تفسير سورة الهمزة

زاد المسير
تفسير سورة سورة الهمزة من كتاب زاد المسير في علم التفسير المعروف بـزاد المسير .
لمؤلفه ابن الجوزي . المتوفي سنة 597 هـ
سورة الهمزة، وهي مكية بإجماعهم.
قال هبة الله المفسر : وقد قيل : إنها مدنية. واختلف المفسرون هل نزلت في حق شخص بعينه، أم نزلت عامة ؟ على قولين :
أحدهما : نزلت في حق شخص بعينه.
ثم فيه ستة أقوال :
أحدها : الأخنس بن شريق، رواه أبو صالح، عن ابن عباس، وبه قال السدي، وابن السائب.
والثاني : العاص بن وائل السهمي، قاله عروة.
والثالث : جميل بن عامر، قاله ابن أبي نجيح.
والرابع : الوليد بن المغيرة، قاله ابن جريج، ومقاتل.
والخامس : أمية بن خلف، قاله ابن إسحاق.
والسادس : أبي بن خلف، حكاه الماوردي.
والقول الثاني : أنها نزلت عامة لا في شخص بعينه، قاله مجاهد.

سورة الهمزة
وهي مكّيّة بإجماعهم قال هبة الله المفسّر: وقد قيل: إنها مدنيّة. واختلف المفسّرون هل نزلت في حقّ شخص بعينه، أم نزلت عامّة؟ على قولين: أحدهما: نزلت في حقّ شخص بعينه.
ثم فيه ستة أقوال «١» : أحدها: الأخنس بن شريق، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال السّدّيّ، وابن السّائب. والثاني: العاص بن وائل السّهمي، قاله عروة. والثالث: جميل بن عامر، قاله ابن أبي نجيح. والرابع: الوليد بن المغيرة، قاله ابن جريج، ومقاتل. والخامس: أميّة بن خلف، قاله ابن إسحاق. والسادس: أبيّ بن خلف، حكاه الماوردي.
والقول الثاني: أنها نزلت عامّة لا في شخص بعينه، قاله مجاهد.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الهمزة (١٠٤) : الآيات ١ الى ٩]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (١) الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ (٢) يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ (٣) كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (٤)
وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (٥) نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (٦) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (٧) إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (٩)
قوله عزّ وجلّ: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ اختلفوا في الهُمَزَة واللُّمَزَة هل هما [بمعنى واحد، أم مختلفان؟] على قولين: أحدهما: أنهما مختلفان.
ثم فيهما سبعة أقوال: أحدها: أن الهُمَزَة: المُغْتَاب، واللُّمَزَة: العيَّاب، قاله ابن عباس. والثاني:
أن الهُمَزَة: الذي يهمز الإنسان في وجهه. واللُّمَزَة: يَِلْمِزُه إذا أدبر عنه، قاله الحسن، وعطاء، وأبو العالية. والثالث: أن الهُمَزَة: الطعَّان في الناس، واللُّمَزَة: الطعَّان في أنساب الناس، قاله مجاهد.
والرابع: أن الهُمَزَة: بالعين، واللُّمَزَة: باللسان، قاله قتادة. والخامس: أن الهُمَزَة: الذي يهمز الناس بيده ويضربهم، واللُّمَزَة: الذي يَلْمِزهم بلسانه، قاله ابن زيد. والسادس: أن الهُمَزَة: الذي يهمز بلسانه، واللُّمَزَة: الذي يلمز بعينه، قاله سفيان الثوري. والسابع: أن الهُمَزَة: المغتاب، واللُّمَزَة:
الطاعن على الإنسان في وجهه، قاله مقاتل.
(١) قال الطبري رحمه الله في «تفسيره» ١٢/ ٦٨٨: والصواب من القول في ذلك، أن يقال: إن الله عم بالقول كل همزة لمزة، كل من كان بالصفة التي وصف هذا الموصوف بها.
