تفسير سورة الحجرات

أحكام القرآن
تفسير سورة سورة الحجرات من كتاب أحكام القرآن .
لمؤلفه ابن الفرس . المتوفي سنة 595 هـ
مدنية، وفيها مواضع ١.
١ أوصلها ابن الفرس إلى ثمان آيات..

– قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله.... ﴾ إلى قوله :﴿ أن تحبط أعمالكم ﴾ :
اختلف في سبب نزول هذه الآية، فقيل هو ما كانت العرب تفعله من مشاركة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأداء. فربما كان بعضهم يقول : لم يزل كذا في معنى كذا، ولو فعل الله كذا، وينبغي أن يكون كذا ونحو ذلك، فنزلت الآية. وقيل إن سببها أن وفد بني تميم لما قدم قال أبو بكر الصديق : يا رسول الله لو أمرت القعقاع بن معبد ١ وقال عمر بن الخطاب يا رسول الله : أمر الأقرع بن حابس ٢ فقال له أبو بكر : ما أردت إلا خلافي. فقال عمر : ما أردت خلافك، وارتفعت أصواتهما، فنزلت الآية. وأكثرهم لم يذكر لها سببا ٣ واختلفوا في معنى التقدم في الآية ما هو ؟ فقيل هو من تقديم الولاة، وهذا قول من قصر الآية على سببها من حديث أبي بكر وعمر. وقيل المعنى : لا تذبحوا قبل ذبحه، وهو قول الحسن بن أبي الحسن. وقيل معناه النهي عن صيام يوم الشك. وحكي عن مسروق أنه قال : دخلت عائشة في يوم الشك فقالت للجارية : أسقيه عسلا، فقلت إني صائم. فقالت : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام هذا اليوم وفيه نزلت ﴿ لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ﴾. وهذا يرد قول من يجيز صيام يوم الشك. وقيل معنى الآية : لا تمشوا بين يدي رسول الله وكذلك بين يدي العلماء فإنهم ورثة الأنبياء، وحكي هذا عن زيد. وقيل معناها لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة، وهو قول ابن عباس. والأحسن في الآية أن تحمل على عمومها في كل ما كان يمكن أن يتمثل فيه رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي كل ما يكون فيه امتثال أمره ونهيه وفي كل ما يمكن فيه تعظيمه. ويحتج بهذه الآية في اتباع الشرع من كل ما ورد وصدر وربما احتج به نفاة القياس ٤.
١ القعقاع بن معبد: هو القعقاع بن معبد بن زرارة بن عدس بن زيد، من بني تميم. وكان يقال له تيار الفرات من سخائه. انظر طبقات ابن سعد ٥/ ١٦١..
٢ الأقرع بن حابس بن عقال بن محمد التميمي. قدم في وفد بني تميم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. استشهد في اليرموك وقيل غير ذلك. انظر الإصابة ١/ ٩١..
٣ راجع أسباب النزول للواحدي ص ٢٨٨..
٤ راجع أحكام القرآن للجصاص ٥/ ٢٧٦، ٢٧٧، أحكام القرآن لابن العربي ٤/ ١٧٠٠ – ١٧٠٣، أحكام القرآن للكيا الهراسي ٤/ ٣٨١، الجامع لأحكام القرآن ١٦/ ٣٠٠ – ٣٠٥ وأسباب النزول للواحدي ص ٢٨٨..
– قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ﴾ :
اختلف أيضا في سببه. فقيل نزلت بسبب عادة العرب من الجفاء وعلو الصوت والجهر وكان ثابت بن قيس بن شماس ممن في صوته جهارة، فلما نزلت هذه الآية اهتم وخاف على نفسه وجلس في بيته ولم يخرج وهو كئيب حزين، حتى عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فبعث إليه فآنسه وقال له : " امش في الأرض بسطا فإنك من أهل الجنة " وقال له مرة : " أما ترضى أن تعيش حميدا وتموت شهيدا " فعاش كذلك ثم قتل باليمامة يوم مسيلمة. وقيل إن سبب قصة أبي بكر وعمر المتقدمة. وحقيقة معنى الآية الأمر بالتعظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم والتوقير وحفظ الصوت بحضرته. وقد كره بعض العلماء رفع الصوت عند قبره عليه الصلاة والسلام وكره بعضهم رفع الصوت في مجالس الفقهاء تشريفا لهم لأنهم ورثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ١.
١ راجع أحكام القرآن لابن العربي ٤/ ١٧٠٢، التفسير الكبير ٢٨/ ١١٣، أحكام القرآن للجصاص ٥/ ٢٧٧، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١٦/ ٣٠٣ – ٣٠٦..
