تفسير سورة سورة النمل من كتاب تفسير العز بن عبد السلام
المعروف بـتفسير العز بن عبد السلام
.
لمؤلفه
عز الدين بن عبد السلام
.
المتوفي سنة 660 هـ
سورة النمل مكية.
ﰡ
١ - ﴿تِلْكَ﴾ أي هذه آيات القرآن وآيات الكتاب والإشارة بتلك عائد إلى السورة، أو إلى الحروف التي هي ﴿طس﴾ المبين حلاله وحرامه وأمره ونهيه ووعده ووعيده.
٢ - ﴿هُدىً﴾ إلى الجنة ﴿وَبُشْرى﴾ بالثواب، أو هدى من الضلالة وبشرى بالجنة.
٣ - ﴿يُقِيمُونَ الصَّلاةَ﴾ المفروضة باستيفاء فروضها وسننها " ع "، أو بالمحافظة على مواقيتها. ﴿الزَّكَاةَ﴾ زكاة المال، أو زكاة الفطر، أو طاعة الله تعالى والإخلاص، أو تطهير أجسادهم من دنس المعاصي " ع ".
٤ - ﴿يَعْمَهُونَ﴾ يترددون " ع "، أو يتمادون أو يلعبون، أويتحيرون " ح ".
٦ - ﴿لتقلى﴾ لتأخذ، أو لتؤتى، أو لتلقن، أو لتلقف. ﴿حكيم﴾ في أمره. ﴿عليم﴾ بخلقه. ﴿إذ قال موسى لأهله إني ءانست ناراً سئاتيكم منها بخبرٍ أو ءاتيكم بشهابٍ قبسٍ لعلكم تصطلون فلما جاءها نودى أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم وألق عصاك فلما رءاها تهتز كأنها جان ولى مدبراً ولم يعقب ياموسى لاَ تَخَفْ إِنِّى لاَ يَخَافُ لَدَىَّ المرسلون إلا من ظلم ثم بدل حسناً بعد سوء فإنى غفورٌ رحيمٌ وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوءٍ في تسع ءايات إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوماً فاسقين فلما جاءتهم ءاياتنا مبصرةً قالوا هذا سحرٌ مبين وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً فانظر كيف كان عاقبة المفسدين﴾
٧ - ﴿آنست﴾ رأيتُ، أو أحْسَسْتُ، الإيناس: الإحساس من جهة يؤنس بها. ﴿بِخَبْرٍ﴾ بخبر الطريق لأنه كان ضلها " ع "، أو سأخبركم عنها بعلم ﴿بِشهَابٍ﴾ الشعاع المضيء ومنه شهب السماء. ﴿قَبَسٍ﴾ قطعة من نار، اقتبس النارأخذ قطعة منها، واقتبس العلم لاستضاءته به كما يستضيء بالنار. ﴿لَّعَلَّكُمْ﴾ لكي تصطلوا من البرد وكان شتاء.
٨ - ﴿جَآءَهَا﴾ جاء النور الذي ظنه ناراً وقف قريباً منها فوجدها تخرج من
456
شجرة خضراء شديدة الخضرة يقال لها العليق، لا تزداد النار إلا تضرماً ولا تزداد الشجرة إلا خضرة وحسناً
﴿بُورِكَ﴾ قُدِس " ع "، أو تبارك، أو البركة في النار.
﴿النَّارِ﴾ نار فيها نور، أو نور لا نار فيه عند الجمهور
﴿مَن فِى النَّارِ﴾ مَنْ: صلة تقديره بوركت النار، أو بورك النور الذي في النار، أو بورك الله الذي في النور أو الملائكة، أوالشجرة لأن النار اشتعلت فيها وهي خضراء لا تحترق.
﴿ومن حولها﴾ الملائكة، أو موسى عليه الصلاة والسلام.
﴿وَسُبْحَانَ اللَّهِ﴾ من كلام الله تعالى لموسى، أو قاله موسى لما سمع الكلام وفزع استعانة بالله تعالى وتنزيهاً له، وسمع موسى كلام الله تعالى من السماء عند الشجرة وحكى النقاس أن الله تعالى خلق في الشجرة كلاماً حتى خرج
457
منها فسمعه موسى عليه الصلاة والسلام ولا خبر فيما ذكره من ذلك قال وهب لم يمس موسى عليه الصلاة والسلام امرأة بعد ما كلمه ربه.
458
١٠ - ﴿جَآنٌّ﴾ الحية الصغيرة سميت بذلك لاختفائها واستتارها، أو / [١٣٠ / أ] الشيطان لأنهم يشبهون كل ما استهولوه بالشياطين لقوله:
﴿طلعها كأنه رؤوس الشياطين﴾ [الصافات: ٦٥] وقد كان انقلابها إلى أعظم الحيات وهو الثعبان قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: ولما توجه إلى مدين أعطاه العصا
458
ملك من الملائكة.
﴿وَلَمْ يُعَقِّبْ﴾ لم يرجع، أو لم ينتظر، أو لم يلتفت.
﴿لا يَخَافُ لَدَىَّ﴾ أي لا يخافون في الموضع الذي يوحى إليهم فيه وإلا فهم أخوف الخلق لله تعالى.
