ﰡ
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن رضي الله عنه في قوله ﴿ ص ﴾ قال : حادث القرآن.
وأخرج ابن جرير عن الحسن ْBه في قوله أنه كان يقرأ ﴿ ص، والقرآن ﴾ بخفض الدال، وكان يجعلها من المصاداة يقول عارض القرآن قال عبد الوهاب : أعرضه على عملك فأنظر أين عملك من القرآن.
وأخرج ابن مردويه عن الضحاك رضي الله عنه في قوله ﴿ ص ﴾ يقول : إني أنا الله الصادق.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله ﴿ ص ﴾ قال : صدق الله.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ﴿ ص ﴾ محمد ﷺ.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس ﴿ ص والقرآن ذي الذكر ﴾ قال : نزلت في مجالسهم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ﴿ ص والقرآن ذي الذكر ﴾ قال : ذي الشرف.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن الأنباري في المصاحف عن قتادة ﴿ بل الذين كفروا في عزة ﴾ قال : ههنا وقع القسم ﴿ في عزة وشقاق ﴾ قال : في حمية وفراق.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ﴿ بل الذين كفروا في عزة وشقاق ﴾ قال : معازين ﴿ شقاق ﴾ قال : عاصين وفي قوله ﴿ فنادوا ولات حين مناص ﴾ قال : ما هذا بحين فرار.
وأخرج الطيالسي وعبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن التميمي قال : سألت ابن عباس رضي الله عنه عن قول الله ﴿ فنادوا ولات حين مناص ﴾ قال : ليس بحين تزور ولا فرار.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنه أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله ﴿ ولات حين ﴾ قال : ليس بحين فرار قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم. أما سمعت الأعشى وهو يقول :
تذكرت ليلى لات حين تذكر | وقد تبت عنها والمناص بعيد |
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي ظبيان عن ابن عباس ﴿ ولات حين مناص ﴾ قال : لا حين فرار.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي بن طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ ولات حين مناص ﴾ قال : ليس بحين مغاث.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير ﴿ ولات حين مناص ﴾ ليس بحين جزع.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه ﴿ ولات حين مناص ﴾ قال : وليس حين نداء.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ﴿ فنادوا ولات حين مناص ﴾ قال : نادى القوم على غير حين نداء، وأرادوا التوبة حين عاينوا عذاب الله، فلم ينفعهم، ولم يقبل منهم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه ﴿ ولات حين مناص ﴾ قال : ليس حين انقلاب.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن وهب بن منبه ﴿ ولات حين مناص ﴾ قال : إذا أراد السرياني أن يقول وليس يقول ولات.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مجلز قال : قال رجل يوم بدر ما هم إلا النساء. قال رسول الله ﷺ :« بل هم الملأ وتلا ﴿ وانطلق الملأ منهم ﴾ ».
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ وانطلق الملأ منهم.. ﴾ قال : نزلت حين انطلق أشراف قريش إلى أبي طالب يكلموه في النبي ﷺ.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ وانطلق الملأ منهم ﴾ قال : أبو جهل.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله ﴿ وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا ﴾ قال : هو عقبة بن أبي معيط. وفي قوله ﴿ ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة ﴾ قال : النصرانية قالوا : لو كان هذا القرآن حقاً لأخبرتنا به النصارى.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب ﴿ ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة ﴾ قال : ملة عيسى عليه السلام.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه ﴿ ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة ﴾ قال : النصرانية.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة ﴾ قال : النصرانية.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة ﴾ أي في ديننا هذا، ولا في زماننا هذا ﴿ إن هذا إلا اختلاق ﴾ قال : قالوا إن هذا إلا شيء يخلقه. وفي قوله ﴿ أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب ﴾ قال : لا والله ما عندهم منها شيء، ولكن الله يختص برحمته من يشاء ﴿ أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب ﴾ قال : في السماء.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ فليرتقوا في الأسباب ﴾ قال : في السماء.
وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال ﴿ الأسباب ﴾ أدق من الشعر، وأحدّ من الحديد، وهو بكل مكان، غير أنه لا يرى.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ فليرتقوا في الأسباب ﴾ قال : طرق السماء أبوابها. وفي قوله ﴿ جند ما هنالك ﴾ قال : قريش ﴿ من الأحزاب ﴾ قال : القرون الماضية.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ ما لها من فواق ﴾ قال : رجوع ﴿ وقالوا ربنا عجل لنا قطنا ﴾ قال : عذابنا.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ ما لها من فواق ﴾ قال : من رجعة ﴿ وقالوا ربنا عجل لنا قطنا ﴾ قال : سألوا الله أن يعجل لهم.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى ﴿ عجل لنا قطنا ﴾ قال : القط الجزاء. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم. أما سمعت الأعشى وهو يقول :
ولا الملك النعمان يوم لقيته | بنعمة يعطيني القطوط ويطلق |
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه في قوله ﴿ عجل لنا قطنا ﴾ قال : كتابنا.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه ﴿ عجل لنا قطنا ﴾ قال : حظنا.
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء رضي الله عنه في قوله ﴿ وقالوا ربنا عجل لنا قطنا ﴾ قال : هو النضر بن الحرث بن علقمة بن كلدة أخو بني عبد الدار، وهو الذي قال ﴿ سأل سائل بعذاب واقع ﴾ [ المعارج : ١ ] قال : سأل بعذاب هو واقع به، فكان الذي سأل أن قال ﴿ اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ﴾ [ الأنفال : ٣٢ ] قال عطاء رضي الله عنه : لقد نزلت فيه بضع عشرة آية من كتاب الله.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الزبير بن عدي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ عجل لنا قطنا ﴾ قال : نصيبنا من الجنة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ ذا الأيد ﴾ قال : القوّة في العبادة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ اذكر عبدنا داود ذا الأيد ﴾ قال : أعطي قوّة في العبادة، وفقهاً في الإِسلام.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه ﴿ ذا الأيد ﴾ قال : القوّة في العبادة، والبصر في الهدى.
وأخرج البخاري في تاريخه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال :« كان النبي ﷺ إذا ذكر داود عليه السلام وحدث عنه قال : كان أعبد البشر ».
وأخرج الديلمي عن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« لا ينبغي لأحد أن يقول إني أعبد من داود ».
وأخرج أحمد في الزهد عن ثابت رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يطيل الصلاة من الليل، فيركع الركعة، ثم يرفع رأسه، فينظر إلى أديم السماء، ثم يقول : إليك رفعت رأسي يا عامر السماء، نظر العبيد إلى أربابها.
وأخرج أحمد عن الحسن رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام : إلهي أي رزق أطيب؟ قال : ثمرة يدك يا داود.
وأخرج أحمد عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يصنع القفة من الخوص وهو على المنبر، ثم يرسل بها إلى السوق، فيبيعها ثم يأكل بثمنها.
وأخرج أحمد عن سعيد بن أبي هلال رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام إذا قام من الليل يقول : اللهم نامت العيون، وغارت النجوم، وأنت الحي القيوم الذي لا تأخذك سنة ولا نوم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الأواب المسبح.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه قال : الأواب المسبح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن شرحبيل رضي الله عنه قال : الأواب المسبح بلغة الحبشة.
وأخرج الديلمي عن مجاهد رضي الله عنه قال : سألت النبي ﷺ عنه فقال « هو الرجل يذكر ذنوبه في الخلاء فيستغفر الله ».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ إنه أوّاب ﴾ قال : منيب راجع عن الذنوب.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قال : الأواب التائب الراجع.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه ﴿ إنه أوّاب ﴾ قال : كان مطيعاً لربه، كثير الصلاة.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الأواب الموقن.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى ﴿ بالعشي والإِشراق ﴾ قال : إذا أشرقت الشمس وجبت الصلاة قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم. أما سمعت الأعشى وهو يقول :
لم ينم ليلة التمام لكي | يصيح حتى إضاءة الاشراق |
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال : كان ابن عباس رضي الله عنهما لا يصلي الضحى، ويقول : أين هي في القرآن؟ حتى قال بعد هي قول الله ﴿ يسبحن بالعشي والإِشراق ﴾ هي الإِشراق فصلاها ابن عباس رضي الله عنهما بعد.
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لقد أتى علي زمان وما أدري ما وجه هذه الآية ﴿ يسبحن بالعشي والإِشراق ﴾ قال : رأيت الناس يصلون الضحى.
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كنت أمر بهذه الآية ﴿ يسبحن بالعشي والإِشراق ﴾ فما أدري ما هي حتى حدثتني أم هانيء بنت أبي طالب رضي الله عنها. ذكرت أن رسول الله ﷺ صلى يوم فتح مكة صلاة الضحى ثمان ركعات، فقال ابن عباس رضي الله عنهما : قد ظنت أن لهذه الساعة صلاة لقول الله تعالى ﴿ يسبحن بالعشي والإِشراق ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن عبدالله بن الحارث قال : دخلت على أم هانىء رضي الله عنها فحدثتني : أن رسول الله ﷺ صلى صلاة الضحى، فخرجت فلقيت ابن عباس رضي الله عنهما فقلت : انطلق إلى أم هانىء، فدخلنا عليها فقلت : حدثني ابن عمك عن صلاة النبي ﷺ الضحى، فحدثته فقال : تأول هذه الآية صلاة الإِشراق، وهي صلاة الضحى.
وأخرج ابن مردويه من طريق مجاهد عن سعيد عن أم هانىء بنت أبي طالب رضي الله عنها قالت :« دخل عليَّ رسول الله ﷺ يوم فتح مكة وقد علاه الغبار، فأمر بقصعة، فإني أنظر إلى أثر العجين، فسكبت فيها، فأمر بثوب فيما بيني وبينه، فاستتر، فقام فأفاض عليه الماء، ثم قام فصلى الضحى ثمان ركعات قال مجاهد : فحدثت ابن عباس رضي الله عنهما بهذا الحديث فقال : هي صلاة الإِشراق ».
وأخرج ابن مردويه عن عبدالله بن الحرث رضي الله عنه قال : سألت عن صلاة الضحى في إمارة عثمان بن عفان، وأصحاب رسول الله ﷺ متوافرون، فلم أجد أحداً أثبت لي صلاة رسول الله ﷺ إلا أم هانىء قالت : رأيت رسول الله ﷺ صلاها مرة واحدة، ثمان ركعات، يوم الفتح في ثوب واحد، مخالفاً بين طرفيه، لم أره صلاها قبلها ولا بعدها.
وأخرج ابن جرير والحاكم عن عبدالله بن الحارث عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ كان لا يصلي الضحى حتى أدخلناه على أم هانىء، فقلنا لها : أخبري ابن عباس رضي الله عنهما بما أخبرتنا به. فقالت : دخل رسول الله ﷺ بيتي، فصلى الضحى ثمان ركعات. فخرج ابن عباس رضي الله عنهما وهو يقول : لقد قرأت ما بين اللوحين، فما عرفت صلاة الإِشراق إلا الساعة ﴿ يسبحن بالعشي والإِشراق ﴾.
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : طلبت صلاة الضحى في القرآن، فوجدتها ﴿ بالعشي والإِشراق ﴾.
وأخرج البخاري في تاريخه والحاكم وصححه وابن مردويه والطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أواب، هي صلاة الأوابين ».
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن أنس رضي الله عنه قال : أوصاني خليلي رسول الله ﷺ فقال :« يا أنس صل صلاة الضحى، فإنها صلاة الأوابين ».
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والطبراني عن زيد بن أرقم رضي الله عنه « أن رسول الله ﷺ خرج على أهل قباء، وهم يصلون الضحى. وفي لفظ وهم يصلون بعد طلوع الشمس، فقال صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال ».
وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« لا يحافظ على سبحة الضحى إلا أواب ».
وأخرج الترمذي وابن ماجة عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« من صلى الضحى اثنتي عشرة ركعة بنى له الله في الجنة قصراً من ذهب ».
وأخرج أبو نعيم عن أنس عن النبي ﷺ قال :« صلِ صلاة الضحى فإنها صلاة الأوابين ».
وأخرج حميد بن زنجويه في فضائل الأعمال، والبيهقي في شعب الإِيمان، عن الحسن بن علي قال : قال رسول الله ﷺ :« من صلى الفجر، ثم جلس في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى من الضحى ركعتين حرمه الله على النار أن تلفحه أو تطعمه ».
وأخرج أبو داود والطبراني والبيهقي عن معاذ بن أنس الجهني أن رسول الله ﷺ قال « من قعد في مصلاه حين ينصرف من صلاة الصبح حتى يصبح ركعتي الضحى لا يقول إلا خيراً غفر له خطاياه وإن كانت أكثر من زبد البحر ».
وأخرج الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« من صلى الضحى ركعتين لم يكتب من الغافلين، ومن صلى أربعاً كتب من العابدين، ومن صلى ستاً كفي ذلك اليوم، ومن صلى ثمانياً كتب من القانتين، ومن صلى إثنتي عشرة بنى الله له بيتاً في الجنة »
وأخرج حميد بن زنجويه والبزار والبيهقي عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« إن صليت الضحى ركعتين لم تكتب من الغافلين، وإن صليتها أربعاً كنت من المحسنين، وإن صليتها ستاً كتبت من القانتين، وإن صليتها ثمانياً كتبت من الفائزين، وإن صليتها عشراً لم يكتب لك ذلك اليوم ذنب، وإن صليتها إثنتي عشرة بنى الله لك بيتاً في الجنة ».
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وأحمد وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال :« من حافظ على سبحة الضحى غفر له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر ».
