ﰡ
قوله: ﴿ لأيَٰتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ ﴾ بالنصب بالكسرة باتفاق القراء، لأنه اسم إن، وأما ما يأتي في قوله: ﴿ ءَايَٰتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ و ﴿ ءَايَٰتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ ففيه قراءتان سبعيتان، الرفع والنصب بالكسرة، فالرفع على أن قوله: ﴿ فِي خَلْقِكُمْ ﴾ خبر مقدم، و ﴿ أيَٰتٍ ﴾ مبتدأ مؤخر، والجملة معطوفة على جملة ﴿ إِنَّ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ﴾ والنصب على أن ﴿ أيَٰتٍ ﴾ معطوف على آيات الأول، الذي هو اسم ﴿ إِنَّ ﴾ وقوله: ﴿ وَفِي خَلْقِكُمْ ﴾ معطوف على قوله: ﴿ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ﴾ الواقع خبراً لأن، فيه العطف على معمولي عامل واحد، وهو جائز باتفاق. قوله: ﴿ وَ ﴾ (خلق) ﴿ مَا يَبُثُّ ﴾ أشار بذلك إلى أنه معطوف على ﴿ خَلْقِكُمْ ﴾ المجرور بفي على حذف مضاف. قوله: (هي ما يدب) أي يتحرك. قوله: ﴿ وَ ﴾ (في) ﴿ ٱخْتِلاَفِ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ ﴾ أي يبسها. قوله: (وباردة وحارة) لف ونشر مشوش وترك الصبا والدبور، فالرياح أربع. قوله: ﴿ تَلْكَ ءَايَٰتُ ٱللَّهِ ﴾ مبتدأ وخبر، وجملة ﴿ نَتْلُوهَا ﴾ حال. قوله: (الآيات المذكورة) أي وهي السماوات والأرض وما بعدهما. قوله: (متعلق بنتلو) أي على أنه عامل فيه مع كونه حالاً، والياء للملابسة. قوله: (أي لا يؤمنون) أشار بذلك إلى أن الاستفهام إنكاري. قوله: (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضاً. قوله: (كلمة عذاب) أي فيطلق على العذاب، ويطلق على واد في جهنم. قوله: (كذاب) أي كثير الكذب على الله وخلقه. قوله: (كثير الإثم) أي المعاصي. قوله: ﴿ يَسْمَعُ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ ﴾ إما مستأنف أو حال من الضمير في ﴿ أَثِيمٍ ﴾ قوله: ﴿ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ﴾ حال من ﴿ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ ﴾.
قوله: ﴿ ثُمَّ يُصِرُّ ﴾ (على كفره) ﴿ ثُمَّ ﴾ للترتيب الرتبي، والمعنى: أن إصراره على الكفر، حاصل بعد تقدير الأدلة المذكورة وسماعه إياها. قوله: ﴿ كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا ﴾ ﴿ كَأَن ﴾ مخففة على حذف منها ضمير الشأن، والجملة إما مستأنفة أو حال. قوله: ﴿ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ سماه بشارة تهكماً بهم، لأن البشارة هي الخبر السار.
قوله: (أي الأفاكون) جمع باعتبار معنى الأفاكن وراعى أولاً لفظه فأفرد. قوله: (أي أمامهم) أشار بذلك إلى أن الوراء، كما يطلق على الخلف، يطلق على الإمام، كالجون يستعمل في الأبيض والأسود على سبيل الاشتراك. قوله: ﴿ مَّا كَسَبُواْ ﴾ ﴿ مَّا ﴾ إما مصدرية كسبهم، أو موصولة أي الذي كسبوه، وهذان الوجهان يجريان في قوله: ﴿ وَلاَ مَا ٱتَّخَذُواْ ﴾ ومقتض عبارة المفسر أنها فيهما موصولة، حيث قال في الأول (من المال والفعال) وقال في الثاني (أي الأصنام). قوله: ﴿ هَـٰذَا هُدًى ﴾ أي لمن أذعن له واتبعه وهم المؤمنون، ووبال وخسران على الكفار، قال تعالى:﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ ٱلظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً ﴾[الإسراء: ٨٢].
قوله: ﴿ ٱللَّهُ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ ٱلْبَحْرَ ﴾ أي حلواً وملحاً، والمعنى: ذلله وسهل لكم السير فيه، بأن جعله أملس الظاهر مستوياً شفافاً، يحمل السفن ولا يمنع الغوص فيه. قوله: (بإذنه) أي إرادته ومشيئتهن ولو شاء لم تجر. قوله: (بالتجارة) أي والحج والغزو، وغير ذلك من المصالح الدينية والدنيوية. قوله: ﴿ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ أي تصرفون النعم في مصارفها. قوله: (وغيره) أي كالملائكة فإنهم مسخرون لأهل الأرض، يدبرون معاشهم، وهذا سر قوله تعالى:﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ ﴾[الإسراء: ٧٠] الآية. قوله: (تأكيد) أي حال مؤكدة. قوله: (حال) أي من ما، ويصح أن يكون صفة لجميعاً، والمعنى الأول: سخر لكم هذه الأشياء كائنة منه أي مخلوقة له، وعلى الثاني: جميعاً كائناً منه تعالى. قوله: ﴿ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ أي يتأملون في تلك الآيات.
