تفسير سورة المؤمنون

فتح القدير
تفسير سورة سورة المؤمنون من كتاب فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير المعروف بـفتح القدير .
لمؤلفه الشوكاني . المتوفي سنة 1250 هـ
سورة المؤمنون
هي مكية بلا خلاف. قال القرطبي كلها مكية في قول الجميع، وآياتها مائة وتسع عشرة آية.
وقد أخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم عن عبد الله بن السائب قال : صلى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة الصبح فاستفتح سورة المؤمنين، حتى إذا جاء ذكر موسى وهارون، أو ذكر عيسى أخذته سعلة فركع. وأخرج البيهقي من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :( لما خلق الله الجنة قال لها تكلمي، فقالت : قد أفلح المؤمنون ). وأخرجه أيضاً ابن عدي والحاكم. وأخرج الطبراني في السنة وابن مردويه من حديث ابن عباس مثله. وقد ورد فضائل العشر الآيات من أول هذه السورة ما سيأتي قريباً.

سورة المؤمنون
هي مكية بلا خلاف. قال القرطبي: كلّها مكيّة في قول الجميع، وآياتها مائة وتسع عشرة آية وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُمْ عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ الصُّبْحَ فَاسْتَفْتَحَ سُورَةَ الْمُؤْمِنِينَ، حَتَّى إِذَا جَاءَ ذِكْرُ مُوسَى وَهَارُونَ، أَوْ ذِكْرُ عِيسَى أَخَذَتْهُ سَعْلَةٌ فَرَكَعَ. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ قَالَ لَهَا تَكَلَّمِي، فَقَالَتْ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ». وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ عَدِيٍّ وَالْحَاكِمُ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي السُّنَّةِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عباس مثله. وقد ورد في فَضَائِلُ الْعَشْرِ الْآيَاتِ مِنْ أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ مَا سَيَأْتِي قَرِيبًا.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ١ الى ١١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ (٢) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (٣) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ (٤)
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٥) إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (٧) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ (٨) وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ (٩)
أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ (١٠) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١١)
قَوْلُهُ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ قال الفرّاء: قد ها هنا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ تَأْكِيدًا لِفَلَاحِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ تَقْرِيبًا لِلْمَاضِي مِنَ الْحَالِ، لِأَنَّ قَدْ تُقَرِّبُ الْمَاضِيَ مِنَ الْحَالِ حَتَّى تُلْحِقَهُ بِحُكْمِهِ، أَلَا تَرَاهُمْ يَقُولُونَ:
قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ قَبْلَ حَالِ قِيَامِهَا، وَيَكُونُ الْمَعْنَى فِي الْآيَةِ وأن الْفَلَاحَ قَدْ حَصَلَ لَهُمْ، وَأَنَّهُمْ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ، وَالْفَلَاحُ: الظَّفَرُ بِالْمُرَادِ وَالنَّجَاةُ مِنَ الْمَكْرُوهِ، وَقِيلَ: الْبَقَاءُ فِي الْخَيْرِ، وَأَفْلَحَ إِذَا دَخَلَ فِي الْفَلَاحِ، وَيُقَالُ:
أَفْلَحَهُ: إِذَا أَصَارَهُ إِلَى الْفَلَاحِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ مَعْنَى الْفَلَاحِ فِي أَوَّلِ الْبَقَرَةِ. وَقَرَأَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ قَدْ أَفْلَحَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَبِنَاءِ الْفِعْلِ لِلْمَفْعُولِ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَرَأَ «أَفْلَحُوا الْمُؤْمِنُونَ» عَلَى الْإِبْهَامِ وَالتَّفْسِيرِ، أَوْ عَلَى لُغَةِ: أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ. ثُمَّ وَصَفَ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِ: الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ، وَالْخُشُوعُ: مِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ كَالْخَوْفِ وَالرَّهْبَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ أَفْعَالِ الْجَوَارِحِ كَالسُّكُونِ وَتَرْكِ الِالْتِفَاتِ وَالْعَبَثِ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: السُّكُونُ وَالتَّوَاضُعُ وَالْخَوْفُ وَالتَّذَلُّلُ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْخُشُوعِ هَلْ هُوَ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ أَوْ مِنْ فَضَائِلِهَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: قِيلَ: الصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَقِيلَ: الثَّانِي. وَادَّعَى عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ إِجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْعَبْدِ إِلَّا مَا عَقَلَ مِنْ صَلَاتِهِ، حَكَاهُ
560
النَّيْسَابُورِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ. قَالَ: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ «١» وَالتَّدَبُّرُ لَا يُتَصَوَّرُ بِدُونِ الْوُقُوفِ عَلَى الْمَعْنَى، وكذا قوله: أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي «٢» وَالْغَفْلَةُ تُضَادُّ الذِّكْرَ، وَلِهَذَا قَالَ: وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ «٣» وقوله: حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ «٤» نَهْيٌ لِلسَّكْرَانِ، وَالْمُسْتَغْرِقُ فِي هُمُومِ الدُّنْيَا بِمَنْزِلَتِهِ. وَاللَّغْوُ، قَالَ الزَّجَّاجُ: هُوَ كُلُّ بَاطِلٍ وَلَهْوٍ وهَزْلٍ وَمَعْصِيَةٍ وَمَا لَا يَجْمُلُ مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ فِي الْبَقَرَةِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: إِنَّ اللَّغْوَ هُنَا الشِّرْكُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنَّهُ الْمَعَاصِي كُلُّهَا. وَمَعْنَى إِعْرَاضِهِمْ عَنْهُ: تَجَنُّبُهُمْ لَهُ وَعَدَمُ الْتِفَاتِهِمْ إِلَيْهِ، وَظَاهِرُهُ اتِّصَافُهُمْ بِصِفَةِ الْإِعْرَاضِ عَنِ اللَّغْوِ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ، فَيَدْخُلُ وَقْتُ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ دُخُولًا أَوَّلِيًّا كَمَا تُفِيدُهُ الْجُمْلَةُ الِاسْمِيَّةُ، وَبِنَاءُ الْحُكْمِ عَلَى الضَّمِيرِ، وَمَعْنَى فِعْلِهِمْ لِلزَّكَاةِ تَأْدِيَتُهُمْ لَهَا، فَعَبَّرَ عَنِ التَّأْدِيَةِ بِالْفِعْلِ لِأَنَّهَا مِمَّا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْفِعْلُ، وَالْمُرَادُ بِالزَّكَاةِ هُنَا الْمَصْدَرُ لِأَنَّهُ الصَّادِرُ عَنِ الْفَاعِلِ. وَقِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهَا الْعَيْنُ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ، أَيْ: وَالَّذِينَ هُمْ لِتَأْدِيَةِ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ- وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ الْفَرْجُ: يُطْلَقُ عَلَى فَرْجِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَمَعْنَى حِفْظِهِمْ لَهَا أَنَّهُمْ مُمْسِكُونَ لَهَا بِالْعَفَافِ عَمَّا لَا يَحِلُّ لَهُمْ. قِيلَ: وَالْمُرَادُ هُنَا الرِّجَالُ خَاصَّةً دُونَ النِّسَاءِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ يَطَأَهَا مَنْ تَمْلِكُهُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: إِنَّ عَلَى فِي قَوْلِهِ: إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ بِمَعْنَى مِنْ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى أَنَّهُمْ يُلَامُونَ فِي إِطْلَاقِ مَا حُظِرَ عَلَيْهِمْ فَأُمِرُوا بِحِفْظِهِ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ، وَدَلَّ عَلَى الْمَحْذُوفِ ذِكْرُ اللَّوْمِ فِي آخِرِ الْآيَةِ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، وَقِيلَ: إِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ نَفْيِ الْإِرْسَالِ الْمَفْهُومِ مِنَ الْحِفْظِ، أَيْ: لَا يُرْسِلُونَهَا عَلَى أَحَدٍ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ. وَقِيلَ:
الْمَعْنَى: إِلَّا وَالِينَ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ وَقَوَّامِينَ عَلَيْهِمْ، مِنْ قَوْلِهِمْ: كَانَ فُلَانٌ عَلَى فُلَانَةٍ فَمَاتَ عَنْهَا فَخَلَفَ عَلَيْهَا فُلَانٌ.
وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ إِلَّا فِي حَالِ تَزَوُّجِهِمْ أَوْ تَسَرِّيهِمْ، وَجُمْلَةُ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فِي مَحَلِّ جَرٍّ عَطْفًا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ، وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ، وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ الْإِمَاءُ وَعَبَّرَ عَنْهُنَّ بِمَا الَّتِي لِغَيْرِ الْعُقَلَاءِ، لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فيهنّ الأنوثة المنبئة عَنْ قُصُورِ الْعَقْلِ وَجَوَازُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِيهِنَّ كَسَائِرِ السِّلَعِ، فَأَجْرَاهُنَّ بِهَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ مُجْرَى غَيْرِ الْعُقَلَاءِ، وَجُمْلَةُ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ تَعْلِيلٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِمَّا لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ حِفْظُ فُرُوجِهِمْ مِنْهُ فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ الْإِشَارَةُ إِلَى الزَّوْجَاتِ وَمِلْكِ الْيَمِينِ وَمَعْنَى «الْعَادُونَ» : الْمُجَاوِزُونَ إِلَى مَا لَا يَحِلُّ لَهُمْ، فَسَمَّى سُبْحَانَهُ مَنْ نَكَحَ مَا لَا يَحِلُّ عَادِيًا، وَوَرَاءَ هُنَا بِمَعْنَى سِوَى وَهُوَ مَفْعُولُ ابْتَغَى. قَالَ الزَّجَّاجُ: أَيْ فَمَنِ ابْتَغَى مَا بَعْدَ ذَلِكَ فَمَفْعُولُ الِابْتِغَاءِ مَحْذُوفٌ، وَوَرَاءَ ظَرْفٌ.
وَقَدْ دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى تَحْرِيمِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، وَاسْتَدَلَّ بِهَا بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى تَحْرِيمِ الِاسْتِمْنَاءِ لِأَنَّهُ مِنَ الْوَرَاءِ «٥» لِمَا ذُكِرَ، وَقَدْ جَمَعْنَا فِي ذَلِكَ رِسَالَةً سَمَّيْنَاهَا «بُلُوغَ المنى في حكم الاستمناء»، وَذَكَرْنَا فِيهَا أَدِلَّةَ الْمَنْعِ وَالْجَوَازِ وَتَرْجِيحَ الرَّاجِحِ مِنْهُمَا وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ قَرَأَ الْجُمْهُورُ لِأَماناتِهِمْ بِالْجَمْعِ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ بِالْإِفْرَادِ. وَالْأَمَانَةُ مَا يُؤْتَمَنُونَ عَلَيْهِ، وَالْعَهْدُ مَا يُعَاهِدُونَ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ أَوْ جِهَةِ
(١). النساء: ٨٢.
(٢). طه: ١٤.
(٣). الأعراف: ٢٠٥.
(٤). النساء: ٤٣.
(٥). المقصود: الإشارة إلى قوله تعالى: فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ. [.....]
561
عِبَادِهِ، وَقَدْ جَمَعَ الْعَهْدُ وَالْأَمَانَةُ كُلَّ مَا يَتَحَمَّلُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَالْأَمَانَةُ أَعَمُّ مِنَ الْعَهْدِ، فَكُلُّ عَهْدٍ أَمَانَةٌ، وَمَعْنَى «رَاعُونَ» : حَافِظُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ قَرَأَ الْجُمْهُورُ صَلَواتِهِمْ بِالْجَمْعِ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ «صَلَاتِهِمْ» بِالْإِفْرَادِ، وَمَنْ قَرَأَ بِالْإِفْرَادِ فَقَدْ أَرَادَ اسْمَ الْجِنْسِ، وَهُوَ فِي مَعْنَى الْجَمْعِ، وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى الصَّلَاةِ: إِقَامَتُهَا وَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا فِي أَوْقَاتِهَا وَإِتْمَامُ رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَقِرَاءَتِهَا وَالْمَشْرُوعِ مِنْ أَذْكَارِهَا. ثُمَّ مَدَحَ سُبْحَانَهُ هَؤُلَاءِ فَقَالَ: أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ أَيِ: الْأَحِقَّاءُ بِأَنْ يُسَمَّوْا بِهَذَا الِاسْمِ دُونَ غَيْرِهِمْ. ثُمَّ بَيَّنَ الْمَوْرُوثَ بِقَوْلِهِ: الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ وَهُوَ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ، كَمَا صَحَّ تَفْسِيرُهُ بِذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَنْ عَمِلَ بِمَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ فَهُوَ الْوَارِثُ الَّذِي يَرِثُ مِنَ الْجَنَّةِ ذَلِكَ الْمَكَانَ، وَفِيهِ اسْتِعَارَةٌ لِاسْتِحْقَاقِهِمُ الْفِرْدَوْسَ بِأَعْمَالِهِمْ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: أَنَّهُمْ يَرِثُونَ مِنَ الْكُفَّارِ مَنَازِلَهُمْ حَيْثُ فَرَّقُوهَا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ خَلَقَ لِكُلِّ إِنْسَانٍ مَنْزِلًا فِي الْجَنَّةِ وَمَنْزِلًا فِي النَّارِ. وَلَفْظُ الْفِرْدَوْسِ لُغَةٌ رُومِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ، وَقِيلَ: فَارِسِيَّةٌ، وَقِيلَ: حَبَشِيَّةٌ، وَقِيلَ: هِيَ عَرَبِيَّةٌ، وَجُمْلَةُ هُمْ فِيها خالِدُونَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ الْمُقَدَّرَةِ، أَوْ مُسْتَأْنَفَةٌ لَا مَحَلَّ لَهَا، وَمَعْنَى الْخُلُودِ أَنَّهُمْ يَدُومُونَ فِيهَا لَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا وَلَا يَمُوتُونَ فِيهَا، وَتَأْنِيثُ الضَّمِيرِ مَعَ أَنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى الْفِرْدَوْسِ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْجَنَّةِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَحْمَدُ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْعُقَيْلِيُّ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ، وَالضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: «كَانَ إِذَا أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيُ يُسْمَعُ عِنْدَ وَجْهِهِ كَدَوِيِّ النَّحْلِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَوْمًا فَمَكَثْنَا سَاعَةً، فَسُرِّيَ عَنْهُ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ زِدْنَا وَلَا تَنْقُصْنَا، وَأَكْرِمْنَا وَلَا تُهِنَّا، وَأَعْطِنَا وَلَا تَحْرِمْنَا، وَآثِرْنَا وَلَا تُؤْثِرْ عَلَيْنَا، وَأَرْضِنَا وَارْضَ عَنَّا، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيَّ عَشْرُ آيَاتٍ مَنْ أَقَامَهُنَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ، ثُمَّ قَرَأَ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ حَتَّى خَتَمَ الْعَشْرَ» وَفِي إِسْنَادِهِ يُونُسُ بْنُ سُلَيْمٍ الْأَيْلِيُّ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَا نَعْرِفُ أَحَدًا رَوَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ إِلَّا يُونُسَ بْنَ سُلَيْمٍ، وَيُونُسُ لَا نَعْرِفُهُ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ، وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ بَابَنُوسَ قَالَ: قُلْنَا لِعَائِشَةَ: كَيْفَ كَانَ خُلُقُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ، ثُمَّ قَالَتْ: تقرأ سورة المؤمنون؟ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ فقرأ حَتَّى بَلَغَ الْعَشْرَ، فَقَالَتْ: هَكَذَا كَانَ خُلُقُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ جَرِيرٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: نُبِّئْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا صَلَّى رَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَنَزَلَتِ:
الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ. وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْهُ، وَزَادَ: فَأَمَرَهُ بِالْخُشُوعِ فَرَمَى بِبَصَرِهِ نَحْوَ مَسْجِدِهِ. وَأَخْرَجَهُ عَنْهُ أَيْضًا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَأَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ، بِلَفْظِ: كَانَ إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ نَظَرَ هَكَذَا وَهَكَذَا، يَمِينًا وَشِمَالًا، فَنَزَلَتِ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ فَحَنَى رَأْسَهُ. وَرُوِيَ عَنْهُ مِنْ طُرُقٍ مُرْسَلًا هَكَذَا. وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا صَلَّى رَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَنَزَلَتِ: الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ فَطَأْطَأَ رَأْسَهُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ المنذر وابن أبي حاتم عن
562
ابْنِ سِيرِينَ بِلَفْظِ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرفعون رؤوسهم وَأَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ، وَيَلْتَفِتُونَ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ- الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ فَمَالُوا بِرُءُوسِهِمْ، فَلَمْ يَرْفَعُوا أَبْصَارَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَلْتَفِتُوا يَمِينًا وَشِمَالًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي الزُّهْدِ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالْفِرْيَابِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ قَالَ: الْخُشُوعُ فِي الْقَلْبِ، وَأَنْ تُلِينَ كَتِفَكَ لِلْمَرْءِ الْمُسْلِمِ، وَأَنْ لَا تَلْتَفِتَ فِي صَلَاتِكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:
الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ قَالَ: خَائِفُونَ سَاكِنُونَ. وَقَدْ وَرَدَ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ وَالنَّهْيِ عَنِ الِالْتِفَاتِ وَعَنْ رَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ أَحَادِيثُ مَعْرُوفَةٌ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ قَالَ: الْبَاطِلُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَبُو دَاوُدَ فِي نَاسِخِهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمُتْعَةِ فَقَالَ: إِنِّي لَأَرَى تَحْرِيمَهَا فِي الْقُرْآنِ، ثُمَّ تَلَا وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ- إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: إِنَّ اللَّهَ يُكْثِرُ ذِكْرَ الصَّلَاةِ فِي الْقُرْآنِ الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ «١» وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ قَالَ: ذَلِكَ عَلَى مَوَاقِيتِهَا، قَالُوا: مَا كُنَّا نَرَى ذَلِكَ إِلَّا عَلَى تَرْكِهَا، قَالَ: تَرْكُهَا كُفْرٌ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قَوْلِهِ: أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ قَالَ: يَرِثُونَ مَسَاكِنَهُمْ وَمَسَاكِنَ إِخْوَانِهِمُ الَّتِي أُعِدَّتْ لَهُمْ لَوْ أَطَاعُوا اللَّهَ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَلَهُ مَنْزِلَانِ:
مَنْزِلٌ فِي الْجَنَّةِ، وَمَنْزِلٌ فِي النَّارِ، فَإِذَا مَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ وَرِثَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنْزِلَهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ»
. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ عَنْ أَنَسٍ، فَذَكَرَ قِصَّةً، وَفِيهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْفِرْدَوْسُ رَبْوَةُ الْجَنَّةِ وَأَوْسَطُهَا وَأَفْضَلُهَا»، وَيَدُلُّ عَلَى هَذِهِ الْوِرَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا قَوْلُهُ تَعَالَى: تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا «٢»، وَقَوْلُهُ: تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ «٣». وَيَشْهَدُ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِذُنُوبٍ أَمْثَالِ الْجِبَالِ، فَيَغْفِرُهَا اللَّهُ لَهُمْ وَيَضَعُهَا عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى» وَفِي لَفْظٍ لَهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ دَفَعَ اللَّهُ إِلَى كُلِّ مُسْلِمٍ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا، فَيَقُولُ:
هَذَا فكاكك من النار»
.
(١). المعارج: ٢٣.
(٢). مريم: ٦٣.
(٣). الأعراف: ٤٣.
563
ثم وصف هؤلاء المؤمنين بقوله :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ وما عطف عليه. والخشوع منهم من جعله من أفعال القلوب كالخوف والرهبة، ومنهم من جعله من أفعال الجوارح كالسكون وترك الالتفات والعبث، وهو في اللغة السكون والتواضع والخوف والتذلل.
وقد اختلف الناس في الخشوع هل هو من فرائض الصلاة أو من فضائلها ؟ على قولين : قيل : الصحيح الأوّل، وقيل : الثاني. وادّعى عبد الواحد بن زيد إجماع العلماء على أنه ليس للعبد إلا ما عقل من صلاته، حكاه النيسابوري في تفسيره. قال : ومما يدل على صحة هذا القول قوله تعالى :﴿ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرآن ﴾ [ محمد : ٢٤ ]. والتدبر لا يتصوّر بدون الوقوف على المعنى، وكذا قوله :﴿ أَقِمِ الصلاة لِذِكْرِي ﴾ [ طه : ١٤ ]. والغفلة تضادّ الذكر، ولهذا قال :﴿ وَلاَ تَكُنْ منَ الغافلين ﴾ [ الأعراف : ٢٠٥ ]. وقوله :﴿ حتى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ﴾ [ النساء : ٤٣ ]. نهي للسكران والمستغرق في هموم الدنيا بمنزلته.
سورة المؤمنون
هي مكية بلا خلاف. قال القرطبي كلها مكية في قول الجميع، وآياتها مائة وتسع عشرة آية.
وقد أخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم عن عبد الله بن السائب قال : صلى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة الصبح فاستفتح سورة المؤمنين، حتى إذا جاء ذكر موسى وهارون، أو ذكر عيسى أخذته سعلة فركع. وأخرج البيهقي من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :( لما خلق الله الجنة قال لها تكلمي، فقالت : قد أفلح المؤمنون ). وأخرجه أيضاً ابن عدي والحاكم. وأخرج الطبراني في السنة وابن مردويه من حديث ابن عباس مثله. وقد ورد فضائل العشر الآيات من أول هذه السورة ما سيأتي قريباً.
واللغو، قال الزجاج : هو كل باطل ولهو وهزل ومعصية وما لا يجمل من القول والفعل، وقد تقدم تفسيره في البقرة. قال الضحاك : إن اللغو هنا الشرك. وقال الحسن : إنه المعاصي كلها. ومعنى إعراضهم عنه : تجنبهم له وعدم التفاتهم إليه، وظاهره اتصافهم بصفة الإعراض عن اللغو في كل الأوقات، فيدخل وقت الصلاة في ذلك دخولاً أوّلياً كما تفيده الجملة الاسمية، وبناء الحكم على الضمير.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والترمذي والنسائي وابن المنذر والعقيلي، والحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، والضياء في المختارة عن عمر بن الخطاب قال :( كان إذا أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي يسمع عند وجهه كدويّ النحل، فأنزل الله عليه يوماً فمكثنا ساعة، فسريّ عنه فاستقبل القبلة فقال :( اللّهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا )، ثم قال :( لقد أنزل عليّ عشر آيات من أقامهنّ دخل الجنة )، ثم قرأ ﴿ قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون ﴾ حتى ختم العشر. وفي إسناده يونس بن سليم الإيلي. قال النسائي : لا نعرف أحداً رواه عن ابن شهاب إلا يونس بن سليم ويونس لا نعرفه. وأخرج البخاري في الأدب المفرد، والنسائي وابن المنذر، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن يزيد بن بابنوس قال : قلنا لعائشة : كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : كان خلقه القرآن، ثم قالت : تقرأ سورة المؤمنين ؟ [ فقرأ ] :﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾ حتى بلغ العشر، فقالت : هكذا كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير، والبيهقي في سننه عن محمد بن سيرين قال : نبئت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء، فنزلت :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾. وأخرجه عبد الرزاق، عنه، وزاد : فأمره بالخشوع فرمى ببصره نحو مسجده. وأخرجه عنه أيضاً عبد بن حميد، وأبو داود في المراسيل، وابن المنذر وابن أبي حاتم، والبيهقي في السنن بلفظ : كان إذا قام في الصلاة نظر هكذا وهكذا، يميناً وشمالاً، فنزلت :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ فحنى رأسه. وروي عنه من طرق مرسلاً هكذا. وأخرجه الحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في سننه عنه عن أبي هريرة ؛ أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء، فنزلت :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ فطأطأ رأسه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن سيرين بلفظ : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون رؤوسهم وأبصارهم إلى السماء في الصلاة [ و ] يلتفتون يميناً وشمالاً، فأنزل الله ﴿ قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون * الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ فمالوا برؤوسهم فلم يرفعوا أبصارهم بعد ذلك في الصلاة، ولم يلتفتوا يميناً وشمالاً. وأخرج ابن المبارك في الزهد، وعبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر، والحاكم وصححه، والبيهقي في سننه عن عليّ : أنه سئل عن قوله :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ قال : الخشوع في القلب، وأن تلين كتفك للمرء المسلم، وأن لا تلتفت في صلاتك. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ قال : خائفون ساكنون. وقد ورد في مشروعية الخشوع في الصلاة والنهي عن الالتفات وعن رفع البصر إلى السماء أحاديث معروفة في كتب الحديث. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ والذين هُمْ عَنِ اللغو مُعْرِضُونَ ﴾ قال : الباطل. وأخرج عبد الرزاق، وأبو داود في ناسخه عن القاسم بن محمد : أنه سئل عن المتعة فقال : إني لأرى تحريمها في القرآن، ثم تلا :﴿ والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافظون * إِلاَّ على أزواجهم أَوْ مَا مَلَكَتْ أيمانهم ﴾. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني عن ابن مسعود أنه قيل له : إن الله يكثر ذكر الصلاة في القرآن :﴿ الذين هُمْ على صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾ [ المعارج : ٢٣ ]. ﴿ والذين هُمْ على صلاتهم يحافظون ﴾ قال : ذلك على مواقيتها، قالوا : ما كنا نرى ذلك إلا على تركها، قال : تركها كفر. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، والحاكم وصححه عن أبي هريرة في قوله :﴿ أولئك هُمُ الوارثون ﴾ قال : يرثون مساكنهم ومساكن إخوانهم التي أعدت لهم لو أطاعوا الله. وأخرج سعيد بن منصور وابن ماجه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( ما منكم من أحد إلا وله منزلان : منزل في الجنة، ومنزل في النار، فإذا مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله، فذلك قوله :﴿ أولئك هُمُ الوارثون ﴾ ). وأخرج عبد بن حميد، والترمذي وقال : حسن صحيح غريب عن أنس، فذكر قصة، وفيها أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :( الفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها )، ويدلّ على هذه الوراثة المذكورة هنا قوله تعالى :﴿ تِلْكَ الجنة التي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً ﴾ [ مريم : ٦٣ ]. وقوله :﴿ تِلْكُمُ الجنة أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الأعراف : ٤٣ ]. ويشهد لحديث أبي هريرة هذا ما في صحيح مسلم عن أبي موسى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :( يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم، ويضعها على اليهود والنصارى ). وفي لفظ له : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا كان يوم القيامة دفع الله إلى كل مسلم يهودياً أو نصرانياً، فيقول : هذا فكاكك من النار ).
ومعنى فعلهم للزكاة : تأديتهم لها، فعبر عن التأدية بالفعل لأنها مما يصدق عليه الفعل، والمراد بالزكاة هنا : المصدر ؛ لأنه الصادر عن الفاعل، وقيل : يجوز أن يراد بها العين على تقدير مضاف، أي و[ ﴿ الذين هُم ﴾ لتأدية ﴿ الزكاة * فاعلون ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والترمذي والنسائي وابن المنذر والعقيلي، والحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، والضياء في المختارة عن عمر بن الخطاب قال :( كان إذا أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي يسمع عند وجهه كدويّ النحل، فأنزل الله عليه يوماً فمكثنا ساعة، فسريّ عنه فاستقبل القبلة فقال :( اللّهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا )، ثم قال :( لقد أنزل عليّ عشر آيات من أقامهنّ دخل الجنة )، ثم قرأ ﴿ قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون ﴾ حتى ختم العشر. وفي إسناده يونس بن سليم الإيلي. قال النسائي : لا نعرف أحداً رواه عن ابن شهاب إلا يونس بن سليم ويونس لا نعرفه. وأخرج البخاري في الأدب المفرد، والنسائي وابن المنذر، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن يزيد بن بابنوس قال : قلنا لعائشة : كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : كان خلقه القرآن، ثم قالت : تقرأ سورة المؤمنين ؟ [ فقرأ ] :﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾ حتى بلغ العشر، فقالت : هكذا كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير، والبيهقي في سننه عن محمد بن سيرين قال : نبئت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء، فنزلت :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾. وأخرجه عبد الرزاق، عنه، وزاد : فأمره بالخشوع فرمى ببصره نحو مسجده. وأخرجه عنه أيضاً عبد بن حميد، وأبو داود في المراسيل، وابن المنذر وابن أبي حاتم، والبيهقي في السنن بلفظ : كان إذا قام في الصلاة نظر هكذا وهكذا، يميناً وشمالاً، فنزلت :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ فحنى رأسه. وروي عنه من طرق مرسلاً هكذا. وأخرجه الحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في سننه عنه عن أبي هريرة ؛ أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء، فنزلت :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ فطأطأ رأسه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن سيرين بلفظ : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون رؤوسهم وأبصارهم إلى السماء في الصلاة [ و ] يلتفتون يميناً وشمالاً، فأنزل الله ﴿ قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون * الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ فمالوا برؤوسهم فلم يرفعوا أبصارهم بعد ذلك في الصلاة، ولم يلتفتوا يميناً وشمالاً. وأخرج ابن المبارك في الزهد، وعبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر، والحاكم وصححه، والبيهقي في سننه عن عليّ : أنه سئل عن قوله :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ قال : الخشوع في القلب، وأن تلين كتفك للمرء المسلم، وأن لا تلتفت في صلاتك. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ قال : خائفون ساكنون. وقد ورد في مشروعية الخشوع في الصلاة والنهي عن الالتفات وعن رفع البصر إلى السماء أحاديث معروفة في كتب الحديث. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ والذين هُمْ عَنِ اللغو مُعْرِضُونَ ﴾ قال : الباطل. وأخرج عبد الرزاق، وأبو داود في ناسخه عن القاسم بن محمد : أنه سئل عن المتعة فقال : إني لأرى تحريمها في القرآن، ثم تلا :﴿ والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافظون * إِلاَّ على أزواجهم أَوْ مَا مَلَكَتْ أيمانهم ﴾. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني عن ابن مسعود أنه قيل له : إن الله يكثر ذكر الصلاة في القرآن :﴿ الذين هُمْ على صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾ [ المعارج : ٢٣ ]. ﴿ والذين هُمْ على صلاتهم يحافظون ﴾ قال : ذلك على مواقيتها، قالوا : ما كنا نرى ذلك إلا على تركها، قال : تركها كفر. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، والحاكم وصححه عن أبي هريرة في قوله :﴿ أولئك هُمُ الوارثون ﴾ قال : يرثون مساكنهم ومساكن إخوانهم التي أعدت لهم لو أطاعوا الله. وأخرج سعيد بن منصور وابن ماجه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( ما منكم من أحد إلا وله منزلان : منزل في الجنة، ومنزل في النار، فإذا مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله، فذلك قوله :﴿ أولئك هُمُ الوارثون ﴾ ). وأخرج عبد بن حميد، والترمذي وقال : حسن صحيح غريب عن أنس، فذكر قصة، وفيها أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :( الفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها )، ويدلّ على هذه الوراثة المذكورة هنا قوله تعالى :﴿ تِلْكَ الجنة التي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً ﴾ [ مريم : ٦٣ ]. وقوله :﴿ تِلْكُمُ الجنة أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الأعراف : ٤٣ ]. ويشهد لحديث أبي هريرة هذا ما في صحيح مسلم عن أبي موسى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :( يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم، ويضعها على اليهود والنصارى ). وفي لفظ له : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا كان يوم القيامة دفع الله إلى كل مسلم يهودياً أو نصرانياً، فيقول : هذا فكاكك من النار ).
﴿ والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافظون ﴾ : الفرج يطلق على فرج الرجل والمرأة، ومعنى حفظهم لها : أنهم ممسكون لها بالعفاف عما لا يحلّ لهم. قيل : و[ المراد ] هنا : الرجال خاصة دون النساء، بدليل قوله :﴿ إِلاَّ على أزواجهم أَوْ مَا مَلَكَتْ أيمانهم ﴾ للإجماع على أنه لا يحل للمرأة أن يطأها من تملكه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والترمذي والنسائي وابن المنذر والعقيلي، والحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، والضياء في المختارة عن عمر بن الخطاب قال :( كان إذا أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي يسمع عند وجهه كدويّ النحل، فأنزل الله عليه يوماً فمكثنا ساعة، فسريّ عنه فاستقبل القبلة فقال :( اللّهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا )، ثم قال :( لقد أنزل عليّ عشر آيات من أقامهنّ دخل الجنة )، ثم قرأ ﴿ قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون ﴾ حتى ختم العشر. وفي إسناده يونس بن سليم الإيلي. قال النسائي : لا نعرف أحداً رواه عن ابن شهاب إلا يونس بن سليم ويونس لا نعرفه. وأخرج البخاري في الأدب المفرد، والنسائي وابن المنذر، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن يزيد بن بابنوس قال : قلنا لعائشة : كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : كان خلقه القرآن، ثم قالت : تقرأ سورة المؤمنين ؟ [ فقرأ ] :﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾ حتى بلغ العشر، فقالت : هكذا كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير، والبيهقي في سننه عن محمد بن سيرين قال : نبئت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء، فنزلت :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾. وأخرجه عبد الرزاق، عنه، وزاد : فأمره بالخشوع فرمى ببصره نحو مسجده. وأخرجه عنه أيضاً عبد بن حميد، وأبو داود في المراسيل، وابن المنذر وابن أبي حاتم، والبيهقي في السنن بلفظ : كان إذا قام في الصلاة نظر هكذا وهكذا، يميناً وشمالاً، فنزلت :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ فحنى رأسه. وروي عنه من طرق مرسلاً هكذا. وأخرجه الحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في سننه عنه عن أبي هريرة ؛ أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء، فنزلت :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ فطأطأ رأسه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن سيرين بلفظ : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون رؤوسهم وأبصارهم إلى السماء في الصلاة [ و ] يلتفتون يميناً وشمالاً، فأنزل الله ﴿ قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون * الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ فمالوا برؤوسهم فلم يرفعوا أبصارهم بعد ذلك في الصلاة، ولم يلتفتوا يميناً وشمالاً. وأخرج ابن المبارك في الزهد، وعبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر، والحاكم وصححه، والبيهقي في سننه عن عليّ : أنه سئل عن قوله :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ قال : الخشوع في القلب، وأن تلين كتفك للمرء المسلم، وأن لا تلتفت في صلاتك. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ قال : خائفون ساكنون. وقد ورد في مشروعية الخشوع في الصلاة والنهي عن الالتفات وعن رفع البصر إلى السماء أحاديث معروفة في كتب الحديث. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ والذين هُمْ عَنِ اللغو مُعْرِضُونَ ﴾ قال : الباطل. وأخرج عبد الرزاق، وأبو داود في ناسخه عن القاسم بن محمد : أنه سئل عن المتعة فقال : إني لأرى تحريمها في القرآن، ثم تلا :﴿ والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافظون * إِلاَّ على أزواجهم أَوْ مَا مَلَكَتْ أيمانهم ﴾. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني عن ابن مسعود أنه قيل له : إن الله يكثر ذكر الصلاة في القرآن :﴿ الذين هُمْ على صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾ [ المعارج : ٢٣ ]. ﴿ والذين هُمْ على صلاتهم يحافظون ﴾ قال : ذلك على مواقيتها، قالوا : ما كنا نرى ذلك إلا على تركها، قال : تركها كفر. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، والحاكم وصححه عن أبي هريرة في قوله :﴿ أولئك هُمُ الوارثون ﴾ قال : يرثون مساكنهم ومساكن إخوانهم التي أعدت لهم لو أطاعوا الله. وأخرج سعيد بن منصور وابن ماجه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( ما منكم من أحد إلا وله منزلان : منزل في الجنة، ومنزل في النار، فإذا مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله، فذلك قوله :﴿ أولئك هُمُ الوارثون ﴾ ). وأخرج عبد بن حميد، والترمذي وقال : حسن صحيح غريب عن أنس، فذكر قصة، وفيها أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :( الفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها )، ويدلّ على هذه الوراثة المذكورة هنا قوله تعالى :﴿ تِلْكَ الجنة التي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً ﴾ [ مريم : ٦٣ ]. وقوله :﴿ تِلْكُمُ الجنة أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الأعراف : ٤٣ ]. ويشهد لحديث أبي هريرة هذا ما في صحيح مسلم عن أبي موسى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :( يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم، ويضعها على اليهود والنصارى ). وفي لفظ له : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا كان يوم القيامة دفع الله إلى كل مسلم يهودياً أو نصرانياً، فيقول : هذا فكاكك من النار ).
قال الفراء : إن «على » في قوله :﴿ إِلاَّ على أزواجهم ﴾ بمعنى :«من ». وقال الزجاج : المعنى : أنهم يلامون في إطلاق ما حظر عليهم فأمروا بحفظه إلا على أزواجهم ودلّ على المحذوف ذكر اللوم في آخر الآية. والجملة في محل نصب على الحال. وقيل : إن الاستثناء من نفي الإرسال المفهوم من الحفظ، أي لا يرسلونها على أحد إلا على أزواجهم. وقيل : المعنى : إلا والين على أزواجهم وقوّامين عليهم من قولهم : كان فلان على فلانة فمات عنها فخلف عليها فلان. والمعنى : أنهم لفروجهم حافظون في جميع الأحوال إلا في حال تزوّجهم أو تسرّيهم، وجملة :﴿ أَوْ مَا مَلَكَتْ أيمانهم ﴾ في محل جرّ عطفاً على أزواجهم، و«ما » مصدرية. والمراد بذلك : الإماء، وعبر عنهنّ ب«ما » التي لغير العقلاء ؛ لأنه اجتمع فيهنّ الأنوثة المنبئة عن قصور العقل وجواز البيع والشراء فيهنّ كسائر السلع، فأجراهن بهذين الأمرين مجرى غير العقلاء، وجملة :﴿ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾ تعليل لما تقدّم مما لا يجب عليهم حفظ فروجهم منه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والترمذي والنسائي وابن المنذر والعقيلي، والحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، والضياء في المختارة عن عمر بن الخطاب قال :( كان إذا أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي يسمع عند وجهه كدويّ النحل، فأنزل الله عليه يوماً فمكثنا ساعة، فسريّ عنه فاستقبل القبلة فقال :( اللّهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا )، ثم قال :( لقد أنزل عليّ عشر آيات من أقامهنّ دخل الجنة )، ثم قرأ ﴿ قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون ﴾ حتى ختم العشر. وفي إسناده يونس بن سليم الإيلي. قال النسائي : لا نعرف أحداً رواه عن ابن شهاب إلا يونس بن سليم ويونس لا نعرفه. وأخرج البخاري في الأدب المفرد، والنسائي وابن المنذر، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن يزيد بن بابنوس قال : قلنا لعائشة : كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : كان خلقه القرآن، ثم قالت : تقرأ سورة المؤمنين ؟ [ فقرأ ] :﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾ حتى بلغ العشر، فقالت : هكذا كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير، والبيهقي في سننه عن محمد بن سيرين قال : نبئت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء، فنزلت :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾. وأخرجه عبد الرزاق، عنه، وزاد : فأمره بالخشوع فرمى ببصره نحو مسجده. وأخرجه عنه أيضاً عبد بن حميد، وأبو داود في المراسيل، وابن المنذر وابن أبي حاتم، والبيهقي في السنن بلفظ : كان إذا قام في الصلاة نظر هكذا وهكذا، يميناً وشمالاً، فنزلت :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ فحنى رأسه. وروي عنه من طرق مرسلاً هكذا. وأخرجه الحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في سننه عنه عن أبي هريرة ؛ أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء، فنزلت :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ فطأطأ رأسه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن سيرين بلفظ : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون رؤوسهم وأبصارهم إلى السماء في الصلاة [ و ] يلتفتون يميناً وشمالاً، فأنزل الله ﴿ قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون * الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ فمالوا برؤوسهم فلم يرفعوا أبصارهم بعد ذلك في الصلاة، ولم يلتفتوا يميناً وشمالاً. وأخرج ابن المبارك في الزهد، وعبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر، والحاكم وصححه، والبيهقي في سننه عن عليّ : أنه سئل عن قوله :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ قال : الخشوع في القلب، وأن تلين كتفك للمرء المسلم، وأن لا تلتفت في صلاتك. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ قال : خائفون ساكنون. وقد ورد في مشروعية الخشوع في الصلاة والنهي عن الالتفات وعن رفع البصر إلى السماء أحاديث معروفة في كتب الحديث. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ والذين هُمْ عَنِ اللغو مُعْرِضُونَ ﴾ قال : الباطل. وأخرج عبد الرزاق، وأبو داود في ناسخه عن القاسم بن محمد : أنه سئل عن المتعة فقال : إني لأرى تحريمها في القرآن، ثم تلا :﴿ والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافظون * إِلاَّ على أزواجهم أَوْ مَا مَلَكَتْ أيمانهم ﴾. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني عن ابن مسعود أنه قيل له : إن الله يكثر ذكر الصلاة في القرآن :﴿ الذين هُمْ على صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾ [ المعارج : ٢٣ ]. ﴿ والذين هُمْ على صلاتهم يحافظون ﴾ قال : ذلك على مواقيتها، قالوا : ما كنا نرى ذلك إلا على تركها، قال : تركها كفر. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، والحاكم وصححه عن أبي هريرة في قوله :﴿ أولئك هُمُ الوارثون ﴾ قال : يرثون مساكنهم ومساكن إخوانهم التي أعدت لهم لو أطاعوا الله. وأخرج سعيد بن منصور وابن ماجه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( ما منكم من أحد إلا وله منزلان : منزل في الجنة، ومنزل في النار، فإذا مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله، فذلك قوله :﴿ أولئك هُمُ الوارثون ﴾ ). وأخرج عبد بن حميد، والترمذي وقال : حسن صحيح غريب عن أنس، فذكر قصة، وفيها أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :( الفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها )، ويدلّ على هذه الوراثة المذكورة هنا قوله تعالى :﴿ تِلْكَ الجنة التي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً ﴾ [ مريم : ٦٣ ]. وقوله :﴿ تِلْكُمُ الجنة أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الأعراف : ٤٣ ]. ويشهد لحديث أبي هريرة هذا ما في صحيح مسلم عن أبي موسى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :( يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم، ويضعها على اليهود والنصارى ). وفي لفظ له : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا كان يوم القيامة دفع الله إلى كل مسلم يهودياً أو نصرانياً، فيقول : هذا فكاكك من النار ).
﴿ فَمَنِ ابتغى وَرَاء ذلك فأولئك هُمُ العادون ﴾ الإشارة إلى الزوجات وملك اليمين، ومعنى العادون : المجاوزون إلى ما لا يحلّ لهم، فسمى سبحانه من نكح ما لا يحلّ عادياً. ووراء هنا بمعنى : سوى وهو مفعول ابتغى. قال الزجاج : أي فمن ابتغى ما بعد ذلك فمفعول الابتغاء محذوف، و﴿ وراء ﴾ ظرف.
وقد دلت هذه الآية على تحريم نكاح المتعة، واستدلّ بها بعض أهل العلم على تحريم الاستمناء لأنه من الوراء لما ذكر، وقد جمعنا في ذلك رسالة سميناها «بلوغ المني في حكم الاستمنا »، وذكرنا فيها أدلة المنع والجواز وترجيح الراجح منهما.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والترمذي والنسائي وابن المنذر والعقيلي، والحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، والضياء في المختارة عن عمر بن الخطاب قال :( كان إذا أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي يسمع عند وجهه كدويّ النحل، فأنزل الله عليه يوماً فمكثنا ساعة، فسريّ عنه فاستقبل القبلة فقال :( اللّهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا )، ثم قال :( لقد أنزل عليّ عشر آيات من أقامهنّ دخل الجنة )، ثم قرأ ﴿ قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون ﴾ حتى ختم العشر. وفي إسناده يونس بن سليم الإيلي. قال النسائي : لا نعرف أحداً رواه عن ابن شهاب إلا يونس بن سليم ويونس لا نعرفه. وأخرج البخاري في الأدب المفرد، والنسائي وابن المنذر، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن يزيد بن بابنوس قال : قلنا لعائشة : كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : كان خلقه القرآن، ثم قالت : تقرأ سورة المؤمنين ؟ [ فقرأ ] :﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾ حتى بلغ العشر، فقالت : هكذا كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير، والبيهقي في سننه عن محمد بن سيرين قال : نبئت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء، فنزلت :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾. وأخرجه عبد الرزاق، عنه، وزاد : فأمره بالخشوع فرمى ببصره نحو مسجده. وأخرجه عنه أيضاً عبد بن حميد، وأبو داود في المراسيل، وابن المنذر وابن أبي حاتم، والبيهقي في السنن بلفظ : كان إذا قام في الصلاة نظر هكذا وهكذا، يميناً وشمالاً، فنزلت :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ فحنى رأسه. وروي عنه من طرق مرسلاً هكذا. وأخرجه الحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في سننه عنه عن أبي هريرة ؛ أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء، فنزلت :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ فطأطأ رأسه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن سيرين بلفظ : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون رؤوسهم وأبصارهم إلى السماء في الصلاة [ و ] يلتفتون يميناً وشمالاً، فأنزل الله ﴿ قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون * الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ فمالوا برؤوسهم فلم يرفعوا أبصارهم بعد ذلك في الصلاة، ولم يلتفتوا يميناً وشمالاً. وأخرج ابن المبارك في الزهد، وعبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر، والحاكم وصححه، والبيهقي في سننه عن عليّ : أنه سئل عن قوله :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ قال : الخشوع في القلب، وأن تلين كتفك للمرء المسلم، وأن لا تلتفت في صلاتك. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ قال : خائفون ساكنون. وقد ورد في مشروعية الخشوع في الصلاة والنهي عن الالتفات وعن رفع البصر إلى السماء أحاديث معروفة في كتب الحديث. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ والذين هُمْ عَنِ اللغو مُعْرِضُونَ ﴾ قال : الباطل. وأخرج عبد الرزاق، وأبو داود في ناسخه عن القاسم بن محمد : أنه سئل عن المتعة فقال : إني لأرى تحريمها في القرآن، ثم تلا :﴿ والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافظون * إِلاَّ على أزواجهم أَوْ مَا مَلَكَتْ أيمانهم ﴾. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني عن ابن مسعود أنه قيل له : إن الله يكثر ذكر الصلاة في القرآن :﴿ الذين هُمْ على صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾ [ المعارج : ٢٣ ]. ﴿ والذين هُمْ على صلاتهم يحافظون ﴾ قال : ذلك على مواقيتها، قالوا : ما كنا نرى ذلك إلا على تركها، قال : تركها كفر. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، والحاكم وصححه عن أبي هريرة في قوله :﴿ أولئك هُمُ الوارثون ﴾ قال : يرثون مساكنهم ومساكن إخوانهم التي أعدت لهم لو أطاعوا الله. وأخرج سعيد بن منصور وابن ماجه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( ما منكم من أحد إلا وله منزلان : منزل في الجنة، ومنزل في النار، فإذا مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله، فذلك قوله :﴿ أولئك هُمُ الوارثون ﴾ ). وأخرج عبد بن حميد، والترمذي وقال : حسن صحيح غريب عن أنس، فذكر قصة، وفيها أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :( الفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها )، ويدلّ على هذه الوراثة المذكورة هنا قوله تعالى :﴿ تِلْكَ الجنة التي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً ﴾ [ مريم : ٦٣ ]. وقوله :﴿ تِلْكُمُ الجنة أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الأعراف : ٤٣ ]. ويشهد لحديث أبي هريرة هذا ما في صحيح مسلم عن أبي موسى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :( يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم، ويضعها على اليهود والنصارى ). وفي لفظ له : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا كان يوم القيامة دفع الله إلى كل مسلم يهودياً أو نصرانياً، فيقول : هذا فكاكك من النار ).
﴿ والذين هُمْ لأماناتهم وَعَهْدِهِمْ راعون ﴾ قرأ الجمهور :﴿ لأماناتهم ﴾ بالجمع. وقرأ ابن كثير بالإفراد. والأمانة : ما يؤتمنون عليه، والعهد : ما يعاهدون عليه من جهة الله سبحانه أو جهة عباده، وقد جمع العهد والأمانة كل ما يتحمله الإنسان من أمر الدين والدنيا، والأمانة أعمّ من العهد، فكل عهد أمانة، ومعنى ﴿ راعون ﴾ : حافظون.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والترمذي والنسائي وابن المنذر والعقيلي، والحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، والضياء في المختارة عن عمر بن الخطاب قال :( كان إذا أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي يسمع عند وجهه كدويّ النحل، فأنزل الله عليه يوماً فمكثنا ساعة، فسريّ عنه فاستقبل القبلة فقال :( اللّهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا )، ثم قال :( لقد أنزل عليّ عشر آيات من أقامهنّ دخل الجنة )، ثم قرأ ﴿ قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون ﴾ حتى ختم العشر. وفي إسناده يونس بن سليم الإيلي. قال النسائي : لا نعرف أحداً رواه عن ابن شهاب إلا يونس بن سليم ويونس لا نعرفه. وأخرج البخاري في الأدب المفرد، والنسائي وابن المنذر، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن يزيد بن بابنوس قال : قلنا لعائشة : كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : كان خلقه القرآن، ثم قالت : تقرأ سورة المؤمنين ؟ [ فقرأ ] :﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾ حتى بلغ العشر، فقالت : هكذا كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير، والبيهقي في سننه عن محمد بن سيرين قال : نبئت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء، فنزلت :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾. وأخرجه عبد الرزاق، عنه، وزاد : فأمره بالخشوع فرمى ببصره نحو مسجده. وأخرجه عنه أيضاً عبد بن حميد، وأبو داود في المراسيل، وابن المنذر وابن أبي حاتم، والبيهقي في السنن بلفظ : كان إذا قام في الصلاة نظر هكذا وهكذا، يميناً وشمالاً، فنزلت :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ فحنى رأسه. وروي عنه من طرق مرسلاً هكذا. وأخرجه الحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في سننه عنه عن أبي هريرة ؛ أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء، فنزلت :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ فطأطأ رأسه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن سيرين بلفظ : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون رؤوسهم وأبصارهم إلى السماء في الصلاة [ و ] يلتفتون يميناً وشمالاً، فأنزل الله ﴿ قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون * الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ فمالوا برؤوسهم فلم يرفعوا أبصارهم بعد ذلك في الصلاة، ولم يلتفتوا يميناً وشمالاً. وأخرج ابن المبارك في الزهد، وعبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر، والحاكم وصححه، والبيهقي في سننه عن عليّ : أنه سئل عن قوله :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ قال : الخشوع في القلب، وأن تلين كتفك للمرء المسلم، وأن لا تلتفت في صلاتك. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ قال : خائفون ساكنون. وقد ورد في مشروعية الخشوع في الصلاة والنهي عن الالتفات وعن رفع البصر إلى السماء أحاديث معروفة في كتب الحديث. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ والذين هُمْ عَنِ اللغو مُعْرِضُونَ ﴾ قال : الباطل. وأخرج عبد الرزاق، وأبو داود في ناسخه عن القاسم بن محمد : أنه سئل عن المتعة فقال : إني لأرى تحريمها في القرآن، ثم تلا :﴿ والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافظون * إِلاَّ على أزواجهم أَوْ مَا مَلَكَتْ أيمانهم ﴾. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني عن ابن مسعود أنه قيل له : إن الله يكثر ذكر الصلاة في القرآن :﴿ الذين هُمْ على صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾ [ المعارج : ٢٣ ]. ﴿ والذين هُمْ على صلاتهم يحافظون ﴾ قال : ذلك على مواقيتها، قالوا : ما كنا نرى ذلك إلا على تركها، قال : تركها كفر. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، والحاكم وصححه عن أبي هريرة في قوله :﴿ أولئك هُمُ الوارثون ﴾ قال : يرثون مساكنهم ومساكن إخوانهم التي أعدت لهم لو أطاعوا الله. وأخرج سعيد بن منصور وابن ماجه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( ما منكم من أحد إلا وله منزلان : منزل في الجنة، ومنزل في النار، فإذا مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله، فذلك قوله :﴿ أولئك هُمُ الوارثون ﴾ ). وأخرج عبد بن حميد، والترمذي وقال : حسن صحيح غريب عن أنس، فذكر قصة، وفيها أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :( الفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها )، ويدلّ على هذه الوراثة المذكورة هنا قوله تعالى :﴿ تِلْكَ الجنة التي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً ﴾ [ مريم : ٦٣ ]. وقوله :﴿ تِلْكُمُ الجنة أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الأعراف : ٤٣ ]. ويشهد لحديث أبي هريرة هذا ما في صحيح مسلم عن أبي موسى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :( يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم، ويضعها على اليهود والنصارى ). وفي لفظ له : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا كان يوم القيامة دفع الله إلى كل مسلم يهودياً أو نصرانياً، فيقول : هذا فكاكك من النار ).
﴿ والذين هُمْ على صلواتهم يحافظون ﴾ قرأ الجمهور :﴿ صلواتهم ﴾ بالجمع. وقرأ حمزة والكسائي :«صلاتهم » بالإفراد، ومن قرأ بالإفراد فقد أراد اسم الجنس وهو في معنى الجمع. والمحافظة على الصلاة إقامتها والمحافظة عليها في أوقاتها وإتمام ركوعها وسجودها وقراءتها والمشروع من أذكارها.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والترمذي والنسائي وابن المنذر والعقيلي، والحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، والضياء في المختارة عن عمر بن الخطاب قال :( كان إذا أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي يسمع عند وجهه كدويّ النحل، فأنزل الله عليه يوماً فمكثنا ساعة، فسريّ عنه فاستقبل القبلة فقال :( اللّهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا )، ثم قال :( لقد أنزل عليّ عشر آيات من أقامهنّ دخل الجنة )، ثم قرأ ﴿ قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون ﴾ حتى ختم العشر. وفي إسناده يونس بن سليم الإيلي. قال النسائي : لا نعرف أحداً رواه عن ابن شهاب إلا يونس بن سليم ويونس لا نعرفه. وأخرج البخاري في الأدب المفرد، والنسائي وابن المنذر، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن يزيد بن بابنوس قال : قلنا لعائشة : كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : كان خلقه القرآن، ثم قالت : تقرأ سورة المؤمنين ؟ [ فقرأ ] :﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾ حتى بلغ العشر، فقالت : هكذا كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير، والبيهقي في سننه عن محمد بن سيرين قال : نبئت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء، فنزلت :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾. وأخرجه عبد الرزاق، عنه، وزاد : فأمره بالخشوع فرمى ببصره نحو مسجده. وأخرجه عنه أيضاً عبد بن حميد، وأبو داود في المراسيل، وابن المنذر وابن أبي حاتم، والبيهقي في السنن بلفظ : كان إذا قام في الصلاة نظر هكذا وهكذا، يميناً وشمالاً، فنزلت :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ فحنى رأسه. وروي عنه من طرق مرسلاً هكذا. وأخرجه الحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في سننه عنه عن أبي هريرة ؛ أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء، فنزلت :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ فطأطأ رأسه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن سيرين بلفظ : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون رؤوسهم وأبصارهم إلى السماء في الصلاة [ و ] يلتفتون يميناً وشمالاً، فأنزل الله ﴿ قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون * الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ فمالوا برؤوسهم فلم يرفعوا أبصارهم بعد ذلك في الصلاة، ولم يلتفتوا يميناً وشمالاً. وأخرج ابن المبارك في الزهد، وعبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر، والحاكم وصححه، والبيهقي في سننه عن عليّ : أنه سئل عن قوله :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ قال : الخشوع في القلب، وأن تلين كتفك للمرء المسلم، وأن لا تلتفت في صلاتك. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ قال : خائفون ساكنون. وقد ورد في مشروعية الخشوع في الصلاة والنهي عن الالتفات وعن رفع البصر إلى السماء أحاديث معروفة في كتب الحديث. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ والذين هُمْ عَنِ اللغو مُعْرِضُونَ ﴾ قال : الباطل. وأخرج عبد الرزاق، وأبو داود في ناسخه عن القاسم بن محمد : أنه سئل عن المتعة فقال : إني لأرى تحريمها في القرآن، ثم تلا :﴿ والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافظون * إِلاَّ على أزواجهم أَوْ مَا مَلَكَتْ أيمانهم ﴾. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني عن ابن مسعود أنه قيل له : إن الله يكثر ذكر الصلاة في القرآن :﴿ الذين هُمْ على صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾ [ المعارج : ٢٣ ]. ﴿ والذين هُمْ على صلاتهم يحافظون ﴾ قال : ذلك على مواقيتها، قالوا : ما كنا نرى ذلك إلا على تركها، قال : تركها كفر. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، والحاكم وصححه عن أبي هريرة في قوله :﴿ أولئك هُمُ الوارثون ﴾ قال : يرثون مساكنهم ومساكن إخوانهم التي أعدت لهم لو أطاعوا الله. وأخرج سعيد بن منصور وابن ماجه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( ما منكم من أحد إلا وله منزلان : منزل في الجنة، ومنزل في النار، فإذا مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله، فذلك قوله :﴿ أولئك هُمُ الوارثون ﴾ ). وأخرج عبد بن حميد، والترمذي وقال : حسن صحيح غريب عن أنس، فذكر قصة، وفيها أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :( الفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها )، ويدلّ على هذه الوراثة المذكورة هنا قوله تعالى :﴿ تِلْكَ الجنة التي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً ﴾ [ مريم : ٦٣ ]. وقوله :﴿ تِلْكُمُ الجنة أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الأعراف : ٤٣ ]. ويشهد لحديث أبي هريرة هذا ما في صحيح مسلم عن أبي موسى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :( يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم، ويضعها على اليهود والنصارى ). وفي لفظ له : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا كان يوم القيامة دفع الله إلى كل مسلم يهودياً أو نصرانياً، فيقول : هذا فكاكك من النار ).
ثم مدح سبحانه هؤلاء فقال :﴿ أولئك هُمُ الوارثون ﴾ أي الأحقاء بأن يسموا بهذا الاسم دون غيرهم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والترمذي والنسائي وابن المنذر والعقيلي، والحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، والضياء في المختارة عن عمر بن الخطاب قال :( كان إذا أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي يسمع عند وجهه كدويّ النحل، فأنزل الله عليه يوماً فمكثنا ساعة، فسريّ عنه فاستقبل القبلة فقال :( اللّهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا )، ثم قال :( لقد أنزل عليّ عشر آيات من أقامهنّ دخل الجنة )، ثم قرأ ﴿ قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون ﴾ حتى ختم العشر. وفي إسناده يونس بن سليم الإيلي. قال النسائي : لا نعرف أحداً رواه عن ابن شهاب إلا يونس بن سليم ويونس لا نعرفه. وأخرج البخاري في الأدب المفرد، والنسائي وابن المنذر، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن يزيد بن بابنوس قال : قلنا لعائشة : كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : كان خلقه القرآن، ثم قالت : تقرأ سورة المؤمنين ؟ [ فقرأ ] :﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾ حتى بلغ العشر، فقالت : هكذا كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير، والبيهقي في سننه عن محمد بن سيرين قال : نبئت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء، فنزلت :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾. وأخرجه عبد الرزاق، عنه، وزاد : فأمره بالخشوع فرمى ببصره نحو مسجده. وأخرجه عنه أيضاً عبد بن حميد، وأبو داود في المراسيل، وابن المنذر وابن أبي حاتم، والبيهقي في السنن بلفظ : كان إذا قام في الصلاة نظر هكذا وهكذا، يميناً وشمالاً، فنزلت :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ فحنى رأسه. وروي عنه من طرق مرسلاً هكذا. وأخرجه الحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في سننه عنه عن أبي هريرة ؛ أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء، فنزلت :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ فطأطأ رأسه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن سيرين بلفظ : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون رؤوسهم وأبصارهم إلى السماء في الصلاة [ و ] يلتفتون يميناً وشمالاً، فأنزل الله ﴿ قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون * الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ فمالوا برؤوسهم فلم يرفعوا أبصارهم بعد ذلك في الصلاة، ولم يلتفتوا يميناً وشمالاً. وأخرج ابن المبارك في الزهد، وعبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر، والحاكم وصححه، والبيهقي في سننه عن عليّ : أنه سئل عن قوله :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ قال : الخشوع في القلب، وأن تلين كتفك للمرء المسلم، وأن لا تلتفت في صلاتك. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ قال : خائفون ساكنون. وقد ورد في مشروعية الخشوع في الصلاة والنهي عن الالتفات وعن رفع البصر إلى السماء أحاديث معروفة في كتب الحديث. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ والذين هُمْ عَنِ اللغو مُعْرِضُونَ ﴾ قال : الباطل. وأخرج عبد الرزاق، وأبو داود في ناسخه عن القاسم بن محمد : أنه سئل عن المتعة فقال : إني لأرى تحريمها في القرآن، ثم تلا :﴿ والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافظون * إِلاَّ على أزواجهم أَوْ مَا مَلَكَتْ أيمانهم ﴾. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني عن ابن مسعود أنه قيل له : إن الله يكثر ذكر الصلاة في القرآن :﴿ الذين هُمْ على صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾ [ المعارج : ٢٣ ]. ﴿ والذين هُمْ على صلاتهم يحافظون ﴾ قال : ذلك على مواقيتها، قالوا : ما كنا نرى ذلك إلا على تركها، قال : تركها كفر. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، والحاكم وصححه عن أبي هريرة في قوله :﴿ أولئك هُمُ الوارثون ﴾ قال : يرثون مساكنهم ومساكن إخوانهم التي أعدت لهم لو أطاعوا الله. وأخرج سعيد بن منصور وابن ماجه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( ما منكم من أحد إلا وله منزلان : منزل في الجنة، ومنزل في النار، فإذا مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله، فذلك قوله :﴿ أولئك هُمُ الوارثون ﴾ ). وأخرج عبد بن حميد، والترمذي وقال : حسن صحيح غريب عن أنس، فذكر قصة، وفيها أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :( الفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها )، ويدلّ على هذه الوراثة المذكورة هنا قوله تعالى :﴿ تِلْكَ الجنة التي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً ﴾ [ مريم : ٦٣ ]. وقوله :﴿ تِلْكُمُ الجنة أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الأعراف : ٤٣ ]. ويشهد لحديث أبي هريرة هذا ما في صحيح مسلم عن أبي موسى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :( يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم، ويضعها على اليهود والنصارى ). وفي لفظ له : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا كان يوم القيامة دفع الله إلى كل مسلم يهودياً أو نصرانياً، فيقول : هذا فكاكك من النار ).
ثم بين الموروث بقوله :﴿ الذين يَرِثُونَ الفردوس ﴾ وهو أوسط الجنة، كما صح تفسيره بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. والمعنى : أن من عمل بما ذكر في هذه الآيات فهو الوارث الذي يرث من الجنة ذلك المكان، وفيه استعارة لاستحقاقهم الفردوس بأعمالهم. وقيل : المعنى : أنهم يرثون من الكفار منازلهم حيث فرقوها على أنفسهم ؛ لأنه سبحانه خلق لكل إنسان منزلاً في الجنة ومنزلاً في النار. ولفظ الفردوس لغة رومية معرّبة، وقيل : فارسية. وقيل : حبشية. وقيل : هي عربية. وجملة :﴿ هُمْ فِيهَا خالدون ﴾ في محل نصب على الحال المقدّرة، أو مستأنفة لا محل لها، ومعنى الخلود : أنهم يدومون فيها لا يخرجون منها ولا يموتون فيها، وتأنيث الضمير مع أنه راجع إلى الفردوس لأنه بمعنى الجنة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والترمذي والنسائي وابن المنذر والعقيلي، والحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، والضياء في المختارة عن عمر بن الخطاب قال :( كان إذا أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي يسمع عند وجهه كدويّ النحل، فأنزل الله عليه يوماً فمكثنا ساعة، فسريّ عنه فاستقبل القبلة فقال :( اللّهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا )، ثم قال :( لقد أنزل عليّ عشر آيات من أقامهنّ دخل الجنة )، ثم قرأ ﴿ قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون ﴾ حتى ختم العشر. وفي إسناده يونس بن سليم الإيلي. قال النسائي : لا نعرف أحداً رواه عن ابن شهاب إلا يونس بن سليم ويونس لا نعرفه. وأخرج البخاري في الأدب المفرد، والنسائي وابن المنذر، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن يزيد بن بابنوس قال : قلنا لعائشة : كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : كان خلقه القرآن، ثم قالت : تقرأ سورة المؤمنين ؟ [ فقرأ ] :﴿ قد أفلح المؤمنون ﴾ حتى بلغ العشر، فقالت : هكذا كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير، والبيهقي في سننه عن محمد بن سيرين قال : نبئت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء، فنزلت :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾. وأخرجه عبد الرزاق، عنه، وزاد : فأمره بالخشوع فرمى ببصره نحو مسجده. وأخرجه عنه أيضاً عبد بن حميد، وأبو داود في المراسيل، وابن المنذر وابن أبي حاتم، والبيهقي في السنن بلفظ : كان إذا قام في الصلاة نظر هكذا وهكذا، يميناً وشمالاً، فنزلت :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ فحنى رأسه. وروي عنه من طرق مرسلاً هكذا. وأخرجه الحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في سننه عنه عن أبي هريرة ؛ أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء، فنزلت :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ فطأطأ رأسه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن سيرين بلفظ : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون رؤوسهم وأبصارهم إلى السماء في الصلاة [ و ] يلتفتون يميناً وشمالاً، فأنزل الله ﴿ قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون * الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ فمالوا برؤوسهم فلم يرفعوا أبصارهم بعد ذلك في الصلاة، ولم يلتفتوا يميناً وشمالاً. وأخرج ابن المبارك في الزهد، وعبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر، والحاكم وصححه، والبيهقي في سننه عن عليّ : أنه سئل عن قوله :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ قال : الخشوع في القلب، وأن تلين كتفك للمرء المسلم، وأن لا تلتفت في صلاتك. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون ﴾ قال : خائفون ساكنون. وقد ورد في مشروعية الخشوع في الصلاة والنهي عن الالتفات وعن رفع البصر إلى السماء أحاديث معروفة في كتب الحديث. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ والذين هُمْ عَنِ اللغو مُعْرِضُونَ ﴾ قال : الباطل. وأخرج عبد الرزاق، وأبو داود في ناسخه عن القاسم بن محمد : أنه سئل عن المتعة فقال : إني لأرى تحريمها في القرآن، ثم تلا :﴿ والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافظون * إِلاَّ على أزواجهم أَوْ مَا مَلَكَتْ أيمانهم ﴾. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني عن ابن مسعود أنه قيل له : إن الله يكثر ذكر الصلاة في القرآن :﴿ الذين هُمْ على صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾ [ المعارج : ٢٣ ]. ﴿ والذين هُمْ على صلاتهم يحافظون ﴾ قال : ذلك على مواقيتها، قالوا : ما كنا نرى ذلك إلا على تركها، قال : تركها كفر. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، والحاكم وصححه عن أبي هريرة في قوله :﴿ أولئك هُمُ الوارثون ﴾ قال : يرثون مساكنهم ومساكن إخوانهم التي أعدت لهم لو أطاعوا الله. وأخرج سعيد بن منصور وابن ماجه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( ما منكم من أحد إلا وله منزلان : منزل في الجنة، ومنزل في النار، فإذا مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله، فذلك قوله :﴿ أولئك هُمُ الوارثون ﴾ ). وأخرج عبد بن حميد، والترمذي وقال : حسن صحيح غريب عن أنس، فذكر قصة، وفيها أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :( الفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها )، ويدلّ على هذه الوراثة المذكورة هنا قوله تعالى :﴿ تِلْكَ الجنة التي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً ﴾ [ مريم : ٦٣ ]. وقوله :﴿ تِلْكُمُ الجنة أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الأعراف : ٤٣ ]. ويشهد لحديث أبي هريرة هذا ما في صحيح مسلم عن أبي موسى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :( يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم، ويضعها على اليهود والنصارى ). وفي لفظ له : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا كان يوم القيامة دفع الله إلى كل مسلم يهودياً أو نصرانياً، فيقول : هذا فكاكك من النار ).