وأخرج عبد بن حميد والحاكم عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ وشددنا ملكه ﴾ قال : كان أشد ملوك أهل الدنيا لله سلطاناً ﴿ وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب ﴾ قال : ما قال من شيء أنفذه وعدله في الحكم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ادعى رجل من بني إسرائيل عند داود عليه السلام [ قتل ولده فسأل ] الرجل على ذلك فجحده، فسأل الآخر البينة فلم تكن بينة فقال لهما داود عليه السلام : قوما حتى أنظر في أمركما، فقاما من عنده، فأتى داود عليه السلام في منامه فقيل له : أقتل الرجل الذي استعدى، فقال : إن هذه رؤيا ولست أعجل حتى أثبت، فأتى الليلة الثانية في منامه فقيل له : أقتل الرجل، فلم يفعل. ثم أتى الليلة الثالثة فقيل له : أقتل الرجل، أو تأتيك العقوبة من الله تعالى، فأرسل داود عليه السلام إلى الرجل فقال : إن الله أمرني أن أقتلك فقال : تقتلني بغير بينة ولا تثبت قال : نعم. والله لأنفذن أمر الله فيك فقال له الرجل : لا تعجل عليَّ حتى أخبرك. إني ما أخذت بها الذنب، ولكني كنت اغتلت والد هذا فقتلته، فبذلك أخذت، فأمر به داود عليه السلام فقتل، فاشتدت هيبته في بني إسرائيل وشدد به ملكه. فهو قول الله تعالى ﴿ وشددنا ملكه ﴾.
وأخرج ابن جرير والحاكم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ وشددنا ملكه ﴾ قال : كان يحرسه كل يوم وليلة أربعة آلاف وفي قوله ﴿ وآتيناه الحكمة ﴾ قال : النبوة ﴿ وفصل الخطاب ﴾ قال : علم القضاء.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ وآتيناه الحكمة ﴾ قال : أعطي الفهم.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ وآتيناه الحكمة ﴾ قال : الصواب ﴿ وفصل الخطاب ﴾ قال : الإِيمان والشهود.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ فصل الخطاب ﴾ قال : إصابة القضاء وفهمه.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أبي عبد الرحمن رضي الله عنه ﴿ وفصل الخطاب ﴾ قال : فصل القضاء.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه ﴿ وفصل الخطاب ﴾ قال : الفهم في القضاء.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والبيهقي عن شريح رضي الله عنه ﴿ وفصل الخطاب ﴾ قال : الشهود والإِيمان.
وأخرج البيهقي عن أبي عبد الرحمن السلمي رضي الله عنه.
وأخرج ابن جرير والبيهقي عن قتادة رضي الله عنه ﴿ وفصل الخطاب ﴾ قال : البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه.
وأخرج ابن جرير عن الشعبي رضي الله عنه في قوله ﴿ وفصل الخطاب ﴾ قال : هو قول الرجل : أما بعد.
وأخرج ابن أبي حاتم والديلمي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : أول من قال « أما بعد » داود عليه السلام، وهو فصل الخطاب.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر عن الشعبي رضي الله عنه أنه سمع زياد بن أبي سفيان رضي الله عنه يقول ﴿ فصل الخطاب ﴾ الذي أوتي داود عليه السلام أما بعد.
فبينما هو يقرأ الزبور إذ جاء طائر مذهب كأحسن ما يكون للطير، فيه من كل لون، فجعل يدرج بين يديه، فدنا منه، فأمكن أن يأخذه، فتناوله بيده ليأخذه، فطار فوقه على كوّة المحراب، فدنا منه ليأخذه، فطار فأشرف عليه لينظر أين وقع، فإذا هو بامرأة عند بركتها تغتسل من الحيض، فلما رأت ظله حركت رأسها، فغطت جسدها أجمع بشعرها، وكان زوجها غازياً في سبيل الله، فكتب داود عليه السلام إلى رأس الغزاة. انظر فاجعله في حملة التابوت، أما أن يفتح عليهم، وإما أن يقتلوا. فقدمه في حملة التابوت فقتل.
فلما انقضت عدتها خطبها داود عليه السلام، فاشترطت عليه أن ولدت غلاماً أن يكون الخليفة من بعده، وأشهدت عليه خمساً من بني إسرائيل، وكتبت عليه بذلك كتاباً، فأشعر بنفسه أنه كتب حتى ولدت سليمان ﷺ وشب، فتسوّر عليه الملكان المحراب، فكان شأنهما ما قص الله تعالى في كتابه، وخر داود عليه السلام ساجداً، فغفر الله له، وتاب عليه.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما أصابه القدر إلا من عجب عجب بنفسه. وذلك أنه قال يا رب ما من ساعة من ليل ونهار إلا وعابد من بني إسرائيل يعبدك، يصلي لك، أو يسبح، أو يكبر، وذكر أشياء، فكره الله ذلك فقال « يا داود إن ذلك لم يكن إلا بي، فلولا عوني ما قويت عليه؛ وجلالي لآكِلُكَ إلى نفسك يوماً. قال : يا رب فاخبرني به، فأصابته الفتنة ذلك اليوم.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير وابن أبي حاتم بسند ضعيف عن أنس رضي الله عنه سمعت رسول الله ﷺ يقول :» إن داود عليه السلام حين نظر إلى المرأة قطع على بني إسرائيل، وأوصى صاحب الجيش فقال : إذا حضر العدو تضرب فلاناً بين يدي التابوت، وكان التابوت في ذلك الزمان يستنصر به، من قدم بين يدي التابوت لم يرجع حتى يقتل، أو ينهزم منه الجيش. فقتل وتزوّج المرأة، ونزل الملكان على داود عليه السلام، فسجد فمكث أربعين ليلة ساجداً حتى نبت الزرع من دموعه على رأسه، فأكلت الأرض جبينه وهو يقول في سجوده : رب زل داود زلة أبعد مما بين المشرق والمغرب. رب إن لم ترحم ضعف داود، وتغفر ذنوبه جعلت ذنبه حديثاً في المخلوق من بعده.
فجاء جبريل عليه السلام من بعد أربعين ليلة فقال : يا داود إن الله قد غفر لك، وقد عرفت أن الله عدل لا يميل، فكيف بفلان إذا جاء يوم القيامة فقال : يا رب دمي الذي عند داود؟ قال جبريل : ما سألت ربك عن ذلك، فإن شئت لأفعلن فقال : نعم. ففرح جبريل، وسجد داود عليه السلام، فمكث ما شاء الله، ثم نزل فقال : قد سألت الله يا داود عن الذي أرسلتني فيه. فقال : قل لداود إن الله يجمعكما يوم القيامة فيقول « هب لي دمك الذي عند داود فيقول : هو لك يا رب فيقول : فإن لك في الجنة ما شئت، وما اشتهيت عوضاً » «.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوّروا المحراب ﴾ قال : إن داود عليه السلام قال : يا رب قد أعطيت إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، من الذكر ما لو وددت أنك أعطيتني مثله. قال : الله تعالى « إني ابتليتهم بما لم ابتلك به، فإن شئت ابتليتك بمثل ما ابتليتهم به، وأعطيتك كما أعطيتهم » قال : نعم. قال له : فاعمل حتى أرى بلاءك.
فكان ما شاء الله أن يكون، وطال ذلك عليه، فكاد أن ينساه، فبينما هو في محرابه إذ وقعت عليه حمامة، فأراد أن يأخذها، فطارت على كوة المحراب، فذهب ليأخذها، فطارت فاطلع من الكوة، فرأى امرأة تغتسل، فنزل من المحراب فذهب ليأخذها، فأرسل إليها، فجاءته فسألها عن زوجها، وعن شأنها، فأخبرته أن زوجها غائب، فكتب إلى أمير تلك السرية أن يؤمره على السرايا ليهلك زوجها، ففعل فكان يصاب أصحابه وينجو، وربما نصروا.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه أن داود عليه السلام جزأ الدهر أربعة أجزاء : يوماً لنسائه، ويوماً للعبادة، ويوماً للقضاء بين بني إسرائيل، ويوماً لبني إسرائيل. ذكروا فقالوا : هل يأتي على الإِنسان يوم لا يصيب فيه ذنباً؟ فاضمر داود عليه السلام في نفسه أنه سيطيق ذلك، فلما كان في يوم عبادته غلق أبوابه، وأمر أن لا يدخل عليه أحد، وأكب على التوراة.
فبينما هو يقرأها إذ حمامة من ذهب فيها من كل لون حسن قد وقعت بين يديه، فاهوى إليها ليأخذها، فطارت فوقعت غير بعيد من غير مرتبتها، فما زال يتبعها حتى أشرف على امرأة تغتسل، فاعجبه حسنها وخلقها، فلما رأت ظله في الأرض جللت نفسها بشعرها، فزاد ذلك أيضاً بها اعجاباً، وكان قد بعث زوجها على بعض بعوثه، فكتب إليه أن يسير إلى مكان كذا وكذا... مكان إذا سار إليه قتل ولم يرجع، ففعل، فاصيب، فخطبها داود عليه السلام، فتزوجها.
فبينما هو في المحراب، إذ تسور الملكان عليه، وكان الخصمان إنما يأتونه من باب المحراب، ففزع منهم حين تسوّروا المحراب فقالوا :﴿ لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط ﴾ أي لا تمل ﴿ واهدنا إلى سواء الصراط ﴾ أي أعدله، وخيره ﴿ إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة ﴾ يعني تسعاً وتسعين امرأة لداود، وللرجل نعجة واحدة فقال ﴿ أكفلْنيها وعزني في الخطاب ﴾ أي قهرني وظلمني ﴿ قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيراً من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعاً وأناب ﴾ قال : سجد أربعين ليلة حتى أوحى الله إليه : أني قد غفرت لك.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه في قوله ﴿ وهل أتاك نبأ الخصم ﴾ فجلسا فقال لهما قضاء فقال أحدهما إلى الآخر ﴿ أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب ﴾ فعجب داود عليه السلام، وقال ﴿ لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ﴾ فاغلظ له أحدهما وارتفع. فعرف داود إنما ذلك بذنبه، فسجد فكان أربعين يوماً وليلة لا يرفع رأسه إلا إلى صلاة الفريضة حتى يبست، وقرحت جبهته، وقرحت كفاه وركبتاه، فاتاه ملك فقال : يا داود إني رسول ربك إليك، وإنه يقول لك ارفع رأسك فقد غفرت لك فقال : يا رب كيف وأنت حكم عدل كيف تغفر لي ظلامة الرجل؟ فترك ما شاء الله، ثم أتاه ملك آخر فقال : يا داود إني رسول ربك إليك، وإنه يقول لك، إنك تأتيني يوم القيامة وابن صوريا تختصمان إليّ، فأقضي له عليك، ثم أسألها إياه فيهبها لي، ثم أعطيه من الجنة حتى يرضى.
وأخرج ابن جرير والحاكم عن السدي قال : إن داود عليه السلام قد قسم الدهر ثلاثة أيام : يوماً يقضي فيه بين الناس، ويوماً يخلو فيه لعبادة ربه، ويوماً يخلو فيه بنسائه، وكان له تسع وتسعون امرأة، وكان فيما يقرأ من الكتب قال : يا رب أرى الخير قد ذهب به آبائي الذين كانوا قبلي. فاعطني مثل ما أعطيتهم، وافعل بي مثل ما فعلت بهم، فأوحى الله إليه « إن آباءك قد ابتلوا ببلايا لم تبتل بها. ابتلى إبراهيم بذبح ولده، وابتلى إسحاق بذهاب بصره، وابتلى يعقوب بحزنه على يوسف، وإنك لم تبتل بشيء من ذلك. قال : رب ابتلني بما ابتليتهم به، واعطني مثل ما أعطيتهم، فأوحى الله إليه : إنك مبتلي فاحترس.
فمكث بعد ذلك ما شاء الله تعالى أن يمكث، إذ جاءه الشيطان قد تمثل في صورة حمامة حتى وقع عند رجليه، وهو قائم يصلي، فمدَّ يده ليأخذه فتنحى، فتبعه فتباعد حتى وقع في كوّة، فذهب ليأخذه، فطار من الكوّة، فنظر أين يقع، فبعث في أثره، فابصر امرأة تغتسل على سطح لها، فرأى امرأة من أجمل الناس خلقاً، فحانت منها التفاتة فابصرته، فالتَفَّتْ بشعرها فاستترت به، فزاده ذلك فيها رغبة، فسأل عنها، فاخبر أن لها زوجاً غائباً بمسلحة كذا وكذا.
فلما دخلت عليه لم يلبث إلا يسيراً حتى بعث الله له ملكين في صورة انسيين، فطلبا أن يدخلا عليه، فتسورا عليه الحراب، فما شعر وهو يصلي إذ هما بين يديه جالسين، ففزع منهما فقالا ﴿ لا تخف ﴾ إنما نحن ﴿ خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط ﴾ يقول : لا تخف ﴿ واهدنا إلى سواء الصراط ﴾ إلى عدل القضاء فقال : قصا عليَّ قصتكما فقال أحدهما ﴿ إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة ﴾ قال الآخر : وأنا أريد أن آخذها فاكمل بها نعاجي مائة قال وهو كاره قال إذاً لا ندعك وذاك قال : يا أخي أنت على ذلك بقادر قال : فإن ذهبت تروم ذلك ضربنا منك هذا وهذا. يعني طرف الأنف والجبهة.
قال : يا داود أنت أحق أن يضرب منك هذا وهذا. حيث لك تسع وتسعون امرأة، ولم يكن لاوريا إلا امرأة واحدة، فلم تزل تعرضه للقتل حتى قتلته. وتزوجت امرأته، فنظر فلم ير شيئاً، فعرف ما قد وقع فيه، وما قد ابتلى به ﴿ فخر ساجداً ﴾ فبكى، فمكث يبكي أربعين يوماً، لا يرفع رأسه إلا لحاجة، ثم يقع ساجداً يبكي، ثم يدعو حتى نبت العشب من دموع عينيه، فأوحى الله إليه بعد أربعين يوماً « يا داود ارفع رأسك قد غفر لك قال : يا رب كيف أعلم أنك قد غفرت لي، وأنت حكم عدل لا تحيف في القضاء؟ إذا جاء يوم القيامة أخذ رأسه بيمينه أو بشماله، تشخب أوداجه دماً فيّ يقول : يا رب سل هذا فيم قتلني، فأوحى الله إليه : إذا كان ذلك دعوت أوريا، فاستوهبك منه، فيهبك لي، فاثيبه بذلك الجنة » قال : رب الآن علمت أنك غفرت لي، فما استطاع أن يملأ عينيه من السماء حياء من ربه حتى قبض ﷺ.
