تفسير سورة السجدة

مراح لبيد
تفسير سورة سورة السجدة من كتاب مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد المعروف بـمراح لبيد .
لمؤلفه نووي الجاوي . المتوفي سنة 1316 هـ

سورة السجدة
وتسمى سورة المضاجع، مكية عند أكثرهم، تسع وعشرون آية، ستمائة وثمانون كلمة، ألف وخمسمائة وثمانية عشر حرفا
الم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢) ف «تنزيل» خبر عن «ألم»، أي هذه السورة المسماة «ألم» منزل الكتاب و «لا ريب فيه» حال من «الكتاب»، و «من رب» متعلق ب «تنزيل». أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ أي بل أيقول كفار مكة اختلق محمد القرآن من تلقاء نفسه! بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ أي بل القرآن هو الثابت من ربك نزل به جبريل عليك لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣) أي لكي تخوف بالقرآن قوما لم يأتهم رسول مخوف قبلك راجيا أنت لاهتدائهم، اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ أولها أحد وآخرها جمعة، ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ أي ثم استقام الله على ملكه وتصرف فيه تصرفا تاما، والعرش موجود قبل السموات والأرض ما لَكُمْ يا أهل مكة مِنْ دُونِهِ أي من غير الله مِنْ وَلِيٍّ أي قريب ينفعكم، وَلا شَفِيعٍ ينصركم من عذاب الله فعبادتكم لهذه الأصنام ضائعة لا هم خالقوكم ولا ناصروكم، أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٤) أي أتستمعون هذه المواعظ فلا تتذكرون يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٥)، أي يدبر أمر الدنيا من السماء على عباده، ويصعد إليه آثار الأمر وهي أعمالهم الصالحة الصادرة على موافقة ذلك الأمر، فإن نزول الأمر وعروج العمل في مسافة ألف سنة مما تعدون عليهم أي على غير الملائكة، فإن بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة سنة فينزل في مسيرة خمسمائة سنة ويعرج في مسيرة خمسمائة سنة، فهو مقدار ألف سنة.
قال عبد الرحمن بن سابط: يدبر أمر الدنيا أربعة: جبريل، وميكائيل، وملك الموت، وإسرافيل عليهم السلام. فأما جبريل: فموكل بالرياح والجنود. وأما ميكائيل: فموكل بالقطر والماء. وأما ملك الموت: فموكل بقبض الأرواح. وأما إسرافيل: فهو ينزل بالأمر عليهم وقد قيل: إن العرش موضع التدبير كما أن ما دون العرش موضع التفصيل، قال الله تعالى: ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ، وما دون السموات موضع التصريف ذلِكَ أي المدبر عالِمُ الْغَيْبِ
وَالشَّهادَةِ
أي عالم ما غاب عن العباد وما يكون وما علمه العباد، وما كان فيدبر أمرهما.
الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٦) فهو قادر على الانتقام من الكفرة واسع الرحمة على البررة الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ، فجميع المخلوقات حسنة وإن تفاوتت إلى حسن وأحسن، وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ (٧) أي بدأ آدم عليه السلام من أديم الأرض على فطرة عجيبة ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ أي ذريته مِنْ سُلالَةٍ أي من نطفة مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٨)، أي من ماء ضعيف مخلوط من ماء الرجل والمرأة، ثُمَّ سَوَّاهُ أي عدله بتكميل أعضائه في الرحم وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ أي جعل الروح فيه، وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ على مقتضى الحكمة وذلك لأن الإنسان يسمع أولا من الناس أمورا فيفهمها، ثم يحصل له بسبب ذلك بصيرة فيبصر الأمور ويجربها، ثم يحصل له بسبب ذلك إدراك تام وذهن كامل فيستخرج الأشياء من قلبه، قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ (٩) أي فتشكرون شكرا قليلا، وَقالُوا أي أبو جهل وأصحابه: أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أي أإذا غبنا في الأرض بالدفن بأن صرنا ترابا مخلوطا بترابها بحيث لا نتميز منه، أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أي أإنا يجدد خلقنا بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ (١٠) أي ليس إنكارهم لمجرد الخلق ثانيا، بل يكفرون بجميع أحوال الآخرة حتى لو صدقوا بالخلق الثاني لما اعترفوا بالعذاب والثواب،
قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ، أي قل يا أشرف الخلق: يقبض أرواحكم ملك الموت الذي وكّل بكم بقبض أرواحكم. وذلك دليل على بقاء الأرواح، فلا بد من الحياة بعد الموت لا كما تزعمون أن الموت من الأحوال الطبيعية العارضة للحيوان بموجب الجبلة، ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١١) بالبعث للحساب والجزاء، وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا أي ولو ترى أيها المخاطب إذ المشركون خافضوا رؤوسهم عند ربهم من الحياء والخزي عند ظهور قبائحهم يقولون: ربنا أبصرنا قبح أعمالنا وكنا نراها في الدنيا حسنة، وأبصرنا الحشر وَسَمِعْنا قول الرسول، وإن مردنا إلى النار، فَارْجِعْنا إلى الدنيا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ (١٢) أي إنا آمنا في الحال، أي لو ترى حالهم وتشاهد استخجالهم لترى عجبا وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها أي قال تعالى جوابا عن قولهم ذلك إني لو أرجعتكم إلى الإيمان لهديتكم في الدنيا، ولما لم أهدكم تبين إني ما شئت إيمانكم فلا أردكم إلى الدنيا. وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي أي سبقت كلمتي حيث قلت لإبليس فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين. وهو المراد بقوله تعالى: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣) أي من كفارهم فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا أي لا رجع لكم إلى الدنيا فذوقوا بسبب نسيانكم لقاء هذا اليوم الهائل وترككم التفكر فيه. إِنَّا نَسِيناكُمْ أي إنا تركناكم بالكلية غير ملتفت إليكم قطعا لرجائكم، وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ أي العذاب الدائم بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٤) في الكفر إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها أي بتلك الآيات
خَرُّوا سُجَّداً أي انقادت أعضاؤهم للسجود، وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ، أي وتحرك ألسنتهم بتنزيهه تعالى عن الشرك وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥)، عن الخرور والتسبيح
والتحميد تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ أي تتنحى جنوبهم عن مواضع المنام.
قال أنس: نزلت هذه الآية فينا، كنا نصلي المغرب فلا نرجع إلى رحالنا حتى نصلي العشاء مع النبي صلّى الله عليه وسلّم. وعن أنس أيضا قال: نزلت في أناس من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم كانوا يصلون من صلاة المغرب إلى صلاة العشاء وهي صلاة الأوابين وهو قول ابن حازم ومحمد بن المنكدر، وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما والمشهور أن المراد منه صلاة الليل وهو قول الحسن، ومجاهد، ومالك، والأوزاعي وجماعة
لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل»
«١» يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً من عدم قبول عبادته ومن سخطه تعالى وعذابه، وَطَمَعاً في رحمته وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ من المال يُنْفِقُونَ (١٦) في وجوه البر والحسنات، فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ أي فلا تعلم نفس لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ما ذخر لهم، مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ أي ما يحصل به الفرح والسرور جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٧) أي للجزاء بما كانوا يعملونه في الدنيا من الأعمال الصالحة، أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً؟ أي أفبعد ظهور التباين بين المؤمن والكافر يتوهم كون المؤمن الذي حكيت أوصافه الفاضلة كالكافر الذي ذكرت أحواله الشنيعة، لا يَسْتَوُونَ (١٨)، أي
المؤمنون كعلي رضي الله عنه، والكافرون كالوليد بن عقبة بن أبي معيط، وذلك أنه كان بينهما تنازع يوم بدر فقال الوليد بن عبقة لعلي:
اسكت فإنك صبي وأنا والله أبسط منك لسانا، وأشجع منك جنانا، وأملأ منك حشوا في الكتيبة فقال علي: اسكت فإنك فاسق. فأنزل الله تعالى هذه الآية
. أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلًا أي حالة كونها ثوابا معدا لهم كما يعد ما يحصل به الإكرام للضيف بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٩) أي بسبب أعمالهم الصالحة في الدنيا. وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا أي خرجوا عن دائرة الإيمان فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها، أي النار أُعِيدُوا فِيها بمقامع الحديد. وَقِيلَ لَهُمْ أي قالت الزبانية زيادة في غيظهم: ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٠) أي الذي كنتم في الدنيا تكذبون بعذاب النار وقلتم: إنه لا يكون
وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ، أي ولنصيبن كفار مكة من عذاب الدنيا بالقحط سبع سنين، والقتل والأسر يوم بدر قبل عذاب الآخرة لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢١) يتوبون عن الكفر، وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها أي لنذيقنهم ولا يرجعون فيكونون قد ذكروا بآيات الله من النعم أولا والنقم ثانيا، ولم يؤمنوا فلا أظلم منهم. إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (٢٢) أي لما لم ينفعهم العذاب الأدنى فأنا
(١) رواه ابن ماجة في المقدّمة، باب: في فضائل أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
243
منتقم منهم بالعذاب الأكبر. وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ، أي التوراة فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ أي فلا تكن يا أشرف الخلق في شك من لقاء الكتاب الذي هو القرآن، أي إنا آتينا موسى مثل ما أتيناك من الكتاب فلا تكن في شك من أنك لقيت نظيره، وَجَعَلْناهُ أي الكتاب الذي آتيناه موسى هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (٢٣) كما جعلنا كتابك هاديا للأمة وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ إلى دين الله بِأَمْرِنا إياهم بذلك، كما جعلنا من أمتك صحابة يهدون لَمَّا صَبَرُوا أي حين صبروا على مشاق الطاعات ومقاساة الشدائد في نصرة الدين.