[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ١٢ الى ٢٢]

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ (١٤) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ (١٦)
وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ (١٧) وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ (١٨) فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (١٩) وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ (٢٠) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٢١)
وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (٢٢)
لَمَّا حَثَّ سُبْحَانَهُ عِبَادَهُ عَلَى الْعِبَادَةِ وَوَعَدَهُمُ الْفِرْدَوْسَ عَلَى فِعْلِهَا، عَادَ إِلَى تَقْرِيرِ الْمَبْدَأِ وَالْمَعَادِ لِيَتَمَكَّنَ ذَلِكَ فِي نُفُوسِ الْمُكَلَّفِينَ فَقَالَ: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ إِلَى آخِرِهِ، وَاللَّامُ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ، وَالْجُمْلَةُ مُبْتَدَأَةٌ، وَقِيلَ: مَعْطُوفَةٌ عَلَى مَا قَبْلَهَا، وَالْمُرَادُ بِالْإِنْسَانِ الْجِنْسُ لِأَنَّهُمْ مَخْلُوقُونَ فِي ضِمْنِ خَلْقِ أَبِيهِمْ آدَمَ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ آدَمُ. وَالسُّلَالَةُ فُعَالَةٌ مِنَ السَّلِّ، وَهُوَ اسْتِخْرَاجُ الشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ، يُقَالُ: سَلَلْتُ الشَّعْرَةَ مِنَ الْعَجِينِ، وَالسَّيْفَ مِنَ الْغِمْدِ فَانْسَلَّ، فَالنُّطْفَةُ سُلَالَةٌ، وَالْوَلَدُ سَلِيلٌ، وَسُلَالَةٌ أَيْضًا، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ «١» :
فَجَاءَتْ بِهِ عَضْبَ الْأَدِيِمِ غَضَنْفَرًا سُلَالَةَ فَرْجٍ كَانَ غَيْرَ حَصِينِ
وَقَوْلُ الْآخَرِ «٢» :
وَهَلْ هِنْدُ إِلَّا مُهْرَةٌ عَرَبِيَّةٌ سليلة أفراس تجلّلها «٣» بَغْلُ
ومِنْ فِي مِنْ سُلالَةٍ ابْتِدَائِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِخَلَقْنَا، وَفِي مِنْ طِينٍ بَيَانِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ، وَقَعَ صِفَةً لِسُلَالَةٍ، أَيْ: كَائِنَةٌ مِنْ طِينٍ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ خَلَقَ جَوْهَرَ الْإِنْسَانِ أَوَّلًا مِنْ طِينٍ، لِأَنَّ الْأَصْلَ آدَمُ، وَهُوَ مِنْ طِينٍ خَالِصٍ وَأَوْلَادُهُ مَنْ طِينٍ وَمَنِيٍّ. وَقِيلَ: السُّلَالَةُ: الطِّينُ إِذَا عَصَرْتَهُ انْسَلَّ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِكَ، فَالَّذِي يَخْرُجُ هُوَ السُّلَالَةُ، قَالَهُ الْكَلْبِيُّ ثُمَّ جَعَلْناهُ أَيِ الْجِنْسَ بِاعْتِبَارِ أَفْرَادِهِ الَّذِينَ هُمْ بَنُو آدَمَ، أَوْ جَعَلْنَا نَسْلَهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ إِنْ أُرِيدَ بِالْإِنْسَانِ آدَمُ نُطْفَةً وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ النُّطْفَةِ فِي سُورَةِ الْحَجِّ، وَكَذَلِكَ تَفْسِيرُ الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ. وَالْمُرَادُ بِالْقَرَارِ الْمَكِينِ: الرَّحِمُ، وَعَبَّرَ عَنْهَا بِالْقَرَارِ الَّذِي هُوَ مَصْدَرٌ مُبَالِغَةً، وَمَعْنَى ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً أَيْ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ أَحَالَ النُّطْفَةَ الْبَيْضَاءَ عَلَقَةً حَمْرَاءَ فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً أَيْ: قِطْعَةَ لَحْمٍ غَيْرَ مُخَلَّقَةٍ فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً أَيْ: جَعَلَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ مُتَصَلِّبَةً لِتَكُونَ عَمُودًا لِلْبَدَنِ عَلَى أَشْكَالٍ
(١). هو حسان بن ثابت.
(٢). القائل: هند بنت النعمان.
(٣). «تجلّلها» : علاها. ويروى: تحلّلها.
564
مَخْصُوصَةٍ فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً أَيْ: أَنْبَتَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى كُلِّ عَظْمٍ لَحْمًا عَلَى الْمِقْدَارِ الَّذِي يَلِيقُ بِهِ وَيُنَاسِبُهُ ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ أَيْ: نَفَخْنَا فِيهِ الرُّوحَ بَعْدَ أَنْ كَانَ جَمَادًا، وَقِيلَ: أَخْرَجْنَاهُ إِلَى الدُّنْيَا، وَقِيلَ: هُوَ نَبَاتُ الشَّعْرِ، وَقِيلَ: خُرُوجُ الْأَسْنَانِ، وَقِيلَ: تَكْمِيلُ الْقُوَى الْمَخْلُوقَةِ فِيهِ، وَلَا مَانِعَ مِنْ إِرَادَةِ الْجَمِيعِ، وَالْمَجِيءُ بِثُمَّ لِكَمَالِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْخَلْقَيْنِ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ أَيِ: اسْتَحَقَّ التَّعْظِيمَ وَالثَّنَاءَ.
وَقِيلَ: مَأْخُوذٌ مِنَ الْبَرَكَةِ، أَيْ: كَثُرَ خَيْرُهُ وَبَرَكَتُهُ. وَالْخَلْقُ فِي اللُّغَةِ: التَّقْدِيرُ، يُقَالُ: خَلَقْتُ الْأَدِيمَ إِذَا قِسْتَهُ لِتَقْطَعَ مِنْهُ شَيْئًا، فَمَعْنَى أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ: أَتْقَنُ الصَّانِعِينَ الْمُقَدِّرِينَ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ «١» :
وَلَأَنْتَ تَفْرِي مَا خَلَقْتَ وَبَعْ ضُ الْقَوْمِ يَخْلُقُ ثُمَّ لَا يَفْرِي
ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: ذلِكَ إِلَى الْأُمُورِ الْمُتَقَدِّمَةِ، أَيْ: ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ تِلْكَ الْأُمُورِ لَمَيِّتُونَ صَائِرُونَ إِلَى الْمَوْتِ لَا مَحَالَةَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ مِنْ قُبُورِكُمْ إِلَى الْمَحْشَرِ لِلْحِسَابِ وَالْعِقَابِ. وَاللَّامُ فِي وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ جَوَابٌ لِقَسَمٍ مَحْذُوفٍ، وَالْجُمْلَةُ مُبْتَدَأَةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى بَيَانِ خَلْقِ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ بَعْدَ بَيَانِ خَلْقِهِمْ، وَالطَّرَائِقُ: هِيَ السَّمَاوَاتُ. قَالَ الْخَلِيلِيُّ وَالْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ:
سمّيت طَرَائِقَ لِأَنَّهُ طُورِقَ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ كَمُطَارَقَةِ النَّعْلِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: طَارَقْتُ الشَّيْءَ جَعَلْتُ بَعْضَهُ فَوْقَ بَعْضٍ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ شَيْءٍ فَوْقَ شَيْءٍ طَرِيقَةً. وَقِيلَ: لِأَنَّهَا طَرَائِقُ الْمَلَائِكَةِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهَا طَرَائِقُ الْكَوَاكِبِ. وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ الْمُرَادُ بِالْخَلْقِ هُنَا الْمَخْلُوقُ، أَيْ: وَمَا كُنَّا عَنْ هَذِهِ السَّبْعِ الطَّرَائِقِ وَحِفْظِهَا عَنْ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ بِغَافِلِينَ. وَقَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: الْمُرَادُ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ بِغَافِلِينَ، بَلْ حَفِظْنَا السَّمَاوَاتِ عَنْ أَنْ تَسْقُطَ، وَحَفِظْنَا مَنْ فِي الْأَرْضِ أَنْ تَسْقُطَ السَّمَاءُ عَلَيْهِمْ فَتُهْلِكَهُمْ أَوْ تَمِيدَ بِهِمُ الْأَرْضُ، أَوْ يَهْلِكُونَ بِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ الْمُسْتَأْصِلَةِ لَهُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ نَفْيُ الْغَفْلَةِ عَنِ الْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِمْ وَمَا يَعِيشُونَ بِهِ، وَنَفْيُ الْغَفْلَةِ عَنْ حِفْظِهِمْ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ مَاءً هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا امْتَنَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْمَاءِ مَاءُ الْمَطَرِ، فَإِنَّ بِهِ حَيَاةَ الْأَرْضِ وَمَا فِيهَا مِنَ الْحَيَوَانِ، وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ مَاءُ الْأَنْهَارِ النَّازِلَةُ مِنَ السَّمَاءِ وَالْعُيُونِ، وَالْآبَارُ الْمُسْتَخْرَجَةُ مِنَ الْأَرْضِ، فَإِنَّ أَصْلَهَا مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ. وَقِيلَ: أَرَادَ سُبْحَانَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْأَنْهَارَ الْأَرْبَعَةَ:
سَيْحَانُ، وَجَيْحَانُ، وَالْفُرَاتُ، وَالنِّيلُ، وَلَا وَجْهَ لِهَذَا التَّخْصِيصِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ الْمَاءُ الْعَذْبُ، وَلَا وَجْهَ لِذَلِكَ أَيْضًا فَلَيْسَ فِي الْأَرْضِ مَاءٌ إِلَّا وَهُوَ مِنَ السَّمَاءِ. وَمَعْنَى بِقَدَرٍ بِتَقْدِيرٍ مِنَّا أَوْ بِمِقْدَارٍ يَكُونُ بِهِ صَلَاحُ الزرع وَالثِّمَارِ، فَإِنَّهُ لَوْ كَثُرَ لَكَانَ بِهِ هَلَاكُ ذَلِكَ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ وَمَعْنَى فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ جَعَلْنَاهُ مُسْتَقِرًّا فِيهَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ وَقْتَ حَاجَتِهِمْ إِلَيْهِ، كَالْمَاءِ الَّذِي يَبْقَى فِي الْمُسْتَنْقَعَاتِ وَالْغُدْرَانِ وَنَحْوِهَا وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ أَيْ: كَمَا قَدَرْنَا عَلَى إِنْزَالِهِ فَنَحْنُ قَادِرُونَ عَلَى أَنْ نَذْهَبَ بِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَلِهَذَا التَّنْكِيرِ حُسْنُ مُوقِعٍ لَا يَخْفَى، وَفِي هَذَا تَهْدِيدٌ شَدِيدٌ لِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ قُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ عَلَى إِذْهَابِهِ وَتَغْوِيرِهِ حَتَّى يَهْلِكَ النَّاسُ بِالْعَطَشِ وَتَهْلِكَ مَوَاشِيهُمْ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ:
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ «٢». ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ مَا يَتَسَبَّبُ عَنْ إِنْزَالِ الْمَاءِ
(١). هو زهير بن أبي سلمى.
(٢). الملك: ٣٠.
565
فَقَالَ: فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ أَيْ: أَوْجَدْنَا بِذَلِكَ الْمَاءِ جَنَّاتٍ مِنَ النَّوْعَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لَكُمْ فِيها أَيْ: فِي هَذِهِ الجنّات فَواكِهُ كَثِيرَةٌ تتفكّهون بها وتتطعمون مِنْهَا. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: وَمِنْ هَذِهِ الْجَنَّاتِ وُجُوهُ أَرْزَاقِكُمْ وَمَعَاشِكُمْ، كَقَوْلِهِ: فُلَانٌ يَأْكُلُ مِنْ حِرْفَةِ كَذَا، وَهُوَ بَعِيدٌ. وَاقْتَصَرَ سُبْحَانَهُ عَلَى النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ لِأَنَّهَا الْمَوْجُودَةُ بِالطَّائِفِ وَالْمَدِينَةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ. كَذَا قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ. وَقِيلَ: لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْأَشْجَارِ ثَمَرَةً، وَأَطْيَبُهَا مَنْفَعَةً وَطَعْمًا وَلَذَّةً. قِيلَ: الْمَعْنِيُّ بِقَوْلِهِ: لَكُمْ فِيها فَواكِهُ أَنَّ لَكُمْ فِي هَذِهِ الْجَنَّاتِ فَوَاكِهَ مِنْ غَيْرِ الْعِنَبِ وَالنَّخِيلِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: لَكُمْ فِي هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ خَاصَّةً فَوَاكِهُ لِأَنَّ فِيهِمَا أَنْوَاعًا مُخْتَلِفَةً مُتَفَاوِتَةً فِي الطَّعْمِ وَاللَّوْنِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْفِقْهِ فِي لَفْظِ الْفَاكِهَةِ عَلَى مَاذَا يُطْلَقُ؟ اخْتِلَافًا كَثِيرًا، وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ إِنَّهَا تُطْلَقُ عَلَى الثَّمَرَاتِ الَّتِي يَأْكُلُهَا النَّاسُ، وَلَيْسَتْ بِقُوتٍ لَهُمْ وَلَا طَعَامٍ وَلَا إِدَامٍ. وَاخْتُلِفَ فِي البقول هل تدخل فِي الْبُقُولِ هَلْ تَدْخُلُ فِي الْفَاكِهَةِ أَمْ لَا؟ وَانْتِصَابُ شَجَرَةً عَلَى الْعَطْفِ عَلَى جَنَّاتٍ، وَأَجَازَ الْفَرَّاءُ الرَّفْعَ عَلَى تَقْدِيرِ: وَثَمَّ شَجَرَةٌ فَتَكُونُ مُرْتَفِعَةً عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَخَبَرُهَا مَحْذُوفٌ مُقَدَّرٌ قَبْلَهَا، وَهُوَ الظَّرْفُ الْمَذْكُورُ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: وَالْمُفَسِّرُونَ كُلُّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الشَّجَرَةِ شَجَرَةُ الزَّيْتُونِ، وَخُصَّتْ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَاهَدُهَا أَحَدٌ بِالسَّقْيِ، وَهِيَ الَّتِي يَخْرُجُ الدُّهْنُ مِنْهَا، فَذَكَرَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ امْتِنَانًا مِنْهُ عَلَى عِبَادِهِ بِهَا، وَلِأَنَّهَا أَكْرَمُ الشَّجَرِ، وَأَعَمُّهَا نَفْعًا، وَأَكْثَرُهَا بَرَكَةً، ثُمَّ وَصَفَ سُبْحَانَهُ هَذِهِ الشَّجَرَةَ بِأَنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ وَهُوَ جَبَلٌ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَالطُّورُ:
الْجَبَلُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَقِيلَ: هُوَ ممّا عرّب من كلام العجم. واختلف في معنى سيناء فقيل: هو الحسن، وَقِيلَ: هُوَ الْمُبَارَكُ، وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ اسْمٌ لِلْجَبَلِ كَمَا تَقُولُ: جَبَلُ أُحُدٍ. وَقِيلَ: سَيْنَاءُ حَجَرٌ بِعَيْنِهِ أُضِيفَ الْجَبَلُ إِلَيْهِ لِوُجُودِهِ عِنْدَهُ، وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ جَبَلٍ يَحْمِلُ الثِّمَارَ. وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ سَيْناءَ بِفَتْحِ السِّينِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِكَسْرِ السِّينِ، وَلَمْ يُصْرَفْ لِأَنَّهُ جُعِلَ اسْمًا لِلْبُقْعَةِ، وَزَعَمَ الْأَخْفَشُ أَنَّهُ أَعْجَمِيٌّ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ. وَالْمَعْنَى عَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى: أَنَّهَا تَنْبُتُ فِي نَفْسِهَا مُتَلَبِّسَةً بِالدُّهْنِ، وَعَلَى الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ: الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ، فَهِيَ لِلْمُصَاحَبَةِ.
قال أبو عليّ الفارسي: التقدير: تنبت جناها ومعه الدهن. وقيل: الباء زائدة. قال أَبُو عُبَيْدَةَ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ «١» :
هُنَّ الْحَرَائِرُ لَا رَبَّاتُ أَحْمِرَةٍ «٢» سُودُ الْمَحَاجِرِ لَا يَقْرَأْنَ بِالسُّوَرِ
وَقَالَ آخَرُ:
...................
نَضْرِبُ بِالسَّيْفِ وَنَرْجُو بِالْفَرَجِ «٣»
(١). هو الراعي.
(٢). «أحمرة» : جمع حمار. وخصّ الحمير لأنها رذال المال وشرّه. وقال البغدادي في خزانة الأدب: وقد صحّف الدماميني هذه الكلمة بالخاء المعجمة.
(٣). وصدره: نحن بنو جعدة أصحاب الفلج.
566
وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ: إِنَّ نَبَتَ وَأَنْبَتَ بِمَعْنًى، وَالْأَصْمَعِيُّ يُنْكِرُ أَنْبَتَ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ قَوْلُ زُهَيْرٍ:
رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم قطينا بها حَتَّى إِذَا أَنْبَتَ الْبَقْلُ
أَيْ: نَبَتَ. وَقَرَأَ الزُّهْرِيُّ وَالْحَسَنُ وَالْأَعْرَجُ «تُنْبَتُ» بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ. قَالَ الزَّجَّاجُ وَابْنُ جِنِّيٍّ:
أَيْ تَنْبُتُ وَمَعَهَا الدُّهْنُ، وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ «تَخْرُجُ» بِالدُّهْنِ، وَقَرَأَ زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ «تُنْبِتُ الدُّهْنَ» بِحَذْفِ حَرْفِ الْجَرِّ. وَقَرَأَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَالْأَشْهَبُ «بِالدِّهَانِ». وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ مَعْطُوفٌ عَلَى الدُّهْنِ، أَيْ:
تَنْبُتُ بِالشَّيْءِ الْجَامِعِ بَيْنَ كَوْنِهِ دُهْنًا يدهن به. وكونه صبغا يؤتدم به. قرأ الْجُمْهُورُ صِبْغٍ وَقَرَأَ قَوْمٌ «صِبَاغٍ» مِثْلُ لِبْسٍ وَلِبَاسٍ، وَكُلُّ إِدَامٍ يُؤْتَدَمُ بِهِ فَهُوَ صِبْغٌ وَصِبَاغٌ، وَأَصْلُ الصِّبْغِ مَا يُلَوَّنُ بِهِ الثَّوْبُ، وَشُبِّهَ الْإِدَامُ بِهِ لِأَنَّ الْخُبْزَ يَكُونُ بِالْإِدَامِ كَالْمَصْبُوغِ بِهِ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً هَذِهِ مِنْ جُمْلَةِ النِّعَمِ الَّتِي امْتَنَّ اللَّهُ بِهَا عَلَيْهِمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْأَنْعَامِ فِي سُورَةِ النَّحْلِ. قَالَ النَّيْسَابُورِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: وَلَعَلَّ الْقَصْدَ بِالْأَنْعَامِ هُنَا إِلَى الْإِبِلِ خَاصَّةً لِأَنَّهَا هِيَ الْمَحْمُولُ عَلَيْهَا فِي الْعَادَةِ، وَلِأَنَّهُ قَرَنَهَا بِالْفُلْكِ وَهِيَ سَفَائِنُ الْبَرِّ، كَمَا أَنَّ الْفُلْكَ سَفَائِنُ الْبَحْرِ. وَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهَا عِبْرَةٌ لِأَنَّهَا مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِخَلْقِهَا وَأَفْعَالِهَا عَلَى عَظِيمِ الْقُدْرَةِ الْإِلَهِيَّةِ، ثُمَّ فَصَّلَ سُبْحَانَهُ مَا فِي هَذِهِ الْأَنْعَامِ مِنَ النِّعَمِ بَعْدَ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْعِبْرَةِ فِيهَا لِلْعِبَادِ، فَقَالَ: نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها يَعْنِي سُبْحَانَهُ: اللَّبَنَ الْمُتَكَوِّنَ فِي بُطُونِهَا الْمُنْصَبَّ إِلَى ضُرُوعِهَا، فَإِنَّ فِي انْعِقَادِ مَا تَأْكُلُهُ مِنَ الْعَلَفِ وَاسْتِحَالَتِهِ إِلَى هَذَا الْغِذَاءِ اللَّذِيذِ، وَالْمَشْرُوبِ النَّفِيسِ أَعْظَمَ عِبْرَةٍ لِلْمُعْتَبِرِينَ، وَأَكْبَرَ مَوْعِظَةٍ لِلْمُتَّعِظِينَ. قُرِئَ نُسْقِيكُمْ بِالنُّونِ عَلَى أَنَّ الْفَاعِلَ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَقُرِئَ بِالتَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ عَلَى أَنَّ الْفَاعِلَ هُوَ الْأَنْعَامُ. ثُمَّ ذَكَرَ مَا فِيهَا مِنَ الْمَنَافِعِ إِجْمَالًا فَقَالَ: وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ يَعْنِي فِي ظُهُورِهَا وَأَلْبَانِهَا وَأَوْلَادِهَا وَأَصْوَافِهَا وَأَشْعَارِهَا، ثُمَّ ذَكَرَ مَنْفَعَةً خَاصَّةً فَقَالَ: وَمِنْها تَأْكُلُونَ لِمَا فِي الْأَكْلِ مِنْ عظيم الانتفاع لهم، وكذلك ذَكَرَ الرُّكُوبَ عَلَيْهَا لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَنْفَعَةِ العظيمة فقال: عَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ
أَيْ: وَعَلَى الْأَنْعَامِ، فَإِنْ أُرِيدَ بِالْأَنْعَامِ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ، فَالْمُرَادُ: وَعَلَى بعض الأنعام، وهي الْإِبِلُ خَاصَّةً، فَالْمَعْنَى وَاضِحٌ.
ثُمَّ لَمَّا كَانَتِ الْأَنْعَامُ هِيَ غَالِبَ مَا يَكُونُ الرُّكُوبُ عَلَيْهِ فِي الْبَرِّ ضَمَّ إِلَيْهَا مَا يَكُونُ الرُّكُوبُ عليه في البحر، فقال:
عَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ
تَتْمِيمًا لِلنِّعْمَةِ وَتَكْمِيلًا لِلْمِنَّةِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: السُّلَالَةُ: صَفْوُ الْمَاءِ الرَّقِيقِ الَّذِي يَكُونُ مِنْهُ الْوَلَدُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: إِنَّ النُّطْفَةَ إِذَا وَقَعَتْ فِي الرَّحِمِ طَارَتْ فِي شَعْرٍ وَظُفْرٍ فَتَمْكُثُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ تَنْحَدِرُ فِي الرَّحِمِ فَتَكُونُ عَلَقَةً. وَلِلتَّابِعِينَ فِي تَفْسِيرِ السُّلَالَةِ أَقْوَالٌ قَدْ قَدَّمَنَا الْإِشَارَةَ إِلَيْهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ قَالَ: الشَّعْرُ وَالْأَسْنَانُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ قَالَ: نَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ، وَكَذَا قَالَ: مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ والشعبي والحسن وأبو العالية والربيع بن أنس والسدّي والضحّاك وَابْنِ زَيْدٍ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ قَالَ: حِينَ اسْتَوَى بِهِ الشَّبَابُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ صَالِحٍ أَبِي الْخَلِيلِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ
567
والمعنى : أنه سبحانه خلق جوهر الإنسان أوّلاً من طين ؛ لأن الأصل آدم، وهو من طين خالص وأولاده من طين ومنيّ، وقيل : السلالة : الطين إذا عصرته انسلّ من بين أصابعك ؛ فالذي يخرج هو السلالة. قاله الكلبي ﴿ ثُمَّ جعلناه ﴾ أي : الجنس باعتبار أفراده الذين هم بنو آدم، أو جعلنا نسله على حذف مضاف إن أريد بالإنسان آدم ﴿ نُطْفَةٍ ﴾ وقد تقدّم تفسير النطفة في سورة الحج. وكذلك تفسير العلقة والمضغة. والمراد [ بالقرار ] المكين : الرّحم، وعبر عنها بالقرار الذي هو مصدر مبالغة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : السلالة : صفو الماء الرقيق الذي يكون منه الولد. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : إن النطفة إذا وقعت في الرحم طارت في شعر وظفر فتمكث أربعين يوماً، ثم تنحدر في الرحم فتكون علقة. وللتابعين في تفسير السلالة أقوال قد قدّمنا الإشارة إليها. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : الشعر والأسنان. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه :﴿ أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : نفخ فيه الروح، وكذا قال مجاهد وعكرمة والشعبي والحسن وأبو العالية والربيع بن أنس والسديّ والضحاك وابن زيد، واختاره ابن جرير. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : حين استوى به الشباب. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن صالح أبي الخليل قال : لما نزلت هذه الآية على النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى قوله :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال عمر :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ قال :( والذي نفسي بيده إنها ختمت بالذي تكلمت به يا عمر ). وأخرج الطيالسي وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن أنس قال : قال عمر : وافقت ربي في أربع، قلت : يا رسول الله لو صلينا خلف المقام ؟ فأنزل الله ﴿ واتخذوا مِن مَقَامِ إبراهيم مُصَلًّى ﴾ [ البقرة : ١٢٥ ]. وقلت : يا رسول الله، لو اتخذت على نسائك حجاباً فإنه يدخل عليك البرّ والفاجر، فأنزل الله :﴿ وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ﴾ [ الأحزاب : ٥٣ ] وقلت لأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم : لتنتهنّ أو ليبدلنّه الله أزواجاً خيراً منكنّ، فنزلت :﴿ عسى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ ﴾ [ التحريم : ٥ ] الآية، ونزلت :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سلالة ﴾ إلى قوله :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ فقلت أنا :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾. وأخرج ابن راهويه وابن المنذر وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه عن زيد بن ثابت قال : أملى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان ﴾ إلى قوله :﴿ خَلْقاً آخَرَ ﴾ فقال معاذ بن جبل :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له معاذ : مم ضحكت يا رسول الله ؟ قال :( بها ختمت ﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ ) وفي إسناده جابر الجعفي وهو ضعيف جداً. قال ابن كثير : وفي خبره هذا نكارة شديدة، وذلك أن هذه السورة مكية، وزيد بن ثابت إنما كتب الوحي بالمدينة، وكذلك إسلام معاذ بن جبل إنما كان بالمدينة، والله أعلم. وأخرج ابن مردويه والخطيب، قال السيوطي : بسند ضعيف، عن ابن عباس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :( أنزل الله من الجنة إلى الأرض خمسة أنهار ). سيحون وهو نهر الهند، وجيحون وهو نهر بلخ، ودجلة والفرات وهما نهرا العراق، والنيل وهو نهر مصر، أنزلها من عين واحدة من عيون الجنة من أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل، فاستودعها الجبال وأجراها في الأرض، وجعلها منافع للناس في أصناف معايشهم، فذلك قوله :﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ السماء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأرض ﴾ فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل الله جبريل، فرفع من الأرض القرآن والعلم، والحجر من ركن البيت، ومقام إبراهيم، وتابوت موسى بما فيه، وهذه الأنهار الخمسة، فيرفع كل ذلك إلى السماء، فذلك قوله :﴿ وَإِنَّا على ذَهَابٍ بِهِ لقادرون ﴾ فإذا رفعت هذه الأشياء من الأرض فقد أهلها خير الدنيا والآخرة ). وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس، قال : طور سيناء هو الجبل الذي نودي منه موسى. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ تَنبُتُ بالدهن ﴾ قال : هو الزيت يؤكل ويدهن به.
ومعنى ﴿ ثُمَّ خَلَقْنَا النطفة عَلَقَةً ﴾ أي أنه سبحانه أحال النطفة البيضاء علقة حمراء ﴿ فَخَلَقْنَا العلقة مُضْغَةً ﴾ أي قطعة لحم غير مخلقة ﴿ فَخَلَقْنَا المضغة عظاما ﴾ أي جعلها الله سبحانه متصلبة لتكون عموداً للبدن على أشكال مخصوصة ﴿ فَكَسَوْنَا العظام لَحْماً ﴾ أي [ أنبتَ ] الله سبحانه على كل عظم لحماً على المقدار الذي يليق به ويناسبه ﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ أي نفخنا فيه الروح بعد أن كان جماداً. وقيل : أخرجناه إلى الدنيا. وقيل : هو نبات الشعر. وقيل : خروج الأسنان. وقيل : تكميل القوى المخلوقة فيه، ولا مانع من إرادة الجميع، والمجيء ب«ثم » لكمال التفاوت بين الخلقين ﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ أي استحق التعظيم والثناء. وقيل : مأخوذ من البركة، أي كثر خيره وبركته. والخلق في اللغة : التقدير، يقال : خلقت الأديم : إذا قسته لتقطع منه شيئاً، فمعنى ﴿ أحسن الخالقين ﴾ : أتقن الصانعين المقدّرين، ومنه قول الشاعر :
ولأنت تفري ما خلقت وبع ض القوم يخلق ثم لا يفري
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : السلالة : صفو الماء الرقيق الذي يكون منه الولد. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : إن النطفة إذا وقعت في الرحم طارت في شعر وظفر فتمكث أربعين يوماً، ثم تنحدر في الرحم فتكون علقة. وللتابعين في تفسير السلالة أقوال قد قدّمنا الإشارة إليها. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : الشعر والأسنان. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه :﴿ أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : نفخ فيه الروح، وكذا قال مجاهد وعكرمة والشعبي والحسن وأبو العالية والربيع بن أنس والسديّ والضحاك وابن زيد، واختاره ابن جرير. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : حين استوى به الشباب. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن صالح أبي الخليل قال : لما نزلت هذه الآية على النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى قوله :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال عمر :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ قال :( والذي نفسي بيده إنها ختمت بالذي تكلمت به يا عمر ). وأخرج الطيالسي وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن أنس قال : قال عمر : وافقت ربي في أربع، قلت : يا رسول الله لو صلينا خلف المقام ؟ فأنزل الله ﴿ واتخذوا مِن مَقَامِ إبراهيم مُصَلًّى ﴾ [ البقرة : ١٢٥ ]. وقلت : يا رسول الله، لو اتخذت على نسائك حجاباً فإنه يدخل عليك البرّ والفاجر، فأنزل الله :﴿ وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ﴾ [ الأحزاب : ٥٣ ] وقلت لأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم : لتنتهنّ أو ليبدلنّه الله أزواجاً خيراً منكنّ، فنزلت :﴿ عسى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ ﴾ [ التحريم : ٥ ] الآية، ونزلت :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سلالة ﴾ إلى قوله :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ فقلت أنا :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾. وأخرج ابن راهويه وابن المنذر وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه عن زيد بن ثابت قال : أملى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان ﴾ إلى قوله :﴿ خَلْقاً آخَرَ ﴾ فقال معاذ بن جبل :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له معاذ : مم ضحكت يا رسول الله ؟ قال :( بها ختمت ﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ ) وفي إسناده جابر الجعفي وهو ضعيف جداً. قال ابن كثير : وفي خبره هذا نكارة شديدة، وذلك أن هذه السورة مكية، وزيد بن ثابت إنما كتب الوحي بالمدينة، وكذلك إسلام معاذ بن جبل إنما كان بالمدينة، والله أعلم. وأخرج ابن مردويه والخطيب، قال السيوطي : بسند ضعيف، عن ابن عباس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :( أنزل الله من الجنة إلى الأرض خمسة أنهار ). سيحون وهو نهر الهند، وجيحون وهو نهر بلخ، ودجلة والفرات وهما نهرا العراق، والنيل وهو نهر مصر، أنزلها من عين واحدة من عيون الجنة من أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل، فاستودعها الجبال وأجراها في الأرض، وجعلها منافع للناس في أصناف معايشهم، فذلك قوله :﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ السماء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأرض ﴾ فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل الله جبريل، فرفع من الأرض القرآن والعلم، والحجر من ركن البيت، ومقام إبراهيم، وتابوت موسى بما فيه، وهذه الأنهار الخمسة، فيرفع كل ذلك إلى السماء، فذلك قوله :﴿ وَإِنَّا على ذَهَابٍ بِهِ لقادرون ﴾ فإذا رفعت هذه الأشياء من الأرض فقد أهلها خير الدنيا والآخرة ). وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس، قال : طور سيناء هو الجبل الذي نودي منه موسى. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ تَنبُتُ بالدهن ﴾ قال : هو الزيت يؤكل ويدهن به.
﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلك لَمَيّتُونَ ﴾ الإشارة بقوله :﴿ ذلك ﴾ إلى الأمور المتقدّمة، أي ثم إنكم بعد تلك الأمور لميتون صائرون إلى الموت لا محالة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : السلالة : صفو الماء الرقيق الذي يكون منه الولد. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : إن النطفة إذا وقعت في الرحم طارت في شعر وظفر فتمكث أربعين يوماً، ثم تنحدر في الرحم فتكون علقة. وللتابعين في تفسير السلالة أقوال قد قدّمنا الإشارة إليها. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : الشعر والأسنان. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه :﴿ أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : نفخ فيه الروح، وكذا قال مجاهد وعكرمة والشعبي والحسن وأبو العالية والربيع بن أنس والسديّ والضحاك وابن زيد، واختاره ابن جرير. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : حين استوى به الشباب. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن صالح أبي الخليل قال : لما نزلت هذه الآية على النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى قوله :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال عمر :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ قال :( والذي نفسي بيده إنها ختمت بالذي تكلمت به يا عمر ). وأخرج الطيالسي وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن أنس قال : قال عمر : وافقت ربي في أربع، قلت : يا رسول الله لو صلينا خلف المقام ؟ فأنزل الله ﴿ واتخذوا مِن مَقَامِ إبراهيم مُصَلًّى ﴾ [ البقرة : ١٢٥ ]. وقلت : يا رسول الله، لو اتخذت على نسائك حجاباً فإنه يدخل عليك البرّ والفاجر، فأنزل الله :﴿ وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ﴾ [ الأحزاب : ٥٣ ] وقلت لأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم : لتنتهنّ أو ليبدلنّه الله أزواجاً خيراً منكنّ، فنزلت :﴿ عسى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ ﴾ [ التحريم : ٥ ] الآية، ونزلت :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سلالة ﴾ إلى قوله :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ فقلت أنا :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾. وأخرج ابن راهويه وابن المنذر وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه عن زيد بن ثابت قال : أملى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان ﴾ إلى قوله :﴿ خَلْقاً آخَرَ ﴾ فقال معاذ بن جبل :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له معاذ : مم ضحكت يا رسول الله ؟ قال :( بها ختمت ﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ ) وفي إسناده جابر الجعفي وهو ضعيف جداً. قال ابن كثير : وفي خبره هذا نكارة شديدة، وذلك أن هذه السورة مكية، وزيد بن ثابت إنما كتب الوحي بالمدينة، وكذلك إسلام معاذ بن جبل إنما كان بالمدينة، والله أعلم. وأخرج ابن مردويه والخطيب، قال السيوطي : بسند ضعيف، عن ابن عباس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :( أنزل الله من الجنة إلى الأرض خمسة أنهار ). سيحون وهو نهر الهند، وجيحون وهو نهر بلخ، ودجلة والفرات وهما نهرا العراق، والنيل وهو نهر مصر، أنزلها من عين واحدة من عيون الجنة من أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل، فاستودعها الجبال وأجراها في الأرض، وجعلها منافع للناس في أصناف معايشهم، فذلك قوله :﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ السماء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأرض ﴾ فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل الله جبريل، فرفع من الأرض القرآن والعلم، والحجر من ركن البيت، ومقام إبراهيم، وتابوت موسى بما فيه، وهذه الأنهار الخمسة، فيرفع كل ذلك إلى السماء، فذلك قوله :﴿ وَإِنَّا على ذَهَابٍ بِهِ لقادرون ﴾ فإذا رفعت هذه الأشياء من الأرض فقد أهلها خير الدنيا والآخرة ). وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس، قال : طور سيناء هو الجبل الذي نودي منه موسى. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ تَنبُتُ بالدهن ﴾ قال : هو الزيت يؤكل ويدهن به.
﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ القيامة تُبْعَثُونَ ﴾ من قبوركم إلى المحشر للحساب والعقاب.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : السلالة : صفو الماء الرقيق الذي يكون منه الولد. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : إن النطفة إذا وقعت في الرحم طارت في شعر وظفر فتمكث أربعين يوماً، ثم تنحدر في الرحم فتكون علقة. وللتابعين في تفسير السلالة أقوال قد قدّمنا الإشارة إليها. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : الشعر والأسنان. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه :﴿ أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : نفخ فيه الروح، وكذا قال مجاهد وعكرمة والشعبي والحسن وأبو العالية والربيع بن أنس والسديّ والضحاك وابن زيد، واختاره ابن جرير. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : حين استوى به الشباب. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن صالح أبي الخليل قال : لما نزلت هذه الآية على النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى قوله :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال عمر :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ قال :( والذي نفسي بيده إنها ختمت بالذي تكلمت به يا عمر ). وأخرج الطيالسي وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن أنس قال : قال عمر : وافقت ربي في أربع، قلت : يا رسول الله لو صلينا خلف المقام ؟ فأنزل الله ﴿ واتخذوا مِن مَقَامِ إبراهيم مُصَلًّى ﴾ [ البقرة : ١٢٥ ]. وقلت : يا رسول الله، لو اتخذت على نسائك حجاباً فإنه يدخل عليك البرّ والفاجر، فأنزل الله :﴿ وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ﴾ [ الأحزاب : ٥٣ ] وقلت لأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم : لتنتهنّ أو ليبدلنّه الله أزواجاً خيراً منكنّ، فنزلت :﴿ عسى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ ﴾ [ التحريم : ٥ ] الآية، ونزلت :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سلالة ﴾ إلى قوله :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ فقلت أنا :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾. وأخرج ابن راهويه وابن المنذر وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه عن زيد بن ثابت قال : أملى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان ﴾ إلى قوله :﴿ خَلْقاً آخَرَ ﴾ فقال معاذ بن جبل :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له معاذ : مم ضحكت يا رسول الله ؟ قال :( بها ختمت ﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ ) وفي إسناده جابر الجعفي وهو ضعيف جداً. قال ابن كثير : وفي خبره هذا نكارة شديدة، وذلك أن هذه السورة مكية، وزيد بن ثابت إنما كتب الوحي بالمدينة، وكذلك إسلام معاذ بن جبل إنما كان بالمدينة، والله أعلم. وأخرج ابن مردويه والخطيب، قال السيوطي : بسند ضعيف، عن ابن عباس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :( أنزل الله من الجنة إلى الأرض خمسة أنهار ). سيحون وهو نهر الهند، وجيحون وهو نهر بلخ، ودجلة والفرات وهما نهرا العراق، والنيل وهو نهر مصر، أنزلها من عين واحدة من عيون الجنة من أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل، فاستودعها الجبال وأجراها في الأرض، وجعلها منافع للناس في أصناف معايشهم، فذلك قوله :﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ السماء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأرض ﴾ فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل الله جبريل، فرفع من الأرض القرآن والعلم، والحجر من ركن البيت، ومقام إبراهيم، وتابوت موسى بما فيه، وهذه الأنهار الخمسة، فيرفع كل ذلك إلى السماء، فذلك قوله :﴿ وَإِنَّا على ذَهَابٍ بِهِ لقادرون ﴾ فإذا رفعت هذه الأشياء من الأرض فقد أهلها خير الدنيا والآخرة ). وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس، قال : طور سيناء هو الجبل الذي نودي منه موسى. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ تَنبُتُ بالدهن ﴾ قال : هو الزيت يؤكل ويدهن به.
واللام في ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ ﴾ جواب لقسم محذوف، والجملة مبتدأة مشتملة على بيان خلق ما يحتاجون إليه بعد بيان خلقهم. والطرائق : هي السماوات. قال الخليل والفراء والزجاج : سميت طرائق ؛ لأنه طورق بعضها فوق بعض كمطارقة النعل. قال أبو عبيدة : طارقت الشيء جعلت بعضه فوق بعض، والعرب تسمي كل شيء فوق شيء طريقة. وقيل : لأنها طرائق الملائكة. وقيل : لأنها طرائق الكواكب ﴿ وَمَا كُنَّا عَنِ الخلق غافلين ﴾ المراد بالخلق هنا : المخلوق، أي : وما كنا عن هذه السبع الطرائق وحفظها عن أن تقع على الأرض بغافلين. وقال أكثر المفسرين : المراد الخلق كلهم بغافلين بل حفظنا السماوات عن أن تسقط، وحفظنا من في الأرض أن تسقط السماء عليهم فتهلكهم أو تميد بهم الأرض، أو يهلكون بسبب من الأسباب المستأصلة لهم، ويجوز أن يراد نفي الغفلة عن القيام بمصالحهم وما يعيشون به، ونفي الغفلة عن حفظهم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : السلالة : صفو الماء الرقيق الذي يكون منه الولد. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : إن النطفة إذا وقعت في الرحم طارت في شعر وظفر فتمكث أربعين يوماً، ثم تنحدر في الرحم فتكون علقة. وللتابعين في تفسير السلالة أقوال قد قدّمنا الإشارة إليها. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : الشعر والأسنان. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه :﴿ أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : نفخ فيه الروح، وكذا قال مجاهد وعكرمة والشعبي والحسن وأبو العالية والربيع بن أنس والسديّ والضحاك وابن زيد، واختاره ابن جرير. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : حين استوى به الشباب. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن صالح أبي الخليل قال : لما نزلت هذه الآية على النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى قوله :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال عمر :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ قال :( والذي نفسي بيده إنها ختمت بالذي تكلمت به يا عمر ). وأخرج الطيالسي وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن أنس قال : قال عمر : وافقت ربي في أربع، قلت : يا رسول الله لو صلينا خلف المقام ؟ فأنزل الله ﴿ واتخذوا مِن مَقَامِ إبراهيم مُصَلًّى ﴾ [ البقرة : ١٢٥ ]. وقلت : يا رسول الله، لو اتخذت على نسائك حجاباً فإنه يدخل عليك البرّ والفاجر، فأنزل الله :﴿ وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ﴾ [ الأحزاب : ٥٣ ] وقلت لأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم : لتنتهنّ أو ليبدلنّه الله أزواجاً خيراً منكنّ، فنزلت :﴿ عسى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ ﴾ [ التحريم : ٥ ] الآية، ونزلت :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سلالة ﴾ إلى قوله :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ فقلت أنا :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾. وأخرج ابن راهويه وابن المنذر وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه عن زيد بن ثابت قال : أملى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان ﴾ إلى قوله :﴿ خَلْقاً آخَرَ ﴾ فقال معاذ بن جبل :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له معاذ : مم ضحكت يا رسول الله ؟ قال :( بها ختمت ﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ ) وفي إسناده جابر الجعفي وهو ضعيف جداً. قال ابن كثير : وفي خبره هذا نكارة شديدة، وذلك أن هذه السورة مكية، وزيد بن ثابت إنما كتب الوحي بالمدينة، وكذلك إسلام معاذ بن جبل إنما كان بالمدينة، والله أعلم. وأخرج ابن مردويه والخطيب، قال السيوطي : بسند ضعيف، عن ابن عباس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :( أنزل الله من الجنة إلى الأرض خمسة أنهار ). سيحون وهو نهر الهند، وجيحون وهو نهر بلخ، ودجلة والفرات وهما نهرا العراق، والنيل وهو نهر مصر، أنزلها من عين واحدة من عيون الجنة من أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل، فاستودعها الجبال وأجراها في الأرض، وجعلها منافع للناس في أصناف معايشهم، فذلك قوله :﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ السماء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأرض ﴾ فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل الله جبريل، فرفع من الأرض القرآن والعلم، والحجر من ركن البيت، ومقام إبراهيم، وتابوت موسى بما فيه، وهذه الأنهار الخمسة، فيرفع كل ذلك إلى السماء، فذلك قوله :﴿ وَإِنَّا على ذَهَابٍ بِهِ لقادرون ﴾ فإذا رفعت هذه الأشياء من الأرض فقد أهلها خير الدنيا والآخرة ). وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس، قال : طور سيناء هو الجبل الذي نودي منه موسى. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ تَنبُتُ بالدهن ﴾ قال : هو الزيت يؤكل ويدهن به.
﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ السماء مَاء ﴾ هذا من جملة ما امتن الله سبحانه به على خلقه. والمراد : بالماء ماء المطر، فإن به حياة الأرض وما فيها من الحيوان، ومن جملة ذلك ماء الأنهار النازلة من السماء والعيون، والآبار المستخرجة من الأرض، فإن أصلها من ماء السماء. وقيل : أراد سبحانه في هذه الآية الأنهار الأربعة : سيحان، وجيحان، والفرات، والنيل، ولا وجه لهذا التخصيص. وقيل : المراد به : الماء العذب، ولا وجه لذلك أيضاً فليس في الأرض ماء إلا وهو من السماء، ومعنى ﴿ بِقَدَرٍ ﴾ : بتقدير منا أو بمقدار يكون به صلاح الزرائع والثمار، فإنه لو كثر لكان به هلاك ذلك، ومثله قوله سبحانه :﴿ وَإِن مّن شَيء إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ معْلُومٍ ﴾ [ الحجر : ٢١ ] ومعنى ﴿ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأرض ﴾ : جعلناه مستقرّاً فيها ينتفعون به وقت حاجتهم إليه كالماء الذي يبقى في المستنقعات والغدران ونحوها ﴿ وَإِنَّا على ذَهَابٍ بِهِ لقادرون ﴾ أي كما قدرنا على إنزاله فنحن قادرون على أن نذهب به بوجه من الوجوه، ولهذا التنكير حسن موقع لا يخفى، وفي هذا تهديد شديد لما يدلّ عليه من قدرته سبحانه على إذهابه وتغويره حتى يهلك الناس بالعطش وتهلك مواشيهم، ومثله قوله :﴿ قُلْ أَرَأيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَاء مَعِينٍ ﴾ [ الملك : ٣٠ ].
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : السلالة : صفو الماء الرقيق الذي يكون منه الولد. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : إن النطفة إذا وقعت في الرحم طارت في شعر وظفر فتمكث أربعين يوماً، ثم تنحدر في الرحم فتكون علقة. وللتابعين في تفسير السلالة أقوال قد قدّمنا الإشارة إليها. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : الشعر والأسنان. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه :﴿ أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : نفخ فيه الروح، وكذا قال مجاهد وعكرمة والشعبي والحسن وأبو العالية والربيع بن أنس والسديّ والضحاك وابن زيد، واختاره ابن جرير. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : حين استوى به الشباب. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن صالح أبي الخليل قال : لما نزلت هذه الآية على النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى قوله :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال عمر :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ قال :( والذي نفسي بيده إنها ختمت بالذي تكلمت به يا عمر ). وأخرج الطيالسي وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن أنس قال : قال عمر : وافقت ربي في أربع، قلت : يا رسول الله لو صلينا خلف المقام ؟ فأنزل الله ﴿ واتخذوا مِن مَقَامِ إبراهيم مُصَلًّى ﴾ [ البقرة : ١٢٥ ]. وقلت : يا رسول الله، لو اتخذت على نسائك حجاباً فإنه يدخل عليك البرّ والفاجر، فأنزل الله :﴿ وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ﴾ [ الأحزاب : ٥٣ ] وقلت لأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم : لتنتهنّ أو ليبدلنّه الله أزواجاً خيراً منكنّ، فنزلت :﴿ عسى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ ﴾ [ التحريم : ٥ ] الآية، ونزلت :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سلالة ﴾ إلى قوله :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ فقلت أنا :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾. وأخرج ابن راهويه وابن المنذر وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه عن زيد بن ثابت قال : أملى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان ﴾ إلى قوله :﴿ خَلْقاً آخَرَ ﴾ فقال معاذ بن جبل :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له معاذ : مم ضحكت يا رسول الله ؟ قال :( بها ختمت ﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ ) وفي إسناده جابر الجعفي وهو ضعيف جداً. قال ابن كثير : وفي خبره هذا نكارة شديدة، وذلك أن هذه السورة مكية، وزيد بن ثابت إنما كتب الوحي بالمدينة، وكذلك إسلام معاذ بن جبل إنما كان بالمدينة، والله أعلم. وأخرج ابن مردويه والخطيب، قال السيوطي : بسند ضعيف، عن ابن عباس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :( أنزل الله من الجنة إلى الأرض خمسة أنهار ). سيحون وهو نهر الهند، وجيحون وهو نهر بلخ، ودجلة والفرات وهما نهرا العراق، والنيل وهو نهر مصر، أنزلها من عين واحدة من عيون الجنة من أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل، فاستودعها الجبال وأجراها في الأرض، وجعلها منافع للناس في أصناف معايشهم، فذلك قوله :﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ السماء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأرض ﴾ فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل الله جبريل، فرفع من الأرض القرآن والعلم، والحجر من ركن البيت، ومقام إبراهيم، وتابوت موسى بما فيه، وهذه الأنهار الخمسة، فيرفع كل ذلك إلى السماء، فذلك قوله :﴿ وَإِنَّا على ذَهَابٍ بِهِ لقادرون ﴾ فإذا رفعت هذه الأشياء من الأرض فقد أهلها خير الدنيا والآخرة ). وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس، قال : طور سيناء هو الجبل الذي نودي منه موسى. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ تَنبُتُ بالدهن ﴾ قال : هو الزيت يؤكل ويدهن به.
ثم بين سبحانه ما يتسبب عن إنزال فقال :﴿ فَأَنشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جنات مّن نَّخِيلٍ وأعناب ﴾ أي أوجدنا بذلك الماء جنات من النوعين المذكورين ﴿ لَكُمْ فِيهَا ﴾ أي في هذه الجنات ﴿ فواكه كَثِيرَةٌ ﴾. تتفكهون بها وتتطعمون منها، وقيل : المعنى : ومن هذه الجنات وجوه أرزاقكم ومعاشكم كقوله : فلان يأكل من حرفة كذا، وهو بعيد، واقتصر سبحانه على النخيل والأعناب ؛ لأنها الموجودة بالطائف والمدينة وما يتصل بذلك. كذا قال ابن جرير. وقيل : لأنها أشرف الأشجار ثمرة وأطيبها منفعة وطعماً ولذّة. قيل : المعنى بقوله :﴿ لَكُمْ فِيهَا فواكه ﴾ أن لكم في هذه الجنات فواكه من غير العنب والنخيل. وقيل : المعنى لكم في هذين النوعين خاصة فواكه ؛ لأن فيهما أنواعاً مختلفة متفاوتة في الطعم واللون.
وقد اختلف أهل الفقه في لفظ الفاكهة على ماذا يطلق ؟ اختلافاً كثيراً، وأحسن ما قيل : إنها تطلق على الثمرات التي يأكلها الناس، وليست بقوت لهم ولا طعام ولا إدام. واختلف في البقول هل تدخل في الفاكهة أم لا ؟
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : السلالة : صفو الماء الرقيق الذي يكون منه الولد. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : إن النطفة إذا وقعت في الرحم طارت في شعر وظفر فتمكث أربعين يوماً، ثم تنحدر في الرحم فتكون علقة. وللتابعين في تفسير السلالة أقوال قد قدّمنا الإشارة إليها. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : الشعر والأسنان. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه :﴿ أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : نفخ فيه الروح، وكذا قال مجاهد وعكرمة والشعبي والحسن وأبو العالية والربيع بن أنس والسديّ والضحاك وابن زيد، واختاره ابن جرير. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : حين استوى به الشباب. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن صالح أبي الخليل قال : لما نزلت هذه الآية على النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى قوله :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال عمر :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ قال :( والذي نفسي بيده إنها ختمت بالذي تكلمت به يا عمر ). وأخرج الطيالسي وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن أنس قال : قال عمر : وافقت ربي في أربع، قلت : يا رسول الله لو صلينا خلف المقام ؟ فأنزل الله ﴿ واتخذوا مِن مَقَامِ إبراهيم مُصَلًّى ﴾ [ البقرة : ١٢٥ ]. وقلت : يا رسول الله، لو اتخذت على نسائك حجاباً فإنه يدخل عليك البرّ والفاجر، فأنزل الله :﴿ وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ﴾ [ الأحزاب : ٥٣ ] وقلت لأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم : لتنتهنّ أو ليبدلنّه الله أزواجاً خيراً منكنّ، فنزلت :﴿ عسى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ ﴾ [ التحريم : ٥ ] الآية، ونزلت :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سلالة ﴾ إلى قوله :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ فقلت أنا :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾. وأخرج ابن راهويه وابن المنذر وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه عن زيد بن ثابت قال : أملى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان ﴾ إلى قوله :﴿ خَلْقاً آخَرَ ﴾ فقال معاذ بن جبل :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له معاذ : مم ضحكت يا رسول الله ؟ قال :( بها ختمت ﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ ) وفي إسناده جابر الجعفي وهو ضعيف جداً. قال ابن كثير : وفي خبره هذا نكارة شديدة، وذلك أن هذه السورة مكية، وزيد بن ثابت إنما كتب الوحي بالمدينة، وكذلك إسلام معاذ بن جبل إنما كان بالمدينة، والله أعلم. وأخرج ابن مردويه والخطيب، قال السيوطي : بسند ضعيف، عن ابن عباس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :( أنزل الله من الجنة إلى الأرض خمسة أنهار ). سيحون وهو نهر الهند، وجيحون وهو نهر بلخ، ودجلة والفرات وهما نهرا العراق، والنيل وهو نهر مصر، أنزلها من عين واحدة من عيون الجنة من أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل، فاستودعها الجبال وأجراها في الأرض، وجعلها منافع للناس في أصناف معايشهم، فذلك قوله :﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ السماء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأرض ﴾ فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل الله جبريل، فرفع من الأرض القرآن والعلم، والحجر من ركن البيت، ومقام إبراهيم، وتابوت موسى بما فيه، وهذه الأنهار الخمسة، فيرفع كل ذلك إلى السماء، فذلك قوله :﴿ وَإِنَّا على ذَهَابٍ بِهِ لقادرون ﴾ فإذا رفعت هذه الأشياء من الأرض فقد أهلها خير الدنيا والآخرة ). وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس، قال : طور سيناء هو الجبل الذي نودي منه موسى. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ تَنبُتُ بالدهن ﴾ قال : هو الزيت يؤكل ويدهن به.
وانتصاب ﴿ شجرة ﴾ على العطف على ﴿ جنات ﴾. وأجاز الفراء الرفع على تقدير : وثم شجرة فتكون مرتفعة على الابتداء، وخبرها محذوف مقدّر قبلها، وهو الظرف المذكور. قال الواحدي : المفسرون كلهم يقولون : إن المراد بهذه الشجرة : شجرة الزيتون، وخصت بالذكر، لأنه لا يتعاهدها أحد بالسقي، وهي التي يخرج الدهن منها، فذكرها الله سبحانه امتناناً منه على عباده بها ؛ ولأنها أكرم الشجر وأعمها نفعاً وأكثرها بركة، ثم وصف سبحانه هذه الشجرة بأنها ﴿ تَخْرُجُ مِن طُورِ سَينَاء ﴾ وهو جبل ببيت المقدّس، والطور الجبل في كلام العرب. وقيل : هو مما عرّب من كلام العجم. واختلف في معنى سيناء فقيل : هو الحسن. وقيل : هو المبارك، وذهب الجمهور إلى أنه اسم للجبل كما تقول : جبل أحد. وقيل : سيناء حجر بعينه أضيف الجبل إليه لوجوده عنده. وقيل : هو كلّ جبل يحمل الثمار. وقرأ الكوفيون :﴿ سيناء ﴾ بفتح السين، وقرأ الباقون بكسر السين، ولم يصرف لأنه جعل اسماً للبقعة، وزعم الأخفش أنه أعجمي. وقرأ الجمهور :﴿ تنبت بالدهن ﴾ بفتح المثناة وضمّ الباء الموحدة، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بضمّ المثناة وكسر الباء الموحدة. والمعنى على القراءة الأولى : أنها تنبت في نفسها متلبسة بالدهن، وعلى القراءة الثانية : الباء بمعنى مع، فهي للمصاحبة. قال أبو عليّ الفارسي : التقدير : تنبت جناحها ومعه الدهن. وقيل : الباء زائدة، قاله أبو عبيدة، ومثله قول الشاعر :
هنّ الحرائر لا ربات أحمرة *** سود المحاجر لا يقرأن بالسور
وقال آخر :
نضرب بالسيف ونرجو بالفرج ***. . .
وقال الفراء والزجاج : إن نبت وأنبت بمعنى، والأصمعي ينكر أنبت، ويرد عليه قول زهير :
رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم *** قطينا لهم حتى إذا أنبت البقل
أي نبت. وقرأ الزهري والحسن والأعرج :«تنبت » بضم المثناة وفتح الموحدة. قال الزجاج وابن جني : أي تنبت ومعها الدهن، وقرأ ابن مسعود :«تخرج » بالدهن، وقرأ زرّ بن حبيش :«تنبت الدهن » بحذف حرف الجرّ. وقرأ سليمان بن عبد الملك والأشهب :«بالدهان » ﴿ وَصِبْغٍ للآكِلِيِنَ ﴾ معطوف على الدهن، أي تنبت بالشيء الجامع بين كونه دهنا يدهن به. وكونه صبغاً يؤتدم به. قرأ الجمهور :﴿ صبغ ﴾، وقرأ قوم «صباغ » مثل لبس ولباس،
وكل إدام يؤتدم به فهو صبغ وصباغ. وأصل الصبغ : ما يلّون به الثوب، وشبه الإدام به ؛ لأن الخبز يكون بالإدام كالمصبوغ به.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : السلالة : صفو الماء الرقيق الذي يكون منه الولد. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : إن النطفة إذا وقعت في الرحم طارت في شعر وظفر فتمكث أربعين يوماً، ثم تنحدر في الرحم فتكون علقة. وللتابعين في تفسير السلالة أقوال قد قدّمنا الإشارة إليها. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : الشعر والأسنان. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه :﴿ أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : نفخ فيه الروح، وكذا قال مجاهد وعكرمة والشعبي والحسن وأبو العالية والربيع بن أنس والسديّ والضحاك وابن زيد، واختاره ابن جرير. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : حين استوى به الشباب. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن صالح أبي الخليل قال : لما نزلت هذه الآية على النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى قوله :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال عمر :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ قال :( والذي نفسي بيده إنها ختمت بالذي تكلمت به يا عمر ). وأخرج الطيالسي وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن أنس قال : قال عمر : وافقت ربي في أربع، قلت : يا رسول الله لو صلينا خلف المقام ؟ فأنزل الله ﴿ واتخذوا مِن مَقَامِ إبراهيم مُصَلًّى ﴾ [ البقرة : ١٢٥ ]. وقلت : يا رسول الله، لو اتخذت على نسائك حجاباً فإنه يدخل عليك البرّ والفاجر، فأنزل الله :﴿ وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ﴾ [ الأحزاب : ٥٣ ] وقلت لأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم : لتنتهنّ أو ليبدلنّه الله أزواجاً خيراً منكنّ، فنزلت :﴿ عسى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ ﴾ [ التحريم : ٥ ] الآية، ونزلت :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سلالة ﴾ إلى قوله :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ فقلت أنا :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾. وأخرج ابن راهويه وابن المنذر وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه عن زيد بن ثابت قال : أملى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان ﴾ إلى قوله :﴿ خَلْقاً آخَرَ ﴾ فقال معاذ بن جبل :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له معاذ : مم ضحكت يا رسول الله ؟ قال :( بها ختمت ﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ ) وفي إسناده جابر الجعفي وهو ضعيف جداً. قال ابن كثير : وفي خبره هذا نكارة شديدة، وذلك أن هذه السورة مكية، وزيد بن ثابت إنما كتب الوحي بالمدينة، وكذلك إسلام معاذ بن جبل إنما كان بالمدينة، والله أعلم. وأخرج ابن مردويه والخطيب، قال السيوطي : بسند ضعيف، عن ابن عباس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :( أنزل الله من الجنة إلى الأرض خمسة أنهار ). سيحون وهو نهر الهند، وجيحون وهو نهر بلخ، ودجلة والفرات وهما نهرا العراق، والنيل وهو نهر مصر، أنزلها من عين واحدة من عيون الجنة من أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل، فاستودعها الجبال وأجراها في الأرض، وجعلها منافع للناس في أصناف معايشهم، فذلك قوله :﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ السماء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأرض ﴾ فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل الله جبريل، فرفع من الأرض القرآن والعلم، والحجر من ركن البيت، ومقام إبراهيم، وتابوت موسى بما فيه، وهذه الأنهار الخمسة، فيرفع كل ذلك إلى السماء، فذلك قوله :﴿ وَإِنَّا على ذَهَابٍ بِهِ لقادرون ﴾ فإذا رفعت هذه الأشياء من الأرض فقد أهلها خير الدنيا والآخرة ). وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس، قال : طور سيناء هو الجبل الذي نودي منه موسى. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ تَنبُتُ بالدهن ﴾ قال : هو الزيت يؤكل ويدهن به.
﴿ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأنعام لَعِبْرَةً ﴾ هذه من جملة النعم التي امتنّ الله بها عليهم. وقد تقدّم تفسير الأنعام في سورة النحل. قال النيسابوري في تفسيره : ولعلّ القصد بالأنعام هنا إلى الإبل خاصة ؛ لأنها هي المحمول عليها في العادة ؛ ولأنه قرنها بالفلك وهي سفائن البرّ، كما أن الفلك سفائن البحر. وبين سبحانه أنها عبرة ؛ لأنها مما يستدل بخلقها وأفعالها على عظيم القدرة الإلهية، ثم فصل سبحانه ما في هذه الأنعام من النعم بعد ما ذكره من العبرة فيها للعباد فقال :﴿ نُسْقِيكُمْ ممَّا فِي بُطُونِهَا ﴾ يعني سبحانه : اللبن المتكوّن في بطونها المنصبّ إلى ضروعها، فإن في انعقاد ما تأكله من العلف واستحالته إلى هذا الغذاء اللذيذ، والمشروب النفيس أعظم عبرة للمعتبرين، وأكبر موعظة للمتعظين. وقرئ ﴿ نسقيكم ﴾ بالنون على أن الفاعل هو الله سبحانه، وقرئ بالتاء الفوقية على أن الفاعل هو الأنعام، ثم ذكر ما فيها من المنافع إجمالاً فقال :﴿ وَلَكُمْ فيِهَا منافع كَثِيرَةٌ ﴾ يعني : في ظهورها وألبانها وأولادها وأصوافها وأشعارها، ثم ذكر منفعة خاصة فقال :﴿ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾ لما في الأكل من عظيم الانتفاع لهم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : السلالة : صفو الماء الرقيق الذي يكون منه الولد. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : إن النطفة إذا وقعت في الرحم طارت في شعر وظفر فتمكث أربعين يوماً، ثم تنحدر في الرحم فتكون علقة. وللتابعين في تفسير السلالة أقوال قد قدّمنا الإشارة إليها. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : الشعر والأسنان. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه :﴿ أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : نفخ فيه الروح، وكذا قال مجاهد وعكرمة والشعبي والحسن وأبو العالية والربيع بن أنس والسديّ والضحاك وابن زيد، واختاره ابن جرير. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : حين استوى به الشباب. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن صالح أبي الخليل قال : لما نزلت هذه الآية على النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى قوله :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال عمر :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ قال :( والذي نفسي بيده إنها ختمت بالذي تكلمت به يا عمر ). وأخرج الطيالسي وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن أنس قال : قال عمر : وافقت ربي في أربع، قلت : يا رسول الله لو صلينا خلف المقام ؟ فأنزل الله ﴿ واتخذوا مِن مَقَامِ إبراهيم مُصَلًّى ﴾ [ البقرة : ١٢٥ ]. وقلت : يا رسول الله، لو اتخذت على نسائك حجاباً فإنه يدخل عليك البرّ والفاجر، فأنزل الله :﴿ وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ﴾ [ الأحزاب : ٥٣ ] وقلت لأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم : لتنتهنّ أو ليبدلنّه الله أزواجاً خيراً منكنّ، فنزلت :﴿ عسى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ ﴾ [ التحريم : ٥ ] الآية، ونزلت :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سلالة ﴾ إلى قوله :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ فقلت أنا :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾. وأخرج ابن راهويه وابن المنذر وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه عن زيد بن ثابت قال : أملى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان ﴾ إلى قوله :﴿ خَلْقاً آخَرَ ﴾ فقال معاذ بن جبل :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له معاذ : مم ضحكت يا رسول الله ؟ قال :( بها ختمت ﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ ) وفي إسناده جابر الجعفي وهو ضعيف جداً. قال ابن كثير : وفي خبره هذا نكارة شديدة، وذلك أن هذه السورة مكية، وزيد بن ثابت إنما كتب الوحي بالمدينة، وكذلك إسلام معاذ بن جبل إنما كان بالمدينة، والله أعلم. وأخرج ابن مردويه والخطيب، قال السيوطي : بسند ضعيف، عن ابن عباس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :( أنزل الله من الجنة إلى الأرض خمسة أنهار ). سيحون وهو نهر الهند، وجيحون وهو نهر بلخ، ودجلة والفرات وهما نهرا العراق، والنيل وهو نهر مصر، أنزلها من عين واحدة من عيون الجنة من أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل، فاستودعها الجبال وأجراها في الأرض، وجعلها منافع للناس في أصناف معايشهم، فذلك قوله :﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ السماء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأرض ﴾ فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل الله جبريل، فرفع من الأرض القرآن والعلم، والحجر من ركن البيت، ومقام إبراهيم، وتابوت موسى بما فيه، وهذه الأنهار الخمسة، فيرفع كل ذلك إلى السماء، فذلك قوله :﴿ وَإِنَّا على ذَهَابٍ بِهِ لقادرون ﴾ فإذا رفعت هذه الأشياء من الأرض فقد أهلها خير الدنيا والآخرة ). وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس، قال : طور سيناء هو الجبل الذي نودي منه موسى. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ تَنبُتُ بالدهن ﴾ قال : هو الزيت يؤكل ويدهن به.
وكذلك ذَكَر الركوب عليها لما فيه من المنفعة العظيمة فقال :﴿ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الفلك تُحْمَلُونَ ﴾ أي وعلى الأنعام، فإن أريد بالأنعام الإبل والبقر والغنم، فالمراد وعلى بعض الأنعام، وهي الإبل خاصة، وإن أريد بالأنعام الإبل خاصة، فالمعنى واضح. ثم لما كانت الأنعام هي غالب ما يكون الركوب عليه في البرّ ضمّ إليها ما يكون الركوب عليه في البحر، فقال :﴿ وَعَلَى الفلك تُحْمَلُونَ ﴾ تميماً للنعمة وتكميلاً للمنة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : السلالة : صفو الماء الرقيق الذي يكون منه الولد. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : إن النطفة إذا وقعت في الرحم طارت في شعر وظفر فتمكث أربعين يوماً، ثم تنحدر في الرحم فتكون علقة. وللتابعين في تفسير السلالة أقوال قد قدّمنا الإشارة إليها. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : الشعر والأسنان. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه :﴿ أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : نفخ فيه الروح، وكذا قال مجاهد وعكرمة والشعبي والحسن وأبو العالية والربيع بن أنس والسديّ والضحاك وابن زيد، واختاره ابن جرير. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : حين استوى به الشباب. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن صالح أبي الخليل قال : لما نزلت هذه الآية على النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى قوله :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال عمر :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ قال :( والذي نفسي بيده إنها ختمت بالذي تكلمت به يا عمر ). وأخرج الطيالسي وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن أنس قال : قال عمر : وافقت ربي في أربع، قلت : يا رسول الله لو صلينا خلف المقام ؟ فأنزل الله ﴿ واتخذوا مِن مَقَامِ إبراهيم مُصَلًّى ﴾ [ البقرة : ١٢٥ ]. وقلت : يا رسول الله، لو اتخذت على نسائك حجاباً فإنه يدخل عليك البرّ والفاجر، فأنزل الله :﴿ وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ﴾ [ الأحزاب : ٥٣ ] وقلت لأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم : لتنتهنّ أو ليبدلنّه الله أزواجاً خيراً منكنّ، فنزلت :﴿ عسى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ ﴾ [ التحريم : ٥ ] الآية، ونزلت :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سلالة ﴾ إلى قوله :﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ فقلت أنا :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾. وأخرج ابن راهويه وابن المنذر وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه عن زيد بن ثابت قال : أملى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان ﴾ إلى قوله :﴿ خَلْقاً آخَرَ ﴾ فقال معاذ بن جبل :﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له معاذ : مم ضحكت يا رسول الله ؟ قال :( بها ختمت ﴿ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ﴾ ) وفي إسناده جابر الجعفي وهو ضعيف جداً. قال ابن كثير : وفي خبره هذا نكارة شديدة، وذلك أن هذه السورة مكية، وزيد بن ثابت إنما كتب الوحي بالمدينة، وكذلك إسلام معاذ بن جبل إنما كان بالمدينة، والله أعلم. وأخرج ابن مردويه والخطيب، قال السيوطي : بسند ضعيف، عن ابن عباس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :( أنزل الله من الجنة إلى الأرض خمسة أنهار ). سيحون وهو نهر الهند، وجيحون وهو نهر بلخ، ودجلة والفرات وهما نهرا العراق، والنيل وهو نهر مصر، أنزلها من عين واحدة من عيون الجنة من أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل، فاستودعها الجبال وأجراها في الأرض، وجعلها منافع للناس في أصناف معايشهم، فذلك قوله :﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ السماء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأرض ﴾ فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل الله جبريل، فرفع من الأرض القرآن والعلم، والحجر من ركن البيت، ومقام إبراهيم، وتابوت موسى بما فيه، وهذه الأنهار الخمسة، فيرفع كل ذلك إلى السماء، فذلك قوله :﴿ وَإِنَّا على ذَهَابٍ بِهِ لقادرون ﴾ فإذا رفعت هذه الأشياء من الأرض فقد أهلها خير الدنيا والآخرة ). وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس، قال : طور سيناء هو الجبل الذي نودي منه موسى. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ تَنبُتُ بالدهن ﴾ قال : هو الزيت يؤكل ويدهن به.
الآية على النبي صلّى الله عليه وَسَلَّمَ إِلَى قَوْلِهِ: ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ قَالَ عُمَرُ: فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ قَالَ:
«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا خُتِمَتْ بِالَّذِي تَكَلَّمْتَ بِهِ يَا عُمَرُ». وَأَخْرَجَ الطَّيَالِسِيُّ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: وَافَقْتُ رَبِّي فِي أَرْبَعٍ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ صَلَّيْنَا خَلْفَ الْمَقَامِ؟
فَأَنْزَلَ اللَّهُ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى «١» وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اتَّخَذْتَ عَلَى نِسَائِكَ حِجَابًا فَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْكَ الْبَرُّ والفاجر، فأنزل الله: وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ «٢» وَقُلْتُ لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ: لَتَنْتَهُنَّ أَوْ لَيُبْدِلْنَهُ اللَّهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ، فَنَزَلَتْ: عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ «٣» الْآيَةَ، وَنَزَلَتْ:
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ إِلَى قَوْلِهِ: ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَقُلْتُ أَنَا: فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ رَاهَوَيْهِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الأوسط، وابن مردويه عن زيد ابن ثَابِتٍ قَالَ: أَمْلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ إِلَى قَوْلِهِ: خَلْقاً آخَرَ فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ فَضَحِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ: مِمَّ ضَحِكْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: بِهَا خُتِمَتْ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ وَفِي إِسْنَادِهِ: جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَفِي خَبَرِهِ هذا نكارة شديدة، ذلك أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ إِنَّمَا كَتَبَ الْوَحْيَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَذَلِكَ إِسْلَامُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ إِنَّمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْخَطِيبُ، قَالَ السُّيُوطِيُّ: بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى الْأَرْضِ خَمْسَةَ أَنْهَارٍ: سَيْحُونُ وَهُوَ نَهْرُ الْهِنْدِ، وَجَيْحُونُ وَهُوَ نَهْرُ بَلْخٍ، وَدِجْلَةُ وَالْفُرَاتُ وَهُمَا نَهْرَا الْعِرَاقِ، وَالنِّيلُ وَهُوَ نَهْرُ مِصْرَ، أَنْزَلَهَا مِنْ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ مِنْ عُيُونِ الْجَنَّةِ، مِنْ أَسْفَلِ دَرَجَةٍ مِنْ دَرَجَاتِهَا عَلَى جَنَاحَيْ جِبْرِيلَ، فَاسْتَوْدَعَهَا الْجِبَالَ، وَأَجْرَاهَا فِي الْأَرْضِ، وَجَعَلَهَا مَنَافِعَ لِلنَّاسِ فِي أَصْنَافِ مَعَايِشِهِمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:
وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ فَإِذَا كَانَ عِنْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَرْسَلَ اللَّهُ جِبْرِيلَ، فَرَفَعَ مِنَ الْأَرْضِ الْقُرْآنَ وَالْعِلْمَ، وَالْحَجَرَ مِنْ رُكْنِ الْبَيْتِ، وَمَقَامِ إِبْرَاهِيمَ، وَتَابُوتَ مُوسَى بِمَا فِيهِ، وَهَذِهِ الْأَنْهَارَ الْخَمْسَةَ، فَيَرْفَعُ كُلَّ ذَلِكَ إِلَى السَّمَاءِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ فَإِذَا رُفِعَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مِنَ الْأَرْضِ فَقَدَ أَهْلُهَا خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ»
. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: طُورُ سَيْنَاءَ هُوَ الْجَبَلُ الَّذِي نُودِيَ مِنْهُ مُوسَى. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ قَالَ: هُوَ الزَّيْتُ يُؤْكَلُ ويدهن به.
(١). البقرة: ١٢٥.
(٢). الأحزاب: ٥٣.
(٣). التحريم: ٥. [.....]
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٢٣ الى ٤١]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (٢٣) فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً مَا سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ (٢٤) إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (٢٥) قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ (٢٦) فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا فَإِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (٢٧)
فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٨) وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (٢٩) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (٣٠) ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (٣١) فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (٣٢)
وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (٣٣) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ (٣٤) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (٣٥) هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ (٣٦) إِنْ هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٣٧)
إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (٣٨) قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ (٣٩) قالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ (٤٠) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤١)
568
