تفسير سورة الشمس

التفسير المظهري
تفسير سورة سورة الشمس من كتاب التفسير المظهري .
لمؤلفه المظهري . المتوفي سنة 1216 هـ
سورة الشمس
مكية وهي خمس عشرة آية

﴿ والشمس وضحاها ١ ﴾ قال مجاهد والكلبي : يعني ضوءها حين تطلع الشمس فيصفو ضوئها. وقال قتادة : هو النهار كله. وقال مقاتل : حرها.
في القاموس : الضحية كالعشية : ارتفاع النهار، والضحى ويُذَكَّرُ ويُصَغَّرُ : ضُحَيًّا، بلا هاء، والضحاء بالمد إذا قرب انتصافُ النهار.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:والواو الأول للقسم بالاتفاق وكذا الثانية والثالثة وما بعدها عند البعض وليست للعطف لزم العطف على معمول عاملين مختلفين في مثل قوله والليل إذا يغشاها فإن قوله الليل مجرور بواو القسم وإذا يغشى منصوب بفعل القسم المقدر فلو جعلت الواو في والنهار إذا جلاها للعطف كانت الواو قائمة مقام الفعل وحرف الجر معا والصحيح أن كلها للعطف سوى الأولى منها فإن إدخال القسم في القسم قبل تمام الأول لا يجوز وواو العطف قائمة مقام واو القسم فقط لكن واو القسم نزلت منزلة الباء والفعل حتى لم يجز إبراز الفعل معها فصارت كأنها هي العاملة نصباً وجراً فصارت كعامل واحد له عملان فيجوز العطف على معموليه وذلك جائز بالاتفاق ونحو ضرب زيد عمرواً وبكر خالداً هذا إذا كانت الظروف متعلقة بفعل القسم، وأما على تأويل صاحب البحر فلا حاجة إلى هذا التوجيه.
﴿ والقمر إذا تلاها ٢ ﴾ أي تبع طلوعه طلوع الشمس، وذلك في النصف الأول من الشهر، أو تبع طلوعه غروب الشمس، وتبع في الاستدارة وكمال النور، كذا قال الزجاج. وكلا الأمرين في الليالي البيض.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:والواو الأول للقسم بالاتفاق وكذا الثانية والثالثة وما بعدها عند البعض وليست للعطف لزم العطف على معمول عاملين مختلفين في مثل قوله والليل إذا يغشاها فإن قوله الليل مجرور بواو القسم وإذا يغشى منصوب بفعل القسم المقدر فلو جعلت الواو في والنهار إذا جلاها للعطف كانت الواو قائمة مقام الفعل وحرف الجر معا والصحيح أن كلها للعطف سوى الأولى منها فإن إدخال القسم في القسم قبل تمام الأول لا يجوز وواو العطف قائمة مقام واو القسم فقط لكن واو القسم نزلت منزلة الباء والفعل حتى لم يجز إبراز الفعل معها فصارت كأنها هي العاملة نصباً وجراً فصارت كعامل واحد له عملان فيجوز العطف على معموليه وذلك جائز بالاتفاق ونحو ضرب زيد عمرواً وبكر خالداً هذا إذا كانت الظروف متعلقة بفعل القسم، وأما على تأويل صاحب البحر فلا حاجة إلى هذا التوجيه.
﴿ والنهار إذا جلاّها ٣ ﴾ إسناد التجلية إلى النهار مَجَازي كما في صام نهاره. والضمير المنصوب إما عائد إلى الشمس فإنها تتجلى إذا انبسط النهار، وإما إلى غير مذكور يعني جلية الظلمة أو الأرض و الدنيا.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:والواو الأول للقسم بالاتفاق وكذا الثانية والثالثة وما بعدها عند البعض وليست للعطف لزم العطف على معمول عاملين مختلفين في مثل قوله والليل إذا يغشاها فإن قوله الليل مجرور بواو القسم وإذا يغشى منصوب بفعل القسم المقدر فلو جعلت الواو في والنهار إذا جلاها للعطف كانت الواو قائمة مقام الفعل وحرف الجر معا والصحيح أن كلها للعطف سوى الأولى منها فإن إدخال القسم في القسم قبل تمام الأول لا يجوز وواو العطف قائمة مقام واو القسم فقط لكن واو القسم نزلت منزلة الباء والفعل حتى لم يجز إبراز الفعل معها فصارت كأنها هي العاملة نصباً وجراً فصارت كعامل واحد له عملان فيجوز العطف على معموليه وذلك جائز بالاتفاق ونحو ضرب زيد عمرواً وبكر خالداً هذا إذا كانت الظروف متعلقة بفعل القسم، وأما على تأويل صاحب البحر فلا حاجة إلى هذا التوجيه.