- قوله تعالى :-ayah text-primary">﴿ يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة ﴾ :
وسببها أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط ١ إلى بني المصطلق مصدقا. ثم اختلف الرواة في حاله، فقيل إنه كان معاديا لهم فأراد إذايتهم فرجع من بعض طريقه وكذب عليهم وقال النبي صلى الله عليه وسلم إنهم قد منعوني الصدقة وطردوني وارتدوا ٢ فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وهم بغزوهم ونظر في ذلك. وبعث خالد بن الوليد فورد ٣ فوجدهم منكرين لذلك ٤. وقيل إنه لما قرب منهم خرجوا إليه متلقين له فلما رآهم من بعد فزع منهم وظن بهم الشر وانصرف، فقال ما ذكرناه. وقيل إنه لما قرب منهم بلغه عنهم أنهم قالوا لا نعطيه الصدقة فعمل على صحة هذا الخبر وانصرف فقال ما ذكرناه، فنزلت الآية بهذا السبب. والمشار إليه في الآية لفاسق هو الوليد على ما قال جماعة من المفسرين ثم هي باقية فيمن اتصف بهذه الصفة آخر الدهر. والفاسق هو كل من ظهرت جرحته على غير ٥ تأويل منه فيها بشهادة مثل هذا، وروايته غير مقبولة باتفاق. واستثنى الجميع من جملة ذلك ما لا تعلق له بالشهادة ولا بالراوية مثل قول الفاسق : قد أهدى له فلان هذه الهداية ونحو ذلك. قالوا وكذلك ٦ يقبل في مثل هذا خبر الكافر. واستدل بعضهم بهذه الآية على وجوب قبول خبر الواحد إذا كان عدلا لأنه تعالى أمر بالتثبت في نبأ الفاسق. فنبأ ٧ العدل إذا بخلافه على القول بدليل الخطاب وبوجوب العمل بخبر ٨ الواحد ٩. قال مالك والجماهير : وذهبت القدرية ومن تابعهم من أهل الظاهر إلى أن العمل به محرم. وهذا قول فاسد ترده الأصول. وإذا قلنا بقبول خبر الواحد فهل يقبل في ذلك رجل واحد أم لا ؟ فذهب الجمهور إلى أنه يقبل في ذلك الواحد. وذهب الجبائي ١٠ إلى أنه لا يقبل إلا خبر رجلين. وقال قوم لا بد من أربعة. ودليل خطاب الآية التي يدل على قبول خبر الواحد يرد هذين القولين ويصحح القول الأول لأن الذي جاء بالنبأ المذكور في الآية إنما كان واحدا فنهى عن قبوله فدل أن الواحد إذا كان عدلا بخلافه، فيجب إذن على ذلك أن يقبل خبر الواحد بين الأصوليين في مثل هذا الاستدلال خلاف. واستدل بعضهم بالآية أيضا على أن المسلمين على الجرحة حتى تثبت العدالة، وهو قول مالك وأصحابه، وردوا بذلك قول أبي حنيفة ومن تابعه أنهم محمولون على العدالة حتى تثبت الجرحة، قالوا لأن الله تعالى أمر بالتثبت في خبر الفاسق. والمجهول الحال يحتمل أن يكون فاسقا فيجب التثبت أيضا في قوله، فإن حكم الحاكم قبل التثبت فقد أصاب المحكوم عليه بجهالة. فنص الآية أن الفاسق لا تقبل روايته ولا شهادته وقد أجاز أبو حنيفة عقد النكاح بشهادة فاسقين أو محدودين، وكذلك أجاز في الشهادة على الهلال في رمضان شهادتهما، وفي الآية ما يرد ذلك. وقد اختلف في شهادة الفاسق المتأول، مثل أهل الأهواء كالخوارج وغيرهم. ومذهب الشافعي قبولها ومذهب مالك وغيره ردها. وعموم الآية حجة لهم. وكذلك اختلف في شهادة الكفار بعضهم على بعض، فمنعها الجمهور وأجاز أبو حنيفة شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض، وشهادتهم على غيرهم من أهل الكفر والآية حجة لقول الجمهور لأن الفاسق إذا لم تقبل شهادته فالكافر أولى لأن الكفر فسق وزيادة.
١ الوليد بن عقبة بن أبي معيط: هو أبو وهب الوليد بن عقبة بن أبي معيط الأموي القرشي. توفي سنة ٦١ هـ/ ٦٨٠م. انظر الإصابة ٣/ ٦٠١..
٢ "وارتدوا" كلمة ساقطة في (ب)..
٣ "فورد" كلمة ساقطة في (أ)، (ب)، (د)، (هـ)..
٤ راجع أسباب النزول للواحدي ص ٢٩٣..
٥ "غير" كلمة ساقطة في (أ)..
٦ في (ح): "وكيف"..
٧ "فنبأ" كلمة ساقطة في (ب)، (هـ)..
٨ في (أ(، (ز): "بقول"..
٩ راجع التفسير الكبير ٢٨/ ١١٩، وأحكام القرآن للجصاص، باب: حكم خبر الفاسق ٥/ ٢٧٨..
١٠ الجبائي: هو محمد بن عبد الوهاب بن سلام الجبائي، أبو علي. من أئمة المعتزلة ورئيس علماء الكلام في عصره. توفي ٣٠٣هـ/ ٩١٦م. انظر نفح الطيب للمقريزي ٢/ ٣٤٨..
