مكية عددها عشرون آية كوفي
ﰡ
﴿ فَكَيْفَ تَتَّقُونَ ﴾ يعني وكيف لا يتقون عذاب يوم يجعل فيه الولدان شيباً، ويسكر الكبير من غير شراب، ويشيب الصغير من غير كبر من أهوال يوم القيامة ﴿ إِن كَفَرْتُمْ ﴾ في الدنيا ﴿ يَوْماً يَجْعَلُ ٱلْوِلْدَانَ شِيباً ﴾ [آية: ١٧] وذلك يوم يقول الله لآدم: قم، فابعث بعث النار، من كل ألف تسع مائة، وتسع وتسعين، وواحد إلى الجنة فيساقون إلى النار سود الوجوه زرق العيون مقرنين في الحديد، فعند ذلك يسكر الكبير من الخوف، ويشيب الصغير من الفزع، وتضع الحوامل ما في بطونها من الفزع تماماً وغير تمام. ثم قال عز وجل: ﴿ السَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ ﴾ السقف به يعني الرحمن لنزول الرحمن تبارك وتعالى ﴿ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً ﴾ [آية: ١٨] أن وعده مفعولاً في البعث، يقول: إنه كائن لا بد ﴿ إِنَّ هَـٰذِهِ تَذْكِرَةٌ ﴾ يعني آيات القرآن تذكرة يعني تفكرة ﴿ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً ﴾ [آية: ١٩] يعني بالطاعة.
﴿ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ﴾ يعني فتجاوز عنكم في التخفيف بعد قوله: ﴿ قُمِ ٱلْلَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ ﴿ وَطَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ مَعَكَ ﴾ ﴿ فَٱقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلْقُرْآنِ ﴾ عليكم في الصلاة ﴿ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُمْ مَّرْضَىٰ ﴾ فلا يطيوقون قيام الليل لله ﴿ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي ٱلأَرْضِ ﴾ تجاراً ﴿ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ ﴾ يعني يطلبون من فضل الله الرزق ﴿ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ﴾ ولا يطيقون قيام الليل، فهذه رخصة من الله عز وجل لهم بعد التشديد. ثم قال: ﴿ فَٱقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ ﴾ عليكم ﴿ مِنْهُ ﴾ يعني من القرآن فلم يوقت شيئاً، في صلواتكم الخمس منه ﴿ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ ﴾ يعني وأتموا الصلوات الخمس، وأعطوا الزكاة المفروضة من أموالكم، فنسخ قيام الليل على المؤمنين، وثبت قيام الليل على النبي صلى الله عليه وسلم، وكان بين أول هذه السورة وآخرها سنة حتى فرضت الصلوات الخمس، والزكاة، فهما واجبتان، فذلك قوله: ﴿ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ ﴾ يقول: وأعطوا الزكاة من أموالكم ﴿ وَأَقْرِضُواُ ٱللَّهًَ ﴾ يعني التطوع ﴿ قَرْضاً حَسَناً ﴾ يعني بالحسن طيبة بها نفسه يحتسبها تطوعاً بعد الفريضة ﴿ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ مِّنْ خَيْرٍ ﴾ يعني من صدقة فريضة كانت أو تطوعاً، يقول: ﴿ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيْراً ﴾ ثواباً عند الله في التقديم، هو خيراً.
﴿ وَأَعْظَمَ أَجْراً ﴾ يقول: أفضل مما أعطيتم من أموالكم وأعظم أجراً يعني وأكثر خيراً، وأفضل خيراً في الآخرة ﴿ وَٱسْتَغْفِرُواْ ٱللَّهَ ﴾ من الذنوب ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ ﴾ لكم عند الاستغفار إذا استغفرتموه ﴿ رَّحِيمٌ ﴾ [آية: ٢٠] حين رخص لكم بالتوبة.