ﰡ
واللفظ لجابر (انظر موسوعة فضائل سور وآيات القرآن ١/٢٥٥/٢٥٧).
قوله تعالى (الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: أما قوله: (الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور) فإنه خلق السموات قبل الأرض، والظلمة قبل النور، والجنة قبل النار.
قوله تعالى (ثم الذين كفروا بربهم يعدلون)
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد: (يعدلون)، قال: يشركون.
قوله تعالى (هو الذي خلقكم من طين)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (هو الذي خلقكم من طين)، بدء الخلق، خلق الله آدم من طين.
قوله تعالى (ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده)، يعني أجل الموت، "والأجل المسمى"، أجل الساعة والوقوف عند الله.
قوله تعالى (ثم أنتم تمترون)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن الربيع بن آنس في قول الله: (ثم أنتم تمترون) يعني: الشك والريبة في أمر الساعة.
قوله تعالى (يعلم سركم)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن ابن عباس قوله (يعلم سركم) قال: السر ما أسر ابن آدم في نفسه.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن قتادة قوله: (وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين) يقول: ما تأتيهم من شيء من كتاب الله إلا أعرضوا عنه. قوله: (أنباء ما كانوا به يستهزءون) يقول: سيأتيهم يوم القيامة أنباء ما استهزءوا به من كتاب الله عز وجل.
قوله تعالى (ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن)
انظر سورة الإسراء آية (١٧).
قوله تعالى (مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة في قوله (مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم)، يقول: أعطيناهم ما لم نعطكم.
قوله تعالى (مدرارا)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن ابن عباس (مدرارا) يتبع بعضها بعضاً.
قوله تعالى (ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين)، ذكر في هذه الآية الكريمة أن الكفار لو نزل الله عليهم كتابا مكتوبا في قرطاس، أي صحيفة إجابة لما اقترحوه، كما قال تعالى عنهم (ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه) الآية، فعاينوا ذلك الكتاب المنزل، ولمسته أيديهم لعاندوا، وادعوا أن ذلك من أجل أنه سحرهم، وهذا العناد واللجاج العظيم والمكابرة الذي هو شأن الكفار بينه تعالى في آيات كثيرة كقوله (ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون).
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة: (كتابا في قرطاس) في صحيفة.
قوله تعالى (وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون)
قال الشيخ الشنقيطي: لم يبين هنا ماذا يريدون بإنزال الملك المقترح، ولكنه بين في موضع آخر أنهم يريدون بإنزال الملك أن يكون نذيرا آخر مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وذلك في قوله: (وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشى في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا) الآية.
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (ولو أنزلنا ملكا لقضى الأمر ثم لا ينظرون) يعني أنه لو نزل عليهم الملائكة وهم على ماهم عليه من الكفر والمعاصي، لجاءهم من الله العذاب من غير إهمال ولا إنظار، لأنه حكم بأن الملائكة لا تنزل عليهم إلا بذلك، كما بينه تعالى بقوله: (ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين). وقوله (يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين) الآية.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون)، يقول: ولو أنهم أنزلنا إليهم ملكا، ثم لم يؤمنوا، لم ينظروا.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره: (لولا أنزل عليه ملك) في صورته (ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر) لقامت الساعة.
قوله تعالى (ولو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلاً وللبسنا عليهم ما يلبسون)
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى (ولو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلاً) يقول في صورة آدمي.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (وللبسنا عليهم ما يلبسون)، يقول: لشبهنا عليهم.
قال الشيخ الشنقيطي: ذكر الله تعالى في الآية الكريمة أن الكفار استهزءوا برسل قبل نبينا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأنهم حاق بهم العذاب بسبب ذلك، ولم يفصل هنا كيفية استهزائهم، ولا كيفية العذاب الذي أهلكوا به، ولكنه فصل كثيرا من ذلك في مواضع أخر متعددة في ذكر نوح وقومه وهود وقومه، وصالح وقومه، ولوط وقومه، وشعيب وقومه، إلى غير ذلك، فمن استهزائهم بنوح قولهم له: "بعد أن كنت نبياً صرت نجاراً"، وقد قال الله تعالى عن نوح: (إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون)، وذكر ما حاق بهم بقوله: (فأخذهم الطوفان، وهم ظالمون) وأمثالها من الآيات. ومن استهزائهم بهود ما ذكره الله عنهم من قولهم (إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء)، ... ومن استهزائهم بصالح، قولهم فيما ذكر الله عنهم (يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين)، ... ومن استهزائهم بلوط قولهم فيما حكى الله عنهم: (فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم) الآية... ومن استهزائهم بشعيب قولهم فيما حكى الله عنهم: (قالوا يا شعيب ما نفقه كثيراً مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز).
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن السدي قوله (فحاق بالذين سخروا منهم) من الرسل. قوله (ما كانوا به يستهزءون) يقول: وقع بهم العذاب الذي استهزءوا به.
قوله تعالى (قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين)، دمر الله عليهم وأهلكهم، ثم صيرهم إلى النار.
قال البخاري: حدثنا عبدان، عن أبي حمزة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لما خلق الله الخلق كتب في كتابه -وهو يكتب على نفسه وهو وضع عنده على العرش-: إن رحمتي تغلب غضبى".
(الصحيح ١٣/٣٩٥ ح ٧٤٠٤ - ك التوحيد، ب قوله تعالى (ويحذركم الله نفسه)، وأخرجه مسلم (الصحيح ٤/٢١٠٧-٢١٠٨ - ك التوبة، ب في سعة رحمة الله تعالى... ).
وانظر تفسير سورة الفاتحة قوله تعالى (الرحمن الرحيم).
وانظر حديث مسلم عن أبي هريرة في آخر هذه السورة آية (١٦٥).
قوله تعالى (ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه)
انظر الآية (٦) من سورة المطففين. وانظر سورة البقرة آية (٢).
قوله تعالى (وله ما سكن في الليل والنهار)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي (وله ما سكن في الليل والنهار) يقول: ما استقر في الليل والنهار.
قوله تعالى (قل أغير الله أتخذ ولياً)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن السدي قوله: (قل أغير الله أتخذ ولياً) أما الولى فالذي يتولاه ويقر له بالربوبية.
قوله تعالى (فاطر السماوات والأرض وهو يُطعِمُ ولا يُطعَم)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة في قوله (فاطر السموات والأرض) خالق السماوات والأرض.
قال الشنقيطي: قوله تعالى (وهو يُطعِمُ ولا يُطعَمُ) يعني أنه تعالى هو الذي يرزق الخلائق، وهو الغني المطلق فليس بمحتاج إلى رزق. وقد بين تعالى هذا بقوله: (وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين).
قوله تعالى (قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم)
قال الشنقيطي: قوله تعالى (قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم) الآية يعني أول من أسلم من هذه الأمة التى أرسلت إليها، وليس المراد أول من أسلم من جميع الناس كما بينه تعالى بآيات كثيرة تدل على وجود قبل وجوده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ووجود أمته كقوله عن إبراهيم (إذا قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين) وقوله عن يوسف: (توفني مسلما وألحقنى بالصالحين).
قوله تعالى (من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه)
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله (من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه) قال: من يصرف عنه العذاب.
قوله تعالى (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو علي كل شيء قدير)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو علي كل شيء قدير) أشار تعالى بقوله هنا فهو على كل شيء قدير بعد قوله: (وإن يمسسك بخير) إلى أن فضله وعطاءه الجزيل لا يقدر أحد على رده عمن أراده له تعالى كما صرح بذلك في قوله (وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء) الآية.
قوله تعالى (الحكيم)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن أبي العالية (الحكيم) قال: الحكيم في أمره.
اخرج ابن آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره (قل أي شيء أكبر شهادة) قال: أمر محمد أن يسأل قريشاً، ثم أمر أن يخبرهم فيقول: (الله شهيد بيني وبينكم).
قوله تعالى (وأوحيَ إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قوله (وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به) يعني أهل مكة (ومن بلغ) يعني: ومن أبلغه هذا القرآن فهو له نذير.
قال الشنقيطي قوله تعالى (وأوحى إلى هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ) صرح في هذه الآية الكريمة بأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منذر لكل من بلغه هذا القرآن العظيم كائنا من كان، ويفهم من الآية أن الإنذار به عام لكل من بلغه وأن كل من بلغه ولم يؤمن به فهو في النار وهو كذلك. أما عموم إنذاره لكل من بلغه فقد دلت عليه آيات أخر أيضاً كقوله: (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً) وقوله (وما أرسلناك إلا كافة للناس) وقوله (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً). وأما دخول من لم يؤمن به النار فقد صرح به تعالى في قوله (ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده).
قوله تعالى (الذين آتينهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم)
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله (الذين آتينهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم) النصارى واليهود، يعرفون رسول الله في كتابهم، كما يعرفون أبناءهم.
وانظر سورة البقرة آية رقم (١٤٦)
قوله تعالى (ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون)
انظر سورة البقرة آية (١٤٠) وفيها بيان بعض أنواع الافتراء، وانظر عن بعض افتراءات أخرى في الآيات التالية رقم (٢٣ و٢٤).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين) يقول: اعتذارهم بالباطل والكذب.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله (والله ربنا ما كنا مشركين) ثم قال (ولا يكتمون الله حديثاً). (سورة النساء ٤٢) بجوارحهم.
قوله تعالى (انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون) وهي مبيِّنة للآية رقم (٢١) في السورة نفسها.
قوله تعالى (ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفى آذانهم وقراً)
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد (ومنهم من يستمع إليك) يعني قريشاً.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة (وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي أذانهم وقراً) قال يسمعونه بآذانهم ولا يعون منه شيئاً، كمثل البهيمة التي تسمع النداء ولا تدري ما يقال لها.
وانظر سورة فصلت آية (٥)، وسورة الإسراء آية (٤٦).
قوله تعالى (إن هذا إلا أساطير الأولين)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (إن هذا إلا أساطير الأولين) إن هذا إلا أحاديث الأولين.
قوله تعالى (وهم ينهون عنه وينأون عنه)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (وهم ينهون عنه وينأون عنه) يعني ينهون الناس عن محمد أن يؤمنوا به (وينأون عنه) يعنى يتباعدون عنه.
بيانها وجوابه تعالى على طلب الكفار في الآية التالية مباشرة.
قوله تعالى (بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل)
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله: (بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل) قال: من أعمالهم.
قوله تعالى (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون)
قال الشنقيطي: هذه الآية الكريمة تدل على أن الله جل وعلا الذي أحاط علمه بكل موجود ومعدوم، يعلم المعدوم الذي يسبق في الأزل أنه لا يكون لو وجد كيف يكون، لأنه يعلم أن رد الكفار يوم القيامة إلى الدنيا مرة أخرى لا يكون، ويعلم هذا الرد الذي لا يكون لو وقع كيف يكون، كما صرح به بقوله (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون) وهذا المعنى جاء مصرحاً به في آيات أخر. فمن ذلك أنه تعالى سبق في عمله أن المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، لا يخرجون إليها معه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والله ثبطهم عنها لحكمة. كما صرح به فيقول (ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم) الآية. وهو يعلم هذا الخروج الذي لا يكون لو وقع كيف يكون. كما صرح به تعالى في قوله (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً) الآية. ومن الآيات الدالة على المعنى المذكور قوله تعالى (ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون) إلى غير ذلك من الآيات.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن ابن عباس، قال: فأخبر الله سبحانه أنهم لو ردوا لم يقدروا على الهدى، وقال: (لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) يقول: ولو وصل الله لهم دنيا كدنياهم، لعادوا إلى أعمالهم أعمال السوء.
انظر سورة الإسراء آية (٤٩ و٥٠) وتفسيرهما.
قوله تعالى (ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون)
انظر سورة الأحقاف آية (٣٤).
قوله تعالى (حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة... )
قال البخاري: حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب حدثنا أبو الزناد عن عبد الرحمن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت فرأها الناس آمنوا أجمعون، فذاك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً. ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويناه. ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه. ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقى فيه. ولتقومن الساعة وقد رفع أحدكم أكلته إلى فيه فلا يطعمها".
(الصحيح ١١/٣٦٠ ح ٦٥٠٦ - ك الرقاق، ب ٤٠)، وأخرجه مسلم من طريق ابن عيينه عن أبي الزناد به (الصحيح ٤/٢٢٧٠ح ٢٩٥٤ - ك الفتن وأشراط الساعة، ب قرب الساعة).