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه، نحوه.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ إذ تسوّروا المحراب ﴾ قال : المسجد.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ﴿ ففزع منهم ﴾ قال : كان الخصوم يدخلون من الباب، ففزع من تسوّرهما.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ﴿ ولا تشطط ﴾ أي لا تمل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله ﴿ إن هذا أخي ﴾ قال : على ديني.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وأحمد في الزهد وابن جرير والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ما زاد داود عليه السلام على أن قال ﴿ أكفلنيها ﴾.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ فقال أكفلنيها ﴾ قال : فما زال داود عليه السلام على أن قال : تحوّل لي عنها.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ما زاد داود عليه السلام على أن قال : انزل لي عنها.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله ﴿ أكفلنيها ﴾ قال : أعطنيها، طلقها لي أنكحها وخل سبيلها ﴿ وعزني في الخطاب ﴾ قال : قهرني ذلك العز الكلام والخطاب.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ﴿ أكفلنيها ﴾ قال : أعطنيها ﴿ وعزني في الخطاب ﴾ قال : إذا تكلم كان أبلغ مني، وإذا دعا كان أكثر قال أحد الملكين : ما جزاؤه؟ قال : يضرب ههنا وههنا وههنا. ووضع يده على جبهته، ثم على أنفه، ثم تحت الأنف، قال : ترى ذلك جزاءه. فلم يزل يردد ذلك عليه حتى علم أنه ملك، وخرج الملك، فخر داود ساجداً قال : ذكر أنه لم يرفع رأسه أربعين صباحاً يبكي، حتى أعشب الدموع ما حول رأسه حتى إذا مضى أربعون صباحاً، زفر زفرة هاج ما حول رأسه من ذلك العشب.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ وقليل ما هم ﴾ يقول : قليل الذين هم فيه. وفي قوله ﴿ إنما فتناه ﴾ قال : اختبرناه.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ﴿ وظن داود ﴾ قال علم داود.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ﴿ وظن داود أنما فتناه ﴾ قال : ظن إنما ابتلي بذلك.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : إنما كان فتنة داود عليه السلام النظر.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ﴿ وخر راكعاً ﴾ قال : ساجداً.
وأخرج عبد بن حميد عن كعب رضي الله عنه قال : سجد داود نبي الله أربعين يوماً، وأربعين ليلة لا يرفع رأسه حتى رقأ دمعه ويبس، وكان من آخر دعائه وهو ساجد أن قال : يا رب رزقتني العافية فسألتك البلاء، فلما ابتليتني لم أصبر، فإن تعذبني فأنا أهل ذاك، وإن تغفر لي فانت أهل ذاك.
وأخرج أحمد وعبد بن حميد عن يونس بن خباب رضي الله عنه أن داود عليه السلام بكى أربعين ليلة، حتى نبت العشب حوله من دموعه، ثم قال : يا رب قرح الجبين، ورقا الدمع، وخطيئتي عليَّ كما هي، فنودي : أن يا داود أجائع فتطعم، أم ظمآن فتسقى، أم مظلوم فتنصر، فنحب نحبة هاج ما هنالك من الخضرة، فغفر له عند ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن عبيد بن عمير الليثي رضي الله عنه، أن داود عليه السلام سجد حتى نبت ما حوله خضراً من دموعه، فأوحى الله إليه : أن يا داود سجدت أتريد أن أزيدك في ملكك، وولدك، وعمرك؟ فقال : يا رب أبهذا ترد عليَّ؟ أريد أن تغفر لي.
وأخرج أحمد في الزهد والحكيم الترمذي عن الأوزاعي قال : قال رسول الله ﷺ :« مثل عيني داود كالقربتين ينطفان ماء، ولقد خددت الدموع في وجهه خديد الماء في الأرض ».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد من طريق عطاء بن السائب عن أبي عبد الله الجدلي قال : ما رفع داود عليه السلام رأسه إلى السماء بعد الخطيئة حتى مات.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد عن صفوان بن محرز قال : كان لداود عليه السلام يوم يتأوّه فيه يقول : أوه من عذاب الله، أوه من عذاب الله، أوه من عذاب الله، قيل لا أوه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله ﷺ :« لما أوحى الله إلى داود عليه السلام : ارفع رأسك فقد غفرت لك فقال : يا رب كيف تكون هذه المغفرة وأنت قضاء بالحق، ولست بظلام للعبيد؟ ورجل ظلمته، غصبته، قتلته، فأوحى الله تعالى إليه : بلى يا داود إنكما تجتمعان عندي، فاقضي له عليك، فإذا برز الحق عليك أستوهبك منه، فوهبك لي وأرضيته من قبلي، وأدخلته الجنة، فرفع داود رأسه، وطابت نفسه، وقال : نعم. يا رب هكذا تكون المغفرة ».
وأخرج أحمد في الزهد عن علقمة بن يزيد قال : لو عدل بكاء أهل الأرض ببكاء داود ما عدله، ولو عدل بكاء داود وبكاء أهل الأرض ببكاء آدم عليه السلام حين أهبط إلى الأرض ما عدله.
وأخرج أحمد عن إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر، أن داود عليه السلام كان يعاتب في كثرة البكاء، فيقول : ذروني أبكي قبل يوم البكاء، قبل تحريق العظام، واشتعال اللحى، وقبل أن يؤمر بي ﴿ ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ﴾ [ التحريم : ٦ ].
وأخرج أحمد والحكيم الترمذي وابن جرير عن عطاء الخراساني أن داود عليه السلام نقش خطيئته في كفه لكيلا ينساها، وكان إذا رآها اضطربت يداه.
وأخرج عن مجاهد قال : يحشر داود عليه السلام. سبحانك إلهي إذا ذكرت خطيئتي ضاقت عليَّ الأرض برحبها، وإذا ذكرت رحمتك ارتدت إليَّ روحي، سبحانك إلهي! فكلهم [ رآني ] عليل بذنبي.
وأخرج أحمد عن ثابت قال : اتخذ داود عليه السلام سبع حشايا من سعد، وحشاهن من الرماد، ثم بكى حتى أنفذها دموعاً، ولم يشرب شراباً إلا مزجه بدموع عينيه.
وأخرج أحمد عن وهب بن منبه قال : بكى داود عليه السلام حتى خددت الدموع في وجهه، واعتزل النساء، وبكى حتى رعش.
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار قال : إذا خرج داود عليه السلام من قبره، فرأى الأرض ناراً، وضع يده على رأسه وقال : خطيئتي اليوم موبقتي.
وأخرج عن عبد الرحمن بن جبير، أن داود عليه السلام كان يقول : اللهم ما كتبت في هذا اليوم من مصيبة، فخلصني منها ثلاث مرات، وما أنزلت في هذا اليوم من خير، فائتني منه نصيباً ثلاث مرات، وإذا أمسى قال مثل ذلك، فلم ير بعد ذلك مكروهاً.
وأخرج عبد الله ابنه والحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن سعيد بن أبي هلال. أن داود عليه السلام كان يعوده الناس، وما يظنون إلا أنه مريض، وما به إلا شدة الفرق من الله سبحانه وتعالى.
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال : كان داود عليه السلام إذا أفطر استقبل القبلة. وقال : اللهم خلصني من كل مصيبة نزلت من السماء ثلاثاً، وإذا طلع حاجب الشمس قال : اللهم اجعل لي سهماً في كل حسنة نزلت الليلة من السماء إلى الأرض ثلاثاً.
وأخرج أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس أنه قال : في السجود في ﴿ ص ﴾ ليست من عزائم السجود، وقد رأيت رسول الله ﷺ يسجد فيها.
وأخرج النسائي وابن مردويه بسند جيد عن ابن عباس « أن النبي ﷺ سجد في ﴿ ص ﴾ وقال : سجدها داود، ونسجدها شكراً ».
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري عن العوام قال : سألت مجاهداً عن سجدة « ص » فقال : سألت ابن عباس من أين سجدت؟ فقال : أو ما تقرأ ﴿ ومن ذريته داود وسليمان ﴾ [ الأنعام : ٨٤ ] إلى قوله ﴿ أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ﴾ [ الأنعام : ٩٠ ] فكان داود ممن أمر نبيكم ﷺ أن يقتدي به، فسجد بها داود عليه السلام، فسجدها رسول الله ﷺ.
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن قال : رسول الله ﷺ لا يسجد في « ص » حتى نزلت ﴿ أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ﴾ [ الأنعام : ٩٠ ] فسجد فيه رسول الله ﷺ «.
وأخرج الترمذي وابن ماجة والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال : يا رسول الله إني رأيت في هذه الليلة فيما يرى النائم كأني أصلي عند شجرة، وكأني قرأت سورة السجدة، فسجدت فرأيت الشجرة سجدت بسجودي، وكأني أسمعها وهي تقول اللهم اكتب لي بها عندك ذكراً، وضع عني بها وزراً، واجعلها إليّ عندك ذخراً، وأعظم بها أجراً، وتقبل مني كما تقبلت من عبدك داود. قال ابن عباس فقرأ رسول الله ﷺ السجدة، فسمعته يقول في سجوده كما أخبر الرجل عن قول الشجرة.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ سجد في » ص «.
أخرج ابن مردويه عن أنس. أن رسول الله ﷺ سجد في « ص ».
وأخرج الدارمي وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان والدارقطني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أبي سعيد الخدري قال :« قرأ رسول الله ﷺ وهو على المنبر » ص « فلما بلغ السجدة، نزل فسجد وسجد الناس معه، فلما كان آخر يوم قرأها، فلما بلغ السجدة تهيأ الناس للسجود فقال : إنما هي توبة نبي، ولكني رأيتكم تهيأتم للسجود، فنزل فسجد ».
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير « أن رسول الله ﷺ قرأ سورة » ص « وهو على المنبر، فلما أتى على السجدة قرأها، ثم نزل فسجد ».
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير، أن عمر بن الخطاب كان يسجد في « ص ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال : في « ص » سجدة.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة والطبراني والبيهقي في سننه عن ابن مسعود، أنه كان لا يسجد في « ص » ويقول : إنما هي توبة نبي ذكرت.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي العالية قال : كان بعض أصحاب النبي ﷺ يسجد في « ص » وبعضهم لا يسجد، فأي ذلك شئت فافعل.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي مريم قال : لما قدم عمر الشام أتى محراب داود عليه السلام، فصلى فيه، فقرأ سورة « ص » فلما انتهى إلى السجدة سجد.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي سعيد، أنه رأى رؤيا أنه يكتب « ص » فلما انتهى إلى التي يسجد بها، رأى الدواة، والقلم، وكل شيء بحضرته انقلب ساجداً، فقصها على النبي ﷺ، فلم يزل يسجد بها بعد.
وأخرج أبو يعلى عن أبي سعيد قال :« رأيت فيما يرى النائم كأني تحت شجرة، وكأن الشجرة تقرأ » ص « فلما أتت على السجدة، سجدت فقالت في سجودها : اللهم اغفر لي بها، اللهم حط عني بها وزراً، واحدث لي بها شكراً، وتقبلها مني كما تقبلت من عبدك داود سجدته، فغدوت على رسول الله ﷺ فاخبرته فقال » سجدت أنت يا أبا سعيد؟ فقلت : لا فقال : أنت أحق بالسجود من الشجرة «، ثم قرأ رسول الله ﷺ » ص « ثم أتى على السجدة، وقال في سجوده ما قالت الشجرة في سجودها ».
وأخرج الطبراني والخطيب عن ابن عباس عن النبي ﷺ قال :« السجدة التي في » ص « سجدها داود توبة، ونحن نسجدها شكراً ».
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : دخلت على النبي ﷺ في سفره وهو يقرأ « ص » فسجد فيها.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن محمد بن كعب أنه قال ﴿ وإن له عندنا لزلفى ﴾ أول الكائن يوم القيامة داود، وابنه عليهما السلام.
وأخرج عبد بن حميد عن السدي بن يحيى قال : حدثني أبو حفص رجل قد أدرك عمر بن الخطاب؛ أن الناس يصيبهم يوم القيامة عطش وحر شديد، فينادي المنادي داود، فيسقي على رؤوس العالمين، فهو الذي ذكر الله ﴿ وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب عن النبي ﷺ « أنه ذكر يوم القيامة، فعظم شأنه وشدته قال : ويقول الرحمن لداود عليه السلام مر بين يدي فيقول داود : يا رب أخاف أن تدحضني خطيئتي. فيقول خذ بقدمي، فيأخذ بقدمه تعالى، فيمر قال فتلك ( الزلفى ) التي قال الله ﴿ وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب ﴾ ».
وأخرج عبد بن حميد عن عبيد بن عمير رضي الله عنه ﴿ وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب ﴾ قال : يدنو حتى يضع يده عليه.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه فغفرنا له ذلك الذنب ﴿ وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب ﴾ قال حسن : المنقلب.
وأخرج الحكيم الترمذي عن مجاهد رضي الله عنه قال : يبعث داود عليه السلام يوم القيامة وخطيئته في كفه، فإذا رآها يوم القيامة لم يجد منها مخرجاً إلا أن يلجأ إلى رحمة الله تعالى، ثم يرى فيقلق. فيقال له : ههنا. فذلك قوله ﴿ وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب ﴾
وأخرج ابن سعد من طريق مردان عن سلمان رضي الله عنه؛ أن عمر رضي الله عنه قال له : أنا ملك أم خليفة؟ فقال له سلمان رضي الله عنه : الخليفة الذي يعدل إن أنت جَبَيْتَ من أرض المسلمين درهماً، أو أقل، أو أكثر، ثم وضعته في غير حقه فأنت ملك غير خليفة، فاستعبر عمر رضي الله عنه.
وأخرج ابن سعد عن ابن أبي العرجاء قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : والله ما أدري أخليفة أنا أم ملك؟ قال قائل : يا أمير المؤمنين إن بينهما فرقا قال : ما هو؟ قال : الخليفة لا يأخذ إلا حقاً، ولا يضعه إلا في حق، وأنت الحمد لله كذلك. والملك يعسف الناس، فيأخذ من هذا ويعطي هذا.
