وذكر قوماً استكبروا، فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، وقال :﴿ إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] وهي : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ قال : الخمر ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال ليس فيها صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : لا تذهب عقولهم. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر، والصداع، والقيء، والبول، فنزّه الله خمر الجنة عنها، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ لا تغول عقولهم من السكر ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ يقول : من غير أزواجهنّ ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : اللؤلؤ المكنون. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها.

والإشارة بقوله :﴿ أولئك ﴾ إلى المخلصين، وهو مبتدأ وخبره قوله :﴿ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ ﴾ أي لهؤلاء المخلصين رزق يرزقهم الله إياه معلوم في حسنه وطيبه وعدم انقطاعه. قال قتادة : يعني الجنة، وقيل : معلوم الوقت، وهو أن يعطوا منه بكرة وعشية كما في قوله :﴿ وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً ﴾ [ مريم : ٦٢ ] وقيل : هو المذكور في قوله بعده ﴿ فواكه ﴾ فإنه بدل من ﴿ رزق ﴾، أو خبر مبتدأ محذوف، أي هو فواكه وهذا هو الظاهر.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول. وأخرج عبد الرّزّاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن منيع في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الرّبا مع أصحاب الرّبا، وأصحاب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أشباههم، وفي لفظ : نظراءهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ قال : وجهوهم، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : دلوهم ﴿ إلى صراط الجحيم ﴾ قال : طريق النار. وأخرج عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال : احبسوهم إنهم محاسبون. وأخرج البخاري في تاريخه، والدارمي، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً معه يوم القيامة لازماً به لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون ﴾. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون، ﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ لا يعقل، قال : فحكى الله صدقه، فقال :﴿ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فمن قال لا إله إلاّ الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» وأنزل الله في كتابه، وذكر قوماً استكبروا، فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، وقال :﴿ إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] وهي : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ قال : الخمر ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال ليس فيها صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : لا تذهب عقولهم. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر، والصداع، والقيء، والبول، فنزّه الله خمر الجنة عنها، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ لا تغول عقولهم من السكر ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ يقول : من غير أزواجهنّ ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : اللؤلؤ المكنون. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها.

والفواكه جمع الفاكهة، وهي الثمار كلها رطبها ويابسها، وخصص الفواكه بالذكر ؛ لأن أرزاق أهل الجنة كلها فواكه كذا قيل. والأولى أن يقال : إن تخصيصها بالذكر ؛ لأنها أطيب ما يأكلونه، وألذّ ما تشتهيه أنفسهم. وقيل : إن الفواكه من أتباع سائر الأطعمة، فذكرها يغني عن ذكر غيرها، وجملة :﴿ وَهُم مُّكْرَمُونَ ﴾ في محل نصب على الحال، أي ولهم من الله عزّ وجلّ إكرام عظيم برفع درجاتهم عنده، وسماع كلامه ولقائه في الجنة. قرأ الجمهور ﴿ مكرمون ﴾ بتخفيف الراء. وقرأ أبو مقسم بتشديدها.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول. وأخرج عبد الرّزّاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن منيع في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الرّبا مع أصحاب الرّبا، وأصحاب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أشباههم، وفي لفظ : نظراءهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ قال : وجهوهم، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : دلوهم ﴿ إلى صراط الجحيم ﴾ قال : طريق النار. وأخرج عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال : احبسوهم إنهم محاسبون. وأخرج البخاري في تاريخه، والدارمي، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً معه يوم القيامة لازماً به لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون ﴾. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون، ﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ لا يعقل، قال : فحكى الله صدقه، فقال :﴿ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فمن قال لا إله إلاّ الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» وأنزل الله في كتابه، وذكر قوماً استكبروا، فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، وقال :﴿ إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] وهي : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ قال : الخمر ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال ليس فيها صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : لا تذهب عقولهم. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر، والصداع، والقيء، والبول، فنزّه الله خمر الجنة عنها، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ لا تغول عقولهم من السكر ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ يقول : من غير أزواجهنّ ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : اللؤلؤ المكنون. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها.

وقوله ﴿ فِي جنات النعيم ﴾ يجوز أن يتعلق ب﴿ مكرمون ﴾، وأن يكون خبراً ثانياً، وأن يكون حالاً.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول. وأخرج عبد الرّزّاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن منيع في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الرّبا مع أصحاب الرّبا، وأصحاب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أشباههم، وفي لفظ : نظراءهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ قال : وجهوهم، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : دلوهم ﴿ إلى صراط الجحيم ﴾ قال : طريق النار. وأخرج عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال : احبسوهم إنهم محاسبون. وأخرج البخاري في تاريخه، والدارمي، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً معه يوم القيامة لازماً به لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون ﴾. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون، ﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ لا يعقل، قال : فحكى الله صدقه، فقال :﴿ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فمن قال لا إله إلاّ الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» وأنزل الله في كتابه، وذكر قوماً استكبروا، فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، وقال :﴿ إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] وهي : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ قال : الخمر ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال ليس فيها صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : لا تذهب عقولهم. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر، والصداع، والقيء، والبول، فنزّه الله خمر الجنة عنها، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ لا تغول عقولهم من السكر ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ يقول : من غير أزواجهنّ ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : اللؤلؤ المكنون. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها.

وقوله ﴿ على سُرُرٍ ﴾ يحتمل أن يكون حالاً، وأن يكون خبراً ثالثاً، وانتصاب ﴿ متقابلين ﴾ على الحالية من الضمير في ﴿ مكرمون ﴾، أو من الضمير في متعلق على ﴿ سرر ﴾. قال عكرمة ومجاهد : معنى التقابل : أنه لا ينظر بعضهم في قفا بعض، وقيل إنها تدور بهم الأسرّة كيف شاءوا، فلا يرى بعضهم قفا بعض. قرأ الجمهور ﴿ سرر ﴾ بضم الراء. وقرأ أبو السماك بفتحها، وهي لغة بعض تميم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول. وأخرج عبد الرّزّاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن منيع في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الرّبا مع أصحاب الرّبا، وأصحاب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أشباههم، وفي لفظ : نظراءهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ قال : وجهوهم، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : دلوهم ﴿ إلى صراط الجحيم ﴾ قال : طريق النار. وأخرج عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال : احبسوهم إنهم محاسبون. وأخرج البخاري في تاريخه، والدارمي، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً معه يوم القيامة لازماً به لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون ﴾. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون، ﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ لا يعقل، قال : فحكى الله صدقه، فقال :﴿ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فمن قال لا إله إلاّ الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» وأنزل الله في كتابه، وذكر قوماً استكبروا، فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، وقال :﴿ إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] وهي : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ قال : الخمر ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال ليس فيها صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : لا تذهب عقولهم. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر، والصداع، والقيء، والبول، فنزّه الله خمر الجنة عنها، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ لا تغول عقولهم من السكر ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ يقول : من غير أزواجهنّ ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : اللؤلؤ المكنون. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها.

ثم ذكر سبحانه صفة أخرى لهم، فقال :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ ويجوز أن تكون هذه الجملة مستأنفة جواباً عن سؤال مقدّر، ويجوز أن تكون في محل نصب على الحال من ضمير ﴿ متقابلين ﴾، والكأس عند أهل اللغة اسم شامل لكلّ إناء فيه الشراب، فإن كان فارغاً فليس بكأس. وقال الضحاك والسدّي : كل كأس في القرآن فهي الخمر. قال النحاس : وحكى من يوثق به من أهل اللغة : أن العرب تقول للقدح إذا كان فيه خمر كأس، فإذا لم يكن فيه خمر، فهو قدح كما يقال للخوان إذا كان عليه طعام مائدة، فإذا لم يكن عليه طعام لم يقل له مائدة، و﴿ من معين ﴾ متعلق بمحذوف هو صفة لكأس. قال الزجاج :﴿ بكأس من معين ﴾، أي من خمر تجري كما تجري العيون على وجه الأرض. والمعين الماء الجاري.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول. وأخرج عبد الرّزّاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن منيع في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الرّبا مع أصحاب الرّبا، وأصحاب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أشباههم، وفي لفظ : نظراءهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ قال : وجهوهم، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : دلوهم ﴿ إلى صراط الجحيم ﴾ قال : طريق النار. وأخرج عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال : احبسوهم إنهم محاسبون. وأخرج البخاري في تاريخه، والدارمي، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً معه يوم القيامة لازماً به لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون ﴾. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون، ﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ لا يعقل، قال : فحكى الله صدقه، فقال :﴿ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فمن قال لا إله إلاّ الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» وأنزل الله في كتابه، وذكر قوماً استكبروا، فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، وقال :﴿ إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] وهي : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ قال : الخمر ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال ليس فيها صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : لا تذهب عقولهم. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر، والصداع، والقيء، والبول، فنزّه الله خمر الجنة عنها، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ لا تغول عقولهم من السكر ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ يقول : من غير أزواجهنّ ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : اللؤلؤ المكنون. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها.

وقوله :﴿ بَيْضَاء لَذَّةٍ للشاربين ﴾ صفتان لكأس. قال الزجاج : أي ذات لذّة فحذف المضاف، ويجوز أن يكون الوصف بالمصدر لقصد المبالغة في كونها لذّة، فلا يحتاج إلى تقدير المضاف. قال الحسن : خمر الجنة أشدّ بياضاً من اللبن له لذّة لذيذة، يقال : شراب لذّ ولذيذ كما يقال : نبات غضّ وغضيض، ومنه قول الشاعر :
بحديثها اللذّ الذي لو كلمت أسد الفلاة به أتين سراعا
واللذيذ : كل شيء مستطاب، وقيل البيضاء : هي التي لم يعتصرها الرجال. ثم وصف هذه الكأس من الخمر بغير ما يتصف به خمر الدنيا، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ أي لا تغتال عقولهم فتذهب بها ولا يصيبهم منها مرض ولا صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ أي يسكرون، يقال : نزف الشارب، فهو منزوف، ونزيف إذا سكر، ومنه قول امرئ القيس :
وإذا هي تمشي كمشي النزي ف يصرعه بالكثيب البهر
وقال أيضاً :
* نزيف إذا قامت لوجه تمايلت *
ومنه قول الآخر :
فلثمت فاها آخذاً بقرونها شرب النزيف ببرد ماء الحشرج
قال الفراء : العرب تقول ليس فيها غيلة وغائلة وغول سواء. وقال أبو عبيدة : الغول أن تغتال عقولهم، وأنشد قول مطيع بن إياس :
وما زالت الكأس تغتالهم وتذهب بالأوّل الأوّل
وقال الواحدي : الغول حقيقته الإهلاك، يقال : غاله غولاً، واغتاله، أي أهلكه، والغول كل ما اغتالك، أي أهلكك. قرأ الجمهور ﴿ ينزفون ﴾ بضم الياء، وفتح الزاي مبنياً للمفعول. وقرأ حمزة والكسائي بضم الياء، وكسر الزاي من أنزف الرجل : إذا ذهب عقله من السكر فهو : نزيف، ومنزوف، ومنزف، يقال : أحصد الزرع : إذا حان حصاده، وأقطف الكرم : إذا حان قطافه. قال الفراء : من كسر الزاي، فله معنيان، يقال أنزف الرجل : إذا فنيت خمره، وأنزف : إذا ذهب عقله من السكر، وتحمل هذه القراءة على معنى : لا ينفد شرابهم لزيادة الفائدة. قال النحاس : والقراءة الأولى أبين، وأصحّ في المعنى ؛ لأن معنى ﴿ لا ينزفون ﴾ عند جمهور المفسرين : لا تذهب عقولهم، فنفى الله عزّ وجلّ عن خمر الجنة الآفات التي تلحق في الدنيا من خمرها من الصداع والسكر. وقال الزجاج وأبو علي الفارسي : معنى لا ينزفون بكسر الزاي : لا يسكرون. قال المهدوي : لا يكون معنى ينزفون يسكرون، لأن قبله ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول. وأخرج عبد الرّزّاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن منيع في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الرّبا مع أصحاب الرّبا، وأصحاب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أشباههم، وفي لفظ : نظراءهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ قال : وجهوهم، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : دلوهم ﴿ إلى صراط الجحيم ﴾ قال : طريق النار. وأخرج عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال : احبسوهم إنهم محاسبون. وأخرج البخاري في تاريخه، والدارمي، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً معه يوم القيامة لازماً به لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون ﴾. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون، ﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ لا يعقل، قال : فحكى الله صدقه، فقال :﴿ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فمن قال لا إله إلاّ الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» وأنزل الله في كتابه، وذكر قوماً استكبروا، فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، وقال :﴿ إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] وهي : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ قال : الخمر ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال ليس فيها صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : لا تذهب عقولهم. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر، والصداع، والقيء، والبول، فنزّه الله خمر الجنة عنها، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ لا تغول عقولهم من السكر ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ يقول : من غير أزواجهنّ ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : اللؤلؤ المكنون. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها.

﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ أي لا تغتال عقولهم، فيكون تكريراً، وهذا يقوّي ما قاله قتادة : إن الغول وجع البطن، وكذا روى ابن أبي نجيح عن مجاهد. وقال الحسن : إن الغول الصداع. وقال ابن كيسان : هو المغص، فيكون معنى الآية : لا فيها نوع من أنواع الفساد المصاحبة لشرب الخمر في الدنيا من مغص، أو وجع بطن، أو صداع أو عربدة أو لغو أو تأثيم، ولا هم يسكرون منها. ويؤيد هذا أن أصل الغول : الفساد الذي يلحق في خفاء، يقال : اغتاله اغتيالاً : إذا أفسد عليه أمره في خفية، ومنه الغول، والغيلة القتل خفية. وقرأ ابن أبي إسحاق ﴿ ينزفون ﴾ بفتح الياء، وكسر الزاي. وقرأ طلحة بن مصرّف بفتح الياء وضم الزاي.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول. وأخرج عبد الرّزّاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن منيع في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الرّبا مع أصحاب الرّبا، وأصحاب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أشباههم، وفي لفظ : نظراءهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ قال : وجهوهم، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : دلوهم ﴿ إلى صراط الجحيم ﴾ قال : طريق النار. وأخرج عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال : احبسوهم إنهم محاسبون. وأخرج البخاري في تاريخه، والدارمي، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً معه يوم القيامة لازماً به لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون ﴾. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون، ﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ لا يعقل، قال : فحكى الله صدقه، فقال :﴿ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فمن قال لا إله إلاّ الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» وأنزل الله في كتابه، وذكر قوماً استكبروا، فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، وقال :﴿ إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] وهي : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ قال : الخمر ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال ليس فيها صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : لا تذهب عقولهم. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر، والصداع، والقيء، والبول، فنزّه الله خمر الجنة عنها، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ لا تغول عقولهم من السكر ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ يقول : من غير أزواجهنّ ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : اللؤلؤ المكنون. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها.

ولما ذكر سبحانه صفة مشروبهم ذكر عقبه صفة منكوحهم، فقال :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ أي نساء قصرن طرفهنّ على أزواجهنّ، فلا يردن غيرهم، والقصر معناه الحبس، ومنه قول امرئ القيس :
من القاصرات الطرف لو دب محول من الذرّ فوق الأتب منها لأثرا
والمحول الصغير من الذرّ، والأتب القميص، وقيل القاصرات : المحبوسات على أزواجهنّ، والأوّل أولى ؛ لأنه قال : قاصرات الطرف. ولم يقل : مقصورات. والعين : عظام العيون جمع عيناء، وهي : الواسعة العين.
قال الزجاج : معنى ﴿ عِينٌ ﴾ كبار الأعين حسناها. وقال مجاهد : العين : حسان العيون. وقال الحسن : هنّ الشديدات بياض العين الشديدات سوادها. والأوّل أولى.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول. وأخرج عبد الرّزّاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن منيع في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الرّبا مع أصحاب الرّبا، وأصحاب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أشباههم، وفي لفظ : نظراءهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ قال : وجهوهم، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : دلوهم ﴿ إلى صراط الجحيم ﴾ قال : طريق النار. وأخرج عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال : احبسوهم إنهم محاسبون. وأخرج البخاري في تاريخه، والدارمي، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً معه يوم القيامة لازماً به لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون ﴾. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون، ﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ لا يعقل، قال : فحكى الله صدقه، فقال :﴿ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فمن قال لا إله إلاّ الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» وأنزل الله في كتابه، وذكر قوماً استكبروا، فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، وقال :﴿ إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] وهي : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ قال : الخمر ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال ليس فيها صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : لا تذهب عقولهم. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر، والصداع، والقيء، والبول، فنزّه الله خمر الجنة عنها، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ لا تغول عقولهم من السكر ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ يقول : من غير أزواجهنّ ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : اللؤلؤ المكنون. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها.

﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال الحسن وأبو زيد : شبههنّ ببيض النعام تكنها النعامة بالريش من الريح والغبار. فلونه أبيض في صفرة، وهو أحسن ألوان النساء. وقال سعيد بن جبير والسدّي : شبههنّ ببطن البيض قبل أن يقشر، وتمسه الأيدي، وبه قال ابن جرير، ومنه قول امرئ القيس :
وبيضة خدر لا يرام خباؤها تمتعت من لهو بها غير معجل
قال المبرد : وتقول العرب إذا وصفت الشيء بالحسن، والنظافة كأنه بيض النعام المغطى بالريش. وقيل : المكنون المصون عن الكسر، أي إنهنّ عذارى، وقيل : المراد بالبيض : اللؤلؤ كما في قوله :﴿ وَحُورٌ عِينٌ * كأمثال اللؤلؤ المكنون ﴾ [ الواقعة : ٢٢، ٢٣ ] ومثله قول الشاعر :
وهي بيضاء مثل لؤلؤة الغوّا ص ميزت من جوهر مكنون
والأوّل أولى، وإنما قال :﴿ مكنون ﴾، ولم يقل : مكنونات ؛ لأنه وصف البيض باعتبار اللفظ.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول. وأخرج عبد الرّزّاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وابن منيع في مسنده، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أمثالهم الذين هم مثلهم، يجيء أصحاب الرّبا مع أصحاب الرّبا، وأصحاب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر، أزواج في الجنة، وأزواج في النار. وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ قال : أشباههم، وفي لفظ : نظراءهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ قال : وجهوهم، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية قال : دلوهم ﴿ إلى صراط الجحيم ﴾ قال : طريق النار. وأخرج عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال : احبسوهم إنهم محاسبون. وأخرج البخاري في تاريخه، والدارمي، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً معه يوم القيامة لازماً به لا يفارقه، وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُون ﴾. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون، ﴿ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾ لا يعقل، قال : فحكى الله صدقه، فقال :﴿ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فمن قال لا إله إلاّ الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» وأنزل الله في كتابه، وذكر قوماً استكبروا، فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، وقال :﴿ إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ الحمية حَمِيَّةَ الجاهلية فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] وهي : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ ﴾ قال : الخمر ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال ليس فيها صداع ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : لا تذهب عقولهم. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر، والصداع، والقيء، والبول، فنزّه الله خمر الجنة عنها، فقال :﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ لا تغول عقولهم من السكر ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله :﴿ وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف ﴾ يقول : من غير أزواجهنّ ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : اللؤلؤ المكنون. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله :﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها.

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ قَالَ: الْخَمْرُ لَا فِيها غَوْلٌ قَالَ لَيْسَ فِيهَا صُدَاعٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ قَالَ: لَا تَذْهَبُ عُقُولُهُمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ قَالَ فِي الْخَمْرِ أَرْبَعُ خِصَالٍ: السُّكْرُ وَالصُّدَاعُ وَالْقَيْءُ وَالْبَوْلُ، فَنَزَّهَ اللَّهُ خَمْرَ الْجَنَّةِ عَنْهَا، فَقَالَ: لَا فِيها غَوْلٌ لَا تَغُولُ عُقُولُهُمْ مِنَ السُّكْرِ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ قَالَ: يَقِيئُونَ عَنْهَا كَمَا يَقِيءُ صَاحِبُ خَمْرِ الدُّنْيَا عَنْهَا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا فِيها غَوْلٌ قَالَ: هِيَ الْخَمْرُ لَيْسَ فِيهَا وَجَعُ بَطْنٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ يَقُولُ:
عن غَيْرِ أَزْوَاجِهِنَّ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ قَالَ: اللُّؤْلُؤُ الْمَكْنُونُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ قَالَ: بَيَاضُ الْبَيْضَةِ يُنْزَعُ عنها فوقها وغشاؤها.
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٥٠ الى ٧٤]
فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٥٠) قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ (٥١) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (٥٢) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (٥٣) قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (٥٤)
فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ (٥٥) قالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (٥٦) وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٥٧) أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨) إِلاَّ مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٥٩)
إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٠) لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ (٦١) أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (٦٢) إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (٦٣) إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (٦٤)
طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ (٦٥) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٦٦) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ (٦٧) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (٦٨) إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ (٦٩)
فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ (٧٠) وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ (٧١) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ (٧٢) فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (٧٣) إِلاَّ عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (٧٤)
قَوْلُهُ: فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ مَعْطُوفٌ عَلَى يُطَافُ، أَيْ: يَسْأَلُ هَذَا ذَاكَ، وَذَاكَ هَذَا حَالَ شُرْبِهِمْ عَنْ أَحْوَالِهِمُ الَّتِي كَانَتْ فِي الدُّنْيَا، وَذَلِكَ مِنْ تَمَامِ نَعِيمِ الْجَنَّةِ. وَالتَّقْدِيرُ: فَيُقْبِلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْهُ بِالْمَاضِي لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَحَقُّقِ وُقُوعِهِ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ أَيْ: قَالَ قَائِلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي حَالِ إِقْبَالِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْحَدِيثِ وَسُؤَالِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ أَيْ: صَاحِبٌ مُلَازِمٌ لِي فِي الدُّنْيَا كَافِرٌ بِالْبَعْثِ منكر له كما يدلّ عليه قوله: أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ يَعْنِي: بِالْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ، وَهَذَا الِاسْتِفْهَامُ مِنَ الْقَرِينِ لِتَوْبِيخِ ذَلِكَ الْمُؤْمِنِ وَتَبْكِيتِهِ بِإِيمَانِهِ وَتَصْدِيقِهِ بِمَا وَعَدَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْبَعْثِ، وَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا. ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِبْعَادِ لِلْبَعْثِ عِنْدَهُ وفي زعمه فقال: أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ أَيْ: مَجْزِيُّونَ بِأَعْمَالِنَا وَمُحَاسَبُونَ بِهَا بَعْدَ أَنْ صِرْنَا تُرَابًا وَعِظَامًا وَقِيلَ مَعْنَى مَدِينُونَ:
مَسُوسُونَ، يُقَالُ دَانَهُ: إِذَا سَاسَهُ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: قَرِينُهُ شَرِيكُهُ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْقَرِينِ الشَّيْطَانَ الَّذِي يُقَارِنُهُ وَأَنَّهُ كَانَ يُوَسْوِسُ إِلَيْهِ بِإِنْكَارِ الْبَعْثِ، وَقَدْ مَضَى ذِكْرُ قِصَّتِهِمَا فِي سُورَةِ الْكَهْفِ، وَالِاخْتِلَافُ فِي
454
اسْمَيْهِمَا، قَرَأَ الْجُمْهُورُ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ بِتَخْفِيفِ الصَّادِ مِنَ التَّصْدِيقِ، أَيْ: لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ بِالْبَعْثِ، وَقُرِئَ بِتَشْدِيدِهَا، وَلَا أَدْرِي مَنْ قَرَأَ بِهَا، وَمَعْنَاهَا بَعِيدٌ لِأَنَّهَا مِنَ التَّصَدُّقِ لَا مِنَ التَّصْدِيقِ، وَيُمْكِنُ تَأْوِيلُهَا بِأَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِ التَّصَدُّقَ بِمَالِهِ لِطَلَبٍ الثَّوَابِ، وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِاسْتِبْعَادِ الْبَعْثِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي هَذِهِ الِاسْتِفْهَامَاتِ الثَّلَاثَةِ، فَقَرَأَ نَافِعٌ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ بِالِاسْتِفْهَامِ بِهَمْزَةٍ، وَالثَّالِثَةَ بِكَسْرِ الْأَلِفِ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْهَامٍ، وَوَافَقَهُ الْكِسَائِيُّ إِلَّا أَنَّهُ يَسْتَفْهِمُ الثَّالِثَةَ بِهَمْزَتَيْنِ، وَابْنُ عَامِرٍ الْأُولَى وَالثَّالِثَةَ بِهَمْزَتَيْنِ، وَالثَّانِيَةَ بِكَسْرِ الْأَلِفِ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْهَامٍ، وَالْبَاقُونَ بِالِاسْتِفْهَامِ فِي جَمِيعِهَا. ثُمَّ اخْتَلَفُوا، فَابْنُ كَثِيرٍ يَسْتَفْهِمُ بِهَمْزَةٍ وَاحِدَةٍ غَيْرِ مُطَوَّلَةٍ، وَبَعْدَهُ سَاكِنَةٌ خَفِيفَةٌ، وَأَبُو عَمْرٍو مُطَوَّلَةٍ، وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ بِهَمْزَتَيْنِ. قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ الْقَائِلُ هُوَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ بَعْدَ مَا حَكَى لِجُلَسَائِهِ فِيهَا مَا قَالَهُ لَهُ قَرِينُهُ فِي الدُّنْيَا، أَيْ: هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ إِلَى أَهْلِ النَّارِ لِأُرِيَكُمْ ذَلِكَ الْقَرِينَ الَّذِي قَالَ لِي تِلْكَ الْمَقَالَةَ كَيْفَ مَنْزِلَتُهُ فِي النار؟ قال ابن الأعرابي:
والاستفهام هُوَ بِمَعْنَى الْأَمْرِ، أَيِ: اطَّلِعُوا، وَقِيلَ: الْقَائِلُ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَقِيلَ: الْمَلَائِكَةُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ أَيْ: فَاطَّلَعَ عَلَى النَّارِ ذَلِكَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي صَارَ يُحَدِّثُ أَصْحَابَهُ فِي الْجَنَّةِ بِمَا قَالَ لَهُ قَرِينُهُ فِي الدُّنْيَا، فَرَأَى قَرِينَهُ فِي وَسَطِ الْجَحِيمِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: سَوَاءُ كُلِّ شَيْءٍ وَسَطُهُ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ مُطَّلِعُونَ بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ مَفْتُوحَةً وَبِفَتْحِ النُّونِ، فَاطَّلَعَ مَاضِيًا مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ مِنَ الطُّلُوعِ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَرُوِيَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ عَنْ أَبِي عَمْرٍو مُطْلِعُونَ بِسُكُونِ الطَّاءِ وَفَتْحِ النُّونِ فَاطَّلَعَ بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ مَضْمُومَةً وَكَسْرِ اللَّامِ مَاضِيًا مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ. قَالَ النَّحَّاسُ: فَأُطْلِعَ فِيهِ قَوْلَانِ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ فِعْلًا مُسْتَقْبَلًا، أَيْ: فَأَطَّلِعُ أَنَا، وَيَكُونُ مَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ الِاسْتِفْهَامِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ فِعْلًا مَاضِيًا، وَقَرَأَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ مُطَّلِعُونَ بِتَخْفِيفِ الطَّاءِ وَكَسْرِ النُّونِ فَاطُّلِعَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، وَأَنْكَرَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. قَالَ النَّحَّاسُ: هِيَ لَحْنٌ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ النُّونِ وَالْإِضَافَةِ، وَلَوْ كَانَ مُضَافًا لَقَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطْلِعِيَّ، وَإِنْ كَانَ سِيبَوَيْهِ وَالْفَرَّاءُ قَدْ حَكَيَا مِثْلَهُ وَأَنْشَدَا:
هُمُ الْقَائِلُونَ الْخَيْرَ وَالْآمِرُونَهُ إِذَا مَا خَشُوا مِنْ مُحْدَثِ الدَّهْرِ مُعْظَمًا
وَلَكِنَّهُ شَاذٌّ خَارِجٌ عَنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ أَيْ قَالَ ذَلِكَ الَّذِي مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَمَّا اطَّلَعَ عَلَى قَرِينِهِ وَرَآهُ فِي النَّارِ: تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ: أَيْ لَتُهْلِكُنِي بِالْإِغْوَاءِ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: لتردين لتهلكني، والردى: الْهَلَاكُ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: لَوْ قِيلَ لَتُرْدِينِ لَتُوقِعُنِي فِي النَّارِ لَكَانَ جَائِزًا. قَالَ مُقَاتِلٌ: الْمَعْنَى وَاللَّهِ لَقَدْ كِدْتَ أَنْ تُغْوِيَنِي فَأَنْزِلُ مَنْزِلَتَكَ، وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ، فَمَنْ أَغْوَى إِنْسَانًا فَقَدْ أَهْلَكَهُ وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ أَيْ: لَوْلَا رَحْمَةُ رَبِّي، وَإِنْعَامُهُ عَلَيَّ بِالْإِسْلَامِ، وَهِدَايَتِي إِلَى الْحَقِّ، وَعِصْمَتِي عَنِ الضَّلَالِ لَكُنْتُ مِنَ الْمَحْضَرِينَ مَعَكَ فِي النَّارِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: أَيْ لَكُنْتُ مَعَكَ فِي النَّارِ مُحْضَرًا. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَأُحْضِرَ لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِي الشَّرِّ. وَلَمَّا تَمَّمَ كَلَامَهُ مَعَ ذَلِكَ الْقَرِينِ الَّذِي هُوَ فِي النَّارِ عَادَ إِلَى مُخَاطَبَةِ جُلَسَائِهِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَقَالَ:
أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ، وَالْهَمْزَةُ لِلِاسْتِفْهَامِ التَّقْرِيرِيِّ وَفِيهَا مَعْنَى التَّعْجِيبِ، وَالْفَاءُ لِلْعَطْفِ عَلَى مَحْذُوفٍ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ، أَيْ: أَنَحْنُ مُخَلَّدُونَ مُنَعَّمُونَ فَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى الَّتِي كَانَتْ فِي الدُّنْيَا، وَقَوْلُهُ هَذَا
455
كَانَ عَلَى طَرِيقَةِ الِابْتِهَاجِ وَالسُّرُورِ بِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ نَعِيمِ الْجَنَّةِ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ وَأَنَّهُمْ مُخَلَّدُونَ لَا يَمُوتُونَ أَبَدًا، وَقَوْلُهُ: وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ هُوَ مِنْ تَمَامِ كَلَامِهِ، أَيْ: وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ كَمَا يُعَذَّبُ الْكُفَّارُ. ثُمَّ قَالَ مُشِيرًا إِلَى مَا هُمْ فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ أَيْ: إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ الْعَظِيمَ، وَالنَّعِيمَ الْمُقِيمَ، وَالْخُلُودَ الدَّائِمَ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الَّذِي لَا يُقَادَرُ قَدَرُهُ وَلَا يُمْكِنُ الْإِحَاطَةُ بِوَصْفِهِ، وَقَوْلُهُ لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ مِنْ تَمَامِ كَلَامِهِ أَيْ: لِمِثْلِ هَذَا الْعَطَاءِ وَالْفَضْلِ الْعَظِيمِ فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ، فَإِنَّ هَذِهِ هِيَ التِّجَارَةُ الرَّابِحَةُ، لَا الْعَمَلُ لِلدُّنْيَا الزَّائِلَةِ فَإِنَّهَا صَفْقَةٌ خَاسِرَةٌ، نَعِيمُهَا مُنْقَطِعٌ، وَخَيْرُهَا زَائِلٌ، وَصَاحِبُهَا عَنْ قَرِيبٍ مِنْهَا رَاحِلٌ. وَقِيلَ: إِنَّ هَذَا مِنْ قَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَقِيلَ: مِنْ قَوْلِ الْمَلَائِكَةِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِمَيِّتِينَ وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ «بِمَايِتِينَ» وَانْتِصَابُ إِلَّا مَوْتَتَنَا عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مُفَرَّغٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا. أَيْ: لَكِنَّ الْمَوْتَةَ الْأُولَى الَّتِي كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ إِلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ نَعِيمِ الْجَنَّةِ، وَهُوَ: مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُهُ: خير، ونزلا: تَمْيِيزٌ، وَالنُّزُلُ فِي اللُّغَةِ الرِّزْقُ الَّذِي يَصْلُحُ أَنْ يَنْزِلُوا مَعَهُ وَيُقِيمُوا فِيهِ، وَالْخَيْرِيَّةُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا اخْتَارَهُ الْكُفَّارُ عَلَى غَيْرِهِ. قَالَ الزَّجَّاجُ:
الْمَعْنَى أَذَلِكَ خَيْرٌ فِي بَابِ الْإِنْزَالِ الَّتِي يَبْقُونَ بِهَا نُزُلًا أَمْ نُزُلُ أَهْلِ النَّارِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ وَهُوَ مَا يُكْرَهُ تَنَاوُلُهُ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: وَهُوَ شَيْءٌ مُرٌّ كَرِيهٌ يُكْرَهُ أَهْلُ النَّارِ عَلَى تَنَاوُلِهِ فَهُمْ يَتَزَقَّمُونَهُ، وَهِيَ عَلَى هَذَا مُشْتَقَّةٌ مِنَ التزقيم وَهُوَ الْبَلْعُ عَلَى جُهْدٍ لِكَرَاهَتِهَا وَنَتَنِهَا. وَاخْتُلِفَ فِيهَا هَلْ هِيَ مِنْ شَجَرِ الدُّنْيَا الَّتِي يَعْرِفُهَا الْعَرَبُ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا مَعْرُوفَةٌ مِنْ شَجَرِ الدُّنْيَا فَقَالَ قُطْرُبٌ: إِنَّهَا شَجَرَةٌ مُرَّةٌ تَكُونُ بِتِهَامَةَ مِنْ أَخْبَثِ الشَّجَرِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلْ هُوَ كُلُّ نَبَاتٍ قَاتِلٍ. الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ فِي شَجَرِ الدُّنْيَا. قَالَ قَتَادَةُ: لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ هَذِهِ الشَّجَرَةَ افْتُتِنَ بِهَا الظَّلَمَةُ فَقَالُوا: كَيْفَ تَكُونُ فِي النَّارِ شَجَرَةٌ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ قَالَ الزَّجَّاجُ: حِينَ افْتُتِنُوا بِهَا وَكَذَّبُوا بِوُجُودِهَا. وَقِيلَ: مَعْنَى جَعْلِهَا فتنة لهم: أنها محنة لهم لكونهم يُعَذَّبُونَ بِهَا، وَالْمُرَادُ بِالظَّالِمِينَ هُنَا: الْكُفَّارُ أَوْ أَهْلُ الْمَعَاصِي الْمُوجِبَةِ لِلنَّارِ. ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَوْصَافَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ رَدًّا عَلَى مُنْكِرِيهَا فَقَالَ: إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ أَيْ: فِي قَعْرِهَا، قَالَ الْحَسَنُ:
أَصْلُهَا فِي قَعْرِ جهنم، وأغصانها ترفع إلى دركاتها، ثم قال: طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ أَيْ: ثَمَرُهَا وَمَا تَحْمِلُهُ كَأَنَّهُ فِي تناهي قبحه وشناعة منظره رؤوس الشَّيَاطِينِ، فَشَبَّهَ الْمَحْسُوسَ بِالْمُتَخَيَّلِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَرْئِيٍّ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ غَايَةٌ فِي الْقُبْحِ كَمَا تَقُولُ فِي تَشْبِيهِ مَنْ يَسْتَقْبِحُونَهُ: كَأَنَّهُ شَيْطَانٌ، وَفِي تَشْبِيهِ مَنْ يَسْتَحْسِنُونَهُ:
كَأَنَّهُ مَلَكٌ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ «١» وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
أَيَقْتُلُنِي وَالْمَشْرِفِيُّ مُضَاجِعِي وَمَسْنُونَةٌ زُرْقٌ كَأَنْيَابِ أَغْوَالِ
وَقَالَ الزَّجَّاجُ وَالْفَرَّاءُ: الشياطين حيات لها رؤوس وَأَعْرَافٌ، وَهِيَ مِنْ أَقْبَحِ الْحَيَّاتِ وَأَخْبَثِهَا، وَأَخَفِّهَا جسما، وقيل إن رؤوس الشَّيَاطِينِ اسْمٌ لِنَبْتٍ قَبِيحٍ مَعْرُوفٍ بِالْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ الْأَسْتنُ، وَيُقَالُ لَهُ الشَّيْطَانُ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَلَيْسَ ذَلِكَ مَعْرُوفًا عِنْدَ الْعَرَبِ. وَقِيلَ: هُوَ شَجَرٌ خَشِنٌ مُنْتِنٌ مُرٌّ مُنْكَرُ الصُّورَةِ يُسَمَّى ثمره رؤوس
(١). يوسف: ٣١.
456
الشَّيَاطِينِ فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها أَيْ: مِنَ الشَّجَرَةِ أَوْ مِنْ طَلْعِهَا، وَالتَّأْنِيثُ لِاكْتِسَابِ الطَّلْعِ التَّأْنِيثَ من إضافته إلى الشجرة فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يُكْرَهُونَ عَلَى أَكْلِهَا حَتَّى تَمْتَلِئَ بُطُونُهُمْ، فَهَذَا طَعَامُهُمْ، وَفَاكِهَتُهُمْ بَدَلُ رِزْقِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها بَعْدَ الْأَكْلِ مِنْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ الشَّوْبُ: الخلط. قال الفراء: شَابَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ: إِذَا خَلَطَهُمَا بِشَيْءٍ يَشُوبُهُمَا شَوْبًا وَشِيَابَةً، وَالْحَمِيمُ:
الْمَاءُ الْحَارُّ. فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ يُشَابُ لَهُمْ طَعَامُهُمْ مِنْ تِلْكَ الشَّجَرَةِ بِالْمَاءِ الْحَارِّ لِيَكُونَ أَفْظَعَ لِعَذَابِهِمْ وَأَشْنَعَ لِحَالِهِمْ كَمَا فِي قَوْلِهِ: وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ قرأ الجمهور لَشَوْباً بِفَتْحِ الشِّينِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ، وَقَرَأَ شَيْبَانُ النَّحْوِيُّ بِالضَّمِّ. قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَفْتُوحُ مَصْدَرٌ، وَالْمَضْمُومُ اسْمٌ بِمَعْنَى الْمَشُوبِ، كَالنَّقْصِ بِمَعْنَى الْمَنْقُوصِ ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ أَيْ: مَرْجِعُهُمْ بَعْدَ شُرْبِ الْحَمِيمِ وَأَكْلِ الزَّقُّومِ إِلَى الْجَحِيمِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يُورَدُونَ الْحَمِيمَ لِشُرْبِهِ، وَهُوَ خَارِجُ الْجَحِيمِ، كَمَا تُورَدُ الْإِبِلُ، ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى الْجَحِيمِ كَمَا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ وَقِيلَ: إِنَّ الزَّقُّومَ وَالْحَمِيمَ نُزُلٌ يُقَدَّمُ إِلَيْهِمْ قَبْلَ دُخُولِهَا. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ:
ثُمَّ بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ «ثُمَّ إِنَّ مَقِيلَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ» وَجُمْلَةُ إِنَّهُمْ أَلْفَوْا أَيْ: وَجَدُوا آباءَهُمْ ضالِّينَ تَعْلِيلٌ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، أَيْ: صَادَفُوهُمْ كَذَلِكَ فَاقْتَدَوْا بِهِمْ تَقْلِيدًا وَضَلَالَةً لَا لِحُجَّةٍ أَصْلًا فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ الإهراع الإسراع، الإهراع بِرِعْدَةٍ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ:
يُهْرَعُونَ: يُسْتَحَثُّونَ مِنْ خَلْفِهِمْ، يُقَالُ جَاءَ فُلَانٌ يُهْرَعُ إِلَى النَّارِ: إِذَا اسْتَحَثَّهُ الْبَرْدُ إِلَيْهَا. وَقَالَ الْمُفَضَّلُ يُزْعِجُونَ مِنْ شِدَّةِ الْإِسْرَاعِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: هَرِعَ وَأُهْرِعَ: إِذَا اسْتُحِثَّ وَانْزَعَجَ، وَالْمَعْنَى: يَتْبَعُونَ آبَاءَهُمْ فِي سُرْعَةٍ كَأَنَّهُمْ يُزْعِجُونَ إِلَى اتِّبَاعِ آبَائِهِمْ وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ أَيْ: ضَلَّ قَبْلَ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ أَيْ: أَرْسَلْنَا فِي هَؤُلَاءِ الْأَوَّلِينَ رُسُلًا أَنْذَرُوهُمُ الْعَذَابَ وَبَيَّنُوا لَهُمُ الْحَقَّ فَلَمْ يَنْجَعْ ذَلِكَ فِيهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ أَيِ: الَّذِينَ أَنْذَرَتْهُمُ الرُّسُلُ فَإِنَّهُمْ صَارُوا إِلَى النَّارِ. قَالَ مُقَاتِلٌ: يَقُولُ كَانَ عَاقِبَتَهُمُ الْعَذَابُ، يُحَذِّرُ كُفَّارَ مَكَّةَ ثُمَّ اسْتَثْنَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ:
إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ أَيْ: إِلَّا مَنْ أَخْلَصَهُمُ اللَّهُ بِتَوْفِيقِهِمْ إِلَى الْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ، وَقُرِئَ الْمُخْلَصِينَ بِكَسْرِ اللَّامِ، أَيِ: الَّذِينَ أَخْلَصُوا لِلَّهِ طَاعَاتِهِمْ وَلَمْ يَشُوبُوهَا بِشَيْءٍ مِمَّا يُغَيِّرُهَا.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهَنَّادٌ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ: فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ.
قَالَ: اطَّلَعَ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ جَمَاجِمَ الْقَوْمِ تَغْلِي. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَوْلُ اللَّهِ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ قَالَ هَنِيئًا: أَيْ لَا تَمُوتُونَ فِيهَا فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالُوا: أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ قَالَ: هَذَا قَوْلُ اللَّهِ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدُهُ فِي يَدِي، فَرَأَى جِنَازَةً فَأَسْرَعَ المشي حتى أتى القبر، ثم جثى عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَجَعَلَ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ الثَّرَى، ثُمَّ قَالَ: لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ عَلَى مَرِيضٍ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَقَالَ: لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
457
﴿ قَالَ قَائِلٌ مّنْهُمْ ﴾ أي قال قائل من أهل الجنة في حال إقبال بعضهم على بعض بالحديث، وسؤال بعضهم لبعض ﴿ إِنّي كَانَ لِي قَرِينٌ ﴾ أي : صاحب ملازم لي في الدنيا كافر بالبعث منكر له كما يدلّ عليه قوله :﴿ أَءنَّكَ لَمِنَ المصدقين ﴾.
﴿ أَءنَّكَ لَمِنَ المصدقين ﴾ يعني : بالبعث والجزاء، وهذا الاستفهام من القرين لتوبيخ ذلك المؤمن، وتبكيته بإيمانه، وتصديقه بما وعد الله به من البعث، وكان هذا القول منه في الدنيا.
ثم ذكر ما يدلّ على الاستبعاد للبعث عنده وفي زعمه، فقال :﴿ أَءذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وعظاما أَءنَّا لَمَدِينُونَ ﴾ أي : مجزيون بأعمالنا، ومحاسبون بها بعد أن صرنا تراباً وعظاماً، وقيل : معنى مدينون : مسوسون، يقال دانه : إذا ساسه. قال سعيد بن جبير : قرينه شريكه، وقيل : أراد بالقرين الشيطان الذي يقارنه، وأنه كان يوسوس إليه بإنكار البعث، وقد مضى ذكر قصتهما في سورة الكهف، والاختلاف في اسميهما، قرأ الجمهور ﴿ لمن المصدقين ﴾ بتخفيف الصاد من التصديق، أي لمن المصدّقين بالبعث، وقرئ بتشديدها، ولا أدري من قرأ بها، ومعناها بعيد ؛ لأنها من التصدّق لا من التصديق، ويمكن تأويلها بأنه أنكر عليه التصدّق بماله لطلب الثواب، وعلل ذلك باستبعاد البعث.
وقد اختلف القراء في هذه الاستفهامات الثلاثة، فقرأ نافع الأولى، والثانية بالاستفهام بهمزة، والثالثة بكسر الألف من غير استفهام. ووافقه الكسائي إلا أنه يستفهم الثالثة بهمزتين، وابن عامر الأولى، والثالثة بهمزتين، والثانية بكسر الألف من غير استفهام، والباقون بالاستفهام في جميعها. ثم اختلفوا، فابن كثير يستفهم بهمزة واحدة غير مطوّلة، وبعده ساكنة خفيفة، وأبو عمرو مطوّلة، وعاصم، وحمزة بهمزتين.
﴿ قَالَ هَلْ أَنتُمْ مُّطَّلِعُونَ ﴾ القائل : هو المؤمن الذي في الجنة بعد ما حكى لجلسائه فيها ما قاله له قرينه في الدنيا، أي هل أنتم مطلعون إلى أهل النار ؟ لأريكم ذلك القرين الذي قال لي تلك المقالة كيف منزلته في النار ؟ قال ابن الأعرابي : والاستفهام هو بمعنى الأمر أي : اطلعوا، وقيل القائل : هو الله سبحانه، وقيل : الملائكة، والأوّل أولى.
﴿ فاطلع فَرَءاهُ في سَوَاء الجحيم ﴾ أي فاطلع على النار ذلك المؤمن الذي صار يحدث أصحابه في الجنة بما قال له قرينه في الدنيا، فرأى قرينه في وسط الجحيم. قال الزجاج : سواء كل شيء وسطه. قرأ الجمهور ﴿ مطلعون ﴾ بتشديد الطاء مفتوحة، وبفتح النون، فاطلع ماضياً مبنياً للفاعل من الطلوع.
وقرأ ابن عباس، ورويت هذه القراءة عن أبي عمرو ﴿ مطلعون ﴾ بسكون الطاء، وفتح النون " فأطلع " بقطع الهمزة مضمومة، وكسر اللام ماضياً مبنياً للمفعول. قال النحاس : فأطلع فيه قولان على هذه القراءة : أحدهما : أن يكون فعلاً مستقبلاً، أي فأطلع أنا، ويكون منصوباً على أنه جواب الاستفهام. والقول الثاني : أن يكون فعلاً ماضياً، وقرأ حماد بن أبي عمار ﴿ مطلعون ﴾ بتخفيف الطاء وكسر النون، فاطلع مبنياً للمفعول، وأنكر هذه القراءة أبو حاتم، وغيره. قال النحاس : هي لحن، لأنه لا يجوز الجمع بين النون والإضافة، ولو كان مضافاً لقال : هل أنتم مطلعيّ، وإن كان سيبويه والفراء قد حكيا مثله، وأنشدا :
هم القائلون الخير والآمرونه إذا ما خشوا من محدث الدهر معظما
ولكنه شاذ خارج عن كلام العرب.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة، وهناد، وابن المنذر عن ابن مسعود في قوله :﴿ فاطلع فَرَءاهُ في سَوَاء الجحيم ﴾ قال : اطلع، ثم التفت إلى أصحابه، فقال : لقد رأيت جماجم القوم تغلي. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : قول الله لأهل الجنة :﴿ كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الطور : ١٩ ] قال ﴿ هنيئاً ﴾ أي لا تموتون فيها، فعند ذلك قالوا :﴿ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيّتِينَ * إِلاَّ مَوْتَتَنَا الأولى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هذا لَهُوَ الفوز العظيم ﴾ قال : هذا قول الله ﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال :«كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في يدي، فرأى جنازة فأسرع المشي حتى أتى القبر، ثم جثى على ركبتيه، فجعل يبكي حتى بلّ الثرى، ثم قال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾».
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم على مريض يجود بنفسه، فقال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : مرّ أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو جالس، فلما بعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ أولى لَكَ فأولى * ثُمَّ أولى لَكَ فأولى ﴾ [ القيامة : ٣٤، ٣٥ ]، فلما سمع أبو جهل قال : من توعد يا محمد ؟ قال :«إياك» قال : بما توعدني ؟ قال :«أوعدك بالعزيز الكريم» فقال أبو جهل : أليس أنا العزيز الكريم ؟ فأنزل الله :﴿ شَجَرَةُ الزقوم *طَعَامُ الأثيم ﴾ إلى قوله :﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم ﴾ [ الدخان : ٤٣-٤٩ ] فلما بلغ أبا جهل ما نزل فيه جمع أصحابه، فأخرج إليهم زبداً وتمراً، فقال : تزقموا من هذا، فوالله ما يتوعدكم محمد إلا بهذا، فأنزل الله ﴿ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ في أَصْلِ الجحيم ﴾ إلى قوله :﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة عنه قال : لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الأرض لأفسدت على الناس معايشهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً ﴾ قال : لمزجاً. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً قال : في قوله :﴿ لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾ يخالط طعامهم، ويشاب بالحميم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء، ويقيل هؤلاء أهل الجنة وأهل النار، وقرأ :" ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم ". وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ ءابَاءهُمْ ضَالّينَ ﴾ قال : وجدوا آباءهم.

