تفسير سورة المؤمنون

تفسير الشافعي
تفسير سورة سورة المؤمنون من كتاب تفسير الشافعي .
لمؤلفه الشافعي . المتوفي سنة 204 هـ

٣٢٣- قال الشافعي : وقوله :﴿ وَالذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمُ أَوْ مَا مَلَكَتَ ﴾ دليل على أمرين : أحدهما، أنه أحل النكاح وما ملكت اليمين. والثاني، يشبه أن يكون إنما أباح الفعل للتلذذ وغيره بالفرج في زوجة أو ما ملكت يمين من الآدميين.
ومن الدلالة على ذلك قول الله تبارك وتعالى :{ فَمَنِ اِبْتَغى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئاكَ هُمُ
اَلْعَادُونَ } وإن لم يختلف الناس في تحريم ما ملكت اليمين من البهائم، فلذلك خفت أن يكون الاستمناء حراما١ من قبل أنه ليس من الوجهين اللذين أبيح للفرج.
قال الشافعي : فإن ذهب ذاهب إلى أن يحله لقول الله تعالى :﴿ وَلْيَسْتَعْفِفِ اِلذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اَللَّهُ مِن فَضْلِهِ ﴾٢ فيشبه أن يكونوا إنما أمروا بالاستعفاف عن أن يتناول المرء بالفرج ما لم يبح له فيصير إلى أن يغنيه الله من فضله، فيجد السبيل إلى ما أحل الله، والله أعلم. وهو يشبه أن يكون في مثل معنى قول الله عز وجل في مال اليتيم :﴿ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ ﴾٣ وإنما أراد بالاستعفاف أن لا يأكل منه شيئا. ( الأم : ٥/١٤٥. )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٣٢٤- قال الشافعي : وفرض على الفرج أن لا يهتكه بما حرم الله عليه :﴿ وَالذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾٤ وقال :﴿ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَّشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ ﴾٥ الآية، يعني بالجلود : الفروج والأفخاذ، فذلك ما فرض الله على الفروج من حفظها عَمَّا لا يحل له، وهو عملها. ( مناقب الشافعي : ١/٣٩١. )
ــــــــــــ
٣٢٥- قال الشافعي : وكان في قول الله عز وجل :﴿ وَالذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمُ أَوْ مَا مَلَكَتَ اَيْمَانُهُمْ ﴾٦ بيان أن المخاطبين بها الرجال لا النساء، فدل على أنه لا يحل للمرأة أن تكون متسرية٧ بما ملكت يمينها، لأنها متسراة أو منكوحة لا ناكحة إلا بمعنى أنها منكوحة. ودلالة على تحريم إتيان البهائم، لأن المخاطبة بإحلال الفرج في الآدميات المفروض عليهن العدة، ولهن الميراث منهم، وغير ذلك من فرائض الزوجين. ( الأم : ٥/٩٤. ون أحكام الشافعي : ١/١٩٦. )
١ - روى البيهقي في كتاب النكاح باب: الاستمناء ٧/١٩٩ عن ابن عباس رضي الله عنهما أن غلاما أتاه فجعل القوم يقومون والغلام جالس، فقال له بعض القوم: قم يا غلام، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: دعوه شيء ما أجلسه، فلما خلا قال: يا ابن عباس إني غلام شاب أجد غُلمة شديدة فأدلك ذكري حتى أنزل فقال ابن عباس: خير من الزنا، ونكاح الأمة خير منه..
٢ - النور: ٣٣..
٣ - النساء: ٦..
٤ - المومنون: ٥..
٥ - فصلت: ٢٢..
٦ - المومنون: ٥-٦..
٧ - في حديث عائشة وذُكر لها المتعة فقالت: والله ما نجد في كلام الله إلا النكاح والاستسرار، تريد اتخاذ السراري. والسراري جمع سُرَيَّة: الجارية المتخذة للملك والجماع. اللسان: سرر.
وأجاز الشافعي للرجل أن يتسرى بجاريته، ولم يجز للمرأة أن تتسرَّى بعبدها. وقد سيق الكلام عليه..

٣٢٦- قال الشافعي : وقوله :﴿ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِاكَ هُمُ اَلْمُفْلِحُونَ ﴾ وقال النبي صلى الله عليه وسلم :« ينصب الله يوم القيامة ميزانا له كفتان يوزن به أعمال العباد، وله لسان ينطق به »١ وهذا خبر مشهور تلقته العلماء بالقبول. وإنما توزن فيه صحائف الأعمال، فمن رجح عمله بالخير نجا، ومن رجح عمله بالشر هلك، قال الله تعالى :﴿ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ﴾ الآيتان، ومن استوى خيره وشره فأمره إلى الله تعالى. ( الكوكب الأزهر شرح الفقه الأكبر ص : ٣١. )
١ - لم أقف عليه..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٠٢:٣٢٦- قال الشافعي : وقوله :﴿ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِاكَ هُمُ اَلْمُفْلِحُونَ ﴾ وقال النبي صلى الله عليه وسلم :« ينصب الله يوم القيامة ميزانا له كفتان يوزن به أعمال العباد، وله لسان ينطق به »١ وهذا خبر مشهور تلقته العلماء بالقبول. وإنما توزن فيه صحائف الأعمال، فمن رجح عمله بالخير نجا، ومن رجح عمله بالشر هلك، قال الله تعالى :﴿ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ﴾ الآيتان، ومن استوى خيره وشره فأمره إلى الله تعالى. ( الكوكب الأزهر شرح الفقه الأكبر ص : ٣١. )
١ - لم أقف عليه..

Icon