459
١١ - ﴿إلا من ظلم﴾ من غيرالمرسلين فيكون الاستثناء منقطعاً، أو أراد آدم ظَلَم نفسه بأكل الشجرة، أو يخافون مما كان منهم قبل النبوة كقتل موسى للقبطي، أو يخافون من الصغائر بعد النبوة لأنهم غير معصومين منها. ﴿ولقد ءاتينا داود وسليمان علماً وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثيرٍ من عباده المؤمنين وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون حتى إذا أتوا على وادٍ النمل قالت نملةٌ يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنّكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون فتبسم ضاحكاً من قولها وقال رب أوزعني أن اشكر نعمتك التي أنعمت على وعلى والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين﴾
١٥ - ﴿عِلْماً﴾ فهماً، أو قضاء، أو علم الدين، أو منطق الطير، أو بسم الله الرحمن الرحيم، أو صنعة الكيمياء. وهو شاذ ﴿فَضَّلَنَا﴾ بالنبوة، أو الملك، أو العلم.
١٦ - ﴿وورث سليمان﴾ نبوة داود وملكه، أوسخر له الشياطين والرياح، أو استخلفه في حياته على بني إسرائيل فسمي ذلك وراثة، وكان لداود تسعة عشر أبناً.
١٧ - ﴿يُوزَعُونَ﴾ يساقون، أو يدفعون، أو يدفع أخراهم ويوقف أولاهم، أو يسحبون، أويجمعون، أو يحبسون، أو يُمْنعون، وَزَعه عن الظلم: منعه منه، وقالوا لا بد للسلطان من وَزْعه: أي من يمنع الناس عنه، وقال عثمان: ما وزع الله بالسلطان أكثر مما وزع بالقرآن، والمراد بهذا المنع أن يرد أولهم على آخرهم ليجتمعوا ولا يتفرقوا.
١٨ - ﴿وَادِ النَّمْلِ﴾ بالشام، وكان للنملة جناحان فعلم منطقها لأنها من الطير ولولا ذلك لما علمه، قاله الشعبي. ﴿يَحْطِمَنًّكُمْ﴾ يهلكنكم ﴿وَهُمْ﴾ والنمل ﴿لا يشعرون﴾ بسليمان وجهوه، أو سليمان وجنوده لا يشعرون بهلاك النمل، قيل سمع كلامها من ثلاثة أميال حملته الريح إليه. وسميت نملة لتنملها، وهو كثرة حركتها وقلة قرارها.
١٩ - ﴿تبسم﴾ من حذرها بالمبادرة أو من ثنائها عليه، أومن إستبقائها النمل قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما! فوقف سليمان وجنوده حتى دخل النمل مساكنه. ﴿أَوْزِعْنِى﴾ ألهمني، أو اجعلني " ع "، أو حرضني ﴿أّنْ أَشْكُرَ﴾ سبب شكره علمه بمنطق الطير حتى فهم قولها أو حمل الريح صوتها إليه حتى سمعه من ثلاثة أميال فأمكنه الكف. ﴿صَالِحاً﴾ شكر ما أنعم عليه به. ﴿بِرَحْمَتِكَ﴾ بنبوتك، أو بمعونتك التي أنعمت بها عليّ ﴿فِى عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾ الأنبياء، أو الجنة التي هي دار الأولياء. ﴿وَتَفَقَّدَ الطير فقال مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين لأعذبنّه عذاباً شديداً أو لأذبحنّه أو ليأتينّى بسلطان مبينٍ﴾
٢٠ - ﴿وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ﴾ كان إذا سافر أظله الطير من الشمس، فلما غاب الهدهد / [١٣٠ / ب] أتت الشمس من مكانه وكانت الأرض للهدهد كالزجاج يرى ما تحتها
460
فيدل على مواضع الماء حتى تحفر
﴿أمْ كَانَ مِنَ الْغَآئِبِينَ﴾ أي انتقل عن مكانه، أو غاب.
461
٢١ - ﴿لأُعَذِّبَنَّهُ﴾ بنتف ريشه حتى لا يمتنع من شيء " ع "، أو بإحواجه إلى جنسه، أو بجعله مع أضداده. ﴿بسلطان﴾ حجة بينّة أوعذر ظاهر. ﴿فمكث غير بعيدٍ فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنيإ يقينٍ إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شىءٍ ولها عرش عظيمٌ وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزيّن لهم الشيطان أعمالهم فصدّهم عن السبيل فهم لا يهتدون ألا يسجدوا لله الذى يخرج الخبء في السموات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون﴾
٢٢ - أَحَطتُ} بلغت، أو علمت، أو اطلعت " ع "، والإحاطة: العلم بالشيء من جميع جهاته.