﴿ قَالَ تالله إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ ﴾ أي قال ذلك الذي من أهل الجنة لما اطلع على قرينه، ورآه في النار ﴿ تالله إن كدت لتردين ﴾ أي لتهلكني بالإغواء. قال الكسائي : لتردين : لتهلكني، والردي : الهلاك. قال المبرد : لو قيل : لتردين لتوقعني في النار لكان جائزاً. قال مقاتل : المعنى والله لقد كدت أن تغويني، فأنزل منزلتك، والمعنى متقارب، فمن أغوى إنساناً، فقد أهلكه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة، وهناد، وابن المنذر عن ابن مسعود في قوله :﴿ فاطلع فَرَءاهُ في سَوَاء الجحيم ﴾ قال : اطلع، ثم التفت إلى أصحابه، فقال : لقد رأيت جماجم القوم تغلي. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : قول الله لأهل الجنة :﴿ كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الطور : ١٩ ] قال ﴿ هنيئاً ﴾ أي لا تموتون فيها، فعند ذلك قالوا :﴿ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيّتِينَ * إِلاَّ مَوْتَتَنَا الأولى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هذا لَهُوَ الفوز العظيم ﴾ قال : هذا قول الله ﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال :«كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في يدي، فرأى جنازة فأسرع المشي حتى أتى القبر، ثم جثى على ركبتيه، فجعل يبكي حتى بلّ الثرى، ثم قال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾».
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم على مريض يجود بنفسه، فقال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : مرّ أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو جالس، فلما بعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ أولى لَكَ فأولى * ثُمَّ أولى لَكَ فأولى ﴾ [ القيامة : ٣٤، ٣٥ ]، فلما سمع أبو جهل قال : من توعد يا محمد ؟ قال :«إياك» قال : بما توعدني ؟ قال :«أوعدك بالعزيز الكريم» فقال أبو جهل : أليس أنا العزيز الكريم ؟ فأنزل الله :﴿ شَجَرَةُ الزقوم *طَعَامُ الأثيم ﴾ إلى قوله :﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم ﴾ [ الدخان : ٤٣-٤٩ ] فلما بلغ أبا جهل ما نزل فيه جمع أصحابه، فأخرج إليهم زبداً وتمراً، فقال : تزقموا من هذا، فوالله ما يتوعدكم محمد إلا بهذا، فأنزل الله ﴿ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ في أَصْلِ الجحيم ﴾ إلى قوله :﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة عنه قال : لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الأرض لأفسدت على الناس معايشهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً ﴾ قال : لمزجاً. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً قال : في قوله :﴿ لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾ يخالط طعامهم، ويشاب بالحميم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء، ويقيل هؤلاء أهل الجنة وأهل النار، وقرأ :" ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم ". وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ ءابَاءهُمْ ضَالّينَ ﴾ قال : وجدوا آباءهم.

﴿ وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبّى لَكُنتُ مِنَ المحضرين ﴾ أي لولا رحمة ربي، وإنعامه عليّ بالإسلام، وهدايتي إلى الحقّ، وعصمتي عن الضلال لكنت من المحضرين معك في النار. قال الفراء : أي لكنت معك في النار محضراً. قال الماوردي : وأحضر لا يستعمل إلا في الشرّ.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة، وهناد، وابن المنذر عن ابن مسعود في قوله :﴿ فاطلع فَرَءاهُ في سَوَاء الجحيم ﴾ قال : اطلع، ثم التفت إلى أصحابه، فقال : لقد رأيت جماجم القوم تغلي. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : قول الله لأهل الجنة :﴿ كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الطور : ١٩ ] قال ﴿ هنيئاً ﴾ أي لا تموتون فيها، فعند ذلك قالوا :﴿ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيّتِينَ * إِلاَّ مَوْتَتَنَا الأولى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هذا لَهُوَ الفوز العظيم ﴾ قال : هذا قول الله ﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال :«كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في يدي، فرأى جنازة فأسرع المشي حتى أتى القبر، ثم جثى على ركبتيه، فجعل يبكي حتى بلّ الثرى، ثم قال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾».
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم على مريض يجود بنفسه، فقال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : مرّ أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو جالس، فلما بعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ أولى لَكَ فأولى * ثُمَّ أولى لَكَ فأولى ﴾ [ القيامة : ٣٤، ٣٥ ]، فلما سمع أبو جهل قال : من توعد يا محمد ؟ قال :«إياك» قال : بما توعدني ؟ قال :«أوعدك بالعزيز الكريم» فقال أبو جهل : أليس أنا العزيز الكريم ؟ فأنزل الله :﴿ شَجَرَةُ الزقوم *طَعَامُ الأثيم ﴾ إلى قوله :﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم ﴾ [ الدخان : ٤٣-٤٩ ] فلما بلغ أبا جهل ما نزل فيه جمع أصحابه، فأخرج إليهم زبداً وتمراً، فقال : تزقموا من هذا، فوالله ما يتوعدكم محمد إلا بهذا، فأنزل الله ﴿ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ في أَصْلِ الجحيم ﴾ إلى قوله :﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة عنه قال : لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الأرض لأفسدت على الناس معايشهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً ﴾ قال : لمزجاً. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً قال : في قوله :﴿ لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾ يخالط طعامهم، ويشاب بالحميم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء، ويقيل هؤلاء أهل الجنة وأهل النار، وقرأ :" ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم ". وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ ءابَاءهُمْ ضَالّينَ ﴾ قال : وجدوا آباءهم.

ولما تمم كلامه مع ذلك القرين، الذي هو في النار عاد إلى مخاطبة جلسائه من أهل الجنة، فقال :﴿ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيّتِينَ ﴾، والهمزة للاستفهام التقريري، وفيها معنى : التعجيب، والفاء للعطف على محذوف كما في نظائره، أي : أنحن مخلدون منعمون، فما نحن بميتين.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة، وهناد، وابن المنذر عن ابن مسعود في قوله :﴿ فاطلع فَرَءاهُ في سَوَاء الجحيم ﴾ قال : اطلع، ثم التفت إلى أصحابه، فقال : لقد رأيت جماجم القوم تغلي. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : قول الله لأهل الجنة :﴿ كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الطور : ١٩ ] قال ﴿ هنيئاً ﴾ أي لا تموتون فيها، فعند ذلك قالوا :﴿ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيّتِينَ * إِلاَّ مَوْتَتَنَا الأولى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هذا لَهُوَ الفوز العظيم ﴾ قال : هذا قول الله ﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال :«كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في يدي، فرأى جنازة فأسرع المشي حتى أتى القبر، ثم جثى على ركبتيه، فجعل يبكي حتى بلّ الثرى، ثم قال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾».
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم على مريض يجود بنفسه، فقال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : مرّ أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو جالس، فلما بعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ أولى لَكَ فأولى * ثُمَّ أولى لَكَ فأولى ﴾ [ القيامة : ٣٤، ٣٥ ]، فلما سمع أبو جهل قال : من توعد يا محمد ؟ قال :«إياك» قال : بما توعدني ؟ قال :«أوعدك بالعزيز الكريم» فقال أبو جهل : أليس أنا العزيز الكريم ؟ فأنزل الله :﴿ شَجَرَةُ الزقوم *طَعَامُ الأثيم ﴾ إلى قوله :﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم ﴾ [ الدخان : ٤٣-٤٩ ] فلما بلغ أبا جهل ما نزل فيه جمع أصحابه، فأخرج إليهم زبداً وتمراً، فقال : تزقموا من هذا، فوالله ما يتوعدكم محمد إلا بهذا، فأنزل الله ﴿ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ في أَصْلِ الجحيم ﴾ إلى قوله :﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة عنه قال : لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الأرض لأفسدت على الناس معايشهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً ﴾ قال : لمزجاً. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً قال : في قوله :﴿ لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾ يخالط طعامهم، ويشاب بالحميم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء، ويقيل هؤلاء أهل الجنة وأهل النار، وقرأ :" ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم ". وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ ءابَاءهُمْ ضَالّينَ ﴾ قال : وجدوا آباءهم.

﴿ إِلاَّ مَوْتَتَنَا الأولى ﴾ التي كانت في الدنيا، وقوله هذا كان على طريقة الابتهاج والسرور بما أنعم الله عليهم من نعيم الجنة الذي لا ينقطع، وأنهم مخلدون لا يموتون أبداً، وقوله :﴿ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ﴾ هو من تمام كلامه، أي وما نحن بمعذبين كما يعذب الكفار.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة، وهناد، وابن المنذر عن ابن مسعود في قوله :﴿ فاطلع فَرَءاهُ في سَوَاء الجحيم ﴾ قال : اطلع، ثم التفت إلى أصحابه، فقال : لقد رأيت جماجم القوم تغلي. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : قول الله لأهل الجنة :﴿ كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الطور : ١٩ ] قال ﴿ هنيئاً ﴾ أي لا تموتون فيها، فعند ذلك قالوا :﴿ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيّتِينَ * إِلاَّ مَوْتَتَنَا الأولى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هذا لَهُوَ الفوز العظيم ﴾ قال : هذا قول الله ﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال :«كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في يدي، فرأى جنازة فأسرع المشي حتى أتى القبر، ثم جثى على ركبتيه، فجعل يبكي حتى بلّ الثرى، ثم قال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾».
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم على مريض يجود بنفسه، فقال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : مرّ أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو جالس، فلما بعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ أولى لَكَ فأولى * ثُمَّ أولى لَكَ فأولى ﴾ [ القيامة : ٣٤، ٣٥ ]، فلما سمع أبو جهل قال : من توعد يا محمد ؟ قال :«إياك» قال : بما توعدني ؟ قال :«أوعدك بالعزيز الكريم» فقال أبو جهل : أليس أنا العزيز الكريم ؟ فأنزل الله :﴿ شَجَرَةُ الزقوم *طَعَامُ الأثيم ﴾ إلى قوله :﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم ﴾ [ الدخان : ٤٣-٤٩ ] فلما بلغ أبا جهل ما نزل فيه جمع أصحابه، فأخرج إليهم زبداً وتمراً، فقال : تزقموا من هذا، فوالله ما يتوعدكم محمد إلا بهذا، فأنزل الله ﴿ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ في أَصْلِ الجحيم ﴾ إلى قوله :﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة عنه قال : لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الأرض لأفسدت على الناس معايشهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً ﴾ قال : لمزجاً. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً قال : في قوله :﴿ لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾ يخالط طعامهم، ويشاب بالحميم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء، ويقيل هؤلاء أهل الجنة وأهل النار، وقرأ :" ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم ". وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ ءابَاءهُمْ ضَالّينَ ﴾ قال : وجدوا آباءهم.

ثم قال مشيراً إلى ما هم فيه من النعيم ﴿ إِنَّ هذا لَهُوَ الفوز العظيم ﴾ أي إن هذا الأمر العظيم، والنعيم المقيم، والخلود الدائم الذي نحن فيه لهو الفوز العظيم الذي لا يقادر قدره، ولا يمكن الإحاطة بوصفه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة، وهناد، وابن المنذر عن ابن مسعود في قوله :﴿ فاطلع فَرَءاهُ في سَوَاء الجحيم ﴾ قال : اطلع، ثم التفت إلى أصحابه، فقال : لقد رأيت جماجم القوم تغلي. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : قول الله لأهل الجنة :﴿ كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الطور : ١٩ ] قال ﴿ هنيئاً ﴾ أي لا تموتون فيها، فعند ذلك قالوا :﴿ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيّتِينَ * إِلاَّ مَوْتَتَنَا الأولى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هذا لَهُوَ الفوز العظيم ﴾ قال : هذا قول الله ﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال :«كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في يدي، فرأى جنازة فأسرع المشي حتى أتى القبر، ثم جثى على ركبتيه، فجعل يبكي حتى بلّ الثرى، ثم قال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾».
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم على مريض يجود بنفسه، فقال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : مرّ أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو جالس، فلما بعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ أولى لَكَ فأولى * ثُمَّ أولى لَكَ فأولى ﴾ [ القيامة : ٣٤، ٣٥ ]، فلما سمع أبو جهل قال : من توعد يا محمد ؟ قال :«إياك» قال : بما توعدني ؟ قال :«أوعدك بالعزيز الكريم» فقال أبو جهل : أليس أنا العزيز الكريم ؟ فأنزل الله :﴿ شَجَرَةُ الزقوم *طَعَامُ الأثيم ﴾ إلى قوله :﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم ﴾ [ الدخان : ٤٣-٤٩ ] فلما بلغ أبا جهل ما نزل فيه جمع أصحابه، فأخرج إليهم زبداً وتمراً، فقال : تزقموا من هذا، فوالله ما يتوعدكم محمد إلا بهذا، فأنزل الله ﴿ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ في أَصْلِ الجحيم ﴾ إلى قوله :﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة عنه قال : لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الأرض لأفسدت على الناس معايشهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً ﴾ قال : لمزجاً. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً قال : في قوله :﴿ لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾ يخالط طعامهم، ويشاب بالحميم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء، ويقيل هؤلاء أهل الجنة وأهل النار، وقرأ :" ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم ". وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ ءابَاءهُمْ ضَالّينَ ﴾ قال : وجدوا آباءهم.

وقوله :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾ من تمام كلامه، أي لمثل هذا العطاء، والفضل العظيم، فليعمل العاملون، فإن هذه هي التجارة الرابحة، لا العمل للدنيا الزائلة، فإنها صفقة خاسرة نعيمها منقطع، وخيرها زائل، وصاحبها عن قريب منها راحل. وقيل : إن هذا من قول الله سبحانه، وقيل : من قول الملائكة، والأوّل أولى.
قرأ الجمهور ﴿ بميتين ﴾، وقرأ زيد بن عليّ " بمايتين "، وانتصاب ﴿ إلا موتتنا ﴾ على المصدرية، والاستثناء مفرّغ، ويجوز أن يكون الاستثناء منقطعاً. أي : لكن الموتة الأولى التي كانت في الدنيا.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة، وهناد، وابن المنذر عن ابن مسعود في قوله :﴿ فاطلع فَرَءاهُ في سَوَاء الجحيم ﴾ قال : اطلع، ثم التفت إلى أصحابه، فقال : لقد رأيت جماجم القوم تغلي. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : قول الله لأهل الجنة :﴿ كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الطور : ١٩ ] قال ﴿ هنيئاً ﴾ أي لا تموتون فيها، فعند ذلك قالوا :﴿ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيّتِينَ * إِلاَّ مَوْتَتَنَا الأولى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هذا لَهُوَ الفوز العظيم ﴾ قال : هذا قول الله ﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال :«كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في يدي، فرأى جنازة فأسرع المشي حتى أتى القبر، ثم جثى على ركبتيه، فجعل يبكي حتى بلّ الثرى، ثم قال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾».
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم على مريض يجود بنفسه، فقال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : مرّ أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو جالس، فلما بعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ أولى لَكَ فأولى * ثُمَّ أولى لَكَ فأولى ﴾ [ القيامة : ٣٤، ٣٥ ]، فلما سمع أبو جهل قال : من توعد يا محمد ؟ قال :«إياك» قال : بما توعدني ؟ قال :«أوعدك بالعزيز الكريم» فقال أبو جهل : أليس أنا العزيز الكريم ؟ فأنزل الله :﴿ شَجَرَةُ الزقوم *طَعَامُ الأثيم ﴾ إلى قوله :﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم ﴾ [ الدخان : ٤٣-٤٩ ] فلما بلغ أبا جهل ما نزل فيه جمع أصحابه، فأخرج إليهم زبداً وتمراً، فقال : تزقموا من هذا، فوالله ما يتوعدكم محمد إلا بهذا، فأنزل الله ﴿ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ في أَصْلِ الجحيم ﴾ إلى قوله :﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة عنه قال : لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الأرض لأفسدت على الناس معايشهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً ﴾ قال : لمزجاً. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً قال : في قوله :﴿ لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾ يخالط طعامهم، ويشاب بالحميم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء، ويقيل هؤلاء أهل الجنة وأهل النار، وقرأ :" ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم ". وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ ءابَاءهُمْ ضَالّينَ ﴾ قال : وجدوا آباءهم.

﴿ أذلك خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزقوم ﴾ الإشارة بقوله ذلك إلى ما ذكره من نعيم الجنة، وهو مبتدأ، وخبره ﴿ خير ﴾، و﴿ نزلاً ﴾ تمييز، والنزل في اللغة الرزق الذي يصلح أن ينزلوا معه، ويقيموا فيه، والخيرية بالنسبة إلى ما اختاره الكفار على غيره. قال الزجاج : المعنى أذلك خير في باب الإنزال التي يبقون بها نزلاً، أم نزل أهل النار، وهو قوله :﴿ أَمْ شَجَرَةُ الزقوم ﴾، وهو ما يكره تناوله. قال الواحدي : وهو شيء مرّ كريه يكره أهل النار على تناوله، فهم يتزقمونه، وهي على هذا مشتقة من التزقم، وهو البلع على جهد لكراهتها ونتنها. واختلف فيها هل هي من شجر الدنيا التي يعرفها العرب أم لا ؟ على قولين : أحدهما : أنها معروفة من شجر الدنيا، فقال قطرب : إنها شجرة مرّة تكون بتهامة من أخبث الشجر. وقال غيره : بل هو كلّ نبات قاتل. القول الثاني : أنها غير معروفة في شجر الدنيا. قال قتادة : لما ذكر الله هذه الشجرة افتتن بها الظلمة، فقالوا : كيف تكون في النار شجرة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة، وهناد، وابن المنذر عن ابن مسعود في قوله :﴿ فاطلع فَرَءاهُ في سَوَاء الجحيم ﴾ قال : اطلع، ثم التفت إلى أصحابه، فقال : لقد رأيت جماجم القوم تغلي. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : قول الله لأهل الجنة :﴿ كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الطور : ١٩ ] قال ﴿ هنيئاً ﴾ أي لا تموتون فيها، فعند ذلك قالوا :﴿ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيّتِينَ * إِلاَّ مَوْتَتَنَا الأولى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هذا لَهُوَ الفوز العظيم ﴾ قال : هذا قول الله ﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال :«كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في يدي، فرأى جنازة فأسرع المشي حتى أتى القبر، ثم جثى على ركبتيه، فجعل يبكي حتى بلّ الثرى، ثم قال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾».
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم على مريض يجود بنفسه، فقال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : مرّ أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو جالس، فلما بعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ أولى لَكَ فأولى * ثُمَّ أولى لَكَ فأولى ﴾ [ القيامة : ٣٤، ٣٥ ]، فلما سمع أبو جهل قال : من توعد يا محمد ؟ قال :«إياك» قال : بما توعدني ؟ قال :«أوعدك بالعزيز الكريم» فقال أبو جهل : أليس أنا العزيز الكريم ؟ فأنزل الله :﴿ شَجَرَةُ الزقوم *طَعَامُ الأثيم ﴾ إلى قوله :﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم ﴾ [ الدخان : ٤٣-٤٩ ] فلما بلغ أبا جهل ما نزل فيه جمع أصحابه، فأخرج إليهم زبداً وتمراً، فقال : تزقموا من هذا، فوالله ما يتوعدكم محمد إلا بهذا، فأنزل الله ﴿ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ في أَصْلِ الجحيم ﴾ إلى قوله :﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة عنه قال : لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الأرض لأفسدت على الناس معايشهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً ﴾ قال : لمزجاً. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً قال : في قوله :﴿ لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾ يخالط طعامهم، ويشاب بالحميم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء، ويقيل هؤلاء أهل الجنة وأهل النار، وقرأ :" ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم ". وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ ءابَاءهُمْ ضَالّينَ ﴾ قال : وجدوا آباءهم.

فأنزل الله تعالى :﴿ إِنَّا جعلناها فِتْنَةً للظالمين ﴾ قال الزجاج : حين افتتنوا بها، وكذبوا بوجودها. وقيل : معنى جعلها فتنة لهم : أنها محنة لهم لكونهم يعذبون بها، والمراد بالظالمين هنا : الكفار، أو أهل المعاصي الموجبة للنار.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة، وهناد، وابن المنذر عن ابن مسعود في قوله :﴿ فاطلع فَرَءاهُ في سَوَاء الجحيم ﴾ قال : اطلع، ثم التفت إلى أصحابه، فقال : لقد رأيت جماجم القوم تغلي. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : قول الله لأهل الجنة :﴿ كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الطور : ١٩ ] قال ﴿ هنيئاً ﴾ أي لا تموتون فيها، فعند ذلك قالوا :﴿ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيّتِينَ * إِلاَّ مَوْتَتَنَا الأولى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هذا لَهُوَ الفوز العظيم ﴾ قال : هذا قول الله ﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال :«كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في يدي، فرأى جنازة فأسرع المشي حتى أتى القبر، ثم جثى على ركبتيه، فجعل يبكي حتى بلّ الثرى، ثم قال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾».
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم على مريض يجود بنفسه، فقال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : مرّ أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو جالس، فلما بعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ أولى لَكَ فأولى * ثُمَّ أولى لَكَ فأولى ﴾ [ القيامة : ٣٤، ٣٥ ]، فلما سمع أبو جهل قال : من توعد يا محمد ؟ قال :«إياك» قال : بما توعدني ؟ قال :«أوعدك بالعزيز الكريم» فقال أبو جهل : أليس أنا العزيز الكريم ؟ فأنزل الله :﴿ شَجَرَةُ الزقوم *طَعَامُ الأثيم ﴾ إلى قوله :﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم ﴾ [ الدخان : ٤٣-٤٩ ] فلما بلغ أبا جهل ما نزل فيه جمع أصحابه، فأخرج إليهم زبداً وتمراً، فقال : تزقموا من هذا، فوالله ما يتوعدكم محمد إلا بهذا، فأنزل الله ﴿ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ في أَصْلِ الجحيم ﴾ إلى قوله :﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة عنه قال : لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الأرض لأفسدت على الناس معايشهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً ﴾ قال : لمزجاً. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً قال : في قوله :﴿ لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾ يخالط طعامهم، ويشاب بالحميم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء، ويقيل هؤلاء أهل الجنة وأهل النار، وقرأ :" ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم ". وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ ءابَاءهُمْ ضَالّينَ ﴾ قال : وجدوا آباءهم.

ثم بين سبحانه أوصاف هذه الشجرة ردًّا على منكريها، فقال :﴿ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ في أَصْلِ الجحيم ﴾ أي في قعرها، قال الحسن : أصلها في قعر جهنم، وأغصانها ترفع إلى دركاتها.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة، وهناد، وابن المنذر عن ابن مسعود في قوله :﴿ فاطلع فَرَءاهُ في سَوَاء الجحيم ﴾ قال : اطلع، ثم التفت إلى أصحابه، فقال : لقد رأيت جماجم القوم تغلي. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : قول الله لأهل الجنة :﴿ كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الطور : ١٩ ] قال ﴿ هنيئاً ﴾ أي لا تموتون فيها، فعند ذلك قالوا :﴿ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيّتِينَ * إِلاَّ مَوْتَتَنَا الأولى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هذا لَهُوَ الفوز العظيم ﴾ قال : هذا قول الله ﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال :«كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في يدي، فرأى جنازة فأسرع المشي حتى أتى القبر، ثم جثى على ركبتيه، فجعل يبكي حتى بلّ الثرى، ثم قال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾».
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم على مريض يجود بنفسه، فقال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : مرّ أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو جالس، فلما بعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ أولى لَكَ فأولى * ثُمَّ أولى لَكَ فأولى ﴾ [ القيامة : ٣٤، ٣٥ ]، فلما سمع أبو جهل قال : من توعد يا محمد ؟ قال :«إياك» قال : بما توعدني ؟ قال :«أوعدك بالعزيز الكريم» فقال أبو جهل : أليس أنا العزيز الكريم ؟ فأنزل الله :﴿ شَجَرَةُ الزقوم *طَعَامُ الأثيم ﴾ إلى قوله :﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم ﴾ [ الدخان : ٤٣-٤٩ ] فلما بلغ أبا جهل ما نزل فيه جمع أصحابه، فأخرج إليهم زبداً وتمراً، فقال : تزقموا من هذا، فوالله ما يتوعدكم محمد إلا بهذا، فأنزل الله ﴿ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ في أَصْلِ الجحيم ﴾ إلى قوله :﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة عنه قال : لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الأرض لأفسدت على الناس معايشهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً ﴾ قال : لمزجاً. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً قال : في قوله :﴿ لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾ يخالط طعامهم، ويشاب بالحميم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء، ويقيل هؤلاء أهل الجنة وأهل النار، وقرأ :" ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم ". وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ ءابَاءهُمْ ضَالّينَ ﴾ قال : وجدوا آباءهم.

ثم قال :﴿ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءوسُ الشياطين ﴾ أي ثمرها، وما تحمله كأنه في تناهي قبحه، وشناعة منظره رؤوس الشياطين، فشبه المحسوس بالمتخيل، وإن كان غير مرئيّ، للدلالة على أنه غاية في القبح كما تقول في تشبيه من يستقبحونه : كأنه شيطان، وفي تشبيه من يستحسنونه : كأنه ملك، كما في قوله :﴿ مَا هذا بَشَرًا إِنْ هذا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ ﴾ [ يوسف : ٣١ ]، ومنه قول امرئ القيس :
أيقتلني والمشرفيّ مضاجعي ومسنونة زرق كأنياب أغوال
وقال الزجاج والفراء : الشياطين حيات لها رؤوس وأعراف، وهي من أقبح الحيات وأخبثها، وأخفها جسماً. وقيل : إن رؤوس الشياطين اسم لنبت قبيح معروف باليمن يقال له : الأستن، ويقال له : الشيطان. قال النحاس : وليس ذلك معروفاً عند العرب. وقيل : هو شجر خشن منتن مرّ منكر الصورة يسمى ثمره رؤوس الشياطين.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة، وهناد، وابن المنذر عن ابن مسعود في قوله :﴿ فاطلع فَرَءاهُ في سَوَاء الجحيم ﴾ قال : اطلع، ثم التفت إلى أصحابه، فقال : لقد رأيت جماجم القوم تغلي. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : قول الله لأهل الجنة :﴿ كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الطور : ١٩ ] قال ﴿ هنيئاً ﴾ أي لا تموتون فيها، فعند ذلك قالوا :﴿ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيّتِينَ * إِلاَّ مَوْتَتَنَا الأولى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هذا لَهُوَ الفوز العظيم ﴾ قال : هذا قول الله ﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال :«كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في يدي، فرأى جنازة فأسرع المشي حتى أتى القبر، ثم جثى على ركبتيه، فجعل يبكي حتى بلّ الثرى، ثم قال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾».
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم على مريض يجود بنفسه، فقال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : مرّ أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو جالس، فلما بعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ أولى لَكَ فأولى * ثُمَّ أولى لَكَ فأولى ﴾ [ القيامة : ٣٤، ٣٥ ]، فلما سمع أبو جهل قال : من توعد يا محمد ؟ قال :«إياك» قال : بما توعدني ؟ قال :«أوعدك بالعزيز الكريم» فقال أبو جهل : أليس أنا العزيز الكريم ؟ فأنزل الله :﴿ شَجَرَةُ الزقوم *طَعَامُ الأثيم ﴾ إلى قوله :﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم ﴾ [ الدخان : ٤٣-٤٩ ] فلما بلغ أبا جهل ما نزل فيه جمع أصحابه، فأخرج إليهم زبداً وتمراً، فقال : تزقموا من هذا، فوالله ما يتوعدكم محمد إلا بهذا، فأنزل الله ﴿ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ في أَصْلِ الجحيم ﴾ إلى قوله :﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة عنه قال : لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الأرض لأفسدت على الناس معايشهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً ﴾ قال : لمزجاً. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً قال : في قوله :﴿ لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾ يخالط طعامهم، ويشاب بالحميم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء، ويقيل هؤلاء أهل الجنة وأهل النار، وقرأ :" ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم ". وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ ءابَاءهُمْ ضَالّينَ ﴾ قال : وجدوا آباءهم.

﴿ فَإِنَّهُمْ لآكِلُونَ مِنْهَا ﴾ أي من الشجرة أو من طلعها، والتأنيث لاكتساب الطلع التأنيث من إضافته إلى الشجرة ﴿ فَمَالِئُونَ مِنْهَا البطون ﴾ وذلك أنهم يكرهون على أكلها حتى تمتلئ بطونهم، فهذا طعامهم وفاكهتهم بدل رزق أهل الجنة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة، وهناد، وابن المنذر عن ابن مسعود في قوله :﴿ فاطلع فَرَءاهُ في سَوَاء الجحيم ﴾ قال : اطلع، ثم التفت إلى أصحابه، فقال : لقد رأيت جماجم القوم تغلي. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : قول الله لأهل الجنة :﴿ كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الطور : ١٩ ] قال ﴿ هنيئاً ﴾ أي لا تموتون فيها، فعند ذلك قالوا :﴿ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيّتِينَ * إِلاَّ مَوْتَتَنَا الأولى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هذا لَهُوَ الفوز العظيم ﴾ قال : هذا قول الله ﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال :«كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في يدي، فرأى جنازة فأسرع المشي حتى أتى القبر، ثم جثى على ركبتيه، فجعل يبكي حتى بلّ الثرى، ثم قال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾».
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم على مريض يجود بنفسه، فقال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : مرّ أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو جالس، فلما بعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ أولى لَكَ فأولى * ثُمَّ أولى لَكَ فأولى ﴾ [ القيامة : ٣٤، ٣٥ ]، فلما سمع أبو جهل قال : من توعد يا محمد ؟ قال :«إياك» قال : بما توعدني ؟ قال :«أوعدك بالعزيز الكريم» فقال أبو جهل : أليس أنا العزيز الكريم ؟ فأنزل الله :﴿ شَجَرَةُ الزقوم *طَعَامُ الأثيم ﴾ إلى قوله :﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم ﴾ [ الدخان : ٤٣-٤٩ ] فلما بلغ أبا جهل ما نزل فيه جمع أصحابه، فأخرج إليهم زبداً وتمراً، فقال : تزقموا من هذا، فوالله ما يتوعدكم محمد إلا بهذا، فأنزل الله ﴿ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ في أَصْلِ الجحيم ﴾ إلى قوله :﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة عنه قال : لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الأرض لأفسدت على الناس معايشهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً ﴾ قال : لمزجاً. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً قال : في قوله :﴿ لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾ يخالط طعامهم، ويشاب بالحميم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء، ويقيل هؤلاء أهل الجنة وأهل النار، وقرأ :" ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم ". وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ ءابَاءهُمْ ضَالّينَ ﴾ قال : وجدوا آباءهم.

﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا ﴾ بعد الأكل منها ﴿ لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾ الشوب : الخلط.
قال الفراء يقال : شاب طعامه وشرابه : إذا خلطهما بشيء يشوبهما شوباً وشيابة، والحميم : الماء الحارّ. فأخبر سبحانه : أنه يشاب لهم طعامهم من تلك الشجرة بالماء الحارّ، ليكون أفظع لعذابهم، وأشنع لحالهم كما في قوله :﴿ وَسُقُواْ مَاء حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ ﴾ [ محمد : ١٥ ] قرأ الجمهور ﴿ شوباً ﴾ بفتح الشين، وهو : مصدر، وقرأ شيبان النحوي بالضم. قال الزجاج : المفتوح مصدر، والمضموم اسم بمعنى : المشوب، كالنقص بمعنى : المنقوص.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة، وهناد، وابن المنذر عن ابن مسعود في قوله :﴿ فاطلع فَرَءاهُ في سَوَاء الجحيم ﴾ قال : اطلع، ثم التفت إلى أصحابه، فقال : لقد رأيت جماجم القوم تغلي. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : قول الله لأهل الجنة :﴿ كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الطور : ١٩ ] قال ﴿ هنيئاً ﴾ أي لا تموتون فيها، فعند ذلك قالوا :﴿ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيّتِينَ * إِلاَّ مَوْتَتَنَا الأولى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هذا لَهُوَ الفوز العظيم ﴾ قال : هذا قول الله ﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال :«كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في يدي، فرأى جنازة فأسرع المشي حتى أتى القبر، ثم جثى على ركبتيه، فجعل يبكي حتى بلّ الثرى، ثم قال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾».
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم على مريض يجود بنفسه، فقال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : مرّ أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو جالس، فلما بعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ أولى لَكَ فأولى * ثُمَّ أولى لَكَ فأولى ﴾ [ القيامة : ٣٤، ٣٥ ]، فلما سمع أبو جهل قال : من توعد يا محمد ؟ قال :«إياك» قال : بما توعدني ؟ قال :«أوعدك بالعزيز الكريم» فقال أبو جهل : أليس أنا العزيز الكريم ؟ فأنزل الله :﴿ شَجَرَةُ الزقوم *طَعَامُ الأثيم ﴾ إلى قوله :﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم ﴾ [ الدخان : ٤٣-٤٩ ] فلما بلغ أبا جهل ما نزل فيه جمع أصحابه، فأخرج إليهم زبداً وتمراً، فقال : تزقموا من هذا، فوالله ما يتوعدكم محمد إلا بهذا، فأنزل الله ﴿ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ في أَصْلِ الجحيم ﴾ إلى قوله :﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة عنه قال : لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الأرض لأفسدت على الناس معايشهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً ﴾ قال : لمزجاً. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً قال : في قوله :﴿ لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾ يخالط طعامهم، ويشاب بالحميم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء، ويقيل هؤلاء أهل الجنة وأهل النار، وقرأ :" ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم ". وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ ءابَاءهُمْ ضَالّينَ ﴾ قال : وجدوا آباءهم.

﴿ ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإِلَى الجحيم ﴾ أي مرجعهم بعد شرب الحميم، وأكل الزقوم إلى الجحيم، وذلك أنهم يوردون الحميم لشربه، وهو خارج الجحيم كما تورد الإبل، ثم يردّون إلى الجحيم كما في قوله سبحانه :﴿ يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ ءانٍ ﴾ [ الرحمن : ٤٤ ]. وقيل : إن الزقوم والحميم نزل يقدّم إليهم قبل دخولها. قال أبو عبيدة : ثم بمعنى : الواو، وقرأ ابن مسعود " ثم إن منقلبهم لإلى الجحيم ".
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة، وهناد، وابن المنذر عن ابن مسعود في قوله :﴿ فاطلع فَرَءاهُ في سَوَاء الجحيم ﴾ قال : اطلع، ثم التفت إلى أصحابه، فقال : لقد رأيت جماجم القوم تغلي. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : قول الله لأهل الجنة :﴿ كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الطور : ١٩ ] قال ﴿ هنيئاً ﴾ أي لا تموتون فيها، فعند ذلك قالوا :﴿ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيّتِينَ * إِلاَّ مَوْتَتَنَا الأولى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هذا لَهُوَ الفوز العظيم ﴾ قال : هذا قول الله ﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال :«كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في يدي، فرأى جنازة فأسرع المشي حتى أتى القبر، ثم جثى على ركبتيه، فجعل يبكي حتى بلّ الثرى، ثم قال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾».
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم على مريض يجود بنفسه، فقال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : مرّ أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو جالس، فلما بعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ أولى لَكَ فأولى * ثُمَّ أولى لَكَ فأولى ﴾ [ القيامة : ٣٤، ٣٥ ]، فلما سمع أبو جهل قال : من توعد يا محمد ؟ قال :«إياك» قال : بما توعدني ؟ قال :«أوعدك بالعزيز الكريم» فقال أبو جهل : أليس أنا العزيز الكريم ؟ فأنزل الله :﴿ شَجَرَةُ الزقوم *طَعَامُ الأثيم ﴾ إلى قوله :﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم ﴾ [ الدخان : ٤٣-٤٩ ] فلما بلغ أبا جهل ما نزل فيه جمع أصحابه، فأخرج إليهم زبداً وتمراً، فقال : تزقموا من هذا، فوالله ما يتوعدكم محمد إلا بهذا، فأنزل الله ﴿ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ في أَصْلِ الجحيم ﴾ إلى قوله :﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة عنه قال : لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الأرض لأفسدت على الناس معايشهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً ﴾ قال : لمزجاً. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً قال : في قوله :﴿ لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾ يخالط طعامهم، ويشاب بالحميم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء، ويقيل هؤلاء أهل الجنة وأهل النار، وقرأ :" ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم ". وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ ءابَاءهُمْ ضَالّينَ ﴾ قال : وجدوا آباءهم.