وأخرج ابن سعد عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : إن الامارة ما ائتمرتها، وإن الملك ما غلب عليه بالسيف.
وأخرج الثعلبي عن معاوية رضي الله عنه، أنه كان يقول إذا جلس على المنبر : يا أيها الناس إن الخلافة ليست بجمع المال، ولكن الخلافة العمل بالحق، والحكم بالعدل، وأخذ الناس بأمر الله.
وأخرج الحكيم الترمذي عن سالم مولى أبي جعفر قال : خرجنا مع أبي جعفر أمير المؤمنين إلى بيت المقدس، فلما دخل وشق بعث إلى الأوزاعي، فأتاه فقال : يا أمير المؤمنين حدثني حسان بن عطية عن جدك ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ﴾ قال : إذا ارتفع إليك الخصمان، فكان لك في أحدهما هوى، فلا تشتهِ في نفسك الحق له، فيفلح على صاحبه، فأمحو اسمك من نبوتي، ثم لا تكون خليفتي، ولا كرامة. يا أمير المؤمنين حدثنا حسان بن عطية عن جدك قال : من كره الحق فقد كره الله، لأن الحق هو الله. يا أمير المؤمنين حدثني حسان بن عطية عن جدك في قوله ﴿ لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ﴾ [ الكهف : ٤٩ ] قال : الصغيرة التبسم والكبيرة الضحك فكيف ما جنته الأيدي؟
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ فاحكم بين الناس بالحق ﴾ يعني بالعدل والانصاف ﴿ ولا تتبع الهوى ﴾ يقول : ولا تؤثر هواك في قضائك بينهم على الحق والعدل، فتزوغ عن الحق، فيضلك عن سبيل الله.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي السليل رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يدخل المسجد، فينظر أغمض حلقة من بني إسرائيل، فيجلس إليهم ثم يقول : مسكيناً بين ظهراني مساكين.
وأخرج أحمد عن زيد بن أسلم رضي الله عنه، أن ابنا لداود مات، فاشتد عليه جزعه، فقيل ما كان يعدل عندك؟ قال : كان أحب إليَّ من ملء الأرض ذهباً. فقيل له : إن الأجر على قدر ذلك.
وأخرج عبد الله في زوائده والحكيم الترمذي عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : كان من دعاء داود عليه السلام : سبحان مستخرج الشكر بالعطاء، ومستخرج الدعاء بالبلاء.
وأخرج عبد الله عن الأوزاعي رضي الله عنه قال : أوحى الله إلى داود عليه السلام « الا أعلمك علمين إذا عملتهما ألقيت وجوه الناس إليك، وبلغت بهما رضاي. قال : بلى يا رب قال احتجز فيما بيني وبينك بالورع، وخالط الناس باخلاقهم ».
وأخرج أحمد عن يزيد بن منصور رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام إلا ذاكر لله فاذكر معه، إلا مذكر فاذكر معه.
وأخرج أحمد عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يصنع القفة من الخوص، وهو على المنبر ثم يرسل بها إلى السوق، فيبيعها فيأكل بثمنها.
وأخرج أحمد عن سعيد بن أبي هلال رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام إذا قام من الليل يقول : اللهم نامت العيون، وغارت النجوم، وأنت الحي القيوم الذي لا تأخذك سنة ولا نوم.
وأخرج أحمد عن عثمان الشحام أبي سلمة قال : حدثني شيخ من أهل البصرة كان له فضل، وكان له سن قال : بلغني أن داود عليه السلام سأل ربه قال : يا رب كيف لي أن أمشي لك في الأرض بنصح، واعمل لك فيها بنصح؟ قال « يا داود تحب من يحبني من أحمر وأبيض، ولا تزال شفتاك رطبتين من ذكري، واجتنب فراش الغيبة قال : رب كيف لي أن تحببني في أهل الدنيا البر والفاجر؟ قال : يا داود تصانع أهل الدنيا لدنياهم، وتحب أهل الآخرة لآخرتهم، وتختار إليك دينك بيني وبينك، فإنك إذا فعلت ذلك لا يضرك من ضل إذا اهتديت قال : رب فأرني أضيافك من خلقك من هم؟ قال : نقي الكفين، نقي القلب، يمشي تماماً، ويقول صواباً ».
وأخرج الخطيب في تاريخه عن يحيى بن أبي كثير رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام لابنه سليمان عليه السلام : أتدري ما جهد البلاء؟ قال شراء الخبز من السوق، والانتقال من منزل إلى منزل.
وأخرج أحمد عن وهب رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام رب أي عبادك أحب إليك؟ قال : مؤمن حسن الصورة قال : فأي عبادك أبغض إليك؟ قال كافر حسن الصورة، شكر هذا وكفر هذا قال : يا رب فأي عبادك أبغض إليك؟ قال عبد استخارني في أمر، فَخِرْتُ له، فلم يرض به.
وأخرج عبد الله في زوائده عن عبد الله بن أبي مليكة رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام : إلهي لا تجعل لي أهل سوء، فأكون رجل سوء.
وأخرج أحمد عن عبد الرحمن قال : بلغني أنه كان من دعاء داود عليه السلام : اللهم لا تفقرني فأنسى، ولا تغنني فأطغى.
وأخرج أحمد عن الحسن رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام : إلهي أي رزق أطيب؟ قال : ثمرة يدك يا داود.
وأخرج أحمد عن أبي الجلد رضي الله عنه، أن الله تعالى أوحى إلى داود عليه السلام : يا داود انذر عبادي الصديقين لا يعجبن بأنفسهم، ولا يتكلن على أعمالهم، فإنه ليس أحد من عبادي أنصبه للحساب، وأقيم عليه عدلي إلا عذبته من غير أن أظلمه، وبشر الخاطئين أنه لا يتعاظم ذنب أن أغفره، وأتجاوز عنه.
وأخرج أحمد عن أبي الجلد رضي الله عنه، أن داود عليه السلام أمر منادياً فنادى : الصلاة جامعة، فخرج الناس وهم يرون أنه سيكون منه يومئذ موعظة، وتأديب، ودعاء، فلما رقي مكانه قال : اللهم اغفر لنا وانصرف، فاستقبل آخر الناس أوائلهم قالوا : ما لكم! قالوا : إن النبي إنما دعا بدعوة واحدة، فاوحى الله تعالى إليه : أن أبلغ قومك عني، فإنهم قد استقلوا دعاءك. إني من أغفر له أصلح له أمر آخرته ودنياه.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن عبد الرحمن بن أبزي رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام اصبر الناس على البلاء، وأحلمهم وأكظمهم للغيظ.
وأخرج أحمد عن سعيد بن عبد العزيز رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام يا رب كيف أسعى لك في الأرض بالنصيحة؟ قال : تكثر ذكري، وتحب من أحبني من أبيض وأسود، وتحكم للناس كما تحكم لنفسك، وتجتنب فراش الغيبة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي عبد الله الجدلي رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يقول : اللهم إني أعوذ بك من جار عينه تراني، وقلبه يرعاني. إن رأى خيراً دفنه، وإن رأى شراً أشاعه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن بريدة رضي الله عنه، أن داود عليه السلام كان يقول : اللهم إني أعوذ بك من عمل يخزيني، وهم يرديني، وفقر ينسيني، وغنى يطغيني.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه قال : أوحى الله إلى داود عليه السلام : أحبب عبادي، وحببني إلى عبادي قال : يا رب هذا أحبك، وأحب عبادك، فكيف أحببك إلى عبادك؟ قال تذكرني عندهم، فإنهم لا يذكرون مني إلا الحسن.
وأخرج أحمد عن أبي الجعد رضي الله عنه قال : بلغنا أن داود عليه السلام قال : إلهي ما جزاء من عزى حزيناً لا يريد به إلا وجهك؟ قال : جزاؤه إن ألبسه لباس التقوى قال : إلهي ما جزاء من شيع جنازة لا يريد بها إلا وجهك؟ قال : جزاؤه أن تشيعه ملائكتي إذا مات، وإن أصلي على روحه في الأرواح قال : إلهي ما جزاء من أسند يتيماً أو أرملة لا يريد بها إلا وجهك؟ قال جزاؤه إن أظله تحت ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي قال : إلهي ما جزاء من فاضت عيناه من خشيتك؟ قال : جزاؤه أن أؤمنه يوم الفزع الأكبر، وأن أقي وجهه فيح جهنم.
وأخرج أحمد عن أبي الجلد رضي الله عنه قال : قرأت في مساءلة داود عليه السلام أنه قال : إلهي ما جزاء من يعزي الحزين المصاب ابتغاء مرضاتك؟ قال : جزاؤه أن أكسوه رداء من أردية الإِيمان أستره به من النار، وأدخله الجنة قال : إلهي فما جزاء من شيع الجنازة ابتغاء مرضاتك؟ قال : جزاؤه أن تشيعه الملائكة يوم يموت إلى قبره، وإن أصلي على روحه في الأرواح قال : إلهي فما جزاء من أسند اليتيم والأرملة ابتغاء مرضاتك؟ قال : جزاؤه أن أظله في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي قال : إلهي فما جزاء من بكى من خشيتك حتى تسيل دموعه على وجهه؟ قال : جزاؤه إن أحرم وجهه على النار، وأن أؤمنه يوم الفزع الأكبر.
وأخرج أحمد عن عبد الرحمن بن أبزى رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام لسليمان : كن لليتيم كالأب الرحيم، وأعلم أنك كما تزرع تحصد، واعلم أن خطيئة [ أمام ] القوم كالمسيء عند رأس الميت، واعلم أن المرأة الصالحة لأهلها كالملك المتوّج المخوّص بالذهب، واعلم أن المرأة السوء لأهلها كالشيخ الضعيف على ظهره الحمل الثقيل، وما أقبح الفقر بعد الغنى، وأقبح من ذلك الضلالة بعد الهدى، وإن وعدت صاحبك فانجز ما وعدته، فإنك إن لا تفعل تورث بينك وبينه عداوة، ونعوذ بالله من صاحب إذا ذكرت لم يعنك، وإذا نسيت لم يذكرك.
وأخرج عبد الله بن زيد بن رفيع قال : نظر داود عليه السلام مبخلاً يهوي بين السماء والأرض فقال : يا رب ما هذا؟ قال : هذه لعنتي، أدخلها بيت كل ظلام.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن أبزى رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام : نعم العون اليسار على الدين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام : يا رب طال عمري، وكبر سني، وضعف ركني، فأوحى الله إليه « يا داود طوبى لمن طال عمره، وحسن عمله ».
وأخرج الخطيب من طريق الأوزاعي عن عبد الله بن عامر رضي الله عنه قال : أُعطي داود عليه السلام من حسن الصوت ما لم يُعْطَ أحد قط، حتى إن كان الطير والوحش حوله حتى تموت عطشاً وجوعاً، وإن الأنهار لتقف. والله أعلم.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه ﴿ أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات ﴾ إلى قوله ﴿ كالفجار ﴾ قال : لعمري ما استووا، لقد تفرق القوم في الدنيا عند الموت.
أما قوله تعالى :﴿ أم نجعل المتقين كالفجار ﴾.
أخرج أبو يعلى عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال أبو القاسم ﷺ :« كما أنه لا يجتنى من الشوك العنب كذلك لا تنال الفجار منازل الأبرار ».
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه ﴿ أولوا الألباب ﴾ قال : أولوا العقول من الناس.
وأخرج الحكيم الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أوحى الله تبارك وتعالى إلى داود عليه السلام. إني سائل ابنك عن سبع كلمات. فإن أخبرك فورِّثه العلمَ والنبوَّة فقال له داود عليه السلام : إن الله أوحى إليَّ أن أسألك عن سبع كلمات، فإن أخبرتني وَرَّثْتُكَ العلمَ والنبوَّة قال : سلني عما شئت قال : أخبرني ما أحلى من العسل، وما أبرد من الثلج، وما الين شيئاً من الخز، وما لا يرى أثره في الماء، وما لا يرى أثره في الصفاء، وما لا يرى أثره في السماء، ومن يسمن في الخصب والجدب. قال : أما ما أحلى من العسل فروح الله للمتحابين في الله. واما ما أبرد من الثلج فكلام الله إذا قرع أفئدة أولياء الله. وأما ما الين شيئاً من الخز فحكمة الله تعالى إذا أنشدها أولياء الله بينهم. وأما ما لا يرى أثره في الماء فالفلك تمر فلا يرى أثرها. وأما ما لا يرى أثره في الصفاء فالنملة تمر على الحجر فلا يرى أثرها. وأما ما لا يرى أثره في السماء فالطير يطير ولا يرى أثره في السماء وأما من يسمن في الجدب والخصب فهو المؤمن إذا أعطاه الله شكر، وإذا ابتلاه صبر، فقلبه أجرد أزهر.
