تفسير سورة سورة المرسلات من كتاب لطائف الإشارات
.
لمؤلفه
القشيري
.
المتوفي سنة 465 هـ
قوله جل ذكره :﴿ بسم الله الرحمان الرحيم ﴾.
" بسم الله " كلمة من سمعها بسمع الوجد وفى له فلم ينظر إلى أحد، ومن سمعها بسمع العلم جاد له فلم يبخل بروحه على أحد.
ومن سمعها بسمع التوحيد جرد سره عن إيثار ما سواه في الدنيا والعقبى عينا وأثرا فما كان هذا كله إلا حاصلا به كائنا منه.
ﰡ
قوله جل ذكره :﴿ وَالمُرْسَلاَتِ عُرْفاً ﴾.
﴿ المرسلات ﴾ : الملائكة ﴿ عرفاً ﴾ أي : أرسلوا بالمعروف من الأمر، أو كثيرين كعُرْفِ الفَرس.
الرياحُ الشديدة ( العواصف تأتي بالعصف وهو ورق الزرع وحطامه ).
الأمطار ( لأنها تنشر النبات. فالنشر بمعنى الإحياء ). ويقال السُّحُبُ تنشر الغيث. ويقال : الملائكة.
الملائكة ؛ تفرق بين الحلال والحرام.
الملائكة : تُلقِي الوحي على الأنبياء عليهم السلام ؛ إعذاراً وإنذاراً. .
وجوابُ القَسَم :
﴿ إِنَّمَا تُوَعَدُونَ لَوَاقعٌ ﴾.
فأقسم بهذه الأشياء : إنَّ القيامة لحقُّ.
قوله جلّ ذكره :﴿ فَإِذٍَا النُّجُومُ طُمِسَتَ ﴾.
إنما تكون هذه القيامة. و﴿ طمست ﴾ : ذهب ضَوؤُها.
ذَهَبَ بها كلِّها بسرعة، حتى لا يَبْقَى لها أَثَرٌ.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:﴿ وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ ﴾ القلوبُ الساكنة بيقين الشهود حُرِّكَتْ عقوبةً على ما هَمَّتْ بالذي لا يجوز. فويلٌ يومئذٍ لأرباب الدعاوَى الباطلِة الحاصلةِ من ذوي القلوب المُطبقة الخالية من المعاني.
أي : جَعَلَ لها وقتاُ وأَجَلاً لفَصْلِ القضاءِ يومَ القيامة.
ويقال : أُرْسِلَتْ لأوقاتٍ معلومة.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١١:أي : جَعَلَ لها وقتاُ وأَجَلاً لفَصْلِ القضاءِ يومَ القيامة.
ويقال : أُرْسِلَتْ لأوقاتٍ معلومة.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١١:أي : جَعَلَ لها وقتاُ وأَجَلاً لفَصْلِ القضاءِ يومَ القيامة.
ويقال : أُرْسِلَتْ لأوقاتٍ معلومة.
مضى تفسيرُ معنى الويل.
ويقال في الإشارات : فإذا نجومُ المعارف طمست بوقوع الغيبة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:﴿ وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ ﴾ القلوبُ الساكنة بيقين الشهود حُرِّكَتْ عقوبةً على ما هَمَّتْ بالذي لا يجوز. فويلٌ يومئذٍ لأرباب الدعاوَى الباطلِة الحاصلةِ من ذوي القلوب المُطبقة الخالية من المعاني.
قوله جلّ ذكره :﴿ أَلَمْ نُهْلِكِ الأَوَّلِينَ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخِرِينَ ﴾.
الذين كذَّبوا رُسُلَهم، وجحدوا آياتنا ؛ فمثلما أهلكنا الأولين كذلك نفعل بالمجرمين إذا فعلوا مثلَ فِعْلِهم.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٦:قوله جلّ ذكره :﴿ أَلَمْ نُهْلِكِ الأَوَّلِينَ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخِرِينَ ﴾.
الذين كذَّبوا رُسُلَهم، وجحدوا آياتنا ؛ فمثلما أهلكنا الأولين كذلك نفعل بالمجرمين إذا فعلوا مثلَ فِعْلِهم.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٦:قوله جلّ ذكره :﴿ أَلَمْ نُهْلِكِ الأَوَّلِينَ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخِرِينَ ﴾.