لَمَّا ذَكَرَ سُبْحَانَهُ الْفُلْكَ أَتْبَعَهُ بِذِكْرِ نُوحٍ، لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ صَنَعَهُ، وَذَكَرَ مَا صَنَعَهُ قَوْمُ نُوحٍ مَعَهُ بِسَبَبِ إِهْمَالِهِمْ لِلتَّفَكُّرِ فِي مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَالتَّذَكُّرِ لِنِعَمِهِ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ وَفِي ذَلِكَ تعزية لرسول الله، وَتَسْلِيَةٌ لَهُ بِبَيَانِ أَنَّ قَوْمَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ كَانُوا يَصْنَعُونَ مَعَ أَنْبِيَائِهِمْ مَا يَصْنَعُهُ قَوْمُهُ مَعَهُ، وَاللَّامُ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ أَيِ: اعْبُدُوهُ وَحْدَهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا كَمَا يُسْتَفَادُ مِنَ الْآيَاتِ الْآخِرَةِ، وَجُمْلَةُ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وَاقِعَةٌ مَوْقِعَ التَّعْلِيلِ لِمَا قَبْلَهَا، وَارْتِفَاعُ «غَيْرِهِ» لِكَوْنِهِ وَصْفًا لِإِلَهٍ عَلَى الْمَحَلِّ، لِأَنَّهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ «لَكُمْ»، أَيْ: مَا لَكُمْ فِي الْوُجُودِ إِلَهٌ غَيْرُهُ سُبْحَانَهُ، وَقُرِئَ بِالْجَرِّ اعْتِبَارًا بِلَفْظِ إِلَهٍ أَفَلا تَتَّقُونَ أَيْ أَفَلَا تَخَافُونَ أَنْ تَتْرُكُوا عِبَادَةَ رَبِّكُمُ الَّذِي لَا يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ غَيْرُهُ، وَلَيْسَ لَكُمْ إِلَهٌ سِوَاهُ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: أَفَلَا تخافون أن يرفع عنكم ما خوّلكم من النعم ويسلبها عنكم. وَقِيلَ: الْمَعْنَى:
أَفَلَا تَقُونَ أَنْفُسَكُمْ عَذَابَهُ الَّذِي تَقْتَضِيهِ ذُنُوبُكُمْ؟ فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ أَيْ: قَالَ أَشْرَافُ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِهِ: مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَيْ: مِنْ جِنْسِكُمْ فِي الْبَشَرِيَّةِ، لَا فَرْقَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ أَيْ: يَطْلَبُ الْفَضْلَ عَلَيْكُمْ بِأَنْ يَسُودَكُمْ حَتَّى تَكُونُوا تَابِعِينَ لَهُ مُنْقَادِينَ لِأَمْرِهِ، ثُمَّ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْبَشَرَ لَا يَكُونُ رَسُولًا، فَقَالُوا: وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً أَيْ: لَوْ شَاءَ اللَّهُ إِرْسَالَ رَسُولٍ لَأَرْسَلَ مَلَائِكَةً، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْإِنْزَالِ عَنِ الْإِرْسَالِ لِأَنَّ إِرْسَالَهُمْ إِلَى الْعِبَادِ يَسْتَلْزِمُ نُزُولَهُمْ إِلَيْهِمْ مَا سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ أَيْ: بِمِثْلِ دَعْوَى هَذَا الْمُدَّعِي لِلنُّبُوَّةِ مِنَ الْبَشَرِ، أَوْ بِمِثْلِ كَلَامِهِ، وَهُوَ الْأَمْرُ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ، أَوْ مَا سَمِعْنَا بِبَشَرٍ يَدَّعِي هَذِهِ الدَّعْوَى فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ، أَيْ: فِي الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ قَبْلَ هَذَا. وَقِيلَ: الْبَاءُ فِي «بِهَذَا» زَائِدَةٌ، أَيْ: مَا سَمِعْنَا هَذَا كَائِنًا فِي الْمَاضِينَ، قَالُوا هَذَا اعْتِمَادًا مِنْهُمْ عَلَى التَّقْلِيدِ وَاعْتِصَامًا بِحَبْلِهِ، وَلَمْ يَقْنَعُوا بِذَلِكَ حَتَّى ضَمُّوا إِلَيْهِ الْكَذِبَ الْبَحْتَ، وَالْبَهْتَ الصُّرَاحَ، فَقَالُوا: إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ أَيْ: جُنُونٌ لَا يَدْرِي مَا يَقُولُ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ أَيِ: انْتَظِرُوا بِهِ حَتَّى يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ، بِأَنْ يَفِيقَ مِنْ جُنُونِهِ فَيَتْرُكَ هَذِهِ الدَّعْوَى، أَوْ حَتَّى يَمُوتَ فَتَسْتَرِيحُوا مِنْهُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: لَيْسَ يُرِيدُ بِالْحِينِ هُنَا وَقْتًا بِعَيْنِهِ، إِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِهِمْ:
569
دَعْهُ إِلَى يَوْمٍ مَا، فَلَمَّا سَمِعَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَلَامَهُمْ وَعَرِفَ تَمَادِيَهِمْ عَلَى الْكُفْرِ وَإِصْرَارَهُمْ عَلَيْهِ قالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَيْهِمْ فَانْتَقِمْ مِنْهُمْ بِمَا تَشَاءُ وَكَيْفَ تُرِيدُ، وَالْبَاءُ فِي بِما كَذَّبُونِ لِلسَّبَبِيَّةِ، أَيْ: بِسَبَبِ تَكْذِيبِهِمْ إِيَّايَ فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ، أَيْ: أَرْسَلْنَا إِلَيْهِ رسولا من السماء أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ و «أن» هِيَ مُفَسِّرَةٌ لِمَا فِي الْوَحْيِ مِنْ مَعْنَى الْقَوْلِ بِأَعْيُنِنا أَيْ: مُتَلَبِّسًا بِحِفْظِنَا وَكَلَاءَتِنَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذَا فِي هُودٍ. وَمَعْنَى وَوَحْيِنا أَمْرِنَا لَكَ وَتَعْلِيمِنَا إِيَّاكَ لِكَيْفِيَّةِ صُنْعِهَا، وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: فَإِذا جاءَ أَمْرُنا لِتَرْتِيبِ مَا بَعْدَهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا مِنْ صُنْعِ الْفُلْكِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَمْرِ الْعَذَابُ وَفارَ التَّنُّورُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهُ عَطْفَ النَّسَقِ، وَقِيلَ: عَطْفَ الْبَيَانِ، أَيْ: إِنَّ مَجِيءَ الْأَمْرِ هُوَ فَوْرُ التَّنُّورِ، أَيْ: تَنُّورِ آدَمَ الصَّائِرُ إِلَى نُوحٍ، أَيْ: إِذَا وَقَعَ ذَلِكَ فَاسْلُكْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ أَيِ: ادْخُلْ فِيهَا، يُقَالُ:
سلكه في كذا أدخله، وأسلكته: أدخلته. وقرأ حَفْصٌ مِنْ كُلٍّ بِالتَّنْوِينِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْإِضَافَةِ، وَمَعْنَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى مِنْ كُلِّ أُمَّةِ زَوْجَيْنِ، وَمَعْنَى الثَّانِيَةِ مِنْ كُلِّ زَوْجَيْنِ، وَهُمَا أُمَّةُ الذكر والأنثى اثنين، وانتصاب أَهْلَكَ بِفِعْلٍ مَعْطُوفٍ عَلَى «فَاسْلُكْ»، لَا بِالْعَطْفِ عَلَى زَوْجَيْنِ، أَوْ عَلَى اثْنَيْنِ عَلَى الْقِرَاءَتَيْنِ لِأَدَائِهِ إِلَى اخْتِلَافِ الْمَعْنَى، أَيْ: وَاسْلُكْ أَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ أَيِ: الْقَوْلِ بِإِهْلَاكِهِمْ مِنْهُمْ وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا بِالدُّعَاءِ لَهُمْ بِإِنْجَائِهِمْ، وَجُمْلَةُ إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ تَعْلِيلٌ لِلنَّهْيِ عَنِ الْمُخَاطَبَةِ، أَيْ:
إِنَّهُمْ مَقْضِيٌّ عَلَيْهِمْ بِالْإِغْرَاقِ لِظُلْمِهِمْ، وَمَنْ كَانَ هَكَذَا فَهُوَ لَا يَسْتَحِقُّ الدُّعَاءَ لَهُ فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَيْ:
عَلَوْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ مِنْ أَهْلِكَ وَأَتْبَاعِكَ عَلَى الْفُلْكِ رَاكِبِينَ عَلَيْهِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أَيْ: حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، وَخَلَّصَنَا مِنْهُمْ، كَقَوْلِهِ: فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ «١». وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي سُورَةِ هود على التمام والكمال، وإنما جعل سبحانه اسْتِوَاءَهُمْ عَلَى السَّفِينَةِ نَجَاةً مِنَ الْغَرَقِ جَزْمًا، لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ فِي عِلْمِهِ أَنَّ ذَلِكَ سَبَبُ نَجَاتِهِمْ مِنَ الظَّلَمَةِ، وَسَلَامَتِهِمْ مِنْ أَنْ يُصَابُوا بِمَا أُصِيبُوا بِهِ مِنَ الْعَذَابِ. ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَسْأَلَ رَبَّهُ مَا هُوَ أَنْفَعُ لَهُ وَأَتَمُّ فَائِدَةً فَقَالَ: وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكاً أَيْ: أَنْزِلْنِي فِي السَّفِينَةِ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ «مُنْزَلًا» بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الزَّايِ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ.
وَقَرَأَ زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ وَالْمُفَضَّلُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الزَّايِ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ مَكَانٍ. فَعَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى:
أَنْزِلْنِي إِنْزَالًا مُبَارَكًا، وَعَلَى الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ: أَنْزِلْنِي مَكَانًا مُبَارَكًا. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْمَنْزَلُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالزَّايِ:
النُّزُولُ، وَهُوَ الْحُلُولُ، تَقُولُ: نَزَلْتُ نُزُولًا وَمَنْزَلًا، قَالَ الشَّاعِرُ:
أَإِنْ ذَكَّرَتْكَ الدَّارُ مَنْزِلَهَا جُمْلُ بِكَيْتَ فَدَمْعُ الْعَيْنِ مُنْحَدِرٌ سَجْلُ
بِنَصْبِ مَنْزِلِهَا لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ. قِيلَ: أَمَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِأَنْ يَقُولَ هَذَا الْقَوْلَ عِنْدَ دُخُولِهِ السَّفِينَةَ، وَقِيلَ:
عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا، وَالْآيَةُ تَعْلِيمٌ مِنَ اللَّهِ لِعِبَادِهِ إِذَا رَكِبُوا ثُمَّ نَزَلُوا أَنْ يَقُولُوا هَذَا الْقَوْلَ. وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ هَذَا ثَنَاءٌ مِنْهُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِثْرَ دُعَائِهِ لَهُ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: إنّه أمر أن يقول عند استوائه
(١). الأنعام: ٤٥.
570
عَلَى الْفُلْكِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَعِنْدَ نُزُولِهِ مِنْهَا: رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: إِنَّ فِي ذلِكَ إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِمَّا قَصَّهُ اللَّهُ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَالْآيَاتُ: الدَّلَالَاتُ عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ، سُبْحَانَهُ، وَالْعَلَامَاتُ الَّتِي يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى عَظِيمِ شَأْنِهِ. وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ أَيْ: لَمُخْتَبِرِينَ لَهُمْ بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ إليهم، ليظهر المطيع والعاصي للناس أو للملائكة. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: إِنَّهُ يُعَامِلُهُمْ سُبْحَانَهُ مُعَامَلَةَ الْمُخْتَبِرِ لِأَحْوَالِهِمْ، تَارَةً بِالْإِرْسَالِ، وَتَارَةً بِالْعَذَابِ. ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ أَيْ: مِنْ بَعْدِ إِهْلَاكِهِمْ. قَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَنْشَأَهُمُ اللَّهُ بَعْدَهُمْ هُمْ عَادٌ قَوْمُ هُودٍ، لِمَجِيءِ قِصَّتِهِمْ عَلَى إِثْرِ قِصَّةِ نُوحٍ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَلِقَوْلِهِ فِي الْأَعْرَافِ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ «١» وَقِيلَ: هُمْ ثَمُودُ لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ أُهْلِكُوا بِالصَّيْحَةِ. وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ وَقِيلَ: هُمْ أَصْحَابُ مَدْيَنَ قَوْمُ شُعَيْبٍ لِأَنَّهُمْ مِمَّنْ أُهْلِكَ بِالصَّيْحَةِ فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولًا عُدِّيَ فِعْلُ الْإِرْسَالِ بِفِي مَعَ أَنَّهُ يَتَعَدَّى بِإِلَى لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ هَذَا الرَّسُولَ الْمُرْسَلَ إِلَيْهِمْ نَشَأَ فِيهِمْ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، يَعْرِفُونَ مَكَانَهُ وَمَوْلِدَهُ، لِيَكُونَ سُكُونُهُمْ إِلَى قَوْلِهِ أَكْثَرَ مِنْ سُكُونِهِمْ إِلَى مَنْ يَأْتِيهِمْ مِنْ غَيْرِ مَكَانِهِمْ. وَقِيلَ: وَجْهُ التَّعْدِيَةِ لِلْفِعْلِ الْمَذْكُورِ بِفِي أَنَّهُ ضُمِّنَ مَعْنَى الْقَوْلِ، أَيْ: قُلْنَا لَهُمْ عَلَى لِسَانِ الرَّسُولِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَلِهَذَا جِيءَ بِأَنْ الْمُفَسِّرَةِ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّ تَضْمِينَ أَرْسَلْنَا مَعْنَى قُلْنَا لَا يَسْتَلْزِمُ تَعْدِيَتَهُ بِفِي، وَجُمْلَةُ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ تَعْلِيلٌ لِلْأَمْرِ بِالْعِبَادَةِ أَفَلا تَتَّقُونَ عَذَابَهُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ شِرْكِكُمْ وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ أَيْ: أَشْرَافُهُمْ وَقَادَتُهُمْ. ثُمَّ وَصَفَ الْمَلَأَ بِالْكُفْرِ وَالتَّكْذِيبِ فَقَالَ: الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ أَيْ: كَذَّبُوا بِمَا فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْحِسَابِ وَالْعِقَابِ، أَوْ كَذَّبُوا بِالْبَعْثِ وَأَتْرَفْناهُمْ أَيْ: وَسَّعْنَا لَهُمْ نِعَمَ الدُّنْيَا فَبَطَرُوا بِسَبَبِ مَا صَارُوا فِيهِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا مِنْ كَثْرَةِ الْأَمْوَالِ وَرَفَاهَةِ الْعَيْشِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَيْ: قَالَ الْمَلَأُ لِقَوْمِهِمْ هَذَا الْقَوْلَ، وَصَفُوهُ بِمُسَاوَاتِهِمْ فِي الْبَشَرِيَّةِ، وَفِي الْأَكْلِ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَالشُّرْبِ مِمَّا تَشْرَبُونَ مِنْهُ، وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ لَا فَضْلَ لَهُ عَلَيْهِمْ. قَالَ الْفَرَّاءُ: إِنَّ مَعْنَى وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ عَلَى حَذْفِ مِنْهُ، أَيْ: مِمَّا تَشْرَبُونَ مِنْهُ. وَقِيلَ: إِنَّ «مَا» مَصْدَرِيَّةٌ، فَلَا تَحْتَاجُ إِلَى عَائِدٍ. وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ فِيمَا ذُكِرَ مِنَ الْأَوْصَافِ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ أَيْ: مَغْبُونُونَ بِتَرْكِكُمْ آلِهَتَكُمْ وَاتِّبَاعِكُمْ إِيَّاهُ مِنْ غَيْرِ فَضِيلَةٍ لَهُ عَلَيْكُمْ، وَالِاسْتِفْهَامُ فِي قَوْلِهِ: أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ لِلْإِنْكَارِ، وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ مُقَرِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا مِنْ تَقْبِيحِ اتِّبَاعِهِمْ لَهُ. قُرِئَ بِكَسْرِ الْمِيمِ مَنْ «مِتُّمْ»، مِنْ مَاتَ يَمَاتُ، كَخَافَ يَخَافُ. وَقُرِئَ بِضَمِّهَا مِنْ مَاتَ يَمُوتُ، كَقَالَ يَقُولُ. وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَيْ: كَانَ بَعْضُ أَجْزَائِكُمْ تُرَابًا، وَبَعْضُهَا عِظَامًا نَخِرَةً لَا لحم فيها ولا أعصاب عليها، وقيل: وَتَقْدِيمُ التُّرَابِ لِكَوْنِهِ أَبْعَدَ فِي عُقُولِهِمْ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: كَانَ مُتَقَدِّمُوكُمْ تُرَابًا، وَمُتَأَخِّرُوكُمْ عِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ أَيْ: مِنْ قُبُورِكُمْ أَحْيَاءً كَمَا كُنْتُمْ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: «أَنَّ» الْأُولَى فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بوقوع «أيعدكم» عليها، و «أن» الثَّانِيَةَ بَدَلٌ مِنْهَا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَالْجَرْمِيُّ وَالْمُبَرِّدُ: إِنَّ «أَنَّ» الثَّانِيَةَ مُكَرَّرَةٌ لِلتَّوْكِيدِ، وَحَسُنَ تَكْرِيرُهَا لِطُولِ الْكَلَامِ، وَبِمِثْلِهِ قَالَ الزَّجَّاجُ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: «أن» الثانية
(١). الأعراف: ٦٩.
571
فِي مَحَلِّ رَفْعٍ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ، أَيْ: يَحْدُثُ إِخْرَاجُكُمْ كَمَا تَقُولُ: الْيَوْمَ الْقِتَالُ، فَالْمَعْنَى: الْيَوْمَ يَحْدُثُ الْقِتَالُ هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ أَيْ: بَعْدِ مَا تُوعَدُونَ، أَوْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ، وَالتَّكْرِيرُ لِلتَّأْكِيدِ. قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيُّ: وَفِي هَيْهَاتَ عَشْرُ لُغَاتٍ ثُمَّ سَرَدَهَا، وَهِيَ مُبَيَّنَةٌ فِي عِلْمِ النَّحْوِ. وَقَدْ قُرِئَ بِبَعْضِهَا، وَاللَّامُ فِي «لِمَا تُوعَدُونَ» لِبَيَانِ الْمُسْتَبْعَدِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: هَيْتَ لَكَ «١»، كَأَنَّهُ قِيلَ: لِمَاذَا هَذَا الِاسْتِبْعَادُ؟ فَقِيلَ: لِمَا تُوعَدُونَ. وَالْمَعْنَى: بَعْدَ إِخْرَاجِكُمْ لِلْوَعْدِ الَّذِي تُوعَدُونَ، هَذَا عَلَى أَنَّ هَيْهَاتَ اسْمُ فِعْلٍ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ:
هُوَ فِي تَقْدِيرِ الْمَصْدَرِ، أَيِ: الْبُعْدُ لِمَا تُوعَدُونَ، أَوْ بُعْدٌ لِمَا تُوعَدُونَ عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ نَوَّنَ فَتَكُونُ عَلَى هَذَا مُبْتَدَأً خَبَرُهُ لِمَا تُوعَدُونَ. ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ إِتْرَافَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَالُوا: إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا أَيْ: مَا الْحَيَاةُ إِلَّا حَيَاتَنَا الدُّنْيَا، لَا الْحَيَاةَ الْآخِرَةَ الَّتِي تَعِدُنَا بِهَا، وَجُمْلَةُ نَمُوتُ وَنَحْيا مُفَسِّرَةٌ لِمَا ادَّعُوهُ مِنْ قَصْرِهِمْ حَيَاتَهُمْ عَلَى حَيَاةِ الدُّنْيَا. ثُمَّ صَرَّحُوا بِنَفْيِ الْبَعْثِ، وَأَنَّ الْوَعْدَ بِهِ مِنْهُ افْتِرَاءٌ على الله فقالوا: ما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً
أَيْ: مَا هُوَ فِيمَا يَدَّعِيهِ إِلَّا مُفْتَرٍ لِلْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ أَيْ: بِمُصَدِّقِينَ لَهُ فِيمَا يَقُولُهُ: قالَ رَبِّ انْصُرْنِي أَيْ: قَالَ نَبِيُّهُمْ لَمَّا عَلِمَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصَدِّقُونَهُ أَلْبَتَّةَ: رَبِّ انْصُرْنِي عَلَيْهِمْ وَانْتَقِمْ لِي مِنْهُمْ بِسَبَبِ تَكْذِيبِهِمْ إِيَّايَ قالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ أَيْ: قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مُجِيبًا لِدُعَائِهِ وَاعِدًا لَهُ بِالْقَبُولِ لِمَا دَعَا بِهِ: عَمَّا قَلِيلٍ مِنَ الزَّمَانِ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ عَلَى مَا وَقَعَ مِنْهُمْ مَنِ التَّكْذِيبِ وَالْعِنَادِ وَالْإِصْرَارِ عَلَى الْكُفْرِ، وَمَا فِي «عَمَّا قَلِيلٍ» مَزِيدَةٌ بَيْنَ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ لِلتَّوْكِيدِ لِقِلَّةِ الزَّمَانِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ «٢»، ثُمَّ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ بِأَنَّهَا أَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ وَحَاقَ بِهِمْ عَذَابُهُ وَنَزَلَ عَلَيْهِمْ سَخَطُهُ. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: صَاحَ بِهِمْ جِبْرِيلُ صَيْحَةً وَاحِدَةً مَعَ الرِّيحِ الَّتِي أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ بِهَا فَمَاتُوا جَمِيعًا.
وَقِيلَ: الصَّيْحَةُ هِيَ نَفْسُ الْعَذَابِ الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
صَاحَ الزَّمَانُ بِآلِ بَرْمَكَ صَيْحَةً خَرُّوا لِشِدَّتِهَا عَلَى الْأَذْقَانِ
وَالْبَاءُ فِي بِالْحَقِّ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَخْذِ، ثُمَّ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَمَّا صَارُوا إِلَيْهِ بَعْدَ الْعَذَابِ النَّازِلِ بِهِمْ، فَقَالَ:
فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً أَيْ: كَغُثَاءِ السَّيْلِ الَّذِي يَحْمِلُهُ. وَالْغُثَاءُ: مَا يَحْمِلُ السَّيْلُ مِنْ بَالِي الشَّجَرِ وَالْحَشِيشِ وَالْقَصَبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْمِلُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَاءِ. وَالْمَعْنَى: صَيَّرَهُمْ هَلْكَى فَيَبِسُوا كَمَا يَبِسَ الْغُثَاءُ فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ انْتِصَابُ «بُعْدًا» عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ، وَهُوَ مِنَ الْمَصَادِرِ الَّتِي لَا يُذْكَرُ فِعْلُهَا مَعَهَا، أَيْ: بَعُدُوا بُعْدًا، وَاللَّامُ لِبَيَانِ مَنْ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَاسْلُكْ فِيها يَقُولُ: اجْعَلْ مَعَكَ فِي السَّفِينَةِ مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكاً قَالَ لِنُوحٍ حِينَ أُنْزِلَ مِنَ السَّفِينَةِ. وَأَخْرَجَ هَؤُلَاءِ عَنْ قَتَادَةَ فِي الْآيَةِ قَالَ: يُعَلِّمُكُمْ سُبْحَانَهُ كَيْفَ تَقُولُونَ إِذَا رَكِبْتُمْ، وَكَيْفَ تَقُولُونَ إذا نزلتم. أما عند الركوب:
(١). يوسف: ٢٣.
(٢). آل عمران: ١٥٩.
572
﴿ فَقَالَ الملأ الذين كَفَرُوا مِن قوْمِهِ ﴾ أي قال أشراف قومه الذين كفروا به :﴿ مَا هذا إِلاَّ بَشَرٌ مثْلُكُمْ ﴾ أي من جنسكم في البشرية، لا فرق بينكم وبينه ﴿ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ ﴾ أي يطلب الفضل عليكم بأن يسودكم حتى تكونوا تابعين له منقادين لأمره، ثم صرّحوا بأن البشر لا يكون رسولاً فقالوا :﴿ وَلَوْ شَاء الله لأنزَلَ ملائكة ﴾ أي لو شاء الله إرسال رسول لأرسل ملائكة، وإنما عبر بالإنزال عن الإرسال ؛ لأن إرسالهم إلى العباد يستلزم نزولهم إليهم ﴿ مَا سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ﴾ أي بمثل دعوى هذا المدّعي للنبوّة من البشر، أو بمثل كلامه، وهو الأمر بعبادة الله وحده أو ما سمعنا ببشر يدّعي هذه الدعوى في آبائنا الأوّلين، أي في الأمم الماضية قبل هذا. وقيل : الباء في :﴿ بهذا ﴾ زائدة، أي ما سمعنا هذا كائناً في الماضين، قالوا : هذا اعتماداً منهم على التقليد واعتصاماً بحبله. ولم يقنعوا بذلك حتى ضموا إليه الكذب البحت، والبهت الصراح فقالوا :﴿ إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ ﴾
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فاسلك فِيهَا ﴾ يقول : اجعل معك في السفينة ﴿ مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد :﴿ وَقُل رَّبّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً ﴾ قال لنوح حين أنزل من السفينة. وأخرج هؤلاء عن قتادة في الآية قال : يعلمكم سبحانه كيف تقولون إذا ركبتم، وكيف تقولون إذا نزلتم. أما عند الركوب :﴿ فسبحان الذي سَخَّرَ لَنَا هذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إلى رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ ﴾ [ الزخرف : ١٣، ١٤ ]، ﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبّي لَغَفُورٌ رحِيمٌ ﴾ [ هود : ٤١ ]. وعند النزول :﴿ ربّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ المنزلين ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله :﴿ قَرْناً ﴾ قال : أمة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ﴾ قال : بعيد بعيد. وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ فجعلناهم غُثَاء ﴾ قال : جعلوا كالشيء الميت البالي من الشجر.
﴿ إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ ﴾ أي جنون لا يدري ما يقول :﴿ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حتى حِينٍ ﴾ أي انتظروا به حتى يستبين أمره، بأن يفيق من جنونه فيترك هذه الدعوى، أو حتى يموت فتستريحوا منه. قال الفراء : ليس يريد بالحين هنا وقتاً بعينه إنما هو كقولهم : دعه إلى يوم ما.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فاسلك فِيهَا ﴾ يقول : اجعل معك في السفينة ﴿ مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد :﴿ وَقُل رَّبّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً ﴾ قال لنوح حين أنزل من السفينة. وأخرج هؤلاء عن قتادة في الآية قال : يعلمكم سبحانه كيف تقولون إذا ركبتم، وكيف تقولون إذا نزلتم. أما عند الركوب :﴿ فسبحان الذي سَخَّرَ لَنَا هذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إلى رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ ﴾ [ الزخرف : ١٣، ١٤ ]، ﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبّي لَغَفُورٌ رحِيمٌ ﴾ [ هود : ٤١ ]. وعند النزول :﴿ ربّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ المنزلين ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله :﴿ قَرْناً ﴾ قال : أمة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ﴾ قال : بعيد بعيد. وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ فجعلناهم غُثَاء ﴾ قال : جعلوا كالشيء الميت البالي من الشجر.
فلما سمع عليه الصلاة والسلام كلامهم وعرف تماديهم على الكفر وإصرارهم عليه ﴿ قَالَ رَبّ انصرني ﴾ عليهم فانتقم منهم بما تشاء وكيف تريد، والباء في :﴿ بِمَا كَذَّبُونِ ﴾ للسببية، أي : بسبب تكذيبهم إياي.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فاسلك فِيهَا ﴾ يقول : اجعل معك في السفينة ﴿ مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد :﴿ وَقُل رَّبّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً ﴾ قال لنوح حين أنزل من السفينة. وأخرج هؤلاء عن قتادة في الآية قال : يعلمكم سبحانه كيف تقولون إذا ركبتم، وكيف تقولون إذا نزلتم. أما عند الركوب :﴿ فسبحان الذي سَخَّرَ لَنَا هذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إلى رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ ﴾ [ الزخرف : ١٣، ١٤ ]، ﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبّي لَغَفُورٌ رحِيمٌ ﴾ [ هود : ٤١ ]. وعند النزول :﴿ ربّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ المنزلين ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله :﴿ قَرْناً ﴾ قال : أمة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ﴾ قال : بعيد بعيد. وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ فجعلناهم غُثَاء ﴾ قال : جعلوا كالشيء الميت البالي من الشجر.
﴿ فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ ﴾ عند ذلك أي أرسلنا إليه رسولاً من السماء ﴿ أَنِ اصنع الفلك ﴾ وأن هي مفسرة لما في الوحي من معنى القول ﴿ بِأَعْيُنِنَا ﴾ أي متلبساً بحفظنا وكلاءتنا، وقد تقدّم بيان هذا في هود. ومعنى ﴿ وَوَحْيِنَا ﴾ : أمرنا لك وتعليمنا إياك لكيفية صنعها، والفاء في قوله :﴿ فَإِذَا جَاء أَمْرُنَا ﴾ لترتيب ما بعدها على ما قبلها من صنع الفلك، والمراد بالأمر : العذاب ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ معطوف على الجملة التي قبله عطف النسق ؛ وقيل : عطف البيان، أي إن مجيء الأمر هو فور التنور، أي تنور آدم الصائر إلى نوح، أي إذا وقع ذلك ﴿ فاسلك فِيهَا مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين ﴾ أي ادخل فيها، يقال : سلكه في كذا أدخله وأسلكته أدخلته. قرأ حفص :﴿ من كلّ ﴾ بالتنوين، وقرأ الباقون بالإضافة، ومعنى القراءة الأولى : من كلّ أمة زوجين، ومعنى الثانية : من كل زوجين، وهما أمة الذكر والأنثى اثنين، وانتصاب ﴿ أَهْلَكَ ﴾ بفعل معطوف على ﴿ فاسلك ﴾ لا بالعطف على زوجين، أو على ﴿ اثنين ﴾ على القراءتين لأدائه إلى اختلاف المعنى، أي واسلك أهلك ﴿ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ القول مِنْهُمْ ﴾ أي القول بإهلاكهم منهم ﴿ وَلاَ تخاطبني فِي الذين ظَلَمُواْ ﴾ بالدعاء لهم بإنجائهم، وجملة :﴿ إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ ﴾ تعليل للنهي عن المخاطبة أي إنهم مقضي عليهم بالإغراق لظلمهم، ومن كان هكذا فهو لا يستحق الدعاء له.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فاسلك فِيهَا ﴾ يقول : اجعل معك في السفينة ﴿ مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد :﴿ وَقُل رَّبّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً ﴾ قال لنوح حين أنزل من السفينة. وأخرج هؤلاء عن قتادة في الآية قال : يعلمكم سبحانه كيف تقولون إذا ركبتم، وكيف تقولون إذا نزلتم. أما عند الركوب :﴿ فسبحان الذي سَخَّرَ لَنَا هذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إلى رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ ﴾ [ الزخرف : ١٣، ١٤ ]، ﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبّي لَغَفُورٌ رحِيمٌ ﴾ [ هود : ٤١ ]. وعند النزول :﴿ ربّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ المنزلين ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله :﴿ قَرْناً ﴾ قال : أمة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ﴾ قال : بعيد بعيد. وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ فجعلناهم غُثَاء ﴾ قال : جعلوا كالشيء الميت البالي من الشجر.
﴿ فَإِذَا استويت ﴾ أي : علوت ﴿ أَنتَ وَمَن مَعَكَ ﴾ من أهلك وأتباعك ﴿ عَلَى الفلك ﴾ راكبين عليه ﴿ فَقُلِ الحمد للَّهِ الذي نَجَّانَا مِنَ القوم الظالمين ﴾ أي حال بيننا وبينهم، وخلصنا منهم، كقوله :﴿ فَقُطِعَ دَابِرُ القوم الذين ظَلَمُواْ والحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ [ الأنعام : ٤٥ ]. وقد تقدّم تفسير هذه القصة في سورة هود على التمام [ والكمال ]، وإنما جعل سبحانه استواءهم على السفينة نجاة من الغرق جزماً ؛ لأنه قد سبق في علمه أن ذلك سبب نجاتهم من الظلمة، وسلامتهم من أن يصابوا بما أصيبوا به من العذاب.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فاسلك فِيهَا ﴾ يقول : اجعل معك في السفينة ﴿ مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد :﴿ وَقُل رَّبّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً ﴾ قال لنوح حين أنزل من السفينة. وأخرج هؤلاء عن قتادة في الآية قال : يعلمكم سبحانه كيف تقولون إذا ركبتم، وكيف تقولون إذا نزلتم. أما عند الركوب :﴿ فسبحان الذي سَخَّرَ لَنَا هذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إلى رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ ﴾ [ الزخرف : ١٣، ١٤ ]، ﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبّي لَغَفُورٌ رحِيمٌ ﴾ [ هود : ٤١ ]. وعند النزول :﴿ ربّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ المنزلين ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله :﴿ قَرْناً ﴾ قال : أمة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ﴾ قال : بعيد بعيد. وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ فجعلناهم غُثَاء ﴾ قال : جعلوا كالشيء الميت البالي من الشجر.
ثم أمره أن يسأل ربه ما هو أنفع له وأتمّ فائدة فقال :﴿ وَقُل رَّبّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُبَارَكاً ﴾ أي أنزلني في السفينة. قرأ الجمهور :﴿ منزلاً ﴾ بضم الميم وفتح الزاي على أنه مصدر. وقرأ زرّ بن حبيش وأبو بكر عن عاصم والمفضل بفتح الميم وكسر الزاي على أنه اسم مكان. فعلى القراءة الأولى : أنزلني إنزالاً مباركاً، وعلى القراءة الثانية : أنزلني مكاناً مباركاً، قال الجوهري : والمنزل بفتح الميم والزاي النزول، وهو الحلول، تقول : نزلت نزولاً ومنزلاً. قال الشاعر :
أإن ذكرتك الدار منزلها جمل بكيت فدمع العين منحدر سجل
بنصب منزلها ؛ لأنه مصدر. قيل : أمره الله سبحانه بأن يقول هذا القول عند دخوله السفينة. وقيل : عند خروجه منها، والآية تعليم من الله لعباده إذا ركبوا ثم نزلوا أن يقولوا هذا القول :﴿ وَأَنتَ خَيْرُ المنزلين ﴾ هذا ثناء منه على الله عزّ وجلّ إثر دعائه له. قال الواحدي : قال المفسرون : إنه أمر أن يقول عند استوائه على الفلك : الحمد لله، وعند نزوله منها : ربّ أنزلني منزلاً مباركاً.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فاسلك فِيهَا ﴾ يقول : اجعل معك في السفينة ﴿ مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد :﴿ وَقُل رَّبّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً ﴾ قال لنوح حين أنزل من السفينة. وأخرج هؤلاء عن قتادة في الآية قال : يعلمكم سبحانه كيف تقولون إذا ركبتم، وكيف تقولون إذا نزلتم. أما عند الركوب :﴿ فسبحان الذي سَخَّرَ لَنَا هذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إلى رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ ﴾ [ الزخرف : ١٣، ١٤ ]، ﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبّي لَغَفُورٌ رحِيمٌ ﴾ [ هود : ٤١ ]. وعند النزول :﴿ ربّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ المنزلين ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله :﴿ قَرْناً ﴾ قال : أمة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ﴾ قال : بعيد بعيد. وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ فجعلناهم غُثَاء ﴾ قال : جعلوا كالشيء الميت البالي من الشجر.
والإشارة بقوله :﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ ﴾ إلى ما تقدّم مما قصه الله علينا من أمر نوح عليه السلام : والآيات الدلالات على كمال قدرته سبحانه، والعلامات التي يستدلّ بها على عظيم شأنه ﴿ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ﴾ أي لمختبرين لهم بإرسال الرسل إليهم ؛ ليظهر المطيع والعاصي للناس أو للملائكة. وقيل : المعنى : إنه يعاملهم سبحانه معاملة المختبر لأحوالهم، تارة بالإرسال، وتارة بالعذاب.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فاسلك فِيهَا ﴾ يقول : اجعل معك في السفينة ﴿ مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد :﴿ وَقُل رَّبّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً ﴾ قال لنوح حين أنزل من السفينة. وأخرج هؤلاء عن قتادة في الآية قال : يعلمكم سبحانه كيف تقولون إذا ركبتم، وكيف تقولون إذا نزلتم. أما عند الركوب :﴿ فسبحان الذي سَخَّرَ لَنَا هذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إلى رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ ﴾ [ الزخرف : ١٣، ١٤ ]، ﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبّي لَغَفُورٌ رحِيمٌ ﴾ [ هود : ٤١ ]. وعند النزول :﴿ ربّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ المنزلين ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله :﴿ قَرْناً ﴾ قال : أمة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ﴾ قال : بعيد بعيد. وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ فجعلناهم غُثَاء ﴾ قال : جعلوا كالشيء الميت البالي من الشجر.
﴿ ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ ﴾ أي من بعد إهلاكهم. قال أكثر المفسرين : إن هؤلاء الذين أنشأهم الله بعدهم هم عاد قوم هود، لمجيء قصتهم على إثر قصة نوح في غير هذا الموضع، ولقوله في الأعراف :﴿ واذكروا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ ﴾ [ الأعراف : ٦٩ ]. وقيل : هم ثمود ؛ لأنهم الذين أهلكوا بالصيحة. وقد قال سبحانه في هذه القصة :﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصيحة ﴾ [ الحجر : ٧٣ و٨٣ ]. وقيل : هم أصحاب مدين قوم شعيب ؛ لأنهم ممن أهلك بالصيحة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فاسلك فِيهَا ﴾ يقول : اجعل معك في السفينة ﴿ مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد :﴿ وَقُل رَّبّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً ﴾ قال لنوح حين أنزل من السفينة. وأخرج هؤلاء عن قتادة في الآية قال : يعلمكم سبحانه كيف تقولون إذا ركبتم، وكيف تقولون إذا نزلتم. أما عند الركوب :﴿ فسبحان الذي سَخَّرَ لَنَا هذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إلى رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ ﴾ [ الزخرف : ١٣، ١٤ ]، ﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبّي لَغَفُورٌ رحِيمٌ ﴾ [ هود : ٤١ ]. وعند النزول :﴿ ربّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ المنزلين ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله :﴿ قَرْناً ﴾ قال : أمة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ﴾ قال : بعيد بعيد. وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ فجعلناهم غُثَاء ﴾ قال : جعلوا كالشيء الميت البالي من الشجر.
﴿ فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً ﴾ عدّى فعل الإرسال بفي مع أنه يتعدّى بإلى ؛ للدلالة على أن هذا الرسول المرسل إليهم نشأ فيهم بين أظهرهم، يعرفون مكانه ومولده، ليكون سكونهم إلى قوله أكثر من سكونهم إلى من يأتيهم من غير مكانهم. وقيل : وجه التعدية للفعل المذكور بفي أنه ضمن معنى القول، أي قلنا لهم على لسان الرسول ﴿ اعبدوا الله ﴾ ولهذا جيء بأن المفسرة. والأوّل أولى ؛ لأن تضمين أرسلنا معنى قلنا لا يستلزم تعديته بفي، وجملة :﴿ مَا لَكُم منْ إله غَيْرُهُ ﴾ تعليل للأمر بالعبادة ﴿ أَفَلاَ تَتَّقُونَ ﴾ عذابه الذي يقتضيه شرككم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فاسلك فِيهَا ﴾ يقول : اجعل معك في السفينة ﴿ مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد :﴿ وَقُل رَّبّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً ﴾ قال لنوح حين أنزل من السفينة. وأخرج هؤلاء عن قتادة في الآية قال : يعلمكم سبحانه كيف تقولون إذا ركبتم، وكيف تقولون إذا نزلتم. أما عند الركوب :﴿ فسبحان الذي سَخَّرَ لَنَا هذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إلى رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ ﴾ [ الزخرف : ١٣، ١٤ ]، ﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبّي لَغَفُورٌ رحِيمٌ ﴾ [ هود : ٤١ ]. وعند النزول :﴿ ربّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ المنزلين ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله :﴿ قَرْناً ﴾ قال : أمة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ﴾ قال : بعيد بعيد. وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ فجعلناهم غُثَاء ﴾ قال : جعلوا كالشيء الميت البالي من الشجر.
﴿ وَقَالَ الملأ مِن قَوْمِهِ ﴾ أي أشرافهم وقادتهم. ثم وصف الملأ بالكفر والتكذيب فقال :﴿ الذين كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاء الآخرة ﴾ أي كذبوا بما في الآخرة من الحساب والعقاب، أو كذبوا بالبعث ﴿ وأترفناهم ﴾ أي وسعنا لهم نعم الدنيا فبطروا بسبب ما صاروا فيه ﴿ في الحياة الدنيا ﴾ من كثرة الأموال ورفاهة العيش ﴿ مَا هذا إِلاَّ بَشَرٌ مثْلُكُمْ ﴾ أي قال الملأ لقومهم هذا القول، وصفوه بمساواتهم في البشرية، وفي الأكل :﴿ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ ﴾ والشرب :﴿ مما تشربون ﴾ منه، وذلك يستلزم عندهم أنه لا فضل له عليهم. قال الفرّاء : إن معنى ﴿ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ ﴾ على حذف منه أي : مما تشربون منه وقيل : إن ما مصدرية، فلا تحتاج إلى عائد.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فاسلك فِيهَا ﴾ يقول : اجعل معك في السفينة ﴿ مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد :﴿ وَقُل رَّبّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً ﴾ قال لنوح حين أنزل من السفينة. وأخرج هؤلاء عن قتادة في الآية قال : يعلمكم سبحانه كيف تقولون إذا ركبتم، وكيف تقولون إذا نزلتم. أما عند الركوب :﴿ فسبحان الذي سَخَّرَ لَنَا هذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إلى رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ ﴾ [ الزخرف : ١٣، ١٤ ]، ﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبّي لَغَفُورٌ رحِيمٌ ﴾ [ هود : ٤١ ]. وعند النزول :﴿ ربّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ المنزلين ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله :﴿ قَرْناً ﴾ قال : أمة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ﴾ قال : بعيد بعيد. وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ فجعلناهم غُثَاء ﴾ قال : جعلوا كالشيء الميت البالي من الشجر.
﴿ وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مّثْلَكُمْ ﴾ فيما ذكر من الأوصاف ﴿ إِنَّكُمْ إذاً لخاسرون ﴾ أي مغبونون بترككم آلهتكم واتباعكم إياه من غير فضيلة له عليكم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فاسلك فِيهَا ﴾ يقول : اجعل معك في السفينة ﴿ مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد :﴿ وَقُل رَّبّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً ﴾ قال لنوح حين أنزل من السفينة. وأخرج هؤلاء عن قتادة في الآية قال : يعلمكم سبحانه كيف تقولون إذا ركبتم، وكيف تقولون إذا نزلتم. أما عند الركوب :﴿ فسبحان الذي سَخَّرَ لَنَا هذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إلى رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ ﴾ [ الزخرف : ١٣، ١٤ ]، ﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبّي لَغَفُورٌ رحِيمٌ ﴾ [ هود : ٤١ ]. وعند النزول :﴿ ربّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ المنزلين ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله :﴿ قَرْناً ﴾ قال : أمة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ﴾ قال : بعيد بعيد. وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ فجعلناهم غُثَاء ﴾ قال : جعلوا كالشيء الميت البالي من الشجر.
والاستفهام في قوله :﴿ أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتمْ ﴾ للإنكار، والجملة مستأنفة مقرّرة لما قبلها من تقبيح اتباعهم له. قرئ بكسر الميم من ﴿ متم ﴾، من مات [ يمات ] كخاف يخاف، وقرئ بضمها من مات يموت، كقال يقول. ﴿ وَكُنتُمْ تُرَاباً وعظاما ﴾ أي كان بعض أجزائكم تراباً، وبعضها عظاماً نخرة لا لحم فيها ولا أعصاب عليها. وقيل : وتقديم التراب ؛ لكونه أبعد في عقولهم. وقيل : المعنى : كان متقدّموكم تراباً، ومتأخروكم عظاماً ﴿ أَنَّكُمْ مخْرَجُونَ ﴾ أي من قبوركم أحياء كما كنتم، قال سيبويه :" أنّ " الأولى في موضع نصب بوقوع " أيعدكم " عليها، وأن الثانية بدلّ منها. وقال الفرّاء والجرمي والمبرّد : إن " أن " الثانية مكرّرة للتوكيد، وحسن تكريرها لطول الكلام، وبمثله قال الزجاج. وقال الأخفش :" أن " الثانية في محل رفع بفعل مضمر، أي يحدث إخراجكم كما تقول : اليوم القتال، فالمعنى : اليوم يحدث القتال.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فاسلك فِيهَا ﴾ يقول : اجعل معك في السفينة ﴿ مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد :﴿ وَقُل رَّبّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً ﴾ قال لنوح حين أنزل من السفينة. وأخرج هؤلاء عن قتادة في الآية قال : يعلمكم سبحانه كيف تقولون إذا ركبتم، وكيف تقولون إذا نزلتم. أما عند الركوب :﴿ فسبحان الذي سَخَّرَ لَنَا هذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إلى رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ ﴾ [ الزخرف : ١٣، ١٤ ]، ﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبّي لَغَفُورٌ رحِيمٌ ﴾ [ هود : ٤١ ]. وعند النزول :﴿ ربّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ المنزلين ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله :﴿ قَرْناً ﴾ قال : أمة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ﴾ قال : بعيد بعيد. وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ فجعلناهم غُثَاء ﴾ قال : جعلوا كالشيء الميت البالي من الشجر.
﴿ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ ﴾ أي بعد ما توعدون، أو بعيد ما توعدون، والتكرير للتأكيد. قال ابن الأنباري : وفي هيهات عشر لغات ثم سردها، وهي مبينة في علم النحو. وقد قرئ ببعضها، واللام في ﴿ لما توعدون ﴾ لبيان المستبعد كما في قوله :﴿ هيت لك ﴾، كأنه قيل : لماذا هذا الاستبعاد ؟ فقيل : لما توعدون. والمعنى : بعد إخراجكم للوعد الذي توعدون، هذا على أن هيهات اسم فعل، وقال الزجاج : هو في تقدير المصدر، أي البعد لما توعدون، أو بعد لما توعدون، على قراءة من نوّن فتكون على هذا مبتدأ خبره :﴿ لما توعدون ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فاسلك فِيهَا ﴾ يقول : اجعل معك في السفينة ﴿ مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد :﴿ وَقُل رَّبّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً ﴾ قال لنوح حين أنزل من السفينة. وأخرج هؤلاء عن قتادة في الآية قال : يعلمكم سبحانه كيف تقولون إذا ركبتم، وكيف تقولون إذا نزلتم. أما عند الركوب :﴿ فسبحان الذي سَخَّرَ لَنَا هذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إلى رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ ﴾ [ الزخرف : ١٣، ١٤ ]، ﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبّي لَغَفُورٌ رحِيمٌ ﴾ [ هود : ٤١ ]. وعند النزول :﴿ ربّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ المنزلين ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله :﴿ قَرْناً ﴾ قال : أمة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ﴾ قال : بعيد بعيد. وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ فجعلناهم غُثَاء ﴾ قال : جعلوا كالشيء الميت البالي من الشجر.
ثم بين سبحانه إترافهم بأنهم قالوا :﴿ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا ﴾ أي ما الحياة إلا حياتنا الدنيا، لا الحياة الآخرة التي تعدنا بها، وجملة :﴿ نَمُوتُ وَنَحْيَا ﴾ مفسرة لما ادّعوه من قصرهم حياتهم على حياة الدنيا. ثم صرحوا بنفي البعث، وأن الوعد به منه افتراء على الله فقالوا :﴿ وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ﴾
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فاسلك فِيهَا ﴾ يقول : اجعل معك في السفينة ﴿ مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد :﴿ وَقُل رَّبّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً ﴾ قال لنوح حين أنزل من السفينة. وأخرج هؤلاء عن قتادة في الآية قال : يعلمكم سبحانه كيف تقولون إذا ركبتم، وكيف تقولون إذا نزلتم. أما عند الركوب :﴿ فسبحان الذي سَخَّرَ لَنَا هذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إلى رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ ﴾ [ الزخرف : ١٣، ١٤ ]، ﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبّي لَغَفُورٌ رحِيمٌ ﴾ [ هود : ٤١ ]. وعند النزول :﴿ ربّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ المنزلين ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله :﴿ قَرْناً ﴾ قال : أمة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ﴾ قال : بعيد بعيد. وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ فجعلناهم غُثَاء ﴾ قال : جعلوا كالشيء الميت البالي من الشجر.
﴿ إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ افترى على الله كَذِباً ﴾ أي ما هو فيما يدّعيه إلا مفتر للكذب على الله ﴿ وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ أي بمصدّقين له فيما يقوله.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فاسلك فِيهَا ﴾ يقول : اجعل معك في السفينة ﴿ مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد :﴿ وَقُل رَّبّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً ﴾ قال لنوح حين أنزل من السفينة. وأخرج هؤلاء عن قتادة في الآية قال : يعلمكم سبحانه كيف تقولون إذا ركبتم، وكيف تقولون إذا نزلتم. أما عند الركوب :﴿ فسبحان الذي سَخَّرَ لَنَا هذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إلى رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ ﴾ [ الزخرف : ١٣، ١٤ ]، ﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبّي لَغَفُورٌ رحِيمٌ ﴾ [ هود : ٤١ ]. وعند النزول :﴿ ربّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ المنزلين ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله :﴿ قَرْناً ﴾ قال : أمة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ﴾ قال : بعيد بعيد. وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ فجعلناهم غُثَاء ﴾ قال : جعلوا كالشيء الميت البالي من الشجر.
﴿ قَالَ رَبّ انصرني ﴾ أي : قال نبيهم لما علم بأنهم لا يصدّقونه ألبتة : ربّ انصرني عليهم وانتقم لي منهم بسبب تكذيبهم إياي.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فاسلك فِيهَا ﴾ يقول : اجعل معك في السفينة ﴿ مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد :﴿ وَقُل رَّبّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً ﴾ قال لنوح حين أنزل من السفينة. وأخرج هؤلاء عن قتادة في الآية قال : يعلمكم سبحانه كيف تقولون إذا ركبتم، وكيف تقولون إذا نزلتم. أما عند الركوب :﴿ فسبحان الذي سَخَّرَ لَنَا هذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إلى رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ ﴾ [ الزخرف : ١٣، ١٤ ]، ﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبّي لَغَفُورٌ رحِيمٌ ﴾ [ هود : ٤١ ]. وعند النزول :﴿ ربّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ المنزلين ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله :﴿ قَرْناً ﴾ قال : أمة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ﴾ قال : بعيد بعيد. وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ فجعلناهم غُثَاء ﴾ قال : جعلوا كالشيء الميت البالي من الشجر.
﴿ قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادمين ﴾ أي قال الله سبحانه مجيباً لدعائه واعداً له بالقبول لما دعا به : عما قليل من الزمان ليصبحن نادمين على ما وقع منهم من التكذيب والعناد والإصرار على الكفر. و«ما » في :﴿ عما قليل ﴾ مزيدة بين الجارّ والمجرور للتوكيد لقلة الزمان كما في قوله :﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ منَ الله ﴾ [ آل عمران : ١٥٩ ].
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فاسلك فِيهَا ﴾ يقول : اجعل معك في السفينة ﴿ مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد :﴿ وَقُل رَّبّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً ﴾ قال لنوح حين أنزل من السفينة. وأخرج هؤلاء عن قتادة في الآية قال : يعلمكم سبحانه كيف تقولون إذا ركبتم، وكيف تقولون إذا نزلتم. أما عند الركوب :﴿ فسبحان الذي سَخَّرَ لَنَا هذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إلى رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ ﴾ [ الزخرف : ١٣، ١٤ ]، ﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبّي لَغَفُورٌ رحِيمٌ ﴾ [ هود : ٤١ ]. وعند النزول :﴿ ربّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ المنزلين ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله :﴿ قَرْناً ﴾ قال : أمة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ﴾ قال : بعيد بعيد. وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ فجعلناهم غُثَاء ﴾ قال : جعلوا كالشيء الميت البالي من الشجر.
ثم أخبر سبحانه بأنها ﴿ أَخَذَتْهُمُ الصيحة ﴾ وحاق بهم عذابه ونزل عليهم سخطه. قال المفسرون : صاح بهم جبريل صيحة واحدة مع الريح التي أهلكهم الله بها فماتوا جميعاً.
وقيل : الصيحة : هي نفس العذاب الذي نزل بهم، ومنه قول الشاعر :
صاح الزمان بآل برمك صيحة خرّوا لشدّتها على الأذقان
والباء في :﴿ بالحق ﴾ متعلق بالأخذ، ثم أخبر سبحانه عما صاروا إليه بعد العذاب النازل بهم : فقال :﴿ فجعلناهم غُثَاء ﴾ أي كغثاء السيل الذي يحمله : والغثاء ما يحمله، والغثاء : ما يحمل السيل من بالي الشجر والحشيش والقصب ونحو ذلك مما يحمله على ظاهر الماء. والمعنى : صيرهم هلكى فيبسوا كما يبس الغثاء ﴿ فَبُعْداً للْقَوْمِ الظالمين ﴾ انتصاب ﴿ بعداً ﴾ على المصدرية وهو من المصادر التي لا يذكر فعلها معها، أي بعدوا بعداً، [ واللام ] لبيان من قيل له ذلك.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فاسلك فِيهَا ﴾ يقول : اجعل معك في السفينة ﴿ مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين ﴾. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد :﴿ وَقُل رَّبّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً ﴾ قال لنوح حين أنزل من السفينة. وأخرج هؤلاء عن قتادة في الآية قال : يعلمكم سبحانه كيف تقولون إذا ركبتم، وكيف تقولون إذا نزلتم. أما عند الركوب :﴿ فسبحان الذي سَخَّرَ لَنَا هذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إلى رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ ﴾ [ الزخرف : ١٣، ١٤ ]، ﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبّي لَغَفُورٌ رحِيمٌ ﴾ [ هود : ٤١ ]. وعند النزول :﴿ ربّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ المنزلين ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله :﴿ قَرْناً ﴾ قال : أمة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ﴾ قال : بعيد بعيد. وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ فجعلناهم غُثَاء ﴾ قال : جعلوا كالشيء الميت البالي من الشجر.
سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هَذَا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ- وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ «١» وَ: بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ «٢»، وَعِنْدَ النُّزُولِ: رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ: قَرْناً قَالَ: أُمَّةً. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: هَيْهاتَ هَيْهاتَ قَالَ: بِعِيدٌ بَعِيدٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً قَالَ: جُعِلُوا كالشيء الميت البالي من الشجر.
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٤٢ الى ٥٦]
ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ (٤٢) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ (٤٣) ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا كُلَّ مَا جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (٤٤) ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٤٥) إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً عالِينَ (٤٦)
فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ (٤٧) فَكَذَّبُوهُما فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ (٤٨) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٤٩) وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ (٥٠) يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٥١)
وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (٥٢) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٥٣) فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (٥٤) أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ (٥٦)
قوله: ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ أَيْ: مِنْ بَعْدِ إِهْلَاكِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ قِيلَ: هُمْ قَوْمُ صَالِحٍ وَلُوطٍ وَشُعَيْبٍ كَمَا وَرَدَتْ قِصَّتُهُمْ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فِي الْأَعْرَافِ وَهُودٍ، وَقِيلَ: هُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ. وَالْقُرُونُ: الْأُمَمُ، وَلَعَلَّ وَجْهُ الْجَمْعِ هُنَا لِلْقُرُونِ وَالْإِفْرَادِ فِيمَا سَبَقَ قَرِيبًا أَنَّهُ أَرَادَ هَاهُنَا أُمَمًا مُتَعَدِّدَةً وَهُنَاكَ أُمَّةً وَاحِدَةً. ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ كَمَالَ عِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ فِي شَأْنِ عِبَادِهِ، فَقَالَ: مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ أَيْ: مَا تَتَقَدَّمُ كُلُّ طَائِفَةٍ مُجْتَمِعَةٍ فِي قَرْنٍ آجَالَهَا الْمَكْتُوبَةَ لَهَا فِي الْهَلَاكِ وَلَا تَتَأَخَّرُ عَنْهَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ «٣» ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ رُسُلَهُ كَانُوا بَعْدَ هَذِهِ الْقُرُونِ مُتَوَاتِرِينَ، وَأَنَّ شَأْنَ أُمَمِهِمْ كَانَ وَاحِدًا فِي التَّكْذِيبِ لَهُمْ فَقَالَ: ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا وَالْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا بِمَعْنَى أَنَّ إِرْسَالَ كُلِّ رَسُولٍ مُتَأَخِّرٌ عَنْ إِنْشَاءِ الْقَرْنِ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْهِ، لَا عَلَى مَعْنَى أَنَّ إِرْسَالَ الرُّسُلِ جَمِيعًا مُتَأَخِّرٌ عَنْ إِنْشَاءِ تلك القرون جميعا، ومعنى تَتْرا تَتَوَاتَرُ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، وَيَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، مِنَ الْوِتْرِ وَهُوَ الْفَرْدُ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: وَاتَرْتُ كُتُبِي عَلَيْهِ: أَتْبَعْتُ بَعْضَهَا بَعْضًا إِلَّا أَنَّ بَيْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا وَبَيْنَ الْآخَرِ مُهْلَةً. وَقَالَ غَيْرُهُ: الْمُتَوَاتِرَةُ: الْمُتَتَابِعَةُ بِغَيْرِ مُهْلَةٍ. قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَمْرٍو «تَتْرَى» بِالتَّنْوِينِ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ «تَتْرَى» بِكَسْرِ التَّاءِ الْأُولَى. لِأَنَّ مَعْنَى ثُمَّ أرسلنا: وواترنا،
(١). الزخرف: ١٣ و ١٤.
(٢). هود: ٤١.
(٣). الأعراف: ٣٤.
573
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، أَيْ: مُتَوَاتِرِينَ كُلَّ مَا جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ مُبَيِّنَةٌ لِمَجِيءِ كُلِّ رَسُولٍ لِأُمَّتِهِ، عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَجِيءِ التَّبْلِيغُ فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً أَيْ: فِي الْهَلَاكِ بِمَا نَزَلَ بِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ الْأَحَادِيثُ: جَمْعُ أُحْدُوثَةٍ، وَهِيَ مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ، كَالْأَعَاجِيبِ جَمْعُ أُعْجُوبَةٍ، وَهِيَ مَا يَتَعَجَّبُ النَّاسُ مِنْهُ. قَالَ الْأَخْفَشُ: إِنَّمَا يُقَالُ «جَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ» فِي الشَّرِّ وَلَا يُقَالُ فِي الْخَيْرِ، كَمَا يُقَالُ: صَارَ فُلَانٌ حَدِيثًا، أَيْ: عِبْرَةً، وَكَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ فِي آيَةٍ أُخْرَى: فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ
«١». قُلْتُ: وَهَذِهِ الْكُلِّيَّةُ غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ فَقَدْ يُقَالُ: صَارَ فُلَانٌ حَدِيثًا حَسَنًا، وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ دُرَيْدٍ فِي مَقْصُورَتِهِ:
وَإِنَّمَا الْمَرْءُ حَدِيثٌ بَعْدَهُ فكن حديثا حسنا لمن وعى
فَبُعْداً لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ وَصَفَهُمْ هُنَا بِعَدَمِ الْإِيمَانِ، وَفِيمَا سَبَقَ قَرِيبًا بِالظُّلْمِ لِكَوْنِ كُلٍّ مِنَ الْوَصْفَيْنِ صَادِرًا عَنْ كُلِّ طَائِفَةٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ، أَوْ لِكَوْنِ هَؤُلَاءِ لَمْ يَقَعْ مِنْهُمْ إِلَّا مُجَرَّدُ عَدَمِ التَّصْدِيقِ، وَأُولَئِكَ ضَمُّوا إِلَيْهِ تِلْكَ الْأَقْوَالَ الشَّنِيعَةَ الَّتِي هِيَ مِنْ أَشَدِّ الظُّلْمِ وَأَفْظَعِهِ. ثُمَّ حَكَى سُبْحَانَهُ مَا وَقَعَ مِنْ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ عِنْدَ إِرْسَالِ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا هِيَ التِّسْعُ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهَا غَيْرَ مَرَّةٍ، وَلَا يَصِحُّ عَدُّ فَلْقِ الْبَحْرِ مِنْهَا هُنَا لِأَنَّ الْمُرَادَ الْآيَاتُ الَّتِي كَذَّبُوا بِهَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا. وَالْمُرَادُ بِالسُّلْطَانِ الْمُبِينِ:
الْحُجَّةُ الْوَاضِحَةُ الْبَيِّنَةُ. قِيلَ: هِيَ الْآيَاتُ التِّسْعُ نَفْسُهَا، وَالْعَطْفُ مِنْ بَابِ:
إِلَى الْمَلِكِ الْقَرْمِ وَابْنِ الْهُمَامِ
...................
وَقِيلَ: أَرَادَ الْعَصَا لِأَنَّهَا أُمُّ الْآيَاتِ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ عَطْفِ جِبْرِيلَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بالآيات التي كانت لهما، وبالسلطان: الدلائل، والمبين: التِّسْعُ الْآيَاتِ، وَالْمُرَادُ بِالْمَلَأِ فِي قَوْلِهِ: إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ هُمُ الْأَشْرَافُ مِنْهُمْ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ فَاسْتَكْبَرُوا أَيْ: طَلَبُوا الْكِبْرَ وَتَكَلَّفُوهُ فَلَمْ يَنْقَادُوا لِلْحَقِّ وَكانُوا قَوْماً عالِينَ قَاهِرِينَ لِلنَّاسِ بِالْبَغْيِ وَالظُّلْمِ، مُسْتَعْلِينَ عَلَيْهِمْ، مُتَطَاوِلِينَ كِبْرًا وِعِنَادًا وَتَمَرُّدًا.
وَجُمْلَةُ فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا مَعْطُوفَةٌ على جملة فَاسْتَكْبَرُوا وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ، وَالِاسْتِفْهَامُ لِلْإِنْكَارِ، أَيْ: كَيْفَ نُصَدِّقُ مَنْ كَانَ مِثْلَنَا فِي الْبَشَرِيَّةِ، وَالْبَشَرُ يطلق على الواحد كقوله: بَشَراً سَوِيًّا
«٢» كَمَا يُطْلَقُ عَلَى الْجَمْعِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً «٣» فَتَثْنِيَتُهُ هُنَا هِيَ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَأَفْرَدَ الْمَثَلَ لِأَنَّهُ فِي حُكْمٍ الْمَصْدَرِ، وَمَعْنَى وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ أَنَّهُمْ مُطِيعُونَ لَهُمْ، مُنْقَادُونَ لِمَا يَأْمُرُونَهُمْ بِهِ كَانْقِيَادِ الْعَبِيدِ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: الْعَابِدُ: الْمُطِيعُ الْخَاضِعُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ مَنْ دَانَ لِمَلِكٍ عَابِدًا لَهُ، وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ يَدَّعِي الْإِلَهِيَّةَ فَدَعَا النَّاسَ إِلَى عِبَادَتِهِ فَأَطَاعُوهُ، وَاللَّامُ فِي لَنا مُتَعَلِّقَةٌ بِعَابِدُونَ، قُدِّمَتْ عَلَيْهِ لِرِعَايَةِ الْفَوَاصِلِ، وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ. فَكَذَّبُوهُما أَيْ: فَأَصَرُّوا عَلَى تَكْذِيبِهِمَا فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ بِالْغَرَقِ فِي الْبَحْرِ. ثُمَّ حَكَى سُبْحَانَهُ مَا جَرَى عَلَى قَوْمِ مُوسَى بَعْدَ إِهْلَاكِ عَدْوِهِمْ فَقَالَ:
(١). سبأ: ١٩.
(٢). مريم: ١٧.
(٣). مريم: ٢٦.
574
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ يَعْنِي التَّوْرَاةَ، وَخَصَّ مُوسَى بِالذِّكْرِ لِأَنَّ التَّوْرَاةَ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ فِي الطُّورِ، وَكَانَ هَارُونُ خَلِيفَتَهُ فِي قَوْمِهِ: لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ أَيْ: لَعَلَّ قَوْمَ مُوسَى يَهْتَدُونَ بِهَا إِلَى الْحَقِّ، وَيَعْمَلُونَ بِمَا فِيهَا مِنَ الشَّرَائِعِ، فَجَعَلَ سُبْحَانَهُ إِيتَاءَ مُوسَى إِيَّاهَا إِيتَاءً لِقَوْمِهِ، لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ مُنَزَّلَةً عَلَى مُوسَى فَهِيَ لِإِرْشَادِ قَوْمِهِ. وَقِيلَ: إِنَّ ثَمَّ مُضَافًا مَحْذُوفًا أُقِيمَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ مَقَامَهُ، أَيْ: آتَيْنَا قَوْمَ مُوسَى الْكِتَابَ. وَقِيلَ: إِنَّ الضَّمِيرَ فِي «لَعَلَّهُمْ» يَرْجِعُ «إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ»، وَهُوَ وَهْمٌ لِأَنَّ مُوسَى لَمْ يُؤْتَ التَّوْرَاةَ إِلَّا بَعْدَ إِهْلَاكِ فِرْعَوْنِ وَقَوْمِهِ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى «١» ثُمَّ أَشَارَ سُبْحَانَهُ إِلَى قِصَّةِ عِيسَى إِجْمَالًا فَقَالَ: وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً أَيْ: عَلَامَةً تَدُلُّ عَلَى عَظِيمِ قُدْرَتِنَا، وَبَدِيعِ صُنْعِنَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي آخِرِ سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ «٢». وَمَعْنَى قَوْلِهِ: وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ إِلَى مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ، أَيْ: جَعَلْنَاهُمَا يَأْوِيَانِ إِلَيْهَا. قِيلَ: هِيَ أَرْضُ دِمَشْقَ، وَبِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَمُقَاتِلٌ وَقِيلَ: بَيْتُ الْمَقْدِسِ، قَالَهُ قَتَادَةُ وَكَعْبٌ وَقِيلَ: أَرْضُ فِلَسْطِينَ، قَالَهُ السُّدِّيُّ ذاتِ قَرارٍ أَيْ: ذَاتِ مُسْتَقَرٍّ يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ سَاكِنُوهُ وَمَعِينٍ أَيْ: وَمَاءٍ مَعِينٍ.
قَالَ الزَّجَّاجُ: هُوَ الْمَاءُ الْجَارِي فِي الْعُيُونِ، فالميم على هذا زائدة كزيادتها في مبيع، وَقِيلَ: هُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ.
قَالَ عَلِيُّ بن سليمان الأخفش: معن الماء إذا جرى فهو معين ومعيون. وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ. وَقِيلَ:
هُوَ مَأْخُوذٌ من الماعون، وهو النفع، وبمثل ما قاله الزجاج قال الفراء. يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ قَالَ الزَّجَّاجُ: هَذِهِ مخاطبة لرسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وَدَلَّ الْجَمْعُ عَلَى أَنَّ الرُّسُلَ كُلَّهُمْ كَذَا أُمِرُوا. وَقِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الْمَقَالَةَ خُوطِبَ بِهَا كُلُّ نَبِيٍّ، لِأَنَّ هَذِهِ طَرِيقَتُهُمُ الَّتِي يَنْبَغِي لَهُمُ الْكَوْنُ عَلَيْهَا، فَيَكُونُ الْمَعْنَى: وَقُلْنَا يا أيها الرسل خطابا بكل وَاحِدٍ عَلَى انْفِرَادِهِ لِاخْتِلَافِ أَزْمِنَتِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: إِنَّ الْخُطَّابَ لِعِيسَى. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ كَمَا تَقُولُ لِلرَّجُلِ الْوَاحِدِ كَفُّوا عَنَّا. وَالطَّيِّبَاتُ: مَا يُسْتَطَابُ وَيُسْتَلَذُّ، وَقِيلَ: هِيَ الْحَلَالُ، وَقِيلَ: هِيَ مَا جَمَعَ الْوَصْفَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ. ثُمَّ بَعْدَ أَنْ أَمَرَهُمْ بِالْأَكْلِ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَمَرَهُمْ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ فَقَالَ: وَاعْمَلُوا صالِحاً أَيْ:
عَمَلًا صَالِحًا وَهُوَ مَا كَانَ مُوَافِقًا لِلشَّرْعِ، ثُمَّ عَلَّلَ هَذَا الْأَمْرَ بِقَوْلِهِ: إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ لَا يَخْفَى عَلَيَّ شَيْءٌ مِنْهُ، وَإِنِّي مُجَازِيكُمْ عَلَى حَسَبِ أَعْمَالِكُمْ إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا خُوطِبَ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ هَذِهِ مِلَّتَكُمْ وَشَرِيعَتَكُمْ أَيُّهَا الرُّسُلُ مِلَّةً وَاحِدَةً، وَشَرِيعَةً مُتَّحِدَةً يَجْمَعُهَا أَصْلٌ هُوَ أَعْظَمُ مَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ أَنْبِيَاءَهُ وَأَنْزَلَ فِيهِ كُتُبَهُ، وَهُوَ دُعَاءُ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ إِلَى عبادة الله وحده لَا شَرِيكَ لَهُ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: إِنَّ هَذَا الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ هُوَ دِينُكُمْ وَمِلَّتُكُمْ فَالْزَمُوهُ، عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأُمَّةِ هُنَا الدِّينُ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ «٣»، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
حَلَفْتُ فَلَمْ أَتْرُكْ لِنَفْسِكَ رِيبَةً وَهَلْ يَأْثَمَنْ ذُو أُمَّةٍ وَهُوَ طَائِعُ
(١). القصص: ٤٣.
(٢). الأنبياء: ٩١.
(٣). الزخرف: ٢٢.
575
قُرِئَ بِكَسْرٍ إِنَّ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ الْمُقَرِّرِ لِمَا تَقَدَّمَهُ، وَقُرِئَ بِفَتْحِهَا وَتَشْدِيدِهَا. قَالَ الْخَلِيلُ: هِيَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ لِمَا زَالَ الْخَافِضِ، أَيْ: أَنَا عَالِمٌ بِأَنَّ هَذَا دِينَكُمُ الَّذِي أَمَرْتُكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ:
«إِنَّ» مُتَعَلِّقَةٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ، وَتَقْدِيرُهُ: وَاعْلَمُوا أَنَّ هَذِهِ أَمَتُّكُمْ. وقال سيبويه: هي متعلقة ب «فاتقون» وَالتَّقْدِيرُ: فَاتَّقُونِ لِأَنَّ أُمَّتَكُمْ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ. وَالْفَاءُ فِي فَاتَّقُونِ لِتَرْتِيبِ الْأَمْرِ بِالتَّقْوَى عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ كَوْنِهِ رَبَّكُمُ الْمُخْتَصَّ بِالرُّبُوبِيَّةِ، أَيْ: لَا تَفْعَلُوا مَا يُوجِبُ الْعُقُوبَةَ عَلَيْكُمْ مِنِّي بِأَنْ تُشْرِكُوا بِي غَيْرِي، أَوْ تُخَالِفُوا مَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ أَوْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ. ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ مَا وَقَعَ مِنَ الْأُمَمِ مِنْ مُخَالَفَتِهِمْ لِمَا أَمَرَهُمْ بِهِ الرُّسُلُ، فَقَالَ: فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً وَالْفَاءُ لِتَرْتِيبِ عِصْيَانِهِمْ عَلَى مَا سبق من الأمر بالتقوى، والضمير يرجع إِلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ الْأُمَّةِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ جَعَلُوا دِينَهُمْ مَعَ اتِّحَادِهِ قِطَعًا مُتَفَرِّقَةً مُخْتَلِفَةً. قَالَ الْمُبَرِّدُ: زُبُرًا: فِرَقًا وَقِطَعًا مُخْتَلِفَةً، وَاحِدُهَا زَبُورٌ، وَهِيَ الْفِرْقَةُ وَالطَّائِفَةُ، وَمِثْلُهُ الزُّبْرَةُ وَجَمْعُهَا زُبُرٌ، فَوَصَفَ سُبْحَانَهُ الْأُمَمَ بِأَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا، فَاتَّبَعَتْ فِرْقَةٌ التَّوْرَاةَ، وَفِرْقَةٌ الزَّبُورَ، وَفِرْقَةٌ الْإِنْجِيلَ، ثُمَّ حَرَّفُوا وَبَدَّلُوا، وَفِرْقَةٌ مُشْرِكَةٌ تَبِعُوا مَا رَسَمَهُ لَهُمْ آبَاؤُهُمْ مِنَ الضَّلَالِ. قُرِئَ زُبُراً بِضَمِّ الْبَاءِ جَمْعُ زَبُورٍ، وَقُرِئَ بِفَتْحِهَا، أَيْ: قِطَعًا كَقِطَعِ الْحَدِيدِ كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ أَيْ: كُلِّ فَرِيقٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُخْتَلِفِينَ بِمَا لَدَيْهِمْ، أَيْ: بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الدِّينِ فَرِحُونَ، أَيْ:
مُعْجَبُونَ بِهِ فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ أَيِ: اتْرُكْهُمْ فِي جَهْلِهِمْ، فَلَيْسُوا بِأَهْلٍ لِلْهِدَايَةِ، وَلَا يَضِقْ صَدْرُكَ بِتَأْخِيرِ الْعَذَابِ عَنْهُمْ، فَلِكُلِّ شَيْءٍ وَقْتٌ. شَبَّهَ سُبْحَانَهُ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْجَهْلِ بِالْمَاءِ الَّذِي يَغْمُرُ مَنْ دَخَلَ فِيهِ، وَالْغَمْرَةُ فِي الْأَصْلِ مَا يَغْمُرُكَ وَيَعْلُوكَ، وَأَصِلُهُ السِّتْرِ، وَالْغَمْرُ: الْمَاءُ الْكَثِيرُ لِأَنَّهُ يُغَطِّي الْأَرْضَ، وَغَمْرُ الرِّدَاءِ هُوَ الَّذِي يَشْمَلُ النَّاسَ بِالْعَطَاءِ، وَيُقَالُ لِلْحِقْدِ الْغَمْرِ، وَالْمُرَادُ هُنَا: الْحَيْرَةُ وَالْغَفْلَةُ وَالضَّلَالَةُ، وَالْآيَةُ خَارِجَةٌ مَخْرَجَ التَّهْدِيدِ لَهُمْ، لَا مَخْرَجَ الْأَمْرِ لَهُ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ بِالْكَفِّ عَنْهُمْ، وَمَعْنَى حَتَّى حِينٍ حَتَّى يَحْضُرَ وَقْتُ عَذَابِهِمْ بِالْقَتْلِ، أَوْ حَتَّى يَمُوتُوا عَلَى الْكُفْرِ فَيُعَذَّبُونَ فِي النَّارِ أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ أَيْ:
أَيَحْسَبُونَ أَنَمَا نُعْطِيهِمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْبَنِينِ نُسارِعُ بِهِ لَهُمْ فِيمَا فِيهِ خَيْرُهُمْ وَإِكْرَامُهُمْ، وَالْهَمْزَةُ لِلْإِنْكَارِ، وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا مُقَدَّرٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: بَلْ لَا يَشْعُرُونَ لِأَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ يَنْسَحِبُ إِلَيْهِ الْكَلَامُ، أَيْ: كَلَّا لَا نَفْعَلُ ذَلِكَ، بَلْ هُمْ لَا يَشْعُرُونَ بِشَيْءٍ أَصْلًا كَالْبَهَائِمِ الَّتِي لَا تَفْهَمُ وَلَا تَعْقِلُ، فَإِنَّ مَا خَوَّلْنَاهُمْ مِنَ النِّعَمِ وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِهِ مِنَ الْخَيِّرَاتِ إِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً «١». قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى نُسَارِعُ لَهُمْ بِهِ فِي الخيرات، فحذفت به، وما فِي «إِنَّمَا» مَوْصُولَةٌ، وَالرَّابِطُ هُوَ هَذَا الْمَحْذُوفُ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: إِنَّ إِنَّمَا هُنَا حَرْفٌ وَاحِدٌ فلا يحتاج إلى تقدير رابط.
قيل: يجوز الْوَقْفُ عَلَى «بَنِينَ»، وَقِيلَ: لَا يَحْسُنُ لِأَنَّ «يَحْسَبُونَ» يَحْتَاجُ إِلَى مَفْعُولَيْنِ، فَتَمَامُ الْمَفْعُولَيْنِ «فِي الْخَيْرَاتِ». قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّ «مَا» كَافَّةٌ. وَقَرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ «يُسَارِعُ» بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ عَلَى أَنَّ فَاعِلَهُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ «نمدّ»، وهو الإمداد، ويجوز أن يكون
(١). آل عمران: ١٧٨. [.....]
576
ثم بين سبحانه كمال علمه وقدرته في شأن عباده فقال :﴿ مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأخِرُونَ ﴾ أي ما تتقدّم كل طائفة مجتمعة في قرن آجالها المكتوبة لها في الهلاك ولا تتأخر عنها، ومثل ذلك قوله تعالى :﴿ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ﴾ [ النحل : ٦١ ].
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تترا ﴾ قال : يتبع بعضهم بعضاً. وفي لفظ قال : بعضهم على إثر بعض. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً ﴾ قال : ولدته من غير أب. وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن ﴿ أنس ﴾ آية قال : عبرة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : الربوة المستوية، والمعين : الماء الجاري، وهو النهر الذي قال الله :﴿ قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً ﴾ [ مريم : ٢٤ ]. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : هي المكان المرتفع من الأرض، وهو أحسن ما يكون فيه النبات ﴿ ذَاتِ قَرَارٍ ﴾ : ذات خصب. والمعين : الماء الظاهر. وأخرج وكيع والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وتمام الرازي وابن عساكر. قال السيوطي : بسند صحيح عن ابن عباس في قوله :﴿ إلى رَبْوَةٍ ﴾ قال : أنبئنا أنها دمشق. وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن سلام مثله. وكذا أخرجه ابن أبي حاتم عنه. وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة مرفوعاً نحوه، وإسناده ضعيف. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه وابن عساكر عن مرة النهزي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«الربوة الرملة» وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم، والحاكم في الكنى، وابن عساكر عن أبي هريرة قال : هي الرملة من فلسطين. وأخرجه ابن مردويه من حديثه مرفوعاً. وأخرج الطبراني وابن السكن وابن منده وأبو نعيم وابن عساكر عن الأقرع بن شفي العكي مرفوعاً نحوه.
وأخرج أحمد ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يا أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال :﴿ يا أيها الرسل كُلُوا مِنَ الطيبات واعملوا صالحا إِنّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾. وقال :﴿ يا أيها الذين آمَنُوا كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا رزقناكم ﴾ [ البقرة : ١٧٢ ] ) ثم ذكر :( الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، يمدّ يديه إلى السماء : يا ربّ يا ربّ، فأنى يستجاب لذلك ). وأخرج سعيد بن منصور عن حفص الفزاري في قوله :﴿ يا أيها الرسل كُلُوا مِنَ الطيبات ﴾ قال : ذلك عيسى بن مريم يأكل من غزل أمه. وأخرجه عبدان في الصحابة عن حفص مرفوعاً، وهو مرسل ؛ لأن حفصاً تابعي.