– وقوله تعالى :﴿ وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما... ﴾ إلى قوله تعالى :﴿ إن الله يحب المقسطين ﴾ :
اختلف في سبب الآية، فقيل سببها ما وقع بين بعض المسلمين وبين المتحزبين منهم مع عبد الله بن أبي بن سلول حين مر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوجه إلى زيارة سعد بن عبادة في مرضه، فقال عبد الله بن أبي لما غشيه حمار رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تغبر علينا، ولقد آذانا نتن حمارك. فرد عليه عبد الله بن رواحة الحديث بحاله، فتلاحى الناس حتى وقع بينهم ضرب بالجريد وقيل بالحديد وهو قول الجمهور ١ وقيل سببها ٢ أن فرقتين من الأنصار وقع بينهما قتال فأصلحه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد جهد ونزلت الآية وهو قول الحسن وغيره. وقيل سببها أنه كان بالمدينة امرأة من الأنصار يقال لها أم بدر وكان لها زوج من غيرهم وقع بينهم شيء أوجب أن ثاب لها قومها وله قومه فوقع قتال بينهم فنزلت الآية ٣. وقد أمر الله تعالى في هذه الآية بقتال الفئة الباغية، ومن هذا الباب النهوض في الفتن بين المسلمين وقد اختلف العلماء فيه. فذهبت طائفة إلى أنه لا يجوز النهوض في شيء منها وأن على الإنسان أن يستسلم إلى القتل وإن أريدت نفسه ولا يدافع عنها واحتجوا بقوله عليه الصلاة والسلام : " ستكون فتن، القائم فيها خير من القاعد والقاعد فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي، من أشرف لها استشرفته، فمن وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به " ٤ وبأمره عليه الصلاة والسلام بكسر السيوف في الفتن ولزوم البيوت، وبقوله عليه الصلاة والسلام : " قتل المؤمن كفر " ٥ ومن ذهب إلى هذا من الصحابة حذيفة ومحمد بن مسلمة وأبو ذر وسعد بن أبي وقاص وغيرهم. وذهبت طائفة إلى مثل هذا إلا أنهم قالوا إن دخل داخل على بعض من اعتزل الفريقين منزله يريد نفسه فعليه دفعه عن نفسه وإن قتله. روي ذلك عن عبيدة السلماني ٦ وعمران بن حصين ٧ وابن عمر أيضا، واحتجوا بمثل ما تقدم. غير أنهم احتجوا بإباحة الدفع عن أنفسهم بقوله عليه الصلاة والسلام : " من قاتل دون ماله ونفسه فقتل فهو شهيد " ٨. وذهبت طائفة إلى النهوض فيها والأخذ على أيدي الطائفة المخطئة وقصر المصيبة عليها، قالوا لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بالأخذ على يد الظالم فقال : " لتأخذن على ٩ يد الظالم تأطروه على الحق إطراء أو ليسلطن الله عليكم شراركم فيدعوا خياركم فلا يستجاب لهم " ١٠ قالوا ولا يصح أن تكون الطائفتان جميعا مصيبتين بل تكون إحداهما مصيبة والأخرى مخطئة فيجب نصر المصيبة. وهذا مروي عن علي وطلحة وعائشة وعمار بن ياسر. وروي عن عمر أنه قال : ما وجدت في نفسي من شيء ما وجدت أني لم أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله تعالى : وقال بعضهم : القول بنصر الطائفة المصيبة أصح لقوله تعالى :﴿ فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ﴾ وبالآية احتج جماعة من أهل العلم. فهذا نص في وجوب قتال الفئة الباغية، فلا معنى لقول من رأى القعود عن قتالها. وقد احتج بعضهم في ذلك أيضا بقتال أبي بكر رضي الله تعالى عنه مانعي الزكاة. قال : ولو كان ذلك لما أقيم لله تعالى حق ولا أبطل باطل. والكلام في هذه المسألة يتغلغل إلى أكثر من ذلك فلتقف عند هذا على شرطنا في الاختصار. وقال عليه الصلاة والسلام : " حكم الله في الفئة الباغية أن لا يجهز على جريح ولا يطلب هارب ولا يقتل أسير " ١١. وإذا قيل بالنهوض في الفتن ونصر أهل الحق فمع أي طائفة يكون الناهض ؟ أمع السواد الأعظم أو مع علمائهم أو مع من يرى أن الحق معه ؟ في ذلك اختلاف. فذهبت جماعة إلى لزوم السواد الأعظم ورأوا أنه الحق الواجب والفرض الثابت وأن من خالفهم فهم الفئة الباغية. وإلى نحو هذا ذهب ابن مسعود، ومن حجتهم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلزوم الجماعة ١٢. وذهب قوم إلى لزوم جماعة العلماء، قالوا : وذلك أن الله تعالى جعلهم حجة على خلقه وإليهم تفزع العامة في دينها وهم تبع لهم وهم المعنيون بقوله : " لن تجتمع أمتي على ضلالة " ١٣. والذي يأتي على فرض القول بقتال الفئة الباغية أن يكون الإنسان في الفتنة مع من يرى أن الحق معه، وعليه يدل ظاهر قوله تعالى :﴿ فإن بغت إحداهما على الأخرى ﴾ إذ لم يخص كثيرا من قليل ولا العلماء من غيرهم، فإنما اعتبر في ذلك البغي، فحيث اعتقده الإنسان زال عنه وحيث لم يره كان فيه. واختلف العلماء في أهل مكة إذا بغوا على أهل العدل، فذهب بعض الفقهاء ١٤ إلى تحريم قتالهم مع بغيهم وأنه يضيق عليهم حتى يرجعوا عن البغي ويدخلوا في أحكام أهل العدل، فاستثنوا أهل مكة من عموم الآية. والذي عليه أكثر الفقهاء أنهم يقاتلون على بغيهم إذا لم يكن ردهم عن البغي إلا بقتال لأن قتال أهل البغي من حقوق الله تعالى التي لا يجوز أن تضاع، وكونها محفوظة في حرمة أولى من أن تكون مضافة فيه. وحملوا الآية على عمومها في أهل مكة وغيرهم ١٥.
