تفسير سورة الأعلى

لطائف الإشارات
تفسير سورة سورة الأعلى من كتاب لطائف الإشارات .
لمؤلفه القشيري . المتوفي سنة 465 هـ
قوله جل جلاله :﴿ بسم الله الرحمان الرحيم ﴾.
" بسم الله " : اسم عزيز من قصده وجده، ومن استسعفه حمده. من طلبه عرفه، ومن عرفه لاطفه، فإذا وجد لطفه ألفه، وإذا ألفه أنف أن يخالفه.

قوله جلّ ذكره :﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى ﴾.
أي سَبِّحْ ربَّك بمعرفة أسمائه، واسبح بسِرِّك في بحار علائه، واستخرِجْ من جواهر عُلوِّه وسنائه ما ترصِّعُ به عِقْدَ مَدْحِه وثنائه.
خَلق كلَّ ذي روح فسوَّى أجزاءَه، ورَكَّبَ أعضاءَه على ما خَصّه به من النظم العجيب والتركيب البديع.
أي قدَّر ما خَلَقَه، فجَعَلَه على مقدار ما أراده، وهدى كلَّ حيوانٍ إلى ما فيه رشده من المنافع، فيأخذ ما يُصْلِحه ويترك ما يضره - بحُكم الإلهام.
ويقال : هَدَى قلوبَ الغافلين إلى طلب الدنيا فعمروها، وهدى قلوبَ العابدين إلى طلب العقبى فآثروها، وهدى قلوبَ الزاهدين إلى فناء الدنيا فرفضوها، وهدى قلوبَ العلماءِ إلى النظر في آياته والاستدلال بمصنوعاته فعرفوا تلك الآيات ولازموها.
وهدى قلوبَ المريدين إلى عِزِّ وَصْفِه فآثروه، واستفرغوا جُهْدَهم فطلبوه، وهدى العارفين إلى قُدْس نعتِه فراقبوه ثم شاهدوه، وهدى الموحِّدين إلى علاء سلطانه في توحد كبريائه فتركوا ما سواه وهجروه، وخرجوا عن كلِّ مألوفٍ لهم ومعهود حتى قصدوه. فلمّا ارتقوا عن حدِّ البرهان ثم عن حدِّ البيان ثم عمَّا كالعيان عَلِموا أنَّه عزيزٌ، وأنَّه وراءَ كلِّ فَصْلٍ ووَصْلٍ، فرجعوا إلى مواطنِ العَجْزِ فتوسَّدوه.
أي النبات.
جعله هشيماً كالغثاء، وهو الذي يقذفه السيل. و " أحوى " أسود.
سنجمع القرآن في قلبك - يا محمد - حِفْظاً حتى لا تنسى لأنا نحفظه عليك.
مما لا يدخل تحت التكليف فتنساه قبل التبليغ ولم يجب عليه أداؤه.
وهو - سبحانه - يعلم السِّرَّ والعَلَن.
قوله جلّ ذكره :﴿ فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى ﴾.
والذِّكرى تنفع لا محالة، ولكنْ لِمَنْ وَفَّقَه اللَّهُ للاتعاظِ بها، أمَّا مَنْ كان المعلومُ من حاله الكفرَ والإعراضَ فهو كما قيل :
وما انتافعُ أخي الدنيا بِمُقْلَتهِ إذا استوَتْ عنده الأنوارُ والظُّلَمُ
الذي يخشى الله ويخشى عقوبته.
أي يتجنَّبُ الذَّكْرَ الأشَقى الذي يَصْلَى النارَ الكبرى، ثم لا يموت فيها موتاً يريحه، ولا يحيا حياةً تَلَذُّ له.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١١:أي يتجنَّبُ الذَّكْرَ الأشَقى الذي يَصْلَى النارَ الكبرى، ثم لا يموت فيها موتاً يريحه، ولا يحيا حياةً تَلَذُّ له.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١١:أي يتجنَّبُ الذَّكْرَ الأشَقى الذي يَصْلَى النارَ الكبرى، ثم لا يموت فيها موتاً يريحه، ولا يحيا حياةً تَلَذُّ له.
قوله جلّ ذكره :﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى ﴾.
مَنْ تَطَهَّرَ من الذنوبِ والعيوبِ، ومشاهدة الخَلْقِ وأدَّى الزكاة - وَجَدَ النجاة، والظَّفَرَ بالْبُغْيَة، والفَوزَ بالطِّلبة.
ذَكَرَ اسمَ ربِّه في صلاته. ويقال : ذَكَره بالوحدانية وصَلَّى له.
تميلون إليها ؛ فتُقَدِّمون حظوظكم منها على حقوق الله تعالى.
والآخرة للمؤمنين خيرٌ وأبقَى - من الدنيا - لطُلاّبها.
قوله جلّ ذكره :﴿ إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ﴾.
إن هذا الوعظَ لفي الصحف المتقدمة، وكذلك في صحف إبراهيم وموسى وغيرهما ؛ لأنَّ التوحيدَ، والوعدَ والوعيدَ. . . لا تختلف باختلاف الشرائع.
Icon