﴿سَبَإٍ﴾ مدينة باليمن يقال لها مأرب بينها وبين صنعاء ثلاث ليالي، أو حَيُّ من اليمن سموا بأسم أمهم، أو سئل الرسول [صلى الله عليه وسلم] عن سبأ فقال: " هو رجل وُلِدَ له عشرة أولاد باليمن منه ستة وبالشام أربعة فأما اليمانيون؛ فمذحج وحمير وكندة وأنمار والأزد والأشعريون. وأما الشاميون فلخم وجذام وعاملة وغسان " وقيل هو سبأ بن يعرب بن قحطان سمي سبأ
461
٢٣ - ﴿امرأة﴾ بلقيس بني شراحيل أو شرحبيل بن مالك بن الريان وأمها جنية. ﴿مِن كُلِّ شَىْءٍ﴾ في أرضها، أو من أنواع الدنيا كلها. ﴿عَرْشٌ﴾ سرير، أو كرسي، أو مجلس، أو ملك. ﴿عَظِيمٌ﴾ كريم، أو حسن الصنعة، أو كان ذهباً مستراً بالديباج والحرير قوائمه لؤلؤ وجوهر. وكان يخدمها ستمائة امرأة، وأهل مشورتها ثلاثمائة واثنا عشر رجلاً؛ كل رجل على عشرة آلاف رجل.
٢٥ - ﴿الخبء﴾ غيب السماوات والأرض، أو خبء السموات المطر وخبء الأرض: النبات، والخبء المخبوء وصفه بالمصدر، والخبء في اللغة ما غاب واستتر. ﴿أَلا يَسْجُدُواْ﴾ من قول الله، أمر خلقه بالسجود أو من قول الهدهد تقديره يا هؤلاء اسجدوا. ﴿قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثمّ تولّ عنهم فانظر ماذا يرجعون قالت يا أيها الملؤا إنّى ألقى إلى كتاب كريم إنّه من سليمان وإنّه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا على وأتوني مسلمين﴾
٢٨ - ﴿ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ﴾ كن قريباً منهم " ع " أو تقديره " فألقه إليهم فانظر
462
ماذا يرجعون ثم تول عنهم " أخذ الهدهد الكتاب بمنقاره وجعل يدور في بهوها، فقالت: ما رأيت خيراً منذ رأيت هذا الطير في بهوي فألقى الكتاب إليها، أو ألقاه على صدرها وهي نائمة.
463
٢٩ - ﴿كَرِيمٌ﴾ لحسن ما فيه، أو مختوم، أو لكرم صاحبه وأنه ملك، أو لتسخيره الهدهد لحمله.
٣٠ - وكان الرسول [صلى الله عليه وسلم] يكتب باسمك اللهم فلما نزلت ﴿بِسْمِ الله مَجْرَاهَا﴾ [هود: ٤١] كتب بسم الله فلما نزلت ﴿أَوِ ادعوا الرحمن﴾ [الأسراء: ١١٠] كتب بسم الله الرحمن فلما نزلت ﴿إنه من سليمان﴾ الآية كتب بسم الله الرحمن الرحيم.
٣١ - لا تَعْلُوا: لا تخافوا، أو لا تتكبروا، أو لا تمتنعوا ﴿مُسْلِمِينَ﴾ مستسلمين، أو موحدين " ع "، أو مخلصين، أو طائعين. ﴿قالت يا أيها الملؤ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون قالوا نحن أولوا قوةٍ وأولوا بأسٍ شديدٍ والأمر إليك فانظرى ماذا تأمرين ٣٣ قالت إن الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزّة أهلها أذلةً وكذلك يفعلون وإنّى مرسلةٌ إليهم بهديةٍ فناطرةٌ بم يرجع المرسلون﴾
٣٢ - ﴿أَفْتُونِى﴾ أشيروا عَلَيَّ. ﴿قَاطِعَةً﴾ ممضية ﴿تَشْهَدُونِ﴾ تشيروا، أو تحضروا.
٣٣ - ﴿قوة﴾ عدد وعدة. ﴿بأس﴾ شجاعة وآله / [١٣١ / أ] تفويضاً منهم الأمر إليها، أو إجابة منهم إلى قتاله.
٣٤ - ﴿دَخَلُواْ قَرْيَةً﴾ أخذوها عنوة " ع ". ﴿أَفْسَدُوهَا﴾ أخربوها. ﴿أَذِلَّةً﴾ بالسيف، أو الاستعباد. ﴿وَكّذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾ من قول الله إنهم يفسدون القرى " ع "، أو قالت بلقيس وكذلك يفعل سليمان إذا دخل بلادنا.
