السورة فصلان : الأول : في صدد يوم القيامة وهول أعلامه وحساب الناس فيه ومصائرهم. والثاني : في صدد توكيد صدق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من صلته بوحي الله وملكه ونفي الجنون عنه وصلة الشيطان به. والفصلان على اختلاف موضوعيهما غير منفصلين عن بعضهما، والمرجح أنهما نزلا متتابعين فوضع الواحد بعد الآخر.
ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
١- كُورت : سُترت أو لُفّت. والمقصود إذا ذهب ضوءها وانمحق على الأرجح.﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ١ ( ١ ) وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ ٢ ( ٢ ) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ( ٣ ) وَإِذَا الْعِشَارُ ٣ عُطِّلَتْ ( ٤ )وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ٤ ( ٥ ) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ٥ ( ٦ ) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ٦ ( ٧ ) وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ ١ سُئِلَتْ ( ٨ ) بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ( ٩ ) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ( ١٠ ) وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ ٨ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ ٩ ( ١٢ ) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ١٠ ( ١٣ ) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ( ١٤ ) ﴾ [ ١- ١٤ ].
تشير الآيات إلى قيام القيامة أو اليوم الآخر وما يكون حينذاك من انقلاب وتبدل في نواميس الكون كانمحاق ضوء الشمس وانطفاء النجوم، وتسيير الجبال وجمع الوحوش وتعطيل العشار عن طبيعتها، وتفجير البحار واشتداد حرارة المياه والتهابها، وتشقق السماء أو انكشافها، وتصنيف الناس أعمالهم، ونشر كتب الأعمال وتأجيج النار وتهيئة الجنة، وحينئذ يرى كل امرئ نتيجة عمله وعاقبة ما قدم بين يديه، ومن جملة ما يُسأل الناس عنه وأد بناتهم بدون ذنب.
والآيات كما يبدو تتضمن توكيداً قوياً بمجيء يوم القيامة وأهواله وأماراته التي تسبقه أو ترافقه ومحاسبة الناس على أعمالهم في الدنيا وتوفية كل منهم جزاءه بالجنة والنار.
ولقد روى الترمذي في سياق هذه السورة حديثاً عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( من سرَّه أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رَأْيُ عين فليقرأ ﴿ إذا الشمس كورت ﴾ [ التكوير : ١ ] و﴿ إذا السماء انفطرت ﴾ [ الانفطار١ ] و ﴿ إذا السماء انشقت ﴾ [ الانشقاق ١ ] )١ومطلع السورتين الثانية والثالثة المذكورتين في الحديث مشابه لمطلع هذه السورة في وصف مشاهد القيامة وأهوالها.
وما ذكر في الانقلاب الذي يطرأ على نواميس الكون هو على ما يتبادر وبالإضافة إلى حقيقته الإيمانية ودخوله في نطاق قدرة الله بسبيل تصوير هول يوم القيامة وأثره في مشاهد الكون العظيمة التي تملأ الأذهان استهدافاً لإثارة خوف السامعين وحملهم على الارعواء. وليس من طائل في التخمين والتزيّد في مظاهر هذا الانقلاب وماهياته المادية. وليس ذلك من أغراض القرآن على ما شرحناه في مناسبة سابقة٢.
وعادة دفن البنات أحياء وكراهة ولادتهن من صور حياة العرب قبل البعثة وعاداتهم. وقد ذكر هذا في أكثر من موضع في القرآن، ومن ذلك في آيات النحل هذه :﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ( ٥٨ ) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ ( ٥٩ ) ﴾ [ ٥٨- ٥٩ ]. وأسلوب الآية هنا أسلوب تنديد لهذه العادة وإنذار بشدة عقوبتها عند الله لما فيها من قسوة بالغة وجرأة على إزهاق روح بريئة. وتخصيص وأد البنات بالذكر لا يعني بطبيعة الحال أن هذا هو وحده الذي يُسأل الناس عنه. وإنما يمكن أن يُلمح منه قصد تشديد النكير على هذه العادة القاسية البشعة التي كان الذين يمارسونها يظنون أنه ليس عليهم فيها حرج ولا إثم.
﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ١ ( ١ ) وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ ٢ ( ٢ ) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ( ٣ ) وَإِذَا الْعِشَارُ ٣ عُطِّلَتْ ( ٤ )وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ٤ ( ٥ ) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ٥ ( ٦ ) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ٦ ( ٧ ) وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ ١ سُئِلَتْ ( ٨ ) بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ( ٩ ) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ( ١٠ ) وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ ٨ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ ٩ ( ١٢ ) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ١٠ ( ١٣ ) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ( ١٤ ) ﴾ [ ١- ١٤ ].
تشير الآيات إلى قيام القيامة أو اليوم الآخر وما يكون حينذاك من انقلاب وتبدل في نواميس الكون كانمحاق ضوء الشمس وانطفاء النجوم، وتسيير الجبال وجمع الوحوش وتعطيل العشار عن طبيعتها، وتفجير البحار واشتداد حرارة المياه والتهابها، وتشقق السماء أو انكشافها، وتصنيف الناس أعمالهم، ونشر كتب الأعمال وتأجيج النار وتهيئة الجنة، وحينئذ يرى كل امرئ نتيجة عمله وعاقبة ما قدم بين يديه، ومن جملة ما يُسأل الناس عنه وأد بناتهم بدون ذنب.
والآيات كما يبدو تتضمن توكيداً قوياً بمجيء يوم القيامة وأهواله وأماراته التي تسبقه أو ترافقه ومحاسبة الناس على أعمالهم في الدنيا وتوفية كل منهم جزاءه بالجنة والنار.
ولقد روى الترمذي في سياق هذه السورة حديثاً عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( من سرَّه أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رَأْيُ عين فليقرأ ﴿ إذا الشمس كورت ﴾ [ التكوير : ١ ] و﴿ إذا السماء انفطرت ﴾ [ الانفطار١ ] و ﴿ إذا السماء انشقت ﴾ [ الانشقاق ١ ] )١ومطلع السورتين الثانية والثالثة المذكورتين في الحديث مشابه لمطلع هذه السورة في وصف مشاهد القيامة وأهوالها.
وما ذكر في الانقلاب الذي يطرأ على نواميس الكون هو على ما يتبادر وبالإضافة إلى حقيقته الإيمانية ودخوله في نطاق قدرة الله بسبيل تصوير هول يوم القيامة وأثره في مشاهد الكون العظيمة التي تملأ الأذهان استهدافاً لإثارة خوف السامعين وحملهم على الارعواء. وليس من طائل في التخمين والتزيّد في مظاهر هذا الانقلاب وماهياته المادية. وليس ذلك من أغراض القرآن على ما شرحناه في مناسبة سابقة٢.
وعادة دفن البنات أحياء وكراهة ولادتهن من صور حياة العرب قبل البعثة وعاداتهم. وقد ذكر هذا في أكثر من موضع في القرآن، ومن ذلك في آيات النحل هذه :﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ( ٥٨ ) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ ( ٥٩ ) ﴾ [ ٥٨- ٥٩ ]. وأسلوب الآية هنا أسلوب تنديد لهذه العادة وإنذار بشدة عقوبتها عند الله لما فيها من قسوة بالغة وجرأة على إزهاق روح بريئة. وتخصيص وأد البنات بالذكر لا يعني بطبيعة الحال أن هذا هو وحده الذي يُسأل الناس عنه. وإنما يمكن أن يُلمح منه قصد تشديد النكير على هذه العادة القاسية البشعة التي كان الذين يمارسونها يظنون أنه ليس عليهم فيها حرج ولا إثم.
﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ١ ( ١ ) وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ ٢ ( ٢ ) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ( ٣ ) وَإِذَا الْعِشَارُ ٣ عُطِّلَتْ ( ٤ )وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ٤ ( ٥ ) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ٥ ( ٦ ) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ٦ ( ٧ ) وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ ١ سُئِلَتْ ( ٨ ) بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ( ٩ ) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ( ١٠ ) وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ ٨ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ ٩ ( ١٢ ) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ١٠ ( ١٣ ) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ( ١٤ ) ﴾ [ ١- ١٤ ].
تشير الآيات إلى قيام القيامة أو اليوم الآخر وما يكون حينذاك من انقلاب وتبدل في نواميس الكون كانمحاق ضوء الشمس وانطفاء النجوم، وتسيير الجبال وجمع الوحوش وتعطيل العشار عن طبيعتها، وتفجير البحار واشتداد حرارة المياه والتهابها، وتشقق السماء أو انكشافها، وتصنيف الناس أعمالهم، ونشر كتب الأعمال وتأجيج النار وتهيئة الجنة، وحينئذ يرى كل امرئ نتيجة عمله وعاقبة ما قدم بين يديه، ومن جملة ما يُسأل الناس عنه وأد بناتهم بدون ذنب.
والآيات كما يبدو تتضمن توكيداً قوياً بمجيء يوم القيامة وأهواله وأماراته التي تسبقه أو ترافقه ومحاسبة الناس على أعمالهم في الدنيا وتوفية كل منهم جزاءه بالجنة والنار.
ولقد روى الترمذي في سياق هذه السورة حديثاً عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( من سرَّه أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رَأْيُ عين فليقرأ ﴿ إذا الشمس كورت ﴾ [ التكوير : ١ ] و﴿ إذا السماء انفطرت ﴾ [ الانفطار١ ] و ﴿ إذا السماء انشقت ﴾ [ الانشقاق ١ ] )١ومطلع السورتين الثانية والثالثة المذكورتين في الحديث مشابه لمطلع هذه السورة في وصف مشاهد القيامة وأهوالها.
وما ذكر في الانقلاب الذي يطرأ على نواميس الكون هو على ما يتبادر وبالإضافة إلى حقيقته الإيمانية ودخوله في نطاق قدرة الله بسبيل تصوير هول يوم القيامة وأثره في مشاهد الكون العظيمة التي تملأ الأذهان استهدافاً لإثارة خوف السامعين وحملهم على الارعواء. وليس من طائل في التخمين والتزيّد في مظاهر هذا الانقلاب وماهياته المادية. وليس ذلك من أغراض القرآن على ما شرحناه في مناسبة سابقة٢.
وعادة دفن البنات أحياء وكراهة ولادتهن من صور حياة العرب قبل البعثة وعاداتهم. وقد ذكر هذا في أكثر من موضع في القرآن، ومن ذلك في آيات النحل هذه :﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ( ٥٨ ) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ ( ٥٩ ) ﴾ [ ٥٨- ٥٩ ]. وأسلوب الآية هنا أسلوب تنديد لهذه العادة وإنذار بشدة عقوبتها عند الله لما فيها من قسوة بالغة وجرأة على إزهاق روح بريئة. وتخصيص وأد البنات بالذكر لا يعني بطبيعة الحال أن هذا هو وحده الذي يُسأل الناس عنه. وإنما يمكن أن يُلمح منه قصد تشديد النكير على هذه العادة القاسية البشعة التي كان الذين يمارسونها يظنون أنه ليس عليهم فيها حرج ولا إثم.
﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ١ ( ١ ) وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ ٢ ( ٢ ) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ( ٣ ) وَإِذَا الْعِشَارُ ٣ عُطِّلَتْ ( ٤ )وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ٤ ( ٥ ) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ٥ ( ٦ ) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ٦ ( ٧ ) وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ ١ سُئِلَتْ ( ٨ ) بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ( ٩ ) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ( ١٠ ) وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ ٨ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ ٩ ( ١٢ ) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ١٠ ( ١٣ ) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ( ١٤ ) ﴾ [ ١- ١٤ ].
تشير الآيات إلى قيام القيامة أو اليوم الآخر وما يكون حينذاك من انقلاب وتبدل في نواميس الكون كانمحاق ضوء الشمس وانطفاء النجوم، وتسيير الجبال وجمع الوحوش وتعطيل العشار عن طبيعتها، وتفجير البحار واشتداد حرارة المياه والتهابها، وتشقق السماء أو انكشافها، وتصنيف الناس أعمالهم، ونشر كتب الأعمال وتأجيج النار وتهيئة الجنة، وحينئذ يرى كل امرئ نتيجة عمله وعاقبة ما قدم بين يديه، ومن جملة ما يُسأل الناس عنه وأد بناتهم بدون ذنب.
والآيات كما يبدو تتضمن توكيداً قوياً بمجيء يوم القيامة وأهواله وأماراته التي تسبقه أو ترافقه ومحاسبة الناس على أعمالهم في الدنيا وتوفية كل منهم جزاءه بالجنة والنار.
ولقد روى الترمذي في سياق هذه السورة حديثاً عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( من سرَّه أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رَأْيُ عين فليقرأ ﴿ إذا الشمس كورت ﴾ [ التكوير : ١ ] و﴿ إذا السماء انفطرت ﴾ [ الانفطار١ ] و ﴿ إذا السماء انشقت ﴾ [ الانشقاق ١ ] )١ومطلع السورتين الثانية والثالثة المذكورتين في الحديث مشابه لمطلع هذه السورة في وصف مشاهد القيامة وأهوالها.
وما ذكر في الانقلاب الذي يطرأ على نواميس الكون هو على ما يتبادر وبالإضافة إلى حقيقته الإيمانية ودخوله في نطاق قدرة الله بسبيل تصوير هول يوم القيامة وأثره في مشاهد الكون العظيمة التي تملأ الأذهان استهدافاً لإثارة خوف السامعين وحملهم على الارعواء. وليس من طائل في التخمين والتزيّد في مظاهر هذا الانقلاب وماهياته المادية. وليس ذلك من أغراض القرآن على ما شرحناه في مناسبة سابقة٢.
وعادة دفن البنات أحياء وكراهة ولادتهن من صور حياة العرب قبل البعثة وعاداتهم. وقد ذكر هذا في أكثر من موضع في القرآن، ومن ذلك في آيات النحل هذه :﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ( ٥٨ ) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ ( ٥٩ ) ﴾ [ ٥٨- ٥٩ ]. وأسلوب الآية هنا أسلوب تنديد لهذه العادة وإنذار بشدة عقوبتها عند الله لما فيها من قسوة بالغة وجرأة على إزهاق روح بريئة. وتخصيص وأد البنات بالذكر لا يعني بطبيعة الحال أن هذا هو وحده الذي يُسأل الناس عنه. وإنما يمكن أن يُلمح منه قصد تشديد النكير على هذه العادة القاسية البشعة التي كان الذين يمارسونها يظنون أنه ليس عليهم فيها حرج ولا إثم.
﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ١ ( ١ ) وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ ٢ ( ٢ ) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ( ٣ ) وَإِذَا الْعِشَارُ ٣ عُطِّلَتْ ( ٤ )وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ٤ ( ٥ ) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ٥ ( ٦ ) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ٦ ( ٧ ) وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ ١ سُئِلَتْ ( ٨ ) بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ( ٩ ) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ( ١٠ ) وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ ٨ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ ٩ ( ١٢ ) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ١٠ ( ١٣ ) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ( ١٤ ) ﴾ [ ١- ١٤ ].
تشير الآيات إلى قيام القيامة أو اليوم الآخر وما يكون حينذاك من انقلاب وتبدل في نواميس الكون كانمحاق ضوء الشمس وانطفاء النجوم، وتسيير الجبال وجمع الوحوش وتعطيل العشار عن طبيعتها، وتفجير البحار واشتداد حرارة المياه والتهابها، وتشقق السماء أو انكشافها، وتصنيف الناس أعمالهم، ونشر كتب الأعمال وتأجيج النار وتهيئة الجنة، وحينئذ يرى كل امرئ نتيجة عمله وعاقبة ما قدم بين يديه، ومن جملة ما يُسأل الناس عنه وأد بناتهم بدون ذنب.
والآيات كما يبدو تتضمن توكيداً قوياً بمجيء يوم القيامة وأهواله وأماراته التي تسبقه أو ترافقه ومحاسبة الناس على أعمالهم في الدنيا وتوفية كل منهم جزاءه بالجنة والنار.
ولقد روى الترمذي في سياق هذه السورة حديثاً عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( من سرَّه أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رَأْيُ عين فليقرأ ﴿ إذا الشمس كورت ﴾ [ التكوير : ١ ] و﴿ إذا السماء انفطرت ﴾ [ الانفطار١ ] و ﴿ إذا السماء انشقت ﴾ [ الانشقاق ١ ] )١ومطلع السورتين الثانية والثالثة المذكورتين في الحديث مشابه لمطلع هذه السورة في وصف مشاهد القيامة وأهوالها.
وما ذكر في الانقلاب الذي يطرأ على نواميس الكون هو على ما يتبادر وبالإضافة إلى حقيقته الإيمانية ودخوله في نطاق قدرة الله بسبيل تصوير هول يوم القيامة وأثره في مشاهد الكون العظيمة التي تملأ الأذهان استهدافاً لإثارة خوف السامعين وحملهم على الارعواء. وليس من طائل في التخمين والتزيّد في مظاهر هذا الانقلاب وماهياته المادية. وليس ذلك من أغراض القرآن على ما شرحناه في مناسبة سابقة٢.