وجملة ﴿ إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ ﴾ أي وجدوا ﴿ آباءهم ضالين ﴾ تعليل لاستحقاقهم ما تقدّم ذكره، أي صادفوهم كذلك، فاقتدوا بهم تقليداً، وضلالة لا لحجة أصلاً.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة، وهناد، وابن المنذر عن ابن مسعود في قوله :﴿ فاطلع فَرَءاهُ في سَوَاء الجحيم ﴾ قال : اطلع، ثم التفت إلى أصحابه، فقال : لقد رأيت جماجم القوم تغلي. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : قول الله لأهل الجنة :﴿ كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الطور : ١٩ ] قال ﴿ هنيئاً ﴾ أي لا تموتون فيها، فعند ذلك قالوا :﴿ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيّتِينَ * إِلاَّ مَوْتَتَنَا الأولى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هذا لَهُوَ الفوز العظيم ﴾ قال : هذا قول الله ﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال :«كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في يدي، فرأى جنازة فأسرع المشي حتى أتى القبر، ثم جثى على ركبتيه، فجعل يبكي حتى بلّ الثرى، ثم قال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾».
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم على مريض يجود بنفسه، فقال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : مرّ أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو جالس، فلما بعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ أولى لَكَ فأولى * ثُمَّ أولى لَكَ فأولى ﴾ [ القيامة : ٣٤، ٣٥ ]، فلما سمع أبو جهل قال : من توعد يا محمد ؟ قال :«إياك» قال : بما توعدني ؟ قال :«أوعدك بالعزيز الكريم» فقال أبو جهل : أليس أنا العزيز الكريم ؟ فأنزل الله :﴿ شَجَرَةُ الزقوم *طَعَامُ الأثيم ﴾ إلى قوله :﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم ﴾ [ الدخان : ٤٣-٤٩ ] فلما بلغ أبا جهل ما نزل فيه جمع أصحابه، فأخرج إليهم زبداً وتمراً، فقال : تزقموا من هذا، فوالله ما يتوعدكم محمد إلا بهذا، فأنزل الله ﴿ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ في أَصْلِ الجحيم ﴾ إلى قوله :﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة عنه قال : لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الأرض لأفسدت على الناس معايشهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً ﴾ قال : لمزجاً. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً قال : في قوله :﴿ لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾ يخالط طعامهم، ويشاب بالحميم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء، ويقيل هؤلاء أهل الجنة وأهل النار، وقرأ :" ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم ". وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ ءابَاءهُمْ ضَالّينَ ﴾ قال : وجدوا آباءهم.

﴿ فَهُمْ على ءاثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ ﴾ الإهراع : الإسراع. قال الفراء : الإهراع : الإسراع برعدة. وقال أبو عبيدة :﴿ يهرعون ﴾ يستحثون من خلفهم، يقال : جاء فلان يهرع إلى النار : إذا استحثه البرد إليها. وقال المفضل يزعجون من شدّة الإسراع. قال الزجاج : هرع، وأهرع : إذا استحثّ وانزعج، والمعنى : يتبعون آباءهم في سرعة كأنهم يزعجون إلى اتباع آبائهم.
﴿ وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الأولين ﴾ أي ضلّ قبل هؤلاء المذكورين أكثر الأوّلين من الأمم الماضية.
﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُّنذِرِينَ ﴾ أي أرسلنا في هؤلاء الأوّلين رسلاً أنذروهم العذاب، وبينوا لهم الحقّ، فلم ينجع ذلك فيهم.
﴿ فانظر كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المنذرين ﴾ أي الذين أنذرتهم الرسل، فإنهم صاروا إلى النار. قال مقاتل : يقول كان عاقبتهم العذاب، يحذر كفار مكة.
ثم استثنى عباده المؤمنين، فقال :﴿ إِلاَّ عِبَادَ الله المخلصين ﴾ أي إلا من أخلصهم الله بتوفيقهم إلى الإيمان والتوحيد، وقرئ ﴿ المخلصين ﴾ بكسر اللام، أي الذين أخلصوا لله طاعاتهم، ولم يشوبوها بشيء مما يغيرها.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة، وهناد، وابن المنذر عن ابن مسعود في قوله :﴿ فاطلع فَرَءاهُ في سَوَاء الجحيم ﴾ قال : اطلع، ثم التفت إلى أصحابه، فقال : لقد رأيت جماجم القوم تغلي. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : قول الله لأهل الجنة :﴿ كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الطور : ١٩ ] قال ﴿ هنيئاً ﴾ أي لا تموتون فيها، فعند ذلك قالوا :﴿ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيّتِينَ * إِلاَّ مَوْتَتَنَا الأولى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هذا لَهُوَ الفوز العظيم ﴾ قال : هذا قول الله ﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال :«كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في يدي، فرأى جنازة فأسرع المشي حتى أتى القبر، ثم جثى على ركبتيه، فجعل يبكي حتى بلّ الثرى، ثم قال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾».
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم على مريض يجود بنفسه، فقال :﴿ لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون ﴾. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : مرّ أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو جالس، فلما بعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ أولى لَكَ فأولى * ثُمَّ أولى لَكَ فأولى ﴾ [ القيامة : ٣٤، ٣٥ ]، فلما سمع أبو جهل قال : من توعد يا محمد ؟ قال :«إياك» قال : بما توعدني ؟ قال :«أوعدك بالعزيز الكريم» فقال أبو جهل : أليس أنا العزيز الكريم ؟ فأنزل الله :﴿ شَجَرَةُ الزقوم *طَعَامُ الأثيم ﴾ إلى قوله :﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم ﴾ [ الدخان : ٤٣-٤٩ ] فلما بلغ أبا جهل ما نزل فيه جمع أصحابه، فأخرج إليهم زبداً وتمراً، فقال : تزقموا من هذا، فوالله ما يتوعدكم محمد إلا بهذا، فأنزل الله ﴿ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ في أَصْلِ الجحيم ﴾ إلى قوله :﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة عنه قال : لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الأرض لأفسدت على الناس معايشهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً ﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً ﴾ قال : لمزجاً. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً قال : في قوله :﴿ لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾ يخالط طعامهم، ويشاب بالحميم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء، ويقيل هؤلاء أهل الجنة وأهل النار، وقرأ :" ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم ". وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ ءابَاءهُمْ ضَالّينَ ﴾ قال : وجدوا آباءهم.

مَرَّ أَبُو جَهْلٍ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ، فَلَمَّا بَعُدَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى «١». فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو جَهْلٍ قَالَ: مَنْ تَوَعَّدُ يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: إِيَّاكَ، قَالَ: بِمَا تَوَعَّدُنِي؟ قال:
أوعدك بالعزيز الكريم، قال أَبُو جَهْلٍ: أَلَيْسَ أَنَا الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ؟ فَأَنْزَلَ الله: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ «٢» إِلَى قَوْلِهِ: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ «٣» فَلَمَّا بَلَغَ أَبَا جَهْلٍ مَا نَزَلَ فِيهِ جَمَعَ أَصْحَابَهُ، فَأَخْرَجَ إِلَيْهِمْ زُبْدًا وَتَمْرًا فَقَالَ: تزقموا من هذا، فو الله مَا يَتَوَعَّدُكُمْ مُحَمَّدٌ إِلَّا بِهَذَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ إِلَى قَوْلِهِ: ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ قَالَ: لَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنْ زَقُّومِ جَهَنَّمَ أُنْزِلَتْ إِلَى الْأَرْضِ لَأَفْسَدَتْ عَلَى النَّاسِ مَعَايِشَهُمْ. وَأَخْرَجَ ابن جرير، وابن المنذ عَنْهُ أَيْضًا ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً قَالَ: لَمَزْجًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ فِي قَوْلِهِ:
لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ يُخَالِطُ طَعَامَهُمْ وَيُشَابُ بِالْحَمِيمِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَا يَنْتَصِفُ النَّهَارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يَقِيلَ هَؤُلَاءِ، وَيَقِيلَ هَؤُلَاءِ، أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَأَهْلُ النَّارِ، وَقَرَأَ «ثُمَّ إِنَّ مَقِيلَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ» وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ قال: وجدوا آباءهم.
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٧٥ الى ١١٣]
وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (٧٥) وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (٧٦) وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ (٧٧) وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (٧٨) سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ (٧٩)
إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٠) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (٨١) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (٨٢) وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ (٨٣) إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٤)
إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ (٨٥) أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (٨٦) فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ (٨٧) فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (٨٨) فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ (٨٩)
فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (٩٠) فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ (٩١) مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ (٩٢) فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ (٩٣) فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (٩٤)
قالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (٩٥) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ (٩٦) قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (٩٧) فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ (٩٨) وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ (٩٩)
رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠٠) فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (١٠١) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ماذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (١٠٢) فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ (١٠٤)
قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٠٥) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ (١٠٦) وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧) وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (١٠٨) سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ (١٠٩)
كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١١٠) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١١١) وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٢) وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ (١١٣)
(١). القيامة: ٣٤ و ٣٥.
(٢). الدخان: ٤٣ و ٤٤.
(٣). الدخان: ٤٩.
458
لَمَّا ذَكَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ أَرْسَلَ فِي الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ مُنْذِرِينَ ذَكَرَ تَفْصِيلَ بَعْضِ مَا أَجْمَلَهُ فَقَالَ: وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ وَاللَّامُ هِيَ الْمُوَطِّئَةُ لِلْقَسَمِ، وَكَذَا اللَّامُ فِي قَوْلِهِ: فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ أَيْ: نَحْنُ، وَالْمُرَادُ أَنَّ نُوحًا دَعَا رَبَّهُ عَلَى قَوْمِهِ لَمَّا عَصَوْهُ، فَأَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهُ وَأَهْلَكَ قَوْمَهُ بِالطُّوفَانِ. فَالنِّدَاءُ هُنَا هُوَ نِدَاءُ الدعاء وَالِاسْتِغَاثَةُ بِهِ، كَقَوْلِهِ: رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً «١» وقوله: أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ «٢» قَالَ الْكِسَائِيُّ:
أَيْ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ لَهُ كُنَّا فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ الْمُرَادُ بِأَهْلِهِ أَهْلُ دِينِهِ، وَهُمْ مَنْ آمَنَ مَعَهُ وَكَانُوا ثَمَانِينَ، وَالْكَرْبُ الْعَظِيمُ: هُوَ الْغَرَقُ، وَقِيلَ: تَكْذِيبُ قَوْمِهِ لَهُ، وَمَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ إِلَيْهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَذَايَا وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ وَحْدَهُمْ دُونَ غَيْرِهِمْ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ ضَمِيرُ الْفَصْلِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ أَهْلَكَ الْكَفَرَةَ بِدُعَائِهِ، وَلَمْ يُبْقِ مِنْهُمْ بَاقِيَةً، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مَاتُوا كَمَا قِيلَ، وَلَمْ يُبْقِ إِلَّا أَوْلَادَهُ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: كَانَ وَلَدُ نُوحٍ ثَلَاثَةٌ وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ مِنْ وَلَدِ نُوحٍ، فَسَامٌ أَبُو الْعَرَبِ وَفَارِسَ وَالرُّومِ وَالْيَهُودِ والنصارى. وحاتم أَبُو السُّودَانِ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ: السِّنْدِ، وَالْهِنْدِ، وَالنُّوبِ، وَالزِّنْجِ، وَالْحَبَشَةِ، وَالْقِبْطِ، وَالْبَرْبَرِ وَغَيْرِهِمْ. وَيَافِثٌ أَبُو الصَّقَالِبِ وَالتُّرْكِ وَالْخَزَرِ وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ لِمَنْ مَعَ نُوحٍ ذُرِّيَّةٌ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ «٣» وقوله: قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ «٤» فَيَكُونُ عَلَى هَذَا مَعْنَى وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ وَذُرِّيَّتَهُ وَذُرِّيَّةَ مَنْ مَعَهُ دُونَ ذُرِّيَّةِ مَنْ كَفَرَ، فَإِنَّ اللَّهَ أَغْرَقَهُمْ فَلَمْ يُبْقِ لَهُمْ ذُرِّيَّةً وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ يَعْنِي فِي الَّذِينَ يَأْتُونَ بَعْدَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مِنَ الْأُمَمِ، وَالْمَتْرُوكُ هَذَا هُوَ قَوْلُهُ: سَلامٌ عَلى نُوحٍ أَيْ: تَرَكْنَا هَذَا الْكَلَامَ بِعَيْنِهِ، وَارْتِفَاعِهِ عَلَى الْحِكَايَةِ، وَالسَّلَامُ هُوَ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، أَيْ: يُثْنُونَ عَلَيْهِ ثَنَاءً حَسَنًا وَيَدْعُونَ لَهُ وَيَتَرَحَّمُونَ عَلَيْهِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: تَرَكْنَا عَلَيْهِ الذِّكْرَ الْجَمِيلَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَذَلِكَ الذِّكْرُ هُوَ قَوْلُهُ: سَلامٌ عَلى نُوحٍ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: فِي ارْتِفَاعِ سَلَامٌ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ يُقَالُ سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: وَأَبْقَيْنَا عَلَيْهِ، وَتَمَّ الْكَلَامُ، ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ: سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ، أَيْ: سلامة لَهُ مِنْ أَنْ يُذْكَرَ بِسُوءٍ فِي الْآخِرِينَ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: أَيْ تَرَكْنَا عَلَيْهِ هَذِهِ الْكَلِمَةَ بَاقِيَةً:
يَعْنِي يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ تَسْلِيمًا وَيَدْعُونَ لَهُ، وَهُوَ مِنَ الْكَلَامِ الْمَحْكِيِّ كَقَوْلِهِ: سُورَةٌ أَنْزَلْناها «٥» وَقِيلَ: إِنَّهُ ضَمَّنَ تَرَكْنَا مَعْنَى قُلْنَا. قَالَ الْكُوفِيُّونَ: جُمْلَةُ سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ مَفْعُولِ تَرَكْنَا، لِأَنَّهُ ضُمِّنَ مَعْنَى قُلْنَا. قَالَ الْكِسَائِيُّ: وَفِي قِرَاءَةِ ابْنِ مسعود «سلاما» منصوب بتركنا، أَيْ: تَرَكْنَا عَلَيْهِ ثَنَاءً حَسَنًا، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بالآخرين أمة محمّد صلّى الله عليه وسلم، وفي الْعَالَمِينَ مُتَعَلِّقٌ بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ الْوَاقِعُ خَبَرًا، وَهُوَ عَلَى نُوحٍ، أَيْ: سَلَامٌ ثَابِتٌ أَوْ مُسْتَمِرٌّ أَوْ مُسْتَقِرٌّ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ وَالْإِنْسِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قِيلَ: إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِمَا قَبْلَهَا مِنَ التَّكْرِمَةِ لِنُوحٍ بِإِجَابَةِ دُعَائِهِ، وَبَقَاءِ الثَّنَاءِ مِنَ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَبَقَاءِ ذُرِّيَّتِهِ، أَيْ: إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ كَانَ مُحْسِنًا فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ رَاسِخًا فِي الْإِحْسَانِ مَعْرُوفًا بِهِ، وَالْكَافُ فِي كَذَلِكَ نعت مصدر محذوف، أي:
(١). نوح: ٢٦.
(٢). القمر: ١٠.
(٣). الإسراء: ٣.
(٤). هود: ٤٨. [.....]
(٥). النور: ١.
459
جَزَاءٌ كَذَلِكَ الْجَزَاءِ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ هَذَا بَيَانٌ لِكَوْنِهِ مِنَ الْمُحْسِنِينَ وَتَعْلِيلٌ لَهُ بِأَنَّهُ كَانَ عَبْدًا مُؤْمِنًا مُخْلِصًا لِلَّهِ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ أَيِ: الْكَفَرَةَ الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَلَا صَدَّقُوا نُوحًا. ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ قِصَّةَ إِبْرَاهِيمَ، وَبَيَّنَ أَنَّهُ مِمَّنْ شَايَعَ نُوحًا فَقَالَ: وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ أَيْ: مِنْ أَهْلِ دِينِهِ، وَمِمَّنْ شَايَعَهُ وَوَافَقَهُ عَلَى الدُّعَاءِ إِلَى اللَّهِ، وَإِلَى تَوْحِيدِهِ وَالْإِيمَانِ بِهِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: أَيْ عَلَى مِنْهَاجِهِ وَسُنَّتِهِ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ:
الشِّيعَةُ الْأَعْوَانُ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الشِّيَاعِ، وَهُوَ الْحَطَبُ الصِّغَارُ الَّذِي يُوقَدُ مَعَ الْكِبَارِ حَتَّى يُسْتَوْقَدَ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْمَعْنَى وَإِنَّ مِنْ شِيعَةِ مُحَمَّدٍ لَإِبْرَاهِيمَ، فَالْهَاءُ فِي شِيعَتِهِ عَلَى هَذَا لمحمّد صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، وَكَذَا قَالَ الْكَلْبِيُّ. وَلَا يُخْفَى مَا فِي هَذَا مِنَ الضَّعْفِ وَالْمُخَالَفَةِ لِلسِّيَاقِ. وَالظَّرْفُ فِي قَوْلِهِ: إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، أَيِ: اذْكُرْ، وَقِيلَ: بِمَا فِي الشِّيعَةِ مِنْ مَعْنَى الْمُتَابَعَةِ. قَالَ أَبُو حَيَّانَ: لَا يَجُوزُ لِأَنَّ فِيهِ الْفَصْلَ بِينَ الْعَامِلِ وَالْمَعْمُولِ بِأَجْنَبِيٍّ، وَهُوَ إِبْرَاهِيمُ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إِنَّ لَامَ الِابْتِدَاءِ تَمْنَعُ مَا بَعْدَهَا مِنَ الْعَمَلِ فِيمَا قَبْلَهَا، وَالْقَلْبُ السَّلِيمُ الْمُخَلَّصُ مِنَ الشِّرْكِ وَالشَّكِّ. وَقِيلَ: هُوَ النَّاصِحُ لِلَّهِ فِي خَلْقِهِ، وَقِيلَ: الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ حَقٌّ، وَأَنَّ السَّاعَةَ قَائِمَةٌ، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ. وَمَعْنَى مَجِيئِهِ إِلَى رَبِّهِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا عِنْدَ دُعَائِهِ إِلَى تَوْحِيدِهِ وَطَاعَتِهِ. الثَّانِي: عِنْدَ إِلْقَائِهِ فِي النَّارِ. وَقَوْلُهُ: إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ بَدَلٌ من الجملة الأولى، أو ظرف لسليم، أو ظرف لجاء، وَالْمَعْنَى: وَقْتَ قَالَ لِأَبِيهِ آزَرَ وَقَوْمِهِ مِنَ الكفار: أيّ شيء تعبدون أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ انْتِصَابُ إِفْكًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ، وَانْتِصَابُ آلِهَةً عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ تُرِيدُونَ، وَالتَّقْدِيرُ: أَتُرِيدُونَ آلِهَةً مِنْ دُونِ الله للإفك، ودون: ظرف لتريدون، وَتَقْدِيمُ هَذِهِ الْمَعْمُولَاتِ لِلْفِعْلِ عَلَيْهِ لِلِاهْتِمَامِ. وَقِيلَ: انتصاب إفكا على أنه مفعول به لتريدون، وآلهة بَدَلٌ مِنْهُ، جَعَلَهَا نَفْسَ الْإِفْكِ مُبَالَغَةً، وَهَذَا أَوْلَى مِنَ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ. وَقِيلَ: انْتِصَابُهُ عَلَى الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ تُرِيدُونَ، أَيْ: أَتُرِيدُونَ آلِهَةً آفِكِينَ، أَوْ ذَوِي إِفْكٍ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: الْإِفْكُ أَسْوَأُ الْكَذِبِ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَثْبُتُ وَيَضْطَرِبُ وَمِنْهُ ائْتَفَكَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ أَيْ: مَا ظَنُّكُمْ بِهِ إِذَا لَقِيتُمُوهُ وَقَدْ عَبَدْتُمْ غَيْرَهُ وَمَا تَرَوْنَهُ يَصْنَعُ بِكُمْ؟ وَهُوَ تَحْذِيرٌ مِثْلُ قَوْلِهِ: مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ «١» وَقِيلَ: الْمَعْنَى: أَيَّ شَيْءٍ تَوَهَّمْتُمُوهُ بِاللَّهِ حَتَّى أَشْرَكْتُمْ بِهِ غَيْرَهُ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ قَالَ الْوَاحِدِيُّ: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: كَانُوا يَتَعَاطَوْنَ عِلْمَ النُّجُومِ فَعَامَلَهُمْ بِذَلِكَ لِئَلَّا يُنْكِرُوا عَلَيْهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُكَايِدَهُمْ فِي أَصْنَامِهِمْ لِتَلْزَمَهُمُ الْحُجَّةُ فِي أَنَّهَا غَيْرُ مَعْبُودَةٍ، وَكَانَ لَهُمْ مِنَ الْغَدِ يَوْمُ عِيدٍ يَخْرُجُونَ إِلَيْهِ، وَأَرَادَ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْهُمْ فَاعْتَلَّ بِالسَّقَمِ: وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَلَّفُوهُ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُمْ إِلَى عِيدِهِمْ فَنَظَرَ إِلَى النُّجُومِ يُرِيهِمْ أَنَّهُ مستدلّ بها عَلَى حَالِهِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا قَالَ إِنِّي سَقِيمٌ أَيْ سَأَسْقُمُ، وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنَّهُمْ لَمَّا كَلَّفُوهُ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُمْ تَفَكَّرَ فِيمَا يَعْمَلُ، فَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا أَنَّهُ نَظَرَ فِيمَا نَجَمَ لَهُ مِنَ الرَّأْيِ، أَيْ: فِيمَا طَلَعَ لَهُ مِنْهُ، فَعَلِمَ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَسْقَمُ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ. قَالَ الْخَلِيلُ وَالْمُبَرِّدُ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا فَكَّرَ فِي الشَّيْءِ يُدَبِّرُهُ: نَظَرَ فِي النُّجُومِ. وَقِيلَ: كَانَتِ السَّاعَةُ الَّتِي دَعَوْهُ إِلَى الْخُرُوجِ مَعَهُمْ فِيهَا سَاعَةً تَعْتَادُهُ فِيهَا الْحُمَّى. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: مَعْنَى إِنِّي سَقِيمٌ: سَأَسْقُمُ سُقْمَ الْمَوْتِ، لِأَنَّ مَنْ كُتِبَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ يَسْقُمُ فِي الْغَالِبِ ثُمَّ يَمُوتُ، وَهَذَا تَوْرِيَةٌ وَتَعْرِيضٌ كَمَا قَالَ لِلْمَلِكِ لَمَّا سَأَلَهُ عَنْ سَارَّةَ هِيَ أُخْتِي، يَعْنِي: أُخُوَّةَ الدِّينِ. وَقَالَ سَعِيدُ
(١). الإنفطار: ٦
460
ابن جُبَيْرٍ: أَشَارَ لَهُمْ إِلَى مَرَضٍ يُسْقِمُ وَيُعْدِي وَهُوَ الطَّاعُونُ وَكَانُوا يَهْرُبُونَ مِنْ ذَلِكَ، وَلِهَذَا قَالَ: فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ أَيْ: تَرَكُوهُ وَذَهَبُوا مَخَافَةَ الْعَدْوَى فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ يُقَالُ رَاغَ رَوْغًا وَرَوَغَانًا: إِذَا مَالَ، وَمِنْهُ طَرِيقٌ رَائِغٌ: أَيْ مَائِلٌ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فَيُرِيكَ مِنْ طَرَفِ اللِّسَانِ حَلَاوَةً وَيَرُوغُ عَنْكَ كَمَا يَرُوغُ الثَّعْلَبُ
وَقَالَ السُّدِّيُّ: ذَهَبَ إِلَيْهِمْ، وَقَالَ أَبُو مَالِكٍ: جَاءَ إِلَيْهِمْ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ: وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ أَيْ: فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِلْأَصْنَامِ الَّتِي رَاغَ إِلَيْهَا اسْتِهْزَاءً وَسُخْرِيَةً: أَلَا تَأْكُلُونَ مِنَ الطَّعَامِ الَّذِي كَانُوا يَصْنَعُونَهُ لَهَا، وَخَاطَبَهَا كَمَا يُخَاطَبُ مَنْ يَعْقِلُ، لِأَنَّهُمْ أَنْزَلُوهَا بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ فَإِنَّهُ خَاطَبَهُمْ خِطَابَ مَنْ يَعْقِلُ، وَالِاسْتِفْهَامُ لِلتَّهَكُّمِ بِهِمْ لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهَا جَمَادَاتٌ لَا تَنْطِقُ.
قِيلَ: إِنَّهُمْ تَرَكُوا عِنْدَ أَصْنَامِهِمْ طَعَامَهُمْ لِلتَّبَرُّكِ بِهَا، وَلِيَأْكُلُوهُ إِذَا رَجَعُوا مِنْ عِيدِهِمْ. وَقِيلَ تَرَكُوهُ لِلسَّدَنَةِ، وَقِيلَ إِنَّ إبراهيم هو الذي قرب إليها الطَّعَامَ مُسْتَهْزِئًا بِهَا فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ أَيْ: فَمَالَ عَلَيْهِمْ يَضْرِبُهُمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ فَانْتِصَابُهُ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، أَوْ هو مصدر لراغ، لأنه بمعنى ضرب. قال الواحد:
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: يَعْنِي بِيَدِهِ الْيُمْنَى يَضْرِبُهُمْ بِهَا. وَقَالَ السُّدِّيُّ: بِالْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ لِأَنَّ الْيَمِينَ أَقْوَى الْيَدَيْنِ. قَالَ الْفَرَّاءُ وَثَعْلَبٌ ضَرْبًا بِالْقُوَّةِ، وَالْيَمِينُ الْقُوَّةُ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: الْمُرَادُ بِالْيَمِينِ: الْيَمِينُ الَّتِي حَلَفَهَا حِينَ قَالَ: وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْيَمِينِ هُنَا الْعَدْلُ كَمَا فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ أَيْ: بِالْعَدْلِ، وَالْيَمِينُ: كِنَايَةٌ عَنِ الْعَدْلِ، كَمَا أَنَّ الشِّمَالَ: كِنَايَةٌ عَنِ الْجَوْرِ، وَأَوَّلُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَوْلَاهَا فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ أَيْ: أَقْبَلَ إِلَيْهِ عَبَدَةُ تِلْكَ الْأَصْنَامِ يُسْرِعُونَ لَمَّا عَلِمُوا بما صنعه بها، ويزفون فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ أَقْبَلُوا قَرَأَ الْجُمْهُورُ يَزِفُّونَ بِفَتْحِ الْيَاءِ مِنْ زَفَّ الظَّلِيمُ «١» يَزُفُّ إِذَا عَدَا بِسُرْعَةٍ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ بِضَمِّ الْيَاءِ مِنْ أَزَفَّ يُزِفُّ: أَيْ دَخَلَ فِي الزَّفِيفِ، أَوْ يَحْمِلُونَ غَيْرَهُمْ عَلَى الزَّفِيفِ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: أَزْفَفْتُ الْإِبِلَ: أَيْ حَمَلْتُهَا عَلَى أَنْ تَزِفَّ، وَقِيلَ هُمَا لُغَتَانِ، يُقَالُ زَفَّ الْقَوْمُ وَأَزَفُّوا، وَزُفَّتِ الْعَرُوسُ وَأَزْفَفْتُهَا، حُكِيَ ذَلِكَ عَنِ الْخَلِيلِ. قَالَ النَّحَّاسُ: زَعَمَ أَبُو حَاتِمٍ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ هَذِهِ اللُّغَةَ: يَعْنِي يُزِفُّونَ بِضَمِّ الْيَاءِ، وَقَدْ عَرَفَهَا جَمَاعَةٌ مِنَ العلماء منهم الفراء، وشبهها بقولهم أطردت الرجل:
أَيْ صَيَّرْتُهُ إِلَى ذَلِكَ، وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: الزَّفِيفُ الْإِسْرَاعُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الزَّفِيفُ أَوَّلُ عَدْوِ النَّعَامِ. وقال قتادة والسدّي: معنى يَزِفُّونَ يَمْشُونَ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: يَسْعَوْنَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَلَامٍ: يُرْعِدُونَ غَضَبًا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَخْتَالُونَ، أَيْ: يَمْشُونَ مَشْيَ الْخُيَلَاءِ، وَقِيلَ: يَتَسَلَّلُونَ تَسَلُّلًا بين المشي والعدو، والأولى تفسير يزفون بيسرعون، وَقُرِئَ يَزِفُّونَ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَقُرِئَ يَزِفُّونَ كيرمون. وحكى الثعلبي عن الحسن ومجاهد وابن السميقع أنهم قرءوا «يزفّون» بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَهِيَ رَكْضٌ بَيْنَ الْمَشْيِ وَالْعَدْوِ قالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ لَمَّا أَنْكَرُوا عَلَى إِبْرَاهِيمَ مَا فَعَلَهُ بِالْأَصْنَامِ، ذَكَرَ لَهُمُ الدَّلِيلَ الدال على فساد عبادتها، فقال
(١). الظليم: ذكر النعام.
461
مُبَكِّتًا لَهُمْ، وَمُنْكِرًا عَلَيْهِمْ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ أَيْ: أَتَعْبُدُونَ أَصْنَامًا أَنْتُمْ تَنْحِتُونَهَا، وَالنَّحْتُ: النَّجْرُ وَالْبَرْيُ، نَحَتَهُ يَنْحِتُهُ بِالْكَسْرِ نَحْتًا: أَيْ بَرَاهُ، وَالنُّحَاتَةُ الْبُرَايَةُ، وَجُمْلَةُ: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ تعبدون، وما في ما تَعْمَلُونَ مَوْصُولَةٌ، أَيْ: وَخَلَقَ الَّذِي تَصْنَعُونَهُ عَلَى الْعُمُومِ وَيَدْخُلُ فِيهَا الْأَصْنَامُ الَّتِي يَنْحِتُونَهَا دُخُولًا أَوَّلِيًّا، وَيَكُونُ مَعْنَى الْعَمَلِ هُنَا التَّصْوِيرَ وَالنَّحْتَ وَنَحْوَهُمَا، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً، أَيْ: خَلَقَكُمْ وَخَلَقَ عَمَلَكُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ اسْتِفْهَامِيَّةً، وَمَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ التَّوْبِيخُ وَالتَّقْرِيعُ، أَيْ: وَأَيَّ شَيْءٍ تَعْمَلُونَ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ نَافِيَةً، أَيْ: إِنَّ الْعَمَلَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ لَكُمْ فَأَنْتُمْ لَا تَعْمَلُونَ شَيْئًا، وَقَدْ طَوَّلَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ الْكَلَامَ فِي رَدِّ قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّهَا مَصْدَرِيَّةٌ، وَلَكِنْ بِمَا لَا طَائِلَ تَحْتَهُ، وَجَعْلُهَا مَوْصُولَةً أَوْلَى بالمقام، وأوفق بسياق الكلام، وجملة: قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ مُسْتَأْنَفَةٌ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَالْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، قَالُوا هَذِهِ الْمَقَالَةَ لَمَّا عَجَزُوا عَنْ جَوَابِ مَا أَوْرَدَهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْحُجَّةِ الْوَاضِحَةِ، فَتَشَاوَرُوا فيما بينهم أن بينوا له حائطا من حجارة ويملؤوه حَطَبًا وَيُضْرِمُوهُ، ثُمَّ يُلْقُوهُ فِيهِ، وَالْجَحِيمُ: النَّارُ الشَّدِيدَةُ الِاتِّقَادِ، قَالَ الزَّجَّاجُ: وَكُلُّ نَارٍ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ فَهِيَ جَحِيمٌ، وَاللَّامُ فِي الْجَحِيمِ عِوَضٌ عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ أَيْ: فِي جَحِيمِ ذَلِكَ الْبُنْيَانِ، ثُمَّ لَمَّا أَلْقَوْهُ فِيهَا نَجَّاهُ اللَّهُ مِنْهَا، وَجَعَلَهَا عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ الْكَيْدُ: الْمَكْرُ وَالْحِيلَةُ، أَيِ:
احْتَالُوا لِإِهْلَاكِهِ فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ الْمَقْهُورِينَ الْمَغْلُوبِينَ، لِأَنَّهَا قَامَتْ لَهُ بِذَلِكَ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةُ الَّتِي لَا يَقْدِرُونَ عَلَى دَفْعِهَا، وَلَا يُمْكِنُهُمْ جَحْدُهَا، فَإِنَّ النَّارَ الشَّدِيدَةَ الِاتِّقَادِ الْعَظِيمَةَ الِاضْطِرَامِ الْمُتَرَاكِمَةَ الْجِمَارِ إِذَا صَارَتْ بَعْدَ إِلْقَائِهِ عَلَيْهَا بَرْدًا وَسَلَامًا، وَلَمْ تُؤَثِّرْ فِيهِ أَقَلَّ تَأْثِيرٍ كَانَ ذَلِكَ مِنَ الْحُجَّةِ بِمَكَانٍ يَفْهَمُهُ كُلُّ مَنْ لَهُ عَقْلٌ، وَصَارَ الْمُنْكِرُ لَهُ سَافِلًا سَاقِطَ الْحُجَّةِ ظَاهِرَ التَّعَصُّبِ وَاضِحَ التَّعَسُّفِ، وَسُبْحَانَ مَنْ يَجْعَلُ الْمِحَنَ لِمَنْ يَدْعُو إِلَى دِينِهِ مِنَحًا، وَيَسُوقُ إِلَيْهِمُ الْخَيْرَ بِمَا هُوَ مِنْ صِوَرِ الضَّيْرِ. وَلَمَّا انْقَضَتْ هَذِهِ الْوَقْعَةُ وَأَسْفَرَ الصُّبْحُ لِذِي عَيْنَيْنِ، وَظَهَرَتْ حُجَّةُ اللَّهِ لِإِبْرَاهِيمَ، وَقَامَتْ بَرَاهِينُ نُبُوَّتِهِ، وَسَطَعَتْ أَنْوَارُ معجزته قالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي أَيْ: مُهَاجِرٌ مِنْ بَلَدٍ قَوْمِي الَّذِينَ فَعَلُوا مَا فَعَلُوا تَعَصُّبًا لِلْأَصْنَامِ، وَكُفْرًا بِاللَّهِ، وَتَكْذِيبًا لِرُسُلِهِ إِلَى حَيْثُ أَمَرَنِي بِالْمُهَاجَرَةِ إِلَيْهِ.
أَوْ إِلَى حَيْثُ أَتَمَكَّنُ مِنْ عِبَادَتِهِ سَيَهْدِينِ أَيْ: سَيَهْدِينِي إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَمَرَنِي بِالذَّهَابِ إِلَيْهِ، أَوْ إِلَى مَقْصِدِي.
قيل: إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَمَرَهُ بِالْمَسِيرِ إِلَى الشَّامِ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ هَذَا فِي سُورَةِ الْكَهْفِ مُسْتَوْفًى «١». قَالَ مُقَاتِلٌ:
فَلَمَّا قَدِمَ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ سَأَلَ رَبَّهُ الْوَلَدَ فَقَالَ: رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ أَيْ وَلَدًا صَالِحًا مِنَ الصَّالِحِينَ يُعِينُنِي عَلَى طَاعَتِكَ وَيُؤْنِسُنِي فِي الْغُرْبَةِ هَكَذَا قَالَ الْمُفَسِّرُونَ، وَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِأَنَّ الْهِبَةَ قَدْ غَلَبَ مَعْنَاهَا فِي الْوَلَدِ، فَتُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَيْهِ، وَإِذَا وَرَدَتْ مُقَيَّدَةً حُمِلَتْ عَلَى مَا قُيِّدَتْ بِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا «٢» وَعَلَى فَرْضِ أَنَّهَا لَمْ تَغْلِبْ فِي طَلَبِ الْوَلَدِ فَقَوْلُهُ: فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ يَدُلُّ عَلَى أنه
(١). ورده سير إبراهيم إلى الشام في سورة العنكبوت آية: ٢٦.
(٢). مريم: ٥٣.
462
مَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ: رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ إِلَّا الْوَلَدَ، وَمَعْنَى حَلِيمٍ: أَنْ يَكُونَ حَلِيمًا عِنْدَ كِبَرِهِ، فَكَأَنَّهُ بُشِّرَ بِبَقَاءِ ذَلِكَ الْغُلَامِ حَتَّى يَكْبَرَ وَيَصِيرَ حَلِيمًا، لِأَنَّ الصَّغِيرَ لَا يُوصَفُ بِالْحِلْمِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: هَذِهِ الْبِشَارَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُبَشَّرٌ بِابْنٍ ذَكَرٍ، وَأَنَّهُ يَبْقَى حَتَّى يَنْتَهِيَ فِي السِّنِّ وَيُوَصَفَ بِالْحِلْمِ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ كَمَا تُشْعِرُ بِهِ هَذِهِ الْفَاءُ الْفَصِيحَةُ وَالتَّقْدِيرُ: فَوَهَبْنَا لَهُ الْغُلَامَ فَنَشَأَ حَتَّى صَارَ إِلَى السِّنِّ الَّتِي يُسْعَى فِيهَا مَعَ أَبِيهِ فِي أُمُورِ دُنْيَاهُ. قَالَ مُجَاهِدٌ: فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ أَيْ: شَبَّ وَأَدْرَكَ سَعْيُهُ سَعْيَ إِبْرَاهِيمَ.
وَقَالَ مُقَاتِلٌ: لَمَّا مَشَى مَعَهُ. قَالَ الْفَرَّاءُ كَانَ يَوْمَئِذٍ ابْنَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ سَعْيُ الْعَقْلِ الَّذِي تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: هُوَ السَّعْيُ فِي العبادة، وقيل: هو الاحتلام قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ قَالَ إبراهيم لابنه لما بلغ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ: إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ هَذِهِ الرُّؤْيَا. قَالَ مُقَاتِلٌ:
رَأَى إِبْرَاهِيمُ ذَلِكَ ثَلَاثَ لَيَالٍ مُتَتَابِعَاتٍ. قَالَ قَتَادَةُ: رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ حَقٌّ إِذَا رَأَوْا شَيْئًا فَعَلُوهُ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الذَّبِيحِ؟ هَلْ هُوَ إِسْحَاقُ أَوْ إِسْمَاعِيلُ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فَقَالَ أَكْثَرُهُمُ: الذَّبِيحُ إِسْحَاقُ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمَطَّلِبِ وابنه عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ جَابِرٍ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: فَهَؤُلَاءِ سَبْعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ. قَالَ: وَمِنَ التَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ: عَلْقَمَةُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَكَعْبُ الْأَحْبَارِ، وَقَتَادَةُ، ومسروق، وعكرمة، والقاسم بن أبي برزة، وعطاء، ومقاتل، وعبد الرحمن بن سابط، والمهري، وَالسُّدِّيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْهُذَيْلِ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ كُلُّهُمْ قَالُوا الذَّبِيحُ إِسْحَاقُ، وَعَلَيْهِ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَاخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُمُ: النَّحَّاسُ، وَابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. قَالَ وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ إِسْمَاعِيلُ، وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا، وَمِنَ التَّابِعِينَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَيُوسُفُ بْنُ مِهْرَانَ، وَمُجَاهِدٌ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، وَالْكَلْبِيُّ، وَعَلْقَمَةُ، وَعَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَمْرِو بْنَ الْعَلَاءِ عَنِ الذَّبِيحِ فَقَالَ: يَا أَصْمَعِيُّ أَيْنَ عَزَبَ عَنْكَ عَقْلُكَ، وَمَتَى كَانَ إِسْحَاقُ بِمَكَّةَ؟ وَإِنَّمَا كَانَ إِسْمَاعِيلُ بِمَكَّةَ. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ: وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الذَّبِيحَ هُوَ إِسْحَاقُ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ السَّلَفِ حَتَّى يُقَالَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ، وَمَا أَظُنُّ ذَلِكَ تُلُقِّيَ إِلَّا عَنْ أَخْبَارِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَأُخِذَ مُسَلَّمًا مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ، وَكِتَابُ اللَّهِ شَاهِدٌ وَمُرْشِدٌ إِلَى أَنَّهُ إِسْمَاعِيلُ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْبِشَارَةَ بِالْغُلَامِ الْحَلِيمِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ الذَّبِيحُ، وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ.
وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ إِسْحَاقُ بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَخْبَرَهُمْ عَنْ إِبْرَاهِيمَ حِينَ فَارَقَ قَوْمَهُ، فَهَاجَرَ إِلَى الشَّامِ مَعَ امْرَأَتِهِ سَارَّةَ وَابْنِ أَخِيهِ لُوطٍ فَقَالَ: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ أَنَّهُ دَعَا فَقَالَ: رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ فَقَالَ تَعَالَى: فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ «١» وَلِأَنَّ اللَّهَ قَالَ: وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ فَذَكَرَ أَنَّهُ فِي الْغُلَامِ الْحَلِيمِ الَّذِي بُشِّرَ بِهِ إبراهيم، وإنما بشر بإسحاق،
(١). مريم: ٤٩.
463
لِأَنَّهُ قَالَ: وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ وَقَالَ هُنَا: بِغُلامٍ حَلِيمٍ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ هَاجَرَ، وَقَبْلَ أَنْ يَصِيرَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ، وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ أَنَّهُ بُشِّرَ بِوَلَدٍ إِلَّا إِسْحَاقَ. قَالَ الزَّجَّاجُ اللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّهُمَا الذَّبِيحُ اه، وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْفَرِيقَانِ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ وَالْمُنَاقَشَةُ لَهُ.
وَمِنْ جُمْلَةِ مَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّهُ إِسْمَاعِيلُ بِأَنَّ اللَّهَ وَصَفَهُ بِالصَّبْرِ دُونَ إِسْحَاقَ كَمَا فِي قَوْلِهِ: وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ «١» وَهُوَ صَبْرُهُ عَلَى الذَّبْحِ، وَوَصَفَهُ بِصِدْقِ الْوَعْدِ في قوله: إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ «٢» لِأَنَّهُ وَعَدَ أَبَاهُ مِنْ نَفْسِهِ الصَّبْرَ عَلَى الذَّبْحِ، فَوَفَى بِهِ، وَلِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَالَ: وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا فَكَيْفَ يَأْمُرُهُ بِذَبْحِهِ، وَقَدْ وَعَدَهُ أَنْ يَكُونَ نَبِيًّا، وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ: فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ «٣» فَكَيْفَ يُؤْمَرُ بِذَبْحِ إِسْحَاقَ قَبْلَ إِنْجَازِ الْوَعْدِ فِي يَعْقُوبَ، وَأَيْضًا وَرَدَ فِي الْأَخْبَارِ تَعْلِيقُ قَرْنِ الْكَبْشِ فِي الْكَعْبَةِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الذَّبِيحَ إِسْمَاعِيلُ، وَلَوْ كَانَ إِسْحَاقَ لَكَانَ الذَّبْحُ وَاقِعًا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَكُلُّ هَذَا أَيْضًا يَحْتَمِلُ الْمُنَاقِشَةَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرى قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ «تُرِي» بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ، وَالْمَفْعُولَانِ مَحْذُوفَانِ، أَيِ: انْظُرْ مَاذَا تُرِينِي إِيَّاهُ مِنْ صَبْرِكَ وَاحْتِمَالِكَ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ مِنَ السَّبْعَةِ بِفَتْحِ التَّاءِ وَالرَّاءِ مِنَ الرَّأْيِ، وَهُوَ مُضَارِعُ رَأَيْتُ، وَقَرَأَ الضَّحَّاكُ وَالْأَعْمَشُ، «تُرَى» بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، أَيْ: مَاذَا يُخَيَّلُ إِلَيْكَ وَيَسْنَحُ لِخَاطِرِكَ. قَالَ الْفَرَّاءُ فِي بَيَانِ مَعْنَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى: انْظُرْ مَاذَا تَرَى مِنْ صَبْرِكَ وَجَزَعِكَ. قَالَ الزَّجَّاجُ: لَمْ يَقُلْ هَذَا أَحَدٌ غَيْرُهُ، وَإِنَّمَا قَالَ الْعُلَمَاءُ مَاذَا تُشِيرُ؟ أَيْ مَا تُرِيكَ نَفْسُكَ مِنَ الرَّأْيِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: إِنَّمَا يَكُونُ هَذَا مِنْ رُؤْيَةِ الْعَيْنِ خَاصَّةً وَكَذَا قَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَلَّطَهُمَا النَّحَّاسُ وَقَالَ: هَذَا يَكُونُ مِنْ رُؤْيَةِ الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا، وَمَعْنَى الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ ظَاهِرٌ وَاضِحٌ، وَإِنَّمَا شَاوَرَهُ لِيَعْلَمَ صَبْرَهُ لِأَمْرِ اللَّهِ، وَإِلَّا فَرُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ، وامتثالها لازم لهم متحتم عليهم قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ أَيْ: مَا تُؤْمَرُ بِهِ مما أوحي إليك من ذبحي، وما: مَوْصُولَةٌ، وَقِيلَ: مَصْدَرِيَّةٌ عَلَى مَعْنَى افْعَلْ أَمْرَكَ، وَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ إِلَى الْمَفْعُولِ، وَتَسْمِيَةُ الْمَأْمُورِ بِهِ أَمْرًا، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ على ما ابتلاني مِنَ الذَّبْحِ، وَالتَّعْلِيقِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ تَبَرُّكًا بِهَا مِنْهُ فَلَمَّا أَسْلَما أَيِ: اسْتَسْلَمَا لِأَمْرِ اللَّهِ وَأَطَاعَاهُ وَانْقَادَا لَهُ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ أَسْلَمْنا وَقَرَأَ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ «فَلَمَّا سَلَّمَا» أَيْ: فَوَّضَا أَمْرَهُمَا إِلَى اللَّهِ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ اسْتَسْلَمَا قَالَ قَتَادَةُ: أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا نَفْسَهُ لِلَّهِ، وَأَسْلَمَ الْآخَرُ ابْنَهُ، يُقَالُ: سَلَّمَ لِأَمْرِ اللَّهِ وَأَسْلَمَ وَاسْتَسْلَمَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي جَوَابِ لَمَّا مَاذَا هُوَ؟ فَقِيلَ: هُوَ مَحْذُوفٌ، وَتَقْدِيرُهُ ظَهَرَ صَبْرُهُمَا أَوْ أَجْزَلْنَا لَهُمَا أَجْرَهُمَا أَوْ فَدَيْنَاهُ بِكَبْشٍ هَكَذَا قَالَ الْبَصْرِيُّونَ. وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: الْجَوَابُ هُوَ نَادَيْنَاهُ، وَالْوَاوُ زَائِدَةٌ مُقْحَمَةٌ، وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِمُ النَّحَّاسُ بِأَنَّ الْوَاوَ مِنْ حُرُوفِ الْمَعَانِي وَلَا يجوز أن تزاد، وَقَالَ الْأَخْفَشُ الْجَوَابُ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَالْوَاوُ زَائِدَةٌ، وَرُوِيَ هَذَا أَيْضًا عَنِ الْكُوفِيِّينَ. وَاعْتِرَاضُ النَّحَّاسِ يُرَدُّ عَلَيْهِ كَمَا وَرَدَ عَلَى الْأَوَّلِ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ التلّ: الصرع والدفع، يقال تلت الرَّجُلَ: إِذَا أَلْقَيْتَهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَضْجَعَهُ عَلَى جبينه على الأرض، والجبين أحد
(١). الأنبياء: ٨٥.
(٢). مريم: ٥٤.
(٣). هود: ٧١.
464
جَانِبَيِ الْجَبْهَةِ، فَلِلْوَجْهِ جَبِينَانِ وَالْجَبْهَةُ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ: كَبَّهُ عَلَى وَجْهِهِ كَيْلَا يُرَى مِنْهُ مَا يُؤَثِّرُ الرِّقَّةَ لِقَلْبِهِ.
وَاخْتُلِفَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَرَادَ ذَبْحَهُ فِيهِ، فَقِيلَ: هُوَ مَكَّةُ فِي الْمَقَامِ، وَقِيلَ: فِي الْمَنْحَرِ بِمِنًى عِنْدَ الْجِمَارِ، وَقِيلَ: عَلَى الصَّخْرَةِ الَّتِي بِأَصْلِ جَبَلِ ثَبِيرٍ، وقيل: بالشام وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا أَيْ: عَزَمْتَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِمَا رَأَيْتَهُ. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: لَمَّا أَضْجَعَهُ لِلذَّبْحِ نُودِيَ مِنَ الْجَبَلِ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا، وَجَعَلَهُ مُصَدِّقًا بِمُجَرَّدِ الْعَزْمِ وَإِنْ لَمْ يَذْبَحْهُ لِأَنَّهُ قَدْ أَتَى بِمَا أَمْكَنَهُ، وَالْمَطْلُوبُ اسْتِسْلَامُهُمَا لِأَمْرِ اللَّهِ وَقَدْ فَعَلَا. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: قَالَ أَهْلُ السُّنَّةِ إِنَّ نَفْسَ الذَّبْحِ لَمْ يَقَعْ، وَلَوْ وَقَعَ لَمْ يُتَصَوَّرْ رَفْعُهُ، فَكَانَ هَذَا مِنْ بَابِ النَّسْخِ قَبْلَ الْفِعْلِ، لِأَنَّهُ لَوْ حَصَلَ الْفَرَاغُ مِنِ امْتِثَالِ الْأَمْرِ بِالذَّبْحِ مَا تَحَقَّقَ الْفِدَاءُ. قَالَ: وَمَعْنَى.
صَدَّقْتَ الرُّؤْيا فَعَلْتَ مَا أَمْكَنَكَ ثُمَّ امْتَنَعْتَ لَمَّا مَنَعْنَاكَ، هَذَا أَصَحُّ مَا قِيلَ فِي هَذَا الْبَابِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ:
لَيْسَ هَذَا مِمَّا يُنْسَخُ بِوَجْهٍ، لِأَنَّ مَعْنَى ذَبَحْتَ الشَّيْءَ قَطَعْتَهُ، وَقَدْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَأْخُذُ السِّكِّينَ فَيَمُرُّ بِهَا عَلَى حَلْقِهِ فَتَنْقَلِبُ كَمَا قَالَ مُجَاهِدٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ كُلَّمَا قَطَعَ جُزْءًا الْتَأَمَ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ السُّدِّيُّ: ضَرَبَ اللَّهُ عَلَى عُنُقِهِ صَفِيحَةَ نُحَاسٍ، فَجَعَلَ إِبْرَاهِيمُ يَحُزُّ وَلَا يَقْطَعُ شَيْئًا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ مَا أُمِرَ بِالذَّبْحِ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي هُوَ فَرْيُ الْأَوْدَاجِ، وَإِنْهَارُ الدَّمِ، وَإِنَّمَا رَأَى أَنَّهُ أَضْجَعَهُ لِلذَّبْحِ، فَتَوَهَّمَ أَنَّهُ أَمْرٌ بالذبح الحقيقي فلما أتى بما أمر بِهِ مِنَ الْإِضْجَاعِ قِيلَ لَهُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ أَيْ: نَجْزِيهِمْ بِالْخَلَاصِ مِنَ الشَّدَائِدِ وَالسَّلَامَةِ مِنِ الْمِحَنِ، فَالْجُمْلَةُ كالتعليل لما قبلها. قال مقاتل: جزاء اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِإِحْسَانِهِ فِي طَاعَتِهِ الْعَفْوَ عَنْ ذَبْحِ ابْنِهِ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ الْبَلَاءُ وَالِابْتِلَاءُ: الِاخْتِبَارُ، وَالْمَعْنَى: إِنَّ هَذَا هُوَ الِاخْتِبَارُ الظَّاهِرُ حَيْثُ اخْتَبَرَهُ اللَّهُ فِي طَاعَتِهِ بذبح ولده. وقيل المعنى: إن هذا هو النِّعْمَةُ الظَّاهِرَةُ حَيْثُ سَلَّمَ اللَّهُ وَلَدَهُ مِنَ الذَّبْحِ وَفَدَاهُ بِالْكَبْشِ، يُقَالُ أَبْلَاهُ اللَّهُ إِبْلَاءً وَبَلَاءً: إِذَا أَنْعَمَ عَلَيْهِ: وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَ الِابْتِلَاءُ يُسْتَعْمَلُ فِي الِاخْتِبَارِ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ، ومنه وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً «١» وَلَكِنَّ الْمُنَاسِبَ لِلْمَقَامِ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: هَذَا فِي الْبَلَاءِ الَّذِي نَزَلَ بِهِ فِي أَنْ يَذْبَحَ وَلَدَهُ. قَالَ: وَهَذَا مِنَ الْبَلَاءِ الْمَكْرُوهِ وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ الذِّبْحُ: اسْمُ الْمَذْبُوحِ وَجَمْعُهُ ذُبُوحٌ كَالطَّحْنِ اسْمٌ لِلْمَطْحُونِ، وَبِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ، وَمَعْنَى عَظِيمٍ: عَظِيمُ الْقَدْرِ، وَلَمْ يُرِدْ عِظَمَ الْجُثَّةِ وَإِنَّمَا عَظَّمَ قَدْرَهُ لِأَنَّهُ فُدِيَ بِهِ الذَّبِيحُ، أَوْ لِأَنَّهُ مُتَقَبَّلٌ. قَالَ النَّحَّاسُ: الْعَظِيمُ فِي اللُّغَةِ يَكُونُ لِلْكَبِيرِ وَلِلشَّرِيفِ، وَأَهْلُ التَّفْسِيرِ عَلَى أَنَّهُ هَاهُنَا لِلشَّرِيفِ: أَيِ الْمُتَقَبَّلِ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: قَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ:
أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَبْشٌ قَدْ رَعَى فِي الْجَنَّةِ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَا فُدِيَ إِلَّا بِتَيْسٍ مِنَ الْأَرْوَى أُهْبِطَ عَلَيْهِ مِنْ ثَبِيرٍ فَذَبَحَهُ إِبْرَاهِيمُ فِدَاءً عَنِ ابْنِهِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: قَدْ قِيلَ إِنَّهُ فُدِيَ بِوَعْلٍ، وَالْوَعْلُ التَّيْسُ الْجَبَلِيُّ، وَمَعْنَى الْآيَةِ:
جَعَلْنَا الذِّبْحَ فِدَاءً لَهُ وَخَلَّصْنَاهُ بِهِ مِنَ الذَّبْحِ وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ أَيْ: فِي الْأُمَمِ الْآخِرَةِ الَّتِي تَأْتِي بَعْدَهُ، وَالسَّلَامُ الثَّنَاءُ الْجَمِيلُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: سَلَامٌ مِنَّا، وَقِيلَ: سَلَامَةٌ مِنَ الْآفَاتِ، وَالْكَلَامُ فِي هَذَا كَالْكَلَامِ فِي قَوْلِهِ: سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ بَيَانُ مَعْنَاهُ، وَوَجْهُ إِعْرَابِهِ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ أَيْ: مِثْلَ ذَلِكَ الْجَزَاءِ الْعَظِيمِ نَجْزِي مَنِ انقاد لأمر الله
(١). الأنبياء: ٣٥.
465
إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ أَيِ: الَّذِينَ أَعْطَوُا الْعُبُودِيَّةَ حَقَّهَا، وَرَسَخُوا فِي الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَتَوْحِيدِهِ وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ أَيْ: بَشَّرْنَا إِبْرَاهِيمَ بِوَلَدٍ يُولَدُ لَهُ وَيَصِيرُ نَبِيًّا بَعْدَ أَنْ يَبْلُغَ السِّنَّ الَّتِي يَتَأَهَّلُ فِيهَا لِذَلِكَ، وَانْتِصَابُ نَبِيًّا عَلَى الْحَالِ، وَهِيَ حَالٌ مُقَدَّرَةٌ. قَالَ الزَّجَّاجُ: إِنْ كَانَ الذَّبِيحُ إِسْحَاقَ فَيَظْهَرُ كَوْنُهَا مُقَدَّرَةً وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إِنَّ مَنْ فَسَّرَ الذَّبِيحَ بِإِسْحَاقَ جَعَلَ الْبِشَارَةَ هُنَا خَاصَّةً بِنُبُوَّتِهِ. وَفِي ذِكْرِ الصَّلَاحِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ تَعْظِيمٌ لِشَأْنِهِ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى وُجُودِ الْمُبَشَّرِ بِهِ وَقْتَ الْبِشَارَةِ، فَإِنَّ وُجُودَ ذِي الْحَالِ لَيْسَ بشرط، وإنما الشرط المقارنة للفعل، و «من الصالحين» كما يجوز أن يكون صفة لنبيا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِيهِ، فَتَكُونُ أَحْوَالًا مُتَدَاخِلَةً وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ أَيْ: عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى إِسْحَاقَ بِمُرَادَفَةِ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِمَا، وَقِيلَ:
كَثَّرْنَا وَلَدَهُمَا، وَقِيلَ: إِنَّ الضَّمِيرَ فِي عَلَيْهِ يَعُودُ إِلَى إِسْمَاعِيلَ وَهُوَ بَعِيدٌ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْمُبَارَكَةِ هُنَا: هِيَ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ عَلَيْهِمَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ أَيْ: مُحْسِنٌ فِي عَمَلِهِ بِالْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ، وَظَالِمٌ لَهَا بِالْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي، لَمَّا ذَكَرَ سُبْحَانَهُ الْبَرَكَةَ فِي الذُّرِّيَّةِ بَيَّنَ أَنَّ كَوْنَ الذُّرِّيَّةِ مِنْ هَذَا الْعُنْصُرِ الشَّرِيفِ وَالْمَحْتِدِ الْمُبَارَكِ لَيْسَ بِنَافِعٍ لَهُمْ، بَلْ إِنَّمَا يَنْتَفِعُونَ بِأَعْمَالِهِمْ، لَا بِآبَائِهِمْ، فَإِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى وَإِنْ كَانُوا مِنْ وَلَدِ إِسْحَاقَ فَقَدْ صَارُوا إِلَى مَا صَارُوا إِلَيْهِ مِنَ الضَّلَالِ الْبَيِّنِ، وَالْعَرَبُ وَإِنْ كَانُوا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ فَقَدْ مَاتُوا عَلَى الشِّرْكِ إِلَّا مَنْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ يَقُولُ: لَمْ يُبْقِ إِلَّا ذُرِّيَّةَ نُوحٍ وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ يَقُولُ: يُذْكَرُ بِخَيْرٍ. وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ قَالَ: حَامٌ وَسَامٌ وَيَافِثٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وَأَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ سَمُرَةَ أَيْضًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَامٌ أَبُو الْعَرَبِ، وَحَامٌ أَبُو الْحَبَشِ، وَيَافِثٌ أَبُو الرُّومِ» وَالْحَدِيثَانِ هُمَا مِنْ سَمَاعِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ، وَفِي سَمَاعِهِ مِنْهُ مَقَالٌ مَعْرُوفٌ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ إِلَّا حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ فَقَطْ وَمَا عَدَاهُ فَبِوَاسِطَةٍ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَقَدْ رُوِيَ عن عمران ابن حصين عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْخَطِيبُ فِي تَالِي التَّلْخِيصِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَدُ نُوحٍ ثَلَاثَةٌ: سَامٌ وَحَامٌ وَيَافِثُ، فَوَلَدُ سَامٍ الْعَرَبُ وَفَارِسُ وَالرُّومُ وَالْخَيْرُ فِيهِمْ، وَوَلَدُ يَافِثَ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَالتُّرْكُ وَالصَّقَالِبَةُ وَلَا خَيْرَ فِيهِمْ، وَوَلَدُ حَامٍ الْقِبْطُ وَالْبَرْبَرُ وَالسُّودَانُ» وَهُوَ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ قَالَ: مِنْ أَهْلِ دينه. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: إِنِّي سَقِيمٌ قَالَ: مَرِيضٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ:
مَطْعُونٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ قَالَ:
يَخْرُجُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: قالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي قَالَ: حِينَ هَاجَرَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ: الْعَمَلَ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ
466
عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: لَمَّا أَرَادَ إِبْرَاهِيمُ أَنْ يَذْبَحَ إِسْحَاقَ قَالَ لِأَبِيهِ: إِذَا ذَبَحْتَنِي فَاعْتَزِلْ لَا أَضْطَرِبُ فَيَنْتَضِحُ عَلَيْكَ دَمِي، فَشَدَّهُ، فَلَمَّا أَخَذَ الشَّفْرَةَ، وَأَرَادَ أَنْ يَذْبَحَهُ نُودِيَ مِنْ خلفه أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنْهُ أَيْضًا مَرْفُوعًا مِثْلَهُ مَعَ زِيَادَةٍ وَأَخْرَجَهُ عَنْهُ مَوْقُوفًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ قَالَ: مِنْ شِيعَةِ نُوحٍ عَلَى مِنْهَاجِهِ وَسُنَنِهِ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ شَبَّ حَتَّى بَلَغَ سَعْيُهُ سَعْيَ أَبِيهِ فِي الْعَمَلِ فَلَمَّا أَسْلَما سَلَّمَا مَا أُمِرَ بِهِ وَتَلَّهُ وَضَعَ وَجْهَهُ إِلَى الْأَرْضِ، فَقَالَ لَا تَذْبَحْنِي وَأَنْتَ تَنْظُرُ عَسَى أَنْ تَرْحَمَنِي، فَلَا تُجْهِزُ عَلَيَّ، وَأَنْ أَجْزَعَ فَأَنْكِصُ فَأَمْتَنِعُ مِنْكَ، وَلَكِنِ ارْبُطْ يَدَيَّ إِلَى رَقَبَتِي ثُمَّ ضَعْ وَجْهِي إِلَى الْأَرْضِ، فَلَمَّا أَدْخَلَ يَدَهُ لِيَذْبَحَهُ فلم تصل المدية حتى نودي: أن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا فَأَمْسَكَ يَدَهُ، قَوْلُهُ: وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ بِكَبْشٍ عَظِيمٍ مُتَقَبِّلٍ، وَزَعَمَ ابْنُ عباس أن الذبيح إِسْمَاعِيلُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ» وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ قَوْلِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَاسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْمَفْدِيُّ إِسْمَاعِيلُ، وَزَعَمَتِ الْيَهُودُ أَنَّهُ إِسْحَاقُ وَكَذَبَتِ الْيَهُودُ. وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الذَّبِيحُ إِسْمَاعِيلُ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ، وَيُوسُفُ بْنُ مَاهِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الذَّبِيحُ إِسْمَاعِيلُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طريق يوسف ابن مَاهِكَ، وَأَبِي الطُّفَيْلِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الذَّبِيحُ إِسْمَاعِيلُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ: وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ قَالَ: إِسْمَاعِيلُ ذَبَحَ عَنْهُ إِبْرَاهِيمُ الْكَبْشَ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ الْفَرَزْدَقِ الشَّاعِرِ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقُولُ:
إِنَّ الَّذِي أُمِرَ بِذَبْحِهِ إِسْمَاعِيلُ. وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْحَاكِمُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ العباس ابن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ دَاوُدُ: يَا رَبِّ أَسْمَعُ النَّاسَ يَقُولُونَ: رَبَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ فَاجْعَلْنِي رَابِعًا، قَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ فَصَبَرَ مِنْ أَجْلِي، وَإِنَّ إِسْحَاقَ جَادَ لِي بِنَفْسِهِ، وَإِنَّ يَعْقُوبَ غَابَ عَنْهُ يُوسُفُ، وَتِلْكَ بَلِيَّةٌ لَمْ تَنَلْكَ» وَفِي إِسْنَادِهِ الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ الْبَصْرِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَأَخْرَجَ الدَّيْلَمِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْأَفْرَادِ، وَالدَّيْلَمِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الذَّبِيحُ إِسْحَاقُ» وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الذَّبِيحُ إِسْحَاقُ» وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ بَهَارٍ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ، قَالَ: إِسْحَاقُ ذَبِيحُ اللَّهِ.
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قَالَ: «يُوسُفُ بْنُ يعقوب ابن إِسْحَاقَ ذَبِيحِ اللَّهِ». وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: الذَّبِيحُ إِسْحَاقُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: الذَّبِيحُ إِسْحَاقُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ
467
﴿ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الكرب العظيم ﴾ المراد بأهله : أهل دينه، وهم من آمن معه، وكانوا ثمانين، والكرب العظيم هو الغرق، وقيل : تكذيب قومه له، وما يصدر منهم إليه من أنواع الأذايا.
﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ وحدهم دون غيرهم كما يشعر به ضمير الفصل، وذلك لأن الله أهلك الكفرة بدعائه، ولم يبق منهم باقية، ومن كان معه في السفينة من المؤمنين ماتوا كما قيل، ولم يبق إلا أولاده. قال سعيد بن المسيب : كان ولد نوح ثلاثة، والناس كلهم من ولد نوح، فسام أبو العرب وفارس والروم واليهود والنصارى. وحام أبو السودان من المشرق إلى المغرب : السند. والهند، والنوب، والزنج، والحبشة، والقبط، والبربر وغيرهم. ويافث أبو الصقالب، والترك، والخزر، ويأجوج ومأجوج وغيرهم. وقيل : إنه كان لمن مع نوح ذرّية كما يدلّ عليه قوله :﴿ ذُرّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ ﴾ [ الإسراء : ٣ ]، وقوله :﴿ قِيلَ يا نوح اهبط بسلام مّنَّا وبركات عَلَيْكَ وعلى أُمَمٍ مّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [ هود : ٤٨ ]، فيكون على هذا معنى ﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ وذرّيته وذرّية من معه دون ذرّية من كفر، فإن الله أغرقهم فلم يبق لهم ذرّية.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يعني في الذين يأتون بعده إلى يوم القيامة من الأمم، والمتروك هذا هو قوله :﴿ سلام على نُوحٍ ﴾ أي تركنا هذا الكلام بعينه، وارتفاعه على الحكاية، والسلام هو : الثناء الحسن، أي يثنون عليه ثناءً حسناً ويدعون له، ويترحمون عليه. قال الزجاج : تركنا عليه الذكر الجميل إلى يوم القيامة، وذلك الذكر هو قوله :﴿ سلام على نُوحٍ ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