١ راجع أسباب النزول للواحدي ص ٢٧٤..
٢ "سببها" كلمة ساقطة في (ج)، (ح)..
٣ راجع لباب النقول ص ٧٢٤، وأحكام القرآن لابن العربي ٤/ ١٧٠٥، وأحكام القرآن للجصاص، باب: قتال أهل البغي ٥/ ٢٧٩..
٤ الحديث: أخرجه أحمد في مسنده عن أبي بكرة ٥/٤٨..
٥ راجع حكم قتل المؤمن في سنن أبي داود، كتاب الفتن، باب: في تعظيم قتل المؤمن ٤/ ٤٦٣. وفي سنن الترمذي، كتاب الديات، باب: ما جاء في تشديد قتل المؤمن ٤/ ١٦..
٦ عبيدة السلماني: هو عبيدة بن عمر السلماني المرادي. تابعي أسلم باليمن أيام فتح مكة ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم. توفي سنة ٧٢هـ/ ٦٩١م. انظر تذكرة الحفاظ للذهبي ١/ ٢٦..
٧ عمران بن حصين: هو عمران بن حصين بن عبيد الخزاعي. من علماء الصحابة أسلم عام خيبر. توفي سنة ٥٢هـ/ ٦٧٢م. انظر تذكرة الحفاظ للذهبي ١/ ٢٨..
٨ الحديث أخرجه الترمذي في سننه عن ابن نفيل، كتاب الديات، باب: ما جاء فيمن قتل دون ماله فهو شهيد ٤/ ٢٨..
٩ "على" كلمة ساقطة في (أ)، (ح)..
١٠ الحديث أخرجه أحمد في مسنده ٥/ ٢٧٤..
١١ الحديث أخرجه أحمد في مسنده ٢/ ١٥١..
١٢ وقد أخرج الإمام أحمد في مسنده قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "الجماعة رحمة والفرقة عذاب" ٤/ ٢٧٨..
١٣ الحديث أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب الفتن. والترمذي في سننه، كتاب الفتن. والإمام أحمد في مسنده ٨/ ١٤٥..
١٤ في (أ)، (هـ)، (ز): "العلماء"..
١٥ راجع أحكام القرآن للجصاص، باب: قتال أهل البغي ٥/ ٢٧٩، وأحكام القرآن لابن العربي ٤/ ١٧٠٤ – ١٧٠٨، وأحكام القرآن للكيا الهراسي ٤/ ٣٨٢، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١٦/ ٣١٥ – ٣٢٢..
– قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم... ﴾ إلى قوله تعالى :﴿ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ﴾ :
ذكر ١ بعضهم لقوله تعالى :﴿ لا يسخر قوم من قوم ﴾ سببا. فقال : إنها نزلت بسبب عكرمة بن أبي جهل وذلك أنه كان يمشي بالمدينة مسلما فقال له قوم : هذا ابن فرعون هذه الأمة. فعز ذلك عليه وشكاه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ٢. ويسخر : معناه يستهزئ. فأمر الله تعالى في هذه الآية بترك الاستهزاء ودعا إلى مكارم الأخلاق، وكذلك ما بعدها من الآيات إنما هي أمر بمكارم الأخلاق ودعاء إلى حسن الأدب.
– قوله تعالى :﴿ ولا تلمزوا أنفسكم ﴾ :
اللمز : الطعن على الرجل بذكر نقيصة فيه ونحو ذلك. وقد اختلف في الفرق بين اللمز والهمز. فقيل اللمز بالقول والإشارة ونحوه مما يفهمه الآخر، والهمز لا يكون إلا باللسان. وقيل اللمز ما كان في المشهد والهمز ما كان في المغيب وقيل عكس ذلك ٣.