ثم بين سبحانه أن رسله كانوا بعد هذه القرون متواترين، وأن شأن أممهم كان واحداً في التكذيب لهم فقال :﴿ ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تترا ﴾ والجملة معطوفة على الجملة التي قبلها بمعنى : أن إرسال كل رسول متأخر عن إنشاء القرن الذي أرسل إليه، لا على معنى أنّ إرسال الرسل جميعاً متأخر عن إنشاء تلك القرون جميعاً، ومعنى ﴿ تتراً ﴾ : تتواتر واحداً بعد واحد ويتبع بعضهم بعضاً، من الوتر وهو الفرد. قال الأصمعي : واترت كتبي عليه : أتبعت بعضها بعضاً إلا أن بين كل واحد منها وبين الآخر مهلة. وقال غيره : المتواترة المتتابعة بغير مهلة. قرأ ابن كثير، وابن عمرو «تترا » بالتنوين على أنه مصدر. قال النحاس : وعلى هذا يجوز «تترى » بكسر التاء الأولى ؛ لأن معنى ﴿ ثم أرسلنا ﴾ : واترنا، ويجوز أن يكون في موضع الحال، أي متواترين ﴿ كُلَّ مَا جَاء أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ ﴾ هذه الجملة مستأنفة مبينة لمجيء كل رسول لأمته على أن المراد بالمجيء : التبليغ ﴿ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً ﴾ أي في الهلاك بما نزل بهم من العذاب ﴿ وجعلناهم أَحَادِيثَ ﴾ الأحاديث جمع أحدوثة، وهي ما يتحدّث به الناس كالأعاجيب جمع أعجوبة، وهي ما يتعجب الناس منه. قال الأخفش : إنما يقال جعلناهم أحاديث في الشرّ، ولا يقال في الخير، كما يقال : صار فلان حديثاً، أي عبرة، وكما قال سبحانه في آية أخرى :﴿ فجعلناهم أَحَادِيثَ ومزقناهم كُلَّ مُمَزَّقٍ ﴾ [ سبأ : ١٩ ]. قلت : وهذه الكلية غير مسلمة فقد يقال : صار فلان حديثاً حسناً، ومنه قول ابن دريد في مقصورته :
وإنما المرء حديث بعده فكن حديثاً حسناً لمن روى
﴿ فَبُعْداً لقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ ﴾ وصفهم هنا بعدم الإيمان، وفيما سبق قريباً بالظلم لكون كل من الوصفين صادراً عن كل طائفة من الطائفتين، أو لكون هؤلاء لم يقع منهم إلا مجرّد عدم التصديق، وأولئك ضموا إليه تلك الأقوال الشنيعة التي هي من أشد الظلم وأفظعه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تترا ﴾ قال : يتبع بعضهم بعضاً. وفي لفظ قال : بعضهم على إثر بعض. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً ﴾ قال : ولدته من غير أب. وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن ﴿ أنس ﴾ آية قال : عبرة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : الربوة المستوية، والمعين : الماء الجاري، وهو النهر الذي قال الله :﴿ قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً ﴾ [ مريم : ٢٤ ]. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : هي المكان المرتفع من الأرض، وهو أحسن ما يكون فيه النبات ﴿ ذَاتِ قَرَارٍ ﴾ : ذات خصب. والمعين : الماء الظاهر. وأخرج وكيع والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وتمام الرازي وابن عساكر. قال السيوطي : بسند صحيح عن ابن عباس في قوله :﴿ إلى رَبْوَةٍ ﴾ قال : أنبئنا أنها دمشق. وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن سلام مثله. وكذا أخرجه ابن أبي حاتم عنه. وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة مرفوعاً نحوه، وإسناده ضعيف. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه وابن عساكر عن مرة النهزي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«الربوة الرملة» وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم، والحاكم في الكنى، وابن عساكر عن أبي هريرة قال : هي الرملة من فلسطين. وأخرجه ابن مردويه من حديثه مرفوعاً. وأخرج الطبراني وابن السكن وابن منده وأبو نعيم وابن عساكر عن الأقرع بن شفي العكي مرفوعاً نحوه.
وأخرج أحمد ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يا أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال :﴿ يا أيها الرسل كُلُوا مِنَ الطيبات واعملوا صالحا إِنّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾. وقال :﴿ يا أيها الذين آمَنُوا كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا رزقناكم ﴾ [ البقرة : ١٧٢ ] ) ثم ذكر :( الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، يمدّ يديه إلى السماء : يا ربّ يا ربّ، فأنى يستجاب لذلك ). وأخرج سعيد بن منصور عن حفص الفزاري في قوله :﴿ يا أيها الرسل كُلُوا مِنَ الطيبات ﴾ قال : ذلك عيسى بن مريم يأكل من غزل أمه. وأخرجه عبدان في الصحابة عن حفص مرفوعاً، وهو مرسل ؛ لأن حفصاً تابعي.

ثم حكى سبحانه ما وقع من فرعون وقومه عند إرسال موسى وهارون إليهم فقال :﴿ ثُمَّ أَرْسَلْنَا موسى وَأَخَاهُ هارون بآياتنا ﴾ هي التسع المتقدّم ذكرها غير مرّة، ولا يصح عدّ فلق البحر منها هنا ؛ لأن المراد : الآيات التي كذبوا بها واستكبروا عنها المراد بالسلطان المبين : الحجة الواضحة البينة. قيل : هي الآيات التسع نفسها، والعطف من باب :
إلى الملك القرم وابن الهمام ***. . .
وقيل : أراد العصي ؛ لأنها أمّ الآيات، فيكون من باب عطف جبريل على الملائكة. وقيل : المراد بالآيات : التي كانت لهما، وبالسلطان : الدلائل. المبين : التسع الآيات.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تترا ﴾ قال : يتبع بعضهم بعضاً. وفي لفظ قال : بعضهم على إثر بعض. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً ﴾ قال : ولدته من غير أب. وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن ﴿ أنس ﴾ آية قال : عبرة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : الربوة المستوية، والمعين : الماء الجاري، وهو النهر الذي قال الله :﴿ قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً ﴾ [ مريم : ٢٤ ]. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : هي المكان المرتفع من الأرض، وهو أحسن ما يكون فيه النبات ﴿ ذَاتِ قَرَارٍ ﴾ : ذات خصب. والمعين : الماء الظاهر. وأخرج وكيع والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وتمام الرازي وابن عساكر. قال السيوطي : بسند صحيح عن ابن عباس في قوله :﴿ إلى رَبْوَةٍ ﴾ قال : أنبئنا أنها دمشق. وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن سلام مثله. وكذا أخرجه ابن أبي حاتم عنه. وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة مرفوعاً نحوه، وإسناده ضعيف. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه وابن عساكر عن مرة النهزي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«الربوة الرملة» وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم، والحاكم في الكنى، وابن عساكر عن أبي هريرة قال : هي الرملة من فلسطين. وأخرجه ابن مردويه من حديثه مرفوعاً. وأخرج الطبراني وابن السكن وابن منده وأبو نعيم وابن عساكر عن الأقرع بن شفي العكي مرفوعاً نحوه.
وأخرج أحمد ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يا أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال :﴿ يا أيها الرسل كُلُوا مِنَ الطيبات واعملوا صالحا إِنّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾. وقال :﴿ يا أيها الذين آمَنُوا كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا رزقناكم ﴾ [ البقرة : ١٧٢ ] ) ثم ذكر :( الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، يمدّ يديه إلى السماء : يا ربّ يا ربّ، فأنى يستجاب لذلك ). وأخرج سعيد بن منصور عن حفص الفزاري في قوله :﴿ يا أيها الرسل كُلُوا مِنَ الطيبات ﴾ قال : ذلك عيسى بن مريم يأكل من غزل أمه. وأخرجه عبدان في الصحابة عن حفص مرفوعاً، وهو مرسل ؛ لأن حفصاً تابعي.

والمراد بالملأ في قوله :﴿ إلى فِرْعَوْنَ وَمَلئهِ ﴾ هم الأشراف منهم كما سبق بيانه غير مرّة ﴿ فاستكبروا ﴾ أي : طلبوا الكبر وتكلفوه فلم ينقادوا للحق ﴿ وَكَانُوا قَوْماً عالين ﴾ قاهرين للناس بالبغي والظلم، مستعلين عليهم، متطاولين كبراً وعناداً وتمرّداً.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تترا ﴾ قال : يتبع بعضهم بعضاً. وفي لفظ قال : بعضهم على إثر بعض. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً ﴾ قال : ولدته من غير أب. وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن ﴿ أنس ﴾ آية قال : عبرة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : الربوة المستوية، والمعين : الماء الجاري، وهو النهر الذي قال الله :﴿ قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً ﴾ [ مريم : ٢٤ ]. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : هي المكان المرتفع من الأرض، وهو أحسن ما يكون فيه النبات ﴿ ذَاتِ قَرَارٍ ﴾ : ذات خصب. والمعين : الماء الظاهر. وأخرج وكيع والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وتمام الرازي وابن عساكر. قال السيوطي : بسند صحيح عن ابن عباس في قوله :﴿ إلى رَبْوَةٍ ﴾ قال : أنبئنا أنها دمشق. وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن سلام مثله. وكذا أخرجه ابن أبي حاتم عنه. وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة مرفوعاً نحوه، وإسناده ضعيف. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه وابن عساكر عن مرة النهزي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«الربوة الرملة» وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم، والحاكم في الكنى، وابن عساكر عن أبي هريرة قال : هي الرملة من فلسطين. وأخرجه ابن مردويه من حديثه مرفوعاً. وأخرج الطبراني وابن السكن وابن منده وأبو نعيم وابن عساكر عن الأقرع بن شفي العكي مرفوعاً نحوه.
وأخرج أحمد ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يا أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال :﴿ يا أيها الرسل كُلُوا مِنَ الطيبات واعملوا صالحا إِنّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾. وقال :﴿ يا أيها الذين آمَنُوا كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا رزقناكم ﴾ [ البقرة : ١٧٢ ] ) ثم ذكر :( الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، يمدّ يديه إلى السماء : يا ربّ يا ربّ، فأنى يستجاب لذلك ). وأخرج سعيد بن منصور عن حفص الفزاري في قوله :﴿ يا أيها الرسل كُلُوا مِنَ الطيبات ﴾ قال : ذلك عيسى بن مريم يأكل من غزل أمه. وأخرجه عبدان في الصحابة عن حفص مرفوعاً، وهو مرسل ؛ لأن حفصاً تابعي.

وجملة :﴿ فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا ﴾ معطوفة على جملة :﴿ استكبروا ﴾ وما بينهما اعتراض، والاستفهام للإنكار، أي كيف نصدق من كان مثلنا في البشرية ؟ والبشر يطلق على الواحد كقوله :﴿ بَشَراً سَوِيّاً ﴾ [ مريم : ١٧ ] كما يطلق على الجمع كما في قوله :﴿ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ البشر أَحَداً ﴾ [ مريم : ٢٦ ]. فتثنيته هنا هي باعتبار المعنى الأول، وأفرد المثل لأنه في حكم المصدر، ومعنى ﴿ وَقَوْمُهُمَا لَنَا عابدون ﴾ : أنهم مطيعون لهم منقادون لما يأمرونهم به كانقياد العبيد. قال المبرّد : العابد : المطيع الخاضع. قال أبو عبيدة : العرب تسمي كل من دان لملك : عابداً له. وقيل : يحتمل أنه كان يدّعي الإلهية فدعى الناس إلى عبادته فأطاعوه، واللام في :﴿ لَنَا ﴾ متعلقة ب﴿ عابدون ﴾، قدّمت عليه لرعاية الفواصل.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تترا ﴾ قال : يتبع بعضهم بعضاً. وفي لفظ قال : بعضهم على إثر بعض. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً ﴾ قال : ولدته من غير أب. وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن ﴿ أنس ﴾ آية قال : عبرة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : الربوة المستوية، والمعين : الماء الجاري، وهو النهر الذي قال الله :﴿ قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً ﴾ [ مريم : ٢٤ ]. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : هي المكان المرتفع من الأرض، وهو أحسن ما يكون فيه النبات ﴿ ذَاتِ قَرَارٍ ﴾ : ذات خصب. والمعين : الماء الظاهر. وأخرج وكيع والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وتمام الرازي وابن عساكر. قال السيوطي : بسند صحيح عن ابن عباس في قوله :﴿ إلى رَبْوَةٍ ﴾ قال : أنبئنا أنها دمشق. وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن سلام مثله. وكذا أخرجه ابن أبي حاتم عنه. وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة مرفوعاً نحوه، وإسناده ضعيف. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه وابن عساكر عن مرة النهزي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«الربوة الرملة» وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم، والحاكم في الكنى، وابن عساكر عن أبي هريرة قال : هي الرملة من فلسطين. وأخرجه ابن مردويه من حديثه مرفوعاً. وأخرج الطبراني وابن السكن وابن منده وأبو نعيم وابن عساكر عن الأقرع بن شفي العكي مرفوعاً نحوه.
وأخرج أحمد ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يا أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال :﴿ يا أيها الرسل كُلُوا مِنَ الطيبات واعملوا صالحا إِنّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾. وقال :﴿ يا أيها الذين آمَنُوا كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا رزقناكم ﴾ [ البقرة : ١٧٢ ] ) ثم ذكر :( الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، يمدّ يديه إلى السماء : يا ربّ يا ربّ، فأنى يستجاب لذلك ). وأخرج سعيد بن منصور عن حفص الفزاري في قوله :﴿ يا أيها الرسل كُلُوا مِنَ الطيبات ﴾ قال : ذلك عيسى بن مريم يأكل من غزل أمه. وأخرجه عبدان في الصحابة عن حفص مرفوعاً، وهو مرسل ؛ لأن حفصاً تابعي.

﴿ فَكَذَّبُوهُمَا ﴾ أي فأصّروا على تكذيبهما. ﴿ فَكَانُوا مِنَ المهلكين ﴾ بالغرق في البحر.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تترا ﴾ قال : يتبع بعضهم بعضاً. وفي لفظ قال : بعضهم على إثر بعض. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً ﴾ قال : ولدته من غير أب. وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن ﴿ أنس ﴾ آية قال : عبرة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : الربوة المستوية، والمعين : الماء الجاري، وهو النهر الذي قال الله :﴿ قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً ﴾ [ مريم : ٢٤ ]. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : هي المكان المرتفع من الأرض، وهو أحسن ما يكون فيه النبات ﴿ ذَاتِ قَرَارٍ ﴾ : ذات خصب. والمعين : الماء الظاهر. وأخرج وكيع والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وتمام الرازي وابن عساكر. قال السيوطي : بسند صحيح عن ابن عباس في قوله :﴿ إلى رَبْوَةٍ ﴾ قال : أنبئنا أنها دمشق. وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن سلام مثله. وكذا أخرجه ابن أبي حاتم عنه. وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة مرفوعاً نحوه، وإسناده ضعيف. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه وابن عساكر عن مرة النهزي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«الربوة الرملة» وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم، والحاكم في الكنى، وابن عساكر عن أبي هريرة قال : هي الرملة من فلسطين. وأخرجه ابن مردويه من حديثه مرفوعاً. وأخرج الطبراني وابن السكن وابن منده وأبو نعيم وابن عساكر عن الأقرع بن شفي العكي مرفوعاً نحوه.
وأخرج أحمد ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يا أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال :﴿ يا أيها الرسل كُلُوا مِنَ الطيبات واعملوا صالحا إِنّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾. وقال :﴿ يا أيها الذين آمَنُوا كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا رزقناكم ﴾ [ البقرة : ١٧٢ ] ) ثم ذكر :( الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، يمدّ يديه إلى السماء : يا ربّ يا ربّ، فأنى يستجاب لذلك ). وأخرج سعيد بن منصور عن حفص الفزاري في قوله :﴿ يا أيها الرسل كُلُوا مِنَ الطيبات ﴾ قال : ذلك عيسى بن مريم يأكل من غزل أمه. وأخرجه عبدان في الصحابة عن حفص مرفوعاً، وهو مرسل ؛ لأن حفصاً تابعي.

ثم حكى سبحانه ما جرى على قوم موسى بعد إهلاك عدوّهم فقال :﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا موسى الكتاب ﴾ يعني التوراة، وخصّ موسى بالذكر ؛ لأن التوراة أنزلت عليه في الطور، وكان هارون خليفته في قومه. ﴿ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ﴾ أي لعلّ قوم موسى يهتدون بها إلى الحق، ويعملون بما فيها من الشرائع، فجعل سبحانه إيتاء موسى إياها إيتاء لقومه ؛ لأنها وإن كانت منزلة على موسى فهي لإرشاد قومه. وقيل : إن ثمّ مضافاً محذوفاً أقيم المضاف إليه مقامه، أي آتينا قوم موسى الكتاب. وقيل : إن الضمير في :﴿ لَعَلَّهُمْ ﴾ يرجع إلى فرعون وملئه، وهو وهم ؛ لأن موسى لم يؤت التوراة إلا بعد إهلاك فرعون وقومه، كما قال سبحانه :﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الكتاب مِن بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا القرون الأولى ﴾ [ القصص : ٤٣ ]. والجملة حالية.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تترا ﴾ قال : يتبع بعضهم بعضاً. وفي لفظ قال : بعضهم على إثر بعض. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً ﴾ قال : ولدته من غير أب. وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن ﴿ أنس ﴾ آية قال : عبرة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : الربوة المستوية، والمعين : الماء الجاري، وهو النهر الذي قال الله :﴿ قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً ﴾ [ مريم : ٢٤ ]. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : هي المكان المرتفع من الأرض، وهو أحسن ما يكون فيه النبات ﴿ ذَاتِ قَرَارٍ ﴾ : ذات خصب. والمعين : الماء الظاهر. وأخرج وكيع والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وتمام الرازي وابن عساكر. قال السيوطي : بسند صحيح عن ابن عباس في قوله :﴿ إلى رَبْوَةٍ ﴾ قال : أنبئنا أنها دمشق. وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن سلام مثله. وكذا أخرجه ابن أبي حاتم عنه. وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة مرفوعاً نحوه، وإسناده ضعيف. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه وابن عساكر عن مرة النهزي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«الربوة الرملة» وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم، والحاكم في الكنى، وابن عساكر عن أبي هريرة قال : هي الرملة من فلسطين. وأخرجه ابن مردويه من حديثه مرفوعاً. وأخرج الطبراني وابن السكن وابن منده وأبو نعيم وابن عساكر عن الأقرع بن شفي العكي مرفوعاً نحوه.
وأخرج أحمد ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يا أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال :﴿ يا أيها الرسل كُلُوا مِنَ الطيبات واعملوا صالحا إِنّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾. وقال :﴿ يا أيها الذين آمَنُوا كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا رزقناكم ﴾ [ البقرة : ١٧٢ ] ) ثم ذكر :( الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، يمدّ يديه إلى السماء : يا ربّ يا ربّ، فأنى يستجاب لذلك ). وأخرج سعيد بن منصور عن حفص الفزاري في قوله :﴿ يا أيها الرسل كُلُوا مِنَ الطيبات ﴾ قال : ذلك عيسى بن مريم يأكل من غزل أمه. وأخرجه عبدان في الصحابة عن حفص مرفوعاً، وهو مرسل ؛ لأن حفصاً تابعي.

ثم أشار سبحانه إلى قصة عيسى إجمالاً فقال :﴿ وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً ﴾ أي علامة تدلّ على عظيم قدرتنا، وبديع صنعنا، وقد تقدّم الكلام على هذا في آخر سورة الأنبياء في تفسير قوله سبحانه :﴿ وجعلناها وابنها آيَةً للعالمين ﴾ [ الأنبياء : ٩١ ]. ومعنى قوله :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ إلى مكان مرتفع، أي جعلناهما يأويان إليها. قيل : هي أرض دمشق، وبه قال عبد الله بن سلام وسعيد بن المسيب ومقاتل. وقيل : بيت المقدس، قاله قتادة وكعب وقيل : أرض فلسطين، قاله السديّ. ﴿ ذَاتِ قَرَارٍ ﴾ أي ذات مستقرّ يستقرّ عليه ساكنوه ﴿ وَمَعِينٍ ﴾ أي وماء معين. قال الزجاج : هو الماء الجاري في العيون، فالميم على هذا زائدة كزيادتها في منبع. وقيل : هو فعيل بمعنى مفعول. قال عليّ بن سليمان الأخفش : معن الماء : إذا جرى فهو معين وممعون وكذا قال ابن الأعرابي : وقيل : هو مأخوذ من الماعون، وهو النفع. وبمثل ما قال الزجاج قال الفرّاء.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تترا ﴾ قال : يتبع بعضهم بعضاً. وفي لفظ قال : بعضهم على إثر بعض. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً ﴾ قال : ولدته من غير أب. وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن ﴿ أنس ﴾ آية قال : عبرة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : الربوة المستوية، والمعين : الماء الجاري، وهو النهر الذي قال الله :﴿ قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً ﴾ [ مريم : ٢٤ ]. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : هي المكان المرتفع من الأرض، وهو أحسن ما يكون فيه النبات ﴿ ذَاتِ قَرَارٍ ﴾ : ذات خصب. والمعين : الماء الظاهر. وأخرج وكيع والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وتمام الرازي وابن عساكر. قال السيوطي : بسند صحيح عن ابن عباس في قوله :﴿ إلى رَبْوَةٍ ﴾ قال : أنبئنا أنها دمشق. وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن سلام مثله. وكذا أخرجه ابن أبي حاتم عنه. وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة مرفوعاً نحوه، وإسناده ضعيف. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه وابن عساكر عن مرة النهزي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«الربوة الرملة» وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم، والحاكم في الكنى، وابن عساكر عن أبي هريرة قال : هي الرملة من فلسطين. وأخرجه ابن مردويه من حديثه مرفوعاً. وأخرج الطبراني وابن السكن وابن منده وأبو نعيم وابن عساكر عن الأقرع بن شفي العكي مرفوعاً نحوه.
وأخرج أحمد ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يا أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال :﴿ يا أيها الرسل كُلُوا مِنَ الطيبات واعملوا صالحا إِنّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾. وقال :﴿ يا أيها الذين آمَنُوا كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا رزقناكم ﴾ [ البقرة : ١٧٢ ] ) ثم ذكر :( الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، يمدّ يديه إلى السماء : يا ربّ يا ربّ، فأنى يستجاب لذلك ). وأخرج سعيد بن منصور عن حفص الفزاري في قوله :﴿ يا أيها الرسل كُلُوا مِنَ الطيبات ﴾ قال : ذلك عيسى بن مريم يأكل من غزل أمه. وأخرجه عبدان في الصحابة عن حفص مرفوعاً، وهو مرسل ؛ لأن حفصاً تابعي.

﴿ يا أيها الرسل كُلُواْ مِنَ الطيبات ﴾ قال الزجاج : هذه مخاطبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ودلّ الجمع على أن الرسل كلهم كذا أمروا ؛ وقيل : إن هذه المقالة خوطب بها كل نبيّ، لأن هذه طريقتهم التي ينبغي لهم الكون عليها، فيكون المعنى : وقلنا : يا أيها الرسل خطاباً لكل واحد على انفراده، لاختلاف أزمنتهم. وقال ابن جرير : إن الخطاب لعيسى. وقال الفرّاء : هو كما تقول للرجل الواحد : كفوا عنا، و ﴿ الطيبات ﴾ : ما يستطاب ويستلذّ، وقيل : هي الحلال، وقيل : هي ما جمع الوصفين المذكورين. ثم بعد أن أمرهم بالأكل من الطيبات أمرهم بالعمل الصالح فقال :﴿ واعملوا صالحا ﴾ أي عملاً صالحاً وهو ما كان موافقاً للشرع، ثم علل هذا الأمر بقوله :﴿ إِنّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ لا يخفى عليّ شيء منه، وإني مجازيكم على حسب أعمالكم إن خيراً فخير، وإن شرّاً فشرّ.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تترا ﴾ قال : يتبع بعضهم بعضاً. وفي لفظ قال : بعضهم على إثر بعض. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً ﴾ قال : ولدته من غير أب. وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن ﴿ أنس ﴾ آية قال : عبرة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : الربوة المستوية، والمعين : الماء الجاري، وهو النهر الذي قال الله :﴿ قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً ﴾ [ مريم : ٢٤ ]. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : هي المكان المرتفع من الأرض، وهو أحسن ما يكون فيه النبات ﴿ ذَاتِ قَرَارٍ ﴾ : ذات خصب. والمعين : الماء الظاهر. وأخرج وكيع والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وتمام الرازي وابن عساكر. قال السيوطي : بسند صحيح عن ابن عباس في قوله :﴿ إلى رَبْوَةٍ ﴾ قال : أنبئنا أنها دمشق. وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن سلام مثله. وكذا أخرجه ابن أبي حاتم عنه. وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة مرفوعاً نحوه، وإسناده ضعيف. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه وابن عساكر عن مرة النهزي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«الربوة الرملة» وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم، والحاكم في الكنى، وابن عساكر عن أبي هريرة قال : هي الرملة من فلسطين. وأخرجه ابن مردويه من حديثه مرفوعاً. وأخرج الطبراني وابن السكن وابن منده وأبو نعيم وابن عساكر عن الأقرع بن شفي العكي مرفوعاً نحوه.
وأخرج أحمد ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يا أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال :﴿ يا أيها الرسل كُلُوا مِنَ الطيبات واعملوا صالحا إِنّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾. وقال :﴿ يا أيها الذين آمَنُوا كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا رزقناكم ﴾ [ البقرة : ١٧٢ ] ) ثم ذكر :( الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، يمدّ يديه إلى السماء : يا ربّ يا ربّ، فأنى يستجاب لذلك ). وأخرج سعيد بن منصور عن حفص الفزاري في قوله :﴿ يا أيها الرسل كُلُوا مِنَ الطيبات ﴾ قال : ذلك عيسى بن مريم يأكل من غزل أمه. وأخرجه عبدان في الصحابة عن حفص مرفوعاً، وهو مرسل ؛ لأن حفصاً تابعي.

﴿ وَإِنَّ هذه أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحدة ﴾ هذا من جملة ما خوطب به الأنبياء، والمعنى : أن هذه ملتكم وشريعتكم أيها الرسل ملة واحدة، وشريعة متحدة يجمعها أصل هو أعظم ما بعث الله به أنبياءه وأنزل فيه كتبه، وهو دعاء جميع الأنبياء إلى عبادة الله وحده لا شريك له. وقيل : المعنى إن هذا الذي تقدّم ذكره هو دينكم وملتكم فالزموه على أن المراد بالأمة هنا : الدين، كما في قوله :﴿ إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا على أمة ﴾ [ الزخرف : ٢٢ ]، ومنه قول النابغة :
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة وهل يأثمن ذو أمة وهو طائع
قرئ بكسر :«إن » على الاستئناف المقرّر لما تقدّمه، وقرئ بفتحها وتشديدها. قال الخليل : هي في موضع نصب لما زال الخافض، أي أنا عالم بأن هذا دينكم الذي أمرتكم أن تؤمنوا به. وقال الفرّاء : إن متعلقة بفعل مضمر، وتقديره : واعلموا أن هذه أمتكم. وقال سيبويه : هي متعلقة ب﴿ اتقون ﴾، والتقدير : فاتقون لأن أمتكم أمة واحدة، والفاء في :﴿ فاتقون ﴾ لترتيب الأمر بالتقوى على ما قبله من كونه ربكم المختصّ بالربوبية، أي لا تفعلوا ما يوجب العقوبة عليكم مني بأن تشركوا بي غيري، أو تخالفوا ما أمرتكم به أو نهيتكم عنه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تترا ﴾ قال : يتبع بعضهم بعضاً. وفي لفظ قال : بعضهم على إثر بعض. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً ﴾ قال : ولدته من غير أب. وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن ﴿ أنس ﴾ آية قال : عبرة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : الربوة المستوية، والمعين : الماء الجاري، وهو النهر الذي قال الله :﴿ قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً ﴾ [ مريم : ٢٤ ]. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : هي المكان المرتفع من الأرض، وهو أحسن ما يكون فيه النبات ﴿ ذَاتِ قَرَارٍ ﴾ : ذات خصب. والمعين : الماء الظاهر. وأخرج وكيع والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وتمام الرازي وابن عساكر. قال السيوطي : بسند صحيح عن ابن عباس في قوله :﴿ إلى رَبْوَةٍ ﴾ قال : أنبئنا أنها دمشق. وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن سلام مثله. وكذا أخرجه ابن أبي حاتم عنه. وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة مرفوعاً نحوه، وإسناده ضعيف. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه وابن عساكر عن مرة النهزي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«الربوة الرملة» وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم، والحاكم في الكنى، وابن عساكر عن أبي هريرة قال : هي الرملة من فلسطين. وأخرجه ابن مردويه من حديثه مرفوعاً. وأخرج الطبراني وابن السكن وابن منده وأبو نعيم وابن عساكر عن الأقرع بن شفي العكي مرفوعاً نحوه.
وأخرج أحمد ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يا أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال :﴿ يا أيها الرسل كُلُوا مِنَ الطيبات واعملوا صالحا إِنّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾. وقال :﴿ يا أيها الذين آمَنُوا كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا رزقناكم ﴾ [ البقرة : ١٧٢ ] ) ثم ذكر :( الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، يمدّ يديه إلى السماء : يا ربّ يا ربّ، فأنى يستجاب لذلك ). وأخرج سعيد بن منصور عن حفص الفزاري في قوله :﴿ يا أيها الرسل كُلُوا مِنَ الطيبات ﴾ قال : ذلك عيسى بن مريم يأكل من غزل أمه. وأخرجه عبدان في الصحابة عن حفص مرفوعاً، وهو مرسل ؛ لأن حفصاً تابعي.

ثم ذكر سبحانه ما وقع من الأمم من مخالفتهم لما أمرهم به الرسل فقال :﴿ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً ﴾ والفاء لترتيب عصيانهم على ما سبق من الأمر بالتقوى، والضمير يرجع إلى ما يدلّ عليه لفظ الأمة، والمعنى : أنهم جعلوا دينهم مع اتحاده قطعاً متفرّقة مختلفة. قال المبرّد : زبراً : فرقاً وقطعاً مختلفة، واحدها زبور، وهي الفرقة والطائفة، ومثله : الزبرة وجمعها زبر، فوصف سبحانه الأمم بأنهم اختلفوا، فاتبعت فرقة التوراة، وفرقة الزبور، وفرقة الإنجيل ثم حرّفوا وبدّلوا، وفرقة مشركة تبعوا ما رسمه لهم آباؤهم من الضلال. قرئ :«زبراً » بضم الباء جمع زبور، وقرئ بفتحها، أي قطعاً كقطع الحديد ﴿ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ أي : كل فريق من هؤلاء المختلفين ﴿ بما لديهم ﴾ أي بما عندهم من الدين ﴿ فرحون ﴾ أي معجبون به.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تترا ﴾ قال : يتبع بعضهم بعضاً. وفي لفظ قال : بعضهم على إثر بعض. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً ﴾ قال : ولدته من غير أب. وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن ﴿ أنس ﴾ آية قال : عبرة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : الربوة المستوية، والمعين : الماء الجاري، وهو النهر الذي قال الله :﴿ قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً ﴾ [ مريم : ٢٤ ]. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : هي المكان المرتفع من الأرض، وهو أحسن ما يكون فيه النبات ﴿ ذَاتِ قَرَارٍ ﴾ : ذات خصب. والمعين : الماء الظاهر. وأخرج وكيع والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وتمام الرازي وابن عساكر. قال السيوطي : بسند صحيح عن ابن عباس في قوله :﴿ إلى رَبْوَةٍ ﴾ قال : أنبئنا أنها دمشق. وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن سلام مثله. وكذا أخرجه ابن أبي حاتم عنه. وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة مرفوعاً نحوه، وإسناده ضعيف. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه وابن عساكر عن مرة النهزي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«الربوة الرملة» وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم، والحاكم في الكنى، وابن عساكر عن أبي هريرة قال : هي الرملة من فلسطين. وأخرجه ابن مردويه من حديثه مرفوعاً. وأخرج الطبراني وابن السكن وابن منده وأبو نعيم وابن عساكر عن الأقرع بن شفي العكي مرفوعاً نحوه.
وأخرج أحمد ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يا أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال :﴿ يا أيها الرسل كُلُوا مِنَ الطيبات واعملوا صالحا إِنّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾. وقال :﴿ يا أيها الذين آمَنُوا كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا رزقناكم ﴾ [ البقرة : ١٧٢ ] ) ثم ذكر :( الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، يمدّ يديه إلى السماء : يا ربّ يا ربّ، فأنى يستجاب لذلك ). وأخرج سعيد بن منصور عن حفص الفزاري في قوله :﴿ يا أيها الرسل كُلُوا مِنَ الطيبات ﴾ قال : ذلك عيسى بن مريم يأكل من غزل أمه. وأخرجه عبدان في الصحابة عن حفص مرفوعاً، وهو مرسل ؛ لأن حفصاً تابعي.

﴿ فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حتى حِينٍ ﴾ أي اتركهم في جهلهم، فليسوا بأهل للهداية، ولا يضق صدرك بتأخير العذاب عنهم، فلكلّ شيء وقت. شبه سبحانه ما هم فيه من الجهل بالماء الذي يغمر من دخل فيه. والغمرة في الأصل : ما يغمرك ويعلوك، وأصله الستر. والغمر : الماء الكثير ؛ لأنه يغطي الأرض، وغمر الرداء هو الذي يشمل الناس بالعطاء، ويقال للحقد : الغمر، والمراد هنا : الحيرة والغفلة والضلالة، والآية خارجة مخرج التهديد لهم، لا مخرج الأمر له صلى الله عليه وسلم بالكفّ عنهم، ومعنى ﴿ حتى حِينٍ ﴾ : حتى يحضر وقت عذابهم بالقتل، أو حتى يموتوا على الكفر فيعذّبون في النار.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تترا ﴾ قال : يتبع بعضهم بعضاً. وفي لفظ قال : بعضهم على إثر بعض. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً ﴾ قال : ولدته من غير أب. وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن ﴿ أنس ﴾ آية قال : عبرة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : الربوة المستوية، والمعين : الماء الجاري، وهو النهر الذي قال الله :﴿ قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً ﴾ [ مريم : ٢٤ ]. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : هي المكان المرتفع من الأرض، وهو أحسن ما يكون فيه النبات ﴿ ذَاتِ قَرَارٍ ﴾ : ذات خصب. والمعين : الماء الظاهر. وأخرج وكيع والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وتمام الرازي وابن عساكر. قال السيوطي : بسند صحيح عن ابن عباس في قوله :﴿ إلى رَبْوَةٍ ﴾ قال : أنبئنا أنها دمشق. وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن سلام مثله. وكذا أخرجه ابن أبي حاتم عنه. وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة مرفوعاً نحوه، وإسناده ضعيف. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه وابن عساكر عن مرة النهزي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«الربوة الرملة» وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم، والحاكم في الكنى، وابن عساكر عن أبي هريرة قال : هي الرملة من فلسطين. وأخرجه ابن مردويه من حديثه مرفوعاً. وأخرج الطبراني وابن السكن وابن منده وأبو نعيم وابن عساكر عن الأقرع بن شفي العكي مرفوعاً نحوه.
وأخرج أحمد ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يا أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال :﴿ يا أيها الرسل كُلُوا مِنَ الطيبات واعملوا صالحا إِنّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾. وقال :﴿ يا أيها الذين آمَنُوا كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا رزقناكم ﴾ [ البقرة : ١٧٢ ] ) ثم ذكر :( الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، يمدّ يديه إلى السماء : يا ربّ يا ربّ، فأنى يستجاب لذلك ). وأخرج سعيد بن منصور عن حفص الفزاري في قوله :﴿ يا أيها الرسل كُلُوا مِنَ الطيبات ﴾ قال : ذلك عيسى بن مريم يأكل من غزل أمه. وأخرجه عبدان في الصحابة عن حفص مرفوعاً، وهو مرسل ؛ لأن حفصاً تابعي.

﴿ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَالٍ وَبَنِينَ ﴾ أي أيحسبون أنما نعطيهم في هذه الدنيا من الأموال والبنين.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تترا ﴾ قال : يتبع بعضهم بعضاً. وفي لفظ قال : بعضهم على إثر بعض. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً ﴾ قال : ولدته من غير أب. وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن ﴿ أنس ﴾ آية قال : عبرة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : الربوة المستوية، والمعين : الماء الجاري، وهو النهر الذي قال الله :﴿ قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً ﴾ [ مريم : ٢٤ ]. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : هي المكان المرتفع من الأرض، وهو أحسن ما يكون فيه النبات ﴿ ذَاتِ قَرَارٍ ﴾ : ذات خصب. والمعين : الماء الظاهر. وأخرج وكيع والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وتمام الرازي وابن عساكر. قال السيوطي : بسند صحيح عن ابن عباس في قوله :﴿ إلى رَبْوَةٍ ﴾ قال : أنبئنا أنها دمشق. وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن سلام مثله. وكذا أخرجه ابن أبي حاتم عنه. وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة مرفوعاً نحوه، وإسناده ضعيف. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه وابن عساكر عن مرة النهزي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«الربوة الرملة» وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم، والحاكم في الكنى، وابن عساكر عن أبي هريرة قال : هي الرملة من فلسطين. وأخرجه ابن مردويه من حديثه مرفوعاً. وأخرج الطبراني وابن السكن وابن منده وأبو نعيم وابن عساكر عن الأقرع بن شفي العكي مرفوعاً نحوه.
وأخرج أحمد ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يا أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال :﴿ يا أيها الرسل كُلُوا مِنَ الطيبات واعملوا صالحا إِنّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾. وقال :﴿ يا أيها الذين آمَنُوا كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا رزقناكم ﴾ [ البقرة : ١٧٢ ] ) ثم ذكر :( الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، يمدّ يديه إلى السماء : يا ربّ يا ربّ، فأنى يستجاب لذلك ). وأخرج سعيد بن منصور عن حفص الفزاري في قوله :﴿ يا أيها الرسل كُلُوا مِنَ الطيبات ﴾ قال : ذلك عيسى بن مريم يأكل من غزل أمه. وأخرجه عبدان في الصحابة عن حفص مرفوعاً، وهو مرسل ؛ لأن حفصاً تابعي.

﴿ نُسَارِعُ ﴾ به ﴿ لَهُمْ ﴾ فيما فيه خيرهم وإكرامهم، والهمزة للإنكار، والجواب عن هذا مقدّر يدلّ عليه قوله :﴿ بَل لاَ يَشْعُرُونَ ﴾ لأنه عطف على مقدّر ينسحب إليه الكلام، أي كلا لا نفعل ذلك بل هم لا يشعرون بشيء أصلاً كالبهائم التي لا تفهم ولا تعقل، فإن ما خوّلناهم من النعم وأمددناهم به من الخيرات إنما هو استدراج لهم ليزدادوا إثماً، كما قال سبحانه :﴿ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمَاً ﴾ [ آل عمران : ١٧٨ ]. قال الزجاج : المعنى : نسارع لهم به في الخيرات، فحذفت به، و«ما » في :﴿ إنما ﴾ موصولة، والرابط هو هذا المحذوف. وقال الكسائي : إن أنما هنا حرف واحد فلا يحتاج إلى تقدير رابط. قيل : يجوز الوقف على بنين. وقيل : لا يحسن، لأن يحسبون يحتاج إلى مفعولين، فتمام المفعولين ( في الخيرات ) قال ابن الأنباري : وهذا خطأ ؛ لأن «ما » كافة. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وعبد الرحمن ابن أبي بكرة :«يسارع » بالياء التحتية على أن فاعله ما يدلّ عليه أمددنا، وهو الإمداد، ويجوز أن يكون المعنى : يسارع الله لهم. وقرأ الباقون :«نسارع » بالنون.
قال الثعلبي : وهذه القراءة هي الصواب لقوله : نمدّهم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تترا ﴾ قال : يتبع بعضهم بعضاً. وفي لفظ قال : بعضهم على إثر بعض. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً ﴾ قال : ولدته من غير أب. وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن ﴿ أنس ﴾ آية قال : عبرة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : الربوة المستوية، والمعين : الماء الجاري، وهو النهر الذي قال الله :﴿ قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً ﴾ [ مريم : ٢٤ ]. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه :﴿ وآويناهما إلى ربوة ﴾ قال : هي المكان المرتفع من الأرض، وهو أحسن ما يكون فيه النبات ﴿ ذَاتِ قَرَارٍ ﴾ : ذات خصب. والمعين : الماء الظاهر. وأخرج وكيع والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وتمام الرازي وابن عساكر. قال السيوطي : بسند صحيح عن ابن عباس في قوله :﴿ إلى رَبْوَةٍ ﴾ قال : أنبئنا أنها دمشق. وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن سلام مثله. وكذا أخرجه ابن أبي حاتم عنه. وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة مرفوعاً نحوه، وإسناده ضعيف. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه وابن عساكر عن مرة النهزي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«الربوة الرملة» وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم، والحاكم في الكنى، وابن عساكر عن أبي هريرة قال : هي الرملة من فلسطين. وأخرجه ابن مردويه من حديثه مرفوعاً. وأخرج الطبراني وابن السكن وابن منده وأبو نعيم وابن عساكر عن الأقرع بن شفي العكي مرفوعاً نحوه.
وأخرج أحمد ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يا أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال :﴿ يا أيها الرسل كُلُوا مِنَ الطيبات واعملوا صالحا إِنّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾. وقال :﴿ يا أيها الذين آمَنُوا كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا رزقناكم ﴾ [ البقرة : ١٧٢ ] ) ثم ذكر :( الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، يمدّ يديه إلى السماء : يا ربّ يا ربّ، فأنى يستجاب لذلك ). وأخرج سعيد بن منصور عن حفص الفزاري في قوله :﴿ يا أيها الرسل كُلُوا مِنَ الطيبات ﴾ قال : ذلك عيسى بن مريم يأكل من غزل أمه. وأخرجه عبدان في الصحابة عن حفص مرفوعاً، وهو مرسل ؛ لأن حفصاً تابعي.

