ﰡ
﴿ المزمل ﴾ أصله المتزمل من تزمل بثيابه إذا تلفف بها.
تفسير المعاني :
يا أيها المتزمل المتلفف في ثيابه
داوم على صلاة الليل إلا قليلا منه
فقم نصفه أو انقص من النصف قليلا.
﴿ ورتل القرآن ﴾ أي اقرأه على تؤدة وتبيين حروف بحيث يتمكن السامع من عدها. من قولهم ثغر رتل ورتل. يقال رتل الشيء يرتل رتلا،
تناسق وانتظم.
تفسير المعاني :
أو زد عليه وأحسن قراءة القرآن بهدوء ونظام.
إنا سنوحي إليك قولا ثقيلا، أي رصينا لرزانة لفظه وضخم معناه،
﴿ إن ناشئة الليل ﴾ أي إن النفس التي تنشأ من مضجعها إلى العبادة، من نشأ من مكانه إذا نهض منه. وقيل معناه العبادة التي تنشأ بالليل. وقيل بل معناه ساعات الليل، أو الساعات الأولى من الليل. ﴿ هي أشد وطئا ﴾ أي كلفة. وأصل الوطء الدوس، وأشد وطئا معناه العرفي أشد دوسا، والمراد أثبت قدما في حضور القلب. ﴿ وأقوم قيلا ﴾ أي وأعدل مقالا، والقيل القول.
تفسير المعاني :
وإن عبادة الليل هي أثبت قدما في عالم العبادة وأعدل مقالا.
﴿ إن لك في النهار سبحا طويلا ﴾ أي تقلبا في مهامك وأشغالك، فعليك بالتهجد ليلا.
تفسير المعاني :
إن لك في النهار يا محمد تقلبا طويلا في مهامك، فتهجد ليلا
﴿ وتبتل إليه تبتيلا ﴾ أي وانقطع إليه بالعبادة. ثلاثيه بتله يبتله بتلا أي قطعه.
تفسير المعاني :
واذكر اسم ربك وانقطع إليه.
إن ربك يا محمد يعلم أنك تتهجد أقل من ثلثي الليل ونصفه وثلثه، وطائفة من الذين آمنوا معك. والله يعلم مقادير ساعات الليل والنهار.
﴿ هجرا جميلا ﴾ أي بأن تجانبهم ولا تقابلهم بمثل إساءتهم.
تفسير المعاني :
واصبر على ما يقولونه فيك وفي دينك واهجرهم. ولا تقابل إساءتهم بمثلها، بل اعف عنهم
﴿ وذرني ﴾ أي واتركني. ﴿ أولى النعمة ﴾ أي أصحاب التنعم. ﴿ ومهلهم قليلا ﴾ أي وأمهلهم زمانا قليلا وإمهالا قليلا.
تفسير المعاني :
ودعني أنا للمكذبين أصحاب التنعم والترف وأمهلهم وقتا قليلا.
﴿ أنكالا ﴾ جمع نكل وهو القيد الثقيل.
تفسير المعاني :
إن عندنا قيودا ثقيلة ونارا متأججة.
﴿ ذا غصة ﴾ أي ينشب في الحلق. يقال غصصت بالطعام أغص غصصا، أي نشب في حلقي ولم يسغ.
تفسير المعاني :
وطعاما يغص به آكله وعذابا أليما.
﴿ كثيبا ﴾ أي رملا مجتمعا، مشتق من كثبت الشيء أي جمعته. ﴿ مهيلا ﴾ أي منثورا من هال التراب يهيله هيلا، إذا نثره.
تفسير المعاني :
يوم تضطرب الأرض والجبال، وتصير الجبال كأنها رمال كانت مجتمعة فتهايلت وتناثرت.
إنا أرسلنا إليكم أيها العرب رسولا عليكم يوم القيامة، كما أرسلنا إلى فرعون رسولا.
﴿ وبيلا ﴾ أي وخيما. يقال وبل المكان يوبل وبالا ووبولا أي وخم.
تفسير المعاني :
فلما عصى فرعون الرسول أخذناه أخذا ثقيلا.
﴿ الولدان ﴾ جمع ولد. ﴿ شيبا ﴾ جمع أشيب.
تفسير المعاني :
فكيف تدفعون عن أنفسكم إن كفرتم شر يوم تشيب لهوله الولدان،
﴿ منفطر ﴾ أي منشق، وجاء بصيغة التذكير على تأويل أن السماء سقف.
تفسير المعاني :
وتنشق فيه السماء، ويتحقق وعد الله.
إن هذه موعظة فمن شاء أن يتعظ اتخذ سبيلا من التقوى للوصول إلى ربه.
﴿ أدنى من ثلثي الليل ﴾ أي أقل من ثلثي الليل. وقد عبر عن ذلك بلفظ الأدنى الذي معناه الأقرب لأن الأقرب إلى الشيء أقل بعدا منه.
﴿ فاقرءوا ما تيسر من القرآن ﴾ أي فصلوا ما تيسر لكم من صلاة الليل، عبر عن الصلاة بالقراءة كما عبر عنها بسائر أركانها. ﴿ وآخرون يضربون في الأرض ﴾ الضرب في الأرض كناية عن السفر فيها لطلب العلم أو التجارة. ﴿ وأقيموا الصلاة ﴾ أي المفروضة. ﴿ وأقرضوا الله قرضا حسنا ﴾ أي أسلفوه مالا ينفق في سبيل الله ليرده مضاعفا.
تفسير المعاني :
وقد علم أنكم لا تستطيعون تقدير أوقات الليل والنهار ولا ضبط ساعاتهما فتاب عليكم ما قصرتم في ذلك، وأراد أن يخفف عنكم، فصلوا ما تيسر لكم من الصلاة على قدر طاقتكم، وإن لهذا التخفيف حكمة أخرى، وهي أنه علم أن سيكون منكم مرضى، وآخرون يسيحون في الأرض يطلبون من فضله بالتجارة أو التعلم، وآخرون يقاتلون في سبيل الله، فيتعذر عليهم التهجد قدرا محدودا، فصلوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة المفروضة، وآتوا الزكاة الواجبة، وأسلفوا الله مالا لينفق في سبيله ليرده إليكم أضعافا مضاعفة، وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا من الذي تؤخرونه من متاع الدنيا، واستغفروا الله في جميع أحوالكم، فإن الإنسان لا يخلو من إفراط وتفريط، إن الله كثير المغفرة كثير المرحمة. قيل كان التهجد واجبا على التخيير المذكور، فعسر عليهم القيام به فنسخ بالآية، المخففة له، وهي﴿ فاقرءوا ما تيسر من القرآن ﴾، ثم نسخ بتاتا بالصلاة المفروضة.