قوله تعالى (... قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها)
قال الطبري: حدثنا محمد بن عمارة الأسدي، قال: حدثنا يزيد بن مهران قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في قوله: (يا حسرتنا)، قال: "يرى أهل النار منازلهم من الجنة فيقولون: يا حسرتنا".
(التفسير ١١/٣٢٦ ح ١٣١٨٦)، وأخرجه أيضاً ابن أبي حاتم في تفسيره (سورة الأنعام ح ١٦٠) من طريق يزيد بن مهران، والخطيب في تاريخ بغداد (٣/٣٨٩) من طريق داود بن مهران الدباغ كلاهما عن أبي بكر بن عياش به، وصحح إسناده السيوطي (الدر المنثور ٣/٩).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي: قوله (يا حسرتنا على ما فرطنا فيها) أما (يا حسرتنا)، فندامتنا، (على ما فرطنا فيها)، فضيعنا من عمل الجنة.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله (ألا ساء ما يزرون)، قال: ساء ما يعملون.
قوله تعالى (وللدار الآخرة خير)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن ابن عباس (وللدار الآخرة خير) باقية.
قوله تعالى (قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون) الآية
قال الشنقيطي: صرح تعالى في هذه الآية الكريمة، بأنه يعلم أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يحزنه ما يقوله الكفار من تكذيبه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد نهاه عن هذا الحزن المفرط في مواضع أخر كقوله (فلا تذهب نفسك عليهم حسرات) الآية، وقوله (فلا تأس على القوم الكافرين) وقوله (فلعلك باخع نفسك على أثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً) وقوله (لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين) الباخع: هو المهلك نفسه.
قوله تعالى (فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون)
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله (ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) قال: يعلمون أنك رسول الله ويجحدون.
قوله تعالى (ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا)، يعزي نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما تسمعون، ويخبره أن الرسل قد كذبت قبله، فصبروا على ما كذبوا، حتى حكم الله وهو خير الحاكمين.
قوله تعالى (وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض أو سلماً
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يقول الله سبحانه: لو شئتُ لجمعتُهم على الهدى أجمعين.
قوله تعالى (إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله) الآية
قال الشنقيطي: قال جمهور علماء التفسير: المراد بالموتى في هذه الآية: الكفار، وتدل على ذلك آيات من كتاب الله، كقوله تعالى (أومن كان ميتا فأحييناه) الآية، وقوله (وما يستوي الأحياء ولا الأموات) وقوله (وما أنت بمسمع من في القبور) إلى غير ذلك من الآيات.
أخرج أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد (إنما يستجيب الذين يسمعون) المؤمنون للذكر (والموتى) الكفار حين يبعثهم الله مع الموتى، أي مع الكفار.
قال ابن كثير: يقول تعالى مخبراً عن المشركين أنهم كانوا يقولون لولا نزل عليه آية من ربه أي خارق على مقتضى ما كانوا يريدون ومما يتعنتون كقولهم (لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا) الآيات.
قوله تعالى (قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون)
قال الشيخ الشنقيطي: ذكر في هذه الآية الكريمة: أنه قادر على تنزيل الآية التي اقترحها الكفار على رسوله، وأشار لحكمة عدم إنزالها بقوله (ولكن أكثرهم لا يعلمون) وبين في موضع آخر أن لحكمة عدم إنزالها أنها لو أنزلت ولم يؤمنوا بها لنزل بهم العذاب العاجل كما وقع بقوم صالح لما اقترحوا عليه إخراج ناقة عشراء، وبراء، جوفاء، من صخرة صماء، فأخرجها الله لهم منها بقدرته ومشيئته، فعقروها (وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا) فأهلكهم الله دفعة واحدة بعذاب استئصال، وذلك في قوله (وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون، وأتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا)
قوله تعالى (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله: (أمم أمثالكم) أصناف مصنفة تعرف بأسمائها.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة قوله (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم) يقول: الطير أمة، والإنس أمة، والجن أمة.
قوله تعالى (ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (ما فرطنا في الكتاب من شىء) ما تركنا شيئا إلا قد كتبناه في أم الكتاب.
قال أحمد: حدثنا عبد الصمد، حدثنا حماد، عن واصل، عن يحيى ابن عقيل، عن أبي هريرة أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "يقتص الخلق بعضهم من بعض حتى الجماء من القرناء وحتى الذرة من الذرة".
(المسند ٢/٣٦٣)، وقال المنذري: رواته رواة الصحيح (الترغيب والترهيب ٤/٤٠٢)، وكذا قال الهيثمي: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد ١٠/٣٥٢) وقال الألباني: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم (السلسله الصحيحة رقم ١٩٦٧) وللحديث متابعات وشواهد ذكرها الألباني. وله شاهد من حديث أبي ذر في اقتصاص الشاة من الشاة يوم القيامة. أخرجه الإمام أحمد (المسند ٥/١٧٢-١٧٣)، وقال عنه الشيخ محمود شاكر: إسناده حسن متصل (حاشية الطبري ١١/٣٤٨).
قوله تعالى (والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (صم بكم)، هذا مثل الكافر، أصم أبكم، لا يبصر هدى، ولا ينتفع به، صم عن الحق في الظلمات، لايستطيع منها خروجا، متسكع فيها.
وانظر سورة البقرة آية (١٨).
انظر حديث النواس بن سمعان المتقدم عند الآية (٦) من سورة الفاتحة.
قوله تعالى (قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين بل إياه تدعون)
قال الشيخ الشنقيطي: ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن المشركين إذا أتاهم عذاب من الله، أو أتتهم الساعة أخلصوا الدعاء الذي هو مخ العبادة لله وحده، ونسوا ما كانوا يشركون به، لعلمهم أنه لا يكشف الكروب إلا الله وحده جل وعلا. ولم يبين هنا نوع العذاب الدنيوي الذي يحملهم على الإخلاص لله، ولم يبين هنا أيضاً إذا كشف عنهم العذاب هل يستمرون على إخلاصهم، أو يرجعون إلى كفرهم وشركهم، ولكنه بين كل ذلك في مواضع أخر فبين أن العذاب الدنيوي الذي يحملهم على الإخلاص، هو نزول الكروب التي يخاف من نزلت به الهلاك، كأن يهيج البحر عليهم وتلتطم أمواجه، ويغلب على ظنه أنهم سيغرقون فيه إن لم يخلصوا الدعاء بالله وحده، كقوله تعالى (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين. فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق)، وقوله (وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه)، وقوله (وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين)، إلى غير ذلك من الآيات. وبين أنهم إذا كشف الله عنهم ذلك الكرب، رجعوا إلى ما كانوا عليه من الشرك في مواضع كثيرة كقوله (فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا)، وقوله (فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون)، وقوله (قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون)، وقوله (فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق) إلى غير ذلك من الآيات.
قال الترمذي: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن، أخبرنا محمد بن يوسف، عن ابن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن جبير بن نفير، أن عبادة بن الصامت حدثهم أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا أتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثله ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم". فقال رجل من القوم: إذاً نكثر، قال: "الله أكثر".
(السنن ٥/٥٦٦ ح ٣٥٧٣ - ك الدعوات، ب في انتظار الفرج وغير ذلك). وأخرجه عبد الله ابن أحمد في زوائد المسند (المسند ٥/٣٢٩) عن إسحاق الكوسج عن محمد بن يوسف. قال الترمذى: حسن صحيح (صحيح الترمذي ٢٨٢٧). وللحديث شواهد عدة، منها: عن جابر، أخرجه الترمذى (ح ٣٨١٣) عن قتيبة، وابن أبي حاتم (التفسير - تفسير سورة الأنعام/٤٠ - ح ٢١٠) من طريق ابن وهب، كلاهما عن ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً نحوه. قال السيوطي. حسن (فيض القدير مع الجامع الصغير ٥/٤٦٧). وقال الألباني: حسن (صحيح الترمذي ح ٢٦٩٢) ومنها: عن أبي سعيد، أخرجه أحمد (المسند ٣/١٨)، والحاكم (١/٤٩٣) كلاهما من طريق علي بن علي الرفاعي، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد به. قال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي.
قوله تعالى (ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعلمون)
انظر سورة البقرة آية (٢١٢)، وسورة النحل آية (٦٣).
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيد القطان، ثنا عمرو بن محمد العنقزي، ثنا أسباط، عن السدي، عن مرة، عن عبد الله بن مسعود في قوله: (البأساء) قال: البأساء: الفقر. (والضراء)، قال: الضراء: السقم.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن السدي عن أبي مالك قوله: (لعلهم) يعني: كي.
قوله تعالى (فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون)
قال أحمد: ثنا يحيى بن غيلان قال: ثنا رشدين يعني ابن سعد أبو الحجاج المهري، عن حرملة بن عمران التجيبي، عن عقبة بن مسلم، عن عقبة بن عامر، عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج" ثم تلا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون).
(المسند ٤/١٤٥)، وأخرجه الطبري (التفسير ١١/٣٦١ ح ١٣٢٤٠) من طريق أبي الصلت.
وابن أبي حاتم (التفسير - سورة الأنعام/٤٤ - ح ٢٢٨) من طريق ابن وهب كلاهما عن حرملة به، وعند ابن أبي حاتم: عن حرملة وابن لهيعة. وقال العراقي في تخريج الإحياء: رواه أحمد والطبراني والبيهقي في الشعب بسند حسن. ورمز له السيوطي بالحسن (انظر فيض القدير ١/٣٥٤)، وقال الألبانى في طريق حرملة: وهذا إسناد قوي... (السلسله الصحيحة رقم ٤١٣، ١/٧٧٣-٧٧٤)، وحسن إسناده محقق تفسير ابن أبي حاتم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (فلما نسوا ما ذكروا به) يعنى: تركوا ما ذكروا به.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره: (فتحنا عليهم أبواب كل شيء) قال: رخاء الدنيا ويسرها، على القرون الأولى.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد (أخذناهم بغتة) قال: فجأة آمنين.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي (فقطع دابر القوم الذين ظلموا)، يقول: قطع أصل الذين ظلموا.
وانظر سورة الفاتحة آية (١).
قوله تعالى (وختم)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن السدي عن أبي مالك قوله (وختم) يعني: وطبع.
قوله تعالى (يصدفون)
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله: (يصدفون) قال: يعرضون.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (يصدفون)، قال: يعدلون.
قوله تعالى (جهرة)
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد: (جهرة)، قال: وهم ينظرون.
قوله تعالى (وأصلح)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن قتادة (وأصلح) قال: أصلح ما بينه وبين الله.
قوله تعالى (قل هل يستوى الأعمى والبصير)
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره: (قل هل يستوى الأعمى والبصير)، قال: الضال والمهتدي.
قوله تعالى (وأنذر به الذين يخافون)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن السدي قوله (وأنذر به الذين يخافون) هؤلاء المؤمنون.
قال الشيخ الشنقيطي: نهى الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن طرد ضعفاء المسلمين وفقرائهم الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، وأمره في آية أخرى أن يصبر نفسه معهم، وأن لا تعدو عيناه معهم إلى أهل الجاه والمنزلة في الدنيا، ونهاه عن إطاعة الكفرة في ذلك وهي قوله (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا) كما أمره هنا بالسلام عليهم، وبشارتهم برحمة ربهم جل وعلا قوله (وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة) الآية، وبين في آيات أخر أن طرد ضعفاء المسلمين الذي طلبه كفار العرب من نبينا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فنهاه الله عنه، طلبه أيضاً قوم نوح من نوح، فأبى كقوله تعالى عنه (وما أنا بطارد الذين آمنوا) الآية، وقوله (يا قوم من ينصرنى من الله إن طردتهم) الآية، وقوله (وما أنا بطارد المؤمنين)، وهذا من تشابه قلوب الكفار المذكور في قوله تعالى (تشابهت قلوبهم) الآية.
قال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي عن إسرائيل، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن سعد. قال: كنا مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ستة نفر. فقال المشركون للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اطرد هؤلاء لا يجترءون علينا. قال: وكنت أنا وابن مسعود، ورجل من هذيل، وبلال، ورجلان لست أسميهما. فوقع في نفس رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما شاء الله أن يقع. فحدث نفسه. فأنزل الله عز وجل: (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه).
