تفسير سورة يونس

تفسير ابن عباس
تفسير سورة سورة يونس من كتاب تنوير المقباس من تفسير ابن عباس المعروف بـتفسير ابن عباس .
لمؤلفه الفيروزآبادي . المتوفي سنة 817 هـ

وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ﴿الر﴾ يَقُول أَنا الله أرى وَيُقَال قسم أقسم بِهِ ﴿تِلْكَ آيَات الْكتاب الْحَكِيم﴾ إِن هَذِه السُّورَة آيَات الْقُرْآن الْمُحكم بالحلال وَالْحرَام
﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ﴾ لأهل مَكَّة ﴿عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَآ﴾ بِأَن أَوْحَينَا ﴿إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ﴾ آدَمِيّ مثلهم ﴿أَنْ أَنذِرِ النَّاس﴾ أَن خوف أهل مَكَّة بِالْقُرْآنِ ﴿وَبَشِّرِ الَّذين آمنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ﴾ ثَوَاب خير وَيُقَال إِيمَانهم فِي الدُّنْيَا قدمهم فِي الْآخِرَة عِنْد رَبهم وَيُقَال إِن لَهُم نَبِي صدق وَيُقَال شَفِيع صدق ﴿عِندَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ﴾ كفار مَكَّة ﴿إِنَّ هَذَا﴾ الْقُرْآن ﴿لَسَاحِرٌ﴾ كذب ﴿مُّبِينٌ﴾
﴿إِنَّ رَبَّكُمُ الله الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾ من أَيَّام أول الدُّنْيَا أول يَوْم يَوْم الْأَحَد وَآخر يَوْم يَوْم الْجُمُعَة طول كل يَوْم ألف سنة ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش﴾ اسْتَقر وَيُقَال امْتَلَأَ بِهِ الْعَرْش ﴿يُدَبِّرُ الْأَمر﴾ أَمر الْعباد وَيُقَال ينظر فِي أَمر الْعباد وَيُقَال يبْعَث الْمَلَائِكَة بِالْوَحْي والتنزيل والمصيبة ﴿مَا مِن شَفِيعٍ﴾ مَا من ملك مقرب وَلَا نَبِي مُرْسل يشفع لأحد ﴿إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ﴾ إِلَّا بِإِذن الله ﴿ذَلِكُم الله رَبُّكُمْ﴾ الَّذِي يفعل ذَلِك هُوَ ربكُم
169
﴿فاعبدوه﴾ فوحدوه ﴿أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ﴾ أَفلا تتعظون
170
﴿إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ﴾ بعد الْمَوْت ﴿جَمِيعاً وَعْدَ الله حَقّاً﴾ صدقا كَائِنا ﴿إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخلق﴾ من النُّطْفَة ﴿ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ بعد الْمَوْت ﴿لِيَجْزِيَ الَّذين آمَنُواْ﴾ بِمُحَمد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالْقُرْآن ﴿وَعَمِلُواْ الصَّالِحَات﴾ فِيمَا بَينهم وَبَين رَبهم ﴿بِالْقِسْطِ﴾ بِالْعَدْلِ الْجنَّة ﴿وَالَّذين كفرُوا﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ﴾ من مَاء حَار قد انْتهى حره ﴿وَعَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ وجيع يخلص وَجَعه إِلَى قُلُوبهم (بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ) بِمُحَمد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالْقُرْآن
﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْس ضِيَآءً﴾ للْعَالمين بِالنَّهَارِ ﴿وَالْقَمَر نُوراً﴾ لَهُم بِاللَّيْلِ ﴿وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ﴾ جعل لَهُ منَازِل ﴿لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السنين والحساب﴾ حِسَاب الشُّهُور وَالْأَيَّام ﴿مَا خَلَقَ الله ذَلِك إِلاَّ بِالْحَقِّ﴾ لبَيَان الْحق وَالْبَاطِل ﴿يُفَصِّلُ الْآيَات﴾ يبين الْآيَات من الْقُرْآن لعلامات الوحدانية ﴿لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ يصدقون
﴿إِنَّ فِي اخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار﴾ فِي تقلب اللَّيْل وَالنَّهَار وزيادتهما ونقصانهما وذهابهما ومجيئهما ﴿وَمَا خَلَقَ الله فِي السَّمَاوَات﴾ وَفِيمَا خلق الله من الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم وَغير ذَلِك ﴿وَالْأَرْض﴾ من الشّجر وَالدَّوَاب وَالْجِبَال والبحار وَغير ذَلِك ﴿لآيَاتٍ﴾ لعلامات لوحدانية الرب ﴿لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ﴾ يطيعون
﴿إِنَّ الَّذين لاَ يَرْجُونَ﴾ لَا يخَافُونَ ﴿لِقَآءَنَا﴾ بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت وَيُقَال لَا يقرونَ بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت ﴿وَرَضُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ اخْتَارُوا مَا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا على الْآخِرَة ﴿واطمأنوا بِهَا﴾ رَضوا بهَا ﴿وَالَّذين هُمْ عَنْ آيَاتِنَا﴾ عَن مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالْقُرْآن ﴿غَافِلُونَ﴾ جاحدون تاركون لَهَا
﴿أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ﴾ مصيرهم ﴿النَّار بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾ يَقُولُونَ ويعملون فِي الشّرك
﴿إِن الَّذين آمنُوا﴾ بِمُحَمد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالْقُرْآن ﴿وَعَمِلُواْ الصَّالِحَات﴾ الطَّاعَات فِيمَا بَينهم وَبَين رَبهم ﴿يَهْدِيهِمْ﴾ يدخلهم ﴿رَبُّهُمْ﴾ الْجنَّة ﴿بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ﴾ من تَحت شجرهم ومساكنهم ﴿الْأَنْهَار﴾ أَنهَار الْخمر وَالْمَاء وَالْعَسَل وَاللَّبن ﴿فِي جَنَّاتِ النَّعيم﴾
﴿دَعْوَاهُمْ﴾ قَوْلهم ﴿فِيهَا﴾ فِي الْجنَّة إِن اشتهوا شَيْئا ﴿سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ﴾ فتأتي لَهُم الخدام بِمَا يشتهون ﴿وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ﴾ يحيي بَعضهم بَعْضًا بِالسَّلَامِ ﴿وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ﴾ قَوْلهم بعد الْأكل وَالشرب ﴿أَنِ الْحَمد للَّهِ رَبِّ الْعَالمين﴾
﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ الله لِلنَّاسِ الشَّرّ﴾ دعاءهم بِالشَّرِّ ﴿استعجالهم بِالْخَيرِ﴾ كاستعجال دُعَائِهِمْ بِالْخَيرِ ﴿لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ﴾ لهلكوا ﴿فَنَذَرُ الَّذين لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا﴾ لَا يخَافُونَ الْبَعْث بعد الْمَوْت ﴿فِي طُغْيَانِهِمْ﴾ فِي كفرهم وضلالتهم ﴿يعمهون﴾ يمضون عمهة لَا يبصرون
﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَان الضّر﴾ إِذا أصَاب الْكَافِر الشدَّة أَو الْمَرَض وَهُوَ هِشَام بن الْمُغيرَة المَخْزُومِي ﴿دَعَانَا لِجَنبِهِ﴾ مُضْطَجعا ﴿أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ﴾
170
رفعنَا مَا كَانَ بِهِ من الشدَّة وَالْبَلَاء ﴿مَرَّ﴾ اسْتمرّ على ترك الدُّعَاء ﴿كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَى ضُرٍّ﴾ إِلَى شدَّة ﴿مَّسَّهُ﴾ أَصَابَهُ ﴿كَذَلِك﴾ هَكَذَا ﴿زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ﴾ للْمُشْرِكين ﴿مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ فِي الشّرك من الدُّعَاء فِي الشدَّة وَترك الدُّعَاء فِي الرخَاء
171
﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُون مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ﴾ حِين كفرُوا ﴿وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ﴾ بِالْأَمر وَالنَّهْي والعلامات ﴿وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ﴾ يَقُول لم يُؤمنُوا بِمَا كذبُوا بِهِ يَوْم الْمِيثَاق ﴿كَذَلِك﴾ هَكَذَا ﴿نَجْزِي الْقَوْم الْمُجْرمين﴾ الْمُشْركين بِالْهَلَاكِ
﴿ثمَّ جَعَلْنَاكُمْ﴾ يَا أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿خَلاَئِفَ﴾ استخلفناكم ﴿فِي الأَرْض مِن بَعْدِهِم﴾ من بعد هلاكهم ﴿لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ مَاذَا تَعْمَلُونَ من الْخَيْر
﴿وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ﴾ تقْرَأ على الْمُسْتَهْزِئِينَ الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَأَصْحَابه ﴿آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ﴾ مبينات بِالْأَمر وَالنَّهْي ﴿قَالَ الَّذين لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا﴾ لَا يخَافُونَ الْبَعْث بعد الْمَوْت وهم مستهزئون ﴿ائْتِ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿بقرآن غير هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ﴾ غَيره فَاجْعَلْ آيَة الرَّحْمَة آيَة الْعَذَاب وَآيَة الْعَذَاب آيَة الرَّحْمَة ﴿قُلْ﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿مَا يَكُونُ لي﴾ مَا يجوز لي ﴿أَنْ أُبَدِّلَهُ﴾ أَن أغيره ﴿مِن تِلْقَآءِ نَفسِي﴾ من قبل نَفسِي ﴿إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحى إِلَيَّ﴾ مَا أَقُول وَمَا أعمل إِلَّا بِمَا يُوحى إِلَيّ فِي الْقُرْآن ﴿إِنِّي أَخَافُ﴾ أعلم ﴿إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي﴾ فبدلته أَن يكون على ﴿عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ شَدِيد
﴿قُل﴾ يَا مُحَمَّد ﴿لَّوْ شَآءَ الله﴾ أَن لَا أكون رَسُولا ﴿مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ﴾ مَا قَرَأت الْقُرْآن عَلَيْكُم ﴿وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ﴾ يَقُول وَلَا أعلمكُم بِهِ بِالْقُرْآنِ ﴿فَقَدْ لَبِثْتُ﴾ مكثت ﴿فِيكُمْ عُمُراً﴾ أَرْبَعِينَ سنة ﴿مِّن قَبْلِهِ﴾ من قبل الْقُرْآن وَلم أقل من هَذَا شَيْئا ﴿أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾ أفليس لكم ذهن الإنسانية أَنه لَيْسَ من تِلْقَاء نَفسِي
﴿فَمن أظلم﴾ أَعْتَى وَأَجرا على الله ﴿مِمَّن افترى﴾ اختلق ﴿عَلَى الله كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بآياته﴾ بِمُحَمد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالْقُرْآن ﴿إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ﴾ لَا ينجو وَلَا يَأْمَن ﴿المجرمون﴾ الْمُشْركُونَ من عَذَاب الله
﴿وَيَعْبُدُونَ﴾ كفار مَكَّة ﴿مِن دُونِ الله مَا لاَ يَضُرُّهُمْ﴾ إِن لم يعبدوا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَة ﴿وَلاَ يَنفَعُهُمْ﴾ إِن عبدُوا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَة ﴿وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ﴾ يعنون الْأَوْثَان ﴿شُفَعَاؤُنَا﴾ يشفعون لنا ﴿عِندَ الله قُلْ﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿أَتُنَبِّئُونَ الله﴾ أتخبرون الله ﴿بِمَا لاَ يَعْلَمُ﴾ أَن لَيْسَ ﴿فِي السَّمَاوَات وَلاَ فِي الأَرْض﴾ إِلَه ينفع أَو يضر غَيره ﴿سُبْحَانَهُ﴾ نزه نَفسه عَن الْوَلَد وَالشَّرِيك ﴿وَتَعَالَى﴾ ارْتَفع وتبرأ ﴿عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ بِهِ من الْأَوْثَان
﴿وَمَا كَانَ النَّاس﴾ فِي زمَان إِبْرَاهِيم وَيُقَال فِي زمن نوح ﴿إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ على مِلَّة وَاحِدَة مِلَّة الْكفْر فَبعث الله النَّبِيين مبشرين ومنذرين ﴿فَاخْتَلَفُوا﴾ فصاروا مُؤمنين وكافرين ﴿وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ﴾ بِتَأْخِير الْعَذَاب عَن هَذِه الْأمة ﴿سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ﴾ وَجَبت من رَبك ﴿لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾ لهلكوا ﴿فِيمَا فِيهِ﴾ فِي الدّين ﴿يَخْتَلِفُونَ﴾ يخالفون
﴿وَيَقُولُونَ﴾ يَعْنِي كفار مَكَّة ﴿لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ﴾ هلا أنزل على مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ﴿آيَة﴾ عَلامَة
171
﴿مِّن رَّبِّهِ﴾ على مَا يَقُول ﴿فَقُلْ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿إِنَّمَا الْغَيْب﴾ بنزول الْآيَة ﴿لِلَّهِ فانتظروا﴾ هلاكي ﴿إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ المنتظرين﴾ لهلاككم
172
﴿وَإِذَآ أَذَقْنَا النَّاس﴾ أعطينا الْكفَّار ﴿رَحْمَةً﴾ نعْمَة ﴿مِّن بَعْدِ ضَرَّآءَ﴾ شدَّة ﴿مَسَّتْهُمْ﴾ أَصَابَتْهُم ﴿إِذَا لَهُم مكر﴾ تَكْذِيب ﴿فِي آيَاتنَا﴾ بِمُحَمد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالْقُرْآن ﴿قُلِ الله أَسْرَعُ مَكْراً﴾ أَشد عُقُوبَة أهلكهم الله يَوْم بدر ﴿إِنَّ رُسُلَنَا﴾ الْحفظَة ﴿يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ﴾ مَا تَقولُونَ من الْكَذِب وتعملون من الْمعاصِي
﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ﴾ يحفظكم إِذا سافرتم ﴿فِي الْبر﴾ على الدَّوَابّ ﴿وَالْبَحْر﴾ وَفِي الْبَحْر فِي السفن ﴿حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفلك﴾ ركبتم فِي السفن ﴿وَجَرَيْنَ بِهِم﴾ جرت السفن بِأَهْلِهَا ﴿بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ﴾ لينَة سَاكِنة ﴿وَفَرِحُواْ بِهَا﴾ أعجب الملاحون بِالرِّيحِ الساكنة ﴿جَآءَتْهَا﴾ أَي السفن ﴿رِيحٌ عَاصِفٌ﴾ قاصف شَدِيد ﴿وَجَآءَهُمُ الموج﴾ ركبهمْ الموج ﴿مِن كُلِّ مَكَانٍ﴾ نَاحيَة ﴿وظنوا﴾ علمُوا وأيقنوا ﴿أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ﴾ أهلكوا ﴿دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدّين﴾ مفردين لَهُ بِالدُّعَاءِ ﴿لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِه﴾ الرّيح والشدة ﴿لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ من الْمُؤمنِينَ المطيعين
﴿فَلَمَّآ أَنجَاهُمْ﴾ من الرّيح وَالْغَرق ﴿إِذَا هُمْ يَبْغُونَ﴾ يتطاولون ﴿فِي الأَرْض بِغَيْرِ الْحق﴾ بِلَا حق ﴿يَا أَيهَا النَّاس﴾ يَا أهل مَكَّة ﴿إِنَّمَا بَغْيُكُمْ﴾ ظلمكم وتطاولكم فِيمَا بَيْنكُم ﴿على أَنفُسِكُمْ﴾ جِنَايَته ﴿مَّتَاعَ الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ مَنَافِع الدُّنْيَا تفنى وَلَا تبقى ﴿ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ﴾ بعد الْمَوْت ﴿فَنُنَبِّئُكُمْ﴾ نخبركم ﴿بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ﴾ وتقولون من الْخَيْر وَالشَّر
﴿إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ فِي بَقَائِهَا وفنائها ﴿كَمَآءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السمآء﴾ يَعْنِي الْمَطَر ﴿فاختلط بِهِ نَبَاتُ الأَرْض﴾ اخْتَلَط بنبات الأَرْض ﴿مِمَّا يَأْكُلُ النَّاس﴾ الْحُبُوب وَالثِّمَار ﴿والأنعام﴾ العكوش من النَّبَات والحشيش ﴿حَتَّى إِذَآ أَخَذَتِ الأَرْض زُخْرُفَهَا﴾ زينتها ﴿وازينت﴾ بالأحمر والأصفر والأخضر ﴿وَظَنَّ أَهْلُهَآ﴾ الحراثون ﴿أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ﴾ على غلاتها ﴿أَتَاهَآ أَمْرُنَا﴾ عذابنا ﴿لَيْلاً أَوْ نَهَاراً﴾ كَأَنَّمَا داست الْغنم فِي خفافها فأفسد زروع الزارعين ﴿فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً﴾ كحصيد الصَّيف ﴿كَأَن لَّمْ تَغْنَ بالْأَمْس﴾ لم تكن بالْأَمْس ﴿كَذَلِك﴾ هَكَذَا ﴿نُفَصِّلُ الْآيَات﴾ نبين الْقُرْآن فِي فنَاء الدُّنْيَا ﴿لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ فِي أَمر الدُّنْيَا والاخرة
﴿وَالله يَدْعُو﴾ الْخلق بِالتَّوْحِيدِ ﴿إِلَى دَارِ السَّلَام﴾ وَالسَّلَام هُوَ الله وَالْجنَّة دَاره ﴿وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم﴾ دين قَائِم يرضاه وَهُوَ الْإِسْلَام
﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحسنى﴾ وحدوا الْحسنى الْجنَّة ﴿وَزِيَادَةٌ﴾ يَعْنِي النّظر إِلَى وَجه الله وَيُقَال الزِّيَادَة فِي الثَّوَاب
172
﴿وَلاَ يَرْهَقُ﴾ لَا يَعْلُو ﴿وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ﴾ سَواد وَلَا كسوف ﴿وَلاَ ذِلَّةٌ﴾ وَلَا كآبة ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجنَّة﴾ أهل الْجنَّة ﴿هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾
173
﴿وَالَّذين كَسَبُواْ السَّيِّئَات﴾ الشّرك بِاللَّه ﴿جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا﴾ يَقُول جَزَاء قصاص الشّرك بِاللَّه النَّار ﴿وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ﴾ تعلوهم كآبة وكسوف ﴿مَّا لَهُمْ مِّنَ الله﴾ من عَذَاب الله ﴿مِنْ عَاصِمٍ﴾ من مَانع ﴿كَأَنَّمَا﴾ من الْحزن ﴿أُغْشِيَتْ﴾ ألبست ﴿وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ اللَّيْل﴾ من السوَاد ﴿مُظْلِماً أُولَئِكَ أَصْحَاب النَّار﴾ أهل النَّار ﴿هم فِيهَا خَالدُونَ﴾ دائمون
﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ﴾ الْكفَّار وآلهتهم ﴿جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ للَّذين أشركوا﴾ بِاللَّه الْأَوْثَان ﴿مَكَانكُمْ﴾ قفوا ﴿أَنْتُم وشركاؤكم﴾ آلهكم ﴿فَزَيَّلْنَا﴾ فرقنا ﴿بَيْنَهُمْ﴾ وَبَين آلِهَتهم فَقَالَ الْكَافِرُونَ أمرنَا هَؤُلَاءِ أَن نعبدهم من دُونك ﴿وَقَالَ شُرَكَآؤُهُمْ﴾ آلِهَتهم ردا عَلَيْهِم ﴿مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ﴾ بأمرنا فَقَالُوا بلَى أمرتمونا بعبادتكم
فَقَالَت الْآلهَة ﴿فَكفى بِاللَّه شَهِيداً بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا﴾ قد كُنَّا ﴿عَنْ عِبَادَتِكُمْ﴾ إيّانا ﴿لَغَافِلِينَ﴾ لجاهلين لم نعلم من ذَلِك شَيْئا
﴿هُنَالك﴾ عِنْد ذَلِك ﴿تبلو﴾ تعلم وَإِن قَرَأت بِالتَّاءِ تَقول تقْرَأ ﴿كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ﴾ مَا عملت من خير أَو شَرّ ﴿وردوا إِلَى الله مَوْلاَهُمُ الْحق﴾ إلههم الْحق ﴿وَضَلَّ عَنْهُمْ﴾ بَطل عَنْهُم واشتغل عَنْهُم ﴿مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ﴾ يعْبدُونَ بِالْكَذِبِ
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد لكفار أهل مَكَّة ﴿مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السمآء﴾ بالمطر ﴿وَالْأَرْض﴾ بالنبات وَالثِّمَار ﴿أم من يَمْلِكُ السّمع والأبصار﴾ يَقُول من يقدر أَن يخلق السّمع والأبصار ﴿وَمَن يُخْرِجُ الْحَيّ مِنَ الْمَيِّت﴾ من يقدر أَن يخرج الْحَيّ من الْمَيِّت يَعْنِي النَّسمَة وَالدَّوَاب من النُّطْفَة وَيُقَال الطير من الْبَيْضَة وَيُقَال السنبلة من الْحبّ ﴿وَيُخْرِجُ الْمَيِّت مِنَ الْحَيّ﴾ النُّطْفَة من النَّسمَة وَالدَّوَاب وَيُقَال الْبَيْضَة من الطير وَيُقَال الْحبَّة من السنبلة ﴿وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمر﴾ من يقدر أَن يدبر أَمر الْعباد وَينظر فِي أَمر الْعباد وَيبْعَث الْمَلَائِكَة بِالْوَحْي والتنزيل والمصيبة ﴿فَسَيَقُولُونَ الله فَقُلْ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿أَفَلاَ تَتَّقُونَ﴾ تطيعون الله