الْمَعْنَى: يُسَارِعُ اللَّهُ لَهُمْ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ نُسارِعُ بِالنُّونِ. قَالَ الثَّعْلَبِيُّ: وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ هِيَ الصَّوَابُ لقوله «نمدّهم».
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا قَالَ:
يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَفِي لَفْظٍ قَالَ: بَعْضُهُمْ عَلَى إِثْرِ بَعْضٍ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جرير وابن المنذر وابن أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً قَالَ: وَلَدَتْهُ مِنْ غَيْرِ أَبٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ آيَةً قَالَ: عِبْرَةً. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ قال: الربوة: المستوية، والمعنى: الْمَاءُ الْجَارِي، وَهُوَ النَّهْرُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ: قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا «١». وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ قَالَ: هِيَ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ مِنَ الْأَرْضِ، وَهُوَ أَحْسَنُ مَا يَكُونُ فِيهِ النَّبَاتُ ذاتِ قَرارٍ ذَاتَ خِصْبٍ، وَالْمَعِينُ: الْمَاءُ الظَّاهِرُ. وَأَخْرَجَ وَكِيعٌ وَالْفِرْيَابِيُّ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وابن أبي حاتم وتمام الرازي وابن عَسَاكِرٍ- قَالَ السُّيُوطِيُّ: بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: إِلى رَبْوَةٍ قَالَ: أَنْبَئَنَا أَنَّهَا دِمَشْقُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ مِثْلَهُ. وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَابْنُ مردويه وابن عساكر عن مرة البهزي، سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الرَّبْوَةُ: الرَّمَلَةُ». وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْحَاكِمُ فِي الْكُنَى، وَابْنُ عَسَاكِرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: هِيَ الرَّمْلَةُ من فلسطين. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ مَرْفُوعًا. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وابن السكن وابن مندة وأبو نعيم وابن عساكر عن الأقرع ابن شُفِيٍّ الْعَكِيِّ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المرسلين فقال: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا رَزَقْناكُمْ «٢» ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ». وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ حَفْصٍ الْفَزَارِيِّ فِي قَوْلِهِ: يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ قَالَ: ذَلِكَ عِيسَى بن مَرْيَمَ يَأْكُلُ مِنْ غَزْلِ أُمِّهِ. وَأَخْرَجَهُ عَبْدَانُ فِي «الصَّحَابَةِ» عَنْ حَفْصٍ مَرْفُوعًا، وَهُوَ مُرْسَلٌ لأن حفصا تابعي.
(١). مريم: ٢٤.
(٢). البقرة: ١٧٢.
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٥٧ الى ٦٧]
إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٥٧) وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (٥٨) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (٥٩) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ (٦٠) أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ (٦١)
وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٦٢) بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ (٦٣) حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ (٦٤) لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ (٦٥) قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ (٦٦)
مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ (٦٧)
577
لَمَّا نَفَى سُبْحَانَهُ الْخَيِّرَاتِ الْحَقِيقِيَّةَ عَنِ الْكَفَرَةِ الْمُتَنَعِّمِينَ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِذِكْرِ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلْخَيِّرَاتِ عَاجِلًا وَآجِلًا فَوَصَفَهُمْ بِصِفَاتٍ أَرْبَعٍ: الْأُولَى قَوْلُهُ: إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ الْإِشْفَاقُ: الْخَوْفُ، تَقُولُ أَنَا مُشْفِقٌ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ، أَيْ: خَائِفٌ. قِيلَ: الْإِشْفَاقُ هُوَ الْخَشْيَةُ، فَظَاهِرُ مَا فِي الْآيَةِ التَّكْرَارُ. وَأُجِيبَ بِحَمْلِ الْخَشْيَةِ عَلَى الْعَذَابِ، أَيْ: مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ خَائِفُونَ، وَبِهِ قَالَ الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ. وَأُجِيبَ أَيْضًا بِحَمْلِ الْإِشْفَاقِ عَلَى مَا هُوَ أَثَرٌ لَهُ، وَهُوَ الدَّوَامُ عَلَى الطَّاعَةِ، أَيْ: الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ دَائِمُونَ عَلَى طَاعَتِهِ.
وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ الْإِشْفَاقَ كَمَالُ الْخَوْفِ فَلَا تَكْرَارَ، وَقِيلَ: هُوَ تَكْرَارٌ لِلتَّأْكِيدِ. وَالصِّفَةُ الثَّانِيَةُ قَوْلِهِ:
وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ قِيلَ: الْمُرَادُ بِالْآيَاتِ هِيَ التَّنْزِيلِيَّةُ، وَقِيلَ: هِيَ التَّكْوِينِيَّةُ، وَقِيلَ:
مَجْمُوعُهُمَا، قِيلَ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِيمَانِ بِهَا هو التصديق بوجودها فقط، فإن ذلك معلوم بالضرورة ولا يوجب المدح، بل المراد التَّصْدِيقُ بِكَوْنِهَا دَلَائِلَ وَأَنَّ مَدْلُولَهَا حَقٌّ. وَالصِّفَةُ الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ: وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ أَيْ: يَتْرُكُونَ الشِّرْكَ تَرْكًا كُلِيًّا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. وَالصِّفَةُ الرَّابِعَةُ قَوْلُهُ: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ أَيْ: يَعْطُونَ مَا أَعْطُوا وَقُلُوبُهُمْ خَائِفَةٌ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْإِعْطَاءِ يَظُنُّونَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُنْجِيهِمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وَجُمْلَةُ وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّ قُلُوبَهُمْ خَائِفَةٌ أَشَدَّ الْخَوْفِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: قُلُوبُهُمْ خَائِفَةٌ لِأَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ، وَسَبَبُ الْوَجَلِ هُوَ أَنْ يَخَافُوا أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ، لَا مُجَرَّدُ رُجُوعِهِمْ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: أَنَّ مَنِ اعْتَقَدَ الرُّجُوعَ إِلَى الْجَزَاءِ وَالْحِسَابِ وَعَلِمَ أَنَّ الْمُجَازِيَ وَالْمُحَاسِبَ هُوَ الرَّبُّ الَّذِي لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ لَمْ يَخْلُ مِنْ وَجَلٍ.
قَرَأَتْ عَائِشَةُ وابن عَبَّاسٍ وَالنَّخْعِيُّ «يَأْتُونَ مَا أَتَوْا» مَقْصُورًا مِنَ الْإِتْيَانِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَلَوْ صَحَّتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ لَمْ تُخَالِفْ قِرَاءَةَ الْجَمَاعَةِ، لِأَنَّ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُلْزِمُ فِي الْهَمْزِ الْأَلْفَ فِي كُلِّ الحالات. قال النحاس: معنى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ يَعْمَلُونَ مَا عَمِلُوا وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: أُولئِكَ إِلَى الْمُتَّصِفِينَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ، وَمَعْنَى يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ يُبَادِرُونَ بِهَا. قَالَ الْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ: ينافسون فيها، وَقُرِئَ «يُسْرِعُونَ». وَهُمْ لَها سابِقُونَ اللَّامُ لِلتَّقْوِيَةِ، وَالْمَعْنَى: هُمْ سَابِقُونَ إِيَّاهَا، وَقِيلَ: اللَّامُ بِمَعْنَى إِلَى، كَمَا فِي قَوْلِهِ: بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها «١» أَيْ: أَوْحَى إِلَيْهَا، وَأَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ قَوْلَ الشَّاعِرِ «٢» :
تجانف عن جوّ اليمامة ناقتي وَمَا قَصَدْتَ مِنْ أَهْلِهَا لِسِوَائِكَا «٣»
أَيْ: إِلَى سِوَائِكَا، وَقِيلَ: الْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: وَهُمْ سَابِقُونَ النَّاسَ لِأَجْلِهَا. ثُمَّ لَمَّا انْجَرَّ الْكَلَامُ إِلَى ذِكْرِ أَعْمَالِ الْمُكَلَّفِينَ ذَكَرَ لَهُمَا حُكْمَيْنِ، الْأَوَّلُ قَوْلِهِ: وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها الْوُسْعُ: هو
(١). الزلزلة: ٥.
(٢). هو الأعشى.
(٣). «تجانف» : تنحرف. «جو» : هو ما اتسع من الأودية.
578
الطَّاقَةُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذَا فِي آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ. وَفِي تَفْسِيرِ الْوُسْعِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ الطَّاقَةُ كَمَا فَسَّرَهُ بِذَلِكَ أَهْلُ اللُّغَةِ. الثَّانِي: أَنَّهُ دُونَ الطَّاقَةِ، وَبِهِ قَالَ مُقَاتِلٌ وَالضَّحَّاكُ وَالْكَلْبِيُّ. وَالْمُعْتَزِلَةُ قَالُوا: لِأَنَّ الْوُسْعَ إِنَّمَا سمّي وسعا لِأَنَّهُ يَتَّسِعُ عَلَى فَاعِلِهِ فِعْلُهُ وَلَا يَضِيقُ عليه، فمن لم يستطع الجلوس فليوم إِيمَاءً، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعِ الصَّوْمَ فَلْيُفْطِرْ. وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِلتَّحْرِيضِ عَلَى مَا وُصِفَ بِهِ السَّابِقُونَ مِنْ فِعْلِ الطَّاعَاتِ الْمُؤَدِّي إِلَى نَيْلِ الْكَرَامَاتِ بِبَيَانِ سُهُولَتِهِ وَكَوْنِهِ غَيْرَ خَارِجٍ عَنْ حَدِّ الْوُسْعِ وَالطَّاقَةِ، وَأَنَّ ذَلِكَ عَادَةُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فِي تَكْلِيفِ عِبَادِهِ، وَجُمْلَةُ وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ مِنْ تَمَامِ مَا قَبْلَهَا مِنْ نَفْيِ التَّكْلِيفِ بِمَا فَوْقَ الْوُسْعِ وَالْمُرَادُ بِالْكِتَابِ صَحَائِفُ الْأَعْمَالِ، أَيْ: عِنْدَنَا كِتَابٌ قَدْ أَثْبَتَ فِيهِ أَعْمَالَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ، وَمَعْنَى يَنْطِقُ بِالْحَقِّ يَظْهَرُ بِهِ الْحَقُّ الْمُطَابِقُ لِلْوَاقِعِ مِنْ دُونِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ، وَمِثْلُهُ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: هَذَا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ «١»، وَفِي هَذَا تَهْدِيدٌ لِلْعُصَاةِ وَتَأْنِيسٌ لِلْمُطِيعِينَ مِنَ الْحَيْفِ وَالظُّلْمِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْكِتَابِ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ، فَإِنَّهُ قَدْ كُتِبَ فِيهِ كُلُّ شَيْءٍ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْكِتَابِ: الْقُرْآنُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ تَشْبِيهٌ لِلْكِتَابِ بِمَنْ يَصْدُرُ عَنْهُ الْبَيَانُ بِالنُّطْقِ بِلِسَانِهِ، فَإِنَّ الْكِتَابَ يُعْرِبُ عَمَّا فِيهِ كَمَا يُعْرِبُ النَّاطِقُ الْمُحِقُّ. وَقَوْلُهُ: بِالْحَقِّ. يَتَعَلَّقُ بِيَنْطِقُ، أَوْ بِمَحْذُوفٍ هُوَ حَالٌ مِنْ فَاعِلِهِ، أَيْ: يَنْطِقُ مُلْتَبِسًا بِالْحَقِّ، وَجُمْلَةُ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ مُبَيِّنَةٌ لِمَا قَبْلَهَا مِنْ تفضّله وعدله في جزاء عباده، أي: لا يظلمون بنقص ثواب أو بزيادة عِقَابٍ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً «٢»، ثُمَّ أَضْرَبَ سُبْحَانَهُ عَنْ هَذَا فَقَالَ: بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَالضَّمِيرُ لِلْكُفَّارِ، أَيْ: بَلْ قلوب الكفار في غمرة لَهَا عَنْ هَذَا الْكِتَابِ الَّذِي يَنْطِقُ بِالْحَقِّ، أَوْ عَنِ الْأَمْرِ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُؤْمِنُونَ، يُقَالُ: غَمَرَهُ الْمَاءُ: إِذَا غَطَّاهُ، وَنَهْرٌ غَمْرٌ: يُغَطِّي مَنْ دَخَلَهُ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الْغِطَاءُ وَالْغَفْلَةُ أَوِ الْحَيْرَةُ وَالْعَمَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْغَمْرَةِ قَرِيبًا. وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ قَالَ قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ: أَيْ لَهُمْ خَطَايَا لَا بُدَّ أَنْ يَعْمَلُوهَا مِنْ دُونِ الْحَقِّ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَابْنُ زَيْدٍ: الْمَعْنَى وَلَهُمْ أَعْمَالٌ رَدِيئَةٌ لَمْ يَعْمَلُوهَا مِنْ دُونِ مَا هُمْ عَلَيْهِ لَا بُدَّ أَنْ يَعْمَلُوهَا فَيَدْخُلُونَ بِهَا النَّارَ، فَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: ذلِكَ إِمَّا إِلَى أَعْمَالِ الْمُؤْمِنِينَ، أَوْ إِلَى أَعْمَالِ الْكُفَّارِ، أَيْ: لَهُمْ أَعْمَالٌ مَنْ دُونِ أَعْمَالِ الْمُؤْمِنِينَ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ، أَوْ مِنْ دُونِ أَعْمَالِ الْكُفَّارِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا مِنْ كَوْنِ قُلُوبِهِمْ فِي غَفْلَةٍ عَظِيمَةٍ مِمَّا ذُكِرَ، وَهِيَ فُنُونُ كُفْرِهِمْ وَمَعَاصِيهِمُ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا مَا سَيَأْتِي مِنْ طَعْنِهِمْ فِي الْقُرْآنِ، قَالَ الْوَاحِدِيُّ: إِجْمَاعُ الْمُفَسِّرِينَ وَأَصْحَابِ الْمَعَانِي عَلَى أَنَّ هَذَا إِخْبَارٌ عَمَّا سَيَعْمَلُونَهُ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الْخَبِيثَةِ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْهِمْ لَا بُدَّ لَهُمْ أَنْ يَعْمَلُوهَا، وَجُمْلَةُ هُمْ لَها عامِلُونَ مُقَرِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا، أَيْ: وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ أَنْ يَعْمَلُوهَا فَيَدْخُلُوا بِهَا النَّارَ لِمَا سَبَقَ لَهُمْ مِنَ الشَّقَاوَةِ لَا مَحِيصَ لَهُمْ عَنْ ذَلِكَ. ثُمَّ رَجَعَ سُبْحَانَهُ إِلَى وَصْفِ الْكُفَّارِ فَقَالَ:
حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ حَتَّى هَذِهِ هِيَ الَّتِي يُبْتَدَأُ بَعْدَهَا الْكَلَامُ، وَالْكَلَامُ هُوَ الْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُبَيِّنَةٌ لِمَا قَبْلَهَا، وَالضَّمِيرُ فِي مُتْرَفِيهِمْ رَاجِعٌ إِلَى مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ الْكُفَّارِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُتْرَفِينَ الْمُتَنَعِّمِينَ مِنْهُمْ، وَهُمُ الَّذِينَ أَمَدَّهُمُ اللَّهُ بِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ الْمَالِ وَالْبَنِينَ، أَوِ الْمُرَادُ بِهِمُ الرؤساء منهم.
(١). الجاثية: ٢٩.
(٢). الكهف: ٤٩.
579
وَالْمُرَادُ بِالْعَذَابِ هُوَ عَذَابُهُمْ بِالسَّيْفِ يَوْمَ بَدْرٍ، أَوْ بِالْجُوعِ بِدُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم عليهم حَيْثُ قَالَ: «اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ». وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْعَذَابِ عَذَابُ الْآخِرَةِ، وَرَجَّحَ هَذَا بِأَنَّ مَا يَقَعُ مِنْهُمْ مَنِ الْجُؤَارِ إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ عَذَابِ الْآخِرَةِ، لِأَنَّهُ الِاسْتِغَاثَةُ بِاللَّهِ وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُمْ ذَلِكَ يَوْمَ بَدْرٍ وَلَا فِي سِنِي الْجُوعِ. وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْجُؤَارَ فِي اللُّغَةِ الصُّرَاخُ وَالصِّيَاحُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْجُؤَارُ مِثْلُ الْخُوَارِ، يُقَالُ: جَأَرَ الثَّوْرُ يَجْأَرُ أَيْ صَاحَ، وَقَدْ وقع منهم ومن أهلهم وأولادهم عند ما عُذِّبُوا بِالسَّيْفِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَبِالْجُوعِ فِي سِنِي الجوع، وليس الجؤار هاهنا مقيد بِالْجُؤَارِ الَّذِي هُوَ التَّضَرُّعُ بِالدُّعَاءِ حَتَّى يَتِمَّ مَا ذَكَرَهُ ذَلِكَ الْقَائِلُ، وَجُمْلَةُ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ جَوَابُ الشَّرْطِ، وَإِذَا هِيَ الْفُجَائِيَّةُ، وَالْمَعْنَى: حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب فاجؤوا بِالصُّرَاخِ، ثُمَّ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ يُقَالُ لَهُمْ حِينَئِذٍ عَلَى جِهَةِ التَّبْكِيتِ لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ فَالْقَوْلُ مُضْمَرٌ، وَالْجُمْلَةُ مَسُوقَةٌ لِتَبْكِيتِهِمْ وِإِقْنَاطِهِمْ وَقَطْعِ أَطْمَاعِهِمْ وَخَصَّصَ سُبْحَانَهُ الْمُتْرَفِينَ مَعَ أَنَّ الْعَذَابَ لا حق بِهِمْ جَمِيعًا، وَاقِعٌ عَلَى مُتْرَفِيهِمْ وَغَيْرِ مُتْرَفِيهِمْ لِبَيَانِ أَنَّهُمْ بَعْدَ النِّعْمَةِ الَّتِي كَانُوا فِيهَا صَارُوا عَلَى حَالَةِ تُخَالِفُهَا وَتُبَايِنُهَا، فَانْتَقَلُوا مِنَ النَّعِيمِ التَّامِّ إِلَى الشَّقَاءِ الْخَالِصِ، وَخُصَّ الْيَوْمُ بِالذِّكْرِ لِلتَّهْوِيلِ، وَجُمْلَةُ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ تعليل للنهي على الجوار، وَالْمَعْنَى: إِنَّكُمْ مِنْ عَذَابِنَا لَا تُمْنَعُونَ وَلَا يَنْفَعُكُمْ جَزَعُكُمْ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى:
إِنَّكُمْ لَا يَلْحَقُكُمْ مِنْ جِهَتِنَا نُصْرَةٌ تَمْنَعُكُمْ مِمَّا دَهَمَكُمْ مِنَ الْعَذَابِ. ثُمَّ عَدَّدَ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِمْ قَبَائِحَهُمْ تَوْبِيخًا لَهُمْ فَقَالَ: قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ أَيْ: فِي الدُّنْيَا، وَهِيَ آيَاتُ الْقُرْآنِ فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ أَيْ: تَرْجِعُونَ وَرَاءَكُمْ، وَأَصْلُ النُّكُوصِ أَنْ يَرْجِعَ الْقَهْقَرَى، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
زعموا بأنّهم على سبل النّجا ة وإنّما نكص على الأعقاب
وهو هنا استعار لِلْإِعْرَاضِ عَنِ الْحَقِّ، وَقَرَأَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ «عَلَى أَدْبَارِكُمْ» بَدَلَ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ بِضَمِّ الْكَافِ، وَعَلَى أَعْقَابِكُمْ مُتَعَلِّقٌ بِتَنْكِصُونَ، أَوْ مُتَعَلِّقٍ بِمَحْذُوفٍ وَقَعَ حَالًا مِنْ فَاعِلِ تَنْكِصُونَ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ الضَّمِيرُ فِي بِهِ رَاجِعٌ إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ، وَقِيلَ: لِلْحَرَمِ، وَالَّذِي سَوَّغَ الْإِضْمَارَ قَبْلَ الذِّكْرِ اشْتِهَارُهُمْ بِالِاسْتِكْبَارِ بِهِ وَافْتِخَارُهُمْ بِوِلَايَتِهِ وَالْقِيَامِ بِهِ، وَكَانُوا يَقُولُونَ: لَا يَظْهَرُ عَلَيْنَا أَحَدٌ لِأَنَّا أَهْلُ الْحَرَمِ وَخُدَّامُهُ. وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ. وَقِيلَ: الضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَى الْقُرْآنِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّ سَمَاعَهُ يُحْدِثُ لَهُمْ كِبْرًا وَطُغْيَانًا فَلَا يُؤْمِنُونَ بِهِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا قَوْلٌ جَيِّدٌ. وَقَالَ النَّحَّاسُ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى وَبَيَّنَهُ بِمَا ذَكَرْنَا. فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَكُونُ بِهِ مُتَعَلِّقَا بِمُسْتَكْبِرِينَ، وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ مُتَعَلِّقًا بِ سامِراً لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَجْتَمِعُونَ حَوْلَ الْبَيْتِ بِاللَّيْلِ يَسْمُرُونَ، وَكَانَ عَامَّةُ سَمَرِهِمْ ذِكْرَ الْقُرْآنِ وَالطَّعْنَ فِيهِ، وَالسَّامِرُ كَالْحَاضِرِ فِي الْإِطْلَاقِ عَلَى الْجَمْعِ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: السَّامِرُ: الْجَمَاعَةُ يَسْمُرُونَ بِاللَّيْلِ، أَيْ: يَتَحَدَّثُونَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ بِقَوْلِهِ: تَهْجُرُونَ وَالْهَجْرُ بِالْفَتْحِ الْهَذَيَانُ، أَيْ: تَهْذُونَ فِي شَأْنِ الْقُرْآنِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْهُجْرِ بِالضَّمِّ، وَهُوَ الْفُحْشُ. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَأَبُو حَيْوَةَ «سُمَّرًا» بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ الْمِيمِ مُشَدَّدَةً، وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَبُو رَجَاءٍ «سَمَارًا» وَرُوِيَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَانْتِصَابُ سَامِرًا عَلَى الْحَالِ إِمَّا مِنْ فَاعِلِ تَنْكِصُونَ، أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ فِي مُسْتَكْبِرِينَ، وَقِيلَ هُوَ مَصْدَرٌ جَاءَ عَلَى لَفْظِ الْفَاعِلِ،
580
يُقَالُ قَوْمٌ سَامِرٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْحَجُونِ إِلَى الصَّفَا أَنِيسٌ وَلَمْ يَسْمُرْ بِمَكَّةَ سَامِرُ
قَالَ الرَّاغِبُ: وَيُقَالُ سَامِرٌ وَسُمَّارٌ وَسُمْرٌ وَسَامِرُونَ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ تَهْجُرُونَ بِفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقٍ وَضَمِّ الْجِيمِ. وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ، مِنْ أَهْجَرَ، أَيْ: أَفْحَشَ فِي مَنْطِقِهِ. وقرأ زيد ابن عَلِيٍّ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَأَبُو نَهِيكٍ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُشَدَّدَةً، مُضَارِعَ هَجَّرَ بِالتَّشْدِيدِ. وَقَرَأَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ كَالْجُمْهُورِ إِلَّا أَنَّهُ بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ، وَفِيهِ الْتِفَاتٌ.
وَقَدْ أَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ وَأَحْمَدُ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي نَعْتِ الْخَائِفِينَ، وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَوْلُ اللَّهِ: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَهْوَ الرَّجُلُ يَسْرِقُ وَيَزْنِي وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَخَافُ اللَّهَ؟ قَالَ: «لَا، وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ يَصُومُ وَيَتَصَدَّقُ وَيُصَلِّي، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَخَافُ اللَّهَ أَنْ لَا يَتَقَبَّلَ مِنْهُ». وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي الْمَصَاحِفِ، وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا قَالَ: يُعْطُونَ مَا أَعْطَوْا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حاتم عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ قَالَ: يَعْمَلُونَ خَائِفِينَ. وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا قَالَ: الزَّكَاةَ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَائِشَةَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا قَالَتْ: هُمُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ اللَّهَ وَيُطِيعُونَهُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: لَأَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْآيَةُ كَمَا أَقْرَأُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمُرِ النَّعَمِ، فَقَالَ لَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا هِيَ قَالَتِ:
الَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقَدْ قَدَّمْنَا ذكر قراءتها ومعناها. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قرأ: والذين يأتون مَا آتَوْا مَقْصُورًا مِنَ الْمَجِيءِ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بن منصور وأحمد وعبد ابن حُمَيْدٍ، وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي الْمَصَاحِفِ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْأَفْرَادِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عبيد بن عمير أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا؟ قَالَتْ: أَيَّتُهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ. قُلْتُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَحَدِهِمَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وما فيها جميعا، قالت: أيهما؟ قلت: الَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا فَقَالَتْ: أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ، وَكَذَلِكَ أُنْزِلَتْ، وَلَكِنَّ الْهِجَاءَ حَرْفٌ. وَفِي إِسْنَادِهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ قَالَ: سَبَقَتْ لَهُمُ السَّعَادَةُ مِنَ اللَّهِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا يَعْنِي بِالْغَمْرَةِ الْكُفْرَ وَالشَّكَّ وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ يَقُولُ: أَعْمَالٌ سَيِّئَةٌ دُونَ الشِّرْكِ هُمْ لَها عامِلُونَ قَالَ: لَا بُدَّ لَهُمْ أَنْ يَعْمَلُوهَا. وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ عَنْهُ حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ قَالَ: هُمْ أَهْلُ بَدْرٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ
581
﴿ والذين هُم بآيات رَبَّهِمْ يُؤْمِنُونَ ﴾ قيل : المراد بالآيات : هي التنزيلية. وقيل : هي التكوينية. وقيل : مجموعهما. قيل : وليس المراد بالإيمان بها : هو التصديق بوجودها فقط. فإن ذلك معلوم بالضرورة ولا يوجب المدح، بل المراد : التصديق بكونها دلائل وأن مدلولها حق. والصفة الثالثة : قوله :﴿ والذين هُم بِرَبّهِمْ لاَ يُشْرِكُونَ ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج الفريابي وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن ماجه، وابن أبي الدنيا في نعت الخائفين، وابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب عن عائشة قالت : قلت : يا رسول الله، قول الله :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو مع ذلك يخاف الله ؟ قال :( لا، ولكنه الرجل يصوم ويتصدق ويصلي، وهو مع ذلك يخاف الله أن لا يتقبل منه ). وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير، وابن الأنباري في المصاحف وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قالت عائشة : يا رسول الله، فذكر نحوه. وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس في قوله :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قال : يعطون ما أعطوا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ قال : يعملون خائفين. وأخرج الفريابي وابن جرير عن ابن عمر ﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قال : الزكاة. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن عائشة :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قالت : هم الذين يخشون الله ويطيعونه. وأخرج عبد بن حميد عن ابن أبي مليكة قال : قالت عائشة : لأن تكون هذه الآية كما أقرأ أحبّ إليّ من حمر النعم، فقال لها ابن عباس : ما هي ؟ قالت :﴿ الذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ وقد قدّمنا ذكر قراءتها ومعناها. وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عنها، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قرأ :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ مقصوراً من المجيء. وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن المنذر وابن أبي شيبة، وابن الأنباري في المصاحف، والدارقطني في الأفراد، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن عبيد بن عمير ؛ أنه سأل عائشة : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ ؟ قالت : أيتهما أحبّ إليك ؟ قلت : والذي نفسي بيده لأحدهما أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها جميعاً، قالت : أيهما ؟ قلت :«الذين يَأْتُونَ مَا آتَوا» فقالت : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها كذلك، وكذلك أنزلت، ولكن الهجاء حرّف. وفي إسناده إسماعيل بن عليّ وهو ضعيف. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ أولئك يسارعون فِي الخيرات وَهُمْ لَهَا سابقون ﴾ قال : سبقت لهم السعادة من الله. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ منْ هذا ﴾ يعني بالغمرة : الكفر والشك ﴿ وَلَهُمْ أعمال مّن دُونِ ذلك ﴾ يقول : أعمال سيئة دون الشرك ﴿ هُمْ لَهَا عاملون ﴾ قال : لا بدّ لهم أن يعملوها. وأخرج النسائي عنه :﴿ حتى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بالعذاب ﴾ قال : هم أهل بدر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ إذا هم يجأرون ﴾ قال : يستغيثون، وفي قوله :﴿ فَكُنتُمْ على أعقابكم تَنكِصُونَ ﴾ قال : تدبرون، وفي قوله :﴿ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : تسمرون حول البيت وتقولون هجراً. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه ﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ ﴾ قال : بحرم الله أنه لا يظهر عليهم فيه أحد. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه أيضاً :﴿ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : كانت قريش يتحلقون حلقاً يتحدّثون حول البيت. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ :﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : كان المشركون يهجرون برسول الله صلى الله عليه وسلم في القول في سمرهم. وأخرج النسائي وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس قال : إنما كره السمر حين نزلت هذه الآية :﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾.
﴿ والذين هُم بِرَبّهِمْ لاَ يُشْرِكُونَ ﴾ أي يتركون الشرك تركاً كلياً ظاهراً وباطناً. والصفة الرابعة : قوله :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا وقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إلى رَبّهِمْ راجعون ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج الفريابي وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن ماجه، وابن أبي الدنيا في نعت الخائفين، وابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب عن عائشة قالت : قلت : يا رسول الله، قول الله :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو مع ذلك يخاف الله ؟ قال :( لا، ولكنه الرجل يصوم ويتصدق ويصلي، وهو مع ذلك يخاف الله أن لا يتقبل منه ). وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير، وابن الأنباري في المصاحف وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قالت عائشة : يا رسول الله، فذكر نحوه. وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس في قوله :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قال : يعطون ما أعطوا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ قال : يعملون خائفين. وأخرج الفريابي وابن جرير عن ابن عمر ﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قال : الزكاة. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن عائشة :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قالت : هم الذين يخشون الله ويطيعونه. وأخرج عبد بن حميد عن ابن أبي مليكة قال : قالت عائشة : لأن تكون هذه الآية كما أقرأ أحبّ إليّ من حمر النعم، فقال لها ابن عباس : ما هي ؟ قالت :﴿ الذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ وقد قدّمنا ذكر قراءتها ومعناها. وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عنها، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قرأ :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ مقصوراً من المجيء. وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن المنذر وابن أبي شيبة، وابن الأنباري في المصاحف، والدارقطني في الأفراد، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن عبيد بن عمير ؛ أنه سأل عائشة : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ ؟ قالت : أيتهما أحبّ إليك ؟ قلت : والذي نفسي بيده لأحدهما أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها جميعاً، قالت : أيهما ؟ قلت :«الذين يَأْتُونَ مَا آتَوا» فقالت : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها كذلك، وكذلك أنزلت، ولكن الهجاء حرّف. وفي إسناده إسماعيل بن عليّ وهو ضعيف. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ أولئك يسارعون فِي الخيرات وَهُمْ لَهَا سابقون ﴾ قال : سبقت لهم السعادة من الله. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ منْ هذا ﴾ يعني بالغمرة : الكفر والشك ﴿ وَلَهُمْ أعمال مّن دُونِ ذلك ﴾ يقول : أعمال سيئة دون الشرك ﴿ هُمْ لَهَا عاملون ﴾ قال : لا بدّ لهم أن يعملوها. وأخرج النسائي عنه :﴿ حتى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بالعذاب ﴾ قال : هم أهل بدر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ إذا هم يجأرون ﴾ قال : يستغيثون، وفي قوله :﴿ فَكُنتُمْ على أعقابكم تَنكِصُونَ ﴾ قال : تدبرون، وفي قوله :﴿ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : تسمرون حول البيت وتقولون هجراً. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه ﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ ﴾ قال : بحرم الله أنه لا يظهر عليهم فيه أحد. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه أيضاً :﴿ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : كانت قريش يتحلقون حلقاً يتحدّثون حول البيت. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ :﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : كان المشركون يهجرون برسول الله صلى الله عليه وسلم في القول في سمرهم. وأخرج النسائي وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس قال : إنما كره السمر حين نزلت هذه الآية :﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾.
﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إلى رَبّهِمْ راجعون ﴾ أي يعطون ما أعطوا وقلوبهم خائفة من أجل ذلك الإعطاء يظنون أن ذلك لا ينجيهم من عذاب الله، وجملة :﴿ وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ في محل نصب على الحال، أي والحال أن قلوبهم خائفة أشدّ الخوف. قال الزجاج : قلوبهم خائفة لأنهم إلى ربهم راجعون، وسبب الوجل هو أن يخافوا أن لا يقبل منهم ذلك على الوجه المطلوب، لا مجرّد رجوعهم إليه سبحانه. وقيل : المعنى : أن من اعتقد الرجوع إلى الجزاء والحساب وعلم أن المجازي والمحاسب هو الربّ الذي لا تخفى عليه خافية لم يخل من وجل. وقرأت عائشة وابن عباس والنخعي «يَأْتُونَ مَا أَتَوا » مقصوراً من الإتيان. قال الفراء : ولو صحت هذه القراءة لم تخالف قراءة الجماعة ؛ لأن من العرب من يلزم في الهمز الألف في كل الحالات. قال النحاس : ومعنى هذه القراءة : يعملون ما عملوا.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج الفريابي وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن ماجه، وابن أبي الدنيا في نعت الخائفين، وابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب عن عائشة قالت : قلت : يا رسول الله، قول الله :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو مع ذلك يخاف الله ؟ قال :( لا، ولكنه الرجل يصوم ويتصدق ويصلي، وهو مع ذلك يخاف الله أن لا يتقبل منه ). وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير، وابن الأنباري في المصاحف وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قالت عائشة : يا رسول الله، فذكر نحوه. وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس في قوله :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قال : يعطون ما أعطوا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ قال : يعملون خائفين. وأخرج الفريابي وابن جرير عن ابن عمر ﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قال : الزكاة. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن عائشة :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قالت : هم الذين يخشون الله ويطيعونه. وأخرج عبد بن حميد عن ابن أبي مليكة قال : قالت عائشة : لأن تكون هذه الآية كما أقرأ أحبّ إليّ من حمر النعم، فقال لها ابن عباس : ما هي ؟ قالت :﴿ الذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ وقد قدّمنا ذكر قراءتها ومعناها. وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عنها، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قرأ :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ مقصوراً من المجيء. وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن المنذر وابن أبي شيبة، وابن الأنباري في المصاحف، والدارقطني في الأفراد، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن عبيد بن عمير ؛ أنه سأل عائشة : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ ؟ قالت : أيتهما أحبّ إليك ؟ قلت : والذي نفسي بيده لأحدهما أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها جميعاً، قالت : أيهما ؟ قلت :«الذين يَأْتُونَ مَا آتَوا» فقالت : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها كذلك، وكذلك أنزلت، ولكن الهجاء حرّف. وفي إسناده إسماعيل بن عليّ وهو ضعيف. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ أولئك يسارعون فِي الخيرات وَهُمْ لَهَا سابقون ﴾ قال : سبقت لهم السعادة من الله. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ منْ هذا ﴾ يعني بالغمرة : الكفر والشك ﴿ وَلَهُمْ أعمال مّن دُونِ ذلك ﴾ يقول : أعمال سيئة دون الشرك ﴿ هُمْ لَهَا عاملون ﴾ قال : لا بدّ لهم أن يعملوها. وأخرج النسائي عنه :﴿ حتى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بالعذاب ﴾ قال : هم أهل بدر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ إذا هم يجأرون ﴾ قال : يستغيثون، وفي قوله :﴿ فَكُنتُمْ على أعقابكم تَنكِصُونَ ﴾ قال : تدبرون، وفي قوله :﴿ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : تسمرون حول البيت وتقولون هجراً. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه ﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ ﴾ قال : بحرم الله أنه لا يظهر عليهم فيه أحد. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه أيضاً :﴿ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : كانت قريش يتحلقون حلقاً يتحدّثون حول البيت. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ :﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : كان المشركون يهجرون برسول الله صلى الله عليه وسلم في القول في سمرهم. وأخرج النسائي وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس قال : إنما كره السمر حين نزلت هذه الآية :﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾.
والإشارة بقوله :﴿ أولئك ﴾ إلى المتصفين بهذه الصفات، ومعنى ﴿ يسارعون فِي الخيرات ﴾ : يبادرون بها. قال الفرّاء والزجاج : ينافسون فيها، وقيل : يسابقون، وقرئ :«يسرعون ». ﴿ وَهُمْ لَهَا سابقون ﴾ اللام للتقوية، والمعنى : هم سابقون إياها. وقيل : اللام بمعنى إلى، كما في قوله :﴿ بِأَنَّ رَبَّكَ أوحى لَهَا ﴾ [ الزلزلة : ٥ ]. أي أوحى إليها، وأنشد سيبويه قول الشاعر :
تجانف عن أهل اليمامة يا فتي وما قصدت من أهلها لسوائكا
أي إلى سوائكا. وقيل : المفعول محذوف، والتقدير : وهم سابقون الناس لأجلها.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج الفريابي وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن ماجه، وابن أبي الدنيا في نعت الخائفين، وابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب عن عائشة قالت : قلت : يا رسول الله، قول الله :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو مع ذلك يخاف الله ؟ قال :( لا، ولكنه الرجل يصوم ويتصدق ويصلي، وهو مع ذلك يخاف الله أن لا يتقبل منه ). وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير، وابن الأنباري في المصاحف وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قالت عائشة : يا رسول الله، فذكر نحوه. وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس في قوله :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قال : يعطون ما أعطوا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ قال : يعملون خائفين. وأخرج الفريابي وابن جرير عن ابن عمر ﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قال : الزكاة. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن عائشة :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قالت : هم الذين يخشون الله ويطيعونه. وأخرج عبد بن حميد عن ابن أبي مليكة قال : قالت عائشة : لأن تكون هذه الآية كما أقرأ أحبّ إليّ من حمر النعم، فقال لها ابن عباس : ما هي ؟ قالت :﴿ الذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ وقد قدّمنا ذكر قراءتها ومعناها. وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عنها، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قرأ :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ مقصوراً من المجيء. وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن المنذر وابن أبي شيبة، وابن الأنباري في المصاحف، والدارقطني في الأفراد، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن عبيد بن عمير ؛ أنه سأل عائشة : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ ؟ قالت : أيتهما أحبّ إليك ؟ قلت : والذي نفسي بيده لأحدهما أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها جميعاً، قالت : أيهما ؟ قلت :«الذين يَأْتُونَ مَا آتَوا» فقالت : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها كذلك، وكذلك أنزلت، ولكن الهجاء حرّف. وفي إسناده إسماعيل بن عليّ وهو ضعيف. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ أولئك يسارعون فِي الخيرات وَهُمْ لَهَا سابقون ﴾ قال : سبقت لهم السعادة من الله. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ منْ هذا ﴾ يعني بالغمرة : الكفر والشك ﴿ وَلَهُمْ أعمال مّن دُونِ ذلك ﴾ يقول : أعمال سيئة دون الشرك ﴿ هُمْ لَهَا عاملون ﴾ قال : لا بدّ لهم أن يعملوها. وأخرج النسائي عنه :﴿ حتى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بالعذاب ﴾ قال : هم أهل بدر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ إذا هم يجأرون ﴾ قال : يستغيثون، وفي قوله :﴿ فَكُنتُمْ على أعقابكم تَنكِصُونَ ﴾ قال : تدبرون، وفي قوله :﴿ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : تسمرون حول البيت وتقولون هجراً. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه ﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ ﴾ قال : بحرم الله أنه لا يظهر عليهم فيه أحد. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه أيضاً :﴿ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : كانت قريش يتحلقون حلقاً يتحدّثون حول البيت. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ :﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : كان المشركون يهجرون برسول الله صلى الله عليه وسلم في القول في سمرهم. وأخرج النسائي وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس قال : إنما كره السمر حين نزلت هذه الآية :﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾.
ثم لما انجر الكلام إلى ذكر أعمال المكلفين ذكر لهما حكمين : الأوّل : قوله :﴿ وَلاَ نُكَلّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ﴾ الوسع هو : الطاقة، وقد تقدّم بيان هذا في آخر سورة البقرة. وفي تفسير الوسع قولان : الأوّل : أنه الطاقة، كما فسره بذلك أهل اللغة. الثاني : أنه دون الطاقة، وبه قال مقاتل والضحاك والكلبي. والمعتزلة قالوا : لأن الوسع إنما سمي وسعاً ؛ لأنه يتسع على فاعله فعله ولا يضيق عليه، فمن لم يستطع الجلوس فليوم إيماء، ومن لم يستطع الصوم فليفطر. وهذه الجملة مستأنفة للتحريض على ما وصف به السابقون من فعل الطاعات المؤدّي إلى نيل الكرامات ببيان سهولته وكونه غير خارج عن حدّ الوسع والطاقة، وأن ذلك عادة الله سبحانه في تكليف عباده، وجملة :﴿ وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بالحق ﴾ من تمام ما قبلها من نفي التكليف بما فوق الوسع والمراد بالكتاب : صحائف الأعمال، أي عندنا كتاب قد أثبت فيه أعمال كل واحد من المكلفين على ما هي عليه، ومعنى ﴿ يَنطِقُ بالحق ﴾ : يظهر به الحق المطابق للواقع من دون زيادة ولا نقص، ومثله قوله سبحانه :﴿ هذا كتابنا يَنطِقُ عَلَيْكُم بالحق إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الجاثية : ٢٩ ]. وفي هذا تهديد للعصاة وتأنيس للمطيعين من الحيف والظلم. وقيل : المراد بالكتاب : اللوح المحفوظ، فإنه قد كتب فيه كل شيء. وقيل : المراد بالكتاب : القرآن، والأوّل أولى. وفي هذه الآية تشبيه للكتاب بمن يصدر عنه البيان بالنطق بلسانه، فإن الكتاب يعرب عما فيه كما يعرب الناطق المحق، وقوله :﴿ بالحق ﴾، يتعلق ب﴿ ينطق ﴾ أو بمحذوف هو حال من فاعله، أي ينطق ملتبساً بالحق، وجملة :﴿ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ﴾ مبينة لما قبلها من تفضله وعدله في جزاء عباده، أي لا يظلمون بنقص ثواب أو بزيادة عقاب، ومثله قوله سبحانه :﴿ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [ الكهف : ٤٩ ].
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج الفريابي وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن ماجه، وابن أبي الدنيا في نعت الخائفين، وابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب عن عائشة قالت : قلت : يا رسول الله، قول الله :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو مع ذلك يخاف الله ؟ قال :( لا، ولكنه الرجل يصوم ويتصدق ويصلي، وهو مع ذلك يخاف الله أن لا يتقبل منه ). وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير، وابن الأنباري في المصاحف وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قالت عائشة : يا رسول الله، فذكر نحوه. وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس في قوله :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قال : يعطون ما أعطوا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ قال : يعملون خائفين. وأخرج الفريابي وابن جرير عن ابن عمر ﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قال : الزكاة. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن عائشة :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قالت : هم الذين يخشون الله ويطيعونه. وأخرج عبد بن حميد عن ابن أبي مليكة قال : قالت عائشة : لأن تكون هذه الآية كما أقرأ أحبّ إليّ من حمر النعم، فقال لها ابن عباس : ما هي ؟ قالت :﴿ الذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ وقد قدّمنا ذكر قراءتها ومعناها. وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عنها، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قرأ :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ مقصوراً من المجيء. وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن المنذر وابن أبي شيبة، وابن الأنباري في المصاحف، والدارقطني في الأفراد، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن عبيد بن عمير ؛ أنه سأل عائشة : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ ؟ قالت : أيتهما أحبّ إليك ؟ قلت : والذي نفسي بيده لأحدهما أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها جميعاً، قالت : أيهما ؟ قلت :«الذين يَأْتُونَ مَا آتَوا» فقالت : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها كذلك، وكذلك أنزلت، ولكن الهجاء حرّف. وفي إسناده إسماعيل بن عليّ وهو ضعيف. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ أولئك يسارعون فِي الخيرات وَهُمْ لَهَا سابقون ﴾ قال : سبقت لهم السعادة من الله. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ منْ هذا ﴾ يعني بالغمرة : الكفر والشك ﴿ وَلَهُمْ أعمال مّن دُونِ ذلك ﴾ يقول : أعمال سيئة دون الشرك ﴿ هُمْ لَهَا عاملون ﴾ قال : لا بدّ لهم أن يعملوها. وأخرج النسائي عنه :﴿ حتى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بالعذاب ﴾ قال : هم أهل بدر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ إذا هم يجأرون ﴾ قال : يستغيثون، وفي قوله :﴿ فَكُنتُمْ على أعقابكم تَنكِصُونَ ﴾ قال : تدبرون، وفي قوله :﴿ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : تسمرون حول البيت وتقولون هجراً. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه ﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ ﴾ قال : بحرم الله أنه لا يظهر عليهم فيه أحد. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه أيضاً :﴿ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : كانت قريش يتحلقون حلقاً يتحدّثون حول البيت. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ :﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : كان المشركون يهجرون برسول الله صلى الله عليه وسلم في القول في سمرهم. وأخرج النسائي وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس قال : إنما كره السمر حين نزلت هذه الآية :﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾.
ثم أضرب سبحانه عن هذا فقال :﴿ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ منْ هذا ﴾ والضمير للكفار، أي بل قلوب الكفار في غمرة غامرة لها عن هذا الكتاب الذي ينطق بالحق، أو عن الأمر الذي عليه المؤمنون، يقال غمره الماء : إذا غطاه، ونهر غمر : يغطي من دخله، والمراد بها هنا : الغطاء والغفلة أو الحيرة والعمى، وقد تقدّم الكلام على الغمرة قريباً ﴿ وَلَهُمْ أعمال من دُونِ ذلك ﴾ قال قتادة ومجاهد : أي لهم خطايا لا بدّ أن يعملوها من دون الحق. وقال الحسن وابن زيد : المعنى : ولهم أعمال رديئة لم يعملوها من دون ما هم عليه لا بدّ أن يعملوها فيدخلون بها النار، فالإشارة بقوله :﴿ ذلك ﴾ إما إلى أعمال المؤمنين، أو إلى أعمال الكفار، أي لهم أعمال من دون أعمال المؤمنين التي ذكرها الله، أو من دون أعمال الكفار التي تقدّم ذكرها من كون قلوبهم في غفلة عظيمة مما ذكر، وهي فنون كفرهم ومعاصيهم التي من جملتها ما سيأتي من طعنهم في القرآن. قال الواحدي : إجماع المفسرين وأصحاب المعاني على أن هذا إخبار عما [ سيعملونه ] من أعمالهم الخبيثة التي كتبت عليهم لا بدّ لهم أن يعملوها، وجملة :﴿ هُمْ لَهَا عاملون ﴾ مقرّرة لما قبلها، أي واجب عليهم أن يعملوها فيدخلوا بها النار لما سبق لهم من الشقاوة لا محيص لهم عن ذلك.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج الفريابي وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن ماجه، وابن أبي الدنيا في نعت الخائفين، وابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب عن عائشة قالت : قلت : يا رسول الله، قول الله :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو مع ذلك يخاف الله ؟ قال :( لا، ولكنه الرجل يصوم ويتصدق ويصلي، وهو مع ذلك يخاف الله أن لا يتقبل منه ). وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير، وابن الأنباري في المصاحف وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قالت عائشة : يا رسول الله، فذكر نحوه. وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس في قوله :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قال : يعطون ما أعطوا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ قال : يعملون خائفين. وأخرج الفريابي وابن جرير عن ابن عمر ﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قال : الزكاة. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن عائشة :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قالت : هم الذين يخشون الله ويطيعونه. وأخرج عبد بن حميد عن ابن أبي مليكة قال : قالت عائشة : لأن تكون هذه الآية كما أقرأ أحبّ إليّ من حمر النعم، فقال لها ابن عباس : ما هي ؟ قالت :﴿ الذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ وقد قدّمنا ذكر قراءتها ومعناها. وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عنها، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قرأ :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ مقصوراً من المجيء. وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن المنذر وابن أبي شيبة، وابن الأنباري في المصاحف، والدارقطني في الأفراد، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن عبيد بن عمير ؛ أنه سأل عائشة : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ ؟ قالت : أيتهما أحبّ إليك ؟ قلت : والذي نفسي بيده لأحدهما أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها جميعاً، قالت : أيهما ؟ قلت :«الذين يَأْتُونَ مَا آتَوا» فقالت : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها كذلك، وكذلك أنزلت، ولكن الهجاء حرّف. وفي إسناده إسماعيل بن عليّ وهو ضعيف. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ أولئك يسارعون فِي الخيرات وَهُمْ لَهَا سابقون ﴾ قال : سبقت لهم السعادة من الله. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ منْ هذا ﴾ يعني بالغمرة : الكفر والشك ﴿ وَلَهُمْ أعمال مّن دُونِ ذلك ﴾ يقول : أعمال سيئة دون الشرك ﴿ هُمْ لَهَا عاملون ﴾ قال : لا بدّ لهم أن يعملوها. وأخرج النسائي عنه :﴿ حتى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بالعذاب ﴾ قال : هم أهل بدر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ إذا هم يجأرون ﴾ قال : يستغيثون، وفي قوله :﴿ فَكُنتُمْ على أعقابكم تَنكِصُونَ ﴾ قال : تدبرون، وفي قوله :﴿ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : تسمرون حول البيت وتقولون هجراً. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه ﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ ﴾ قال : بحرم الله أنه لا يظهر عليهم فيه أحد. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه أيضاً :﴿ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : كانت قريش يتحلقون حلقاً يتحدّثون حول البيت. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ :﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : كان المشركون يهجرون برسول الله صلى الله عليه وسلم في القول في سمرهم. وأخرج النسائي وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس قال : إنما كره السمر حين نزلت هذه الآية :﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾.
ثم رجع سبحانه إلى وصف الكفار فقال :﴿ حتى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بالعذاب ﴾ حتى هذه هي التي يبتدأ بعدها الكلام، والكلام هو الجملة الشرطية المذكورة، وهذه الجملة مبينة لما قبلها، والضمير في :﴿ مترفيهم ﴾ راجع إلى من تقدّم ذكره من الكفار. والمراد بالمترفين : المتنعمين منهم، وهم الذين أمدهم الله بما تقدم ذكره من المال والبنين، أو المراد بهم الرؤساء منهم. والمراد بالعذاب هو : عذابهم بالسيف يوم بدر، أو بالجوع بدعاء النبيّ صلى الله عليه وسلم عليهم حيث قال :( اللّهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف ). وقيل : المراد بالعذاب : عذاب الآخرة ؛ ورجح هذا بأن ما يقع منهم من الجؤار إنما يكون عند عذاب الآخرة، لأنه الاستغاثة بالله ولم يقع منهم ذلك يوم بدر ولا في سني الجوع، ويجاب عنه بأن الجؤار في اللغة : الصراخ والصياح. قال الجوهري : الجؤار مثل الخوار. يقال : جأر، الثور يجأر أي صاح. وقد وقع منهم ومن أهلهم وأولادهم عندما أن عذبوا بالسيف يوم بدر، وبالجوع في سني الجوع، وليس الجؤار ها هنا مقيد بالجؤار الذي هو التضرّع بالدعاء حتى يتم ما ذكره ذلك القائل، وجملة :﴿ إذا هم يجأرون ﴾ جواب الشرط، وإذا هي الفجائية، والمعنى : حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب [ جأروا ] بالصراخ.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج الفريابي وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن ماجه، وابن أبي الدنيا في نعت الخائفين، وابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب عن عائشة قالت : قلت : يا رسول الله، قول الله :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو مع ذلك يخاف الله ؟ قال :( لا، ولكنه الرجل يصوم ويتصدق ويصلي، وهو مع ذلك يخاف الله أن لا يتقبل منه ). وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير، وابن الأنباري في المصاحف وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قالت عائشة : يا رسول الله، فذكر نحوه. وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس في قوله :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قال : يعطون ما أعطوا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ قال : يعملون خائفين. وأخرج الفريابي وابن جرير عن ابن عمر ﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قال : الزكاة. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن عائشة :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قالت : هم الذين يخشون الله ويطيعونه. وأخرج عبد بن حميد عن ابن أبي مليكة قال : قالت عائشة : لأن تكون هذه الآية كما أقرأ أحبّ إليّ من حمر النعم، فقال لها ابن عباس : ما هي ؟ قالت :﴿ الذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ وقد قدّمنا ذكر قراءتها ومعناها. وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عنها، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قرأ :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ مقصوراً من المجيء. وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن المنذر وابن أبي شيبة، وابن الأنباري في المصاحف، والدارقطني في الأفراد، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن عبيد بن عمير ؛ أنه سأل عائشة : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ ؟ قالت : أيتهما أحبّ إليك ؟ قلت : والذي نفسي بيده لأحدهما أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها جميعاً، قالت : أيهما ؟ قلت :«الذين يَأْتُونَ مَا آتَوا» فقالت : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها كذلك، وكذلك أنزلت، ولكن الهجاء حرّف. وفي إسناده إسماعيل بن عليّ وهو ضعيف. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ أولئك يسارعون فِي الخيرات وَهُمْ لَهَا سابقون ﴾ قال : سبقت لهم السعادة من الله. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ منْ هذا ﴾ يعني بالغمرة : الكفر والشك ﴿ وَلَهُمْ أعمال مّن دُونِ ذلك ﴾ يقول : أعمال سيئة دون الشرك ﴿ هُمْ لَهَا عاملون ﴾ قال : لا بدّ لهم أن يعملوها. وأخرج النسائي عنه :﴿ حتى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بالعذاب ﴾ قال : هم أهل بدر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ إذا هم يجأرون ﴾ قال : يستغيثون، وفي قوله :﴿ فَكُنتُمْ على أعقابكم تَنكِصُونَ ﴾ قال : تدبرون، وفي قوله :﴿ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : تسمرون حول البيت وتقولون هجراً. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه ﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ ﴾ قال : بحرم الله أنه لا يظهر عليهم فيه أحد. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه أيضاً :﴿ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : كانت قريش يتحلقون حلقاً يتحدّثون حول البيت. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ :﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : كان المشركون يهجرون برسول الله صلى الله عليه وسلم في القول في سمرهم. وأخرج النسائي وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس قال : إنما كره السمر حين نزلت هذه الآية :﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾.
ثم أخبر سبحانه أنه يقال لهم حينئذٍ على جهة التبكيت :﴿ لاَ تَجْأرُوا اليوم ﴾ فالقول مضمر، والجملة مسوقة لتبكيتهم وإقناطهم وقطع أطماعهم، وخصص سبحانه المترفين مع أن العذاب لاحق بهم جميعاً واقع على مترفيهم وغير مترفيهم ؛ لبيان أنهم بعد النعمة التي كانوا فيها صاروا على حالة تخالفها وتباينها، فانتقلوا من النعيم التامّ إلى الشقاء الخالص، وخصّ اليوم بالذكر للتهويل، وجملة :﴿ إِنَّكُمْ منَّا لاَ تُنصَرُونَ ﴾ تعليل للنهي عن الجؤار، والمعنى : إنكم من عذابنا لا تمنعون ولا ينفعكم جزعكم. وقيل المعنى : إنكم لا يلحقكم من جهتنا نصرة تمنعكم مما دهمكم من العذاب.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج الفريابي وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن ماجه، وابن أبي الدنيا في نعت الخائفين، وابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب عن عائشة قالت : قلت : يا رسول الله، قول الله :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو مع ذلك يخاف الله ؟ قال :( لا، ولكنه الرجل يصوم ويتصدق ويصلي، وهو مع ذلك يخاف الله أن لا يتقبل منه ). وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير، وابن الأنباري في المصاحف وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قالت عائشة : يا رسول الله، فذكر نحوه. وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس في قوله :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قال : يعطون ما أعطوا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ قال : يعملون خائفين. وأخرج الفريابي وابن جرير عن ابن عمر ﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قال : الزكاة. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن عائشة :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قالت : هم الذين يخشون الله ويطيعونه. وأخرج عبد بن حميد عن ابن أبي مليكة قال : قالت عائشة : لأن تكون هذه الآية كما أقرأ أحبّ إليّ من حمر النعم، فقال لها ابن عباس : ما هي ؟ قالت :﴿ الذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ وقد قدّمنا ذكر قراءتها ومعناها. وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عنها، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قرأ :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ مقصوراً من المجيء. وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن المنذر وابن أبي شيبة، وابن الأنباري في المصاحف، والدارقطني في الأفراد، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن عبيد بن عمير ؛ أنه سأل عائشة : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ ؟ قالت : أيتهما أحبّ إليك ؟ قلت : والذي نفسي بيده لأحدهما أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها جميعاً، قالت : أيهما ؟ قلت :«الذين يَأْتُونَ مَا آتَوا» فقالت : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها كذلك، وكذلك أنزلت، ولكن الهجاء حرّف. وفي إسناده إسماعيل بن عليّ وهو ضعيف. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ أولئك يسارعون فِي الخيرات وَهُمْ لَهَا سابقون ﴾ قال : سبقت لهم السعادة من الله. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ منْ هذا ﴾ يعني بالغمرة : الكفر والشك ﴿ وَلَهُمْ أعمال مّن دُونِ ذلك ﴾ يقول : أعمال سيئة دون الشرك ﴿ هُمْ لَهَا عاملون ﴾ قال : لا بدّ لهم أن يعملوها. وأخرج النسائي عنه :﴿ حتى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بالعذاب ﴾ قال : هم أهل بدر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ إذا هم يجأرون ﴾ قال : يستغيثون، وفي قوله :﴿ فَكُنتُمْ على أعقابكم تَنكِصُونَ ﴾ قال : تدبرون، وفي قوله :﴿ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : تسمرون حول البيت وتقولون هجراً. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه ﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ ﴾ قال : بحرم الله أنه لا يظهر عليهم فيه أحد. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه أيضاً :﴿ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : كانت قريش يتحلقون حلقاً يتحدّثون حول البيت. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ :﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : كان المشركون يهجرون برسول الله صلى الله عليه وسلم في القول في سمرهم. وأخرج النسائي وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس قال : إنما كره السمر حين نزلت هذه الآية :﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾.
ثم عدّد سبحانه عليهم قبائحهم توبيخاً لهم فقال :﴿ قَدْ كَانَتْ آيَتِي تتلى عَلَيْكُمْ ﴾ أي في الدنيا ؛ وهي آيات القرآن ﴿ فَكُنتُمْ على أعقابكم تَنكِصُونَ ﴾ أي ترجعون وراءكم، وأصل النكوص : أن يرجع القهقرى، ومنه قول الشاعر :
زعموا أنهم على سبل الحق وأنا نكص على الأعقاب
وهو هنا استعارة للإعراض عن الحق، وقرأ عليّ بن أبي طالب :«على أدباركم » بدل :﴿ على أعقابكم تَنكِصُونَ ﴾ بضم الكاف، و " على " أعقابكم متعلق ﴿ بتنكصون ﴾ أو متعلق بمحذوف وقع حالاً من فاعل تنكصون.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج الفريابي وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن ماجه، وابن أبي الدنيا في نعت الخائفين، وابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب عن عائشة قالت : قلت : يا رسول الله، قول الله :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو مع ذلك يخاف الله ؟ قال :( لا، ولكنه الرجل يصوم ويتصدق ويصلي، وهو مع ذلك يخاف الله أن لا يتقبل منه ). وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير، وابن الأنباري في المصاحف وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قالت عائشة : يا رسول الله، فذكر نحوه. وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس في قوله :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قال : يعطون ما أعطوا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ قال : يعملون خائفين. وأخرج الفريابي وابن جرير عن ابن عمر ﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قال : الزكاة. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن عائشة :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قالت : هم الذين يخشون الله ويطيعونه. وأخرج عبد بن حميد عن ابن أبي مليكة قال : قالت عائشة : لأن تكون هذه الآية كما أقرأ أحبّ إليّ من حمر النعم، فقال لها ابن عباس : ما هي ؟ قالت :﴿ الذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ وقد قدّمنا ذكر قراءتها ومعناها. وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عنها، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قرأ :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ مقصوراً من المجيء. وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن المنذر وابن أبي شيبة، وابن الأنباري في المصاحف، والدارقطني في الأفراد، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن عبيد بن عمير ؛ أنه سأل عائشة : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ ؟ قالت : أيتهما أحبّ إليك ؟ قلت : والذي نفسي بيده لأحدهما أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها جميعاً، قالت : أيهما ؟ قلت :«الذين يَأْتُونَ مَا آتَوا» فقالت : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها كذلك، وكذلك أنزلت، ولكن الهجاء حرّف. وفي إسناده إسماعيل بن عليّ وهو ضعيف. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ أولئك يسارعون فِي الخيرات وَهُمْ لَهَا سابقون ﴾ قال : سبقت لهم السعادة من الله. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ منْ هذا ﴾ يعني بالغمرة : الكفر والشك ﴿ وَلَهُمْ أعمال مّن دُونِ ذلك ﴾ يقول : أعمال سيئة دون الشرك ﴿ هُمْ لَهَا عاملون ﴾ قال : لا بدّ لهم أن يعملوها. وأخرج النسائي عنه :﴿ حتى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بالعذاب ﴾ قال : هم أهل بدر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ إذا هم يجأرون ﴾ قال : يستغيثون، وفي قوله :﴿ فَكُنتُمْ على أعقابكم تَنكِصُونَ ﴾ قال : تدبرون، وفي قوله :﴿ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : تسمرون حول البيت وتقولون هجراً. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه ﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ ﴾ قال : بحرم الله أنه لا يظهر عليهم فيه أحد. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه أيضاً :﴿ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : كانت قريش يتحلقون حلقاً يتحدّثون حول البيت. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ :﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : كان المشركون يهجرون برسول الله صلى الله عليه وسلم في القول في سمرهم. وأخرج النسائي وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس قال : إنما كره السمر حين نزلت هذه الآية :﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾.
﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ ﴾ الضمير في :﴿ به ﴾ راجع إلى البيت العتيق، وقيل : للحرم، والذي سوّغ الإضمار قبل الذكر اشتهارهم بالاستكبار به وافتخارهم بولايته والقيام به، وكانوا يقولون : لا يظهر علينا أحد لأنا أهل الحرم وخدّامه. وإلى هذا ذهب جمهور المفسرين. وقيل : الضمير عائد إلى القرآن، والمعنى : أن سماعه يحدث لهم كبراً وطغياناً فلا يؤمنون به. قال ابن عطية : وهذا قول جيد. وقال النحاس : القول الأوّل أولى وبينه بما ذكرنا. فعلى القول الأوّل يكون ﴿ به ﴾ متعلقاً ب﴿ مستكبرين ﴾، وعلى الثاني يكون متعلقاً ب﴿ سامرا ﴾ لأنهم كانوا يجتمعون حول البيت بالليل يسمرون، وكان عامة سمرهم ذكر القرآن والطعن فيه، والسامر كالحاضر في الإطلاق على الجمع. قال الواحدي : السامر : الجماعة يسمرون بالليل، أي يتحدّثون، ويجوز أن يتعلق ﴿ بِهِ ﴾ بقوله :﴿ تَهْجُرُونَ ﴾ والهجر بالفتح : الهذيان، أي تهذون في شأن القرآن، ويجوز أن يكون من الهجر بالضم، وهو الفحش. وقرأ ابن مسعود وابن عباس وابن عمر وأبو حيوة :«سمرا » بضم السين وفتح الميم مشدّدة، وقرأ زيد بن علي وأبو رجاء ( سمارا ) ورويت هذه القراءة عن ابن عباس، وانتصاب ﴿ سامرا ﴾ على الحال، إما من فاعل ﴿ تنكصون ﴾ أو من الضمير في ﴿ مستكبرين ﴾ وقيل : هو مصدر جاء على لفظ الفاعل، يقال : قوم سامر، ومنه قول الشاعر :
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا أنيس ولم يسمر بمكة سامر
قال الراغب : ويقال : سامر وسمار، وسمر وسامرون. قرأ الجمهور :«تهجرون » بفتح التاء المثناة من فوق وضم الجيم. وقرأ نافع. وابن محيصن بضم التاء وكسر الجيم من أهجر، أي أفحش في منطقه. وقرأ زيد بن علي وابن محيصن وأبو نهيك بضم التاء وفتح الهاء وكسر الجيم مشدّدة مضارع هجر بالتشديد. وقرأ ابن أبي عاصم كالجمهور إلا أنه بالياء التحتية، وفيه التفات.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج الفريابي وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن ماجه، وابن أبي الدنيا في نعت الخائفين، وابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب عن عائشة قالت : قلت : يا رسول الله، قول الله :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو مع ذلك يخاف الله ؟ قال :( لا، ولكنه الرجل يصوم ويتصدق ويصلي، وهو مع ذلك يخاف الله أن لا يتقبل منه ). وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير، وابن الأنباري في المصاحف وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قالت عائشة : يا رسول الله، فذكر نحوه. وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس في قوله :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قال : يعطون ما أعطوا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ قال : يعملون خائفين. وأخرج الفريابي وابن جرير عن ابن عمر ﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قال : الزكاة. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن عائشة :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ قالت : هم الذين يخشون الله ويطيعونه. وأخرج عبد بن حميد عن ابن أبي مليكة قال : قالت عائشة : لأن تكون هذه الآية كما أقرأ أحبّ إليّ من حمر النعم، فقال لها ابن عباس : ما هي ؟ قالت :﴿ الذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ وقد قدّمنا ذكر قراءتها ومعناها. وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عنها، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قرأ :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ مقصوراً من المجيء. وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد، والبخاري في تاريخه، وابن المنذر وابن أبي شيبة، وابن الأنباري في المصاحف، والدارقطني في الأفراد، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن عبيد بن عمير ؛ أنه سأل عائشة : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا آتَوا ﴾ ؟ قالت : أيتهما أحبّ إليك ؟ قلت : والذي نفسي بيده لأحدهما أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها جميعاً، قالت : أيهما ؟ قلت :«الذين يَأْتُونَ مَا آتَوا» فقالت : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها كذلك، وكذلك أنزلت، ولكن الهجاء حرّف. وفي إسناده إسماعيل بن عليّ وهو ضعيف. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ أولئك يسارعون فِي الخيرات وَهُمْ لَهَا سابقون ﴾ قال : سبقت لهم السعادة من الله. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ منْ هذا ﴾ يعني بالغمرة : الكفر والشك ﴿ وَلَهُمْ أعمال مّن دُونِ ذلك ﴾ يقول : أعمال سيئة دون الشرك ﴿ هُمْ لَهَا عاملون ﴾ قال : لا بدّ لهم أن يعملوها. وأخرج النسائي عنه :﴿ حتى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بالعذاب ﴾ قال : هم أهل بدر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله :﴿ إذا هم يجأرون ﴾ قال : يستغيثون، وفي قوله :﴿ فَكُنتُمْ على أعقابكم تَنكِصُونَ ﴾ قال : تدبرون، وفي قوله :﴿ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : تسمرون حول البيت وتقولون هجراً. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه ﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ ﴾ قال : بحرم الله أنه لا يظهر عليهم فيه أحد. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه أيضاً :﴿ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : كانت قريش يتحلقون حلقاً يتحدّثون حول البيت. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ :﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾ قال : كان المشركون يهجرون برسول الله صلى الله عليه وسلم في القول في سمرهم. وأخرج النسائي وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس قال : إنما كره السمر حين نزلت هذه الآية :﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامرا تَهْجُرُونَ ﴾.
أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ قَالَ: يَسْتَغِيثُونَ، وَفِي قَوْلِهِ: فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ قَالَ: تُدْبِرُونَ، وَفِي قَوْلِهِ: سامِراً تَهْجُرُونَ قَالَ: تَسْمُرُونَ حَوْلَ الْبَيْتِ وَتَقُولُونَ هُجْرًا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ قال: بحرم الله أنه لا يظهر عليهم فيه أحد. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا سامِراً تَهْجُرُونَ قَالَ: كَانَتْ قُرَيْشٌ يَتَحَلَّقُونَ حِلَقًا يَتَحَدَّثُونَ حَوْلَ الْبَيْتِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ قَالَ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَهْجُرُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ فِي الْقَوْلِ فِي سَمَرِهِمْ. وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
إِنَّمَا كُرِهَ السَّمَرُ حِينَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ.
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٦٨ الى ٨٣]
أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (٦٨) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٦٩) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ (٧٠) وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ (٧١) أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٧٢)
وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٣) وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ (٧٤) وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٥) وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ (٧٦) حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (٧٧)
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ (٧٨) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٧٩) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٨٠) بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ (٨١) قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٨٢)
لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٨٣)
قَوْلُهُ: أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ سَبَبَ إِقْدَامِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ هُوَ أَحَدُ هَذِهِ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ:
الْأَوَّلُ عَدَمُ التَّدَبُّرِ فِي الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُمْ لَوْ تَدَبَّرُوا مَعَانِيَهُ لَظَهَرَ لَهُمْ صِدْقُهُ وَآمَنُوا بِهِ وَبِمَا فِيهِ، وَالْهَمْزَةُ لِلْإِنْكَارِ وَالْفَاءُ لِلْعَطْفِ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ: فَعَلُوا مَا فَعَلُوا فَلَمْ يَتَدَبَّرُوا، وَالْمُرَادُ بِالْقَوْلِ الْقُرْآنُ، وَمِثْلُهُ: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ «١». وَالثَّانِي: قَوْلُهُ: أَمْ جاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ «أَمْ» هِيَ الْمُنْقَطِعَةُ، أَيْ:
بل أجاءهم مِنَ الْكِتَابِ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ؟ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِاسْتِنْكَارِهِمْ لِلْقُرْآنِ، وَالْمَقْصُودُ تَقْرِيرُ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ رَسُولٌ، فَلِذَلِكَ أَنْكَرُوهُ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أُنْذِرَ آباؤُهُمْ «٢» وَقِيلَ: إِنَّهُ أَتَى آبَاءَهُمُ الْأَقْدَمِينَ رُسُلٌ أَرْسَلَهُمُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ. كَمَا هِيَ سُنَّةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فِي إِرْسَالِ الرُّسُلِ إِلَى عِبَادِهِ، فَقَدْ عَرَفَ هَؤُلَاءِ ذَلِكَ، فَكَيْفَ كَذَّبُوا هَذَا الْقُرْآنَ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: أَمْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَمْنِ مِنْ عذاب
(١). النساء: ٨٢.
(٢). يس: ٦.
582
اللَّهِ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ كَإِسْمَاعِيلَ وَمَنْ بَعْدَهُ. وَالثَّالِثُ: قَوْلُهُ: أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ وَفِي هَذَا إِضْرَابٌ وَانْتِقَالٌ مِنَ التَّوْبِيخِ بِمَا تَقَدَّمَ إِلَى التَّوْبِيخِ بِوَجْهٍ آخَرَ، أَيْ: بَلْ أَلَمْ يَعْرِفُوهُ بِالْأَمَانَةِ وَالصِّدْقِ فَأَنْكَرُوهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ قَدْ عَرَفُوهُ بِذَلِكَ. وَالرَّابِعُ: قَوْلُهُ: أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ وَهَذَا أَيْضًا انْتِقَالٌ مِنْ تَوْبِيخٍ إِلَى تَوْبِيخٍ، أَيْ: بَلْ أَتَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ، أَيْ: جُنُونٌ، مَعَ أَنَّهُمْ قَدْ عَلِمُوا أَنَّهُ أَرْجَحُ النَّاسِ عَقْلًا، وَلَكِنَّهُ جَاءَ بِمَا يُخَالِفُ هَوَاهُمْ، فَدَفَعُوهُ وَجَحَدُوهُ تَعَصُّبًا وَحَمِيَّةً. ثُمَّ أَضْرَبَ سُبْحَانَهُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَقَالَ: بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ أَيْ: لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمُوا فِي حَقِّ الْقُرْآنِ وَالرَّسُولِ، بَلْ جَاءَهُمْ مُلْتَبِسًا بِالْحَقِّ، وَالْحَقُّ:
هُوَ الدِّينُ الْقَوِيمُ. وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ لِمَا جُبِلُوا عَلَيْهِ مِنَ التَّعَصُّبِ، وَالِانْحِرَافِ عَنِ الصَّوَابِ، وَالْبُعْدِ عَنِ الْحَقِّ، فَلِذَلِكَ كَرِهُوا هَذَا الْحَقَّ الْوَاضِحَ الظَّاهِرَ. وَظَاهِرُ النَّظْمِ أَنَّ أَقَلَّهُمْ كَانُوا لَا يَكْرَهُونَ الْحَقَّ، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يُظْهِرُوا الْإِيمَانَ خَوْفًا مِنَ الْكَارِهِينَ لَهُ. وَجُمْلَةُ وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ مُسْتَأْنَفَةٌ مَسُوقَةٌ لِبَيَانِ أَنَّهُ لَوْ جَاءَ الْحَقُّ عَلَى مَا يَهْوَوْنَهُ وَيُرِيدُونَهُ لَكَانَ ذَلِكَ مُسْتَلْزِمًا لِلْفَسَادِ الْعَظِيمِ، وَخُرُوجِ نِظَامِ الْعَالَمِ عَنِ الصَّلَاحِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ قَالَ أَبُو صَالِحٍ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَمُقَاتِلٌ وَالسُّدِّيُّ: الْحَقُّ هُوَ اللَّهُ، وَالْمَعْنَى: لَوْ جَعَلَ مَعَ نَفْسِهِ كَمَا يُحِبُّونَ شَرِيكًا لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْحَقِّ الْقُرْآنُ، أَيْ: لَوْ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِمَا يُحِبُّونَ مِنَ الشِّرْكِ لَفَسَدَ نِظَامُ الْعَالَمِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: وَلَوْ كَانَ الْحَقُّ مَا يَقُولُونَ مِنَ اتِّحَادِ الْآلِهَةِ مَعَ اللَّهِ لَاخْتَلَفَتِ الْآلِهَةُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ:
لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا «١» وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الْأَكْثَرُونَ، وَلَكِنَّهُ يرد عليه أن المراد بالحق هنا هو الحق المذكور قبله في قوله: بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ ولا يصح أن يكون الْمُرَادَ بِهِ هُنَالِكَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ، فَالْأَوْلَى تَفْسِيرُ الْحَقِّ هُنَا وَهُنَاكَ بِالصِّدْقِ الصَّحِيحِ مِنَ الدِّينِ الخالص من شرع الله، والمعنى: ولو وَرَدَ الْحَقُّ مُتَابِعًا لِأَهْوَائِهِمْ مُوَافِقًا لِفَاسِدِ مَقَاصِدِهِمْ لَحَصَلَ الْفَسَادُ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَمَنْ فِيهِنَّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ «وَمَا بَيْنَهُمَا» وَسَبَبُ فَسَادِ الْمُكَلَّفِينَ مِنْ بَنِي آدَمَ ظَاهِرٌ، وَهُوَ ذُنُوبُهُمُ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا الْهَوَى الْمُخَالِفُ لِلْحَقِّ، وَأَمَّا فَسَادُ مَا عَدَاهُمْ فَعَلَى وَجْهِ التَّبَعِ لِأَنَّهُمْ مُدَبَّرُونَ فِي الْغَالِبِ بِذَوِي الْعُقُولِ فَلَمَّا فَسَدُوا فَسَدُوا. ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ نُزُولَ الْقُرْآنِ عَلَيْهِمْ مِنْ جُمْلَةِ الْحَقِّ فَقَالَ: بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ وَالْمُرَادُ بِالذِّكْرِ هُنَا الْقُرْآنُ، أَيْ: بِالْكِتَابِ الَّذِي هُوَ فَخْرُهُمْ وَشَرَفُهُمْ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ «٢» وَالْمَعْنَى: بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِفَخْرِهِمْ وَشَرَفِهِمُ الَّذِي كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَقْبَلُوهُ، وَيُقْبِلُوا عَلَيْهِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: الْمَعْنَى بِذِكْرِهِمُ الَّذِي ذُكِرَ فِيهِ ثَوَابُهُمْ وَعِقَابُهُمْ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: بِذِكْرِ مَا لَهُمْ بِهِ حَاجَةٌ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ.
وَقَرَأَ ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ «أَتَيْتُهُمْ» بِتَاءِ الْمُتَكَلِّمِ. وَقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ وَالْجَحْدَرِيُّ «أَتَيْتَهُمْ» بِتَاءِ الْخِطَابِ، أَيْ: أَتَيْتَهُمْ يَا مُحَمَّدُ. وَقَرَأَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ «بِذِكْرَاهُمْ» وَقَرَأَ قَتَادَةُ «نُذَكِّرُهُمْ» بِالنُّونِ وَالتَّشْدِيدِ مِنَ التَّذْكِيرِ، وَتَكُونُ الْجُمْلَةُ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، وَقِيلَ: الذِّكْرُ: هُوَ الْوَعْظُ وَالتَّحْذِيرُ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ أَيْ: هُمْ بِمَا فَعَلُوا مِنَ الِاسْتِكْبَارِ والنكوص عن هذا الذكر المختص بهم
(١). الأنبياء: ٢٢.
(٢). الزخرف: ٤٤.
583
مُعْرِضُونَ، لَا يَلْتَفِتُونَ إِلَيْهِ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ، وَفِي هَذَا التَّرْكِيبِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إِعْرَاضَهُمْ مُخْتَصٌّ بِذَلِكَ لَا يَتَجَاوَزُهُ إِلَى غَيْرِهِ. ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ دَعْوَةَ نَبِيِّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ لَيْسَتْ مَشُوبَةً بِأَطْمَاعِ الدُّنْيَا، فَقَالَ: أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً و «أم» هِيَ الْمُنْقَطِعَةُ، وَالْمَعْنَى: أَمْ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ تَسْأَلُهُمْ خرجا تأخذه على الرِّسَالَةِ، وَالْخَرْجُ:
الْأَجْرُ وَالْجَعْلُ، فَتَرَكُوا الْإِيمَانَ بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ لِأَجْلِ ذَلِكَ، مَعَ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّكَ لَمْ تَسْأَلْهُمْ ذَلِكَ وَلَا طَلَبْتَهُ مِنْهُمْ فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ أَيْ: فَرِزْقُ رَبِّكَ الَّذِي يَرْزُقُكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَجْرُهُ الَّذِي يُعْطِيكَهُ فِي الْآخِرَةِ خَيْرٌ لَكَ مِمَّا ذُكِرَ. قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَالْأَعْمَشُ وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ «أَمْ تسألهم خراجا» وقرأ الباقون «خرجا»، وكلّهم قرءوا فَخَراجُ إِلَّا ابْنَ عَامِرٍ وَأَبَا حَيْوَةَ فَإِنَّهُمَا قَرَآ: «فَخَرَجَ» بِغَيْرِ أَلْفٍ، وَالْخَرْجُ: هُوَ الَّذِي يَكُونُ مُقَابِلًا لِلدَّخْلِ، يُقَالُ لِكُلِّ مَا تُخْرِجُهُ إِلَى غَيْرِكَ خَرْجًا، وَالْخَرَاجُ غَالِبٌ فِي الضَّرِيبَةِ عَلَى الْأَرْضِ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: الْخَرْجُ الْمَصْدَرُ، وَالْخَرَاجُ الِاسْمُ. قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: سَأَلْتُ أَبَا عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ عَنِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْخَرْجِ وَالْخَرَاجِ، فَقَالَ: الْخَرَاجُ: مَا لَزِمَكَ، وَالْخَرْجُ: مَا تَبَرَّعْتَ بِهِ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: الْخَرْجُ مِنَ الرِّقَابِ، وَالْخَرَاجُ مِنَ الْأَرْضِ. وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُقَرِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا مِنْ كون خراجه سبحانه خير. ثُمَّ لَمَّا أَثْبَتَ سُبْحَانَهُ لِرَسُولِهِ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْوَاضِحَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِقَبُولِ مَا جَاءَ بِهِ، وَنَفَى عَنْهُ أَضْدَادَ ذَلِكَ، قَالَ: وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ أَيْ: إِلَى طَرِيقٍ وَاضِحَةٍ تَشْهَدُ الْعُقُولُ بِأَنَّهَا مُسْتَقِيمَةٌ غَيْرُ مُعْوَجَّةٍ، وَالصِّرَاطُ فِي اللُّغَةِ: الطَّرِيقُ، فَسُمِّيَ الدِّينُ طَرِيقًا لِأَنَّهَا تُؤَدِّي إِلَيْهِ. ثُمَّ وَصَفَهُمْ سُبْحَانَهُ بِأَنَّهُمْ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، فَقَالَ: وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ يُقَالُ: نَكَبَ عَنِ الطَّرِيقِ يَنْكُبُ نُكُوبًا إِذَا عَدَلَ عَنْهُ وَمَالَ إِلَى غَيْرِهِ، وَالنُّكُوبُ وَالنَّكْبُ: الْعُدُولُ وَالْمَيْلُ، وَمِنْهُ النَّكْبَاءُ لِلرِّيحِ بَيْنَ رِيحَيْنِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِعُدُولِهَا عَنِ المهابّ، و «عن الصِّرَاطِ» مُتَعَلِّقٌ بَنَاكِبُونَ وَالْمَعْنَى: أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمَوْصُوفِينَ بِعَدَمِ الْإِيمَانِ بِالْآخِرَةِ عَنْ ذَلِكَ الصِّرَاطِ أَوْ جِنْسِ الصِّرَاطِ لَعَادِلُونَ عَنْهُ. ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُمْ مُصِرُّونَ عَلَى الْكُفْرِ لَا يَرْجِعُونَ عَنْهُ بِحَالٍ، فَقَالَ: وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ أَيْ: مِنْ قَحْطٍ وَجَدْبٍ لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ أَيْ: لَتَمَادَوْا فِي طُغْيَانِهِمْ وَضَلَالِهِمْ يَعْمَهُونَ يَتَرَدَّدُونَ وَيَتَذَبْذَبُونَ وَيَخْبِطُونَ، وَأَصْلُ اللَّجَاجِ: التَّمَادِي فِي الْعِنَادِ، وَمِنْهُ اللَّجَّةُ بِالْفَتْحِ لِتَرَدُّدِ الصَّوْتِ، وَلُجَّةُ الْبَحْرِ: تَرَدُّدُ أَمْوَاجِهِ، وَلُجَّةُ اللَّيْلِ: تَرَدُّدُ ظلامه. وقيل: المعنى: رَدَدْنَاهُمْ إِلَى الدُّنْيَا وَلَمْ نُدْخِلْهُمُ النَّارَ وَامْتَحَنَّاهُمْ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ مَسُوقَةٌ لِتَقْرِيرِ مَا قَبْلَهَا. وَالْعَذَابُ: قِيلَ هُوَ الْجُوعُ الَّذِي أَصَابَهُمْ فِي سِنِي الْقَحْطِ، وقيل: المرض، وقيل: القتل يَوْمَ بَدْرٍ، وَاخْتَارَهُ الزَّجَّاجُ، وَقِيلَ: الْمَوْتُ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ مَنْ أَصَابَهُ الْعَذَابُ مِنَ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ أَيْ: مَا خَضَعُوا وَلَا تَذَلَّلُوا، بَلْ أَقَامُوا عَلَى مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ التَّمَرُّدِ عَلَى اللَّهِ وَالِانْهِمَاكِ فِي مَعَاصِيهِ وَما يَتَضَرَّعُونَ أَيْ: وَمَا يَخْشَعُونَ لِلَّهِ فِي الشَّدَائِدِ عِنْدَ إِصَابَتِهَا لَهُمْ، وَلَا يَدْعُونَهُ لِرَفْعِ ذَلِكَ حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذابٍ شَدِيدٍ قِيلَ: هُوَ عَذَابُ الْآخِرَةِ، وَقِيلَ: قَتْلُهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ بِالسَّيْفِ، وَقِيلَ: الْقَحْطُ الَّذِي أَصَابَهُمْ، وَقِيلَ: فَتْحُ مَكَّةَ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ أَيْ: مُتَحَيِّرُونَ، لَا يَدْرُونَ مَا يَصْنَعُونَ، والإبلاس: التَّحَيُّرُ وَالْإِيَاسُ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ. وَقَرَأَ السُّلَمِيُّ مُبْلَسُونَ بِفَتْحِ اللَّامِ
584
مِنْ أَبْلَسَهُ، أَيْ: أَدْخَلَهُ فِي الْإِبْلَاسِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْأَنْعَامِ. وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ امْتَنَّ عَلَيْهِمْ بِبَعْضِ النِّعَمِ الَّتِي أَعْطَاهُمْ، وَهِيَ نِعْمَةُ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْأَفْئِدَةَ فَصَارَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ مَعَهُمْ لِيَسْمَعُوا الْمَوَاعِظَ، وَيَنْظُرُوا الْعِبَرَ، وَيَتَفَكَّرُوا بِالْأَفْئِدَةِ، فَلَمْ يَنْتَفِعُوا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِإِصْرَارِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ وَبُعْدِهِمْ عَنِ الْحَقِّ، وَلَمْ يَشْكُرُوهُ عَلَى ذَلِكَ، وَلِهَذَا قَالَ: قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ أَيْ: شُكْرًا قَلِيلًا حَقِيرًا غَيْرَ مُعْتَدٍّ بِهِ بِاعْتِبَارِ تِلْكَ النِّعَمِ الْجَلِيلَةِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: إِنَّهُمْ لَا يَشْكُرُونَهُ أَلْبَتَّةَ، لَا أَنَّ لَهُمْ شُكْرًا قَلِيلًا. كَمَا يُقَالُ لِجَاحِدِ النِّعْمَةِ: مَا أقلّ شكره! أي: لا يشكره، وَمِثْلُ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ: فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ «١». وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ أَيْ: بَثَّكُمْ فِيهَا كَمَا تُبَثُّ الْحُبُوبُ لِتَنْبُتَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ أَيْ: تُجْمَعُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَعْدَ تَفَرُّقِكُمْ وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ عَلَى جهة الانفراد والاستقلال، وفي هذا تذكير بنعمة الْحَيَاةِ، وَبَيَانُ الِانْتِقَالِ مِنْهَا إِلَى الدَّارِ الْآخِرَةِ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ قَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ الَّذِي جَعَلَهُمَا مُخْتَلِفَيْنِ يَتَعَاقَبَانِ وَيَخْتَلِفَانِ فِي السَّوَادِ وَالْبَيَاضِ، وَقِيلَ:
اخْتِلَافُهُمَا: نُقْصَانُ أَحَدِهِمَا وَزِيَادَةُ الْآخَرِ، وَقِيلَ: تَكَرُّرُهُمَا يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ وَلَيْلَةً بَعْدَ لَيْلَةٍ أَفَلا تَعْقِلُونَ كُنْهَ قُدْرَتِهِ وَتَتَفَكَّرُونَ فِي ذَلِكَ. ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ لَا شُبْهَةَ لَهُمْ فِي إِنْكَارِ الْبَعْثِ إِلَّا التَّشَبُّثُ بِحَبْلِ التَّقْلِيدِ الْمَبْنِيِّ عَلَى مُجَرَّدِ الِاسْتِبْعَادِ، فَقَالَ: بَلْ قالُوا مِثْلَ مَا قالَ الْأَوَّلُونَ أَيْ: آبَاؤُهُمْ وَالْمُوَافِقُونَ لَهُمْ فِي دِينِهِمْ. ثُمَّ بَيَّنَ مَا قاله الأوّلون فقال: قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ فَهَذَا مُجَرَّدُ اسْتِبْعَادٍ لَمْ يَتَعَلَّقُوا فِيهِ بِشَيْءٍ مِنَ الشُّبَهِ، ثُمَّ كَمَّلُوا ذَلِكَ الْقَوْلَ بِقَوْلِهِمْ: لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هَذَا مِنْ قَبْلُ أَيْ: وُعِدْنَا هَذَا الْبَعْثَ وَوُعِدَهُ آبَاؤُنَا الْكَائِنُونَ مِنْ قَبْلِنَا فَلَمْ نُصَدِّقْهُ كَمَا لَمْ يُصَدِّقْهُ مَنْ قَبْلَنَا، ثُمَّ صَرَّحُوا بِالتَّكْذِيبِ وَفَرُّوا إِلَى مُجَرَّدِ الزَّعْمِ الْبَاطِلِ، فَقَالُوا: إِنْ هَذَا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أَيْ: مَا هَذَا إِلَّا أَكَاذِيبُ الْأَوَّلِينَ الَّتِي سَطَرُوهَا فِي الْكُتُبِ، جَمْعُ أُسْطُورَةٍ كَأُحْدُوثَةٍ، وَالْأَسَاطِيرُ: الْأَبَاطِيلُ وَالتُّرَّهَاتُ وَالْكَذِبُ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ فِي قَوْلِهِ: أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ قَالَ: عَرَفُوهُ وَلَكِنَّهُمْ حَسَدُوهُ. وَفِي قَوْلِهِ: وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ قَالَ: الْحَقُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ قَالَ: بَيَّنَّا لَهُمْ. وَأَخْرَجُوا عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ قَالَ: عَنِ الْحَقِّ لَحَائِدُونَ. وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَنْشُدُكَ اللَّهَ وَالرَّحِمَ، فَقَدْ أَكَلْنَا الْعِلْهِزَ، يَعْنِي: الْوَبَرَ بِالدَّمِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ، وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا عَلَى قُرَيْشٍ حِينَ اسْتَعْصَوْا فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ» الْحَدِيثَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ ابْنَ أُثَالٍ الْحَنَفِيَّ لَمَّا أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ وَهُوَ أَسِيرٌ فَخَلَّى سَبِيلَهُ لَحِقَ بِالْيَمَامَةِ، فَحَالَ بَيْنَ أَهْلِ مَكَّةَ وَبَيْنَ الْمِيرَةِ
(١). الأحقاف: ٢٦.
585
﴿ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ ﴾ وفي هذا إضراب وانتقال من التوبيخ بما تقدّم إلى التوبيخ بوجه آخر، أي بل ألم يعرفوه بالأمانة والصدق فأنكروه، ومعلوم أنهم قد عرفوه بذلك.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله :﴿ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ ﴾ قال : عرفوه ولكنهم حسدوه. وفي قوله :﴿ وَلَوِ اتبع الحق أَهْوَاءهُمْ ﴾ قال : الحق : الله عزّ وجلّ. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ بَلْ أتيناهم بِذِكْرِهِمْ ﴾ قال : بينا لهم، وأخرجوا عنه في قوله :﴿ عَنِ الصراط لناكبون ﴾ قال : عن الحقّ لحائدون. وأخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : جاء أبو سفيان إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد أنشدك الله والرحم، فقد أكلنا العلهز، يعني الوبر بالدم، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾، وأصل الحديث في الصحيحين :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على قريش حين استعصوا فقال :( اللّهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ) الحديث. وأخرج ابن جرير وأبو نعيم في المعرفة، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس : أن ابن أثال الحنفي لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وهو أسير فخلى سبيله لحق باليمامة، فحال بين أهل مكة وبين الميرة من اليمامة حتى أكلت قريش العلهز، فجاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أليس تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين ؟ قال :«بلى». قال : فقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب ﴾ الآية. وأخرج العسكري في المواعظ عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾ قال : أي لم يتواضعوا في الدعاء ولم يخضعوا، ولو خضعوا لله لاستجاب لهم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ حتى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ قال : قد مضى، كان يوم بدر.
والرابع : قوله :﴿ أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ ﴾ وهذا أيضاً انتقال من توبيخ إلى توبيخ، أي بل أتقولون به جنة، أي جنون، مع أنهم قد علموا أنه أرجح الناس عقلاً، ولكنه جاء بما يخالف هواهم فدفعوه وجحدوه تعصباً وحمية. ثم أضرب سبحانه عن ذلك كله فقال :﴿ بَلْ جَاءهُمْ بالحق ﴾ أي ليس الأمر كما زعموا في حق القرآن والرسول، بل جاءهم ملتبساً بالحق، والحق هو : الدين القويم :﴿ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقّ كارهون ﴾ لما جبلوا عليه من التعصب، والانحراف عن الصواب، والبعد عن الحق، فلذلك كرهوا هذا الحق الواضح الظاهر، وظاهر النظم أن أقلهم كانوا لا يكرهون الحق، ولكنهم لم يظهروا الإيمان خوفاً من الكارهين له.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله :﴿ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ ﴾ قال : عرفوه ولكنهم حسدوه. وفي قوله :﴿ وَلَوِ اتبع الحق أَهْوَاءهُمْ ﴾ قال : الحق : الله عزّ وجلّ. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ بَلْ أتيناهم بِذِكْرِهِمْ ﴾ قال : بينا لهم، وأخرجوا عنه في قوله :﴿ عَنِ الصراط لناكبون ﴾ قال : عن الحقّ لحائدون. وأخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : جاء أبو سفيان إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد أنشدك الله والرحم، فقد أكلنا العلهز، يعني الوبر بالدم، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾، وأصل الحديث في الصحيحين :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على قريش حين استعصوا فقال :( اللّهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ) الحديث. وأخرج ابن جرير وأبو نعيم في المعرفة، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس : أن ابن أثال الحنفي لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وهو أسير فخلى سبيله لحق باليمامة، فحال بين أهل مكة وبين الميرة من اليمامة حتى أكلت قريش العلهز، فجاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أليس تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين ؟ قال :«بلى». قال : فقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب ﴾ الآية. وأخرج العسكري في المواعظ عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾ قال : أي لم يتواضعوا في الدعاء ولم يخضعوا، ولو خضعوا لله لاستجاب لهم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ حتى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ قال : قد مضى، كان يوم بدر.
وجملة :﴿ وَلَوِ اتبع الحق أَهْوَاءهُمْ ﴾ مستأنفة مسوقة لبيان أنه لو جاء الحق على ما يهوونه ويريدونه لكان ذلك مستلزماً للفساد العظيم، وخروج نظام العالم عن الصلاح بالكلية، وهو معنى قوله :﴿ لَفَسَدَتِ السماوات والأرض وَمَن فِيهِنَّ ﴾ قال أبو صالح وابن جريج ومقاتل والسديّ : الحق : هو الله، والمعنى : لو جعل مع نفسه كما يحبون شريكاً لفسدت السماوات والأرض. وقال الفراء والزجاج : يجوز أن يكون المراد بالحق : القرآن، أي لو نزل القرآن بما يحبون من الشرك لفسد نظام العالم. وقيل : المعنى : ولو كان الحق ما يقولون من اتحاد الآلهة مع الله لاختلفت الآلهة، ومثل ذلك قوله :﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ الله لَفَسَدَتَا ﴾ [ الأنبياء : ٢٢ ] وقد ذهب إلى القول الأوّل الأكثرون، ولكنه يرد عليه أن المراد بالحق هنا هو : الحق المذكور قبله في قوله :﴿ بَلْ جَاءهُمْ بالحق ﴾ ولا يصح أن يكون المراد به هنالك الله سبحانه، فالأولى تفسير الحق هنا وهناك : بالصدق الصحيح من الدين الخالص من شرع الله، والمعنى : ولو ورد الحق متابعاً لأهوائهم موافقاً لفاسد مقاصدهم لحصل الفساد، والمراد بقوله :﴿ وَمَن فِيهِنَّ ﴾ من في السماوات والأرض من المخلوقات. وقرأ ابن مسعود :«وما بينهما » وسبب فساد المكلفين من بني آدم ظاهر، وهو ذنوبهم التي من جملتها الهوى المخالف للحق، وأما فساد ما عداهم فعلى وجه التبع ؛ لأنهم مدبرون في الغالب بذوي العقول فلما فسدوا فسدوا. ثم ذكر سبحانه أن نزول القرآن عليهم من جملة الحق فقال :﴿ بَلْ أتيناهم بِذِكْرِهِمْ ﴾ والمراد بالذكر هنا القرآن، أي بالكتاب الذي هو فخرهم وشرفهم، ومثله قوله :﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ﴾ [ الزخرف : ٤٤ ]. والمعنى : بل آتيناهم بفخرهم وشرفهم الذي كان يجب عليهم أن يقبلوه، ويقبلوا عليه. وقال قتادة : المعنى : بذكرهم الذي ذكر فيه ثوابهم وعقابهم. وقيل : المعنى بذكر ما لهم به حاجة من أمر الدين. وقرأ ابن أبي إسحاق وعيسى بن عمر :«أتيتهم » بتاء [ المتكلم ]. وقرأ أبو حيوة والجحدري :«أتيتهم » بتاء الخطاب، أي أتيتهم يا محمد. وقرأ عيسى بن عمر :«بذكراهم ». وقرأ قتادة :«نذكرهم » بالنون والتشديد من التذكير، وتكون الجملة على هذه القراءة في محل نصب على الحال. وقيل : الذكر هو : الوعظ والتحذير ﴿ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ ﴾ أي هم بما فعلوا من الاستكبار والنكوص عن هذا الذكر المختص بهم معرضون لا يلتفتون إليه بحال من الأحوال، وفي هذا التركيب ما يدل على أن إعراضهم مختص بذلك لا يتجاوزه إلى غيره.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله :﴿ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ ﴾ قال : عرفوه ولكنهم حسدوه. وفي قوله :﴿ وَلَوِ اتبع الحق أَهْوَاءهُمْ ﴾ قال : الحق : الله عزّ وجلّ. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ بَلْ أتيناهم بِذِكْرِهِمْ ﴾ قال : بينا لهم، وأخرجوا عنه في قوله :﴿ عَنِ الصراط لناكبون ﴾ قال : عن الحقّ لحائدون. وأخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : جاء أبو سفيان إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد أنشدك الله والرحم، فقد أكلنا العلهز، يعني الوبر بالدم، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾، وأصل الحديث في الصحيحين :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على قريش حين استعصوا فقال :( اللّهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ) الحديث. وأخرج ابن جرير وأبو نعيم في المعرفة، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس : أن ابن أثال الحنفي لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وهو أسير فخلى سبيله لحق باليمامة، فحال بين أهل مكة وبين الميرة من اليمامة حتى أكلت قريش العلهز، فجاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أليس تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين ؟ قال :«بلى». قال : فقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب ﴾ الآية. وأخرج العسكري في المواعظ عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾ قال : أي لم يتواضعوا في الدعاء ولم يخضعوا، ولو خضعوا لله لاستجاب لهم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ حتى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ قال : قد مضى، كان يوم بدر.
ثم بين سبحانه أن دعوة نبيه صلى الله عليه وسلم ليست مشبوهة بأطماع الدنيا فقال :﴿ أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً ﴾ و«أم » هي المنقطعة، والمعنى : أم يزعمون أنك تسألهم خرجاً تأخذه على الرسالة، والخرج : الأجر والجعل، فتركوا الإيمان بك وبما جئت به لأجل ذلك، مع أنهم يعلمون أنك لم تسألهم ذلك ولا طلبته منهم ﴿ فَخَرَاجُ رَبّكَ خَيْرٌ ﴾ أي فرزق ربك الذي يرزقك في الدنيا، وأجره الذي يعطيكه في الآخرة خير لك مما ذكر. قرأ حمزة والكسائي والأعمش ويحيى ابن وثاب :«أم تسألهم خراجاً »، وقرأ الباقون :﴿ خرجا ﴾ وكلهم قرؤوا ﴿ فَخَرَاجُ ﴾ إلا ابن عامر وأبا حيوة فإنهما قرآ :«فخرج » بغير ألف. والخرج : هو الذي يكون مقابلاً للدخل، يقال لكل ما تخرجه إلى غيرك : خرجاً، والخراج غالب في الضريبة على الأرض. قال المبرد : الخرج : المصدر، والخراج : الاسم. قال النضر بن شميل : سألت أبا عمرو بن العلاء عن الفرق بين الخرج والخراج فقال : الخراج ما لزمك، والخرج ما تبرعت به. وروي عنه أنه قال : الخرج من الرقاب، والخراج من الأرض ﴿ وَهُوَ خَيْرُ الرازقين ﴾ هذه الجملة مقرّرة لما قبلها من كون خراجه سبحانه خير.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله :﴿ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ ﴾ قال : عرفوه ولكنهم حسدوه. وفي قوله :﴿ وَلَوِ اتبع الحق أَهْوَاءهُمْ ﴾ قال : الحق : الله عزّ وجلّ. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ بَلْ أتيناهم بِذِكْرِهِمْ ﴾ قال : بينا لهم، وأخرجوا عنه في قوله :﴿ عَنِ الصراط لناكبون ﴾ قال : عن الحقّ لحائدون. وأخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : جاء أبو سفيان إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد أنشدك الله والرحم، فقد أكلنا العلهز، يعني الوبر بالدم، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾، وأصل الحديث في الصحيحين :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على قريش حين استعصوا فقال :( اللّهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ) الحديث. وأخرج ابن جرير وأبو نعيم في المعرفة، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس : أن ابن أثال الحنفي لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وهو أسير فخلى سبيله لحق باليمامة، فحال بين أهل مكة وبين الميرة من اليمامة حتى أكلت قريش العلهز، فجاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أليس تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين ؟ قال :«بلى». قال : فقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب ﴾ الآية. وأخرج العسكري في المواعظ عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾ قال : أي لم يتواضعوا في الدعاء ولم يخضعوا، ولو خضعوا لله لاستجاب لهم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ حتى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ قال : قد مضى، كان يوم بدر.
ثم لما أثبت سبحانه لرسوله من الأدلة الواضحة المقتضية لقبول ما جاء به ونفى عنه أضداد ذلك قال :﴿ وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ ﴾ أي إلى طريق واضحة تشهد العقول بأنها مستقيمة غير معوجة، والصراط في اللغة : الطريق، فسمي الدين طريقاً لأنها تؤدّي إليه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله :﴿ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ ﴾ قال : عرفوه ولكنهم حسدوه. وفي قوله :﴿ وَلَوِ اتبع الحق أَهْوَاءهُمْ ﴾ قال : الحق : الله عزّ وجلّ. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ بَلْ أتيناهم بِذِكْرِهِمْ ﴾ قال : بينا لهم، وأخرجوا عنه في قوله :﴿ عَنِ الصراط لناكبون ﴾ قال : عن الحقّ لحائدون. وأخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : جاء أبو سفيان إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد أنشدك الله والرحم، فقد أكلنا العلهز، يعني الوبر بالدم، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾، وأصل الحديث في الصحيحين :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على قريش حين استعصوا فقال :( اللّهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ) الحديث. وأخرج ابن جرير وأبو نعيم في المعرفة، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس : أن ابن أثال الحنفي لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وهو أسير فخلى سبيله لحق باليمامة، فحال بين أهل مكة وبين الميرة من اليمامة حتى أكلت قريش العلهز، فجاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أليس تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين ؟ قال :«بلى». قال : فقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب ﴾ الآية. وأخرج العسكري في المواعظ عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾ قال : أي لم يتواضعوا في الدعاء ولم يخضعوا، ولو خضعوا لله لاستجاب لهم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ حتى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ قال : قد مضى، كان يوم بدر.
ثم وصفهم سبحانه بأنهم على خلاف ذلك فقال :﴿ وَإِنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة عَنِ الصراط لناكبون ﴾ يقال : نكب عن الطريق ينكب نكوباً : إذا عدل عنه ومال إلى غيره، والنكوب والنكب : العدول والميل، ومنه النكباء للريح بين ريحين، سميت بذلك لعدولها عن المهابّ، وعن ﴿ الصراط ﴾ متعلق ب﴿ ناكبون ﴾، والمعنى : أن هؤلاء الموصوفين بعدم الإيمان بالآخرة عن ذلك الصراط أو جنس الصراط لعادلون عنه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله :﴿ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ ﴾ قال : عرفوه ولكنهم حسدوه. وفي قوله :﴿ وَلَوِ اتبع الحق أَهْوَاءهُمْ ﴾ قال : الحق : الله عزّ وجلّ. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ بَلْ أتيناهم بِذِكْرِهِمْ ﴾ قال : بينا لهم، وأخرجوا عنه في قوله :﴿ عَنِ الصراط لناكبون ﴾ قال : عن الحقّ لحائدون. وأخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : جاء أبو سفيان إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد أنشدك الله والرحم، فقد أكلنا العلهز، يعني الوبر بالدم، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾، وأصل الحديث في الصحيحين :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على قريش حين استعصوا فقال :( اللّهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ) الحديث. وأخرج ابن جرير وأبو نعيم في المعرفة، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس : أن ابن أثال الحنفي لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وهو أسير فخلى سبيله لحق باليمامة، فحال بين أهل مكة وبين الميرة من اليمامة حتى أكلت قريش العلهز، فجاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أليس تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين ؟ قال :«بلى». قال : فقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب ﴾ الآية. وأخرج العسكري في المواعظ عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾ قال : أي لم يتواضعوا في الدعاء ولم يخضعوا، ولو خضعوا لله لاستجاب لهم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ حتى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ قال : قد مضى، كان يوم بدر.
ثم بين سبحانه أنهم مصرّون على الكفر لا يرجعون عنه بحال فقال :﴿ وَلَوْ رحمناهم وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ من ضُرّ ﴾ أي من قحط وجدب ﴿ لَلَجُّوا فِي طغيانهم ﴾ أي لتمادوا في طغيانهم وضلالهم ﴿ يَعْمَهُونَ ﴾ يتردّدون ويتذبذبون ويخبطون. وأصل اللجاج : التمادي في العناد، ومنه اللجة بالفتح لتردّد الصوت، ولجة البحر تردّد أمواجه، ولجة الليل تردد ظلامه. وقيل : المعنى :[ لرددناهم ] إلى الدنيا ولم ندخلهم النار وامتحناهم للجوا في طغيانهم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله :﴿ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ ﴾ قال : عرفوه ولكنهم حسدوه. وفي قوله :﴿ وَلَوِ اتبع الحق أَهْوَاءهُمْ ﴾ قال : الحق : الله عزّ وجلّ. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ بَلْ أتيناهم بِذِكْرِهِمْ ﴾ قال : بينا لهم، وأخرجوا عنه في قوله :﴿ عَنِ الصراط لناكبون ﴾ قال : عن الحقّ لحائدون. وأخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : جاء أبو سفيان إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد أنشدك الله والرحم، فقد أكلنا العلهز، يعني الوبر بالدم، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾، وأصل الحديث في الصحيحين :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على قريش حين استعصوا فقال :( اللّهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ) الحديث. وأخرج ابن جرير وأبو نعيم في المعرفة، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس : أن ابن أثال الحنفي لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وهو أسير فخلى سبيله لحق باليمامة، فحال بين أهل مكة وبين الميرة من اليمامة حتى أكلت قريش العلهز، فجاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أليس تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين ؟ قال :«بلى». قال : فقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب ﴾ الآية. وأخرج العسكري في المواعظ عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾ قال : أي لم يتواضعوا في الدعاء ولم يخضعوا، ولو خضعوا لله لاستجاب لهم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ حتى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ قال : قد مضى، كان يوم بدر.
﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب ﴾ جملة مستأنفة مسوقة لتقرير ما قبلها. والعذاب قيل : هو الجوع الذي أصابهم في سني القحط. وقيل : المرض. وقيل : القتل يوم بدر، واختاره الزجاج. وقيل : الموت. وقيل : المراد من أصابه العذاب من الأمم الخالية ﴿ فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ ﴾ أي ما خضعوا ولا تذللوا، بل أقاموا على ما كانوا فيه من التمرّد على الله والانهماك في معاصيه ﴿ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾ أي وما يخشعون لله في الشدائد عند إصابتها لهم، ولا يدعونه لرفع ذلك.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله :﴿ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ ﴾ قال : عرفوه ولكنهم حسدوه. وفي قوله :﴿ وَلَوِ اتبع الحق أَهْوَاءهُمْ ﴾ قال : الحق : الله عزّ وجلّ. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ بَلْ أتيناهم بِذِكْرِهِمْ ﴾ قال : بينا لهم، وأخرجوا عنه في قوله :﴿ عَنِ الصراط لناكبون ﴾ قال : عن الحقّ لحائدون. وأخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : جاء أبو سفيان إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد أنشدك الله والرحم، فقد أكلنا العلهز، يعني الوبر بالدم، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾، وأصل الحديث في الصحيحين :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على قريش حين استعصوا فقال :( اللّهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ) الحديث. وأخرج ابن جرير وأبو نعيم في المعرفة، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس : أن ابن أثال الحنفي لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وهو أسير فخلى سبيله لحق باليمامة، فحال بين أهل مكة وبين الميرة من اليمامة حتى أكلت قريش العلهز، فجاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أليس تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين ؟ قال :«بلى». قال : فقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب ﴾ الآية. وأخرج العسكري في المواعظ عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾ قال : أي لم يتواضعوا في الدعاء ولم يخضعوا، ولو خضعوا لله لاستجاب لهم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ حتى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ قال : قد مضى، كان يوم بدر.
﴿ حتى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ قيل : هو عذاب الآخرة. وقيل : قتلهم يوم بدر بالسيف. وقيل : القحط الذي أصابهم. وقيل : فتح مكة ﴿ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ﴾ أي : متحيرون، لا يدرون ما يصنعون. والإبلاس : التحير والإبلاس من كل خير. وقرأ السلمي :«مبلسون » بفتح اللام من أبلسه، أي أدخله في الإبلاس. وقد تقدّم في الأنعام.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله :﴿ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ ﴾ قال : عرفوه ولكنهم حسدوه. وفي قوله :﴿ وَلَوِ اتبع الحق أَهْوَاءهُمْ ﴾ قال : الحق : الله عزّ وجلّ. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ بَلْ أتيناهم بِذِكْرِهِمْ ﴾ قال : بينا لهم، وأخرجوا عنه في قوله :﴿ عَنِ الصراط لناكبون ﴾ قال : عن الحقّ لحائدون. وأخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : جاء أبو سفيان إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد أنشدك الله والرحم، فقد أكلنا العلهز، يعني الوبر بالدم، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾، وأصل الحديث في الصحيحين :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على قريش حين استعصوا فقال :( اللّهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ) الحديث. وأخرج ابن جرير وأبو نعيم في المعرفة، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس : أن ابن أثال الحنفي لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وهو أسير فخلى سبيله لحق باليمامة، فحال بين أهل مكة وبين الميرة من اليمامة حتى أكلت قريش العلهز، فجاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أليس تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين ؟ قال :«بلى». قال : فقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب ﴾ الآية. وأخرج العسكري في المواعظ عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾ قال : أي لم يتواضعوا في الدعاء ولم يخضعوا، ولو خضعوا لله لاستجاب لهم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ حتى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ قال : قد مضى، كان يوم بدر.
﴿ وَهُوَ الذي أَنْشَأَ لَكُمُ السمع والأبصار ﴾ امتنّ عليهم ببعض النعم التي أعطاهم، وهي نعمة السمع والبصر ﴿ والأفئدة ﴾ فصارت هذه الأمور معهم ليسمعوا المواعظ وينظروا العبر ويتفكروا بالأفئدة فلم ينتفعوا بشيء من ذلك لإصرارهم على الكفر وبعدهم عن الحق، ولم يشكروه على ذلك ولهذا قال :﴿ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ ﴾ أي شكراً قليلاً حقيراً غير معتدّ به باعتبار تلك النعم الجليلة. وقيل : المعنى : أنهم لا يشكرونه ألبتة، لا أن لهم شكراً قليلاً. كما يقال لجاحد النعمة : ما أقلّ شكره، أي : لا يشكره، ومثل هذه الآية قوله :﴿ فَمَا أغنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أبصارهم وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ ﴾ [ الأحقاف : ٢٦ ].
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله :﴿ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ ﴾ قال : عرفوه ولكنهم حسدوه. وفي قوله :﴿ وَلَوِ اتبع الحق أَهْوَاءهُمْ ﴾ قال : الحق : الله عزّ وجلّ. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ بَلْ أتيناهم بِذِكْرِهِمْ ﴾ قال : بينا لهم، وأخرجوا عنه في قوله :﴿ عَنِ الصراط لناكبون ﴾ قال : عن الحقّ لحائدون. وأخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : جاء أبو سفيان إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد أنشدك الله والرحم، فقد أكلنا العلهز، يعني الوبر بالدم، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾، وأصل الحديث في الصحيحين :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على قريش حين استعصوا فقال :( اللّهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ) الحديث. وأخرج ابن جرير وأبو نعيم في المعرفة، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس : أن ابن أثال الحنفي لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وهو أسير فخلى سبيله لحق باليمامة، فحال بين أهل مكة وبين الميرة من اليمامة حتى أكلت قريش العلهز، فجاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أليس تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين ؟ قال :«بلى». قال : فقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب ﴾ الآية. وأخرج العسكري في المواعظ عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾ قال : أي لم يتواضعوا في الدعاء ولم يخضعوا، ولو خضعوا لله لاستجاب لهم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ حتى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ قال : قد مضى، كان يوم بدر.
﴿ وَهُوَ الذي ذَرَأَكُمْ فِي الأرض ﴾ أي : بثكم فيها كما تبث الحبوب لتنبت وقد تقدّم تحقيقه ﴿ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ أي تجمعون يوم القيامة بعد تفرّقكم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله :﴿ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ ﴾ قال : عرفوه ولكنهم حسدوه. وفي قوله :﴿ وَلَوِ اتبع الحق أَهْوَاءهُمْ ﴾ قال : الحق : الله عزّ وجلّ. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ بَلْ أتيناهم بِذِكْرِهِمْ ﴾ قال : بينا لهم، وأخرجوا عنه في قوله :﴿ عَنِ الصراط لناكبون ﴾ قال : عن الحقّ لحائدون. وأخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : جاء أبو سفيان إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد أنشدك الله والرحم، فقد أكلنا العلهز، يعني الوبر بالدم، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾، وأصل الحديث في الصحيحين :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على قريش حين استعصوا فقال :( اللّهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ) الحديث. وأخرج ابن جرير وأبو نعيم في المعرفة، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس : أن ابن أثال الحنفي لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وهو أسير فخلى سبيله لحق باليمامة، فحال بين أهل مكة وبين الميرة من اليمامة حتى أكلت قريش العلهز، فجاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أليس تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين ؟ قال :«بلى». قال : فقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب ﴾ الآية. وأخرج العسكري في المواعظ عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾ قال : أي لم يتواضعوا في الدعاء ولم يخضعوا، ولو خضعوا لله لاستجاب لهم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ حتى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ قال : قد مضى، كان يوم بدر.
﴿ وَهُوَ الذي يُحيي وَيُمِيتُ ﴾ على جهة الانفراد والاستقلال، وفي هذا تذكير لنعمة الحياة، وبيان الانتقال منها إلى الدار الآخرة ﴿ وَلَهُ اختلاف الليل والنهار ﴾ قال الفراء : هو الذي جعلهما مختلفين يتعاقبان ويختلفان في السواد والبياض. وقيل : اختلافهما : نقصان أحدهما وزيادة الآخر. وقيل : تكرّرهما يوماً بعد يوم وليلة بعد ليلة ﴿ أَفلاَ تعقلون ﴾ كنه قدرته وتتفكرون في ذلك.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله :﴿ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ ﴾ قال : عرفوه ولكنهم حسدوه. وفي قوله :﴿ وَلَوِ اتبع الحق أَهْوَاءهُمْ ﴾ قال : الحق : الله عزّ وجلّ. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ بَلْ أتيناهم بِذِكْرِهِمْ ﴾ قال : بينا لهم، وأخرجوا عنه في قوله :﴿ عَنِ الصراط لناكبون ﴾ قال : عن الحقّ لحائدون. وأخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : جاء أبو سفيان إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد أنشدك الله والرحم، فقد أكلنا العلهز، يعني الوبر بالدم، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾، وأصل الحديث في الصحيحين :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على قريش حين استعصوا فقال :( اللّهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ) الحديث. وأخرج ابن جرير وأبو نعيم في المعرفة، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس : أن ابن أثال الحنفي لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وهو أسير فخلى سبيله لحق باليمامة، فحال بين أهل مكة وبين الميرة من اليمامة حتى أكلت قريش العلهز، فجاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أليس تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين ؟ قال :«بلى». قال : فقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب ﴾ الآية. وأخرج العسكري في المواعظ عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾ قال : أي لم يتواضعوا في الدعاء ولم يخضعوا، ولو خضعوا لله لاستجاب لهم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ حتى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ قال : قد مضى، كان يوم بدر.
ثم بين سبحانه أنه لا شبهة لهم في إنكار البعث إلا التشبث بحبل التقليد المبنيّ على مجرد الاستبعاد فقال :﴿ بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الأولون ﴾ أي آباؤهم والموافقون لهم في دينهم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله :﴿ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ ﴾ قال : عرفوه ولكنهم حسدوه. وفي قوله :﴿ وَلَوِ اتبع الحق أَهْوَاءهُمْ ﴾ قال : الحق : الله عزّ وجلّ. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ بَلْ أتيناهم بِذِكْرِهِمْ ﴾ قال : بينا لهم، وأخرجوا عنه في قوله :﴿ عَنِ الصراط لناكبون ﴾ قال : عن الحقّ لحائدون. وأخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : جاء أبو سفيان إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد أنشدك الله والرحم، فقد أكلنا العلهز، يعني الوبر بالدم، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾، وأصل الحديث في الصحيحين :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على قريش حين استعصوا فقال :( اللّهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ) الحديث. وأخرج ابن جرير وأبو نعيم في المعرفة، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس : أن ابن أثال الحنفي لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وهو أسير فخلى سبيله لحق باليمامة، فحال بين أهل مكة وبين الميرة من اليمامة حتى أكلت قريش العلهز، فجاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أليس تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين ؟ قال :«بلى». قال : فقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب ﴾ الآية. وأخرج العسكري في المواعظ عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾ قال : أي لم يتواضعوا في الدعاء ولم يخضعوا، ولو خضعوا لله لاستجاب لهم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ حتى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ قال : قد مضى، كان يوم بدر.
ثم بين ما قاله الأوّلون فقال :﴿ قَالُوا أئذا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وعظاما أَئنَّا لَمَبْعُوثُونَ ﴾ فهذا مجرّد استبعاد لم يتعلقوا فيه بشيء من الشبه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله :﴿ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ ﴾ قال : عرفوه ولكنهم حسدوه. وفي قوله :﴿ وَلَوِ اتبع الحق أَهْوَاءهُمْ ﴾ قال : الحق : الله عزّ وجلّ. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ بَلْ أتيناهم بِذِكْرِهِمْ ﴾ قال : بينا لهم، وأخرجوا عنه في قوله :﴿ عَنِ الصراط لناكبون ﴾ قال : عن الحقّ لحائدون. وأخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : جاء أبو سفيان إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد أنشدك الله والرحم، فقد أكلنا العلهز، يعني الوبر بالدم، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾، وأصل الحديث في الصحيحين :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على قريش حين استعصوا فقال :( اللّهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ) الحديث. وأخرج ابن جرير وأبو نعيم في المعرفة، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس : أن ابن أثال الحنفي لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وهو أسير فخلى سبيله لحق باليمامة، فحال بين أهل مكة وبين الميرة من اليمامة حتى أكلت قريش العلهز، فجاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أليس تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين ؟ قال :«بلى». قال : فقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب ﴾ الآية. وأخرج العسكري في المواعظ عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾ قال : أي لم يتواضعوا في الدعاء ولم يخضعوا، ولو خضعوا لله لاستجاب لهم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ حتى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ قال : قد مضى، كان يوم بدر.
ثم كملوا ذلك القول بقولهم :﴿ لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هذا مِن قَبْلُ ﴾ أي وعدنا هذا البعث ووعده آباؤنا الكائنون من قبلنا فلم نصدّقه كما لم يصدّقه من قبلنا، ثم صرّحوا بالتكذيب وفرّوا إلى مجرّد الزعم الباطل فقالوا :﴿ إِنْ هذا إِلاَّ أساطير الأولين ﴾ أي ما هذا إلا أكاذيب الأولين التي سطروها في الكتب جمع أسطورة كأحدوثة، والأساطير : الأباطيل والترهات والكذب.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله :﴿ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ ﴾ قال : عرفوه ولكنهم حسدوه. وفي قوله :﴿ وَلَوِ اتبع الحق أَهْوَاءهُمْ ﴾ قال : الحق : الله عزّ وجلّ. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ بَلْ أتيناهم بِذِكْرِهِمْ ﴾ قال : بينا لهم، وأخرجوا عنه في قوله :﴿ عَنِ الصراط لناكبون ﴾ قال : عن الحقّ لحائدون. وأخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : جاء أبو سفيان إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد أنشدك الله والرحم، فقد أكلنا العلهز، يعني الوبر بالدم، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾، وأصل الحديث في الصحيحين :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على قريش حين استعصوا فقال :( اللّهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ) الحديث. وأخرج ابن جرير وأبو نعيم في المعرفة، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس : أن ابن أثال الحنفي لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وهو أسير فخلى سبيله لحق باليمامة، فحال بين أهل مكة وبين الميرة من اليمامة حتى أكلت قريش العلهز، فجاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أليس تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين ؟ قال :«بلى». قال : فقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع، فأنزل الله :﴿ وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب ﴾ الآية. وأخرج العسكري في المواعظ عن عليّ بن أبي طالب في قوله :﴿ فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾ قال : أي لم يتواضعوا في الدعاء ولم يخضعوا، ولو خضعوا لله لاستجاب لهم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ حتى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ قال : قد مضى، كان يوم بدر.
مِنَ الْيَمَامَةِ حَتَّى أَكَلَتْ قُرَيْشٌ الْعِلْهِزَ، فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَلَيْسَ تَزْعُمُ أَنَّكَ بُعِثْتَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَقَدْ قَتَلْتَ الْآبَاءَ بِالسَّيْفِ وَالْأَبْنَاءَ بِالْجُوعِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ الْعَسْكَرِيُّ فِي الْمَوَاعِظِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي قَوْلِهِ: فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ قَالَ: أَيْ: لَمْ يتواضعوا في الدعاء ولو يَخْضَعُوا، وَلَوْ خَضَعُوا لِلَّهِ لَاسْتَجَابَ لَهُمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذابٍ شَدِيدٍ قَالَ: قد مضى، كان يوم بدر.
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٨٤ الى ٩٨]
قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٨٥) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٨٦) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (٨٧) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٨)
سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (٨٩) بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٩٠) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (٩١) عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٩٢) قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ (٩٣)
رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٩٤) وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ (٩٥) ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ (٩٦) وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (٩٨)
أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْأَلَ الْكُفَّارَ عَنْ أُمُورٍ لَا عُذْرَ لَهُمْ مِنَ الِاعْتِرَافِ فِيهَا، ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ الِاعْتِرَافِ مِنْهُمْ وَيُوَبِّخُهُمْ، فَقَالَ: قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها أَيْ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِأَهْلِ مَكَّةَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، وَالْمُرَادُ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ الْخَلْقُ جَمِيعًا، وَعَبَّرَ عَنْهُمْ بِمَنْ تَغْلِيبًا لِلْعُقَلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ شَيْئًا مِنَ الْعِلْمِ، وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ، أَيْ: إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ فَأَخْبِرُونِي. وَفِي هَذَا تَلْوِيحٌ بِجَهْلِهِمْ وَفَرْطِ غَبَاوَتِهِمْ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ أَيْ: لَا بُدَّ لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا ذَلِكَ، لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِبَدِيهَةِ الْعَقْلِ، ثُمَّ أَمَرَهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ بَعْدَ اعْتِرَافِهِمْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ تَرْغِيبًا لَهُمْ فِي التَّدَبُّرِ وَإِمْعَانِ النَّظَرِ وَالْفِكْرِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَقُودُهُمْ إِلَى اتِّبَاعِ الْحَقِّ وَتَرْكِ الْبَاطِلِ، لِأَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً قَدَرَ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ- سَيَقُولُونَ لِلَّهِ جَاءَ سُبْحَانَهُ بِاللَّامِ نَظَرًا إِلَى مَعْنَى السُّؤَالِ، فَإِنَّ قَوْلَكَ: مَنْ رَبُّهُ، وَلِمَنْ هُوَ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ، كَقَوْلِكَ:
مَنْ رَبُّ هَذِهِ الدَّارِ؟ فَيُقَالُ: زَيْدٌ، وَيُقَالُ: لِزَيْدٍ. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَأَهْلُ الْعِرَاقِ: «سَيَقُولُونَ اللَّهُ» بِغَيْرِ لَامٍ نَظَرًا إِلَى لَفْظِ السُّؤَالِ، وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ أَوْضَحُ مِنْ قِرَاءَةِ الْبَاقِينَ بِاللَّامِ، وَلَكِنَّهُ يُؤَيِّدُ قِرَاءَةَ الْجُمْهُورِ أَنَّهَا مَكْتُوبَةٌ فِي جَمِيعِ الْمَصَاحِفِ بِاللَّامِ بِدُونِ أَلِفٍ، وهكذا قرأ الجمهور في قوله: قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ- سَيَقُولُونَ لِلَّهِ بِاللَّامِ نَظَرًا إِلَى مَعْنَى السُّؤَالِ كَمَا سَلَفَ. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَأَهْلُ الْعِرَاقِ بِغَيْرِ لَامٍ نَظَرًا إِلَى لَفْظِ السؤال، ومثل هذا قول الشاعر:
586
إذ قِيلَ مَنْ رَبُّ الْمَزَالِفِ وَالْقُرَى وَرَبُّ الْجِيَادِ الجرد قلت لِخَالِدُ
أَيْ: لِمَنِ الْمَزَالِفُ. وَالْمَلَكُوتُ: الْمُلْكُ، وَزِيَادَةُ التاء للمبالغة، ونحو جَبَرُوتٍ وَرَهَبُوتٍ، وَمَعْنَى وَهُوَ يُجِيرُ أَنَّهُ يُغِيثُ غَيْرَهُ إِذَا شَاءَ وَيَمْنَعُهُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ أي: لا يمنع أحدا أَحَدًا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى نَصْرِهِ وَإِغَاثَتِهِ، يُقَالُ: أَجَرْتُ فُلَانًا إِذَا اسْتَغَاثَ بِكَ فَحَمَيْتَهُ، وَأَجَرْتُ عَلَيْهِ: إِذَا حَمَيْتُ عَنْهُ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ قَالَ الْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ: أَيْ: تُصْرَفُونَ عَنِ الْحَقِّ وَتُخْدَعُونَ، وَالْمَعْنَى: كَيْفَ يُخَيَّلُ لَكُمُ الْحَقُّ بَاطِلًا وَالصَّحِيحُ فَاسِدًا، وَالْخَادِعُ لَهُمْ هُوَ الشَّيْطَانُ أَوِ الْهَوَى أَوْ كِلَاهُمَا. ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ قَدْ بَالَغَ فِي الِاحْتِجَاجِ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ أَيِ: الْأَمْرِ الْوَاضِحِ الَّذِي يَحِقُّ اتِّبَاعُهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ فِيمَا يَنْسُبُونَهُ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ مِنَ الْوَلَدِ وَالشَّرِيكِ، ثُمَّ نَفَاهُمَا عَنْ نَفْسِهِ فَقَالَ: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ «مِنْ» فِي الْمَوْضِعَيْنِ زَائِدَةٌ لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ. ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ مَا يَسْتَلْزِمُهُ مَا يَدَّعِيهِ الكفار من إِثْبَاتِ الشَّرِيكِ، فَقَالَ: إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وفي الكلام حذف تقديره: لو كان مع الله آلهة لا نفرد كُلُّ إِلَهٍ بِخَلْقِهِ، وَاسْتَبَدَّ بِهِ، وَامْتَازَ مُلْكُهُ عَنْ مُلْكِ الْآخَرِ، وَوَقَعَ بَيْنَهُمُ التَّطَالُبُ وَالتَّحَارُبُ وَالتَّغَالُبُ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ أَيْ: غَلَبَ الْقَوِيُّ عَلَى الضَّعِيفِ، وَقَهَرَهُ، وَأَخَذَ مُلْكَهُ، كَعَادَةِ الْمُلُوكِ مِنْ بَنِي آدَمَ، وَحِينَئِذٍ فَذَلِكَ الضَّعِيفُ الْمَغْلُوبُ لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يَكُونَ إِلَهًا، وَإِذَا تَقَرَّرَ عَدَمُ إِمْكَانِ الْمُشَارَكَةِ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَا يَقُومُ بِهِ إِلَّا وَاحِدٌ، تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْوَاحِدُ هُوَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ، وَهَذَا الدَّلِيلُ كَمَا دَلَّ عَلَى نَفْيِ الشَّرِيكِ فَإِنَّهُ يدلّ على نفي الولد، لأن لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَيْ: هُوَ مُخْتَصٌّ بِعِلْمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَهُوَ وَإِنْ عَلِمَ الشَّهَادَةَ لَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ. قَرَأَ نَافِعٌ وَأَبُو بَكْرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ عَالِمُ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: هُوَ عَالِمٌ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْجَرِّ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِلَّهِ أَوْ بَدَلٌ مِنْهُ. وَرُوِيَ عَنْ يَعْقُوبَ أَنَّهُ كَانَ يُخْفِضُ إِذَا وَصَلَ وَيَرْفَعُ إِذَا ابْتَدَأَ فَتَعالى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ مَعْطُوفٌ على معنى ما تقدّم كأنه قال: علم الْغَيْبِ فَتَعَالَى، كَقَوْلِكَ: زَيْدٌ شُجَاعٌ فَعَظُمَتْ مَنْزِلَتُهُ، أَيْ: شَجُعَ فَعَظُمَتْ، أَوْ يَكُونُ عَلَى إِضْمَارِ الْقَوْلِ، أَيْ: أَقُولُ فَتَعَالَى اللَّهُ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ مُتَعَالٍ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ أَيْ:
إِنْ كَانَ وَلَا بُدَّ أَنْ تُرِيَنِّي مَا يُوعِدُونَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُسْتَأْصَلِ لَهُمْ رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أَيْ:
قُلْ يَا رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي. قَالَ الزَّجَّاجُ: أَيْ إِنْ أَنْزَلْتَ بِهِمُ النِّقْمَةَ يَا رَبِّ فَاجْعَلْنِي خَارِجًا عَنْهُمْ، وَمَعْنَى كَلَامِهِ هَذَا أَنَّ النداء معترض، و «ما» فِي «إِمَّا» زَائِدَةٌ، أَيْ: قُلْ رَبِّ إِنْ تُرِيَنِّي، وَالْجَوَابُ: «فَلَا تَجْعَلْنِي»، وَذِكْرُ الرَّبَّ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً قَبْلَ الشَّرْطِ، وَمَرَّةً بَعْدَهُ مُبَالَغَةٌ فِي التَّضَرُّعِ. وَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَسْأَلَهُ أَنْ لَا يَجْعَلَهُ فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ مَعَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا يَكُونُونَ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أَبَدًا، تَعْلِيمًا له صلّى الله عليه وَسَلَّمَ مِنْ رَبِّهِ كَيْفَ يَتَوَاضَعُ. وَقِيلَ: يَهْضِمُ نَفْسَهُ، أَوْ لِكَوْنِ شُؤْمِ الْكُفْرِ قَدْ يَلْحَقُ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ كَقَوْلِهِ: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً «١» ثُمَّ لَمَّا كَانَ الْمُشْرِكُونَ يُنْكِرُونَ الْعَذَابَ وَيَسْخَرُونَ من النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ إِذَا ذَكَرَ لَهُمْ ذَلِكَ أَكَّدَ سُبْحَانَهُ وُقُوعَهُ بِقَوْلِهِ: وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ
أَيْ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَادِرٌ على أن يري رسوله
(١). الأنفال: ٢٥.
587
عَذَابَهُمْ، وَلَكِنَّهُ يُؤَخِّرُهُ لِعِلْمِهِ بِأَنَّ بَعْضَهُمْ سَيُؤْمِنُ، أَوْ لِكَوْنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لَا يُعَذِّبُهُمْ وَالرَّسُولُ فِيهِمْ، وَقِيلَ:
قَدْ أَرَاهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ ذَلِكَ يَوْمَ بَدْرٍ وَيَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، ثُمَّ أَمَرَهُ سُبْحَانَهُ بِالصَّبْرِ إِلَى أَنْ يَنْقَضِيَ الْأَجَلُ الْمَضْرُوبُ لِلْعَذَابِ، فَقَالَ: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ أَيِ: ادْفَعْ بِالْخَصْلَةِ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ مِنْ غيرها، وهي الصفح والإعراض عما يفعله الكافر مِنَ الْخَصْلَةِ السَّيِّئَةِ، وَهِيَ الشِّرْكُ. قِيلَ: وَهَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ، وَقِيلَ: هِيَ مُحْكَمَةٌ فِي حَقِّ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، مَنْسُوخَةٌ فِي حَقِّ الْكُفَّارِ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ أَيْ: مَا يَصِفُونَكَ بِهِ مِمَّا أَنْتَ عَلَى خِلَافِهِ، أَوْ بِمَا يَصِفُونَ مِنَ الشِّرْكِ وَالتَّكْذِيبِ، وَفِي هَذَا وَعِيدٌ لَهُمْ بِالْعُقُوبَةِ.
ثُمَّ عَلَّمَهُ سُبْحَانَهُ مَا يُقَوِّيهِ عَلَى مَا أَرْشَدَهُ إِلَيْهِ مِنَ الْعَفْوِ وَالصَّفْحِ وَمُقَابَلَةِ السَّيِّئَةِ بِالْحَسَنَةِ، فَقَالَ: وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ الْهَمَزَاتُ جَمْعُ هَمْزَةٍ، وَهِيَ فِي اللُّغَةِ الدَّفْعَةُ بِالْيَدِ أَوْ بِغَيْرِهَا، وَهَمَزَاتُ الشَّيَاطِينِ: نَزَغَاتُهُمْ وَوَسَاوِسُهُمْ كَمَا قَالَهُ الْمُفَسِّرُونَ، يُقَالُ: هَمَزَهُ وَلَمَزَهُ وَنَخَسَهُ، أَيْ: دَفَعَهُ وَقِيلَ: الْهَمْزُ:
كَلَامٌ مِنْ وَرَاءِ الْقَفَا، وَاللَّمْزُ: الْمُوَاجَهَةُ، وَفِيهِ إِرْشَادٌ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَى التَّعَوُّذِ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ سَوَرَاتُ الْغَضَبِ الَّتِي لَا يَمْلِكُ الْإِنْسَانُ فِيهَا نَفْسَهُ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ أَمَرَهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَتَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنْ حُضُورِ الشَّيَاطِينِ بَعْدَ مَا أَمَرَهُ أَنْ يَتَعَوَّذَ مِنْ هَمَزَاتِهِمْ، وَالْمَعْنَى: وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَكُونُوا مَعِي فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ، فَإِنَّهُمْ إِذَا حَضَرُوا الْإِنْسَانَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَمَلٌ إِلَّا الْوَسْوَسَةَ وَالْإِغْرَاءَ عَلَى الشَّرِّ وَالصَّرْفِ عَنِ الْخَيْرِ.
وَفِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ «وَقُلْ رَبِّ عَائِذًا بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ- وَعَائِذًا بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونَ».
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ قَالَ: خَزَائِنُ كُلِّ شَيْءٌ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ يَقُولُ: أَعْرِضْ عَنْ أَذَاهُمْ إِيَّاكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَطَاءٍ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ قَالَ: بِالسَّلَامِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ، عَنِ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ قَالَ: قَوْلُ الرَّجُلِ لِأَخِيهِ مَا لَيْسَ فِيهِ، فَيَقُولُ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَأَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَغْفِرَ لَكَ، وَإِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَأَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَغْفِرَ لِي. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا كَلِمَاتٍ نَقُولَهُنَّ عِنْدَ النَّوْمِ مِنَ الْفَزَعِ: بِسْمِ اللَّهِ، أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ وَشَرِّ عِبَادِهِ، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَنْ يَحْضُرُونَ» قَالَ: فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو يُعَلِّمُهَا مَنْ بَلَغَ مِنْ وَلَدَهُ أَنْ يَقُولَهَا عِنْدَ نَوْمِهِ، وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ صَغِيرًا لَا يَعْقِلُ أَنْ يَحْفَظَهَا كَتَبَهَا لَهُ فَعَلَّقَهَا فِي عُنُقِهِ. وَفِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَفِيهِ مَقَالٌ مَعْرُوفٌ. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنِ خالد بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّهُ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَجِدُ وَحْشَةً، قَالَ: إِذَا أَخَذَتْ مَضْجِعَكَ فَقُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ وَشَرِّ عِبَادِهِ، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَنْ يحضرون، فإنه لا يحضرك، وبالحريّ أن لا يضرّك».
588
﴿ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ﴾ أي لا بدّ لهم أن يقولوا ذلك ؛ لأنه معلوم ببديهة العقل. ثم أمره سبحانه أن يقول لهم بعد اعترافهم :﴿ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ﴾ ترغيباً لهم في التدبر وإمعان النظر والفكر، فإن ذلك مما يقودهم إلى اتباع الحق وترك الباطل ؛ لأن من قدر على ذلك ابتداء قدر على إحياء الموتى.
﴿ قُلْ مَن رَبُّ السماوات السبعِ وَرَبُّ العرش العظيم * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ﴾ جاء سبحانه باللام نظراً إلى معنى السؤال، فإن قولك : من ربه، ولمن هو في معنى واحد، كقولك : من ربّ هذه الدار ؟ فيقال : زيد، ويقال : لزيد.
وقرأ أبو عمرو، وأهل العراق :«سيقولون الله » بغير لام نظراً إلى لفظ السؤال، وهذه القراءة أوضح من قراءة الباقين باللام، ولكنه يؤيد قراءة الجمهور أنها مكتوبة في جميع المصاحف باللام بدون ألف.
وهكذا قرأ الجمهور في قوله :﴿ قل من بيده ملكوت كلّ شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون ﴾
﴿ سيقولون لله ﴾ باللام نظراً إلى معنى السؤال كما سلف. وقرأ أبو عمرو وأهل العراق بغير لام نظراً إلى لفظ السؤال، ومثل هذا قول الشاعر :
إذا قيل من ربّ المزالف والقرى وربّ الجياد الجرد قيل لخالد
أي لمن المزالف.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٨٦:﴿ قُلْ مَن رَبُّ السماوات السبعِ وَرَبُّ العرش العظيم * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ﴾ جاء سبحانه باللام نظراً إلى معنى السؤال، فإن قولك : من ربه، ولمن هو في معنى واحد، كقولك : من ربّ هذه الدار ؟ فيقال : زيد، ويقال : لزيد.
وقرأ أبو عمرو، وأهل العراق :«سيقولون الله » بغير لام نظراً إلى لفظ السؤال، وهذه القراءة أوضح من قراءة الباقين باللام، ولكنه يؤيد قراءة الجمهور أنها مكتوبة في جميع المصاحف باللام بدون ألف.
وهكذا قرأ الجمهور في قوله :﴿ قل من بيده ملكوت كلّ شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون ﴾
﴿ سيقولون لله ﴾ باللام نظراً إلى معنى السؤال كما سلف. وقرأ أبو عمرو وأهل العراق بغير لام نظراً إلى لفظ السؤال، ومثل هذا قول الشاعر :
إذا قيل من ربّ المزالف والقرى وربّ الجياد الجرد قيل لخالد
أي لمن المزالف.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٨٦:﴿ قُلْ مَن رَبُّ السماوات السبعِ وَرَبُّ العرش العظيم * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ﴾ جاء سبحانه باللام نظراً إلى معنى السؤال، فإن قولك : من ربه، ولمن هو في معنى واحد، كقولك : من ربّ هذه الدار ؟ فيقال : زيد، ويقال : لزيد.
وقرأ أبو عمرو، وأهل العراق :«سيقولون الله » بغير لام نظراً إلى لفظ السؤال، وهذه القراءة أوضح من قراءة الباقين باللام، ولكنه يؤيد قراءة الجمهور أنها مكتوبة في جميع المصاحف باللام بدون ألف.
وهكذا قرأ الجمهور في قوله :﴿ قل من بيده ملكوت كلّ شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون ﴾
﴿ سيقولون لله ﴾ باللام نظراً إلى معنى السؤال كما سلف. وقرأ أبو عمرو وأهل العراق بغير لام نظراً إلى لفظ السؤال، ومثل هذا قول الشاعر :
إذا قيل من ربّ المزالف والقرى وربّ الجياد الجرد قيل لخالد
أي لمن المزالف.