٣٥ - ﴿بِهَدِيَّةٍ﴾ لبنة من ذهب " ع "، أو صحائف الذهب في أوعية الديباج، أو جوهر، أو غلمان ولباسهم لباس الجواري وجواري لباسهم لباس الغلمان، ثمانون غلاماً وجارية أو ثمانون غلاماً وثمانون جارية وقصدت بالهدية استعطافه لعلمها بموقع الهدايا من الناس، أو اختبرته فإن قبل هديتها فهو مَلِك فتقاتله وإن لم يقبلها فهو نبي فلا طاقة لها به، أو اختبرته بأن يميز الجواري من الغلمان فأمرهم بالوضوء فاغترف الغلام بيده وأفرغت الجارية على يدها فميزهم بذلك، أو بغسل الغلمان ظهور السواعد قبل بطونها وغسل الجواري بطون السواعد قبل ظهورها، وبدأ الغلمان بغسل المرافق إلى الأكف وبدأ الجواري من الأكف إلى المرفق. ﴿فلما جاء سليمان قال أتمدّونن بمالٍ فما ءاتان الله خيرٌ ممّا ءاتاكم بل أنتم بهديّتكم تفرحون ارجع إليهم فلنأتينّهم بجنودٍ لا قبل لهم بها ولنخرجنّهم منها أذلّةٌ وهم صاغرون﴾
٣٦ - ﴿فَلَمَّا جَآَءَ﴾ رسلها، أو هداياها
﴿أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ﴾ أمر الشياطين فموهوا لبِن المدينة وحيطانها بالذهب والفضة وبعثت إليه بعصا كان يتوارها ملوك حمير، وطلبت أن يميز أعلاها من أسفلها، وبقدح التمست أن يملأه ماء فريداً لا من الأرض ولا من السماء وبخرزتين ليثقب أحدهما وليدخل في ثقب
464
الأخرى خيطاً وكان ثقبها أعوج فلما جاء رسلها وكانوا رجالاً أو نساء قال
﴿أَتُمِدُّونَنِ بمال فما آتاني الله﴾ من النبوة والملك
﴿خير مما آتاكم﴾ من المال. ثم ميز الجواري من الغلمان وأرسل العصا إلى الهواء وقال أي الرأسين سبق إلى الأرض فهو أسفلها وأجريت الخيل حتى عرفت فملأ القدح من عرقها، وثقب إحدى الخرزتين وأدخل الخيط في الأخرى فهال الرسل ما شاهدوه منه.
465
٣٧ - ﴿ارْجِعْ إِلَيْهِمْ﴾ أيها الرسول بما جئت به من الهدايا، أو أمر الهدهد بالرجوع وأن يقول: ﴿فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لا قِبَلَ﴾ لا طاقة، وصدق لأن من / [١٣١ / ب] جنوده الجن والإنس والطير والريح. ﴿وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ﴾ أخبرهم بما يصنع بهم ليبادروا إلى الإسلام. فلما رجعت إليها الهدايا قالت: قد والله علمت ما هذا بملك ولا طاقة لنا به ثم أرسلت إليه إني قادمة عليك بملوك قومي وأمرت بعرشها فجُعِل في سبعة أبيات بعضها في بعض وأغلقت عليه الأبواب وشخصت إليه في اثني عشر ألف قيل من ملوك اليمن فلما علم بقدومها. قَالَ يا أيها الملؤا أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوك مسلمين قال عفريتٌ من الجن أنا ءاتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإنّي عليه لقوي أمينٌ قال الذي عنده علمٌ من الكتاب أنا ءاتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلمّا رءاه مستقراً عنده قال هذا من فضل ربي ليلوني ءأشكر أم أكفر ومن شكر فإنمّا يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربّى غنيّ كريمٌ}
٣٨ - ﴿قال يا أيها الملأ أَيُّكُمْ يَأْتِينِى بِعَرْشِهَا﴾ أراد أن يعلم بذلك صدق
465
الهدهد " ع " أو أعجبه لما وصفه الهدهد فأراد أخذه قبل أن يَحْرُمَ عليه بإسلامها، أو أراد أن يعايها، وكانت الملوك يتعايون بالملك والقدرة، قاله ابن زيد، أو أراد اختبار فطنها هل تعرفه أو تنكره، أو أراد أن يعرفها بذلك صحة نبوته قال وهب بن منبه.
﴿مُسْلِمِينَ﴾ طائعين أو على دين الحق.
466
٣٩ - ﴿عِفْرِيتٌ﴾، وهو المارد القوي والعفريت البالغ من كل شيء أُخِذ من قولهم فلان عفرية نفرية إذا كان مبالغاً في الأمور. أو من العفر وهو الشديد فزيدت فيه الهاء فقيل عفريه وعفريت. ﴿مَّقَامِكَ﴾ مجلسك، أو يوماً كان يقوم فيه سليمان عليه الصلاة والسلام خطيباً يعظهم ويذكرهم وكان مجيء ذلك اليوم قريباً أو أراد قبل أن تسير إليهم من ملكك محارباً، ﴿لَقَوِىٌ﴾ على حمله ﴿أَمِينٌ﴾ على ما فيه من جوهر ولؤلؤ أو لا آتيك بغيره بدلاً منه أو أمين على فرج المرأة.
