تفسير سورة القيامة

تفسير أبي السعود
تفسير سورة سورة القيامة من كتاب إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم المعروف بـتفسير أبي السعود .
لمؤلفه أبو السعود . المتوفي سنة 982 هـ
سورة القيامة مكية وآياتها أربعون.

لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ القيامة
إدخالُ لاَ النافيةِ عَلى فعلِ القسمِ شائعٌ وفائدتُها توكيدٌ القسمِ قالُوا إنَّها صلةٌ مِثلُها في قولِه تعالى لّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكتابِ وقيلَ هيَ للنفِي لكنْ لا لنفي نفسِ الأقسام بل النفي ما ينبىءُ هُو عنْهُ منْ إعظامِ المقسمِ بهِ وتفخيمِه كأنَّ مَعْنى لا أقسم بكذا لاأعظمه بإقسامِي بهِ حَقَّ إعظامِه فإنَّه حقيقٌ بأكثرَ منْ ذلكَ وأكثرَ وأما مَا قيل من أن المعنى نفي الإقسام لوضوحِ الأمرِ فقدْ عرفتَ مَا فيهِ فِي قَوْلِه تَعَالَى فَلاَ أُقْسِمُ بمواقع النجوم وقيلَ إنَّ لاَ نفيٌ وردَ لكلامٍ معهودٍ قبلَ القسمِ كأنَّهم أنكرُوا البعثَ فقيلَ لاَ أيْ ليسَ الأمرُ كذلكَ ثمَّ قيلَ أقسمُ بيومِ القيامةِ كقولِك لا والله إنَّ البعثَ حقٌّ وأيا ما كانَ ففِي الإقسامِ على تحققِ البعثِ بيوم القيامةِ من الجزالة ما لا مزيدَ عليهِ وقَدْ مرَّ تفصيلُه في سورةِ يس وسورةِ الزخرفِ
ولا أقسم بالنفس اللومة
أَيْ بالنَّفسِ المتقيةِ التي تلومُ النفوسَ يومئذٍ عَلى تقصيرهنَّ فِي التَّقوى ففيهِ طَرفٌ منَ البَراعةِ التي في القسمِ السَّابقِ أوْ بالنفس التي تلومُ نفسَها وإنِ اجتهدتْ في الطاعاتِ أو بالنفسِ المطمئنةِ اللائمةِ للنفسِ الأمارةِ وقيلَ بالجنسِ لَما رُوي أنه عليه الصلاة والسلام قالَ ليسَ منْ نفسٍ برة ولا فاجر إلا وتلومُ نفسَها يومَ القيامةِ إنْ عملتْ خيراً قالتْ كيفَ لَمْ أزددْ وإنْ عملتْ شَراً قالتْ ليتني كنتُ قصرتُ ولا يَخفْى ضعفُه فإنَّ هذَا القدرِ منَ اللومِ لا يكونُ مداراً للإعظامِ بالإقسامِ وإنْ صدرَ عنْ النفسِ المؤمنةِ المسيئةِ فكيفَ منَ الكافرةِ المندرجةِ تحتَ الجنسِ وقيلَ بنفس آدمَ عليهِ السَّلامُ فإنَّها لا تزالُ تتلومُ عَلى فعلِها الذَّي خرجتْ بهِ منَ الجنةِ وَجَوابُ القسمِ ما دلَّ عليهِ قولُه تعالَى
أَيَحْسَبُ الإنسان أَن لَنْ نَّجْمَعَ عِظَامَهُ
وهُو ليبعثن والمرادُ بالإنسان الجنسُ والهمزةُ والإنكار الواقعِ واستقباحِه وأنْ مخففةٌ منَ الثقيلةِ وضميرُ الشأنِ الذي هو اسمُها محذوفٌ أيْ أيحسبُ أنَّ الشأنَ لنْ نجمعَ عظامَهُ فإنَّ ذلكَ حسبانٌ بَاطِلٌ فإنَّا نجمعها بعدَ تشتتها ورجُوعِها رَميماً