الذين كذَّبوا رُسُلَهم، وجحدوا آياتنا ؛ فمثلما أهلكنا الأولين كذلك نفعل بالمجرمين إذا فعلوا مثلَ فِعْلِهم.
﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴾ الذين لا يستوي ظاهرُهم وباطنهم في التصديق.
وهكذا كان المتقدمون من أهل الزَّلَّة والفَترة في الطريقة، والخيانة في أحكام المحبة فعُذِّبوا بالحرمان في عاجلهم، ولم يذوقوا من المعاني شيئاً.
قوله جلّ ذكره :﴿ أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ ﴾.
أي : حقير. وإذ قد علمتم ذلك فلِمَ لم تقيسوا أمر البعث عليه ؟
ويقال : ذَكَّرَهم أصلَ خلقتم لئلا يُعْجَبوا بأحوالهم ؛ فإنه لا جِنْسَ من المخلوقين والمخلوقاتِ أشدَّ دعوى من بني آدم. فمن الواجب أَنْ يَتَفَكَّرَ الإنسان في أَصلِه. . . كان نطفةً وفي انتهائه يكون جيفة، وفي وسائط حالِه كنيفٌ في قميص ! ! فبالحريِّ ألاَّ يُدِلَّ ولا يفتخر :
كيف يزهو مَنْ رجيعهُ *** أَبَدَ الدهرِ ضجيعُه
فهو منه وإليه *** وأَخوه ورضيعُه
وهو يدعوه إلى الحُ *** شِّ بصغر فيطيعه ؟ ! !
ويقال : يُذكِّرهم أصلَهم. . كيف كان كذلك. . . ومع ذلك فقد نقلهم إلى أحسن صورة، قال تعالى :
﴿ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ﴾، والذي يفعل ذلك قادِرٌ على أن يُرقِّيَكَ من الأحوال الخسيسة إلى تلك المنازل الشريفة.
قوله جلّ ذكره :﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضِ كِفاتاً أَحْيَاءً وَأَمْوَاتاً ﴾.
﴿ كِفَاتاً ﴾ أي : ذات جَمْعٍ ؛ فالأرض تضمهم وتجمعهم أحياءً وأمواتاً ؛ فهم يعيشون على ظهرها، ويُودَعون بعد الموت في بطنها. .
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٥:قوله جلّ ذكره :﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضِ كِفاتاً أَحْيَاءً وَأَمْوَاتاً ﴾.
﴿ كِفَاتاً ﴾ أي : ذات جَمْعٍ ؛ فالأرض تضمهم وتجمعهم أحياءً وأمواتاً ؛ فهم يعيشون على ظهرها، ويُودَعون بعد الموت في بطنها..
أي : جبالاً مرتفعات، وجعلنا بها الماء سقياً لكم. يُذكِّرهم عظيم مِنَّتهِ بذلك عليهم. والإشارةُ فيه إلى عظيم مِنَّته أنَّه لم يخسف بكم الأرض - وإن عملتم ما عملتم.
يقال لهم : انطلقوا إلى النار التي كذَّبتم بها.
كذلك إذا لم يعرفْ العبدُ قَدْرَ انفتاح طريقه إلى الله بقلْبه، وتعزُّرِه بتوكله. . . فإذا رجع إلى الخَلْقِ عند استيلاء الغفلة نَزَعَ اللَّهُ عن قلبه الرحمةَ، وانسدَّت عليه طُرُقُ رُشْدِه، فيتردد من هذا إلى هذا إلى هذا.
ويقال لهم : انطلقوا إلى ما كنتم به تكذِّبون. والاستقلالُ بالله جنّة المأوى، والرجوعُ إلى الخَلْقِ قَرْعُ باب جهنم. . وفي معناه أنشدوا :
ولم أرَ قبلي مَنْ يُفارِقُ جنَّةً | ويقرع بالتطفيل بابَ جهنم |
ثم يقال لهم إذا أخذوا في التنصُّل والاعتذار :
﴿ هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون ﴾.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٠:كذلك إذا لم يعرفْ العبدُ قَدْرَ انفتاح طريقه إلى الله بقلْبه، وتعزُّرِه بتوكله... فإذا رجع إلى الخَلْقِ عند استيلاء الغفلة نَزَعَ اللَّهُ عن قلبه الرحمةَ، وانسدَّت عليه طُرُقُ رُشْدِه، فيتردد من هذا إلى هذا إلى هذا.