٤٠ - ﴿قال الَّذِى عِندَهُ عِلْمٌ﴾ مَلَك أُيَّد به سليمان عليه الصلاة والسلام والعلم الذي عنده هو ما كتب الله تعالى لبني آدم وقد أعلم الله تعالى الملائكة كثيراً منه فأذن الله له أن يعلم سليمان ذلك وأن يأتيه بالعرش أو بعض جنوده من الإنس أو الجن، وعلم الكتاب: علمه بكتاب سليمان إلى بلقيس وعلم أن الريح مسخرة لسليمان وأن الملائكة تعينه فوثق بذلك وأخبره أن يأتيه به قبل
466
ارتداد طرفه، أو هو سليمان قال ذلك للعفريت، أو هو بعض الإنس: مليخا أو أسطوم أو آصف بن برخيا وكان صدِّيقاً، أو ذو النون مصر، أو الخضر
﴿عِلْمٌ الْكِتَابِ﴾ هو اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب
﴿يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ﴾ يأتيك أقصى من تنظر إليه أو: قبل أن يعود طرفك إلى مد بصرك أو يعود طرفك إلى مجلسك أو قبل الوقت الذي ينتظر وروده فيه من قولهم أنا ممتد الطرف إليك أي منتظر أو قبل أن يرجع إليك طرف رجائك خائباً لأن الرجاء يمد الطرف والإياس يقصره، أو قبل أن يقبض طرفك بالموت أخبره أنه سيأتيه به قبل موته ودعا بالاسم الأعظم وعاد طرف سليمان عليه الصلاة والسلام إليه فإذا العرش بين يديه ولم يكن سليمان عليه الصلاة والسلام يعلم ذلك الإسم
﴿هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّى﴾ وصول العرش قبل ارتداد طرفي،
﴿أأشكر﴾ على وصوله
﴿أَمْ أَكْفُرُ﴾ فلا أشكر إذا رأيت من هو أعلم مني في الدنيا وكان ذلك معجزة لسليمان عليه الصلاة والسلام أجراها الله تعالى على يد بعض أوليائه وكان العرش باليمن وسليمان بالشام قيل خرق الله تعالى به الأرض حتى صار بين يديه. {قال نكّروا لها عرشها ننظر أتهتدى أم تكون من الذين لا يهتدون فلمّا جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنّها كانت من قومٍ كافرين قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجّةٌ وكشفت عن ساقيها قال إنّه صرحٌ ممردٌ من قوارير قالت رب إن ظلمت نفسي وأسلمت مع
467
سليمان لله رب العالمين}
468
٤١ - ﴿نَكِّرُواْ﴾ غيروه بانتزاع ما عليه من فصوص وجواهر ومرافق " ع " / [١٣٢ / أ] أو بجعل ما كان أحمر أخضر وما كان أخضر أحمر، أو بالزيادة فيه والنقصان منه، أو بجعل أعلاه أسفله مقدمه مؤخره أو جعل فيه تمثال السمك ﴿أَتَهْتَدِى﴾ إلى الحق بعقلها أم تكون من الذين لا يعقلون، أو تعرف العرش بفطنتها أم تكون ممن لا يفطن ولا يعرف.
٤٢ - ﴿كَأَنَّهُ هُوَ﴾ لما خلفته وراءها فوجدته أمامها منعها معرفتها به من إنكاره وتركها له خلفها من إثباته، أو لأنها رأت فيه ما تعرفه فلم تنكره وما غيِّر وبدل فلم تثبته، أو شبهوا عليها بقولهم ﴿أَهَكَذَا عَرْشُكِ﴾ فشبهت عليهم بقولها: ﴿كَأَنَّهُ هُوَ﴾ ولو قالوا هذا عرشك لقالت نعم. ﴿وأوتينا﴾ قاله سليمان عليه الصلاة والسلام، أو بعض قومه. ﴿الْعِلْمَ﴾ بمعرفة الله تعالى وتوحيده، أو النبوة، أو علمنا أنه عرشها قبل أن نسألها. ﴿مُسْلِمِينَ﴾ طائعين لله تعالى بالاستسلام له، أو مخلصين له بالتوحيد.
٤٣ - ﴿وَصَدَّهَا﴾ عبادة الشمس أن تعبد الله تعالى، أو صدها كفرها أن تهتدي للحق، أو صدها سليمان عما كانت تعبد في كفرها، أو صدها الله تعالى عن الكفر بتوفيقها للإيمان.
٤٤ - ﴿الصرح﴾ بركة بنيت من قوارير، أو صحن الدار، وصرحه الدار وساحتها وباحتها وقاعتها كلها واحد من التصريح وهو الإظهار، أو القصر.
﴿حَسِبَتْهُ لُجَّةً﴾ لأنه أمر الجن أن يبنوه من قوارير في ماء فبنوه وجعلوا حوله أمثال السمك فأمرها بالدخول إليه لأنها وصفت له فأحب أن يراها وكانت
468
هلباء الشعر وقدماها كحافر حمار وأمها جنية وخافت الجن إن تزوجها أن تطلعه على أشياء كانت الجن تخفيها ويبعد أن يتولد بين الإنس والجن ولد لأن الجن لطيف والإنس كثيف.
﴿وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا﴾ فرأهما شعراوين فصنعت له الجن النورة وقصد بدخولها الصرح. وكشف ساقيها اختبار عقلها، أو أُخبر أن ساقيها ساقاً حمار فأراد أن يعلم ذلك، أو أراد تزوجها فأحب مشاهدتها.
﴿مُّمَرَّدٌ﴾ مملس، أو واسع في طوله وعرضه.
﴿ظَلَمْتُ نَفْسِى﴾ بالشرك، أو ظنت أن سليمان أراد تغريقها لما أمرها بدخول الصرح فلما بان أنه صرح علمت أنها ظلمت نفسها بذلك الظن، قاله سفيان.