﴿ والليل إذا يغشاها ﴾ يعني يغشى الشمس أو الآفاق أو الأرض، والظروفُ - أعني إذا تلاها وإذا جلاها وإذا يغشاها- متعلقةٌ بفعل القسم عن الجمهور. وقال في البحر المواج : لا يجوز ذلك فإن الأقسام ليس في تلك الأوقات. وأيضا لا يجوز أن يكون صفة للقمر والنهار والليل فإن ظرف الزمان لا يكون صفة لأمر حسي، فتأويله أن يقال بحذف المضاف وتقديره : وانجلاء القمر إذا تلاها أي وقت تبيعتها للشمس وحصول النهار إذا جلاها أي وقت تجلية الشمس وحدوث الليل إذا يغشاها أي وقت غشيانها. فالظرف إما صفة للمضاف فإنه اسم معنى أو متعلق به، ويحتمل أن يقال أن إذا ها هنا بمعنى الوقت من غير الظرفية على طريقة إذا يقوم زيد إذا يعقد عمرو، فيكون حينئذ بدل اشتمال مما قبله فيكون مقسما به.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:والواو الأول للقسم بالاتفاق وكذا الثانية والثالثة وما بعدها عند البعض وليست للعطف لزم العطف على معمول عاملين مختلفين في مثل قوله والليل إذا يغشاها فإن قوله الليل مجرور بواو القسم وإذا يغشى منصوب بفعل القسم المقدر فلو جعلت الواو في والنهار إذا جلاها للعطف كانت الواو قائمة مقام الفعل وحرف الجر معا والصحيح أن كلها للعطف سوى الأولى منها فإن إدخال القسم في القسم قبل تمام الأول لا يجوز وواو العطف قائمة مقام واو القسم فقط لكن واو القسم نزلت منزلة الباء والفعل حتى لم يجز إبراز الفعل معها فصارت كأنها هي العاملة نصباً وجراً فصارت كعامل واحد له عملان فيجوز العطف على معموليه وذلك جائز بالاتفاق ونحو ضرب زيد عمرواً وبكر خالداً هذا إذا كانت الظروف متعلقة بفعل القسم، وأما على تأويل صاحب البحر فلا حاجة إلى هذا التوجيه.
﴿ والسماء وما بناها ٥ ﴾ ومن بناها وهو الله سبحانه. كذا قال عطاء والكلبي.
لا يقال : يلزم حينئذ إساءة الأدب بتقديم القسم لغير الله تعالى على القسم، بدلا نقول : فيه ترق من الأدنى إلى الأعلى، وذلك هو الأدب.
وأوثرت ما على مَنْ لإرادة معنى الوصفية كأنه قيل : والشيءِ القادر الذي بناها ودَلَّ على وجوده وكمال قدرته بناؤُها.
وقال الزجاج والفراء : ما مصدرية أي وبناءها وكذا الكلام في قوله :﴿ والأرض وما طحاها ٦ ﴾ أي بسطها وكذا الكلام في ﴿ ونفس وما سوّاها ٧ ﴾ أي عدل خلقها وسوّى بقضائها على ما يقتضيها الحكمة.
قال البيضاوي تبعا لصاحب الكشاف جعل ما مصدرية تجرد الفعل عن الفاعل ويُخِلُّ بنظم قوله تعالى :﴿ فألهمها فجورها وتقواها ٨ ﴾ بقوله ﴿ وما سوّاها ﴾ حيث يلزم عطف الفعل على المصدر إلا أن الضمير فيها اسم الله المعلم به.