(صحيح مسلم ٤/١٨٧٨ - ك فضائل الصحابة، ب فضل سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي) يعني: يعبدون ربهم (بالغداة والعشى) يعني الصلاة المكتوبة.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة (وكذلك فتنا بعضهم ببعض) يقول: ابتلينا بعضهم ببعض.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (وكذلك فتنا بعضهم ببعض)، يعني أنه جعل بعضهم أغنياء وبعضهم فقراء، فقال الأغنياء للفقراء (أهؤلاء مَنَّ الله عليهم من بيننا)، يعني: هداهم الله.
وإنما قالوا ذلك استهزاء وسخرياً.
قوله تعالى (سوءاً بجهالة)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن مجاهد قوله: (سوءاً بجهالة) من عصى ربه فهو جاهل حتى ينزع عن معصيته.
وانظر سورة النساء آية (١٧) وتفسيرها.
قوله تعالى (وكذلك نفصل الآيات)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن السدي في قوله: (وكذلك نفصل الآيات) أما نفصل: فنبين.
قوله تعالى (قد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين)
انظر حديث البخاري عن هذيل بن شرحبيل السابق عند الآية (١١) من سورة النساء.
قوله تعالى (ما عندي ما تستعجلون به) الآية
قال الشنقيطي: أمر الله تعالى نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في هذه الآية الكريمة أن يخبر الكفار، أن تعجيل العذاب عليهم الذي يطلبونه منه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليس عنده، وإنما هو عند الله إن شاء عجله، وإن شاء أخره عنهم، ثم أمره أن يخبرهم بأنه لو كان عنده لعجله بقوله: (قل لو أن عندي ما تستعجلون به لقضي الأمر بيني وبينكم) الآية، وبين في مواضع أخر أنهم ما حملهم على استعجال العذاب إلا الكفر والتكذيب، وأنهم إن
قوله تعالى (يقص الحق وهو خير الفاصلين)
قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، ثنا سفان، عن عمرو بن دينار، عن عطاء: قرأ ابن عباس: (يقص الحق وهو خير الفاصلين) وقال: (نحن نقص عليك أحسن القصص).
ورجاله ثقات وسنده صحيح.
قوله تعالى (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو)
قال البخاري: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "مفاتح الغيب خمس: (إن الله عنده علم الساعة، ويُنزّل الغيث، ويعلم ما في الأرحام، وما تدري نفس ماذا تكسب غداً، وما تدري نفس بأي أرض تموت، إن الله عليم خبير) ".
(صحيح البخاري ٨/١٤١ ح ٤٦٢٧ -ك التفسير- سورة الأنعام، ب الآية).
وانظر حديث ابن ماجة عن ابن مسعود الآتي عند الآية (٣٤) من سورة لقمان: "إذا كان أجل أحدكم بأرض... ".
قوله تعالى (وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار) الآية، ذكر في هذه الآية الكريمة أن النوم وفاة، وأشار في
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار)، يعنى: ما اكتسبتم من الإثم، قوله تعالى (ثم يبعثكم فيه)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد (ثم يبعثكم فيه) في النهار، و (البعث)، اليقظة.
قوله تعالى (إليه مرجعكم)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية (إليه مرجعكم) قال: يرجعون إليه بعد الحياة.
قوله تعالى (وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون. ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (ويرسل عليكم حفظة) الآية، لم يبين هنا ماذا يحفظون وبينه في مواضع أخر فذكر أن مما يحفظونه بدن الإنسان بقوله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله)، وذكر أن مما يحفظونه جميع أعماله من خير وشر، بقوله: (وإن عليكم لحافظين، كراماً كاتبين يعلمون ما تفعلون)، وقوله: (إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) وقوله: (أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم، بلى ورسلنا لديهم يكتبون).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون)،
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة، (توفته رسلنا)، قال: يلى قبضها الرسل، ثم ترفعها إليه، يقول إلى ملك الموت.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (وهم لا يفرطون)، يقول: لا يضيعون.
انظر حديث أبي هريرة عند الآية (٤٠) من سورة الأعراف. والأحاديث الآتية في سورة إبراهيم عند الآية (٢٧).
قوله تعالى (قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر)، يقول: من كرب البر والبحر.
قوله تعالى (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض)
قال البخاري: حدثنا أبو النعمان حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر - رضي الله عنه - قال: لما نزلت هذه الآية (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم) قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أعوذ بوجهك" قال: (أو من تحت أرجلكم) قال: "أعوذ بوجهك". (أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض) قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "هذا أهون أو هذا أيسر".
(الصحيح ٨/١٤١ ح ٤٦٢٨ - ك التفسير، ب (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً)).
(الصحيح ٤/٢٢١٦ ح ٢٨٩٠ - ك الفتن وأشراط الساعة، ب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض).
وانظر حديث مسلم عن ثوبان الآتي عند الآية (٣٣) من سورة التوبة وهو حديث: "إن الله زوى لي الأرض... ".
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (أو يلبسكم شيعا)، يعني بالشيع، الأهواء المختلفة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (ويذيق بعضكم بأس بعض) قال: يسلط بعضكم على بعض بالقتل والعذاب.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي بن كعب: (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم) إلى قوله: (ويذيق بعضكم بأس بعض) قال: فهن أربع خلال جاء منهم ثنتان بعد وفاة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بخمس وعشرين سنة: ألبسوا شيعاً وأذيق بعضهم بأس بعض. وبقيت اثنتان هما لابد واقعتان: الرجم والخسف.
قوله تعالى (وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن السدي قوله: (وكذب به قومك) يقول: كذبت قريش بالقرآن وهو الحق. قوله: (قل لست عليكم بوكيل) أما (الوكيل) فالحفيظ.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (لكل نبأ مستقر)، يقول: حقيقة.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن مجاهد (لكل نبأ مستقر) ما كان في الدنيا فسوف ترونه، وما كان في الآخرة فسوف يبدو لكم.
قوله تعالى (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيرة). نهى الله تعالى نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في هذه الآية الكريمة عن مجالسة الخائضين في آياته، ولم يبين كيفية خوضهم فيها التي هي سبب منع مجالستهم، ولم يذكر حكم مجالستهم هنا، وبين ذلك كله في موضع أخر فبين أن خوضهم فيها بالكفر والاستهزاء بقوله: (وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم) الآية.
ويبين أن من مجالستهم في وقت خوضهم فيها مثلهم في الإثم بقوله: (إنكم إذاً مثلهم)، وبين حكم من جالسهم ناسياً، ثم تذكر بقوله هنا (وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين) كما تقدم في سورة النساء.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا) وقوله (الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً) وقوله (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات) وقوله (أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) ونحو هذا في القرآن، قال: أمر الله المؤمنين بالجماعة، ونهاهم عن الاختلاف والفرقة، وأخبرهم أنه إنما هلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات في دين الله.
قوله تعالى (وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن مقاتل بن حيان: ثم ذكر المؤمنين في قولهم حين قالوا: إنا نخاف أن نحرج في سكوتنا عنهم فقال الله تعالى: (وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء) ولا من ذنوبهم ولا من خوضهم (ولكن ذكرى لعلهم يتقون) يقولون: لو خضنا قاموا عنا، فإذا ذكروا ذلك لم يخوضوا فذلك قوله: (ولكن ذكرى لعلهم يتقون).
قوله تعالى (وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا)
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة (وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا) قال نسخها قوله (اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم).
قوله تعالى (وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت)
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره: (أن تبسل)، قال: أن تسلم النفس.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت)، يقول: تفضح.
قوله تعالى (وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا)
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة: (وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها)، قال: لو جاءت بملء الأرض ذهبا لم يقبل منها.
انظر سورة البقرة آية رقم (٤٨) لبيان عدل: أي فداء.
قوله تعالى (حميم)
قال ابن أي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج ثنا أبو نعيم عن سفيان عن منصور عن إبراهيم وأبي رزين: (حميم) قالا: ما يسيل من صديدهم.
وأبو رزين هو مسعود بن مالك الأسدى تابعي، ورجاله ثقات وسنده صحيح.
قوله تعالى (عذاب أليم)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية قوله: (عذاب أليم) قال: الأليم الموجع.
قوله تعالى (قل أندعوا من دون الله مالا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (قل أندعوا من دون الله مالا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا) قال: هذا مثل ضربه الله للآلهة ومن يدعو إليها، وللدعاة الذين يدعون إلى الله، كمثل رجل ضل عن الطريق تائها ضالا، إذ ناداه مناد: (يا فلان بن فلان، هلم إلى الطريق)، وله أصحاب يدعونه: (يا فلان، هلم إلى الطريق) فإن اتبع الداعي الأول انطلق به حتى يلقيه في الهلكة، وإن أجاب من يدعوه إلى الهدى اهتدى إلى الطريق. وهذه الداعية التي تدعو في البرية من الغيلان. يقول: مثل من يعبد هؤلاء الآلهه من دون الله، فإنه يرى أنه في شيء حتى يأتيه الموت، فيستقبل الهلكة والندامة، وقوله (كالذي استهوته الشياطين في الأرض) وهم "الغيلان"، يدعونه باسمه واسم أبيه واسم جده، فيتبعها، فيرى أنه في شيء، فيصبح وقد ألقته في الهلكة، وربما أكلته أو تلقيه في مضلة من الأرض يهلك فيها عطشا. فهذا مثل من أجاب الآلهة التي تعبد من دون الله عز وجل.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله: (ما لا ينفعنا ولا يضرنا)، قال: الأوثان.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى (استهوته الشياطين) قال: أضلته الشياطين في الأرض حيران.
قوله تعالى (أقيموا الصلاة)
قال ابن أبي حاتم: حدثنى عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم ثنا الوليد ثنا عبد الرحمن بن نمر قال: سألت الزهري عن قول الله: (أقيموا الصلاة) قال الزهري: إقامتها أن تصلى الصلوات الخمس لوقتها.
الوليد هو بن مسلم الدمشقي، ورجاله ثقات وسنده صحيح.
قوله تعالى (وله الملك يوم ينفخ في الصور)
قال أبو داود: حدثنا مسدد، ثنا معتمر، قال: سمعت أبي قال: ثنا أسلم، عن بشر بن شغاف، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "الصور قرن ينفخ فيه".
(السنن ٤/٢٣٦ ح ٤٧٤٢ - ك السنة، ب في ذكر البعث والصور)، وأخرجه الترمذي وحسنه في (سننه ٤/٦٢٠ ح ٢٤٣٠ - ك صفة القيامة، ب ما جاء في شأن الصور) من طريق: عبد الله بن المبارك، والنسائي في (التفسير ٣/٢٥ ح ٣٣٢) من طريق: إسماعيل، والدارمي في (سننه ٢/٣٢٥ - ك الرقاق، ب في نفخ الصور) من طريق سفيان. وأخرجه ابن حبان (الإحسان ١٦/٣٠٣ ح ٧٣١٢) من طريق يزيد بن زريع، كلهم: عن سليمان التيمي، عن أسلم به، وأخرجه الحاكم في (المستدرك ٢/٤٣٦) من طريق: عبد الرزاق عن معمر عن سليمان به. وعند الجميع -ماعدا الحاكم- أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سئل عن الصور؟... وصححه الحاكم وصححه الألباني أيضاً (صحيح الجامع ح ٣٧٥٧).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: (عالم الغيب والشهادة) يعني: أن عالم الغيب والشهادة هو الذي ينفخ في الصور.
قوله تعالى (وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناماً آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين)
جاءت هذه الآية مفصلة في سورة مريم من الآية (٤١-٤٨).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض) أي: خلق السماوات والأرض.
قوله تعالى (فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني برئ مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قوله (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض) يعني به: الشمس والقمر والنجوم. (فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي) فعبده حتى غاب، فلما غاب قال: لا أحب الآفلين (فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي) فعبده حتى غاب، فلما غاب قال: لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين (فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر) فعبدها حتى غابت، فلما غابت قال: (يا قوم إني بريء مما تشركون).
وانظر سورة البقرة آية (١٣٥) لبيان معنى: حنيفاً.
قوله تعالى (فأي الفريقين أحق بالأمن)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره، قال إبراهيم حين سألهم: (فأي الفريقين أحق بالأمن) ؟ قال: وهي حجة إبراهيم عليه السلام.