488
والقول الثاني: أن الهُمَزَة: العَيَّاب الطعان، واللُّمَزَة مثله. وأصل الهمز واللمز: الدفع، قاله ابن قتيبة، وكذلك قال الزجاج: الهُمَزَة اللُّمَزَة: الذي يغتاب الناس ويعضهم، قال ابن فارس: والعضيهة الكذب والبهتان قال الشاعر:
إذا لَقِيتُكَ عَنْ كُرْهٍ تُكَاشِرُني وإن تغيّبت كنت الهامز اللّمزة
قوله عزّ وجلّ: الَّذِي جَمَعَ مالاً قرأ أبو جعفر، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وخلف، وروح: «جَمَّع» بالتشديد. والباقون بالتخفيف.
قوله عزّ وجلّ: وَعَدَّدَهُ قرأ الجمهور بتشديد الدال. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي والحسن وابن يعمر بتخفيفها. وللمفسرين في معنى الكلام قولان: أحدهما: أحصى عَدَدَه، قاله السدي.
والثاني: أَعَدَّه لما يكفيه في السِّنين، قاله عكرمة. قال الزجاج: من قرأ «عدَّده» بالتشديد، فمعناه: عدَّده للدهور. ومن قرأ «عدده» بالتخفيف، فمعناه: جمع مالا وعدّده. أي: وقوما اتّخذهم أنصارا.
قوله عزّ وجلّ: يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ أخلده بمعنى يخلده، والمعنى: يظن ماله مانعاً له من الموت، فهو يعمل عمل من لا يظن أنه يموت كَلَّا أي: لا يخلده ماله ولا يبقى له لَيُنْبَذَنَّ أي:
ليُطْرَحَنَّ فِي الْحُطَمَةِ وهو اسم من أسماء جهنم. سميت بذلك لأنها تحطم ما يُلقى فيها، أي:
تكسره، فهي تكسر العظم بعد أكلها اللحم. ويقال للرجل الأكول: إنه لَحُطَمة. وقرأ أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وأبو عبد الرحمن، والحسن، وابن أبي عبلة، وابن محيصن: «لينبذانِّ» بألف ممدودة، وبكسر النون، وتشديدها، أي: هو وماله.
قوله عزّ وجلّ: الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ أي: تأكل اللحم والجلود حتى تقع على الأفئدة فتحرقها.
وقال الفرّاء: يبلغ ألمها للأفئدة. والاطِّلاع والبلوغ قد يكونان بمعنى واحد، والعرب تقول: متى طلعَت أرضنا؟ أي: بلغتَ. وقال ابن قتيبة: تطّلع على الأفئدة، أي: تقوى عليها وتشرف. وخص الأفئدة، لأن الألم إذا صار إلى الفؤاد مات صاحبه، فأخبر أنهم في حال من يموت، وهم لا يموتون. وقد ذكرنا تفسير «المؤصدة» في سورة البلد «١».
قوله عزّ وجلّ: فِي عَمَدٍ قرأ حمزة والكسائيّ، وخلف، وعاصم إلا حفصاً بضم العين، وإسكان الميم. وقرأ الباقون بفتحهما. قال الفرّاء وهما حيطان للعمود، وقرأ هارون عن ابن عمرو بضم العين وإسكان الميم. قال المفسرون: وهي أوتاد الأطباق التي تطبق على أهل النار. و «في» بمعنى الباء. والمعنى: مطبَقة بعُمُدٍ. قال قتادة: وكذلك هو في قراءة عبد الله. وقال مقاتل: أُطبقت الأبواب عليهم، ثم شُدَّت بأوتادٍ من حديد، حتى يرجع عليهم غَمُّها وحَرُّها. و «ممدَّدة» صفة العُمُد، أي: أنها ممدودة مطوّلة، وهي أرسخ من القصيرة. وقال قتادة: هي عُمُدٌ يعذَّبون بها في النار. وقال أبو صالح:
«عمد ممددة» قال: القيود الطّوال.
(١) البلد: ٢٠.
489
Icon