﴿وَأَسْلَمْتُ﴾ استسلمت طاعة لله قبل تزوجها سليمان عليه الصلاة والسلام، واتخذ لها بالشام حماماً ونورة، وكان أول من اتخذ ذلك.
﴿ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحاً أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون قالو أطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله بل أنتم قومٌ تفتنون﴾
469
٤٥ - ﴿فَرِيقَانِ﴾ مؤمن وكافر، أو مصدق ومكذب. ﴿يَخْتَصِمُونَ﴾ بقولهم ﴿أتعلمون أن صالحاً / [١٣٢ / ب] مرسلٌ مِّن رَّبِّهِ﴾ [الأعراف: ٧٥]، أو يقول كل فريق: نحن على الحق دونكم.
٤٦ - ﴿بالسيئة﴾ بالعذاب قبل الرحمة؛ لقولهم: ﴿فأتنا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ المرسلين﴾ [الأعراف: ٧٧]، أو بالبلاء قبل العافية. ﴿تَسْتَغْفِرُونَ﴾ بالتوبة، أو بالدعاء. ﴿تُرْحَمُونَ﴾ بالكفاية أو الإجابة.
٤٧ - ﴿اطَّيَّرْنَا﴾ تشاءموا به لافتراق كلمتهم، أو للشر الذي نزل بهم.
﴿طَآئِرُكُمْ﴾ مصائبكم " ع "، أو عملكم
﴿تُفْتَنُونَ﴾ بالطاعة والمعصية، أو
469
تصرفون عن الإسلام الذي أمرتم به.
﴿وكان في المدينة تسعة رهطٍ يفسدون في الأرض ولا يصلحون قالوا تقاسموا بالله لنبيّتنّه وأهله ثمّ لنقولنّ لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنّا لصادقون ومكروا مكراً ومكرنا مكراً وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لايةً لقومٍ يعلمون وأنجينا الذين ءامنوا وكانوا يتقون﴾
470
٤٨ - ﴿رَهْطٍ﴾ الرهط: جمع لا واحد له وهم عاقروا الناقة: فُسَّاق من أشراف قومهم. ﴿يُفْسِدُونَ﴾ بالكفر ولا يصلحون بالإيمان، أو بالمنكر ولا يصلحون بالمعروف، أو بالمعاصي ولا يصلحون بالطاعة، أو بقطع الدنانير والدراهم ولا يصلحون بتركها صحاحاً، أو يتبعون عورات الناس ولا يسترون عليهم.
٤٩ - ﴿تقاسموا﴾ تخالفوا. ﴿لَنُبَيِّتَنَّهُ﴾ لنقتلنه ليلاً. البيات قتل الليل. ﴿لِوَلِيِّهِ﴾ لرهط صالح ﴿مَهْلِكَ أَهْلِهِ﴾ قتلهم ﴿لَصَادِقُونَ﴾ في إنكار القتل.
٥٠ - ﴿وَمَكَرُواْ﴾ عزموا على بياته
﴿ومكر الله﴾ بهم فرماهم بصخرة فهلكوا أو أظهروا أنهم خرجوا مسافرين فاستتروا في غار ليعودوا في الليل فيقتلوه فألقى الله تعالى صخرة فسدت عليهم فم الغار
﴿لا يَشْعُرُونَ﴾ بمكرنا أو بالملائكة الذين أرسلوا لحفظ صالح من قومه لما دخلوا عليه ليقتلوه فرموا كل رجل منهم بحجر فقتلوهم جميعاً.
470
﴿ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون أئنكم لتأتون الرجال شهوةً من دون النساء بل أنتم قومٌ تجهلون فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا ءال لوطٍ من قريتكم إنّهم أناسٌ يتطهرون فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدّرناها من الغابرين وأمطرنا عليهم مطراً فساء مطر المنذرين﴾
471
٥٤ - ﴿تُبْصِرُونَ﴾ أنها فاحشة، أو يبصر بعضكم بعضاً. ﴿قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفىءالله خيرٌ أما يشركون أمّن خلق السموات والأرض وأنزل لكم من السماء ماءً فأنبتنا به حدائق ذات بهجةٍ ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أءلةٌ مع الله بل هم قومٌ يعدلون﴾
٦٠ - ﴿حَدَآئِقَ﴾ النخل، أو الحائط من الشجر والنخل ﴿بَهْجَةٍ﴾ غضاضة، أو حُسْن ﴿مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ﴾ لا تقدرون على خلق مثلها ﴿أإله مَّعَ اللَّهِ﴾ يفعل هذا، أو نفي للآلهة. ﴿يَعْدِلُونَ﴾ عن الحق، أو يشركون فيجعلون له عدلاً. ﴿أمّن جعل الأرض قراراً وجعل خلالها أنهاراً وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزاً أءلهٌ مع الله بل أكثرهم لا يعلمون﴾
٦١ - ﴿قَرَاراً﴾ مستقراً. ﴿خِلالَهَآ﴾ في مسالكها ونواحيها ﴿الْبَحْرَيْنِ﴾ بحر السماء وبحر الأرض، أو بحر فارس والروم، أو بحر الشام والعراق، أو العذب والمالح. ﴿حَاجِزاً﴾ مانعاً من الله تعالى لا يبغي أحدهما على صاحبه، أو حاجزاً من الأرض أن يختلطا. ﴿لا يَعْلَمُونَ﴾ التوحيد، أو لا يعقلون، أو لا يتفكرون. ﴿أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أءله مع الله قليلاً ما تذكرون﴾
٦٢ - ﴿السُّوءَ﴾ الضر، أو الجور. ﴿خُلَفَآءَ﴾ خلفاً بعد خلف، أولادكم خلفاً منكم، أو خلفاً من الكفار ينزلون أرضهم بطاعة الله تعالى بعد كفرهم. ﴿ماتذكرون﴾ النعم. ﴿أمّن يهديكم في ظلماتٍ البر والبحر ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته أءلهٌ مع الله تعالى الله عمّا يشركون﴾
٦٣ - ﴿يهديكم في ظلمات﴾ : يرشدكم إلى مسالك البحر والبر، أو يخلصكم من أهوالهما،
﴿البر﴾ الأرض و
﴿البحر﴾ السماء، أو البر بادية الأعراب والبحر الأمصار والقرى
﴿نشرا﴾ منشرة، أو ملحقات.