قوله تعالى (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم)
قال البخاري: حدثنى محمد بن بشار حدثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن سليمان عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: لما نزلت (ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) قال أصحابه: وأينا لم يظلم؟ فنزلت (إن الشرك لظلم عظيم).
(صحيح البخاري ٨/١٤٤ ح ٤٦٢٩ - ك التفسير، سورة الأنعام).
(صحيح البخاري ١٢/٢٧٦ ح ٦٩١٨ - ك استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم، ب إثم من أشرك بالله).
قال أحمد: ثنا إسحاق بن يوسف، ثنا أبو جناب، عن زاذان، عن جرير بن عبد الله قال: خرجنا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلما برزنا من المدينة إذ راكب يوضع نحونا فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "كأن هذا الراكب إياكم يريد" قال: فانتهى لرجل إلينا فسلم فرددنا عليه فقال له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من أين أقبلت؟ " قال: من أهلي وولدي وعشيرتي قال: "فأين تريد؟ ". قال: أريد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "فقد أصبته".
قال: يا رسول الله علمني ما الإيمان؟ قال: "تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت" قال: قد أقررت، قال: ثم إن بعيره دخلت يده في شبكة جرذان فهوى بعيره وهوى الرجل فوقع علي هامته فمات فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "على بالرجل" قال: فوثب إليه عمار بن ياسر وحذيفة فأقعداه فقالا: يا رسول الله قبض الرجل قال فأعرض عنهما رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثم قال لهما رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ "أما رأيتما إعراضي عن الرجل فإنى رأيت ملكين يدسان في فيه من ثمار الجنة فعلمت أنه مات جائعاً" ثم قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "هذا والله من الذين قال الله عز وجل (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) قال: ثم قال: "دونكم أخاكم" قال: فاحتملناه إلى الماء فغسلناه وحنطناه وكفناه وحملناه إلى القبر قال: فجاء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى جلس على شفير القبر قال: فقال: "الحدوا ولا تشقوا فإن اللحد لنا والشق لغيرنا".
(المسند ٤/٣٥٩)، وأخرجه أيضاً: عن أسود بن عامر، عن عبد الحميد بن أبي جعفر، عن ثابت عن زاذان بنحوه، (المسند- الصفة نفسها). وسنده حسن (كما في مرويات أحمد في التفسير -عند هذه الآيه- ح ٢٦٩). وللحديث شاهد من رواية ابن عباس، أخرجه ابن أبي حاتم (التفسير - الآيه ٨٢ من الأنعام - ح ٥١٦).
قال ابن كثير: (وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه) أي: وجهنا حجته على قومه. قال مجاهد وغيره: يعني بذلك قوله (وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطاناً فأي الفريقين أحق بالأمن).
قوله تعالى (ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحاً هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيي وعيسى وإلياس كل من الصالحين وإسماعيل واليسع ويونس ولوطاً وكلاً فضلنا على العالمين ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم)
قال ابن كثير: يذكر تعالى أنه وهب لابراهيم إسحاق بعد أن طعن في السن وأيس هو وامرأته ساره من الولد، فجاءته الملائكة وهم ذاهبون إلى قوم لوط فبشروهما باسحاق فتعجبت المرأة من ذلك وقالت (ياويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً إن هذا لشيء عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد) فبشروهم مع وجوده بنبوته وبأن له نسلا وعقبا كما قال تعالى (وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين) وهذا أكمل في البشارة وأعظم في النعمة وقال (فبشرناه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب) أي: ويولد لهذا المولود ولد في حياتكما فتقر أعينكما به كما قرت بوالده، فإن الفرح بولد الولد شديد لبقاء النسل والعقب.
قال الطبري: حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبيدة بن ربيعة عن عبد الله بن مسعود قال: إدريس هو: إلياس، وإسرائيل هو: يعقوب.
وسنده صحيح، وأبو أحمد هو الزبيري، وأبو إسحاق هو السبيعي.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، في قول الله تعالى ذكره: (واجتبيناهم) قال: أخلصناهم.
أي إلى دين الإسلام كما تقدم في سورة الفاتحة.
قوله تعالى (ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون)
قال ابن كثير: (ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون) تشديد لأمر الشرك، وتغليظ لشأنه، وتعظيم لملابسته، كما قال (ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك) الآية. وهذا الشرط لا يقتضى جواز الوقوع، كقوله (قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين).
انظر حديث مسلم الآتي عند الآية (١١٠) من سورة الكهف.
قوله تعالى (فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (فإن يكفر بها هؤلاء)، يعني أهل مكة، يقول: إن يكفروا بالقرآن (فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين) يعني أهل المدينة والأنصار.
قوله تعالى (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا أسالكم عله أجراً إن هو ذكرى للعالمين)
قال البخاري: حدثني إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام أن ابن جريج أخبرهم قال أخبرنى سليمان الأحول أن مجاهدا أخبره أنه " سأل ابن عباس أفي ص سجدة؟
فقال؟ نعم، ثم تلا (ووهبنا له إسحاق ويعقوب -إلى قوله- فبهداهم اقتده)
ثم قال: هو منهم، زاد يزيد بن هارون ومحمد بن عبيد وسهل بن يوسف عن العوام عن مجاهد: قلن لابن عباس، فقال: نبيكم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ممن أمر أن يقتدى بهم.
(الصحيح- تفسير سورة الأنعام، ب أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ح ٤٦٣٢).
قوله تعالى (وما قدرو الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (وماقدرو الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء)، يعني من بني إسرائيل، قالت اليهود: يامحمد، أنزل الله عليك كتابا؟ قال: نعم! قالوا: والله ما أنزل الله من السماء كتابا! قال: فأنزل الله: (قل) يامحمد (من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس) قال: الله أنزله.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن قتادة قوله: (تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا) هم اليهود والنصارى.
قوله تعالى (مصدقُ الذي بين يديه)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية: (مصدقُ الذي بين يديه) يعني من التوراة والإنجيل.
قوله تعالى (ولتنذر أم القرى ومن حولها)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (ولتنذر أم القرى ومن حولها) يعنى، بـ (أم القرى) مكة (ومن حولها) من القرى إلى المشرق والمغرب.
قوله تعالى (على صلاتهم يحافظون)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن قتادة قوله (على صلاتهم يحافظون) أي على وضوئها ومواقيتها وركوعها وسجودها.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى (أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء) قال: نزلت في مسيلمة.
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله) أي لا أحد أظلم ممن قال: سأنزل مثل ما أنزل الله. ونظيرها قوله تعالى (وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا)، وقد بين الله تعالى كذبهم في افترائهم هذا حيث تحدى جميع العرب بسورة واحدة منه، كما ذكره تعالى في البقرة بقوله (فاتوا بسورة من مثله)، وفي يونس بقوله (قل فأتوا بسورة مثله)، وتحداهم في هود بعشر سور مثله في قوله (قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات)، وتحداهم به كله في الطور بقوله (فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين). ثم صرح في سورة بني إسرائيل بعجز جميع الخلائق عن الاتيان بمثله في قوله (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله، ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً) فاتضح بطلان دعواهم الكاذبة.
قوله تعالى (ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم) أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم) قال: هذا عند الموت، (والبسط) الضرب، يضربون وجوههم وأدبارهم.
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (والملائكة باسطوا أيديهم) الآية، لم يصرح هنا بالشيء الذي بسطوا إليه الأيدي، ولكنه أشار إلى أنه التعذيب بقوله: (أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون) الآية، وصرح بذلك في قوله (ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم)، وبين في مواضع أخر أنه يراد ببسط اليد التناول بالسوء كقوله (ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء)، وقوله (لئن بسطت إلى يدك لتقتلني) الآية.
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ماخولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء) ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن الكفار يأتون يوم القيامة كل واحد منهم بمفرده ليس معهم شركاؤهم، وصرح تعالى بأن كل واحد يأتي فرداً في قوله: (وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً) وقوله في هذه الآية (كما خلقناكم أول مرة) أي منفردين لامال، ولا أثاث، ولا رقيق، ولا خول عندكم، حفاة عراة غرلا، أي غير مختونين (كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين).
قال مسلم: حدثنا هداب بن خالد، حدثنا همّام، حدثنا قتادة عن مطرف، عن أبيه، قال: أتيت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو يقرأ: (ألهاكم التكاثر). قال: ليقول ابن آدم: مالي. مالي " قال: وهل لك يا ابن آدم! من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت؟ ".
(الصحيح ٤/٢٢٧٣ ح ٢٩٥٨ - ك الزهد والرقائق).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي (وتركتم ما خولناكم) من المال والخدم (وراء ظهوركم) في الدنيا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي أما قوله (وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء) فإن المشركين كانوا يزعمون أنهم كانوا يعبدون الآلهة، لأنهم شفعاء يشفعون لهم عند الله، وإن هذه الآلهة شركاء لله.
قوله تعالى (لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (لقد تقطع بينكم وضل عنكم ماكنتم تزعمون) ذكر في هذه الآية الكريمة: أن الأنداد التي كانوا يعبدونها في الدنيا
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد (لقد تقطع بينكم)، (البين)، تواصلهم في الدنيا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون) يعني الأرحام والمنازل.
قوله تعالى (إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي)
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله (فالق الحب والنوى) قال: الشقان اللتان فيهما.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى (قالق الحب والنوى) قال: تفلق الحب والنوى عن النبات.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي) قال: يخرج النطفة الميتهَ، ثم يخرج من النطفة بشراً حياً.
قوله تعالى (فالق الأصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: (فالق الإصباح) يعني بالاصباح، ضوء الشمس بالنهار، وضوء القمر بالليل.
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (وجعل الليل سكناً) أي مظلماً ساجياً ليسكن فيه الخلق فيستريحوا من تعب الكد بالنهار كما بينه قوله تعالى (وهو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصراً) وقوله (قل أرأيتم إن جعل
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (والشمس والقمر حسبانا) يعني عدد الأيام والشهور والسنين.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى (والشمس والقمر حسبانا) قال: يدوران بحساب.
قوله تعالى (وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر) الآية. ظاهر هذه الآية الكريمة أن حكمة خلق النجوم هي الاهتداء بها فقط كقوله (وبالنجم هم يهتدون)، ولكنه تعالى بين في غير هذا الموضع أن لها حكمتين أخريين غير الاهتداء بها وهما تزيين السماء الدنيا، ورجم الشياطين بها، كقوله (ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح، وجعلناها رجوماً للشياطين) الآية. وقوله (إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظاً من كل شيطان مارد لايسمعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب دحوراً ولهم عذاب واصب إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب)، وقوله (ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظاً ذلك تقدير العزيز العليم).
قوله تعالى (وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر) الآية، لم يبين هنا كيفية إنشائهم من نفس واحدة، ولكنه بين في
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة) من آدم عليه السلام.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (فمستقر ومستودع) قال (المستقر) في الرحم و (المستودع) ما استودع في أصلب الرجال والدواب.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون) يقول: قد بينا الآيات لقوم يفقهون.
قوله تعالى (ومن النخل من طلعها قنوان دانية)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (قنوان دانية) يعني بالقنوان الدانية قصار النخل، لاصقة عذوقها بالأرض.
قوله تعالى (انظروا إلى ثمره إلى إذا أثمر وينعه)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (وينعه) يعني: إذا نضج.
قوله تعالى (وخرقوا له بنين وبنات)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات) يعني أنهم تخرصوا.
قوله تعالى (سبحانه وتعالى عما يصفون)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (سبحانه وتعالى عما يصفون) عما يكذبون.
انظر سورة البقرة آية (١١٧).
قوله تعالى (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (لا تدركه الأبصار). أشار في مواضع أخر: إلى أن نفي الإدراك المذكور هنا لا يقتضي نفي مطلق الرؤية كقوله (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة)، وقوله (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) والحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الله الكريم، وقوله (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) يفهم منه أن المؤمنين ليسوا محجوبين عنه وهو كذلك.
قال البخاري: حدثنا يحيى، حدثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر عن مسروق قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: يا أمتاه، هل رأى محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ربه؟
فقالت: لقد قفَّ شعري مما قلت، أين أنت من ثلاث من حدثكهن فقد كذب: من حدثك أن محمداً - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى ربه فقد كذب، ثم قرأت (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير). (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب) ومن حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب، ثم قرأت (وما تدري نفس ماذا تكسب غداً) ومن حدثك أنه كتم فقد كذب، ثم قرأت (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) الآية. ولكن رأى جبريل عليه السلام في صورته مرتين".
