تفسير سورة النصر

التفسير المظهري
تفسير سورة سورة النصر من كتاب التفسير المظهري .
لمؤلفه المظهري . المتوفي سنة 1216 هـ
سورة النصر
مدنية، وهي ثلاث آيات.

أخرج عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن الزهري قال : لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح بعث خالد بن الوليد فقاتل بمن معه صفوف قريش بأسفل مكة حتى هزمهم الله، ثم أمر بالسلاح فرفع عنهم، فدخلوا في الدين فأنزل الله تعالى ﴿ إذا جاء نصر الله ﴾ أي إظهاره إياك على أعدائك، وعلى تقدير نزول هذه السورة بعد فتح مكة يعني يوم الفتح، فإذا ها هنا بمعنى إذ كما في قوله تعالى :﴿ حتى إذا جاء أمرنا وفار التّنّور ﴾١، وقوله تعالى :﴿ حتى إذا بلغ مغرب الشمس ﴾٢ ﴿ والفتح ﴾ يعني فتح مكة. روى الطبراني، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح :" هذا ما وعدني ربي "، ثم قرأ ﴿ إذا جاء نصر الله والفتح ﴾. وكانت قصة الفتح على ما ذكر أصحاب الأخبار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما صالح قريشا عام الحديبية على وضع الحرب عشر سنين يأمن فيه الناس، وأنه من أحب أن يدخل في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش دخل فيه، فدخلت بنو بكر في عقد قريش، وخزاعة في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان بينهما شر قديم، ثم إن بني نفاثة من بني بكر عدت على خزاعة، فخرج نوفل بن معاوية الديلمي منهم حتى بيت خزاعة موضع أسفل مكة، وقاتلوهم حتى دخلوا الحرم، وما تركوا القتال، وأمدت قريش بني بكر بالسلاح، وقاتل بعضهم معهم ليلا مستخفيا، منهم صفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو وشيبة بن عثمان وخويطب بن عبد العزى مع عبيدهم، ثم ندمت قريش على نقض العهد، ولام بعضهم بعضهم بعضا، وخرج عمرو بن سالم الخزاعي في أربعين راكبا بعد القتال على رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرونه بالذي أصابهم ويستنصرونه، أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوقفه بني نفاثة وخزاعة قبل بلوغ الخبر، وقال : ينقضون العهد لأمر يريد الله. قالت عائشة : خير. قال : خير. روى محمد بن عمرو عنها، والطبراني عن ميمونة، ونحوها. ولما قدم عمرو بن سالم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يجر رداءه ويقول :" لا نصرت إن لم أنصرك يا عمرو بما أنصر به نفسي " وذلك في شعبان على رأس اثنين وعشرين شهرا من صلح الحديبية، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة إلى قريش يخبرهم بين أمور ثلاثة : أن أدوا دية قتلى خزاعة، وهم ثلاثة وعشرون قتيلا، أو من خلف من نقض الصلح وهم بنو نفاثة، أو ينبذ إليكم على سواء، فاختلف قول قريش، ثم آل أمرهم أن نبذ الصلح ورجع حمزة بالنبذ، وشاور النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمرو فأشار أبو بكر بالصلح واللين، وقال : هم قومك، حتى رأى أنه سيتبعني. وأشار عمر بالحرب، وقال : هم رأس الكفر، زعموا أنك ساحر كاهن كذاب، ولم يدع شيئا مما كان يقولونه. وقال : لا تذل العرب حتى يذل أهل مكة. فاختار النبي صلى الله عليه وسلم رأي عمر، فخير رسول الله صلى الله عليه وسلم مخفيا أمره، وحرض العرب، فجاء أسلم وغفار ومزنية وحرفية وأشجع وسليم، فمنهم من وافاه بالمدينة، ومنهم من لحقه في الطريق، والمسلمون عشرة آلاف، وقيل : اثنا عشر ألفا، ويجمع بأن العشرة حين الخروج من المدينة، وتلاحق به ألفان، ثم ندمت قريش على نبذ الصلح، فبعثت أبا سفيان، ودخل على ابنته أم حبيبة، فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم طوته عنه، وقالت : هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقد أصابك يا بنية بعدي شر. قالت : هداني الله للإسلام، وأنت يا أبت سيد قريش وكبيرها، كيف يسقط عنك الدخول في الإسلام، وتعبد حجرا لا يسمع ولا يبصر ؟ فقام من عندها، فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه فلم يرد عليه شيئا، ثم ذهب إلى أبي بكر فكلمه، وأن يكلم له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما أنا بفاعل، ثم أتى عمر فكلمه فقال : والله لو لم أجد إلا الذر لجاهدتكم به، فدخل على علي وعنده فاطمة والحسن فقال : يا علي، إنك أمس القوم مني رحما اشفع لنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : ويحك يا أبا سفيان، لقد عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يستطيع أحد أن يكلمه، فالتفت إلى فاطمة فقال : هل لك أن تأمري بنيك هذا فيجير بين الناس فأبت، فقال : يا أبا الحسن اشتد الأمر علي فانصحني. فقال : والله لا أعلم شيئا يغنيك، لكنك سيد بني كنانة، فقم فأجر بين الناس، ثم الحق بأرضك. قال : وترى ذلك مغنيا عني شيئا ؟ قال : لا، ولكن لا أجد غير ذلك. فقام أبو سفيان في المسجد فقال : يا أيها الناس، إني قد أجرت بين الناس، ثم ركب بعيره فانطلق، وقدم على قريش وقص القصة. قالوا : والله، إن زاد علي إلا أن لعب بك. فاستخلف النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة ابن أم مكتوم، وقيل : أبا ذر الغفاري، وهو الصحيح. رواه الطبراني. خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الأربعاء لعشر خلون من رمضان سنة ثمان من الهجرة، وقيل : غير ذلك. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش ". روى البخاري عن علي يقول : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد فقال : انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة معها كتاب، فخذوا منها. قال : فانطلقت بنا خيلنا حتى أتينا روضة، فإذا نحن بالظعينة، قلنا : أخرجي الكتاب. قالت : ما معي كتاب. فقلنا : لتخرجن الكتاب، أو لنلقين الثياب. فأخرجته من عقاصها، فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا فيه من حاطب بن بلتعة إلى الناس بمكة من المشركين يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : يا حاطب، ما هذا ؟ قال : يا رسول الله، لا تعجل علي. إني كنت امرأ ملصقا في قريش، وكان من معك من المهاجرين من لهم قرابات يحمون أهليهم وأموالهم، فأحببت إذ فاتني ذلك من أنسب فيهم أن اتخذ عندهم هذا يحمون قرابتي، ولم أفعله ارتدادا عن ديني، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أما إنه قد صدقكم ". فقال عمر : يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال : إنه قد شهد بدرا، وما يدريك يا عمر أن الله تعالى عز وجل اطلع على من شهد بدرا فقال :" اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم ". فرقت عينا عمر، فأنزل الله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوّي وعدوّكم أولياء ﴾ إلى قوله ﴿ سواء السبيل ﴾ )٣ وصام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصام الناس معه، فلما بلغ الكديد أفطر وأفطروا، فلم يزل مفطرا حتى انسلخ الشهر، وخرج العباس بن عبد المطلب مهاجرا فلقيه بالجحفة، وكان قبل مقيما بمكة على سقاية برضاه، ولقيه بالأبواء أبو سفيان بن الحارث ابن عمه وابنه جعفر بن أبي سفيان، وأسلما قبل دخول مكة، قيل : بل لقيه هو وعبد الله بن أمية ابن عمته عاتكة، فأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما وقال : لا حاجة لي بهما، فقد هتكا عرضي وقالا لي ما قالا، فألجؤوا، وكلمت أم سلمة فيهما، فأذن لهما، فلما كان بالقدير عقد الألوية والرايات ودفعها إلى القبائل، وراية النبي صلى الله عليه وسلم مع الزبير، ثم نزل بمر الظهران عشاء، وقد عميت الأخبار عن قريش، فخرج تلك الليلة أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبدليل بن ورقة يتجسسون الأخبار، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فأوقدوا عشرة آلاف نار، وقال العباس بن عبد المطلب ليلتئذ وأصحاب قريش : والله لئن دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة عنوة إنه لهلاك قريش إلى آخر الدهر، فخرج عباس على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرى حطابا أو صاحب لبن أو ذا حاجة يدخل مكة، فيخبرهم بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيستأمنونه قبل أن يدخلها عليهم عنوة، فسمع عباس صوت أبي سفيان يقول : والله ما رأيت كالليل نيرانا، فقال عباس : ويحك يا أبا سفيان هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاء بما لا قبل لكم به، فقال : ما الحيلة ؟ فقال عباس : يا أبا سفيان لئن ظفر بك ليضربن عنقك، فاركب في عجز هذه البغلة حتى أتي بك رسول الله صلى الله عليه وسلم فتستأمنه، فرجع فكلما مرا بنار نظروا إليه، وقالوا : هذا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى مرا بنار عمر، فلما رأى عمر أبا سفيان قام عمر فقال : هذا أبو سفيان عدو الله، الحمد لله الذي أمكن منه بغير عهد ولا عقد، فاشتد نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عباس مع أبي سفيان على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخل عليه عمر، ما تصنع هذا إلا أنه رجل من بني عبد مناف ولو كان من بني كعب ما قلت هذا. قال : مهلا يا عباس، لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إلي من إسلام الخطاب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اذهب به يا عباس إلى رحلك، فلما أصبح عاد به عباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال : ويحك يا أبا سفيان، ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله ؟ قال : بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك، والله لقد ظننت أن لو كان مع الله غيره لقد أغنى شيئا بعد. قال : ويحك يا أبا سفيان، ألم يأن أن تعلم أني رسول الله ؟ قال : بأبي أنت وأمي ما أحملك وأكرمك وأوصلك، أما هذه ففي نفسي منها شيء. قال عباس : ويلك أسلم وأشهد أن لا إله إلا الله قبل أن يضرب عنقك. فشهد شهادة الحق، وأسلم وأسلم حكيم وبديل قبل أبي سفيان. هذا رواية إسحاق بن راهويه بسند صحيح. وعند الطبراني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :-يعني يا عباد الله- إن أبا سفيان بالأراك فخذوه، وعند ابن أبي شيبة أن أبا سفيان وأصحابه أخذهم حرس رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار، وكان الحرس تلك الليلة عمر، فقال : احبسوه، فحبسوه حتى أصبح. وعند ابن أبي شيبة قال أبو سفيان : دلوني على العباس، وفي رواية فيهم عباس، فذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى آخر القصة. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن ". فصرخ أبو سفيان في المسجد بأعلى صوته : يا معشر قريش هذا محمد قد جاءكم بما لا قبل لكم به. وأخبر بما أتى به من الأمان، فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد، ولما أسلم حكيم بن حزام وبديل بن ورقار وبايعاه، بعثهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه إلى قريش يدعوهم إلى الإسلام، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير وأعطاه الراية، وأمره على خيل المهاجرين والأنصار، وأمره أن يركز راية بأعلى مكة بالحجون، وقال : لا تبرح حتى آمرك، ومن ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وضربت هناك قبة، وأمر خالد بن الوليد فيمن أسلم من قضاعته وبني سليم أن يدخل من أسفل مكة، وبها بنو بكر قد استنفرتهم قريش وبنو الحارث بن عبد مناف ومن كان من الأحابيش، أمرتهم قريش أن يكونوا بأسفل مكة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لخالد والزبير حين بعثهما : لا تقاتلا إلا من قاتلكم. وأمر سعد بن عبادة أن يدخل في بعض الناس من كداء، وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم راية، فقال سعد حين توجه داخلا : اليوم يوم الملحمة، اليوم يستحل الحرمة، فسمعها رجل من المهاجرين فقال : يا رسول الله، اس
١ سورة هود، الآية: ٤٠..
٢ سورة الكهف، الآية: ٨٦..
٣ أخرجه البخاري في كتاب: المغازي، باب: غزوة الفتح (٤٢٧٤)..
