تفسير سورة الإخلاص

معاني القرآن للفراء
تفسير سورة سورة الإخلاص من كتاب معاني القرآن للفراء المعروف بـمعاني القرآن للفراء .
لمؤلفه الفراء . المتوفي سنة 207 هـ

وفي قراءة عَبْد اللَّه: «وامرأته حمالةً للحطب» نكرة منصوبة، وكانت تنمُ بين النَّاس، فذلك حملها الحطب يَقُولُ: تُحرِّش بين النَّاس، وتوقد بينهم العداوة.
وقوله جل وعز: فِي جِيدِها: فى عنقها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥).
وهي: السلسلة التي فِي النار، وَيُقَال: من مسد: هو ليف المقل «١».
ومن سورة الإخلاص
قوله عزَّ وجلَّ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١).
سألوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما ربك؟ أيأكل أم يشرب؟ أم من ذَهب أم من فضة؟
فأنزل اللَّه جل وعز: «قُلْ هُوَ اللَّهُ». ثُمَّ قَالُوا: فما هُوَ؟ فَقَالَ: «أَحَدٌ». وهذا من صفاته:
أَنَّهُ واحد، وأحد «٢» وإن كَانَ نكرة. قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه: يعني فِي اللفظ، فإنه مرفوع بالاستئناف كقوله: «هَذا بَعْلِي شَيْخٌ «٣» ». وَقَدْ قَالَ الكِسَائِيّ فِيهِ قولا لا أراه شيئًا. قَالَ: هُوَ عماد. مثل قوله:
«إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ «٤» ». فجعل «أَحَدٌ «٥» » مرفوعًا بالله، وجعل هُوَ «٦» بمنزلة الهاء فِي (أَنَّهُ)، ولا يكون العمادُ مستأنفًا بِهِ حتَّى يكون قبله إن أَوْ بعض أخواتها، أَوْ كَانَ أَوِ الظن.
قوله عز وجل: كُفُواً أَحَدٌ (٤).
يثقل ويخفف «٧»، وإِذا كَانَ فعل النكرة بعدها أتبعها فِي كَانَ وأخواتها فتقول: [لم يكن لعبد اللَّه أحد نظير، فإذا قدمت النظير نصبوه، ولم يختلفوا فِيهِ، فقالوا] «٨» : لم يكن لعبد الله نظيرا أحد. وذلك أَنَّهُ إِذَا كَانَ بعدها فقد اتبع الاسم فِي رفعه، فإذا تقدم فلم يكن قبله شىء
(١) المقل: حمل الدّوم، واحدته مقلة، والدّوم شجرة تشبه النخلة فى حالاتها (اللسان).
(٢) فى ش: واحد أحدا.
(٣) سورة هود الآية: ٧٣.
(٤) سورة النمل الآية: ٩
(٥) فى ش: أحدا.
(٦) سقط فى ش.
(٧) خفف (أسكن الفاء) حمزة، ويعقوب، وخلف، وثقّل (ضم الفاء) الباقون، لغتان (الإتحاف ٤٤٥).
(٨) سقط فى ش.
299
يتبعه رجع إلى فعل كَانَ فنصب. والذي قرأ «أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ «١» » بحذف النون من (أحد) يَقُولُ:
النون نون الإعراب إِذَا استقبلتها الألف واللام حذفت. وكذلك إِذَا استقبلها ساكن، فربما حذفت وليس بالوجه قَدْ قرأت القراء: «وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ «٢» »، و «عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ «٣» ».
والتنوين أجود، وأنشدني بعضهم:
لَتجِدّني بالأميرِ بَرّا وَبالقناة مِدْعَسا مكرّا
إذا غطيف السُّلَميُّ فَرَّا «٤» وأنشدني آخر «٥» :
كيْفَ نَومي عَلَى الفراشِ ولَمَّا تشملِ الشامَ غارةٌ شعواءُ
تُذْهل الشيخَ عَن بَنيهِ وَتُبْدِي عَن خِدَامِ العَقِيلةُ العذراء
أراد عَن خدامٍ العقيلةُ العذراء، وليس قولهم عن خدام [عقيلة] «٦» عذراء بشىء.
(١) قرأ بحذف التنوين جماعة منهم زيد بن على، ونصر بن عاصم، وابن سيرين، والحسن، وابن أبى اسحق، والأصمعى (البحر المحيط: ٨/ ٥٢٨).
(٢) التوبة الآية: ٣٠.
(٣) انظر معانى القرآن ٤٣١١١.
(٤) المدعس: المطاعن، والمكر: الذي يكر فى الحرب ولا يفر. واقتصر فى المخصص ٦: ٨٩ على البيتين الأول والثاني ولم ينسبهما.
(٥) لعبيد الله بن قيس الرقيات من قصيدة يمدح فيها مصعب بن الزبير، ويفتخر بقريش، ويريد بالغارة على الشام الغارة على عبد الملك بن مروان. والخدام: جمع واحده الخدمة، وهى الخلخال. ورواية الديوان؟ براها مكان خدام، والبرى جمع واحده البرة فى وزان كرة- الخلخال أيضا. (اللسان مادة: شعا- ومعانى القرآن ١/ ٤٣٢)
(٦) زيادة فى ش. [.....]
300
Icon