(الصحيح ٨/٤٧٢ ح ٤٨٥٥ - ك التفسير، ب ١ من سورة النجم).
قال مسلم: حدثني زهير بن حرب، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن داوود، عن الشعبي، عن مسروق؛ قال: كنت متكئاً عند عائشة. فقالت: يا أبا عائشة! ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية. قلت ماهن؟
قالت: من زعم أن محمداً - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية. قال وكنت متكئاً فجلست. فقلت: يا أم المؤمنين! أنظريني ولاتعجليني. ألم يقل الله
انظر حديث مسلم المتقدم عند الآية (٢٥٥) من سورة البقرة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) وهو أعظم من أن تدركه الأبصار.
أخرج الطبري بسنده الجيد عن أبي العالية قوله (اللطيف الخبير) قال: (اللطيف) باستخراجها (الخبير) بمكانها.
قوله تعالى (قد جاءكم بصائر من ربكم)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (قد جاءكم بصائر من ربكم) أي بينة.
قوله تعالى (وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون) قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (وليقولوا درست) الآية يعني ليزعموا أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما تعلم هذا القرآن بالدرس والتعليم من غيره من أهل الكتاب، كما
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (وليقولوا درست) قالوا: قرأت وتعلمت. تقول ذلك قريش.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله (درست) قال: فقهت، قرأت على اليهود، قرأوا عليك.
قوله تعالى (اتبع ما أوحى إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أما قوله: (وأعرض عن المشركين) ونحوه، مما أمر الله المومنين بالعفو عن المشركين، فإنه نسخ ذلك قوله (اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم).
قوله تعالى (ولو شاء الله ما أشركوا... )
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله (ولو شاء الله ما أشركوا) يقول سبحانه: لو شئتُ لجمعتهم على الهدى أجمعين.
قوله تعالى (ولا تسبوا الدين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم) أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحه عن أبي عباس (ولاتسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم) قال؟ قالوا: يامحمد، لتنتهين عن سب آلهتنا، أو لنهجون ربك! فنهاهم الله أن يسبوا أوثانهم، فيسبوا الله عدوا بغير علم.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله (لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها) إلى قوله (يجهلون) سألت قريش محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يأتيهم بآية، واستحلفهم: ليؤمنن بها.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله (وما يشعركم) قال: مايدريكم. قال: ثم أخبر عنهم أنهم لا يؤمنون.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: أخبر الله سبحانه ما العباد قائلون قبل أن يقولوه، وعملهم قبل أن يعملوه، قال: ولا ينبئك مثل خبير: (أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين، أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين) سورة الزمر (٥٦-٥٨) يقول: من المهتدين. فأخبر الله سبحانه أنهم لو ردوا إلى الدنيا، لما استقاموا على الهدى وقال (لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون) وقال (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة) قال: لو ردوا إلى الدنيا لحيل بينهم وبين الهدى، كما حلنا بينهم وبينه أول مرة وهم في الدنيا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا) وهم أهل الشقاء، ثم قال: (إلا إن يشاء الله)، وهم أهل السعادة الذين سبق لهم في علمه أن يدخلوا في الإيمان.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (وحشرنا عليهم كل شيء قبلا) يقول: معاينة.
قال الشيخ الشنقيطي: ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أنه جعل لكل نبي عدواً، وبين هنا أن أعداء الأنبياء هم شياطين الإنس والجن، وصرح في موضعٍ أخر هنا أن أعداء الأنبياء من المجرمين، وهو قوله (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين) فدل ذلك على أن المراد بالمجرمين شياطين الإنس والجن، وذكر في هذه الآية أن من الإنس شياطين، وصرح بذلك في قوله (وإذا خلو إلى شياطينهم قالوا إنا معكم) الآية. وقد جاء الخبر بذلك مرفوعاً من حديث أبي ذر عند الإمام أحمد وغيره والعرب تسمى كل متمرد شيطاناً سواء كان من الجن أو من الإنس كما ذكرنا أو من غيرهما.
قال أحمد: ثنا وكيع ثنا المسعودي أنبأنى أبو عمر الدمشقي عن عبيد بن الخشخاش عن أبي ذر قال: أتيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو في المسجد فجلست فقال: "يا أبا ذر هل صليت"؟. قلت: لا. قال: "قم فصل" قال: فقمت فصليت ثم جلست فقال: "يا أبا ذر تعوذ بالله من شر شياطين الانس والجن" قال: قلت يا رسول الله وللإنس شياطين؟. قال: "نعم" قلت: يا رسول الله ما الصلاة؟ قال: "خير موضوع من شاء أقل ومن شاء أكثر" قال: قلت يا رسول الله فما الصوم؟. قال: "فرض مجزئ وعند الله مزيد" قلت: يا رسول الله فما الصدقة؟. قال: "أضعاف مضاعفة" قلت: يا رسول الله فأيهما أفضل؟.
قال: "جهد من مقل أو سر إلى فقير" قلت: يا رسول الله أي الأنبياء كان أول؟. قال: "آدم" قلت: يا رسول الله ونبي كان قال: "نعم نبي مكلم" قال قلت يا رسول الله كم المرسلون قال: "ثلاثمائة وبضعة عشر جماً غفيراً" وقال مرة "خمسة عشر" قال قلت: يا رسول الله آدم أنبي كان؟. قال: "نعم نبي مكلم" قلت يا رسول الله أيما أنزل عليك أعظم؟. قال: " آية الكرسى (الله لا إله إلا هو الحى القيوم) ".
(المسند ٥/١٧٨)، ويروى هذا الحديث عن أبي أمامه أيضاً (المسند ٥/٢٦٥-٢٦٦)، وقد ذكر ابن كثير للحديث طرقاً كثيرة ثم قال: ومجموعها يفيد قوته وصحته. (التفسير ٣/٣١٢).
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد (زخرف القول غرورا) قال: تزين الباطل بالألسنة الغرور.
قوله تعالى (ولتصغى إليه أفئدة)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: (ولتصغى إليه أفئدة) يقول: تزيغ إليه أفئدة.
قوله تعالى (وليقترفوا ماهم مقترفون)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: (وليقترفوا ماهم مقترفون) وليكسبوا ماهم مكتسبون.
قوله تعالى (وتمت كلمت ربك صدقاً وعدلاً لا مبدل لكلماته)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن قتادة قوله: (وتمت كلمت ربك صدقاً وعدلاً لا مبدل لكلماته) يقول: صدقاً: فيما وعد. وعدلا: فيما حكم.
قوله تعالى (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) ذكر في هذه الآية الكريمة أن إطاعة أكثر أهل الأرض ضلال، وبين في مواضع أخر أن أكثر أهل الأرض غير مؤمنين، وأن ذلك واقع في الأمم الماضية كقوله (ولكن أكثر الناس لايؤمنون)، وقوله (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين)، وقوله (ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين)، وقوله (إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين).
قوله تعالى (فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عيكم إلا ما اضطررتم إليه وإن كثيراً ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين وذروا ظاهر الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وان أطعتموهم إنكم لمشركون)
قال البخاري: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبو عوانة عن سعيد بن مسروق عن عباية بن رفاعة عن جدّه رافع قال: كنا مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذِي الحليفة فأصاب الناس جوع، وأصبنا إبلاً وغنماً -وكان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في أخريات الناس- فعجلوا فنصبوا القدور، فأمر بالقدور فأكفئت ثم قَسَمَ، فعدل عشرة من الغنم ببعير، فندّ منها بعير، وفي القوم خيل يسيرة، فطلبوه فأعياهم، فأهوى إليه رجل بسهم فحبسه الله، فقال: "هذه البهائم لها أوابد كأوابد الوحش، فما ندّ عليكم فاصنعوا به هكذا". فقال جدي: إنّا نرجو -أو نخاف- أو نلقى العدوّ غداً، وليس معنا مدى، أفنذبح بالقصب؟ فقال: "ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه فكُل، ليس السنّ والظفر. وسأحدثكم عن ذلك: أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة".
(صحيح البخاري ٦/٢١٨ ح ٣٠٧٥ - ك الجهاد والسير، ب ما يكره من ذبح الأبل والغنم في المغانم).
قال الترمذي: حدثنا محمد بن موسى البصري الحرشي. حدثنا زياد بن عبد الله البكائي. حدثنا عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس قال: أتى أُناس النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقالوا يا رسول الله: أنأكل ما نقتل ولا نأكل ما يقتل الله؟ فأنزل الله: (فكلوا ممّا ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين -إلى قوله- وإن أطعتموهم إنكم لمشركون).
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب. وقد روى هذا الحديث من غير هذا الوجه عن ابن عباس أيضاً، ورواه بعضهم عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرسلاً. (السنن ٥/٢٦٣-٢٦٤ ح ٣٠٦٩ - ك التفسير، ب سورة الأنعام وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي).
وانظر الآية (١٤٥) من السورة نفسها وتفسيرها لبيان ما حرم الله تعالى.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (إلا ما اضطررتم إليه) من الميتة.
وانظر الآية (١٤٥) من السورة نفسها لبيان تقييد الضرورة.
قال ابن ماجة: حدثنا عمرو بن عبد الله: ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس (وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم) قال: كانوا يقولون: ما ذكر عليه اسم الله فلا تأكلوا. وما لم يُذكر اسم الله عليه فكلوه. فقال الله عز وجل (ولا تأكلوا مما لم يُذكر اسم الله عليه).
(السنن ح ٣١٧٣ - الذبائح، ب التسمية عند الذبح)، وأخرجه أبو داود من طريق محمد بن كثير عن إسرائيل نحوه (السنن - الأضاحي، ب في ذبائح أهل الكتاب) وأخرجه الحاكم في (المستدرك ٤/١١٣) وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وذكره ابن كثير في التفسير وقال: هذا إسناد صحيح (٣/٣٢١).
انظر حديث مسلم عن النواس بن سمعان الآتي عند الآية (٢) من سورة التوبة وهو حديث: "البر حسن الخلق... ".
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (وذروا ظاهر الإثم وباطنه) أي: قليله وكثيره، وسره وعلانيته.
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المروزي حدثني علي بن حسين عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس قال (فكلوا مما ذكر اسم الله عليه)، (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) فنسخ، واستثنى من ذلك قال (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم)
(السنن ح ٢٨١٧ - ك الأضاحي، ب في ذبائح أهل الكتاب)، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى
(٩/٢٨٢) من طريق أبي داود به، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود (٢٤٤٣/٢٨١٧).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (وإن أطعتموهم) يقول: وإن أطعتموهم في أكل ما نهيتكم عنه.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (أومن كان ميتا فأحييناه) يعني: من كان كافرا فهديناه (وجعلنا له نورا يمشي به في الناس) يعني بالنور، القرآن، من صدق وعمل به (كمن مثله في الظلمات) يعني: بالظلمات، الكفر والضلالة.
قوله تعالى (وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها... )
قال الشيخ الشنقيطي: ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة: أنه جعل في كل قرية أكابر المجرمين منها ليمكروا فيها، ولم يبين المراد بالأكابر هنا، ولا كيفية مكرهم، وبين جميع ذلك في مواضع أخر: فبين أن مجرميها الأكابر هم أهل الترف، والنعمة في الدنيا، بقوله (وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون)، وقوله (كذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على أثارهم مقتدون) ونحو ذلك من الآيات. وبين أن مكر الأكابر المذكور: هو أمرهم بالكفر بالله تعالى، وجعل الأنداد له بقوله (وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أنداداً)، وقوله (ومكروا مكراً كباراً وقالوا لا تذرن آلهتكم) الآية.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد (أكابر مجرميها) قال: عظماؤها.
قوله تعالى (وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتى رسل الله) قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله)، يعنون أنهم لن يؤمنوا حتى تأتيهم الملائكة بالرسالة، كما أتت الرسل، كما بينه تعالى في آيات أخر، كقوله (وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا) الآية، وقوله (أو تأتي بالله والملائكة قبيلاً) الآية.
قال مسلم: حدثنا محمد بن مهران الرازي ومحمد بن عبد الرحمن بن سهم.
جميعاً عن الوليد، قال ابن مهران: حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي، عن أبي عمار -شداد- أنه سمع واثلة بن الأسقع يقول: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "إن الله اصطفي كنانة من ولد إسماعيل. واصطفي قريشاً من كنانة، واصطفي من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم".