﴿فَذَلِكُمُ الله رَبُّكُمُ﴾ فَالَّذِي يفعل ذَلِك هُوَ ربكُم ﴿الْحق﴾ هُوَ الْحق وعبادته الْحق ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحق إِلاَّ الضلال﴾ فَمَاذَا عبادتكم بعد عبَادَة الله إِلَّا عبَادَة الشَّيْطَان ﴿فَأنى تُصْرَفُونَ﴾ من أَيْن تكذبون على الله
﴿كَذَلِكَ﴾ هَكَذَا ﴿حَقَّتْ﴾ وَجَبت ﴿كَلِمَةُ رَبِّكَ﴾ بِالْعَذَابِ ﴿عَلَى الَّذين فسقوا﴾ كفرُوا ﴿أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ فِي علم الله
﴿قُلْ﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ﴾ من آلِهَتكُم ﴿مَّن يَبْدَأُ الْخلق﴾ من النُّطْفَة وَيجْعَل فِيهِ الرّوح ﴿ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ بعد الْمَوْت يَوْم الْقِيَامَة فَإِن أجابوك وَإِلَّا ف ﴿قُلِ الله يَبْدَأُ الْخلق﴾ من النُّطْفَة ﴿ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ ثمَّ يحييه يَوْم الْقِيَامَة ﴿فَأنى تُؤْفَكُونَ﴾ فَمن أَيْن تكذبون وَيُقَال انْظُر يَا مُحَمَّد كَيفَ يصرفون بِالْكَذِبِ
﴿قُلْ﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ﴾ من آلِهَتكُم ﴿مَّن يهدي إِلَى الْحق﴾ وَالْهدى فَإِن أجابوك وَإِلَّا
173
﴿قُلِ الله يَهْدِي لِلْحَقِّ﴾ وَالْهدى ﴿أَفَمَن يهدي إِلَى الْحق﴾ وَالْهدى ﴿أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ﴾ أَن يعبد ويطاع ﴿أم من لاَّ يهدي﴾ إِلَى الْحق وَالْهدى ﴿إِلاَّ أَن يهدى﴾ يحمل فَيذْهب بِهِ حَيْثُ يَشَاء ﴿فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ بئس مَا تقضون بِهِ لأنفسكم
174
﴿وَمَا يَتَّبِعُ﴾ يعبد ﴿أَكْثَرُهُمْ﴾ آلِهَة ﴿إِلاَّ ظَنّاً﴾ إِلَّا بِالظَّنِّ ﴿إِنَّ الظَّن﴾ عِبَادَتهم بِالظَّنِّ ﴿لاَ يُغْنِي مِنَ الْحق﴾ من عَذَاب الله ﴿شَيْئاً إِنَّ الله عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ فِي الشّرك من عبَادَة الْأَوْثَان وَغير ذَلِك
﴿وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآن﴾ الَّذِي يقْرَأ عَلَيْكُم مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿أَن يفترى﴾ أَن يختلق ﴿مِن دُونِ الله وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ مُوَافق للتوراة وَالْإِنْجِيل وَالزَّبُور وَسَائِر الْكتب بِالتَّوْحِيدِ وَصفَة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونعته ﴿وَتَفْصِيلَ الْكتاب﴾ تبيان الْقُرْآن بالحلال وَالْحرَام وَالْأَمر وَالنَّهْي ﴿لاَ رَيْبَ فِيهِ﴾ لَا شكّ فِيهِ ﴿مِن رَّبِّ الْعَالمين﴾ من سيد الْعَالمين
﴿أَمْ يَقُولُونَ﴾ بل يَقُولُونَ كفار مَكَّة ﴿افتراه﴾ اختلق مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقُرْآن من تِلْقَاء نَفسه ﴿قُلْ﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ﴾ مثل سُورَة الْقُرْآن ﴿وَادعوا مَنِ اسْتَطَعْتُم﴾ اسْتَعِينُوا على ذَلِك من عَبدْتُمْ ﴿مِّن دُونِ الله إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ أَن مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يختلقه من تِلْقَاء نَفسه
﴿بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ﴾ بِمَا لم يدْرك علمهمْ ﴿وَلَمَّا يَأْتِهِمْ﴾ لم يَأْتهمْ ﴿تَأْوِيلُهُ﴾ عَاقِبَة مَا وعدهم فِي الْقُرْآن ﴿كَذَلِكَ﴾ كَمَا كَذبك قَوْمك بالكتب وَالرسل ﴿كَذَّبَ الَّذين مِن قَبْلِهِمْ﴾ بالكتب وَالرسل ﴿فَانْظُر﴾ يَا مُحَمَّد ﴿كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمين﴾ كَيفَ صَار آخر أَمر الْمُشْركين المكذبين بالكتب وَالرسل من عبَادَة الله شَيْئا وَيُقَال وَهَذَا تَعْزِيَة من الله عز وَجل لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كي يصبر على أذاهم
﴿وَمِنهُمْ﴾ من الْيَهُود ﴿مَّن يُؤْمِنُ بِهِ﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن قبل مَوته ﴿وَمِنْهُمْ﴾ من الْيَهُود ﴿مَّن لَا يُؤمن بِهِ﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن وَيَمُوت على الْكفْر ﴿وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بالمفسدين﴾ باليهود بِمن يُؤمن وبمن لَا يُؤمن وَيُقَال نزلت هَذِه الْآيَة فِي الْمُشْركين
﴿وَإِن كَذَّبُوكَ﴾ يَا مُحَمَّد قَوْمك بِمَا تَقول لَهُم ﴿فَقُل لِّي عَمَلِي﴾ وديني ﴿وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ﴾ ودينكم ﴿أَنْتُم بريئون مِمَّا أعمل﴾ وأدين ﴿وَأَنا بَرِيء مِّمَّا تَعْمَلُونَ﴾ وتدينون
﴿وَمِنْهُمْ﴾ من الْيَهُود ﴿مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ﴾ إِلَى كلامك وحديثك وَيُقَال من مُشْركي الْعَرَب من يستمع إِلَى كلامك وحديثك ﴿أَفَأَنتَ تُسْمِعُ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿الصم﴾ من كَأَنَّهُ أَصمّ ﴿وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ﴾ وَمَعَ ذَلِك لَا يُرِيدُونَ أَن يعقلوا
﴿وَمِنهُمْ﴾ من الْيَهُود وَيُقَال من الْمُشْركين ﴿مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي﴾ ترشد إِلَى الْهدى ﴿الْعمي﴾ من كَأَنَّهُ أعمى ﴿وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ﴾ وَمَعَ ذَلِك لَا يُرِيدُونَ أَن يبصروا الْحق وَالْهدى
﴿إِنَّ الله لاَ يَظْلِمُ النَّاس شَيْئاً﴾ لَا ينقص من حسناتهم وَلَا يزِيد على سيئاتهم ﴿وَلَكِن النَّاس أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ بالْكفْر والشرك والمعاصي
﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ﴾ يَعْنِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكين ﴿كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوا﴾ فِي الْقُبُور ﴿إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَار يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ﴾ يعرف بَعضهم بَعْضًا فِي بعض المواطن وَلَا يعرف بَعضهم بَعْضًا فِي بعض المواطن ﴿قَدْ خَسِرَ﴾ غبن ﴿الَّذين كَذَّبُواْ بلقاء الله﴾