﴿رحمته﴾ المطر اتفاقاً.
472
﴿أمن يبدؤا الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أءله مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيّان يبعثون بل أدارك علمهم في الآخرة بل هم في شكٍ منها بل هم منها عمون﴾
473
٦٦ - ﴿ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ﴾ هذا ذم أي غاب علمهم " ع "، أو لم يدرك علمهم، أو اضمحل / [١٣٣ / أ] أو ضل، أو هو مدح لعلمهم وإن كانوا مذمومين أي أدرك علمهم، أو أجمع، أو تلاحق. ﴿وقال الذين كفروا أءذا كنا تراباً وءاباؤنا أئنا لمخرجون لقد وعدنا هذا نحن وءاباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيقٍ ممّا يمكرون ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون وإنّ ربّك لذو فضلٍ على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون وإنّ ربّك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون وما من غائبةٍ في السماء والأرض إلا في كتاب مبين﴾
٧٢ - ﴿رَدِفَ لَكُم﴾ قرب منكم " ع "، أو أعجل لكم، أو تبعكم، ورِدْف المرأة لأنه تبع لها من خلفها. ﴿بَعْضُ الَّذِى تَسْتَعْجِلُونَ﴾ يوم بدر، أوعذاب القبر.
٧٥ - ﴿غَآئِبَةٍ﴾ جمع ما خفي عن الخلق، أو القيامة، أو ما غاب عنهم
473
من عذاب السماء والأرض.
﴿كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ اللوح المحفوظ، أو الفضاء المحتوم.
﴿إن هذا القرءان يقصّ على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون وإنه لهدىً ورحمةٌ للمؤمنين إنّ ربّك يقضى بينهم بحكمه وهو العزيز العليم فتوكل على الله إنّك على الحق المبين إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين وما أنت بهادي العمى عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بئاياتنا فهم مسلمون وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابّةً من الأرض تكلمهم إنّ الناس كانوا بئاياتنا لا يوقنون﴾
474
٨٢ - ﴿وَقَعَ الْقَوْلُ﴾ حق عليهم القول أنهم لا يؤمنون، أو وجب الغضب، أو وجب السخط عليهم إذا لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر، أو نزل العذاب
﴿دَآبَّةً﴾ سئل عنها علي رضي الله تعالى عنه فقال: " أما والله ما لها ذَنَبْ وإن لها للحية " إشارة إلى أنها من الإنس، أوهي من دواب الأرض عند الجمهور ذات زغب وريش لها أربع قوائم " ع "، أو ذات وَبَر تناغي السماء، أو لها رأس ثور وعينا خنزير وأذنا فيل وقرن أيل وعنق نعامة وصدر أسد ولون نمر وخاصرة هر وذنب كبش وقوائم بعير بين كل مفصلين أثنا عشر ذراعاً رأسها في السحاب. معها عصا موسى وخاتم سليمان فتنكت في مسجد المؤمن نكتة بيضاء فتبيض وجهه. وتنكت في وجه الكافر بخاتم سليمان فتسود وجهه. قاله أبو الزبير.
﴿مِّنَ الأَرْضِ﴾ بعض أودية تهامة " ع "، أو
474
صخرة من شِعْب أجياد، أو الصفا، أو بحر سدوم
﴿تَكْلِمُهم﴾ مخففاً تَسِمُ وجوههم بالبياض والسواد حتى يتنادون في الأسواق يا مؤمن يا كافر، قال: الرسول [صلى الله عليه وسلم] : تخرج الدابة فتسم الناس على خراطيمهم، أو تجرحهم فيختص هذا بالكافر والمنافق، وجرحهما بإظهار الكفر والنفاق كجرح الشهود بالتفسيق
﴿تُكَلِّمُهُمْ﴾ عبّر عن ظهور الآيات منها بالكلام من غير نطق، أو تنطق فتقول هذا مؤمن وهذا كافر، أو تقول
﴿أَنَّ النَّاسَ كَانُواْ بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ﴾ قاله ابن مسعود وعطاء، قال ابن عمر - رضي الله تعالى عنه -: تخرج ليلة النحر والناس يسيرون إلى منى.