﴿ سلام على نُوحٍ ﴾ قال الكسائي : في ارتفاع ﴿ سلام ﴾، وجهان : أحدهما وتركنا عليه في الآخرين يقال : سلام على نوح. والوجه الثاني أن يكون المعنى : وأبقينا عليه، وتمّ الكلام، ثم ابتدأ فقال : سلام على نوح، أي : سلامة له من أن يذكر بسوء في الآخرين. قال المبرد : أي تركنا عليه هذه الكلمة باقية، يعني : يسلمون عليه تسليماً ويدعون له، وهو من الكلام المحكي كقوله :﴿ سُورَةٌ أنزلناها ﴾ [ النور : ١ ]، وقيل : إنه ضمن تركنا معنى : قلنا. قال الكوفيون : جملة ﴿ سلام على نوح في العالمين ﴾ في محل نصب مفعول ﴿ تركنا ﴾، لأنه ضمن معنى قلنا.
قال الكسائي : وفي قراءة ابن مسعود " سلاماً " منصوب بتركنا، أي : تركنا عليه ثناءً حسناً، وقيل : المراد بالآخرين : أمة محمد صلى الله عليه وسلم. و﴿ في العالمين ﴾ متعلق بما تعلق به الجار والمجرور الواقع خبراً، وهو على نوح، أي سلام ثابت، أو مستمرّ، أو مستقرّ على نوح في العالمين من الملائكة والجنّ والإنس، وهذا يدل على عدم اختصاص ذلك بأمة محمد صلى الله عليه وسلم كما قيل :﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى المحسنين ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى المحسنين ﴾ هذه الجملة تعليل لما قبلها من التكرمة لنوح بإجابة دعائه، وبقاء الثناء من الله عليه، وبقاء ذريته، أي إنا كذلك نجزي من كان محسناً في أقواله، وأفعاله راسخاً في الإحسان معروفاً به، والكاف في ﴿ كذلك ﴾ نعت مصدر محذوف، أي جزاء كذلك الجزاء.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المؤمنين ﴾ هذا بيان لكونه من المحسنين، وتعليل له بأنه كان عبداً مؤمناً مخلصاً لله
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

﴿ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخرين ﴾ أي الكفرة الذين لم يؤمنوا بالله، ولا صدّقوا نوحاً.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

ثم ذكر سبحانه قصة إبراهيم، وبيّن : أنه ممن شايع نوحاً، فقال :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ أي من أهل دينه، وممن شايعه، ووافقه على الدعاء إلى الله، وإلى توحيده والإيمان به. قال مجاهد : أي على منهاجه وسنّته. قال الأصمعي : الشيعة : الأعوان، وهو مأخوذ من الشياع، وهو الحطب الصغار الذي يوقد مع الكبار حتى يستوقد، وقال الفراء : المعنى وإن من شيعة محمد لإبراهيم، فالهاء في شيعته على هذا لمحمد صلى الله عليه وسلم، وكذا قال الكلبي. ولا يخفى ما في هذا من الضعف، والمخالفة للسياق.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

والظرف في قوله :﴿ إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ منصوب بفعل محذوف، أي اذكر، بما في الشيعة من معنى المتابعة. قال أبو حيان : لا يجوز ؛ لأن فيه الفصل بين العامل، والمعمول بأجنبيّ، وهو : إبراهيم، والأولى أن يقال : إن لام الابتدء تمنع ما بعدها من العمل فيما قبلها، والقلب السليم المخلص من الشرك، والشك. وقيل : هو الناصح لله في خلقه، وقيل : الذي يعلم أن الله حقّ، وأن الساعة قائمة، وأن الله يبعث من في القبور. ومعنى مجيئه إلى ربه يحتمل وجهين : أحدهما : عند دعائه إلى توحيده وطاعته. الثاني : عند إلقائه في النار.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

وقوله :﴿ إِذْ قَالَ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ ﴾ بدل من الجملة الأولى، أو ظرف لسليم، أو ظرف لجاء، والمعنى : وقت قال لأبيه آزر وقومه من الكفار : أيّ شيء تعبدون.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

﴿ أَإِفْكا ءالِهَةً دُونَ الله تُرِيدُونَ فَمَا ﴾ انتصاب " إفكاً " على أنه مفعول لأجله، وانتصاب ﴿ آلهة ﴾ على أنه مفعول ﴿ تريدون ﴾، والتقدير : أتريدون آلهة من دون الله للإفك، و﴿ دون ﴾ ظرف ل﴿ تريدون ﴾، وتقديم هذه المعمولات للفعل عليه للاهتمام. وقيل : انتصاب " إفكاً " على أنه مفعول به ل﴿ تريدون ﴾، و﴿ آلهة ﴾ بدل منه، جعلها نفس الإفك مبالغة، وهذا أولى من الوجه الأوّل.
وقيل : انتصابه على الحال من فاعل ﴿ تريدون ﴾ أي أتريدون آلهة آفكين، أو ذوي إفك. قال المبرد : الإفك : أسوأ الكذب، وهو الذي لا يثبت ويضطرب، ومنه ائتفكت بهم الأرض.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

﴿ فَمَا ظَنُّكُم بِرَبّ العالمين ﴾ أي ما ظنكم به إذا لقيتموه، وقد عبدتم غيره، وما ترونه يصنع بكم ؟ وهو تحذير مثل قوله :﴿ مَا غَرَّكَ بِرَبّكَ الكريم ﴾ [ الانفطار : ٦ ] وقيل المعنى : أيّ شيء توهمتموه بالله حتى أشركتم به غيره ؟
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

﴿ فَنَظَرَ نَظْرَةً في النجوم * فَقَالَ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال الواحدي : قال المفسرون : كانوا يتعاطون علم النجوم، فعاملهم بذلك لئلا ينكروا عليه، وذلك أنه أراد أن يكايدهم في أصنامهم ؛ لتلزمهم الحجة في أنها غير معبودة، وكان لهم من الغد يوم عيد يخرجون إليه، وأراد أن يتخلف عنهم، فاعتلّ بالسقم : وذلك أنهم كلفوه أن يخرج معهم إلى عيدهم، فنظر إلى النجوم يريهم أنه مستدلّ بها على حاله، فلما نظر إليها قال : إني سقيم، أي سأسقم. وقال الحسن : إنهم لما كلفوه أن يخرج معهم تفكر فيما يعمل، فالمعنى على هذا : أنه نظر فيما نجم له من الرأي، أي فيما طلع له منه، فعلم أن كلّ شيء يسقم ﴿ فَقَالَ إِنّى سَقِيمٌ ﴾. قال الخليل والمبرد : يقال للرجل إذا فكر في الشيء يدبره : نظر في النجوم. وقيل : كانت الساعة التي دعوه إلى الخروج معهم فيها ساعة تعتاده فيها الحمى. وقال الضحاك : معنى :﴿ إني سقيم ﴾ سأسقم سقم الموت، لأن من كتب عليه الموت يسقم في الغالب ثم يموت، وهذا تورية وتعريض كما قال للملك لما سأله عن سارّة : هي أختي يعني : أخوّة الدين. وقال سعيد بن جبير : أشار لهم إلى مرض يسقم ويعدي وهو الطاعون، وكانوا يهربون من ذلك، ولهذا قال :﴿ فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٨٨:﴿ فَنَظَرَ نَظْرَةً في النجوم * فَقَالَ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال الواحدي : قال المفسرون : كانوا يتعاطون علم النجوم، فعاملهم بذلك لئلا ينكروا عليه، وذلك أنه أراد أن يكايدهم في أصنامهم ؛ لتلزمهم الحجة في أنها غير معبودة، وكان لهم من الغد يوم عيد يخرجون إليه، وأراد أن يتخلف عنهم، فاعتلّ بالسقم : وذلك أنهم كلفوه أن يخرج معهم إلى عيدهم، فنظر إلى النجوم يريهم أنه مستدلّ بها على حاله، فلما نظر إليها قال : إني سقيم، أي سأسقم. وقال الحسن : إنهم لما كلفوه أن يخرج معهم تفكر فيما يعمل، فالمعنى على هذا : أنه نظر فيما نجم له من الرأي، أي فيما طلع له منه، فعلم أن كلّ شيء يسقم ﴿ فَقَالَ إِنّى سَقِيمٌ ﴾. قال الخليل والمبرد : يقال للرجل إذا فكر في الشيء يدبره : نظر في النجوم. وقيل : كانت الساعة التي دعوه إلى الخروج معهم فيها ساعة تعتاده فيها الحمى. وقال الضحاك : معنى :﴿ إني سقيم ﴾ سأسقم سقم الموت، لأن من كتب عليه الموت يسقم في الغالب ثم يموت، وهذا تورية وتعريض كما قال للملك لما سأله عن سارّة : هي أختي يعني : أخوّة الدين. وقال سعيد بن جبير : أشار لهم إلى مرض يسقم ويعدي وهو الطاعون، وكانوا يهربون من ذلك، ولهذا قال :﴿ فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.


﴿ فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ ﴾ أي تركوه، وذهبوا مخافة العدوى.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

﴿ فَرَاغَ إلى ءالِهَتِهِمْ ﴾ يقال : راغ يروغ روغاً وروغاناً : إذا مال، ومنه طريق رائغ، أي : مائل. ومنه قول الشاعر :
فيريك من طرف اللسان حلاوة ويروغ عنك كما يروغ الثعلب
وقال السدّي : ذهب إليهم، وقال أبو مالك : جاء إليهم، وقال الكلبي : أقبل عليهم، والمعنى متقارب ﴿ فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ ﴾ أي فقال إبراهيم للأصنام التي راغ إليها استهزاء وسخرية : ألا تأكلون من الطعام الذي كانوا يصنعونه لها، وخاطبها كما يخاطب من يعقل ؛ لأنهم أنزلوها بتلك المنزلة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

وكذا قوله :﴿ مَا لَكُمْ لاَ تَنطِقُونَ ﴾، فإنه خاطبهم خطاب من يعقل، والاستفهام للتهكم بهم ؛ لأنه قد علم أنها جمادات لا تنطق. قيل : إنهم تركوا عند أصنامهم طعامهم للتبرك بها، وليأكلوه إذا رجعوا من عيدهم. وقيل : تركوه للسدنة، وقيل : إن إبراهيم هو الذي قرب إليها الطعام مستهزئاً بها.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

﴿ فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً باليمين ﴾ أي فمال عليهم يضربهم ضرباً باليمين، فانتصابه على أنه مصدر مؤكد لفعل محذوف، أو هو مصدر لراغ، لأنه بمعنى : ضرب. قال الواحدي : قال المفسرون : يعني : بيده اليمنى يضربهم بها. وقال السدي : بالقوة والقدرة ؛ لأن اليمين أقوى اليدين. قال الفراء وثعلب : ضرباً بالقوة، واليمين القوة. وقال الضحاك، والربيع بن أنس : المراد باليمين : اليمين التي حلفها حين قال :﴿ وتالله لأَكِيدَنَّ أصنامكم ﴾ [ الأنبياء : ٥٧ ] وقيل : المراد باليمين هنا : العدل كما في قوله :﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقاويل * لأَخَذْنَا مِنْهُ باليمين ﴾ [ الحاقة : ٤٤، ٤٥ ] أي بالعدل واليمين كناية عن العدل كما أن الشمال كناية عن الجور، وأول هذه الأقوال أولاها.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ أي أقبل إليه عبدة تلك الأصنام يسرعون لما علموا بما صنعه بها، و﴿ يزفون ﴾ في محل نصب على الحال من فاعل أقبلوا. قرأ الجمهور ﴿ يزفون ﴾ بفتح الياء من زف الظليم يزف إذا عدا بسرعة، وقرأ حمزة بضم الياء من أزف يزف، أي : دخل في الزفيف، أو يحملون غيرهم على الزفيف. قال الأصمعي : أزففت الإبل، أي حملتها على أن تزف. وقيل : هما لغتان، يقال : زف القوم وأزفوا، وزفت العروس وأزففتها، حكي ذلك عن الخليل. قال النحاس : زعم أبو حاتم : أنه لا يعرف هذه اللغة، يعني : يزفون بضم الياء، وقد عرفها جماعة من العلماء منهم الفراء، وشبهها بقولهم : أطردت الرحل، أي : صيرته إلى ذلك، وقال المبرد : الزفيف : الإسراع. وقال الزجاج : الزفيف : أوّل عدو النعام. وقال قتادة والسدّي : معنى يزفون يمشون. وقال الضحاك : يسعون. وقال يحيى بن سلام : يرعدون غضباً. وقال مجاهد : يختالون، أي : يمشون مشي الخيلاء، وقيل : يتسللون تسللاً بين المشي والعدو، والأولى تفسير يزفون بيسرعون، وقرئ " يزفون " على البناء للمفعول، وقرئ " يزفون " كيرمون. وحكى الثعلبي عن الحسن ومجاهد وابن السميفع : أنهم قرؤوا " يرفون " بالراء المهملة، وهي : ركض بين المشي والعدو.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

﴿ قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ ﴾ لما أنكروا على إبراهيم ما فعله بالأصنام، ذكر لهم الدليل الدال على فساد عبادتها، فقال مبكتاً لهم، ومنكراً عليهم :﴿ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ ﴾ أي أتعبدون أصناماً أنتم تنحتونها، والنحت : النجر والبري، نحته ينحته بالكسر نحتاً، أي براه، والنحاتة البراية.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

وجملة ﴿ والله خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ﴾ في محل نصب على الحال من فاعل تعبدون، و﴿ ما ﴾ في ﴿ وَمَا تَعْمَلُونَ ﴾ موصولة، أي : وخلق الذي تصنعونه على العموم ويدخل فيها الأصنام التي ينحتونها دخولاً أولياً، ويكون معنى العمل هنا : التصوير والنحت ونحوهما، ويجوز أن تكون مصدرية، أي : خلقكم، وخلق عملكم، ويجوز أن تكون استفهامية، ومعنى الاستفهام : التوبيخ والتقريع، أي : وأي شيء تعملون، ويجوز أن تكون نافية، أي إن العمل في الحقيقة ليس لكم، فأنتم لا تعملون شيئاً، وقد طول صاحب الكشاف الكلام في رد قول من قال : إنها مصدرية، ولكن بما لا طائل تحته، وجعلها موصولة أولى بالمقام وأوفق بسياق الكلام.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

وجملة ﴿ قَالُواْ ابنوا لَهُ بنيانا فَأَلْقُوهُ في الجحيم ﴾ مستأنفة جواب سؤال مقدر كالجملة التي قبلها، قالوا هذه المقالة لما عجزوا عن جواب ما أورده عليهم من الحجة الواضحة، فتشاوروا فيما بينهم أن يبنوا له حائطاً من حجارة، ويملأوه حطباً ويضرموه، ثم يلقوه فيه، والجحيم : النار الشديدة الاتقاد : قال الزجاج، وكل نار بعضها فوق بعض، فهي : جحيم، واللام في الجحيم عوض عن المضاف إليه، أي : في جحيم ذلك البنيان، ثم لما ألقوه فيها نجاه الله منها، وجعلها عليه برداً وسلاماً، وهو معنى قوله :﴿ فَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فجعلناهم الأسفلين ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

﴿ فَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فجعلناهم الأسفلين ﴾ الكيد : المكر والحيلة، أي احتالوا لإهلاكه، فجعلناهم الأسفلين المقهورين المغلوبين ؛ لأنها قامت له بذلك عليهم الحجة التي لا يقدرون على دفعها، ولا يمكنهم جحدها، فإن النار الشديدة الاتقاد العظيمة الاضطرام المتراكمة الجمار إذا صارت بعد إلقائه عليها برداً وسلاماً، ولم تؤثر فيه أقل تأثير كان ذلك من الحجة بمكان يفهمه كل من له عقل، وصار المنكر له سافلاً ساقط الحجة ظاهر التعصب واضح التعسف، وسبحان من يجعل المحن لمن يدعو إلى دينه منحاً، ويسوق إليهم الخير بما هو من صور الضير.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

ولما انقضت هذه الوقعة وأسفر الصبح لذي عينين، وظهرت حجة الله لإبراهيم، وقامت براهين نبوته، وسطعت أنوار معجزته ﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ أي مهاجر من بلد قومي، الذين فعلوا ما فعلوا تعصباً للأصنام، وكفراً بالله، وتكذيباً لرسله إلى حيث أمرني بالمهاجرة إليه، أو إلى حيث أتمكن من عبادته ﴿ سَيَهْدِينِ ﴾ أي سيهديني إلى المكان الذي أمرني بالذهاب إليه أو إلى مقصدي. قيل : إن الله سبحانه أمره بالمصير إلى الشام، وقد سبق بيان هذا في سورة الكهف مستوفى.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

قال مقاتل : فلما قدم الأرض المقدسة سأل ربه الولد، فقال :﴿ رَبّ هَبْ لِى مِنَ الصالحين ﴾ أي ولداً صالحاً من الصالحين يعينني على طاعتك، ويؤنسني في الغربة هكذا قال المفسرون، وعللوا ذلك بأن الهبة قد غلب معناها في الولد، فتحمل عند الإطلاق عليه، وإذا وردت مقيدة حملت على ما قيدت به كما في قوله :﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هارون نَبِيّاً ﴾ [ مريم : ٥٣ ]، وعلى فرض أنها لم تغلب في طلب الولد. فقوله :﴿ فبشرناه بغلام حَلِيمٍ ﴾ يدل على أنه ما أراد بقوله :﴿ رَبّ هَبْ لِى مِنَ الصالحين ﴾ إلا الولد، ومعنى حليم : أن يكون حليماً عند كبره، فكأنه بشر ببقاء ذلك الغلام حتى يكبر ويصير حليماً، لأن الصغير لا يوصف بالحلم. قال الزجاج : هذه البشارة تدل على أنه مبشر بابن ذكر، وأنه يبقى حتى ينتهي في السن، ويوصف بالحلم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٠٠:قال مقاتل : فلما قدم الأرض المقدسة سأل ربه الولد، فقال :﴿ رَبّ هَبْ لِى مِنَ الصالحين ﴾ أي ولداً صالحاً من الصالحين يعينني على طاعتك، ويؤنسني في الغربة هكذا قال المفسرون، وعللوا ذلك بأن الهبة قد غلب معناها في الولد، فتحمل عند الإطلاق عليه، وإذا وردت مقيدة حملت على ما قيدت به كما في قوله :﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هارون نَبِيّاً ﴾ [ مريم : ٥٣ ]، وعلى فرض أنها لم تغلب في طلب الولد. فقوله :﴿ فبشرناه بغلام حَلِيمٍ ﴾ يدل على أنه ما أراد بقوله :﴿ رَبّ هَبْ لِى مِنَ الصالحين ﴾ إلا الولد، ومعنى حليم : أن يكون حليماً عند كبره، فكأنه بشر ببقاء ذلك الغلام حتى يكبر ويصير حليماً، لأن الصغير لا يوصف بالحلم. قال الزجاج : هذه البشارة تدل على أنه مبشر بابن ذكر، وأنه يبقى حتى ينتهي في السن، ويوصف بالحلم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.


﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ في الكلام حذف كما تشعر به هذه الفاء الفصيحة، والتقدير : فوهبنا له الغلام، فنشأ حتى صار إلى السن التي يسعى فيها مع أبيه في أمور دنياه.
قال مجاهد :﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ أي : شبّ، وأدرك سعيه سعي إبراهيم. وقال مقاتل : لما مشى معه. قال الفراء : كان يومئذٍ ابن ثلاث عشرة سنة. وقال الحسن : هو سعي العقل الذي تقوم به الحجة. وقال ابن زيد : هو السعي في العبادة، وقيل : هو الاحتلام ﴿ قَالَ يَا بَنِى إِنّى أرى في المنام أَنّى أَذْبَحُكَ ﴾ قال إبراهيم لابنه لما بلغ معه ذلك المبلغ : إني رأيت في المنام هذه الرؤيا. قال مقاتل : رأى إبراهيم ذلك ثلاث ليال متتابعات. قال قتادة : رؤيا الأنبياء حقّ، إذا رأوا شيئاً فعلوه.
وقد اختلف أهل العلم في الذبيح : هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ قال القرطبي : فقال أكثرهم : الذبيح إسحاق، وممن قال بذلك العباس بن عبد المطلب، وابنه عبد الله، وهو الصحيح عن عبد الله بن مسعود، ورواه أيضاً عن جابر، وعليّ بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر، وعمر بن الخطاب، قال : فهؤلاء سبعة من الصحابة. قال : ومن التابعين وغيرهم : علقمة، والشعبي، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وكعب الأحبار، وقتادة، ومسروق، وعكرمة، والقاسم بن أبي برزة، وعطاء، ومقاتل، وعبد الرحمن بن سابط، والزهري، والسدّي، وعبد الله بن أبي الهذيل، ومالك بن أنس كلهم قالوا : الذبيح إسحاق وعليه أهل الكتابين اليهود والنصارى، واختاره غير واحد، منهم النحاس، وابن جرير الطبري وغيرهما. قال : وقال آخرون : هو إسماعيل، وممن قال بذلك : أبو هريرة، وأبو الطفيل عامر ابن واثلة، وروي ذلك عن ابن عمر، وابن عباس أيضاً، ومن التابعين : سعيد بن المسيب، والشعبي، ويوسف بن مهران، ومجاهد، والربيع بن أنس، ومحمد بن كعب القرظي، والكلبي، وعلقمة، وعن الأصمعي قال : سألت أبا عمرو بن العلاء عن الذبيح، فقال : يا أصمعي أين عزب عنك عقلك، ومتى كان إسحاق بمكة ؟ وإنما كان إسماعيل بمكة. قال ابن كثير في تفسيره : وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الذبيح هو إسحاق، وحكي ذلك عن طائفة من السلف حتى يقال عن بعض الصحابة، وليس في ذلك كتاب ولا سنّة، وما أظنّ ذلك تلقي إلا عن أخبار أهل الكتاب، وأخذ مسلماً من غير حجة، وكتاب الله شاهد، ومرشد إلى أنه إسماعيل، فإنه ذكر البشارة بالغلام الحليم، وذكر أنه الذبيح، وقال بعد ذلك ﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ انتهى.
واحتجّ القائلون بأنه إسحاق بأن الله عزّ وجلّ قد أخبرهم عن إبراهيم حين فارق قومه، فهاجر إلى الشام مع امرأته سارّة، وابن أخيه لوط، فقال :﴿ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى سَيَهْدِينِ ﴾ أنه دعا، فقال :﴿ رَبّ هَبْ لِى مِنَ الصالحين ﴾، فقال تعالى :﴿ فَلَمَّا اعتزلهم وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله وَهَبْنَا لَهُ إسحاق وَيَعْقُوبَ ﴾ [ مريم : ٤٩ ]. ولأن الله قال :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فذكر أنه في الغلام الحليم الذي بشر به إبراهيم، وإنما بشر بإسحاق، لأنه قال :﴿ وبشرناه بإسحاق ﴾، وقال هنا :﴿ بغلام حَلِيمٍ ﴾ وذلك قبل أن يعرف هاجر، وقبل أن يصير له إسماعيل، وليس في القرآن أنه بشر بولد إلا إسحاق. قال الزجاج : الله أعلم أيهما الذبيح انتهى. وما استدلّ به الفريقان يمكن الجواب عنه والمناقشة له.
ومن جملة ما احتجّ به من قال إنه إسماعيل بأن الله وصفه بالصبر دون إسحاق كما في قوله :﴿ وإسماعيل واليسع وَذَا الكفل كُلٌّ مّنَ الصابرين ﴾ [ الأنبياء : ٨٥ ]، وهو صبره على الذبح، ووصفه بصدق الوعد في قوله :﴿ إِنَّهُ كَانَ صادق الوعد ﴾ [ مريم : ٥٤ ] ؛ لأنه وعد أباه من نفسه الصبر على الذبح فوفى به، ولأن الله سبحانه قال :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً ﴾ فكيف يأمره بذبحه، وقد وعده أن يكون نبياً، وأيضاً فإن الله قال :﴿ فبشرناها بإسحاق وَمِن وَرَاء إسحاق يَعْقُوبَ ﴾ [ هود : ٧١ ]، فكيف يؤمر بذبح إسحاق قبل إنجاز الوعد في يعقوب، وأيضاً ورد في الأخبار تعليق قرن الكبش في الكعبة، فدل على أن الذبيح إسماعيل، ولو كان إسحاق لكان الذبح واقعاً ببيت المقدس، وكل هذا أيضاً يحتمل المناقشة ﴿ فانظر مَاذَا ترى ﴾ قرأ حمزة والكسائي ﴿ ترى ﴾ بضم الفوقية، وكسر الراء، والمفعولان محذوفان، أي انظر ماذا تريني إياه من صبرك واحتمالك. وقرأ الباقون من السبعة بفتح التاء، والراء من الرأي، وهو مضارع رأيت، وقرأ الضحاك، والأعمش، ﴿ ترى ﴾ بضم التاء، وفتح الراء مبنياً للمفعول، أي ماذا يخيل إليك، ويسنح لخاطرك. قال الفراء في بيان معنى القراءة الأولى : انظر ماذا ترى من صبرك وجزعك. قال الزجاج : لم يقل هذا أحد غيره. وإنما قال العلماء ماذا تشير، أي ما تريك نفسك من الرأي، وقال أبو عبيد : إنما يكون هذا من رؤية العين خاصة، وكذا قال أبو حاتم، وغلطهما النحاس وقال : هذا يكون من رؤية العين، وغيرها، ومعنى القراءة الثانية ظاهر واضح، وإنما شاوره ليعلم صبره لأمر الله، وإلا فرؤيا الأنبياء وحي، وامتثالها لازم لهم متحتم عليهم.
﴿ قَالَ يا أبت افعل مَا تُؤمَرُ ﴾ أي ما تؤمر به مما أوحي إليك من ذبحي، و﴿ ما ﴾ موصولة، وقيل : مصدرية على معنى : افعل أمرك، والمصدر مضاف إلى المفعول، وتسمية المأمور به أمراً، والأوّل أولى ﴿ سَتَجِدُنِى إِن شَاء الله مِنَ الصابرين ﴾ على ما ابتلاني به من الذبح، والتعليق بمشيئة الله سبحانه تبركاً بها منه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ أي استسلما لأمر الله وأطاعاه وانقادا له. قرأ الجمهور " أسلمنا "، وقرأ عليّ، وابن مسعود، وابن عباس " فلما سلما " أي : فوضا أمرهما إلى الله، وروي عن ابن عباس : أنه قرأ " استسلما " قال قتادة : أسلم أحدهما نفسه لله، وأسلم الآخر ابنه، يقال : سلم لأمر الله وأسلم، واستسلم بمعنى واحد.
وقد اختلف في جواب " لما " ماذا هو ؟ فقيل هو محذوف، وتقديره : ظهر صبرهما، أو أجزلنا لهما أجرهما، أو فديناه بكبش، هكذا قال البصريون. وقال الكوفيون : الجواب هو ﴿ ناديناه ﴾، والواو زائدة مقحمة، واعترض عليهم النحاس بأن الواو من حروف المعاني، ولا يجوز أن تزاد، وقال الأخفش : الجواب ﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾، والواو زائدة، وروي هذا أيضاً عن الكوفيين، واعتراض النحاس يرد عليه كما ورد على الأوّل ﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ التلّ : الصرع والدفع، يقال تللت الرجل : إذا ألقيته، والمراد أنه أضجعه : على جبينه على الأرض، والجبين : أحد جانبي الجبهة، فللوجه جبينان، والجبهة بينهما، وقيل : كبه على وجهه كيلا يرى منه ما يؤثر الرّقة لقلبه. واختلف في الموضع الذي أراد ذبحه فيه، فقيل : هو مكة في المقام. وقيل : في المنحر بمنى عند الجمار. وقيل : على الصخرة التي بأصل جبل ثبير، وقيل : بالشام.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

﴿ وناديناه أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ أي عزمت على الإتيان بما رأيته. قال المفسرون : لما أضجعه للذبح نودي من الجبل يا إبراهيم قد صدّقت الرؤيا، وجعله مصدّقاً بمجرد العزم، وإن لم يذبحه ؛ لأنه قد أتى بما أمكنه، والمطلوب استسلامهما لأمر الله، وقد فعلا. قال القرطبي : قال أهل السنّة إن نفس الذبح لم يقع، ولو وقع لم يتصور رفعه، فكان هذا من باب النسخ قبل الفعل ؛ لأنه لو حصل الفراغ من امتثال الأمر بالذبح ما تحقق الفداء. قال : ومعنى ﴿ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ فعلت ما أمكنك ثم امتنعت لما منعناك، هذا أصح ما قيل في هذا الباب. وقالت طائفة : ليس هذا مما ينسخ بوجه ؛ لأن معنى ذبحت الشيء : قطعته، وقد كان إبراهيم يأخذ السكين، فيمرّ بها على حلقه، فتنقلب كما قال مجاهد. وقال بعضهم : كان كلما قطع جزءًا التأم، وقالت طائفة منهم السدّي : ضرب الله على عنقه صفيحة نحاس، فجعل إبراهيم يحزّ، ولا يقطع شيئاً. وقال بعضهم : إن إبراهيم ما أمر بالذبح الحقيقي الذي هو فري الأوداج، وإنهار الدم، وإنما رأى أنه أضجعه للذبح، فتوهم أنه أمر بالذبح الحقيقي،
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

فلما أتى بما أمر به من الإضجاع قيل له :﴿ قد صَدَّقْتَ الرؤيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى المحسنين ﴾ أي نجزيهم بالخلاص من الشدائد، والسلامة من المحن، فالجملة كالتعليل لما قبلها. قال مقاتل : جزاه الله سبحانه بإحسانه في طاعته، العفو عن ذبح ابنه.
﴿ إِنَّ هذا لَهُوَ البلاء المبين ﴾ البلاء والابتلاء : الاختبار، والمعنى : إن هذا هو الاختبار الظاهر حيث اختبره الله في طاعته بذبح ولده. وقيل المعنى : إن هذا لهو النعمة الظاهرة حيث سلم الله ولده من الذبح، وفداه بالكبش، يقال : أبلاه الله إبلاءً وبلاء : إذا أنعم عليه والأوّلى أولى، وإن كان الابتلاء يستعمل في الاختبار بالخير والشرّ ومنه ﴿ وَنَبْلُوكُم بالشر والخير فِتْنَةً ﴾ [ الأنبياء : ٣٥ ]، ولكن المناسب للمقام المعنى الأول. قال أبو زيد : هذا في البلاء الذي نزل به في أن يذبح ولده. قال : وهذا من البلاء المكروه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ الذبح : اسم المذبوح، وجمعه ذبوح كالطحن اسم للمطحون، وبالفتح المصدر، ومعنى عظيم : عظيم القدر، ولم يرد عظم الجثة، وإنما عظم قدره ؛ لأنه فدى به الذبيح، أو لأنه متقبل. قال النحاس : العظيم في اللغة يكون للكبير وللشريف، وأهل التفسير على أنه هاهنا للشريف، أي المتقبل. قال الواحدي : قال أكثر المفسرين : أنزل عليه كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وقال الحسن : ما فدي إلا بتيس من الأروى أهبط عليه من ثبير، فذبحه إبراهيم فداء عن ابنه. قال الزجاج : قد قيل إنه فدي بوعل، والوعل : التيس الجبلي، ومعنى الآية : جعلنا الذبح فداء له وخلصناه به من الذبح.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخرين * سلام على إبراهيم ﴾ أي في الأمم الآخرة التي تأتي بعده.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

والسلام : الثناء الجميل. وقال عكرمة : سلام منا، وقيل : سلامة من الآفات، والكلام في هذا كالكلام في قوله ﴿ سلام على نُوحٍ فِي العالمين ﴾ وقد تقدم في هذه السورة بيان معناه ووجه إعرابه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

﴿ كَذَلِكَ نَجْزِى المحسنين ﴾ أي مثل ذلك الجزاء العظيم نجزي من انقاد لأمر الله.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المؤمنين ﴾ أي الذين أعطوا العبودية حقها، ورسخوا في الإيمان بالله وتوحيده.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ أي بشرنا إبراهيم بولد يولد له، ويصير نبياً بعد أن يبلغ السن التي يتأهل فيها لذلك، وانتصاب ﴿ نبياً ﴾ على الحال، وهي : حال مقدرة. قال الزجاج : إن كان الذبيح إسحاق، فيظهر كونها مقدرة، والأولى أن يقال : إن من فسر الذبيح بإسحاق جعل البشارة. هنا خاصة بنبوته. وفي ذكر الصلاح بعد النبوة تعظيم لشأنه، ولا حاجة إلى وجود المبشر به وقت البشارة، فإن وجود ذي الحال ليس بشرط، وإنما الشرط المقارنة للفعل، و﴿ مّنَ الصالحين ﴾ كما يجوز أن يكون صفة لنبياً، يجوز أن يكون حالاً من الضمير المستتر فيه، فتكون أحوالاً متداخلة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

﴿ وباركنا عَلَيْهِ وعلى إسحاق ﴾ أي على إبراهيم، وعلى إسحاق بمرادفة نعم الله عليهما. وقيل : كثرنا ولدهما، وقيل : إن الضمير في ﴿ عليه ﴾ يعود إلى إسماعيل وهو بعيد، وقيل : المراد بالمباركة هنا : هي الثناء الحسن عليهما إلى يوم القيامة ﴿ وَمِن ذُرّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وظالم لّنَفْسِهِ مُبِينٌ ﴾ أي محسن في عمله بالإيمان والتوحيد، وظالم لها بالكفر، والمعاصي لما ذكر سبحانه البركة في الذرية بيّن أن كون الذرية من هذا العنصر الشريف، والمحتد المبارك ليس بنافع لهم، بل إنما ينتفعون بأعمالهم لآبائهم، فإن اليهود والنصارى، وإن كانوا من ولد إسحاق، فقد صاروا إلى ما صاروا إليه من الضلال البين، والعرب، وإن كانوا من ولد إسماعيل، فقد ماتوا على الشرك إلا من أنقذه الله بالإسلام.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ يقول : لم يبق إلا ذرية نوح ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخرين ﴾ يقول : يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ قال : حام، وسام، ويافث. وأخرج ابن سعد، وأحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه عن سمرة أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم». والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط، وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البرّ : وقد روي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج البزار، وابن أبي حاتم، والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ولد نوح ثلاثة : سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب، وفارس، والروم، والخير فيهم، وولد يافث يأجوج، ومأجوج، والترك، والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام القبط، والبربر، والسودان» وهو من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عنه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله :﴿ إِنّى سَقِيمٌ ﴾ قال : مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال : مطعون. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال : يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً في قوله :﴿ وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى ﴾ قال : حين هاجر. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعى ﴾ قال : العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضاً قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني، فاعتزل لا أضطرب، فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة، وأراد أن يذبحه نودي من خلفه ﴿ أَن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ وأخرج أحمد عنه أيضاً مرفوعاً مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفاً. وأخرج ابن المنذر، والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضاً في قوله :﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم ﴾ قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي ﴾ قال : شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ سلما ما أمر به ﴿ وَتَلَّهُ ﴾ وضع وجهه إلى الأرض.
فقال : لا تذبحني، وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي. وأن أجزع، فأنكص، فأمتنع منك. ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه، فلم تصل المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، فأمسك يده، قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ بكبش عظيم متقبل. وزعم ابن عباس : أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«رؤيا الأنبياء وحي» وأخرجه البخاري، وغيره من قول عبيد بن عمير، واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد، ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك، وأبي الطفيل، عن ابن عباس قال : الذبيح : إسماعيل. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش. وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول : إن الذي أمر بذبحه : إسماعيل. وأخرج البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، فاجعلني رابعاً، قال : إن إبراهيم ألقي في النار، فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك» وفي إسناده الحسن بن دينار البصري، وهو متروك عن علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه. وأخرج الدارقطني في الأفراد، والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الذبيح إسحاق». وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الذبيح إسحاق» وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله. وأخرج ابن مردويه عن بهار، وكانت له صحبة، قال : إسحاق ذبيح الله.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال :«يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله» وأخرج عبد الرزاق، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال : أكبه على وجهه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه قال : صرعه للذبح. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : فدي إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجلاً قال : نذرت لأنحر نفسي، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، ثم تلا ﴿ وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾، فأمره بكبش فذبحه. وأخرج الطبراني من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وبشرناه بإسحاق نَبِيّاً مّنَ الصالحين ﴾ قال : إنما بشر به نبياً حين فداه الله من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوّة عند مولده.
وبما سقناه من الاختلاف في الذبيح هل هو إسحاق أو إسماعيل ؟ وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع، أو يتعين رجحانه تعيناً ظاهراً، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين كابن جرير، فإنه رجح أنه إسحاق، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح، وليس الأمر كما ذكره، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها، ولا أرجح منها، ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء. وما روي عنه، فهو إما موضوع، أو ضعيف جدًّا. ولم يبق إلا مجرّد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، وهي محتملة، ولا تقوم حجة بمحتمل، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل.

ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الذَّبِيحُ إِسْحَاقُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ قَالَ: أَكَبَّهُ عَلَى وَجْهِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ قَالَ: صَرَعَهُ لِلذَّبْحِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي قَوْلِهِ: وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ قَالَ: كَبْشٌ أَعْيَنُ أَبْيَضُ أَقْرَنُ قَدْ رُبِطَ بِسَمُرَةٍ فِي أَصْلِ ثَبِيرٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ قَالَ: كَبْشٌ قَدْ رَعَى فِي الْجَنَّةِ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا، وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْهُ قَالَ: فُدِيَ إِسْمَاعِيلُ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَعْيَنَيْنِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: نَذَرْتُ لِأَنْحَرَ نَفْسِي، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ، ثُمَّ تَلَا وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ، فَأَمَرَهُ بِكَبْشٍ فَذَبَحَهُ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْهُ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ قَالَ: إِنَّمَا بُشِّرَ بِهِ نَبِيًّا حِينَ فَدَاهُ اللَّهُ مِنَ الذَّبْحِ وَلَمْ تَكُنِ الْبِشَارَةُ بِالنُّبُوَّةِ عِنْدَ مَوْلِدِهِ.
وَبِمَا سُقْنَاهُ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي الذَّبِيحِ هَلْ هُوَ إِسْحَاقُ أَوْ إِسْمَاعِيلُ، وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْمُخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَقَامِ مَا يُوجِبُ الْقَطْعَ، أَوْ يَتَعَيَّنُ رُجْحَانُهُ تَعَيُّنًا ظَاهِرًا، وَقَدْ رَجَّحَ كُلُّ قَوْلٍ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ الْمُنْصِفِينَ كَابْنِ جَرِيرٍ فَإِنَّهُ رَجَّحَ أَنَّهُ إِسْحَاقُ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَسْتَدِلْ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا بِبَعْضٍ مِمَّا سُقْنَاهُ هَاهُنَا، وَكَابْنِ كَثِيرٍ فَإِنَّهُ رَجَّحَ أَنَّهُ إِسْمَاعِيلُ، وَجَعَلَ الْأَدِلَّةَ عَلَى ذَلِكَ أَقْوَى وَأَصَحَّ، وَلَيْسَ الأمر كما ذكره، فإنها لَمْ تَكُنْ دُونَ أَدِلَّةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الذَّبِيحَ إِسْحَاقُ لَمْ تَكُنْ فَوْقَهَا وَلَا أَرْجَحَ مِنْهَا، وَلَمْ يَصِحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ، وَمَا رُوِيَ عَنْهُ فَهُوَ إِمَّا مَوْضُوعٌ أَوْ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا مُجَرَّدُ اسْتِنْبَاطَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ كَمَا أشرنا إلى ذلك فيما سبق، هي مُحْتَمَلَةٌ وَلَا تَقُومُ حُجَّةٌ بِمُحْتَمَلٍ، فَالْوَقْفُ هُوَ الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السَّلَامَةِ مِنَ التَّرْجِيحِ، بِلَا مُرَجَّحٍ، وَمِنَ الِاسْتِدْلَالِ بما هو محتمل.
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ١١٤ الى ١٤٨]
وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلى مُوسى وَهارُونَ (١١٤) وَنَجَّيْناهُما وَقَوْمَهُما مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (١١٥) وَنَصَرْناهُمْ فَكانُوا هُمُ الْغالِبِينَ (١١٦) وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ (١١٧) وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (١١٨)
وَتَرَكْنا عَلَيْهِما فِي الْآخِرِينَ (١١٩) سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ (١٢٠) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٢١) إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١٢٢) وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣)
إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ (١٢٤) أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ (١٢٥) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (١٢٦) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٢٧) إِلاَّ عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٢٨)
وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (١٢٩) سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ (١٣٠) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٣١) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١٣٢) وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٣)
إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (١٣٤) إِلاَّ عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ (١٣٥) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (١٣٦) وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٣٨)
وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٩) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١٤٠) فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (١٤١) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (١٤٢) فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣)
لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤٤) فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (١٤٥) وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (١٤٦) وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧) فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (١٤٨)
468
لَمَّا فَرَغَ سُبْحَانَهُ مِنْ ذِكْرِ إِنْجَاءِ الذَّبِيحِ مِنَ الذَّبْحِ، وَمَا مَنَّ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ النُّبُوَّةِ ذَكَرَ مَا مَنَّ بِهِ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ، فَقَالَ: وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلى مُوسى وَهارُونَ يَعْنِي بِالنُّبُوَّةِ وَغَيْرِهَا مِنَ النِّعَمِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْهِمَا وَنَجَّيْناهُما وَقَوْمَهُما مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ الْمُرَادُ بِقَوْمِهِمَا: هُمُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالْمُرَادُ بِالْكَرْبِ الْعَظِيمِ: هُوَ مَا كَانُوا فِيهِ مِنِ اسْتِعْبَادِ فِرْعَوْنَ إِيَّاهُمْ، وَمَا كَانَ نَصِيبَهُمْ مِنْ جِهَتِهِ مِنَ الْبَلَاءِ، وَقِيلَ: هُوَ الْغَرَقُ الَّذِي أَهْلَكَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَنَصَرْناهُمْ جَاءَ بِضَمِيرِ الْجَمَاعَةِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الضَّمِيرُ لِمُوسَى وَهَارُونَ وَقَوْمِهِمَا، لِأَنَّ قَبْلَهُ وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا، وَالْمُرَادُ بِالنَّصْرِ التَّأْيِيدُ لَهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ فَكانُوا بِسَبَبِ ذَلِكَ هُمُ الْغالِبِينَ عَلَى عَدُوِّهِمْ بَعْدَ أَنْ كَانُوا تَحْتَ أَسْرِهِمْ وَقَهْرِهِمْ، وَقِيلَ: الضَّمِيرُ فِي نَصَرْنَاهُمْ عَائِدٌ عَلَى الِاثْنَيْنِ مُوسَى وَهَارُونَ تَعْظِيمًا لَهُمَا، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ الْمُرَادُ بِالْكِتَابِ التَّوْرَاةُ: وَالْمُسْتَبِينُ: الْبَيِّنُ الظَّاهِرُ، يُقَالُ: اسْتَبَانَ كَذَا. أَيْ: صَارَ بَيِّنًا وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ أَيِ: الْقَيِّمَ لَا اعْوِجَاجَ فِيهِ، وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ الطَّرِيقُ الْمُوَصِّلَةُ إِلَى الْمَطْلُوبِ وَتَرَكْنا عَلَيْهِما فِي الْآخِرِينَ سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ أَيْ: أَبْقَيْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْأُمَمِ الْمُتَأَخِّرَةِ الثَّنَاءَ الْجَمِيلَ، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ فِي السَّلَامِ وَفِي وَجْهِ إِعْرَابِهِ بِالرَّفْعِ، وَكَذَلِكَ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هُوَ نَبِيٌّ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقِصَّتُهُ مَشْهُورَةٌ مَعَ قَوْمِهِ، قِيلَ: وَهُوَ إِلْيَاسُ بْنُ يس مِنْ سِبْطِ هَارُونَ أَخِي مُوسَى. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ:
كَانَ إِلْيَاسُ هُوَ الْقَيِّمُ بِأَمْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ يُوشَعَ، وَقِيلَ: هُوَ إِدْرِيسُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. قَرَأَ الْجُمْهُورُ إِلْياسَ بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ مَقْطُوعَةٍ، وَقَرَأَ ابْنُ ذَكْوَانَ بِوَصْلِهَا، وَرُوِيَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ، وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَالْأَعْمَشُ، وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ «وَإِنَّ إِدْرِيسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ» وقرأ أبيّ «وإنّ إبليس» بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ تَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ لَامٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ تَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ سِينٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ هُوَ ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ مِنَ الْمُرْسَلِينَ، أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ، أَيِ: اذْكُرْ يَا مُحَمَّدُ إِذْ قَالَ، وَالْمَعْنَى: أَلَا تَتَّقُونَ عَذَابَ اللَّهِ، ثُمَّ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: أَتَدْعُونَ بَعْلًا هُوَ اسْمٌ لِصَنَمٍ كَانُوا يَعْبُدُونَهُ، أَيْ: أَتَعْبُدُونَ صَنَمًا وَتَطْلُبُونَ الْخَيْرَ مِنْهُ.
قَالَ ثَعْلَبٌ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: بَعْلًا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْبَعْلُ هُنَا الصَّنَمُ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ:
الْبَعْلُ هُنَا مَلَكٌ، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: امْرَأَةٌ كَانُوا يَعْبُدُونَهَا. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: وَالْمُفَسِّرُونَ يَقُولُونَ رَبًّا، وَهُوَ بِلُغَةِ الْيَمَنِ، يَقُولُونَ لِلسَّيِّدِ وَالرَّبِّ الْبَعْلَ. قَالَ النَّحَّاسُ: الْقَوْلَانِ صَحِيحَانِ، أَيْ: أَتَدْعُونَ صنما عملتموه رَبًّا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ أَيْ: وَتَتْرُكُونَ عِبَادَةَ أَحْسَنِ مَنْ يُقَالُ لَهُ خَالِقٌ، وَانْتِصَابُ الِاسْمِ الشَّرِيفِ فِي قَوْلِهِ: اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ أَحْسَنَ، هَذَا على قراءة حمزة والكسائي والربيع
469
ابن خُثَيْمٍ وَابْنِ أَبِي إِسْحَاقَ وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ وَالْأَعْمَشِ، فَإِنَّهُمْ قَرَءُوا بِنَصْبِ الثَّلَاثَةِ الْأَسْمَاءِ وَقِيلَ: النَّصْبُ عَلَى الْمَدْحِ، وَقِيلَ: عَلَى عَطْفِ الْبَيَانِ، وَحَكَى أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّ النَّصْبَ عَلَى النَّعْتِ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَهُوَ غَلَطٌ وَإِنَّمَا هُوَ بَدَلٌ، وَلَا يَجُوزُ النَّعْتُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَحْلِيَةٍ وَاخْتَارَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَعَاصِمٌ، وَأَبُو جَعْفَرٍ، وَشَيْبَةُ، وَنَافِعٌ بِالرَّفْعِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: بِمَعْنَى هُوَ اللَّهُ رَبُّكُمْ. قَالَ النَّحَّاسُ:
وَأَوْلَى مَا قِيلَ: إِنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ بِغَيْرِ إِضْمَارٍ وَلَا حَذْفٍ. وَحُكِيَ عَنِ الْأَخْفَشِ أَنَّ الرَّفْعَ أَوْلَى وَأَحْسَنُ. قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: مَنْ رَفَعَ أَوْ نَصَبَ لَمْ يَقِفْ عَلَى أَحْسَنِ الْخَالِقِينَ عَلَى جِهَةِ التَّمَامِ لِأَنَّ اللَّهَ مُتَرْجَمٌ عَنْ أَحْسَنِ الْخَالِقِينَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، وَالْمَعْنَى، أَنَّهُ خَالِقُكُمْ وخالق ومن قَبْلَكُمْ فَهُوَ الَّذِي تَحِقُّ لَهُ الْعِبَادَةُ فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ أي: فإنهم بِسَبَبِ تَكْذِيبِهِ لَمُحْضَرُونَ فِي الْعَذَابِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِحْضَارَ الْمُطْلَقَ مَخْصُوصٌ بِالشَّرِّ إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ أَيْ: مَنْ كَانَ مُؤْمِنًا بِهِ من قومه، وقرئ بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْمَعْنَى عَلَى قِرَاءَةِ الْكَسْرِ: أَنَّهُمْ أَخْلَصُوا لِلَّهِ وَعَلَى قِرَاءَةِ الْفَتْحِ: أَنَّ اللَّهَ اسْتَخْلَصَهُمْ مِنْ عِبَادِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ والأعرج عَلَى آلِ يَاسِينَ بِإِضَافَةِ آلٍ بِمَعْنَى آلِ يَاسِينَ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ موصولة بياسين إِلَّا الْحَسَنَ، فَإِنَّهُ قَرَأَ «الْيَاسِينَ» بِإِدْخَالِ آلَةِ التَّعْرِيفِ عَلَى يَاسِينَ، قِيلَ: الْمُرَادُ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَاتِ كُلِّهَا إِلْيَاسُ، وَعَلَيْهِ وَقَعَ التَّسْلِيمُ، وَلَكِنَّهُ اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ، وَالْعَرَبُ تَضْطَرِبُ فِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ الْأَعْجَمِيَّةِ وَيَكْثُرُ تَغْيِيرُهُمْ لَهَا. قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: العرب تتلاعب بالأسماء الأعجمية تلاعبا فياسين، وَإِلْيَاسُ، وَإِلْيَاسِينُ شَيْءٌ وَاحِدٌ. قَالَ الْأَخْفَشُ: الْعَرَبُ تُسَمِّي قَوْمَ الرَّجُلِ بِاسْمِ الرَّجُلِ الْجَلِيلِ مِنْهُمْ، فَيَقُولُونَ الْمَهَالِبَةُ عَلَى أَنَّهُمْ سَمَّوْا كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِالْمُهَلَّبِ. قَالَ: فَعَلَى هَذَا إِنَّهُ سَمَّى كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِالْيَاسِينِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: يُذْهَبُ بِالْيَاسِينِ إِلَى أَنْ يَجْعَلَهُ جَمْعًا فَيُجْعَلُ أَصْحَابُهُ دَاخِلِينَ مَعَهُ فِي اسْمِهِ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الفارسي: تقديره الياسيين إلا أَنَّ الْيَاءَيْنِ لِلنِّسْبَةِ حُذِفَتَا كَمَا حُذِفَتَا فِي الْأَشْعَرِينَ وَالْأَعْجَمِينَ.
وَرَجَّحَ الْفَرَّاءُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ قِرَاءَةَ الْجُمْهُورِ قَالَا: لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِي شَيْءٍ مِنَ السُّوَرِ عَلَى آلِ فُلَانٍ، إِنَّمَا جَاءَ بِالِاسْمِ كَذَلِكَ الْيَاسِينُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا هُوَ بِمَعْنَى إِلْيَاسَ أَوْ بِمَعْنَى إِلْيَاسَ وَأَتْبَاعِهِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: الْمُرَادُ بِآلِ يَاسِينَ آلُ مُحَمَّدٍ.
قَالَ الْوَاحِدِيُّ: وَهَذَا بَعِيدٌ لِأَنَّ مَا بَعْدَهُ مِنَ الْكَلَامِ وَمَا قَبْلُهُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ مُسْتَوْفًى وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ قِصَّةِ لُوطٍ مُسْتَوْفَاةً إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ الظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ هُوَ اذكر ولا يصح تعلقه بالمرسلين، لِأَنَّهُ لَمْ يُرْسَلْ وَقْتَ تَنْجِيَتِهِ إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْغَابِرَ يَكُونُ بِمَعْنَى الْمَاضِي، وَيَكُونُ بِمَعْنَى الْبَاقِي، فَالْمَعْنَى: إِلَّا عَجُوزًا فِي الْبَاقِينَ فِي الْعَذَابِ، أَوِ الْمَاضِينَ الَّذِينَ قَدْ هَلَكُوا ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ
أَيْ: أَهْلَكْنَاهُمْ بِالْعُقُوبَةِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ فِي نَجَاتِهِ وَأَهْلِهِ جَمِيعًا إِلَّا الْعَجُوزَ وَتَدْمِيرَ الْبَاقِينَ مِنْ قَوْمِهِ الذين لم يُؤْمِنُوا بِهِ دَلَالَةٌ بَيِّنَةٌ عَلَى ثُبُوتِ كَوْنِهِ مِنَ الْمُرْسَلِينَ وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ
خَاطَبَ بِهَذَا الْعَرَبَ أَوْ أَهْلَ مَكَّةَ عَلَى الْخُصُوصِ: أَيْ تَمُرُّونَ عَلَى مَنَازِلِهِمُ الَّتِي فِيهَا آثَارُ الْعَذَابِ وَقْتَ الصَّبَاحِ وَبِاللَّيْلِ
وَالْمَعْنَى تَمُرُّونَ عَلَى مَنَازِلِهِمْ فِي ذَهَابِكُمْ إِلَى الشَّامِ وَرُجُوعِكُمْ مِنْهُ نَهَارًا وَلَيْلًا أَفَلا تَعْقِلُونَ
مَا تُشَاهِدُونَهُ فِي دِيَارِهِمْ مِنْ آثَارِ عُقُوبَةِ
470
اللَّهِ النَّازِلَةِ بِهِمْ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ عِبْرَةً لِلْمُعْتَبِرِينَ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَدَبِّرِينَ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ
يُونُسُ هُوَ ذُو النُّونِ، وَهُوَ ابْنُ مَتَّى. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: وَكَانَ يُونُسُ قَدْ وَعَدَ قَوْمَهُ الْعَذَابَ، فَلَمَّا تَأَخَّرَ عَنْهُمُ الْعَذَابُ خَرَجَ عَنْهُمْ وَقَصَدَ الْبَحْرَ وَرَكِبَ السَّفِينَةَ، فَكَانَ بِذَهَابِهِ إِلَى الْبَحْرِ كَالْفَارِّ مِنْ مَوْلَاهُ فَوُصِفَ بِالْإِبَاقِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ
وَأَصْلُ الْإِبَاقِ الْهَرَبُ مِنَ السَّيِّدِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ هَرَبُهُ مِنْ قَوْمِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ رَبِّهِ وصف به. وقال المبرد. تأويل أبق تباعد: أَيْ ذَهَبَ إِلَيْهِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ عَبْدٌ آبِقٌ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ هَلْ كَانَتْ رِسَالَتُهُ قَبْلَ الْتِقَامِ الْحُوتِ إِيَّاهُ أَوْ بَعْدَهُ؟ وَمَعْنَى الْمَشْحُونِ: الْمَمْلُوءُ فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ
الْمُسَاهَمَةُ أَصْلُهَا الْمُغَالَبَةُ، وَهِيَ الِاقْتِرَاعُ، وَهُوَ أَنْ يَخْرُجَ السَّهْمُ عَلَى مَنْ غَلَبَ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: أَيْ فَقَارَعَ. قَالَ: وَأَصْلُهُ مِنَ السِّهَامِ الَّتِي تُجَالُ، وَمَعْنَى فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ
فَصَارَ مِنَ المغلوبين. قال: يقال دحضت حجته وأدحضها اللَّهُ، وَأَصْلُهُ مِنَ الزَّلَقِ عَنْ مَقَامِ الظُّفْرِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
قَتَلْنَا الْمُدْحَضِينَ بِكُلِّ فَجٍّ فَقَدْ قَرَّتْ بِقَتْلِهِمُ الْعُيُونُ
أَيِ: الْمَغْلُوبِينَ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ يُقَالُ: لَقِمْتُ اللُّقْمَةَ وَالْتَقَمْتُهَا: إِذَا ابْتَلَعْتُهَا، أَيْ: فَابْتَلَعَهُ الْحُوتُ، وَمَعْنَى وَهُوَ مُلِيمٌ وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لِلَّوْمِ، يُقَالُ: رَجُلٌ مُلِيمٌ إِذَا أَتَى بِمَا يُلَامُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْمَلُومُ:
فَهُوَ الَّذِي يُلَامُ سَوَاءٌ أَتَى بِمَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُلَامَ عَلَيْهِ أَمْ لَا، وَقِيلَ: الْمُلِيمُ الْمَعِيبُ، يُقَالُ أَلَامَ الرَّجُلُ إِذَا عَمِلَ شَيْئًا صَارَ بِهِ مَعِيبًا. وَمَعْنَى هَذِهِ الْمُسَاهَمَةِ: أَنَّ يُونُسَ لَمَّا رَكِبَ السَّفِينَةَ احْتُبِسَتْ، فَقَالَ الْمَلَّاحُونَ: هَاهُنَا عَبْدٌ أَبَقَ مِنْ سَيِّدِهِ، وَهَذَا رَسْمُ السَّفِينَةِ إِذَا كَانَ فِيهَا آبِقٌ لَا تَجْرِي، فَاقْتَرَعُوا فَوَقَعَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى يُونُسَ، فَقَالَ أَنَا الْآبِقُ وَزَجَّ نَفْسَهُ فِي الْمَاءِ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: لَمَّا اسْتَهَمُوا جَاءَ حُوتٌ إِلَى السَّفِينَةِ فَاغِرًا فَاهُ يَنْتَظِرُ أَمْرَ رَبِّهِ حَتَّى إِذَا أَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْمَاءِ أَخَذَهُ الْحُوتُ فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ أَيِ: الذَّاكِرِينَ لِلَّهِ، أَوِ الْمُصَلِّينَ لَهُ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ أَيْ: لَصَارَ بَطْنُ الْحُوتِ لَهُ قَبْرًا إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ، وَقِيلَ: لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ حَيًّا.
وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ كَمْ أَقَامَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ؟ فَقَالَ: السُّدِّيُّ، وَالْكَلْبِيُّ، وَمُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ: أَرْبَعِينَ يَوْمًا. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: عِشْرِينَ يَوْمًا. وَقَالَ عَطَاءٌ: سَبْعَةَ أَيَّامٍ. وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حِبَّانَ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَقِيلَ:
سَاعَةً وَاحِدَةً. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ تَرْغِيبٌ فِي ذِكْرِ اللَّهِ، وَتَنْشِيطٌ لِلذَّاكِرِينَ لَهُ فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ النبذ الطرح. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: هُوَ الصَّحْرَاءُ، وَقَالَ الْأَخْفَشُ: الْفَضَاءُ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْوَاسِعُ مِنَ الْأَرْضِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْمَكَانُ الْخَالِي. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: هُوَ وَجْهُ الْأَرْضِ، وَأَنْشَدَ لِرَجُلٍ مِنْ خُزَاعَةَ:
وَرَفَعْتُ رِجْلًا لَا أَخَافُ عِثَارَهَا وَنَبَذْتُ بِالْبَلَدِ الْعَرَاءِ ثِيَابِي
وَالْمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ طَرَحَهُ مِنْ بَطْنِ الْحُوتِ فِي الصَّحْرَاءِ الْوَاسِعَةِ الَّتِي لَا نَبَاتَ فِيهَا، وَهُوَ عِنْدَ إِلْقَائِهِ سَقِيمٌ
471
لِمَا نَالَهُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ مِنَ الضَّرَرِ، قِيلَ صَارَ بَدَنُهُ كَبَدَنِ الطِّفْلِ حِينَ يُولَدُ.
وَقَدِ اسْتَشْكَلَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ الْجَمْعَ بَيْنَ مَا وَقَعَ هُنَا مِنْ قَوْلِهِ: فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ، وَقَوْلُهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لَوْلا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ «١» فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُنْبَذْ بِالْعَرَاءِ.
وَأَجَابَ النَّحَّاسُ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَخْبَرَ هَاهُنَا أَنَّهُ نُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ غَيْرُ مَذْمُومٍ، وَلَوْلَا رَحْمَتُهُ عَزَّ وَجَلَّ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ أَيْ: شَجَرَةً فَوْقَهُ تُظَلِّلُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ مَعْنَى عَلَيْهِ:
عِنْدَهُ، وَقِيلَ مَعْنَى عَلَيْهِ: لَهُ. وَالْيَقْطِينُ: هِيَ شَجَرَةُ الدُّبَّاءِ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: الْيَقْطِينُ يُقَالُ لِكُلِّ شَجَرَةٍ لَيْسَ لَهَا سَاقٌ، بَلْ تَمْتَدُّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ نَحْوَ الدُّبَّاءِ، وَالْبِطِّيخِ، وَالْحَنْظَلِ، فَإِنْ كَانَ لَهَا سَاقٌ يُقِلُّهَا فَيُقَالُ لَهَا شَجَرَةٌ فَقَطْ، وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ، وَمُقَاتِلٌ وَغَيْرِهِمَا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُوَ كُلُّ شَيْءٍ يَنْبُتُ ثُمَّ يَمُوتُ مِنْ عَامِهِ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْيَقْطِينُ مَا لَا سَاقَ لَهُ مِنْ شَجَرٍ كَشَجَرِ الْقَرْعِ وَنَحْوِهِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: اشْتِقَاقُ الْيَقْطِينِ مِنْ قَطَنَ بِالْمَكَانِ: أَيْ: أَقَامَ بِهِ فَهُوَ يَفْعِيلٌ، وَقِيلَ: هُوَ اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: كَانَ يُسْتَظَلُّ بِظِلِّهَا مِنَ الشَّمْسِ، وَقَيَّضَ اللَّهُ لَهُ أَرْوِيَّةً مِنَ الْوَحْشِ تَرُوحُ عَلَيْهِ بَكْرَةً وَعَشِيَّةً، فَكَانَ يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِهَا حَتَّى اشْتَدَّ لَحْمُهُ وَنَبَتَ شَعْرُهُ ثُمَّ أَرْسَلَهُ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ هُمْ قَوْمُهُ الَّذِينَ هَرَبَ مِنْهُمْ إِلَى الْبَحْرِ وَجَرَى لَهُ مَا جَرَى بَعْدَ هَرَبِهِ كَمَا قَصَّهُ اللَّهُ عَلَيْنَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ، وَهُمْ أَهْلُ نِينَوَى.
قَالَ قَتَادَةُ: أُرْسِلَ إِلَى أَهْلِ نِينَوَى مِنْ أَرْضِ الْمُوصِلِ، وَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَى قِصَّتِهِ فِي سورة يونس مستوفى، «وأو» فِي أَوْ يَزِيدُونَ، قِيلَ: هِيَ بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَالْمَعْنَى: وَيَزِيدُونَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَوْ هَاهُنَا بِمَعْنَى بَلْ، وَهُوَ قَوْلُ مُقَاتِلٍ، وَالْكَلْبِيِّ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ، وَالزَّجَّاجُ، وَالْأَخْفَشُ: أَوْ هُنَا عَلَى أَصْلِهِ، وَالْمَعْنَى: أَوْ يَزِيدُونَ فِي تَقْدِيرِكُمْ إِذَا رَآهُمُ الرَّائِي قَالَ: هَؤُلَاءِ مِائَةُ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ، فَالشَّكُّ إِنَّمَا دَخَلَ عَلَى حِكَايَةِ قَوْلِ الْمَخْلُوقِينَ. قَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: كَانُوا يَزِيدُونَ عِشْرِينَ أَلْفًا. وَقَالَ الْحَسَنُ: بِضْعًا وَثَلَاثِينَ أَلْفًا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: سَبْعِينَ أَلْفًا.
وَقَرَأَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: وَيَزِيدُونَ بِدُونِ أَلِفِ الشَّكِّ.
وَقَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ بَيْنَ الْمُفَسِّرِينَ هَلْ هَذَا الْإِرْسَالُ الْمَذْكُورُ هُوَ الَّذِي كَانَ قَبْلَ الْتِقَامِ الْحُوتِ لَهُ، وَتَكُونُ الْوَاوُ فِي وَأَرْسَلْنَاهُ لِمُجَرَّدِ الْجَمْعِ بَيْنَ مَا وَقَعَ لَهُ مَعَ الْحُوتِ وَبَيْنَ إِرْسَالِهِ إِلَى قَوْمِهِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ تَقْدِيمِ مَا تَقَدَّمَ فِي السِّيَاقِ، وَتَأْخِيرِ مَا تَأَخَّرَ، أَوْ هُوَ إرسال له بعد ما وَقَعَ لَهُ مَعَ الْحُوتِ مَا وَقَعَ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَقَدْ قَدَّمَنَا الْإِشَارَةَ إِلَى الِاخْتِلَافِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ هَلْ كَانَ قَدْ أُرْسِلَ قَبْلَ أَنْ يَهْرُبَ مِنْ قَوْمِهِ إِلَى الْبَحْرِ أَوْ لَمْ يُرْسَلْ إِلَّا بَعْدَ ذَلِكَ؟
وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ كَانَ رَسُولًا قَبْلَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى الْبَحْرِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَا فِي سُورَةِ يُونُسَ، وَبَقِيَ مُسْتَمِرًّا عَلَى الرِّسَالَةِ، وَهَذَا الْإِرْسَالُ الْمَذْكُورُ هُنَا هُوَ بَعْدَ تَقَدُّمِ نُبُوَّتِهِ وَرِسَالَتِهِ فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ أَيْ:
وَقَعَ مِنْهُمُ الإيمان بعد ما شَاهَدُوا أَعْلَامَ نُبُوَّتِهِ فَمَتَّعَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا إِلَى حِينِ انْقِضَاءِ آجَالِهِمْ وَمُنْتَهَى أَعْمَارِهِمْ.
وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:
إِلْيَاسُ هُوَ إِدْرِيسُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
(١). القلم: ٤٩.
472
قال: قال صلّى الله عليه وَسَلَّمَ: «الْخَضِرُ هُوَ إِلْيَاسُ» وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ وَضَعَّفَهُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
«كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَنَزَلَ مَنْزِلًا فَإِذَا رَجُلٌ فِي الْوَادِي يَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَرْحُومَةِ الْمَغْفُورِ الْمُثَابِ لَهَا فَأَشْرَفْتُ عَلَى الْوَادِي فَإِذَا طُولُهُ ثَمَانُونَ ذِرَاعًا وَأَكْثَرُ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟
فَقُلْتُ: أَنَسٌ خَادِمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَيْنَ هُوَ؟ فَقُلْتُ: هُوَ ذَا يسمع كلامك، قال: فأته وأقرئه السَّلَامَ وَقُلْ لَهُ أَخُوكَ إِلْيَاسُ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَجَاءَ حَتَّى عَانَقَهُ وَقَعَدَا يَتَحَدَّثَانِ، فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي إِنَّمَا آكُلُ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَوْمًا وَهَذَا يَوْمُ فِطْرِي فَآكُلُ أَنَا وَأَنْتَ، فَنَزَلَتْ عَلَيْهِمَا الْمَائِدَةُ مِنَ السَّمَاءِ خُبْزٌ وَحُوتٌ وَكَرَفْسٌ، فَأَكَلَا وَأَطْعَمَانِي وَصَلَّيَا الْعَصْرَ ثُمَّ وَدَّعَهُ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ مَرَّ عَلَى السَّحَابِ نَحْوَ السَّمَاءِ»
. قَالَ الذَّهَبِيُّ مُتَعَقِّبًا لِتَصْحِيحِ الْحَاكِمِ لَهُ: بَلْ مَوْضُوعٌ قَبَّحَ اللَّهُ مَنْ وَضَعَهُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: أَتَدْعُونَ بَعْلًا قَالَ: صَنَمًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ قَالَ: نَحْنُ آلُ مُحَمَّدٍ آلُ يَاسِينَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَعَثَ اللَّهُ يُونُسَ إِلَى أَهْلِ قَرْيَتِهِ فَرَدُّوا عَلَيْهِ مَا جَاءَهُمْ بِهِ فَامْتَنَعُوا مِنْهُ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِمْ إِنِّي مُرْسِلٌ عَلَيْهِمُ الْعَذَابَ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا، فَأُخْرِجَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ، فَأَعْلَمَ قَوْمَهُ الَّذِي وَعَدَ اللَّهُ مِنْ عَذَابِهِ إِيَّاهُمْ، فَقَالُوا ارْمُقُوهُ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ فَهُوَ وَاللَّهِ كَائِنٌ مَا وَعَدَكُمْ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي وُعِدُوا بِالْعَذَابِ فِي صَبِيحَتِهَا أَدْلَجَ فَرَآهُ الْقَوْمُ فَحَذِرُوا، فَخَرَجُوا مِنَ الْقَرْيَةِ إِلَى بَرَازٍ مِنْ أَرْضِهِمْ وَفَرَّقُوا بَيْنَ كُلِّ دَابَّةٍ وَوَلَدِهَا، ثُمَّ عَجُّوا إِلَى اللَّهِ وَأَنَابُوا وَاسْتَقَالُوا فَأَقَالَهُمُ اللَّهُ، وَانْتَظَرَ يُونُسُ الْخَبَرَ عَنِ الْقَرْيَةِ وَأَهْلِهَا حَتَّى مَرَّ بِهِ مَارٌّ، فَقَالَ مَا فَعَلَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ، قَالَ: إِنَّ نبيهم لما خرج من بني أَظْهُرِهِمْ عَرَفُوا أَنَّهُ قَدْ صَدَقَهُمْ مَا وَعَدَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ، فَخَرَجُوا مِنْ قَرْيَتِهِمْ إِلَى بَرَازٍ مِنَ الْأَرْضِ، ثُمَّ فَرَّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذَاتِ وَلَدٍ وَوَلَدِهَا ثُمَّ عَجُّوا إِلَى اللَّهِ وَتَابُوا إِلَيْهِ، فَتَقَبَّلَ مِنْهُمْ وَأَخَّرَ عَنْهُمُ الْعَذَابَ، فَقَالَ يُونُسُ عِنْدَ ذَلِكَ: لَا أَرْجِعُ إِلَيْهِمْ كَذَّابًا أَبَدًا وَمَضَى عَلَى وَجْهِهِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ على قصته وما روي فيها في سُورَةِ يُونُسَ فَلَا نُكَرِّرُهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَساهَمَ
قَالَ: اقْتَرَعَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ
قَالَ:
الْمَقْرُوعِينَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: وَهُوَ مُلِيمٌ قَالَ: مُسِيءٌ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَالْفِرْيَابِيُّ، وَأَحْمَدُ، فِي الزُّهْدِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ قَالَ: مِنَ الْمُصَلِّينَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ قَالَ: أَلْقَيْنَاهُ بِالسَّاحِلِ. وَأَخْرَجَ هَؤُلَاءِ عَنْهُ أَيْضًا شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ قَالَ: الْقَرْعُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: الْيَقْطِينُ كُلُّ شَيْءٍ يَذْهَبُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: إنما كانت رسالة يونس بعد ما نَبَذَهُ الْحُوتُ، ثُمَّ تَلَا: فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ إِلَى قَوْلِهِ: وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رِسَالَتَهُ كَانَتْ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ: وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ كَمَا قَدَّمْنَا. وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ
473
﴿ ونجيناهما وَقَوْمَهُمَا مِنَ الكرب العظيم ﴾ المراد بقومهما هم : المؤمنون من بني إسرائيل، والمراد بالكرب العظيم هو : ما كانوا فيه من استعباد فرعون إياهم، وما كان يصيبهم من جهته من البلاء، وقيل : هو الغرق الذي أهلك فرعون وقومه، والأوّل أولى.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