وعادة دفن البنات أحياء وكراهة ولادتهن من صور حياة العرب قبل البعثة وعاداتهم. وقد ذكر هذا في أكثر من موضع في القرآن، ومن ذلك في آيات النحل هذه :﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ( ٥٨ ) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ ( ٥٩ ) ﴾ [ ٥٨- ٥٩ ]. وأسلوب الآية هنا أسلوب تنديد لهذه العادة وإنذار بشدة عقوبتها عند الله لما فيها من قسوة بالغة وجرأة على إزهاق روح بريئة. وتخصيص وأد البنات بالذكر لا يعني بطبيعة الحال أن هذا هو وحده الذي يُسأل الناس عنه. وإنما يمكن أن يُلمح منه قصد تشديد النكير على هذه العادة القاسية البشعة التي كان الذين يمارسونها يظنون أنه ليس عليهم فيها حرج ولا إثم.
﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ١ ( ١ ) وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ ٢ ( ٢ ) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ( ٣ ) وَإِذَا الْعِشَارُ ٣ عُطِّلَتْ ( ٤ )وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ٤ ( ٥ ) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ٥ ( ٦ ) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ٦ ( ٧ ) وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ ١ سُئِلَتْ ( ٨ ) بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ( ٩ ) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ( ١٠ ) وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ ٨ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ ٩ ( ١٢ ) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ١٠ ( ١٣ ) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ( ١٤ ) ﴾ [ ١- ١٤ ].
تشير الآيات إلى قيام القيامة أو اليوم الآخر وما يكون حينذاك من انقلاب وتبدل في نواميس الكون كانمحاق ضوء الشمس وانطفاء النجوم، وتسيير الجبال وجمع الوحوش وتعطيل العشار عن طبيعتها، وتفجير البحار واشتداد حرارة المياه والتهابها، وتشقق السماء أو انكشافها، وتصنيف الناس أعمالهم، ونشر كتب الأعمال وتأجيج النار وتهيئة الجنة، وحينئذ يرى كل امرئ نتيجة عمله وعاقبة ما قدم بين يديه، ومن جملة ما يُسأل الناس عنه وأد بناتهم بدون ذنب.
والآيات كما يبدو تتضمن توكيداً قوياً بمجيء يوم القيامة وأهواله وأماراته التي تسبقه أو ترافقه ومحاسبة الناس على أعمالهم في الدنيا وتوفية كل منهم جزاءه بالجنة والنار.
ولقد روى الترمذي في سياق هذه السورة حديثاً عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( من سرَّه أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رَأْيُ عين فليقرأ ﴿ إذا الشمس كورت ﴾ [ التكوير : ١ ] و﴿ إذا السماء انفطرت ﴾ [ الانفطار١ ] و ﴿ إذا السماء انشقت ﴾ [ الانشقاق ١ ] )١ومطلع السورتين الثانية والثالثة المذكورتين في الحديث مشابه لمطلع هذه السورة في وصف مشاهد القيامة وأهوالها.
وما ذكر في الانقلاب الذي يطرأ على نواميس الكون هو على ما يتبادر وبالإضافة إلى حقيقته الإيمانية ودخوله في نطاق قدرة الله بسبيل تصوير هول يوم القيامة وأثره في مشاهد الكون العظيمة التي تملأ الأذهان استهدافاً لإثارة خوف السامعين وحملهم على الارعواء. وليس من طائل في التخمين والتزيّد في مظاهر هذا الانقلاب وماهياته المادية. وليس ذلك من أغراض القرآن على ما شرحناه في مناسبة سابقة٢.
وعادة دفن البنات أحياء وكراهة ولادتهن من صور حياة العرب قبل البعثة وعاداتهم. وقد ذكر هذا في أكثر من موضع في القرآن، ومن ذلك في آيات النحل هذه :﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ( ٥٨ ) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ ( ٥٩ ) ﴾ [ ٥٨- ٥٩ ]. وأسلوب الآية هنا أسلوب تنديد لهذه العادة وإنذار بشدة عقوبتها عند الله لما فيها من قسوة بالغة وجرأة على إزهاق روح بريئة. وتخصيص وأد البنات بالذكر لا يعني بطبيعة الحال أن هذا هو وحده الذي يُسأل الناس عنه. وإنما يمكن أن يُلمح منه قصد تشديد النكير على هذه العادة القاسية البشعة التي كان الذين يمارسونها يظنون أنه ليس عليهم فيها حرج ولا إثم.
﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ١ ( ١ ) وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ ٢ ( ٢ ) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ( ٣ ) وَإِذَا الْعِشَارُ ٣ عُطِّلَتْ ( ٤ )وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ٤ ( ٥ ) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ٥ ( ٦ ) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ٦ ( ٧ ) وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ ١ سُئِلَتْ ( ٨ ) بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ( ٩ ) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ( ١٠ ) وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ ٨ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ ٩ ( ١٢ ) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ١٠ ( ١٣ ) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ( ١٤ ) ﴾ [ ١- ١٤ ].
تشير الآيات إلى قيام القيامة أو اليوم الآخر وما يكون حينذاك من انقلاب وتبدل في نواميس الكون كانمحاق ضوء الشمس وانطفاء النجوم، وتسيير الجبال وجمع الوحوش وتعطيل العشار عن طبيعتها، وتفجير البحار واشتداد حرارة المياه والتهابها، وتشقق السماء أو انكشافها، وتصنيف الناس أعمالهم، ونشر كتب الأعمال وتأجيج النار وتهيئة الجنة، وحينئذ يرى كل امرئ نتيجة عمله وعاقبة ما قدم بين يديه، ومن جملة ما يُسأل الناس عنه وأد بناتهم بدون ذنب.
والآيات كما يبدو تتضمن توكيداً قوياً بمجيء يوم القيامة وأهواله وأماراته التي تسبقه أو ترافقه ومحاسبة الناس على أعمالهم في الدنيا وتوفية كل منهم جزاءه بالجنة والنار.
ولقد روى الترمذي في سياق هذه السورة حديثاً عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( من سرَّه أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رَأْيُ عين فليقرأ ﴿ إذا الشمس كورت ﴾ [ التكوير : ١ ] و﴿ إذا السماء انفطرت ﴾ [ الانفطار١ ] و ﴿ إذا السماء انشقت ﴾ [ الانشقاق ١ ] )١ومطلع السورتين الثانية والثالثة المذكورتين في الحديث مشابه لمطلع هذه السورة في وصف مشاهد القيامة وأهوالها.
وما ذكر في الانقلاب الذي يطرأ على نواميس الكون هو على ما يتبادر وبالإضافة إلى حقيقته الإيمانية ودخوله في نطاق قدرة الله بسبيل تصوير هول يوم القيامة وأثره في مشاهد الكون العظيمة التي تملأ الأذهان استهدافاً لإثارة خوف السامعين وحملهم على الارعواء. وليس من طائل في التخمين والتزيّد في مظاهر هذا الانقلاب وماهياته المادية. وليس ذلك من أغراض القرآن على ما شرحناه في مناسبة سابقة٢.
وعادة دفن البنات أحياء وكراهة ولادتهن من صور حياة العرب قبل البعثة وعاداتهم. وقد ذكر هذا في أكثر من موضع في القرآن، ومن ذلك في آيات النحل هذه :﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ( ٥٨ ) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ ( ٥٩ ) ﴾ [ ٥٨- ٥٩ ]. وأسلوب الآية هنا أسلوب تنديد لهذه العادة وإنذار بشدة عقوبتها عند الله لما فيها من قسوة بالغة وجرأة على إزهاق روح بريئة. وتخصيص وأد البنات بالذكر لا يعني بطبيعة الحال أن هذا هو وحده الذي يُسأل الناس عنه. وإنما يمكن أن يُلمح منه قصد تشديد النكير على هذه العادة القاسية البشعة التي كان الذين يمارسونها يظنون أنه ليس عليهم فيها حرج ولا إثم.
تشير الآيات إلى قيام القيامة أو اليوم الآخر وما يكون حينذاك من انقلاب وتبدل في نواميس الكون كانمحاق ضوء الشمس وانطفاء النجوم، وتسيير الجبال وجمع الوحوش وتعطيل العشار عن طبيعتها، وتفجير البحار واشتداد حرارة المياه والتهابها، وتشقق السماء أو انكشافها، وتصنيف الناس أعمالهم، ونشر كتب الأعمال وتأجيج النار وتهيئة الجنة، وحينئذ يرى كل امرئ نتيجة عمله وعاقبة ما قدم بين يديه، ومن جملة ما يُسأل الناس عنه وأد بناتهم بدون ذنب.
والآيات كما يبدو تتضمن توكيداً قوياً بمجيء يوم القيامة وأهواله وأماراته التي تسبقه أو ترافقه ومحاسبة الناس على أعمالهم في الدنيا وتوفية كل منهم جزاءه بالجنة والنار.
ولقد روى الترمذي في سياق هذه السورة حديثاً عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( من سرَّه أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رَأْيُ عين فليقرأ ﴿ إذا الشمس كورت ﴾ [ التكوير : ١ ] و﴿ إذا السماء انفطرت ﴾ [ الانفطار١ ] و ﴿ إذا السماء انشقت ﴾ [ الانشقاق ١ ] )١ومطلع السورتين الثانية والثالثة المذكورتين في الحديث مشابه لمطلع هذه السورة في وصف مشاهد القيامة وأهوالها.
وما ذكر في الانقلاب الذي يطرأ على نواميس الكون هو على ما يتبادر وبالإضافة إلى حقيقته الإيمانية ودخوله في نطاق قدرة الله بسبيل تصوير هول يوم القيامة وأثره في مشاهد الكون العظيمة التي تملأ الأذهان استهدافاً لإثارة خوف السامعين وحملهم على الارعواء. وليس من طائل في التخمين والتزيّد في مظاهر هذا الانقلاب وماهياته المادية. وليس ذلك من أغراض القرآن على ما شرحناه في مناسبة سابقة٢.
وعادة دفن البنات أحياء وكراهة ولادتهن من صور حياة العرب قبل البعثة وعاداتهم. وقد ذكر هذا في أكثر من موضع في القرآن، ومن ذلك في آيات النحل هذه :﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ( ٥٨ ) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ ( ٥٩ ) ﴾ [ ٥٨- ٥٩ ]. وأسلوب الآية هنا أسلوب تنديد لهذه العادة وإنذار بشدة عقوبتها عند الله لما فيها من قسوة بالغة وجرأة على إزهاق روح بريئة. وتخصيص وأد البنات بالذكر لا يعني بطبيعة الحال أن هذا هو وحده الذي يُسأل الناس عنه. وإنما يمكن أن يُلمح منه قصد تشديد النكير على هذه العادة القاسية البشعة التي كان الذين يمارسونها يظنون أنه ليس عليهم فيها حرج ولا إثم.
تعليق على جملة
﴿ وإذا الصحف نشرت ﴾
وبمناسبة آية ﴿ وإذا الصحف نشرت ﴾ نقول : إن هذا المعنى قد تكرر بأساليب متنوعة في القرآن. وقد ذكر في بعض الآيات أن لله على الناس مراقبين يكتبون ما يفعلونه. وأن ما يكتبونه هو صحف أعمال الناس التي تنشر يوم القيامة وتوزع على أصحابها، وتعطى للناجين بأيمانهم وللخاسرين بشمالهم. ومما جاء في القرآن في هذا آية سورة الزخرف هذه :﴿ أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون ( ٨٠ ) وآيات سورة ق هذه :{ إذ يتلقى المتلقيان وعن الشمال قعيد ( ١٧ ) ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد( ١٨ ) ﴾ وآيات سورة الجاثية هذه :﴿ وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون ( ٢٨ ) هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون( ٢٩ ) ﴾ ومنها آيات سورة الحاقة التي أوردناها في سياق تفسير سورة المدثر.
ولما كان الله عز وجل غنياً عن كل ذلك لا يعزب عنه شيء، فالذي يتبادر من الحكمة الربانية لما ذكرته الآيات أنه بسبيل الإنذار والترهيب والوعيد بأسلوب من الأساليب التي اعتادها الناس في الدنيا من تسجيل الأحداث وإبراز التسجيلات في مقام الإثبات والإفحام. ولقد نبهنا قبل إلى ما اقتضته حكمة التنزيل من وصف المشاهد الأخروية بأوصاف مستمدة من مألوفات الحياة الدنيا في التعليق على الحياة الأخروية في سورة الفاتحة. وهذا من ذاك، هذا مع تقرير وجوب الإيمان بما ذكرته الآيات كحقيقة إيمانية غيبية، وبأنه في نطاق قدرة الله تعالى وحكمته.
﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ١ ( ١ ) وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ ٢ ( ٢ ) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ( ٣ ) وَإِذَا الْعِشَارُ ٣ عُطِّلَتْ ( ٤ )وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ٤ ( ٥ ) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ٥ ( ٦ ) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ٦ ( ٧ ) وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ ١ سُئِلَتْ ( ٨ ) بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ( ٩ ) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ( ١٠ ) وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ ٨ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ ٩ ( ١٢ ) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ١٠ ( ١٣ ) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ( ١٤ ) ﴾ [ ١- ١٤ ].
تشير الآيات إلى قيام القيامة أو اليوم الآخر وما يكون حينذاك من انقلاب وتبدل في نواميس الكون كانمحاق ضوء الشمس وانطفاء النجوم، وتسيير الجبال وجمع الوحوش وتعطيل العشار عن طبيعتها، وتفجير البحار واشتداد حرارة المياه والتهابها، وتشقق السماء أو انكشافها، وتصنيف الناس أعمالهم، ونشر كتب الأعمال وتأجيج النار وتهيئة الجنة، وحينئذ يرى كل امرئ نتيجة عمله وعاقبة ما قدم بين يديه، ومن جملة ما يُسأل الناس عنه وأد بناتهم بدون ذنب.
والآيات كما يبدو تتضمن توكيداً قوياً بمجيء يوم القيامة وأهواله وأماراته التي تسبقه أو ترافقه ومحاسبة الناس على أعمالهم في الدنيا وتوفية كل منهم جزاءه بالجنة والنار.
ولقد روى الترمذي في سياق هذه السورة حديثاً عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( من سرَّه أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رَأْيُ عين فليقرأ ﴿ إذا الشمس كورت ﴾ [ التكوير : ١ ] و﴿ إذا السماء انفطرت ﴾ [ الانفطار١ ] و ﴿ إذا السماء انشقت ﴾ [ الانشقاق ١ ] )١ومطلع السورتين الثانية والثالثة المذكورتين في الحديث مشابه لمطلع هذه السورة في وصف مشاهد القيامة وأهوالها.
وما ذكر في الانقلاب الذي يطرأ على نواميس الكون هو على ما يتبادر وبالإضافة إلى حقيقته الإيمانية ودخوله في نطاق قدرة الله بسبيل تصوير هول يوم القيامة وأثره في مشاهد الكون العظيمة التي تملأ الأذهان استهدافاً لإثارة خوف السامعين وحملهم على الارعواء. وليس من طائل في التخمين والتزيّد في مظاهر هذا الانقلاب وماهياته المادية. وليس ذلك من أغراض القرآن على ما شرحناه في مناسبة سابقة٢.
وعادة دفن البنات أحياء وكراهة ولادتهن من صور حياة العرب قبل البعثة وعاداتهم. وقد ذكر هذا في أكثر من موضع في القرآن، ومن ذلك في آيات النحل هذه :﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ( ٥٨ ) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ ( ٥٩ ) ﴾ [ ٥٨- ٥٩ ]. وأسلوب الآية هنا أسلوب تنديد لهذه العادة وإنذار بشدة عقوبتها عند الله لما فيها من قسوة بالغة وجرأة على إزهاق روح بريئة. وتخصيص وأد البنات بالذكر لا يعني بطبيعة الحال أن هذا هو وحده الذي يُسأل الناس عنه. وإنما يمكن أن يُلمح منه قصد تشديد النكير على هذه العادة القاسية البشعة التي كان الذين يمارسونها يظنون أنه ليس عليهم فيها حرج ولا إثم.
﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ١ ( ١ ) وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ ٢ ( ٢ ) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ( ٣ ) وَإِذَا الْعِشَارُ ٣ عُطِّلَتْ ( ٤ )وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ٤ ( ٥ ) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ٥ ( ٦ ) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ٦ ( ٧ ) وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ ١ سُئِلَتْ ( ٨ ) بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ( ٩ ) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ( ١٠ ) وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ ٨ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ ٩ ( ١٢ ) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ١٠ ( ١٣ ) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ( ١٤ ) ﴾ [ ١- ١٤ ].