قال : انظر إلى ابنك فاسأله عن أربع عشرة كلمة، فإن أخبرك فورثه العلم والنبوّة، فسأله فقال : ما لي من ذي علم فقال داود لسليمان عليه السلام : أخبرني يا بني أين موضع العقل منك؟ قال : الدماغ قال : أين موضع الحياء منك؟ قال : العينان قال : أين موضع الباطل منك؟ قال : الأذنان قال : أين باب الخطايا منك؟ قال : اللسان قال : أين الطريق منك؟ قال : المنخران قال : أين موضع الأدب والبيان منك؟ قال : الكلوتان قال : أين باب الفظاظة والغلظة منك؟ قال : الكبد قال : أين بيت الريح منك؟ قال : الرئة قال : أين باب الفرح منك؟ قال : الطحال قال : أين باب الكسب منك؟ قال : اليدان قال : أين باب النصب منك؟ قال : الرجلان قال : أين باب الشهوة منك؟ قال : الفرج قال : أين باب الذرية منك؟ قال : الصلب قال : أين باب العلم والفهم والحكمة منك؟ قال : القلب. إذا صلح القلب صلح ذلك كله، وإذا فسد القلب فسد ذلك كله.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ﴿ ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب ﴾ قال : كان مطيعاً لله، كثير الصلاة ﴿ إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد ﴾ قال : يعني الخيل وصفونها قيامها وبسطها قوائمها ﴿ قال إني أحببت حب الخير ﴾ أي المال ﴿ عن ذكر ربي ﴾ عن صلاة العصر ﴿ حتى توارت بالحجاب ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ الصافنات ﴾ قال : صفون الفرس : رفع إحدى يديه حتى يكون على أطراف الحافر. وفي قوله الجياد قال : السراع.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن وقتادة رضي الله عنهما في قوله ﴿ الصافنات الجياد ﴾ قال : الخيل إذا صفن قيامها عقرها تطلع أعناقها وسوقها. وفي قوله ﴿ أحببت حب الخير عن ذكر ربي ﴾ قال : الخير المال والخيل من ذلك، فقوله شغلته عن الصلاة قال : لا والله لا تشغلني عن عبادة الله تعالى جرها عليك، فكشف عراقيبها، وضرب أعناقها
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عوف رضي الله عنه قال : بلغني أن الخيل التي عقر سليمان عليه السلام كانت خيلاً ذات أجنحة، أخرجت له من البحر، لم تكن لأحد قبله ولا بعده.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ حب الخير ﴾ قال : المال وفي قوله ﴿ ردوها عليّ ﴾ قال : الخيل ﴿ فطفق مسحاً ﴾ قال : عقراً بالسيف.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن علي رضي الله عنه قال : الصلاة التي فرط فيها سليمان عليه السلام صلاة العصر.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن كعب رضي الله عنه في قوله ﴿ حتى توارت بالحجاب ﴾ قال : حجاب من ياقوت أخضر محيط بالخلائق، فمنه اخضرت السماء التي يقال لها السماء الخضراء، واخضر البحر من السماء، فمن ثم يقال : البحر الأخضر.
وأخرج أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت : قدم رسول الله ﷺ من غزوة تبوك أو خيبر، فجئت فكشفت ناحية الستر عن بنات لعب لعائشة فقال :« ما هذا يا عائشة؟ قالت : بناتي. ورأى بينهن فرساً لها جناحان من رقاع فقال : ما هذا الذي أرى وسطهن؟ قالت : فرس له جناحان قال : وما هذا الذي عليه؟ فقلت : جناحان قال : فرس له جناحان! قالت : أما سمعت أن لسليمان عليه السلام خيلاً لها أجنحة، فضحك حتى رؤيت نواجذه ».
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه في قوله ﴿ إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد ﴾ قال : عشرين ألف فرس ذات أجنحة، فعقرها.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان سليمان عليه السلام لا يكلم اعظاماً له، فلقد فاتته صلاة العصر، وما استطاع أحد أن يكلمه.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ عن ذكر ربي ﴾ يقول : من ذكر ربي ﴿ فطفق مسحاً ﴾ يقول : يمسح اعراف الخبل وعراقيبها.
وأخرج الطبراني في الأوسط والاسماعيلي في معجمه وابن مردويه بسند حسن عن أُبيّ بن كعب رضي الله عنه « عن النبي ﷺ في قوله ﴿ فطفق مسحاً بالسوق والأعناق ﴾ قال : قطع سوقها وأعناقها بالسيف ».
وأخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم بسند قوي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أراد سليمان عليه السلام أن يدخل الخلاء، فأعطى الجرادة خاتمه، وكانت جرادة امرأته، وكانت أحب نسائه إليه، فجاء الشيطان في صورة سليمان، فقال لها : هاتي خاتمي، فأعطته، فلما لبسه دانت له الجن والإِنس والشياطين، فلما خرج سليمان عليه السلام من الخلاء قال لها : هاتي خاتمي. فقالت : قد أعطيته سليمان قال : أنا سليمان قالت : كذبت لست سليمان. فجعل لا يأتي أحداً يقول أنا سليمان إلا كذبه حتى جعل الصبيان يرمونه بالحجارة، فلما رأى ذلك عرف أنه من أمر الله تعالى، وقام الشيطان يحكم بين الناس.
فلما أراد الله تعالى أن يرد على سليمان عليه السلام سلطانه، ألقى في قلوب الناس انكار ذلك الشيطان، فارسلوا إلى نساء سليمان عليه السلام فقالوا لهن : أيكون من سليمان شيء؟ قلن : نعم. إنه يأتينا ونحن حيض، وما كان يأتينا قبل ذلك.
فلما رأى الشيطان أنه قد فطن له، ظن أن أمره قد انقطع، فكتبوا كتباً فيها سحر ومكر، فدفنوها تحت كرسي سليمان، ثم أثاروها وقرأوها على الناس قالوا : بهذا كان يظهر سليمان على الناس ويغلبهم، فأكفر الناس سليمان، فلم يزالوا يكفرونه، وبعث ذلك الشيطان بالخاتم، فطرحه في البحر، فتلقته سمكة فأخذته، وكان سليمان عليه السلام يعمل على شط البحر بالأجر، فجاء رجل فاشترى سمكاً فيه تلك السمكة التي في بطنها الخاتم، فدعا سليمان عليه السلام فقال : تحمل لي هذه السمك؟ ثم انطلق إلى منزله، فلما انتهى الرجل إلى باب داره، أعطاه تلك السمكة التي في بطنها الخاتم، فأخذها سليمان عليه السلام، فشق بطنها فإذا الخاتم في جوفها، فأخذه فلبسه، فلما لبسه دانت له الانس والجن والشياطين، وعاد إلى حاله، وهرب الشيطان حتى لحق بجزيرة من جزائر البحر، فأرسل سليمان عليه السلام في طلبه، وكان شيطاناً مريداً يطلبونه ولا يقدرون عليه، حتى وجدوه يوماً نائماً، فجاؤوا فنقبوا عليه بنياناً من رصاص، فاستيقظ، فوثب، فجعل لا يثبت في مكان من البيت إلا أن دار معه الرصاص، فأخذوه وأوثقوه وجاؤوا به إلى سليمان عليه السلام، فأمر به فنقر له في رخام، ثم أدخل في جوفه، ثم سد بالنحاس، ثم أمر به فطرح في البحر.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أربع آيات من كتاب الله لم أدر ما هي حتى سألت عنهن كعب الأحبار رضي الله عنه في قوله ﴿ قوم تبع ﴾ [ الدخان : ٧٣ ] في القرآن، ولم يذكر تبع فقال : إن تبعاً كان ملكاً، وكان قومه كهاناً، وكان في قومه قوم من أهل الكتاب، وكان الكهان يبغون على أهل الكتاب ويقتلون تابعهم فقال أهل الكتاب لتبع : أنهم يكذبون علينا فقال تبع : إن كنتم صادقين فقربوا قرباناً فأيكم كان أفضل أكلت النار قربانه. فقرب أهل الكتاب والكهان، فنزلت نار من السماء، فأكلت قربان أهل الكتاب، فأتبعهم تبع فأسلم. فلهذا ذكر الله قومه في القرآن ولم يذكره قال ابن عباس رضي الله عنه وسألته عن قوله ﴿ وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب ﴾ قال : الشيطان أخذ خاتم سليمان عليه السلام الذي فيه ملكه، فقذف به في البحر، فوقع في بطن سمكة، فانطلق سليمان يطوف إذ تصدق عليه بتلك السمكة، فاشتواها فأكلها، فإذا فيها خاتمه، فرجع إليه ملكه.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب ﴾ قال : صخر الجني. مثل على كرسيه على صورته.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : أمر سليمان عليه السلام ببناء بيت المقدس فقيل له : ابنه ولا يسمع فيه صوت حديد، فطلب ذلك، فلم يقدر عليه، فقيل له إن شيطاناً يقال له صخر شبه المارد، فطلبه وكانت عين في البحر يردها في كل سبعة أيام مرة، فنزح ماءها وجعل فيها خمراً، فجاء يوم وروده فإذا هو بالخمر فقال : إنك لشراب طيب، تصيب من الحليم، وتزيد من الجاهل جهلاً ثم جفل حتى عطش عطشاً شديداً، ثم أتاها، فشربها حتى غلب على عقله، فأوتي بالخاتم، فختم بين كتفيه، فذل وكان ملكه في خاتمه، فأتي به سليمان فقال : أنا قد أمرنا ببناء هذا البيت فقيل لنا : لا تسمعن فيه صوت حديد، فأتى ببيض الهدهد، فجعل عليه زجاجة، فجاء الهدهد فدار حولها، فجعل يرى بيضه ولا يقدر عليه، فذهب فجاء بألماس، فوضعها عليه، فقطعها حتى أفضى إلى بيضه، فأخذوا الماس، فجعلوا يقطعون به الحجارة.
وكان سليمان عليه السلام إذا أراد أن يدخل الخلاء أو الحمام لم يدخل بخاتمه. فانطلق يوماً إلى الحمام، وذلك الشيطان صخر معه، فدخل الحمام، وأعطى الشيطان خاتمه، فألقاه في البحر، فالتقمته سمكة، ونزع ملك سليمان عليه السلام منه، وألقى على الشيطان شبه سليمان، فجاء فقعد على كرسيه، وسلط على ملك سليمان كله غير نسائه، فجعل يقضي بينهم أربعين يوماً حتى وجد سليمان عليه السلام خاتمه في بطن السمكة فأقبل، فجعل لا يستقبله جني ولا طير إلا سجد له حتى انتهى إليهم ﴿ وألقينا على كرسيه جسداً ﴾ قال : هو الشيطان صخر ﴿ ثم أناب ﴾ قال : تاب ثم أقبل يعني سليمان.
وكان سليمان عليه السلام يستطعم فيقول : أتعرفوني أنا سليمان؟ فيكذبوه حتى أعطته امرأة يوماً حوتاً، وطيب بطنه، فوجد خاتمه في بطنه، فرجع إليه ملكه، وفر الشيطان فدخل البحر فاراً.
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه بسند ضعيف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« ولد لسليمان ولد فقال للشيطان : تواريه من الموت؟ قالوا نذهب به إلى المشرق. فقال يصل إليه الموت. قالوا فإلى المغرب. قال يصل إليه. قالوا إلى البحار. قال يصل إليه الموت. قال نضعه بين السماء والأرض، ونزل عليه ملك الموت فقال : إني أمرت بقبض نسمة طلبتها في البحار، وطلبتها في تخوم الأرض؛ فلم أصبها، فبينا أنا صاعد أصبتها، فقبضتها وجاء جسده حتى وقع على كرسي سليمان، فهو قول الله ﴿ ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب ﴾ ».
وقال ابن سعد رضي الله عنه، أخبرنا الواقدي، حدثنا معشر عن المقبري : أن سليمان بن داود عليه السلام قال : لأطوفن الليلة بمائة امرأة من نسائي، فتأتي كل امرأة منهن بفارس يجاهد في سبيل الله. ولم يستثنِ ولو استثنى لكان، فطاف على مائة امرأة، فلم تحمل امرأة إلا امرأة واحدة، حملت بشق إنسان ولم يكن شيء أحب إلى سليمان من تلك الشقة.
قال وكان أولاده يموتون، فجاء ملك الموت في صورة رجل، فقال له سليمان عليه السلام : إن استطعت أن تؤخر إبني هذا ثمانية أيام إذا جاءه أجله فقال : لا. ولكن أخبرك قبل موته بثلاثة أيام. قال لمن عنده من الجن : أيكم يُخَبِّىء لي إبني هذا؟ قال أحدهم؟ أنا أخبؤه لك في المشرق قال : ممن تخبئوه؟ قال : من ملك الموت. قال يبصره. قال آخر : أنا أخبؤه لك بين قرينين لا يريان. قال سليمان عليه السلام إن كان شيء فهذا.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : بينما سليمان بن داود جالساً على شاطىء البحر، وهو يعبث بخاتمه إذ سقط منه في البحر، وكان ملكه في خاتمه، فانطلق وخلف شيطاناً في أهله، فأتى عجوزاً، فأوى إليها، فقالت له العجوز : إن شئت أن تنطلق فتطلب وأكفيك عمل البيت، وإن شئت أن تكفيني عمل البيت وانطلق فالتمس. قال : فانطلق يلتمس، فأتى قوماً يصيدون السمك، فجلس إليهم، فنبذوا سمكات، فانطلق بهن حتى أتى العجوز، فأخذت تصلحه، فشقت بطن سمكة، فإذا فيها الخاتم، فأخذته وقالت لسليمان عليه السلام : ما هذا؟ فأخذه سليمان عليه السلام، فلبسه، فأقبلت إليه الشياطين، والانس، والجن، والطير، والوحش، وهرب الشيطان الذي خلف في أهله، فأتى جزيرة في البحر، فبعث إليه الشياطين فقالوا : لا نقدر عليه أنه يرد عيناً في جزيرة في البحر في سبعة أيام، ولا نقدر عليه حتى يسكر.
قال فصب له في تلك العين خمراً، فأقبل فشرب فسكر، فأروه الخاتم فقال : سمعاً وطاعة، فأوثقه سليمان عليه السلام، ثم بعث به إلى جبل، فذكروا أنه جبل الدخان، فالدخان الذي يرون من نفسه، والماء الذي يخرج من الجبل بوله.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن ﴿ وألقينا على كرسيه جسداً ﴾ قال : هو الشيطان. دخل سليمان عليه السلام الحمام، فوضع خاتمه عند امرأة من أوثق نسائه في نفسه، فأتاها الشيطان، فتمثل لها على صورة سليمان عليه السلام، فأخذ الخاتم منها، فلما خرج سليمان عليه السلام أتاها فقال لها : هاتي الخاتم فقالت : قد دفعته إليك. قال ما فعلت.. ! فهرب سليمان عليه السلام وجلس الشيطان على ملكه، وانطلق سليمان عليه السلام هارباً في الأرض يتتبع ورق الشجر خمسين ليلة، فأنكر بنو إسرائيل أمر الشيطان، فقال بعضهم لبعض : هل تنكرون من أمر ملككم ما ننكر عليه؟ قالوا : نعم. قال أما لقد هلكتم أنتم العامة، وأما قد هلك ملككم، فقالوا : والله ان عندكم من هذا الخبر، نساؤه معكم، فاسألوهن، فإن كن أنكرن ما أنكرنا فقد ابتلينا. فسألوهن، فقلن : أي والله لقد أنكرنا.