(الصحيح ٤/١٧٨٢ ح ٢٢٧٦ - ك الفضائل، ب فضل نسب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -).
قوله تعالى (سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون)
قال البخاري: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حمّاد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "لكل غادر لواء يُنصب يوم القيامة بغدرته".
(الصحيح ٦/٣٢٧ ح ٣١٨٨ - ك الجزيه والموادعة، ب إثم الغادر للبر والفاجر)، وأخرجه مسلم بنحوه (الصحيح ٣/١٣٥٩ ح ١٧٣٥ - ك الجهاد والسير، ب تحريم الغدر).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي (سيصيب الذين أجرمو صغار عند الله) قال: (الصغار) الذلة.
قوله تعالى (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام) أما (يشرح صدره للإسلام) فيوسع صدره للإسلام.
قوله تعالى (ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (يجعل صدره ضيقا حرجا) قال: ضيقاً ملتبساً.
قوله تعالى (كأنما يصعد في السماء)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي (كأنما يصعد في السماء) من ضيق صدره.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن أبي عباس: (الرجس) قال: الشيطان.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة (نفصل الآيات) نبين الآيات.
قوله تعالى (وهذا صراط ربك مستقيماً قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون)
انظر سورة الفاتحة وفيها أن الصراط المستقيم هو: الإسلام.
قوله تعالى (لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي (لهم دار السلام عند ربهم) الله هو السلام، والدار الجنة.
قوله تعالى (ويوم يحشرهم جميعاً يامعشر الجن قد استكثرتم من الأنس)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله (ويوم يحشرهم جميعاً يامعشر الجن قد استكثرتم من الأنس) يعني: أضللتم منهم كثير.
وانظر سورة الجن آية (٦).
قوله تعالى (وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي: أما قوله (وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا) فالموت.
قوله تعالى (قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال (قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم) قال: إن هذه الآية: آية لاينبغى لأحد أن يحكم على الله في خلقه، لا ينزلهم جنة ولا نار.
قوله تعالى (وكذلك نولى بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (وكذلك نولى بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون) وإنما يولي الله بين الناس بأعمالهم، فالمؤمن ولي المؤمن أين كان وحيث كان، والكافر ولي الكافر أينما كان وحيثما كان. ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن مجاهد قوله: (يا معشر الجن والإنس) قال: ليس في الجن رسل إنما الرسل في الإنس، والنذارة في الجن، وقرأ: (فلما قضى ولوا إلى قومهم منذرين) الأحقاف آية (٣٠).
وانظر سورة الجن الآية (١-٥).
قوله تعالى (ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون) النفي في هذه الآية الكريمة منصب على الجملة الحالية، والمعنى أنه لا يهلك قوماً في حال غفلتهم، أي عدم إنذارهم، بل لا يهلك أحداً إلا بعد الإعذار والإنذار على ألسنة الرسل عليهم صلوات الله وسلامه، كما بين هذا المعنى في آيات كثيرة كقوله (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا)، وقوله (رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل)، وقوله (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير).
وانظر سورة الإسراء آية (١٥).
قوله تعالى (ولكل درجات مما عملوا)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (ولكل درجات مما عملوا) بين في موضع آخر: أن تفاضل درجات العاملين في الآخرة أكبر، وأن تفضيلها أعظم من درجات أهل الدنيا، وهو قوله (انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا).
وانظر سورة الإسراء آية (٢١).
قال ابن كثير: (إن يشأ يذهبكم) أي: إذا خالفتم أمره (ويستخلف من بعدكم ما يشاء) أي: قوماً آخرين، أي: يعلمون بطاعته، (كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين) أي: هو قادر على ذلك، سهل عليه، يسير لديه، كما أذهب القرون الأول وأتى بالذي بعدها، كذلك هو قادر على إذهاب هؤلاء والإتيان بآخرين، كما قال تعالى (إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديراً) وقال تعالى (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز).
وانظر سورة النساء آية (١٣٣) وتفسيرها.
قوله تعالى (إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين)
انظر سورة يس آية (٦٣)، وسورة مريم آية (٧٥).
قوله تعالى (قل ياقوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعملون)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (ياقوم اعملوا على مكانتكم) يعني علي ناحيتكم.
قوله تعالى (الظالمون)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن ابن عباس: (الظالمون) يعني لا أقبل ما كان في الشرك.
قوله تعالى (وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا... )
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا) قال: جعلوا لله من ثمراتهم ومالهم نصيبا، وللشيطان والأوثان نصيباً.
فإن سقط من ثمرة ما جعلوا لله في نصيب الشيطان تركوه، وإن سقط مما جعلوه
وأما ماجعلوا للشيطان من الأنعام فهو قول الله (ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام) سورة المائدة آية: ١٠٣.
وانظر سورة البقرة آية (٢٠٥).
قوله تعالى (وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم) زينوا لهم، من قتل أولادهم.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله (قتل أولادهم شركاؤهم) شياطينهم يأمرونهم أن يئدوا أولادهم خيفة العيلة.
أي خشية الفقر.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن السدي: (ليردوهم) فيهلكوهم.
(وليلبسوا عليهم دينهم) فيخلطوا عليهم دينهم. (ذرهم) يعني خل عنهم.
قوله تعالى (وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم)
اخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد (الأنعام) السائبة والبحيرة التي سموا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (وحرث حجر) فالحجر، ما حرموا من الوصيلة، وتحريم ما حرموا.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن السدي قوله: (لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم) فيقولون: حرام أن يطعم إلا من شئنا. (وأنعام حرمت ظهورها) قال: البحيرة والسائبة والحام (وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها) فكانوا لا يذكرون اسم الله عليها إذا ولدوها، ولا إن نحروها.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا) ألبان البحائر كانت للذكور دون النساء، وإن كانت ميتة اشترك فيها ذكورهم وإناثهم.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد (وقالوا ما في بطون هذه الأنعام) السائبة والبحيرة.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن السدي قوله: (وقالوا ما في بطون هذه الأنعام) فهذه الأنعام، ما ولد منها حي.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن السدي قوله: (خالصة لذكورنا)
فهو خالص للرجال دون النساء. (وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء) قال: ما ولدت من ميت فيأكله الرجال والنساء.
قوله تعالى (سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم)
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله (سيجزيهم وصفهم) قال: قولهم الكذب في ذلك.
قوله تعالى (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا مارزقهم الله)
قال البخاري: حدثنا أبو النعمان حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "إذا سرك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين ومائة من سورة الأنعام (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهاً بغير علم) إلى قوله (قد ضلوا وما كانوا مهتدين).
(الصحيح ح ٣٥٢٤ - ك المناقب، ب قصة زمزم وجهل العرب).
قوله تعالى (وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات) فالمعروشات ما عرش الناس، (وغير معروشات) ما خرج في البر والجبال من الثمرات.
قوله تعالى (وآتوا حقه يوم حصاده... )
قال أبو داود: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحراني: حدثني محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمه واسع بن حبان، عن جابر بن عبد الله: "أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر من كل جاد عشرة أوسق من التمر بقنو يعلق في المسجد للمساكين".
(السنن ٢/١٢٥ ح ١٦٦٢ - ك الزكاة، ب في حقوق المال)، وأخرجه أحمد (المسند ٣/٣٥٩-٣٦٠) من طريق أحمد بن عبد الملك عن محمد بن سلمة به. قال ابن كثير: إسناد جيد قوي. (التفسير ٣/٣٤١).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده) يعنى بحقه، زكاته المفروضة، يوم يكال أو يعلم كيله.
قوله تعالى (... ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)
قال النسائي: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا همام، عن قتادة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "كلوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة".
(السنن ٥/٧٩- ك الزكاة، ب الاختيال في الصدقة)، وأخرجه ابن ماجه (السنن ٢/١٩٢١- ح ٣٦٠٥ - ك اللباس، ب البس ما شئت ما أخطأك سرف أو مخيلة) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة عن
وانظر سورة الأعراف آية (٣١)، وسورة الإسراء آية (٢) وتفسيرها.
قوله تعالى (ومن الأنعام حمولة وفرشا)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله (ومن الأنعام حمولة فرشا) فأما الحمولة فالإبل والخيل والبغال والحمير وكل شيء يحمل عليه، وأما الفرش الغنم.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة عن الحسن في قوله تعالى (حمولة وفرشاً) قال: الحمولة: ما حمل عليه منها. والفرش: حواشيها يعنى صغارها.
قوله تعالى (... ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين)
انظر سورة البقرة آية (١٦٨) لبيان خطوات الشيطان.
قوله تعالى (ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل ءالذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين) الآية، إن كل هذا لم أحرم منه قليلا ولا كثيراً، ذكراً ولا أنثى.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل ءالذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين) يعني: هل تشتمل الرحم إلا على ذكر وأنثى؟ فهل يحرمون بعضا ويحلون بعضاً؟.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة (قل ءالذكرين حرم أم الأنثيين) يقول: سلهم (ءالذكرين حرم أم الأنثيين أما ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين) ؟ أي: إني لم أحرم شيئا من هذا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي قال: كانوا يقولون يعني الذين كانوا يتخذون البحائر والسوائب: إن الله أمر بهذا. فقال الله: (فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا فليضل الناس بغير علم).
قوله تعالى (قل لا أجد في ما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو... )
قال الحاكم: أخبرني علي بن محمد بن دحيم الشيباني بالكوفة ثنا أحمد بن حازم الغفاري ثنا أبو نعيم ثنا محمد بن شريك المكي عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء ويتركون أشياء تقذراً فبعث الله تعالى نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأنزل كتابه وأحل حلاله وحرم حرامه فما أحل فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو وتلا هذه الآية (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً على طاعم) الآية.
(المستدرك٤/١١٥ - ك الأطعمة، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي)، وأخرجه أبو داوود من طريق أبي نعيم به (السنن ح ٣٨٠٠ - ك الأطعمة، ب مالم يذكر تحريمه)، وصححه الألباني في (صحيح سنن أبي داوود ح ٣٢٢٥).
قال مسلم: وحدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري. حدثنا أبي. حدثنا شعبة عن الحكم، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس. قال: "نهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن كل ذي ناب من السباع. وعن كل ذي مخلب من الطير".
(صحيح مسلم ٣/١٥٣٤ ح ١٩٣٤ - ك الصيد والذبائح، ب تحريم أكل كل ذي ناب... ).
وقال مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك بن أنس عن ابن شهاب، عن عبد الله والحسن، ابني محمد بن علي، عن أبيهما، عن علي بن أبي طالب؛ "أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن متعة النساء يوم خيبر. وعن لحوم الحمُر الإنسية".
(صحيح مسلم ٣/١٥٣٧ ح ١٤٠٧ - ك الصيد والذبائح، ب تحريم أكل الحمر الإنسية)، وأخرجه البخاري من طريق مالك به (الصحيح ح ٤٢١٦ - ك المغازي، ب غزوة خيبر).
(صحيح البخاري ٣/٤١٦ ح ١٤٩٢ - ك الزكاة، ب الصدقة على موالي أزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)،
وأخرجه مسلم في (صحيحه ١/٢٧٦-٢٧٧ - ك الحيض، ب طهارة جلود الميتة بالدباغ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله:
(قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا) يعني: مهراقا.
أخرج عبد الرزاق بسنده الحسن عن قتادة: (أو دماً مسفوحاً) قال: حرم الله الدم ما كان مسفوحاً فأما لحم يخالطه دم، فلا بأس به.
قوله تعالى (وما أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية: (وما أهل لغير الله به)، يقول: ما ذكر عليه غير اسم الله.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن ابن عباس: (فمن اضطر غير باغ ولا عاد) يقول: من أكل شيئا من هذه وهو مضطر، فلا حرج. ومن أكله وهو غير مضطر فقد بغى واعتدى.
وانظر سورة البقرة آية (١٤٥).
قوله تعالى (وعلى الذين هادوا حرّمنا كلّ ذي ظفر..)
قال البخاري: حدثنا عمرو بن خالد حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب قال عطاء: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما سمعت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "قاتل الله اليهود، لما حرم الله عليهم شحومها جملوها ثم باعوها فأكلوها".
(صحيح البخاري ٨/ ١٤٥ ح ٤٦٣٣ -ك التفسير- سورة الأنعام، ب الآية)، (صحيح مسلم ٣/١٢٠٨ - ك المساقاة، ب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام نحوه).