174
بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت بذهاب الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ﴿وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ﴾ من الْكفْر والضلالة
175
﴿وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ﴾ من الْعَذَاب ﴿أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ﴾ قبل أَن نرينك يَا مُحَمَّد مَا نعدهم من الْعَذَاب ﴿فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ﴾ بعد الْمَوْت ﴿ثُمَّ الله شَهِيدٌ على مَا يَفْعَلُونَ﴾ من الْخَيْر وَالشَّر
﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ﴾ لكل أهل دين ﴿رَّسُولٌ﴾ يَدعُوهُم إِلَى الله وَإِلَى دينه ﴿فَإِذَا جَآءَ﴾ هم ﴿رَسُولُهُمْ﴾ فكذبوا ﴿قُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾ وَبَين الرَّسُول ﴿بِالْقِسْطِ﴾ بِالْعَدْلِ بِهَلَاك الْقَوْم وَنَجَاة الرَّسُول ﴿وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ﴾ لَا ينقص من حسناتهم وَلَا يُزَاد على سيئاتهم
﴿وَيَقُولُونَ﴾ وَقَالَ كل أهل دين لرسولهم ﴿مَتى هَذَا الْوَعْد﴾ الَّذِي تعدنا ﴿إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ إِن كنت من الصَّادِقين
﴿قُل﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿لاَّ أَمْلِكُ﴾ لَا أقدر ﴿لِنَفْسِي ضَرّاً﴾ دفع الضّر ﴿وَلاَ نَفْعاً﴾ وَلَا جر النَّفْع ﴿إِلاَّ مَا شَآءَ الله﴾ من الضّر والنفع ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ﴾ لكل أهل دين ﴿أَجَلٌ﴾ مهلة وَوقت ﴿إِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ﴾ وَقت هلاكهم ﴿فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً﴾ قدر سَاعَة بعد الْأَجَل ﴿وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ﴾ قبل الْأَجَل
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد لأهل مَكَّة ﴿أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ﴾ عَذَاب الله ﴿بَيَاتاً﴾ لَيْلًا ﴿أَوْ نَهَاراً﴾ كَيفَ تَصْنَعُونَ ﴿مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ﴾ بِمَاذَا يستعجل ﴿مِنْهُ﴾ من عَذَاب الله ﴿المجرمون﴾ الْمُشْركُونَ
قَالُوا نؤمن قُلْ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿أَثُمَّ إِذا مَا وَقع﴾ يَقُول إِذا مَا أنزل عَلَيْكُم الْعَذَاب ﴿آمَنْتُمْ بِهِ﴾ قَالُوا نعم قُلْ لَهُم يَا مُحَمَّد يُقَال لكم ﴿الآنَ﴾ تؤمنون بِالْعَذَابِ ﴿وَقَدْ كُنتُم بِهِ﴾ بِالْعَذَابِ ﴿تَسْتَعْجِلُونَ﴾ قبل هَذَا استهزاء بِهِ
﴿ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ﴾ أشركوا ﴿ذُوقُواْ عَذَابَ الْخلد هَلْ تُجْزَوْنَ﴾ فِي الْآخِرَة ﴿إِلاَّ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ﴾ تَقولُونَ وتعملون فِي الدُّنْيَا
﴿وَيَسْتَنْبِئُونَكَ﴾ يستخبرونك يَا مُحَمَّد ﴿أَحَقٌّ هُوَ﴾ يَعْنِي الْعَذَاب وَالْقُرْآن ﴿قُلْ إِي وربي﴾ نعم وربي ﴿إِنَّهُ لَحَقٌّ﴾ صدق كَائِن يَعْنِي الْعَذَاب ﴿وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ بفائتين من عَذَاب الله
﴿وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ﴾ أشركت بِاللَّه ﴿مَا فِي الأَرْض﴾ لاَفْتَدَتْ بِهِ لفادت بِهِ نَفسهَا من عَذَاب الله ﴿وَأَسَرُّواْ الندامة﴾ أخفوا الندامة الرؤساء من السفلة ﴿لَمَّا رَأَوُاْ الْعَذَاب﴾ حِين رَأَوْا الْعَذَاب ﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾ وَبَين السفلة ﴿بِالْقِسْطِ﴾ وَالْعدْل ﴿وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ﴾ لَا ينقص من حسناتهم شَيْء وَلَا يُزَاد على سيئاتهم
﴿أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ من الْخلق والعجائب ﴿أَلاَ إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ﴾ كَائِن الْبَعْث بعد الْمَوْت ﴿وَلَكِن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ لَا يصدقون
﴿هُوَ يُحْيِي﴾ للبعث ﴿وَيُمِيتُ﴾ فِي الدُّنْيَا ﴿وَإِلَيْهِ ترجعون﴾ بعد الْمَوْت
﴿يَا أَيُّهَا النَّاس﴾ يَا أهل مَكَّة ﴿قَدْ جَآءَتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ﴾ نهي ﴿مِّن رَّبِّكُمْ﴾ مِمَّا أَنْتُم فِيهِ ﴿وَشِفَآءٌ﴾ بَيَان ﴿لِّمَا فِي الصُّدُور﴾ من الْعَمى ﴿وَهُدًى﴾ من الضَّلَالَة ﴿وَرَحْمَةٌ﴾ من الْعَذَاب ﴿للْمُؤْمِنين﴾
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد لأصحابك ﴿بِفَضْلِ الله﴾ الْقُرْآن الَّذِي أكْرمكُم بِهِ ﴿وَبِرَحْمَتِهِ﴾ الْإِسْلَام الَّذِي وفقكم بِهِ ﴿فَبِذَلِكَ﴾ بِالْقُرْآنِ وَالْإِسْلَام ﴿فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ﴾ يَعْنِي الْقُرْآن وَالْإِسْلَام ﴿مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾ مِمَّا يجمع الْيَهُود وَالْمُشْرِكُونَ من الْأَمْوَال
﴿قل﴾ يَا مُحَمَّد لأهل مَكَّة ﴿أَرَأَيْتُم مآ أَنزَلَ الله لَكُمْ﴾ مَا خلق الله لكم ﴿مِّن رِّزْقٍ﴾ من حرث وأنعام ﴿فَجَعَلْتُمْ مِّنْهُ﴾ فقلتم وفعلتم ﴿حَرَاماً﴾ على النِّسَاء مَنْفَعَتهَا يَعْنِي مَنْفَعَة الْبحيرَة والسائبة والحام ﴿وَحَلاَلاً﴾ للرِّجَال ﴿قُلْ﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ﴾ أَمر ربكُم بذلك ﴿أَمْ عَلَى الله﴾ بل على الله ﴿تَفْتَرُونَ﴾ تختلقون الْكَذِب
﴿وَمَا ظَنُّ الَّذين يَفْتَرُونَ﴾ يختلقون ﴿عَلَى الله الْكَذِب﴾ مَاذَا يفعل بهم ﴿يَوْمَ الْقِيَامَة إِنَّ الله لَذُو فَضْلٍ﴾ منٍّ ﴿عَلَى النَّاس﴾ بِتَأْخِير الْعَذَاب ﴿وَلَكِن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ﴾ بذلك وَلَا يُؤمنُونَ
﴿وَمَا تكون﴾ ﴿فِي شَأْن﴾ فِي أَمر ﴿وَمَا تتلو﴾ عَلَيْهِم ﴿مِنْهُ مِن قُرْآنٍ﴾ سُورَة أَو آيَة ﴿وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ﴾ خير أَو شَرّ ﴿إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ﴾ وعَلى أَمركُم وتلاوتكم وعملكم ﴿شُهُوداً﴾ عَالما ﴿إِذْ تُفِيضُونَ﴾ تخوضون ﴿فِيهِ﴾ فِي الْقُرْآن بالتكذيب ﴿وَمَا يَعْزُبُ﴾ مَا يغيب ﴿عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ﴾ وزن نملة حَمْرَاء من أَعمال الْعباد ﴿فِي الأَرْض وَلاَ فِي السمآء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِك﴾ وَلَا أخف من ذَلِك ﴿وَلَا أَكْبَرَ﴾ وَلَا أثقل ﴿إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ مَكْتُوب فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ
﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَآءَ الله﴾ الْمُؤمنِينَ ﴿لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِم﴾ فِيمَا يستقبلهم من الْعَذَاب ﴿وَلَا هم يَحْزَنُونَ﴾ على مَا خلفوا من خَلفهم
ثمَّ بَين من هم فَقَالَ ﴿الَّذين آمنُوا﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿وَكَانُواْ يَتَّقُونَ﴾ الْكفْر والشرك وَالْفَوَاحِش
﴿لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ بالرؤيا الصَّالِحَة يرونها أَو ترى لَهُم ﴿وَفِي الْآخِرَة﴾ بِالْجنَّةِ ﴿لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ الله﴾ بِالْجنَّةِ ﴿ذَلِك﴾ الْبُشْرَى ﴿هُوَ الْفَوْز الْعَظِيم﴾ النجَاة الوافرة فازوا بِالْجنَّةِ وَمَا فِيهَا ونجوا من النَّار وَمَا فِيهَا
﴿وَلاَ يَحْزُنكَ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿قَوْلُهُمْ﴾ تكذيبهم إياك ﴿إِنَّ الْعِزَّة﴾ وَالْقُدْرَة والمنعة ﴿لِلَّهِ جَمِيعاً﴾ بهلاكهم ﴿هُوَ السَّمِيع﴾ لمقالتهم ﴿الْعَلِيم﴾ بفعلهم وعقوبتهم
﴿أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَن فِي السَّمَاوَات وَمَنْ فِي الأَرْض﴾ من لخلق يحولهم كَيفَ يَشَاء ﴿وَمَا يَتَّبِعُ﴾ يعبد ﴿الَّذين يَدْعُونَ﴾ يعْبدُونَ ﴿مِن دُونِ الله شُرَكَآءَ﴾ آلِهَة من الْأَوْثَان ﴿إِن يَتَّبِعُونَ﴾ مَا يعْبدُونَ ﴿إِلاَّ الظَّن﴾ إِلَّا بِالظَّنِّ بِغَيْر يَقِين ﴿وَإِنْ هُمْ﴾ مَا هم يَعْنِي الرؤساء ﴿إِلاَّ يَخْرُصُونَ﴾ يكذبُون للسفلة
﴿هُوَ الَّذِي﴾ أَي إِلَهكُم هُوَ الَّذِي ﴿جَعَلَ لَكُمُ﴾ خلق لكم ﴿اللَّيْل لِتَسْكُنُواْ فِيهِ﴾ لتستقروا فِيهِ ﴿وَالنَّهَار مُبْصِراً﴾ مضيئاً للذهاب والمجيء ﴿إِنَّ فِي ذَلِك﴾ فِيمَا ذكرت ﴿لآيَاتٍ﴾ لعبرات ﴿لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ مواعظ الْقُرْآن ويطيعون
﴿قَالُواْ﴾ كفار مَكَّة ﴿اتخذ الله وَلَداً﴾ من الْمَلَائِكَة الْإِنَاث ﴿سُبْحَانَهُ﴾ نزه نَفسه عَن الْوَلَد وَالشَّرِيك ﴿هُوَ الْغَنِيّ﴾ عَن الْوَلَد وَالشَّرِيك ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض﴾ من الْخلق والعجائب ﴿إِن عنْدكُمْ﴾ ماعندكم ﴿من سُلْطَان﴾ من كتاب وَلَا حجَّة ﴿بِهَذَا﴾ بِمَا تَقولُونَ على الله من الْكَذِب ﴿أَتقُولُونَ عَلَى الله﴾ بل تَقولُونَ على الله ﴿مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ ذَلِك من الْكَذِب
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿إِنَّ الَّذين يَفْتَرُونَ﴾ يَخْتَلِفُونَ ﴿على الله الْكَذِب لَا يفلحون﴾ لَا ينجون من عَذَاب الله وَلَا يأمنون
﴿مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا﴾ يعيشون فِي الدُّنْيَا قَلِيلا ﴿ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ﴾ بعد الْمَوْت ﴿ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَاب الشَّديد﴾ الغليظ ﴿بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ويكذبون على الله
﴿واتل عَلَيْهِمْ﴾ اقْرَأ عَلَيْهِم ﴿نَبَأَ﴾ خبر ﴿نُوحٍ﴾ بِالْقُرْآنِ ﴿إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قوم إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ﴾ عظم عَلَيْكُم ﴿مَّقَامِي﴾ طول مقَامي ومكاني ﴿وَتَذْكِيرِي﴾ وتحذيري إيَّاكُمْ ﴿بِآيَاتِ الله﴾ من عَذَاب الله ﴿فَعَلَى الله تَوَكَّلْتُ﴾ وثقت وفوضت أَمْرِي إِلَى الله ﴿فَأَجْمعُوا أَمْرَكُمْ﴾ فَاجْتمعُوا على قَول وَأمر وَاحِد ﴿وَشُرَكَآءَكُمْ﴾ اسْتَعِينُوا بآلهتكم ﴿ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً﴾ لَا تلبسوا أَمركُم وقولكم على أَنفسكُم ﴿ثُمَّ اقضوا إِلَيَّ﴾ امضوا إِلَيّ ﴿وَلاَ تُنظِرُونَ﴾ وَلَا ترقبون
﴿فَإِن تَوَلَّيْتُمْ﴾ عَن الْإِيمَان بِمَا جِئتُكُمْ بِهِ ﴿فَمَا سَأَلْتُكُمْ﴾ عَن الْإِيمَان ﴿مِّنْ أَجْرٍ﴾ من جعل ﴿إِنْ أَجْرِيَ﴾ مَا ثوابي بِمَا دعوتكم إِلَى الْإِيمَان ﴿إِلاَّ عَلَى الله وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسلمين﴾ مَعَ الْمُسلمين على دينهم
﴿فَكَذَّبُوهُ﴾ يَعْنِي نوحًا بِمَا أَتَاهُم ﴿فَنَجَّيْنَاهُ﴾ من الْغَرق ﴿وَمَن مَّعَهُ﴾ من الْمُؤمنِينَ ﴿فِي الْفلك﴾ فِي السَّفِينَة ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ﴾ خلفاء وسكان الأَرْض ﴿وأغرقنا الَّذين كذبُوا بآياتنآ﴾ بكتابنا ورسولنا نوح ﴿فَانْظُر﴾ يَا مُحَمَّد ﴿كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذرين﴾ كَيفَ صَار آخر أَمر الَّذين أنذرتهم الرُّسُل فَلم يُؤمنُوا
﴿ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ﴾ من بعد هَلَاك قوم نوح ﴿رسلًا إِلَى قَومهمْ فجاؤوهم بِالْبَيِّنَاتِ﴾ بِالْأَمر وَالنَّهْي والعلامات ﴿فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ﴾ ليصدقوا ﴿بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ﴾ من قبل يَوْم الْمِيثَاق ﴿كَذَلِكَ﴾ هَكَذَا ﴿نَطْبَعُ﴾ نختم ﴿على قُلوبِ الْمُعْتَدِينَ﴾ من الْحَلَال وَالْحرَام
﴿ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِمْ﴾ من بعد هَؤُلَاءِ الرُّسُل ﴿مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ﴾ رؤسائه ﴿بِآيَاتِنَا﴾ بكتابنا وَيُقَال بِآيَاتِنَا التسع الْيَد والعصا والطوفان وَالْجَرَاد وَالْقمل والضفادع وَالدَّم والسنين وَنقص من الثمرات وَيُقَال الطمس ﴿فاستكبروا﴾ عَن الْإِيمَان بِالْكتاب وَالرَّسُول والآيات ﴿وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ﴾ مُشْرِكين
﴿فَلَمَّا جَآءَهُمُ الْحق مِنْ عِندِنَا﴾ الْكتاب وَالرَّسُول والآيات ﴿قَالُوا إِنَّ هَذَا﴾
177
الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى ﴿لَسِحْرٌ مُّبِينٌ﴾ كذب بيِّن وَإِن قَرَأت بِالْألف أَرَادوا بِهِ مُوسَى ساحرا كذابا
178
﴿قَالَ﴾ لَهُم ﴿مُوسَى أَتقُولُونَ لِلْحَقِّ﴾ الْكتاب وَالرَّسُول والآيات ﴿لَمَّا جَآءَكُمْ﴾ حِين جَاءَكُم ﴿أَسِحْرٌ هَذَا وَلاَ يُفْلِحُ﴾ لَا ينجو وَلَا يَأْمَن ﴿الساحرون﴾ من عَذَاب الله
﴿قَالُوا﴾ لمُوسَى ﴿أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا﴾ لتصرفنا ﴿عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾ من عبَادَة الْأَوْثَان ﴿وَتَكُونَ لَكُمَا الكبريآء﴾ الْملك وَالسُّلْطَان ﴿فِي الأَرْض﴾ فِي أَرض مصر ﴿وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ﴾ بمصدقين
﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ﴾ حاذق
﴿فَلَمَّا جَآءَ السَّحَرَة قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ﴾ من العصي والحبال
﴿فَلَمَّآ أَلْقُواْ﴾ عصيهم وحبالهم ﴿قَالَ﴾ لَهُم ﴿مُوسَى مَا جئْتُمْ بِهِ﴾ مَا طرحتم ﴿أَسحر﴾ هُوَ السحر ﴿إِنَّ الله سَيُبْطِلُهُ﴾ سيهلكه ﴿إِنَّ الله لاَ يُصْلِحُ﴾ لَا يرضى ﴿عَمَلَ المفسدين﴾ الساحرين
﴿وَيُحِقُّ الله﴾ يظْهر الله لدينِهِ ﴿الْحق بِكَلِمَاتِهِ﴾ بتحقيقه ﴿وَلَوْ كَرِهَ المجرمون﴾ وَإِن كره الْمُشْركُونَ أَن يكون ذَلِك
﴿فَمَآ آمَنَ﴾ فَمَا صدق ﴿لمُوسَى﴾ بِمَا جَاءَ بِهِ ﴿إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ﴾ من قوم فِرْعَوْن كَانَ آباؤهم من القبط وأمهاتهم من بني إِسْرَائِيل فآمنوا بمُوسَى ﴿على خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ﴾ رُؤَسَائِهِمْ ﴿أَن يَفْتِنَهُمْ﴾ أَن يقتلهُمْ ﴿وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ﴾ لمخالف ﴿فِي الأَرْض﴾ لدين مُوسَى ﴿وَإِنَّهُ لَمِنَ المسرفين﴾ الْمُشْركين
﴿وَقَالَ مُوسَى يَا قوم إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللَّه فَعَلَيْهِ توكلوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ﴾ إِذْ كُنْتُم مُسلمين
﴿فَقَالُواْ على الله تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمين﴾ الْمُشْركين أَي لَا تسلطهم علينا فيظنون أَنهم على الْحق وَنحن على الْبَاطِل
﴿وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْم الْكَافرين﴾ من فِرْعَوْن وَقَومه
﴿وأوحينا إِلَى مُوسَى وأخيه﴾ هَارُون ﴿أَن تبوآ﴾ أَن اتخذا ﴿لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً﴾ مَسَاجِد فِي جَوف فِي الْبَيْت ﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ﴾ مَسَاجِدكُمْ ﴿قِبْلَةً﴾ نَحْو الْقبْلَة ﴿وَأَقِيمُواْ الصَّلَاة﴾ أَتموا الصَّلَوَات الْخمس ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤمنِينَ﴾ بالنصرة والنجاة وَالْجنَّة
﴿وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَآ﴾ يَا رَبنَا ﴿إِنَّكَ آتَيْتَ﴾ أَعْطَيْت ﴿فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ﴾ رؤساءه ﴿زِينَةً﴾ زهرَة ﴿وَأَمْوَالاً﴾ كَثِيرَة ﴿فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا رَبَّنَا﴾ يَا رَبنَا ﴿لِيُضِلُّواْ﴾ بذلك عِبَادك ﴿عَن سَبِيلِكَ﴾ عَن دينك وطاعتك ﴿رَبَّنَا اطْمِسْ على أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ على قُلُوبهم﴾
178
واحفظ قُلُوبهم ﴿فَلاَ يُؤْمِنُواْ﴾ فَلَنْ يُؤمنُوا ﴿حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَاب الْأَلِيم﴾ الْغَرق
179
﴿قَالَ﴾ الله لمُوسَى وهرون ﴿قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا فاستقيما﴾ على الْإِيمَان وَالطَّاعَة لله وتبليغ الرسَالَة ﴿وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ﴾ دين ﴿الَّذين لاَ يَعْلَمُونَ﴾ تَوْحِيد الله لَا يصدقونه يَعْنِي فِرْعَوْن وَقَومه
﴿وَجَاوَزْنَا ببني إِسْرَائِيلَ﴾ عبرنا ﴿الْبَحْر فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ﴾ فَذهب خَلفهم فِرْعَوْن وجموعه ﴿بَغْياً﴾ فِي الْمقَالة ﴿وَعَدْواً﴾ أَرَادوا قَتلهمْ ﴿حَتَّى إِذَآ أَدْرَكَهُ﴾ ألْجمهُ ﴿الْغَرق قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَه إِلَّا الَّذِي آمَنت بِهِ بَنو إِسْرَائِيلَ﴾ مُوسَى وَأَصْحَابه ﴿وَأَنَاْ مِنَ الْمُسلمين﴾ مَعَ الْمُسلمين على دينهم
فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل ﴿آلآنَ﴾ أَن تؤمن بعد الْغَرق ﴿وَقَدْ عَصَيْتَ﴾ كفرت بِاللَّه ﴿قَبْلُ﴾ أَي من قبل الْغَرق ﴿وَكُنتَ مِنَ المفسدين﴾ فِي أَرض مصر بِالْقَتْلِ والشرك وَالدُّعَاء إِلَى غير عبَادَة الله
﴿فاليوم نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ﴾ نلقيك على النجَاة بدرعك ﴿لِتَكُونَ﴾ لكَي تكون ﴿لِمَنْ خَلْفَكَ﴾ من الْكفَّار ﴿آيَةً﴾ عِبْرَة لكَي لَا يقتدوا بمقالتك ويعلموا أَنَّك لست بإله ﴿وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاس﴾ يَعْنِي الْكفَّار ﴿عَنْ آيَاتِنَا﴾ عَن كتَابنَا ورسولنا ﴿لغافلون﴾ لجاحدون
﴿وَلَقَدْ بَوَّأْنَا﴾ أنزلنَا ﴿بني إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ﴾ أَرضًا كَرِيمَة أردن وفلسطين ﴿وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ الطَّيِّبَات﴾ الْمَنّ والسلوى والغنائم ﴿فَمَا اخْتلفُوا﴾ الْيَهُود وَالنَّصَارَى فِي مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿حَتَّى جَآءَهُمُ الْعلم﴾ الْبَيَان مَا فِي كِتَابهمْ فِي مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بنعته وَصفته ﴿إِنَّ رَبَّكَ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿يَقْضِي بَيْنَهُمْ﴾ بَين الْيَهُود وَالنَّصَارَى ﴿يَوْمَ الْقِيَامَة فِيمَا كَانُواْ فِيهِ﴾ فِي الدّين ﴿يَخْتَلِفُونَ﴾ يخالفون