﴿ ونصرناهم ﴾ جاء بضمير الجماعة. قال الفراء : الضمير لموسى، وهارون وقومهما، لأن قبله ﴿ نجيناهما، وقومهما ﴾ والمراد بالنصر : التأييد لهم على عدوّهم ﴿ فَكَانُواْ ﴾ بسبب ذلك ﴿ هُمُ الغالبين ﴾ على عدوّهم بعد أن كانوا تحت أسرهم وقهرهم، وقيل : الضمير في ﴿ نصرناهم ﴾ عائد على الاثنين موسى وهارون تعظيماً لهما، والأوّل أولى.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

﴿ وءاتيناهما الكتاب المستبين ﴾ المراد بالكتاب : التوراة، والمستبين : البين الظاهر، يقال : استبان كذا. أي : صار بيناً.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

﴿ وهديناهما الصراط المستقيم ﴾ أي القيم لا اعوجاج فيه، وهو دين الإسلام، فإنه الطريق الموصلة إلى المطلوب.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا في الآخرين ﴾ أي أبقينا عليهما في الأمم المتأخرة الثناء الجميل.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

﴿ سلام على موسى وهارون ﴾ وقد قدّمنا الكلام في السلام، وفي وجه إعرابه بالرفع.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

تقدّم تفسير ﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى المحسنين * إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا المؤمنين ﴾ في هذه السورة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٢١:تقدّم تفسير ﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى المحسنين * إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا المؤمنين ﴾ في هذه السورة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.


﴿ وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ المرسلين ﴾ قال المفسرون : هو نبيّ من أنبياء بني إسرائيل، وقصته مشهورة مع قومه، قيل : وهو إلياس بن يس من سبط هارون أخي موسى. قال ابن إسحاق وغيره : كان إلياس هو القيم بأمر بني إسرائيل بعد يوشع، وقيل : هو إدريس، والأوّل أولى. قرأ الجمهور ﴿ إلياس ﴾ بهمزة مكسورة مقطوعة، وقرأ ابن ذكوان بوصلها، ورويت هذه القراءة عن ابن عامر، وقرأ ابن مسعود، والأعمش، ويحيى بن وثاب " وإن إدريس لمن المرسلين "، وقرأ أبيّ " وإن إبليس " بهمزة مكسورة، ثم تحتية ساكنة، ثم لام مكسورة، ثم تحتية ساكنة، ثم سين مهملة مفتوحة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

﴿ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلاَ تَتَّقُونَ ﴾ هو ظرف لقوله ﴿ من المرسلين ﴾، أو متعلق بمحذوف، أي اذكر يا محمد إذ قال، والمعنى : ألا تتقون عذاب الله ؟
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

ثم أنكر عليهم بقوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ هو اسم لصنم كانوا يعبدونه، أي : أتعبدون صنماً، وتطلبون الخير منه.
قال ثعلب : اختلف الناس في قوله سبحانه :﴿ بَعْلاً ﴾ فقالت طائفة : البعل هنا الصنم، وقالت طائفة : البعل هنا ملك، وقال ابن إسحاق : امرأة كانوا يعبدونها. قال الواحدي : والمفسرون يقولون : رباً، وهو بلغة اليمن، يقولون للسيد، والربّ : البعل.
قال النحاس : القولان صحيحان، أي أتدعون صنماً عملتوه رباً ؟ ﴿ وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الخالقين ﴾ أي وتتركون عبادة أحسن من يقال له خالق، وانتصاب الاسم الشريف في قوله :﴿ الله رَبَّكُمْ وَرَبَّ ءابَائِكُمُ الأولين ﴾ على أنه بدل من ﴿ أحسن ﴾، هذا على قراءة حمزة، والكسائي، والربيع بن خثيم، وابن أبي إسحاق، ويحيى بن وثاب، والأعمش، فإنهم قرؤوا بنصب الثلاثة الأسماء. وقيل : النصب على المدح، وقيل : على عطف البيان، وحكى أبو عبيد : أن النصب على النعت. قال النحاس : وهو غلط وإنما هو بدل، ولا يجوز النعت. لأنه ليس بتحلية، واختار هذه القراءة أبو عبيد، وأبو حاتم. وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وأبو جعفر، وشيبة، ونافع بالرفع. قال أبو حاتم : بمعنى هو الله ربكم. قال النحاس : وأولى ما قيل : إنه مبتدأ، وخبر بغير إضمار ولا حذف. وحكي عن الأخفش : أن الرفع أولى وأحسن. قال ابن الأنباري : من رفع أو نصب لم يقف على ﴿ أحسن الخالقين ﴾ على جهة التمام ؛ لأن الله مترجم عن أحسن الخالقين على الوجهين جميعاً، والمعنى أنه خالقكم، وخالق من قبلكم، فهو الذي تحقّ له العبادة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٢٥:ثم أنكر عليهم بقوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ هو اسم لصنم كانوا يعبدونه، أي : أتعبدون صنماً، وتطلبون الخير منه.
قال ثعلب : اختلف الناس في قوله سبحانه :﴿ بَعْلاً ﴾ فقالت طائفة : البعل هنا الصنم، وقالت طائفة : البعل هنا ملك، وقال ابن إسحاق : امرأة كانوا يعبدونها. قال الواحدي : والمفسرون يقولون : رباً، وهو بلغة اليمن، يقولون للسيد، والربّ : البعل.
قال النحاس : القولان صحيحان، أي أتدعون صنماً عملتوه رباً ؟ ﴿ وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الخالقين ﴾ أي وتتركون عبادة أحسن من يقال له خالق، وانتصاب الاسم الشريف في قوله :﴿ الله رَبَّكُمْ وَرَبَّ ءابَائِكُمُ الأولين ﴾ على أنه بدل من ﴿ أحسن ﴾، هذا على قراءة حمزة، والكسائي، والربيع بن خثيم، وابن أبي إسحاق، ويحيى بن وثاب، والأعمش، فإنهم قرؤوا بنصب الثلاثة الأسماء. وقيل : النصب على المدح، وقيل : على عطف البيان، وحكى أبو عبيد : أن النصب على النعت. قال النحاس : وهو غلط وإنما هو بدل، ولا يجوز النعت. لأنه ليس بتحلية، واختار هذه القراءة أبو عبيد، وأبو حاتم. وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وأبو جعفر، وشيبة، ونافع بالرفع. قال أبو حاتم : بمعنى هو الله ربكم. قال النحاس : وأولى ما قيل : إنه مبتدأ، وخبر بغير إضمار ولا حذف. وحكي عن الأخفش : أن الرفع أولى وأحسن. قال ابن الأنباري : من رفع أو نصب لم يقف على ﴿ أحسن الخالقين ﴾ على جهة التمام ؛ لأن الله مترجم عن أحسن الخالقين على الوجهين جميعاً، والمعنى أنه خالقكم، وخالق من قبلكم، فهو الذي تحقّ له العبادة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.


﴿ فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ ﴾ أي فإنهم بسبب تكذيبه لمحضرون في العذاب، وقد تقدّم أن الإحضار المطلق، مخصوص بالشرّ.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

﴿ إِلاَّ عِبَادَ الله المخلصين ﴾ أي من كان مؤمناً به من قومه، قرئ بكسر اللام، وفتحها كما تقدّم، والمعنى على قراءة الكسر : أنهم أخلصوا لله ؛ وعلى قراءة الفتح : أن الله استخلصهم من عباده.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

وقد تقدّم تفسير ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخرين ﴾
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قرأ نافع، وابن عامر، والأعرج، وشيبة على ﴿ آل ياسين ﴾ بإضافة آل بمعنى : آل ياسين، وقرأ الباقون بكسر الهمزة، وسكون اللام موصولة بياسين إلا الحسن، فإنه قرأ " الياسين " بإدخال آلة التعريف على ياسين. قيل : المراد على هذه القراءات كلها إلياس، وعليه وقع التسليم، ولكنه اسم أعجمي، والعرب تضطرب في هذه الأسماء الأعجمية، ويكثر تغييرهم لها. قال ابن جني : العرب تتلاعب بالأسماء الأعجمية تلاعباً ؛ فياسين، وإلياس، وإلياسين شيء واحد. قال الأخفش : العرب تسمي قوم الرجل باسم الرجل الجليل منهم، فيقولون : المهالبة، على أنهم سموا كل رجل منهم بالمهلب. قال : فعلى هذا إنه سمي كل رجل منهم بالياسين. قال الفراء : يذهب بالياسين إلى أن يجعله جمعاً، فيجعل أصحابه داخلين معه في اسمه. قال أبو عليّ الفارسي : تقديره الياسيين، إلا أن الياءين للنسبة حذفتا كما حذفتا في الأشعرين والأعجمين. ورجح الفرّاء، وأبو عبيدة قراءة الجمهور قالا : لأنه لم يقل في شيء من السور على آل فلان، إنما جاء بالاسم كذلك الياسين ؛ لأنه إنما هو بمعنى : إلياس، أو بمعنى : إلياس وأتباعه. وقال الكلبي : المراد بآل ياسين : آل محمد. قال الواحدي : وهذا بعيد ؛ لأن ما بعده من الكلام وما قبله لا يدلّ عليه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

وقد تقدّم تفسير ﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى المحسنين * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المؤمنين ﴾ مستوفى.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٣١:وقد تقدّم تفسير ﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى المحسنين * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المؤمنين ﴾ مستوفى.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.


﴿ وَإِنَّ لُوطاً لَّمِنَ المرسلين ﴾ قد تقدّم ذكر قصة لوط مستوفاة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

﴿ إِذْ نجيناه وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ ﴾ الظرف متعلق بمحذوف هو اذكر، ولا يصح تعلقه بالمرسلين، لأنه لم يرسل وقت تنجيته.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

﴿ إِلاَّ عَجُوزاً فِي الغابرين ﴾ قد تقدم أن الغابر يكون بمعنى : الماضي، ويكون بمعنى : الباقي، فالمعنى : إلا عجوزاً في الباقين في العذاب، أو الماضين الذين قد هلكوا.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

﴿ ثُمَّ دَمَّرْنَا الآخرين ﴾ أي أهلكناهم بالعقوبة، والمعنى : أن في نجاته، وأهله جميعاً إلا العجوز، وتدمير الباقين من قومه الذين لم يؤمنوا به دلالة بينة على ثبوت كونه من المرسلين.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

﴿ وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ ﴾ خاطب بهذا العرب، أو أهل مكة على الخصوص، أي : تمرون على منازلهم التي فيها آثار العذاب وقت الصباح.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

﴿ وباليل ﴾، والمعنى تمرون على منازلهم في ذهابكم إلى الشام، ورجوعكم منه نهاراً وليلاً ﴿ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ ما تشاهدونه في ديارهم من آثار عقوبة الله النازلة بهم، فإن في ذلك عبرة للمعتبرين، وموعظة للمتدبرين.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

﴿ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ المرسلين ﴾ يونس هو ذو النون، وهو : ابن متى. قال المفسرون : وكان يونس قد وعد قومه العذاب، فلما تأخر عنهم العذاب خرج عنهم، وقصد البحر، وركب السفينة، فكان بذهابه إلى البحر كالفار من مولاه، فوصف بالإباق، وهو معنى قوله :﴿ إِذْ أَبَقَ إِلَى الفلك المشحون ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

﴿ إِذْ أَبَقَ إِلَى الفلك المشحون ﴾ وأصل الإباق : الهرب من السيد، لكن لما كان هربه من قومه بغير إذن ربه وصف به. وقال المبرد : تأويل أبق بباعد، أي : ذهب إليه، ومن ذلك قولهم : عبد آبق.
وقد اختلف أهل العلم هل كانت رسالته قبل التقام الحوت إياه، أو بعده ؟ ومعنى المشحون : المملوء.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

﴿ فساهم فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ المساهمة أصلها : المغالبة، وهي : الاقتراع، وهو : أن يخرج السهم على من غلب. قال المبرد : أي فقارع. قال : وأصله من السهام التي تجال، ومعنى ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ : فصار من المغلوبين. قال : يقال دحضت حجته، وأدحضها الله، وأصله من الزلق عن مقام الظفر، ومنه قول الشاعر :
قتلنا المدحضين بكل فج فقد قرت بقتلهم العيون
أي : المغلوبين.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

﴿ فالتقمه الحوت وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ يقال : لقمت اللقمة، والتقمتها : إذا ابتلعتها، أي : فابتلعه الحوت، ومعنى ﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ وهو مستحق للوم، يقال رجل مليم : إذا أتى بما يلام عليه، وأما الملوم، فهو : الذي يلام سواء أتى بما يستحق أن يلام عليه أم لا، وقيل : المليم : المعيب، يقال : ألام الرجل : إذا عمل شيئاً صار به معيباً. ومعنى هذه المساهمة : أن يونس لما ركب السفينة احتبست. فقال الملاحون : هاهنا عبد أبق من سيده، وهذا رسم السفينة إذا كان فيها آبق لا تجري فاقترعوا، فوقعت القرعة على يونس، فقال : أنا الآبق، وزج نفسه في الماء.
قال سعيد بن جبير : لما استهموا جاء حوت إلى السفينة فاغراً فاه ينتظر أمر ربه حتى إذا ألقى نفسه في الماء أخذه الحوت.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ أي الذاكرين لله أو المصلين له.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

﴿ لَلَبِثَ في بَطْنِهِ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ أي لصار بطن الحوت له قبراً إلى يوم البعث. وقيل : للبث في بطنه حياً. واختلف المفسرون : كم أقام في بطن الحوت ؟ فقال السدي، والكلبي، ومقاتل بن سليمان : أربعين يوماً. وقال الضحاك : عشرين يوماً. وقال عطاء : سبعة أيام. وقال مقاتل بن حيان : ثلاثة أيام، وقيل : ساعة واحدة. وفي هذه الآية ترغيب في ذكر الله، وتنشيط للذاكرين له.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

﴿ فنبذناه بالعراء وَهُوَ سَقِيمٌ ﴾ النبذ : الطرح والعراء. قال ابن الأعرابي : هو الصحراء، وقال الأخفش : الفضاء، وقال أبو عبيدة : الواسع من الأرض، وقال الفراء : المكان الخالي. وروي عن أبي عبيدة أيضاً أنه قال : هو وجه الأرض، وأنشد لرجل من خزاعة :
ورفعت رجلاً لا أخاف عثارها ونبذت بالبلد العراء ثيابي
والمعنى : أن الله طرحه من بطن الحوت في الصحراء الواسعة التي لا نبات فيها، وهو عند إلقائه سقيم لما ناله في بطن الحوت من الضرر، قيل : صار بدنه كبدن الطفل حين يولد.
وقد استشكل بعض المفسرين الجمع بين ما وقع هنا من قوله :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾، وقوله في موضع آخر :﴿ لَّوْلاَ أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مّن رَّبّهِ لَنُبِذَ بالعراء وَهُوَ مَذْمُومٌ ﴾ [ القلم : ٤٩ ] فإن هذه الآية تدل على أنه لم ينبذ بالعراء. وأجاب النحاس، وغيره بأن الله سبحانه أخبر هاهنا : أنه نبذ بالعراء، وهو غير مذموم، ولولا رحمته عزّ وجلّ لنبذ بالعراء وهو مذموم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

﴿ وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ أي شجرة فوقه تظلل عليه، وقيل : معنى ﴿ عليه ﴾ عنده. وقيل معنى عليه : له. واليقطين : هي شجرة الدباء. وقال المبرد : اليقطين يقال : لكل شجرة ليس لها ساق، بل تمتد على وجه الأرض نحو الدباء، والبطيخ، والحنظل، فإن كان لها ساق يقلها، فيقال لها : شجرة فقط، وهذا قول الحسن، ومقاتل، وغيرهما. وقال سعيد بن جبير : هو كل شيء ينبت، ثم يموت من عامه. قال الجوهري : اليقطين ما لا ساق له من شجر كشجر القرع ونحوه. قال الزجاج : اشتقاق اليقطين من قطن بالمكان، أي أقام به، فهو يفعيل، وقيل هو : اسم أعجمي. قال المفسرون : كان يستظل بظلها من الشمس، وقيض الله له أروية من الوحش تروح عليه بكرة وعشية، فكان يشرب من لبنها حتى اشتد لحمه، ونبت شعره، ثم أرسله الله بعد ذلك. وهو معنى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ هم قومه الذين هرب منهم إلى البحر، وجرى له ما جرى بعد هربه، كما قصه الله علينا في هذه السورة، وهم : أهل نينوى.
قال قتادة : أرسل إلى أهل نينوى من أرض الموصل. وقد مر الكلام على قصته في سورة يونس مستوفى، و﴿ أو ﴾ في ﴿ أو يزيدون ﴾ قيل : هي بمعنى الواو، والمعنى : ويزيدون. وقال الفراء : أو هاهنا بمعنى : بل، وهو قول مقاتل، والكلبي. وقال المبرد، والزجاج، والأخفش : أو هنا على أصله، والمعنى : أو يزيدون في تقديركم إذا رآهم الرائي قال : هؤلاء مائة ألف أو يزيدون، فالشك إنما دخل على حكاية قول المخلوقين. قال مقاتل، والكلبي : كانوا يزيدون عشرين ألفاً. وقال الحسن : بضعاً وثلاثين ألفاً. وقال سعيد بن جبير : سبعين ألفاً. وقرأ جعفر بن محمد، " ويزيدون " بدون ألف الشك.
وقد وقع الخلاف بين المفسرين : هل هذا الإرسال المذكور هو الذي كان قبل التقام الحوت له، وتكون الواو في ﴿ وأرسلناه ﴾ لمجرد الجمع بين ما وقع له مع الحوت، وبين إرساله إلى قومه، من غير اعتبار تقديم ما تقدم في السياق، وتأخير ما تأخر، أو هو إرسال له بعد ما وقع له مع الحوت ما وقع على قولين ؟ وقد قدمنا الإشارة إلى الاختلاف بين أهل العلم هل كان قد أرسل قبل أن يهرب من قومه إلى البحر، أو لم يرسل إلا بعد ذلك ؟ والراجح : أنه كان رسولاً قبل أن يذهب إلى البحر كما يدل عليه ما قدمنا في سورة يونس، وبقي مستمراً على الرسالة، وهذا الإرسال المذكور هنا هو بعد تقدم نبوته ورسالته.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

﴿ فَئَامَنُواْ فمتعناهم إلى حِينٍ ﴾ أي وقع منهم الإيمان بعد ما شاهدوا أعلام نبوته، فمتعهم الله في الدنيا إلى حين انقضاء آجالهم، ومنتهى أعمارهم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إلياس هو إدريس. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم :«الخضر هو : إلياس». وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وضعفه عن أنس قال :«كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً، فإذا رجل في الوادي يقول : اللَّهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المرحومة المغفور المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا طوله ثمانون ذراعاً وأكثر، فقال : من أنت ؟ فقلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين هو ؟ فقلت : هو ذا يسمع كلامك، قال : فأته وأقرئه مني السلام، وقل له : أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فجاء حتى عانقه، وقعدا يتحدّثان، فقال له : يا رسول الله إني إنما آكل في كلّ سنة يوماً، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت، فنزلت عليهما المائدة من السماء خبز وحوت وكرفس، فأكلا، وأطعماني، وصليا العصر، ثم ودّعه، ثم رأيته مرّ على السحاب نحو السماء».
قال الذهبي متعقباً لتصحيح الحاكم له : بل موضوع قبح الله من وضعه. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾ قال : صنماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ سلام على آلْ يَاسِينَ ﴾ قال : نحن آل محمد آل ياسين. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : بعث الله يونس إلى أهل قريته، فردّوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليهم إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا. فأخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا : ارمقوه، فإن خرج من بين أظهركم، فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وعدوا بالعذاب في صبيحتها أدلج، فرآه القوم، فحذروا، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرّقوا بين كلّ دابة وولدها، ثم عجوا إلى الله، وأنابوا، واستقالوا، فأقالهم الله، وانتظر يونس الخبر عن القرية، وأهلها حتى مرّ به مارّ، فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : إن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كلّ ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه، فتقبل منهم، وأخرّ عنهم العذاب، فقال يونس عند ذلك : لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه، وقد قدّمنا الكلام على قصته، وما روي فيها في سورة يونس فلا نكرره.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ فساهم ﴾ قال : اقترع ﴿ فَكَانَ مِنَ المدحضين ﴾ قال : المقروعين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ قال : مسيء. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين ﴾ قال : من المصلين. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ قال : ألقيناه بالساحل. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً ﴿ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ ﴾ قال : القرع. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه أيضاً قال : اليقطين : كلّ شيء يذهب على وجه الأرض. وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عنه أيضاً قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ثم تلا :﴿ فنبذناه بالعراء ﴾ إلى قوله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ ﴾ وقد تقدّم عنه ما يدلّ على أن رسالته كانت من قبل ذلك، وليس في الآية : ما يدلّ على ما ذكره كما قدّمنا. وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله :﴿ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ قال : يزيدون عشرين ألفاً. قال الترمذي : غريب. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يزيدون ثلاثين ألفاً. وروي عنه أنهم يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً. وروي عنه : أنهم يزيدون بضعة وأربعين ألفاً، ولا يتعلق بالخلاف في هذا كثير فائدة.

قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ قَالَ: يَزِيدُونَ عِشْرِينَ أَلْفًا. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: يَزِيدُونَ ثَلَاثِينَ أَلْفًا. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ بِضْعَةً وَثَلَاثِينَ أَلْفًا. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ بِضْعَةً وَأَرْبَعِينَ أَلْفًا، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْخِلَافِ في هذا كثير فائدة.
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ١٤٩ الى ١٨٢]
فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (١٤٩) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ (١٥٠) أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (١٥١) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١٥٢) أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ (١٥٣)
مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (١٥٤) أَفَلا تَذَكَّرُونَ (١٥٥) أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ (١٥٦) فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٥٧) وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٥٨)
سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٥٩) إِلاَّ عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٠) فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ (١٦١) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ (١٦٢) إِلاَّ مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ (١٦٣)
وَما مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦) وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ (١٦٧) لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٦٨)
لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٩) فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (١٧٠) وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ (١٧٣)
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (١٧٤) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (١٧٥) أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ (١٧٦) فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ (١٧٧) وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (١٧٨)
وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (١٧٩) سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠) وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٨٢)
لَمَّا كَانَتْ قُرَيْشٌ، وَقَبَائِلُ مِنَ الْعَرَبِ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاسْتِفْتَائِهِمْ عَلَى طَرِيقَةِ التَّقْرِيعِ وَالتَّوْبِيخِ، فَقَالَ: فَاسْتَفْتِهِمْ يَا مُحَمَّدُ: أَيِ اسْتَخْبِرْهُمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ أَيْ: كَيْفَ يَجْعَلُونَ لِلَّهِ عَلَى تَقْدِيرِ صِدْقٍ مَا زَعَمُوهُ مِنَ الْكَذِبِ أَدْنَى الْجِنْسَيْنِ وَأَوْضَعَهُمَا وَهُوَ الْإِنَاثُ، وَلَهُمْ أَعْلَاهُمَا وَأَرْفَعَهُمَا وَهُمُ الذُّكُورُ، وَهَلْ هَذَا إِلَّا حَيْفٌ فِي القسمة لضعف عقولهم، وسواء إِدْرَاكِهِمْ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى «١» ثُمَّ زَادَ فِي تَوْبِيخِهِمْ، وَتَقْرِيعِهِمْ فَقَالَ: أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ فَأَضْرَبَ عَنِ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ إِلَى مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ فِي التَّبْكِيتِ وَالتَّهَكُّمِ بِهِمْ، أَيْ: كَيْفَ جَعَلُوهُمْ إِنَاثًا وَهُمْ لَمْ يَحْضُرُوا عِنْدَ خَلْقِنَا لَهُمْ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ: وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ «٢» فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إِلَّا بِالْمُشَاهَدَةِ وَلَمْ يَشْهَدُوا، وَلَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى قَوْلِهِمْ مِنَ السَّمْعِ، وَلَا هُوَ مِمَّا يُدْرَكُ بِالْعَقْلِ حَتَّى يَنْسُبُوا إِدْرَاكَهُ إِلَى عُقُولِهِمْ. ثُمَّ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنْ كَذِبِهِمْ فَقَالَ: أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ قَوْلَهُمْ هَذَا هُوَ مِنَ الْإِفْكِ وَالِافْتِرَاءِ مِنْ دُونِ دَلِيلٍ وَلَا شُبْهَةِ دَلِيلٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ وَلَدَ اللَّهُ فِعْلًا مَاضِيًا مُسْنَدًا إِلَى اللَّهِ. وَقُرِئَ بِإِضَافَةِ وَلَدٍ إِلَى اللَّهِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: يَقُولُونَ الملائكة ولد الله، والولد بمعنى
(١). النجم: ٢١ و ٢٢.
(٢). الزخرف: ١٩.
474
مَفْعُولٍ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُفْرَدُ وَالْمُثَنَّى، وَالْمَجْمُوعُ، وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ. ثُمَّ كَرَّرَ سُبْحَانَهُ تَقْرِيعَهُمْ، وَتَوْبِيخَهُمْ فَقَالَ:
أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ عَلَى أَنَّهَا لِلِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ، وَقَدْ حُذِفَ مَعَهَا هَمْزَةُ الْوَصْلِ اسْتِغْنَاءً بِهِ عَنْهَا. وَقَرَأَ نَافِعٌ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، وَأَبُو جَعْفَرٍ، وَشَيْبَةُ، وَالْأَعْمَشُ بِهَمْزَةِ وَصْلٍ تَثْبُتُ ابْتِدَاءً، وَتَسْقُطُ دَرْجًا، وَيَكُونُ الِاسْتِفْهَامُ مَنْوِيًّا قَالَهُ الْفَرَّاءُ. وَحُذِفَ حَرْفُهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنَ الْمَقَامِ، أَوْ عَلَى أَنِ اصْطَفَى وَمَا بَعْدَهُ بَدَلٌ مِنَ الْجُمْلَةِ الْمَحْكِيَّةِ بِالْقَوْلِ. وَعَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الِاسْتِفْهَامِ وَالْبَدَلِ. فَقَدْ حَكَى جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْهُمُ الْفَرَّاءُ أَنَّ التَّوْبِيخَ يَكُونُ بِاسْتِفْهَامٍ، وَبِغَيْرِ اسْتِفْهَامٍ كَمَا فِي قوله: أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا «١» وقيل: هو على إضمار القول. وما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ جُمْلَتَانِ اسْتِفْهَامِيَّتَانِ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا تَعَلُّقٌ بِالْأُخْرَى مِنْ حَيْثُ الْإِعْرَابِ: اسْتَفْهِمْهُمْ أَوَّلًا عَمَّا اسْتَقَرَّ لَهُمْ وَثَبَتَ؟ اسْتِفْهَامٌ بِإِنْكَارٍ، وَثَانِيًا:
اسْتِفْهَامُ تَعَجُّبٍ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ الَّذِي حَكَمُوا بِهِ، وَالْمَعْنَى: أَيُّ شَيْءٍ ثَبَتَ لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ لِلَّهِ بِالْبَنَاتِ وَهُمُ الْقِسْمُ الَّذِي تَكْرَهُونَهُ، وَلَكُمْ بِالْبَنِينَ وَهُمُ الْقِسْمُ الَّذِي تُحِبُّونَهُ؟ أَفَلا تَذَكَّرُونَ أَيْ: تَتَذَكَّرُونَ فَحُذِفَتْ إِحْدَى التَّاءَيْنِ، وَالْمَعْنَى: أَلَا تَعْتَبِرُونَ وَتَتَفَكَّرُونَ فَتَتَذَكَّرُونَ بُطْلَانَ قَوْلِكُمْ أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ أَيْ:
حُجَّةٌ وَاضِحَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى هَذَا الَّذِي تَقُولُونَهُ، وَهُوَ إِضْرَابٌ عَنْ تَوْبِيخٍ إِلَى تَوْبِيخٍ وَانْتِقَالٌ مِنْ تَقْرِيعٍ إِلَى تَقْرِيعٍ.
فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ
أَيْ: فَأْتُوا بِحُجَّتِكُمُ الْوَاضِحَةِ عَلَى هَذَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فِيمَا تَقُولُونَهُ، أَوْ فَأْتُوا بِالْكُتَّابِ الَّذِي يَنْطِقُ لَكُمْ بِالْحُجَّةِ وَيَشْتَمِلُ عَلَيْهَا وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً قَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ:
إِنَّ الْمُرَادَ بِالْجِنَّةِ هُنَا الْمَلَائِكَةُ، قِيلَ لَهُمْ: جِنَّةٌ، لِأَنَّهُمْ لَا يُرَوْنَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُمْ بَطْنٌ مِنْ بُطُونِ الْمَلَائِكَةِ يُقَالُ لَهُمُ الْجِنَّةُ. وَقَالَ أَبُو مَالِكٍ: إِنَّمَا قِيلَ لَهُمُ الْجِنَّةُ لِأَنَّهُمْ خُزَّانٌ عَلَى الْجِنَانِ. وَالنَّسَبُ: الصِّهْرُ. قَالَ قَتَادَةُ وَالْكَلْبِيُّ:
قَالُوا لَعَنَهُمُ اللَّهُ: إِنِ اللَّهَ صَاهَرَ الْجِنَّ فَكَانَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ أَوْلَادِهِمْ قَالَا: وَالْقَائِلُ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ الْيَهُودُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ وَمُقَاتِلٌ: إِنَّ الْقَائِلَ بِذَلِكَ كِنَانَةُ وَخُزَاعَةُ قَالُوا: إِنَّ اللَّهَ خَطَبَ إِلَى سَادَاتِ الْجِنِّ فَزَوَّجُوهُ مِنْ سَرَوَاتِ بَنَاتِهِمْ، فَالْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ مِنْ سَرَوَاتِ بَنَاتِ الْجِنِّ. وَقَالَ الْحَسَنُ: أَشْرَكُوا الشَّيْطَانَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، فَهُوَ النَّسَبُ الَّذِي جَعَلُوهُ. ثُمَّ رَدَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ أَيْ:
عَلِمُوا أَنَّ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارَ الَّذِينَ قَالُوا هَذَا الْقَوْلَ يُحْضَرُونَ النَّارَ وَيُعَذَّبُونَ فِيهَا. وَقِيلَ: عَلِمَتِ الْجِنَّةُ أَنَّهُمْ أَنْفُسَهُمْ يَحْضُرُونَ لِلْحِسَابِ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، لِأَنَّ الْإِحْضَارَ إِذَا أطلق فالمراد لعذاب. وَقِيلَ الْمَعْنَى: وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ أَنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ إِلَى الْجَنَّةِ. ثُمَّ نَزَّهَ سُبْحَانَهُ نَفْسَهُ فَقَالَ: سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ أَوْ هُوَ حِكَايَةٌ لِتَنْزِيهِ الْمُلْكِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَمَّا وَصَفَهُ بِهِ الْمُشْرِكُونَ، وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِهِ. إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ مُنْقَطِعٌ، وَالتَّقْدِيرُ:
لَكِنَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ بَرِيئُونَ عَنْ أَنْ يَصِفُوا اللَّهَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَقَدْ قُرِئَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا وَمَعْنَاهُمَا مَا بَيَّنَاهُ قَرِيبًا. وَقِيلَ: هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنَ الْمَحْضَرِينَ، أَيْ: إِنَّهُمْ يُحْضَرُونَ النَّارَ إِلَّا مَنْ أَخْلَصَ، فَيَكُونُ مُتَّصِلًا لَا مُنْقَطِعًا، وَعَلَى هَذَا تَكُونُ جُمْلَةُ التَّسْبِيحِ مُعْتَرِضَةً. ثُمَّ خَاطَبَ الْكُفَّارُ عَلَى الْعُمُومِ أَوْ كُفَّارُ مَكَّةَ عَلَى الْخُصُوصِ فَقَالَ: فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ أَيْ: فَإِنَّكُمْ وَآلِهَتَكُمُ الَّتِي تَعْبُدُونَ من دون الله لستم
(١). الأحقاف: ٢٠. [.....]
475
بفاتنين على الله بإفساد عباده وإضلالهم، وعلى متعلقة بفاتنين، وَالْوَاوُ فِي وَمَا تَعْبُدُونَ إِمَّا لِلْعَطْفِ عَلَى اسْمِ إِنَّ، أَوْ هُوَ بِمَعْنَى مَعَ، وَمَا مَوْصُولَةٌ أَوْ مَصْدَرِيَّةٌ، أَيْ: فَإِنَّكُمْ وَالَّذِي تَعْبُدُونَ، أَوْ وَعِبَادَتَكُمْ، وَمَعْنَى فَاتِنِينَ مُضِلِّينَ، يُقَالُ فَتَنْتُ الرجل وأفتنته، ويقال فتنه على الشَّيْءِ وَبِالشَّيْءِ كَمَا يُقَالُ أَضَلَّهُ عَلَى الشَّيْءِ وَأَضَلَّهُ بِهِ.
قَالَ الْفَرَّاءُ: أَهْلُ الْحِجَازِ يَقُولُونَ فَتَنْتُهُ، وَأَهْلُ نَجْدٍ يَقُولُونَ أَفْتَنْتُهُ، وَيُقَالُ فَتَنَ فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ امْرَأَتَهُ: أَيْ أَفْسَدَهَا عَلَيْهِ، فَالْفِتْنَةُ هُنَا بِمَعْنَى الْإِضْلَالِ وَالْإِفْسَادِ. قَالَ مُقَاتِلٌ: يَقُولُ مَا أَنْتُمْ بِمُضِلِّينَ أَحَدًا بِآلِهَتِكُمْ إِلَّا مَنْ قَدَرَ اللَّهُ لَهُ أَنْ يَصْلَى الْجَحِيمَ، وما في ما أَنْتُمْ نافية وأَنْتُمْ خِطَابٌ لَهُمْ وَلِمَنْ يَعْبُدُونَهُ عَلَى التَّغْلِيبِ.
قَالَ الزَّجَّاجُ: أَهْلُ التَّفْسِيرِ مُجْمِعُونَ فِيمَا عَلِمْتُ أَنَّ الْمَعْنَى: مَا أَنْتُمْ بِمُضِلِّينَ أَحَدًا إِلَّا مَنْ قَدَّرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ أَنْ يَضِلَّ، ومنه قول الشاعر:
فردّ بنعمته كَيْدَهُ عَلَيْهِ وَكَانَ لَنَا فَاتِنًا
أَيْ: مُضِلًّا إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ قَرَأَ الْجُمْهُورُ صالِ بِكَسْرِ اللَّامِ لِأَنَّهُ مَنْقُوصٌ مُضَافٌ حُذِفَتِ الْيَاءُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَحُمِلَ عَلَى لَفْظِ مَنْ، وَأُفْرِدَ كَمَا أُفْرِدَ هُوَ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ، وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ بِضَمِّ اللَّامِ مع واو بعدها، وروي عنهما أنهما قرءا بِضَمِّ اللَّامِ بِدُونِ وَاوٍ. فَأَمَّا مَعَ الْوَاوِ فَعَلَى أَنَّهُ جَمْعُ سَلَامَةٍ بِالْوَاوِ حَمْلًا عَلَى مَعْنَى مَنْ، وَحُذِفَتْ نُونُ الْجَمْعِ لِلْإِضَافَةِ، وَأَمَّا بِدُونِ الْوَاوِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ جَمْعًا، وَإِنَّمَا حُذِفَتِ الْوَاوُ خَطًّا كَمَا حُذِفَتْ لَفْظًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُفْرَدًا، وَحَقُّهُ عَلَى هَذَا كَسْرُ اللَّامِ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَجَمَاعَةُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ يَقُولُونَ: إِنَّهُ لَحْنٌ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ هَذَا قَاضِ الْمَدِينَةِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْكُفَّارَ وَمَا يَعْبُدُونَهُ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى إِضْلَالِ أَحَدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَهُمُ الْمُصِرُّونَ عَلَى الْكُفْرِ، وَإِنَّمَا يُصِرُّ عَلَى الْكُفْرِ مَنْ سَبَقَ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ بِالشَّقَاوَةِ، وَإِنَّهُ مِمَّنْ يَصْلَى النَّارَ: أَيْ: يَدْخُلُهَا، ثُمَّ قَالَ الْمَلَائِكَةُ مخبرين للنبي صلّى الله عليه وَسَلَّمَ كَمَا حَكَاهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْهُمْ وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ وَفِي الْكَلَامِ حذف، والتقدير: وما منا من أَحَدٌ، أَوْ وَمَا مِنَّا مَلَكٌ إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ. وَقِيلَ التَّقْدِيرُ: وَمَا مَنَّا إِلَّا مَنْ لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ، رَجَّحَ الْبَصْرِيُّونَ التَّقْدِيرَ الْأَوَّلَ، وَرَجَّحَ الْكُوفِيُّونَ الثَّانِيَ. قَالَ الزَّجَّاجُ: هَذَا قَوْلُ الْمَلَائِكَةِ وَفِيهِ مُضْمَرٌ. الْمَعْنَى وَمَا مِنَّا مَلَكٌ إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ. ثُمَّ قَالُوا: وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ أَيْ: فِي مَوَاقِفِ الطَّاعَةِ. قَالَ قَتَادَةُ: هُمُ الْمَلَائِكَةُ صَفُّوا أَقْدَامَهُمْ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: صُفُوفُ الْمَلَائِكَةِ فِي السَّمَاءِ كَصُفُوفِ أَهْلِ الدُّنْيَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ أَيِ: الْمُنَزِّهُونَ لِلَّهِ الْمُقَدِّسُونَ لَهُ عَمَّا أَضَافَهُ إِلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ، وَقِيلَ: الْمُصَلُّونَ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمُ الْمُسَبِّحُونَ مَجْمُوعُ التَّسْبِيحِ بِاللِّسَانِ وَبِالصَّلَاةِ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ هِيَ صِفَاتُ الْمَلَائِكَةِ، وَلَيْسُوا كَمَا وَصَفَهُمْ بِهِ الْكُفَّارُ مِنْ أَنَّهُمْ بَنَاتُ اللَّهِ وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ هَذَا رُجُوعٌ إِلَى الْإِخْبَارِ عَنِ الْمُشْرِكِينَ، أَيْ:
كَانُوا قَبْلَ المبعث المحمّدي إذا عيروا بِالْجَهْلِ قَالُوا: لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ أَيْ كِتَابًا مِنْ كُتُبِ الْأَوَّلِينَ كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ أَيْ: لَأَخْلَصْنَا الْعِبَادَةَ لَهُ وَلَمْ نَكْفُرْ بِهِ، وَإِنَّ فِي قَوْلِهِ:
وَإِنْ كانُوا هِيَ الْمُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَفِيهَا ضَمِيرُ شَأْنٍ مَحْذُوفٌ، وَاللَّامُ هِيَ الْفَارِقَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّافِيَةِ، أَيْ: وَإِنَّ الشَّأْنَ كَانَ كَفَّارُ الْعَرَبِ لَيَقُولُونَ... إِلَخْ، وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: فَكَفَرُوا بِهِ هِيَ الْفَصِيحَةُ الدَّالَّةُ عَلَى
476
مَحْذُوفٍ مُقَدَّرٍ فِي الْكَلَامِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: تَقْدِيرُهُ فَجَاءَهُمْ مُحَمَّدٌ بِالذِّكْرِ فَكَفَرُوا بِهِ، وَهَذَا عَلَى طَرِيقِ التَّعَجُّبِ مِنْهُمْ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ أَيْ: عَاقِبَةَ كُفْرِهِمْ وَمَغَبَّتَهُ، وَفِي هَذَا تَهْدِيدٌ لَهُمْ شَدِيدٌ، وَجُمْلَةُ: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ مُسْتَأْنَفَةٌ مُقَرِّرَةٌ لِلْوَعِيدِ، وَالْمُرَادُ بِالْكَلِمَةِ مَا وَعَدَهُمُ اللَّهُ بِهِ مِنَ النَّصْرِ وَالظَّفَرِ عَلَى الْكُفَّارِ. قَالَ مُقَاتِلٌ: عَنَى بِالْكَلِمَةِ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي «١» وَقَالَ الْفَرَّاءُ: سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا بِالسَّعَادَةِ لَهُمْ، وَالْأُولَى تَفْسِيرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ بِمَا هُوَ مَذْكُورٌ هُنَا، فَإِنَّهُ قَالَ: إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ فهذه هي الْكَلِمَةُ الْمَذْكُورَةُ سَابِقًا وَهَذَا تَفْسِيرٌ لَهَا، وَالْمُرَادُ بِجُنْدِ اللَّهِ حِزْبُهُ وَهُمُ الرُّسُلُ وَأَتْبَاعُهُمْ.
قَالَ الشَّيْبَانِيُّ: جَاءَ هُنَا عَلَى الْجَمْعِ: يَعْنِي قَوْلَهُ: هُمُ الْغالِبُونَ
مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ رَأْسُ آيَةٍ، وَهَذَا الْوَعْدُ لَهُمْ بِالنَّصْرِ وَالْغَلَبَةِ لَا يُنَافِيهِ انْهِزَامُهُمْ فِي بَعْضِ الْمَوَاطِنِ، وَغَلَبَةُ الْكُفَّارِ لَهُمْ، فَإِنَّ الْغَالِبَ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ هُوَ انْتِصَارُهُمْ عَلَى الأعداء، وغلبتهم لَهُمْ، فَخَرَجَ الْكَلَامُ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، عَلَى أَنَّ الْعَاقِبَةَ الْمَحْمُودَةَ لَهُمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَفِي كُلِّ مَوْطِنٍ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ رَسُولَهُ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُمْ وَالْإِغْمَاضِ عَمَّا يَصْدُرُ مِنْهُمْ مِنَ الْجَهَالَاتِ وَالضَّلَالَاتِ فَقَالَ: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ أَيْ: أَعْرِضْ عَنْهُمْ إِلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ عِنْدَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَهِيَ مُدَّةُ الْكَفِّ عَنِ الْقِتَالِ. قَالَ السُّدِّيُّ وَمُجَاهِدٌ: حَتَّى نَأْمُرَكَ بِالْقِتَالِ. وَقَالَ قَتَادَةُ:
إِلَى الْمَوْتِ، وَقِيلَ: إِلَى يَوْمِ بَدْرٍ، وَقِيلَ: إِلَى يَوْمِ فَتْحِ مَكَّةَ، وَقِيلَ: هَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ أَيْ: وَأَبْصِرْهُمْ إِذَا نَزَلَ بِهِمُ الْعَذَابُ بِالْقَتْلِ وَالْأَسْرِ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ حِينَ لَا يَنْفَعُهُمُ الْإِبْصَارُ، وَعَبَّرَ بِالْإِبْصَارِ عَنْ قُرْبِ الْأَمْرِ: أَيْ: فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ عَنْ قَرِيبٍ. وَقِيلَ الْمَعْنَى: فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ الْعَذَابَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. ثُمَّ هَدَّدَهُمْ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ كَانُوا يَقُولُونَ مِنْ فَرْطِ تَكْذِيبِهِمْ: مَتَى هَذَا الْعَذَابُ؟ فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ أَيْ: إِذَا نَزَلَ عَذَابُ اللَّهِ لَهُمْ بِفَنَائِهِمْ، وَالسَّاحَةُ فِي اللُّغَةِ: فِنَاءُ الدَّارِ الْوَاسِعِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ وَنَزَلَ بِهِمْ سَوَاءٌ. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَكَانَ عَذَابُ هَؤُلَاءِ بِالْقَتْلِ، قِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ نُزُولُ رَسُولِ الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ بِسَاحَتِهِمْ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ «نَزَلَ» مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ.
وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ قَائِمٌ مُقَامَ الْفَاعِلِ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ أَيْ: بِئْسَ صَبَاحُ الَّذِينَ أُنْذِرُوا بِالْعَذَابِ، وَالْمَخْصُوصُ بِالذَّمِّ مَحْذُوفٌ، أَيْ: صَبَاحُهُمْ. وَخَصَّ الصَّبَاحَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الْعَذَابَ كَانَ يَأْتِيهِمْ فِيهِ. ثُمَّ كَرَّرَ سُبْحَانَهُ مَا سَبَقَ تَأْكِيدًا لِلْوَعْدِ بِالْعَذَابِ فَقَالَ: وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ وَحَذَفَ مَفْعُولَ أَبْصِرْ هَاهُنَا وَذَكَرَهُ أَوَّلًا إِمَّا لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ فَتَرَكَهُ هُنَا اخْتِصَارًا، أَوْ قَصْدًا إِلَى التَّعْمِيمِ لِلْإِيذَانِ بِأَنَّ مَا يُبْصِرُهُ مِنْ أَنْوَاعِ عَذَابِهِمْ لَا يُحِيطُ بِهِ الْوَصْفُ. وَقِيلَ: هَذِهِ الْجُمْلَةُ الْمُرَادُ بِهَا أَحْوَالُ الْقِيَامَةِ، وَالْجُمْلَةُ الْأُولَى الْمُرَادُ بِهَا عَذَابُهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَعَلَى هَذَا فَلَا يَكُونُ مِنْ بَابِ التَّأْكِيدِ، بَلْ مِنْ بَابِ التَّأْسِيسِ. ثُمَّ نَزَّهَ سُبْحَانَهُ نَفْسَهُ عَنْ قَبِيحِ مَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ فَقَالَ: سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ الْعِزَّةُ: الْغَلَبَةُ وَالْقُوَّةُ، وَالْمُرَادُ تَنْزِيهُهُ عَنْ كُلِّ مَا يَصِفُونَهُ بِهِ مما لا يليق بجنابه الشريف، وربّ الْعِزَّةِ بَدَلٌ مِنْ رَبِّكَ. ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى تَشْرِيفِ رُسُلِهِ وَتَكْرِيمِهِمْ فَقَالَ: وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ أي: الذين أرسلهم
(١). المجادلة: ٢١.
477
إِلَى عِبَادِهِ وَبَلَّغُوا رِسَالَاتِهِ، وَهُوَ مِنَ السَّلَامِ الَّذِي هُوَ التَّحِيَّةُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَمْنٌ لَهُمْ وَسَلَامَةٌ مِنَ الْمَكَارِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ إِرْشَادٌ لِعِبَادِهِ إِلَى حَمْدِهِ عَلَى إِرْسَالِ رُسُلِهِ إِلَيْهِمْ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، وَتَعْلِيمٌ لَهُمْ كَيْفَ يَصْنَعُونَ عِنْدَ إِنْعَامِهِ عَلَيْهِمْ، وَمَا يُثْنُونَ عَلَيْهِ بِهِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ الْحَمْدُ عَلَى هَلَاكِ الْمُشْرِكِينَ وَنَصْرِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمْ، وَالْأَوْلَى أَنَّهُ حَمْدٌ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ عَلَى كُلِّ مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَى خَلْقِهِ أَجْمَعِينَ كَمَا يُفِيدُهُ حَذْفُ الْمَحْمُودِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ حَذْفَهُ مُشْعِرٌ بِالتَّعْمِيمِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْمَعَانِي، وَالْحَمْدُ: هُوَ الثَّنَاءُ الْجَمِيلُ بِقَصْدِ التَّعْظِيمِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً قَالَ: زَعَمَ أَعْدَاءُ اللَّهِ أَنَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هُوَ وَإِبْلِيسُ أَخَوَانِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ قَالَ:
فَإِنَّكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُشْرِكِينَ وَمَا تَعْبُدُونَ: يَعْنِي الْآلِهَةَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ قَالَ: بِمُضِلِّينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ يَقُولُ: إِلَّا مَنْ سَبَقَ فِي عِلْمِي أَنَّهُ سَيَصْلَى الْجَحِيمَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا فِي الْآيَةِ يَقُولُ: إِنَّكُمْ لَا تَضِلُّونَ أَنْتُمْ وَلَا أُضِلُّ مِنْكُمْ إِلَّا مَنْ قَضَيْتُ عَلَيْهِ أَنَّهُ صَالِ الْجَحِيمِ. وأخرج عبد ابن حُمَيْدٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ أَيْضًا فِي الْآيَةِ قَالَ: لَا تُفْتَنُونَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ قَالَ: الْمَلَائِكَةُ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ قَالَ: الْمَلَائِكَةُ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ قَالَ: الْمَلَائِكَةُ. وَأَخْرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا فِي السَّمَاءِ مَوْضِعُ قَدَمٍ إِلَّا عَلَيْهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ أَوْ قَائِمٌ، وَذَلِكَ قَوْلُ الْمَلَائِكَةِ:
وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ»
. وَأَخْرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمًا لِأَصْحَابِهِ: «أَطَّتِ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ، لَيْسَ فِيهَا مَوْضِعُ قَدَمٍ إِلَّا عَلَيْهِ مَلَكٌ رَاكِعٌ أَوْ سَاجِدٌ، ثُمَّ قَرَأَ: وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ».
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَالْفِرْيَابِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «إن من السموات لَسَمَاءٌ مَا فِيهَا مَوْضِعُ شِبْرٍ إِلَّا وَعَلَيْهِ جَبْهَةُ مَلَكٍ أَوْ قَدَمَاهُ قَائِمًا أَوْ سَاجِدًا، ثُمَّ قَرَأَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ. وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ، إِنَّ السَّمَاءَ أَطَّتْ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ». وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ أَمَرَ الصَّحَابَةَ أَنْ يَصُفُّوا كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةَ عِنْدَ رَبِّهِمْ، فَقَالُوا: وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ: يُقِيمُونَ الصُّفُوفَ الْمُقَدَّمَةَ «١»، وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ». وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ قَالَ: لَمَّا جَاءَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ ذِكْرُ الْأَوَّلِينَ، وَعِلْمُ الآخرين كفروا بالكتاب
(١). في صحيح مسلم (٤٣٠) : يتمون الصفوف الأول.
478
فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «صَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ خَيْبَرَ وَقَدْ خَرَجُوا بِالْمَسَاحِي، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهِ قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذِرِينَ» الْحَدِيثُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا سَلَّمْتُمْ عَلَى الْمُرْسَلِينَ فَسَلِّمُوا عَلَيَّ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِنَ الْمُرْسَلِينَ» وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْعَوَّامِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ بِأَطْوَلَ مِنْهُ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَأَبُو يَعْلَى، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عن أبي سعيد عن رسول الله أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ: سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنَّا نَعْرِفُ انْصِرَافَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ:
سُبْحانَ رَبِّكَ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. وَأَخْرَجَ الْخَطِيبُ نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ أبي سعيد. وأخرج الطبراني عن زيد ابن أَرْقَمَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَالَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ: سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ «فَقَدِ اكْتَالَ بِالْمِكْيَالِ الْأَوْفَى مِنَ الْأَجْرِ». وَأَخْرَجَ حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ فِي تَرْغِيبِهِ مِنْ طَرِيقِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ نَحْوَهُ.
وَإِلَى هُنَا انْتَهَى الْجُزْءُ الثَّالِثُ «١» مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ الْمُبَارَكِ بِمَعُونَةِ اللَّهِ، المقبول بفضل الله، بقلم مصنفه «مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيِّ غَفَرَ اللَّهُ لَهُمَا»، فِي نَهَارِ الْخَمِيسِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ مُحَرَّمٍ الْحَرَامِ مِنْ شُهُورٍ سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ وَأَلْفٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ، حَامِدًا لِلَّهِ شَاكِرًا لَهُ مُصَلِّيًا مُسَلِّمًا عَلَى رَسُولِهِ وَآلِهِ، وَيَتْلُوهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَفْسِيرُ سُورَةِ ص.
انْتَهَى سَمَاعُ هَذَا الْجُزْءِ عَلَى مُؤَلِّفِهِ حَفِظَهُ اللَّهُ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ غُرَّةَ شَهْرِ جَمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ ١٢٣٠ هـ.
كَتَبَهُ يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيُّ غَفَرَ اللَّهُ لَهُمَا
(١). (من تجزئة المؤلف).
479
ثم زاد في توبيخهم وتقريعهم فقال :﴿ أَمْ خَلَقْنَا الملائكة إناثا وَهُمْ شاهدون ﴾ فأضرب عن الكلام الأوّل إلى ما هو أشدّ منه في التبكيت، والتهكم بهم، أي كيف جعلوهم إناثاً، وهم لم يحضروا عند خلقنا لهم، وهذا كقوله :﴿ وَجَعَلُواْ الملائكة الذين هُمْ عِبَادُ الرحمن إناثا أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ ﴾ [ الزخرف : ١٩ ] فبيّن سبحانه : أن مثل ذلك لا يعلم إلا بالمشاهدة، ولم يشهدوا، ولا دلّ دليل على قولهم من السمع، ولا هو مما يدرك بالعقل حتى ينسبوا إدراكه إلى عقولهم.
ثم أخبر سبحانه عن كذبهم، فقال :﴿ أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ الله وَإِنَّهُمْ لكاذبون ﴾ فبيّن سبحانه أن قولهم هذا هو من الإفك، والافتراء من دون دليل، ولا شبهة دليل، فإنه لم يلد، ولم يولد. قرأ الجمهور ﴿ ولد الله ﴾ فعلاً ماضياً مسنداً إلى الله. وقرئ بإضافة ولد إلى الله على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي يقولون الملائكة ولد الله، والولد بمعنى : مفعول يستوي فيه المفرد، والمثنى، والمجموع، والمذكر، والمؤنث.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٥١:ثم أخبر سبحانه عن كذبهم، فقال :﴿ أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ الله وَإِنَّهُمْ لكاذبون ﴾ فبيّن سبحانه أن قولهم هذا هو من الإفك، والافتراء من دون دليل، ولا شبهة دليل، فإنه لم يلد، ولم يولد. قرأ الجمهور ﴿ ولد الله ﴾ فعلاً ماضياً مسنداً إلى الله. وقرئ بإضافة ولد إلى الله على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي يقولون الملائكة ولد الله، والولد بمعنى : مفعول يستوي فيه المفرد، والمثنى، والمجموع، والمذكر، والمؤنث.
ثم كرر سبحانه تقريعهم وتوبيخهم، فقال :﴿ أَصْطَفَى البنات على البنين ﴾ قرأ الجمهور بفتح الهمزة على أنها للاستفهام الإنكاري، وقد حذف معها همزة الوصل استغناء به عنها. وقرأ نافع في رواية عنه، وأبو جعفر، وشيبة، والأعمش بهمزة وصل تثبت ابتداء، وتسقط درجاً، ويكون الاستفهام منوياً قاله الفراء. وحذف حرفه للعلم به من المقام، أو على أن اصطفى، وما بعده بدل من الجملة المحكية بالقول. وعلى تقدير عدم الاستفهام والبدل. فقد حكى جماعة من المحققين منهم الفراء : أن التوبيخ يكون باستفهام، وبغير استفهام كما في قوله :﴿ أَذْهَبْتُمْ طيباتكم في حياتكم الدنيا ﴾ [ الأحقاف : ٢٠ ]، وقيل : هو على إضمار القول.
﴿ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ جملتان استفهاميتان ليس لأحدهما تعلق بالأخرى من حيث الإعراب : استفهمهم أوّلاً عما استقرّ لهم، وثبت استفهام بإنكار، وثانياً استفهام تعجب من هذا الحكم الذي حكموا به، والمعنى : أيّ شيء ثبت لكم كيف تحكمون لله بالبنات، وهم : القسم الذي تكرهونه ولكم بالبنين، وهم : القسم الذي تحبونه.
﴿ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ﴾ أي تتذكرون، فحذفت إحدى التاءين، والمعنى : ألا تعتبرون وتتفكرون فتتذكرون بطلان قولكم.
﴿ أَمْ لَكُمْ سلطان مُّبِينٌ ﴾ أي حجة واضحة ظاهرة على هذا الذي تقولونه، وهو إضراب عن توبيخ إلى توبيخ، وانتقال من تقريع إلى تقريع.
﴿ فَأْتُواْ بكتابكم إِن كُنتُمْ صادقين ﴾ أي فأتوا بحجتكم الواضحة على هذا إن كنتم صادقين فيما تقولونه، أو فأتوا بالكتاب الذي ينطق لكم بالحجة ويشتمل عليها.
﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ قال أكثر المفسرين : إن المراد بالجنة هنا : الملائكة، قيل لهم : جنة، لأنهم لا يرون. وقال مجاهد : هم بطن من بطون الملائكة يقال لهم : الجنة. وقال أبو مالك : إنما قيل لهم الجنة لأنهم خزّان على الجنان والنسب الصهر. قال قتادة والكلبي : قالوا : لعنهم الله : إن الله صاهر الجنّ، فكانت الملائكة من أولادهم ؛ قالا : والقائل بهذه المقالة اليهود. وقال مجاهد، والسدّي، ومقاتل : إن القائل بذلك كنانة، وخزاعة قالوا : إن الله خطب إلى سادات الجن، فزوّجوه من سروات بناتهم، فالملائكة بنات الله من سروات بنات الجن. وقال الحسن : أشركوا الشيطان في عبادة الله، فهو النسب الذي جعلوه. ثم ردّ الله سبحانه عليهم بقوله :﴿ وَلَقَدْ عَلِمَتِ الجنة إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ ﴾ أي علموا أن هؤلاء الكفار الذين قالوا هذا القول يحضرون النار ويعذبون فيها. وقيل : علمت الجنة أنفسهم يحضرون للحساب. والأوّل أولى، لأن الإحضار إذا أطلق، فالمراد العذاب. وقيل المعنى : ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون إلى الجنة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى هو وإبليس أخوان. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾ قال : فإنكم يا معشر المشركين وما تعبدون يعني : الآلهة ﴿ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بفاتنين ﴾ قال : بمضلين ﴿ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم ﴾ يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية يقول : إنكم لا تضلون أنتم، ولا أضلّ منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم. وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عنه أيضاً في الآية قال : لا تفتنون إلا من هو صال الجحيم.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾ قال : الملائكة. وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد، أو قائم، وذلك قول الملائكة :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾» وأخرج محمد بن نصر، وابن عساكر عن العلاء بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه :«أطت السماء، وحق لها أن تئط، ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع، أو ساجد، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا، وعليه جبهة ملك، أو قدماه قائماً، أو ساجداً، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن مردويه عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، إن السماء أطت، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله» وقد ثبت في الصحيح وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يصفوا كما تصفّ الملائكة عند ربهم، فقالوا : وكيف تصفّ الملائكة عند ربهم ؟ قال :«يقيمون الصفوف المقدّمة، ويتراصون في الصف» وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الأولين ﴾ قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأوّلين، وعلم الآخرين كفروا بالكتاب ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وقد خرجوا بالمساحي، فلما نظروا إليه قالوا : محمد، والخميس، فقال :«الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين» الحديث. وأخرج ابن سعد، وابن مردويه من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إذا سلمتم على المرسلين، فسلموا عليّ، فإنما أنا بشر من المرسلين». وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً نحوه بأطول منه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن مردويه، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال :«﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾». وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بقوله :﴿ سبحان رَبّكَ ﴾ إلى آخر الآية. وأخرج الخطيب نحوه من حديث أبي سعيد. وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قال دبر كل صلاة :﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ ثلاث مرات، فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر» وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن عليّ بن أبي طالب نحوه.

نزّه سبحانه نفسه، فقال :﴿ سبحان الله عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ أو هو حكاية لتنزيه الملك لله عزّ وجلّ عما وصفه به المشركون.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى هو وإبليس أخوان. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾ قال : فإنكم يا معشر المشركين وما تعبدون يعني : الآلهة ﴿ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بفاتنين ﴾ قال : بمضلين ﴿ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم ﴾ يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية يقول : إنكم لا تضلون أنتم، ولا أضلّ منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم. وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عنه أيضاً في الآية قال : لا تفتنون إلا من هو صال الجحيم.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾ قال : الملائكة. وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد، أو قائم، وذلك قول الملائكة :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾» وأخرج محمد بن نصر، وابن عساكر عن العلاء بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه :«أطت السماء، وحق لها أن تئط، ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع، أو ساجد، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا، وعليه جبهة ملك، أو قدماه قائماً، أو ساجداً، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن مردويه عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، إن السماء أطت، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله» وقد ثبت في الصحيح وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يصفوا كما تصفّ الملائكة عند ربهم، فقالوا : وكيف تصفّ الملائكة عند ربهم ؟ قال :«يقيمون الصفوف المقدّمة، ويتراصون في الصف» وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الأولين ﴾ قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأوّلين، وعلم الآخرين كفروا بالكتاب ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وقد خرجوا بالمساحي، فلما نظروا إليه قالوا : محمد، والخميس، فقال :«الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين» الحديث. وأخرج ابن سعد، وابن مردويه من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إذا سلمتم على المرسلين، فسلموا عليّ، فإنما أنا بشر من المرسلين». وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً نحوه بأطول منه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن مردويه، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال :«﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾». وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بقوله :﴿ سبحان رَبّكَ ﴾ إلى آخر الآية. وأخرج الخطيب نحوه من حديث أبي سعيد. وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قال دبر كل صلاة :﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ ثلاث مرات، فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر» وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن عليّ بن أبي طالب نحوه.

والاستثناء في قوله :﴿ إِلاَّ عِبَادَ الله المخلصين ﴾ منقطع، والتقدير : لكن عباد الله المخلصين بريئون عن أن يصفوا الله بشيء من ذلك. وقد قرئ بفتح اللام وكسرها، ومعناهما ما بيناه قريباً. وقيل : هو استثناء من المحضرين، أي إنهم يحضرون النار إلا من أخلص، فيكون متصلاً لا منقطعاً، وعلى هذا تكون جملة التسبيح معترضة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى هو وإبليس أخوان. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾ قال : فإنكم يا معشر المشركين وما تعبدون يعني : الآلهة ﴿ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بفاتنين ﴾ قال : بمضلين ﴿ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم ﴾ يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية يقول : إنكم لا تضلون أنتم، ولا أضلّ منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم. وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عنه أيضاً في الآية قال : لا تفتنون إلا من هو صال الجحيم.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾ قال : الملائكة. وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد، أو قائم، وذلك قول الملائكة :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾» وأخرج محمد بن نصر، وابن عساكر عن العلاء بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه :«أطت السماء، وحق لها أن تئط، ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع، أو ساجد، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا، وعليه جبهة ملك، أو قدماه قائماً، أو ساجداً، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن مردويه عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، إن السماء أطت، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله» وقد ثبت في الصحيح وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يصفوا كما تصفّ الملائكة عند ربهم، فقالوا : وكيف تصفّ الملائكة عند ربهم ؟ قال :«يقيمون الصفوف المقدّمة، ويتراصون في الصف» وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الأولين ﴾ قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأوّلين، وعلم الآخرين كفروا بالكتاب ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وقد خرجوا بالمساحي، فلما نظروا إليه قالوا : محمد، والخميس، فقال :«الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين» الحديث. وأخرج ابن سعد، وابن مردويه من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إذا سلمتم على المرسلين، فسلموا عليّ، فإنما أنا بشر من المرسلين». وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً نحوه بأطول منه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن مردويه، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال :«﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾». وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بقوله :﴿ سبحان رَبّكَ ﴾ إلى آخر الآية. وأخرج الخطيب نحوه من حديث أبي سعيد. وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قال دبر كل صلاة :﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ ثلاث مرات، فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر» وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن عليّ بن أبي طالب نحوه.

ثم خاطب الكفار على العموم، أو كفار مكة على الخصوص، فقال :﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ * مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بفاتنين ﴾ أي فإنكم وآلهتكم التي تعبدون من دون الله لستم بفاتنين على الله بإفساد عباده، وإضلالهم، وعلى متعلقة بفاتنين. والواو في ﴿ وما تعبدون ﴾ إما للعطف على اسم إن، أو هو بمعنى : مع، وما موصولة، أو مصدرية، أي فإنكم، والذي تعبدون، أو وعبادتكم، ومعنى ﴿ فاتنين ﴾ مضلين، يقال : فتنت الرجل، وأفتنته، ويقال : فتنه على الشيء، وبالشيء كما يقال : أضله على الشيء، وأضله به. قال الفراء : أهل الحجاز يقولون : فتنته، وأهل نجد يقولون : أفتنته، ويقال : فتن فلان على فلان امرأته، أي : أفسدها عليه، فالفتنة هنا بمعنى : الإضلال والإفساد. قال مقاتل : يقول ما أنتم بمضلين أحداً بآلهتكم إلا من قدَر الله له أن يصلى الجحيم، ﴿ وما ﴾ في ﴿ وَمَا أَنتُمْ ﴾ نافية و ﴿ أَنتُمْ ﴾ خطاب لهم، ولمن يعبدونه على التغليب.
قال الزجاج : أهل التفسير مجمعون فما علمت أن المعنى : ما أنتم بمضلين أحداً إلا من قدّر الله عزّ وجلّ عليه أن يضلّ، ومنه قول الشاعر :
فردّ بفتنته، كيده عليه، وكان لنا فاتناً
أي مضلاً.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى هو وإبليس أخوان. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾ قال : فإنكم يا معشر المشركين وما تعبدون يعني : الآلهة ﴿ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بفاتنين ﴾ قال : بمضلين ﴿ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم ﴾ يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية يقول : إنكم لا تضلون أنتم، ولا أضلّ منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم. وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عنه أيضاً في الآية قال : لا تفتنون إلا من هو صال الجحيم.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾ قال : الملائكة. وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد، أو قائم، وذلك قول الملائكة :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾» وأخرج محمد بن نصر، وابن عساكر عن العلاء بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه :«أطت السماء، وحق لها أن تئط، ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع، أو ساجد، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا، وعليه جبهة ملك، أو قدماه قائماً، أو ساجداً، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن مردويه عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، إن السماء أطت، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله» وقد ثبت في الصحيح وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يصفوا كما تصفّ الملائكة عند ربهم، فقالوا : وكيف تصفّ الملائكة عند ربهم ؟ قال :«يقيمون الصفوف المقدّمة، ويتراصون في الصف» وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الأولين ﴾ قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأوّلين، وعلم الآخرين كفروا بالكتاب ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وقد خرجوا بالمساحي، فلما نظروا إليه قالوا : محمد، والخميس، فقال :«الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين» الحديث. وأخرج ابن سعد، وابن مردويه من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إذا سلمتم على المرسلين، فسلموا عليّ، فإنما أنا بشر من المرسلين». وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً نحوه بأطول منه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن مردويه، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال :«﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾». وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بقوله :﴿ سبحان رَبّكَ ﴾ إلى آخر الآية. وأخرج الخطيب نحوه من حديث أبي سعيد. وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قال دبر كل صلاة :﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ ثلاث مرات، فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر» وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن عليّ بن أبي طالب نحوه.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٦١:ثم خاطب الكفار على العموم، أو كفار مكة على الخصوص، فقال :﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ * مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بفاتنين ﴾ أي فإنكم وآلهتكم التي تعبدون من دون الله لستم بفاتنين على الله بإفساد عباده، وإضلالهم، وعلى متعلقة بفاتنين. والواو في ﴿ وما تعبدون ﴾ إما للعطف على اسم إن، أو هو بمعنى : مع، وما موصولة، أو مصدرية، أي فإنكم، والذي تعبدون، أو وعبادتكم، ومعنى ﴿ فاتنين ﴾ مضلين، يقال : فتنت الرجل، وأفتنته، ويقال : فتنه على الشيء، وبالشيء كما يقال : أضله على الشيء، وأضله به. قال الفراء : أهل الحجاز يقولون : فتنته، وأهل نجد يقولون : أفتنته، ويقال : فتن فلان على فلان امرأته، أي : أفسدها عليه، فالفتنة هنا بمعنى : الإضلال والإفساد. قال مقاتل : يقول ما أنتم بمضلين أحداً بآلهتكم إلا من قدَر الله له أن يصلى الجحيم، ﴿ وما ﴾ في ﴿ وَمَا أَنتُمْ ﴾ نافية و ﴿ أَنتُمْ ﴾ خطاب لهم، ولمن يعبدونه على التغليب.
قال الزجاج : أهل التفسير مجمعون فما علمت أن المعنى : ما أنتم بمضلين أحداً إلا من قدّر الله عزّ وجلّ عليه أن يضلّ، ومنه قول الشاعر :
فردّ بفتنته، كيده عليه، وكان لنا فاتناً
أي مضلاً.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى هو وإبليس أخوان. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾ قال : فإنكم يا معشر المشركين وما تعبدون يعني : الآلهة ﴿ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بفاتنين ﴾ قال : بمضلين ﴿ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم ﴾ يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية يقول : إنكم لا تضلون أنتم، ولا أضلّ منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم. وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عنه أيضاً في الآية قال : لا تفتنون إلا من هو صال الجحيم.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾ قال : الملائكة. وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد، أو قائم، وذلك قول الملائكة :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾» وأخرج محمد بن نصر، وابن عساكر عن العلاء بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه :«أطت السماء، وحق لها أن تئط، ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع، أو ساجد، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا، وعليه جبهة ملك، أو قدماه قائماً، أو ساجداً، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن مردويه عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، إن السماء أطت، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله» وقد ثبت في الصحيح وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يصفوا كما تصفّ الملائكة عند ربهم، فقالوا : وكيف تصفّ الملائكة عند ربهم ؟ قال :«يقيمون الصفوف المقدّمة، ويتراصون في الصف» وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الأولين ﴾ قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأوّلين، وعلم الآخرين كفروا بالكتاب ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وقد خرجوا بالمساحي، فلما نظروا إليه قالوا : محمد، والخميس، فقال :«الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين» الحديث. وأخرج ابن سعد، وابن مردويه من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إذا سلمتم على المرسلين، فسلموا عليّ، فإنما أنا بشر من المرسلين». وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً نحوه بأطول منه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن مردويه، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال :«﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾». وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بقوله :﴿ سبحان رَبّكَ ﴾ إلى آخر الآية. وأخرج الخطيب نحوه من حديث أبي سعيد. وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قال دبر كل صلاة :﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ ثلاث مرات، فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر» وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن عليّ بن أبي طالب نحوه.


﴿ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم ﴾ قرأ الجمهور ﴿ صال ﴾ بكسر اللام ؛ لأنه منقوص مضاف حذفت الياء لالتقاء الساكنين، وحمل على لفظ من، وأفرد كما أفرد هو. وقرأ الحسن، وابن أبي عبلة بضم اللام مع واو بعدها، وروي عنهما : أنهما قرأ بضم اللام بدون واو. فأما مع الواو فعلى أنه جمع سلامة بالواو حملاً على معنى : من، وحذفت نون الجمع للإضافة، وأما بدون الواو، فيحتمل أن يكون جمعاً، وإنما حذفت الواو خطاً كما حذفت لفظاً، ويحتمل أن يكون مفرداً، وحقه على هذا كسر اللام. قال النحاس : وجماعة أهل التفسير يقولون : إنه لحن ؛ لأنه لا يجوز هذا قاض المدينة، والمعنى : أن الكفار وما يعبدونه لا يقدرون على إضلال أحد من عباد الله، إلا من هو من أهل النار، وهم المصرّون على الكفر، وإنما يصرّ على الكفر من سبق القضاء عليه بالشقاوة، وإنه ممن يصلى النار، أي يدخلها.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى هو وإبليس أخوان. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾ قال : فإنكم يا معشر المشركين وما تعبدون يعني : الآلهة ﴿ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بفاتنين ﴾ قال : بمضلين ﴿ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم ﴾ يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية يقول : إنكم لا تضلون أنتم، ولا أضلّ منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم. وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عنه أيضاً في الآية قال : لا تفتنون إلا من هو صال الجحيم.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾ قال : الملائكة. وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد، أو قائم، وذلك قول الملائكة :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾» وأخرج محمد بن نصر، وابن عساكر عن العلاء بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه :«أطت السماء، وحق لها أن تئط، ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع، أو ساجد، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا، وعليه جبهة ملك، أو قدماه قائماً، أو ساجداً، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن مردويه عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، إن السماء أطت، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله» وقد ثبت في الصحيح وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يصفوا كما تصفّ الملائكة عند ربهم، فقالوا : وكيف تصفّ الملائكة عند ربهم ؟ قال :«يقيمون الصفوف المقدّمة، ويتراصون في الصف» وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الأولين ﴾ قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأوّلين، وعلم الآخرين كفروا بالكتاب ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وقد خرجوا بالمساحي، فلما نظروا إليه قالوا : محمد، والخميس، فقال :«الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين» الحديث. وأخرج ابن سعد، وابن مردويه من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إذا سلمتم على المرسلين، فسلموا عليّ، فإنما أنا بشر من المرسلين». وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً نحوه بأطول منه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن مردويه، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال :«﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾». وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بقوله :﴿ سبحان رَبّكَ ﴾ إلى آخر الآية. وأخرج الخطيب نحوه من حديث أبي سعيد. وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قال دبر كل صلاة :﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ ثلاث مرات، فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر» وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن عليّ بن أبي طالب نحوه.

ثم قال الملائكة مخبرين للنبي صلى الله عليه وسلم كما حكاه الله سبحانه عنهم :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾، وفي الكلام حذف، والتقدير : وما منا أحد، أو وما منا ملك إلا له مقام معلوم في عبادة الله. وقيل التقدير : وما منا إلا من له مقام معلوم، رجح البصريون التقدير الأوّل، ورجح الكوفيون الثاني. قال الزجاج : هذا قول الملائكة، وفيه مضمر. المعنى : وما منا ملك إلا له مقام معلوم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى هو وإبليس أخوان. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾ قال : فإنكم يا معشر المشركين وما تعبدون يعني : الآلهة ﴿ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بفاتنين ﴾ قال : بمضلين ﴿ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم ﴾ يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية يقول : إنكم لا تضلون أنتم، ولا أضلّ منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم. وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عنه أيضاً في الآية قال : لا تفتنون إلا من هو صال الجحيم.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾ قال : الملائكة. وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد، أو قائم، وذلك قول الملائكة :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾» وأخرج محمد بن نصر، وابن عساكر عن العلاء بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه :«أطت السماء، وحق لها أن تئط، ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع، أو ساجد، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا، وعليه جبهة ملك، أو قدماه قائماً، أو ساجداً، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن مردويه عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، إن السماء أطت، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله» وقد ثبت في الصحيح وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يصفوا كما تصفّ الملائكة عند ربهم، فقالوا : وكيف تصفّ الملائكة عند ربهم ؟ قال :«يقيمون الصفوف المقدّمة، ويتراصون في الصف» وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الأولين ﴾ قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأوّلين، وعلم الآخرين كفروا بالكتاب ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وقد خرجوا بالمساحي، فلما نظروا إليه قالوا : محمد، والخميس، فقال :«الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين» الحديث. وأخرج ابن سعد، وابن مردويه من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إذا سلمتم على المرسلين، فسلموا عليّ، فإنما أنا بشر من المرسلين». وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً نحوه بأطول منه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن مردويه، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال :«﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾». وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بقوله :﴿ سبحان رَبّكَ ﴾ إلى آخر الآية. وأخرج الخطيب نحوه من حديث أبي سعيد. وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قال دبر كل صلاة :﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ ثلاث مرات، فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر» وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن عليّ بن أبي طالب نحوه.