والملكوت : الملك، وزيادة التاء للمبالغة، نحو جبروت ورهبوت، ومعنى ﴿ وَهُوَ يُجْيِرُ ﴾ : أنه يغيث غيره إذا شاء ويمنعه ﴿ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ ﴾ أي لا يمنع أحد أحداً من عذاب الله ولا يقدر على نصره وإغاثته، يقال : أجرت فلاناً : إذا استغاث بك فحميته، وأجرت عليه : إذا حميت عنه
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :﴿ قل من بيده ملكوت كل شيء ﴾ قال : خزائن كل شيء. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه ﴿ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ يقول : أعرض عن أذاهم إياك : وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء ﴿ ادفع بالتي هي أحسن ﴾ قال : بالسلام. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن أنس في قوله :﴿ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ قال قول الرجل لأخيه ما ليس فيه، فيقول إن كنت كاذبا فأنا أسأل الله أن يغفر لك، وإن كنت صادقا فأنا أسأل الله أن يغفر لي. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال :( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع :( بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ). قال : فكان عبد الله بن بعمرو ويعلمها من بلغ من ولده أن يقولها عند نومه، ومن كان منهم صغيرا لا يعقل أن يحفظها كتبها له فعقلها في عنقه. وفي إسناده محمد بن إسحاق، وفيه مقال معروف وأخرج أحمد عن الوليد بن الوليد أنه قال ( يا رسول الله إني أجد وحشة، قال :( إذا أخذت مضجعك فقال : أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، فإنه لا يحضرك ) وبالحري لا يضرك.
﴿ قُلْ فأنى تُسْحَرُونَ ﴾ قال الفراء والزجاج : أي تصرفون عن الحق وتخدعون، والمعنى : كيف يخيل لكم الحق باطلاً والصحيح فاسداً ؟ والخادع لهم : هو الشيطان أو الهوى أو كلاهما.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :﴿ قل من بيده ملكوت كل شيء ﴾ قال : خزائن كل شيء. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه ﴿ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ يقول : أعرض عن أذاهم إياك : وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء ﴿ ادفع بالتي هي أحسن ﴾ قال : بالسلام. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن أنس في قوله :﴿ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ قال قول الرجل لأخيه ما ليس فيه، فيقول إن كنت كاذبا فأنا أسأل الله أن يغفر لك، وإن كنت صادقا فأنا أسأل الله أن يغفر لي. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال :( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع :( بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ). قال : فكان عبد الله بن بعمرو ويعلمها من بلغ من ولده أن يقولها عند نومه، ومن كان منهم صغيرا لا يعقل أن يحفظها كتبها له فعقلها في عنقه. وفي إسناده محمد بن إسحاق، وفيه مقال معروف وأخرج أحمد عن الوليد بن الوليد أنه قال ( يا رسول الله إني أجد وحشة، قال :( إذا أخذت مضجعك فقال : أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، فإنه لا يحضرك ) وبالحري لا يضرك.
ثم بين سبحانه أنه قد بالغ في الاحتجاج عليهم فقال :﴿ بَلْ أتيناهم بالحق ﴾ أي الأمر الواضح الذي يحقّ اتباعه ﴿ وَإِنَّهُمْ لكاذبون ﴾ فيما ينسبونه إلى الله سبحانه من الولد والشريك، ثم نفاهما عن نفسه فقال :﴿ مَا اتخذ الله مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :﴿ قل من بيده ملكوت كل شيء ﴾ قال : خزائن كل شيء. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه ﴿ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ يقول : أعرض عن أذاهم إياك : وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء ﴿ ادفع بالتي هي أحسن ﴾ قال : بالسلام. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن أنس في قوله :﴿ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ قال قول الرجل لأخيه ما ليس فيه، فيقول إن كنت كاذبا فأنا أسأل الله أن يغفر لك، وإن كنت صادقا فأنا أسأل الله أن يغفر لي. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال :( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع :( بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ). قال : فكان عبد الله بن بعمرو ويعلمها من بلغ من ولده أن يقولها عند نومه، ومن كان منهم صغيرا لا يعقل أن يحفظها كتبها له فعقلها في عنقه. وفي إسناده محمد بن إسحاق، وفيه مقال معروف وأخرج أحمد عن الوليد بن الوليد أنه قال ( يا رسول الله إني أجد وحشة، قال :( إذا أخذت مضجعك فقال : أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، فإنه لا يحضرك ) وبالحري لا يضرك.
﴿ مَا اتخذ الله مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ ﴾ «من » في الموضعين زائدة لتأكيد النفي. ثم بين سبحانه ما يستلزمه ما يدّعيه الكفار من إثبات الشريك، فقال :﴿ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إله بِمَا خَلَقَ ﴾ وفي الكلام حذف تقديره لو كان مع الله آلهة لانفرد كل إله بخلقه واستبدّ به وامتاز ملكه عن ملك الآخر، ووقع بينهم التطالب والتحارب والتغالب ﴿ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ ﴾ أي غلب القويّ على الضعيف وقهره وأخذ ملكه كعادة الملوك من بني آدم، وحينئذٍ فذلك الضعيف المغلوب لا يستحق أن يكون إلها، وإذا تقرّر عدم إمكان المشاركة في ذلك، وأنه لا يقوم به إلا واحد تعين أن يكون هذا الواحد هو الله سبحانه، وهذا الدليل كما دلّ على نفي الشريك فإنه يدلّ على نفي الولد ؛ لأن الولد ينازع أباه في ملكه. ثم نزّه سبحانه نفسه فقال :﴿ سبحان الله عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ أي : من الشريك والولد وإثبات ذلك لله عزّ وجلّ.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :﴿ قل من بيده ملكوت كل شيء ﴾ قال : خزائن كل شيء. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه ﴿ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ يقول : أعرض عن أذاهم إياك : وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء ﴿ ادفع بالتي هي أحسن ﴾ قال : بالسلام. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن أنس في قوله :﴿ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ قال قول الرجل لأخيه ما ليس فيه، فيقول إن كنت كاذبا فأنا أسأل الله أن يغفر لك، وإن كنت صادقا فأنا أسأل الله أن يغفر لي. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال :( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع :( بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ). قال : فكان عبد الله بن بعمرو ويعلمها من بلغ من ولده أن يقولها عند نومه، ومن كان منهم صغيرا لا يعقل أن يحفظها كتبها له فعقلها في عنقه. وفي إسناده محمد بن إسحاق، وفيه مقال معروف وأخرج أحمد عن الوليد بن الوليد أنه قال ( يا رسول الله إني أجد وحشة، قال :( إذا أخذت مضجعك فقال : أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، فإنه لا يحضرك ) وبالحري لا يضرك.
﴿ عالم الغيب والشهادة ﴾ أي : هو مختص بعلم الغيب والشهادة، وأما غيره فهو وإن علم الشهادة لا يعلم الغيب. قرأ نافع وأبو بكر وحمزة والكسائي :﴿ عالم ﴾ بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي هو عالم، وقرأ الباقون بالجرّ على أنه صفة لله أو بدل منه. وروي عن يعقوب أنه كان يخفض إذا وصل ويرفع إذا ابتدأ ﴿ فتعالى ﴾ الله ﴿ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ معطوف على معنى ما تقدّم كأنه قال : علم الغيب فتعالى، كقولك : زيد شجاع فعظمت منزلته، أي شجع فعظمت، أو يكون على إضمار القول، أي أقول : فتعالى الله، والمعنى : أنه سبحانه متعالٍ عن أن يكون له شريك في الملك.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :﴿ قل من بيده ملكوت كل شيء ﴾ قال : خزائن كل شيء. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه ﴿ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ يقول : أعرض عن أذاهم إياك : وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء ﴿ ادفع بالتي هي أحسن ﴾ قال : بالسلام. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن أنس في قوله :﴿ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ قال قول الرجل لأخيه ما ليس فيه، فيقول إن كنت كاذبا فأنا أسأل الله أن يغفر لك، وإن كنت صادقا فأنا أسأل الله أن يغفر لي. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال :( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع :( بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ). قال : فكان عبد الله بن بعمرو ويعلمها من بلغ من ولده أن يقولها عند نومه، ومن كان منهم صغيرا لا يعقل أن يحفظها كتبها له فعقلها في عنقه. وفي إسناده محمد بن إسحاق، وفيه مقال معروف وأخرج أحمد عن الوليد بن الوليد أنه قال ( يا رسول الله إني أجد وحشة، قال :( إذا أخذت مضجعك فقال : أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، فإنه لا يحضرك ) وبالحري لا يضرك.
﴿ قُل رَّبّ إِمَّا تُرِيَنّي مَا يُوعَدُونَ ﴾ أي إن كان ولا بدّ أن تريني ما يوعدون من العذاب المستأصل لهم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :﴿ قل من بيده ملكوت كل شيء ﴾ قال : خزائن كل شيء. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه ﴿ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ يقول : أعرض عن أذاهم إياك : وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء ﴿ ادفع بالتي هي أحسن ﴾ قال : بالسلام. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن أنس في قوله :﴿ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ قال قول الرجل لأخيه ما ليس فيه، فيقول إن كنت كاذبا فأنا أسأل الله أن يغفر لك، وإن كنت صادقا فأنا أسأل الله أن يغفر لي. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال :( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع :( بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ). قال : فكان عبد الله بن بعمرو ويعلمها من بلغ من ولده أن يقولها عند نومه، ومن كان منهم صغيرا لا يعقل أن يحفظها كتبها له فعقلها في عنقه. وفي إسناده محمد بن إسحاق، وفيه مقال معروف وأخرج أحمد عن الوليد بن الوليد أنه قال ( يا رسول الله إني أجد وحشة، قال :( إذا أخذت مضجعك فقال : أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، فإنه لا يحضرك ) وبالحري لا يضرك.
﴿ رَبّ فَلاَ تَجْعَلْنِي فِي القوم الظالمين ﴾ أي قل يا ربّ فلا تجعلني. قال الزجاج : أي إن أنزلت بهم النقمة يا ربّ فاجعلني خارجاً عنهم، ومعنى كلامه هذا : أن النداء معترض، و«ما » في :﴿ إما ﴾ زائدة، أي قل ربّ إن تريني، والجواب :﴿ فلا تجعلني ﴾ وذكر الربّ مرّتين مرة قبل الشرط، ومرّة بعده مبالغة في التضرع. وأمره الله أن يسأله أن لا يجعله في القوم الظالمين مع أن الأنبياء لا يكونون مع القوم الظالمين أبداً، تعليماً له صلى الله عليه وسلم من ربه كيف يتواضع ؟ وقيل : يهضم نفسه، أو لكون شؤم الكفر قد يلحق من لم يكن من أهله، كقوله :﴿ واتقوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الذين ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ﴾ [ الأنفال : ٢٥ ].
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :﴿ قل من بيده ملكوت كل شيء ﴾ قال : خزائن كل شيء. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه ﴿ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ يقول : أعرض عن أذاهم إياك : وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء ﴿ ادفع بالتي هي أحسن ﴾ قال : بالسلام. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن أنس في قوله :﴿ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ قال قول الرجل لأخيه ما ليس فيه، فيقول إن كنت كاذبا فأنا أسأل الله أن يغفر لك، وإن كنت صادقا فأنا أسأل الله أن يغفر لي. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال :( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع :( بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ). قال : فكان عبد الله بن بعمرو ويعلمها من بلغ من ولده أن يقولها عند نومه، ومن كان منهم صغيرا لا يعقل أن يحفظها كتبها له فعقلها في عنقه. وفي إسناده محمد بن إسحاق، وفيه مقال معروف وأخرج أحمد عن الوليد بن الوليد أنه قال ( يا رسول الله إني أجد وحشة، قال :( إذا أخذت مضجعك فقال : أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، فإنه لا يحضرك ) وبالحري لا يضرك.
ثم لما كان المشركون ينكرون العذاب، ويسخرون من النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا ذكر لهم ذلك، أكد سبحانه وقوعه بقوله :﴿ وَإِنَّا على أَن نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لقادرون ﴾ أي أن الله سبحانه قادر على أن يري رسوله عذابهم، ولكنه يؤخره لعلمه بأن بعضهم سيؤمن، أو لكون الله سبحانه لا يعذبهم والرسول فيهم، وقيل قد أراه الله سبحانه ذلك يوم بدر ويوم فتح مكة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :﴿ قل من بيده ملكوت كل شيء ﴾ قال : خزائن كل شيء. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه ﴿ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ يقول : أعرض عن أذاهم إياك : وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء ﴿ ادفع بالتي هي أحسن ﴾ قال : بالسلام. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن أنس في قوله :﴿ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ قال قول الرجل لأخيه ما ليس فيه، فيقول إن كنت كاذبا فأنا أسأل الله أن يغفر لك، وإن كنت صادقا فأنا أسأل الله أن يغفر لي. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال :( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع :( بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ). قال : فكان عبد الله بن بعمرو ويعلمها من بلغ من ولده أن يقولها عند نومه، ومن كان منهم صغيرا لا يعقل أن يحفظها كتبها له فعقلها في عنقه. وفي إسناده محمد بن إسحاق، وفيه مقال معروف وأخرج أحمد عن الوليد بن الوليد أنه قال ( يا رسول الله إني أجد وحشة، قال :( إذا أخذت مضجعك فقال : أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، فإنه لا يحضرك ) وبالحري لا يضرك.
ثم أمره سبحانه بالصبر إلى أن ينقضي الأجل المضروب للعذاب فقال :﴿ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ أي ادفع بالخصلة التي هي أحسن من غيرها، وهي الصفح والإعراض عما يفعله الكفار من الخصلة السيئة وهي الشرك. قيل وهذه الآية منسوخة بآية السيف، وقيل هي محكمة في حق هذه الأمة فيما بينهم، منسوخة في حق الكفار ﴿ نحن أعلم بما يصفون ﴾ أي ما يصفونك به مما أنت على خلافه، أو بما يصفون من الشرك والتكذيب، وفي هذا وعيد لهم بالعقوبة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :﴿ قل من بيده ملكوت كل شيء ﴾ قال : خزائن كل شيء. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه ﴿ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ يقول : أعرض عن أذاهم إياك : وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء ﴿ ادفع بالتي هي أحسن ﴾ قال : بالسلام. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن أنس في قوله :﴿ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ قال قول الرجل لأخيه ما ليس فيه، فيقول إن كنت كاذبا فأنا أسأل الله أن يغفر لك، وإن كنت صادقا فأنا أسأل الله أن يغفر لي. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال :( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع :( بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ). قال : فكان عبد الله بن بعمرو ويعلمها من بلغ من ولده أن يقولها عند نومه، ومن كان منهم صغيرا لا يعقل أن يحفظها كتبها له فعقلها في عنقه. وفي إسناده محمد بن إسحاق، وفيه مقال معروف وأخرج أحمد عن الوليد بن الوليد أنه قال ( يا رسول الله إني أجد وحشة، قال :( إذا أخذت مضجعك فقال : أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، فإنه لا يحضرك ) وبالحري لا يضرك.
ثم علّمه سبحانه ما يقويه على ما أرشده إليه من العفو والصفح ومقابلة السيئة بالحسنة فقال :﴿ وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين ﴾ الهمزات جمع همزة، وهي في اللغة الدفعة باليد أو بغيرها، وهمزات الشياطين نزعاتهم ووساوسهم كما قاله المفسرون، يقال همزه ولمزه ونسخه : أي دفعه ؛ وقيل الهمز كلام من وراء القفا، واللمز المواجهة، وفيه إرشاد لهذه الأمة إلى التعوذ من الشيطان، ومن همزات الشياطين سورات الغضب التي لا يملك الإنسان فيها نفسه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :﴿ قل من بيده ملكوت كل شيء ﴾ قال : خزائن كل شيء. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه ﴿ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ يقول : أعرض عن أذاهم إياك : وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء ﴿ ادفع بالتي هي أحسن ﴾ قال : بالسلام. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن أنس في قوله :﴿ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ قال قول الرجل لأخيه ما ليس فيه، فيقول إن كنت كاذبا فأنا أسأل الله أن يغفر لك، وإن كنت صادقا فأنا أسأل الله أن يغفر لي. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال :( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع :( بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ). قال : فكان عبد الله بن بعمرو ويعلمها من بلغ من ولده أن يقولها عند نومه، ومن كان منهم صغيرا لا يعقل أن يحفظها كتبها له فعقلها في عنقه. وفي إسناده محمد بن إسحاق، وفيه مقال معروف وأخرج أحمد عن الوليد بن الوليد أنه قال ( يا رسول الله إني أجد وحشة، قال :( إذا أخذت مضجعك فقال : أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، فإنه لا يحضرك ) وبالحري لا يضرك.
﴿ وأعوذ بك رب أن يحضرون ﴾ أمره سبحانه أن يتعوذ بالله من حضور الشياطين بعد ما أمره أن يتعوذ من همزاتهم، والمعنى : وأعوذ بك أن يكونوا معي في حال من الأحوال، فإنهم حضروا الإنسان لم يكن لهم عمل إلا الوسوسة والإغراء على الشر والصرف عن الخير. وفي قراءة أبي ( وقل رب عائذا بك من همزات الشياطين. وعائذا بك رب أن يحضرون }.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :﴿ قل من بيده ملكوت كل شيء ﴾ قال : خزائن كل شيء. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه ﴿ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ يقول : أعرض عن أذاهم إياك : وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء ﴿ ادفع بالتي هي أحسن ﴾ قال : بالسلام. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن أنس في قوله :﴿ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ قال قول الرجل لأخيه ما ليس فيه، فيقول إن كنت كاذبا فأنا أسأل الله أن يغفر لك، وإن كنت صادقا فأنا أسأل الله أن يغفر لي. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال :( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع :( بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ). قال : فكان عبد الله بن بعمرو ويعلمها من بلغ من ولده أن يقولها عند نومه، ومن كان منهم صغيرا لا يعقل أن يحفظها كتبها له فعقلها في عنقه. وفي إسناده محمد بن إسحاق، وفيه مقال معروف وأخرج أحمد عن الوليد بن الوليد أنه قال ( يا رسول الله إني أجد وحشة، قال :( إذا أخذت مضجعك فقال : أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، فإنه لا يحضرك ) وبالحري لا يضرك.