وقوله تعالى :﴿ أنفسكم ﴾ معناه لا يلمز بعضكم بعضا، فقد نهى تعالى في هذه الآية أن يعيب أحد أحدا. قال أبو الحسن : وأما من كان معينا بالفجور فتعييبه به جائز٤.
وقوله تعالى :﴿ ولا تنابزوا بالألقاب ﴾ :
والتنابز التلقب، والنبز واللقب واحد. وهو ما يعرف به الإنسان من الأسماء التي يكره سماعها. وروي أن سبب هذه الآية أن بني سلمة كانوا قد حدث فيهم الألقاب فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا منهم فقال له : " يا فلان فقيل له إنه يغضب من هذا الاسم، ثم دعاه آخر كذلك، فنزلت الآية ٥. وليس من هذا تعليق أهل الحديث وغيرهم فيما بينهم : قال واصل الأحدب ٦ وقال سليمان الأعمش٧ : لأن ذلك مما تدعو الضرورة إليه وليس فيه قصد استخفاف وإنما المراد به تعرف الرجل. وقد قيل في الآية وفي سببها غير هذا. فقيل معنى قوله تعالى :﴿ ولا تنابزوا بالألقاب ﴾ لا يقل أحد لأحد : يا يهودي، بعد إسلامه، ولا يا فاسق، بعد توبته ونحو هذا. وحكي في سببها أن كعب بن مالك وابن أبي حدرد٨ تلاحيا فقال له كعب : يا أعرابي، يريد أن يبعده عن الهجرة، فقال له الآخر : يا يهودي، يريد لمخالطة الأنصار اليهود في يثرب. فنزلت الآية. ففي سببها إذن قولان وفي معناها قولان ٩.
وقوله تعالى :﴿ بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ﴾ :
يحتمل أن يريد بئس الاسم الفسوق الذي تكتسبونه بعصيانكم لأمر الله وتنابزكم فيما بينكم بالألقاب، وذلك الاسم الفسوق لمعصيتكم بعد إيمانكم. ويحتمل أن يريد بئس ما يقوله الرجل لأخيه من : يا فاسق ونحوه. وقد استدل الرماني بهذه الآية لمذهب المعتزلة في أنه لا يجتمع الفسوق والإيمان، وهو استدلال ضعيف. بل ظاهر الآية على أنهما يجتمعان.
وقوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ﴾ :
لم يعم تعالى النهي عن جميع الظن لأن من الظن ما يكون خيرا وهو ظن الخير بالناس، وأما الذي نهى عنه فهو ظن الشر، وأكثر العلماء على أن الظن القبيح بمن ظاهره الخير لا يجوز وأنه لا حرج في الظن القبيح بمن ظاهره قبيح.
١ "ذكر" كلمة ساقطة في (ح)، (د)، (هـ)..
٢ وقيل غير ذلك. راجع أسباب النزول للواحدي ص ٢٧٤، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١٦/ ٣٢٤..
٣ راجع الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١٦/ ٣٢٧..
٤ راجع أحكام القرآن للكيا الهراسي ٤/ ٣٨٣..
٥ وقيل غير ذلك. راجع أسباب النزول للواحدي ص ٢٩٥، ولباب النقول ص ٧٢٦..
٦ واصل بن الأحدب: هو واصل بن حيان الأحدب الأسدي الكوفي. روى عن أبي وائل وشريح وعنه سعيد بن الجبير. توفي سنة ١٢٠هـ وقيل غير ذلك. انظر تهذيب التهذيب ١١/ ١٠٣..
٧ سليمان الأعمش: هو سليمان بن مهران الأسدي بالولاء، أبو محمد، الملقب بالأعمش. تابعي مشهور. كان رأسا في العلم والعمل الصالح. توفي سنة ١٤٨هـ/ ٧٦٥م. انظر طبقات ابن سعد ٦/ ٢٣٨..
٨ ابن أبي حدود: هو عبيد الله بن أبي حدود الأسلمي روى عن أبيه. قيل إن أباه له صحبة ويعد من أهل الحجاز. انظر الاستيعاب لابن عبد البر ٤/ ٤١..
٩ راجع أحكام القرآن للجصاص ٥/ ٢٨٥ – ٢٨٧، أحكام القرآن للكيا الهراسي ٤/ ٣٨٣، ٣٨٤، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١٦/ ٣٢٧ – ٣٣١..