تشير الآيات إلى قيام القيامة أو اليوم الآخر وما يكون حينذاك من انقلاب وتبدل في نواميس الكون كانمحاق ضوء الشمس وانطفاء النجوم، وتسيير الجبال وجمع الوحوش وتعطيل العشار عن طبيعتها، وتفجير البحار واشتداد حرارة المياه والتهابها، وتشقق السماء أو انكشافها، وتصنيف الناس أعمالهم، ونشر كتب الأعمال وتأجيج النار وتهيئة الجنة، وحينئذ يرى كل امرئ نتيجة عمله وعاقبة ما قدم بين يديه، ومن جملة ما يُسأل الناس عنه وأد بناتهم بدون ذنب.
والآيات كما يبدو تتضمن توكيداً قوياً بمجيء يوم القيامة وأهواله وأماراته التي تسبقه أو ترافقه ومحاسبة الناس على أعمالهم في الدنيا وتوفية كل منهم جزاءه بالجنة والنار.
ولقد روى الترمذي في سياق هذه السورة حديثاً عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( من سرَّه أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رَأْيُ عين فليقرأ ﴿ إذا الشمس كورت ﴾ [ التكوير : ١ ] و﴿ إذا السماء انفطرت ﴾ [ الانفطار١ ] و ﴿ إذا السماء انشقت ﴾ [ الانشقاق ١ ] )١ومطلع السورتين الثانية والثالثة المذكورتين في الحديث مشابه لمطلع هذه السورة في وصف مشاهد القيامة وأهوالها.
وما ذكر في الانقلاب الذي يطرأ على نواميس الكون هو على ما يتبادر وبالإضافة إلى حقيقته الإيمانية ودخوله في نطاق قدرة الله بسبيل تصوير هول يوم القيامة وأثره في مشاهد الكون العظيمة التي تملأ الأذهان استهدافاً لإثارة خوف السامعين وحملهم على الارعواء. وليس من طائل في التخمين والتزيّد في مظاهر هذا الانقلاب وماهياته المادية. وليس ذلك من أغراض القرآن على ما شرحناه في مناسبة سابقة٢.
وعادة دفن البنات أحياء وكراهة ولادتهن من صور حياة العرب قبل البعثة وعاداتهم. وقد ذكر هذا في أكثر من موضع في القرآن، ومن ذلك في آيات النحل هذه :﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ( ٥٨ ) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ ( ٥٩ ) ﴾ [ ٥٨- ٥٩ ]. وأسلوب الآية هنا أسلوب تنديد لهذه العادة وإنذار بشدة عقوبتها عند الله لما فيها من قسوة بالغة وجرأة على إزهاق روح بريئة. وتخصيص وأد البنات بالذكر لا يعني بطبيعة الحال أن هذا هو وحده الذي يُسأل الناس عنه. وإنما يمكن أن يُلمح منه قصد تشديد النكير على هذه العادة القاسية البشعة التي كان الذين يمارسونها يظنون أنه ليس عليهم فيها حرج ولا إثم.
﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ١ ( ١ ) وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ ٢ ( ٢ ) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ( ٣ ) وَإِذَا الْعِشَارُ ٣ عُطِّلَتْ ( ٤ )وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ٤ ( ٥ ) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ٥ ( ٦ ) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ٦ ( ٧ ) وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ ١ سُئِلَتْ ( ٨ ) بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ( ٩ ) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ( ١٠ ) وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ ٨ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ ٩ ( ١٢ ) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ١٠ ( ١٣ ) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ( ١٤ ) ﴾ [ ١- ١٤ ].
تشير الآيات إلى قيام القيامة أو اليوم الآخر وما يكون حينذاك من انقلاب وتبدل في نواميس الكون كانمحاق ضوء الشمس وانطفاء النجوم، وتسيير الجبال وجمع الوحوش وتعطيل العشار عن طبيعتها، وتفجير البحار واشتداد حرارة المياه والتهابها، وتشقق السماء أو انكشافها، وتصنيف الناس أعمالهم، ونشر كتب الأعمال وتأجيج النار وتهيئة الجنة، وحينئذ يرى كل امرئ نتيجة عمله وعاقبة ما قدم بين يديه، ومن جملة ما يُسأل الناس عنه وأد بناتهم بدون ذنب.
والآيات كما يبدو تتضمن توكيداً قوياً بمجيء يوم القيامة وأهواله وأماراته التي تسبقه أو ترافقه ومحاسبة الناس على أعمالهم في الدنيا وتوفية كل منهم جزاءه بالجنة والنار.
ولقد روى الترمذي في سياق هذه السورة حديثاً عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( من سرَّه أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رَأْيُ عين فليقرأ ﴿ إذا الشمس كورت ﴾ [ التكوير : ١ ] و﴿ إذا السماء انفطرت ﴾ [ الانفطار١ ] و ﴿ إذا السماء انشقت ﴾ [ الانشقاق ١ ] )١ومطلع السورتين الثانية والثالثة المذكورتين في الحديث مشابه لمطلع هذه السورة في وصف مشاهد القيامة وأهوالها.
وما ذكر في الانقلاب الذي يطرأ على نواميس الكون هو على ما يتبادر وبالإضافة إلى حقيقته الإيمانية ودخوله في نطاق قدرة الله بسبيل تصوير هول يوم القيامة وأثره في مشاهد الكون العظيمة التي تملأ الأذهان استهدافاً لإثارة خوف السامعين وحملهم على الارعواء. وليس من طائل في التخمين والتزيّد في مظاهر هذا الانقلاب وماهياته المادية. وليس ذلك من أغراض القرآن على ما شرحناه في مناسبة سابقة٢.
وعادة دفن البنات أحياء وكراهة ولادتهن من صور حياة العرب قبل البعثة وعاداتهم. وقد ذكر هذا في أكثر من موضع في القرآن، ومن ذلك في آيات النحل هذه :﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ( ٥٨ ) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ ( ٥٩ ) ﴾ [ ٥٨- ٥٩ ]. وأسلوب الآية هنا أسلوب تنديد لهذه العادة وإنذار بشدة عقوبتها عند الله لما فيها من قسوة بالغة وجرأة على إزهاق روح بريئة. وتخصيص وأد البنات بالذكر لا يعني بطبيعة الحال أن هذا هو وحده الذي يُسأل الناس عنه. وإنما يمكن أن يُلمح منه قصد تشديد النكير على هذه العادة القاسية البشعة التي كان الذين يمارسونها يظنون أنه ليس عليهم فيها حرج ولا إثم.
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ ١ ( ١٥ ) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ ٢ ( ١٦ ) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ٣ ( ١٧ ) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ٤ ( ١٨ ) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ( ١٩ ) ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ( ٢٠ ) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ( ٢١ ) وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ( ٢٢ ) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ( ٢٣ ) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ ٥ بِضَنِينٍ ٦ ( ٢٤ ) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ ٧ رَجِيمٍ ٨ ( ٢٥ ) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ( ٢٦ )إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ( ٢٧ ) لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ( ٢٨ ) وَمَا تَشَاؤونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ( ٢٩ ) ﴾ [ ١٥- ٢٩ ].
وفي هذه الآيات قسم بالمشاهد الكونية المذكورة وحركاتها بأن الذي يبلغ وحي الله هو رسول كريم أمين على ما ينقل قوي على حمل الأمانة حظي عند الله، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس مجنوناً وبأنه قد رأى ملك الله في أفق السماء، وبأنه صادق فيما يقول غير متهم في أمانته، وغير مخف شيئا مما رآه وسمعه وعرفه، وبأن ما يبلغه ليس من تخليط الشيطان الرجيم وأقواله.
وسألت إحدى الآيات السامعين أين يذهبون في أمر النبي وماذا يظنون ؟ والسؤال ينطوي على تنديد بالمكذبين والمترددين في تصديق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وبأوهامهم وتفسيراتهم الخاطئة لما يخبر به من المشاهد الروحانية. ونبهت إحدى الآيات على أن ما يبلغه إنما هو تذكرة لهم وموعظة ؛ ليرى من شاء الحق فيتبعه ويستقيم عليه فيكون قد اهتدى بهدى الله ومشيئته التي تناط بها مشيئة الناس.
والآيات فصل مستقل الموضوع عن سابقاتها، غير أن الارتباط بينها وبين هذه السابقات قائم. فالأولى تخبر بيوم القيامة وأهواله ونتائجه وتنذر الناس بعواقب أعمالهم، والثانية تؤكد صدق الأخبار والإنذار وترد على الكفار ما يقولونه في صددهما وما ينسبونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم من تخطيط الشياطين عليه، والمرجح أن الفصلين نزلا متتابعين إن لم يكونا قد نزلا معا.
وقد ذكر المفسرون١عدة وجوه في صدد حرف " لا " الذي سبق فعل القسم فقالوا : إنه قد يكون مختصراً من " ألا " التنبيهية أو قد يكون حرف ابتداء فقط أي لأقسم بمعنى إني لأقسم، أو قد يكون حرف نفي، ليفيد أن الأمر المذكور صحيح وواضح لا يحتاج إلى القسم، أو قد يكون زائداً وليس حرف نفي. وقد أسهبنا في ذكر الوجوه لأن هذا قد تكرر أكثر من مرة في معرض التوكيد والقسم. ومهما يكن من أمر فالجملة قسمية على ما تلهمه روح الآيات. ولا شك أن هذا من الأساليب التي كانت مستعملة في كلام العرب. وفي سورة الواقعة هاتان الآيتان :﴿ فلا أقسم بمواقع النجوم ( ٧٥ )وإنه لقسم لو تعلمون عظيم( ٧٦ ) ﴾، وفيهما صراحة بأن الجملة قسمية.
ولم نطلع على رواية تذكر سبب نزول هذه الآيات. والمتبادر أنها نزلت رداً على أقوال تقولها الكفار والجاحدون. وقد انطوت على ردّ قوي يوحي بصدق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وعمق إيمانه به واستناده فيه على الحقيقة الواقعة التي أدركها بالقوة التي اختصه الله بها، و يقضي على أي شك في نفس كل امرئ حسنت نيته ورغب عن المماراة بالباطل.
ونفي الآيات الجنون عن النبي صلى الله عليه وسلم، وصلة الشيطان بما يبلغه دليل على أن المكذبين كانوا يقولون : إن ما يخبر به هو من تلقينات الشيطان. ويقصدون بذلك الجن على الأرجح لأن العرب كانوا يعتقدون أن شياطين الجن يوحون إلى الشعراء والكهان والسحرة. وقد يأتي على البال من هذا أن المكذبين كانوا حينما ينعتون النبي صلى الله عليه وسلم بالمجنون، ويقولون : إن به جنّة على ما حكته آيات عديدة منها آية سورة المؤمنون هذه :﴿ أم يقولون به جنّة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون( ٧٠ ) ﴾ كانوا أحيانا يعنون أن له شيطانا من الجن يتصل به ويلقنه ما يقول على نحو ما كانوا يعتقدونه. والراجح أنهم نعتوه بالشاعر والكاهن والساحر بناء على هذا الاعتقاد.
وأكثر المفسرين٢يصرفون تعبير ﴿ رسول كريم ﴾ إلى الملك الذي كان يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم وحي الله وقرآنه. والضمير في الآية [ ٢٣ ] يدعم هذا القول. ولقد ورد في الحديث المروي عن جابر بن عبد الله والذي ذكرناه في سياق تفسير سورة المدثر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى الملك في أفق السماء. فالآية هنا على الأرجح في معرض التوكيد لهذه الرؤية الروحانية التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها فكان المؤمنون يصدقونه والجاحدون يكذبونه. وتبكير نزول السورة يؤيد هذا ؛ حيث لم يكن قد مضى وقت طويل على هذه الرؤية. والتوكيد والنفي والتنديد في الآيات قوي يبعث اليقين في نفس من لا يتعمد العناد والمكابرة في صدق هذه المشاهدة، ويجلّي صورة رائعة لصميمية النبي صلى الله عليه وسلم ويقينه بصحة ما رأى، ويؤيد صحة الحديث.
وعلى المسلم أن يؤمن بذلك ويقف عنده ولا يزيد في الظن والتخمين في صدد الماهية والكنه. فلا طائل من وراء ذلك وهما سرّ من واجب الوجوب وسرّ النبوة والوحي الذي تقصر عنه عقول الناس.
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ ١ ( ١٥ ) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ ٢ ( ١٦ ) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ٣ ( ١٧ ) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ٤ ( ١٨ ) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ( ١٩ ) ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ( ٢٠ ) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ( ٢١ ) وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ( ٢٢ ) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ( ٢٣ ) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ ٥ بِضَنِينٍ ٦ ( ٢٤ ) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ ٧ رَجِيمٍ ٨ ( ٢٥ ) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ( ٢٦ )إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ( ٢٧ ) لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ( ٢٨ ) وَمَا تَشَاؤونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ( ٢٩ ) ﴾ [ ١٥- ٢٩ ].
وفي هذه الآيات قسم بالمشاهد الكونية المذكورة وحركاتها بأن الذي يبلغ وحي الله هو رسول كريم أمين على ما ينقل قوي على حمل الأمانة حظي عند الله، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس مجنوناً وبأنه قد رأى ملك الله في أفق السماء، وبأنه صادق فيما يقول غير متهم في أمانته، وغير مخف شيئا مما رآه وسمعه وعرفه، وبأن ما يبلغه ليس من تخليط الشيطان الرجيم وأقواله.
وسألت إحدى الآيات السامعين أين يذهبون في أمر النبي وماذا يظنون ؟ والسؤال ينطوي على تنديد بالمكذبين والمترددين في تصديق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وبأوهامهم وتفسيراتهم الخاطئة لما يخبر به من المشاهد الروحانية. ونبهت إحدى الآيات على أن ما يبلغه إنما هو تذكرة لهم وموعظة ؛ ليرى من شاء الحق فيتبعه ويستقيم عليه فيكون قد اهتدى بهدى الله ومشيئته التي تناط بها مشيئة الناس.
والآيات فصل مستقل الموضوع عن سابقاتها، غير أن الارتباط بينها وبين هذه السابقات قائم. فالأولى تخبر بيوم القيامة وأهواله ونتائجه وتنذر الناس بعواقب أعمالهم، والثانية تؤكد صدق الأخبار والإنذار وترد على الكفار ما يقولونه في صددهما وما ينسبونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم من تخطيط الشياطين عليه، والمرجح أن الفصلين نزلا متتابعين إن لم يكونا قد نزلا معا.
وقد ذكر المفسرون١عدة وجوه في صدد حرف " لا " الذي سبق فعل القسم فقالوا : إنه قد يكون مختصراً من " ألا " التنبيهية أو قد يكون حرف ابتداء فقط أي لأقسم بمعنى إني لأقسم، أو قد يكون حرف نفي، ليفيد أن الأمر المذكور صحيح وواضح لا يحتاج إلى القسم، أو قد يكون زائداً وليس حرف نفي. وقد أسهبنا في ذكر الوجوه لأن هذا قد تكرر أكثر من مرة في معرض التوكيد والقسم. ومهما يكن من أمر فالجملة قسمية على ما تلهمه روح الآيات. ولا شك أن هذا من الأساليب التي كانت مستعملة في كلام العرب. وفي سورة الواقعة هاتان الآيتان :﴿ فلا أقسم بمواقع النجوم ( ٧٥ )وإنه لقسم لو تعلمون عظيم( ٧٦ ) ﴾، وفيهما صراحة بأن الجملة قسمية.
ولم نطلع على رواية تذكر سبب نزول هذه الآيات. والمتبادر أنها نزلت رداً على أقوال تقولها الكفار والجاحدون. وقد انطوت على ردّ قوي يوحي بصدق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وعمق إيمانه به واستناده فيه على الحقيقة الواقعة التي أدركها بالقوة التي اختصه الله بها، و يقضي على أي شك في نفس كل امرئ حسنت نيته ورغب عن المماراة بالباطل.
ونفي الآيات الجنون عن النبي صلى الله عليه وسلم، وصلة الشيطان بما يبلغه دليل على أن المكذبين كانوا يقولون : إن ما يخبر به هو من تلقينات الشيطان. ويقصدون بذلك الجن على الأرجح لأن العرب كانوا يعتقدون أن شياطين الجن يوحون إلى الشعراء والكهان والسحرة. وقد يأتي على البال من هذا أن المكذبين كانوا حينما ينعتون النبي صلى الله عليه وسلم بالمجنون، ويقولون : إن به جنّة على ما حكته آيات عديدة منها آية سورة المؤمنون هذه :﴿ أم يقولون به جنّة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون( ٧٠ ) ﴾ كانوا أحيانا يعنون أن له شيطانا من الجن يتصل به ويلقنه ما يقول على نحو ما كانوا يعتقدونه. والراجح أنهم نعتوه بالشاعر والكاهن والساحر بناء على هذا الاعتقاد.
