وقد أشار الكتاب الكريم إلى زمان نزول القرآن على رسوله الكريم في ثلاثة مواضع :
١- في سورة البقرة :﴿ شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن... ﴾١٨٥
٢- في سورة الأنفال :﴿ وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان..... ﴾٤١
٣- في سورة القدر :﴿ إنا أنزلناه في ليلة القدر ﴾
وقد ورد في تعيين هذه الليلة آثار كثيرة، بعضها يعيّن الليلة السابعة والعشرين من رمضان، وبعضها يعين الليلة الحادية والعشرين منه، وبعضها يعين ليلة من ليالي العشر الأخيرة منه، وبعضها يُطلقها في رمضان كله فهي ليلة من ليالي رمضان في أرجح الأقوال.
ﰡ
لقد بدأنا نُنزل القرآنَ على محمد في ليلة القدْر والشرف. ولقد تم إنزاله جميعاً في ثلاثة وعشرين عاما.
﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القدر ؟ ﴾
وما أعْلَمَك يا محمد، ما ليلةُ القدر والشرف ! هي أعظمُ ليالي الدنيا على الإطلاق، لقد فَرَقَ الله فيها كل أمرٍ حكيم، وفيها وُضِعت أعظمُ قيمٍ وتعاليم، وقُررت أقدارُ أُممٍ ودُوَل وشعوب. بل إنها أكثر وأعظم، ففيها نُزِّلَ أعظمُ منهج إلى الأرض دليلاً للناس إلى الحياة الكريمة الفاضلة.
﴿ لَيْلَةُ القدر خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾
إنها ليلةٌ عظيمة مباركة، العبادةُ فيها خير من عبادة ألف شهر.
ومن فضلها العظيم أنّها :
﴿ تَنَزَّلُ الملائكة والروح فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ﴾
تنزِل الملائكة وجبريلُ إلى الأرض في تلك الليلة بإذنِ ربهم مع بركات الله ورحمته. فهي بمثابة عيدٍ للمسلمين لنزول القرآن فيها، وليلةُ شكر على الإحسانِ والإنعام بذلك. وتُشاركهم فيها الملائكة مما يُشعِر بعظمتها وبقَدْرِ الإنسان كَخليفةٍ لله على الأرض.
ومن فضلِها أيضاً قوله تعالى ﴿ سَلاَمٌ هِيَ حتى مَطْلَعِ الفجر ﴾ فهي سلامٌ من أول ليلها إلى طلوع الفجر، وأمانٌ من الأذى والشر حتى ذلك الحين.
والحقّ، أن ليلة القدر من العظمة بحيث تفوق حقيقتُها حدودَ الإدراك البشريّ، فهي ليلة عظيمة باختيار الله لها لبدء تنزيل هذا القرآن العظيم، وإفاضة هذا النور على الوجودِ كله، لِما تضمَّنَه هذا القرآنُ من عقيدةٍ وشريعة وآداب.
وفي الحديث الصحيح أن عائشةَ رضي الله عنها قالت : يا رسولَ الله إن وافقتُ ليلةَ القدر فما أقول ؟ قال : " قولي اللهم إنك عَفُوٌّ تحبُّ العفوَ فاعفُ عني ".
قراءات :
قرأ الكسائي وخلف : مطلِع بكسر اللام، والباقون : مطلَع بفتح اللام.