فلما انقضت مدته انطلق سليمان عليه السلام حتى أتى ساحل البحر، فوجد صيادين يصيدون السمك، فصادوا سمكاً كثيراً غلبهم بعضه، فألقوه فأتاهم سليمان عليه السلام، فاستطعمهم، فأعطوه تلك الحيتان قال : لا بل أطعموني من هذا، فأبوا فقال : أطعموني فإني سليمان، فوثب إليه بعضهم بالعصا فضربه غضباً لسليمان، فأتى إلى تلك الحيتان التي ألقوا، فأخذ منها حوتين، فانطلق بهما إلى البحر، فغسلهما فشق بطن أحدهما، فإذا فيه الخاتم، فأخذه فجعله في يده، فعاد في ملكه، فجاءه الصيادون يبيعون إليه فقال لهم : لقد كنت استطعمتكم فلم تطعموني، فلم أظلمكم إذا هنتموني، ولم أحمدكم إذا أكرمتموني.
وخرج عليها شيطان في صورة سليمان، فدفعت الخاتم إليه، فضاق ذرعاً به، فألقاه في البحر، فالتقمته سمكة، فخرج سليمان عليه السلام على امرأته، فسألها الخاتم فقالت : قد دفعته إليك. فعلم سليمان عليه السلام أنه قد ابتلى، فخرج وترك ملكه، ولزم البحر، فجعل يجوع، فأتى يوماً على صيادين قد صادوا سمكاً بالأمس فنبذوه، وصادوا يومهم سمكاً فهو بين أيديهم، فقام عليهم سليمان عليه السلام فقال : أطعموني بارك الله فيكم، فإني ابن سبيل، فلم يلتفتوا إليه، ثم عاد فقال لهم : مثل ذلك، فرفع رجل منهم رأسه إليه فقال : ائت ذلك السمك فخذ منه سمكة، فأتاه سليمان عليه السلام فأخذ منه أدنى سمكة، فلما أخذها إذا فيها ريح، فأتى بها البحر، فغسلها وشق بطنها فإذا هو بخاتمه، فحمد الله وأخذه فتختم به، ونطق كل شيء كان حوله من جنوده، وفزع الصيادون لذلك، فقاموا إليه، وحيل بينهم ولم يصلوا إليه، ورد الله إليه ملكه.
وأخرج عبد بن حميد والحكيم الترمذي من طريق علي بن زيد عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه أن سليمان بن داود عليه السلام احتجب عن الناس ثلاثة أيام، فأوحى الله إليه أن يا سليمان احتجبت عن الناس ثلاثة أيام، فلم تنظر في أمور العباد، ولم تنصف مظلوماً من ظالم.
وكان ملكه في خاتمه، وكان إذا دخل الحمام وضع خاتمه تحت فراشه. فجاء الشيطان فأخذه، فأقبل الناس على الشيطان فقال سليمان : يا أيها الناس أنا سليمان نبي الله، فدفعوه، فساح أربعين يوماً، فأتى أهل سفينة، فأعطوه حوتاً فشقها، فإذا هو بالخاتم فيها، فتختم به، ثم جاء فأخذ بناصيته فقال عند ذلك ﴿ رب هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي ﴾.
قال وكان أول من أنكره نساؤه. فقال بعضهم لبعض : أتنكرون منه شيئاً؟ قلن : نعم. وكان يأتيهن وهن حيض فقال علي : فذكرت ذلك للحسن فقال : ما كان الله يسلطه على نسائه.
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الرحمن بن رافع رضي الله عنه قال : بلغني أن رسول الله ﷺ :« حدث عن فتنة سليمان عليه السلام قال : إنه كان في قومه رجل كعمر بن الخطاب في أمتي، فلما أنكر حال الجان الذي كان مكانه أرسل إلى أفاضل نسائه، فقال : هل تنكرن من صاحبكن شيئاً؟ قلن : نعم. كان لا يأتينا حيضاً، وهذا يأتينا حيضاً، فاشتمل على سيفه ليقتله، فرد الله على سليمان ملكه، فأقبل فوجده في مكانه، فأخبره بما يريد ».
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ وألقينا على كرسيه جسداً ﴾ قال : الجسد الشيطان الذي كان دفع إليه سليمان خاتمه شيطاناً يقال له آصف.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ وألقينا على كرسيه جسداً ﴾ قال : الشيطان حين جلس على كرسيه أربعين يوماً. كان لسليمان عليه السلام مائة امرأة، وكانت امرأة منهن يقال لها جرادة، وهي آثر نسائه عنده وآمنهن، وكان إذا أجنب أو أتى حاجة نزع خاتمه، ولم يأتمن عليه أحداً من الناس غيرها، فجاءته يوماً من الأيام فقالت : إن أخي بينه وبين فلان خصومة، وأنا أحب أن تقضي له إذا جاءك فقال : نعم. ولم يفعل، وابتلى فأعطاها خاتمه، ودخل المخرج، فخرج الشيطان في صورته فقال : هات الخاتم. فأعطته فجاء حتى جلس على مجلس سليمان، وخرج سليمان عليه السلام بعد، فسألها أن تعطيه خاتمه، فقالت : ألم تأخذه قبل؟ قال : لا.
قال وخرج مكانه تائهاً، ومكث الشيطان يحكم بين الناس أربعين يوماً، فأنكر الناس أحكامه، فاجتمع قراء بني إسرائيل وعلماؤهم، فجاؤوا حتى دخلوا على نسائه فقالوا : إنا قد أنكرنا هذا، وأقبلوا يمشون حتى أتوه، فأحدقوا به، ثم نشروا فقرأوا التوراة، فطار من بين أيديهم حتى وقع على شرفة والخاتم معه، ثم طار حتى ذهب إلى البحر، فوقع الخاتم منه في البحر، فابتلعه حوت من حيتان البحر.
وأقبل سليمان في حالته التي كان فيها حتى انتهى إلى صياد من صيادي البحر وهو جائع، فاستطعمه من صيدهم، فأعطاه سمكتين، فقام إلى شط البحر، فشق بطونهما، فوجد خاتمه في بطن إحداهما، فأخذه فلبسه، فرد الله عليه بهاءه وملكه. فأرسل إلى الشيطان، فجيء به فأمر به، فجعل في صندوق من حديد، ثم أطبق عليه، وأقفل عليه بقفل، وختم عليه بخاتمه، ثم أمر به فألقي في البحر. فهو فيه حتى تقوم الساعة، وكان اسمه حبقيق.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه في قوله ﴿ ثم أناب ﴾ قال : دخل سليمان على امرأة تبيع السمك، فاشترى منها سمكة، فشق بطنها، فوجد خاتمه، فجعل لا يمر على شجرة، ولا على شيء إلا سجد له، حتى أتى ملكه وأهله. فذلك قوله ﴿ ثم أناب ﴾ يقول : ثم رجع.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي ﴾ يقول : لا أسلبه كما سلبته.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه ﴿ رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي ﴾ قال : لا تسلبنيه كما سلبتنيه.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال :« عرض لي الشيطان في مصلاي الليلة كأنه هرُّكم هذا، فأردت أن أحبسه حتى أصبح، فذكرت دعوة أخي سليمان ﴿ رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي ﴾ فتركته ».
وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم والنسائي والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« إن عفريتاً جعل يتلفت علي البارحة ليقطع عليَّ صلاتي، وإن الله تعالى أمكنني منه، فلقد هممت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا، فتنظروا إليه كلكم، فذكرت قول أخي سليمان ﴿ رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي ﴾ فرده الله خاسئاً ».
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه، أن النبي ﷺ قال :« بينا أنا قائم أصلي اعترض الشيطان، فأخذت حلقه، فخنقته حتى أني لأجد برد لسانه على ابهامي، فيرحم الله سليمان لولا دعوته لأصبح مربوطاً تنظرون إليه ».
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« خرجت لصلاة الصبح، فلقيني شيطان في السدة. سدة المسجد، فزحمني حتى أني لأجد مس شعره، فاستمكنت منه، فخنقته حتى أني لأجد برد لسانه على يدي، فلولا دعوة أخي سليمان عليه السلام لأصبح مقتولاً تنظرون إليه ».
وأخرج أحمد عن أبي سعيد رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ :« قام يصلي صلاة الصبح فقرأ، فألبست عليه القراءة، فلما فرغ من صلاته قال : لو رأيتموني وإبليس. فأهويت بيدي، فما زلت أخنقه حتى وجدت برد لعابه بين أصبعي هاتين، الإِبهام والتي تليها، ولولا دعوة أخي سليمان لأصبح مربوطاً بسارية من سواري المسجد، فتلاعب به صبيان المدينة ».
وأخرج الطبراني عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« إن الشيطان أراد أن يمر بين يدي، فخنقته حتى وجدت برد لسانه على يدي. وأيم الله لولا ما سبق إليه أخي سليمان لربطته إلى سارية من سواري المسجد حتى يطيف به ولدان أهل المدينة ».
وأخرج الحاكم في المستدرك عن عمر بن علي بن حسين قال : مشيت مع عمي وأخي جعفر فقلت : زعموا أن سليمان عليه السلام سأل ربه أن يهبه ملكاً قال : حدثني أبي، عن أبيه، عن علي، عن النبي ﷺ قال :« لن يعمر ملك في أمة نبي مضى قبله ما بلغ بذلك النبي ﷺ من العمر في أمته ».
وأخرج عبد بن حميد عن وهب بن منبه رضي الله عنه، أنه ذكر من ملك سليمان، وتعظيم ملكه، أنه كان في رباطه اثنا عشر ألف حصان، وكان يذبح على غدائه كل يوم سبعين ثوراً، سوى الكباش، والطير، والصيد. فقيل لوهب : أكان يسع هذا ماله؟! قال : كان إذا ملك الملك على بني إسرائيل اشترط عليهم أنهم رقيقه، وإن أموالهم له؛ ما شاء أخذ منها، وما شاء ترك.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي خالد البجلي رضي الله عنه قال : بلغني أن سليمان عليه السلام ركب يوماً في موكبه، فوضع سريره فقعد عليه، وألقيت كراسي يميناً وشمالاً، فقعد الناس عليها يلونه، والجن وراءهم، ومردة الجن والشياطين وراء الجن. فأرسل إلى الطير، فأظلته بأجنحتها، وقال للريح : احملينا يريد بعض مسيره، فاحتملته الريح وهو على سريره، والناس على كراسيهم يحدثهم ويحدثونه، لا يرتفع كرسي ولا يتضع، والطير تظلهم.
وكان موكب سليمان يسمع من مكان بعيد، ورجل من بني إسرائيل آخذ مسحاته في زرع له، قائماً يهيئه إذ سمع الصوت فقال : إن هذا الصوت ما هو إلا لموكب سليمان وجنوده، فحان من سليمان التفاتة وهو على سريره، فإذا هو برجل يشتد يبادر الطريق فقال عليه السلام في نفسه : إن هذا الرجل ملهوف، أو طالب حاجة، فقال للريح حين وقفت به : قفي.. فوقفت به وبجنود حتى انتهى إليه الرجل وهو منبهر، فتركه سليمان حتى ذهب بهره، ثم أقبل عليه فقال ألك حاجة؟ وقد وقف عليه الخلق فقال : الحاجة جاءت بي إلى هذا المكان يا رسول الله.
فجلس سليمان عليه السلام ينظر في قفاه، ويتفكر فيما قاله، ثم قال للريح إمضي بنا، فمضت به قال الله ﴿ رخاء حيث أصاب ﴾ قال : الرخاء التي ليست بالعاصف، ولا باللينة وسطاً، قال الله تعالى ﴿ غدوها شهر ورواحها شهر ﴾ [ سبأ : ١٢ ] ليست بالعاصف التي تؤذيه، ولا باللينة التي تشق عليه.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن سلمان بن عامر الشيباني رضي الله عنه قال : بلغني أن رسول الله ﷺ قال :« أرأيتم سليمان، وما أعطاه الله تعالى من ملكه، فلم يكن يرفع طرفه إلى السماء تخشعاً حتى قبضه الله تعالى ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« ما رفع سليمان عليه السلام طرفه إلى السماء تخشعاً حيث أعطاه الله تعالى ما أعطاه ».
وأخرج أحمد في الزهد عن عطاء رضي الله عنه قال : كان سليمان عليه السلام يعمل الخوص بيده، ويأكل خبز الشعير، ويطعم بني إسرائيل الحواري.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن المنذر وابن عساكر عن صالح بن سمار رضي الله عنه قال : بلغني أنه لما مات داود عليه السلام، أوحى الله تعالى إلى سليمان ﷺ « سلني حاجتك قال : أسألك أن تجعل قلبي يخشاك كما كان قلب أمي، وأن تجعل قلبي يحبك كما كان قلب أبي. فقال : أرسلت إلى عبدي أسأله حاجته، فكانت حاجته أن أجعل قلبه يخشاني، وأن أجعل قلبه يحبني، لأهبن له ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده قال الله تعالى ﴿ فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب ﴾ والتي بعدها مما أعطاه، وفي الآخرة لا حساب عليه ».