وأكثر المفسرين٢يصرفون تعبير ﴿ رسول كريم ﴾ إلى الملك الذي كان يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم وحي الله وقرآنه. والضمير في الآية [ ٢٣ ] يدعم هذا القول. ولقد ورد في الحديث المروي عن جابر بن عبد الله والذي ذكرناه في سياق تفسير سورة المدثر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى الملك في أفق السماء. فالآية هنا على الأرجح في معرض التوكيد لهذه الرؤية الروحانية التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها فكان المؤمنون يصدقونه والجاحدون يكذبونه. وتبكير نزول السورة يؤيد هذا ؛ حيث لم يكن قد مضى وقت طويل على هذه الرؤية. والتوكيد والنفي والتنديد في الآيات قوي يبعث اليقين في نفس من لا يتعمد العناد والمكابرة في صدق هذه المشاهدة، ويجلّي صورة رائعة لصميمية النبي صلى الله عليه وسلم ويقينه بصحة ما رأى، ويؤيد صحة الحديث.
وعلى المسلم أن يؤمن بذلك ويقف عنده ولا يزيد في الظن والتخمين في صدد الماهية والكنه. فلا طائل من وراء ذلك وهما سرّ من واجب الوجوب وسرّ النبوة والوحي الذي تقصر عنه عقول الناس.
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ ١ ( ١٥ ) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ ٢ ( ١٦ ) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ٣ ( ١٧ ) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ٤ ( ١٨ ) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ( ١٩ ) ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ( ٢٠ ) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ( ٢١ ) وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ( ٢٢ ) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ( ٢٣ ) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ ٥ بِضَنِينٍ ٦ ( ٢٤ ) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ ٧ رَجِيمٍ ٨ ( ٢٥ ) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ( ٢٦ )إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ( ٢٧ ) لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ( ٢٨ ) وَمَا تَشَاؤونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ( ٢٩ ) ﴾ [ ١٥- ٢٩ ].
وفي هذه الآيات قسم بالمشاهد الكونية المذكورة وحركاتها بأن الذي يبلغ وحي الله هو رسول كريم أمين على ما ينقل قوي على حمل الأمانة حظي عند الله، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس مجنوناً وبأنه قد رأى ملك الله في أفق السماء، وبأنه صادق فيما يقول غير متهم في أمانته، وغير مخف شيئا مما رآه وسمعه وعرفه، وبأن ما يبلغه ليس من تخليط الشيطان الرجيم وأقواله.
وسألت إحدى الآيات السامعين أين يذهبون في أمر النبي وماذا يظنون ؟ والسؤال ينطوي على تنديد بالمكذبين والمترددين في تصديق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وبأوهامهم وتفسيراتهم الخاطئة لما يخبر به من المشاهد الروحانية. ونبهت إحدى الآيات على أن ما يبلغه إنما هو تذكرة لهم وموعظة ؛ ليرى من شاء الحق فيتبعه ويستقيم عليه فيكون قد اهتدى بهدى الله ومشيئته التي تناط بها مشيئة الناس.
والآيات فصل مستقل الموضوع عن سابقاتها، غير أن الارتباط بينها وبين هذه السابقات قائم. فالأولى تخبر بيوم القيامة وأهواله ونتائجه وتنذر الناس بعواقب أعمالهم، والثانية تؤكد صدق الأخبار والإنذار وترد على الكفار ما يقولونه في صددهما وما ينسبونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم من تخطيط الشياطين عليه، والمرجح أن الفصلين نزلا متتابعين إن لم يكونا قد نزلا معا.
وقد ذكر المفسرون١عدة وجوه في صدد حرف " لا " الذي سبق فعل القسم فقالوا : إنه قد يكون مختصراً من " ألا " التنبيهية أو قد يكون حرف ابتداء فقط أي لأقسم بمعنى إني لأقسم، أو قد يكون حرف نفي، ليفيد أن الأمر المذكور صحيح وواضح لا يحتاج إلى القسم، أو قد يكون زائداً وليس حرف نفي. وقد أسهبنا في ذكر الوجوه لأن هذا قد تكرر أكثر من مرة في معرض التوكيد والقسم. ومهما يكن من أمر فالجملة قسمية على ما تلهمه روح الآيات. ولا شك أن هذا من الأساليب التي كانت مستعملة في كلام العرب. وفي سورة الواقعة هاتان الآيتان :﴿ فلا أقسم بمواقع النجوم ( ٧٥ )وإنه لقسم لو تعلمون عظيم( ٧٦ ) ﴾، وفيهما صراحة بأن الجملة قسمية.
ولم نطلع على رواية تذكر سبب نزول هذه الآيات. والمتبادر أنها نزلت رداً على أقوال تقولها الكفار والجاحدون. وقد انطوت على ردّ قوي يوحي بصدق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وعمق إيمانه به واستناده فيه على الحقيقة الواقعة التي أدركها بالقوة التي اختصه الله بها، و يقضي على أي شك في نفس كل امرئ حسنت نيته ورغب عن المماراة بالباطل.
ونفي الآيات الجنون عن النبي صلى الله عليه وسلم، وصلة الشيطان بما يبلغه دليل على أن المكذبين كانوا يقولون : إن ما يخبر به هو من تلقينات الشيطان. ويقصدون بذلك الجن على الأرجح لأن العرب كانوا يعتقدون أن شياطين الجن يوحون إلى الشعراء والكهان والسحرة. وقد يأتي على البال من هذا أن المكذبين كانوا حينما ينعتون النبي صلى الله عليه وسلم بالمجنون، ويقولون : إن به جنّة على ما حكته آيات عديدة منها آية سورة المؤمنون هذه :﴿ أم يقولون به جنّة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون( ٧٠ ) ﴾ كانوا أحيانا يعنون أن له شيطانا من الجن يتصل به ويلقنه ما يقول على نحو ما كانوا يعتقدونه. والراجح أنهم نعتوه بالشاعر والكاهن والساحر بناء على هذا الاعتقاد.
وأكثر المفسرين٢يصرفون تعبير ﴿ رسول كريم ﴾ إلى الملك الذي كان يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم وحي الله وقرآنه. والضمير في الآية [ ٢٣ ] يدعم هذا القول. ولقد ورد في الحديث المروي عن جابر بن عبد الله والذي ذكرناه في سياق تفسير سورة المدثر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى الملك في أفق السماء. فالآية هنا على الأرجح في معرض التوكيد لهذه الرؤية الروحانية التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها فكان المؤمنون يصدقونه والجاحدون يكذبونه. وتبكير نزول السورة يؤيد هذا ؛ حيث لم يكن قد مضى وقت طويل على هذه الرؤية. والتوكيد والنفي والتنديد في الآيات قوي يبعث اليقين في نفس من لا يتعمد العناد والمكابرة في صدق هذه المشاهدة، ويجلّي صورة رائعة لصميمية النبي صلى الله عليه وسلم ويقينه بصحة ما رأى، ويؤيد صحة الحديث.
وعلى المسلم أن يؤمن بذلك ويقف عنده ولا يزيد في الظن والتخمين في صدد الماهية والكنه. فلا طائل من وراء ذلك وهما سرّ من واجب الوجوب وسرّ النبوة والوحي الذي تقصر عنه عقول الناس.
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ ١ ( ١٥ ) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ ٢ ( ١٦ ) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ٣ ( ١٧ ) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ٤ ( ١٨ ) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ( ١٩ ) ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ( ٢٠ ) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ( ٢١ ) وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ( ٢٢ ) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ( ٢٣ ) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ ٥ بِضَنِينٍ ٦ ( ٢٤ ) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ ٧ رَجِيمٍ ٨ ( ٢٥ ) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ( ٢٦ )إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ( ٢٧ ) لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ( ٢٨ ) وَمَا تَشَاؤونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ( ٢٩ ) ﴾ [ ١٥- ٢٩ ].
وفي هذه الآيات قسم بالمشاهد الكونية المذكورة وحركاتها بأن الذي يبلغ وحي الله هو رسول كريم أمين على ما ينقل قوي على حمل الأمانة حظي عند الله، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس مجنوناً وبأنه قد رأى ملك الله في أفق السماء، وبأنه صادق فيما يقول غير متهم في أمانته، وغير مخف شيئا مما رآه وسمعه وعرفه، وبأن ما يبلغه ليس من تخليط الشيطان الرجيم وأقواله.
وسألت إحدى الآيات السامعين أين يذهبون في أمر النبي وماذا يظنون ؟ والسؤال ينطوي على تنديد بالمكذبين والمترددين في تصديق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وبأوهامهم وتفسيراتهم الخاطئة لما يخبر به من المشاهد الروحانية. ونبهت إحدى الآيات على أن ما يبلغه إنما هو تذكرة لهم وموعظة ؛ ليرى من شاء الحق فيتبعه ويستقيم عليه فيكون قد اهتدى بهدى الله ومشيئته التي تناط بها مشيئة الناس.
والآيات فصل مستقل الموضوع عن سابقاتها، غير أن الارتباط بينها وبين هذه السابقات قائم. فالأولى تخبر بيوم القيامة وأهواله ونتائجه وتنذر الناس بعواقب أعمالهم، والثانية تؤكد صدق الأخبار والإنذار وترد على الكفار ما يقولونه في صددهما وما ينسبونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم من تخطيط الشياطين عليه، والمرجح أن الفصلين نزلا متتابعين إن لم يكونا قد نزلا معا.
وقد ذكر المفسرون١عدة وجوه في صدد حرف " لا " الذي سبق فعل القسم فقالوا : إنه قد يكون مختصراً من " ألا " التنبيهية أو قد يكون حرف ابتداء فقط أي لأقسم بمعنى إني لأقسم، أو قد يكون حرف نفي، ليفيد أن الأمر المذكور صحيح وواضح لا يحتاج إلى القسم، أو قد يكون زائداً وليس حرف نفي. وقد أسهبنا في ذكر الوجوه لأن هذا قد تكرر أكثر من مرة في معرض التوكيد والقسم. ومهما يكن من أمر فالجملة قسمية على ما تلهمه روح الآيات. ولا شك أن هذا من الأساليب التي كانت مستعملة في كلام العرب. وفي سورة الواقعة هاتان الآيتان :﴿ فلا أقسم بمواقع النجوم ( ٧٥ )وإنه لقسم لو تعلمون عظيم( ٧٦ ) ﴾، وفيهما صراحة بأن الجملة قسمية.
ولم نطلع على رواية تذكر سبب نزول هذه الآيات. والمتبادر أنها نزلت رداً على أقوال تقولها الكفار والجاحدون. وقد انطوت على ردّ قوي يوحي بصدق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وعمق إيمانه به واستناده فيه على الحقيقة الواقعة التي أدركها بالقوة التي اختصه الله بها، و يقضي على أي شك في نفس كل امرئ حسنت نيته ورغب عن المماراة بالباطل.
ونفي الآيات الجنون عن النبي صلى الله عليه وسلم، وصلة الشيطان بما يبلغه دليل على أن المكذبين كانوا يقولون : إن ما يخبر به هو من تلقينات الشيطان. ويقصدون بذلك الجن على الأرجح لأن العرب كانوا يعتقدون أن شياطين الجن يوحون إلى الشعراء والكهان والسحرة. وقد يأتي على البال من هذا أن المكذبين كانوا حينما ينعتون النبي صلى الله عليه وسلم بالمجنون، ويقولون : إن به جنّة على ما حكته آيات عديدة منها آية سورة المؤمنون هذه :﴿ أم يقولون به جنّة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون( ٧٠ ) ﴾ كانوا أحيانا يعنون أن له شيطانا من الجن يتصل به ويلقنه ما يقول على نحو ما كانوا يعتقدونه. والراجح أنهم نعتوه بالشاعر والكاهن والساحر بناء على هذا الاعتقاد.
وأكثر المفسرين٢يصرفون تعبير ﴿ رسول كريم ﴾ إلى الملك الذي كان يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم وحي الله وقرآنه. والضمير في الآية [ ٢٣ ] يدعم هذا القول. ولقد ورد في الحديث المروي عن جابر بن عبد الله والذي ذكرناه في سياق تفسير سورة المدثر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى الملك في أفق السماء. فالآية هنا على الأرجح في معرض التوكيد لهذه الرؤية الروحانية التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها فكان المؤمنون يصدقونه والجاحدون يكذبونه. وتبكير نزول السورة يؤيد هذا ؛ حيث لم يكن قد مضى وقت طويل على هذه الرؤية. والتوكيد والنفي والتنديد في الآيات قوي يبعث اليقين في نفس من لا يتعمد العناد والمكابرة في صدق هذه المشاهدة، ويجلّي صورة رائعة لصميمية النبي صلى الله عليه وسلم ويقينه بصحة ما رأى، ويؤيد صحة الحديث.
وعلى المسلم أن يؤمن بذلك ويقف عنده ولا يزيد في الظن والتخمين في صدد الماهية والكنه. فلا طائل من وراء ذلك وهما سرّ من واجب الوجوب وسرّ النبوة والوحي الذي تقصر عنه عقول الناس.
وفي هذه الآيات قسم بالمشاهد الكونية المذكورة وحركاتها بأن الذي يبلغ وحي الله هو رسول كريم أمين على ما ينقل قوي على حمل الأمانة حظي عند الله، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس مجنوناً وبأنه قد رأى ملك الله في أفق السماء، وبأنه صادق فيما يقول غير متهم في أمانته، وغير مخف شيئا مما رآه وسمعه وعرفه، وبأن ما يبلغه ليس من تخليط الشيطان الرجيم وأقواله.
وسألت إحدى الآيات السامعين أين يذهبون في أمر النبي وماذا يظنون ؟ والسؤال ينطوي على تنديد بالمكذبين والمترددين في تصديق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وبأوهامهم وتفسيراتهم الخاطئة لما يخبر به من المشاهد الروحانية. ونبهت إحدى الآيات على أن ما يبلغه إنما هو تذكرة لهم وموعظة ؛ ليرى من شاء الحق فيتبعه ويستقيم عليه فيكون قد اهتدى بهدى الله ومشيئته التي تناط بها مشيئة الناس.
والآيات فصل مستقل الموضوع عن سابقاتها، غير أن الارتباط بينها وبين هذه السابقات قائم. فالأولى تخبر بيوم القيامة وأهواله ونتائجه وتنذر الناس بعواقب أعمالهم، والثانية تؤكد صدق الأخبار والإنذار وترد على الكفار ما يقولونه في صددهما وما ينسبونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم من تخطيط الشياطين عليه، والمرجح أن الفصلين نزلا متتابعين إن لم يكونا قد نزلا معا.
وقد ذكر المفسرون١عدة وجوه في صدد حرف " لا " الذي سبق فعل القسم فقالوا : إنه قد يكون مختصراً من " ألا " التنبيهية أو قد يكون حرف ابتداء فقط أي لأقسم بمعنى إني لأقسم، أو قد يكون حرف نفي، ليفيد أن الأمر المذكور صحيح وواضح لا يحتاج إلى القسم، أو قد يكون زائداً وليس حرف نفي. وقد أسهبنا في ذكر الوجوه لأن هذا قد تكرر أكثر من مرة في معرض التوكيد والقسم. ومهما يكن من أمر فالجملة قسمية على ما تلهمه روح الآيات. ولا شك أن هذا من الأساليب التي كانت مستعملة في كلام العرب. وفي سورة الواقعة هاتان الآيتان :﴿ فلا أقسم بمواقع النجوم ( ٧٥ )وإنه لقسم لو تعلمون عظيم( ٧٦ ) ﴾، وفيهما صراحة بأن الجملة قسمية.
ولم نطلع على رواية تذكر سبب نزول هذه الآيات. والمتبادر أنها نزلت رداً على أقوال تقولها الكفار والجاحدون. وقد انطوت على ردّ قوي يوحي بصدق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وعمق إيمانه به واستناده فيه على الحقيقة الواقعة التي أدركها بالقوة التي اختصه الله بها، و يقضي على أي شك في نفس كل امرئ حسنت نيته ورغب عن المماراة بالباطل.
ونفي الآيات الجنون عن النبي صلى الله عليه وسلم، وصلة الشيطان بما يبلغه دليل على أن المكذبين كانوا يقولون : إن ما يخبر به هو من تلقينات الشيطان. ويقصدون بذلك الجن على الأرجح لأن العرب كانوا يعتقدون أن شياطين الجن يوحون إلى الشعراء والكهان والسحرة. وقد يأتي على البال من هذا أن المكذبين كانوا حينما ينعتون النبي صلى الله عليه وسلم بالمجنون، ويقولون : إن به جنّة على ما حكته آيات عديدة منها آية سورة المؤمنون هذه :﴿ أم يقولون به جنّة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون( ٧٠ ) ﴾ كانوا أحيانا يعنون أن له شيطانا من الجن يتصل به ويلقنه ما يقول على نحو ما كانوا يعتقدونه. والراجح أنهم نعتوه بالشاعر والكاهن والساحر بناء على هذا الاعتقاد.