﴿فَإِن كُنتَ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿فِي شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ﴾ مِمَّا أنزلنَا جِبْرِيل بِهِ يَعْنِي الْقُرْآن ﴿فاسأل الَّذين يقرؤون الْكتاب﴾ يَعْنِي التَّوْرَاة ﴿مِن قَبْلِكَ﴾ عبد الله بن سَلام وَأَصْحَابه فَلم يسْأَل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يكن بذلك شاكاً إِنَّمَا أَرَادَ الله بِمَا قَالَ لِقَوْمِهِ ﴿لَقَدْ جَآءَكَ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿الْحق مِن رَّبِّكَ﴾ يَعْنِي جِبْرِيل بِالْقُرْآنِ من رَبك فِيهِ خبر الْأَوَّلين ﴿فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الممترين﴾ الشاكين
﴿وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الَّذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِ الله﴾ كتاب الله وَرَسُوله ﴿فَتَكُونَ مِنَ الخاسرين﴾ من المغبونين بِنَفْسِك
﴿إِنَّ الَّذين حَقَّتْ﴾ وَجَبت ﴿عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ﴾ بِالْعَذَابِ ﴿لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ فِي علم الله
﴿وَلَوْ جَآءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ﴾ طلبُوا مِنْك فَلَا يُؤمنُوا ﴿حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَاب الْأَلِيم﴾ يَوْم بدر وَيَوْم أحد وَيَوْم الْأَحْزَاب
﴿فَلَوْلاَ كَانَتْ﴾ هلا كَانَت ﴿قَرْيَةٌ آمَنَتْ﴾ أهل قَرْيَة آمَنت عِنْد نزُول الْعَذَاب ﴿فَنَفَعَهَآ إِيمَانُهَا﴾ يَقُول لم ينفع إِيمَانهم عِنْد نزُول الْعَذَاب ﴿إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ﴾ نفع إِيمَانهم ﴿لَمَّآ آمَنُواْ﴾ حِين آمنُوا ﴿كَشَفْنَا﴾ صرفنَا ﴿عَنْهُمْ عَذَابَ الخزي﴾
179
الشَّديد ﴿فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾ تركناهم بِلَا عَذَاب إِلَى حِين الْمَوْت
180
﴿وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿لآمَنَ مَن فِي الأَرْض كُلُّهُمْ جَمِيعاً﴾ جَمِيع الْكفَّار ﴿أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاس﴾ تجبر النَّاس ﴿حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ﴾
﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ﴾ كَافِرَة ﴿أَن تُؤْمِنَ﴾ بِاللَّه ﴿إِلاَّ بِإِذْنِ الله﴾ بِإِرَادَة الله وتوفيقه ﴿وَيَجْعَلُ الرجس﴾ يتْرك التَّكْذِيب ﴿عَلَى الَّذين﴾ فِي قُلُوب الَّذين ﴿لاَ يَعْقِلُونَ﴾ تَوْحِيد الله نزلت هَذِه الْآيَة فِي شَأْن أبي طَالب حرص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على إيمَانه وَلم يرد الله أَن يُؤمن
﴿قُلِ﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَات﴾ من الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم ﴿وَالْأَرْض﴾ وماذا فِي الأَرْض من الشّجر وَالدَّوَاب وَالْجِبَال والبحار كلهَا آيَة لكم ثمَّ قَالَ ﴿وَمَا تُغْنِي الْآيَات وَالنّذر﴾ الرُّسُل ﴿عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ﴾ فِي علم الله
﴿فَهَلْ يَنتَظِرُونَ﴾ فَهَل بَقِي لَهُم آيَة ﴿إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذين خَلَوْاْ﴾ عَذَاب الَّذين مضوا ﴿مِن قَبْلِهِمْ﴾ من الْكفَّار ﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿فانتظروا﴾ بنزول الْعَذَاب وبهلاكي ﴿إِنَّي مَعَكُمْ مِّنَ المنتظرين﴾ بنزول الْعَذَاب عَلَيْكُم وبهلاككم
﴿ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذين آمَنُواْ﴾ بالرسل بعد هَلَاك قَومهمْ ﴿كَذَلِكَ﴾ هَكَذَا ﴿حَقّاً﴾ وَاجِبا ﴿عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤمنِينَ﴾ مَعَ الرُّسُل
﴿قل﴾ يَا مُحَمَّد ﴿يَا أَيهَا النَّاس﴾ يَا أهل مَكَّة ﴿إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي﴾ الْإِسْلَام ﴿فَلاَ أَعْبُدُ الَّذين تَعْبُدُونَ﴾ تدعون ﴿مِن دُونِ الله﴾ من الْأَوْثَان ﴿وَلَكِن أَعْبُدُ الله الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ﴾ يقبض أرواحكم ثمَّ يُحْيِيكُمْ بعد أَن يميتكم ﴿وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤمنِينَ﴾ مَعَ الْمُؤمنِينَ على دينهم
﴿وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ﴾ أخْلص دينك وعملك لله ﴿حَنِيفاً﴾ مُسلما ﴿وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْركين﴾ مَعَ الْمُشْركين على دينهم
﴿وَلاَ تَدْعُ﴾ لَا تعبد ﴿مِن دُونِ الله مَا لاَ يَنفَعُكَ﴾ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة إِن عبدت ﴿وَلاَ يَضُرُّكَ﴾ إِن لم تعبده ﴿فَإِن فَعَلْتَ﴾ عبدت ﴿فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ الظَّالِمين﴾ من الضارين لنَفسك
﴿وَإِن يَمْسَسْكَ﴾ يصبك ﴿الله بِضُرٍّ﴾ بِشدَّة وَأمر تكرههُ ﴿فَلاَ كَاشِفَ لَهُ﴾ فَلَا رَافع للضر ﴿إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ﴾ يصبك ﴿بِخَيْرٍ﴾ بِنِعْمَة وَأمر تسر بِهِ ﴿فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ﴾ لَا مَانع لعطيته ﴿يُصَيبُ بِهِ﴾ يخص بِالْفَضْلِ ﴿مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ من كَانَ أَهلا لذَلِك ﴿وَهُوَ الغفور﴾ المتجاوز لمن تَابَ ﴿الرَّحِيم﴾ لمن مَاتَ على التَّوْبَة
﴿قل يَا أَيُّهَا النَّاس﴾ يَا أهل مَكَّة ﴿قَدْ جَآءَكُمُ الْحق﴾ الْكتاب وَالرَّسُول ﴿مِن رَّبِّكُمْ فَمَنُ اهْتَدَى﴾ بِالْكتاب وَالرَّسُول ﴿فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ﴾
180
يَعْنِي ثَوَابه ﴿وَمَن ضَلَّ﴾ كفر بِالْكتاب وَالرَّسُول ﴿فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا﴾ يَعْنِي عَلَيْهَا جِنَايَة ذَلِك ﴿وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ﴾ بكفيل نسختها آيَة الْقِتَال
181
﴿وَاتبع﴾ يَا مُحَمَّد ﴿مَا يُوحى إِلَيْكَ﴾ مَا يُؤمر لَك فِي الْقُرْآن من تَبْلِيغ الرسَالَة ﴿واصبر﴾ على ذَلِك ﴿حَتَّى يَحْكُمَ الله﴾ بَيْنكُم وَبينهمْ بِقَتْلِهِم وهلاكهم يَوْم بدر ﴿وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمين﴾ بهلاكهم ونصرهم
وَمن السُّورَة الَّتِي يذكر فِيهَا هود وَهِي كلهَا مَكِّيَّة آياتها مائَة وَعِشْرُونَ وكلماتها ألف وسِتمِائَة وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ وحروفها سِتَّة آلَاف وَتِسْعمِائَة وَخَمْسَة
﴿بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾
Icon