تفسير سورة العلق

لطائف الإشارات
تفسير سورة سورة العلق من كتاب لطائف الإشارات .
لمؤلفه القشيري . المتوفي سنة 465 هـ
قوله جل ذكره :﴿ بسم الله الرحمان الرحيم ﴾.
" بسم الله " : كلمة سماعها يوجب أحد أمرين :" إما صحوا وإما محوا ؛ صحوا لمن سمعها بشاهد العلم فيستبصر بواضح برهانه، أو محوا لمن سمعها بشاهد المعرفة لأنه يتحير في جلال سلطانه.

قوله جلّ ذكره :﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾.
هذه السورة من أَوّلِ ما نَزَل على المصطفى صلى الله عليه وسلم لمّا تعرِّض له جبريل في الهواء، ونَزَلَ عليه فقال :﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾. فالناسُ كُلُّهم مريدون – وهو صلى الله عليه وسلم كان مُرَاداً. فاستقبل الأمر بقوله :" ما أنا بقارئ، فقال له : اقرأ، فقال : ما أنا بقارئ، فقال له :" اقرأ كما أقول لك ؛ ﴿ اقْرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ " أي خلقهم على ما هم به.
العَلَق جمع عَلَقَة ؛ كشجَرٍ وشجرة. . ( والعَلَقَةُ الدمُ الجامد، فإذا جرى فهو المسفوح ).
" الأكرم " : أي الكريم.
ويقال : الأكرم من كلِّ كريم.
عَلَّمهم ما لم يعلموا : الضروريَّ، والكسبيَّ.
أي : يتجاوز حدَّه إِذا رأى في نفسه أنه استغنى ؛ لأنه يَعْمَى عن مواضع افتقاره.
ولم يقل : إِن استغنى بل قال :﴿ أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى ﴾ فإذا لم يكن مُعْجَباً بنفسه، وكان مشاهداً لمحلِّ افتقاره - لم يكن طاغياً.
قوله جلّ ذكره :﴿ إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى ﴾.
أي : الرجوع يوم القيامة.
قوله جلّ ذكره :﴿ أَرَأيْتَ الَّذِي يَنْهَى عِبْداً إِذَا صَلَّى ﴾.
أليس لو لم يفعل هذا كان خيراً له ؟ ففي الآية هذا الإضمار.
﴿ أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى ﴾ لكان خيراً له ؟
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١١:﴿ أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى ﴾ لكان خيراً له ؟
كذَّب بالدِّين. وتولَّى عن الهداية.
قوله جلّ ذكره :﴿ أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ﴾.
أي : ما الذي يستحقُّه مَنْ هذه صفته ؟
والتخويفُ برؤية الله تنبيه على المراقبة - ومَنْ لم يَبْلُغْ حالَ المراقبة لم يَرْتَق منه إلى حال المشاهدة.
قوله جلّ ذكره :﴿ كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ﴾.
لَنأخُذَنَّ بناصيته ( وهي شَعْرُ مُقَدَّم الرأس ) أخْذَ إِذلالٍ. ومعناه لنًسَوِّدَنَّ وَجهْهَ.
وقوله :﴿ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ﴾ بدلٌ من قوله :﴿ لَنَسْفَعَا بِالنَّاصِيَةِ ﴾.
فليدعُ أهلَ ناديه وأهل مجلسه.
﴿ سندع الزبانية ﴾ وسندعو الزبانيةَ ونأمرهم بإهلاكه.
قوله جلّ ذكره :﴿ كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب ﴾.
أي : اقتربْ من شهود الربوبية بقلبك، وقِفْ على بِساط العبودية بنَفْسك. ويقال : فاسجُدْ بنفسِك، واقترِبْ بسِرِّك.
Icon