64
سورة القيامة (٤ ٥) ورفاتا مختلطا يالتراب وبعدَ مَا سفتَها الرِّياحُ وطيرته في أقطارِ الأرضِ وألقتها في البحارِ وقيلَ إنَّ عديَّ بنَ أبِي ربيعةَ ختَنَ الأخنسِ بن شُريق وهُمَا اللذانِ كانَ النبيُّ عليسه الصَّلاةُ والسَّلامُ يقولُ فيهَما اللَّهم اكفِني جاريْ السوءِ قال لرسول الله ﷺ يا محمدُ حدثنى عنْ يومِ القيامةِ مَتَى يكونُ وكيفَ أمرُهُ فأخبرَهُ رسولُ الله ﷺ فقالَ لو عاينتُ ذلكَ اليومَ لَمْ أصدقكَ أوَ يجمع الله هذهِ العظامَ
65
بلى أيْ نجمعُهَا حالَ كونِنَا
قادرين على أَن نُّسَوّىَ بَنَانَهُ
أيْ نجمعُ سُلامَياتِه ونضمُّ بعضَها إلى بعض كما كانت مع صغرِها ولطافتِها فكيفَ بكبارِ العظامِ أو عَلى أنْ نسويَ أصابَعُه التي هيَ أطرافُه وآخرُ مَا يتمُّ بهِ خلقُه وُقرِىءَ قادرونَ
بَلْ يُرِيدُ الإنسان لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ
عطفٌ عَلى أيحسبُ إمَّا على أنَّه استفهامٌ مثلُه أضربَ عنِ التوبيخِ بذلكَ إلى التوبيخِ بَهذا أوْ عَلى أنَّه إيجابٌ انتقلَ إليهِ عنْ الاستفهامِ أيْ بلْ يريدُ ليدومَ على فجورِه فيمَا بين يديهِ منَ الأوقاتِ وما يستقبلُه منَ الزمانِ لاَ يرعوى عنه
يسأل أَيَّانَ يَوْمُ القيامة
أيْ متى يكونُ استبعاداً أو استهزاءً
فَإِذَا بَرِقَ البصر أيْ تحيرَ فزعاً من برقَ الرجلُ إذَا نظرَ إلى البرقِ فدُهشَ بصرُه وقُرِىءَ بفتحِ الراءِ وهيَ لغةٌ أو منَ البريقِ بمَعْنى لمعَ منْ شدةِ شخوصِه وقرىء بلق أي انفتحَ وانفرجَ
وَخَسَفَ القمر أيْ ذهبَ ضوؤه وقُرِىءَ على البناءِ للمفعولِ
وَجُمِعَ الشمس والقمر بأنْ يطلعهما الله تعالَى من المغربِ وقيلَ جُمِعا في ذهابِ الضوءِ وقيلَ يجمعانِ أسودينِ مكورينِ كأنَّهما ثورانِ عقيرانِ في النَّارِ وتذكيرُ الفعلِ لتقدمهِ وتغليبِ المعطوفِ
يَقُولُ الإنسان يَوْمَئِذٍ أيْ يومَ إذْ تقعُ هذهِ الأمورُ
أَيْنَ المفر أي الفرارُ يأساً منُهُ وقُرِىءَ بالكسرِ أيْ موضعِ الفرارِ وقد جوز أن يكون هُو أيضاً مصدراً كالمرجعِ
65
سورة القيامة (١١ ١٦)
66
كَلاَّ رَدعٌ من طلبِ المفرو تمنيه
لاَ وَزَرَ
لاَ ملجأ مستعارٌ منْ الجبلِ وقيلَ كُلُّ ما التجأتَ إليهِ وتخلصتَ بهِ فَهُو وزَرُك
إلى رَبّكَ يَوْمَئِذٍ المستقر أيْ إليهِ وحْدَهُ استقرارُ العبادِ أو إلى حُكمِه استقرارُ أمرهم أَوْ إِلى مشيئتِه موضعُ قرارِهم يُدخلُ مَنْ يشاءُ الجنةَ ومَنْ يشاءُ النَّارَ
يُنَبَّأُ الإنسان يَوْمَئِذِ أيْ يُخبرُ كلُّ امرىءٍ براً كان فاجراً عندَ وزنِ الأعمالِ
