تفسير سورة المزّمّل

تفسير العز بن عبد السلام
تفسير سورة سورة المزمل من كتاب تفسير العز بن عبد السلام المعروف بـتفسير العز بن عبد السلام .
لمؤلفه عز الدين بن عبد السلام . المتوفي سنة 660 هـ
سورة المزمل مكية أو إلا آيتين ﴿ واصبر على ما يقولون ﴾ [ ١٠ ] والتي بعدها " ع ".

١ - ﴿الْمُزَّمِّلُ﴾ المتحمل زمل الشيء حمله ومنه الزاملة أو المتلفف المزمل بالنبوّة أو القرآن أو بثياته قيل نزلت وهو في قطيفة.
٢ - ﴿إِلا قَلِيلاً﴾ من أعداد الليالي فلا تقمها أو إلاّ قليلاً من زمان كل ليلة وكان قيامه فرضاً عليه خاصة أو عليه وعلى أمّته فقاموا حتى ورمت أقدامهم ثم نسخ عنهم بعد سنة بآخر السورة أو بعد ستة عشر شهراً بالصلوات الخمس ولم ينسخ عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] [٢٠٩ / ب] / أو نسخ عنه كما نسخ عن أمته بعد سنة أو ستة عشر شهراُ أو بعد عشر سنين تمييزاً له بالفضل عليهم.
٣ - ﴿قَلِيلاً﴾ الثلث وما دون العشار والسدس والقليل من الشيء دون نصفه.
٤ - ﴿وَرَتِّلِ﴾ بينه " ع " أو فسره أو اقرأه على نظمه وتواليه من غير تغيير لفظ ولا تقديم ولا تأخير من ترتل الأسنان إذا استوى نبتها وحسن انتظامها.
٥ - ﴿ثَقِيلاً﴾ عليه إذا أوحي إليه فلا يقدر على الحركة أو العمل به ثقيل " ح " أو في الميزان يوم القيامة أو كريم من قولهم فلان ثقيل عليَّ: أي كريم.
٦ - ﴿ناشئة الليل﴾ قيامه بالحبشية أو ما بين المغرب والعشاء أو ما بعد العشاء أو بدو الليل أو ساعاته لأنها تنشأ ساعة بعد ساعة أو الليل كله لأنه ينشأ بعد النهار. ﴿أَشَدُّ وَطْئاً﴾ مواطأة قلبك وسمعك وبصرك أو مواطأة قولك بعملك أو نشاطاً لأنه في زمان راحتك أو أشدّ وأثبت وأحفظ للقراءة ﴿وَأَقْوَمُ قِيلاً﴾ أبلغ في الخير وأمنع من العدو أو أصوب للقراءة وأثبت للقول لأنه زمان التفهم أو أعجل إجابة للدعاء.
٧ - ﴿سَبْحاً﴾ فراغاً لنومك وراحتك فاجعل ناشئة الليل لعبادتك " ع " أو دعاءاً كثيراً أو عملاً وتقلباً يشغلك عن فراغ ليلك والسبح: الذهاب ومنه السبح في الماء.
٨ - ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ﴾ واقصد بعملك وجه ربك أو ابدأ القراءة بالبسملة ﴿وَتَبَتَلْ﴾ أخلص أو تعبد أو انقطع مريم البتول: لانقطاعها إلى الله تعالى " نهى الرسول [صلى الله عليه وسلم] عن التبتل ": الانقطاع عن الناس والجماعات أو تضرّع إليه تضرعاً.
٩ - ﴿رَّبُّ الْمَشْرِقِ﴾ أي رب العالم لأنهم بين المشرق والمغرب أو مشرق الشمس ومغربها يريد استواء الليل والنهار أو وجه الليل ووجه النهار أو أول النهار وآخره أضاف نصفه الأول إلى المشرق ونصفه الآخر إلى المغرب ﴿وَكِيلاً﴾ معيناً أو كفيلا أو حافظاً.
﴿واصبرْ على ما يقولونَ واهجرهمْ هجراً جميلاً (١٠) وذرني والمكذبينَ أولي النعمةِ ومهلهمْ قليلاً (١١) إنَّ لدينا أنكالاً وجحيماً (١٢) وطعاماً ذا غصَّةٍ وعذاباً أليماً (١٣) يومَ ترجُفُ الأرضُ والجبالُ وكانتِ الجبالُ كثيباً مهيلاً (١٤) إنَّا أرسلنا إليكم رسولاً شاهداً عليكمْ كما أرسلنا إلى فرعونَ رسولاً (١٥) فعصى فرعونُ الرسولَ فأخذناهُ أخذاً وبيلاً (١٦) فكيفَ تتقونَ إن كفرتمْ يوماً يجعلُ الولدانَ شيباً (١٧) السماء منفطرٌ بهِ كانَ وعدهُ مفعولاً (١٨) ﴾
١٠ - ﴿هَجْراً جَمِيلاً﴾ اصفح وقل سلاماً أو أعرض عن سفههم وأرهم صغر عداوتهم أو هجراً لا جزع فيه.
١١ - ﴿وَالْمُكَذِّبِينَ﴾ قيل بنو المغيرة أو اثنا عشر رجلاً من قريش ﴿وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً﴾ إلى السيف.