وأكثر المفسرين٢يصرفون تعبير ﴿ رسول كريم ﴾ إلى الملك الذي كان يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم وحي الله وقرآنه. والضمير في الآية [ ٢٣ ] يدعم هذا القول. ولقد ورد في الحديث المروي عن جابر بن عبد الله والذي ذكرناه في سياق تفسير سورة المدثر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى الملك في أفق السماء. فالآية هنا على الأرجح في معرض التوكيد لهذه الرؤية الروحانية التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها فكان المؤمنون يصدقونه والجاحدون يكذبونه. وتبكير نزول السورة يؤيد هذا ؛ حيث لم يكن قد مضى وقت طويل على هذه الرؤية. والتوكيد والنفي والتنديد في الآيات قوي يبعث اليقين في نفس من لا يتعمد العناد والمكابرة في صدق هذه المشاهدة، ويجلّي صورة رائعة لصميمية النبي صلى الله عليه وسلم ويقينه بصحة ما رأى، ويؤيد صحة الحديث.
وعلى المسلم أن يؤمن بذلك ويقف عنده ولا يزيد في الظن والتخمين في صدد الماهية والكنه. فلا طائل من وراء ذلك وهما سرّ من واجب الوجوب وسرّ النبوة والوحي الذي تقصر عنه عقول الناس.
وفي هذه الآيات قسم بالمشاهد الكونية المذكورة وحركاتها بأن الذي يبلغ وحي الله هو رسول كريم أمين على ما ينقل قوي على حمل الأمانة حظي عند الله، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس مجنوناً وبأنه قد رأى ملك الله في أفق السماء، وبأنه صادق فيما يقول غير متهم في أمانته، وغير مخف شيئا مما رآه وسمعه وعرفه، وبأن ما يبلغه ليس من تخليط الشيطان الرجيم وأقواله.
وسألت إحدى الآيات السامعين أين يذهبون في أمر النبي وماذا يظنون ؟ والسؤال ينطوي على تنديد بالمكذبين والمترددين في تصديق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وبأوهامهم وتفسيراتهم الخاطئة لما يخبر به من المشاهد الروحانية. ونبهت إحدى الآيات على أن ما يبلغه إنما هو تذكرة لهم وموعظة ؛ ليرى من شاء الحق فيتبعه ويستقيم عليه فيكون قد اهتدى بهدى الله ومشيئته التي تناط بها مشيئة الناس.
والآيات فصل مستقل الموضوع عن سابقاتها، غير أن الارتباط بينها وبين هذه السابقات قائم. فالأولى تخبر بيوم القيامة وأهواله ونتائجه وتنذر الناس بعواقب أعمالهم، والثانية تؤكد صدق الأخبار والإنذار وترد على الكفار ما يقولونه في صددهما وما ينسبونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم من تخطيط الشياطين عليه، والمرجح أن الفصلين نزلا متتابعين إن لم يكونا قد نزلا معا.
وقد ذكر المفسرون١عدة وجوه في صدد حرف " لا " الذي سبق فعل القسم فقالوا : إنه قد يكون مختصراً من " ألا " التنبيهية أو قد يكون حرف ابتداء فقط أي لأقسم بمعنى إني لأقسم، أو قد يكون حرف نفي، ليفيد أن الأمر المذكور صحيح وواضح لا يحتاج إلى القسم، أو قد يكون زائداً وليس حرف نفي. وقد أسهبنا في ذكر الوجوه لأن هذا قد تكرر أكثر من مرة في معرض التوكيد والقسم. ومهما يكن من أمر فالجملة قسمية على ما تلهمه روح الآيات. ولا شك أن هذا من الأساليب التي كانت مستعملة في كلام العرب. وفي سورة الواقعة هاتان الآيتان :﴿ فلا أقسم بمواقع النجوم ( ٧٥ )وإنه لقسم لو تعلمون عظيم( ٧٦ ) ﴾، وفيهما صراحة بأن الجملة قسمية.
ولم نطلع على رواية تذكر سبب نزول هذه الآيات. والمتبادر أنها نزلت رداً على أقوال تقولها الكفار والجاحدون. وقد انطوت على ردّ قوي يوحي بصدق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وعمق إيمانه به واستناده فيه على الحقيقة الواقعة التي أدركها بالقوة التي اختصه الله بها، و يقضي على أي شك في نفس كل امرئ حسنت نيته ورغب عن المماراة بالباطل.
ونفي الآيات الجنون عن النبي صلى الله عليه وسلم، وصلة الشيطان بما يبلغه دليل على أن المكذبين كانوا يقولون : إن ما يخبر به هو من تلقينات الشيطان. ويقصدون بذلك الجن على الأرجح لأن العرب كانوا يعتقدون أن شياطين الجن يوحون إلى الشعراء والكهان والسحرة. وقد يأتي على البال من هذا أن المكذبين كانوا حينما ينعتون النبي صلى الله عليه وسلم بالمجنون، ويقولون : إن به جنّة على ما حكته آيات عديدة منها آية سورة المؤمنون هذه :﴿ أم يقولون به جنّة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون( ٧٠ ) ﴾ كانوا أحيانا يعنون أن له شيطانا من الجن يتصل به ويلقنه ما يقول على نحو ما كانوا يعتقدونه. والراجح أنهم نعتوه بالشاعر والكاهن والساحر بناء على هذا الاعتقاد.
وأكثر المفسرين٢يصرفون تعبير ﴿ رسول كريم ﴾ إلى الملك الذي كان يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم وحي الله وقرآنه. والضمير في الآية [ ٢٣ ] يدعم هذا القول. ولقد ورد في الحديث المروي عن جابر بن عبد الله والذي ذكرناه في سياق تفسير سورة المدثر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى الملك في أفق السماء. فالآية هنا على الأرجح في معرض التوكيد لهذه الرؤية الروحانية التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها فكان المؤمنون يصدقونه والجاحدون يكذبونه. وتبكير نزول السورة يؤيد هذا ؛ حيث لم يكن قد مضى وقت طويل على هذه الرؤية. والتوكيد والنفي والتنديد في الآيات قوي يبعث اليقين في نفس من لا يتعمد العناد والمكابرة في صدق هذه المشاهدة، ويجلّي صورة رائعة لصميمية النبي صلى الله عليه وسلم ويقينه بصحة ما رأى، ويؤيد صحة الحديث.
وعلى المسلم أن يؤمن بذلك ويقف عنده ولا يزيد في الظن والتخمين في صدد الماهية والكنه. فلا طائل من وراء ذلك وهما سرّ من واجب الوجوب وسرّ النبوة والوحي الذي تقصر عنه عقول الناس.
تعليق على العرش
وكلمة العرش تأتي هنا لأول مرة ثم تكررت كثيراً. وقد جاءت في سياق ذكر ملكة سبأ في آية سورة النمل هذه :﴿ إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم( ٢٣ ) ﴾، وجاءت جمعاً في سياق ذكر القرى التي دمرها الله في آية سورة الحج هذه :﴿ فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ( ٤٥ ) ﴾، وأكثر ما جاءت منسوبة إلى الله بمعنى ربّ العرش وصاحبه كما جاءت في هذه السورة بصيغة استواء الله على بمعنى رب العرش وصاحبه كما جاءت في هذه السورة أو بصيغة استواء الله على العرش كما جاء في آية سورة الأعراف هذه :﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ( ٥٤ ) ﴾، وذكر في آية في سورة هود هكذا :﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ ( ٧ ) وفي آية في سورة الزمر هكذا :﴿ وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم ﴾ ( ٧٥ ) وفي آية في سورة غافر هكذا :﴿ الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ﴾ [ ٧ ].
وفي كتب التفسير الحديث أحاديث وروايات عديدة ذكر فيها العرش. منها حديث رواه الترمذي عن أبي رزين جاء فيه :( قلت : يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه ؟ قال : كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء، وخلق عرشه على الماء )١. وروى الإمام أحمد هذا الحديث بمغايرة يسيرة حيث جاء فيه بعد :( وما فوقه هواء )، ثم خلق العرش بعد ذلك ) ومنها حديث رواه الترمذي عن أبي هريرة قال :( بينما نبي الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ وأصحابه إذا أتى عليهم سحابٌ فقال هل تدرون ما هذا ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : هذا العَنَانُ، هذه رَوايا الأرض يسوقُ الله تعالى إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه. هل تدرون ما فوقكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : فإنها سقفٌ محفوظٌ وموجٌ مكفوفٌ. قال : هل تدرونَ كم بينكم وبينها ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : بينكم وبيننا مسيرة خمسمائة سنة. ثم قال : هل تدرون ما فوق ذلك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : فإن فوق ذلك سماءين ما بينهما مسيرة خمسمائة سنة حتى عدد سبع سماوات ما بين كل سماءين كما بين السماء والأرض. ثم قال : هل تدرون ما فوق ذلك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : فإن فوق ذلك العرش وبينه وبين السماء بعد ما به مثل ما بين السماءين. ثم قال : هل تدرون ما الذي تحتكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : فإنها الأرض. ثم قال : هل تدرون ما الذي تحت ذلك ؟ قالوا الله ورسوله أعلم. قال : فإن تحتها الأرض الأخرى مسيرة خمسمائة سنة حتى عدّد سبع أرضين بين كلّ أرضينَ مسيرة خمسمائة سنة ثم قال والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم رجلا بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله ثم قرأ ﴿ هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم ﴾٢ [ الحديد : ٣ ].
ومنها حديث لم يرد في كتب الأحاديث الصحيحة جاء فيه : " ما السماوات السبع وما فيهن في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة. والكرسي في العرش المجيد كتلك الحلقة في تلك الفلاة. لا يقدر قدره إلا الله عز وجل )٣. ومنها رواية معزوة إلى ( بعض السلف ) جاء فيها :( إن بعد ما بين العرش إلى الأرض مسيرةُ خمسين ألف سنة، وبعدَ ما بين قطريه خمسين ألفَ سنة وهو من ياقوتة حمراء )٤. ومنها حديث رواه أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم جاء فيه :( شأنُ الله أعظمُ من ذلك وإن عرشه على سماواته هكذا وأشار بيده مثل القبة )٥. ومنها رواية عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده جاء فيها :{ إن ما بين القائمة من قوائم العرش والقائمة الثانية خفقانُ الطير المسرع ثلاثين ألف عام، والعرش يكسى كلّ يوم سبعين ألفَ لون من النور. لا يستطيع أن ينظر إليه خلق من خلق الله. والأشياء كلها في العرش كحلقة ملقاة في فلاة )٦. ورواية عن مجاهد جاء فيها :( إن بين السماء السابعة وبين العرش سبعين ألف حجاب. حجابٌ من نور وحجاب من ظلمة. وحجابٌ من نور وحجاب من ظلمة )٧ والروايات الثلاث الأخيرة لم ترد كذلك في كتب الأحاديث الصحيحة.
وهناك قول معزو إلى بعض السلف بدون أسماء جاء فيه :( إن مسافة ما بين قطري العرش من جانب إلى جانب مسيرة خمسين ألف سنة وارتفاعه من الأرض السابعة مسيرة خمسين ألف سنة )٨. وقول معزو إلى كعب الأحبار جاء فيه :( إن السماوات والأرض في العرش كالقنديل المعلق بين السماء والأرض )٩. وواضح أنه ليس في الآيات القرآنية ولا في الأحاديث النبوية الصحيحة وغيرها شيء صريح عن ماهية العرش بل باستثناء الرواية التي يرويها ابن كثير عن بعض السلف بأنه من ياقوتة حمراء والتي تتحمل التوقف ليس في الروايات الأخرى أيضا شيء صريح عن ماهيته.
ومهما يكن من أمر فإن من واجب المسلم الإيمان بما جاء في القرآن والأحاديث الصحيحة عن العرش والوقوف عند حد ذلك بدون تزيد مع الإيمان بقدرة الله تعالى على كل شيء. وبأن ذكر العرش بالأسلوب الذي ذكر به لا بد من أن يكون له حكمة سامية.
ولما كانت الآيات والأحاديث التي ورد فيها ذكر عرش الله قد وردت في صدد بيان عظمة الله عز وجل وعلو شأنه وشمول ربوبيته وسعة كونه وبديع خلقه ونفوذ أمره في جميع الكائنات خلقاً وتدبيراً وتسخيراً فإن هذا قد يكون من الحكمة التي انطوت في الآيات والأحاديث. ولا سيما أن الله عز وجل ليس مادة يمكن أن تحدّ بمكان أو صورة أو تحتاج إلى عرش مادي يجلس عليه أو تكون فوقه. وفي القرآن آيات نسبت إلى الله عز وجل اليد واللسان والروح والنزول والمجيء والقبضة والوجه مما هو منزه سبحانه عن مفهوماتها ومما هو بسبيل التقريب والتشبيه والمجاز. وقد يكون هذا من هذا الباب والله تعالى أعلم.
هذا، وهناك أحاديث وأقوال في صدد استواء الله تعالى على العرش وحمل الملائكة للعرش نرجئ إيرادها والتعليق عليها إلى مناسباتها.
٢ - التاج الجامع ج ٤ ص ٢٢٦- ٢٢٧ وإذا صح الحديث الثاني فالواجب أن يحمل تعبير (هبط على الله) على غير المعنى الجسماني المادي المتبادر منها أو على معنى الوجود الشامل والإحاطة الكاملة؛ لأن الله عز وجل منزه عن ذلك..
٣ - تفسير ابن كثير للآية [٧] من سورة هود..
٤ - تفسير المفسر نفسه للآية الثانية من سورة الرعد..
٥ - تفسير المفسر نفسه للآية [٨٦] من سور المؤمنون..
٦ - تفسير البغوي للآية السابقة من سورة غافر..
٧ - المصدر نفسه..
٨ - تفسير ابن كثير للآية [٨٦] من سورة المؤمنون وهناك روايات أخرى أوردها المفسران في سياق سور أخرى فاكتفينا بما أوردناه..
٩ - المصدر نفسه..
وفي هذه الآيات قسم بالمشاهد الكونية المذكورة وحركاتها بأن الذي يبلغ وحي الله هو رسول كريم أمين على ما ينقل قوي على حمل الأمانة حظي عند الله، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس مجنوناً وبأنه قد رأى ملك الله في أفق السماء، وبأنه صادق فيما يقول غير متهم في أمانته، وغير مخف شيئا مما رآه وسمعه وعرفه، وبأن ما يبلغه ليس من تخليط الشيطان الرجيم وأقواله.
وسألت إحدى الآيات السامعين أين يذهبون في أمر النبي وماذا يظنون ؟ والسؤال ينطوي على تنديد بالمكذبين والمترددين في تصديق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وبأوهامهم وتفسيراتهم الخاطئة لما يخبر به من المشاهد الروحانية. ونبهت إحدى الآيات على أن ما يبلغه إنما هو تذكرة لهم وموعظة ؛ ليرى من شاء الحق فيتبعه ويستقيم عليه فيكون قد اهتدى بهدى الله ومشيئته التي تناط بها مشيئة الناس.
والآيات فصل مستقل الموضوع عن سابقاتها، غير أن الارتباط بينها وبين هذه السابقات قائم. فالأولى تخبر بيوم القيامة وأهواله ونتائجه وتنذر الناس بعواقب أعمالهم، والثانية تؤكد صدق الأخبار والإنذار وترد على الكفار ما يقولونه في صددهما وما ينسبونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم من تخطيط الشياطين عليه، والمرجح أن الفصلين نزلا متتابعين إن لم يكونا قد نزلا معا.
وقد ذكر المفسرون١عدة وجوه في صدد حرف " لا " الذي سبق فعل القسم فقالوا : إنه قد يكون مختصراً من " ألا " التنبيهية أو قد يكون حرف ابتداء فقط أي لأقسم بمعنى إني لأقسم، أو قد يكون حرف نفي، ليفيد أن الأمر المذكور صحيح وواضح لا يحتاج إلى القسم، أو قد يكون زائداً وليس حرف نفي. وقد أسهبنا في ذكر الوجوه لأن هذا قد تكرر أكثر من مرة في معرض التوكيد والقسم. ومهما يكن من أمر فالجملة قسمية على ما تلهمه روح الآيات. ولا شك أن هذا من الأساليب التي كانت مستعملة في كلام العرب. وفي سورة الواقعة هاتان الآيتان :﴿ فلا أقسم بمواقع النجوم ( ٧٥ )وإنه لقسم لو تعلمون عظيم( ٧٦ ) ﴾، وفيهما صراحة بأن الجملة قسمية.