-وقوله تعالى :-ayah text-primary">﴿ إن بعض الظن إثم ﴾ :
قال بعضهم أي كذب ومنه قوله عليه الصلاة والسلام : " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث " ١ وقال بعضهم إثم مأثم. وقد اختلف في معنى قوله :﴿ إن بعض الظن إثم ﴾ هل ذلك وإن لم يتكلم بظنه أم إنما هو إذا تكلم به ؟ فذهب بعضهم إلى أن ذلك إنما هو إذا تكلم به، قال لا يقدر على دفع الخواطر التي أشار إليها بقوله عليه الصلاة والسلام : " الحرام سوء الظن " ٢ وجاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : " احترسوا في الناس بسوء الظن " ٣. وذهب بعضهم إلى حمل الآية على ظاهرها من سوء الظن وإن لم يتكلم به وعلى ذلك يأتي قول سلمان : إني لأعد عدان قدري مخافة سوء الظن. وكان أبو العالية ٤ يختم على بقية طعامه مخافة سوء الظن بخادمه. وقال ابن مسعود : الأمانة خير من الخاتم والخاتم خير من سوء الظن. ومن ذلك الحديث المشهور في الرجلين اللذين مرا برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مع إحدى نسائه فدعاهما وأكلمهما بها وقال لهما : " خشيت أن تهلكا " ٥ ونحو ذلك.
وقوله تعالى :﴿ ولا تجسسوا ﴾ :
معناه لا تبحثوا عن مخبئات أمور الناس. وقد قرئ ولا تحسسوا. واختلف في الفرق بين التحسس والتجسس. فمن الناس من لم يفرق بينهما ورآهما جميعا في الخير والشر، ومنهم من فرق بينهما فقال التجسس في الشر والتحسس في الخير. ومنهم من قال : التجسس ما كان من وراء والتحسس الدخول والاستعلام. وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عنهما جميعا فقال : " ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا " ٦.
وقد قال زيد بن وهب٧ : قيل لابن مسعود هل لك في الوليد بن عقبة تقطر لحيته خمرا. فقال : إنا نهينا عن التحسس فإن يظهر لنا أمر أخذناه منه٨.
وقوله تعالى :﴿ ولا يغتب بعضكم بعضا ﴾ :
المعنى فيه لا يذكر أحد من صاحبه شيء يكرهه وهو فيه. وفي الحديث أنه عليه الصلاة والسلام قال : " الغيبة أن يذكر المؤمن بما يكره " قيل يا رسول الله وإن كان حقا ؟ قال : " إذا قلت باطلا فذلك البهتان " ٩ قال القرطبي : وقد قال قوم من السلف إن وصف الرجل غيره بما فيه من الصفة غيبة ١٠. قال معاوية بن قرة ١١ لو مر بك أقطع فقلت ذلك الأقطع كانت منك غيبة. وعن الحسن قال ألا تخافون أن يكون قولنا حميد الطويل غيبة ؟. وكان قتادة يكره أن يقول كعب الأحبار وسلمان الفارسي ولكن كعب المسلم وسلمان الإسلامي. وروي أن امرأة دخلت على عائشة فلما قامت لتخرج أشارت عائشة بيدها إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنها قصيرة، فقال صلى الله عليه وسلم اغتبتها ١٢ وعن أبي هريرة أن رجلا قام عن النبي صلى الله عليه وسلم فرأوا في قيامه عجزا فقالوا يا رسول الله ما أعجز فلانا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أكلتم أخاكم واغتبتموه " ١٣. قال الطبري وإنما يكون ذلك غيبة إذا قاله على وجه الذم والغيبة للمقول فيه وهو له كفارة. وعن مثل هذا ورد النهي. وأما إذا قاله على وجه التعريف والتمييز كقولهم حميد الأرقط والأحنف بن قيس وكذلك النسبة إلى الأمهات كإسماعيل بن علية وأبو عائشة فإن ذلك بعيد في معنى الغيبة ١٤ ويشهد لصحة ما قاله الطبري قوله عليه الصلاة والسلام : " أصدق ذو اليدين " ١٥يعرفه لطول يديه، وقوله لأنس بن مالك : " يا ذا الأذنين " ١٦ وقد قال عبد الله بن مسعود وتقول أنت ذلك يا أعور، وقد سئل ابن المبارك ١٧ عن الرجل يقول حميد الطويل وسليمان الأعمش وحميد الأعوج ومروان الأصفر فقال إذا أراد صفته ولم يرد غيبته فلا بأس. وسئل ابن مهدي ١٨ عن ذلك فقال مثله قال وربما سمعت شعبة ١٩ يقول ليحيى بن سعيد٢٠ : يا أحول ما تقول، يا أحول ما ترى. وهذا كله في غيبة أهل الستر من المؤمنين. فأما من جاهر بالكبائر فالجمهور على إجازة اغتيابه دون استحباب لتركه لقوله عليه الصلاة والسلام : " على الفاجر تدعون، اذكروا الفاجر بما فيه حتى يعرف الناس إذا لم يذكروه " ٢١ ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في عيينة بن حصن : " بئس أخو العشيرة " ٢٢. وقد كف جماعة من العلماء عن اغتياب جميع الناس واختاروا ذلك لأنفسهم، منهم ابن المبارك وغيره. وقد سئل ابن وهب عن غيبة النصراني فقال لا لقوله تعالى :﴿ وقولوا للناس حسنا ﴾ [ البقرة : ٨٣ ] وهو من الناس ﴿ أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا.... ﴾ الآية فجعل لهم هذا مثلا. وقد اعترض قوم فيما يفعله أهل الحديث من ذكر الرجل بما فيه فقالوا : كيف استجازوا هذا وهو من الغيبة وقد قال صلى الله عليه وسلم في الطيبين : " لولا غيبتهما لأعلمتكما أيهما أطيب " ٢٣ وأهل الحديث يقولون : فلان أعدل عن فلان، وفلان غير ثقة وفلان كذاب ونحو ذلك. والجواب عن هذا أن الضرورة أباحت ذلك للحاجة في أخذ الحديث عن العدول، فلو لم يذكروا بما فيهم لتسوهل ٢٤ في الأخذ عنهم فالتبس الصحيح بالسقيم ودخل في الشرع فساد عظيم. وكذلك أيضا التجريح، الأكثر على جوازه وأن الحاكم يمكن المشهود عليه من تجريح الشهود. وروى أشهب وابن نافع عن مالك في القوم يشهدون ويعدلون هل يقول القاضي للمشهود عليه دونك فجرح ؟ فقال إن فيها توهينا للشهادة ولا أرى إذا كان عدلا أو عدل عنده أن يفعل ذلك. قال بعض المتأخرين وهذه قولة لم يصحبها عمل. والمشهور الجواز للضرورة إلى ذلك وأن لا يمنع لكونه غيبة وقد قال صلى الله عليه وسلم فيمن استشير في نكاحه : " إنه صعلوك لا مال له " ٢٥ وقال في الآخر : " إنه لا يضع عصاه من عاتقه " ٢٦ ولم يرد بذلك غيبة لما كان مستشارا في النكاح ودعت الضرورة إليه. وقد احتج مسلم لما صنع أهل الحديث في ذكر الناس بأحوالهم بقوله عليه الصلاة والسلام : " أنزلوا الناس منازلهم " ٢٧ : وحاصل هذا كله أن الآية مخصصة. ثم مثل تعالى الغيبة بأكل لحم ابن آدم ميتا لأن الميت لا يعلم بأكل لحمه، كما أن الحي لا يعلم بغيبته. وعندي أن في هذه الآية دليلا على أنه لا يجوز أكل لحم ابن آدم ميتا ٢٨ لمن اضطر إليه، وهو مذهب أصحاب مالك، خلافا للشافعي ومن أباحه للمضطر، لأنه تعالى ضرب به المثل في تحريم الغيبة ولم يضرب بالميتة سائر الحيوان فدل ذلك أنه في التحريم فوقها.
وقوله تعالى :﴿ فكرهتموه ﴾ :
قيل معناه معنى الأمر أي فأكرهوه، ودل على ذلك قوله تعالى بعد ذلك :﴿ واتقوا الله ﴾ وقيل كأنهم إذا قيل لهم :﴿ أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا ﴾ قالوا فخوطبوا على ذلك، فقيل لهم ﴿ فكرهتموه ﴾. ويعد هذا الكلام مقدر تقديره فكذلك فاكرهوا الغيبة التي هي نظير ذلك. وعلى هذا العطف قوله تعالى :﴿ واتقوا الله ﴾.
١ الحديث أخرجه مالك في الموطأ عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، كتاب الجامع، باب: ما جاء في المهاجرة ٢/ ٢٤٤..
٢ الحديث ذكره ابن سعد في طبقاته عن عمر بن الخطاب ٢/ ١٧٧، وأبو نعيم في أخبار أصبهان ٢/ ٢٠٢. وضعفه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ١/ ١٨٦..
٣ الحديث أخرجه ابن عساكر في تاريخه ١/ ١٦ وضعفه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ١/ ١٨٦..
٤ "أبو العالية" كلمة ساقطة في (أ)، (ز)..
٥ الحديث أخرجه البيهقي في شعب الإيمان ٧/ ٣٢٢..
٦ أخرجه مالك في الموطأ عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، كتاب الجامع، باب: ما جاء في المهاجرة ٢/ ٢٤٤..
٧ زيد بن وهب: هو أبو سليمان زيد بن وهب الجهني الكوفي. روى عن عمر وعلي وابن مسعود وغيرهم. انظر تهذيب التهذيب ٣/ ٤٢٧..
٨ راجع الجامع لأحكام القرآن ١٦/ ٣٣٣..
٩ الحديث أخرجه الترمذي في سننه عن أبي هريرة، كتاب البر والصلة، باب: ما جاء في الغيبة ٤/ ٣٢٩..
١٠ راجع جامع البيان ٢٦/ ٨٥..
١١ معاوية بن قرة: هو أبو إياس معاوية بن قرة وهو الذي مسح النبي صلى الله عليه وسلم على رأسه. انظر طبقات ابن سعد ١/ ٤٧٠..
١٢ الحديث ذكره البيهقي في شعب الإيمان، باب: في تحريم أعراض الناس ٥/ ٣٠٣، والغزالي في الإحياء ٣/ ٣٤١..
١٣ الحديث ذكره البيهقي في شعب الإيمان، باب: في تحريم أعراض الناس ٥/ ٣٠٤..