قوله: ﴿ سَوَآءً ﴾ (خبر) أي على قراءة الرفع، وقرأ بعض السبعة بالنصب على الحال. قوله: (والجملة) أي من المبتدأ والخبر. قوله: (بدل من الكاف) أي الداخلة على الموصول. قوله: (أي ليس الأمر كذلك) أشار بذلك إلى أن همزة الإنكار للنفي، وكان المناسب للمفسر تقديم هذا على قوله: ﴿ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ فإنه مرتبط بما قبله، والمعنى: أم حسبوا أن نجعلهم كائنين مثلهم مستوياً، محياهم ومماتهم؟ كلا لا يستوون في شيء منها، فإن هؤلاء في عز الإيمان والطاعة، وشرفهما في المحيا، وفي رحمة الله ورضوانه في الممات، وأولئك في ظل الكفر والمعاصي، وهو أنهما في المحيا، وفي لعنة الله والعذاب المخلد في الممات، ولا يعتبر توسعة العيش في الدنيا، فإنها بحسب القسمة الأزلية، للمؤمن والكافر ولكل دابة. قوله: (أي بئس حكماً) إلخ، مقتضى هذا الحل أن ﴿ مَا ﴾ مميزة، وحينئذ فالفاعل مستتر، وهو ينافي كونها مصدرية، لأنها في تلك الحالة تكون فاعلاً، فالمناسب لجعلها مصدرية أن يقول: ساء الحكم حكمهم. قوله: ﴿ وَخَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ ﴾ إلخ، من تتمة قوله: ﴿ أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ ﴾ إلخ وهو كالدليل له، كأنه قال: لا يستوي المؤمن والكافر، بدليل أن الله خلق السماوات والأرض بالحق، أي للعبر والاستدلال، ولم يترك العباد سدى، وجازى كل نفس بما كسبت، فلا يستوي جزاء المؤمن بجزاء الكافر. قوله: (متعلق بخلق) أي على أنه حال من الفاعل أو المفعول. قوله: (ليدل على قدرته) إلخ، قدره إشارة إلى أن قوله: ﴿ وَلِتُجْزَىٰ ﴾ عطف على علة محذوفة. قوله: ﴿ وَهُمْ ﴾ أي النفوس المدلول عليها بقوله: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ﴾.
قوله: ﴿ لاَ يُظْلَمُونَ ﴾ أي لا ينقص من ثواب المؤمن، ولا يزاد في العذاب على ما يستحقه الكافر. قوله: (أخبرني) تقدم أن فيه مجازين، حيث أطلق الرؤية وأراد الإخبار، ثم أطلق الاستفهام على الإخبار وأراد الأمر به.
قوله: ﴿ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ ﴾ بالنصب خبر ﴿ كَانَ ﴾ وقوله: ﴿ إِلاَّ أَن قَالُواْ ﴾ اسمها، أي إلا قولهم، وتسميتها حجة على سبيل التهكم، أو على حسب زعمهم. قوله: ﴿ ٱئْتُواْ بِآبَآئِنَآ ﴾ أي الذين ماتوا قبلنا. قوله: ﴿ قُلِ ٱللَّهُ يُحْيِيكُمْ ﴾ رد لقولهم: ﴿ وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ ٱلدَّهْرُ ﴾.
قوله: (وهم) أي الأكثر، وجمع باعتبار المعنى.
قوله: ﴿ مَّا نَدْرِي مَا ٱلسَّاعَةُ ﴾ هذا على سبيل الاستغراب والاستبعاد. قوله: (إن نظن إلا ظناً) إن قلت: ما الجمع بين ما هنا وما تقدم في قوله:﴿ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا ﴾[المؤمنون: ٣٧] فإن ما تقدم أثبت أنهم جازمون بعدم البعث، وهنا أفاد أنهم شاكون فيه، ويمكن الجواب بأن الكفار لعلهم افترقوا فرقتين: فرقة جازمة بنفي البعث وفرقة متحيرة فيه. قوله: (قال المبدر) إلخ، جواب عما يقال: إن ظاهر الآية وقوع المفعول المطلق استثناء مفرغاً، مع أن المقرر في النحو، أنه يجوز تفريغ العامل لما بعده من جميع المعمولات، إلا المفعول المطلق، فلا يقال: ما ضربت إلا ضرباً لاتحاد مورد النفي والإثبات، لأنه يصير في قوة ما ضربت إلا ضربت، ولا فائدة في ذلك، فأجاب المفسر: بأن الآية مؤولة بأن مورد النفي محذوف تقديره ﴿ نَحْنُ ﴾، ومورد الإثبات كونه نظن ظناً، فكلمة ﴿ إِلاَّ ﴾ مؤخر من تقديم، والمعنى حصر أنفسهم في الظن ونفي ما عداه. قوله: ﴿ وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ﴾ مبالغة في نفي ما عدا الظن عنهم. قوله: (أي جزاؤها) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف. قوله: (نترككم في النار) أشار بذلك إلى أن المراد من النسيان الترك مجازاً، لأن الترك مسبب على النسيان، فإن من نسي شيئاً تركه، فسمي السبب باسم المسبب، لاستحالة حقيقة النسيان عليه تعالى. قوله: (أي ترتكن العمل للقائه) أشار بذلك إلى أنه من اضافة المصدر إلى ظرفه على حد مكر الليل، وفي الكلام حذف قدره المفسر بقوله: (العمل) والمعنى: تركتم العمل للقاء الله في يومكم هذا، ولا يصح أن يكون من اضافة المصدر لمفعوله، لأن التوبيخ على نسيان ما في اليوم من الجزاء، لا على نفس اليوم.