بِمَا قَدَّمَ أيْ عملَ منْ عملٍ خيراً كانَ أو شراً فيثابُ بالأولِ ويعاقبُ بالثاني
وَأَخَّرَ أيْ لَمْ يعملْ خيراً كانَ أو شراً فيعاقبُ بالأولِ ويثابُ بالثانِي أو بما قدمَ منْ حسنةٍ أوْ سيئةٍ وبما أخَّر منْ سنة حسنة أو سيئة فعملَ بَها بعدَهُ أو بما قدمَ منْ مالٍ تصدقَ بهِ في حياتِه وبما أخر فخلقه أو وقفَهُ أو أوْصَى بهِ أو بأولِ عملِه وآخرِه
بَلِ الإنسان على نَفْسِهِ بصيرة أي حجة وبينة على نفسِه شاهدةٌ بما صدرَ عنْهُ منَ الأعمالِ السيئةِ كما يعربُ عنْهُ كلمةُ على وما سيأتِي منَ الجملةِ الحاليةِ وصفتْ بالبصارة ومجانا كما وصفتْ الآياتُ بالأبصار في قوله تعالى فَلَمَّا جاءتهم آياتنا مُبْصِرَةً أوْ عينٌ بصيرةٌ أوِ التاءُ للمبالغةِ ومَعْنى بَلْ الترقِي أيْ ينبأُ الإنسانُ بأعمالِه بلُ هُو يومئذٍ عالمٌ بتفاصيلِ أحوالِه شاهدٌ على نفسِه لأنَّ جوارحَهُ تنطقُ بذلكَ وقولُه تعالَى
وَلَوْ ألقى مَعَاذِيرَهُ أيُ ولَو جاءَ بكُلِّ معذرةٍ يمكنُ أنْ يعتذرَ بَها عن نفسِه حالٌ من المستكنِ في بصيرةٍ أو منْ مرفوعٍ ينبأُ أيْ هُو بصيرةٌ علَى نفسِه تشهدُ عليهِ جوارحُه وتُقبلُ شهادتُها ولو اعتذرَ بكُلِّ معذرةٍ أو ينبأُ بأعمالِه ولِو اعتذرَ الخ والمعاذيرُ اسمُ جمعٍ للمعذرةِ كالمناكيرِ اسمُ جمعٍ للمنكرِ وقيلَ هو جمعُ معذارٍ وهُو السترُ أيْ ولوْ أرْخى ستورَهُ كانَ رسولُ الله صلى عليه وسلم إذَا لقِّن الوحيَ نازعَ جبريلَ عليهِ السَّلامُ القراءةَ ولَم يُصبرْ إلى أنْ يتمَّها مسارعةً إلى الحفظِ وخوفاً منْ أنْ ينفلتَ فأمر عليه الصلاة والسلام بأن يستنصتَ لَهُ ملقياً إليهِ قلَبُه وسمَعُه حَتَّى يُقضى إليهِ الوحيُ ثمَّ يُقضى إليهِ الوحيُ ثمَّ يقفّيهِ بالدراسةِ إلى أنْ يرسخ فيه فقيل
لاَ تُحَرّكْ بِهِ أيْ بالقرآنِ
لِسَانَكَ عندَ إلقاءِ الوَحْى
لِتَعْجَلَ بِهِ أي لتأخذَهُ على عجلة مخافة أن ينفلت منك
66
سورة القيامة (١٧ ٢٣)
67
إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ في صدرِك بحيثُ لا يذهبُ عليكَ شيءٌ مِنْ معانيهِ
وقرآنه أي إثباتَ قراءتِه في لسانِكَ
فَإِذَا قرأناه أي أتمَمنا قراءتَهُ عليكَ بلسانِ جبرِيلَ عليهِ السَّلامُ وإسنادُ القراءةِ إلى نونِ العظمةِ للمبالغةِ في إيجابِ التأنِّي
فاتبع قرآنه فكُن مقفّياً لَهُ ولا تراسلُه
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ أي بيانَ ما أشكلَ عليكَ من معانيهِ وأحكامِه