ويقال لهم : انطلقوا إلى ما كنتم به تكذِّبون. والاستقلالُ بالله جنّة المأوى، والرجوعُ إلى الخَلْقِ قَرْعُ باب جهنم.. وفي معناه أنشدوا :ولم أرَ قبلي مَنْ يُفارِقُ جنَّةً | ويقرع بالتطفيل بابَ جهنم |
ثم يقال لهم إذا أخذوا في التنصُّل والاعتذار :﴿ هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون ﴾.
فإلى أنْ تنتهيَ مُدّةُ العقوبة فحينئذٍ : إنْ استأنَفْتَ وقتاً استؤنِفَ لك وقتٌ. فأمَّا الآن. . فصبراً حتى تنقضِيَ أيامُ العقاب.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٥:فإلى أنْ تنتهيَ مُدّةُ العقوبة فحينئذٍ : إنْ استأنَفْتَ وقتاً استؤنِفَ لك وقتٌ. فأمَّا الآن.. فصبراً حتى تنقضِيَ أيامُ العقاب.
فعلنا بكم ما فعلنا بهم في الدنيا من الخذلان، كذلك اليوم سنفعل بكم ما نفعل بهم من دخول النيران.
قوله جل ذكره :﴿ إن المتقين في ظلال وعيون ﴾.
اليومَ. . في ظلال العناية والحماية، وغداً. . هم في ظلال الرحمة والكلاءة.
اليومَ. . في ظلال التوحيد، وغداً. . في ظلال حُسْن المزيد.
اليومَ. . في ظلال المعارف، وغداً. . في ظلال اللطائف.
اليومَ. . في ظلال التعريف، وغداً. . في ظلال التشريف.
اليومَ تشربون على ذِكْره. . وغداً تشربون على شهوده، اليوم تشربون بكاسات الصفاء وغداً تشربون بكاسات الولاء.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:[ ذكر في التفسير : أن المتقين دائماً في ظلال الأشجار، وقصور الدرِّ مع الأبرار، وعيون جارية وأنهار، وألوانٍ من الفاكهة والثمار.. من كل ما يريدون من المِلك الجبَّار. ويقال لهم في الجنة : كلوا من ثمار الجنات، واشربوا شراباً سليماً من الآفات. ﴿ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ من الطاعات. ﴿ كَذَلِكَ نَجْزْي الْمُحْسِنِينَ ﴾ من الكرامات. قيل : كلوا واشربوا ﴿ هَنِيئَا ﴾ : لا تبعة عليكم من جهة الخصومات، ولا أذيَّة في المأكولات والمشروبات.
وقيل : الهنيء الذي لا تَبِعَةَ فيه على صاحبه، ولا أَذِيَّةَ فيه من مكروهٍ لغيره.
والإحسانُ من العبد تَرْكُ الكلِّ لأَجله ! كذلك غداً : يجازيك بترك كلِّ الحاصل عليك لأجْلِك.
قوله جل ذكره :﴿ كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون ﴾.
هذا خطابٌ للكفار، وهذا تهديد ووعيد، والويل يومئذٍ لكم.
قوله جل ذكره :﴿ وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ﴾.
كانوا يُصُرُوُّن على الإباء والاستكبار فسوف يقاسون البلاء العظيم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:[ ذكر في التفسير : أن المتقين دائماً في ظلال الأشجار، وقصور الدرِّ مع الأبرار، وعيون جارية وأنهار، وألوانٍ من الفاكهة والثمار.. من كل ما يريدون من المِلك الجبَّار. ويقال لهم في الجنة : كلوا من ثمار الجنات، واشربوا شراباً سليماً من الآفات. ﴿ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ من الطاعات. ﴿ كَذَلِكَ نَجْزْي الْمُحْسِنِينَ ﴾ من الكرامات. قيل : كلوا واشربوا ﴿ هَنِيئَا ﴾ : لا تبعة عليكم من جهة الخصومات، ولا أذيَّة في المأكولات والمشروبات.
وقيل : الهنيء الذي لا تَبِعَةَ فيه على صاحبه، ولا أَذِيَّةَ فيه من مكروهٍ لغيره.