وقال في البحر المواج : ألهمها معطوفة على سوّاها والمعنى ونفس وتسويه فألهمها فجورها وتقواها فلا يلزم ما ذكر. انتهى.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:والواو الأول للقسم بالاتفاق وكذا الثانية والثالثة وما بعدها عند البعض وليست للعطف لزم العطف على معمول عاملين مختلفين في مثل قوله والليل إذا يغشاها فإن قوله الليل مجرور بواو القسم وإذا يغشى منصوب بفعل القسم المقدر فلو جعلت الواو في والنهار إذا جلاها للعطف كانت الواو قائمة مقام الفعل وحرف الجر معا والصحيح أن كلها للعطف سوى الأولى منها فإن إدخال القسم في القسم قبل تمام الأول لا يجوز وواو العطف قائمة مقام واو القسم فقط لكن واو القسم نزلت منزلة الباء والفعل حتى لم يجز إبراز الفعل معها فصارت كأنها هي العاملة نصباً وجراً فصارت كعامل واحد له عملان فيجوز العطف على معموليه وذلك جائز بالاتفاق ونحو ضرب زيد عمرواً وبكر خالداً هذا إذا كانت الظروف متعلقة بفعل القسم، وأما على تأويل صاحب البحر فلا حاجة إلى هذا التوجيه.
وقال الزجاج والفراء : ما مصدرية أي وبناءها وكذا الكلام في قوله :﴿ والأرض وما طحاها ٦ ﴾ أي بسطها وكذا الكلام في ﴿ ونفس وما سوّاها ٧ ﴾ أي عدل خلقها وسوّى بقضائها على ما يقتضيها الحكمة.
قال البيضاوي تبعا لصاحب الكشاف جعل ما مصدرية تجرد الفعل عن الفاعل ويُخِلُّ بنظم قوله تعالى :﴿ فألهمها فجورها وتقواها ٨ ﴾ بقوله ﴿ وما سوّاها ﴾ حيث يلزم عطف الفعل على المصدر إلا أن الضمير فيها اسم الله المعلم به.
وقال في البحر المواج : ألهمها معطوفة على سوّاها والمعنى ونفس وتسويه فألهمها فجورها وتقواها فلا يلزم ما ذكر. انتهى.
وتنكير نفس للتكثير والتعميم كما في قوله تعالى :﴿ علمت نفس مّا أحضرت ١٤ ﴾١ وللتعظيم والإفراد والمراد به نفس آدم عليه السلام، وقال عطاء يريد جميع ما خلق الله من الإنس والجن.
سورة الشمس
مكية وهي خمس عشرة آية
١ سورة التكوير، الآية: ١٤..
والمراد بإلهام الفجور والتقوى أن بيّن لها الخير والشر والطاعة والمعصية حتى يأتي بالخير والطاعة ويتقي عن الشر والمعصية كذا روى عن ابن عباس والمراد به إلزامها الفجور أو التقوى وخلق الميل في قلبه إلى أيهما شاء وتوفيقه إياها بالتقوى وخلق بالتقوى على يد المؤمن وخذلانه إياها للفجور وخلق الفجور يد الكافر كذا قال سعيد بن جبير وابن زيد واختاره الزجاج عن عمران بن حصين أن رجلين من مزينة قالا : يا رسول الله أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه شيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر سبق أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم وثبت الحجة عليهم ؟ فقال : لا بل شيء قضي عليهم ومضى فيهم وتصديق ذلك في كتاب الله ونفس وما سوّاها فألهمها فجورها وتقواها )١ رواه مسلم، وعن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمان كقلب واحد يصرفه كيف يشاء ) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعاتك )٢ رواه مسلم، قدم الفجور على التقوى لأن الأصل كونها أمارة بالسوء أيضا فيه رعاية رؤوس الآي.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:والواو الأول للقسم بالاتفاق وكذا الثانية والثالثة وما بعدها عند البعض وليست للعطف لزم العطف على معمول عاملين مختلفين في مثل قوله والليل إذا يغشاها فإن قوله الليل مجرور بواو القسم وإذا يغشى منصوب بفعل القسم المقدر فلو جعلت الواو في والنهار إذا جلاها للعطف كانت الواو قائمة مقام الفعل وحرف الجر معا والصحيح أن كلها للعطف سوى الأولى منها فإن إدخال القسم في القسم قبل تمام الأول لا يجوز وواو العطف قائمة مقام واو القسم فقط لكن واو القسم نزلت منزلة الباء والفعل حتى لم يجز إبراز الفعل معها فصارت كأنها هي العاملة نصباً وجراً فصارت كعامل واحد له عملان فيجوز العطف على معموليه وذلك جائز بالاتفاق ونحو ضرب زيد عمرواً وبكر خالداً هذا إذا كانت الظروف متعلقة بفعل القسم، وأما على تأويل صاحب البحر فلا حاجة إلى هذا التوجيه.

١ أخرجه مسلم في كتاب: البر والصلة والآداب، باب: كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته (٢٦٥٠)..