ثم قالوا :﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾ أي في مواقف الطاعة. قال قتادة : هم : الملائكة صفوا أقدامهم. وقال الكلبي : صفوف الملائكة في السماء كصفوف أهل الدنيا في الأرض.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى هو وإبليس أخوان. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾ قال : فإنكم يا معشر المشركين وما تعبدون يعني : الآلهة ﴿ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بفاتنين ﴾ قال : بمضلين ﴿ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم ﴾ يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية يقول : إنكم لا تضلون أنتم، ولا أضلّ منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم. وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عنه أيضاً في الآية قال : لا تفتنون إلا من هو صال الجحيم.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾ قال : الملائكة. وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد، أو قائم، وذلك قول الملائكة :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾» وأخرج محمد بن نصر، وابن عساكر عن العلاء بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه :«أطت السماء، وحق لها أن تئط، ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع، أو ساجد، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا، وعليه جبهة ملك، أو قدماه قائماً، أو ساجداً، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن مردويه عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، إن السماء أطت، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله» وقد ثبت في الصحيح وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يصفوا كما تصفّ الملائكة عند ربهم، فقالوا : وكيف تصفّ الملائكة عند ربهم ؟ قال :«يقيمون الصفوف المقدّمة، ويتراصون في الصف» وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الأولين ﴾ قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأوّلين، وعلم الآخرين كفروا بالكتاب ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وقد خرجوا بالمساحي، فلما نظروا إليه قالوا : محمد، والخميس، فقال :«الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين» الحديث. وأخرج ابن سعد، وابن مردويه من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إذا سلمتم على المرسلين، فسلموا عليّ، فإنما أنا بشر من المرسلين». وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً نحوه بأطول منه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن مردويه، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال :«﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾». وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بقوله :﴿ سبحان رَبّكَ ﴾ إلى آخر الآية. وأخرج الخطيب نحوه من حديث أبي سعيد. وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قال دبر كل صلاة :﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ ثلاث مرات، فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر» وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن عليّ بن أبي طالب نحوه.

﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾ أي المنزّهون لله المقدّسون له عما أضافه إليه المشركون. وقيل : المصلون، وقيل : المراد بقولهم ﴿ المسبحون ﴾ : مجموع التسبيح باللسان، وبالصلاة، والمقصود أن هذه الصفات هي : صفات الملائكة، وليسوا كما وصفهم به الكفار من أنهم بنات الله.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى هو وإبليس أخوان. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾ قال : فإنكم يا معشر المشركين وما تعبدون يعني : الآلهة ﴿ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بفاتنين ﴾ قال : بمضلين ﴿ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم ﴾ يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية يقول : إنكم لا تضلون أنتم، ولا أضلّ منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم. وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عنه أيضاً في الآية قال : لا تفتنون إلا من هو صال الجحيم.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾ قال : الملائكة. وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد، أو قائم، وذلك قول الملائكة :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾» وأخرج محمد بن نصر، وابن عساكر عن العلاء بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه :«أطت السماء، وحق لها أن تئط، ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع، أو ساجد، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا، وعليه جبهة ملك، أو قدماه قائماً، أو ساجداً، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن مردويه عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، إن السماء أطت، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله» وقد ثبت في الصحيح وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يصفوا كما تصفّ الملائكة عند ربهم، فقالوا : وكيف تصفّ الملائكة عند ربهم ؟ قال :«يقيمون الصفوف المقدّمة، ويتراصون في الصف» وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الأولين ﴾ قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأوّلين، وعلم الآخرين كفروا بالكتاب ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وقد خرجوا بالمساحي، فلما نظروا إليه قالوا : محمد، والخميس، فقال :«الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين» الحديث. وأخرج ابن سعد، وابن مردويه من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إذا سلمتم على المرسلين، فسلموا عليّ، فإنما أنا بشر من المرسلين». وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً نحوه بأطول منه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن مردويه، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال :«﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾». وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بقوله :﴿ سبحان رَبّكَ ﴾ إلى آخر الآية. وأخرج الخطيب نحوه من حديث أبي سعيد. وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قال دبر كل صلاة :﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ ثلاث مرات، فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر» وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن عليّ بن أبي طالب نحوه.

﴿ وَإِن كَانُواْ لَيَقُولُونَ ﴾ هذا رجوع إلى الإخبار عن المشركين، أي كانوا قبل المبعث المحمدي إذا عيروا بالجهل قالوا :﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الأولين ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى هو وإبليس أخوان. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾ قال : فإنكم يا معشر المشركين وما تعبدون يعني : الآلهة ﴿ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بفاتنين ﴾ قال : بمضلين ﴿ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم ﴾ يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية يقول : إنكم لا تضلون أنتم، ولا أضلّ منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم. وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عنه أيضاً في الآية قال : لا تفتنون إلا من هو صال الجحيم.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾ قال : الملائكة. وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد، أو قائم، وذلك قول الملائكة :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾» وأخرج محمد بن نصر، وابن عساكر عن العلاء بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه :«أطت السماء، وحق لها أن تئط، ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع، أو ساجد، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا، وعليه جبهة ملك، أو قدماه قائماً، أو ساجداً، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن مردويه عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، إن السماء أطت، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله» وقد ثبت في الصحيح وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يصفوا كما تصفّ الملائكة عند ربهم، فقالوا : وكيف تصفّ الملائكة عند ربهم ؟ قال :«يقيمون الصفوف المقدّمة، ويتراصون في الصف» وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الأولين ﴾ قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأوّلين، وعلم الآخرين كفروا بالكتاب ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وقد خرجوا بالمساحي، فلما نظروا إليه قالوا : محمد، والخميس، فقال :«الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين» الحديث. وأخرج ابن سعد، وابن مردويه من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إذا سلمتم على المرسلين، فسلموا عليّ، فإنما أنا بشر من المرسلين». وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً نحوه بأطول منه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن مردويه، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال :«﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾». وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بقوله :﴿ سبحان رَبّكَ ﴾ إلى آخر الآية. وأخرج الخطيب نحوه من حديث أبي سعيد. وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قال دبر كل صلاة :﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ ثلاث مرات، فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر» وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن عليّ بن أبي طالب نحوه.

﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الأولين ﴾ أي كتاباً من كتب الأوّلين كالتوراة والإنجيل.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى هو وإبليس أخوان. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾ قال : فإنكم يا معشر المشركين وما تعبدون يعني : الآلهة ﴿ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بفاتنين ﴾ قال : بمضلين ﴿ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم ﴾ يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية يقول : إنكم لا تضلون أنتم، ولا أضلّ منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم. وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عنه أيضاً في الآية قال : لا تفتنون إلا من هو صال الجحيم.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾ قال : الملائكة. وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد، أو قائم، وذلك قول الملائكة :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾» وأخرج محمد بن نصر، وابن عساكر عن العلاء بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه :«أطت السماء، وحق لها أن تئط، ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع، أو ساجد، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا، وعليه جبهة ملك، أو قدماه قائماً، أو ساجداً، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن مردويه عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، إن السماء أطت، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله» وقد ثبت في الصحيح وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يصفوا كما تصفّ الملائكة عند ربهم، فقالوا : وكيف تصفّ الملائكة عند ربهم ؟ قال :«يقيمون الصفوف المقدّمة، ويتراصون في الصف» وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الأولين ﴾ قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأوّلين، وعلم الآخرين كفروا بالكتاب ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وقد خرجوا بالمساحي، فلما نظروا إليه قالوا : محمد، والخميس، فقال :«الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين» الحديث. وأخرج ابن سعد، وابن مردويه من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إذا سلمتم على المرسلين، فسلموا عليّ، فإنما أنا بشر من المرسلين». وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً نحوه بأطول منه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن مردويه، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال :«﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾». وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بقوله :﴿ سبحان رَبّكَ ﴾ إلى آخر الآية. وأخرج الخطيب نحوه من حديث أبي سعيد. وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قال دبر كل صلاة :﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ ثلاث مرات، فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر» وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن عليّ بن أبي طالب نحوه.

﴿ لَكُنَّا عِبَادَ الله المخلصين ﴾ أي لأخلصنا العبادة له، ولم نكفر به، و " إن " في قوله :﴿ وَإِن كَانُواْ ﴾ هي : المخففة من الثقيلة، وفيها ضمير شأن محذوف، واللام هي : الفارقة بينها وبين النافية، أي : وإن الشأن كان كفار العرب ليقولون إلخ.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى هو وإبليس أخوان. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾ قال : فإنكم يا معشر المشركين وما تعبدون يعني : الآلهة ﴿ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بفاتنين ﴾ قال : بمضلين ﴿ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم ﴾ يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية يقول : إنكم لا تضلون أنتم، ولا أضلّ منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم. وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عنه أيضاً في الآية قال : لا تفتنون إلا من هو صال الجحيم.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾ قال : الملائكة. وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد، أو قائم، وذلك قول الملائكة :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾» وأخرج محمد بن نصر، وابن عساكر عن العلاء بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه :«أطت السماء، وحق لها أن تئط، ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع، أو ساجد، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا، وعليه جبهة ملك، أو قدماه قائماً، أو ساجداً، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن مردويه عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، إن السماء أطت، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله» وقد ثبت في الصحيح وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يصفوا كما تصفّ الملائكة عند ربهم، فقالوا : وكيف تصفّ الملائكة عند ربهم ؟ قال :«يقيمون الصفوف المقدّمة، ويتراصون في الصف» وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الأولين ﴾ قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأوّلين، وعلم الآخرين كفروا بالكتاب ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وقد خرجوا بالمساحي، فلما نظروا إليه قالوا : محمد، والخميس، فقال :«الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين» الحديث. وأخرج ابن سعد، وابن مردويه من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إذا سلمتم على المرسلين، فسلموا عليّ، فإنما أنا بشر من المرسلين». وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً نحوه بأطول منه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن مردويه، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال :«﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾». وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بقوله :﴿ سبحان رَبّكَ ﴾ إلى آخر الآية. وأخرج الخطيب نحوه من حديث أبي سعيد. وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قال دبر كل صلاة :﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ ثلاث مرات، فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر» وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن عليّ بن أبي طالب نحوه.

والفاء في قوله :﴿ فَكَفَرُواْ بِهِ ﴾ هي الفصيحة الدالة على محذوف مقدّر في الكلام.
قال الفراء : تقديره فجاءهم محمد بالذكر، فكفروا به، وهذا على طريق التعجب منهم ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ أي عاقبة كفرهم، ومغبته، وفي هذا تهديد لهم شديد.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى هو وإبليس أخوان. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾ قال : فإنكم يا معشر المشركين وما تعبدون يعني : الآلهة ﴿ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بفاتنين ﴾ قال : بمضلين ﴿ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم ﴾ يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية يقول : إنكم لا تضلون أنتم، ولا أضلّ منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم. وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عنه أيضاً في الآية قال : لا تفتنون إلا من هو صال الجحيم.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾ قال : الملائكة. وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد، أو قائم، وذلك قول الملائكة :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾» وأخرج محمد بن نصر، وابن عساكر عن العلاء بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه :«أطت السماء، وحق لها أن تئط، ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع، أو ساجد، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا، وعليه جبهة ملك، أو قدماه قائماً، أو ساجداً، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن مردويه عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، إن السماء أطت، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله» وقد ثبت في الصحيح وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يصفوا كما تصفّ الملائكة عند ربهم، فقالوا : وكيف تصفّ الملائكة عند ربهم ؟ قال :«يقيمون الصفوف المقدّمة، ويتراصون في الصف» وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الأولين ﴾ قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأوّلين، وعلم الآخرين كفروا بالكتاب ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وقد خرجوا بالمساحي، فلما نظروا إليه قالوا : محمد، والخميس، فقال :«الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين» الحديث. وأخرج ابن سعد، وابن مردويه من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إذا سلمتم على المرسلين، فسلموا عليّ، فإنما أنا بشر من المرسلين». وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً نحوه بأطول منه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن مردويه، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال :«﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾». وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بقوله :﴿ سبحان رَبّكَ ﴾ إلى آخر الآية. وأخرج الخطيب نحوه من حديث أبي سعيد. وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قال دبر كل صلاة :﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ ثلاث مرات، فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر» وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن عليّ بن أبي طالب نحوه.

وجملة ﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المرسلين ﴾ مستأنفة مقرّرة للوعيد، والمراد بالكلمة : ما وعدهم الله به من النصر، والظفر على الكفار. قال مقاتل : عنى بالكلمة : قوله سبحانه :﴿ كَتَبَ الله لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى ﴾ [ المجادلة : ٢١ ] وقال الفراء : سبقت كلمتنا بالسعادة لهم، والأولى تفسير هذه الكلمة بما هو مذكور هنا. فإنه قال :﴿ إِنَّهُمْ لَهُمُ المنصورون * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغالبون ﴾ فهذه هي الكلمة المذكورة سابقاً، وهذا تفسير لها، والمراد بجند الله : حزبه، وهم الرسل، وأتباعهم. قال الشيباني : جاء هنا على الجمع : يعني : قوله ﴿ لَهُمُ الغالبون ﴾ من أجل أنه رأس آية، وهذا الوعد لهم بالنصر، والغلبة لا ينافيه انهزامهم في بعض المواطن، وغلبة الكفار لهم، فإن الغالب في كل موطن هو : انتصارهم على الأعداء، وغلبتهم لهم، فخرج الكلام مخرج الغالب، على أن العاقبة المحمودة لهم على كل حال، وفي كل موطن كما قال سبحانه :﴿ والعاقبة لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [ القصص : ٨٣ ].
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى هو وإبليس أخوان. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾ قال : فإنكم يا معشر المشركين وما تعبدون يعني : الآلهة ﴿ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بفاتنين ﴾ قال : بمضلين ﴿ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم ﴾ يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية يقول : إنكم لا تضلون أنتم، ولا أضلّ منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم. وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عنه أيضاً في الآية قال : لا تفتنون إلا من هو صال الجحيم.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾ قال : الملائكة. وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد، أو قائم، وذلك قول الملائكة :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾» وأخرج محمد بن نصر، وابن عساكر عن العلاء بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه :«أطت السماء، وحق لها أن تئط، ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع، أو ساجد، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا، وعليه جبهة ملك، أو قدماه قائماً، أو ساجداً، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن مردويه عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، إن السماء أطت، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله» وقد ثبت في الصحيح وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يصفوا كما تصفّ الملائكة عند ربهم، فقالوا : وكيف تصفّ الملائكة عند ربهم ؟ قال :«يقيمون الصفوف المقدّمة، ويتراصون في الصف» وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الأولين ﴾ قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأوّلين، وعلم الآخرين كفروا بالكتاب ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وقد خرجوا بالمساحي، فلما نظروا إليه قالوا : محمد، والخميس، فقال :«الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين» الحديث. وأخرج ابن سعد، وابن مردويه من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إذا سلمتم على المرسلين، فسلموا عليّ، فإنما أنا بشر من المرسلين». وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً نحوه بأطول منه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن مردويه، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال :«﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾». وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بقوله :﴿ سبحان رَبّكَ ﴾ إلى آخر الآية. وأخرج الخطيب نحوه من حديث أبي سعيد. وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قال دبر كل صلاة :﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ ثلاث مرات، فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر» وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن عليّ بن أبي طالب نحوه.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٧١:وجملة ﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المرسلين ﴾ مستأنفة مقرّرة للوعيد، والمراد بالكلمة : ما وعدهم الله به من النصر، والظفر على الكفار. قال مقاتل : عنى بالكلمة : قوله سبحانه :﴿ كَتَبَ الله لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى ﴾ [ المجادلة : ٢١ ] وقال الفراء : سبقت كلمتنا بالسعادة لهم، والأولى تفسير هذه الكلمة بما هو مذكور هنا. فإنه قال :﴿ إِنَّهُمْ لَهُمُ المنصورون * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغالبون ﴾ فهذه هي الكلمة المذكورة سابقاً، وهذا تفسير لها، والمراد بجند الله : حزبه، وهم الرسل، وأتباعهم. قال الشيباني : جاء هنا على الجمع : يعني : قوله ﴿ لَهُمُ الغالبون ﴾ من أجل أنه رأس آية، وهذا الوعد لهم بالنصر، والغلبة لا ينافيه انهزامهم في بعض المواطن، وغلبة الكفار لهم، فإن الغالب في كل موطن هو : انتصارهم على الأعداء، وغلبتهم لهم، فخرج الكلام مخرج الغالب، على أن العاقبة المحمودة لهم على كل حال، وفي كل موطن كما قال سبحانه :﴿ والعاقبة لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [ القصص : ٨٣ ].
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى هو وإبليس أخوان. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾ قال : فإنكم يا معشر المشركين وما تعبدون يعني : الآلهة ﴿ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بفاتنين ﴾ قال : بمضلين ﴿ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم ﴾ يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية يقول : إنكم لا تضلون أنتم، ولا أضلّ منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم. وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عنه أيضاً في الآية قال : لا تفتنون إلا من هو صال الجحيم.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾ قال : الملائكة. وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد، أو قائم، وذلك قول الملائكة :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾» وأخرج محمد بن نصر، وابن عساكر عن العلاء بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه :«أطت السماء، وحق لها أن تئط، ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع، أو ساجد، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا، وعليه جبهة ملك، أو قدماه قائماً، أو ساجداً، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن مردويه عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، إن السماء أطت، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله» وقد ثبت في الصحيح وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يصفوا كما تصفّ الملائكة عند ربهم، فقالوا : وكيف تصفّ الملائكة عند ربهم ؟ قال :«يقيمون الصفوف المقدّمة، ويتراصون في الصف» وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الأولين ﴾ قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأوّلين، وعلم الآخرين كفروا بالكتاب ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وقد خرجوا بالمساحي، فلما نظروا إليه قالوا : محمد، والخميس، فقال :«الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين» الحديث. وأخرج ابن سعد، وابن مردويه من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إذا سلمتم على المرسلين، فسلموا عليّ، فإنما أنا بشر من المرسلين». وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً نحوه بأطول منه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن مردويه، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال :«﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾». وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بقوله :﴿ سبحان رَبّكَ ﴾ إلى آخر الآية. وأخرج الخطيب نحوه من حديث أبي سعيد. وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قال دبر كل صلاة :﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ ثلاث مرات، فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر» وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن عليّ بن أبي طالب نحوه.


نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٧٢:نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٧١:وجملة ﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المرسلين ﴾ مستأنفة مقرّرة للوعيد، والمراد بالكلمة : ما وعدهم الله به من النصر، والظفر على الكفار. قال مقاتل : عنى بالكلمة : قوله سبحانه :﴿ كَتَبَ الله لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى ﴾ [ المجادلة : ٢١ ] وقال الفراء : سبقت كلمتنا بالسعادة لهم، والأولى تفسير هذه الكلمة بما هو مذكور هنا. فإنه قال :﴿ إِنَّهُمْ لَهُمُ المنصورون * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغالبون ﴾ فهذه هي الكلمة المذكورة سابقاً، وهذا تفسير لها، والمراد بجند الله : حزبه، وهم الرسل، وأتباعهم. قال الشيباني : جاء هنا على الجمع : يعني : قوله ﴿ لَهُمُ الغالبون ﴾ من أجل أنه رأس آية، وهذا الوعد لهم بالنصر، والغلبة لا ينافيه انهزامهم في بعض المواطن، وغلبة الكفار لهم، فإن الغالب في كل موطن هو : انتصارهم على الأعداء، وغلبتهم لهم، فخرج الكلام مخرج الغالب، على أن العاقبة المحمودة لهم على كل حال، وفي كل موطن كما قال سبحانه :﴿ والعاقبة لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [ القصص : ٨٣ ].
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى هو وإبليس أخوان. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾ قال : فإنكم يا معشر المشركين وما تعبدون يعني : الآلهة ﴿ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بفاتنين ﴾ قال : بمضلين ﴿ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم ﴾ يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية يقول : إنكم لا تضلون أنتم، ولا أضلّ منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم. وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عنه أيضاً في الآية قال : لا تفتنون إلا من هو صال الجحيم.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾ قال : الملائكة. وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد، أو قائم، وذلك قول الملائكة :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾» وأخرج محمد بن نصر، وابن عساكر عن العلاء بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه :«أطت السماء، وحق لها أن تئط، ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع، أو ساجد، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا، وعليه جبهة ملك، أو قدماه قائماً، أو ساجداً، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن مردويه عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، إن السماء أطت، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله» وقد ثبت في الصحيح وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يصفوا كما تصفّ الملائكة عند ربهم، فقالوا : وكيف تصفّ الملائكة عند ربهم ؟ قال :«يقيمون الصفوف المقدّمة، ويتراصون في الصف» وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الأولين ﴾ قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأوّلين، وعلم الآخرين كفروا بالكتاب ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وقد خرجوا بالمساحي، فلما نظروا إليه قالوا : محمد، والخميس، فقال :«الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين» الحديث. وأخرج ابن سعد، وابن مردويه من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إذا سلمتم على المرسلين، فسلموا عليّ، فإنما أنا بشر من المرسلين». وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً نحوه بأطول منه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن مردويه، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال :«﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾». وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بقوله :﴿ سبحان رَبّكَ ﴾ إلى آخر الآية. وأخرج الخطيب نحوه من حديث أبي سعيد. وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قال دبر كل صلاة :﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ ثلاث مرات، فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر» وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن عليّ بن أبي طالب نحوه.



ثم أمر الله سبحانه رسوله بالإعراض عنهم، والإغماض عما يصدر منهم من الجهالات، والضلالات، فقال :﴿ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حتى حِينٍ ﴾ أي أعرض عنهم إلى مدّة معلومة عند الله سبحانه، وهي : مدة الكف عن القتال. قال السدّي ومجاهد : حتى نأمرك بالقتال. وقال قتادة : إلى الموت، وقيل : إلى يوم بدر، وقيل : إلى يوم فتح مكة، وقيل : هذه الآية منسوخة بآية السيف.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى هو وإبليس أخوان. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾ قال : فإنكم يا معشر المشركين وما تعبدون يعني : الآلهة ﴿ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بفاتنين ﴾ قال : بمضلين ﴿ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم ﴾ يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية يقول : إنكم لا تضلون أنتم، ولا أضلّ منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم. وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عنه أيضاً في الآية قال : لا تفتنون إلا من هو صال الجحيم.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾ قال : الملائكة. وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد، أو قائم، وذلك قول الملائكة :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾» وأخرج محمد بن نصر، وابن عساكر عن العلاء بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه :«أطت السماء، وحق لها أن تئط، ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع، أو ساجد، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا، وعليه جبهة ملك، أو قدماه قائماً، أو ساجداً، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن مردويه عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، إن السماء أطت، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله» وقد ثبت في الصحيح وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يصفوا كما تصفّ الملائكة عند ربهم، فقالوا : وكيف تصفّ الملائكة عند ربهم ؟ قال :«يقيمون الصفوف المقدّمة، ويتراصون في الصف» وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الأولين ﴾ قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأوّلين، وعلم الآخرين كفروا بالكتاب ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وقد خرجوا بالمساحي، فلما نظروا إليه قالوا : محمد، والخميس، فقال :«الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين» الحديث. وأخرج ابن سعد، وابن مردويه من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إذا سلمتم على المرسلين، فسلموا عليّ، فإنما أنا بشر من المرسلين». وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً نحوه بأطول منه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن مردويه، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال :«﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾». وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بقوله :﴿ سبحان رَبّكَ ﴾ إلى آخر الآية. وأخرج الخطيب نحوه من حديث أبي سعيد. وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قال دبر كل صلاة :﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ ثلاث مرات، فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر» وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن عليّ بن أبي طالب نحوه.

﴿ وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ ﴾ أي وأبصرهم إذا نزل بهم العذاب بالقتل والأسر، فسوف يبصرون حين لا ينفعهم الإبصار، وعبر بالإبصار عن قرب الأمر، أي فسوف يبصرون عن قريب. وقيل المعنى : فسوف يبصرون العذاب يوم القيامة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى هو وإبليس أخوان. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾ قال : فإنكم يا معشر المشركين وما تعبدون يعني : الآلهة ﴿ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بفاتنين ﴾ قال : بمضلين ﴿ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم ﴾ يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية يقول : إنكم لا تضلون أنتم، ولا أضلّ منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم. وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عنه أيضاً في الآية قال : لا تفتنون إلا من هو صال الجحيم.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾ قال : الملائكة. وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد، أو قائم، وذلك قول الملائكة :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾» وأخرج محمد بن نصر، وابن عساكر عن العلاء بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه :«أطت السماء، وحق لها أن تئط، ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع، أو ساجد، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا، وعليه جبهة ملك، أو قدماه قائماً، أو ساجداً، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن مردويه عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، إن السماء أطت، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله» وقد ثبت في الصحيح وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يصفوا كما تصفّ الملائكة عند ربهم، فقالوا : وكيف تصفّ الملائكة عند ربهم ؟ قال :«يقيمون الصفوف المقدّمة، ويتراصون في الصف» وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الأولين ﴾ قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأوّلين، وعلم الآخرين كفروا بالكتاب ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وقد خرجوا بالمساحي، فلما نظروا إليه قالوا : محمد، والخميس، فقال :«الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين» الحديث. وأخرج ابن سعد، وابن مردويه من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إذا سلمتم على المرسلين، فسلموا عليّ، فإنما أنا بشر من المرسلين». وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً نحوه بأطول منه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن مردويه، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال :«﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾». وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بقوله :﴿ سبحان رَبّكَ ﴾ إلى آخر الآية. وأخرج الخطيب نحوه من حديث أبي سعيد. وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قال دبر كل صلاة :﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ ثلاث مرات، فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر» وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن عليّ بن أبي طالب نحوه.

ثم هددهم بقوله سبحانه :﴿ أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ ﴾ كانوا يقولون من فرط تكذيبهم : متى هذا العذاب ؟
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى هو وإبليس أخوان. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾ قال : فإنكم يا معشر المشركين وما تعبدون يعني : الآلهة ﴿ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بفاتنين ﴾ قال : بمضلين ﴿ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم ﴾ يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية يقول : إنكم لا تضلون أنتم، ولا أضلّ منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم. وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عنه أيضاً في الآية قال : لا تفتنون إلا من هو صال الجحيم.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾ قال : الملائكة. وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد، أو قائم، وذلك قول الملائكة :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾» وأخرج محمد بن نصر، وابن عساكر عن العلاء بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه :«أطت السماء، وحق لها أن تئط، ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع، أو ساجد، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا، وعليه جبهة ملك، أو قدماه قائماً، أو ساجداً، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن مردويه عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، إن السماء أطت، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله» وقد ثبت في الصحيح وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يصفوا كما تصفّ الملائكة عند ربهم، فقالوا : وكيف تصفّ الملائكة عند ربهم ؟ قال :«يقيمون الصفوف المقدّمة، ويتراصون في الصف» وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الأولين ﴾ قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأوّلين، وعلم الآخرين كفروا بالكتاب ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وقد خرجوا بالمساحي، فلما نظروا إليه قالوا : محمد، والخميس، فقال :«الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين» الحديث. وأخرج ابن سعد، وابن مردويه من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إذا سلمتم على المرسلين، فسلموا عليّ، فإنما أنا بشر من المرسلين». وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً نحوه بأطول منه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن مردويه، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال :«﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾». وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بقوله :﴿ سبحان رَبّكَ ﴾ إلى آخر الآية. وأخرج الخطيب نحوه من حديث أبي سعيد. وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قال دبر كل صلاة :﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ ثلاث مرات، فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر» وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن عليّ بن أبي طالب نحوه.

﴿ فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ ﴾ أي إذا نزل عذاب الله لهم بفنائهم، والساحة في اللغة : فناء الدار الواسع. قال الفراء : نزل بساحتهم، ونزل بهم سواء. قال الزجاج : وكان عذاب هؤلاء بالقتل، قيل : المراد به نزول رسول الله صلى الله عليه وسلم بساحتهم يوم فتح مكة. قرأ الجمهور ﴿ نزل ﴾ مبنياً للفاعل. وقرأ عبد الله بن مسعود على البناء للمفعول، والجار والمجرور قائم مقام الفاعل ﴿ فَسَاء صَبَاحُ المنذرين ﴾ أي بئس صباح الذين أنذروا بالعذاب، والمخصوص بالذم محذوف، أي صباحهم. وخصّ الصباح بالذكر ؛ لأن العذاب كان يأتيهم فيه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى هو وإبليس أخوان. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾ قال : فإنكم يا معشر المشركين وما تعبدون يعني : الآلهة ﴿ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بفاتنين ﴾ قال : بمضلين ﴿ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم ﴾ يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية يقول : إنكم لا تضلون أنتم، ولا أضلّ منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم. وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عنه أيضاً في الآية قال : لا تفتنون إلا من هو صال الجحيم.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾ قال : الملائكة. وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد، أو قائم، وذلك قول الملائكة :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾» وأخرج محمد بن نصر، وابن عساكر عن العلاء بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه :«أطت السماء، وحق لها أن تئط، ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع، أو ساجد، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا، وعليه جبهة ملك، أو قدماه قائماً، أو ساجداً، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن مردويه عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، إن السماء أطت، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله» وقد ثبت في الصحيح وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يصفوا كما تصفّ الملائكة عند ربهم، فقالوا : وكيف تصفّ الملائكة عند ربهم ؟ قال :«يقيمون الصفوف المقدّمة، ويتراصون في الصف» وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الأولين ﴾ قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأوّلين، وعلم الآخرين كفروا بالكتاب ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وقد خرجوا بالمساحي، فلما نظروا إليه قالوا : محمد، والخميس، فقال :«الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين» الحديث. وأخرج ابن سعد، وابن مردويه من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إذا سلمتم على المرسلين، فسلموا عليّ، فإنما أنا بشر من المرسلين». وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً نحوه بأطول منه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن مردويه، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال :«﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾». وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بقوله :﴿ سبحان رَبّكَ ﴾ إلى آخر الآية. وأخرج الخطيب نحوه من حديث أبي سعيد. وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قال دبر كل صلاة :﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ ثلاث مرات، فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر» وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن عليّ بن أبي طالب نحوه.

ثم كرر سبحانه ما سبق تأكيداً للوعد بالعذاب، فقال :﴿ وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حتى حِينٍ * وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ ﴾ وحذف مفعول أبصرها هنا، وذكره أوّلاً إما لدلالة الأوّل عليه، فتركه هنا اختصاراً، أو قصداً إلى التعميم للإيذان بأن ما يبصره من أنواع عذابهم لا يحيط به الوصف.
وقيل : هذه الجملة المراد بها : أحوال القيامة، والجملة الأولى المراد بها : عذابهم في الدنيا، وعلى هذا فلا يكون من باب التأكيد، بل من باب التأسيس.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى هو وإبليس أخوان. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾ قال : فإنكم يا معشر المشركين وما تعبدون يعني : الآلهة ﴿ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بفاتنين ﴾ قال : بمضلين ﴿ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم ﴾ يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية يقول : إنكم لا تضلون أنتم، ولا أضلّ منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم. وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عنه أيضاً في الآية قال : لا تفتنون إلا من هو صال الجحيم.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾ قال : الملائكة. وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد، أو قائم، وذلك قول الملائكة :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾» وأخرج محمد بن نصر، وابن عساكر عن العلاء بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه :«أطت السماء، وحق لها أن تئط، ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع، أو ساجد، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا، وعليه جبهة ملك، أو قدماه قائماً، أو ساجداً، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن مردويه عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، إن السماء أطت، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله» وقد ثبت في الصحيح وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يصفوا كما تصفّ الملائكة عند ربهم، فقالوا : وكيف تصفّ الملائكة عند ربهم ؟ قال :«يقيمون الصفوف المقدّمة، ويتراصون في الصف» وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الأولين ﴾ قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأوّلين، وعلم الآخرين كفروا بالكتاب ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وقد خرجوا بالمساحي، فلما نظروا إليه قالوا : محمد، والخميس، فقال :«الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين» الحديث. وأخرج ابن سعد، وابن مردويه من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إذا سلمتم على المرسلين، فسلموا عليّ، فإنما أنا بشر من المرسلين». وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً نحوه بأطول منه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن مردويه، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال :«﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾». وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بقوله :﴿ سبحان رَبّكَ ﴾ إلى آخر الآية. وأخرج الخطيب نحوه من حديث أبي سعيد. وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قال دبر كل صلاة :﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ ثلاث مرات، فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر» وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن عليّ بن أبي طالب نحوه.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٧٨:ثم كرر سبحانه ما سبق تأكيداً للوعد بالعذاب، فقال :﴿ وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حتى حِينٍ * وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ ﴾ وحذف مفعول أبصرها هنا، وذكره أوّلاً إما لدلالة الأوّل عليه، فتركه هنا اختصاراً، أو قصداً إلى التعميم للإيذان بأن ما يبصره من أنواع عذابهم لا يحيط به الوصف.
وقيل : هذه الجملة المراد بها : أحوال القيامة، والجملة الأولى المراد بها : عذابهم في الدنيا، وعلى هذا فلا يكون من باب التأكيد، بل من باب التأسيس.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى هو وإبليس أخوان. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾ قال : فإنكم يا معشر المشركين وما تعبدون يعني : الآلهة ﴿ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بفاتنين ﴾ قال : بمضلين ﴿ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم ﴾ يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية يقول : إنكم لا تضلون أنتم، ولا أضلّ منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم. وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عنه أيضاً في الآية قال : لا تفتنون إلا من هو صال الجحيم.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾ قال : الملائكة. وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد، أو قائم، وذلك قول الملائكة :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾» وأخرج محمد بن نصر، وابن عساكر عن العلاء بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه :«أطت السماء، وحق لها أن تئط، ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع، أو ساجد، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا، وعليه جبهة ملك، أو قدماه قائماً، أو ساجداً، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن مردويه عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، إن السماء أطت، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله» وقد ثبت في الصحيح وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يصفوا كما تصفّ الملائكة عند ربهم، فقالوا : وكيف تصفّ الملائكة عند ربهم ؟ قال :«يقيمون الصفوف المقدّمة، ويتراصون في الصف» وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الأولين ﴾ قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأوّلين، وعلم الآخرين كفروا بالكتاب ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وقد خرجوا بالمساحي، فلما نظروا إليه قالوا : محمد، والخميس، فقال :«الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين» الحديث. وأخرج ابن سعد، وابن مردويه من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إذا سلمتم على المرسلين، فسلموا عليّ، فإنما أنا بشر من المرسلين». وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً نحوه بأطول منه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن مردويه، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال :«﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾». وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بقوله :﴿ سبحان رَبّكَ ﴾ إلى آخر الآية. وأخرج الخطيب نحوه من حديث أبي سعيد. وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قال دبر كل صلاة :﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ ثلاث مرات، فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر» وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن عليّ بن أبي طالب نحوه.


ثم نزّه سبحانه نفسه عن قبيح ما يصدر منهم، فقال :﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ العزّة : الغلبة والقوة، والمراد : تنزيهه عن كل ما يصفونه به مما لا يليق بجنابه الشريف، وربّ العزّة بدل من ربك.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى هو وإبليس أخوان. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾ قال : فإنكم يا معشر المشركين وما تعبدون يعني : الآلهة ﴿ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بفاتنين ﴾ قال : بمضلين ﴿ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم ﴾ يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية يقول : إنكم لا تضلون أنتم، ولا أضلّ منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم. وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عنه أيضاً في الآية قال : لا تفتنون إلا من هو صال الجحيم.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾ قال : الملائكة. وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد، أو قائم، وذلك قول الملائكة :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾» وأخرج محمد بن نصر، وابن عساكر عن العلاء بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه :«أطت السماء، وحق لها أن تئط، ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع، أو ساجد، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا، وعليه جبهة ملك، أو قدماه قائماً، أو ساجداً، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن مردويه عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، إن السماء أطت، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله» وقد ثبت في الصحيح وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يصفوا كما تصفّ الملائكة عند ربهم، فقالوا : وكيف تصفّ الملائكة عند ربهم ؟ قال :«يقيمون الصفوف المقدّمة، ويتراصون في الصف» وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الأولين ﴾ قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأوّلين، وعلم الآخرين كفروا بالكتاب ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وقد خرجوا بالمساحي، فلما نظروا إليه قالوا : محمد، والخميس، فقال :«الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين» الحديث. وأخرج ابن سعد، وابن مردويه من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إذا سلمتم على المرسلين، فسلموا عليّ، فإنما أنا بشر من المرسلين». وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً نحوه بأطول منه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن مردويه، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال :«﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾». وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بقوله :﴿ سبحان رَبّكَ ﴾ إلى آخر الآية. وأخرج الخطيب نحوه من حديث أبي سعيد. وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قال دبر كل صلاة :﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ ثلاث مرات، فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر» وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن عليّ بن أبي طالب نحوه.

ثم ذكر ما يدلّ على تشريف رسله وتكريمهم، فقال :﴿ وسلام على المرسلين ﴾ أي الذين أرسلهم إلى عباده، وبلغوا رسالاته، وهو من السلام الذي هو التحية. وقيل معناه : أمن لهم، وسلامة من المكاره.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى هو وإبليس أخوان. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾ قال : فإنكم يا معشر المشركين وما تعبدون يعني : الآلهة ﴿ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بفاتنين ﴾ قال : بمضلين ﴿ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم ﴾ يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية يقول : إنكم لا تضلون أنتم، ولا أضلّ منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم. وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عنه أيضاً في الآية قال : لا تفتنون إلا من هو صال الجحيم.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾ قال : الملائكة. وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد، أو قائم، وذلك قول الملائكة :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾» وأخرج محمد بن نصر، وابن عساكر عن العلاء بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه :«أطت السماء، وحق لها أن تئط، ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع، أو ساجد، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا، وعليه جبهة ملك، أو قدماه قائماً، أو ساجداً، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن مردويه عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، إن السماء أطت، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله» وقد ثبت في الصحيح وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يصفوا كما تصفّ الملائكة عند ربهم، فقالوا : وكيف تصفّ الملائكة عند ربهم ؟ قال :«يقيمون الصفوف المقدّمة، ويتراصون في الصف» وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الأولين ﴾ قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأوّلين، وعلم الآخرين كفروا بالكتاب ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وقد خرجوا بالمساحي، فلما نظروا إليه قالوا : محمد، والخميس، فقال :«الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين» الحديث. وأخرج ابن سعد، وابن مردويه من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إذا سلمتم على المرسلين، فسلموا عليّ، فإنما أنا بشر من المرسلين». وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً نحوه بأطول منه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن مردويه، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال :«﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾». وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بقوله :﴿ سبحان رَبّكَ ﴾ إلى آخر الآية. وأخرج الخطيب نحوه من حديث أبي سعيد. وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قال دبر كل صلاة :﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ ثلاث مرات، فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر» وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن عليّ بن أبي طالب نحوه.

﴿ والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ إرشاد لعباده إلى حمده على إرسال رسله إليهم مبشرين ومنذرين، وتعليم لهم كيف يصنعون عند إنعامه عليهم، وما يثنون عليه به. وقيل : إنه الحمد على هلاك المشركين، ونصر الرسل عليهم، والأولى أنه حمد لله سبحانه على كل ما أنعم به على خلقه أجمعين كما يفيده حذف المحمود عليه، فإن حذفه مشعر بالتعميم كما تقرّر في علم المعاني، والحمد هو الثناء الجميل بقصد التعظيم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى هو وإبليس أخوان. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾ قال : فإنكم يا معشر المشركين وما تعبدون يعني : الآلهة ﴿ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بفاتنين ﴾ قال : بمضلين ﴿ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم ﴾ يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في الآية يقول : إنكم لا تضلون أنتم، ولا أضلّ منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم. وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عنه أيضاً في الآية قال : لا تفتنون إلا من هو صال الجحيم.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عنه أيضاً في قوله :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾ قال : الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾ قال : الملائكة. وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد، أو قائم، وذلك قول الملائكة :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون ﴾» وأخرج محمد بن نصر، وابن عساكر عن العلاء بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه :«أطت السماء، وحق لها أن تئط، ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع، أو ساجد، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا، وعليه جبهة ملك، أو قدماه قائماً، أو ساجداً، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون * وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون ﴾. وأخرج الترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن مردويه عن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، إن السماء أطت، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله» وقد ثبت في الصحيح وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يصفوا كما تصفّ الملائكة عند ربهم، فقالوا : وكيف تصفّ الملائكة عند ربهم ؟ قال :«يقيمون الصفوف المقدّمة، ويتراصون في الصف» وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الأولين ﴾ قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأوّلين، وعلم الآخرين كفروا بالكتاب ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وقد خرجوا بالمساحي، فلما نظروا إليه قالوا : محمد، والخميس، فقال :«الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين» الحديث. وأخرج ابن سعد، وابن مردويه من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إذا سلمتم على المرسلين، فسلموا عليّ، فإنما أنا بشر من المرسلين». وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً نحوه بأطول منه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن مردويه، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال :«﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾». وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بقوله :﴿ سبحان رَبّكَ ﴾ إلى آخر الآية. وأخرج الخطيب نحوه من حديث أبي سعيد. وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قال دبر كل صلاة :﴿ سبحان رَبّكَ رَبّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ * وسلام على المرسلين * والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ ثلاث مرات، فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر» وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن عليّ بن أبي طالب نحوه.

Icon