كلا ردع له عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ عن عادةِ العجلةِ وترغيبٌ لهُ في الأناةِ وأكَّد ذلكَ بقولِه تعالَى
بَلْ تُحِبُّونَ العاجلة
وَتَذَرُونَ الأخرة على تعميمِ الخطابِ للكُلِّ أيْ بَلْ أنتُم يا بنِي آدمٍ لما خلقتُم مِنْ عجلٍ وجبلتُم عليهِ تعجلونَ في كُلِّ شيءٍ ولذلكَ تحبونَ العاجلةَ وتذرونَ الآخرةَ وقيلَ كلا ردع للإنسان عن الاغترارِ بالعاجلِ فيكونُ جمعُ الضميرِ في الفعلينِ باعتبارِ مَعْنى الجنسِ ويؤيدُه قراءةُ الفعلينِ على صيغةِ الغيبةِ
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ أيْ وجوهٌ كثيرةٌ وهيَ وجوهُ المؤمنينَ المخلصينَ يومَ إذْ تقومُ القيامةُ بهيةٌ متهللةٌ يشاهدُ عليهَا نضرةُ النعيمِ علَى أنَّ وجوهٌ مبتدأٌ وناضرةٌ خبرُهُ ويومئذٍ منصوبٌ بناضرةٌ وناظرةٌ في قولِه تعالَى
إلى رَبّهَا نَاظِرَةٌ خبرٌ ثانٍ للمبتدإِ أو نعتٌ لناضرةٌ وإلى ربِّها متعلقٌ بناظرةٌ وصحةُ وقوعِ النكرةِ مبتدأً لأنَّ المقامَ مقامُ تفصيلٍ لاَ على أنَّ ناضرةٌ صفةٌ لوجوهٌ والخبرُ ناظرةٌ كمَا قيلَ لما هُو المشهورُ مِنْ أنَّ حق الصفة أن تكون معلومةَ الانتسابِ إلى الموصوف عندَ السامعِ وحيثُ لمْ يكُنْ ثبوتُ النضرةِ للوجوهِ كذلكَ فحقُّه أنْ يخبَر بهِ ومَعْنى كونِها ناظرةً إلى ربِّها أنَّها تراهُ تعالَى مستغرقةً في مطالعةِ جمالِه بحيثُ تغفلُ عَمَّا سواه وتشاهد تعالَى بلا كيفٍ ولا على جهةٍ وليسَ هذا في جميعِ الأحوالِ حَتَّى ينافيَهُ نظرُهَا إلى غيرِه وقيل منتظره وإنعامه ورُدَّ بأنَّ الانتظارَ لا يسندُ إلى الوجْهِ وتفسيرُه بالجملةِ خلافُ الظاهرِ وأنَّ المستعملَ بمعناهُ لا يُعدَّى بالي
67
سورة القيامة (٢٤ ٣٣)
68
وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ شديدةُ العبوسِ وهيَ وجوهُ الكفرةِ
تَظُنُّ يتوقعُ أربابُها
أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ داهيةٌ عظيمةٌ تقصمُ فقارَ الظهرِ
كَلاَّ ردعٌ عنْ إيثارِ العاجلةِ عَلى الآخرةِ أيْ ارتدعُوا عنْ ذلكَ وتنبهُوا لما بينَ أيديكُم منَ الموتِ الذي ينقطعُ عندَهُ ما بينكُم وبينَ العاجلةِ منَ العلاقةِ
إِذَا بَلَغَتِ التراقى أيْ بلغتْ النفسُ أعاليَ الصَّدرِ وهيَ العظامُ المكتنفة لثغرة النحر عنْ يمينٍ وشمالٍ
وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ أيْ قالَ مَن حضرَ صاحبَها مِنْ يرقيهِ وينجيهِ مما هُو فيهِ مِنَ الرقيةِ وقيلَ هُو مِنْ كلامِ ملائكةِ الموتِ أيكُم يَرقَى بروحِه ملائكةُ الرحمةِ أو ملائكةُ العذابِ مِنَ الرُّقِيِّ