١٤ راجع جامع البيان ٢٦/ ٨٥..
١٥ الحديث أخرجه الطبراني في المعجم الصغير عن أبان بن مخلد ١/ ١٠٥..
١٦ الحديث أخرجه الترمذي، كتاب المناقب، باب: مناقب لأنس بن مالك ٥/ ٦٨١..
١٧ ابن المبارك: هو شيخ الإسلام، المجاهد، أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك. توفي سنة ١٨١هـ/ ٧٩٧م، انظر تذكرة الحفاظ للذهبي ١/ ٢٥٣..
١٨ ابن مهدي: هو عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري البصري. فقيه تابعي. توفي سنة ١٩٨هـ/ ٧٦٦م. انظر طبقات الفقهاء للشيرازي ص ٩١..
١٩ شعبة: هو شعبة بن الحجاج بن ورد الأزدي البصري. من أئمة رجال الحديث حفظا ودراسة وتثبيتا. توفي سنة ١٦٠هـ/ ٧٧٦م. انظر تهذيب التهذيب ٤/ ٣٣٨..
٢٠ يحيى بن سعيد: هو أبو سعيد يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري. قاض من أكابر أهل الحديث. توفي سنة ١٤٣هـ/ ٧٦٠م..
٢١ الحديث أخرجه الطبراني وابن عدي والغزالي في الإحياء ٣/ ١٥٣..
٢٢ الحديث أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب: ما يجوز من غياب أهل الفساد ٧/ ٨٦..
٢٣ الحديث: لم أقف عليه في كتب الحديث التي وقعت بين يدي..
٢٤ "لتسوهل" كلمة ساقطة في (هـ)..
٢٥ الحديث أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الطلاب، باب: المطلقة ثلاثا لا نفقة لها ٢/ ١١١٤..
٢٦ الحديث أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الطلاق، باب: المطلقة ثلاثا لا نفقة لها ٢/ ١١١٤..
٢٧ الحديث أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، باب: في رحم الصغير وتوقير الكبير ٧/ ٤٦٢..
٢٨ "لأن الميت... إلى: ميتا" كلام ساقط في (أ)، (هـ)، (ز)..
– قوله تعالى :﴿ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ﴾ :
اختلف في سبب هذه الآية. فقيل غضب الحارث بن هشام وعتاب بن أسيد حين أذن بلال يوم فتح مكة على الكعبة. وقيل قول ثابت بن قيس لرجل لم يفسح عند النبي صلى الله عليه وسلم : يا ابن فلانة. فوبخه على ذلك عليه الصلاة والسلام وقال له : " إنك لا تفضل أحدا إلا في الدين والتقوى " فنزلت الآية ١ ونزل الأمر بالتفسيح في ذلك أيضا وقد سوى الله تعالى في هذه الآية بين الناس وأعلمهم أن الذي يشرف الإنسان إنما هو التقوى وبحسب التفاضل في ذلك يكون التفاضل في الشرف. وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : " نعم الحسب المال والكرم التقوى " ٢ يعني أن المال يستغني به الإنسان في الدنيا عن الناس ويستغني بالتقوى في الآخرة. وفي حديث آخر : من خير الناس يا رسول الله ؟ قال : " آمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر وأوصلهم للرحم وأتقاهم " ٣ والأثر في هذا النحو لا يحصى. وفي الآية دليل واضح على تعلم الأنساب، وقد ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى تعلمها فقال : " تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم " ٤ وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : تعلموا أنسابكم تصلوا أرحامكم ولا تكونوا كنبط السواد إذا سئل أحدهم لمن أنت قال من قرية كذا. وفي هذا كله دليل على ضعف قول من قال إن علم النسب علم لا ينفع وجهالة لا تضر لأن منفعته في صلة الرحم وفي التوارث بينة ٥.
١ راجع أسباب النزول للواحدي ص ٢٩٥..
٢ الحديث أخرجه أحمد في مسنده ٥/ ١٠. والترمذي في سننه عن سمرة. كتاب تفسير القرآن، باب: ومن سورة الحجرات ٥/ ٣٩٠..
٣ الحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده ٣/ ٥٢..
٤ الحديث أخرجه الترمذي في سننه، كتاب البر والصلة، باب: ما جاء في تعليم النسب ٤/ ٣٥١..
٥ راجع أحكام القرآن لابن العربي ٤/١٧١٣، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١٦/٣٤٠، ٣٤١..
– قوله تعالى :﴿ قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ﴾ :
يحتج بهذه الآية من يفرق بين الإيمان والإسلام، وهو الصحيح، لأن الإسلام أعم من الإيمان، فكل مؤمن مسلما وليس كل مسلم مؤمنا. ومن الناس من يقول : الإسلام والإيمان بمعنى واحد١ والآية حجة عليه. وقد تقدم الكلام على هذا.
١ قال الفخر الرازي: المؤمن والمسلم واحد عند أهل السنة. راجع التفسير الكبير ٢٨/ ١٤١..
Icon