ولم نطلع على رواية تذكر سبب نزول هذه الآيات. والمتبادر أنها نزلت رداً على أقوال تقولها الكفار والجاحدون. وقد انطوت على ردّ قوي يوحي بصدق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وعمق إيمانه به واستناده فيه على الحقيقة الواقعة التي أدركها بالقوة التي اختصه الله بها، و يقضي على أي شك في نفس كل امرئ حسنت نيته ورغب عن المماراة بالباطل.
ونفي الآيات الجنون عن النبي صلى الله عليه وسلم، وصلة الشيطان بما يبلغه دليل على أن المكذبين كانوا يقولون : إن ما يخبر به هو من تلقينات الشيطان. ويقصدون بذلك الجن على الأرجح لأن العرب كانوا يعتقدون أن شياطين الجن يوحون إلى الشعراء والكهان والسحرة. وقد يأتي على البال من هذا أن المكذبين كانوا حينما ينعتون النبي صلى الله عليه وسلم بالمجنون، ويقولون : إن به جنّة على ما حكته آيات عديدة منها آية سورة المؤمنون هذه :﴿ أم يقولون به جنّة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون( ٧٠ ) ﴾ كانوا أحيانا يعنون أن له شيطانا من الجن يتصل به ويلقنه ما يقول على نحو ما كانوا يعتقدونه. والراجح أنهم نعتوه بالشاعر والكاهن والساحر بناء على هذا الاعتقاد.
وأكثر المفسرين٢يصرفون تعبير ﴿ رسول كريم ﴾ إلى الملك الذي كان يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم وحي الله وقرآنه. والضمير في الآية [ ٢٣ ] يدعم هذا القول. ولقد ورد في الحديث المروي عن جابر بن عبد الله والذي ذكرناه في سياق تفسير سورة المدثر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى الملك في أفق السماء. فالآية هنا على الأرجح في معرض التوكيد لهذه الرؤية الروحانية التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها فكان المؤمنون يصدقونه والجاحدون يكذبونه. وتبكير نزول السورة يؤيد هذا ؛ حيث لم يكن قد مضى وقت طويل على هذه الرؤية. والتوكيد والنفي والتنديد في الآيات قوي يبعث اليقين في نفس من لا يتعمد العناد والمكابرة في صدق هذه المشاهدة، ويجلّي صورة رائعة لصميمية النبي صلى الله عليه وسلم ويقينه بصحة ما رأى، ويؤيد صحة الحديث.
وعلى المسلم أن يؤمن بذلك ويقف عنده ولا يزيد في الظن والتخمين في صدد الماهية والكنه. فلا طائل من وراء ذلك وهما سرّ من واجب الوجوب وسرّ النبوة والوحي الذي تقصر عنه عقول الناس.
وفي هذه الآيات قسم بالمشاهد الكونية المذكورة وحركاتها بأن الذي يبلغ وحي الله هو رسول كريم أمين على ما ينقل قوي على حمل الأمانة حظي عند الله، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس مجنوناً وبأنه قد رأى ملك الله في أفق السماء، وبأنه صادق فيما يقول غير متهم في أمانته، وغير مخف شيئا مما رآه وسمعه وعرفه، وبأن ما يبلغه ليس من تخليط الشيطان الرجيم وأقواله.
وسألت إحدى الآيات السامعين أين يذهبون في أمر النبي وماذا يظنون ؟ والسؤال ينطوي على تنديد بالمكذبين والمترددين في تصديق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وبأوهامهم وتفسيراتهم الخاطئة لما يخبر به من المشاهد الروحانية. ونبهت إحدى الآيات على أن ما يبلغه إنما هو تذكرة لهم وموعظة ؛ ليرى من شاء الحق فيتبعه ويستقيم عليه فيكون قد اهتدى بهدى الله ومشيئته التي تناط بها مشيئة الناس.
والآيات فصل مستقل الموضوع عن سابقاتها، غير أن الارتباط بينها وبين هذه السابقات قائم. فالأولى تخبر بيوم القيامة وأهواله ونتائجه وتنذر الناس بعواقب أعمالهم، والثانية تؤكد صدق الأخبار والإنذار وترد على الكفار ما يقولونه في صددهما وما ينسبونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم من تخطيط الشياطين عليه، والمرجح أن الفصلين نزلا متتابعين إن لم يكونا قد نزلا معا.
وقد ذكر المفسرون١عدة وجوه في صدد حرف " لا " الذي سبق فعل القسم فقالوا : إنه قد يكون مختصراً من " ألا " التنبيهية أو قد يكون حرف ابتداء فقط أي لأقسم بمعنى إني لأقسم، أو قد يكون حرف نفي، ليفيد أن الأمر المذكور صحيح وواضح لا يحتاج إلى القسم، أو قد يكون زائداً وليس حرف نفي. وقد أسهبنا في ذكر الوجوه لأن هذا قد تكرر أكثر من مرة في معرض التوكيد والقسم. ومهما يكن من أمر فالجملة قسمية على ما تلهمه روح الآيات. ولا شك أن هذا من الأساليب التي كانت مستعملة في كلام العرب. وفي سورة الواقعة هاتان الآيتان :﴿ فلا أقسم بمواقع النجوم ( ٧٥ )وإنه لقسم لو تعلمون عظيم( ٧٦ ) ﴾، وفيهما صراحة بأن الجملة قسمية.
ولم نطلع على رواية تذكر سبب نزول هذه الآيات. والمتبادر أنها نزلت رداً على أقوال تقولها الكفار والجاحدون. وقد انطوت على ردّ قوي يوحي بصدق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وعمق إيمانه به واستناده فيه على الحقيقة الواقعة التي أدركها بالقوة التي اختصه الله بها، و يقضي على أي شك في نفس كل امرئ حسنت نيته ورغب عن المماراة بالباطل.
ونفي الآيات الجنون عن النبي صلى الله عليه وسلم، وصلة الشيطان بما يبلغه دليل على أن المكذبين كانوا يقولون : إن ما يخبر به هو من تلقينات الشيطان. ويقصدون بذلك الجن على الأرجح لأن العرب كانوا يعتقدون أن شياطين الجن يوحون إلى الشعراء والكهان والسحرة. وقد يأتي على البال من هذا أن المكذبين كانوا حينما ينعتون النبي صلى الله عليه وسلم بالمجنون، ويقولون : إن به جنّة على ما حكته آيات عديدة منها آية سورة المؤمنون هذه :﴿ أم يقولون به جنّة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون( ٧٠ ) ﴾ كانوا أحيانا يعنون أن له شيطانا من الجن يتصل به ويلقنه ما يقول على نحو ما كانوا يعتقدونه. والراجح أنهم نعتوه بالشاعر والكاهن والساحر بناء على هذا الاعتقاد.
وأكثر المفسرين٢يصرفون تعبير ﴿ رسول كريم ﴾ إلى الملك الذي كان يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم وحي الله وقرآنه. والضمير في الآية [ ٢٣ ] يدعم هذا القول. ولقد ورد في الحديث المروي عن جابر بن عبد الله والذي ذكرناه في سياق تفسير سورة المدثر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى الملك في أفق السماء. فالآية هنا على الأرجح في معرض التوكيد لهذه الرؤية الروحانية التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها فكان المؤمنون يصدقونه والجاحدون يكذبونه. وتبكير نزول السورة يؤيد هذا ؛ حيث لم يكن قد مضى وقت طويل على هذه الرؤية. والتوكيد والنفي والتنديد في الآيات قوي يبعث اليقين في نفس من لا يتعمد العناد والمكابرة في صدق هذه المشاهدة، ويجلّي صورة رائعة لصميمية النبي صلى الله عليه وسلم ويقينه بصحة ما رأى، ويؤيد صحة الحديث.
وعلى المسلم أن يؤمن بذلك ويقف عنده ولا يزيد في الظن والتخمين في صدد الماهية والكنه. فلا طائل من وراء ذلك وهما سرّ من واجب الوجوب وسرّ النبوة والوحي الذي تقصر عنه عقول الناس.
وفي هذه الآيات قسم بالمشاهد الكونية المذكورة وحركاتها بأن الذي يبلغ وحي الله هو رسول كريم أمين على ما ينقل قوي على حمل الأمانة حظي عند الله، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس مجنوناً وبأنه قد رأى ملك الله في أفق السماء، وبأنه صادق فيما يقول غير متهم في أمانته، وغير مخف شيئا مما رآه وسمعه وعرفه، وبأن ما يبلغه ليس من تخليط الشيطان الرجيم وأقواله.
وسألت إحدى الآيات السامعين أين يذهبون في أمر النبي وماذا يظنون ؟ والسؤال ينطوي على تنديد بالمكذبين والمترددين في تصديق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وبأوهامهم وتفسيراتهم الخاطئة لما يخبر به من المشاهد الروحانية. ونبهت إحدى الآيات على أن ما يبلغه إنما هو تذكرة لهم وموعظة ؛ ليرى من شاء الحق فيتبعه ويستقيم عليه فيكون قد اهتدى بهدى الله ومشيئته التي تناط بها مشيئة الناس.
والآيات فصل مستقل الموضوع عن سابقاتها، غير أن الارتباط بينها وبين هذه السابقات قائم. فالأولى تخبر بيوم القيامة وأهواله ونتائجه وتنذر الناس بعواقب أعمالهم، والثانية تؤكد صدق الأخبار والإنذار وترد على الكفار ما يقولونه في صددهما وما ينسبونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم من تخطيط الشياطين عليه، والمرجح أن الفصلين نزلا متتابعين إن لم يكونا قد نزلا معا.
وقد ذكر المفسرون١عدة وجوه في صدد حرف " لا " الذي سبق فعل القسم فقالوا : إنه قد يكون مختصراً من " ألا " التنبيهية أو قد يكون حرف ابتداء فقط أي لأقسم بمعنى إني لأقسم، أو قد يكون حرف نفي، ليفيد أن الأمر المذكور صحيح وواضح لا يحتاج إلى القسم، أو قد يكون زائداً وليس حرف نفي. وقد أسهبنا في ذكر الوجوه لأن هذا قد تكرر أكثر من مرة في معرض التوكيد والقسم. ومهما يكن من أمر فالجملة قسمية على ما تلهمه روح الآيات. ولا شك أن هذا من الأساليب التي كانت مستعملة في كلام العرب. وفي سورة الواقعة هاتان الآيتان :﴿ فلا أقسم بمواقع النجوم ( ٧٥ )وإنه لقسم لو تعلمون عظيم( ٧٦ ) ﴾، وفيهما صراحة بأن الجملة قسمية.
ولم نطلع على رواية تذكر سبب نزول هذه الآيات. والمتبادر أنها نزلت رداً على أقوال تقولها الكفار والجاحدون. وقد انطوت على ردّ قوي يوحي بصدق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وعمق إيمانه به واستناده فيه على الحقيقة الواقعة التي أدركها بالقوة التي اختصه الله بها، و يقضي على أي شك في نفس كل امرئ حسنت نيته ورغب عن المماراة بالباطل.
ونفي الآيات الجنون عن النبي صلى الله عليه وسلم، وصلة الشيطان بما يبلغه دليل على أن المكذبين كانوا يقولون : إن ما يخبر به هو من تلقينات الشيطان. ويقصدون بذلك الجن على الأرجح لأن العرب كانوا يعتقدون أن شياطين الجن يوحون إلى الشعراء والكهان والسحرة. وقد يأتي على البال من هذا أن المكذبين كانوا حينما ينعتون النبي صلى الله عليه وسلم بالمجنون، ويقولون : إن به جنّة على ما حكته آيات عديدة منها آية سورة المؤمنون هذه :﴿ أم يقولون به جنّة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون( ٧٠ ) ﴾ كانوا أحيانا يعنون أن له شيطانا من الجن يتصل به ويلقنه ما يقول على نحو ما كانوا يعتقدونه. والراجح أنهم نعتوه بالشاعر والكاهن والساحر بناء على هذا الاعتقاد.
وأكثر المفسرين٢يصرفون تعبير ﴿ رسول كريم ﴾ إلى الملك الذي كان يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم وحي الله وقرآنه. والضمير في الآية [ ٢٣ ] يدعم هذا القول. ولقد ورد في الحديث المروي عن جابر بن عبد الله والذي ذكرناه في سياق تفسير سورة المدثر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى الملك في أفق السماء. فالآية هنا على الأرجح في معرض التوكيد لهذه الرؤية الروحانية التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها فكان المؤمنون يصدقونه والجاحدون يكذبونه. وتبكير نزول السورة يؤيد هذا ؛ حيث لم يكن قد مضى وقت طويل على هذه الرؤية. والتوكيد والنفي والتنديد في الآيات قوي يبعث اليقين في نفس من لا يتعمد العناد والمكابرة في صدق هذه المشاهدة، ويجلّي صورة رائعة لصميمية النبي صلى الله عليه وسلم ويقينه بصحة ما رأى، ويؤيد صحة الحديث.
وعلى المسلم أن يؤمن بذلك ويقف عنده ولا يزيد في الظن والتخمين في صدد الماهية والكنه. فلا طائل من وراء ذلك وهما سرّ من واجب الوجوب وسرّ النبوة والوحي الذي تقصر عنه عقول الناس.
- ضنين : ممسك، وقرئت ظنين. ومعناها : المتهم في أمانته، والمراد هنا إخفاء شيء من الرسالة التي أُوحيت للنبي صلى الله عليه وسلم أو خيانتها.
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ ١ ( ١٥ ) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ ٢ ( ١٦ ) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ٣ ( ١٧ ) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ٤ ( ١٨ ) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ( ١٩ ) ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ( ٢٠ ) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ( ٢١ ) وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ( ٢٢ ) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ( ٢٣ ) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ ٥ بِضَنِينٍ ٦ ( ٢٤ ) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ ٧ رَجِيمٍ ٨ ( ٢٥ ) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ( ٢٦ )إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ( ٢٧ ) لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ( ٢٨ ) وَمَا تَشَاؤونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ( ٢٩ ) ﴾ [ ١٥- ٢٩ ].
وفي هذه الآيات قسم بالمشاهد الكونية المذكورة وحركاتها بأن الذي يبلغ وحي الله هو رسول كريم أمين على ما ينقل قوي على حمل الأمانة حظي عند الله، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس مجنوناً وبأنه قد رأى ملك الله في أفق السماء، وبأنه صادق فيما يقول غير متهم في أمانته، وغير مخف شيئا مما رآه وسمعه وعرفه، وبأن ما يبلغه ليس من تخليط الشيطان الرجيم وأقواله.
وسألت إحدى الآيات السامعين أين يذهبون في أمر النبي وماذا يظنون ؟ والسؤال ينطوي على تنديد بالمكذبين والمترددين في تصديق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وبأوهامهم وتفسيراتهم الخاطئة لما يخبر به من المشاهد الروحانية. ونبهت إحدى الآيات على أن ما يبلغه إنما هو تذكرة لهم وموعظة ؛ ليرى من شاء الحق فيتبعه ويستقيم عليه فيكون قد اهتدى بهدى الله ومشيئته التي تناط بها مشيئة الناس.
والآيات فصل مستقل الموضوع عن سابقاتها، غير أن الارتباط بينها وبين هذه السابقات قائم. فالأولى تخبر بيوم القيامة وأهواله ونتائجه وتنذر الناس بعواقب أعمالهم، والثانية تؤكد صدق الأخبار والإنذار وترد على الكفار ما يقولونه في صددهما وما ينسبونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم من تخطيط الشياطين عليه، والمرجح أن الفصلين نزلا متتابعين إن لم يكونا قد نزلا معا.
وقد ذكر المفسرون١عدة وجوه في صدد حرف " لا " الذي سبق فعل القسم فقالوا : إنه قد يكون مختصراً من " ألا " التنبيهية أو قد يكون حرف ابتداء فقط أي لأقسم بمعنى إني لأقسم، أو قد يكون حرف نفي، ليفيد أن الأمر المذكور صحيح وواضح لا يحتاج إلى القسم، أو قد يكون زائداً وليس حرف نفي. وقد أسهبنا في ذكر الوجوه لأن هذا قد تكرر أكثر من مرة في معرض التوكيد والقسم. ومهما يكن من أمر فالجملة قسمية على ما تلهمه روح الآيات. ولا شك أن هذا من الأساليب التي كانت مستعملة في كلام العرب. وفي سورة الواقعة هاتان الآيتان :﴿ فلا أقسم بمواقع النجوم ( ٧٥ )وإنه لقسم لو تعلمون عظيم( ٧٦ ) ﴾، وفيهما صراحة بأن الجملة قسمية.