﴿ويوم نحشر من كل أمةٍ فوجاً ممّن يكذّب بئاياتنا فهم يوزعون حتى إذا جاءوا وقال أكذبتم بئاياتي ولم تحيطوا بها علماً أماذا كنتم تعلمون ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون ألم يروا أنّا جعلنا الّيل ليسكنوا فيه والنهار مبصراً إن في ذلك لاياتٍ لقومٍ يؤمنون﴾
475
٨٣ - ﴿مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً﴾ وهم كفارها.
﴿بِآيَاتِنَا﴾ محمد [صلى الله عليه وسلم]، أو بالرسل عند الأكثرين.
﴿يُوزَعُونَ﴾ يجمعون، أو يدفعون، أو يساقون، أويرد أولاهم على أخراهم.
475
﴿ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين وترى الجبال تحسبها جامدةً وهي تمرّ مرّ السحاب ضنع الله الذي أتقن كل شىءٍ إنّه خبير بما تفعلون من جاء بالحسنة فله خيرٌ منها وهم من فزع يومئذ ءامنون ومن جاء بالسيئة فكبّت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون﴾
476
٨٧ - ﴿وَيَوْمَ يُنفَخُ﴾ يوم النشور من القبور. ﴿الصُّورِ﴾ جمع صورة ينفخ فيها أرواحها، أو شيء كالبوق يخرج منه صوت يحيى به الموتى، أو مثل ضرب لخرج الموتى في وقت واحد كخروج الجيش عند نفخ البوق. ﴿فَفَزِعَ﴾ أسرع إلى إجابة النداء فزعت إليك في كذا أسرعت إلى ندائك / [١٣٣ / ب] في معونتك. ﴿إِلا مَن شَآءَ اللَّهُ﴾ استثناء من الإسراع والإجابة إلى النار، أو الفزع الخوف والحذر لأنهم أزعجوا من أجداثهم فخافوا ﴿إِلا مَن شَآءَ اللَّهُ﴾ فلا يفزعون وهم الملائكة أو الشهداء، وقيل إن إسرافيل هو النافخ في الصور. ﴿دَاخِرِينَ﴾ راغمين، أو صاغرين " ع " فالفزع في النفخة الأولى وإتيانهم صاغرين في النفخة الثانية.
٨٨ - ﴿جَامِدَةً﴾ واقفة
﴿تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ﴾ لا يرى سيرها لبعد أطرافها، مثل ضُرب للدنيا تظن أنها واقفة كالجبال وهي آخذة بحظها من الزوال، أو للإيمان تحسبه ثابتاً في القلب وعمله صاعداً إلى السماء
﴿أَتْقَنَ﴾ أحكم، أو
476
أحصى، أو أحسن، أو أوثق سريانية، أو عربية من إتقان الشيء إذا أُوثق وأحكم، وأصله التقن وهو ما ثقل في الحوض من طينة.
477
٨٩ - ﴿بالحسنة﴾ أداء الفرائض كلها، أوالتوحيد والإخلاص. ﴿خَيْرٌ مِّنْهَا﴾ الجنة، أو أفضل: بالحسنة عشر، أو فله منها خير للثواب العائد عليه " ع " ﴿من فزع﴾ القيامة. ﴿آمنون﴾ في الجنة، أو من فزع الموت في الدنيا آمنون في الآخرة.
٩٠ - ﴿بالسيئة﴾ الشرك " ع ". ﴿إنما أمرت أن أعبد ربّ هذه البلدة الذي حرّمها وله كل شىءٍ وأمرت أن أكون من المسلمين وأن أتلوا القرءان فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين وقل الحمد لله سيريكم ءاياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعلمون﴾
٩١ - ﴿البلدة﴾ مكة، أومنى ﴿حَرَّمَهَا﴾ بتعظيم حرمتها والكف عن صيدها وشجرها ﴿وَلَهُ كُلُّ شَىْءٍ﴾ ملكه فيحل منه ما يشاء ويحرم ما يشاء.
٩٣ - ﴿سيريكم آياته﴾ في الآخرة
﴿فَتَعْرِفُونَهَا﴾ على ما قال في الدنيا " ح " أو يريكم في الدنيا آيات السموات والأرض فتعرفون أنها حق.
﴿تَعْمَلُونَ﴾ من خير وشر فيجازي عليه.
477
سورة القصص
مكية أو إلا آية
﴿إن الذي فرض عليك القرآن﴾ [٨٥] نزلت بالجحفة.
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿طسم تلك ءايات الكتاب المبين نتلوا عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون ٣ إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفةٌ منهم يذبّح أبناءهم ويستحي نساءهم إنّه كان من المفسدين ونريد أن نّمنّ على الذن استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمةً ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون﴾
478