تفسير سورة المسد

أحكام القرآن للجصاص
تفسير سورة سورة المسد من كتاب أحكام القرآن المعروف بـأحكام القرآن للجصاص .
لمؤلفه الجصَّاص . المتوفي سنة 370 هـ

سورة إذا جاء نصر الله

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قَوْله تَعَالَى إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ رُوِيَ أَنَّهُ فَتْحُ مَكَّةَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً لِأَنَّ إطْلَاقَ اللَّفْظِ يَقْتَضِيهِ ولا ينصرف إلى الصلح إلا بتقييد
وقوله تعالى فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ
رَوَى أَبُو الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي
يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ
وَرَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك قَالَتْ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الْكَلِمَاتُ الَّتِي أَرَاك قَدْ أَحْدَثْتهَا قَالَ جُعِلَتْ لِي عَلَامَةٌ فِي أُمَّتِي إذَا رَأَيْتهَا قُلْتهَا إذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ إلَى آخِرِهَا
آخر السورة.
سورة تبت

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قَوْله تَعَالَى مَا أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَا كَسَبَ يَعْنِي وَلَدَهُ وَسَمَّاهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ الْكَسْبَ الْخَبِيثَ
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن أَفْضَلَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ
كَقَوْلِهِ أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك
وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ اسْتِيلَادِ الْأَبِ لِجَارِيَةِ ابْنِهِ وَأَنَّهُ مُصَدَّقٌ عَلَيْهِ وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدِهِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَالِدَ لَا يُقْتَلُ بِوَلَدِهِ لِأَنَّهُ سَمَّاهُ كَسْبًا لَهُ كَمَا لَا يُقَادُ لِعَبْدِهِ الَّذِي هُوَ كَسْبُهُ
وقَوْله تَعَالَى سَيَصْلى نَارًا ذاتَ لَهَبٍ إحْدَى الدَّلَالَاتِ عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِأَنَّهُ وَامْرَأَتَهُ سَيَمُوتَانِ عَلَى الْكُفْرِ وَلَا يُسْلِمَانِ فَوُجِدَ مُخْبَرُهُ عَلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ وَقَدْ كَانَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ سَمِعَا بِهَذِهِ السُّورَةِ وَلِذَلِكَ قَالَتْ امْرَأَتُهُ إنَّ مُحَمَّدًا هَجَانَا فَلَوْ أَنَّهُمَا قَالَا قَدْ أَسْلَمْنَا وَأَظْهَرَا ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدَاهُ لَكَانَا قَدْ رَدَّا هَذَا الْقَوْلَ وَلَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَجِدُونَ مُتَعَلَّقًا وَلَكِنَّ اللَّهَ عَلِمَ أَنَّهُمَا لَا يُسْلِمَانِ إلا بِإِظْهَارِهِ وَلَا بِاعْتِقَادِهِ فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ وَكَانَ مُخْبَرُهُ عَلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِ لَوْ قَالَ إنَّكُمَا لَا تَتَكَلَّمَانِ الْيَوْمَ فَلَمْ يَتَكَلَّمَا مَعَ ارْتِفَاعِ الْمَوَانِعِ وَصِحَّةِ الْآلَةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ أَظْهَرِ الدَّلَالَاتِ عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّتِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ أَبَا لَهَبٍ
Icon