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ﴿ فسخرنا له الريح.. ﴾ قال : لم يكن في ملكه يوم دعا الريح والشياطين.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه قال : لما عقر سليمان عليه السلام الخيل أبدله الله خيراً منها، وأمر الريح تجري بأمره كيف يشاء ﴿ رخاء ﴾ قال : ليست بالعاصف، ولا باللينة بين ذلك. وأخرج ابن المنذر عن الحسن وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ تجري بأمره رخاء ﴾ قال : مطيعة له حيث أراد.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ رخاء ﴾ قال : لينة ﴿ حيث أصاب ﴾ قال : حيث أراد ﴿ والشياطين كل بناء ﴾ قال : يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل ﴿ وغواص ﴾ قال : يستخرجون له الحلى من البحر ﴿ وآخرين مقرنين في الأصفاد ﴾ قال : مردة الشياطين في الأغلال.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ﴿ رخاء ﴾ قال : الطيبة ﴿ والشياطين كل بناء وغواص ﴾ قال : يغوص للحلية ﴿ وبناء ﴾ بنوا لسليمان قصراً على الماء فقال : اهدموه من غير أن تمسه الأيدي. فرموه بالفادقات حتى وضعوه، فبقيت لنا منفعته بعدهم، فكان من عمل الجن، وبقيت لنا منفعة السياط، كان يضرب الجن بالخشب، فيكسر أيديها وأرجلها، فقالوا هل توجعنا فلا تكسرنا؟ قال : نعم. فدلوه على السياط، والتمويه أمر الجن فموهت على ثم أمر به، فألقى على الأساطين تحت قوائم خيل بلقيس، والقارورة لما أخرج الأعور شيطان البحر حيث أراد بناء بيت المقدس قال الأعور : ابتغوا لي بيضة هدهد، ثم قال اجعلوا عليها قارورة، فجاء الهدهد، فجعل يرى بيضته وهو لا يقدر عليها، ويطيف بها فانطلق فجاء بماسة مثل هذه، فوضعها على القارورة، فانشقت فانشق بيت المقدس بتلك الماسة والقذافة. وكان في البحر كنز، فدلوا عليه سليمان عليه السلام، وزعموا أن سليمان عليه السلام يدخل الجنة بعد الأنبياء بأربعين سنة لما أعطيَ من الملك في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ﴿ هذا عطاؤنا ﴾ قال : كل هذا أعطاه إياه بعد رد الخاتم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ فامنن ﴾ يقول : اعتق من الجن من شئت ﴿ أو أمسك ﴾ منهم من شئت.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ هذا عطاؤنا... ﴾ قال الحسن : الملك الذي أعطيناك، فأعط ما شئت، وامنع ما شئت، فليس لك تبعة، ولا حساب عليك في ذلك.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب ﴾ قال : بغير حرج، إن شئت أمسكت، وإن شئت أعطيت.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه في الآية قال : ما أعطيت، أو أمسكت، فليس عليك فيه حساب.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال : ما من نعمة أنعم الله على عبد إلا وقد سأله فيها الشكر إلا سليمان بن داود عليه السلام. قال الله لسليمان عليه السلام ﴿ فامنن أو أمسك ﴾ بغير حساب.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال : إن الله أعطى سليمان عليه السلام ملكاً هنيئاً فقال الله ﴿ هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب ﴾ قال : إن أعطيَ أجر، وإن لم يعط لم يكن عليه تبعة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب ﴾ أي حسن مصير.
وأخرج ابن المنذر عن أبي صالح رضي الله عنه ﴿ وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب ﴾ قال : الزلفى القرب ﴿ وحسن مآب ﴾ قال : المرجع.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ بنصب وعذاب ﴾ قال ﴿ بنصب ﴾ الضر في الجسد، ﴿ وعذاب ﴾ قال : في المال.
وأخرج أحمد في الزهد وابن أبي حاتم وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أن الشيطان عرج إلى السماء قال : يا رب سلطني على أيوب عليه السلام قال الله : قد سلطتك على ماله وولده، ولم أسلطك على جسده. فنزل فجمع جنوده فقال لهم : قد سلطت على أيوب عليه السلام، فأروني سلطانكم، فصاروا نيراناً، ثم صاروا ماء، فبينما هم بالمشرق إذا هم بالمغرب، وبينما هم بالمغرب إذا هم بالمشرق، فأرسل طائفة منهم إلى زرعه، وطائفة إلى أهله، وطائفة إلى بقره، وطائفة إلى غنمه، وقال : إنه لا يعتصم منكم إلا بالمعروف. فأتوه بالمصائب بعضها على بعض. فجاء صاحب الزرع فقال : يا أيوب ألم تر إلى ربك أرسل على زرعك عدوّاً، فذهب به. وجاء صاحب الإِبل فقال : يا أيوب ألم تر إلى ربك أرسل على إبلك عدواً، فذهب بها؟ ثم جاءه صاحب البقر فقال : ألم تر إلى ربك أرسل على بقرك عدواً، فذهب بها؟ وتفرد هو ببنيه جمعهم في بيت أكبرهم.
فبينما هم يأكلون ويشربون اذهبت ريح، فأخذت بأركان البيت، فألقته عليهم، فجاء الشيطان إلى أيوب بصورة غلام فقال : يا أيوب ألم تر إلى ربك جمع بنيك في بيت أكبرهم؟ فبينما هم يأكلون ويشربون اذهبت ريح، فأخذت باركان البيت، فألقته عليهم، فلو رأيتهم حين اختلطت دماؤهم ولحومهم بطعامهم وشرابهم. فقال له أيوب : أنت الشيطان، ثم قال له أنا اليوم كيوم ولدتني أمي، فقام فحلق رأسه، وقام يصلي، فرن إبليس رنة سمع بها أهل السماء، وأهل الأرض، ثم خرج إلى السماء فقال : أي رب انه قد اعتصم، فسلطني عليه، فإني لا أستطيعه إلا بسلطانك قال : قد سلطتك على جسده، ولم أسلطك على قلبه.
فنزل فنفخ تحت قدمه نفخة قرح ما بين قدميه إلى قرنه، فصار قرحة واحدة، وألقي على الرماد حتى بدا حجاب قلبه، فكانت امرأته تسعى إليه حتى قالت له : أما ترى يا أيوب نزل بي والله من الجهد والفاقة ما أن بعت قروني برغيف. فأطعمك، فادع الله أن يشفيك ويريحك قال : ويحك.. ! كنا في النعيم سبعين عاماً، فأصبري حتى نكون في الضر سبعين عاماً، فكان في البلاء سبع سنين، ودعا فجاء جبريل عليه السلام يوماً، فأخذ بيده، ثم قال : قم.
وأخرج أحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن إبليس قعد على الطريق، فاتخذ تابوتاً يداوي الناس فقالت امرأة أيوب : يا عبدالله إن ههنا مبتلي من أمره كذا وكذا.. فهل لك أن تداويه؟ قال : نعم. بشرط إن أنا شفيته أن يقول أنت شفيتني لا أريد منه أجراً غيره. فأتت أيوب عليه السلام فذكرت ذلك له فقال : ويحك.. ! ذاك الشيطان لله عليَّ إن شفاني الله تعالى أن أجلدك مائة جلدة، فلما شفاه الله تعالى أمره أن يأخذ ضغثاً فأخذ عذقاً فيه مائة شمراخ، فضرب بها ضربة واحدة.
وأخرج ابن أبي حاتم قال : الشيطان الذي مس أيوب يقال له مسوط. فقالت امرأة أيوب ادع الله يشفيك، فجعل لا يدعو حتى مر به نفر من بني إسرائيل فقال بعضهم لبعض : ما أصابه ما أصابه إلا بذنب عظيم أصابه، فعند ذلك قال :﴿ ربِ أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ﴾ [ الأنبياء : ٨٣ ].
وأخرج ابن المنذر عن ابن جرير رضي الله عنه في قوله ﴿ اركض برجلك هذا ﴾ الماء ﴿ مغتسل بارد وشراب ﴾ قال : ركض رجله اليمنى فنبعت عين، وضرب بيده اليمنى خلف ظهره فنبعت عين، فشرب من إحداهما واغتسل من الأخرى.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : ضرب برجله أرضاً يقال لها الحمامة، فإذا عينان ينبعان فشرب من إحداهما واغتسل من الأخرى.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن رضي الله عنه أن نبي الله أيوب عليه السلام لما اشتد به البلاء إما دعا وإما عرض بالدعاء، فأوحى الله تعالى إليه ﴿ أن اركض برجلك ﴾ فنبعت عين، فاغتسل منها فذهب ما به، ثم مشى أربعين ذراعاً، ثم ضرب برجله فنبعت عين فشرب منها.
وأخرج أحمد في الزهد عن عبد الرحمن بن جبير رضي الله عنه قال : ابتلى أيوب عليه السلام بماله وولده وجسده وطرح في المزبلة، فجعلت امرأته تخرج فتكتسب عليه ما تطعمه، فحسده الشيطان بذلك فكان يأتي أصحاب الخير والغنى الذين كانوا يتصدقوا عليها فيقول : اطردوا هذه المرأة التي تغشاكم فإنها تعالج صاحبها وتلمسه بيدها، فالناس يتقذرون طعامكم من أجلها انها تأتيكم وتغشاكم، فجعلوا لا يدنونها منهم ويقولون : تباعدي عنا ونحن نطعمك ولا تقربينا، فأخبرت بذلك أيوب عليه السلام، فحمد الله تعالى على ذلك وكان يلقاها إذا خرجت كالمتحزن بما لقي أيوب فيقول : لج صاحبك وأبى إلا ما أبى الله، ولو تكلم بكلمة واحدة تكشف عنه كل ضر، ولرجع إليه ماله وولده. فتجيء فتخبر أيوب فيقول لها : لقيك عدوّ الله فلقنك هذا الكلام لئن أقامني الله من مرضي لأجلدنك مائة. فلذلك قال الله تعالى ﴿ وخذ بيدك ضغثاً فاضرب به ولا تحنث ﴾ يعني بالضغث القبضة من الكبائس.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ وخذ بيدك ضغثاً ﴾ قال : الضغث القبضة من المرعى الطيب.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ وخذ بيدك ضغثاً ﴾ قال : حزمة.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه أنه بلغه أن أيوب عليه السلام حلف ليضربن امرأته مائة في أن جاءته في زيادة على ما كانت تأتي به من الخبز الذي كانت تعمل عليه وخشي أن تكون قارفت من الخيانة، فلما رحمه الله وكشف عنه الضر علم براءة امرأته مما اتهمها به، فقال الله تعالى ﴿ وخذ بيدك ضغثاً فاضرب به ولا تحنث ﴾ فأخذ ضغثاً من ثمام وهو مائة عود، فضرب به كما أمره الله تعالى.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ وخذ بيدك ضغثاً ﴾ قال : هي لأيوب عليه السلام خاصة وقال عطاء : هي للناس عامة.
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه ﴿ وخذ بيدك ضغثاً ﴾ قال : جماعة من الشجر وكانت لأيوب عليه السلام خاصة، وهي لنا عامة.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ وخذ بيدك ضغثاً.. ﴾. وذلك أنه أمره أن يأخذ ضغثاً فيه مائة طاق من عيدان القت، فيضرب به امرأته لليمين التي كان يحلف عليها قال : ولا يجوز ذلك لأحد بعد أيوب إلا الأنبياء عليهم السلام.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال :« حملت وليدة في بني ساعدة من زنا فقيل لها : ممن حملك؟ قالت : من فلان المقعد، فسأل المقعد فقال صدقت، فرفع ذلك إلى رسول الله ﷺ فقال :» خذوا له عثكولاً فيه مائة شمراخ، فاضربوه به ضربة واحدة « ففعلوا ».
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن جرير والطبراني وابن عساكر من طريق أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال :« كان في أبياتنا إنسان ضعيف مجدع، فلم يرع أهل الدار إلا وهو على أمة من إماء أهل الدار يعبث بها، وكان مسلماً فرفع سعد رضي الله عنه شأنه إلى رسول الله ﷺ فقال :» اضربوه حده فقالوا يا رسول الله : إنه أضعف من ذلك ان ضربناه مائة قتلناه قال : فخذوا له عثكالاً فيه مائة شمراخ، فاضربوه ضربة واحدة وخلوا سبيله « ».
وأخرج الطبراني عن سهل بن سعد أن النبي ﷺ أتى بشيخ قد ظهرت عروقه قد زنى بامرأة، فضربه بضغث فيه مائة شمراخ ضربة واحدة.
أما قوله تعالى :﴿ إنا وجدناه صابراً نعم العبد ﴾.
أخرج ابن عساكر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : أيوب عليه السلام رأس الصابرين يوم القيامة.
وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن العاصي رضي الله عنه قال : نودي أيوب عليه السلام يا أيوب لولا أفرغت مكان كل شعرة منك صبراً ما صبرت.
وأخرج ابن عساكر عن ليث بن أبي سليمان رضي الله عنه قال : قيل لأيوب عليه السلام لا تعجب بصبرك، فلولا أني أعطيت موضع كل شعرة منك صبراً ما صبرت.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة أيوب قالت : يا أيوب إنك رجل مجاب الدعوة، فادع الله أن يشفيك فقال : ويحك.. ! كنا في النعماء سبعين عاماً، فدعينا نكون في البلاء سبع سنين.
وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : زوجة أيوب عليه السلام رحمة رضي الله عنها بنت ميشا بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن الحسن رضي الله عنه قال : كان أيوب عليه السلام كلما أصابه مصيبة قال : اللهم أنت أخذت، وأنت أعطيت مهما تبقى نفسك أحمدك على حسن بلائك.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ ﴿ واذكر عبادنا ﴾ على الجمع إبراهيم وإسحاق ويعقوب.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ أولي الأيدي ﴾ قال : القوة في العبادة ﴿ والأبصار ﴾ قال : البصر في أمر الله.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه ﴿ أولي الأيدي والأبصار ﴾ قال : أما اليد فهو القوة في العمل، وأما الأبصار فالبصر ما هم فيه من أمر دينهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ أولي الأيدي ﴾ قال : القوة في أمر الله ﴿ والأبصار ﴾ قال : العقل.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ﴿ أولي الأيدي والأبصار ﴾ قال : أولي القوة في العبادة ونصراً في الدين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار ﴾ قال : اخلصوا بذلك وبذكرهم دار يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار ﴾ قال : بذكر الآخرة، وليس لهم هم ولا ذكر غيرها.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه ﴿ إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار ﴾ قال : لهذه أخلصهم الله تعالى كانوا يدعون إلى الآخرة وإلى الله تعالى.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن ﴿ إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار ﴾ قال : بفضل أهل الجنة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير ﴿ ذكرى الدار ﴾ قال : عقبى الدار.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ « واليسع » خفيفة. وعن الأعمش أنه قرأ « اليسع » مشددة.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن محمد بن كعب في قوله ﴿ وعندهم قاصرات الطرف أتراب ﴾ قال : قصرن طرفهن على أزواجهن، فلا يردن غيرهن ﴿ أتراب ﴾ قال : سن واحد.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس في قوله ﴿ أتراب ﴾ قال : أمثال.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ إن هذا لرزقنا ما له من نفاد ﴾ أي من انقطاع ﴿ هذا فليذقوه حميم وغساق ﴾ قال : كنا نحدث أن الغساق ما يسيل من بين جلده ولحمه ﴿ وآخر من شكله أزواج ﴾ قال : من نحوه أزواج من العذاب.