ولم نطلع على رواية تذكر سبب نزول هذه الآيات. والمتبادر أنها نزلت رداً على أقوال تقولها الكفار والجاحدون. وقد انطوت على ردّ قوي يوحي بصدق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وعمق إيمانه به واستناده فيه على الحقيقة الواقعة التي أدركها بالقوة التي اختصه الله بها، و يقضي على أي شك في نفس كل امرئ حسنت نيته ورغب عن المماراة بالباطل.
ونفي الآيات الجنون عن النبي صلى الله عليه وسلم، وصلة الشيطان بما يبلغه دليل على أن المكذبين كانوا يقولون : إن ما يخبر به هو من تلقينات الشيطان. ويقصدون بذلك الجن على الأرجح لأن العرب كانوا يعتقدون أن شياطين الجن يوحون إلى الشعراء والكهان والسحرة. وقد يأتي على البال من هذا أن المكذبين كانوا حينما ينعتون النبي صلى الله عليه وسلم بالمجنون، ويقولون : إن به جنّة على ما حكته آيات عديدة منها آية سورة المؤمنون هذه :﴿ أم يقولون به جنّة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون( ٧٠ ) ﴾ كانوا أحيانا يعنون أن له شيطانا من الجن يتصل به ويلقنه ما يقول على نحو ما كانوا يعتقدونه. والراجح أنهم نعتوه بالشاعر والكاهن والساحر بناء على هذا الاعتقاد.
وأكثر المفسرين٢يصرفون تعبير ﴿ رسول كريم ﴾ إلى الملك الذي كان يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم وحي الله وقرآنه. والضمير في الآية [ ٢٣ ] يدعم هذا القول. ولقد ورد في الحديث المروي عن جابر بن عبد الله والذي ذكرناه في سياق تفسير سورة المدثر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى الملك في أفق السماء. فالآية هنا على الأرجح في معرض التوكيد لهذه الرؤية الروحانية التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها فكان المؤمنون يصدقونه والجاحدون يكذبونه. وتبكير نزول السورة يؤيد هذا ؛ حيث لم يكن قد مضى وقت طويل على هذه الرؤية. والتوكيد والنفي والتنديد في الآيات قوي يبعث اليقين في نفس من لا يتعمد العناد والمكابرة في صدق هذه المشاهدة، ويجلّي صورة رائعة لصميمية النبي صلى الله عليه وسلم ويقينه بصحة ما رأى، ويؤيد صحة الحديث.
وعلى المسلم أن يؤمن بذلك ويقف عنده ولا يزيد في الظن والتخمين في صدد الماهية والكنه. فلا طائل من وراء ذلك وهما سرّ من واجب الوجوب وسرّ النبوة والوحي الذي تقصر عنه عقول الناس.
- رجيم : مرجوم ومطرود من رحمة الله١.
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ ١ ( ١٥ ) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ ٢ ( ١٦ ) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ٣ ( ١٧ ) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ٤ ( ١٨ ) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ( ١٩ ) ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ( ٢٠ ) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ( ٢١ ) وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ( ٢٢ ) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ( ٢٣ ) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ ٥ بِضَنِينٍ ٦ ( ٢٤ ) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ ٧ رَجِيمٍ ٨ ( ٢٥ ) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ( ٢٦ )إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ( ٢٧ ) لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ( ٢٨ ) وَمَا تَشَاؤونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ( ٢٩ ) ﴾ [ ١٥- ٢٩ ].
وفي هذه الآيات قسم بالمشاهد الكونية المذكورة وحركاتها بأن الذي يبلغ وحي الله هو رسول كريم أمين على ما ينقل قوي على حمل الأمانة حظي عند الله، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس مجنوناً وبأنه قد رأى ملك الله في أفق السماء، وبأنه صادق فيما يقول غير متهم في أمانته، وغير مخف شيئا مما رآه وسمعه وعرفه، وبأن ما يبلغه ليس من تخليط الشيطان الرجيم وأقواله.
وسألت إحدى الآيات السامعين أين يذهبون في أمر النبي وماذا يظنون ؟ والسؤال ينطوي على تنديد بالمكذبين والمترددين في تصديق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وبأوهامهم وتفسيراتهم الخاطئة لما يخبر به من المشاهد الروحانية. ونبهت إحدى الآيات على أن ما يبلغه إنما هو تذكرة لهم وموعظة ؛ ليرى من شاء الحق فيتبعه ويستقيم عليه فيكون قد اهتدى بهدى الله ومشيئته التي تناط بها مشيئة الناس.
والآيات فصل مستقل الموضوع عن سابقاتها، غير أن الارتباط بينها وبين هذه السابقات قائم. فالأولى تخبر بيوم القيامة وأهواله ونتائجه وتنذر الناس بعواقب أعمالهم، والثانية تؤكد صدق الأخبار والإنذار وترد على الكفار ما يقولونه في صددهما وما ينسبونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم من تخطيط الشياطين عليه، والمرجح أن الفصلين نزلا متتابعين إن لم يكونا قد نزلا معا.
وقد ذكر المفسرون١عدة وجوه في صدد حرف " لا " الذي سبق فعل القسم فقالوا : إنه قد يكون مختصراً من " ألا " التنبيهية أو قد يكون حرف ابتداء فقط أي لأقسم بمعنى إني لأقسم، أو قد يكون حرف نفي، ليفيد أن الأمر المذكور صحيح وواضح لا يحتاج إلى القسم، أو قد يكون زائداً وليس حرف نفي. وقد أسهبنا في ذكر الوجوه لأن هذا قد تكرر أكثر من مرة في معرض التوكيد والقسم. ومهما يكن من أمر فالجملة قسمية على ما تلهمه روح الآيات. ولا شك أن هذا من الأساليب التي كانت مستعملة في كلام العرب. وفي سورة الواقعة هاتان الآيتان :﴿ فلا أقسم بمواقع النجوم ( ٧٥ )وإنه لقسم لو تعلمون عظيم( ٧٦ ) ﴾، وفيهما صراحة بأن الجملة قسمية.
ولم نطلع على رواية تذكر سبب نزول هذه الآيات. والمتبادر أنها نزلت رداً على أقوال تقولها الكفار والجاحدون. وقد انطوت على ردّ قوي يوحي بصدق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وعمق إيمانه به واستناده فيه على الحقيقة الواقعة التي أدركها بالقوة التي اختصه الله بها، و يقضي على أي شك في نفس كل امرئ حسنت نيته ورغب عن المماراة بالباطل.
ونفي الآيات الجنون عن النبي صلى الله عليه وسلم، وصلة الشيطان بما يبلغه دليل على أن المكذبين كانوا يقولون : إن ما يخبر به هو من تلقينات الشيطان. ويقصدون بذلك الجن على الأرجح لأن العرب كانوا يعتقدون أن شياطين الجن يوحون إلى الشعراء والكهان والسحرة. وقد يأتي على البال من هذا أن المكذبين كانوا حينما ينعتون النبي صلى الله عليه وسلم بالمجنون، ويقولون : إن به جنّة على ما حكته آيات عديدة منها آية سورة المؤمنون هذه :﴿ أم يقولون به جنّة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون( ٧٠ ) ﴾ كانوا أحيانا يعنون أن له شيطانا من الجن يتصل به ويلقنه ما يقول على نحو ما كانوا يعتقدونه. والراجح أنهم نعتوه بالشاعر والكاهن والساحر بناء على هذا الاعتقاد.
وأكثر المفسرين٢يصرفون تعبير ﴿ رسول كريم ﴾ إلى الملك الذي كان يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم وحي الله وقرآنه. والضمير في الآية [ ٢٣ ] يدعم هذا القول. ولقد ورد في الحديث المروي عن جابر بن عبد الله والذي ذكرناه في سياق تفسير سورة المدثر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى الملك في أفق السماء. فالآية هنا على الأرجح في معرض التوكيد لهذه الرؤية الروحانية التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها فكان المؤمنون يصدقونه والجاحدون يكذبونه. وتبكير نزول السورة يؤيد هذا ؛ حيث لم يكن قد مضى وقت طويل على هذه الرؤية. والتوكيد والنفي والتنديد في الآيات قوي يبعث اليقين في نفس من لا يتعمد العناد والمكابرة في صدق هذه المشاهدة، ويجلّي صورة رائعة لصميمية النبي صلى الله عليه وسلم ويقينه بصحة ما رأى، ويؤيد صحة الحديث.
وعلى المسلم أن يؤمن بذلك ويقف عنده ولا يزيد في الظن والتخمين في صدد الماهية والكنه. فلا طائل من وراء ذلك وهما سرّ من واجب الوجوب وسرّ النبوة والوحي الذي تقصر عنه عقول الناس.
تعليق على كلمة الشيطان
وبمناسبة ورود كلمة الشيطان لأول مرة نقول : إن المفسرين٢ قالوا : إن اشتقاق الكلمة عربي من شطن بمعنى بعد أو شاط بمعنى بطل وفسد، وإنها نعت لكل داهية قوي الحيلة والبغي. وقد خطر لبالنا أن يكون بينها وبين شط بمعنى جار وبغى صلة، ومنه ما جاء في آية ص هذه :﴿ فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط( ٢٢ ) ﴾، وفعلان من الصيغ العربية التي تتضمن معنى الوصف والمبالغة. والمتبادر أن شيطان من هذا الباب اشتقت من جذر من الجذور الثلاثة.
والكلمة أكثر ما وردت في القرآن مرادفة لإبليس ومفهومه من إغواء الناس، كما جاء في آية سورة النساء هذه :﴿ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا( ٧٦ ) ﴾، وفي آيات سورة البقرة هذه :﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ( ٣٤ ) وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ( ٣٥ ) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ( ٣٦ ) ﴾، وقد وردت مرات عديدة للتعبير عن جبابرة الجن ومرة في شمولها لجبابرة الإنس كما جاء في آية سورة الأنعام هذه :﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ( ١١٢ ) ﴾.
وقد قال بعض الباحثين : إنها دخيلة على العربية من كلمة سلطان أو جطان العبرية، وإن مفهومها المرادف لإبليس دخيل أيضا. ومع أن هذا المفهوم لا يبعد أن يكون منقولا إلى العرب من الكتابيين الذين وردت كلمة الشيطان في معرض إغواء الناس والوسوسة لهم في ما كان وما يزال متداولاً من أسفار وقراطيس مرات عديدة فإن وجود جذر عربي فصيح للكلمة لا يبرز إبعادها عن الأصالة العربية الفصحى. على أن هذا لا يمنع القول باحتمال وحدة جذر الكلمة في العربية والعبرية أيضا لأنهما شقيقتان ترجعان إلى أصل واحد.
ومهما يكن من أمر فإن من الحق أن يقال : إن الكلمة بقالبها الذي وردت به في القرآن قد استعملها العرب قبل نزولها وكانوا يفهمون كل الدلالات التي تدل عليها الآيات المتنوعة التي وردت فيها، وإنها تعد من اللسان العربي المبين ما دام القرآن يقرر أنه نزل بهذا اللسان. وهي هنا على كل حال تعني جبابرة الجن الذين كانوا يتنزلون على الشعراء والكهان والسحرة على ما كان يعتقده العرب. ونعت الشيطان بالرجيم يدل على أنه كان للشيطان في أذهان سامعي القرآن صورة بغيضة. وفي سورة الصافات هذه الآية من آيات فيها وصف لشجرة الزقوم الأخروية :﴿ طلعها كأنه رؤوس الشياطين( ٦٥ ) ﴾ حيث ينطوي في هذا أنه كان للشياطين في أذهانهم صورة مخيفة أيضاً.
وأسلوب مطلع السورة مما تكرر في مطالع عديدة أخرى بحيث يسوغ أن يقال : إنه أسلوب من أساليب النظم القرآني في مطالع السور.
ولقد علقنا على فقرة تشبه الآية الأخيرة في صدد إناطة مشيئة الناس بمشيئة الله في سياق تفسير سورة المدثر. وما قلناه هناك يصح هنا بتمامه فنكتفي بالإشارة دون الإعادة.
٢ - اقرأ تفسير الفاتحة في تفسير الطبرسي "مجمع البيان" وانظر مادة شط في أساس البلاغة للزمخشري.
وفي هذه الآيات قسم بالمشاهد الكونية المذكورة وحركاتها بأن الذي يبلغ وحي الله هو رسول كريم أمين على ما ينقل قوي على حمل الأمانة حظي عند الله، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس مجنوناً وبأنه قد رأى ملك الله في أفق السماء، وبأنه صادق فيما يقول غير متهم في أمانته، وغير مخف شيئا مما رآه وسمعه وعرفه، وبأن ما يبلغه ليس من تخليط الشيطان الرجيم وأقواله.
وسألت إحدى الآيات السامعين أين يذهبون في أمر النبي وماذا يظنون ؟ والسؤال ينطوي على تنديد بالمكذبين والمترددين في تصديق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وبأوهامهم وتفسيراتهم الخاطئة لما يخبر به من المشاهد الروحانية. ونبهت إحدى الآيات على أن ما يبلغه إنما هو تذكرة لهم وموعظة ؛ ليرى من شاء الحق فيتبعه ويستقيم عليه فيكون قد اهتدى بهدى الله ومشيئته التي تناط بها مشيئة الناس.
والآيات فصل مستقل الموضوع عن سابقاتها، غير أن الارتباط بينها وبين هذه السابقات قائم. فالأولى تخبر بيوم القيامة وأهواله ونتائجه وتنذر الناس بعواقب أعمالهم، والثانية تؤكد صدق الأخبار والإنذار وترد على الكفار ما يقولونه في صددهما وما ينسبونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم من تخطيط الشياطين عليه، والمرجح أن الفصلين نزلا متتابعين إن لم يكونا قد نزلا معا.
وقد ذكر المفسرون١عدة وجوه في صدد حرف " لا " الذي سبق فعل القسم فقالوا : إنه قد يكون مختصراً من " ألا " التنبيهية أو قد يكون حرف ابتداء فقط أي لأقسم بمعنى إني لأقسم، أو قد يكون حرف نفي، ليفيد أن الأمر المذكور صحيح وواضح لا يحتاج إلى القسم، أو قد يكون زائداً وليس حرف نفي. وقد أسهبنا في ذكر الوجوه لأن هذا قد تكرر أكثر من مرة في معرض التوكيد والقسم. ومهما يكن من أمر فالجملة قسمية على ما تلهمه روح الآيات. ولا شك أن هذا من الأساليب التي كانت مستعملة في كلام العرب. وفي سورة الواقعة هاتان الآيتان :﴿ فلا أقسم بمواقع النجوم ( ٧٥ )وإنه لقسم لو تعلمون عظيم( ٧٦ ) ﴾، وفيهما صراحة بأن الجملة قسمية.
ولم نطلع على رواية تذكر سبب نزول هذه الآيات. والمتبادر أنها نزلت رداً على أقوال تقولها الكفار والجاحدون. وقد انطوت على ردّ قوي يوحي بصدق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وعمق إيمانه به واستناده فيه على الحقيقة الواقعة التي أدركها بالقوة التي اختصه الله بها، و يقضي على أي شك في نفس كل امرئ حسنت نيته ورغب عن المماراة بالباطل.
ونفي الآيات الجنون عن النبي صلى الله عليه وسلم، وصلة الشيطان بما يبلغه دليل على أن المكذبين كانوا يقولون : إن ما يخبر به هو من تلقينات الشيطان. ويقصدون بذلك الجن على الأرجح لأن العرب كانوا يعتقدون أن شياطين الجن يوحون إلى الشعراء والكهان والسحرة. وقد يأتي على البال من هذا أن المكذبين كانوا حينما ينعتون النبي صلى الله عليه وسلم بالمجنون، ويقولون : إن به جنّة على ما حكته آيات عديدة منها آية سورة المؤمنون هذه :﴿ أم يقولون به جنّة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون( ٧٠ ) ﴾ كانوا أحيانا يعنون أن له شيطانا من الجن يتصل به ويلقنه ما يقول على نحو ما كانوا يعتقدونه. والراجح أنهم نعتوه بالشاعر والكاهن والساحر بناء على هذا الاعتقاد.