٢ أخرجه مسلم في كتاب: البر والصلة والآداب، باب: تصريف الله تعالى القلوب كيف يشاء (٢٦٥٤)..
﴿ قد أفلح من زكّاها ٩ ﴾ الضمير المرفوع راجع إلى الله سبحانه والمنصوب إلى من باعتبار أنه عبارة عن النفس يعني فازت وسمعت نفس طهر الله تعالى عن الرذائل بتجليات أصنافه الكاملة عليها حتى صارت راضية بالله تعالى وأحكامه مطمئنة بذكره رب العالمين أي لحسابه وجزائه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال يوم يقوم الناس ذره وطاعته محترزة عما نهى عنه وما يشغلها عنه لما أخرج ابن جرير من طريق جويبر عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في قول الله تعالى :﴿ قد أفلح من زكاها ٩ ﴾١ ( أفلحت نفس زكاها الله كذا قال عكرمة، روى مسلم والترمذي والنسائي وابن أبي شيبة عن زيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهرم وعذاب القبر اللهم آت نفسي تقواها وزكاها أنت خير من زكّاها أنت وليها وهو مولاها، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعاء لا يستجاب لها )٢ وقال الحسن معناه قد أفلح من زكى نفسه فأصلحها وحملها على طاعة الله يعني أن الضمير المرفوع راجع إلى من معنى الإنسان والمنسوب إلى نفسه فعلى التأويل الأول بيان لحال المرادين وعلى الثاني لحال المريدين فإن الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب، والجملة جواب للقسم قال الزجاج صار قول الكلام عوضا عن اللام وكأنه لما أراد من الحث على تزكية النفس والمبالغة والمجاهدة فيه أقسم عليه مجاهد الهم على وجود الصانع ووجوب ذاته وكمال صفاته فيستفاد منها أقصى درجات القوة النظرية ويذكرهم عظائم الآية لحملهم على الاستغراق في شكر نعمائه الذي هو منتهى كمال القوة العملية فيترتب على العلم والعمل الجذب من الله سبحانه بفضله ومن قبلهم التقوى ويحصل التزكية، وقيل هذه الجملة معترضة جيئت بعد قوله فألهمها فجورها وتقواها استراد البيان بين افرق بين الفريقين وجواب القسم محذوف يدل عليه قوله تعالى :﴿ كذّبت ثمود ﴾ حين كذبت بطغواها وهو أنه يدمدم الله تعالى على الكفار بمكة بتكذيبهم محمدا صلى الله عليه وسلم كما دمدم على ثمود حين كذبت صالحا عليه السلام
١ أخرجه مسلم في كتاب: الذكر والدعاء والتوبة، باب: التعوذ من شر ما عمل وشر ما لم يعمل (٢٧٢٢)، وأخرجه النسائي في كتاب: الاستعاذة، باب: الاستعاذة من دعاء لا يستجاب (٥٥٣٦)..
٢ ؟؟؟؟؟.
﴿ وقد خاب من دسّاها ١٠ ﴾ والكلام في هذه الجملة كما في قبلها وأصل دسا دس أبدلت حرف التضعيف بحرف العلة كتقضي وتقضض ومعنى التدس الإخفاء قال الله تعالى :﴿ أم يدسّه في التراب ﴾١ والمراد ها هنا الإهلاك فإنه يستلزم الإخفاء يعني خابت وخسرت نفس أهلكها الله تعالى بالإضلال أو أهلك هو نفسه بكسب الضلالة
١ سورة النحل، الآية: ٥٩..
﴿ كذّبت ثمود ﴾ هذه الجملة إلى آخر السورة تأكيد لقوله تعالى :﴿ وقد خاب من دسّاها ١٠ ﴾ أو للمفعول ما وقع فيه التكذيب محذوف والباء في قوله :﴿ بطغواها ﴾ للسببية وتقديره كذبت ثمود بطغواها بسب طغيانها في الكفر صالحا علم بالتوحيد والنبوة حين قال :﴿ إني لكم رسول أمين ١٠٧ فاتقوا الله وأطيعون ﴾ ﴿ قالوا إنما أنت من المسحّرين ١٥٣ ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين ﴾١ وطلبوا منه آية على صدقه أن يخرج ناقة عشراء من صخرة عينوه فدعا صالحا فخرجت من تلك الصخرة ناقة وولدت في الحال ولدا مثلها وكانت الناقة تشرب الماء كله فجعل صالحا نصيبا من الماء وقال : هذه ناقة لها شرب يوم ولكم شرب يوم معلوم فأرادوا قتل الناقة ليسلم لهم الماء كله ذلك قوله تعالى :﴿ إذ انبعث ﴾.