وانظر سورة النحل آية (١١٨) وتفسيرها.
قوله تعالى (حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي قوله: (حرمنا عليهم شحومهما) قال: الثرب وشحم الكليتين. وكانت اليهود تقول: إنما حرمه إسرائيل، فنحن نحرمه.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (إلا ما حملت ظهورهما) يعني: ما علق بالظهر من الشحوم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (أو الحوايا) وهي المبعر.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى (أو الحوايا) قال: هو البقر.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي: (أو ما اختلط بعظم) مما كان من شحم على عظم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون) إنما حرم ذلك عليهم عقوبة ببغيهم.
قوله تعالى (فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين)
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد (فإن كذبوك) اليهود.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن السدي قال: كانت اليهود يقولون: إنما حرمه إسرائيل فنحن نحرمه، فذلك قوله: (فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا) وقال: (كذلك كذب الذين من قبلهم) ثم قال: (ولو شاء الله ما أشركوا) فإنهم قالوا: عبادتنا الآلهة تقربنا من الله زلفي فأخبرهم الله أنها لا تقربهم، وقوله: (ولو شاء الله ما أشركوا) يقول الله سبحانه: لو شئت لجمعتهم على الهدى أجمعين.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد: (ولا حرمنا من شيء) قول قريش بغير يقين: إن الله حرم هذه البحيرة والسائبة.
قوله تعالى (قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين)
انظر سورة القمر آية (٥) وتفسيرها.
قوله تعالى (قل هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا فإن شهدوا فلا تشهد معهم)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن السدي: (قل هلم شهداءكم) قال: أرونى شهداءكم. (الذين يشهدون أن الله حرم هذا) فيما حرمت العرب، وقالوا: أمرنا الله به. قال الله لرسوله: (فإن شهدوا فلا تشهد معهم).
قوله تعالى (وهم بربهم يعدلون)
أي: يشركون بربهم كما تقدم في مطلع تفسير هذه السورة.
قوله تعالى (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئاً)
قال الحاكم: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار، ثنا محمد بن مسلمة الواسطى، ثنا يزيد بن هارون، أنبأ سفيان بن حسين، عن الزهري، عن أبي إدريس، عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "من يبايعني على هؤلاء الآيات؟ " ثم قرأ (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم) حتى ختم الآيات الثلاث فمن وفي فأجره على الله ومن انتقص شيئأ أدركه الله بها في الدنيا كانت عقوبته ومن أخر إلى الآخرة كان أمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له".
قوله تعالى (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق) الإملاق الفقر، قتلوا أولادهم خشية من الفقر.
قوله تعالى (ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن)
قال البخاري: حدثنا حفص بن عمر، حدثنا شعبة، عن عمرو، عن أبي وائل، عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: "لا أحد أغير من الله، ولذلك حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن. ولا شيء أحب إليه المدح من الله، ولذلك مدح نفسه".
قلتُ: سمعته من عبد الله؟ قال: نعم. قلت: ورفعه؟ قال: نعم.
(صحيح البخاري ٨/١٤٦ح ٤٦٣٤ -ك التفسير- سور الأنعام، ب الآية)، وأخرجه مسلم في (الصحيح ٤/٢١١٣ ح ٢٧٦٠ - ك التوبة، ب غيرة الله تعالى... ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها ومابطن) قال: كانوا في الجاهلية لا يرون بالزنا بأسا في السر، ويستقبحونه في العلانية، فحرم الله الزنا في السر والعلانية.
قوله تعالى (ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق..)
قال البخاري: حدثنا عمر بن حفص: حدثنا أبي حدثنا الأعمش عن عبد الله ابن مُرّة، عن مسروق، عن عبد الله قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا يحل دمُ امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمفارق لدينه التارك للجماعة".
(الصحيح ١٢/٢٠٩ ح ٦٨٧٨ - ك الديات، ب قول الله تعالى (أن النفس بالنفس))، وأخرجه مسلم (الصحيح ٣/١٣٠٢ ح ١٦٧٦ - ك القسامة، ب مايباح به دم المسلم).
(سنن ابن ماجة ٢/٨٤٧ ح ٢٥٣٣ - ك الحدود، ب لا يحل دم امريء مسلم إلا في ثلاث)، أخرجه أحمد والترمذي والنسائي وقال الترمذي: حديث حسن (المسند ١/٦٣، السنن٤/٤٦٠ -أبواب الفتن- ب لا يحل دم امريء مسلم إلا بإحدى ثلاث، السنن ٧/٩١ -تحريم الدم- ب ذكر ما يحل به دم المسلم). وقال الألباني: صحيح (صحيح ابن ماجه ٢/٧٧).
قوله تعالى (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن... )
انظر حديث أحمد المتقدم عند الآية (٢٢٠) من سورة البقرة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) فليثمر ماله.
قوله تعالى (وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفساً إلا وسعها)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفساً إلا وسعها) أمر الله تعالى في هذه الآية الكريمة بإيفاء الكيل والميزان بالعدل، وذكر أن من أخل بإيفائه من غير قصد منه لذلك، لا حرج عليه لعدم قصده، ولم يذكر هنا عقاباً لمن تعمد ذلك، ولكنه توعده بالويل في موضع آخر ووبخه بأنه لا يظن البعث ليوم القيامة، وذلك في قوله: (ويل للمطففين، الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين).
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن مجاهد (بالقسط) بالعدل.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: (لا نكلف نفساً إلا وسعها) قال: هم المؤمنون، وسع الله عليهم أمر دينهم، فقال: (ما جعل عليكم في الدين من حرج).
قوله تعالى (وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى) أمر تعالى في هذه الآية الكريمة بالعدل في القول، ولو كان على ذي قرابة، وصرح في موضع آخر بالأمر بذلك، ولو كان على نفسه أو والديه، وهو قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء الله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين) الآية.
قوله تعالى (وبعهد الله أوفوا) الآية
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (وبعهد الله أوفوا) الآية، أمر تعالى في هذه الآية الكريمة بالإيفاء بعهد الله، وصرح في موضع آخر أن عهد الله سيسأل عنه يوم القيامة، بقوله (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولاً) أي عنه.
قوله تعالى (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)
قال النسائي: أنا يحيى بن حبيب بن عربي: نا حماد، عن عاصم، عن أبي وائل قال: قال عبد الله: خط لنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوماً خطاً، وخطه لنا عاصم - فقال: "هذا سبيل الله"، ثم خط خطوطاً عن يمين الخط - وعن شماله فقال: لهذه السُّبُل، وهذه سُبُل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه" ثم تلا هذه الآية
(التفسير ١/٤٨٥ ح ١٩٤)، وأخرجه أحمد في مسنده (١/٤٣٥، ٤٦٥) والدارمي في سننه (١/٦٧-٦٨، ب في كراهية أخذ الرأي)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان ١/١٨١ ح ٧)، والحاكم في مستدركه (٢/٣١٨) من طرق عن حماد بن زيد به. قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وحسن إسناده الألباني في (ظلال الجنة ١/١٣).
قال الترمذي: حدثنا علي بن حُجر السعدي: حدثنا بقية بن الوليد، عن بُحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نُفير، عن النواس بن سمعان الكلابي قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إن الله ضرب مثلاً صراطاً مستقيماً، على كنفي الصراط داران لهما أبواب مفتحة، على الأبواب سُتور وداعٍ يدعو على رأس الصراط وداع يدعو فوقه (والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) والأبواب التي علي كنفي الصراط حدود الله فلا يقع أحد في حدود الله حتى يُكشف السِّتر، والذي يدعو من فوقه واعظ ربه".
(السنن ٥/١٤٤ ح ٢٨٥٩ - ك الأمثال، ب ما جاء في مثل الله لعباده). وقال: غريب، ولكن في (تحفة الأشراف ح ١١٧١٤) : أنه حسنه، وأخرجه النسائي (التفسير ١/٥٦٨ ح ٢٥٣) عن علي ابن حجر وعمرو بن عثمان، وأحمد (المسند ٤/١٨٣) عن حيوة بن شريح. كلهم عن بقية به.
وأخرجه أحمد (المسند ١٤/٨٢-١٨٣)، والحاكم (المستدرك ١/٧٣) من طرق عن معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه به. قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولا أعرف له علة. ووافقه الذهبي. وقال ابن كثير. إسناد حسن صحيح (التفسير ١/٢٨)، وقال الألباني: صحيح (صحيح الترمذي ح ٢٢٩٥).
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله: (ولاتتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) قال: البدع والشبهات والضلالات.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) وقوله (أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) سورة الشورى: ١٣. ونحو هذا في القرآن. قال: أمر الله المؤمنين بالجماعة، ونهاهم عن الاختلاف والفرقة، وأخبرهم أنه إنما هلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات في دين الله.
انظر حديث واثلة بن الأسقع عند الإمام أحمد المتقدم تحت الآية (٣-٤) من سورة آل عمران.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة (ثم آتينا موسى الكتاب تماماً على الذي أحسن) قال: من أحسن في الدنيا، تمم الله ذلك له في الآخرة.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد (تماماً على الذي أحسن) قال: على المؤمنين.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (وتفصيلا لكل شيء) فيه حلاله وحرامه.
قوله تعالى (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (وهذا كتاب أنزلناه مبارك) وهو القرآن الذي أنزله الله على محمد عليه السلام (فاتبعوه) يقول: فاتبعوا حلاله، وحرموا حرامه.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن قتادة قوله: (واتقوا) يقول: واتقوا ما حرم، وهو هذا القرآن.
قوله تعالى (أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا) وهم اليهود والنصارى.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (وإن كنا عن دراستهم لغافلين) يقول: وإن كنا عن تلاوتهم لغافلين.
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ) الآية، ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن من حكم إنزال القرآن العظيم قطع عذر كفار مكة. لئلا يقولوا: لو أنزل علينا كتاب لعملنا به، ولكنا أهدى من اليهود والنصارى الذين لم يعملوا بكتبهم، وصرح في موضع آخر أنهم أقسموا على ذلك، وأنه لما أنزل عليهم ما زادهم نزوله إلا نفوراً وبعداً عن الحق، لاستكبارهم ومكرهم السيء، وهو قوله تعالى (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفوراً استكباراً في الأرض ومكر السيء ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي: (أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم) يقول: قد جاءكم بينة لسان عربي مبين، حين لم تعرفوا دراسة الطائفتين، وحين قلتم: لو جاءنا كتاب لكنا أهدى منهم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم)، فهذا قول كفار العرب (فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة).
قوله تعالى (وصدف عنها)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (وصدف عنها) يقول: أعرض عنها.
قوله تعالى (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك) الآية. ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة إتيان الله جل وعلا وملائكته يوم القيامة، وذكر ذلك في موضع آخر، وزاد فيه أن الملائكة يجيئون صفوفا وهو
وانظر سورة البقرة آية (٢١٠) وتفسيرها.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة: (إلا أن تأتيهم الملائكة) بالموت، (أو يأتي ربك) يوم القيامة، (أو تأتي بعض آيات ربك)، قال: آية موجبة، طلوع الشمس من مغربها، أو ما شاء الله.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن مقاتل بن حيان قوله (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك) قال: يوم القيامة في ظلل من الغمام.
قوله تعالى (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً)
قال البخاري: حدثني إسحاق أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون، وذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها". ثم قرأ الآية.
(صحيح البخاري ٨/١٤٧ ح ٤٦٣٦ -ك التفسير- سورة الأنعام، ب الآية)، وأخرجه مسلم (١/١٣٧ - ك الإيمان، ب بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان. نحوه) والمراد بالآية التي قرأها هي الآية المذكورة أعلاه.
قال مسلم: وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب. قالا: حدثنا وكيع ح وحدثنيه زهير بن حرب. حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق. جميعاً عن فضيل بن غزوان. ح وحدثنا أبو كريب محمد بن العلاء (واللفظ له). حدثنا ابن فضيل عن أبيه، عن أبي حازم، عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "سل: ثلاث إذا خرجن، لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً: طلوع الشمس من مغربها. والدجال. ودابة الأرض".
(صحيح مسلم ١/١٣٨ ح ١٥٨ - ك الإيمان، ب بيان الزمن الذي لا يقبل به الإيمان. نحوه).