وأكثر المفسرين٢يصرفون تعبير ﴿ رسول كريم ﴾ إلى الملك الذي كان يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم وحي الله وقرآنه. والضمير في الآية [ ٢٣ ] يدعم هذا القول. ولقد ورد في الحديث المروي عن جابر بن عبد الله والذي ذكرناه في سياق تفسير سورة المدثر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى الملك في أفق السماء. فالآية هنا على الأرجح في معرض التوكيد لهذه الرؤية الروحانية التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها فكان المؤمنون يصدقونه والجاحدون يكذبونه. وتبكير نزول السورة يؤيد هذا ؛ حيث لم يكن قد مضى وقت طويل على هذه الرؤية. والتوكيد والنفي والتنديد في الآيات قوي يبعث اليقين في نفس من لا يتعمد العناد والمكابرة في صدق هذه المشاهدة، ويجلّي صورة رائعة لصميمية النبي صلى الله عليه وسلم ويقينه بصحة ما رأى، ويؤيد صحة الحديث.
وعلى المسلم أن يؤمن بذلك ويقف عنده ولا يزيد في الظن والتخمين في صدد الماهية والكنه. فلا طائل من وراء ذلك وهما سرّ من واجب الوجوب وسرّ النبوة والوحي الذي تقصر عنه عقول الناس.
وفي هذه الآيات قسم بالمشاهد الكونية المذكورة وحركاتها بأن الذي يبلغ وحي الله هو رسول كريم أمين على ما ينقل قوي على حمل الأمانة حظي عند الله، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس مجنوناً وبأنه قد رأى ملك الله في أفق السماء، وبأنه صادق فيما يقول غير متهم في أمانته، وغير مخف شيئا مما رآه وسمعه وعرفه، وبأن ما يبلغه ليس من تخليط الشيطان الرجيم وأقواله.
وسألت إحدى الآيات السامعين أين يذهبون في أمر النبي وماذا يظنون ؟ والسؤال ينطوي على تنديد بالمكذبين والمترددين في تصديق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وبأوهامهم وتفسيراتهم الخاطئة لما يخبر به من المشاهد الروحانية. ونبهت إحدى الآيات على أن ما يبلغه إنما هو تذكرة لهم وموعظة ؛ ليرى من شاء الحق فيتبعه ويستقيم عليه فيكون قد اهتدى بهدى الله ومشيئته التي تناط بها مشيئة الناس.
والآيات فصل مستقل الموضوع عن سابقاتها، غير أن الارتباط بينها وبين هذه السابقات قائم. فالأولى تخبر بيوم القيامة وأهواله ونتائجه وتنذر الناس بعواقب أعمالهم، والثانية تؤكد صدق الأخبار والإنذار وترد على الكفار ما يقولونه في صددهما وما ينسبونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم من تخطيط الشياطين عليه، والمرجح أن الفصلين نزلا متتابعين إن لم يكونا قد نزلا معا.
وقد ذكر المفسرون١عدة وجوه في صدد حرف " لا " الذي سبق فعل القسم فقالوا : إنه قد يكون مختصراً من " ألا " التنبيهية أو قد يكون حرف ابتداء فقط أي لأقسم بمعنى إني لأقسم، أو قد يكون حرف نفي، ليفيد أن الأمر المذكور صحيح وواضح لا يحتاج إلى القسم، أو قد يكون زائداً وليس حرف نفي. وقد أسهبنا في ذكر الوجوه لأن هذا قد تكرر أكثر من مرة في معرض التوكيد والقسم. ومهما يكن من أمر فالجملة قسمية على ما تلهمه روح الآيات. ولا شك أن هذا من الأساليب التي كانت مستعملة في كلام العرب. وفي سورة الواقعة هاتان الآيتان :﴿ فلا أقسم بمواقع النجوم ( ٧٥ )وإنه لقسم لو تعلمون عظيم( ٧٦ ) ﴾، وفيهما صراحة بأن الجملة قسمية.
ولم نطلع على رواية تذكر سبب نزول هذه الآيات. والمتبادر أنها نزلت رداً على أقوال تقولها الكفار والجاحدون. وقد انطوت على ردّ قوي يوحي بصدق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وعمق إيمانه به واستناده فيه على الحقيقة الواقعة التي أدركها بالقوة التي اختصه الله بها، و يقضي على أي شك في نفس كل امرئ حسنت نيته ورغب عن المماراة بالباطل.
ونفي الآيات الجنون عن النبي صلى الله عليه وسلم، وصلة الشيطان بما يبلغه دليل على أن المكذبين كانوا يقولون : إن ما يخبر به هو من تلقينات الشيطان. ويقصدون بذلك الجن على الأرجح لأن العرب كانوا يعتقدون أن شياطين الجن يوحون إلى الشعراء والكهان والسحرة. وقد يأتي على البال من هذا أن المكذبين كانوا حينما ينعتون النبي صلى الله عليه وسلم بالمجنون، ويقولون : إن به جنّة على ما حكته آيات عديدة منها آية سورة المؤمنون هذه :﴿ أم يقولون به جنّة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون( ٧٠ ) ﴾ كانوا أحيانا يعنون أن له شيطانا من الجن يتصل به ويلقنه ما يقول على نحو ما كانوا يعتقدونه. والراجح أنهم نعتوه بالشاعر والكاهن والساحر بناء على هذا الاعتقاد.
وأكثر المفسرين٢يصرفون تعبير ﴿ رسول كريم ﴾ إلى الملك الذي كان يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم وحي الله وقرآنه. والضمير في الآية [ ٢٣ ] يدعم هذا القول. ولقد ورد في الحديث المروي عن جابر بن عبد الله والذي ذكرناه في سياق تفسير سورة المدثر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى الملك في أفق السماء. فالآية هنا على الأرجح في معرض التوكيد لهذه الرؤية الروحانية التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها فكان المؤمنون يصدقونه والجاحدون يكذبونه. وتبكير نزول السورة يؤيد هذا ؛ حيث لم يكن قد مضى وقت طويل على هذه الرؤية. والتوكيد والنفي والتنديد في الآيات قوي يبعث اليقين في نفس من لا يتعمد العناد والمكابرة في صدق هذه المشاهدة، ويجلّي صورة رائعة لصميمية النبي صلى الله عليه وسلم ويقينه بصحة ما رأى، ويؤيد صحة الحديث.
وعلى المسلم أن يؤمن بذلك ويقف عنده ولا يزيد في الظن والتخمين في صدد الماهية والكنه. فلا طائل من وراء ذلك وهما سرّ من واجب الوجوب وسرّ النبوة والوحي الذي تقصر عنه عقول الناس.
وفي هذه الآيات قسم بالمشاهد الكونية المذكورة وحركاتها بأن الذي يبلغ وحي الله هو رسول كريم أمين على ما ينقل قوي على حمل الأمانة حظي عند الله، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس مجنوناً وبأنه قد رأى ملك الله في أفق السماء، وبأنه صادق فيما يقول غير متهم في أمانته، وغير مخف شيئا مما رآه وسمعه وعرفه، وبأن ما يبلغه ليس من تخليط الشيطان الرجيم وأقواله.
وسألت إحدى الآيات السامعين أين يذهبون في أمر النبي وماذا يظنون ؟ والسؤال ينطوي على تنديد بالمكذبين والمترددين في تصديق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وبأوهامهم وتفسيراتهم الخاطئة لما يخبر به من المشاهد الروحانية. ونبهت إحدى الآيات على أن ما يبلغه إنما هو تذكرة لهم وموعظة ؛ ليرى من شاء الحق فيتبعه ويستقيم عليه فيكون قد اهتدى بهدى الله ومشيئته التي تناط بها مشيئة الناس.
والآيات فصل مستقل الموضوع عن سابقاتها، غير أن الارتباط بينها وبين هذه السابقات قائم. فالأولى تخبر بيوم القيامة وأهواله ونتائجه وتنذر الناس بعواقب أعمالهم، والثانية تؤكد صدق الأخبار والإنذار وترد على الكفار ما يقولونه في صددهما وما ينسبونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم من تخطيط الشياطين عليه، والمرجح أن الفصلين نزلا متتابعين إن لم يكونا قد نزلا معا.
وقد ذكر المفسرون١عدة وجوه في صدد حرف " لا " الذي سبق فعل القسم فقالوا : إنه قد يكون مختصراً من " ألا " التنبيهية أو قد يكون حرف ابتداء فقط أي لأقسم بمعنى إني لأقسم، أو قد يكون حرف نفي، ليفيد أن الأمر المذكور صحيح وواضح لا يحتاج إلى القسم، أو قد يكون زائداً وليس حرف نفي. وقد أسهبنا في ذكر الوجوه لأن هذا قد تكرر أكثر من مرة في معرض التوكيد والقسم. ومهما يكن من أمر فالجملة قسمية على ما تلهمه روح الآيات. ولا شك أن هذا من الأساليب التي كانت مستعملة في كلام العرب. وفي سورة الواقعة هاتان الآيتان :﴿ فلا أقسم بمواقع النجوم ( ٧٥ )وإنه لقسم لو تعلمون عظيم( ٧٦ ) ﴾، وفيهما صراحة بأن الجملة قسمية.
ولم نطلع على رواية تذكر سبب نزول هذه الآيات. والمتبادر أنها نزلت رداً على أقوال تقولها الكفار والجاحدون. وقد انطوت على ردّ قوي يوحي بصدق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وعمق إيمانه به واستناده فيه على الحقيقة الواقعة التي أدركها بالقوة التي اختصه الله بها، و يقضي على أي شك في نفس كل امرئ حسنت نيته ورغب عن المماراة بالباطل.
ونفي الآيات الجنون عن النبي صلى الله عليه وسلم، وصلة الشيطان بما يبلغه دليل على أن المكذبين كانوا يقولون : إن ما يخبر به هو من تلقينات الشيطان. ويقصدون بذلك الجن على الأرجح لأن العرب كانوا يعتقدون أن شياطين الجن يوحون إلى الشعراء والكهان والسحرة. وقد يأتي على البال من هذا أن المكذبين كانوا حينما ينعتون النبي صلى الله عليه وسلم بالمجنون، ويقولون : إن به جنّة على ما حكته آيات عديدة منها آية سورة المؤمنون هذه :﴿ أم يقولون به جنّة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون( ٧٠ ) ﴾ كانوا أحيانا يعنون أن له شيطانا من الجن يتصل به ويلقنه ما يقول على نحو ما كانوا يعتقدونه. والراجح أنهم نعتوه بالشاعر والكاهن والساحر بناء على هذا الاعتقاد.
وأكثر المفسرين٢يصرفون تعبير ﴿ رسول كريم ﴾ إلى الملك الذي كان يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم وحي الله وقرآنه. والضمير في الآية [ ٢٣ ] يدعم هذا القول. ولقد ورد في الحديث المروي عن جابر بن عبد الله والذي ذكرناه في سياق تفسير سورة المدثر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى الملك في أفق السماء. فالآية هنا على الأرجح في معرض التوكيد لهذه الرؤية الروحانية التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها فكان المؤمنون يصدقونه والجاحدون يكذبونه. وتبكير نزول السورة يؤيد هذا ؛ حيث لم يكن قد مضى وقت طويل على هذه الرؤية. والتوكيد والنفي والتنديد في الآيات قوي يبعث اليقين في نفس من لا يتعمد العناد والمكابرة في صدق هذه المشاهدة، ويجلّي صورة رائعة لصميمية النبي صلى الله عليه وسلم ويقينه بصحة ما رأى، ويؤيد صحة الحديث.
وعلى المسلم أن يؤمن بذلك ويقف عنده ولا يزيد في الظن والتخمين في صدد الماهية والكنه. فلا طائل من وراء ذلك وهما سرّ من واجب الوجوب وسرّ النبوة والوحي الذي تقصر عنه عقول الناس.
وفي هذه الآيات قسم بالمشاهد الكونية المذكورة وحركاتها بأن الذي يبلغ وحي الله هو رسول كريم أمين على ما ينقل قوي على حمل الأمانة حظي عند الله، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس مجنوناً وبأنه قد رأى ملك الله في أفق السماء، وبأنه صادق فيما يقول غير متهم في أمانته، وغير مخف شيئا مما رآه وسمعه وعرفه، وبأن ما يبلغه ليس من تخليط الشيطان الرجيم وأقواله.
وسألت إحدى الآيات السامعين أين يذهبون في أمر النبي وماذا يظنون ؟ والسؤال ينطوي على تنديد بالمكذبين والمترددين في تصديق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وبأوهامهم وتفسيراتهم الخاطئة لما يخبر به من المشاهد الروحانية. ونبهت إحدى الآيات على أن ما يبلغه إنما هو تذكرة لهم وموعظة ؛ ليرى من شاء الحق فيتبعه ويستقيم عليه فيكون قد اهتدى بهدى الله ومشيئته التي تناط بها مشيئة الناس.
والآيات فصل مستقل الموضوع عن سابقاتها، غير أن الارتباط بينها وبين هذه السابقات قائم. فالأولى تخبر بيوم القيامة وأهواله ونتائجه وتنذر الناس بعواقب أعمالهم، والثانية تؤكد صدق الأخبار والإنذار وترد على الكفار ما يقولونه في صددهما وما ينسبونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم من تخطيط الشياطين عليه، والمرجح أن الفصلين نزلا متتابعين إن لم يكونا قد نزلا معا.
وقد ذكر المفسرون١عدة وجوه في صدد حرف " لا " الذي سبق فعل القسم فقالوا : إنه قد يكون مختصراً من " ألا " التنبيهية أو قد يكون حرف ابتداء فقط أي لأقسم بمعنى إني لأقسم، أو قد يكون حرف نفي، ليفيد أن الأمر المذكور صحيح وواضح لا يحتاج إلى القسم، أو قد يكون زائداً وليس حرف نفي. وقد أسهبنا في ذكر الوجوه لأن هذا قد تكرر أكثر من مرة في معرض التوكيد والقسم. ومهما يكن من أمر فالجملة قسمية على ما تلهمه روح الآيات. ولا شك أن هذا من الأساليب التي كانت مستعملة في كلام العرب. وفي سورة الواقعة هاتان الآيتان :﴿ فلا أقسم بمواقع النجوم ( ٧٥ )وإنه لقسم لو تعلمون عظيم( ٧٦ ) ﴾، وفيهما صراحة بأن الجملة قسمية.
ولم نطلع على رواية تذكر سبب نزول هذه الآيات. والمتبادر أنها نزلت رداً على أقوال تقولها الكفار والجاحدون. وقد انطوت على ردّ قوي يوحي بصدق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وعمق إيمانه به واستناده فيه على الحقيقة الواقعة التي أدركها بالقوة التي اختصه الله بها، و يقضي على أي شك في نفس كل امرئ حسنت نيته ورغب عن المماراة بالباطل.
ونفي الآيات الجنون عن النبي صلى الله عليه وسلم، وصلة الشيطان بما يبلغه دليل على أن المكذبين كانوا يقولون : إن ما يخبر به هو من تلقينات الشيطان. ويقصدون بذلك الجن على الأرجح لأن العرب كانوا يعتقدون أن شياطين الجن يوحون إلى الشعراء والكهان والسحرة. وقد يأتي على البال من هذا أن المكذبين كانوا حينما ينعتون النبي صلى الله عليه وسلم بالمجنون، ويقولون : إن به جنّة على ما حكته آيات عديدة منها آية سورة المؤمنون هذه :﴿ أم يقولون به جنّة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون( ٧٠ ) ﴾ كانوا أحيانا يعنون أن له شيطانا من الجن يتصل به ويلقنه ما يقول على نحو ما كانوا يعتقدونه. والراجح أنهم نعتوه بالشاعر والكاهن والساحر بناء على هذا الاعتقاد.
وأكثر المفسرين٢يصرفون تعبير ﴿ رسول كريم ﴾ إلى الملك الذي كان يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم وحي الله وقرآنه. والضمير في الآية [ ٢٣ ] يدعم هذا القول. ولقد ورد في الحديث المروي عن جابر بن عبد الله والذي ذكرناه في سياق تفسير سورة المدثر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى الملك في أفق السماء. فالآية هنا على الأرجح في معرض التوكيد لهذه الرؤية الروحانية التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها فكان المؤمنون يصدقونه والجاحدون يكذبونه. وتبكير نزول السورة يؤيد هذا ؛ حيث لم يكن قد مضى وقت طويل على هذه الرؤية. والتوكيد والنفي والتنديد في الآيات قوي يبعث اليقين في نفس من لا يتعمد العناد والمكابرة في صدق هذه المشاهدة، ويجلّي صورة رائعة لصميمية النبي صلى الله عليه وسلم ويقينه بصحة ما رأى، ويؤيد صحة الحديث.
وعلى المسلم أن يؤمن بذلك ويقف عنده ولا يزيد في الظن والتخمين في صدد الماهية والكنه. فلا طائل من وراء ذلك وهما سرّ من واجب الوجوب وسرّ النبوة والوحي الذي تقصر عنه عقول الناس.