١ سورة الشعراء، الآية: ١٥٤..
﴿ إذ انبعث ﴾ أي قام لعقر الناقة بالإسراع حين أمروها كما قال الله تعالى :﴿ فنادوا صاحبهم فتعاطى ﴾١ والانبعاث هو الإسراع بالطاعة للباعث والظرف متعلق بكذبت ﴿ أشقاها ﴾ أي أشقى ثمود وهو قدار بن سالف كان رجلا أشقر أزرق قصيرا فضلت شقاوته غيره لتولية العقر، روى البخاري عن عبد الله بن زمعة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب ذكر الناقة والذي عقرها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذ انبعث أشقاها انبعث لها عزيز عارم في أهله مثل أبي زمعة )٢ وعن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( أشقى الناس عاقر ناقة ثمود وابن آدم الذي قتل أخاه ما سفك على الأرض من دم إلا لحقه منه لأنه أول من سن القتل ) رواه الطبراني والحاكم وأبو نعيم في الحلية بسند صحيح
١ سورة القمر، الآية: ٢٩..
٢ أخرجه البخاري في كتاب: التفسير، باب: تفسير سورة الشمس وضحاها (٤٩٤٢)، وأخرجه الترمذي في كتاب: تفسير القرآن، باب: ومن سورة والشمس وضحاها (٣٣٤٣)..
﴿ فقال ﴾ فقال عطف على انبعث ﴿ لهم رسول الله ناقة الله ﴾ أي ذروا ناقة الله واحذروا عقرها لله والإضافة إلى الله لتعظيم الناقة وكمال التحذير ﴿ وسقياها ﴾ عطف على الناقة أي ذروا سقياها فلا ترددوها علينا ولا تمسوها بسوء أي يعقر فيأخذكم عذاب عظيم
﴿ فكذّبوه ﴾ أي صالحاً فيها أوعدهم من نزول العذاب إن عقروها ﴿ فعقروها ﴾ أي الناقة عطف على كذبوا أسند الفعل إليهم وإن كان العاقر واحدا منهم أمرهم به، وقال مقاتل الذين عقروا الناقة كانوا تسعة ويجوز التعبير عن التسعة بقوله تعالى :﴿ أشقاها ﴾ لأن أفعل التفضيل إذا أضيف صلح للواحد والجمع فقال صالح تمتعوا في ثلاثة أيام فتصبحوا في اليوم الأول وجوهكم مصفرة وفي اليوم الثاني وجوهكم محمرة واليوم الثالث وجوهكم مسودة ثم تهلكون بعد ثلاثة ﴿ فدمدم عليهم ربهم ﴾ بعد ثلاثة أيام، قال في المواج الدمدمة الإهلاك باستئصال، قال عطاء ومقاتل أي دمر عليهم ربهم أي هلكهم وقيل : الدمدمة حكاية صوت لا مده وفي القاموس الدمدمة الغضب ودمدم عليه كلمته مغضبا، وقيل : دمدم عليهم أطبق عليهم ﴿ بذنبهم ﴾ أي بسبب ذنبهم وهو تكذيب الرسول وعقر الناقة ﴿ فسوّاها ﴾ أي سوى الدمدمة عليهم جميعا وعمهم لها ولم يفلت فيها صغير منهم ولا كبير
﴿ ولا يخاف ﴾ قرأ نافع وابن عامر فلا يخاف بالفاء وكذلك هو في مصاحفهم والباقون بالواو والضمير راجع إلى الله يعني لا يخاف الله ﴿ عقباها ﴾ أمال حمزة والكسائي أواخر هذه السورة إلا تلاها وضحاها فإن حمزة فتحها وأبو عمر وكلها بين بين والباقون بالفتح أي عاقبته الدمدمة أو عاقبته إهلاك ثمود فيبقى بعض الإبقاء كذا قال الحسن وهي رواية علي بن طلحة عن ابن عباس، قال الضحاك والسدي والكلبي الضمير راجع إلى العاقر وفي الكلام تقديم وتأخير تقديره إذ انبعث أشقاها ولا يخاف عقباها والجملة حال من فاعل دمدم، أو من فاعل انبعث على ما قيل والواو للحال وعلى قراءة الفاء عطف على فسواها، والله تعالى أعلم.
Icon