١٢ - ﴿أَنكَالاً﴾ أغلالاً أو قيوداً أو أنواع العذاب الشديد قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] " إنّ الله يحب النكل على النكل فسئل عن ذلك فقال الرجل القوي المجرب على الفرس القوي المجرب " وبه سمي القيد والغل لقوتهما.
١٣ - ﴿ذَا غُصَّةٍ﴾ الزقوم أو شوك يأخذ الحلق فلا يدخل ولا يخرج.
١٤ - ﴿مَّهِيلاً﴾ رملاً سائلاً " ع " أو الذي نزل تحت القدم فإذا وطئت أسفله انهال أعلاه.
١٦ - ﴿وَبِيلاً﴾ شديداً " ع " أو متتابعاً أو مقبلاً غليظاً ومنه الوابل للمطر العظيم أو مهلكاً.
١٧ - ﴿شيبا﴾ جمع أشيب [٢١٠ / أ] / والأشيب والأشمط الذي اختلط سواد شعره ببياضه.
١٨ - ﴿مُنفَطِرٌ بِهِ﴾ ممتلئة به " ع " أو مثقلة أو مخزونة به " ح " أو منشقة من عظمته وشدّته. ﴿كَانَ وَعْدُهُ﴾ بالثواب والعقاب أو بإظهار دينه على الدين كله أو بانفطار السماء وشيب الولدان وكون الجبال كثيباً مهيلاً، ﴿بِهِ﴾ الضمير لليوم يعني أشاب الولدان وجعل السماء منفطرة بما ينزل منها أي يوم القيامة يجعل الولدان شيباً، وانفطار انفتاحها لنزول هذا القضاء منها.
﴿إنَّ هذه تذكرةٌ فمن شاءَ اتخذ إلى ربه سبيلاً (١٩) إنَّ ربك يعلمُ أنكَ تقومُ أدنى من ثلثَي الَّيلِ ونصفهُ وثلثهُ وطائفةٌ من الذين معك واللهُ يقدرُ الَّيلَ والنهار علم ألن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرءان علم أن سيكون منكم مرضى وءاخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وءاخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرءوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضاً حسناً وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجراً واستغفرواْ اللهَ إنَّ اللهَ غفورٌ رحيمٌ (٢٠) ﴾
٢٠ - ﴿لَّن تُحْصُوه﴾ لن تطيقوا قيام الليل أو تقدير نصفه وثلثه وربعه ﴿فاقرءوا﴾ فصلوا عبر عن الصلاة بالقراءة ﴿مَا تَيَسَّرَ﴾ من النوافل إذ لا يؤمر في الفرض بما تيسر أو الصلوات الخمس ما تيسر من أفعالها وأركانها على قدر القوّة والضعف والصحة والمرض دون العدد لأنّ الناس انتقلوا من قيام الليل إلى
382
الصلوات الخمس أو بحمل القرآن على حقيقته يُقْرأ به في الصلاة وما تيسر: الفاتحة عند من أوجبها أو قدر آية واحدة من القرآن أو أراد القراءة خارج الصلاة وهي مستحبة أو واجبة ليقف بها على إعجازه ودلائله فإذا قرأه وعرف إعجازه ودلائل التوحيد منه فلا يلزمه حفظه. لأنّ حفظه مستحب فعلى هذا المراد به جميع القرآن لأنّ الله - تعالى - يسره على العباد أو ثلثه أو مائتا آية منه أو ثلاث آيات كأقصر سورة ﴿يَضْرِبُونَ فِى الأَرْضِ﴾ بالمسافرة، أو بالتقلب للتجارة. ﴿فاقرءوا مَا تَيَسَّرَ﴾ قيل أعادة لنسخ ما فرضه من قيام الليل وجعل ما تيسر منه تطوعاً ونفلاً فأقيموا الصلوات الخمس ﴿الزَّكَاةَ﴾ الطاعة والإخلاص " ع " أو صدقة الفطر أو زكوات الأموال كلها. ﴿قَرْضاً حَسَناً﴾ النوافل بعد الفروض أو قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أو نفقة الأهل أو النفقة في سبيل الله أو جميع الطاعات " وسماه قرضاً لأنه أوجب جزاءه على نفسه فصار كالقرض المردود " ﴿تَجِدُوهُ﴾ أي ثوابه ﴿هُوَ خَيْراً﴾ مما أعطيتم أو فعلتم ﴿وَأَعْظَمَ أَجْراً﴾ الجنة ﴿غَفُورٌ﴾ لما كان قبل التوبة ﴿رحيم﴾ لكم بعدها.
383
سُورَةُ المُدّثِرِ
مكية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

﴿يأيها المدثِّرُ (١) قمْ فأنذرْ (٢) وربَّكَ فكبرْ (٣) وثيابك فطهرْ (٤) والرجزَ فاهجرْ (٥) ولا تمنن تستكثرُ (٦) ولربكَ فاصبر (٧) فإذا نقر في الناقور (٨) فذلك يومئذٍ يومٌ عسيرٌ (٩) على الكافرين غيرُ يسيرٍ (١٠) ﴾
384
Icon