﴿ ورأيت الناس يدخلون في دين الله ﴾ جملة ( يدخلون ) حال من مفعول ( رأيت ) إن كان بمعنى روية البصر، وإلا فمفعوله الثاني ﴿ أفواجا ﴾ حال من فاعل ( يدخلون ). قال مقاتل وعكرمة : أراد بالناس أهل اليمن. عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" أمتكم أهل اليمن، هم أرق أفئدة، وألين قلوبا للإيمان، والحكمة يمانية، والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل والسكينة والوقار في أهل الغنم )١ متفق عليه، وجواب ( إذا جاء ) قوله تعالى :﴿ فسبّح بحمد ربك واستغفره ﴾
١ أخرجه البخاري في كتاب: المغازي، باب: قدوم الأشعريين وأهل اليمن (٢٨٩٣)، وأخرجه مسلم في كتاب: الإيمان، باب: تفاضل أهل الإيمان فيه ورجحان أهل اليمن فيه (٥٢)..
﴿ فسبّح بحمد ربك ﴾ أي ملتبسا بحمد ربك، يعني قل : سبحان الله وبحمده، متعجبا حامدا لما تيسر الله لك ما لم يخطر ببال أحد أن يفتح عنوة، وقد منعها الله من أصحاب الفيل. عن أنس قال :( لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة استشرفه الناس، فوضع رأسه صلى الله عليه وسلم على رحله متخشعا )، رواه الحاكم بسند جيد. وعن أبي هريرة نحوه، بلفظ : ليمس وسط رحلة، ويقرب منها تواضعا، لما رأى من فتح الله وكثرة المسلمين، ثم قال :" اللهم إن العيش عيش الآخرة " رواه أبو يعلى. ﴿ واستغفره ﴾ تواضعا وهضما لنفسك، واستغفارا لعملك، واستدراكا لما فات منك، الأفضل باختيار الفاضل، شفقة على الأمة. أو المعنى : استغفر لأمتك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إني لأستغفر الله في اليوم والليلة سبعين مرة "، وفي رواية " أكثر من سبعين مرة "، وفي رواية " مائة مرة " ١، رواه البخاري والنسائي وابن ماجه والطبراني وأبو يعلى من حديث أبي هريرة وأنس وشداد بن أوس. وتقديم التسبيح ثم الحمد على الاستغفار على طريقة النزول من الخالق إلى الخلق، وهذا من سنة الدعاء، ولا بد لغير النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أيضا على استغفار. ﴿ إنه ﴾ لم يزل ﴿ كان توّابا ﴾ للمستغفرين منذ خلق المكلفين. روى الثعلبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قرأها بكى عباس، فقال صلى الله عليه وسلم :" ما يبكيك " ؟ فقال : نعيت نفسك إليك، فقال :" إنه لكما تقول ". قال البيضاوي : وجه الاستدلال بالسورة على نعي رسول الله صلى الله عليه وسلم دلالتها على تمام الدعوة، وكمال أمر الدين، كقوله تعالى :﴿ اليوم أكملت لكم دينكم ﴾٢ الآية. أو لأن الأمر بالاستغفار تنبيه له على دنو الأجل، وروى البخاري عن ابن عباس قال : كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فقال بعضهم : لم يدخل هذا الفتى معنا، ولنا أبناء مثله ؟ فقال : إنه ممن قد علمتم. قال : فدعاهم ذات يوم، ودعاني معهم. قال : وما رأيته دعاني يومئذ إلا ليريهم مني، فقال : ما تقولون في ﴿ إذا جاء نصر الله والفتح ﴾ حتى ختم السورة ؟ فقال بعضهم : أمرنا أن نحمد الله، ونستغفره، إذا نصرنا وفتح علينا، وقال بعضهم : لا ندري، ولم يقل بعضهم شيئا. فقال لي : يا ابن عباس كذلك تقول ؟ قلت : لا. قال : فما تقول ؟ قلت : هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿ إذا جاء نصر الله والفتح ﴾ فتح مكة فذاك علامة أجلك، ﴿ فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا ﴾ قال عمر : ما أعلم إلا ما تعلم٣.
١ أخرجه البخاري في كتاب: الدعوات، باب: استغفار النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم والليلة (٦٣٠٧)..
٢ سورة المائدة، الآية: ٣..
٣ أخرجه البخاري في كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام (٢٨٩٣)..
Icon