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد عن أبي رزين قال : الغساق ما يسيل من صديدهم.
وأخرج هناد عن عطية في قوله ﴿ وغساق ﴾ قال : الذي يسيل من جلودهم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله ﴿ وغساق ﴾ قال : الزمهرير ﴿ وآخر من شكله ﴾ قال : نحوه ﴿ أزواج ﴾ قال : ألوان من العذاب.
وأخرج هناد بن السري في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال : الغساق الذي لا يستطيعون أن يذوقوه من شدة برده.
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن بريدة قال : الغساق المنتن، وهو بالطخاوية.
وأخرج أحمد والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور عن أبي سعيد قال : قال رسول الله ﷺ :« لو أن دلواً من غساق يُهْرَاقُ في الدنيا لأنتن أهل الدنيا ».
وأخرج ابن جرير عن كعب قال :﴿ غساق ﴾ عين في جهنم يسيل إليها حمة كل ذات حمة من حية أو عقرب أو غيرها فليستنقع.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله ﴿ وآخر من شكله أزواج ﴾ قال : الزمهرير.
وأخرج عبد بن حميد عن مرة قال : ذكروا الزمهرير فقال ﴿ وآخر من شكله أزواج ﴾ فقالوا لعبد الله : إن للزمهرير برداً فقرأ هذه الآية ﴿ لا يذوقون فيها برداً ولا شراباً إلا حميماً وغساقاً ﴾ [ النبأ : ٢٤-٢٥ ].
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن الحسن في قوله ﴿ وآخر من شكله أزواج ﴾ قال : ألوان من العذاب.
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : ذكر الله العذاب، فذكر السلاسل، والأغلال، وما يكون في الدنيا ثم قال ﴿ وآخر من شكله أزواج ﴾ قال : آخر لم ير في الدنيا.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد أنه قرأ ﴿ وآخر من شكله ﴾ برفع الألف ونصب الخاء.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ ﴿ وآخر من شكله ﴾ ممدودة منصوبة الألف.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله ﴿ هذا فوج مقتحم معكم ﴾ إلى قوله ﴿ فبئس القرار ﴾ قال : هؤلاء الأتباع يقولونه للرؤوس.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود في قوله ﴿ فزده عذاباً ضعفاً في النار ﴾ قال : أفاعي وحيات.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله ﴿ ما لنا لا نرى رجالاً كنا نعدهم من الأشرار ﴾ قال : عبد الله بن مسعود ومن معه.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن شمر بن عطية ﴿ وقالوا ما لنا لا نرى رجالاً... ﴾ قال أبو جهل في النار : أين خباب؟ أين صهيب؟ أين بلال؟ أين عمار؟
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة ﴿ وقالوا ما لنا لا نرى رجالاً كنا نعدهم من الأشرار ﴾ قال : فقدوا أهل الجنة ﴿ أتخذناهم سخرياً أم زاغت عنهم الأبصار ﴾ قال : أم هم معنا في النار ولا نراهم ﴿ زاغت ﴾ أبصارنا عنهم فلم ترهم حين أدخلوا النار.
وأخرج عبد بن حميد في الابانة ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة وابن جرير عن قتادة ﴿ قل هو نبأ عظيم ﴾ قال : إنكم تراجعون نبأ عظيماً فأعقلوه عن الله ﴿ ما كان لي من علم بالملإِ الأعلى إذ يختصمون ﴾ قال : هم الملائكة عليهم السلام كانت خصومتهم في شأن آدم عليه السلام ﴿ إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ﴾ [ البقرة : ٣٠ ] إلى قوله ﴿ إني خالق بشراً من طين فإذا سوّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ﴾ [ البقرة : ٣٠ ] ففي هذا اختصم الملأ الأعلى.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ ما كان لي من علم بالملإِ الأعلى ﴾ قال : الملائكة حين شووروا في خلق آدم عليه السلام فاختصموا فيه : قالوا أتجعل في الأرض خليفة.
وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ ما كان لي من علم بالملإِ الأعلى إذ يختصمون ﴾ قال : هي الخصومة في شأن آدم ﴿ أتجعل فيها من يفسد فيها ﴾.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« هل تدرون فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال : يختصمون في الكفارات الثلاث : اسباغ الوضوء في المكروهات، والمشي على الأقدام إلى الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ».
وأخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه ومحمد بن نصر رضي الله عنه في كتاب الصلاة قال : قال رسول الله ﷺ :« أتاني ربي الليلة في أحسن صورة أحسبه قال في المنام قال : يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت لا. فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي أو في نحري، فعلمت ما في السموات وما في الأرض ثم قال : يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : نعم. في الكفارات، والمكث في المسجد بعد الصلوات، والمشي على الأقدام إلى الجماعات، واسباغ الوضوء في المكاره، ومن فعل ذلك عاش بخير وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه، وقل يا محمد إذا صليت : اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون. قال : والدرجات. افشاء السلام، واطعام الطعام، والصلاة بالليل والناس نيام ».
وأخرج الترمذي وصححه ومحمد بن نصر والطبراني والحاكم وابن مردويه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : احتبس عنا رسول الله ﷺ ذات غداة من صلاة الصبح حتى كدنا نتراءى عين الشمس، فخرج سريعاً فثوّب بالصلاة، فصلى رسول الله ﷺ، فلما سلم دعا بسوطه فقال :
وأخرج الطبراني في السنة وابن مردويه عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« إن الله تجلى لي في أحسن صورة فسألني فيم يختصم الملائكة؟ قلت : يا رب ما لي به علم. فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي. فما سألني عن شيء إلا علمته قلت : في الدرجات، والكفارات، واطعام الطعام، وافشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام ».
وأخرج الطبراني في السنة وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه « أن رسول الله ﷺ قال : رأيت ربي في أحسن صورة قال : يا محمد فقلت لبيك ربي وسعيدك ثلاث مرات. قال : هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : لا. فوضع يده بين كتفي، فوجدت بردها بين ثديي، ففهمت الذي سألني عنه فقلت : نعم يا رب. يختصمون في الدرجات، والكفارات. قلت : الدرجات : اسباغ الوضوء بالسبرات، والمشي على الأقدام إلى الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، والكفارات : اطعام الطعام، وافشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام ».
وأخرج الطبراني في السنة والشيرازي في الألقاب وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : أصبحنا يوماً فأتانا رسول الله ﷺ فأخبرنا فقال :« أتاني ربي البارحة في منامي في أحسن صورة، فوضع يده بين ثدي وبين كتفي، فوجدت بردها بين ثديي، فعلمني كل شيء قال : يا محمد قلت : لبيك رب وسعديك قال : هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : نعم يا رب في الكفارات، والدرجات، قال : فما الكفارات؟ قلت : افشاء السلام، واطعام الطعام، والصلاة والناس نيام. قال : فما الدرجات؟ قلت : اسباغ الوضوء في المكروهات، والمشي على الاقدام إلى الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ».
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن طارق بن شهاب رضي الله عنه قال :« سأل رسول الله ﷺ فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قال : في الدرجات، والكفارات. فأما الدرجات : فاطعام الطعام، وافشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام. وأما الكفارات : فاسباغ الوضوء في السبرات، ونقل الاقدام إلى الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ».
وأخرج ابن مردويه عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « لما سري بي إلى السماء السابعة قال : يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى؟ فذكر الحديث ».
وأخرج الطبراني في السنة والخطيب عن أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال :« لما كان ليلة أسري بي رأيت ربي تعالى في أحسن صورة فقال : يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : في الكفارات، والدرجات. قال : وما الكفارات؟ قلت : اسباغ الوضوء في السبرات، ونقل الاقدام إلى الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، قال : فما الدرجات؟ قلت : اطعام الطعام، وافشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام. ثم قال : قل... قلت : فما أقول؟! قال : قل اللهم إني أسألك عملاً بالحسنات، وترك المنكرات، وإذا أردت بقوم فتنة وأنا فيهم فاقبضني إليك غير مفتون ».
وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة والطبراني في السنة عن عبد الرحمن بن عابس الحضرمي رضي الله عنه قال :« صلى بنا رسول الله ﷺ ذات غداة، فقال له قائل : ما رأيناك أسفر وجهاً منك الغداة؟ قال : وما لي لا أكون كذلك وقد رأيت ربي تعالى في أحسن صورة فقال : فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد؟ فقلت : في الكفارات. قال : وما هن؟ قلت : المشي على الاقدام إلى الجماعات، والجلوس في المساجد لانتظار الصلوات، ووضع الوضوء أماكنه في المكان، قال : وفيم؟ قلت : في الدرجات. قال : وما هن؟ قال : اطعام الطعام، وافشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام. ثم قال : يا محمد قل اللهم إني أسألك الطيبات، وترك المنكرات، وحب المساكين فوالذي نفسي بيده إنهن حق ».
قال فوضع كفيه بين كتفي حتى وجدت أنامله في صدري، فتجلى لي بين السماء والأرض قلت : نعم يا رب يختصمون في الكفارات، والدرجات، قال : فما الدرجات؟ قلت : اطعام الطعام، وافشاء السلام، وقيام الليل والناس نيام. وأما الكفارات : فمشي على الأقدام إلى الجماعات، واسباغ الوضوء في الكراهيات، وجلوس في المساجد خلف الصلوات. ثم قال : يا محمد قل يسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع، قلت : اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت في قوم فتنة فتوفني إليك وأنا غير مفتون. اللهم إني أسألك حبك، وحب من أحبك، وحب عمل يبلغني إلى حبك ».
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : خلق الله أربعاً بيده : العرش، وجنات عدن، والقلم، وآدم. ثم قال لكل شيء كن فكان. واحتجب من خلقه بأربعة : بنار، وظلمة، ونور.
وأخرج هناد عن ميسرة رضي الله عنه قال :« خلق الله أربعة بيده : خلق آدم بيده، وكتب التوراة بيده، وغرس جنة عدن بيده، وخلق القلم بيده.
وأخرج هناد عن إبراهيم رضي الله عنه، مثله.
وأخرج عبد بن حميد عن كعب قال : إن الله لم يخلق بيده إلا ثلاثة أشياء : خلق آدم بيده، وكتب التوراة بيده، وغرس جنة عدن بيده.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : الرجيم اللعين. قوله ﴿ إلا عبادك منهم المخلصين ﴾ قال : المخلصين بالنصب. فقلت كل شيء في القرآن هكذا نقرأها؟ قال : نعم.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه قال :﴿ فالحق ﴾ رفع ﴿ والحق ﴾ نصب ﴿ أقول ﴾ رفع.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه أنه قرأها « فالحق » بالرفع « والحق أقول » نصباً قال : يقول الله أنا الحق، والحق أقول.
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن المنذر وابن مردويه عن مسروق رضي الله عنه قال : بينما رجل يحدث في المسجد فقال فيما يقول ﴿ يوم تأتي السماء بدخان ﴾ [ الدخان : ١٠ ] يكون يوم القيامة يأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم، ويأخذ المؤمنين منه كهيئة الزكام قال : فقمنا حتى دخلنا على عبد الله رضي الله عنه وهو في بيته، فاخبرناه وكان متكئاً فاستوى قاعداً فقال : أيها الناس من علم منكم علما فليقل به، ومن لم يعلم فليقل الله أعلم. قال الله لرسوله ﷺ ﴿ قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين ﴾.
وأخرج الديلمي وابن عساكر عن الزبير رضي الله عنه، أن النبي ﷺ قال : إني لا ألي من التكلف وصالحو أمتي.
وأخرج أحمد وابن عدي والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإِيمان عن شقيق رضي الله عنه قال : دخلت أنا وصاحب لي على سلمان رضي الله عنه، فقرب إلينا خبزاً وملحاً فقال : لولا أن رسول الله ﷺ نهانا عن التكلفت لتكلفت لكم فقال صاحبي لو كان في ملحتنا صعتر، فبعث مطهرته فرهنها فجاء الصعتر، فلما أكلنا قال صاحبي : الحمد لله الذي قنعنا بما رزقنا. فقال سلمان رضي الله عنه : لو قنعت ما كانت مطهرتي مرهونة عند البقال.
وأخرج الطبراني والحاكم والبيهقي عن سلمان رضي الله عنه قال :« نهانا رسول الله ﷺ أن نتكلف للضيف ».
وأخرج البيهقي عن سلمان رضي الله عنه قال :« أمرنا رسول الله ﷺ أن لا نتكلف للضيف ما ليس عندنا، وأن نقدم ما حضر ».
وأخرج ابن عدي عن أبي برزة رضي الله عنه قال : قال النبي ﷺ :« ألا أنبئكم بأهل الجنة؟ قلنا بلى يا رسول الله قال : الرحماء بينهم. ألا أنبئكم بأهل النار؟ قلنا بلى. قال : هم الآيسون، والقانطون، والكذابون، والمتكلفون ».
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن ابن المنذر قال : آية المتكلف ثلاث : تكلف فيما لا يعلم، وينازل من فوقه، ويتعاطى ما لا ينال.
وأخرج ابن سعد عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : من علم علماً فليعلمه، ولا يقولن ما ليس له به علم، فيكون من المتكلفين ويمرق من الدين.
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ ولتعلمن نبأه بعد حين ﴾ قال بعضهم : يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله ﴿ ولتعلمن نبأه ﴾ قال : صدق هذا الحديث نبأ ما كذبوا به بعد حين من الدنيا وهو يوم القيامة، وقرأ ﴿ لكل نبأ مستقر ﴾ [ الأنعام : ٦٧ ] قال : وهو الآخرة يستقر فيها الحق، ويبطل فيها الباطل.