وقرأ حمزة والكسائي بكسر اللام وتخفيف الميم، أي لصبرهم على ذلك. وَكانُوا بِآياتِنا- التي في تضاعيف الكتاب يُوقِنُونَ (٢٤) لإمعانهم فيها النظر إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ أي يقضي بَيْنَهُمْ أي بين المبتدع والمتبع كما يفصل بين المؤمن والكافر، أو يفصل بين المختلفين من أمة واحدة كما يفصل بين المختلفين من الأمم الكثيرة يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٢٥) من أمور الدين. أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا أي أغفلوا ولم يفعل الهداية لهم كثرة إهلاكنا وقد جوز أن يكون الفاعل ضميرا يعود على الله، كما يدل عليه قراءة «نهد» بنون العظمة فيكون «كم أهلكنا» إلخ استئنافا مبينا لكيفية هدايته تعالى مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ مثل عاد وثمود، وقوم ولوط. يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ أي يمرون في أسفارهم إلى التجارة على ديارهم وبلادهم، ويشاهدون آثار هلاكهم إِنَّ فِي ذلِكَ أي في كثرة إهلاكنا الأمم الخالية العاتية لَآياتٍ عظيمة في أنفسها كثيرة في عددها أَفَلا يَسْمَعُونَ (٢٦) هذه الآيات سماع تدبر واتعاظ؟ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ أي التي أزيل نباتها بالمرة.
قال ابن عباس هي أرض اليمن والشام. وقال قوم: هي مصر فَنُخْرِجُ بِهِ أي بذلك الماء من تلك الأرض زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أي من ذلك الزرع أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ قدم الأنعام في الأكل لأن الزرع أول ما ينبت يصلح للدواب، ولأن الزرع غذاء الدواب، وهو لا بد منه أَفَلا يُبْصِرُونَ (٢٧) ؟
أي ألا ينظرون فلا يبصرون ذلك ليستدلوا به على كمال قدرته تعالى، وعلى فضله؟ وَيَقُولُونَ أي المشركون للمؤمنين بطريق الاستعجال تكذيبا واستهزاء: مَتى هذَا الْفَتْحُ أي النصر؟ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٨) ! وكان المسلمون يقولون: إن الله سيفتح لنا على المشركين وإن الله ينصرنا عليكم. قُلْ يا أشرف الخلق لبني خزيمة وبني كنانة يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ إذا جاءهم العذاب وقتلوا لأن إيمانهم حال القتل إيمان اضطرار، وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٢٩) أي يمهلون بتأخير العذاب عنهم، ولما فتحت مكة هربت قوم من بني كنانة فلحقهم خالد بن الوليد، فأظهروا الإسلام، فلم يقبله منهم خالد وقتلهم، فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ أي عن بني خزيمة ولا تبال بتكذيبهم وَانْتَظِرْ هلاكهم يوم فتح مكة إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (٣٠) هلاكك. ويقال: وانتظر النصر من الله فإنهم ينتظرون النصر من آلهتهم. ويقال: وانتظر عذابهم بنفسك فإنهم ينتظرونه بلفظهم استهزاء.
244
Icon