وَظَنَّ أَنَّهُ الفراق وأيقنَ المحتضرُ أنَّ ما نزلَ به الفراق مِنَ الدنيا ونعيمِها
والتفت الساق بالساق والتفتْ ساقُه بساقِه والتوتْ عليهَا عندَ حلولِ الموتِ وقيلَ هُما شدةُ فراقِ الدُّنيا وشدةُ إقبالِ الآخرةِ وقيلَ هما ساقاهُ حينَ تلفانِ في أكفانِه
إلى رَبّكَ يَوْمَئِذٍ المساق أيْ إلى الله وإلى حكمِه يساقُ لا إلى غيرِه
فَلاَ صَدَّقَ ما يجبُ تصديقه من الرسول ﷺ والقرآنِ الذي نزلَ عليهِ أو فلاَ صدقَ مالَه ولا زكَّاهُ
وَلاَ صلى ما فُرضِ عليهِ والضميرُ فيهمَا للإنسانِ المذكورِ في قوله تعالى أيحسب الإنسان وفيه دلالة على أن الكفار مخاطبون بالفروع في حَقِّ المؤاخذةِ كما مَرَّ
﴿ولكن كَذَّبَ﴾ مَا ذُكرَ منَ الرسولِ والقرآنِ ﴿وتولى﴾ عنِ الطاعةِ
ثُمَّ ذَهَبَ إلى أَهْلِهِ يتمطى يتبخترُ افتخاراً بذلكَ من المط فإن المبتختر يمد خطاهُ فيكونُ أصلُه يتمطط
68
سورة القيامة (٣٤ ٤٠) أو منَ المَطَا وهو الظهر فإنه يلويه
69
أولى لَكَ فأولى أيْ ويل لك وأصله أو أَوْلاَكَ الله ما تكرهُه واللامُ مزيدةٌ كمَا في رَدِفَ لَكُم أوْ أَوْلى لكَ الهلاكُ وقيلَ هُو أفعلُ منَ الويلِ بعدَ القلبِ كأدْنى من دُون أو فَعْلى من آلَ يؤولُ بمَعنى عقباكَ النارُ
ثُمَّ أولى لَكَ فأولى أيْ يتكررُ عليهِ ذلكَ مرةً بعدَ أُخْرَى
أَيَحْسَبُ الإنسان أَن يُتْرَكَ سُدًى أيْ يخلى مُهملاً فلاَ يكلَّفُ ولا يُجزى وقيلَ أنْ يتركَ في قبرِه ولا يبعثَ وقولُه تعالَى
أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مّن مَّنِىّ يمنى الخ استئنافٌ واردٌ لإبطالِ الحسبانِ المذكورِ فإن مداره لما كان استبعادُهم للإعادةِ استدلَّ على تحققِها ببدءِ الخلقِ
ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً أيْ بقدرةِ الله تعالَى لقولِه تعالَى ثُمَّ خَلَقْنَا النطفة عَلَقَةً ﴿فَخَلَقَ﴾ أي فقدرَ بأنْ جعلَها مضغةً مخلقةً ﴿فسوى﴾ فعدَّلَ وكمَّل نشأتَهُ
﴿فَجَعَلَ مِنْهُ﴾ منَ الإنسانِ
الزوجين أيِ الصنفينِ
الذكر والأنثى بدل من الزوجينِ
أَلَيْسَ ذَلِكَ العظيمُ الشأنِ الذي أنشأَ هَذا الإنشاءَ البديعَ
بِقَادِرٍ على أَن يحيى الموتى وهُو أهونُ من البدءِ في قياسِ العقلِ رُوي أن النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم كانَ إذَا قرأَها قالَ سبحانك بلى وعنه ﷺ مَنْ قرأَ سورةَ القيامةِ شهدتُ لَهُ أنَا وجبريلُ يومَ القيامةِ أنَّه كانَ مؤمنا بيوم القيامة
69
سورة الإنسان (١ ٢)

بسم الله الرحمن الرحيم

70
Icon