تفسير سورة النّاس

روح البيان
تفسير سورة سورة الناس من كتاب روح البيان المعروف بـروح البيان .
لمؤلفه إسماعيل حقي . المتوفي سنة 1127 هـ

لم يزعم انهما من كتاب الله فعلية لعنة الله والملائكة والناس أجمعين وفى نصاب الاحتساب لو أنكر آية من القرآن سوى المعوذتين يكفر انتهى وفى الأكمل عن سفيان بن سختان من قال ان المعوذتين ليستا من القرآن لم يكفر لتأويل ابن مسعود رضى الله عنه كما فى المغرب للمطرزى وقال فى هدية المهديين وفى انكار قرآنية المعوذتين اختلاف المشايخ والصحيح انه كفر انتهى تمت سورة الفلق من القرآن بعون الله الملك المنان
تفسير سورة الناس
ست آيات مدينة بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ اى مالك أمورهم ومربيهم بافاضة ما يصلحهم ودفع ما يضرهم قال القاشاني رب الناس هو الذات مع جميع الصفات لان الإنسان هو الكون الجامع الحاصر لجميع مراتب الوجود فربه الذي أوجده وأفاض عليه كما له هو الذات باعتبار جميع الأسماء الجمالية والجلالية تعوذ بوجهه بعد ما تعوذ بصفاته ولهذا تأخرت هذه الصورة عن المعوذة الاولى إذ فيها تعوذ فى مقام الصفات باسمه الهادي فهداه الى ذاته وفى الحديث (أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك) ابتدأ بالتعوذ بالرضى الذي هو من الصفات لقرب الصفات من الذات ثم استعاذ بالمعافاة التي هى من صفات الافعال ثم لما ازداد يقينا ترك الصفات فقال وأعوذ بك منك قاصرا نظره على الذات وابتدأ بعض العلماء فى ذكر هذا الحديث بتقديم الاستعاذة بالمعافاة على التعوذ بالرضى للترقى من الأدنى الذي هو من صفات الافعال الى الأعلى الذي هو صفات الذات قال بعضهم من بقي له التفات الى غير الله استعاذ بافعال الله وصفاته فاما من توغل فى بحر التوحيد بحيث لا يرى فى الوجود الا الله لم يستعذ الا بالله ولم يلتجئ الا الى الله والنبي عليه السلام لما ترقى عن هذا المقام وهو المقام الاول قال أعوذ بك منك. يقول الفقير ففى الالتجاء الى الله فى هذه السورة دلالة على ختم الأمر فان الله تعالى هو الاول الآخر واليه يرجع الأمر كله وان الى ربك المنتهى وفيه اشارة الى نسيان العهد السابق الواقع يوم الميثاق فان الإنسان لو لم ينسه لما احتاج الى العود والرجوع بل كان فى كنف الله تعالى دائما مَلِكِ النَّاسِ عطف بيان جيئ به لبيان ان تربيته تعالى إياهم ليست بطريق تربية سائر الملاك لما تحت أيديهم من مماليكهم بل بطريق الملك الكامل والتصرف الشامل والسلطان القاهر فما ذكروه فى ترجيح المالك على الملك من ان المالك مالك العبد وانه مطلق التصرف فيه بخلاف الملك فانه انما يملك بقهر وسياسة ومن بعض الوجوه فقياس لا يصح ولا يطرد الا فى المخلوقين لا فى الحق فانه من البين انه مطلق التصرف وانه يملك من جميع الوجوه فلا يقاس ملكية غيره عليه ولا تضاف النعوت والأسماء اليه الا من حيث أكمل مفهوماته ومن وجوه ترجيح الملك على المالك ان الأحاديث النبوية مبينات لاسرار القرآن ومنبهات عليها وقد ورد فى الحديث فى بعض الادعية النبوية
Icon