قال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا أبو خالد (يعني سليمان بن حيان) ح وحدثنا ابن نمير: حدثنا أبو معاوية، ح وحدثني أبو سعيد الأشجّ، حدثنا حفص (يعني ابن غياث) كلهم عن هشام، ح وحدثني أبو خيثمة، زهير ابن حرب (واللفظ له)، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن هشام بن حسّان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها، تاب الله عليه".
(الصحيح ٤/٢٠٧٦ ح ٢٧٠٣ - ك الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، ب استحباب الاستغفار والإكثار منه).
قال الترمذي: حدثنا أحمد بن عبدة الضبي حدثنا حماد بن زيد عن عاصم عن زر بن حبيش قال: أتيت صفوان بن عسال المرادي، فقال: ما جاء بك؟ قلت: ابتغاء العلم... فذكر الحديث، وفيه: "قال زر: فما برح يحدثني حتى حدثني أن الله جعل بالمغرب باباً عرضه مسيرة سبعين عاماً للتوبة، لا يغلق ما لم تطلع الشمس من قبله، وذلك قول الله عز وجل (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها... ) الآية.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. (السنن ح ٣٥٣٦، واللفظ للثاني - ك الدعوات، ب في فضل التوبة والإستغفار)، وأخرجه أيضاً عبد الرزاق في تفسيره ح ٨٧٧)، والنسائي في تفسيره ح ١٩٨)، وابن ماجة في (سننه ح ٤٠٧٠ - ك الفتن، ب طلوع الشمس من مغربها)، والطبري في تفسيره (١٢/٢٥٠ ح ١٤٢٠٦و١٤٢٠٧)، وابن خزيمة في (صحيحه ح ١٩٣)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان ح ١٣٢١) وغيرهم من طرق عن عاصم، بإسناده نحوه، وحسنه الألباني في (صحيح سنن الترمذي ٣/١٧٤ و١٧٥)، وابن ماجه (٢/٣٨٢).
انظر حديث مسلم عن أبي ذر الآتي عند الآية (٣٨) من سورة يس.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفس إيمانهم لم تكن أمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا) يقول: كسبت في تصديقها خيراً، عملاً صالحاً. فهؤلاء أهل القبلة. وإن كانت مصدقة ولم
قوله تعالى (قل انتظروا إنا منتظرون)
انظر سورة يونس آية (٢٠).
قوله تعالى (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله)
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة قوله (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً) قال: هم اليهود والنصارى.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا) قال: أمر الله المؤمنين بالجماعة، ونهاهم عن الاختلاف والفرقة، وأخبرهم إنما هلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات في دين الله.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي قوله (لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله) لم يؤمر بقتالهم، ثم نسخت، فأمر بقتلهم في سورة براءة.
قوله تعالى (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها... )
قال البخاري: حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن عبد الله بن عمرو قال: أُخبِر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أني أقول: والله لأصومن النهار ولأقومن الليل ما عشتُ.
فقلت له: قد قلته بأبي أنت وأمي. قال: "فإنك لا تستطيع ذلك، فصم وأفطر، وقم ونَم، وصم من الشهر ثلاثة أيام فإنّ الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر". قلت: إني أطيق أفضل من ذلك. قال: "فصم يوماً وأفطر يومين". قلت: إني أطيق أفضل من ذلك. قال: "فصم يوماً وأفطر يوماً، فذلك صيام داود عليه السلام" وهو أفضل الصيام، فقلتُ: إني أطيق أفضل من ذلك. فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا أفضل من ذلك".
انظر حديث مسلم عن أبي هريرة المتقدم عند الآية (٢٦١) من سورة البقرة.
قال مسلم: حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وعليّ بن حُجر. جميعاً عن إسماعيل. قال ابن أيوب: حدثنا إسماعيل بن جعفر. أخبرني سعد بن سعيد بن قيس عن عمر بن ثابت بن الحارث الخزرجي، عن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه -، أنه حدثه؛ أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "من صام رمضان. ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر".
(الصحيح ٢/٨٢٢ ح ١١٦٤ - ك الصيام، ب استحباب صوم ستة أيام من شوال أتباعا لرمضان).
قال أحمد: ثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن شمر بن عطية، عن أشياخه، عن أبي ذر قال: قلت يا رسول الله أوصني، قال: "إذا عملت سيئة فأتبعها حسنة تمحها" قال: قلت يا رسول الله أمن الحسنات لا إله إلا الله؟ قال: "هي أفضل الحسنات".
(المسند ٥/١٦٩)، وأخرجه أيضاً في الزهد (٢٧)، وأخرجه هناد (الزهد ١٠٧١)، والطبري (التفسير ٨/٨١)، وابن أبي حاتم (سورة الأنعام/١٦٠ ح ١٢١٥ وسورة النمل/٨٩ ح ٥٧٢)، وأبو نعيم في الحلية (٤/٢١٧)، والبيهقي (الأسماء والصفات ١/١٨٢) من طرق عن الأعمش به.
قال الألباني: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات غير أشياخ شمر فلم يسموا، لكنهم جمع ينجبر الضعف بعددهم كما قال السخاوي في غير هذا الحديث... قال (يعنى أبا نعيم في الحلية ٤/٢١٧) : رواه أبو نعيم عن الأعمش، وجوده يونس بن بكير عنه. ثم ساقه من طريق عقبة بن مكرم ثنا يونس بن بكير، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر به نحوه. وهذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، ووالد إبرهيم اسمه يزيد بن شريك التيمي. (الصحيحة ٣/٣٦١ ح ١٣٧٣). وللحديث شاهد عن عبد الله بن مسعود موقوفا عليه في تفسير قوله تعالى: (من جاء بالحسنة) قال: لا إله إلا الله. أخرجه ابن أبي حاتم (التفسير - سورة الأنعام/١٦٠ ح ١٢١٦، سورة النمل/٨٩ ح ٥٧٣)، والطبري (التفسير ١٢/٢٧٦ ح ١٤٢٧٢، ١٤٢٧٤) من طريق الأسود ابن هلال عنه به. وصححه محقق ابن أبي حاتم (التفسير - سورة الأنعام/١٦٠ ح ١٢١٦). ولهذا الموقوف شواهد عن بعض الصحابة والتابعين. ساق بعضها الطبري (التفسير - سورة الأنعام/١٦٠) وأشار إليها ابن أبي حاتم (التفسير تحت الآية المذكورة).
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح (سنن الترمذي ٥/٢٦٥ ح ٣٠٧٣ - ك التفسير، سورة الأنعام). أمل الحديث عند مسلم (١/١١٧ أو ١١٨ رقم ٢٠٣-٢٠٦) بدون قوله (ثم قرأ... الخ، وجاء نحوه مع زيادة ونقص من حديث ابن عباس عند البخاري (رقم ٦٤٩١) ومسلم (١/١١٨ رقم ٢٠٧ و٢٠٨)، ومن حديث أبي ذر عند مسلم (٤/٢٠٦٨ رقم ٢٦٨٧).
قال أبو داود: حدثنا مسدد وأبو كامل، قالا: ثنا يزيد، عن حبيب المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "يحضر الجمعة ثلاثة نفر: رجل حضرها يلغو وهو حظه منها، ورجل حضرها يدعو، فهو رجل دعا الله عز وجل: إن شاء أعطاه، وإن شاء منعه، ورجل حضرها بإنصات وسكوت ولم يتخط رقبة مسلم ولم يؤذ أحداً، فهي كفارة إلى الجمعة التي تليها وزيادة ثلاثة أيام، وذلك بأن الله عز وجل يقول (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها).
(السنن ١/٢٩١ ح ١١١٣ - ك الصلاة، ب الكلام والإمام يخطب)، وأخرجه ابن خزيمة في (صحيحه ٣/١٥٧ ح ١٨١٣ - ك الجمعة، ب طبقات من يحضر الجمعة) من طريق محمد بن عبد الله ابن زريع عن حبيب به. قال العراقي: إسناده جيد (انظر نيل الأوطار ٣/٣٠٤) قال الألباني: إسناده حسن للخلاف المعروف في عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (حاشية ابن خزيمة). وأخرجه أحمد في مسنده (١١/١٨٣ رقم ٧٠٠٢) من طريق يزيد به. وفي (١٠/١٧٤ رقم ٦٧٠١) من طريق آخر عن عمرو بن شعيب بإسناده مختصراً وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيق المسند.
قوله تعالى (قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم... )
انظر سورة الفاتحة في قوله تعالى (اهدنا الصراط المستقيم).
قال الشيخ الشنقيطي: قال بعض العلماء: المراد بالنسك هنا النحر، لأن الكفار كانوا يتقربون لأصنامهم بعبادة من أعظم العبادات: هي النحر. فأمر الله تعالى نبيه أن يقول إن صلاته ونحره كلاهما خالص لله تعالى، ويدل لهذا قوله تعالى (فصل لربك وانحر).
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن مقاتل بن حيان (قل إن صلاتي) صلاتي المفروضة.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله (ونسكي) ذبحي في الحج والعمرة.
قوله تعالى (وأنا أول المسلمين)
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة (وأنا أول المسلمين) قال: أول المسلمين من هذه الأمة.
قوله تعالى (ولا تكسب كل نفس إلا عليها)
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، ثنا محمد بن وهب بن عطية الدمشقي، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا القاسم بن هزان، حدثني الزهري، حدثني سعيد بن مرجانة قال: قال ابن عباس (عليها ما اكتسبت) البقرة: ٢٨٦، من العمل.
وسنده حسن.
قوله تعالى (ولا تزر وازرة وزر أخرى)
قال البخاري: حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته أنها سمعت عائشة رضي الله عنها زوج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالت: "إنما مرّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على يهودية يبكى عليها أهلها فقال: إنهم ليبكون عليها وإنها لتعذّب في قبرها".
(صحيح البخاري ٣/١٨١ ح ١٢٨٩ - ك الجنائز، ب قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ليعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه إذا كان أبوح من سنته"، وأخرجه مسلم في (صحيحه ٢/٦٤١-٦٤٣ - ك الجنائز، ب الميت يعذب ببكاء أهله عليه).
(السنن ٤/١٦٨ ح ٤٤٩٥ - ك الديات، ب لا يؤخذ أحد بجريرة أخيه أو أبيه)، وأخرجه أحمد في (مسنده ٢/٢٢٦)، والدارمي ٢/١٩٩ - ك الديات، ب لا يؤاخذ أحد بجناية غيره)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان ١٣/٣٣٧ ح ٥٩٩٥)، والحاكم في (المستدرك ٢/٤٢٥) كلهم من طريق أبي الوليد الطيالسي عن عبد الله بن إياد به. قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وصححه أيضاً الألباني واستوفى طرقه وشواهده (الإرواء رقم ٢٣٠٣)، وقال محقق الإحسان: إسناده صحيح على شرط مسلم (انظر مرويات الدارمي في التفسير ص٢٤١).
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن الربيع بن أنس قوله (ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم) قال. يبعثهم من بعد الموت فيبعث أولياءه وأعداءه فينبئهم بأعمالهم.
وانظر سورة الإسراء آية رقم (١٥) وتفسيرها.
قوله تعالى (وهو الذي جعلكم خلائف الأرض... )
قال مسلم: حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن أبي مسلمة قال: سمعت أبا نضرة، عن أبي سعيد الخدري؛ عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها. فينظر كيف تعملون. فاتقوا الدنيا واتقوا النساء. فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء".
وفي حديث ابن بشّار "لينظر كيف تعملون".
(صحيح مسلم ٤/٢٠٩٨ ح ٢٧٤٢ - ك الرقاق، ب أكثر أهل الجنة الفقراء).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي (وهو الذي جعلكم خلائف في الأرض) قال: أما (خلائف الأرض) فأهلك القرون واستخلفنا فيها بعدهم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي: (ورفع بعضكم فوق بعض درجات) يقول: في الرزق.
انظر سورة الإسراء آية (٢١) وتفسيرها.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن مقاتل بن حيان قوله (ليبلوكم فيما أتاكم)، يقول: فيما أعطاكم.
قال مسلم: حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حُجر. جميعاً عن إسماعيل بن جعفر. قال ابن أيوب: حدثنا إسماعيل: أخبرني العلاء عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة، ما طمع بجنته أحد. ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة، ما قَنِطَ من جنته أحد".
(الصحيح ٤/٢١٠٩ ح ٢٧٥٥ - ك التوبة، ب في سعة رحمة الله تعالى... ).