[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٩٩ الى ١١٨]

حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٠٠) فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ (١٠١) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٢) وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ (١٠٣)
تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ (١٠٤) أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (١٠٥) قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ (١٠٦) رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ (١٠٧) قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ (١٠٨)
إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (١٠٩) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (١١٠) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ (١١١) قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (١١٢) قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ (١١٣)
قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١٤) أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لَا تُرْجَعُونَ (١١٥) فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (١١٦) وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لَا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ (١١٧) وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (١١٨)
حَتَّى هِيَ الِابْتِدَائِيَّةُ، دَخَلَتْ عَلَى الْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ، وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ غَايَةٌ لِمَا قَبْلَهَا، مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ لَكَاذِبُونَ وَقِيلَ بِيَصِفُونَ، وَالْمُرَادُ بِمَجِيءِ الْمَوْتِ مَجِيءُ عَلَامَاتِهِ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ أي: قال ذلك الواحد الَّذِي حَضَرَهُ الْمَوْتُ تَحَسُّرًا وَتَحَزُّنًا عَلَى مَا فَرَطَ مِنْهُ رَبِّ ارْجِعُونِ، أَيْ: رَدُّونِي إِلَى الدُّنْيَا، وَإِنَّمَا قَالَ ارْجِعُونِ بِضَمِيرِ الْجَمَاعَةِ لِتَعْظِيمِ الْمُخَاطَبِ. وَقِيلَ: هُوَ عَلَى مَعْنَى تَكْرِيرِ الْفِعْلِ، أَيْ: ارْجِعْنِي ارْجِعْنِي ارْجِعْنِي، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ «١» قَالَ الْمَازِنِيُّ: مَعْنَاهُ أَلْقِ أَلْقِ، وَهَكَذَا قِيلَ فِي قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وَمَنْزِلِ «٢»
...................
وَمِنْهُ قَوْلُ الْحَجَّاجُ: يَا حَرَسِي اضْرِبَا عُنُقَهُ.
وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: وَلَوْ شِئْتُ حَرَّمْتُ النِّسَاءَ سِوَاكُمُ وَقَوْلُ الْآخَرِ: أَلَا فَارْحَمُونِي يَا إِلَهِ مُحَمَّدٍ وَقِيلَ: إِنَّهُمْ لَمَّا اسْتَغَاثُوا بِاللَّهِ قَالَ قَائِلُهُمْ: رَبِّ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُخَاطَبَةِ الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ: ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً أَيْ: أَعْمَلُ عَمَلًا صَالِحًا فِي الدُّنْيَا إِذَا رَجَعْتُ إِلَيْهَا مِنَ الْإِيمَانِ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ أَعْمَالِ الْخَيْرِ، وَلَمَّا تَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ لِيَعْمَلَ رَدَّ اللَّهِ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها فَجَاءَ بِكَلِمَةِ الرَّدْعِ وَالزَّجْرِ، وَالضَّمِيرُ فِي «إِنَّهَا» يَرْجِعُ إِلَى قَوْلِهِ: رَبِّ ارْجِعُونِ أَيْ: إِنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ هُوَ قائلها لا محالة، وليس
(١). ق: ٢٤. [.....]
(٢). وعجزه: بسقط اللّوى بين الدّخول فحومل.
589
الْأَمْرُ عَلَى مَا يَظُنُّهُ مِنْ أَنَّهُ يُجَابُ إِلَى الرُّجُوعِ إِلَى الدُّنْيَا، أَوِ الْمَعْنَى: أَنَّهُ أُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ لَمَا حَصَلَ مِنْهُ الْوَفَاءُ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ «١» وَقِيلَ: إِنَّ الضَّمِيرَ فِي «قَائِلِهَا» يَرْجِعُ إِلَى اللَّهِ، أَيْ: لَا خُلْفَ فِي خَبَرِهِ، وَقَدْ أَخْبَرَنَا بِأَنَّهُ لَا يُؤَخِّرُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجْلُهَا وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ أَيْ: مِنْ أَمَامِهِمْ وَبَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَالْبَرْزَخُ: هُوَ الْحَاجِزُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ.
وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى الْآيَةِ، فَقَالَ الضَّحَّاكُ وَمُجَاهِدٌ وَابْنُ زَيْدٍ: حَاجِزٌ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْبَعْثِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ:
هُوَ الْأَجَلُ مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ، وَبَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ سَنَةً. وَقَالَ السُّدِّيُّ: هُوَ الأجل، وإِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ قِيلَ: هَذِهِ هِيَ النَّفْخَةُ الْأُولَى، وَقِيلَ: الثَّانِيَةُ، وَهَذَا أَوْلَى، وَهِيَ النَّفْخَةُ الَّتِي تَقَعُ بَيْنَ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ وَقِيلَ: الْمَعْنَى: فَإِذَا نَفَخَ فِي الْأَجْسَادِ أَرْوَاحَهَا، عَلَى أَنَّ الصُّوَرَ جَمْعُ صُورَةٍ، لَا الْقَرْنُ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ «الصُّوَرِ» بِفَتْحِ الْوَاوِ مَعَ ضَمِّ الصَّادِ جَمْعُ صُورَةٍ. وَقَرَأَ أَبُو رَزِينٍ بِفَتْحِ الصَّادِ وَالْوَاوِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِضَمِّ الصَّادِ وَسُكُونِ الْوَاوِ، وَهُوَ الْقَرْنُ الَّذِي يُنْفَخُ فِيهِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ أَيْ: لَا يتفاخرون بالأنساب ويذكرونها لما هم فِيهِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ أَيْ:
لَا يَتَفَاخَرُونَ بِالْأَنْسَابِ وَيَذْكُرُونَهَا لِمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْحَيْرَةِ وَالدَّهْشَةِ وَلا يَتَساءَلُونَ أَيْ: لَا يَسْأَلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَإِنَّ لَهُمْ إِذْ ذَاكَ شُغْلًا شَاغِلًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ- وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ- وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ «٢»، وقوله: وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً «٣»، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى مِنْ قَوْلِهِ: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ «٤» فَإِنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى اخْتِلَافِ الْمَوَاقِفِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَالْإِثْبَاتُ بِاعْتِبَارِ بَعْضِهَا، وَالنَّفْيُ بِاعْتِبَارِ بَعْضٍ آخَرَ كَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي نَظَائِرِ هَذَا، مِمَّا أُثْبِتَ تَارَةً وَنُفِيَ أُخْرَى فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ أَيْ:
مَوْزُونَاتُهُ مِنْ أَعْمَالِهِ الصَّالِحَةِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ أَيِ: الْفَائِزُونَ بِمَطَالِبِهِمُ الْمَحْبُوبَةِ، النَّاجُونَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي يَخَافُونَهَا وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ وَهِيَ أَعْمَالُهُ الصَّالِحَةُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ أَيْ:
ضيعوها وَتَرَكُوا مَا يَنْفَعُهَا فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ هَذَا بَدَلٌ مِنْ صِلَةِ الْمَوْصُولِ، أَوْ خَبَرٌ ثَانٍ لِاسْمِ الْإِشَارَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ مُسْتَوْفًى فَلَا نُعِيدُهُ. وَجُمْلَةُ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ مُسْتَأْنَفَةٌ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، أَوْ تَكُونُ خَبَرًا آخَرَ لِأُولَئِكَ، وَاللَّفْحُ: الْإِحْرَاقُ، يُقَالُ: لَفَحَتْهُ النَّارُ إِذَا أَحْرَقَتْهُ، وَلَفَحْتُهُ بِالسَّيْفِ إِذَا ضَرَبْتُهُ «٥»، وَخَصَّ الْوُجُوهَ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْأَعْضَاءِ. وَهُمْ فِيها كالِحُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، وَالْكَالِحُ: الَّذِي قَدْ تَشَمَّرَتْ شَفَتَاهُ وَبَدَتْ أَسْنَانُهُ، قَالَهُ الزَّجَّاجُ. وَدَهْرٌ كَالِحٌ: أَيْ شَدِيدٌ. قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: الْكُلُوحُ: تَكْنِيزٌ فِي عُبُوسٍ. وَجُمْلَةُ أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ هِيَ عَلَى إِضْمَارِ الْقَوْلِ، أَيْ: يُقَالُ لَهُمْ ذَلِكَ تَوْبِيخًا وَتَقْرِيعًا، أَيْ: أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الدُّنْيَا فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ وَجُمْلَةُ قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا مُسْتَأْنَفَةٌ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، أَيْ: غَلَبَتْ عَلَيْنَا لَذَّاتُنَا وَشَهَوَاتُنَا، فَسَمَّى ذَلِكَ شِقْوَةً لِأَنَّهُ يُؤَوَّلُ إِلَى الشَّقَاءِ. قَرَأَ أَهْلُ المدينة وأبو عمرو وعاصم شِقْوَتُنا
(١). الأنعام: ٢٨.
(٢). عبس: ٣٤- ٣٦.
(٣). المعارج: ١٠.
(٤). الصافات: ٢٧.
(٥). أي: ضربة خفيفة.
590
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ «شَقَاوَتُنَا» وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ مَرْوِيَّةٌ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَالْحَسَنِ. وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ أَيْ: بِسَبَبِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُمْ ضَلُّوا عَنِ الْحَقِّ بِتِلْكَ الشِّقْوَةِ. ثُمَّ طَلَبُوا مَا لَا يُجَابُونَ إِلَيْهِ، فَقَالُوا: رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ أَيْ: فَإِنْ عُدْنَا إِلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ وَعَدَمِ الْإِيمَانِ فَإِنَّا ظَالِمُونَ لِأَنْفُسِنَا بِالْعَوْدِ إِلَى ذَلِكَ، فَأَجَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بقوله: قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ أَيِ: اسْكُنُوا فِي جَهَنَّمَ. قَالَ الْمُبَرِّدُ:
الْخَسْءُ: إِبْعَادٌ بِمَكْرُوهٍ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: تَبَاعَدُوا تَبَاعُدَ سَخَطٍ وَأُبْعِدُوا بُعْدَ الْكَلْبِ. فَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا: أُبْعِدُوا فِي جَهَنَّمَ، كَمَا يُقَالُ لِلْكَلْبِ اخْسَأْ: أَيْ ابْعُدْ، خَسَأْتُ الْكَلْبَ خَسْأً طَرَدْتُهُ، وَلَا تُكَلِّمُونَ فِي إِخْرَاجِكُمْ مِنَ النَّارِ وَرُجُوعِكُمْ إِلَى الدُّنْيَا، أَوْ فِي رَفْعِ الْعَذَابِ عَنْكُمْ وَقِيلَ الْمَعْنَى: لَا تُكَلِّمُونِ رَأْسًا. ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ، وَقِيلَ: الصَّحَابَةُ، يَقُولُونَ: رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ قَرَأَ الْجُمْهُورُ إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ بِكَسْرِ إِنَّ اسْتِئْنَافًا تَعْلِيلِيًّا، وَقَرَأَ أُبَيٌّ بِفَتْحِهَا فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا قَرَأَ نَافِعٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِضَمِّ السِّينِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِكَسْرِهَا. وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَبُو عَمْرٍو فجعل الكسر من جهة التهزؤ، والضم من جهة السّخرة. قَالَ النَّحَّاسُ: وَلَا يَعْرِفُ هَذَا الْفَرْقَ الْخَلِيلُ وَلَا سِيبَوَيْهِ وَلَا الْكِسَائِيُّ وَلَا الْفَرَّاءُ، وَحَكَى الثَّعْلَبِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ: أَنَّ الْكَسْرَ بِمَعْنَى الِاسْتِهْزَاءِ وَالسُّخْرِيَةِ بِالْقَوْلِ، وَالضَّمَّ بِمَعْنَى التَّسْخِيرِ وَالِاسْتِبْعَادِ بِالْفِعْلِ حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي أَيِ: اتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ، فَإِنَّهُمْ نَسُوا ذِكْرَ اللَّهِ لِشِدَّةِ اشْتِغَالِهِمْ بِالِاسْتِهْزَاءِ وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ فِي الدُّنْيَا، وَالْمَعْنَى:
حَتَّى نَسِيتُمْ ذِكْرِي بِاشْتِغَالِكُمْ بِالسُّخْرِيَةِ وَالضَّحِكِ، فَنَسَبَ ذَلِكَ إِلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ لِكَوْنِهِمُ السَّبَبَ، وَجُمْلَةُ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا مُسْتَأْنَفَةٌ لِتَقْرِيرِ مَا سَبَقَ، وَالْبَاءُ فِي «بِمَا صَبَرُوا» لِلسَّبَبِيَّةِ أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ، أَيْ: لِأَنَّهُمُ الْفَائِزُونَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ الْمَفْعُولُ الثَّانِي لِلْفِعْلِ قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ الْقَائِلُ هُوَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَتَذْكِيرًا لَهُمْ كَمْ لَبِثُوا؟ لَمَّا سَأَلُوا الرُّجُوعَ إِلَى الدُّنْيَا بَعْدَ أَنْ أَخْبَرَهُمْ بِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ كَائِنٍ كَمَا فِي قَوْلِهِ:
اخْسَئُوا فِيهَا، وَالْمُرَادُ بِالْأَرْضِ هِيَ الْأَرْضُ الَّتِي طَلَبُوا الرُّجُوعَ إِلَيْهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ السُّؤَالُ عَنْ جَمِيعِ مَا لَبِثُوهُ فِي الْحَيَاةِ وَفِي الْقُبُورِ، وَقِيلَ: هُوَ سُؤَالٌ عَنْ مُدَّةِ لُبْثِهِمْ فِي الْقُبُورِ لِقَوْلِهِ: «فِي الْأَرْضِ»، وَلَمْ يَقُلْ عَلَى الْأَرْضِ، وَرُدَّ بِمِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ «١» وَانْتِصَابُ عَدَدَ سِنِينَ عَلَى التَّمْيِيزِ، لِمَا فِي كَمْ مِنَ الْإِبْهَامِ، وَسِنِينَ بِفَتْحِ النُّونِ عَلَى أَنَّهَا نُونُ الْجَمْعِ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَخْفِضُهَا وَيُنَوِّنُهَا قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ اسْتَقْصَرُوا مُدَّةَ لُبْثِهِمْ لِمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ الشَّدِيدِ. وَقِيلَ: إِنَّ الْعَذَابَ رُفِعَ عَنْهُمْ بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ، فَنَسُوا مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ فِي قُبُورِهِمْ وَقِيلَ: أَنْسَاهُمُ اللَّهُ مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ مِنَ النَّفْخَةِ الْأُولَى إِلَى النَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ. ثُمَّ لَمَّا عَرَفُوا مَا أَصَابَهُمْ مِنَ النِّسْيَانِ لِشِدَّةِ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْهَوْلِ الْعَظِيمِ أَحَالُوا عَلَى غَيْرِهِمْ فَقَالُوا:
فَسْئَلِ الْعادِّينَ أَيِ: الْمُتَمَكِّنِينَ مِنْ مَعْرِفَةِ الْعَدَدِ، وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ لِأَنَّهُمُ الْحَفَظَةُ الْعَارِفُونَ بِأَعْمَالِ الْعِبَادِ وَأَعْمَارِهِمْ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى: فَاسْأَلِ الْحَاسِبِينَ الْعَارِفِينَ بِالْحِسَابِ مِنَ الناس. وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي
(١). الأعراف ٥٦ و ٨٥.
591
«قُلْ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ» عَلَى الْأَمْرِ، وَالْمَعْنَى: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِلْكَفَّارِ، أَوْ يَكُونُ أَمْرًا لِلْمَلِكِ بِسُؤَالِهِمْ، أَوِ التَّقْدِيرُ: قُولُوا كَمْ لَبِثْتُمْ، فَأَخْرَجَ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الْأَمْرِ لِلْوَاحِدِ، وَالْمُرَادُ الْجَمَاعَةُ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ عَلَى أَنَّ الْقَائِلَ هُوَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَوِ الْمَلَكُ قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ «قُلْ إِنْ لَبِثْتُمْ» كَمَا فِي الْآيَةِ الْأُولَى، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ (قَالَ) عَلَى الْخَبَرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُ الْقِرَاءَتَيْنِ، أَيْ: مَا لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا لُبْثًا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ شَيْئًا مِنَ الْعِلْمِ، وَالْجَوَابُ مَحْذُوفٌ، أَيْ: لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ لَعَلِمْتُمُ الْيَوْمَ قِلَّةَ لُبْثِكُمْ فِي الْأَرْضِ أَوْ فِي الْقُبُورِ أَوْ فِيهِمَا، فَكُلُّ ذَلِكَ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى لُبْثِهِمْ. ثُمَّ زَادَ سُبْحَانَهُ فِي تَوْبِيخِهِمْ فَقَالَ:
أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً الْهَمْزَةُ لِلتَّوْبِيخِ وَالتَّقْرِيرِ، وَالْفَاءُ لِلْعَطْفِ عَلَى مُقَدَّرٍ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي مَوَاضِعَ، أَيْ: أَلَمْ تَعْلَمُوا شَيْئًا فَحَسِبْتُمْ، وَانْتِصَابُ عَبَثًا عَلَى الْحَالِ، أَيْ: عَابِثِينَ، أَوْ عَلَى الْعِلَّةِ، أَيْ: لِلْعَبَثِ. قَالَ بِالْأَوَّلِ سِيبَوَيْهِ وَقُطْرُبُ، وَبِالثَّانِي أَبُو عُبَيْدَةَ. وَقَالَ أَيْضًا: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُنْتَصِبًا عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ، وَجُمْلَةُ وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لَا تُرْجَعُونَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى «أَنَمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا»، وَالْعَبَثُ فِي اللُّغَةِ: اللَّعِبُ، يُقَالُ: عَبَثَ يَعْبَثُ عَبَثًا فَهُوَ عَابِثٌ، أَيْ: لَاعِبٌ، وَأَصْلُهُ مِنْ قولهم عَبَثْتُ الْأَقِطَ: أَيْ خَلَطْتُهُ، وَالْمَعْنَى: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّ خَلْقَنَا لَكُمْ لِلْإِهْمَالِ كَمَا خُلِقَتِ الْبَهَائِمُ وَلَا ثَوَابَ وَلَا عِقَابَ، وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تَرْجِعُونَ بِالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ فَنُجَازِيكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ. قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ «تَرْجِعُونَ» بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ يَجُوزُ عَطْفُ وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ عَلَى عَبَثًا، عَلَى مَعْنَى: أَنَمَا خَلَقْنَاكُمْ لِلْعَبَثِ وَلِعَدَمِ الرُّجُوعِ. ثُمَّ نَزَّهَ سُبْحَانَهُ نَفْسَهُ فَقَالَ: فَتَعالَى اللَّهُ أَيْ: تَنَزَّهَ عَنِ الْأَوْلَادِ وَالشُّرَكَاءِ أَوْ عَنْ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا عَبَثًا، أَوْ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ، وَهُوَ الْمَلِكُ الَّذِي يَحِقُّ لَهُ الْمُلْكُ عَلَى الْإِطْلَاقِ الْحَقُّ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ فَكَيْفَ لَا يَكُونُ إِلَهًا وَرَبًّا، لِمَا هُوَ دُونَ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ، وَوَصْفُ الْعَرْشِ بِالْكَرِيمِ لِنُزُولِ الرَّحْمَةِ وَالْخَيْرِ مِنْهُ، أَوْ بِاعْتِبَارِ مَنِ اسْتَوَى عَلَيْهِ، كَمَا يُقَالُ بَيْتٌ كَرِيمٌ إِذَا كَانَ سَاكِنُوهُ كِرَامًا قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَإِسْمَاعِيلُ وَأَبَانُ بْنُ ثَعْلَبٍ الْكَرِيمُ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ نَعْتٌ لِرَبٍّ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْجَرِّ عَلَى أَنَّهُ نَعْتٌ لِلْعَرْشِ. ثُمَّ زَيَّفَ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ الشِّرْكِ تَوْبِيخًا لَهُمْ وَتَقْرِيعًا فَقَالَ: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ يَعْبُدُهُ مَعَ اللَّهِ أَوْ يَعْبُدُهُ وَحْدَهُ، وَجُمْلَةُ لَا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ صِفَةٌ لِقَوْلِهِ إِلَهًا، وَهِيَ صِفَةٌ لَازِمَةٌ جِيءَ بِهَا لِلتَّأْكِيدِ، كَقَوْلِهِ: يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ «١» وَالْبُرْهَانُ: الْحُجَّةُ الْوَاضِحَةُ وَالدَّلِيلُ الْوَاضِحُ، وَجَوَابُ الشَّرْطِ قَوْلُهُ: فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَجُمْلَةُ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ، كَقَوْلِكَ: مَنْ أَحْسَنَ إِلَى زَيْدٍ لَا أَحَقَّ مِنْهُ بِالْإِحْسَانِ، فَاللَّهُ مُثِيبُهُ، وَقِيلَ: إِنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ قَوْلُهُ:
لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ عَلَى حَذْفِ فَاءِ الْجَزَاءِ، كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
مَنْ يَفْعَلِ الْحَسَنَاتِ اللَّهُ يَشْكُرُهَا إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ قَرَأَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ بِفَتْحِ «أَنَّ» عَلَى التَّعْلِيلِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْكَسْرِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، وَقَرَأَ الْحَسَنُ «لَا يُفْلِحُ» بِفَتْحِ الْيَاءِ وَاللَّامِ مُضَارِعُ فَلَحَ بِمَعْنَى أفلح. ثم ختم هذه السورة بتعليم
(١). الأنعام: ٣٨.
592
رسوله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ أَنْ يَدْعُوَهُ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ فَقَالَ: وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ أَمَرَهُ سُبْحَانَهُ بِالِاسْتِغْفَارِ لِتَقْتَدِيَ بِهِ أُمَّتُهُ، وَقِيلَ: أَمَرَهُ بِالِاسْتِغْفَارِ لِأُمَّتِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ كَوْنِهِ أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَوَجْهُ اتِّصَالِ هَذَا بِمَا قَبِلَهُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا شَرَحَ أَحْوَالَ الْكُفَّارِ أَمَرَ بِالِانْقِطَاعِ إِلَيْهِ وَالِالْتِجَاءِ إِلَى غُفْرَانِهِ وَرَحْمَتِهِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي ذِكْرِ الْمَوْتِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: إِذَا أُدْخِلَ الْكَافِرُ فِي قَبْرِهِ فَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ النار قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ أتوب أعمل صَالِحًا، فَيُقَالُ لَهُ: قَدْ عَمَّرْتَ مَا كُنْتَ مُعَمَّرًا، فَيَضِيقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ، فَهُوَ كَالْمَنْهُوشِ يُنَازِعُ «١» وَيَفْزَعُ، تَهْوِي إِلَيْهِ حَيَّاتُ الْأَرْضِ وَعَقَارِبُهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: زَعَمُوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَائِشَةَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا عَايَنَ الْمَلَائِكَةَ قَالُوا: نُرْجِعُكَ إِلَى الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: إِلَى دَارَ الْهُمُومِ وَالْأَحْزَانِ، بَلْ قَدِّمَا إِلَى اللَّهِ وأما الكافر فَيَقُولُونَ لَهُ: نُرْجِعُكَ، فَيَقُولُ: رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ هو مُرْسَلٌ. وَأَخْرَجَ الدَّيْلَمِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا حَضَرَ الْإِنْسَانَ الْوَفَاةُ يُجْمَعُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ يَمْنَعُهُ عَنِ الْحَقِّ فَيُجْعَلُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ: رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ». وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: أَعْمَلُ صالِحاً قَالَ: أَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: وَيْلٌ لِأَهْلِ الْمَعَاصِي مِنْ أَهْلِ الْقُبُورِ، يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ فِي قُبُورِهِمْ حَيَّاتٌ سُودٌ، حَيَّةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَحَيَّةٌ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، يَقْرُصَانِهِ حَتَّى تَلْتَقِيَا فِي وَسَطِهِ، فَذَلِكَ الْعَذَابُ فِي الْبَرْزَخِ الَّذِي قَالَ اللَّهُ: وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ قال: حين ينفخ فِي الصُّورِ، فَلَا يَبْقَى حَيٌّ إِلَّا اللَّهُ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ وَقَوْلُهُ: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ «٢» فَقَالَ: إِنَّهَا مَوَاقِفُ، فَأَمَّا الْمَوْقِفُ الَّذِي لَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ عِنْدَ الصَّعْقَةِ الْأُولَى لَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ فِيهَا إِذَا صُعِقُوا، فَإِذَا كَانَتِ النَّفْخَةُ الْآخِرَةُ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَتَسَاءَلُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْآيَتَيْنِ فَقَالَ: أَمَّا قَوْلُهُ: وَلا يَتَساءَلُونَ فَهَذَا فِي النَّفْخَةِ الْأُولَى حِينَ لَا يَبْقَى عَلَى الْأَرْضِ شَيْءٌ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ فَإِنَّهُمْ لَمَّا دَخَلُوا الْجَنَّةَ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي الزُّهْدِ، وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ، وَابْنُ عَسَاكِرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جمع الله الأوّلين والآخرين. وَفِي لَفْظٍ: يُؤْخَذُ بِيَدِ الْعَبْدِ أَوِ الْأَمَةِ يوم القيامة على رؤوس الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: أَلَا إِنَّ هَذَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، فَمَنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ قِبَلَهُ فَلْيَأْتِ إِلَى حَقِّهِ. وَفِي لَفْظٍ: مَنْ كَانَ لَهُ مَظْلَمَةٌ فَلْيَجِئْ فَلْيَأْخُذْ حَقَّهُ، فَيَفْرَحُ وَاللَّهِ الْمَرْءُ أَنْ يَكُونَ لَهُ الْحَقُّ عَلَى وَالِدِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا، وَمِصْدَاقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ.
(١). في الدر المنثور «ينام» (٦/ ١١٤).
(٢). الصافات: ٢٧.
593
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِنَّ الْأَنْسَابَ تَنْقَطِعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غَيْرَ نَسَبِي وَسَبَبِي وَصِهْرِي». وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَالْحَاكِمُ، وَالضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا سَبَبِي وَنَسَبِي». وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ: «كُلُّ نَسَبٍ وَصِهْرٍ يَنْقَطِعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا نَسَبِي وَصِهْرِي». وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: «مَا بَالَ رِجَالٍ يَقُولُونَ: إِنَّ رَحِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْفَعُ قَوْمَهُ؟ بَلَى وَاللَّهِ إِنَّ رَحِمِي مَوْصُولَةٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَإِنِّي أَيُّهَا النَّاسُ فَرَطٌ لَكُمْ». وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ قَالَ: تَنْفُخُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالضِّيَاءُ فِي صِفَةِ النَّارِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ قَالَ: «تَلْفَحُهُمْ لَفْحَةً فَتَسِيلُ لُحُومُهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ». وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: لَفَحَتْهُمْ لَفْحَةً فَمَا أَبْقَتْ لَحْمًا عَلَى عَظْمٍ إِلَّا أَلْقَتْهُ عَلَى أَعْقَابِهِمْ.
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي صِفَةِ النَّارِ، وَأَبُو يَعْلَى وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي قَوْلِهِ: وَهُمْ فِيها كالِحُونَ قَالَ:
تَشْوِيهِ النَّارُ فَتُقَلِّصُ شَفَتَهُ الْعُلْيَا حَتَّى تَبْلُغَ وَسَطَ رَأْسِهِ، وَتَسْتَرْخِيَ شَفَتُهُ السُّفْلَى حَتَّى تَضْرِبَ سُرَّتَهُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالْفِرْيَابِيُّ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهَنَّادٌ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: كُلُوحُ الرَّأْسِ النَّضِيجِ بَدَتْ أَسْنَانُهُمْ وَتَقَلَّصَتْ شِفَاهُهُمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كالِحُونَ قَالَ: عَابِسُونَ. وَقَدْ وَرَدَ فِي صِفَةِ أَهْلِ النار وما يقولون وَمَا يُقَالُ لَهُمْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مَعْرُوفَةٌ. وَأَخْرَجَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو يَعْلَى وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ السُّنِّيِّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ قَرَأَ فِي أُذُنِ مُصَابٍ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً
حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ فَبَرِئَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بِمَاذَا قَرَأْتَ فِي أُذُنِهِ؟ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ رَجُلًا مُوقِنًا قَرَأَ بِهَا عَلَى جَبَلٍ لَزَالَ». وَأَخْرَجَ ابْنُ السُّنِّيِّ وَابْنُ مَنْدَهْ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ، قَالَ السُّيُوطِيُّ: بِسَنَدٍ حَسَنٍ، مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ وَأَمَرَنَا أَنْ نَقُولَ إِذَا أَمْسَيْنَا وَأَصْبَحْنَا أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لَا تُرْجَعُونَ، فَقَرَأْنَاهَا فَغَنِمْنَا وَسَلِمْنَا، اه.
594
﴿ لَعَلّي أَعْمَلُ صالحا ﴾ أي : أعمل عملاً صالحاً في الدنيا إذا رجعت إليها من الإيمان وما يتبعه من أعمال الخير، ولما تمنى أن يرجع ليعمل ردّ الله عليه ذلك بقوله :﴿ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ﴾ فجاء بكلمة الردع والزجر، والضمير في :﴿ إنها ﴾ يرجع إلى قوله :﴿ رَبّ ارجعون ﴾ أي إن هذه الكلمة هو قائلها لا محالة، وليس الأمر على ما يظنه من أنه يجاب إلى الرجوع إلى الدنيا، أو المعنى : أنه لو أجيب إلى ذلك لما حصل منه الوفاء، كما في قوله :﴿ وَلَوْ رُدُّوا لعادوا لِمَا [ نُهُوا ] عَنْهُ ﴾ [ الأنعام : ٢٨ ]. وقيل : إن الضمير في :﴿ قائلها ﴾ يرجع إلى الله، أي لا خلف في خبره، وقد أخبرنا بأنه لا يؤخر نفساً إذا جاء أجلها ﴿ وَمِن وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ ﴾ أي من أمامهم وبين أيديهم. والبرزخ هو : الحاجز بين الشيئين. قاله الجوهري.
واختلف في معنى الآية، فقال الضحاك ومجاهد وابن زيد : حاجز بين الموت والبعث. وقال الكلبي : هو الأجل ما بين النفختين، وبينهما أربعون سنة. وقال السديّ : هو الأجل، و﴿ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ هو يوم القيامة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : إذا أدخل الكافر في قبره فيرى مقعده من النار ﴿ قَالَ رَبّ ارجعون ﴾ أتوب أعمل صالحاً، فيقال له : قد عمرت ما كنت معمراً، فيضيق عليه قبره، فهو كالمنهوش ينازع ويفزع تهوي إليه حيات الأرض وعقاربها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : زعموا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لعائشة :( إن المؤمن إذا عاين الملائكة قالوا : نرجعك إلى الدنيا، فيقول : إلى دار الهموم والأحزان، بل قدما إلى الله، وأما الكافر فيقولون له : نرجعك، فيقول : ربّ ارجعون ﴿ لَعَلّي أَعْمَلُ صالحا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ وهو مرسل. وأخرج الديلمي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا حضر الإنسان الوفاة يجمع له كل شيء يمنعه عن الحقّ فيجعل بين عينيه، فعند ذلك يقول :﴿ ربّ ارجعون. لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ﴾ ). وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله :﴿ أَعْمَلَ صالحا ﴾ قال : أقول : لا إله إلا الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة قالت : ويل لأهل المعاصي من أهل القبور، يدخل عليهم في قبورهم حيات سود، حية عند رأسه وحية عند رجليه، يقرصانه حتى تلتقيا في وسطه، فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله :﴿ وَمِن وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال : حين نفخ في الصور، فلا يبقى حيّ إلا الله. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه، أنه سئل عن قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ وقوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٢٧، الطور : ٢٥ ] فقال : إنها مواقف، فأما الموقف الذي لا أنساب بينهم ولا يتساءلون عند الصعقة الأولى، لا أنساب بينهم فيها إذا صعقوا، فإذا كانت النفخة الآخرة فإذا هم قيام يتساءلون. وأخرج ابن جرير، والحاكم وصححه عنه أيضاً، أنه سئل عن الآيتين فقال : أما قوله :﴿ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ فهذا في النفخة الأولى حين لا يبقى على الأرض شيء، وأما قوله :﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٥٠ ] فإنهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون. وأخرج ابن المبارك في الزهد، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأوّلين والآخرين. وفي لفظ : يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة على رؤوس الأوّلين والآخرين، ثم ينادي منادٍ : ألا إن هذا فلان بن فلان، فمن كان له حق قبله فليأت إلى حقه. وفي لفظ : من كان له مظلمة فليجيء فليأخذ حقه، فيفرح والله المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيراً، ومصداق ذلك في كتاب الله :﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾. وأخرج أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي في سننه عن المسْور بن مخرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري ). وأخرج البزار والطبراني وأبو نعيم والحاكم، والضياء في المختارة : عن عمر بن الخطاب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ). وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري ). وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر :( ما بال رجال يقولون : إن رحم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفع قومه، بلى والله إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة، وإني أيها الناس فرط لكم ). وأخرج ابن جرير عن ابن عباس :﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تنفح. وأخرج ابن مردويه، والضياء في صفة النار عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله :( ﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تلفحهم لفحة فتسيل لحومهم على أعقابهم ). وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود في الآية قال : لفحتهم لفحة فما أبقت لحماً على عظم إلا ألقته على أعقابهم. وأخرج أحمد وعبد بن حميد، والترمذي وصححه، وابن أبي الدنيا في صفة النار، وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه في قوله :﴿ وَهُمْ فِيهَا كالحون ﴾ قال : تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه عن ابن مسعود في الآية قال : كلوح الرأس النضيج بدت أسنانهم وتقلصت شفاههم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ كالحون ﴾ قال : عابسون. وقد ورد في صفة أهل النار وما يقولونه وما يقال لهم أحاديث كثيرة معروفة. وأخرج الحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، وابن السني في عمل اليوم والليلة، وابن مردويه، وأبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود ؛ ( أنه قرأ في أذن مصاب :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً ﴾ حتى ختم السورة فبرئ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بماذا قرأت في أذنه ؟» فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( والذي نفسي بيده لو أن رجلاً موقناً قرأ بها على جبل لزال ). وأخرج ابن السني وابن منده، وأبو نعيم في المعرفة، قال السيوطي : بسند حسن، من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا أمسينا وأصبحنا :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ﴾ فقرأناها فغنمنا وسلمنا اهـ.

﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور ﴾ قيل : هذه هي النفخة الأولى. وقيل : الثانية، وهذا أولى، وهي النفخة التي تقع بين البعث والنشور. وقيل : المعنى : فإذا نفخ في الأجساد أرواحها، على أن الصور جمع صورة، لا القرن ويدلّ على هذا قراءة ابن عباس والحسن :«الصور » بفتح الواو مع ضم الصاد جمع صورة. وقرأ أبو رزين بفتح الصاد والواو، وقرأ الباقون بضم الصاد وسكون الواو، وهو القرن الذي ينفخ فيه ﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ ﴾ أي لا يتفاخرون بالأنساب ويذكرونها لما هم فيه من الحيرة والدهشة ﴿ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ أي لا يسأل بعضهم بعضاً، فإن لهم إذ ذاك شغلاً شاغلاً، ومنه قوله تعالى :﴿ يَوْمَ يَفِرُّ المرء مِنْ أَخِيهِ وَأُمّهِ وَأَبِيهِ وصاحبته وَبَنِيهِ ﴾ [ عبس : ٣٤ ٣٦ ]. وقوله :﴿ وَلاَ يَسْألُ حَمِيمٌ حَمِيماً ﴾ [ المعارج : ١٠ ]. ولا ينافي هذا ما في الآية الأخرى من قوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الطور : ٢٥ ]. فإن ذلك محمول على اختلاف المواقف يوم القيامة، فالإثبات باعتبار بعضها، والنفي باعتبار بعض آخر كما قررناه في نظائر هذا، مما أثبت تارة ونفي أخرى.
خ/١١٨
﴿ فَمَن ثَقُلَتْ موازينه ﴾ أي موزوناته من أعماله الصالحة ﴿ فأولئك هُمُ المفلحون ﴾ أي الفائزون بمطالبهم المحبوبة، الناجون من الأمور التي يخافونها.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : إذا أدخل الكافر في قبره فيرى مقعده من النار ﴿ قَالَ رَبّ ارجعون ﴾ أتوب أعمل صالحاً، فيقال له : قد عمرت ما كنت معمراً، فيضيق عليه قبره، فهو كالمنهوش ينازع ويفزع تهوي إليه حيات الأرض وعقاربها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : زعموا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لعائشة :( إن المؤمن إذا عاين الملائكة قالوا : نرجعك إلى الدنيا، فيقول : إلى دار الهموم والأحزان، بل قدما إلى الله، وأما الكافر فيقولون له : نرجعك، فيقول : ربّ ارجعون ﴿ لَعَلّي أَعْمَلُ صالحا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ وهو مرسل. وأخرج الديلمي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا حضر الإنسان الوفاة يجمع له كل شيء يمنعه عن الحقّ فيجعل بين عينيه، فعند ذلك يقول :﴿ ربّ ارجعون. لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ﴾ ). وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله :﴿ أَعْمَلَ صالحا ﴾ قال : أقول : لا إله إلا الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة قالت : ويل لأهل المعاصي من أهل القبور، يدخل عليهم في قبورهم حيات سود، حية عند رأسه وحية عند رجليه، يقرصانه حتى تلتقيا في وسطه، فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله :﴿ وَمِن وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال : حين نفخ في الصور، فلا يبقى حيّ إلا الله. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه، أنه سئل عن قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ وقوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٢٧، الطور : ٢٥ ] فقال : إنها مواقف، فأما الموقف الذي لا أنساب بينهم ولا يتساءلون عند الصعقة الأولى، لا أنساب بينهم فيها إذا صعقوا، فإذا كانت النفخة الآخرة فإذا هم قيام يتساءلون. وأخرج ابن جرير، والحاكم وصححه عنه أيضاً، أنه سئل عن الآيتين فقال : أما قوله :﴿ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ فهذا في النفخة الأولى حين لا يبقى على الأرض شيء، وأما قوله :﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٥٠ ] فإنهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون. وأخرج ابن المبارك في الزهد، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأوّلين والآخرين. وفي لفظ : يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة على رؤوس الأوّلين والآخرين، ثم ينادي منادٍ : ألا إن هذا فلان بن فلان، فمن كان له حق قبله فليأت إلى حقه. وفي لفظ : من كان له مظلمة فليجيء فليأخذ حقه، فيفرح والله المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيراً، ومصداق ذلك في كتاب الله :﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾. وأخرج أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي في سننه عن المسْور بن مخرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري ). وأخرج البزار والطبراني وأبو نعيم والحاكم، والضياء في المختارة : عن عمر بن الخطاب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ). وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري ). وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر :( ما بال رجال يقولون : إن رحم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفع قومه، بلى والله إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة، وإني أيها الناس فرط لكم ). وأخرج ابن جرير عن ابن عباس :﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تنفح. وأخرج ابن مردويه، والضياء في صفة النار عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله :( ﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تلفحهم لفحة فتسيل لحومهم على أعقابهم ). وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود في الآية قال : لفحتهم لفحة فما أبقت لحماً على عظم إلا ألقته على أعقابهم. وأخرج أحمد وعبد بن حميد، والترمذي وصححه، وابن أبي الدنيا في صفة النار، وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه في قوله :﴿ وَهُمْ فِيهَا كالحون ﴾ قال : تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه عن ابن مسعود في الآية قال : كلوح الرأس النضيج بدت أسنانهم وتقلصت شفاههم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ كالحون ﴾ قال : عابسون. وقد ورد في صفة أهل النار وما يقولونه وما يقال لهم أحاديث كثيرة معروفة. وأخرج الحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، وابن السني في عمل اليوم والليلة، وابن مردويه، وأبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود ؛ ( أنه قرأ في أذن مصاب :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً ﴾ حتى ختم السورة فبرئ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بماذا قرأت في أذنه ؟» فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( والذي نفسي بيده لو أن رجلاً موقناً قرأ بها على جبل لزال ). وأخرج ابن السني وابن منده، وأبو نعيم في المعرفة، قال السيوطي : بسند حسن، من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا أمسينا وأصبحنا :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ﴾ فقرأناها فغنمنا وسلمنا اهـ.

﴿ وَمَنْ خَفَّتْ موازينه ﴾ وهي أعماله الصالحة ﴿ فأولئك الذين خَسِرُواْ أَنفُسَهُم ﴾ أي ضيعوها وتركوا ما ينفعها ﴿ فِي جَهَنَّمَ خالدون ﴾ هذا بدل من صلة الموصول، أو خبر ثانٍ لاسم الإشارة، وقد تقدّم الكلام على هذه الآية مستوفى فلا نعيده.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : إذا أدخل الكافر في قبره فيرى مقعده من النار ﴿ قَالَ رَبّ ارجعون ﴾ أتوب أعمل صالحاً، فيقال له : قد عمرت ما كنت معمراً، فيضيق عليه قبره، فهو كالمنهوش ينازع ويفزع تهوي إليه حيات الأرض وعقاربها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : زعموا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لعائشة :( إن المؤمن إذا عاين الملائكة قالوا : نرجعك إلى الدنيا، فيقول : إلى دار الهموم والأحزان، بل قدما إلى الله، وأما الكافر فيقولون له : نرجعك، فيقول : ربّ ارجعون ﴿ لَعَلّي أَعْمَلُ صالحا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ وهو مرسل. وأخرج الديلمي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا حضر الإنسان الوفاة يجمع له كل شيء يمنعه عن الحقّ فيجعل بين عينيه، فعند ذلك يقول :﴿ ربّ ارجعون. لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ﴾ ). وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله :﴿ أَعْمَلَ صالحا ﴾ قال : أقول : لا إله إلا الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة قالت : ويل لأهل المعاصي من أهل القبور، يدخل عليهم في قبورهم حيات سود، حية عند رأسه وحية عند رجليه، يقرصانه حتى تلتقيا في وسطه، فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله :﴿ وَمِن وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال : حين نفخ في الصور، فلا يبقى حيّ إلا الله. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه، أنه سئل عن قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ وقوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٢٧، الطور : ٢٥ ] فقال : إنها مواقف، فأما الموقف الذي لا أنساب بينهم ولا يتساءلون عند الصعقة الأولى، لا أنساب بينهم فيها إذا صعقوا، فإذا كانت النفخة الآخرة فإذا هم قيام يتساءلون. وأخرج ابن جرير، والحاكم وصححه عنه أيضاً، أنه سئل عن الآيتين فقال : أما قوله :﴿ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ فهذا في النفخة الأولى حين لا يبقى على الأرض شيء، وأما قوله :﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٥٠ ] فإنهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون. وأخرج ابن المبارك في الزهد، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأوّلين والآخرين. وفي لفظ : يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة على رؤوس الأوّلين والآخرين، ثم ينادي منادٍ : ألا إن هذا فلان بن فلان، فمن كان له حق قبله فليأت إلى حقه. وفي لفظ : من كان له مظلمة فليجيء فليأخذ حقه، فيفرح والله المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيراً، ومصداق ذلك في كتاب الله :﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾. وأخرج أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي في سننه عن المسْور بن مخرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري ). وأخرج البزار والطبراني وأبو نعيم والحاكم، والضياء في المختارة : عن عمر بن الخطاب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ). وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري ). وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر :( ما بال رجال يقولون : إن رحم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفع قومه، بلى والله إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة، وإني أيها الناس فرط لكم ). وأخرج ابن جرير عن ابن عباس :﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تنفح. وأخرج ابن مردويه، والضياء في صفة النار عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله :( ﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تلفحهم لفحة فتسيل لحومهم على أعقابهم ). وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود في الآية قال : لفحتهم لفحة فما أبقت لحماً على عظم إلا ألقته على أعقابهم. وأخرج أحمد وعبد بن حميد، والترمذي وصححه، وابن أبي الدنيا في صفة النار، وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه في قوله :﴿ وَهُمْ فِيهَا كالحون ﴾ قال : تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه عن ابن مسعود في الآية قال : كلوح الرأس النضيج بدت أسنانهم وتقلصت شفاههم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ كالحون ﴾ قال : عابسون. وقد ورد في صفة أهل النار وما يقولونه وما يقال لهم أحاديث كثيرة معروفة. وأخرج الحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، وابن السني في عمل اليوم والليلة، وابن مردويه، وأبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود ؛ ( أنه قرأ في أذن مصاب :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً ﴾ حتى ختم السورة فبرئ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بماذا قرأت في أذنه ؟» فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( والذي نفسي بيده لو أن رجلاً موقناً قرأ بها على جبل لزال ). وأخرج ابن السني وابن منده، وأبو نعيم في المعرفة، قال السيوطي : بسند حسن، من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا أمسينا وأصبحنا :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ﴾ فقرأناها فغنمنا وسلمنا اهـ.

وجملة :﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ مستأنفة، ويجوز أن تكون في محل نصب على الحال، أو تكون خبراً آخر لأولئك، واللفح : الإحراق، يقال : لفحته النار : إذا أحرقته، ولفحته بالسيف : إذا ضربته، وخصّ الوجوه ؛ لأنها أشرف الأعضاء ﴿ وَهُمْ فِيهَا كالحون ﴾ هذه الجملة في محل نصب على الحال. والكالح : الذي قد تشمرت شفتاه وبدت أسنانه، قاله الزجاج. ودهر كالح، أي شديد. قال أهل اللغة : الكلوح : تكشر في عبوس.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : إذا أدخل الكافر في قبره فيرى مقعده من النار ﴿ قَالَ رَبّ ارجعون ﴾ أتوب أعمل صالحاً، فيقال له : قد عمرت ما كنت معمراً، فيضيق عليه قبره، فهو كالمنهوش ينازع ويفزع تهوي إليه حيات الأرض وعقاربها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : زعموا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لعائشة :( إن المؤمن إذا عاين الملائكة قالوا : نرجعك إلى الدنيا، فيقول : إلى دار الهموم والأحزان، بل قدما إلى الله، وأما الكافر فيقولون له : نرجعك، فيقول : ربّ ارجعون ﴿ لَعَلّي أَعْمَلُ صالحا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ وهو مرسل. وأخرج الديلمي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا حضر الإنسان الوفاة يجمع له كل شيء يمنعه عن الحقّ فيجعل بين عينيه، فعند ذلك يقول :﴿ ربّ ارجعون. لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ﴾ ). وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله :﴿ أَعْمَلَ صالحا ﴾ قال : أقول : لا إله إلا الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة قالت : ويل لأهل المعاصي من أهل القبور، يدخل عليهم في قبورهم حيات سود، حية عند رأسه وحية عند رجليه، يقرصانه حتى تلتقيا في وسطه، فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله :﴿ وَمِن وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال : حين نفخ في الصور، فلا يبقى حيّ إلا الله. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه، أنه سئل عن قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ وقوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٢٧، الطور : ٢٥ ] فقال : إنها مواقف، فأما الموقف الذي لا أنساب بينهم ولا يتساءلون عند الصعقة الأولى، لا أنساب بينهم فيها إذا صعقوا، فإذا كانت النفخة الآخرة فإذا هم قيام يتساءلون. وأخرج ابن جرير، والحاكم وصححه عنه أيضاً، أنه سئل عن الآيتين فقال : أما قوله :﴿ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ فهذا في النفخة الأولى حين لا يبقى على الأرض شيء، وأما قوله :﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٥٠ ] فإنهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون. وأخرج ابن المبارك في الزهد، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأوّلين والآخرين. وفي لفظ : يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة على رؤوس الأوّلين والآخرين، ثم ينادي منادٍ : ألا إن هذا فلان بن فلان، فمن كان له حق قبله فليأت إلى حقه. وفي لفظ : من كان له مظلمة فليجيء فليأخذ حقه، فيفرح والله المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيراً، ومصداق ذلك في كتاب الله :﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾. وأخرج أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي في سننه عن المسْور بن مخرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري ). وأخرج البزار والطبراني وأبو نعيم والحاكم، والضياء في المختارة : عن عمر بن الخطاب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ). وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري ). وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر :( ما بال رجال يقولون : إن رحم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفع قومه، بلى والله إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة، وإني أيها الناس فرط لكم ). وأخرج ابن جرير عن ابن عباس :﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تنفح. وأخرج ابن مردويه، والضياء في صفة النار عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله :( ﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تلفحهم لفحة فتسيل لحومهم على أعقابهم ). وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود في الآية قال : لفحتهم لفحة فما أبقت لحماً على عظم إلا ألقته على أعقابهم. وأخرج أحمد وعبد بن حميد، والترمذي وصححه، وابن أبي الدنيا في صفة النار، وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه في قوله :﴿ وَهُمْ فِيهَا كالحون ﴾ قال : تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه عن ابن مسعود في الآية قال : كلوح الرأس النضيج بدت أسنانهم وتقلصت شفاههم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ كالحون ﴾ قال : عابسون. وقد ورد في صفة أهل النار وما يقولونه وما يقال لهم أحاديث كثيرة معروفة. وأخرج الحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، وابن السني في عمل اليوم والليلة، وابن مردويه، وأبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود ؛ ( أنه قرأ في أذن مصاب :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً ﴾ حتى ختم السورة فبرئ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بماذا قرأت في أذنه ؟» فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( والذي نفسي بيده لو أن رجلاً موقناً قرأ بها على جبل لزال ). وأخرج ابن السني وابن منده، وأبو نعيم في المعرفة، قال السيوطي : بسند حسن، من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا أمسينا وأصبحنا :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ﴾ فقرأناها فغنمنا وسلمنا اهـ.

وجملة ﴿ أَلَمْ تَكُنْ آياتي تتلى عَلَيْكُمْ ﴾ هي على إضمار القول، أي يقال لهم ذلك توبيخاً وتقريعاً أي : ألم تكن آياتي تتلى عليكم في الدنيا ﴿ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذّبُونَ ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : إذا أدخل الكافر في قبره فيرى مقعده من النار ﴿ قَالَ رَبّ ارجعون ﴾ أتوب أعمل صالحاً، فيقال له : قد عمرت ما كنت معمراً، فيضيق عليه قبره، فهو كالمنهوش ينازع ويفزع تهوي إليه حيات الأرض وعقاربها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : زعموا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لعائشة :( إن المؤمن إذا عاين الملائكة قالوا : نرجعك إلى الدنيا، فيقول : إلى دار الهموم والأحزان، بل قدما إلى الله، وأما الكافر فيقولون له : نرجعك، فيقول : ربّ ارجعون ﴿ لَعَلّي أَعْمَلُ صالحا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ وهو مرسل. وأخرج الديلمي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا حضر الإنسان الوفاة يجمع له كل شيء يمنعه عن الحقّ فيجعل بين عينيه، فعند ذلك يقول :﴿ ربّ ارجعون. لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ﴾ ). وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله :﴿ أَعْمَلَ صالحا ﴾ قال : أقول : لا إله إلا الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة قالت : ويل لأهل المعاصي من أهل القبور، يدخل عليهم في قبورهم حيات سود، حية عند رأسه وحية عند رجليه، يقرصانه حتى تلتقيا في وسطه، فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله :﴿ وَمِن وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال : حين نفخ في الصور، فلا يبقى حيّ إلا الله. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه، أنه سئل عن قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ وقوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٢٧، الطور : ٢٥ ] فقال : إنها مواقف، فأما الموقف الذي لا أنساب بينهم ولا يتساءلون عند الصعقة الأولى، لا أنساب بينهم فيها إذا صعقوا، فإذا كانت النفخة الآخرة فإذا هم قيام يتساءلون. وأخرج ابن جرير، والحاكم وصححه عنه أيضاً، أنه سئل عن الآيتين فقال : أما قوله :﴿ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ فهذا في النفخة الأولى حين لا يبقى على الأرض شيء، وأما قوله :﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٥٠ ] فإنهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون. وأخرج ابن المبارك في الزهد، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأوّلين والآخرين. وفي لفظ : يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة على رؤوس الأوّلين والآخرين، ثم ينادي منادٍ : ألا إن هذا فلان بن فلان، فمن كان له حق قبله فليأت إلى حقه. وفي لفظ : من كان له مظلمة فليجيء فليأخذ حقه، فيفرح والله المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيراً، ومصداق ذلك في كتاب الله :﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾. وأخرج أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي في سننه عن المسْور بن مخرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري ). وأخرج البزار والطبراني وأبو نعيم والحاكم، والضياء في المختارة : عن عمر بن الخطاب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ). وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري ). وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر :( ما بال رجال يقولون : إن رحم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفع قومه، بلى والله إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة، وإني أيها الناس فرط لكم ). وأخرج ابن جرير عن ابن عباس :﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تنفح. وأخرج ابن مردويه، والضياء في صفة النار عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله :( ﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تلفحهم لفحة فتسيل لحومهم على أعقابهم ). وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود في الآية قال : لفحتهم لفحة فما أبقت لحماً على عظم إلا ألقته على أعقابهم. وأخرج أحمد وعبد بن حميد، والترمذي وصححه، وابن أبي الدنيا في صفة النار، وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه في قوله :﴿ وَهُمْ فِيهَا كالحون ﴾ قال : تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه عن ابن مسعود في الآية قال : كلوح الرأس النضيج بدت أسنانهم وتقلصت شفاههم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ كالحون ﴾ قال : عابسون. وقد ورد في صفة أهل النار وما يقولونه وما يقال لهم أحاديث كثيرة معروفة. وأخرج الحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، وابن السني في عمل اليوم والليلة، وابن مردويه، وأبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود ؛ ( أنه قرأ في أذن مصاب :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً ﴾ حتى ختم السورة فبرئ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بماذا قرأت في أذنه ؟» فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( والذي نفسي بيده لو أن رجلاً موقناً قرأ بها على جبل لزال ). وأخرج ابن السني وابن منده، وأبو نعيم في المعرفة، قال السيوطي : بسند حسن، من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا أمسينا وأصبحنا :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ﴾ فقرأناها فغنمنا وسلمنا اهـ.

وجملة :﴿ قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا ﴾ مستأنفة جواب سؤال مقدّر، أي غلبت علينا لذّاتنا وشهواتنا، فسمي ذلك شقوة ؛ لأنه يؤول إلى الشقاء. قرأ أهل المدينة، وأبو عمرو وعاصم :﴿ شقوتنا ﴾ وقرأ الباقون :«شقاوتنا » وهذه القراءة مروية عن ابن مسعود والحسن ﴿ وَكُنَّا قَوْماً ضَالّينَ ﴾ أي بسب ذلك فإنهم ضلوا عن الحق بتلك الشقوة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : إذا أدخل الكافر في قبره فيرى مقعده من النار ﴿ قَالَ رَبّ ارجعون ﴾ أتوب أعمل صالحاً، فيقال له : قد عمرت ما كنت معمراً، فيضيق عليه قبره، فهو كالمنهوش ينازع ويفزع تهوي إليه حيات الأرض وعقاربها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : زعموا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لعائشة :( إن المؤمن إذا عاين الملائكة قالوا : نرجعك إلى الدنيا، فيقول : إلى دار الهموم والأحزان، بل قدما إلى الله، وأما الكافر فيقولون له : نرجعك، فيقول : ربّ ارجعون ﴿ لَعَلّي أَعْمَلُ صالحا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ وهو مرسل. وأخرج الديلمي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا حضر الإنسان الوفاة يجمع له كل شيء يمنعه عن الحقّ فيجعل بين عينيه، فعند ذلك يقول :﴿ ربّ ارجعون. لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ﴾ ). وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله :﴿ أَعْمَلَ صالحا ﴾ قال : أقول : لا إله إلا الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة قالت : ويل لأهل المعاصي من أهل القبور، يدخل عليهم في قبورهم حيات سود، حية عند رأسه وحية عند رجليه، يقرصانه حتى تلتقيا في وسطه، فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله :﴿ وَمِن وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال : حين نفخ في الصور، فلا يبقى حيّ إلا الله. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه، أنه سئل عن قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ وقوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٢٧، الطور : ٢٥ ] فقال : إنها مواقف، فأما الموقف الذي لا أنساب بينهم ولا يتساءلون عند الصعقة الأولى، لا أنساب بينهم فيها إذا صعقوا، فإذا كانت النفخة الآخرة فإذا هم قيام يتساءلون. وأخرج ابن جرير، والحاكم وصححه عنه أيضاً، أنه سئل عن الآيتين فقال : أما قوله :﴿ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ فهذا في النفخة الأولى حين لا يبقى على الأرض شيء، وأما قوله :﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٥٠ ] فإنهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون. وأخرج ابن المبارك في الزهد، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأوّلين والآخرين. وفي لفظ : يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة على رؤوس الأوّلين والآخرين، ثم ينادي منادٍ : ألا إن هذا فلان بن فلان، فمن كان له حق قبله فليأت إلى حقه. وفي لفظ : من كان له مظلمة فليجيء فليأخذ حقه، فيفرح والله المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيراً، ومصداق ذلك في كتاب الله :﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾. وأخرج أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي في سننه عن المسْور بن مخرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري ). وأخرج البزار والطبراني وأبو نعيم والحاكم، والضياء في المختارة : عن عمر بن الخطاب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ). وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري ). وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر :( ما بال رجال يقولون : إن رحم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفع قومه، بلى والله إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة، وإني أيها الناس فرط لكم ). وأخرج ابن جرير عن ابن عباس :﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تنفح. وأخرج ابن مردويه، والضياء في صفة النار عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله :( ﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تلفحهم لفحة فتسيل لحومهم على أعقابهم ). وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود في الآية قال : لفحتهم لفحة فما أبقت لحماً على عظم إلا ألقته على أعقابهم. وأخرج أحمد وعبد بن حميد، والترمذي وصححه، وابن أبي الدنيا في صفة النار، وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه في قوله :﴿ وَهُمْ فِيهَا كالحون ﴾ قال : تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه عن ابن مسعود في الآية قال : كلوح الرأس النضيج بدت أسنانهم وتقلصت شفاههم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ كالحون ﴾ قال : عابسون. وقد ورد في صفة أهل النار وما يقولونه وما يقال لهم أحاديث كثيرة معروفة. وأخرج الحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، وابن السني في عمل اليوم والليلة، وابن مردويه، وأبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود ؛ ( أنه قرأ في أذن مصاب :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً ﴾ حتى ختم السورة فبرئ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بماذا قرأت في أذنه ؟» فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( والذي نفسي بيده لو أن رجلاً موقناً قرأ بها على جبل لزال ). وأخرج ابن السني وابن منده، وأبو نعيم في المعرفة، قال السيوطي : بسند حسن، من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا أمسينا وأصبحنا :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ﴾ فقرأناها فغنمنا وسلمنا اهـ.

ثم طلبوا ما لا يجابون إليه فقالوا :﴿ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظالمون ﴾ أي فإن عدنا إلى ما كنا عليه من الكفر وعدم الإيمان فإنا ظالمون لأنفسنا بالعود إلى ذلك.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : إذا أدخل الكافر في قبره فيرى مقعده من النار ﴿ قَالَ رَبّ ارجعون ﴾ أتوب أعمل صالحاً، فيقال له : قد عمرت ما كنت معمراً، فيضيق عليه قبره، فهو كالمنهوش ينازع ويفزع تهوي إليه حيات الأرض وعقاربها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : زعموا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لعائشة :( إن المؤمن إذا عاين الملائكة قالوا : نرجعك إلى الدنيا، فيقول : إلى دار الهموم والأحزان، بل قدما إلى الله، وأما الكافر فيقولون له : نرجعك، فيقول : ربّ ارجعون ﴿ لَعَلّي أَعْمَلُ صالحا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ وهو مرسل. وأخرج الديلمي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا حضر الإنسان الوفاة يجمع له كل شيء يمنعه عن الحقّ فيجعل بين عينيه، فعند ذلك يقول :﴿ ربّ ارجعون. لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ﴾ ). وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله :﴿ أَعْمَلَ صالحا ﴾ قال : أقول : لا إله إلا الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة قالت : ويل لأهل المعاصي من أهل القبور، يدخل عليهم في قبورهم حيات سود، حية عند رأسه وحية عند رجليه، يقرصانه حتى تلتقيا في وسطه، فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله :﴿ وَمِن وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال : حين نفخ في الصور، فلا يبقى حيّ إلا الله. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه، أنه سئل عن قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ وقوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٢٧، الطور : ٢٥ ] فقال : إنها مواقف، فأما الموقف الذي لا أنساب بينهم ولا يتساءلون عند الصعقة الأولى، لا أنساب بينهم فيها إذا صعقوا، فإذا كانت النفخة الآخرة فإذا هم قيام يتساءلون. وأخرج ابن جرير، والحاكم وصححه عنه أيضاً، أنه سئل عن الآيتين فقال : أما قوله :﴿ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ فهذا في النفخة الأولى حين لا يبقى على الأرض شيء، وأما قوله :﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٥٠ ] فإنهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون. وأخرج ابن المبارك في الزهد، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأوّلين والآخرين. وفي لفظ : يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة على رؤوس الأوّلين والآخرين، ثم ينادي منادٍ : ألا إن هذا فلان بن فلان، فمن كان له حق قبله فليأت إلى حقه. وفي لفظ : من كان له مظلمة فليجيء فليأخذ حقه، فيفرح والله المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيراً، ومصداق ذلك في كتاب الله :﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾. وأخرج أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي في سننه عن المسْور بن مخرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري ). وأخرج البزار والطبراني وأبو نعيم والحاكم، والضياء في المختارة : عن عمر بن الخطاب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ). وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري ). وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر :( ما بال رجال يقولون : إن رحم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفع قومه، بلى والله إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة، وإني أيها الناس فرط لكم ). وأخرج ابن جرير عن ابن عباس :﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تنفح. وأخرج ابن مردويه، والضياء في صفة النار عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله :( ﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تلفحهم لفحة فتسيل لحومهم على أعقابهم ). وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود في الآية قال : لفحتهم لفحة فما أبقت لحماً على عظم إلا ألقته على أعقابهم. وأخرج أحمد وعبد بن حميد، والترمذي وصححه، وابن أبي الدنيا في صفة النار، وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه في قوله :﴿ وَهُمْ فِيهَا كالحون ﴾ قال : تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه عن ابن مسعود في الآية قال : كلوح الرأس النضيج بدت أسنانهم وتقلصت شفاههم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ كالحون ﴾ قال : عابسون. وقد ورد في صفة أهل النار وما يقولونه وما يقال لهم أحاديث كثيرة معروفة. وأخرج الحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، وابن السني في عمل اليوم والليلة، وابن مردويه، وأبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود ؛ ( أنه قرأ في أذن مصاب :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً ﴾ حتى ختم السورة فبرئ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بماذا قرأت في أذنه ؟» فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( والذي نفسي بيده لو أن رجلاً موقناً قرأ بها على جبل لزال ). وأخرج ابن السني وابن منده، وأبو نعيم في المعرفة، قال السيوطي : بسند حسن، من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا أمسينا وأصبحنا :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ﴾ فقرأناها فغنمنا وسلمنا اهـ.

فأجاب الله عليهم بقوله :﴿ قَالَ اخسئوا فِيهَا وَلاَ تُكَلّمُونِ ﴾ أي اسكنوا في جهنم. قال المبرد : الخسء : إبعاد بمكروه، وقال الزجاج : تباعدوا تباعد سخط وأبعدوا بعد الكلب. فالمعنى على هذا : أبعدوا في جهنم. كما يقال للكلب : اخسأ، أي ابعد، خسأت الكلب خسأً : طردته، ﴿ ولا تكلمون ﴾ في إخراجكم من النار ورجوعكم إلى الدنيا، أو في رفع العذاب عنكم، وقيل : المعنى : لا تكلمون رأساً.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : إذا أدخل الكافر في قبره فيرى مقعده من النار ﴿ قَالَ رَبّ ارجعون ﴾ أتوب أعمل صالحاً، فيقال له : قد عمرت ما كنت معمراً، فيضيق عليه قبره، فهو كالمنهوش ينازع ويفزع تهوي إليه حيات الأرض وعقاربها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : زعموا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لعائشة :( إن المؤمن إذا عاين الملائكة قالوا : نرجعك إلى الدنيا، فيقول : إلى دار الهموم والأحزان، بل قدما إلى الله، وأما الكافر فيقولون له : نرجعك، فيقول : ربّ ارجعون ﴿ لَعَلّي أَعْمَلُ صالحا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ وهو مرسل. وأخرج الديلمي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا حضر الإنسان الوفاة يجمع له كل شيء يمنعه عن الحقّ فيجعل بين عينيه، فعند ذلك يقول :﴿ ربّ ارجعون. لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ﴾ ). وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله :﴿ أَعْمَلَ صالحا ﴾ قال : أقول : لا إله إلا الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة قالت : ويل لأهل المعاصي من أهل القبور، يدخل عليهم في قبورهم حيات سود، حية عند رأسه وحية عند رجليه، يقرصانه حتى تلتقيا في وسطه، فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله :﴿ وَمِن وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال : حين نفخ في الصور، فلا يبقى حيّ إلا الله. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه، أنه سئل عن قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ وقوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٢٧، الطور : ٢٥ ] فقال : إنها مواقف، فأما الموقف الذي لا أنساب بينهم ولا يتساءلون عند الصعقة الأولى، لا أنساب بينهم فيها إذا صعقوا، فإذا كانت النفخة الآخرة فإذا هم قيام يتساءلون. وأخرج ابن جرير، والحاكم وصححه عنه أيضاً، أنه سئل عن الآيتين فقال : أما قوله :﴿ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ فهذا في النفخة الأولى حين لا يبقى على الأرض شيء، وأما قوله :﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٥٠ ] فإنهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون. وأخرج ابن المبارك في الزهد، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأوّلين والآخرين. وفي لفظ : يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة على رؤوس الأوّلين والآخرين، ثم ينادي منادٍ : ألا إن هذا فلان بن فلان، فمن كان له حق قبله فليأت إلى حقه. وفي لفظ : من كان له مظلمة فليجيء فليأخذ حقه، فيفرح والله المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيراً، ومصداق ذلك في كتاب الله :﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾. وأخرج أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي في سننه عن المسْور بن مخرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري ). وأخرج البزار والطبراني وأبو نعيم والحاكم، والضياء في المختارة : عن عمر بن الخطاب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ). وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري ). وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر :( ما بال رجال يقولون : إن رحم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفع قومه، بلى والله إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة، وإني أيها الناس فرط لكم ). وأخرج ابن جرير عن ابن عباس :﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تنفح. وأخرج ابن مردويه، والضياء في صفة النار عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله :( ﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تلفحهم لفحة فتسيل لحومهم على أعقابهم ). وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود في الآية قال : لفحتهم لفحة فما أبقت لحماً على عظم إلا ألقته على أعقابهم. وأخرج أحمد وعبد بن حميد، والترمذي وصححه، وابن أبي الدنيا في صفة النار، وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه في قوله :﴿ وَهُمْ فِيهَا كالحون ﴾ قال : تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه عن ابن مسعود في الآية قال : كلوح الرأس النضيج بدت أسنانهم وتقلصت شفاههم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ كالحون ﴾ قال : عابسون. وقد ورد في صفة أهل النار وما يقولونه وما يقال لهم أحاديث كثيرة معروفة. وأخرج الحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، وابن السني في عمل اليوم والليلة، وابن مردويه، وأبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود ؛ ( أنه قرأ في أذن مصاب :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً ﴾ حتى ختم السورة فبرئ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بماذا قرأت في أذنه ؟» فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( والذي نفسي بيده لو أن رجلاً موقناً قرأ بها على جبل لزال ). وأخرج ابن السني وابن منده، وأبو نعيم في المعرفة، قال السيوطي : بسند حسن، من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا أمسينا وأصبحنا :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ﴾ فقرأناها فغنمنا وسلمنا اهـ.

ثم علل ذلك بقوله :﴿ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ ﴾ وهم المؤمنون. وقيل : الصحابة، يقولون :﴿ رَبَّنَا آمَنَّا فاغفر لَنَا وارحمنا وَأَنتَ خَيْرُ الرحمين ﴾ قرأ الجمهور :﴿ إنه كان فريق ﴾ بكسر إن استئنافاً تعليلياً. وقرأ أبيّ بفتحها.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : إذا أدخل الكافر في قبره فيرى مقعده من النار ﴿ قَالَ رَبّ ارجعون ﴾ أتوب أعمل صالحاً، فيقال له : قد عمرت ما كنت معمراً، فيضيق عليه قبره، فهو كالمنهوش ينازع ويفزع تهوي إليه حيات الأرض وعقاربها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : زعموا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لعائشة :( إن المؤمن إذا عاين الملائكة قالوا : نرجعك إلى الدنيا، فيقول : إلى دار الهموم والأحزان، بل قدما إلى الله، وأما الكافر فيقولون له : نرجعك، فيقول : ربّ ارجعون ﴿ لَعَلّي أَعْمَلُ صالحا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ وهو مرسل. وأخرج الديلمي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا حضر الإنسان الوفاة يجمع له كل شيء يمنعه عن الحقّ فيجعل بين عينيه، فعند ذلك يقول :﴿ ربّ ارجعون. لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ﴾ ). وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله :﴿ أَعْمَلَ صالحا ﴾ قال : أقول : لا إله إلا الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة قالت : ويل لأهل المعاصي من أهل القبور، يدخل عليهم في قبورهم حيات سود، حية عند رأسه وحية عند رجليه، يقرصانه حتى تلتقيا في وسطه، فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله :﴿ وَمِن وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال : حين نفخ في الصور، فلا يبقى حيّ إلا الله. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه، أنه سئل عن قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ وقوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٢٧، الطور : ٢٥ ] فقال : إنها مواقف، فأما الموقف الذي لا أنساب بينهم ولا يتساءلون عند الصعقة الأولى، لا أنساب بينهم فيها إذا صعقوا، فإذا كانت النفخة الآخرة فإذا هم قيام يتساءلون. وأخرج ابن جرير، والحاكم وصححه عنه أيضاً، أنه سئل عن الآيتين فقال : أما قوله :﴿ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ فهذا في النفخة الأولى حين لا يبقى على الأرض شيء، وأما قوله :﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٥٠ ] فإنهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون. وأخرج ابن المبارك في الزهد، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأوّلين والآخرين. وفي لفظ : يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة على رؤوس الأوّلين والآخرين، ثم ينادي منادٍ : ألا إن هذا فلان بن فلان، فمن كان له حق قبله فليأت إلى حقه. وفي لفظ : من كان له مظلمة فليجيء فليأخذ حقه، فيفرح والله المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيراً، ومصداق ذلك في كتاب الله :﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾. وأخرج أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي في سننه عن المسْور بن مخرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري ). وأخرج البزار والطبراني وأبو نعيم والحاكم، والضياء في المختارة : عن عمر بن الخطاب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ). وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري ). وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر :( ما بال رجال يقولون : إن رحم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفع قومه، بلى والله إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة، وإني أيها الناس فرط لكم ). وأخرج ابن جرير عن ابن عباس :﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تنفح. وأخرج ابن مردويه، والضياء في صفة النار عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله :( ﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تلفحهم لفحة فتسيل لحومهم على أعقابهم ). وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود في الآية قال : لفحتهم لفحة فما أبقت لحماً على عظم إلا ألقته على أعقابهم. وأخرج أحمد وعبد بن حميد، والترمذي وصححه، وابن أبي الدنيا في صفة النار، وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه في قوله :﴿ وَهُمْ فِيهَا كالحون ﴾ قال : تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه عن ابن مسعود في الآية قال : كلوح الرأس النضيج بدت أسنانهم وتقلصت شفاههم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ كالحون ﴾ قال : عابسون. وقد ورد في صفة أهل النار وما يقولونه وما يقال لهم أحاديث كثيرة معروفة. وأخرج الحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، وابن السني في عمل اليوم والليلة، وابن مردويه، وأبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود ؛ ( أنه قرأ في أذن مصاب :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً ﴾ حتى ختم السورة فبرئ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بماذا قرأت في أذنه ؟» فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( والذي نفسي بيده لو أن رجلاً موقناً قرأ بها على جبل لزال ). وأخرج ابن السني وابن منده، وأبو نعيم في المعرفة، قال السيوطي : بسند حسن، من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا أمسينا وأصبحنا :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ﴾ فقرأناها فغنمنا وسلمنا اهـ.

﴿ فاتخذتموهم سِخْرِيّاً ﴾ قرأ نافع وحمزة والكسائي بضمّ السين، وقرأ الباقون بكسرها. وفرّق بينهما أبو عمرو فجعل الكسر من جهة الهزو، والضم من جهة السُّخْرة. قال النحاس : ولا يعرف هذا الفرق الخليل، ولا سيبويه ولا الكسائي ولا الفرّاء، وحكى الثعلبي عن الكسائي : أن الكسر بمعنى الاستهزاء والسخرية بالقول، والضم بمعنى : التسخير والاستعباد بالفعل ﴿ حتى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي ﴾ أي اتخذتموهم سخرياً إلى هذه الغاية فإنهم نسوا ذكر الله لشدّة اشتغالهم بالاستهزاء ﴿ وَكُنْتُمْ منْهُمْ تَضْحَكُونَ ﴾ في الدنيا، والمعنى : حتى نسيتم ذكري باشتغالكم بالسخرية والضحك، فنسب ذلك إلى عباده المؤمنين لكونهم السبب.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : إذا أدخل الكافر في قبره فيرى مقعده من النار ﴿ قَالَ رَبّ ارجعون ﴾ أتوب أعمل صالحاً، فيقال له : قد عمرت ما كنت معمراً، فيضيق عليه قبره، فهو كالمنهوش ينازع ويفزع تهوي إليه حيات الأرض وعقاربها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : زعموا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لعائشة :( إن المؤمن إذا عاين الملائكة قالوا : نرجعك إلى الدنيا، فيقول : إلى دار الهموم والأحزان، بل قدما إلى الله، وأما الكافر فيقولون له : نرجعك، فيقول : ربّ ارجعون ﴿ لَعَلّي أَعْمَلُ صالحا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ وهو مرسل. وأخرج الديلمي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا حضر الإنسان الوفاة يجمع له كل شيء يمنعه عن الحقّ فيجعل بين عينيه، فعند ذلك يقول :﴿ ربّ ارجعون. لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ﴾ ). وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله :﴿ أَعْمَلَ صالحا ﴾ قال : أقول : لا إله إلا الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة قالت : ويل لأهل المعاصي من أهل القبور، يدخل عليهم في قبورهم حيات سود، حية عند رأسه وحية عند رجليه، يقرصانه حتى تلتقيا في وسطه، فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله :﴿ وَمِن وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال : حين نفخ في الصور، فلا يبقى حيّ إلا الله. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه، أنه سئل عن قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ وقوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٢٧، الطور : ٢٥ ] فقال : إنها مواقف، فأما الموقف الذي لا أنساب بينهم ولا يتساءلون عند الصعقة الأولى، لا أنساب بينهم فيها إذا صعقوا، فإذا كانت النفخة الآخرة فإذا هم قيام يتساءلون. وأخرج ابن جرير، والحاكم وصححه عنه أيضاً، أنه سئل عن الآيتين فقال : أما قوله :﴿ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ فهذا في النفخة الأولى حين لا يبقى على الأرض شيء، وأما قوله :﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٥٠ ] فإنهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون. وأخرج ابن المبارك في الزهد، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأوّلين والآخرين. وفي لفظ : يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة على رؤوس الأوّلين والآخرين، ثم ينادي منادٍ : ألا إن هذا فلان بن فلان، فمن كان له حق قبله فليأت إلى حقه. وفي لفظ : من كان له مظلمة فليجيء فليأخذ حقه، فيفرح والله المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيراً، ومصداق ذلك في كتاب الله :﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾. وأخرج أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي في سننه عن المسْور بن مخرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري ). وأخرج البزار والطبراني وأبو نعيم والحاكم، والضياء في المختارة : عن عمر بن الخطاب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ). وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري ). وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر :( ما بال رجال يقولون : إن رحم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفع قومه، بلى والله إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة، وإني أيها الناس فرط لكم ). وأخرج ابن جرير عن ابن عباس :﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تنفح. وأخرج ابن مردويه، والضياء في صفة النار عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله :( ﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تلفحهم لفحة فتسيل لحومهم على أعقابهم ). وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود في الآية قال : لفحتهم لفحة فما أبقت لحماً على عظم إلا ألقته على أعقابهم. وأخرج أحمد وعبد بن حميد، والترمذي وصححه، وابن أبي الدنيا في صفة النار، وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه في قوله :﴿ وَهُمْ فِيهَا كالحون ﴾ قال : تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه عن ابن مسعود في الآية قال : كلوح الرأس النضيج بدت أسنانهم وتقلصت شفاههم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ كالحون ﴾ قال : عابسون. وقد ورد في صفة أهل النار وما يقولونه وما يقال لهم أحاديث كثيرة معروفة. وأخرج الحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، وابن السني في عمل اليوم والليلة، وابن مردويه، وأبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود ؛ ( أنه قرأ في أذن مصاب :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً ﴾ حتى ختم السورة فبرئ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بماذا قرأت في أذنه ؟» فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( والذي نفسي بيده لو أن رجلاً موقناً قرأ بها على جبل لزال ). وأخرج ابن السني وابن منده، وأبو نعيم في المعرفة، قال السيوطي : بسند حسن، من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا أمسينا وأصبحنا :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ﴾ فقرأناها فغنمنا وسلمنا اهـ.

وجملة :﴿ إِنِي جَزَيْتُهُمُ اليوم بِمَا صَبَرُواْ ﴾ مستأنفة لتقرير ما سبق، والباء في :﴿ بما صبروا ﴾ للسببية ﴿ أَنَّهُمْ هُمُ الفائزون ﴾ قرأ حمزة والكسائي بكسر الهمزة على الاستئناف، وقرأ الباقون بالفتح، أي لأنهم الفائزون، ويجوز أن يكون منصوباً على أنه المفعول الثاني للفعل.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : إذا أدخل الكافر في قبره فيرى مقعده من النار ﴿ قَالَ رَبّ ارجعون ﴾ أتوب أعمل صالحاً، فيقال له : قد عمرت ما كنت معمراً، فيضيق عليه قبره، فهو كالمنهوش ينازع ويفزع تهوي إليه حيات الأرض وعقاربها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : زعموا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لعائشة :( إن المؤمن إذا عاين الملائكة قالوا : نرجعك إلى الدنيا، فيقول : إلى دار الهموم والأحزان، بل قدما إلى الله، وأما الكافر فيقولون له : نرجعك، فيقول : ربّ ارجعون ﴿ لَعَلّي أَعْمَلُ صالحا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ وهو مرسل. وأخرج الديلمي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا حضر الإنسان الوفاة يجمع له كل شيء يمنعه عن الحقّ فيجعل بين عينيه، فعند ذلك يقول :﴿ ربّ ارجعون. لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ﴾ ). وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله :﴿ أَعْمَلَ صالحا ﴾ قال : أقول : لا إله إلا الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة قالت : ويل لأهل المعاصي من أهل القبور، يدخل عليهم في قبورهم حيات سود، حية عند رأسه وحية عند رجليه، يقرصانه حتى تلتقيا في وسطه، فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله :﴿ وَمِن وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال : حين نفخ في الصور، فلا يبقى حيّ إلا الله. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه، أنه سئل عن قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ وقوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٢٧، الطور : ٢٥ ] فقال : إنها مواقف، فأما الموقف الذي لا أنساب بينهم ولا يتساءلون عند الصعقة الأولى، لا أنساب بينهم فيها إذا صعقوا، فإذا كانت النفخة الآخرة فإذا هم قيام يتساءلون. وأخرج ابن جرير، والحاكم وصححه عنه أيضاً، أنه سئل عن الآيتين فقال : أما قوله :﴿ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ فهذا في النفخة الأولى حين لا يبقى على الأرض شيء، وأما قوله :﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٥٠ ] فإنهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون. وأخرج ابن المبارك في الزهد، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأوّلين والآخرين. وفي لفظ : يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة على رؤوس الأوّلين والآخرين، ثم ينادي منادٍ : ألا إن هذا فلان بن فلان، فمن كان له حق قبله فليأت إلى حقه. وفي لفظ : من كان له مظلمة فليجيء فليأخذ حقه، فيفرح والله المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيراً، ومصداق ذلك في كتاب الله :﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾. وأخرج أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي في سننه عن المسْور بن مخرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري ). وأخرج البزار والطبراني وأبو نعيم والحاكم، والضياء في المختارة : عن عمر بن الخطاب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ). وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري ). وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر :( ما بال رجال يقولون : إن رحم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفع قومه، بلى والله إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة، وإني أيها الناس فرط لكم ). وأخرج ابن جرير عن ابن عباس :﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تنفح. وأخرج ابن مردويه، والضياء في صفة النار عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله :( ﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تلفحهم لفحة فتسيل لحومهم على أعقابهم ). وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود في الآية قال : لفحتهم لفحة فما أبقت لحماً على عظم إلا ألقته على أعقابهم. وأخرج أحمد وعبد بن حميد، والترمذي وصححه، وابن أبي الدنيا في صفة النار، وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه في قوله :﴿ وَهُمْ فِيهَا كالحون ﴾ قال : تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه عن ابن مسعود في الآية قال : كلوح الرأس النضيج بدت أسنانهم وتقلصت شفاههم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ كالحون ﴾ قال : عابسون. وقد ورد في صفة أهل النار وما يقولونه وما يقال لهم أحاديث كثيرة معروفة. وأخرج الحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، وابن السني في عمل اليوم والليلة، وابن مردويه، وأبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود ؛ ( أنه قرأ في أذن مصاب :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً ﴾ حتى ختم السورة فبرئ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بماذا قرأت في أذنه ؟» فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( والذي نفسي بيده لو أن رجلاً موقناً قرأ بها على جبل لزال ). وأخرج ابن السني وابن منده، وأبو نعيم في المعرفة، قال السيوطي : بسند حسن، من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا أمسينا وأصبحنا :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ﴾ فقرأناها فغنمنا وسلمنا اهـ.

﴿ قال كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأرض عَدَدَ سِنِينَ ﴾ القائل هو الله عزّ وجلّ وتذكيراً لهم كم لبثوا، لما سألوا الرجوع إلى الدنيا بعد أن أخبرهم بأن ذلك غير كائن، كما في قوله :﴿ اخسئوا فيها ﴾، والمراد بالأرض : هي الأرض التي طلبوا الرجوع إليها، ويحتمل أن يكون السؤال عن جميع ما لبثوه في الحياة وفي القبور. وقيل : هو سؤال عن مدة لبثهم في القبور لقوله :﴿ في الأرض ﴾ ولم يقل : على الأرض، وردّ بمثل قوله تعالى :﴿ وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأرض ﴾ [ الأعراف : ٥٦ ]. وانتصاب ﴿ عدد سنين ﴾ على التمييز، لما في «كم » من الإبهام ﴿ وسنين ﴾ بفتح النون على أنها نون الجمع، ومن العرب من يخفضها وينوّنها.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : إذا أدخل الكافر في قبره فيرى مقعده من النار ﴿ قَالَ رَبّ ارجعون ﴾ أتوب أعمل صالحاً، فيقال له : قد عمرت ما كنت معمراً، فيضيق عليه قبره، فهو كالمنهوش ينازع ويفزع تهوي إليه حيات الأرض وعقاربها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : زعموا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لعائشة :( إن المؤمن إذا عاين الملائكة قالوا : نرجعك إلى الدنيا، فيقول : إلى دار الهموم والأحزان، بل قدما إلى الله، وأما الكافر فيقولون له : نرجعك، فيقول : ربّ ارجعون ﴿ لَعَلّي أَعْمَلُ صالحا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ وهو مرسل. وأخرج الديلمي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا حضر الإنسان الوفاة يجمع له كل شيء يمنعه عن الحقّ فيجعل بين عينيه، فعند ذلك يقول :﴿ ربّ ارجعون. لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ﴾ ). وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله :﴿ أَعْمَلَ صالحا ﴾ قال : أقول : لا إله إلا الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة قالت : ويل لأهل المعاصي من أهل القبور، يدخل عليهم في قبورهم حيات سود، حية عند رأسه وحية عند رجليه، يقرصانه حتى تلتقيا في وسطه، فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله :﴿ وَمِن وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال : حين نفخ في الصور، فلا يبقى حيّ إلا الله. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه، أنه سئل عن قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ وقوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٢٧، الطور : ٢٥ ] فقال : إنها مواقف، فأما الموقف الذي لا أنساب بينهم ولا يتساءلون عند الصعقة الأولى، لا أنساب بينهم فيها إذا صعقوا، فإذا كانت النفخة الآخرة فإذا هم قيام يتساءلون. وأخرج ابن جرير، والحاكم وصححه عنه أيضاً، أنه سئل عن الآيتين فقال : أما قوله :﴿ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ فهذا في النفخة الأولى حين لا يبقى على الأرض شيء، وأما قوله :﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٥٠ ] فإنهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون. وأخرج ابن المبارك في الزهد، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأوّلين والآخرين. وفي لفظ : يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة على رؤوس الأوّلين والآخرين، ثم ينادي منادٍ : ألا إن هذا فلان بن فلان، فمن كان له حق قبله فليأت إلى حقه. وفي لفظ : من كان له مظلمة فليجيء فليأخذ حقه، فيفرح والله المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيراً، ومصداق ذلك في كتاب الله :﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾. وأخرج أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي في سننه عن المسْور بن مخرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري ). وأخرج البزار والطبراني وأبو نعيم والحاكم، والضياء في المختارة : عن عمر بن الخطاب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ). وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري ). وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر :( ما بال رجال يقولون : إن رحم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفع قومه، بلى والله إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة، وإني أيها الناس فرط لكم ). وأخرج ابن جرير عن ابن عباس :﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تنفح. وأخرج ابن مردويه، والضياء في صفة النار عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله :( ﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تلفحهم لفحة فتسيل لحومهم على أعقابهم ). وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود في الآية قال : لفحتهم لفحة فما أبقت لحماً على عظم إلا ألقته على أعقابهم. وأخرج أحمد وعبد بن حميد، والترمذي وصححه، وابن أبي الدنيا في صفة النار، وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه في قوله :﴿ وَهُمْ فِيهَا كالحون ﴾ قال : تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه عن ابن مسعود في الآية قال : كلوح الرأس النضيج بدت أسنانهم وتقلصت شفاههم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ كالحون ﴾ قال : عابسون. وقد ورد في صفة أهل النار وما يقولونه وما يقال لهم أحاديث كثيرة معروفة. وأخرج الحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، وابن السني في عمل اليوم والليلة، وابن مردويه، وأبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود ؛ ( أنه قرأ في أذن مصاب :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً ﴾ حتى ختم السورة فبرئ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بماذا قرأت في أذنه ؟» فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( والذي نفسي بيده لو أن رجلاً موقناً قرأ بها على جبل لزال ). وأخرج ابن السني وابن منده، وأبو نعيم في المعرفة، قال السيوطي : بسند حسن، من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا أمسينا وأصبحنا :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ﴾ فقرأناها فغنمنا وسلمنا اهـ.

﴿ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ﴾ استقصروا مدّة لبثهم لما هم فيه من العذاب الشديد. وقيل : إن العذاب رفع عنهم بين النفختين، فنسوا ما كانوا فيه من العذاب في قبورهم. وقيل : أنساهم الله ما كانوا فيه من العذاب من النفخة الأولى إلى النفخة الثانية. ثم لما عرفوا ما أصابهم من النسيان لشدّة ما هم فيه من الهول العظيم أحالوا على غيرهم فقالوا :﴿ فَاسْأَلِ العادين ﴾ أي : المتمكنين من معرفة العدد، وهم الملائكة ؛ لأنهم الحفظة العارفون بأعمال العباد وأعمارهم. وقيل : المعنى : فاسأل الحاسبين العارفين بالحساب من الناس. وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي :﴿ قل كم لبثتم في الأرض ﴾ على الأمر، والمعنى : قل يا محمد للكفار، أو يكون أمراً للملك بسؤالهم، أو التقدير : قولوا كم لبثتم، فأخرج الكلام مخرج الأمر للواحد، والمراد : الجماعة. وقرأ الباقون :﴿ قال كم لبثتم ﴾ على أن القائل هو الله عزّ وجلّ أو الملك.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : إذا أدخل الكافر في قبره فيرى مقعده من النار ﴿ قَالَ رَبّ ارجعون ﴾ أتوب أعمل صالحاً، فيقال له : قد عمرت ما كنت معمراً، فيضيق عليه قبره، فهو كالمنهوش ينازع ويفزع تهوي إليه حيات الأرض وعقاربها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : زعموا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لعائشة :( إن المؤمن إذا عاين الملائكة قالوا : نرجعك إلى الدنيا، فيقول : إلى دار الهموم والأحزان، بل قدما إلى الله، وأما الكافر فيقولون له : نرجعك، فيقول : ربّ ارجعون ﴿ لَعَلّي أَعْمَلُ صالحا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ وهو مرسل. وأخرج الديلمي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا حضر الإنسان الوفاة يجمع له كل شيء يمنعه عن الحقّ فيجعل بين عينيه، فعند ذلك يقول :﴿ ربّ ارجعون. لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ﴾ ). وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله :﴿ أَعْمَلَ صالحا ﴾ قال : أقول : لا إله إلا الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة قالت : ويل لأهل المعاصي من أهل القبور، يدخل عليهم في قبورهم حيات سود، حية عند رأسه وحية عند رجليه، يقرصانه حتى تلتقيا في وسطه، فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله :﴿ وَمِن وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال : حين نفخ في الصور، فلا يبقى حيّ إلا الله. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه، أنه سئل عن قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ وقوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٢٧، الطور : ٢٥ ] فقال : إنها مواقف، فأما الموقف الذي لا أنساب بينهم ولا يتساءلون عند الصعقة الأولى، لا أنساب بينهم فيها إذا صعقوا، فإذا كانت النفخة الآخرة فإذا هم قيام يتساءلون. وأخرج ابن جرير، والحاكم وصححه عنه أيضاً، أنه سئل عن الآيتين فقال : أما قوله :﴿ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ فهذا في النفخة الأولى حين لا يبقى على الأرض شيء، وأما قوله :﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٥٠ ] فإنهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون. وأخرج ابن المبارك في الزهد، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأوّلين والآخرين. وفي لفظ : يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة على رؤوس الأوّلين والآخرين، ثم ينادي منادٍ : ألا إن هذا فلان بن فلان، فمن كان له حق قبله فليأت إلى حقه. وفي لفظ : من كان له مظلمة فليجيء فليأخذ حقه، فيفرح والله المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيراً، ومصداق ذلك في كتاب الله :﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾. وأخرج أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي في سننه عن المسْور بن مخرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري ). وأخرج البزار والطبراني وأبو نعيم والحاكم، والضياء في المختارة : عن عمر بن الخطاب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ). وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري ). وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر :( ما بال رجال يقولون : إن رحم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفع قومه، بلى والله إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة، وإني أيها الناس فرط لكم ). وأخرج ابن جرير عن ابن عباس :﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تنفح. وأخرج ابن مردويه، والضياء في صفة النار عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله :( ﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تلفحهم لفحة فتسيل لحومهم على أعقابهم ). وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود في الآية قال : لفحتهم لفحة فما أبقت لحماً على عظم إلا ألقته على أعقابهم. وأخرج أحمد وعبد بن حميد، والترمذي وصححه، وابن أبي الدنيا في صفة النار، وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه في قوله :﴿ وَهُمْ فِيهَا كالحون ﴾ قال : تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه عن ابن مسعود في الآية قال : كلوح الرأس النضيج بدت أسنانهم وتقلصت شفاههم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ كالحون ﴾ قال : عابسون. وقد ورد في صفة أهل النار وما يقولونه وما يقال لهم أحاديث كثيرة معروفة. وأخرج الحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، وابن السني في عمل اليوم والليلة، وابن مردويه، وأبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود ؛ ( أنه قرأ في أذن مصاب :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً ﴾ حتى ختم السورة فبرئ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بماذا قرأت في أذنه ؟» فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( والذي نفسي بيده لو أن رجلاً موقناً قرأ بها على جبل لزال ). وأخرج ابن السني وابن منده، وأبو نعيم في المعرفة، قال السيوطي : بسند حسن، من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا أمسينا وأصبحنا :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ﴾ فقرأناها فغنمنا وسلمنا اهـ.

﴿ قَالَ إِن لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ قرأ حمزة والكسائي :«قل إن لبثتم » كما في الآية الأولى، وقرأ الباقون :«قال » على الخبر، وقد تقدّم توجيه القراءتين، أي ما لبثتم في الأرض إلا لبثاً قليلاً ﴿ لَوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ شيئاً من العلم، والجواب محذوف، أي لو كنتم تعلمون لعلمتم اليوم قلة لبثكم في الأرض أو في القبور أو فيهما، فكل ذلك قليل بالنسبة إلى لبثهم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : إذا أدخل الكافر في قبره فيرى مقعده من النار ﴿ قَالَ رَبّ ارجعون ﴾ أتوب أعمل صالحاً، فيقال له : قد عمرت ما كنت معمراً، فيضيق عليه قبره، فهو كالمنهوش ينازع ويفزع تهوي إليه حيات الأرض وعقاربها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : زعموا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لعائشة :( إن المؤمن إذا عاين الملائكة قالوا : نرجعك إلى الدنيا، فيقول : إلى دار الهموم والأحزان، بل قدما إلى الله، وأما الكافر فيقولون له : نرجعك، فيقول : ربّ ارجعون ﴿ لَعَلّي أَعْمَلُ صالحا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ وهو مرسل. وأخرج الديلمي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا حضر الإنسان الوفاة يجمع له كل شيء يمنعه عن الحقّ فيجعل بين عينيه، فعند ذلك يقول :﴿ ربّ ارجعون. لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ﴾ ). وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله :﴿ أَعْمَلَ صالحا ﴾ قال : أقول : لا إله إلا الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة قالت : ويل لأهل المعاصي من أهل القبور، يدخل عليهم في قبورهم حيات سود، حية عند رأسه وحية عند رجليه، يقرصانه حتى تلتقيا في وسطه، فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله :﴿ وَمِن وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال : حين نفخ في الصور، فلا يبقى حيّ إلا الله. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه، أنه سئل عن قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ وقوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٢٧، الطور : ٢٥ ] فقال : إنها مواقف، فأما الموقف الذي لا أنساب بينهم ولا يتساءلون عند الصعقة الأولى، لا أنساب بينهم فيها إذا صعقوا، فإذا كانت النفخة الآخرة فإذا هم قيام يتساءلون. وأخرج ابن جرير، والحاكم وصححه عنه أيضاً، أنه سئل عن الآيتين فقال : أما قوله :﴿ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ فهذا في النفخة الأولى حين لا يبقى على الأرض شيء، وأما قوله :﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٥٠ ] فإنهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون. وأخرج ابن المبارك في الزهد، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأوّلين والآخرين. وفي لفظ : يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة على رؤوس الأوّلين والآخرين، ثم ينادي منادٍ : ألا إن هذا فلان بن فلان، فمن كان له حق قبله فليأت إلى حقه. وفي لفظ : من كان له مظلمة فليجيء فليأخذ حقه، فيفرح والله المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيراً، ومصداق ذلك في كتاب الله :﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾. وأخرج أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي في سننه عن المسْور بن مخرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري ). وأخرج البزار والطبراني وأبو نعيم والحاكم، والضياء في المختارة : عن عمر بن الخطاب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ). وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري ). وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر :( ما بال رجال يقولون : إن رحم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفع قومه، بلى والله إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة، وإني أيها الناس فرط لكم ). وأخرج ابن جرير عن ابن عباس :﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تنفح. وأخرج ابن مردويه، والضياء في صفة النار عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله :( ﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تلفحهم لفحة فتسيل لحومهم على أعقابهم ). وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود في الآية قال : لفحتهم لفحة فما أبقت لحماً على عظم إلا ألقته على أعقابهم. وأخرج أحمد وعبد بن حميد، والترمذي وصححه، وابن أبي الدنيا في صفة النار، وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه في قوله :﴿ وَهُمْ فِيهَا كالحون ﴾ قال : تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه عن ابن مسعود في الآية قال : كلوح الرأس النضيج بدت أسنانهم وتقلصت شفاههم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ كالحون ﴾ قال : عابسون. وقد ورد في صفة أهل النار وما يقولونه وما يقال لهم أحاديث كثيرة معروفة. وأخرج الحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، وابن السني في عمل اليوم والليلة، وابن مردويه، وأبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود ؛ ( أنه قرأ في أذن مصاب :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً ﴾ حتى ختم السورة فبرئ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بماذا قرأت في أذنه ؟» فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( والذي نفسي بيده لو أن رجلاً موقناً قرأ بها على جبل لزال ). وأخرج ابن السني وابن منده، وأبو نعيم في المعرفة، قال السيوطي : بسند حسن، من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا أمسينا وأصبحنا :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ﴾ فقرأناها فغنمنا وسلمنا اهـ.

ثم زاد سبحانه في توبيخهم فقال :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً ﴾ الهمزة للتوبيخ والتقرير، والفاء للعطف على مقدّر كما تقدّم بيانه في مواضع، أي ألم تعلموا شيئاً فحسبتم، وانتصاب ﴿ عبثاً ﴾ على الحال، أي عابثين، أو على العلة، أي للعبث. قال بالأوّل سيبويه وقطرب، وبالثاني أبو عبيدة، وقال أيضاً : يجوز أن يكون منتصباً على المصدرية، وجملة :﴿ وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ﴾ معطوفة على ﴿ أنما خلقناكم عبثاً ﴾ والعبث في اللغة : اللعب، يقال : عبث يعبث عبثاً فهو عابث، أي لاعب، وأصله من قولهم : عبثت الأقط، أي خلطته، والمعنى : أفحسبتم أن [ خلقناكم ] للإهمال كما خلقت البهائم ولا ثواب ولا عقاب، وأنكم إلينا لا ترجعون بالبعث والنشور فنجازيكم بأعمالكم، قرأ حمزة والكسائي :«ترجعون » بفتح الفوقية وكسر الجيم مبنياً للفاعل، وقرأ الباقون على البناء للمفعول. وقيل : إنه يجوز عطف ﴿ وأنكم إلينا لا ترجعون ﴾ على ﴿ عبثاً ﴾ على معنى : أنما خلقناكم للعبث ولعدم الرجوع.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : إذا أدخل الكافر في قبره فيرى مقعده من النار ﴿ قَالَ رَبّ ارجعون ﴾ أتوب أعمل صالحاً، فيقال له : قد عمرت ما كنت معمراً، فيضيق عليه قبره، فهو كالمنهوش ينازع ويفزع تهوي إليه حيات الأرض وعقاربها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : زعموا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لعائشة :( إن المؤمن إذا عاين الملائكة قالوا : نرجعك إلى الدنيا، فيقول : إلى دار الهموم والأحزان، بل قدما إلى الله، وأما الكافر فيقولون له : نرجعك، فيقول : ربّ ارجعون ﴿ لَعَلّي أَعْمَلُ صالحا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ وهو مرسل. وأخرج الديلمي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا حضر الإنسان الوفاة يجمع له كل شيء يمنعه عن الحقّ فيجعل بين عينيه، فعند ذلك يقول :﴿ ربّ ارجعون. لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ﴾ ). وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله :﴿ أَعْمَلَ صالحا ﴾ قال : أقول : لا إله إلا الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة قالت : ويل لأهل المعاصي من أهل القبور، يدخل عليهم في قبورهم حيات سود، حية عند رأسه وحية عند رجليه، يقرصانه حتى تلتقيا في وسطه، فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله :﴿ وَمِن وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال : حين نفخ في الصور، فلا يبقى حيّ إلا الله. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه، أنه سئل عن قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ وقوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٢٧، الطور : ٢٥ ] فقال : إنها مواقف، فأما الموقف الذي لا أنساب بينهم ولا يتساءلون عند الصعقة الأولى، لا أنساب بينهم فيها إذا صعقوا، فإذا كانت النفخة الآخرة فإذا هم قيام يتساءلون. وأخرج ابن جرير، والحاكم وصححه عنه أيضاً، أنه سئل عن الآيتين فقال : أما قوله :﴿ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ فهذا في النفخة الأولى حين لا يبقى على الأرض شيء، وأما قوله :﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٥٠ ] فإنهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون. وأخرج ابن المبارك في الزهد، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأوّلين والآخرين. وفي لفظ : يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة على رؤوس الأوّلين والآخرين، ثم ينادي منادٍ : ألا إن هذا فلان بن فلان، فمن كان له حق قبله فليأت إلى حقه. وفي لفظ : من كان له مظلمة فليجيء فليأخذ حقه، فيفرح والله المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيراً، ومصداق ذلك في كتاب الله :﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾. وأخرج أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي في سننه عن المسْور بن مخرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري ). وأخرج البزار والطبراني وأبو نعيم والحاكم، والضياء في المختارة : عن عمر بن الخطاب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ). وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري ). وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر :( ما بال رجال يقولون : إن رحم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفع قومه، بلى والله إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة، وإني أيها الناس فرط لكم ). وأخرج ابن جرير عن ابن عباس :﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تنفح. وأخرج ابن مردويه، والضياء في صفة النار عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله :( ﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تلفحهم لفحة فتسيل لحومهم على أعقابهم ). وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود في الآية قال : لفحتهم لفحة فما أبقت لحماً على عظم إلا ألقته على أعقابهم. وأخرج أحمد وعبد بن حميد، والترمذي وصححه، وابن أبي الدنيا في صفة النار، وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه في قوله :﴿ وَهُمْ فِيهَا كالحون ﴾ قال : تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه عن ابن مسعود في الآية قال : كلوح الرأس النضيج بدت أسنانهم وتقلصت شفاههم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ كالحون ﴾ قال : عابسون. وقد ورد في صفة أهل النار وما يقولونه وما يقال لهم أحاديث كثيرة معروفة. وأخرج الحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، وابن السني في عمل اليوم والليلة، وابن مردويه، وأبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود ؛ ( أنه قرأ في أذن مصاب :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً ﴾ حتى ختم السورة فبرئ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بماذا قرأت في أذنه ؟» فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( والذي نفسي بيده لو أن رجلاً موقناً قرأ بها على جبل لزال ). وأخرج ابن السني وابن منده، وأبو نعيم في المعرفة، قال السيوطي : بسند حسن، من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا أمسينا وأصبحنا :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ﴾ فقرأناها فغنمنا وسلمنا اهـ.

ثم نزّه سبحانه نفسه فقال :﴿ فتعالى الله ﴾ أي : تنزّه عن الأولاد والشركاء أو عن أن يخلق شيئاً عبثاً، أو عن جميع ذلك، وهو ﴿ الملك ﴾ الذي يحق له الملك على الإطلاق ﴿ الحق ﴾ في جميع أفعاله وأقواله ﴿ لاَ إله إِلاَّ هُوَ رَبُّ العرش الكريم ﴾ فكيف لا يكون إلها ورباً، لما هو دون العرش الكريم من المخلوقات ؟ ووصف العرش بالكريم لنزول الرحمة والخير منه، أو باعتبار من استوى عليه، كما يقال : بيت كريم : إذا كان ساكنوه كراماً. قرأ أبو جعفر وابن محيصن وإسماعيل وأبان بن ثعلب :«الكريم » بالرفع على أنه نعت لربّ، وقرأ الباقون بالجرّ على أنه نعت للعرش.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : إذا أدخل الكافر في قبره فيرى مقعده من النار ﴿ قَالَ رَبّ ارجعون ﴾ أتوب أعمل صالحاً، فيقال له : قد عمرت ما كنت معمراً، فيضيق عليه قبره، فهو كالمنهوش ينازع ويفزع تهوي إليه حيات الأرض وعقاربها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : زعموا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لعائشة :( إن المؤمن إذا عاين الملائكة قالوا : نرجعك إلى الدنيا، فيقول : إلى دار الهموم والأحزان، بل قدما إلى الله، وأما الكافر فيقولون له : نرجعك، فيقول : ربّ ارجعون ﴿ لَعَلّي أَعْمَلُ صالحا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ وهو مرسل. وأخرج الديلمي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا حضر الإنسان الوفاة يجمع له كل شيء يمنعه عن الحقّ فيجعل بين عينيه، فعند ذلك يقول :﴿ ربّ ارجعون. لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ﴾ ). وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله :﴿ أَعْمَلَ صالحا ﴾ قال : أقول : لا إله إلا الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة قالت : ويل لأهل المعاصي من أهل القبور، يدخل عليهم في قبورهم حيات سود، حية عند رأسه وحية عند رجليه، يقرصانه حتى تلتقيا في وسطه، فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله :﴿ وَمِن وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال : حين نفخ في الصور، فلا يبقى حيّ إلا الله. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه، أنه سئل عن قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ وقوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٢٧، الطور : ٢٥ ] فقال : إنها مواقف، فأما الموقف الذي لا أنساب بينهم ولا يتساءلون عند الصعقة الأولى، لا أنساب بينهم فيها إذا صعقوا، فإذا كانت النفخة الآخرة فإذا هم قيام يتساءلون. وأخرج ابن جرير، والحاكم وصححه عنه أيضاً، أنه سئل عن الآيتين فقال : أما قوله :﴿ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ فهذا في النفخة الأولى حين لا يبقى على الأرض شيء، وأما قوله :﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٥٠ ] فإنهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون. وأخرج ابن المبارك في الزهد، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأوّلين والآخرين. وفي لفظ : يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة على رؤوس الأوّلين والآخرين، ثم ينادي منادٍ : ألا إن هذا فلان بن فلان، فمن كان له حق قبله فليأت إلى حقه. وفي لفظ : من كان له مظلمة فليجيء فليأخذ حقه، فيفرح والله المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيراً، ومصداق ذلك في كتاب الله :﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾. وأخرج أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي في سننه عن المسْور بن مخرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري ). وأخرج البزار والطبراني وأبو نعيم والحاكم، والضياء في المختارة : عن عمر بن الخطاب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ). وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري ). وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر :( ما بال رجال يقولون : إن رحم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفع قومه، بلى والله إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة، وإني أيها الناس فرط لكم ). وأخرج ابن جرير عن ابن عباس :﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تنفح. وأخرج ابن مردويه، والضياء في صفة النار عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله :( ﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تلفحهم لفحة فتسيل لحومهم على أعقابهم ). وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود في الآية قال : لفحتهم لفحة فما أبقت لحماً على عظم إلا ألقته على أعقابهم. وأخرج أحمد وعبد بن حميد، والترمذي وصححه، وابن أبي الدنيا في صفة النار، وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه في قوله :﴿ وَهُمْ فِيهَا كالحون ﴾ قال : تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه عن ابن مسعود في الآية قال : كلوح الرأس النضيج بدت أسنانهم وتقلصت شفاههم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ كالحون ﴾ قال : عابسون. وقد ورد في صفة أهل النار وما يقولونه وما يقال لهم أحاديث كثيرة معروفة. وأخرج الحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، وابن السني في عمل اليوم والليلة، وابن مردويه، وأبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود ؛ ( أنه قرأ في أذن مصاب :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً ﴾ حتى ختم السورة فبرئ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بماذا قرأت في أذنه ؟» فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( والذي نفسي بيده لو أن رجلاً موقناً قرأ بها على جبل لزال ). وأخرج ابن السني وابن منده، وأبو نعيم في المعرفة، قال السيوطي : بسند حسن، من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا أمسينا وأصبحنا :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ﴾ فقرأناها فغنمنا وسلمنا اهـ.

ثم زيف ما عليه أهل الشرك توبيخاً لهم وتقريعاً فقال :﴿ وَمَن يَدْعُ مَعَ الله إِلَهَا آخَرَ ﴾ يعبده مع الله أو يعبده وحده، وجملة ﴿ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ ﴾ في محل نصب صفة لقوله : إلها، وهي صفة لازمة جيء بها للتأكيد، كقوله :﴿ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ ﴾ [ الأنعام : ٣٨ ]. والبرهان : الحجة الواضحة والدليل الواضح، وجواب الشرط قوله :﴿ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبّهِ ﴾. وجملة :﴿ لا برهان له به ﴾ معترضة بين الشرط والجزاء، كقولك : من أحسن إلى زيد لا أحقّ منه بالإحسان، فالله مثيبه. وقيل : إن جواب الشرط قوله :﴿ لا برهان له به ﴾ على حذف فاء الجزاء كقول الشاعر :
من يفعل الحسنات الله يشكرها ***. . .
﴿ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الكافرون ﴾ قرأ الحسن وقتادة بفتح «أن » على التعليل، وقرأ الباقون بالكسر على الاستئناف، وقرأ الحسن :«لا يفلح » بفتح الياء واللام مضارع فلح بمعنى أفلح.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : إذا أدخل الكافر في قبره فيرى مقعده من النار ﴿ قَالَ رَبّ ارجعون ﴾ أتوب أعمل صالحاً، فيقال له : قد عمرت ما كنت معمراً، فيضيق عليه قبره، فهو كالمنهوش ينازع ويفزع تهوي إليه حيات الأرض وعقاربها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : زعموا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لعائشة :( إن المؤمن إذا عاين الملائكة قالوا : نرجعك إلى الدنيا، فيقول : إلى دار الهموم والأحزان، بل قدما إلى الله، وأما الكافر فيقولون له : نرجعك، فيقول : ربّ ارجعون ﴿ لَعَلّي أَعْمَلُ صالحا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ وهو مرسل. وأخرج الديلمي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا حضر الإنسان الوفاة يجمع له كل شيء يمنعه عن الحقّ فيجعل بين عينيه، فعند ذلك يقول :﴿ ربّ ارجعون. لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ﴾ ). وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله :﴿ أَعْمَلَ صالحا ﴾ قال : أقول : لا إله إلا الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة قالت : ويل لأهل المعاصي من أهل القبور، يدخل عليهم في قبورهم حيات سود، حية عند رأسه وحية عند رجليه، يقرصانه حتى تلتقيا في وسطه، فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله :﴿ وَمِن وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال : حين نفخ في الصور، فلا يبقى حيّ إلا الله. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه، أنه سئل عن قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ وقوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٢٧، الطور : ٢٥ ] فقال : إنها مواقف، فأما الموقف الذي لا أنساب بينهم ولا يتساءلون عند الصعقة الأولى، لا أنساب بينهم فيها إذا صعقوا، فإذا كانت النفخة الآخرة فإذا هم قيام يتساءلون. وأخرج ابن جرير، والحاكم وصححه عنه أيضاً، أنه سئل عن الآيتين فقال : أما قوله :﴿ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ فهذا في النفخة الأولى حين لا يبقى على الأرض شيء، وأما قوله :﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٥٠ ] فإنهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون. وأخرج ابن المبارك في الزهد، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأوّلين والآخرين. وفي لفظ : يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة على رؤوس الأوّلين والآخرين، ثم ينادي منادٍ : ألا إن هذا فلان بن فلان، فمن كان له حق قبله فليأت إلى حقه. وفي لفظ : من كان له مظلمة فليجيء فليأخذ حقه، فيفرح والله المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيراً، ومصداق ذلك في كتاب الله :﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾. وأخرج أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي في سننه عن المسْور بن مخرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري ). وأخرج البزار والطبراني وأبو نعيم والحاكم، والضياء في المختارة : عن عمر بن الخطاب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ). وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري ). وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر :( ما بال رجال يقولون : إن رحم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفع قومه، بلى والله إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة، وإني أيها الناس فرط لكم ). وأخرج ابن جرير عن ابن عباس :﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تنفح. وأخرج ابن مردويه، والضياء في صفة النار عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله :( ﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تلفحهم لفحة فتسيل لحومهم على أعقابهم ). وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود في الآية قال : لفحتهم لفحة فما أبقت لحماً على عظم إلا ألقته على أعقابهم. وأخرج أحمد وعبد بن حميد، والترمذي وصححه، وابن أبي الدنيا في صفة النار، وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه في قوله :﴿ وَهُمْ فِيهَا كالحون ﴾ قال : تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه عن ابن مسعود في الآية قال : كلوح الرأس النضيج بدت أسنانهم وتقلصت شفاههم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ كالحون ﴾ قال : عابسون. وقد ورد في صفة أهل النار وما يقولونه وما يقال لهم أحاديث كثيرة معروفة. وأخرج الحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، وابن السني في عمل اليوم والليلة، وابن مردويه، وأبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود ؛ ( أنه قرأ في أذن مصاب :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً ﴾ حتى ختم السورة فبرئ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بماذا قرأت في أذنه ؟» فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( والذي نفسي بيده لو أن رجلاً موقناً قرأ بها على جبل لزال ). وأخرج ابن السني وابن منده، وأبو نعيم في المعرفة، قال السيوطي : بسند حسن، من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا أمسينا وأصبحنا :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ﴾ فقرأناها فغنمنا وسلمنا اهـ.

ثم ختم هذه السورة بتعليم رسوله صلى الله عليه وسلم أن يدعوه بالمغفرة والرحمة فقال :﴿ وَقُل رَبّ اغفر وارحم وَأنتَ خَيْرُ الراحمين ﴾ أمره سبحانه بالاستغفار لتقتدي به أمته. وقيل : أمره بالاستغفار لأمته. وقد تقدّم بيان كونه أرحم الراحمين، ووجه اتصال هذا بما قبله أنه سبحانه لما شرح أحوال الكفار أمر بالانقطاع إليه والالتجاء إلى غفرانه ورحمته.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقد أخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : إذا أدخل الكافر في قبره فيرى مقعده من النار ﴿ قَالَ رَبّ ارجعون ﴾ أتوب أعمل صالحاً، فيقال له : قد عمرت ما كنت معمراً، فيضيق عليه قبره، فهو كالمنهوش ينازع ويفزع تهوي إليه حيات الأرض وعقاربها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : زعموا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لعائشة :( إن المؤمن إذا عاين الملائكة قالوا : نرجعك إلى الدنيا، فيقول : إلى دار الهموم والأحزان، بل قدما إلى الله، وأما الكافر فيقولون له : نرجعك، فيقول : ربّ ارجعون ﴿ لَعَلّي أَعْمَلُ صالحا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ وهو مرسل. وأخرج الديلمي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا حضر الإنسان الوفاة يجمع له كل شيء يمنعه عن الحقّ فيجعل بين عينيه، فعند ذلك يقول :﴿ ربّ ارجعون. لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ﴾ ). وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله :﴿ أَعْمَلَ صالحا ﴾ قال : أقول : لا إله إلا الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة قالت : ويل لأهل المعاصي من أهل القبور، يدخل عليهم في قبورهم حيات سود، حية عند رأسه وحية عند رجليه، يقرصانه حتى تلتقيا في وسطه، فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله :﴿ وَمِن وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ قال : حين نفخ في الصور، فلا يبقى حيّ إلا الله. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه، أنه سئل عن قوله :﴿ فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ وقوله :﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٢٧، الطور : ٢٥ ] فقال : إنها مواقف، فأما الموقف الذي لا أنساب بينهم ولا يتساءلون عند الصعقة الأولى، لا أنساب بينهم فيها إذا صعقوا، فإذا كانت النفخة الآخرة فإذا هم قيام يتساءلون. وأخرج ابن جرير، والحاكم وصححه عنه أيضاً، أنه سئل عن الآيتين فقال : أما قوله :﴿ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾ فهذا في النفخة الأولى حين لا يبقى على الأرض شيء، وأما قوله :﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ﴾ [ الصافات : ٥٠ ] فإنهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون. وأخرج ابن المبارك في الزهد، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأوّلين والآخرين. وفي لفظ : يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة على رؤوس الأوّلين والآخرين، ثم ينادي منادٍ : ألا إن هذا فلان بن فلان، فمن كان له حق قبله فليأت إلى حقه. وفي لفظ : من كان له مظلمة فليجيء فليأخذ حقه، فيفرح والله المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيراً، ومصداق ذلك في كتاب الله :﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ ﴾. وأخرج أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي في سننه عن المسْور بن مخرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري ). وأخرج البزار والطبراني وأبو نعيم والحاكم، والضياء في المختارة : عن عمر بن الخطاب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ). وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري ). وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر :( ما بال رجال يقولون : إن رحم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفع قومه، بلى والله إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة، وإني أيها الناس فرط لكم ). وأخرج ابن جرير عن ابن عباس :﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تنفح. وأخرج ابن مردويه، والضياء في صفة النار عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله :( ﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار ﴾ قال : تلفحهم لفحة فتسيل لحومهم على أعقابهم ). وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود في الآية قال : لفحتهم لفحة فما أبقت لحماً على عظم إلا ألقته على أعقابهم. وأخرج أحمد وعبد بن حميد، والترمذي وصححه، وابن أبي الدنيا في صفة النار، وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه في قوله :﴿ وَهُمْ فِيهَا كالحون ﴾ قال : تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، والحاكم وصححه عن ابن مسعود في الآية قال : كلوح الرأس النضيج بدت أسنانهم وتقلصت شفاههم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس :﴿ كالحون ﴾ قال : عابسون. وقد ورد في صفة أهل النار وما يقولونه وما يقال لهم أحاديث كثيرة معروفة. وأخرج الحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم، وابن السني في عمل اليوم والليلة، وابن مردويه، وأبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود ؛ ( أنه قرأ في أذن مصاب :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً ﴾ حتى ختم السورة فبرئ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بماذا قرأت في أذنه ؟» فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( والذي نفسي بيده لو أن رجلاً موقناً قرأ بها على جبل لزال ). وأخرج ابن السني وابن منده، وأبو نعيم في المعرفة، قال السيوطي : بسند حسن، من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا أمسينا وأصبحنا :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ﴾ فقرأناها فغنمنا وسلمنا اهـ.

Icon